المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية15%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204985 / تحميل: 8772
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وفضلاً عن ذلك فقد ظهرت الزنادقة والملاحدة في أواخر العهد الأُمويّ وبداية العهد العباسيّ.

ورابعاً: السلفيّة بهذا المعنى تضفي الحجيّة الشرعيّة لأقوال السلف وأفعالهم، وإنّها كاشفة عن قول النبيّ وفعله، والحجيّة مسألة أُصوليّة لا تَثبت إلاّ بدليل قطعي، وما رُوي في المقام من أخبار الآحاد، وإن نُقل عن عمران بن حصين، وعبد الله بن مسعود (١) ، إلاّ أنّها لا تخرج عن أخبار الآحاد.

____________________

(١) فتح الباري: ٧/٤ - ٦.

٤١

٣

الأشاعرة

المؤسّس هو: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق، وهو من أحفاد أبي موسى الأشعري، الصحابي المعروف، ولذلك اشتهر بالأشعري؛ منتسباً إلى جده الأعلى.

قال ابن الأثير: كان أبو موسى الأشعري عامل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على زبيد وعدن، واستعمله عمر على البصرة، ثمّ أقرّه عثمان عليها، ثمّ عزله، فصار هو من البصرة إلى الكوفة حتّى استعمله عثمان مرة ثانية على الكوفة، فلم يزل عليها حتّى قُتل عثمان، فعزله عليّ (عليه السّلام) عنها.

لم يكن عزل عليّ إيّاه عنها اعتباطاً، بل لأجل أنّه كان يخذّل الناس عن الإمام (عليه السّلام) عند حربه (عليه السّلام) مع الناكثين في أطراف البصرة.

اختلف المترجمون في ميلاد أبي الحسن الأشعري، والأظهر أنّه وُلد عام ٢٦٠هـ في البصرة وتوفّي سنة ٣٢٤هـ، وتخرّج في كلام المعتزلة على أبي علي الجبائي الّذي انتهت إليه رئاسة المعتزلة في البصرة، ولمّا مات قام مقامه ابنه أبو هاشم في التّدريس والتّقرير.

وقد بالغ بعض المترجمين في فضائله، نذكر منها مقتطفات:

٤٢

روى ابن عساكر عن أبي الحسين السروي، قال: كان الشيخ أبو الحسن قريباً من عشرين سنة يصلّي صلاة الصبح بوضوء العتمة!!

نحن لا نُعلّق على هذه الفضيلة المزعومة بشيء، ولكن نُضيف: إنّه قلّما يتّفق لإنسان أن لا يكون مريضاً ولا مسافراً ومعذوراً طيلة عشرين سنة، حتّى يصلّي فيها صلاة الصبح بوضوء العتمة!!

إنّ سهر الليالي في هذه المدّة الطويلة مخالف للعقل والشرع، وقد قال سبحانه: ( هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنّهَارَ مُبْصِراً ) (١) .

وروى ابن عساكر عن أبي عبد الله بن دانيال، يقول: سمعت بندار بن الحسين - وكان خادم المترجم - قال: كان أبو الحسن يأكل من غلّة ضيعة وقفها جدّه بلال بن أبي بردة بن موسى الأشعري على عقبه، وكانت نفقته في كلّ سنة ١٧ درهماً. (٢)

وهذا المبلغ لا يفي بقرطاس كتبه وحبرها ويراعها!!، والعجب أنّ الكاتب المعاصر عبد الرحمن بدوي حسب الرواية حقيقة راهنة، وأخذ بالمحاسبة الدقيقة، وخرج بهذه النتيجة: إنّ الأشعري كان يُنفق في السنة ١٧ درهماً، والدرهم يساوي ٩٥ر٢ غراماً من الفضة، فكان مقدار ما ينفقه في العام هو ما يساوي ١٥ر٥٠ غراماً من الفضة، ثمّ قال: فما كان أرخص الحياة في تلك الأيام!! (٣)

____________________

(١) يونس: ٦٧.

(٢) التبيين: ١٤٢.

(٣) مذاهب الإسلاميّين: ٥٠٣ - ٥٠٤.

٤٣

مؤلفاته: قد ذكر الشيخ الأشعري فهرس كُتبه في كتاب سمّاه (العُمدة)، كما فهْرَسَ غيره، مثل: ابن عساكر، وقد بلغ عدد كتبه ٩٨ كتاباً، غير أنّ أكثر هذه الكتب عصفت بها عواصف الدهر، فلم يصل إلينا منها إلاّ القليل.

أمّا كتبه الموجودة المطبوعة، فهي:

١. الإبانة عن أُصول الديانة.

٢. مقالات الإسلاميّين: والكتاب يتناول البحث عن الفِرق الإسلامية.

٣. اللُّمع في الرّدِّ على أهل الزيغ والبدع.

رجوعه عن الاعتزال:

وقد تخرّج في كلام المعتزلة على أُستاذه أبي علي الجبائي (٢٣٥ - ٣٠٣هـ)، ولكنّه بعد سنتين من وفاة أُستاذه (٣٠٥هـ) أعرض عن الاعتزال، وأعلن براءته في جامع البصرة عن مذهبه السابق، وعندما تسنّم المنبر في البصرة، نادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه نفسي، أنا فلان بن فلان، كنتُ قلتّ بخلق القرآن، وإنّ الله لا يرى بالأبصار، وإنّ أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع، معتقد للرد على المعتزلة؛ وخرج بفضائحهم ومعايبهم. وكان فيه دعابة ومزح كبير. (١)

وأمّا ما هو المبرّر لعدوله عن الاعتزال، على الرغم من أنّه شبّ وشاب على مذهب الاعتزال، فقد اختلفت فيه كلمات المؤرّخين، ويمكن أن يتلخصّ في الوجهين التاليين:

____________________

(١) فهرست ابن النديم: ٢٧١. وفيّات الأعيان: ٣/٢٨٥.

٤٤

١. الدافع السياسي:

إنّ الخلفاء العباسيّين من عصر المأمون إلى المعتصم إلى الواثق بالله كانوا مع أهل التعقّل والتفكير، فكان للاعتزال في تلك العصور رُقيّ وازدهار، فلمّا توفّي الواثق بالله عام ٢٣٢هـ وأخذ المتوكّل بزمام السلطة، انقلب الأمر وصارت الشوكة لأصحاب الحديث، ولم تزل السيرة على ذلك حتّى عهد المقتدر من عام ٢٩٥هـ إلى ٣٢٠هـ، وفي تلك الفترة أظهر أبو الحسن الأشعري التوبة والإنابة عن الاعتزال، والانخراط في سلك أهل الحديث؛ بغية التقليل من الضغوط المتزايدة الّتي كانت تُمارس من قبل الجهاز العباسي الحاكم على أصحاب مذهب الاعتزال.

٢. فكرة الإصلاح في عقيدة أهل الحديث:

إنّ الغالب على فكرة أهل الحديث يومذاك هو القول بالتجسيم والجهة والجبر من العقائد المستوردة إلى أوساط المسلمين عن طريق الأحبار والرهبان، فحاول الإمام الأشعري برجوعه عن الاعتزال والتحاقه بأهل الحديث، أن يصلح عقيدة أهل الحديث وتنزيهها تحت غطاء أنّه منهم، فصار الرجوع عن مذهب الاعتزال شبه واجهة لتقبُّل أهل الحديث.

لكن هذا الوجه قابل للملاحظة والتأمّل فيما ذكره في كتبه الثلاثة؛ ليدفع عنها سهام النقد:

الأوّل: إنّ أهل الحديث يرون فعل الإنسان مخلوقاً لله تبارك وتعالى، وليس له فيه دور، وعند ذلك يعترض عليهم: بأنّه إذا كان الواقع كذلك، فما معنى

٤٥

الثواب والعقاب؟!، والشيخ الأشعري - لدفع هذا الإشكال - أضاف كلمة؛ وقال: (والله خالق، والعبد كاسب).

وظلّت هذه الكلمة عبر القرون مخبوءة تحت قراءات مختلفة حتّى عُدَّت من الألغاز.

الثاني: قال أهل الحديث: القرآن قديم بلفظه ومعناه، والأشعري قال: بأنّ كلامه سبحانه ليس المقروء الملفوظ إذ هو حادث، وإنّما كلامه القديم هو الكلام النفسي القائم بالله.

ومع أنّه أفرغ عقيدة أهل الحديث في قوالب خاصة ذكرها في كتابيه: (الإبانة) و(مقالات الإسلاميين)، ولكنّ أهل الحديث لم يقبلوا منه التعديل، كالحسن بن علي بن خلف البربهاري.

حكى علي بن أبي يعلى في طبقاته بطريق الأهوازي، حيث قال: قرأتُ على علي القومسي، عن حسن الأهوازي، قال: سمعت أبا عبد الله الحمراني، يقول: لمّا دخل الأشعري بغداد جاء إلى البربهاري، فجعل يقول: رددت على الجبائي وعلى أبي هاشم، ونقضتُ عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس، وقلت وقالوا، وأكثر الكلام؛ فلمّا سكت قال البربهاري:

وما أدري ممّا قلت، لا قليلاً ولا كثيراً، ولا نعرف إلاّ ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل.

قال: فخرج من عنده وصنّف كتاب (الإبانة)، فلم يقبله منه، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها. (١)

____________________

(١) تبيين كذب المفتري: قسم التعليقة،ص ٣٩١.

٤٦

عقائد الأشاعرة:

وعلى كلِّ حال، فالشيخ الأشعري قد امتاز عن أهل الحديث باستحسان الخوض في المسائل الكلاميّة، والاستدلال بالدليل والبرهان والآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة، وقد ألفّ في ذلك رسالة مفصّلة، وقف في وجوه أهل الحديث الّذين كانوا يحرمون الخوض في هذه المسائل، وعلى ذلك الغرار ألفّ كتابه الثالث (اللُّمع)، وقد طُبعت الرسالة السابقة في ذيل كتاب اللُّمع.

ثم إنّ مذهبه وإن لم يكن رائجاً بين الناس، ولكن تلاميذه أو تلاميذ تلاميذه قد أحكموا أُصوله حتّى انتشر انتشاراً واسع النطاق، إلى أن صارت عقيدة الشيخ الأشعري عقيدة أهل السنّة اليوم، حتّى أنّهم يقدّمون رسائله العقائدية على عقيدة الطحاوي (المتوفّى عام ٣٢١هـ)، علماً أنّ الثانية أقرب إلى عقائد أهل الحديث.

قد طرح الشيخ في كتاب (اللُّمَع) العناوين التالية:

١ - استدلاله على وجوده سبحانه.

٢ - البارئ لا يشبه المخلوقات.

٣ - استدلاله على وحدانية الصانع.

٤ - إعادة الخلق المعدوم جائز.

٥ - الله سبحانه ليس بجسم.

٦ - صفاته الذاتيّة.

٧ - صفاته قديمة لا حادثة.

٨ - صفاته زائدة على ذاته.

٩ - رأيه في الصفات الخبريّة.

١٠ - أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه.

٤٧

١١ - الاستطاعة مع الفعل لا قبله.

١٢ - رؤية الله بالأبصار في الآخرة.

١٣ - كلام الله سبحانه هو الكلام النفسي.

١٤ - كلامه سبحانه غير مخلوق أو قديم.

١٥ - عموميّة إرادته لكلّ شيء.

١٦ - آثار التحسين والتقبيح العقليين (التعديل والتجوير).

***

هذه هي الأُصول الستة عشر.

لا يمكن لنا في هذا المختصر نقل كلمات الأشعري فيها، بل نقتصر على بعض الأُصول الخاضعة للنقاش.

١. أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه:

قال في (الإبانة): إنّه لا خالق إلاّ الله، وإنّ أعمال العبد مخلوقة لله ومقدورة كما قال: ( وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ، وإنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً، وهم يخلقون، كما قال سبحانه: ( هَلْ منْ خَالِقٍ غَيْرُ اللّهِ ) (٢) . (٣)

وقال في (مقالات الإسلاميّين)، في حكاية جملة قول أهل الحديث وأهل السنّة: (وأقرّوا انّه لا خالق إلاّ الله، وأنّ سيئات العباد يخلقها الله، وأنّ أعمال العباد يخلقها الله عزّ وجلّ، وأنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا منها شيئاً). (٤)

____________________

(١) الصافات: ٩٦.

(٢) فاطر: ٣.

(٣) الإبانة: ٢٠.

(٤) مقالات الإسلاميين: ١/٣٢١.

٤٨

لا شك أنّ القول بالتوحيد في الخالقيّة، وأنّه لا خالق في صّفحة الكون إلاّ الله سبحانه، من روائع الأُصول الّتي طرحها في عقائده، خلافاً للمعتزلة؛ حيث نفوا خالقيّته سبحانه لفعل العبد؛ وبذلك اعترفوا بالثنويّة، فالله خالق كلِّ شيء إلاّ فعل الإنسان، والإنسان خالق لأفعاله، إلاّ أنّ تفسير التوحيد بالخالقيّة بشكل يسفر عن الجبر وسلب الاختيار ونفي العلل الطبيعية أمرٌ غير صحيح، فالتوحيد في الخالقية يجب أن يفسَّر على نحو ينسجم مع اختيار الإنسان أوّلاً، ومسؤوليّته ثانياً، كما ينسجم مع ما كشف عنه العلم وما زال يكشف عن الأسباب والمؤثِّرات الطبيعية.

والّذي يمكن أن يقال، هو: أنّ العوالم الممكنة من عاليها إلى سافلها متساوية النسبة إلى قدرته سبحانه، فالجليل والحقير، والثقيل والخفيف عنده سواسية، لكن ليس معنى الاستواء هو قيامه تعالى بكل شيء مباشرة، وخلع التأثير عن الأسباب والعلل، بل يعني أنّ الله سبحانه يُظهر قدرته وسلطانه عن طريق خلق الأسباب، وبعث العلل نحو المسبَّبات والمعاليل، والكلّ مخلوق له، ومظاهر قدرته وحوله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

فالأشعري خلع الأسباب والعلل - وهي جنود الله سبحانه - عن مقام التأثير والإيجاد، كما أنّ المعتزلي عزل سلطانه عن ملكه، وجعل بعضاً منه في سلطان غيره، أعني: فعل العبد في سلطانه.

والحق الّذي عليه البرهان ويصدّقه الكتاب، هو كون الفعل موجوداً بقدرتين، لكن لا بقدرتين متساويتين، ولا بمعنى علّتين تامّتين، بل بمعنى كون الثانية من مظاهر القدرة الأُولى وشؤونها وجنودها ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلّا

٤٩

هُوَ ) (١) ، وقد جرت سنّة الله تعالى على خلق الأشياء بأسبابها، فجعل لكلّ شيء سبباً، وللسبب سبباً، إلى أن ينتهي إليه سبحانه، والمجموع من الأسباب الطويلة علّة واحدة تامّة كافية لإيجاد الفعل، والتفصيل يُطلب من محلّه، ونكتفي في المقام بكلمة عن الإمام الصادق (عليه السّلام): «أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً، وجعل لكلّ سبب شرحاً». (٢)

ثم إنّ الشيخ الأشعري فراراً من مضاعفات القول بأنّه سبحانه خالق لأفعال البشر وأنّه ليس له دور في أفعاله، أضاف نظرية الكسب، وقال: (الله خالق، والإنسان كاسب)، وقد اختلفت كلمة الأشاعرة من تلاميذ منهجه في تفسير الكسب، وأوضح تفسير له ما ذكره الفاضل القوشجي الأشعري في المقام؛ حيث قال:

والمراد بكسبه إيّاه مقارنته لقدرته وإرادته من دون أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاً له، ومعنى ذلك: إنّ الفعل صادر من الله، غاية الأمر كون الإصدار منه تقارن مع وصف من صفات العبد، وهو: إنّه إذا صار ذات قدرة غير مؤثرة وإرادة، كذلك يصدر الفعل من الله سبحانه مباشرة، فلا يكون للعبد دور سوى كونه محلاًّ له. (٣)

يُلاحظ عليه: إنّه إذا لم يكن للعبد دور إلاّ مقارنة الصدور من الله بوجود الاستطاعة في العبد والإرادة، فهل يكون ذلك مسوّغاً لتعذيبه وتثويبه، والمفروض أنّ القدرة غير مؤثّرة، وإرادته أيضاً فعل الله سبحانه، وليس له دور

____________________

(١) المدثر: ٣١.

(٢) الكافي: ١/١٨٣، باب معرفة الإمام، الحديث ٧.

(٣) شرح التجريد، القوشجي، ٤٤٥.

٥٠

سوى كونه محلاًّ لوجود شيئين: إيجاد الإرادة من الله في ضميره، والفعل في الخارج؟!

وبما أنّهم اختلفوا في تفسير الكسب، قال الشاعر:

مـمّا يـقال ولا حـقيقة عنده

مـعقولة تـدنو إلـى الأفـهام

الكسب عند الأشعري، والحال

عند البهشمي، وطفرة النظام (١)

٢. كلام الله سبحانه هو الكلام النفسي:

أجمع المسلمون، تبعاً للكتاب والسنّة، على كونه سبحانه متكلّماً، وقد شغلت المسألة بال المفكّرين في عصر الخلفاء، وحدثت بسببها مشاجرات، بل مصادمات دامية سجلّها التاريخ.

ثم إنّ الاختلاف في كلامه سبحانه واقع في موضوعين:

الأوّل: ما هو حقيقة الكلام؟، وهل هو من صفات ذاته كالعلم والقدرة والحياة، أو من صفات فعله كالإحياء والإماتة والخلق والرزق؟

الثاني: هل هو قديم أو حادث؟، هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟. فنحن ندرس في المقام نظريّة الحنابلة، ثُمّ الأشاعرة، وقد عرفتَ أنّ الأشعري أجرى الإصلاح في عقائد أهل الحديث في موارد، منها: تكلّمه سبحانه.

ذهبت الحنابلة إلى أنّ كلامه حرف وصوت يقومان بذاته، وأنّه قديم، وقد بالغوا فيه حتّى قال بعضهم جهلاً: إنّ الجلد والغلاف قديمان. (٢)

____________________

(١) القضاء والقدر: ١٨٥.

(٢) المواقف: ٢٩٣.

٥١

ولمّا كانت تلك النظريّة تشوّه سمعة القائل بها، قام الشيخ الأشعري إلى تصحيحها، فأخرج كلامه سبحانه عن المعنى السخيف الّذي تتبنّاه الحنابلة إلى معنى آخر، وهو القول بالكلام النفسي القائم بذات المتكلّم، وهذه النظريّة مع اشتهارها من الشيخ أبي الحسن الأشعري لم نجدها في (الإبانة) ولا في (اللُّمَع)، وإنّما ركّز فيهما على المسألة الثانية، وهي أنّ كلامه سبحانه غير مخلوق، ولم يبحث عن حقيقة كلامه، ومع ذلك فقد نقلها عنه الشهرستاني، وقال:

وصار أبو الحسن الأشعري إلى أنّ الكلام معنى قائم بالنفس الإنسانيّة، وبذات المتكلّم، وليس بحروف ولا أصوات، وإنّما هو القول الّذي يجده القائل في نفسه ويجيله في خلده، وفي تسمية الحروف الّتي في اللسان كلاماً حقيقياً تردد، أهو على سبيل الحقيقة أم على طريق المجاز؟، وإن كان على طريق الحقيقة، فإطلاق اسم الكلام عليه وعلى النطق النفسي بالاشتراك (١) .

ثم إنّ الأشاعرة اختلفت في تفسير الكلام النفسي، وأحسن ما قيل في تفسيره ما ذكره الفاضل القوشجي في شرح التجريد، قال:

إنّ من يورد صيغة أمر أو نهي أو نداء أو إخبار أو استخبار أو غير ذلك، يجد في نفسه معاني يعبر عنها، نسمّيها بالكلام الحسّي، والمعنى الّذي يجده ويدور في خلده ولا يختلف باختلاف العبارات بحسب الأوضاع والاصطلاحات ويقصد المتكلّم حصوله في نفس السامع على موجبه، هو الّذي نسمّيه الكلام (٢) .

____________________

(١) نهاية الإقدام: ٣٢٠.

(٢) شرح التجريد، القوشجي: ٤٢٠.

٥٢

يلاحظ عليه: أنّ القائل بالكلام النفسي يعدّ التكلّم صفة ذاتية وراء العلم والإرادة، ولذلك اعتقدوا أنّ في الإخبار - حتّى في الأذهان البشرية - وراء العلم صفة باسم الكلام النفسي، وفي الإنشائيات، كالأمر والنهي وراء الإرادة والكراهيّة، شيء آخر باسم الكلام النفسي، فلابدَّ أن يُفسَّر الكلام النفسي بوجه يختلف عن العلم في الإخبار والإرادة والكراهية في الإنشاء، مع أنّ ما ذكره يرجع إلى العلم، لأنّ المعاني الّتي تدور في خلد المتكلّم، ليست إلاّ تصوّر المعاني المفردة أو المركبة أو الإذعان بالنسبة، فيرجع الكلام النفسي في الجمل الخبرية إلى التصوّرات والتصديقات، فأيّ شيء هنا وراء العلم حتّى نسمّيه بالكلام النفسي؟. كما أنّه عندما يرتّب المتكلّم المعاني الإنشائية، فلا يرتب إلاّ إرادته وكراهته أو ما يكون مقدّمة لهما، كتصوّر الشيء والتصديق بالفائدة، فيرجع الكلام النفسي في الإنشاء إلى الإرادة والكراهة، فأيّ شيء هنا غيرهما حتّى نسمّيه بالكلام النفسي؟، وعند ذلك لا يكون التكلّم وصفاً وراء العلم في الإخبار، أو وراء الإرادة والكراهة في الإنشاء، مع أنّ الأشاعرة يُصرّون على إثبات وصف ذاتي باسم التكلّم وراء العلم والإرادة، ولأجل ذلك يقولون: كونه متكلّماً بالذات، غير كونه علْماً ومريداً بالذات.

٣. آثار التحسين والتقبيح العقليّين:

قد عَنْوَن الشيخ الأشعري هذه المسألة باسم التعديل والتجوير، وهذه المسألة تُعدُّ الحجر الأساس لكلام الأشعري، والشيخ تبعاً لأهل الحديث والحنابلة، صوّر العقل أقلّ من أن يُدرك ما هو الحسن وما هو القبيح، قائلاً: بأنّ تحكيم العقل في باب التّحسين والتقبيح يستلزم نفي حريّة المشيئة الإلهية،

٥٣

وتقيّدها بقيد وشرط؛ إذ على القول بهما يجب أن يفعل سبحانه ما هو الحسن عند العقل، كما عليه الاجتناب عمّا هو القبيح عندَه؛ فلأجل التحفّظ على إطلاق المشيئة الإلهية، قالوا: لا حسَن إلاّ ما حسّنه الشارع، ولا قبيح إلاّ ما قبّحه، فله سبحانه أن يؤلم الأطفال في الآخرة، ويعدّ ذلك منه حسناً.

فإن كنت في ريب من هذا، فلنذكر من كلامه في إنكار الحسن والقبح العقليين: يقول في كتاب (اللُّمَع):

فإن قال قائل: هل لله تعالى أن يؤلم الأطفال في الآخرة؟

قيل له: لله تعالى ذلك، وهو عادل إن فعله - إلى أن قال: - ولا يقبح منه أن يعذّب المؤمنين ويدخل الكافرين الجنان، وإنّما نقول إنّه لا يفعل ذلك، لأنّه أخبرنا أنّه يعاقب الكافرين، وهو لا يجوز عليه الكذب في خبره. (١)

يُلاحظ عليه:

أوّلاً : نحن نسأل الشيخ الأشعري، إذا أُولِمَ طفله في الآخرة وعُذِّبَ بألوان التعذيب ورأى هو ذلك بأُمّ عينيه، فهل يرى ذلك عين العدل، ونفس الحسن، أو أنّه يجد ذلك الفعل في صميم ذاته أمراً منكراً؟!

ومثله ما لو فُعل بالأشعري نفس ما فعل بطفله، مع كونه مؤمناً بالله، فهل يرضى بذلك في باطنه ويراه نفس العدل، بذريعة أنّ الله سبحانه مالك الملك يفعل في ملكه ما يشاء؟!

وثانياً: إنّه لا شك في أنّه سبحانه مالك الملك والملكوت، يقدر على كلِّ أمر ممكن، من غير فرق بين الحسن والقبيح، فعموم قدرته لكلّ ممكن ممّا لا

____________________

(١) اللُّمع: ١١٦ - ١١٧.

٥٤

شبهة فيه، لكن حكم العقل، بأنّ العمل الفلاني قبيح لا يصدر عن الحكيم، ليس تحديداً لملكه وقدرته، وهذا هو المهم في حل عقدة الأشاعرة الّذين يزعمون أنّ قضاء العقل وحكمه في أفعاله سبحانه نوع تدخل في شؤون رب العالمين، ولكنّ الحق غير ذلك، وذلك للفرق بين كون العقل كاشفاً عن مشيئته وعلمه سبحانه، وبين كونه حاكماً وفارضاً عليه سبحانه، بل العقل في مجال الحسن والقبح يكشف عن أنّ الموصوف بما له من الحكمة والغنى لا يصدر منه القبيح ولا يُخلُّ بما هو حسن.

وبتعبير آخر: إنّ العقل يكشف عن أنّ الموصوف بكلِّ كمال، والغنيّ عن كل شيء يمتنع أن يصدر منه الفعل القبيح، لتحقّق الصارف عنه وعدم الداعي إليه، وهذا الامتناع ليس امتناعاً ذاتياً حتّى لا يقدر على الخلاف، ولا ينافي كونه تعالى قادراً عليه بالذات، ولا ينافي اختياره في فعل الحسن وترك القبيح، فإنّ الفعل بالاختيار كما أنّ الترك به أيضاً، وهذا معنى ما ذهبت إليه العدليّة من أنّه يمتنع عليه القبائح، ولا تهدف به إلى تحديد فعله من جانب العقل، بل الله، بحكم انّه حكيم، التزم وكتب على نفسه أن لا يخلَّ بالحسن ولا يفعل القبيح، وليس دور العقل هنا إلاّ دور الكشف والتبيين بالنظر إلى صفاته وحكمته.

ولعلّ هذا المقدار بالبحث حول التحسين والتقبيح العقليّين كافٍ لمن أراد الحق.

٤. رؤية الله بالأبصار في الآخرة:

إنّ رؤية الله تعالى في الآخرة ممّا اهتمّ الأشعري بإثباتها اهتماماً بالغاً

٥٥

في كتابيه: (الإبانة) و(اللُّمع)، وركَّز عليها في الأوّل من ناحية السمع، وفي الثاني من ناحية العقل.

قال في (الإبانة): وندين بأنّ الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون، كما جاءت الروايات عن رسول الله. (١)

وقال في (اللُّمع): إن قال قائل: لِمَ قلتم إنَّ رؤية الله بالأبصار جائزة من باب القياس؟، قيل له: قلنا ذلك لأنّ ما لا يجوز أن يوصف به الله تعالى ويستحيل عليه، لا يلزم في القول بجواز الرؤية. (٢)

إنّ رؤية الله تبارك وتعالى فكرة مستوردة وبدعة يهوديّة؛ نقلها الأحبار إلى الأوساط الإسلاميّة، وحيكت الأخبار على منوالها، ويشهد على ذلك ما في العهد القديم، وإليك بعض المقتطفات منه:

١ - رأيت السيّد جالساً على كرسي عال، فقلت: ويل لي؛ لأنّ عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود. (٣) والمقصود من السيّد هو: الله جلّ ذكره.

٢ - كنت أرى أنّه وضعت عروش وجلس القديم الأيام، لباسه أبيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار (٤) .

ولمّا كان القول بالرؤية في الآخرة يستلزم المقابلة مع المرئي وكونه في جهة ومكان، عمَد كثير من الأشاعرة، منهم التفتازاني، إلى تجريد الرؤية عن هذه السلبيات.

____________________

(١) الإبانة: ٢١.

(٢) اللُّمع: ٦١ بتلخيص.

(٣) اشعيا: ٦/١ - ٦.

(٤) دانيال: ٧/٩.

٥٦

يقول التفتازاني: ذهب أهل السنّة إلى أنّ الله تعالى يجوز أن يُرى، وأنّ المؤمنين في الجنة يرونه منزّهاً عن المقابلة والجهة والمكان. (١)

وهذه القيود الّتي ذكرها التفتازاني، وإن كانت غير واردة في كلام صاحب المنهج، ولكن الفكرة بهذه الصورة قد نضجت في طوال قرون متمادية، إنّما الكلام في إمكان وقوع هذه الرؤية، أي أن تتحقّق الرؤية بالأبصار، ولكن مجردة عن المقابلة والجهة والمكان، وهذا ما يصعب تصوّره للإنسان، فتحقُّق الرؤية - سواء أقلنا بأنّها تتحقّق بانطباع صورة المرئي في العين كما عليه العلم الحديث، أو بخروج الشعاع كما عليه بعض القدماء - في غير هذه الظروف أشبه بترسيم أسد بلا رأس ولا ذنب على جسم بطل.

أدلّة القائلين بالرؤية:

إنّ أفضل ما استدلّ به القائلون بالرؤية هي الآية التالية:

قوله سبحانه: ( كَلاّ بَلْ تُحِبّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرَةٌ * إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ * وَوَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) (٢) .

قال الشيخ أبو الحسن الأشعري: الدليل على أنّ الله يُرى بالأبصار، قوله تعالى ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرَةٌ * إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ) والنظر بالوجه هو نظر الرؤية الّذي يكون بالعين الّتي في الوجه، فصح أنّ معنى قوله تعالى: ( إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ) رائية. (٣)

____________________

(١) شرح المقاصد: ٢/١١١.

(٢) القيامة: ٢٠ - ٢٥.

(٣) اللُّمع: ٦٤.

٥٧

وقد شغلت الآية بال الأشاعرة والمعتزلة، فالفرقة الأُولى تُصرّ على أنّ النظر هنا بمعنى الرؤية، والثانية تُصرّ على أنّها بمعنى الانتظار لا الرؤية، ولكنّ الحق أنّ الآية لا تدلّ على نظرية الأشاعرة، حتّى ولو قلنا إنّ النظر فيها بمعنى الرؤية؛ إذ يُعْرف مفاد الآيات بمقارنة بعضها مع بعض، وإليك البيان:

إنّ الآية الثالثة تقابل الآية الأُولى، كما أنّ الرابعة تقابل الثانية، وعند المقابلة يُرفع إبهام الثانية بالآية الرابعة، وإليك تنظيم الآيات حسب المقابلة:

أ - ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرَةٌ ) يقابلها ( وَوَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ) .

ب - ( إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ) يقابلها ( تَظُنّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) .

وبما أنّ المقابل للآية الثانية واضح المعنى، فيكون قرينة على المراد منها؛ فإذا كان المقصود من المقابل أنّ الطائفة العاصية تظنُّ وتتوقّع أن ينزل بها عذاب يكسر فقارها ويقصم ظهرها، يكون المراد من عِدْله وقرينه عكسه وضده، وليس هو إلاّ أنّ الطائفة المطيعة تكون مستبشرة برحمته، ومتوقِّعة لفضله وكرمه، لا النظر إلى جماله وذاته وهويَّته، وإلاّ لخرج المقابلان عن التقابل، وهو خلف.

وبعبارة أُخرى: يجب أن يكون المتقابلان - بحكم التقابل - مُتَّحدي المعنى والمفهوم، ولا يكونا مختلفين في شيء سوى النفي والإثبات، فلو كان المراد من المقابل الأوّل - أعني: ( إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ) - هو رؤية جماله سبحانه وذاته، فيجب أن يكون الجزاء في قرينه - أعني: ( تَظُنّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) - هو حرمان هؤلاء عن الرؤية، أخذاً بحكم التقابل، وبما أنّ تلك الجملة - أعني: القرين الثاني - لا تحتمل ذلك المعنى - أعني: الحرمان من الرؤية - بل

٥٨

صريحة في انتظار العذاب الفاقر، يكون ذلك قرينة على المراد من القرين الأوّل؛ وهو رجاء رحمته وانتظار فرجه وكرمه.

إلى هنا تمّت دراسة عقائد الأشاعرة على وجه الإجمال.

***

أعيان الأشاعرة:

ثم إنّ هناك رجالاً ارتبطت أسماؤهم ببلورة المذهب الأشعري، ولولاهم لما قام لهذا المذهب عمود ولا اخضرّ له عود، وإليك أسماء أعلامهم عبر التاريخ:

١ - أبو بكر الباقلاني (المتوفّى ٤٠٣هـ).

٢ - أبو منصور عبد القاهر البغدادي (المتوفّى ٤٢٩هـ).

٣ - إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (٤١٩ - ٤٧٨هـ).

٤ - حجة الإسلام الإمام الغزالي (٤٥٠ - ٥٠٥هـ).

٥ - أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (٤٧٩ - ٥٤٨هـ).

٦ - أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي فخر الدين الرازي (٥٤٤ - ٦٠٦هـ).

٧ - أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم المعروف بسيف الدين الآمدي (٥٥١ - ٦٣١هـ).

٥٩

٨ - عبد الرحمن بن أحمد عضد الدين الإيجي (٧٠٨ - ٧٥٦هـ).

٩ - مسعود بن عمر بن عبد الله المعروف بسعد الدين التفتازاني (٧١٢ - ٧٩١هـ).

١٠ - السيِّد علي بن محمد بن علي الحسيني المعروف بالسيِّد الشريف (المتوفّى ٨١٦هـ).

١١ - علاء الدين علي بن محمد السمرقندي القوشجي (المتوفّى ٨٧٩هـ).

هذا بعض الكلام في المذهب الأشعري، وقد صار مذهباً رسميّاً لأكثر أهل السنّة.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بَين أيديهم ومن خَلفِهِم ، وعَن أيمانِهِم وعن شَمائِلهِم ، ومن حَيثُ شِئتَ ، وَمِن أينَ شِئتَ ، وكَيفَ شِئتَ ، وأنّى شِئتَ ، حَتى لا يَصلَ إليَّ واحِدٌ مِنهُم بِسوءٍ.

اللّهُمَّ واجعلني في حِفظكَ وسِترِكَ وجوارِكَ ، عَزَّ جارُكَ ، وجَلَّ ثَناؤُكَ ، ولا إلهَ غَيرُكَ. اللّهُمَّ أنتَ السُّلامُ ، ومنكَ السُّلامُ ، أسألُكَ يا ذَا الجَلالِ والإكرام فكاكَ رَقَبتَي من النَّار ، وأن تُسكنني دارَ السُّلامِ.

اللّهُمّ إنّي أسألكَ من الخير كُلِّهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ ، ما عَلِمتُ مِنه وما لم أعلم. اللّهُمّ وإنّي أسألًكَ خير ما أرجو ، وأعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما أحذر ، ومن شَرَّ ما لا أحذرُ ، وأسألكَ أن تَرزُقني من حَيثُ أحَتسبُ وَمن حَيثُ لا أحتسَبُ.

اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ ( و )(١) ابن عَبدِكَ وابنُ أمتِكَ ، وفي قَبضَتِكَ ، ناصيتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قضاؤكَ ، وأسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَميَّتَ بهِ نَفسَكَ ، أو أنزلتهُ في شَيءٍ من كُتُبكَ ، أو عَلَّمتَهُ أحَداً من خَلقِكَ ، أو أستَأثرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، أن تُصلَّي على مُحمّدٍ النَّبيّ الأمي عَبدِكَ ورَسوُلِكَ وخِيرتِكَ من خَلقِكَ ، وعلى آل مُحمّدٍ الطّبيينَ الأخيارِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآلَ مُحمّدٍ ، وتُبارِكَ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ كما صَلَّيتَ ( وباركت )(٢) على إبراهِيمَ وآلِ إبراهِيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَجعَلَ القرآنَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) اثبتناه من الرواية الأولى في نسخة « ن ».

٢٤١

نُورَ صَدري ، ورَبيعَ قَلبي ، وجَلاءَ حُزني ، وذهابَ هَمي ، واشرح به صَدري ويسِّر به أمري ، واجَعلهُ نُوراً في بَصري ، ونُوراً في سَمعي ، ونُوراً في مُخي ، ونُوراً في عِظامي ، ونُوراً في عَصبي ، ونُوراً في شَعري ، ونُوراً في بَشري ، ونُوراً من فوقي ، ونُوراً من تَحتي ، ونُوراً عَن يَميني ، ونُوراً عن شمالي ، ونُوراً في مَطعمي ، ونُوراً في مَشربي ، ونُوراً في مَحشَري ، ونُوراً في قَبري ، ونُوراً في حَياتي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في كُلِّ شيءٍ مِني ، حَتى تُبَلّغني بِه إلى الجَنَّةِ ، يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ ، أنتَ كَما وصَفتَ نَفسَكَ في كِتابِكَ على لِسانِ نَبيكَ ، وقَولكَ الحَقُّ ، تَباركَتَ وتَعاليتَ قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ فَاهدِني بنُورك ، وأيّدني لِنورِكَ ، واجعَل لي في القيامَةِ نُورَاً بين يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعَن شِمالي ، تهديني بِهِ إلى دارِكَ دار السُّلام يا ذَا الجَلالِ والإكرام. اللّهُمَّ إني أسألُكَ العَفو والعافِية في الدّنيا والآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفوَ والعافِيةَ في كُلّ شَيءٍ أعطَيتني ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفو والعَافية في أهلي ومالي ووُلدي وكُلّ شَيءٍ أحبَبتَ

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

٢٤٢

أن تُلبسَني في العافيِةَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ مُحمّدٍ وأقلِني عَثرتي ، وآمِن رَوعَتي ، واحفَظني من بَينَ يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعن شِمالي ، ومن فَوقي ومن تَحتي ،( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١) .

يا رَحمانَ الدُّنيا والآخِرة ورَحيَمهُما صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ ، واغفر لي ذَنبي ، واقضِ عَني دَيني ، واقض لي جَميعَ حَوائجي ، أسألُكَ ذلِكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأنّكَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ وأنّكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكُن. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ إيماناً صادِقاً وَيقيناً لَيسَ بَعَدهُ ( شك )(٢) ، وتَواضعاً لَيسَ بَعدَهُ كبر ، وَرحمةً أنالُ بِها شَرَفَ الدُّنيا والآخِرَةِ(٣) .

اليوم السابع والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رحمةً من عِندِكَ تَهدي بها قَلبي ، وتَجمعُ بها أمري ، وَتَلُمُّ بها شَعثي ، وتُصلحُ بها ديني ، وتَحفَظُ بها عيالي ، وتَرفَع بها

__________________

(١) آل عمران ٣ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) من نسخة « ك » شكر ، واثبتنا ما في الرواية الأولى من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٢٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٣

شَهادَتي ، وتُكثرُ بِها مالي ، وتُزيدُ بها في رِزقي وَعُمري ، وتُعطيني بها كُلّما أُحبّ ، وتَصرِفَ عني ما أكرَهُ ، وتُبَيِّض بها وجهي ، وَتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ أنت الأوَّلُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنت الآخرُ فَلا شَيءَ بَعدَكَ ، ظَهرتَ فَبطَنت ، وبَطنتَ فَظَهرتَ ، عَلَوتَ في ذُنوّكَ ، ودَنوتَ في عُلُوكَ ، أسالُكَ أن تُصَلي على مُحمّدٍ وآلِهِ ، وأن تَصلحَ لي ديني الَّذي هُوَ عصمة أمري ، وتُصلحَ دنياي التي فيها مَعيشتي ، وأن تُصلحَ لي آخرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعَلَ الحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيرٍ ، وأن تَجعلَ المَوت راحةً لي من كُلِّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد قَبل كُلّ شيء ، ولك الحمد بعد كُلّ شيء ، يا صَريخ المَكروُبين ، يا مُجيبَ دَعوة المُضطرينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العَظيم ، يا أرحَمَ الراحِمينَ ، إكشف غَمّي وكربي ، فَانَّهُ لا يَكشفُهُ غَيرُكَ ، تَعلَم حالي وحاجَتي.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد كُلّهُ ، ولَكَ المُلكُ كُلّه ، وَبِيدكَ الخَير كُلّه ، وإليكَ يَرجَعُ الأمر كُلّهُ ، عَلانيتُهُ وسِرُّهُ ، لا هادِي لَمِن اضلَلت ، ولا مُضِلِّ لَمِن هديتَ ، ولا مانَعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطي لما مَنعَتَ ، ولا مُؤَخّرَ لِما قَدّمتَ ، ولا مُقَدِّم لما أخَّرت ، ولا باسِطَ لِما قَبضت ، ولا قابِضَ لِما بَسطتَ.

اللّهُمَّ ابسط عَلَينا بَرَكاتكَ ورَحمتكَ وفَضلكَ ورِزقكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغنى يَومَ الفَقر ، وأسألُكَ الأمنَ يَومَ الخَوفِ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ

٢٤٤

النَّعيم المُقيم الَّذي لا يَزولُ ولا يَحولُ. اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السَّبعِ وما فيهنَّ وما بَيَنهُنَّ ورَبِّ العَرش العظيم ، رَبَّنا ورَبِّ كُلّ شيءٍ ، مُنزِل التَّوراة والإنجيلِ والفُرقانِ العظيمِ ، فالِق الحَبِّ والنَّوى ، أعُوذُ بِك من شَرِّ كُلّ دابةٍ أنتَ آخِذٌ بناصِيتها ، أنّكَ على صِراطٍ مُستقيمٍ.

اللّهُمَّ أنتَ الأولُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِر فُليسَ فَوقكَ شيءٌ ، وأنتَ الباطنُ تُخبِرُ كُلَّ شَيء ، وأنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ وافعَل بي ما أنتَ أهَلُهُ.

بسمِ اللهِ وبِاللهِ ، بِاللهِ أؤمِنُ ، وبِاللهِ أعُوذُ ، وباللهِ ألوذُ ، وباللهِ أعَتصِمُ ، وبِعِزَِّته ومنعَتِهِ أمتنعُ من الشَّيطانِ الرَّجيم وَعَملِهِ وخَيلِهِ ورَجلِهِ ، وَشركُلّ دابةٍ تزحفُ معهُ. وأعُوذُ بِكُلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِر ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ، ما عَلِمتُ مِنها وما لَم أعلَم به ، من شَرَّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ ، ومن شَرِّ كُلّ طارِقٍ إلاّ طارِقاً يَطرقُ بِخَيرٍ ، يا رَحمانُ.

اللّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من شَرِّ نَفسي ، ومن شَرِّ كُلِّ عَينٍ ناظِرةٍ ، ومن شَرِّ كُلّ أُذنٍ سامِعَةٍ ، ولِسانٍ ناطِقٍ ، وَيَدٍ باسطَةٍ ، وَقَدمٍ ماشِيةٍ ، وما أخفَيتُهُ في نَفسي ، في لَيلي ونَهارِي ، اللّهُمَّ من أرادَني بِبغي أو عَيب ، أو مَساءةٍ أو سوءٍ ، أو مكروهٍ ، أو خِلافٍ ، من جِنٍّ أو إنسٍ ، قَريبٍ أو بَعيدٍ ، صَغيرٍ أو كبيرٍ ، فَأسألُكَ أن تخرجَ صَدرَهُ ، وتمسكَ يَدَهُ ، وتَقصرَ

٢٤٥

قَدَمَهُ ، وتَفحَمَ لِسانَهُ ، وتَعمي بَصَرَهُ ، وتَقمَعَ رَأسَهُ ، وَترُدَّهُ بِغَيظهِ ، وتَحول بَيني وبَينَهُ ، وتَجعَلَ لَهُ شاغِلاً من نَفسِهِ ، وتُميتَهُ بِغَيظِهِ ، وتكفينيهِ ، بِحولِكَ وقُوّتِكَ أنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ(١) .

اليوم الثامن والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ من كُلّ شيءٍ هُو دونكَ. اللّهُمَّ لا تَحرِمني ما أعطَيتَني ، ولا تَفتني بما مَنَعتنَي. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عِبادَكَ مِنَ الأمانَةِ والمالِ والأهلِ وَالوَلدَ النّافعِ غَير الضّارِ ولاَ المُضِرِّ. اللّهُمَّ إني إليكَ فقيرٌ ، وإني مِنكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ بِكَ.

اللّهُمَّ لا تُبدِل اسمي ، ولا تُغَيّر جِسمي ، ولا تُجهِد بَلائي ، اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ من غنىً يُطغي ، أو هوىً يُردي ، أو عَملٍ يُخزي. اللّهُمَّ اغفِر لي جُرمي ، واقبَل تَوبتي ، واظهر حُجّتي ، واستُر عَورَتي ، واجَعَل مُحمّداً وآلِهِ والأنبياءِ المُصطَفينَ يَستَغفِرونَ لي.

اللّهُمَّ إنّي أعوَذُ بِكَ أن أقولَ قَولاً هُوَ من طاعَتِكَ أريدُ بِه سِوى وَجهكَ ، وأعَوذُ بِكَ أن يَكون غَيري أسَعَدَ بما آتَيتَني منّي. اللّهُمَّ وإنّي أعَوذُ بِكَ من شَرّ الشَّيطانِ ، وشَرِّ السُّلطانِ ، وما تَجري بِه أقلامُهُم. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، ورِزقاً دارّاً.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٣٥ ، ونقل المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٦

اللّهُمَّ كَتَبتَ الآثامَ واطّلَعتَ على الأسرارِ ، وَحُلْتَ بَيَننا وَبَينَ القُلُوب. والقُلوبُ إليكَ مفضيةٌ ، والسِّرُّ عِندَكَ عَلانِيةٌ ، وإنِّما أمرُكَ إذا أرَدتَ شَيئاً أن تَقُولَ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرَحمتِكَ أن تدخلَ طاعَتَكَ في كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثمَّ لا تُخرِجُها مِنّي أبداً. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرحمتكَ أن تخرجَ مَعصيتَكَ من كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثُمَّ لا تُعيدُها في أبَداً. اللّهُمَّ أنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنّي. اللّهُمَّ كُنتَ وَتكَون وأنتَ حَيٌّ قَيوّمٌ لا تَنامُ ، تَنامُ العُيونُ وتَغورُ النُّجوم وأنتَ الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، فَرِّج عَنّي هَمِّي ، اللّهُمَّ واجعَل لي من أمري فَرَجاً ومَخرَجاً ، وثَبتَ رَجاءَكَ في قَلبي حتى تُغنيني بِه عَن رَجاءِ مَن سِواكَ ، وحَتى لا يَكوُنَ ثِقتي إلاّ أنتَ.

اللّهُمَّ لا تَكتبني من الغافلين. اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِخطيئتي ، ولا تَفضحني بِسريرتي. اللّهُمَّ إنّي أعَوذُ بِكَ أن أضِلَ عِبادكَ ، واستريب إجابَتكَ. اللّهُمَّ إنّ لي ذُنُوباً قد أحصَتها كُتُبكَ ، وأحاطَ بها عِلمُكَ ، ونَفَذَها بَصَرُكَ ، ولَطُفَ بها خَبركَ ، وكتبَتها مَلائِكتُكَ. اللّهُمَّ فلا تُسَلّطُ عَلَيّ في الدّنيا ولا في ما بَعدها مَن لم يَخلُقني ولَم يَرحَمني ، ومَن أنتَ أولى بِرَحمتي مِنهُ. اللّهُمَّ وما سَتَرت عَلَيّ من تِلكَ العُيوبِ والعَوراتِ ، وأخَّرت من تِلكِ العُقُوباتِ ، مَكراً مِنكَ واستدراجاً ، لِتأخُذَني بِها يَومَ القيامة ، وتَفضحني بها عَلى رُؤوسِ الخَلائِق ، فَاعفُ عَنّي في الدّارينَ كَلتيهما ، فَأنّكَ غَفورٌ رَحيمٌ.

٢٤٧

اللّهُمَّ أنْ لم اُكن أهلاً أن أبلُغَ رَحَمتكَ فَإنَّ رَحَمتَكَ أهلٌ أن تبلُغني ، فإنَّها وسَعتَ كُلّ شَيء ، فَلتَسعني رَحَمتك يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ وإن كنتَ خَصَصت بِذلِكَ عِباداً أطاعُوكَ فيما أمَرتَهُم به ، وعَمِلوُا فيما خَلَقتهَمُ لَهُ ، فَإنَّهمُ لَن يَناَلُوا ذِلكَ إلاّ بكَ ، ولا يُوفِقهُم لَهُ إلاّ أنتَ ، كانَتَ رَحَمتُكَ إيّاهُم قَبلَ طاعَتِهِم لَكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ فخصّني يا سَيدي ومَولايَ ، ويا إلهي ويا كَهفي ، ويا حِرزي ويا كَنزي ، ويا قُوتي ويا رَجائي ، ويا خالِقي ويا رازقي ، بِما خَصَصتَهُم به ، ووَفِقني لِما وفقتهم لَهُ ، وارحَمني كما رَحمتَهُم يا أرحَمَ الرّاحميِنَ.

يا مَن لا يَشغلُهُ سَمعٌ عن سمعٍ ، يا مَن لا يُغَلِّطُهُ السّائِلُونَ ، يا مَن لا يُبرِمُهُ إلحاحُ المُلحِيّنَ ، أذِقنا بِردَ عَفوك ، وحَلاوَةَ مَغفِرتِكَ ، وطيبَ رَحَمتِكَ.

اللّهُمَّ إنّي أسَتَغفرُكَ مَمّا تُبتُ إليكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيه ، وأستَغفِرُ كَلِما وَعَدتُكَ من نَفسي ثم أخلَفتُكَ ، وأستَغفِرُكَ لِكلِ أمرٍ أرَدتُ به وَجهك فَخالَطَني فيه ما لَيسَ لَكَ ، وأستَغفركَ لِكُلّ النِّعمِ التَّي أنَعمتَ بها عَلَيّ فَقويتُ بِها عَلى مَعصيتِكَ ، وأستَغفِرُكَ مِمّا دَعاني إليهِ الهَوى من قبول الرُّخَصِ فيما أتَيتُهُ واشتَبَه عَلَيَّ مِمّا هُوَ حَرامٌ عِندَكَ ، وأستَغفِرُكَ لِلذّنوبِ التي لا يَعْلُمها غَيرُكَ ، ولا يَسَعُها إلاّ حِلمُكَ وعَفَوكَ ، وأستَغفِرُكَ لكُلِّ يَمينٍ سَبقَت مني حَنثتُ فيها عِندَكَ ، يا مَن عَرَّفَنا نَفسهُ لا تَشغُلُنا بِغَيرِكَ ، وأسقِط عنّا ما كانَ لِغَيركَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٤٧ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٨

اليوم التاسع والعشرون :

لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ الكَريمُ ، لا إلهَ إلاّ الله العَليُّ العَظيمُ ، سُبحانَ الله رَبِّ السّماواتِ السَّبع وما فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ورَبِّ الأرَضينَ السَّبع وما فيهنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبِّ العَرشَ العظيمِ ، والحَمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، وتَباركَ اللهُ أحَسنُ الخالقينَ ، ولا حَولَ ولا قُوّة إلاّ بالله العَلي العَظيم.

اللّهُمَّ ألبسني العافية حتى تهنيني المعيشة ، واختم لي بالمغفِرة حَتى لا تَضُرنّي مَعَهَا الذُّنوبُ ، واكفِني نَوائِبَ الدُّنيا وهُمُومَ الآخِرَة حَتّى تُدخلني الجَنَّةَ بِرحَمتِكَ أنّكَ على كُلّ شَيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إنّكَ تَعَلم سَريرَتي فاقبَل مَعذِرتي ، وتَعلَمُ حاجَتي فَاعطِني مَسألَتي ، وتَعلُم ما في نَفسي فَاغِفر لي ذُنوبي ، اللّهُمَّ أنتَ تَعلَمُ حوائِجي وتَعَلمُ ذُنُوبي. فَاقضِ لي جَميعَ حَوائِجي ، واغفِر لي جَميعَ ذُنوبي.

اللّهُمَّ أنتَ الرَبِّ وأنا العَبدُ ، وأنتَ المالِكُ وأنا المَملُوكُ ، وأنتَ العزيزُ وأنا الذَّليلُ ، وأنتَ الحَيُّ وأنا خَلَقتَني للمِوتِ ، وأنتَ القَويُّ وأنا الضَّعيفُ ، وأنتَ الغَنيُّ وأنَا الفَقيرُ ، وأنتَ الباقي وأنا الفاني ، وأنتَ المُعطي وأنا السائِلُ ، وأنتَ الغَفُورُ وأنَا المُذنِبُ ، وأنتَ السَّيّدُ وأنا العَبدُ ، وأنتَ العالِمُ وأنَا الجاهِلُ ، عَصَيتُكَ بِجَهلي ، وارتَكَبتُ الذُّنوبَ بِجَهلي ، وألَهْتني الدُّنيا بِجَهلي ، وسَهَوتُ عَن ذِكرِكِ بِجهَلي ، وركَنتُ [ إلى ] الدُّنيا بِجَهلي ،

٢٤٩

واغتَررتُ بِزينَتها بِجهلي ، وأنتَ أرحَمُ بي مني بِنفسي ، وأنتَ أنظر لي مِنّي لِنفسي ، فَاغفِر وارحَم وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، فإنّكَ أنتَ الأعَزُ الاكرمُ.

اللّهُمَّ اهدِني لأِرشَدِ الأُمور وقِني شَرَّ نَفسي. اللّهُمَّ أوسِع لي في رِزقي ، وأمدُد لي في عُمري ، واغفِر لي ذُنوبي ، واجعَلني ممَّن تَنتصِرُ به لِدينِكَ ولا تَستبدِل بي غَيري ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا حَيُّ يا قَيوُّمُ ، فرِّغ قلبي لِذِكرِكَ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السّبعِ وما بَينهُنَّ ، ورَبِّ [ السبع ] المَثاني والقرآنِ العَظيم ، ورَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ ، ورَبِّ المَلائِكةِ أجمعَين ، ورَبِّ مُحمّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ والمُرسَلينَ أجمعينَ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ واغنني عَن خِدمَةِ عِبادِكَ ، وفَرّغني لِعبادَتِكَ باليسار والكِفايةِ والقنوعِ وَصدقِ اليَقينِ في التّوكُلّ عَليكَ.

اللّهُمَّ [ و ] أسألُكَ باسمكَ الَّذي تَقُومُ به السّماواتِ السَّبع ومَن فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ، وبه تَرزُقُ الأحياءَ ، وبه أحصَيتَ وزنَ الجِبالِ ، وبِه احصيتَ البحار ، وبه أحصَيتَ عَددَ الرّمالِ ، وبه تُمتِ الأحياء ، وبه تُحيي المَوتى ، وبه تُعزُّ الذَليلَ ، وبه تُذِلُّ العزيزَ ، وبِه تَفعَلُ ما تَشاءُ ، وبه تَقُولُ للشيء :كن فيكون ، وإذا سألك به سائل اعطيته سؤله ، أسألُكَ باسمك الأعظَمِ الأعظَمِ ، الَّذي إذا سَألكَ به السائِلونَ أعطَيتَهُم سُؤلَهُم ، وإذا دَعاكَ به الدّاعُونَ أجَبتَهُم ، وإذا اسَتجارَ بِكَ المُستَجيرُونَ أجَرتَهُم ، وإذا دَعاكَ به المُضطرُّون أنقَذتَهُم ، وإذا تَشَفّعَ به إليكَ المُتَشفّعونَ شَفَعتَهُم ، وإذا

٢٥٠

استَصرخَكَ به المُستصرخُونَ أصرَخَتهُم ، وإذا ناجاكَ به الهارِبُونَ إليكَ سَمِعتَ نِداءهُم وأعنتَهُم ، وإذا أقبلَ إليكَ التّائِبونَ قَبلتَ تَوبتَهُم.

فَأنَا أسألُكَ ـ يا سَيَّدي ويا مَولاي ويا إلهي ويا قُوّتي ويا رَجائي ويا كَهفي ويا رُكني ويا فَخري ، ويا عِدَّتي لِديني ودُنيايَ وآخِرَتي ـ بِاسمكَ الأعظَمِ ، وأدعُوك بِه لِذَنبٍ لا يَغفِره غَيرُكَ ، ولِكربٍ لا يَكشِفُهُ سِواكَ ، ولِضُرّ لا يَقدِرُ عَلى إزالَتِهِ عَنّي إلاّ أنتَ ، ولِذنُوبي التي بارَزتُكَ بِها ، وقَلَّ مِنها حَيائي عِندَ ارتكابي لَها ، فَها أنا قد أتَيتُكَ مُذنباً خاطِئاً ، قَد ضَاقَت عَلَيّ الأرضُ بِما رَحُبت ، وضَلّت عَنَّي الحيلُ ، وعَلِمتُ أن لا مَلجأ ولا مَنجاً مِنكَ إلاّ إليكَ ، وها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ ، قَد أصبحتُ وأمسيتُ مُذنِباً خاطِئِاً ، قد ضاقَتَ عَليّ الأرضُ ، فَقير ( محتاجاً )(١) ، لا أجِدُ لِذَنبي غافِراً غَيرَكَ ، ولا ( لِكَسري )(٢) جابراً سِواكَ ، ولا لِضُرّي كاشِفاً إلاّ أنتَ. وأنا أقُولُ كما قالَ عَبدُكَ ذُو النّوُنِ حينَ تُبتَ عَلَيهِ ونَجَيتهُ من الغَمِّ ، رَجاءً أن تَتوُبَ عَلَيَّ وتُنقِذُني من الذُّنوبِ يا سَيّدي( لا إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٣) .

وأنا أسألُكَ يا سَيّدي ومَولايَ بِاسمِكِ العَظيم الأعظمِ أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وأن تُعطِيني سُؤلي ، وأن تُعجِّل لي الفَرَجَ من عِندِكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : محتالاً ، وفي نسخة « ن » : محتلاً ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي.

(٢) في نسخة « ك » : لشكواي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٣) الانبياء ٢١ : ٨٧.

٢٥١

بِرحَمتِكَ في عافيةٍ ، وأن تُؤمِنَ خَوفي في أتَم النّعمةِ ، وأعظَمِ العافيةِ ، وأفضَلِ الرزقِ والسّعة والدَّعَةِ ، وما لَم تَزَلْ تُعَوِّدنيهِ يا إلهي ، وتَرزُقَني الشّكرَ عَلى ما تُؤتيَني ، وتَجعَلَ ذلِكَ تاماً أبَداً ما أبقَيتَني ، وتَعفُو عن ذُنوبي وخَطايايَ وأسرافي عَلى نَفسي وإجرامي إذا تَوَفيَتني ، حتى تَصِلَ لي سَعادَةَ الدُّنيا بِنَعيم الآخِرَةِ.

اللّهُمَّ بِيدِكَ مَقاديرُ اللَيل والنَّهار ، وبِيدِكَ مقاديرُ الشمسِ والقَمر ، وبيدِكَ مَقاديرُ الخَير والشَّرِّ ، اللّهُمَّ فَباركَ لي في ديِني ودُنيايَ وآخِرَتي ، اللّهُمَّ وباركَ لي في جَميع أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدكَ حَقٌ ، ولِقاؤُكَ حَقٌ ، فَصَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ ، وَاختِمْ لي أجَلي بافضَلِ عَمَلي ، حَتّى تَتَوفّاني وقَد رضَيتَ عَنّي يا قيّومُ ، يا كاشِفَ الكَربِ العَظيمِ ، صَلَّ على مُحمّدٍ وآله ، وَوسِّع علَيّ مِن طيب رِزقكَ حسب جودِكَ وكَرَمِكَ.

اللّهُمَّ أنّكَ تَكَفَّلتَ بِرِزقي ورِزقِ كُلّ دابةٍ ، يا خَيرَ مَدعُوٍ ، ويا خَيرَ مَسؤولٍ ، يا أوسَعَ مُعطٍ وأفضَلَ مَرجُوٍ ، وسِّع لي في رِزقي ورِزقِ عَيالي.

اللّهُمَّ اجَعلْ فيما تَقضي وفيما تقدِّرُ من الأمرِ المَحتوم ، وفيما تَفرِقُ مِن الأمِر الحكيمِ في لَيلَةِ القَدر ، في القَضاءِ الَّذي لا يُردُّ ولا يُبدَّلُ ، أن تُصلّيَ عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآل مُحمّدٍ ، وأن تُبارِكَ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، كما صَلَّيتَ وباركَتَ وتَرَحَّمت عَلى إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَكتُبَني من حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجهُّمُ ،

٢٥٢

المَشكور سَعيُهُم ، المَغفور ذُنُوبهُم ، المُكفَّر ( عَنْهُم )(١) سَيّئاتِهِم ، الواسِعةِ أرزاقُهُم ، الصحيحةِ أبدانهُم ، المُؤمِنَ خَوفَهُم ، واجعَل فيما تقضي وفيما تَقدِرُ أن تَطّوّلَ عُمري ، وأن تَزيدَ في رِزقي. يا كائِناً قَبلَ كُلّ شَيء ، يا مكون كُلّ شيءٍ ، يا كائناً بعد كُلّ شيءٍ ، تَنامُ العُيونُ ، وتَنكِدرُ النُّجومُ وأنتَ حَيٌّ قَيّومٌ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِجلالِكَ وحِلمِكَ ، ومَجدِكَ وكَرَمِكَ ، أن تُصلّي عَلى مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، وأن تَغفِرَ لَي ولِوالدِيَ ، وتَرحَمهُما رَحَمةً واسِعَةً ، أنّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ ما تشاءُ يَكنُ من أمرٍ ، ان تَغفِرَ لي ولإخوإنّي من المُؤمنينَ ( وَالمؤمنات )(٢) أنّكَ رَؤُفٌ رحَيمٌ.

الحَمدُ لله الَّذي اشَبعَنا في الجائِعينَ ، والحَمدُ للهِ الَّذي كَسانا في العارينَ ، والحمدُ للهِ الَّذي آوانا في الغائِبين ، والحَمدُ للهِ الَّذي أكرمَنا في المُهانينَ ، والحَمدُ لله الَّذي آمننا في الخائِفين ، والحَمدُ لله الَّذي هَدانا في الضّالينَ. يارَجاءَ المُؤمِنينَ لا تُخيَّبَ رَجائي ، يا غِياث المُستغيثينَ أغِثني ، يا مُعينَ المُؤمنينَ أعِنِّي ، يا مُجيب التَّوابين تُبْ عَلَيّ ، أنّكَ أنتَ التَوابُ الرَّحيمُ.

حَسبِيَ الرَبِّ من العِبادِ ، حَسبِيَ المالِكُ من المَملُوكينَ ، حَسبيَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « ن » وما تقدم من الرواية الأولى في نسخة « ك ».

(٢) اثبتناه من نسخة « ن ».

٢٥٣

الخالِقُ من المَخلُوقينَ ، حَسبِيَ الحَيُّ الَّذي لا يَموتُ ، حَسبِيَ الرّازقُ من المَرزُوقينَ ، حَسبيَ الَّذي لَم يَزَل حَسبَي مُذ كنتُ حَسبِيَ اللهُ ونعِمَ الوكيلُ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكَبرُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر كَثيراً مُبارَكاً فيهِ من أوَّلِ الدَّهِر إلى آخِر الدَّهِر. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَبِّ كُلّ شَيءٍ وراحِمَهُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ الَّذي لا حَيَّ مَعَهُ في دَيمُومَةِ بَقائِهِ ، قَيُّومٌ قَيُّومٌ ، لا يَفُوتُ شَيءٌ عِلمَهٌ ، ولا يَؤدُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الباقي بَعدَ كُلّ شَيءٍ وآخِرهِ ، دائِمٌ بِغيرِ فَناءٍ ولا زَوالٍ لِملكِهِ ، الصَّمَدُ في غَيرِ شبهٍ فلا شَيءَ كَمِثلِهِ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ لا شَيءَ كُفُوهُ ولا مُداني لِوَصفِهِ ، كَبيرٌ لا تَهتَدي القُلوُبُ لِكُنهِ عَظَمتِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ البارئُ المنشئُ بِلا مِثالٍ خَلا من غَيرِهِ ، الطاهِرُ من كُلّ آفَةٍ بِقدسِه. لا إلهَ إلاّ اللهُ ( الكافي المُوسِع لِما خَلَقَ من عَطايا خَلقِهِ من فَضلِه )(١) ، النَّقيُّ من كُلّ جَورٍ لَم يَرضَهُ ولَم يُخالِطهُ فِعالهُ. لا إلهَ إلاّ الله الَّذي ( وَسِعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعِلماً )(٢) المَنّانُ ذَا الإحسانِ قَد عَمَّ الخَلائِقَ مَنُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ دَيّانُ العِبادِ وكُلٌّ يَقُومُ خاضِعاً من هَيبتهِ ، خالِقُ ما في السّماواتِ والأرضِ وكُلٌّ إليهِ مَعادُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَحيمُ كُلّ صَارخٍ وَمَكروبٍ وغِياثُهُ ومَعَاذُهُ ، يا رَبي فَلا تصِفُ الألسُنُ كُلّ جَلالِ مُلكِكَ وعِزِّك.

__________________

(١) لم ترد العبارة في نسخة « ن » ، وفي نسخة المجلسي ومهج الدعوات : ٣٠٥ : الكافي الموسع لما خلق من عطايا فضله. وفي العدد القوية : ٣٦٨ : الموسع في عطايا خلقه من فضله.

(٢) في نسخة « ك » : وسعت رحمته ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٤

لا إلهَ إلاّ اللهُ البَديعُ البَرايا لَم يَبغِ في إنشائِها عَوناً من خَلقِهِ ، وعَلاّمُ الغيوبِ فَلا يَفُوتُ شَيئاً حِفظُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ المَعيدُ ما بَدأ إذا بَرَزَ الخَلائِقُ لِدَعوتِهِ من مَخافَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المَنيعُ الغالِبُ في أمرهِ فَلا شَيء يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَميدُ الفَعّالُ ذُو المَنّ عَلى جَميعِ خَلقِهِ.لا إلهَ إلاّ اللهُ ذُو البَطشِ الشَّديدِ ، الَّذي لا يُطاقُ انتِقامُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العالي في ارِتفاعِ مَكانِهِ فَوقَ كُلّ شَيءٍ قَوَّتُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجبَّارُ المُذِلُّ كُلّ شَيءٍ بِقَهرِ عِزّهِ وسُلطانِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ نورُ كُلّ شَيءٍ وهَدَاهُ لا إلهَ إلاّ اللهُ القُدُّوسُ الظاهِرُ عَلى كُلّ شَيء فَلا يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المُجيبُ المُتدانّي دُون كُلّ شَيء قربُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَليُّ الشامخُ في السّماءِ فَوقَ كُلّ شيءٍ إرتِفاعُ عُلّوه. لا إلهَ إلاّ اللهُ المبدئ البَرايا وَمُعيدها بَعدَ فَنائها بِقُدرَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجَليلُ المُتَكَبِّرُ على كُلّ شَيءٍ فَالعَدلُ أمره والصِدقُ وعدُهُ.

لا إلهَ إلاّ اللهٌ المَحموُدُ الَّذي لا تَبلُغُ الأوهامُ كُلّ ثَنائِهِ ومَجدِهِ. ولا إلهَ إلاّ اللهُ الكَريمُ العَفُوُّ الَّذي وَسِعَ كُلّ شَيءٍ عَفُوهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ الكَريمُ فلا يَذِلُ عِزُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَجيبُ فلا تنطِقُ الألسُنُ بكُلّ آلائِهِ وثنائِهِ ، وهُوَ كما أثنى على نَفسهِ ووَصفها بِه : اللهُ الرَّحمانُ الرِّحيمُ ، الحَقُّ المُبينُ ، البرهانُ العظيمُ ، اللهُ العَليمُ الحَكيمُ ، اللهُ الرَبُّ الرَّحيمُ ، اللهُ السُّلام المُؤمِنُ المُهيمنُ ، العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ ، اللهُ المُصوِّرُ الوِترُ النُّورُ

٢٥٥

وَمنه النور ، اللهُ الحَميدُ الكَبير لا إلهَ إلاّ اللهُ عَلَيهِ تَوكَلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العظيمِ(١) .

اليوم الثلاثون :

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ واشرَح صَدري للإسلامِ ، وزَيّني بالإيمان ، والبِسني التَقوى ، وقِني عَذابَ النَّارِ. تَقُولُ ذلكَ سَبعَ مراتٍ ثُمَّ تَسألُ رَبّكَ حاجَتَكَ.

اللّهُمَّ أنتَ هُوَ يا رَبِّ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، أسألُكَ بِاسمِكَ الأعظَمِ الَّذي لا إلهَ إلاّ هَو الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تَأخُذُكَ سِنةٌ ولا نَومٌ ، لكَ ما في السّماواتِ وما في الأرضِ ، ولا يَؤُدُكَ حِفظُهُما وأنتَ العَليُّ العَظيمُ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلِهِ في الأوَّلينَ ، وأن تُصلِّي عَلى مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرينَ ، وأن تُصَلِّي على مُحمّدٍ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلِّي عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ بَعدَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في اللَيل إذا يَغشى ، وأن تصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في النَّهارِ إذا تَجلّى ، وأن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرة والأُولى ، وأن تُعطَيني سُوءلي في جَميعِ ما أدعُوكَ به لِلآخِرِة والدُّنيا.

يا حيُّ حينَ لا حَيُّ ، قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وقَبلَ كُلِّ أحَدٍ ، ويا حَيُّ بَعدَ كُلّ حي ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، يا قَيوُّمُ بِرحمتِكَ أستغيثُ ، صَلِّ علَى مُحمّدٍ وآلِهِ ،

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٦٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨.

٢٥٦

وأصلِح لي شَاني وأسبابي ، ولا تَكلني إلى نَفسي طَرفَةَ عَين أبَداً.

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ الرَّحمانِ الرَّحيم لا شريكَ لَهُ ـ تقولُ ذلِكَ أربَعَ مرّاتٍ ـ يا رَبِّ أنتَ لي ( رَحِيمٌ )(١) يا رَبِّ فَكُنَ لي رُكناً معي ، أسألُكَ يا رَبِّ بما يَحمِلُ العَرش من عزِّ جَلالِكَ أن تَفعَلَ بي ما أنتَ أهَلُهُ ، فَإنَّكَ أهَلُ التَقوى وأهلُ المَغفِرَةَ.

اللّهُمَّ إنّي أحمدُكَ حمَيداً ، وأتَوكلُّ عَليكَ وحَيداً ، وأستَغفِرُكَ فَريداً ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ شَهادة اُفني بِها عُمري ، والقى بها رَبي ، وأدخِلُ بها قَبري ، وأخلو بها ( في وحَدتي )(٢) .

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ ، وتَرك المُنكراتِ ، وحُبَّ المَساكينَ ، وأن تَغفِرَ لي وتَرحَمَني ، وإذا أردَتَ بِقومٍ فِنتَة أن تَتَوفّاني إليكَ وأنا غَيرُ مَفتونٍ ، وأسألُكَ حُبَّكَ وحُبَّ من يُحبُّكَ ، وحُبّاً يُقرِّبُ من حُبِّكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ ، واجعَل لي من الذُّنوب مَخرَجاً ، ومن اُموري فَرَجاً ، واجَعل لي إلى كُلّ خَيرٍ سَبيلاً. اللّهُمَّ إنّي خَلقٌ من خَلقِكَ ، ولِخَلقٍ من خَلقِكَ قبلي حُقوقٌ ، ولي فِيما بَيني وبَيَنكَ ذُنُوبٌ ، اللّهُمَّ فَارض عَنّي خلقِكَ من حُقوقِهِم ، وهَب لي الذُّنوبَ التي بَيني وبَينَكَ ، اللّهُمَّ واجعَل فيَّ خَيراً تجَده فآنّكَ إلا تَجعَلهُ لا تَجِدهُ عنِدي. اللّهُمَّ خَلقتَني كَما أردتَ فاجعَلني كَما تُحبُّ ، اللّهُمَّ اغفِر لَنا وعافِنا ، وارحَمنا واعفُ عَنَّا ،

__________________

(١) اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : وحدي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٧

وارضِ عَنّا وَتَقبَّلِ مِنّا ، وادخِلنَا الجَنَّةَ ونَجّنا من النّارِ ، واصلِح لَنا شَأنَنا.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد النِّبيّ الاُميّ ، الطَّيبِ المُبارَكِ ، نَبّي الرِّحمةِ ، كَما أمرتَنا أن نُصلّي عَليهِ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى النّبي الاُميّ عَدَدَ مَن صَلّى عَليهِ ، وَعَددَ مَن لَم يُصَلِّ عليهِ. اللّهُمَّ رَبِّ البَيتِ الحرامِ ، ورَبِّ الركن والمَقامِ ، وَرَبِّ المَشعرِ الحَرامِ ، ابلِغ رُوحَ مُحمّد مِنّا السُّلام ، وعَليهَ السُّلامُ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، وعلى أهِل بَيتِهِ الطَّيبينَ الطاهِرينَ المُصطَفينَ الأخَيارِ ، ولا حولَ ولاقُوةَ إلاّ باللهِ العَليّ العَظيمِ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٧٧ بزيادة فيه. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٢٤ باختلاف فيه.

٢٥٨

الفصل الثاني والعشرون

في رواية أخرى بتعيين أيّام الشّهور

وما فيها من وقتِ السُّرور والمحذور.

حدّثنا أبو نصر مُحمّد بن أحمد بن حمدون الواسطي ، قال : حدَّثنا أبو الفرج مُحمّد بن علي القنّاني ، قال : حدثنا أحمد بن مُحمّد بن موسى ، قال : حدَّثنا مُحمّد بن علي بن معمرٍ الكوفي ، قال : حدَّثنا علي بن مُحمّد الزّاهد ، قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، قال : قال جعفر بن مُحمّد صلوات الله عليه وقد سُئل عن اختيارات الأيام فقال :

اليوم الاول من الشهر

خَلَقَ الله فيه آدَمَ صلى الله عليه ، وهو يومٌ صالحٌ مَسعودٌ ، خاطِب فيه السُّلطان ، وتَزوّج ، واسرع في حَوائجِك ، واعمَل فيه كُلّ ما تُريده من طلب الحَوائج وغيرها(١) .

اليوم الثاني من الشهر

تزوّج فيه ، وائتِ أهلِكَ من السَّفَرِ ، واشتر ، فيه وبع ، واطلُب فيه حَوائجك ، واتَّقِ فيه أعمال السُّلطان ، وابتَغِ واطلُب فيه الحوائج ، فإنَّه يومٌ موافقٌ لذلكَ(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٦ / ٩ باختلاف.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٧ / ١٤ صدره.

٢٥٩

اليوم الثالث من الشهر

يوم نَحس ، لا تأتِ فيه السُّلطان ، ولا تشترِ فيه ولا تَبع ، ولا تَطلُب فيه ، واتّقِ فيه أعمال السّلطان ، ففيه سُلبَ آدم وحوّاءعليهما‌السلام لَباسهما(١) .

اليوم الرابع من الشهر

ولد فيه هابيل بن آدمعليهما‌السلام ، وهو يوم صالحٌ للتزويج ، وطلب الصيّد ، ومَن يولد فيه يكون ما عاش صالحاً ، ولا تُسافر فيه فإنّ من سافر فيه يُسلبُ(٢) .

اليوم الخامس من الشهر

ولد فيه قابيل بن آدم وكان ملعوناً ، وهو اليوم الَّذي قتل فيه أخاهُ ودعا بالويل والثّبور على أهله وأدخل عليهم البكاء ، وهو يوم سوء ملعونٌ(٣) .

اليوم السادس من الشهر

جَيّد ، ليس فيه بؤس ، يَصلحُ للتّزويج وللصّيد ولطلب المعاش ، وكُلّ حاجة تريدها(٤) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٨ / ١٩ باختلاف فيه.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٩ / ٢٤ باختلاف فيه.

(٣) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٢٩ باختلاف فيه.

(٤) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٣٤ باختلاف فيه.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377