الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد13%

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 440

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131241 / تحميل: 6172
الحجم الحجم الحجم
الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

اللازم باطل ويكون طمساً لثوابت الشريعة، وهذا هو الذي أُشير إليه فيما سبق: من أنّ الفقيه - سواء الفقيه في الفتوى، أو في الحكم السياسي، أو القضائي، أو أيّ جانب من الجوانب - يجب أن لا يتوسّل كثيراً باستثنائيّات القانون، أي: بالعناوين الثانويّة في جنبة الحكم، أو يوقِع عامّة المكلّفين في المحاذير الشرعيّة، من قبيل: التزاحم في الملاك، أو حتّى التزاحم الامتثالي(١) ، فضلاً عن التوسّل بالعناوين الثانويّة في جنبة الحكم.

أي يجب أن ينتبه إلى إرشاد المكلّفين بسياسيّة الفتوى والحكم، بحيث لا تصل النوبة إلى الأبواب الاضطراريّة المزبورة، وإلى وجود المندوحة والفرجة عن التوسّل بالاضطرار، بل ينتبه إلى وجود المَنفَذ عن تصادم وتنافي الأحكام وحصول المجال والأرضيّة؛ لإقامة كلّ حكم في مورده من دون تنافيه مع امتثال وأداء الحكم الآخر، فيبتعد ويحذر عن المسارعة إلى فرض صور الاضطرار والحرج والإكراه.

وليس المراد أنّ التزاحم الامتثالي، أو الملاكي، أو التوسّل بالعناوين الثانويّة في جنبة الحكم ليست بمقنّنة، بل قُنّنت هذه من أجل أن يستفاد منها أقلّ القليل، لا أنّها قُنّنت حتّى يستفاد منها بنحو الدوام، بحيث تؤول وتعود حكماً أوّليّاً وتبقى الأحكام الأوّليّة معطّلة وجامدة.

____________________

(١) الفرق بين التزاحم الملاكي والامتثالي: هو أنّ في التزاحم الملاكي يكون هناك تصادق بين المتزاحمَين في وجود واحد، كاجتماع الأمر والنهي، مثل: صلّ ولا تغصب.

أمّا التزاحم الامتثالي: فلا يتحقّق تصادق بين المتزاحمَين في وجود واحد، مثل: وجوب تطهير المسجد مع وجوب الصلاة.

١٢١

فمن ثُمّ يمكن المحافظة على الثوابت بهذه الوسيلة، وهذا ليس بمحذور، إذ المفروض أنّ جنبة الشعائر الدينيّة المستجدّة المستحدَثة - المتّخذة من قِبَل المكلّفين - هي جنبةٌ تطبيقيّة كما بيّنا، فهي - في الواقع - نوع من المحافظة على الشموليّة الشرعيّة؛ لأنّ كلّ ما قَصد وصمّم المتشرّعة تطبيق تلك العناوين والقضايا التي أتى بها الشرع، فهذا نوع من إحياء الشريعة وعدم طمسها واندراسها.

والعكس هو الصحيح، فبدلَ أن يكون هذا محذوراً على اتّخاذ الشعائر، فهو في الواقع دليلاً على صحّتها لإحياء وانتشار الدين.

فتبيّن مِمّا مرّ أنّ أدلّة الطائفة الأولى من الآيات التي اشتملت على لفظة الشعائر - شعائر الله - مثل:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ، هي أيضاً من العمومات الباقية على عمومها، كقضايا شرعيّة وردت في النصوص القرآنيّة أو الروائيّة على حقيقتها اللغويّة، كما هو حال الطائفة الثانية من الأدلّة.

وما ورد من تطبيقها على مناسك الحجّ مثلاً، فهو من باب تطبيق العام على الخاص، لا من قبيل التحديد والحصر.

الدليلُ الاعتراضي الرابع والجواب عنه

يبقى دليل رابع للقائل: بأنّ قاعدة الشعائر الدينيّة حقيقة شرعيّة، وهو أنّ الشارع قد طبّق هذه القاعدة في بعض المصاديق، مثل:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ، مِمّا يعني أنّ هذا المضمون الفوقاني يحتاج في التنزّل إلى جعل الشارع، وبعبارة أُخرى، فقد أشرنا سابقاً أنّ بعض العمومات الفوقانيّة - سواء

١٢٢

الوضعيّة أو الشرعيّة - تنزّلها ليس قهريّاً تطبيقيّاً، بل تحتاج إلى تنزّل جعلي تطبيقي، مثل:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ.. ) ، أمّا كيف نتبيّن مواضع العدل، فلابدّ من معرفة للحقوق المختلفة من قِبَل الشارع نفسه، وأيّ مورد هو أداء لحقّ الغير، وأيّ مورد ليس بهذا النحو؟ وإلاّ فإنّ العمل بعموم( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ.. ) من غير معرفة مواضع العدل من الشارع لا يكون جائزاً.

فإذاً، في تلك العمومات الفوقانيّة التي لا يمكن أن تتنزّل قهريّاً وعقليّاً على المصاديق، لا يمكن للفقيه أن يستدلّ بها على المطلوب؛ لأنّ المفروض أنّها عمومات فوقانيّة تحتاج في التنزّل إلى جعل شرعي أيضاً، وإلى تشريع آخر تطبيقي من الشارع(١) .

____________________

(١) كما مثّلنا سابقاً بالمواد الدستوريّة، إذ لا يمكن لرئيس الوزراء أن يتمسّك بها في التنفيذ، حيث يقال: لابدّ من مجلس نيابي يُنزّل هذه المادّة الدستوريّة ثُمّ يتمّ العمل بها، ثُمّ إنّ موظف الوزارة أو شُعبة من الوزارة هل يمكن أن يعمل بمادّة نيابيّة قانونيّة تصدر من المجلس النيابي؟ كلاّ، فإنّه يخطّأ في ذلك، بل لابدّ من أن يأخذ رئيس الوزراء، أو الوزير المعيّن المادّة ويُنزّلها إلى مواد وزاريّة أُخرى تنزّليّة، ثُمّ بعد ذلك يمكن لمدير الشُعبة الإداريّة أن يعمل بتلك المادّة النيابيّة، أو المادّة الوزاريّة التي نُزّلت.

وكذا لو أنّ أحداً من عامّة الناس عملَ بمادّة من المجلس النيابي، فإنّه يُخطّأ ويُحاسب على ذلك؛ لضرورة صدور تلك المادّة القانونيّة النيابيّة بتوسّط الشُعب الوزاريّة كي يستطيع عوام المكلّفين أن يعملوا بها.

وهذا الذي نراه من طبيعة القوانين ليس مخصوصاً بالقوانين الوضعيّة، هذا هو من الماهيّات الأوّليّة لنفس لغة القانون وطبيعة التقنين أو طبيعة عالَم الاعتباريّات.

فمن الماهيّات الأوّليّة والاعتباريّات في عالَم القانون والتشريع: أنّ بعض العمومات فيه لا تتنزّل إلاّ بجعلٍ وتشريع من الشارع.

١٢٣

فمِن الحريّ والجدير أن تكون قاعدة الشعائر الدينيّة كذلك أيضاً؛ لأنّنا رأينا أنّ الشارع قد جعلَ البُدن من شعائر الله، مِمّا يشير إلى أنّ الشعائر وإن كانت عمومات قد تعلّق الأمر بها، لكن هي من العمومات الفوقانيّة من النمط الثاني التي يحتاج في تنزّله إلى جعول تشريعيّة، وإلى تشريعات تنزّليّة، لا أنّها تتنزّل قهريّاً، مثل بقيّة العمومات الأخرى، وهذا هو الدليل الرابع على أنّ قاعدة الشعائر الدينيّة قاعدة توقيفيّة شرعيّة، وإنّها حقيقة شرعيّة.

ولكنّ هذا الاستدلال يمكن الإجابة عليه بما يلي:

إنّ كثيراً من العمومات ليست قطعاً عمومات من النمط الذي يحتاج في تنزّله إلى جعول تطبيقيّة بنمط الحقيقة الشرعيّة، أي الاعتبار الشرعي المُغاير للاعتبار الوضعي العقلائي أو العُرفي، من قبيل: الصلاة الفاقدة للسورة نسياناً، أو الفاقدة لأجزاء معيّنة نسياناً أو خطأً؛ فإنّ الشارع يُصحّحها بقاعدة(لا تُعاد الصلاة إلاّ من خمس) وهي الأركان، أمّا غير الأركان فلا تُعاد الصلاة لأجلها، هذا تصحيحٌ وتصرّف من الشارع لبعض المصاديق.

ومجرّد تصرّف الشارع وتدخّله بجعول تطبيقيّة، ليس دليلاً على كون ذلك العموم لا يتنزّل إلاّ بالتشريع والجعل التطبيقي، الذي هو من نمط الحقيقة الشرعيّة والاعتبار الشرعي دون الاعتبار العقلائي والعرفي، كما هو الحال في البيع والعقود وبقيّة الجعول العرفيّة، بل كثير من العمومات لها مصاديق تكوينيّة وتنزّلات تكوينيّة، لكن مع ذلك قد يتصرّف الشارع لمصلحةٍ ما في تحديد بعض المصاديق، فلا يعني ذلك أنّ الشارع قد جعلَ ذلك العموم عموماً يحتاج إلى تشريع تنزيلي، غاية الأمر أنّه قد أذِن

١٢٤

للعرف والمتشرّعة باتّخاذ بعض المصاديق لإطلاق عنوان الشعيرة على المعنى اللغوي في الأدلّة، كما تقدّم ذلك مفصّلاً.

وأساس هذا الدليل يرتبط بمعرفة ضابطة التوقيفيّة وغير التوقيفيّة؟

باعتبار أنّ التوقيفيّة هي ضابطة من الضوابط الشرعيّة، فأيّ مورد يكون الأمر فيه توقيفيّاً، فيكون اتّخاذ شيء من المتشرّعة فيه بدعاً وتشريعاً.

وما لم يكن المورد توقيفيّاً، فالاتّخاذ من قِبَل المتشرِّعة يكون شرعيّاً، فالتوقيفيّة - إذاً - إحدى العلامات، وإحدى المقدّمات التي تؤثّر في معرفة الشرعيّة عن اللاشرعيّة، أو البدعيّة عن اللابدعيّة، فلابدّ من معرفتها.

وقد يتراءى من كلمات العلماء أنّ القدر المتيقّن من التوقيفات هو العبادات.

وبكلمة موجزة نوضّح الأمر:

هناك عدّة تعريفات تُذكر للبدعة المحرّمة:

منها: هي نسبة ما لم يفعله الشارع إليه.

ومنها: هي النسبة والإخبار عن الشارع بأمرٍ أن تقنين أو حُكم - سواء تكليفيّاً أو وضعيّاً - من دون علم، بل عن شكّ أو جهل أو احتمال، وإن كان في الواقع قد يكون الشارع قد شرّعه، إلاّ أنّ النسبة بغير علم تكون نوعاً من التشريع.

فحصلَ لدينا فرق بين التعريف الأوّل والثاني: في التعريف الأوّل النسبة إلى الشارع ما لم يشرّعه وما لم يقنّنه، لو نُسب قانون ما إلى الشارع وكان الشارع قد شرّعه لم يكن ذلك تشريعاً، وإن كانت النسبة إلى الشارع من دون علم.

١٢٥

بخلاف التعريف الثاني، البدعة: هي النسبة إلى الشارع ما لم يعلم، سواء شرّعه الشارع في الواقع أم لم يشرّعه، وهناك تعاريف أخرى تُذكر للبدعة.

والتوقيفيّة: هي أنّ كلّ ما تريد أن تنسبه إلى الشارع يجب أن يكون موقوفاً على العلم، أو موقوفاً على أنّ الشارع هو الذي قد أنشأه وجعله وحكمَ به، ومن ثَمّ تنسبه للشارع، وليس المقصود النسبة إلى الشارع في مقام الإخبار فقط، بل تعمّ النسبة حتّى موارد التديّن مثلاً: يتديّن أو يُداين الآخرين في المعاملات، أو في العبادات بالمعنى الأعم الشامل لكلّ الإيقاعات والعقود والعبادات.

التديّن أو المداينة بشيء على أنّه من الشارع يحتاج إلى التوقيف مطلقاً، إمّا التوقيف: بمعنى أنّ الشارع يجعله، ومن ثَمّ يتديّن المكلّف به ويداين الآخرين.

أو التوقيف: ومعناه - علاوة على تشريع الشارع وجعله وتقنينه - أنّه ينبغي العلم بذلك، أي لا يتديّن ولا يُداين الآخرين إلاّ بعد علمه بجعل الشارع.

من هنا يتّضح: أنّ التوقيفيّة في قبال الإمضائيّات وما يُكتفى فيه بعدم الردع: هي كلّ أمر تقنيني أتديّن به أو أُداين الآخرين به على أنّه من الشارع، هذا موقوف على الشارع، وليس مخصوصاً بالعبادات فقط، أو على العلم بجعل الشارع، فقاعدة توقيفيّة الأمور ليست مختصّة بالعبادات، بل في كلّ فصل أو باب من التقنين في الشريعة إذا كنتُ أنا أتديّن به، وأُلزم نفسي به أو ألزم الآخرين به، فيما إذا كانت معاملة بالمعنى الأعم - سواء جنبة قضائيّة، أو جنبة الأحوال الشخصيّة، أو جنبة معاملات، أو جنبة عبادات، وفي أيّ فصل، أيّ شعبة من القانون - فيجب أن تكون موقوفة على جعل الشارع، أو أنّها موقوفة على العلم

١٢٦

بجعل الشارع.

فإذاً، قاعدة التوقيفيّة مدارها ومناطها هو التديّن والمداينة على أنّها من الشارع، هذا السلوك التديّني أو الالتزامي أو التبعيّة - التي لا تقتصر على مظهر الأفعال الجارحيّة، بل حتّى الأفعال الجوانحيّة، بل حتّى الاعتقادات - في كلّ أفعال الإنسان المختار إذا كانت على أساس إتّباع الشارع، فتكون موقوفة على جعل الشارع أو على علمه بجعل الشارع.

التوقيفيّة وحدود الديّانة

وقد يُطرح سؤال، فيما إذا كان الإنسان يُداين نفسه أو يُداين الآخرين على أمر معيّن لا على أنّه مجعول من الشارع، فهذا ليس أمراً توقيفيّاً، فهل يكون حلالاً وإن لم يقرّ الشارع بذلك؟

مثلاً: أن يُداين الآخرين بمعاملة جديدة - فَرَضاً - لا يقرّها الشارع (كالذين يتعاملون بالربا - مثلاً - لا يتعاملون على أنّه مجعول من قِبَل الشارع)، أو الذين يتعاملون بمعاملات جديدة لا يقرّها الشارع ولا يمضيها، أو يتعاملون أو يلتزمون فيما بينهم بأمور لا يُقرّها الشارع، وهم أيضاً لا يلتزمون فيما بينهم على أنّها من الشارع، فهذا هل يكون حلالاً وجائزاً، باعتبار أنّه أمر ليس توقيفياً؛ لأنّ ضابطة التوقيفيّة - كما سبق - هي المُداينة والتداين على أنّه أمر من الشارع، فإذا لم يكن مبنيّاً على ذلك فلا يكون أمراً توقيفيّاً، فيكون حينئذٍ مسوّغاً ومشروعاً ولو بالجواز العقلي، وهو مجرى أصالة البراءة، هذا استفسار يُطرح في تعريف التوقيفيّة.

١٢٧

وتوضيح الجواب عن هذا الاستفسار، أن نقول: ليس كلّ مورد غير توقيفي يكون ارتكابه سائغاً وحلالاً وجائزاً، أو أنّه يكون مجرى البراءة، إذ إنّ الأفعال المحرّمة قد ردعَ وزجر ونهى عنها الشارع، سواء كان الفعل فعلاً ساذجاً أو بناءاً تقنينيّاً من العرف العقلائي، وعموم النواهي الشرعيّة ناظرة ومنصبّة على الأفعال الدارجة للصدّ عن وقوعها، سواء كانت ذات وجود تكويني أو كانت ذات وجود اعتباري، كالمعاملات والإيقاعات العرفيّة، وإن لم ينطبق عليها في نفسها أنّها من الأمور التوقيفيّة، لا فعلها ولا تركها.

فلو فُرض استحداث معاملة جديدة قانونيّة، ولم تكن مُمضاة من الشارع بتوسّط العمومات، وبالتالي سوف تكون مندرجة تحت النهي العام، مثل:( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ثُمّ جرى التعامل بها، وأخذنا نُداين بعضنا البعض بممارستها، فهذا البناء المعاملي محرّم، لكنّ حرمتها ليس من باب البدعيّة؛ لأنّنا لا نتداين بها على أنّها مجعولة من قِبَل الشارع، فنكون قد تخطّينا ما هو توقيفي، فليس تحريمها من جهة تخطّي وتجاوز ما هو توقيفي؛ إنّما تحريمها ناشئ من مخالفة النهي عن الأكل بالباطل، ولو بُني على الالتزام بمنهاج القوانين الوضعيّة في المعاملات عموماً، لكان من باب التديّن بغير دين الله، وهذا بحث آخر.

كما لو أراد الإنسان أن يتّبع قانوناً معيّناً في كلّ أبوابه وبنوده لم يرد فيها شيء من الله عزّ وجل، وأن يتّبعه ويتقيّد به لا على أنّه من الشارع، بل على أنّنا وضعناه بأنفسنا، فالحرمة هنا من جهة أخرى: وهي التديّن والاتّباع لمَا ليس تشريع من الله عزّ وجل، فليس كلّ ما هو محرّم ناشئاً من تخطّي وتجاوز الأمر

١٢٨

التوقيفي، بل قد يكون الشيء تقنيناً ونوعاً من الإنشاء التقنيني والاتخاذي والوضعي، وهو حرام من باب التديّن بغير دين الله.

الخُلاصة:

المُداينة والتديّن والاتّخاذ والإنشاء والتقنين قد يكون تشريعاً، وهو بدعة وحرام، وقد يكون تقنيناً ومُداينة، فهو حرام، لكنّ حرمته ليست من باب التشريع والبدعة، ولا من باب تجاوز الأمور التوقيفيّة.

فإذاً، قاعدة توقيفيّة الأمور وإنّها بيد الشارع لها مدار ومجال معيّن، وهي المداينة سواء لنفسه أو للآخرين على شيء على أنّه من قِبَل الشارع، من دون علم أو من دون تشريع الشارع، فالأمر التوقيفي: هو أن لا تتديّن ولا تُداين بشيء، سواء في العبادات أو في المعاملات بالمعنى الأعم، وسواء في الفقه الفردي، أو في الفقه الاجتماعي من دون إيقاف من قِبَل الشارع على ذلك التقنين.

والإيقاف على ذلك التقنين: يعني إنشاء الشارع لذلك وإعلامه لك بذلك، المتقوِّم بالتشريع من قِبَل الشارع وأن يُعلمه بذلك.

والسرّ في أنّ كلمات كثير من الفقهاء تقتصر في قاعدة توقيفيّة الأمور على العبادات، لا بغرض حصرها في العبادات، بل لكونها في العبادات واضحة وجليّة، أي من باب ذِكر أوضح المصاديق، وإنّ العبادات - بلا ريب - توقيفيّة، والمعاملات أيضاً إذا ارتُكبت على أنّها شرعيّة فهي أمر توقيفي يجب أن يؤخذ من الشارع، كي يتديّن به على أنّه من الشارع وعلى أنّه من دين الله، وإلاّ سيكون تجاوزاً للأمور التوقيفيّة، وبالتالي يصدق عليه أنّه بدعة أو تشريع.

١٢٩

فالاعتراض بقاعدة الأمور التوقيفيّة للاستدلال على أنّ قاعدة الشعائر الدينيّة حقيقة شرعيّة ليس في محلّه؛ لأنّ الشارع قد أوقَفنا على تشريع مثل هذه الشعائر، غاية الأمر أنّه وردَ بعناوين عامّة وهي إتمام نور الله، وإعلاء أحكام الدين، ولا ريبَ أنّ هذه من الأمور التي لو طُبّقت ونُفّذت لكانت من أوضح العوامل لنشر أحكام الدين؛ لأنّ نشر سيرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - من باب المثال - التي هي أحد الشعائر الدينيّة، هي نوع من نشر الأحكام الدينيّة والمعالم الدينيّة.

فلا يكون اتّخاذ الشعائر المستجدّة أو المستحدَثة مخالِفة لقاعدة التوقيفيّة للأمور، ولذلك قلّما يستعمل الفقهاء قاعدة توقيفيّة الأمور في المعاملات، بخلاف باب العبادات.

إذ في باب المعاملات، تتوفّر عناوين عامّة قابلة للتنزّل ولتغطية كلّ المستجدّات الموضوعيّة بقيود وشروط مهذّبة للظواهر والحالات الماليّة، فلا يكون اتّخاذها نوعاً من التجاوز على قاعدة توقيفيّة الأمور.

بخلاف باب العبادات، حيث لا يوجد فيها عمومات قابلة للتنزّل في كلّ الأحوال والظروف المختلفة، مثل: صلّوا بكلّ زلفة وخضوع، أو زكّوا بكلّ قدر، أو حجّوا بأيّ إفاضة وزيارة.

وإنّما هي محدّدة بأجزاء وشرائط وقيود خاصّة، ومن ثُمّ لا يمكن اتّخاذ صلاة جديدة، أو زكاة جديدة، أو ضريبة ماليّة جديدة - غير الزكاة والخمس - أو نُسك جديد في الحجّ، وإلاّ فقاعدة توقيفيّة الأمور لا تختصّ بالعبادات دون المعاملات.

والعمومات في أدلّة الشعائر - التي هي من الصنف الثاني أو الثالث - لم تُحدّ

١٣٠

بحدّ معيّن، بل أرسلها الشارع على عمومها، فهي تتنزّل إلى المصاديق المستجدّة والخصوصيّات المختلفة بمقتضى النقاط الثلاث التي سبقت.

يظهر من الأجوبة السابقة أنّ الوجوه الأربعة أو الخمسة - التي أُقيمت على أنّ قاعدة الشعائر الدينيّة حقيقة شرعيّة - ليست بتامّة، ومن ثُمّ يكون ما يُتّخذ من شعائر دينيّة مستجدّة أو مُستحدَثة، له دليله الشرعي ويكون خالياً من الإشكال وتابعاً للضوابط الشرعيّة المقرّرة.

والمفروض أنّ هذه الشعائر واجدة لرُكني ماهيّة الشعائر كما ذكرنا، باعتبار توفّر الركنين ضمنها: ركن الإعلام والبثّ، وركن الإعلاء والتعظيم كما مرّ ظهور الأدلّة في ذلك، وإن لم تشتمل الطائفة الثانية والثالثة من الأدلّة على لفظ الشعائر، إلاّ أنّها مُرسلة، مطلقة وغير مقيّدة وغير محدّدة، وقد وردت في مقام البيان، ولم يُحدّدها الشارع، فهي دالّة بوضوح على أنّ ما هو من صِنوها وسنخها - وهي الطائفة الأولى - ليست بحقيقة شرعيّة؛ وإنّما هي حقيقة وضعيّة لغويّة.

التعبّدُ بالمصاديق

بقيَ أن نوضِّح أنّ تعبّد الشارع في بعض الموارد بالمصاديق، لا يدلّ على أنّ ذلك المعنى حقيقة شرعيّة توقيفيّة، ويجدر بالمقام ذِكر المناسبة بين قاعدة توقيفيّة الأمور وبين البحث الأصولي عن الحقيقة الشرعيّة والحقيقة اللغويّة، حيث إنّ في المورد الذي يكون العنوان حقيقة شرعيّة يتمّ إعمال قاعدة توقيفيّة الأمور إعمالاً تامّاً، بخلاف الموارد التي لا يتصرّف الشارع فيها في العنوان ومعناه، ويبقى معنى اللفظ المعيّن على حقيقته اللغويّة، والشارع حينما شرّع وقنّن

١٣١

الحُكم أرسل العنوان والمعنى على إطلاقه وكلّيّته.

مثل قول الشارع: بِرّ والدَيك، أو عليك بصلة الأرحام، فلم يُحدّد الشارع خصوصيّات عمليّة برّ الوالدين، أو جزئيّات صلة الرحم، وإن ألزَمَ بخصوص بعض المصاديق: كالنفقة، والاستئذان في النذر والنكاح.

فالمفروض أداء كلّ ما يتحقّق به برّ الوالدين، أو صلة الرحم.

فبرّ الوالدين وصلة الرحم وإن أتى بهما على أنّه امتثال لأمر شرعي، لكن لم يُحدّد الشارع هذا العنوان العام وبقيَ على معناه اللغوي، فهو وإن كان أيضاً من الأمور التوقيفيّة في الحكم، إلاّ أنّه أرسلَ مصاديق وخصوصيّات ذلك العنوان العام.

بخلاف ما إذا قال الشارع: صلِّ، أو حجّ، أو اعتكف، أو صُم.

فيتّضح بذلك وجه التفرقة عند الأصوليّين بين الحقيقة الشرعيّة وقاعدة الأمور التوقيفيّة: وهو أنّ الإيقاف والتشريع وإعمال ولاية الشارع في التشريع فيما يُنسب إليه ويتدّين به بذلك، سواء في ناحية الحُكم أو المتعلّق أوالموضوع، بينما الحقيقة الشرعيّة في خصوص ماهيّات العناوين.

ومن ثُمّ يتبيّن جواب هذا التساؤل - إضافة لمَا مرّ - من أنّ الشارع قد يتعبّد في بعض الموارد بمصاديق يلحقها بالطبيعة، أو يُخرجها عن الطبيعة، مع كون ذلك المعنى العام وطبيعة الفعل ليست بحقيقة شرعيّة، فالتعبّد إنّما هو بالمصداق، مثلاً ورد في الأثر أنّ:(جهادُ المرأة حُسن التبعّل...) (١) ، مع أنّ الشارع لم يجعل للجهاد حقيقة شرعيّة، فالتعبّد هو في دائرة المصداق لا في صقع المعنى الكلّي.

____________________

(١) بحار الأنوار ١٠: ٩٩.

١٣٢

أو قال: بيع المنابذة ليس بيعاً، مع أنّه من الواضح أنّ البيع ليس حقيقة شرعيّة، بل هو حقيقة لغويّة يتعبّد بها الشارع.

وقد يتعبّد الشارع بإخراج مصداق، أو إلحاق مصداق بطبيعة، مع أنّ هذه الطبيعة تبقى على حالها، فصِرف تعبّد الشارع في مثل:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ، أو( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) .

وجعلُ الصفا، والمروة، والمشعر، والبُدن، والهدي التي تُذبح يوم العاشر في مِنى (الأضحية) وغيرها من الشعائر، لا يدلّ على الحقيقة الشرعيّة، ولا يدلّ على عدم بقائها على حقيقتها اللغويّة، وصِرف تعبّد الشارع بمصداق معيّن إمّا بإدخاله ضمن دائرة الموضوع أو بإخراجه عنها، لا يدلّ على كون قاعدة الشعائر حقيقة شرعيّة، بل تبقى على معناها اللغوي.

والنتيجة التي ننتهي إليها في الجهة الرابعة هي: أنّ الشعائر الدينيّة باقية على حقيقتها اللغويّة، وإنّها ليست توقيفيّة من قِبَل الشارع المقدّس من جهة شعيريّتها، ووجود مصداقها ليس تكوينيّاً كما مرّ، بل هو اعتباري: كالبيع، وكبقيّة المعاملات.

١٣٣

الجهةُ الخامسة: مُتعلّقُ الحُكم لقاعدة الشَعائر

١٣٤

١٣٥

وهو التعظيم للشعائر وحرمة الابتذال والإحلال لها:

-( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) .

-( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) .

-( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ) .

والبحث حول المتعلّق يقتضي تقرير النقاط التالية:

النقطة الأولى: يجب الالتفات إلى أنّ وجود الشعيرة والشعائر، هو أشبه ما يكون بالوضع، حيث إنّ كلّ موضوع تزداد صلته وارتباطه ووثاقته وعلاميّته للموضوع له، بكثرة الاستعمال أو بأسباب ومناشئ أخرى، فيصبح هناك نوع من العلقة الشديدة بين الموضوع والموضوع له، كما هي العلقة بين اللفظ والمعنى في اللغة.

فبعض الأمور توضع علامات لمعنى معيّن، وكلّ ما تقادَم الزمن وتزايد الاستعمال تُصبح أكثر صلة بذلك المعنى، إذ بدلَ أن يأتي في الذهن بالموضوع له وهو المعنى، يأتي بنفس الموضوع وهو اللفظ، فيحكم على اللفظ بأحكام المعنى من شدّة الوثاقة والصلة والربط، ومن ذلك تُستقبح بعض الألفاظ لقبح المعاني وكثرة استعمال تلك الألفاظ فيها، بخلاف مرادفاتها التي يقلّ استعمالها في ذلك

١٣٦

المعنى، مثل: لفظ الفرج حيث يقلّ استعماله في المعنى الموضوع له، بخلاف مرادفه من الألفاظ التي يكثر استعماله فيه.

ومن هذه النقطة الأولى، نلتفت إلى أنّ العلاقات والأوضاع التي توضع لمعانٍ معيّنة تختلف فيما بينها بشدّة العلقة أو خفتها، فبعضها علاميّته واضحة لدى كلّ الأذهان.

وبعضها علاميّته واضحة لدى قطر معيّن، أو مدينة معيّنة، أو طائفة معيّنة، أو شريحة معيّنة دون شرائح أُخرى.

إذاً، بيانيّة العلامة والأمور الاعتباريّة والمعنى تختلف شدّةً وضعفاً، ويمكن التمثيل بالأحكام الدينيّة أنّ بعضها ضروري أو بديهي، وبعضها ضروري عند فئة خاصّة كالفقهاء، وبعضها قد يكون نظريّاً عند صنف، وضروريّاً عند صنف آخر، بعضها قد تكون قطعيّاً، لكن نظريّاً، وبعضها غير نظري بل ظنّي وهكذا، فهي على درجات أيضاً.

ومعالم الدين أو الشعائر - التي هي من مصاديق المَعلميّة والأمور الاعتباريّة الوضعيّة - تختلف أيضاً في علاميّتها وفي بيانيّتها للمعنى الديني، أو للحكم الديني، أو للسِمة الدينيّة شدّةً وضعفاً لتلك السمات، مثل: رسم خطّ لفظة الجلالة المعدودة من الشعارات - هذه اللفظة (لفظة الجلالة)، أو اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - أو أسماء الأئمّة (عليهم السلام)، يترتّب عليها أحكام خاصّة، مثل: حرمة لمسها للمُحدِث، أو حرمة تنجيسها، ووجوب تطهيرها، وذلك نوع من التعظيم لنفس هذه الشعيرة والعلامة للمعنى الديني.

فملخّص النقطة الأولى: أنّ الأمور المَعلميّة لمعاني الدين على درجات

١٣٧

متفاوتة، بعضها شديد، وبعضها متوسّط، وبعضها خفيف الصلة، كما أنّها تختلف بحسب الأوصاف وبحسب الفئات والشرائح، وهذه نقطة مهمّة مؤثّرة في أحكام الشعائر الدينيّة كما سيأتي.

النقطة الثانية: إنّ الشعائر الدينيّة - حيث إنّها علامة - لا بدّ أن ترتبط بذي العلامة وهو المعنى الديني، أقصِد معنىً معيّناً من المعاني الدينيّة، فصلاً من الفصول الدينيّة، ركناً من الأركان الإسلاميّة، هيكلاً من هياكل الدين القويم، وتختلف بعضها عن البعض قدسيّة وتعظيماً بسبب المعنى الذي تدلّ عليه، وهذا الحكم من المسلّمات لدى المذاهب الإسلاميّة الأخرى، مثلاً: الهاتك لحرمة الكعبة يُحكم عليه بالكفر، فالذي يُحدث في المسجد الحرام لا يُحكم عليه بالكفر، لكنّه يُحدّ بالقتل، أمّا الذي يُحدِث في الحرم المكّي بقصد الإهانة فيُعزّر ولا يُحكم عليه بالارتداد ولا يُقتل، وهذه أحكام وردت في روايات معتبرة وقد أفتى على طبقها العلماء، وهي في الجملة محلّ وِفاق حتّى عند جمهور العامّة.

هذا الاختلاف في الحُكم بين الكعبة كشعار، وحكم المسجد الحرام كشعار، وحكم الحَرم المكّي كشعار، هو أوضح دليل على هذا الأمر.

مثال آخر: التفريق بين اسم الجلالة وصفات الجلالة، أو ما بين لفظ الجلالة ولفظ (جبرئيل)، أو التفريق بين اسم الجلالة واسم النبي والأئمّة وأسماء بقيّة الأولياء، أو التفريق مثلاً بين القرآن الكريم وبين الكتب الدينيّة الأخرى، وإن كانت كتب أحاديث أو سُنّة نبويّة أو معصوميّة، أو التفريق بين الكتاب الديني والمصحف الشريف.

١٣٨

المصحف الشريف علاميّته على كلام الله سبحانه وتعالى، كلام ربّ العزة، كلام ربّ الكون وربّ الخليقة، على كلام الوجود الأزلي، بينما الكتاب الديني الآخر يدلّ على مضامين لأحكام إسلاميّة، ويختلف حتّى في الحُرمة والقدسيّة.

كذلك الكعبة - التي هي شعار ومعلم ديني - تختلف في الشرف والقدسيّة عن المسجد الحرام، وتختلف عن الحرم المكّي، فيُلاحظ أنّ التعظيم معنى تشكيكي(١) ، والابتذال وشدّة الحرمة وخفّة الحرمة، وشدّة وجوب التعظيم وخفّته، تتبع أمراً آخر، أي أنّها تتبع المعنى الذي وضع الشِعار علامة له، والمعلَم الذي وضِع الشِعار علامة له.

إذاً، في النقطة الثانية يتبيّن أنّ الشعائر تختلف شدّة وضعفاً، وتختلف أهميّةً ومنزلةً بحسب المعنى الذي تدلّ عليه، والتعظيم يختلف أيضاً بتبع ذلك.

ونتيجة هاتين النقطتين: أنّ التعظيم يختلف باختلاف، إمّا العُلقة بين الشعار والمعنى الديني الذي يدلّ عليه، أو قُل بين العلامة وذي العلامة، ويختلف باختلاف شدّة وخفّة العُلقة.

تارةً بعض الأحكام تختلف بسبب شدّة وضعف العلاقة (انشداد العلامة لذي العلامة، والشعيرة مع المعنى)، وتارةً يختلف الحُكم بسبب ذي العلامة، والمعنى الذي جُعلت الشعيرة مَعلماً له وإعلاماً له، وهذا اختلاف من جنبة أخرى، وكلّ منهما مؤثّر في حكم الشعائر.

____________________

(١) المعنى التشكيكي: أي المعنى الذي له مراتب ودرجات مختلفة.

١٣٩

مثلاً: الشعيرة المعيّنة التي تُستجدّ وتُستحدث، تارةً توضع شعيرة في باب الحجّ، وتارة توضع في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تارة توضع في باب الشعائر الحسينيّة، أو في باب حفظ وتلاوة القرآن وتعظيمه، وتارة في باب عمارة قبور الأئمّة (عليهم السلام)، وهكذا.

إذاً، الشعيرة تختلف بحسب المعنى الذي توضع له بمقتضى النقطة الثانية، وتارةً تختلف الشعيرة بحسب شدّة العلقة مع المعنى الذي توضع له، فتارةً هي شديدة الصلة والعلقة والدلالة، بيّنة الدلالة على المعنى الذي توضع له، وتارةً أخرى هي غير بيّنة.

كما تُقسّم الدلالات إلى: بيّنة بالمعنى الأخص، وبيّنة بالمعنى الأعم، أو دلالة نظريّة(١) ، والأحكام التي تترتّب على وجوب تعظيم تلك الشعائر، أو العلامات والمعالِم الدينيّة من حيث الحكم بالتعظيم ووجوب التعظيم، وشدّة التعظيم أو خفّته، كلّها تتّبع طبيعة العلاقة بين الشعيرة أو المعلَم والمعنى الذي تشير إليه، فإن كان شديد العلقة بحيث لا يخفى على أحد، فلا يقبل دعوى الشبهة والبدعيّة في ذلك أصلاً.

كذلك يختلف المعلم أو المعنى الذي توضع له الشعيرة، فإن كان معنىً

____________________

(١) - البيّن بالمعنى الأخص: هو ما يلزم من تصوّر ملزومه تصوّر اللازم، بلا حاجة إلى توسّط شيء آخر.

- البيّن بالمعنى الأعم: ما يلزم من تصوّره وتصوّر الملزوم وتصوّر النسبة بينهما الجزم بالملازمة.

- الدلالة النظريّة (غير البيّن): وهو ما يقابل البيّن مطلقاً، بأن يكون التصديق والجزم بالملازمة لا يكفي فيه تصوّر الطرفين والنسبة بينهما، بل يحتاج إثبات الملازمة إلى إقامة الدليل عليه. كتاب المنطق ١: ٩٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

محمد بن العباس بن اسماعيل كبرياء النوبختي

هو جد الحسن بن موسى شيخنا المترجم، وأخو علي بن العباس الاتي، والظاهر ان لقبه (الكبريا) ويعرف ابنه موسى بابن كبريا وفى الروايات: ابوالحسن بن كبرياء كما في الغيبة(٢٢٧) و(٢٣٧) و(١٧٨).

٢٠١

علي بن العباس بن اسماعيل ابوالحسن النوبختي

هو جد الحسن بن الحسين بن علي الاتي، وأخو محمد بن العباس المتقدم، كان أحد مشايخ الكتاب، وأهل الادب والمروء‌ة، وروى أخبار البختري، وإبن الرومي بالمشاهدة قطعة حسنة.وتوفي سنة سبع وعشرين وثلثمائة بعد سن عالية، وهو القائل لابن عمه أبي سهل اسماعيل بن علي النوبختي، وقد شرب دواء‌ا:

يا محيى العارفات والكرم

وقاتل الحادثات والعدم

إلى آخر شعره. ذكره المرزباني في معجم الشعراء(١٥٦). وذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) قال: ابوالحسين علي بن عباس النوبختي مائتي ورقة. وروى التنوخي عن أبي الحسين عنه عن محمد بن داود بن الجراح كما في فرج المهموم(١٩٠).ابوالحسن موسى بن محمد المعروف بابن كبرياء هو والد شيخنا المترجم الحسن بن موسى وتأتي ترجمته(١٠٨٢).

٢٠٢

الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن اسماعيل

ابن ابي سهل بن نوبخت ابومحمد النوبختي الكاتب ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٩ وذكر انه من رجال الحديث وكان سماعه صحيحا. وقال: قال لي الازهري: كان النوبختي رافضيا ردئ المذهب. سألت البرقاني عن النوبختي فقال: كان معتزليا، وكان يتشيع إلا انه تبين أنه صدوق، ثم روى انه ولد في أول سنة عشرين وثلثمائة. وقال: حدثني احمد بن محمد العقيقي قال: سنة اثنتين وأربعمائة فيها توفي ابومحمد الحسن بن الحسين النوبختي، وكان ثقة في الحديث، ويذهب إلى الاعتزال، ذكر غيره ان وفاته كانت يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي القعدة. قلت: وذكر نحوه ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٠١ مع تفاوت يسير. وروى عنه الخطيب، وذكره في مواضع من تاريخه منها: ج ٧ / ٤٤٣، وج ١٢ / ١١٩.

٢٠٣

اسحاق الكاتب النوبختي

كان ممن وفق له التشريف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه ووقف على معجزاته ورآه (ع).رواه الصدوق عن محمد بن محمد الخزاعي عن أبي علي الاسدي عن أبيه محمد بن أبي عبدالله الكوفي في هذا الباب من الاكمال(٤١٧).

هو خال أبي نصر هبة الله بن محمد ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري (رض) الاتي ترجمته(١١٨٧)، ومن مشايخه، روى عن ابيه احمد بن ابراهيم، وعمه عبدالله.روى الشيخ باسناده عنه في الغيبة(٢٢٦).

احمد بن ابراهيم النوبختي

روى عن ابي جعفر العمري السفير (رضوان الله عليه) وعن الحسين بن روح السفير بعده وروى عنه ابنه جعفر كما في الغيبة(٢٢٦) وكان احمد يكتب ما أملاه عليه ابوالقاسم الحسين بن روح السفير، وقد وجد محمد بن احمد بن داود القمي الجليل جواب مسائل أنفذت من (قم) بخطه واملاء الحسين بن روحرضي‌الله‌عنه كما في الغيبة(٢٢٨).

٢٠٤

عبدالله بن ابراهيم ابوجعفر النوبختي

روى عن السفير العمريرضي‌الله‌عنه ، روى عنه ابن أخيه جعفر بن احمد بن ابراهيم كما في الغيبة(٢٢٦).

احمد بن عبدالله ابوعبدالله النوبختي

ذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) وذكر له من الشعر مائة ورقة.

٢٠٥

علي بن احمد النوبختي

كان من مشاهير آل نوبخت في وقته فبداره عرف هبة الله بن محمد الكاتب محل قبر الحسين بن روحرضي‌الله‌عنه كما في الغيبة(٢٣٨).

ابن زهومة ابي علي بن جعفر النوبختي

كان شيخا مستورا كما في الغيبة(٢٥١). الحسين بن روح بن ابي بحر ابوالقاسم النوبختي هو من أجلة أصحاب أبي محمد العسكري (ع) ذكرناه في الطبقات، والسفير الثالث للناحية المقدسة يأتي ذكره في ترجمة علي بن موسى بن بابويه(٦٨٣) قد استوفينا ما ورد في عظم قدره وجلالته ومدحه في كتابنا في أخبار الرواة.

٢٠٦

ابومحمد الحسن بن يحيى النوبختي

ذكره الخطيب في تاريخه ج ٦ / ٣٨٠ في اسحاق بن محمد النخعي في ذيل كلام الغلاة وقال: وقع إلي كتاب لابي محمد الحسن بن يحيى النوبختي من تصنيفه في الرد على الغلاة، وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الامامية.قلت: يحتمل كون (يحيى) مصحف (موسى) في كلام الخطيب او أنه توهم ذلك كما تأتي الاشارة إلى ذلك في كتبه. (*)

٢٠٧

شيخنا المتكلم(١) ،

____________________

(١) كان الحسن بن موسى النوبختي الفيلسوف من مشاهير المتكلمين عند علماء الاسلام عارفا بمذاهبهم.ذكره الشيخ لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢) وقال: ابن أخت أبي سهل، ابومحمد، متكلم، ثقة.وفي الفهرست(٤٦) وقال: إبن اخت أبي سهل بن نوبخت يكنى أبا محمد، متكلم، فيلسوف، وكان يجتمعض إليه جماعة من نقلة الفلسفة مثل ابي عثمان الدمشقى، واسحاق، وثابت وغيرهم، وكان اماميا، حسن الاعتقاد، نسخ بخطه شيئا كثيرا.وفي باب الكنى منه(١٩٠) في ترجمة أبي الاحوص المصري قال: من جلة متكلمي الامامية، لقيه الحسن بن موسى النوبختي، وأخذ عنه، واجتمع معه في الحائر على ساكنه السلام، وكان ورد للزيارة.وذكره ابن النديم في فهرسته(٢٦٥) في متكلمي الشيعة الامامية رضوان الله عليهم، وذكر نحو ما تقدم عن الشيخ في الفهرست إلى قوله: وغيرهم. ثم قال: وكان المعتزلة تدعيه، والشيعة تدعيه، ولكنه إلى حيز الشيعة ما هو، لان آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في الظاهر، ولذلك ذكرناه في هذا الموضع، وكان جماعة للكتب، قد نسخ بخطه شيئا كثيرا، وله مصنفات، وتأليفات في الكلام والفلسفة وغيرها، وتوفي وله من الكتب. وذكر أيضا في نقلة الكتب إلى العربي(٣٥٥) و(٣٥٦)، وذكر انه الذي نقل زيج الشهريار إلى العربي. وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٨ وقال: من متكلمي الامامية.وقال ابن الحديد في الشرح ج ٣ / ٢٢٨ عند نقل أقوال المجسمه وحكاية رأيه عن كتابه (الاراء والديانات): هو من فضلاء الشيعة. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر بني نوبخت من أعيان الشيعة وعلماء النجوم: وكان الحسين بن موسى أبومحمد النوبختي عارفا بعلم النجوم، وقدوة في تلك العلوم، وصنف كتابا إستدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين، وقد وقفت على كتاب أبي محمد وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. (*)

٢٠٨

٢٠٩

المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلثمائة وبعدها(١) .

____________________

(١) تبرز شيخنا المترجم على نظرائه من المتكلمين والفلاسفة ونبوغه في قرني الثالث والرابع من أزهى عصور الاسلام أكبر مدح وثناء عليه. وكان نظرائه في زمانه. ابوعلي الجبائي محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري الذي انتهت إليه رئاسة البصريين في زمانه وتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم(٢٥٦)، وابوالحسن ثابت ابن قرة بن مروان بن ثابت المتوفي(٢٨٨)، والعلاف ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم شيخ البصريين وأكبر علمائهم في الاعتزال، وابوجعفر محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من أعاظم أصحابنا المتكلمين وحذاقهم المتوفي قبيل سنة ٣١٧ ويأتي ترجمته(١٠٢٥)، والفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور من نوابغ دهره محمد بن زكريا الرازي، وابوالقاسم البلخي والمتكلم الشهير ابوالحسن محمد بن بشر الحمدوني السوسنجردي من عبون أصحابنا وصالحي متكلميهم وغيرهم ممن يأتي ذكره في المتن وذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما. ولا عجب في تبرزه على أعلام عصره قد نشأ في بيت أمجاد لم ينطو حديثهم من سجلات الكتب وحازوا الشهرة الواسعة في علم النجوم وترجمة أصوله وفصوله ونقل كتب الفلاسفة في مختلف العلوم ونبغوا في الشعر والادب العربي وتفوقوا بتقدمهم في أكثر العلوم النافعة وصاروا خزان بيوت الحكمة وتراجمتها ومصابيح العلوم وكنوزها وبأيديهم مفاتيح أبواب الافلاك وأرصاد النجوم وحسنت تصانيفهم فنالوا الزعامة العلمية كما حازوا الرئاسة الروحية بحسن أسلامهم ومعرفتهم وولايتهم لائمة أهل البيت (ع) وشدة تمسكهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وقد خدموا الامة بالتأليف والترجمة والانشاء والتدريس المناظرات ونقد الآراء الباطلة، معظمين لشعائر الاسلام غير متخلفين عن الدين وعن شرايعه متمسكين بحبل ولاية اهل البيت (ع) فلم يتخلفوا عن هديهم ولم بختلفوا في مذهبهم مع ان عصرهم هي عصر التفرق ونشوء المذاهب الباطلة، وكان لهم وجاهة في الدنيا وفيهم من تشرف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه وبمكاتبته وفيهم السفير الحسين بن روحرحمه‌الله ، ففي حضانة أمثالهم تربى الحسن بن موسى، وفي مجالسهم نشأ ودرس وتخرج، وأعانه على هذا التفوق وطنه دار السلام، وعصره ومشايخه، واقرانه حتى برع في علوم الدين وتبرز على نظرائه وامتاز بكثرة التصنيف وأجادته، واحاطته بالآراء والمذاهب، ونقد الفلسفة وآراء المتكلمين كما ستقف على بعضها.(*)

٢١٠

له على الاوائل كتب كثيرة(١) : منها كتاب الآراء والديانات كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة، قرأت هذا الكتاب على شيخنا ابي عبداللهرحمه‌الله (٢) ،

____________________

(١) وفي فهرست الشيخ: وله مصنفات كثيرة في الكلام، وفي نقض الفلسفة وغيرهما.وقال ابن النديم: وله مصنفات وتأليفات في الكلام، والفلسفة وغيرها. وقال ابن حجر: وله تصنيفات كثيرة جدا.

(٢) ذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما وقالا: لم يتم. وقال المسودي في مروج المذهب ج ١ / ٧٩ في أخبار الهند وآرائها ما لفظه قال المسعودي: وقد رأيت أبا القاسم البلخي ذكر في كتاب عيون المسائل والجوابات، وكذلك الحسن بن موسى النوبختي في كتابه المترجم بكتاب " الآراء والديانات " مذاهب الهند وآرائهم. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) بعد ذكر ما في المتن: اقول أنا: هذا الكتاب المسمى " الاراء والديانات " عندنا الآن ووقفت على معرفته فيه بعلم النجوم وما اختاره وما رده على أهل الاديان. قلت: وقد روى العامة عن هذا الكتاب كثيرا منهم ابن أبي الحديد في شرح النهج.(*)

٢١١

وله كتاب فرق الشيعة(١) ، وكتاب الرد على فرق الشيعة ما خلا الامامية، وكتاب الجامع في الامامة، وكتاب الموضح في حروب أمير المؤمنين (ع)(٢) ، وكتاب التوحيد الكبير(٣) ، وكتاب التوحيد الصغير، وكتاب الخصوص والعموم، وكتاب الارزاق والآجال والاسعار، كتاب كبير في الجزء، مختصر الكلام في الجزء(٤) ، كتاب الرد على المنجمين كتاب الرد على أبي علي الجبائى(٥) ،

____________________

(١) وهو كتاب مقدم على جميع ما صنف في ذلك ذكره أصحابنا والعامة منهم ابن تيمية وهو موجود ومطبوع بالنجف الاشرف، وباستنبول وغيرهما كما قيل ويأتي ذكره في سعد بن عبدالله الاشعري.

(٢) قال في المعالم: الواضح في الخارجين على أمير المؤمنينعليه‌السلام في الحروب الثلاثة.

(٣) وفي فهرست ابن النديم: كتاب التوحيد وحدوث العلل. وفى فهرست الشيخ: كتاب التوحيد وحدوث العالم. قلت: وقد حكى ابن ابي الحديد في الشرح عنه بعض الاقوال في التوحيد.

(٤) أي الجزء الذي لا يتجئ. والبحث في ذلك كان معركة الآراء عند الفلاسفة والمتكلمين.وفي نسخة (ن) (الجبر) بدل (الجزء) في الموضعين.

(٥) الجبائي هو محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري المنتهى إليه رئاسة البصريين في زمانه المتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم في فهرسته(٢٥٦) واليافعي في مرآة الجنان ج ٢ / ٢٤١.قال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر الحسن بن موسى: وصنف كتابا استدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين. وقد وقفت على كتاب أبي محمد، وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. قلت: وكان ابوعلي الجبائي من المنجمين ذكره وجملة من أخباره في النجوم ابن طاووس في فرج المهموم(١٥٤).

(*)

٢١٢

في رده على المنجمين فان أبا علي تجاهل في رده على المنجمين(١) ، وكتاب النكت على ابن الراوندي(٢) ،

____________________

(١) ظاهر المتن انه (ره) وقف على كتاب أبي علي وعلى خطائه في رده على المنجمين.وأشار ابن طاووس في(١٥٦) ومواضع أخر من كتابه (فرج المهمنم) إلى رأيه فلا حظ.

(٢) ابن الراوندي هو ابوالحسين احمد بن يحيى بن محمد بن اسحاق من أهل مرو الروذ كان في اول امره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك كله بأسباب عرضت له، ولان علمه كان أكثر من عقله. حكاه ابن النديم في الفهرست(٢٥٤) عن ابي القاسم البلخي في كتابه (محاسن خراسان) وقال: وأكثر كتبه: الكفريات ألفها لابي عيسى بن لاوي اليهودي الاهوازي.وقد نقض جماعة عليه في جملة من كتبه منهم: أبومحمد النوبختي كما في المتن وفي فهرستي الشيخ وابن النديم، وابوالحسين الخياط، وبو علي الجبائي ذكره ابن النديم في ترجمة الرواوندي(٢٥٥).وقال: ابن النديم في ترجمة ابي محمد النوبختي عند ذكر كتبه كتاب نقض كتاب عبث الحكمة على الراوندي، كتاب نقض التاج على الرواندي ويعرف بكتاب السبك، كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي. (*)

٢١٣

كتاب الرد على من أكثر المنازلة، كتاب الرد على أبي الهذيل العلاف(١) في أن نعيم أهل الجنة منقطع، كتاب الانسان غير هذه الجملة(٢) ، كتاب الرد على الواقفة، كتاب الرد على أهل المنطق، كتاب الرد على ثابت بن قرة(٣) ، الرد على يخيى بن اصفح في الامامة، جواباته لابي جعفر بن قبةرحمه‌الله (٤) ، جوابات أخر لابي جعفر أيضا،

____________________

(١) العلاف: ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم في عصر المأمون شيخ معتزلة البصريين وأكبر علمائهم صاحب مقالات في مذهبهم المتوفي(٢٢٧) او(٢٣٥) او غيره ذكره ابن النديم في ترجمته(٢٥١) وفي ترجمة تلميذه ثمامذة بن أشرس(٢٥٣)، وإبن خلكان ج ٣ / ٣٩٦، والخطيب في تاريخه والمسعودي وغيرهم.

(٢) قوله: (غيره هذه الجملة) لا يوجد في فهرستي الشيخ، وابن النديم.

(٣) هو: ابوالحسن ثابت قرة بن مروان بن ثابت أصل رياسة الصابة في الروم، المولود(٢٢١) والمتوفي(٢٨٨) استصحبه محمد بن موسى عند منصرفه من الروم فوصله بالمعتضد العباسي وأدخله في جملة المنجمين، له كتب في النجوم والهندسة والاعداد، والطب وغير ذلك ذكره ابن النديم(٣٩٤)، وابن طاووس في فرج المهموم(٢٠٣)

(٤) هو محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من حذاق الامامية ومتكلميهم وأجلائهم. تأتي ترجمته(١٠٢٥). (*)

٢١٤

شرح مجالسه مع أبي عبدالله بن مملكرحمه‌الله (١) ، حجج طبيعية مستخرجة من كتب أرسطاطاليس في الرد على من زعم ان الفلك حي ناطق(٢) كتاب في المرايا وجهة الرؤية فيها، كتاب في خبر الواحد والعمل به كتاب في الاستطاعة على مذهب هشام وكان يقول به(٣) ، كتاب في الرد على من قال بالرؤية للباري عزوجل، كتاب الاعتبار والتمييز والانتصار كتاب النقض على أبي الهذيل في المعرفة، كتاب الرد على أهل التعجيز وهو نقض كتاب أبي عيسى الوراق(٤) ، كتاب الحجج في الامامة مختصر، كتاب النقض على جعفر بن حرب في الامامة(٥) ،

____________________

(١) الظاهر أنه أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن مملك الاصبهاني الذي كان معزليا ورجع إلى القول بالامامة على يد عبدالرحمان بن أحمد بن خيرويه العسكري المتكلمرحمه‌الله وتأتي في ترجمته(١٠٣٥) عظمته وجلالته في أصحابنا وأيضا رجوعه عن الاعتزال وفي ترجمة ابن خيرويه(٦٢٢).

(٢) وفي فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب إختصار الكون والفساد لارسطاطاليس.

(٣) تأتي الاشارة إلى مذهب هشام في الاستطاعة في ترجمته وقول أبي محمد النوبختي بمقالته ان صح فلا ينافي وثاقته فلاحظ.

(٤) وفى فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب أبي عيسى في الغريب المشرقي. ثم ان الظاهر انه محمد بن هارون ابوعيسى الوراق الذي يأتي ذكر كتابه في ترجمته(١٠١٨).

(٥) هو جعفر بن حرب الهمداني المتكلم المعتزلي الذي درس الكلام على أبي الهذيل العلاف بالبصرة ومات سنة(٢٣٦) وهو ابن تسع وخمسين سنة. ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ١٦٢ وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ١١٣ وغيرهما.(*)

٢١٥

مجالسه مع أبي القاسم البلخي جمعه(١) ،

____________________

(١) هو أبوالقاسم عبدالله بن أحمد بن محمود الكعبي، البلخي العالم المشهور، كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم " الكعبية " وهو صاحب مقالات ومن مقالاته: ان الله سبحانه وتعالى ليست له إرادة وان جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشية منه لها، وكان من كبار المتكلمين، وله اختيارات في علم الكلام، وتوفي مستهل شعبان سنة سبع عشرة وثلثمائة. ذكره ابن خلكان في وفياته ج ٢ / ٢٤٨.

وقرأ الفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور محمد بن زكريا الرازي المتوفى(٣١١) الفلسفة على البلخي هذا. ذكره ابن النديم عن محمد بن زكريا الرازي في ترجمته(٤٣٠) ثم قال: خبر فلسفة البلخي هذا.كان من أهل بلخ يطوف البلاد ويجول الارض، حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة إلى ان قال: وقيل: ان بخراسان كتبه موجودة، وكان في زمان الرازي. وروى عن أبي القاسم البلخي في كتاب محاسن خراسان ترجمة ابن الراوندي(٢٥٤). ويأتي في ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة(١٠٢٥) ان محمد بن بشر أبا الحسن الحمدوني السوسنجردي من عيون أصحابنا وصالحي متلكميهم وعبادهم الذي حسنت عبادته وحج على قدميه خمسين حجة قد مضى بعد زيارته لمشهد امامنا الرضاعليه‌السلام بطوس إلى بلخ والى أبي القاسم البلخي، فعرض عليه كتاب " الانصاف " لابن قبة في الامامة فوقف عليه ونقضه بكتاب (المسترشد) في الامامة، ثم عاد إلى الري، فدفعه إلى ابن قبة فنقضه ب‍ " المستثبت " في الامامة، فحمله إلى أبي القاسم ببلخ، فنقضه ب‍ " نقض المستثبت "، فعاد به إلى الري، فوجد ابن قبة قد ماترحمه‌الله . (*)

٢١٦

كتاب التنزيه وذكر متشابه القرآن، الرد على أصحاب المنزلة بين المنزلتين في الوعيد، الرد على أصحاب التناسخ، الرد على المجسمة، الرد على الغلاة(١) مسائلة للجبائي في مسائل شتى(٢) .

____________________

(١) تقدم ذكر كتاب الرد على الغلاة في الحسن بن يحيى النوبختي عن تاريخ بغداد، ولعله مصحف (الحسن بن موسى). وذكر الشيخ وابن النديم هذا الكتاب لابي محمد الحسن بن موسى.

(٢) تقدم ذكره وذكر كتاب الرد عليه. وذكر الشيخ وابن النديم من جملة كتب الحسن بن موسى النوبختي: كتاب الاحتجاج لعمر بن عباد ونصرة مذهبه وزاد ابن طاووس على كتبه " كتاب الرصد " قال في فرج المهموم(١٢٣): وأقول: وصل الينا من كتبه أيضا " كتاب الرصد " على بطلميوس في هيئة الفلك والارض. وزاد المسعودي في مروج الذهب ج ٣ ص ٢٥٣: النقض على كتاب العثمانية، امامة المروانية، وكتاب مسائل العثمانية للجاحظ (*)

٢١٧

١٤٧ - الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين

بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)

ابومحمد(١) المعروف بابن أخي طاهر.

____________________

(١) كان ابومحمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر أحد العلماء بالنسب، والاخبار، والحديث، ويوصف بالدنداني النسابة، كما ذكره جماعة وأيضا بالشريف كما في الفهرست(٩٧) في العقيقي.ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم (ع) ٤٦٥ / ٢٠ بنسبه ثم قال: صاحب النسب إبن أخي طاهر، روى عنه التلعكبري، وسمع منه سنة سبع وعشرين وثلثمائة إلى سنة خمس وخمسين: يكنى أبا محمد وله منه إجازة، أخبرنا عنه ابوالحسين ابن ابي جعفر النسابة، وابو علي ابن شاذان من العامة.وذكر أيضا في علي بن احمد العقيقي ٤٨٦ / ٦٠ انه روى عنه ابن أخي طاهر. وكذا في الفهرست.هنا وايضا في يحيى بن الحسن العلوي جده كما يأتي ترجمته في المتن(١١٩١)، ورواية الحسن عن جده كتابه. وفي الفهرست(١٧١) في المتوكل: اخبرنا بذلك جماعة عن التلعكبري عن ابي محمد الحسن يعرف بان أخي طاهر عن محمد بن مطهر عن أبيه.وذكره ابونصر البخاري في سر السلسلة العلوية(٧٢) قال: والدنداني هو الخسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين. خرج على الخارج في ليسر، فقتهلم، وسلبهم في أيام المكتفي.وذكره ابن عنبة في عمدة الطالب(٣٣١) وقال: وهو الدنداني النسابة المعروف بابن أخي طاهر، راوي كتاب جده يحيى بن الحسن روى عنه شيخ الشرف النسابة، ولا عقب له. وذكره الخطيب بترجمة في تاريخه ج ٧ / ٤٢١ وقال: مدني الاصل سكن بغداد في مربعة الخرسي وحدث بها.وقد عرف ابومحمد الحسن بعمه أبي القاسم طاهر بن يحيى لان في ولده البيت، والامارة بالمدينة وقال في العمدة: وكان من جلالة القدر بحيث ان بني اخوته يعرف كل منهم بان أخي طاهر. قال: ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(٤٥٠): وكتب إلينا ان صاحب الصلاة بالمدينة دس سما إلى طاهر بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي، فقتله. وكان سيدا فاضلا، وقد روى عن أبيه وغيره، وكتب عنه أصحابنا. وفي اكمال الصدوق باب ٥٣ / ٥٠٧ في حديث المغربي المعمر: فأمر عمي ابوالقاسم طاهر بن يحيىرضي‌الله‌عنه فتيانه وغلمانه الحديث وفيه(٥٧٠) قال ابومحمد العلوي (رض): ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ علي بن عثمان وهو في دار عمي طاهر بن يحيىرضي‌الله‌عنه الخ. ويتميز أبومحمد الحسن بروايته كتاب جده يحيى بن الحسن ابي الحسين النسابة لشهرته وجلالته قال: في العمدة عند ذكره: يقال: انه اول من جمع كتابا في نسب آل أبي طالب (ع).قلت: وتأتي ترجمته(١١٩١). ولم أقف على روايته عن أبيه أبي محمد الاكبر العالم النسابة، ولا على ترجمة له إلا ما ذكره ابن عنبة في العمدة فقال: وابوالحسن محمد الاكبر العالم النسابة.(*)

٢١٨

٢١٩

روى عن جده يحيى بن الحسن(١) ، وغيره(٢) ،

____________________

(١) روى أصحابنا بطرفهم عنه عن جده كثيرا جدا ومنهم الصدوق (ره) وكان من مشايخه الذين روى عنهم كثيرا في كتبه. وتأتي في ترجمته روايته عنه كتابه. كما روى الجمهور ايضا بطرقهم عنه عن جده. وروى الخطيب في تاريخه عن الحسن بن ابي بكر عنه عن جده في تراجم جماعة من العلويين كما في ج ٦ / ٥٦، وج ٧ / ٤٢١، وج ١٠ / ٣١٤، وج ١١ / ٢٩٧ وج ١٢ / ١٢٦.

(٢) وسمع جماعة من الاشراف من اهل المدينة، ومن الحاج من أهل مدينة السلام، وغيرهم من جميع الآفاق حديث معمر المغربي علي بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مزيد الذي سمع منه أيضا.ذكره الصدوق في الاكمال(٥٠٨) باب(٥٠). وروى عن جماعة غير جده من المجاهيل والمطعونين منهم علي ابن احمد العقيقي الذي يأتي ذكر تمام نسبه في ترجمة أبيه احمد ابن علي رقم(١٩٤) وقد ضعفه الشيخ في رجاله(٤٨٦) بقوله: روى عنه ابن أخي طاهر، مخلط. وفي الفهرست (٩٧) بعد رواية كتبه عنه عنه قال: قال احمد ابن عبدون: وفي أحاديث العقيقي مناكير. ومنهم: الحسن بن قادم الدمشقي. روى الشيخ في الفهرست رقم(١٥١) باسناده عنه عنه كتاب محمد بن عمر الزيدي. وهو مهمل في الرجال. ومحمد بن مطهر روى في الفهرست(١٧١) باسناده عنه عنه دعاء الصحيفة عن المتوكل بن عمر.وهو مهمل. والحسن بن محمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين (ع). روى في الفهرست(١٧٣) كتاب وهب بن وهب باسناده عنه عنه عن حجر وهو مهمل. واسحاق بن ابراهيم الدبري اليماني العامي. ذكره الخطيب في تاريخه فيمن روى عنه وهو ضعيف وعاش إلى سبع وثمانين ومأتين.ذكره الذهبي في ترجمته في ميزان الاعتدال ج ١ / ١٨٢. وابراهيم بن عبدالله بن همام الصنعاني.ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٢ قائلا: وروى عن ابراهيم بن عبدالله الصنعاني عن عبدالرزاق بسند الصحيحين حديث شيخه العوسجي وهو في مجلس نفي الجهة لابن عساكر. قلت: وهو عامي كذاب وضاع ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ / ٤٢.(*)

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440