المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية0%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 377
المشاهدات: 194847
تحميل: 7969

توضيحات:

المذاهب الإسلامية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194847 / تحميل: 7969
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

2 - الله تعالى موجود؛ بدليل أنّه صنع العالم وأعطاه الوجود، وكلّ من كان كذلك فهو موجود.

3 - الله تعالى واجب الوجود لذاته؛ بمعنى أنّه لا يفتقر في وجوده إلى غيره، ولا يجوز عليه العدم؛ بدليل أنّه لو كان ممكناً لا فتقر إلى صانع كافتقار هذا العالم، وذلك محال على المنعم المعبود.

4 - الله تعالى - قديم أزلي؛ بمعنى أنّ وجوده لم يسبقه العدم، - باق أبدي؛ بمعنى أنّ وجوده لن يلحقه العدم.

5 - الله تعالى قادر مختار؛ بمعنى أنّه إن شاء أن يفعل فعل، وإن شاء أن يترك ترك؛ بدليل أنّه صنع العالم في وقت دون آخر.

6 - الله تعالى قادر على كلّ مقدور وعالم بكل معلوم؛ بدليل أنّ نسبة جميع المقدورات والمعلومات إلى ذاته المقدّسة المنزّهة على السويّة، فاختصاص قدرته تعالى وعلمه ببعض دون بعض ترجيح بلا مرجّح، وهو محال.

7 - الله تعالى عالم؛ بمعنى أنّ الأشياء منكشفة واضحة له، حاضرة عنده غير غائبة عنه؛ بدليل أنّه تعالى فعل الصّفحة المحكمة المتقنة، وكلّ من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة.

8 - الله تعالى يدرك لا بجارحة؛ بل بمعنى أنّه يعلم ما يدرك بالحواس، لأنّه منزّه عن الجسم ولوازمه؛ بدليل قوله تعالى: ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (1) .

____________________

(1) الأنعام: 103.

٢٠١

9 - الله تعالى حيّ؛ بمعنى أنّه يصحّ منه أن يقدر ويعلم؛ بدليل أنّه ثبتت له القدرة والعلم، وكلّ من ثبتت له ذلك فهو حيّ بالضرورة.

10 - الله تعالى متكلّم لا بجارحة؛ بل بمعنى أنّه أوجد الكلام في جرم من الأجرام أو جسم من الأجسام لإيصال عظمته إلى الخلق، بدليل قوله تعالى: ( وَكَلّمَ اللّهُ مُوسَى‏ تَكْلِيماً ) (1) ؛ ولأنّه قادر، فالكلام ممكن.

11 - الله تعالى صادق؛ بمعنى أنّه لا يقول إلاّ الحق الواقع؛ بدليل أنّ كلّ كذب قبيح، والله تعالى منزّه عن القبيح.

12 - الله تعالى مريد؛ بمعنى أنّه رجّح الفعل إذا علم المصلحة، بدليل أنّه ترك إيجاد بعض الموجودات في وقت دون وقت مع علمه وقدرته - على كلّ حال - بالسويّة؛ ولأنّه نهى، وهو يدلّ على الكراهة.

13 - إنّه تعالى واحد؛ بمعنى أنّه لا شريك له في الإلوهيّة؛ بدليل قوله: ( قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ) (2) ؛ ولأنّه لو كان له شريك لوقع التمانع، ففسد النظام كما قال: ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلّا اللّهُ لَفَسَدَتَا ) (3) .

14 - الله تعالى غير مركّب من شيء؛ بدليل أنّه لو كان مركّباً لكان مفتقراً إلى الأجزاء، والمفتقر ممكن.

15 - الله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر؛ بدليل أنّه لو كان أحد هذه الأشياء، لكان ممكناً مفتقراً إلى صانع، وهو محال.

____________________

(1) النساء: 164.

(2) الإخلاص: 1.

(3) الأنبياء: 22.

٢٠٢

16 - الله تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر في الدنيا والآخرة؛ بدليل أنّه تعالى مجرّد؛ ولأنّ كلّ مرئي لابدّ أنّ يكون له الجسم والجهة، والله تعالى منزّه عنهما؛ ولأنّه تعالى قال: ( لَنْ تَرَانِي ) (1) ، وقال: ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) (2) .

17 - الله تعالى ليس محلاًّ للحوادث؛ وإلاّ لكان حادثاً؛ وحدوثه محال.

18 - الله تعالى لا يتّصف بالحلول؛ بدليل أنّه يلزم قيام الواجب بالممكن، وذلك محال.

19 - الله تعالى لا يتّحد بغيره؛ لأنّ الاتّحاد صيرورة الشيء واحداً من غير زيادة ونقصان، وذلك محال؛ والله لا يتّصف بالمحال.

20 - الله تعالى منفي عنه المعاني والصفات الزائدة؛ بمعنى أنّه ليس عالماً بالعلم ولا قادراً بالقدرة (بل علم كلّه وقدرة كلّها)؛ بدليل أنّه لو كان كذلك لزم كونه محلاًّ للحوادث لو كانت حادثة، وتعدّد القدماء لو كانت قديمة، وهما محالان، وأيضاً لزم افتقار الواجب إلى صفاته المغايرة له، فيصير ممكناً، وهو ممتنع.

21 - الله تعالى غني؛ بمعنى أنّه غير محتاج إلى ما عداه؛ والدليل عليه أنّه واجب الوجود لذاته، فلا يكون مفتقراً.

22 - الله تعالى ليس في جهة، ولا مكان؛ بدليل أنّ كلّ ما في الجهة والمكان مفتقر إليهما؛ وأٍيضاً قد ثبت أنّه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، فلا يكون في المكان والجهة.

____________________

(1) الأعراف: 143.

(2) الأنعام: 103.

٢٠٣

23 - الله تعالى ليس له ولد ولا صاحبة؛ بدليل أنّه قد ثبت عدم افتقاره إلى غيره، ولأنّ كلّ ما سواه تعالى ممكن، فكيف يصير الممكن واجباً بالذّات؟؛ ولقوله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ) (1) ،و ( مَثَلَ عِيسَى‏ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ) (2) .

24 - الله تعالى عدل حكيم؛ بمعنى أنّه لا يفعل قبيحاً ولا يخلّ بالواجب؛ بدليل أنّ فعل القبيح قبيح، والإخلال بالواجب نقص عليه، فالله تعالى منزّه عن كلّ قبيح وإخلال بالواجب.

25 - الرضا بالقضاء والقدر واجب، وكلّ ما كان أو يكون فهو بالقضاء والقدر، ولا يلزم بهما الجبر والظلم؛ لأنّ القدر والقضاء هاهنا بمعنى العلم والبيان؛ والمعنى أنّه تعالى يعلم كلّ ما هو [كائن أو يكون].

26 - كلّ ما فعله الله تعالى فهو أصلح؛ وإلاّ لزم العبث، وليس تعالى بعابث؛ لقوله: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ) (3) .

27 - اللّطف على الله واجب؛ لأنّه خلق الخلق، وجعل فيهم الشهوة، فلو لم يفعل اللّطف لزم الإغراء، وذلك قبيح، والله لا يفعل القبيح، فاللطف هو نصب الأدلّة وإكمال العقل، وإرسال الرسل في زمانهم وبعد انقطاعهم إبقاء الإمام لئلاّ ينقطع خيط غرضه.

28 - نبيّنا (محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف)

____________________

(1) الشورى: 11.

(2) آل عمران: 59.

(3) المؤمنون: 115.

٢٠٤

رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حقاً صدقاً؛ بدليل أنّه ادّعى النبوّة، وأظهر المعجزات على يده، فثبت أنّه رسول حقّاً، وأكبر المعجزات (القرآن الحميد)، والفرقان المجيد، الفارق بين الحق والباطل، باق إلى يوم القيامة، حجّة على النسمة كافّة.

ووجه كونه معجزاً: فرط فصاحته وبلاغته، بحيث ما تمكّن أحد من أهل الفصاحة والبلاغة حيث تحدّوا به؛ أن يأتوا ولو بسورة صغيرة، أو آية تامّة مثله.

29 - كان نبيّنا نبيّاً على نفسه قبل البعثة، وبعده رسولاً إلى النسمة كافّة؛ لأنّه قال: «كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين» ، وإلاّ لزم تفضيل المفضول، وهو قبيح.

30 - جميع الأنبياء كانوا معصومين، مطهّرين عن العيوب والذنوب كلّها، وعن السهو والنسيان في الصّفحة والأقوال، من أوّل الأعمار إلى اللحد؛ بدليل أنّهم لو فعلوا المعصية أو يطرأ عليهم السهو، لسقط محلّهم من القلوب، فارتفع الوثوق والاعتماد على أقوالهم وأفعالهم، فتبطل فائدة النبوّة، فما ورد في الكتاب (القرآن) فيهم فهو واجب التأويل.

31 - يجب أن يكون الأنبياء أعلم وأفضل أهل زمانهم؛ لأنّ تفضيل المفضول قبيح.

32 - نبيّنا خاتم النبيّين والمرسلين؛ بمعنى أنّه لا نبيّ بعده إلى يوم القيامة، يقول تعالى: ( مَا كَانَ مُحَمّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رّجَالِكُمْ وَلكِن رّسُولَ اللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ ) (1) .

33 - نبيّنا أشرف الأنبياء والمرسلين؛ لأنّه ثبتت نبوّته، وأخبر بأفضليّته فهو

____________________

(1) الأحزاب: 40.

٢٠٥

أفضل؛ لمّا قال لفاطمة (عليها السّلام): «أبوك خير الأنبياء، وبعلك خير الأوصياء، وأنت سيّدة نساء العالمين، وولْدك الحسن والحسين (عليهما السّلام) سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خير منهما». (1)

34 - معراج الرسول بالجسم العنصري علانيّة، غير منام، حق؛ والأخبار عليه بالتواتر ناطقة، صريحة، فمنكره خارج عن الإسلام، وأنّه مرّ بالأفلاك من أبوابها من دون حاجة إلى الخرق والالتيام، وهذه الشبهة الواهية مدفوعة مسطورة بمحالها.

35 - دين نبيّنا ناسخ للأديان السابقة؛ لأنّ المصالح تتبدّل حسب الزمان والأشخاص كما تتبدّل المعالجات لمريض بحسب تبدّل المزاج والمرض.

36 - الإمام بعد نبيّنا، عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)؛ بدليل قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يا عليّ أنت أخي ووارث علمي وأنت الخليفة من بعدي، وأنت قاضي ديني، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» (2) . وقوله: «سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، واسمعوا له وأطيعوا له، وتَعَلّموا منه ولا تُعَلّموه» (3) ، وقوله: «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من والاه» (4) .

37 - الأئمّة بعد عليّ (عليه السّلام) أحد عشر من ذرّيته، الأوّل منهم ولده الحسن، ثُمَّ

____________________

(1) ينابيع المودّة: 434 - 436.

(2) صحيح مسلم: 7/120 - 121، باب فضائل عليّ (عليه السّلام)، وصحيح البخاري: 5/19 باب مناقب عليّ (عليه السّلام)، و6/3، باب غزوة تبوك، ومسند أحمد: 1/174 - 177 و3/32، و6/369.

(3) بحار الأنوار: 37/290 - 340.

(4) مسند أحمد: 1/84 و152 و4/281 و370 و372 و5/419، سنن الترمذي: 5/633.

٢٠٦

الحسين، ثُمَّ عليّ بن الحسين، ثُمَّ محمّد بن عليّ، ثُمَّ جعفر بن محمّد الصادق، ثُمَّ موسى بن جعفر، ثُمَّ عليّ بن موسى، ثَمّ محمّد بن عليّ، ثُمّ عليّ بن محمّد، ثُمّ الحسن بن عليّ، ثُمّ الخلف الحجّة القائم المهدي الهادي بن الحسن صاحب الزمان، فكلّهم أئمّة الناس واحد بعد واحد، حقّاً؛ بدليل أنّ كلّ إمام منهم نصّ على من بعده نصّاً متواتراً بالخلافة، وقوله: «الحسين إمام، ابن إمام، أخو الإمام، أبو الأئمّة التسعة، تاسعهم قائمهم، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».

38 - يجب أن يكون الأئمّة معصومين مطهّرين من الذنوب كلّها، صغيرة وكبيرة، عمداً وسهواً، ومن السهو في الصّفحة والأقوال، بدليل أنّهم لو فعلوا المعصية لسقط محلّهم من القلوب، وارتفع الوثوق، وكيف يهدون بالضالّين المضلّين، ولا معصوم غير الأئمّة الاثني عشر إجماعاً، فثبت إمامتهم.

39 - يجب أن يكون الأئمّة أفضل وأعلم، ولو لم يكونوا كذلك للزم تفضيل المفضول، أو الترجيح بلا مرجّح، ولا يحصل الانقياد به، وذلك قبيح عقلاً ونقلاً، وفضل أئمّتنا وعلمهم مشهور، بل أفضليّتهم أظهر من الشمس وأبين من الأمس.

40 - يجب أن نعتقد أنّ آباء نبيّنا وأئمّتنا مسلمون أبداً، بل أكثرهم كانوا أوصياء، فالأخبار عند أهل البيت على إسلام أبي طالب مقطوعة، وسيرته أدلّة عليه، ومثله مثل مؤمن آل فرعون.

41 - الإمام المهدي المنتظر محمّد بن الحسن قد تولّد في زمان أبيه، وهو غائب حيّ، باق إلى بقاء الدنيا؛ لأنّ كلّ زمان لابدّ فيه من إمام معصوم؛ لِمَا

٢٠٧

انعقد عليه إجماع الأُمّة على أنّه لا يخلو زمان من حجّة ظاهرة مشهورة، أو خافية مستورة؛ ولأنّ اللطف في كلّ زمان واجب، والإمام لطف، فوجوده واجب.

42 - لا استبعاد في طول عمره؛ لأنّ غيره من الأُمم السابقة قد عاش ثلاثة آلاف سنة فصاعداً، كشعيب ونوح ولقمان وخضر وعيسى؛ وإبليس والدجّال؛ ولأنّ الأمر ممكن، والله قادر على جميع الممكنات.

43 - غيبة المهدي لا تكون من قبل نفسه؛ لأنّه معصوم، فلا يخل بواجب، ولا من قبل الله تعالى؛ لأنّه عدل حكيم فلا يفعل القبيح؛ لأنّ الإخفاء عن الأنظار وحرمان العباد عن الإفادات قبيحان؛ فغيبته لكثرة العدو والكافر، ولقلّة الناصر.

44 - لابدّ من ظهور المهدي؛ بدليل قول النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «لو لم يبق من الدنيا إلاّ ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجل من ذرّيتي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً» (1) . ويجب على كلّ مخلوق متابعته.

45 - في غيبة الإمام فائدة، كما تنير الشمس تحت السحاب، والمشكاة من وراء الحجاب.

46 - يرجع نبيّنا وأئمّتنا المعصومون في زمان المهدي مع جماعة من الأُمم السابقة واللاّحقة، لإظهار دولتهم وحقّهم، وبه قطعت المتواترات من

____________________

(1) راجع سنن أبي داود 4/106 - 107، كنز العمال 14/264 - 267.

٢٠٨

الروايات والآيات؛ لقوله تعالى: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمّةٍ فَوْجاً ) (1) ، فالاعتقاد به واجب.

47 - إنّ الله يعيد الأجسام الفانية كما هي في الدنيا، ليوصل كلّ حق إلى المستحقّين، وذلك أمر ممكن، والأنبياء أخبروا به، لا سيّما القرآن المجيد مشحون به ولا مجال للتأويل، فالاعتقاد بالمعاد الجسماني واجب.

48 - كلّ ما أخبر به النبيّ أو الإمام فاعتقاده واجب، كإخبارهم عن نبوّة الأنبياء السابقين، والكتب المنزلة، ووجود الملائكة، وأحوال القبر وعذابه وثوابه، وسؤال منكر ونكير، والإحياء فيه، وأحوال القيامة وأهوالها، والنشور، والحساب، والميزان، والصراط، وإنطاق الجوارح، ووجود الجنّة والنار، والحوض الّذي يسقي منه أمير المؤمنين العطاشى يوم القيامة، وشفاعة النبيّ والأئمّة لأهل الكبائر من محبّيه إلى غير ذلك؛ بدليل أنّه أخبر بذلك المعصومون.

49 - التوبة - وهي الندم على القبيح في الماضي، والترك في الحال، والعزم على عدم المعاودة إليه في الاستقبال - واجبة، لدلالة السمع على وجبها، ولأنّ دفع الضرر واجب عقلاً.

50 - الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجبان، بشرط تجويز التأثير والأمن من الضرر. (2)

***

____________________

(1) النمل: 83.

(2) طُبعت هذه الرسالة مع (جواهر الفقه) للقاضي ابن البرّاج، وفي ضمن الرسائل العشر للشيخ الطوسي (قدّس سره).

٢٠٩

الفصل الثامن:

الفوارق بين الشّيعة وسائر الفِرق

ثمّة فوارق رئيسيّة بين الشّيعة وسائر الفِرق، تتلخّص بالأُمور التالية:

الأوّل: وجوب نصب الإمام على الله سبحانه:

اتّفقت الأُمّة الإسلاميّة على وجوب نصب الإمام إلاّ بعض الفِرق من الخوارج، فذهبت الشيعة الإماميّة إلى وجوب نصبه على الله سبحانه، وذهبت السنّة إلى وجوب نصبه على الأُمّة، وليس المراد من وجوبه على الله سبحانه، هو إصدار الحكم من العباد على الله سبحانه حتّى يقال: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلّا للّهِ ) (1) ؛ بل المراد كما ذكرنا غير مرّة أنّ العقل حسب التعرف على صفاته سبحانه من كونه حكيماً غير عابث، يكشف عن كون مقتضى الحكمة هو لزوم النصب أو عدمه، وإلاّ فالعباد اقصر من أن يحكموا على الله بشيء.

ثُمَّ إنّ اختلافهم في كونه فرضاً على الله أو على الأُمّة ينجم عن اختلافهم في حقيقة الخلافة عن رسول الله، فمن ينظر إلى الإمام كرئيس سلطة زمنيّة فقد قال بوجوب نصبه على الأُمّة.

____________________

(1) يوسف: 40.

٢١٠

وأمّا من قال بأنّ الإمامة استمرار لوظائف الرسالة (لا لنفس الرسالة فإنّها مختومة برحيل النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم»، فمن المعلوم أنّ تقلّد هذا المقام يتوقّف على توفّر الصلاحيّات العامّة؛ التي لا ينالها الفرد إلاّ إذا حظي بعناية إلهيّة خاصّة، فيخلف النبيّ في علمه بالأُصول والفروع، وفي سدّ جميع الفراغات الحاصلة بموته.

الثاني: عصمة الإمام:

انفردت الإماميّة من بين الفِرق الإسلاميّة بوجوب عصمة الإمام من الذنب والخطأ، مع اتّفاق غيرهم على عدمه.

إنّ الاختلاف في لزوم وصف الإمام بالعصمة وعدمه، نابع من الاختلاف في تفسير الإمامة بعد الرسول؛ فمن تلقّاها بأنّها سلطة زمنيّة فشأنه شأن سائر الحكام، وأمّا من رأى الإمامة بأنّها استمرار لمنصب النبوّة والرسالة، وأنّ الإمام مكلّف بملء الفراغات الحاصلة بعد رحيل النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فلا محيص له عن الالتزام بعصمة الإمام؛ لأنّ الغاية من الإمامة لا تحصل إلاّ بعناية إلهيّة.

وثمّة نكتة جديرة بالذّكر؛ وهي أنّه لا ملازمة بين العصمة والنبوّة، فكلّ نبيّ معصوم ولا عكس، بشهادة أنّ مريم (عليها السّلام) معصومة بنص الذكر الحكيم، وليست بنبيّة.

الثالث: الإمام المنتظر:

الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر عقيدة تجمع سائر المسلمين، فقد تواترت البشارات عن النبيّ بظهور المهدي في آخر الزمان لإعلاء كلمة الحق

٢١١

وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون. وإنّما اختلفوا في ولادته؛ فالشيعة بفضل الروايات المتواترة ذهبت إلى أنّه ولد في سُر من رأى (عام 255هـ)، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده (عام 260هـ)، وهو يحيا حياة طبيعيّة كسائر الناس، والناس يرونه ولا يعرفونه، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله، وأمّا أهل السنّة فقد وافق لفيف منهم الشيعة، ولكن الأغلبيّة على أنّه سيولد في آخر الزمان.

وقد ألّف غير واحد من أعلام السنّة كتباً حول المهدي، وتضافرت الروايات عن طريقهم على ظهور المهدي في آخر الزمان، يقول الدكتور عبد الباقي في كتابه (بين يدي الساعة):

إنّ المشكلة ليست في حديث أو حديثين أو راو أو راويين، إنّها مجموعة من الأحاديث والأخبار تبلغ الثمانين تقريباً، اجتمع على تناقلها مئات الرواة، وأكثر من صاحب كتاب صحيح. (1)

الرابع: القول بالبَداء:

إنّ القول بالبَداء وإن كان من عقائد الشيعة الإماميّة، ولكنّها في الواقع جزء من العقيدة الإسلاميّة؛ بشرط أنّ يفسّر بمعناه الصحيح. وحقيقة البَداء عبارة عن تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة.

وبعبارة أُخرى: ليس للإنسان مصير مقدّر واحد يصيبه على وجه القطع والبتّ، شاء أو لم يشأ، بل يتغيّر مصيره بالحسنات والسيئات وشكر النعمة وكفرانها، وبالإيمان والتقوى.

____________________

(1) بين يدي الساعة: 123.

٢١٢

يقول سبحانه: ( إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى‏ يُغَيّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) (1) .

وقال سبحانه: ( فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمَانُهَا إِلّا قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَتّعْنَاهُمْ إِلَى‏ حِينٍ ) (2) .

وقد تضافرت الروايات على أنّ الصدقة تدفع البلاء، وأنّ الاستغفار يجلب الرزق، وأنّ الدعاء يرد القضاء، إلى غير ذلك من الروايات، وإلى هذا الأصل ينظر قوله سبحانه: ( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ ) (3) .

نعم تفسير البّداء بمعنى الظهور بعد الخفاء على الله سبحانه تفسير خاطئ لا يمتّ إلى القول بالبّداء عند الشيعة بصلة، وقد ورد في صحيح البخاري قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): إنّ ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى بد الله أن يبتليهم... (4) .

والمراد من البّداء في الحديث هو نفس البّداء عند الشيعة؛ بمعنى تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة.

الخامس: الرجعة:

الرجعة عبارة عن عود جماعة قليلة إلى الحياة الدنيويّة قبل يوم القيامة، ثُمَّ موتهم وحشرهم مجدداً يوم القيامة. ولا شكّ في إمكانه؛ لأنّه قد أحيا سبحانه أشخاصاً ثُمَّ أماتهم في هذه الدنيا، وجاء تفاصيلهم في الذكر الحكيم:

1 - إحياء جماعة من بني إسرائيل. (5)

____________________

(1) الرعد: 11.

(2) يونس: 98.

(3) الرعد: 39.

(4) صحيح البخاري: 4/172، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع من بني إسرائيل.

(5) البقرة: 55 - 56.

٢١٣

2 - إحياء قتيل بني إسرائيل (1) .

3 - موت أُلوف من الناس وبعثهم من جديد. (2)

4 - بعث عُزير بعد مائة عام من موته. (3)

5 - إحياء الموتى على يد عيسى (عليه السّلام). (4)

فلو كان الاعتقاد برجوع بعض الناس إلى الدنيا قبل القيامة محالاً، فما معنى هذه الآيات الصريحة في رجوع جماعة إليها؟

ثُمَّ إنّ بعض الآيات يدلّ على استحقاق البعض من الناس - وعلى وجه الإجمال - الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة، وأمّا من هم؟، وفي أيّ وقت يرجعون؟، ولأيّ غرض يعودون إلى الدنيا؟، فليس هنا مقام بيانها، إنّما نكتفي ببيان هذه الآية الدالة على وقوعه قبل البعث.

قال سبحانه: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلّمُهُمْ أَنّ النّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمّةٍ فَوْجاً مّمّن يُكَذّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يوزَعُونَ ) (5) .

فالآية تدلّ على حشر فوج من كلّ جماعة قبل يوم القيامة، وأمّا الحشر في يوم القيامة، فهو يتعلّق بالجميع لا بالبعض؛ كما يقول سبحانه: ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (6) .

____________________

(1) البقرة: 72 - 73.

(2) البقرة: 243.

(3) البقرة: 259.

(4) آل عمران: 49.

(5) النمل: 82 - 83.

(6) الكهف: 47.

٢١٤

الفصل التاسع:

في الأئمّة الاثني عشر

إنّ الشيعة الإماميّة هي الفِرقة المعروفة بالاثني عشريّة، فهم يعتقدون باثني عشر إماماً من بني هاشم، وقد نصّ الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على إمامتهم وقيادتهم واحداً بعد الآخر، كما نصّ كلّ إمام على إمامة من بعده نصّاً يخلو من الإبهام.

وقد عرفت فيما تقدم أنّه تضافرت الروايات عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنّه يملك هذه الأُمة اثنا عشر خليفة كعدد نقباء بني إسرائيل، وقد ذكرنا أنّ هذه الروايات مع ما فيها من مواصفات لا تنطبق إلاّ على أئمة الشيعة والعترة الطاهرة، وإذا كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الشجرة وهم أغصانها، والدوحة وهم أفنانها، ومنبع العلم وهم عيبته، ومعدن الحكم وهم خزائنه، وشارع الدين وهم حفظته، وصاحب الكتاب وهم حملته، فيلزم علينا معرفتهم، كيف وهم أحد الثقلين اللّذين تركهما الرسول، قدوة للأُمّة، ونوراً على جبين الدهر.

وقد ألّف حول الأئمة الاثني عشر كتب ورسائل كثيرة منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا، وسوف نستعرض في هذا المقام أسماءهم ومواليدهم ووفياتهم، ونحيل التفصيل إلى كتب السيرة.

٢١٥

وأئمّة الشيعة الاثنا عشر هم:

1. أميرُ المؤمنين عليٌّ بنُ أبي طالب (المولود قبل البعثة بعشر سنوات، والمستشهَد عام 40 هجري)، والمدفون في النجف الأشرف.

2. الإمامُ الحسَنُ بن عليّ (المجتبى) (3 - 50 هـ. ق)، المدفونُ في البقيع بالمدينة.

3. الإمامُ الحسين بن عليّ (سيدُ الشهداء) (4 - 61 هـ. ق)، المدفون في كربلاء.

4. الإمامُ عليُّ بن الحسينُ بن عليّ (زينُ العابدين) (38 - 94 هـ. ق)، المدفون في البقيع.

5. الإمامُ محمّدُ بن عليّ (باقرُ العلوم) (57 - 114 هـ. ق)، المدفون في البقيع.

6. الإمامُ جعفرُ بن محمّد (الصادقُ) (83 - 148 هـ. ق)، المدفونُ في البقيع.

7. الإمامُ موسى بنُ جعفر (الكاظمُ) (128 - 183 هـ. ق)، المدفونُ في الكاظميّة قرب بغداد.

8. الإمامُ عليُّ بن موسى (الرضا) (148 - 203هـ. ق)، المدفونُ في خراسان بإيران.

9. الإمامُ محمّدُ بن عليّ (الجوادُ) (195 - 220 هـ. ق)، المدفونُ في الكاظميّة.

10. الإمامُ عليُّ بن محمّد (الهادي) (212 - 254هـ)، المدفونُ في سامراء بشمال بغداد.

٢١٦

11. الإمامُ الحسنُ بنُ عليّ العسكريُ (233 - 260 هـ. ق)، المدفونُ في سامراء.

12. الإمامُ محمّدُ بنُ الحسن المعروف بـ(المهديِّ)، و(الحجّة)،عجلَّ الله فرجَه الشريف، وهو الإمامُ الثاني عشر، وهو حيٌّ حتّى يظهر بأمر الله (طبقاً للوعودِ الواردةِ في القرآنِ في سورة النور: 54، وسورة التوبة: 33، وسورة الفتح: 28 وسورة الصف: 9) ويقيم الحكومة الإِلهيّة على كلّ الكرةِ الأرضِيّةِ.(1)

____________________

(1) قد وقع بعض الاختلاف في تواريخ وفيّات ومواليد بعض الأئمة، وقد اخترنا أحدها، كما أنّ التاريخ يثبت أنّ أغلب هؤلاء الأئمّة قضوا شهداء.

٢١٧

فِرق الشيعة

بين

الحقائق والأوهام

إنّ الشيعة هم الّذين شايعوا عليّاً وولديه الحسن والحسين وكانوا متمسّكين بإمامتهم وقيادتهم، ولم يبرز أيّ اختلاف ديني بينهم إلى زمان الإمام الصادق (عليه السّلام)، وهذا ما يلمسه الإنسان من قراءة تاريخ الشيعة، ولكن نرى أنّ أصحاب المقالات يذكرون للشيعة فِرقاً كثيرة، وهم بين غلاة وغيرها، وقد ذكر الشهرستاني؛ تبعاً لعبد القاهر البغدادي، خمس فِرق: كيسانيّة وزيديّة وإماميّة وغلاة وإسماعيليةّ، ونحن نقف أمام هذا التقسيم وقفة قصيرة، فنقول:

إنّ الغلاة ليسوا من الشيعة ولا من المسلمين، وإنّ عدّهم من الطوائف الإسلاميّة جناية على المسلمين والشيعة على وجه الخصوص.

وأمّا الكيسانيّة فقد حقّقنا في محلّه أنّها لم تكن فِرقة ظهرت بين الشيعة؛ وإنّما خلقها أعداء أئمة أهل البيت ليستغلوها ويقضوا بها على تماسك الشيعة ووحدتهم، وأكثر ما يمكن أنّ يقال في المقام: إنّه كانت هناك شكوك وأوهام اعترت بعض السذّج في إمامة محمد بن الحنفيّة، ثُمَّ أُزيلت، فتجلّى الصبح لذي عينين.

٢١٨

فليس في الشيعة على أديم الأرض سوى الفِرق الثلاث: الإماميّة، الزيديّة، والإسماعيليّة.

نعم نسب كتّاب الفرق ومؤرّخو الملل والنحل إلى الشيعة فرقاً كثيرة، لا وجود لها إلاّ في عالم الخيال أو بين الكتب، وقد أوضحنا حالها في كتابنا (بحوث في الملل والنحل). (1)

إذا عرفت ذلك فلنعرج الكلام إلى البحث عن الزيديّة وعقائدها.

____________________

(1) بحوث في الملل والنحل: 7/7 - 55.

٢١٩

14

الزيديّة

نبذة مختصرة عن حياة زيد بن عليّ:

الزيديّة مذهب منتسب إلى الإمام زيد الشهيد بن زين العابدين عليّ بن سيد الشهداء الحسين بن مولى الموحّدين وسيّد الوصيّين عليّ؛ بن حامي الرسول والذائد عن حريمه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أبي طالب، ولد سنة 75هـ واستشهد سنة 120هـ، وفي عام ولادته وشهادته أقوال أُخرى أحجمنا عن ذكرها مخافة الإطناب.

وقد أدرك زيد الأئمّة الثلاثة:

والده الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) (38 - 94هـ).

وأخوه الأكبر أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين (57 - 114هـ).

وابن أخيه الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) (83 - 148هـ).

أخذ عن أبيه ثُمَّ عن أخيه محمّد الباقر، وكان الإمام الباقر ينظر إليه نظر أخ عطوف ويثني عليه ويطريه ويقول في حقّه: «هذا سيّد أهل بيته والطالب بأوتارهم». (1)

____________________

(1) الأمالي للصدوق: 335، الحديث 11.

٢٢٠