الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد0%

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 440

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
الناشر: دار الغدير
تصنيف: الصفحات: 440
المشاهدات: 124886
تحميل: 5741

توضيحات:

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124886 / تحميل: 5741
الحجم الحجم الحجم
الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الحال)(1) ، ويتوصّل به إلى ترسيم الصورة المراد تجسيدها - فالضابطة التي ينبغي اتّباعها وممارستها في بيان حوادث وأبعاد واقعة عاشوراء هي: أن يؤول إلى أمر حقيقي، بأن يتوخّى الخطيب أو الشاعر، أو الكاتب، أو الراثي، نقل أمرٍ تاريخي ثابت بحسب الضابطة التاريخيّة، لا بالضابطة الشرعيّة للاستنباط، بعد أن يتثبّت الأمر تاريخيّاً، أو قُل يثبّت أمراً فرعيّاً، حتّى يتناول ذلك المعنى الصادق بالرواية القصصيّة، أو ما يُعرف بـ(لسان الحال)، أو ما يقال بـ(الرسم والتصوير التمثيلي) في علم البلاغة.

بحيث إنّه قد ثبتَ لدى الشاعر أو الناثر شكل تفجّع الزهراء (عليها السلام)، أو العقيلة زينب (عليها السلام) مثلاً أو غيرها من المواقف المؤلمة، فيريد أن يصوّر تلك الحقيقة التي هي حقيقة مؤثّرة ومفجعة لا يتحمّلها إنسان ذو ضمير، ويرسمها بشكل لسان الحال، فضابطة الرواية القصَصيّة هنا ينبغي أن تتّبع حقيقة ما، إمّا حقيقة تاريخيّة، أو حقيقة فرعيّة، أو حقيقة عقائديّة، ولولا ذلك لكانت الرواية القصصيّة خرافيّة.

وإنّما المراد الإخبار عن مغزى معيّن وقد ينتج - على سبيل المثال - فيلماً ليس له واقعيّة، ليس له غالباً إخبار عن الواقع، لكنّ مغزاه الذي يروم الكاتب القصصي التوصّل إليه له مغزى حقيقي - إذا كان الكاتب صادقاً في غرضه - كأن يريد أن يتوصّل إلى حُسن الوفاء مثلاً، أو إلى دناءة الفاحشة، فيجب أن يعتمد الراوي لقضيّة قصصيّة على حقيقةٍ ما أوّلاً، ثُمّ يصوّرها بترسيم تنفيذي،

____________________

(1) مثل قول الشاعر السيّد رضا الموسوي الهندي:

ولو ترى أعين الزهراء قرّتها والنبلُ من فوقه كالهـُدب ينعقد

إذاً لحنّت وأنّت وانهمَت مُقلٌ منها وحَرّت بنيران الأسى كبدُ

٢٤١

بالاستعارة وأقسامها، والتشبيه، والبديع، كما هو مرسوم في علم اللغة.

فأوّلاً يجب أن يعتمد على الحقيقة، وهذه ضابطة لا بدّ منها في واقعة عاشوراء، حيث يجب على الخطيب القصصي، أو الراثي، أو الناثر، أو الشاعر أن يلتزم بهذه الضابطة، وينصب قرينة على أنّه بصدد التصوير التمثيلي لا الإخبار الحقيقي، نعم، مغزى وهدف التصوير التمثيلي هو الحقيقة.

نعم، يجب أن يكون هذا الرسم متناسباً مع الحقيقة وليس مناقضاً لها؛ لأنّ الأديب يريد أن يصوّر صبر العقيلة (عليها السلام) مثلاً، ثُمّ يرسم رسماً تصويريّاً في نثر، أو شعر، أو خطابة يناقض صبر العقيلة كان غير موفّق في عمله، فلابدّ أن يكون رسماً يناسب ذلك المعنى والمغزى المراد.

هذه إذاً الضابطة في الرواية القصصيّة، وهناك أمر آخر في ضابطة الرواية القصصيّة، هي غير الضابطة الذاتيّة الداخليّة التي ذكرناها للرواية القصصيّة، وهي: أنّه يجب أن يخضع الأسلوب القصصي التصويري للسمت التاريخي أو السمت الروائي الفرعي؛ لأنّ المفروض هو أنّ هذا القسم - من الكتابة، أو من الأسلوب الأدبي، أو التصوير التمثيلي - ليس عمدة في باب الأدب، وإنّما هو كحاشية وأسلوب يُستعان به في بيان الحقائق، فالواقعة - التي هي ناصعة بالحقيقة - مليئة بالعطاء يجب أن لا نتوخّى فيها الرسم القصصي والرواية القصصيّة، بحيث يكون لها الغلبة على الأنحاء الأخرى للرواية المسندة أو التاريخيّة، ونترك السرد التاريخي الحقيقي، أو نترك السرد الروائي المسند.

هذا - بلا شكّ - إفراط في التصوير التمثيلي قد ينقض الغرض من التصوير التمثيليّ بدل أن يحقّقه؛ لأنّه إذا أفرطنا في التصوير التمثيلي - وأكثرنا فيه على

٢٤٢

حساب السرد التاريخي أو التحليل التاريخي، وعلى حساب الروايات المسندة من المصادر المعتبرة - فإنّنا سوف نَحجب الصورة الحقيقيّة للواقعة؛ لأنّ الغاية من الأسلوب الأدبي - في الرواية القصصيّة أو النثر القصصي أو الشعر - هو نشر الحقائق لا طمسها، فالإفراط فيه على حساب بقيّة الجهات من الرواية التاريخيّة أو الرواية المسندة في الفروع، أو المسندة في العقائد، لا شكّ أنّه نقض للغرض، نقض للغرض من الشعائر الحسينيّة بالذات، ونقض للغرض حتّى من نفس الرواية والأسلوب القصصي.

فإذاً، أوّلاً وبالذات، ينبغي أن يعتمد الخطيب والشاعر والكاتب والراثي على بيان الحقائق التاريخيّة، أو الحقائق المُسندة بالروايات وبالكتب التاريخيّة أو الروائيّة الحديثيّة، ثُمّ إذا ثبّت للآخرين - مستمعين كانوا، أو مشاهدين، أو قارئين...ـ ما هي حقيقة الواقع، شرعَ بعد ذلك يستثير عواطفهم ويصوّر لهم عظمة وهول هذه الحقائق، ومقدار عُظم الفاجعة وجلل الرزيّة، فيأتي الدور المتأخّر للرواية القصصيّة.

وكثيراً ما يُخلط بين المساحة للرواية التاريخيّة، والمساحة للرواية القصصيّة (لسان الحال وما شابه ذلك)، وبهذا المقدار في المقام الأوّل من الجهة الرابعة اتّضح ضابطة وموارد الرواية التاريخيّة في واقعة عاشوراء، وموطن الرواية القصصيّة، وموطن وضابطة الرواية العقائديّة أو الفرعيّة، إذ ليس من الصحيح بحالٍ من الأحوال أن تأخذ الضابطة لأحدها على حساب الأخرى.

هذا بالنسبة للمقام الأوّل.

٢٤٣

المقامُ الثاني

ضابطة وميزان التحليل للرواية وكيفيّة قبولها سواء كانت تاريخيّة، أو قصصيّة، أو فرعيّة، أو عقائديّة(1) .

البعض قد يُحكّم الإدراكات العقليّة الظنيّة، والبعض الآخر قد يُحكّم الاستحسانات.

فما هي الضابطة - على كلّ حال - في قبول الرواية التاريخيّة، أو الروايات الحديثيّة عن واقعة كربلاء أو تفنيدها؟

هذا هو المقام الثاني، هل أنّ ميزان اعتبار الروايات بأقسامها الأربعة التي ذكرناها، يخضع للإدراكات الظنّيّة العقليّة أو للاستحسانات، أم لأمور أخرى؟

الرواية في الفروع أو في العقائد إذا كانت عن واقعة عاشوراء، فمن الواضح أنّها خاضعة لموازين باب الاستنباط في الفروع أو في العقائد، ولكن - للأسف - قد نلاحظ نقضاً أو إبراماً، نفياً أو إثباتاً ممّن يقوم بالمساهمة في الشعائر الحسينيّة، حيث لا يستعين في هذا الباب (الرواية في مفاد الفروع، أو مفاد عقائدي)، بموازين مقررّة، فمع كونه غير مجتهد فإنّه لا يستعين بآراء فقهاء الإماميّة؛ وإنّما يتّخذ الموقف بنفسه، والحال أنّه ينبغي له أن يستعرض أقوال العلماء في المسألة؛ لأنّ المفروض أنّ هذا بحث تخصّصي، فإذا كان كذلك، فهو إذا قام بنشاط في مجال الشعائر من طريقة الشِعر، أو النثر، أو الخطابة، أو الرثاء،

____________________

(1) تطّلع على المقام الأوّل ص: 220.

٢٤٤

وتعرّض لذلك المفاد الفرعي، أو المفاد العقائدي نفياً أو إثباتاً بمعزل عن آراء الفقهاء والعلماء وبعيداً عن أقوالهم، فسوف لن يصل هذا الشخص إلى النتيجة الصائبة والهدف المطلوب، بل سوف يُسيء للشعائر الحسينيّة وهو يحسب أنّه يُحسن صُنعاً.

وقد شملت نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) سُنناً عديدة فرعيّة أو عقائديّة، ممّا يستلزم رجوع المُساهم فيها إلى أصحاب التخصّص إذا أراد معالجة حكم فرعي أو حكم عقائدي.

وكذلك بالنسبة إلى قضيّة البكاء التي سنبحثها في الجهة الآتية، إذ هناك تحليلات حول استحباب البكاء أو رجحانه، وحول إدخال التمثيل و(الشبيه) أو الآلات الموسيقيّة في الموكب الحسيني وغير ذلك، فالمفروض أن يُرجع في مثل هذا البحث إلى أهل الاختصاص، ومن هذا القبيل أمر تحليل الرواية في شؤون واقعة كربلاء سواء الرواية الفرعيّة، أو المرتبطة بمضمونٍ عقائدي.

فتحكيم العقل الظنّي أو العقل الاستحساني، يُشكّل خطورة على المعتقدات ويعتبر مَحقاً للدين؛ لأنّ ذلك ليس مقياساً وميزاناً لمثل هذه الأمور الشرعيّة.

أمّا في استخلاص المفاد في الرواية التاريخيّة أو الرواية القصصيّة؛ فإنّ التحليل التاريخي يخضع لوجود قرائن ومصادر تاريخيّة، ولو كانت هذه المصادر متأخّرة بحسب درجتها في الاعتبار.

بحيث لو ذَكرت المصادر التاريخيّة المتأخّرة حَدَثاً تاريخيّاً لم نعثر عليه في المصادر المتقدّمة التي وصلت بأيدينا، فلا ينبغي طرحه وإهماله.

مثلاً: كتاب أخبار المدينة للزبير بن بكّار، ينقل كثيراً من الحقائق التي لم

٢٤٥

تُدوّن في كتب التاريخ والسيرة، وينقلها عنه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة، والحال أنّ الزبير بن بكّار كان في أوائل أو منتصف القرن الثالث، ويذكر حقائق حول قضايا تاريخيّة، حول تاريخ المدينة، فلا تُطرح هذه الأحداث بسبب عدم درجها وتدوينها في الكتب التاريخيّة التي تقدّمت عليه.

فإذا ذَكر أحد المتقدّمين واقعة تاريخيّة أو حَدثاً ولم يكن منحرفاً في عقيدته فلا يُهمل ذلك النقل ولا يُطرح، إذ من المحتمل أنّه توفّرت لديه مصادر غنيّة جدّاً لم تصل بأيدينا، كما يُنقل عن السيّد ابن طاووس، حيث إنّ المصادر التي توفّرت عنده كانت كثيرة جدّاً وغنيّة ذكرها أصحاب التراجم، لكنّ المصادر القديمة التي سبقت ابن طاووس لم تصل بأيدينا، فحينما يَذكر ابن طاووس في كتابه اللهوف في قتلى الطفوف - مثلاً - أمراً تاريخيّاً، فلابدّ من الأخذ به؛ لتعذّر إثبات عدم نقل المصادر المتقدّمة عنه لذلك الحَدَث التاريخي، هذا إذا كانت حيثيّة البحث تاريخيّة وليست استنباطيّة فرعيّة(1) .

وينبغي التفريق بين الحيثيّات نفياً وإثباتاً، فإذا كان الباحث في مقام حيثيّة البحث التاريخي فلا يحتاج أن يكون الحديث مسنداً متسلسلاً روائيّاً، بل تبقى الواقعة المذكورة كواقعة تاريخيّة ذُكِرت وأُرّخت محتملة الصدق

____________________

(1) باعتبار أنّ واقعة كربلاء والشعائر الحسينيّة تختلف فيها حيثيّات البحث، فمن ثَمّ، يُحتمل للخطيب، أو الشاعر، أو الراثي، أو الكاتب للقصّة أن يمرّ بمقطع من المقاطع في حيثيّة تاريخيّة، ثُمّ ينتقل إلى حيثيّة فرعيّة، ثُمّ ينتقل إلى حيثيّة عقائديّة، ثُمّ يرجع إلى قضيّة قصصيّة، هذه الجهات متشابكة، ولا سيّما أنّها مركّزة حول شخصيّة واحدة، وهي شخصيّة المعصوم (عليه السلام)، فحينئذٍ يقع الخلط والالتباس، سواء عند المُثبِت أو النافي بين هذه الجهات وبين هذه الحيثيّات المتنوّعة.

٢٤٦

والكذب ما لم تقم عليها شواهد أخرى مؤيّدة.

وقلنا: إنّ أقسام الشعائر الحسينيّة لم تقتصر على الروايات التي هي في باب الفروع، أو الروايات التي هي في باب العقائد، وقد يكون جملة منها من قسم الرواية التاريخيّة أيضاً.

فتحصّل: أنّ أيّة مفردة تاريخيّة في الشعائر الحسينيّة لابدّ من تحليلها تحليلاً وافياً من جميع الجهات، وينبغي عدم الخلط بين موازين الرواية في باب الفروع، أو في باب العقائد - الذي هو ميزان استنباطي اجتهادي - مع ميزان الرواية التاريخيّة.

وفي واقعة كربلاء قلنا إنّ حيثيّات وجِهات الرواية تختلف على صعيد الأقسام الأربعة للرواية.

إشكالٌ وجواب

ومن الإشكالات التي تطرح استخلاص المادة التصويريّة التمثيليّة، هي: أنّ واقعة كربلاء باعتبارها واقعة صدق وواقعة حقيقة، فكيف نرسمها نحن بتصوير تمثيلي على أساس قواعد علم الأدب والبلاغة، أو على غِرار الرواية القصصيّة، كيف نرسمها بأسلوب قصصي، هذا ممّا يطمس الحقائق في واقعة كربلاء ويُخفي الصدق في تلك الواقعة، والحال أنّه لابدّ أن يظهر الصدق والحقيقة فيها، فكيف نطمسها بخرافات.

قلنا: إنّ هذه الدعوة في الجملة صحيحة، وهي: أنّ طغيان الأسلوب القصصي أو التصوير التمثيلي - الذي يُعبّر عنه بلسان الحال، أو بلسان التمثيل - إذا طغى على

٢٤٧

جميع مُجريات الشعيرة الحسينيّة، فلا ريب أنّه سوف يزوي جانب الحقيقة، ويحيد جانب الصدق في واقعة كربلاء، فالمفروض أن لا يكون همّ الخطيب أو الراثي أو الشاعر منحصراً في التصوير بالرواية التاريخيّة أو القصصيّة؛ لأنّه إذا ملأه بهذا الجانب فإنّه سوف يطمس جانب الواقع والحقيقة، ولكنّ هذا لا يعني أنّنا نلغي ونسدّ باب الأسلوب القصصي والتمثيلي في واقعة كربلاء، بل حتّى في الوقائع الأخرى؛ لأنّنا قلنا: إنّه ينبغي أوّلاً (كما هو منهج وضابطة الأسلوب القصصي والتصوير التمثيلي) أن يجري ذِكر الحقيقة، وذِكر كلّ خصوصيّات الحقيقة في أيّ واقعة معيّنة، فيُذكر مَعلم من معالم واقعة كربلاء الخالدة، ثُمّ لأجل التفاعل المطلوب اللازم مع حجم وخطورة الحدَث في الدين واستثارة العواطف - واستثارتها بحقّ لا بباطل، إذ كلّ حقيقة تتطلّب حيويّة روحيّة تناسب درجتها، أي تجسيد هذه الواقعة الحقيقية كصورة ماثلة حيّة لدى المستمعين أو القرّاء أو المشاهدين - ينبغي اعتماد التصوير التمثيلي.

والغرض منه ليس الإخبار بالمفاد المطابقي، بل الإخبار بالمفاد الالتزامي واللحاظ التَبعي فحينئذٍ لابدّ للناثر والخطيب والشاعر والراثي - بعدَما يروي رواية تاريخيّة صادقة (مقطع من مقاطع كربلاء)، ومن أجل أن يبيّن شدّة الحزن وعُظم الفاجعة فيها - أن يستعين بأساليب معيّنة ومنها التمثيل، حيث له دور في اتّساع المخيّلة والواهمة وفتح بقيّة قوى النفس على مصراعيها؛ لأجل الانجذاب إلى العقل وإلى ما أدركه العقل من صدق الواقعة ومن عُظم المصاب فيها، وما أدركه من ضرورة الوقوف إلى جانب الحقّ ونصرته، ومجانبة الظلم والعدوان ومحاربته.

ومن الغريب، أن يُفنّد بعض المحقّقين باب الرواية القصَصيّة أو التصوير

٢٤٨

التمثيلي ويُفنّده بدعوى أنّ الأسلوب القصصي كاذب، فلا يمكن اعتماد الكذب في واقعة كربلاء، والحال: أنّ البشريّة كلّها تعتمد هذا الأُسلوب، ومدار الصدق والكذب في هذا الأسلوب هو المدلول الالتزامي لا المدلول المطابقي، مثلاً إنتاج الفيلم ليس له أيّ واقعيّة حينما يكتبه كاتب قصصي، فإذا كانت غاية الفيلم تربية المجتمع على قضيّة أخلاقيّة سامية، فيقال: بأنّ هذه الرواية القصصيّة صادقة، صادقة لا بلحاظ مضمونها المطابقي؛ وإنّما بلحاظ غايتها، أمّا إذا كان فيلماً روائيّاً يصوّر من قِبل الراوي القصصي لأجل إشاعة الخيانة أو التعدّي على الآخرين، فيقال: إنّ هذا الكاتب منحلّ وكاذب ومخالف للحقيقة البشريّة، فالصدق والكذب في الرواية القصصيّة يدور مدار الغاية والجنبة الالتزاميّة، ولا يدور مدار المفاد المطابقي.

غاية الأمر أنّ لكلّ من الرواية القصصيّة والرواية التاريخيّة والرواية الفرعيّة مجالاً، كما أنّ للرواية في باب العقائد مجالاً ضمن مجموع نشاطات وآليّات الشعائر الحسينيّة، أي: الشعر، والنثر، والخطابة، والرثاء، فالمفروض هو عدم طغيان أحد الجوانب على الجانب الآخر، وينبغي أن يكون الأسلوب القصصي مؤدّياً للتفاعل مع الحقيقة، ولكن بشكل عاطفي صادق.

والأمثلة كثيرة، ولكن ينبغي الانتباه في تطبيق الضوابط السابقة التي ذكرناها للقارئ الكريم.

٢٤٩

٢٥٠

الجهةُ الخامسة: البكاءُ في الشَعائر الحسينيّة

٢٥١

٢٥٢

البكاءُ في المَصادر المُعتبرة

البكاء: أحد أقسام الشعائر الحسينيّة، ولأهمّيّته عقدَ المرحوم الشيخ المجلسي (قدِّس سرّه) - في كتابه بحار الأنوار - باباً خاصّاً للبكاء على مصيبة سيّد الشهداء(1) ، وقد جمعَ في ذلك الباب ما يزيد على الخميس طريق أو رواية، وأيضاً عقدَ باباً آخر، وهو باب (ثواب مَن أنشدَ في الحسين عليه السلام شِعراً).

وقد عقدَ الشيخ الحرّ العاملي بدوره في كتاب وسائل الشيعة، كتاب المزار، آخر كتاب الحجّ(2) ، باباً جمعَ فيه بالتحديد عشرين رواية أو طريق في ثواب البكاء، وهناك أبواب أُخرى ذَكرها صاحب الوسائل تقرب من أربعين باباً (في أبواب المزار)، اشتملت على أقسام عديدة في الحثّ على الشعائر الحسينيّة، من قبيل: زيارته (عليه السلام)، وإقامة المأتم عليه، والبكاء، وإنشاء الشِعر وإنشاده وغيرها.

وهذه الروايات - التي جَمعها صاحب الوسائل في باب 66 - ليست هي الروايات الوحيدة التي وردت في البكاء، بل الأبواب الأخرى أيضاً متضمّنة لذلك، حيث فيها روايات عديدة متعرّضة لأمور أخرى، ثُمّ تُعرّج على البكاء

____________________

(1) في ج 44: باب 34 في تاريخ الحسين (عليه السلام)، باب ثواب البكاء على مصيبته (عليه السلام).

(2) كتاب الحج: باب 66.

٢٥٣

بنحوٍ أو بآخر.

وكمحاولة لجمع الروايات في هذا الباب فهي تقرب من خمسمائة رواية(1) .

أمّا كتاب مُستدرك الوسائل للمحقّق الشيخ النوري (قدِّس سرّه)، فقد نقلَ في أبواب المزار(2) روايات تطرّقت لموضوع البكاء بطرق عديدة، سواء كانت تحت عنوان البكاء مباشرة، أو تحت عناوين أخرى أيضاً واردة لمناسبة أو أخرى، إلاّ أنّها تتعرّض للبكاء.

ومن الكتب التي تطرّقت لهذا البحث: كتاب كامل الزيارات لابن قولويه، شيخ الطائفة في عصره (جعفر بن محمد القمّي) المعروف، وهو أستاذ الشيخ المفيد،

____________________

(1) المصادر التي يعتمد عليها صاحب الوسائل، والمصادر التي يعتمد عليها العلاّمة المجلسي، بينهما عموم وخصوص من وجه؛ باعتبار أنّ المرحوم المجلسي لم يُكثر من النقل من الكتب الأربعة حفاظاً على بقاء شهرة الكتب الأربعة، ولكي لا تُستبدل الكتب الأربعة بالبحار، فإنّه - تقديساً لهذه الكتب - لم ينقل عنها الكثير؛ وإنّما نقلَ من كتب أخرى، بينما صاحب الوسائل كان نقله أكثر شيء من الكتب الأربعة، ثُمّ في المرحلة الثانية على كتب أخرى.

ولذا يوصي بعض أكابر العلماء بمراجعة الدورة الفقهيّة الموجودة في بحار الأنوار والمختصّة بالفروع، والتي هي تبدأ من ج 80 (من البحار) إلى ج 100، حيث إنّ هذه الروايات في البحار مصادرها تختلف غالباً - من أوّل كتاب الطهارة إلى الديّات - عن الروايات الموجودة في الوسائل، وإن كان بينها اشتراك.

(2) مستدرك الوسائل 10: 181.

هناك نظرة وهي: أنّ كلّ ما في المستدرك من طُرق فهي ضعيفة، وهذه نظرة خاطئة؛ لأنّ المستدرك يعتمد على الروايات التي فاتت صاحب الوسائل والموجودة في مصادر مختلفة مثل: قرب الإسناد، ومحاسن البرقي، وكتب الصدوق، كعيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ومعاني الأخبار والأمالي، وعِلل الشرائع وغيرها، هذه الروايات من هذه الكتب أكثرها مُسندة وليست مرسلة ولا مقطوعة.

٢٥٤

والكتاب مشهور بين علماء الطائفة.

والمجاميع المتأخّرة وإن كانت تُبوّب هذه الأبواب، إلاّ أنّ المتتبّع لها وللكتب القديمة يجد - مثلاً - رواية عُثر عليها في بعض الكتب المتأخّرة الثقافيّة، منقولة عن كتاب محاسن البرقي، لم يوردها صاحب الوسائل ولا المستدرك، ونقلها البرقي في باب الأطعمة والأشربة، عند ذِكر الطعام الذي يُقدّم للسجّاد (عليه السلام)، وهي مرتبطة بالبكاء على الإمام الحسين (عليه السلام).

فتقصّي الكتب المتقدّمة والمتأخّرة ومراجعتها أمر لازم، وقد مرّ بنا أنّ في كتاب أمالي الصدوق (قدِّس سرّه) عُقدت عدّة مجالس - أو أمالي - في المقتل قد يُطلق عليه مقتل الصدوق، ولو اقتُطع هذا الجزء وأُبرز ككتاب مستقلّ بحيث يكون باسم (مقتل الشيخ الصدوق (قدِّس سرّه))، لكان مصدراً معتمداً في هذا الباب أيضاً.

البكاءُ ذَروة الشَعائر الحسينيّة

يعتبر البكاء من عمدة أقسام الشعائر الحسينيّة - كما في كلمات الفقهاء والمحقّقين والمؤرّخين - بل نستطيع أن نسمّيه الشريان الدموي للعديد من الأقسام في الشعائر الحسينيّة، مثلاً: انظر إلى الخطابة، أو إلى الشعر، أو النثر، أو الرثاء، أو التمثيل - الشبيه - أو انظر إلى اللطم والعزاء، أو لبس السواد؛ فإنّ كلّ هذه الظواهر المختلفة من الشعائر الحسينيّة، حينما تريد أن تتألّق وتحلِّق وتبلغ ذروتها تصل إلى حدّ البكاء، فالبكاء حينما جعلناه قسماً من أقسام الشعائر الحسينيّة، فإنّه في الحقيقة هو ليس قسماً مقابل الأقسام الأخرى، بل ربّما جعله بعضهم مَقسماً لأقسام الشعائر الحسينيّة، وإن كان المَقسم للشعائر الحسينيّة هو ما

٢٥٥

ذكرناه في الجهة الأولى من تحديد الماهيّة الحقيقيّة للشعائر الحسينيّة، بلحاظ أنّها شعيرة وعلامة على معنىً سامٍ وحقيقة خالدة.

وهذا الاهتمام الكبير بالبكاء، إنّما نشأ من توصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة (عليهم السلام)، من خلال الحثّ الأكيد والتوجيه الشديد إليه، لذا اعتدّ به علماء الإماميّة - سواء المحدّثون، أو المؤرّخون، أو الفقهاء - في فتاواهم المتعلّقة بالشعائر الحسينيّة، حيث يبرز البكاء عندهم كأنّه العمود في خيمة الشعائر الحسينيّة، وما ذهبَ إليه فقهاء الإماميّة أو بقيّة أصناف علماء الإماميّة ليس هو فقط كفتاوى مسلّمة؛ وإنّما هو ما تشير إليه الأبواب العديدة الواردة في الشعائر الحسينيّة، وهو: أنّ البكاء هو عمدة ولُباب الشعائر الحسينيّة، وليس فقط قسماً من أقسام الشعائر الحسينيّة، بل هو لبّ الشعائر الحسينيّة وأهمّها(1) .

وكما ذكرنا أنّ الروايات التي تحثّ على البكاء وتبيّن فضيلته، ليست هي فقط تلك الأبواب التي عُقدت تحت عنوان (فضل البكاء وثواب البكاء على سيّد الشهداء (عليه السلام))، بل كلّ الأبواب التي وردت حوله تشير بأدنى مناسبة للبكاء، إمّا بلفظ البكاء، أو بما يرادفها، أو يلازمها وبإشارات مختلفة، حتّى أنّ بعض المتتبّعين

____________________

(1) مثلاً وردت عناوين عديدة فيما يتعلّق بتاريخ الإمام الحسين (عليه السلام) في كتاب البحار، أو في الكتب الروائيّة المتعدّدة التي أشرنا إليها.

كما في: مزار الوسائل، ومزار المستدرك، وفي كامل الزيارات، وكتب الشيخ الصدوق التي خُصّصت للروايات الواردة في قضيّة الحسين (عليه السلام)، مثل: مقتل الصدوق ضمن عدّة مجالس وردت في أمالي الصدوق، وعِلل البكاء في عِلل الصدوق وغيره، حتّى كتاب محاسن البرقي، وكتاب قرب الإسناد، وقد جُمعت كثير من الروايات في نفس عنوان الباب حول الحسين (عليه السلام)، إلاّ أنّها كلّها تردّد عنواناً معيّناً بألفاظ مختلفة وهو البكاء.

٢٥٦

ممّن له باع واسع في هذا التحقيق، ذَكر أنّه وردَ في ما يلازم ويرادف البكاء ما يقرب من خمسين لفظة حول الشعائر الحسينيّة، مثل: اللطم، أو اللّدم، القلق، الهلع، الجزع، البكاء، النوح، الندبة، الصيحة، الصرخة، الحزن، التفجّع، التألّم، وغيرها.

وأيضاً هناك إشارات أخرى في كيفيّة التركيز على البكاء، وإنّه من عمدة أبواب الشعائر الحسينيّة كذلك ما ذُكر في تاريخ الحسين (عليه السلام) - التاريخ الروائي - مضافاً لكتب التاريخ المختلفة، وكثير منها عن طريق مصادر العامّة، مثل: خيارات ابن عساكر، وتاريخ الخطيب البغدادي وغيرها، وكلّها تَذكر البكاء على سيّد الشهداء (عليه السلام)، حتّى الأنبياء قد بكوه قبل ولادته، بل قبل ولادة النبي الخاتمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وتذكر أبواب عديدة في هذا السياق، مثل: بكاء أنواع المخلوقات، ويبيّن مجموع الروايات في الأبواب العديدة جزع وبكاء الخلقة بأكملها على مصيبة سيّد الشهداء (عليه السلام).

فقضيّة كون البكاء هو العمدة في الشعائر الحسينيّة يكاد يكون أمراً واضحاً، ولربّما يُدقّق في التعبير بأن يُقال: بأنّ البكاء هو جوهر وروح الشعائر الحسينيّة، وبحسب الأدلّة الواردة فإنّنا لو كنّا نجمد على ظاهر الأدلّة، لرأينا أنّ للبكاء مكانةً وأهميّة يتفرّد بها من بين أقسام الشعائر الحسينيّة الأخرى، فالبكاء كالجوهر والروح لأقسام الشعائر الحسينيّة، وكأنّما إلغاء البكاء عن الشعيرة الحسينيّة هو عبارة عن تخليته عن جوهره، ومسخ لتلك الشعائر عن حقيقتها.

٢٥٧

الجَزعُ في الشعائر الحُسينيّة

الجزع: هو غير الحزن وغير البكاء، إذ إنّ الجزع في اللغة هو شدّة الحزن وعدم التصبّر، أو هو نوع من إبداء التفجّع الشديد، بشقّ الجيب، ونتف الشعر، وضرب الرأس، وخمش الوجوه، أو الصراخ الشديد، وهذه كلّها تعبيرات عن معنى الجزع باللازم، وإلاّ فإنّ معنى الجزع: هو إظهار المرء للألم الشديد عند الحزن بصخب وتفاعل ساخن، هذا هو الجزع.

ووردت روايات في ذلك، وقد عَثرنا على ما يزيد على عشرين رواية واردة في الجزع فقط، وعدّة من أسانيدها صحيحة منها:

1 - ما رويَ عن الإمام الصادق (عليه السلام):(كلّ الجزع والبكاء مكروه، ما خَلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (عليه السلام) (1) .

2 - وما نقله صاحب الوسائل عن جعفر بن قولويه في المزار، بسنده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول:(إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ (عليه السلام) فإنّه فيه مأجور) (2) .

3 - وعن مسمع بن عبد الملك، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) في حديث:(أمَا

____________________

(1) وسائل الشيعة: 14: 505، باب استحباب البكاء لقتل الحسين (عليه السلام)؛ بحار الأنوار: 44: 280 / ح9 عن الصادق (عليه السلام):(كلّ الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام)).

(2) وسائل الشيعة 14: 506.

٢٥٨

تَذكر ما صُنع به (يعنى بالحسين (عليه السلام)؟

قلتُ: بلى.

قال:أتجزع؟

قلت: إي والله، وأستعبر بذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك علي، فأمتنع من الطعام حتى يتبيّن ذلك من وجهي.

فقال:رَحم الله دَمعتك، أمَا إنّك من الذين يُعدّون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحُزننا، أمَا إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك...) (1) .

4 - نُقل في الوسائل عن مصباح الشيخ الطوسي، بسنده عن علقمة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في حديث زيارة الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء من قرب وبعد، قال:(ثُمّ ليندُب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر مَن في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويُقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليُعزّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين (عليه السلام)...) (2) .

5 - ما نقله صاحب مستدرك الوسائل عن نهج البلاغة، قال علي أمير المؤمنين (عليه السلام) على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساعة دُفن:(إنّ الصبر لجميل إلاّ عنك، وإنّ الجزع لقبيح إلاّ عليك) (3) .

6 - وفي صحيحة معاوية بن وهب نقلاً عن باب المزار في الوسائل، دعا

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 507؛ 10: 396.

(2) وسائل الشيعة 14: 509.

(3) مستدرك الوسائل 2: 445.

٢٥٩

الصادق (عليه السلام) بهذا التعبير:(... فارحَم تلك الوجوه التي قد غيّرتها الشمس، وارحَم تلك الخدود التي تقلّبت على حُفرة أبي عبد الله (عليه السلام)، وارحَم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمةً لنا، وارحَم تلك القلوب التي جَزعت واحترقت لنا، وارحَم الصرخة التي كانت لنا...) (1) .

فالروايات طرقها عديدة وصحيحة، وبعضها موثّق، فإذاً الجزع هو إشارة من إشارات البكاء.

ونظير هذا التعدّد في الطرق لهذه الطائفة من الروايات نجده في الكتب الأربعة أيضاً، في كتاب التهذيب للشيخ الطوسي، وكتاب الفقيه للشيخ الصدوق، وكتاب الكافي للشيخ الكليني التي هي من أهمّ مصادرنا.

فالحاصل: أنّ البكاء في الشعائر الحسينيّة - حسب ما ترسمه النظرة الأوّليّة العابرة للروايات المتواترة حول الشعائر الحسينيّة، وإقامتها في المصادر الروائيّة العديدة - فضلاً عن التاريخيّة - الروايات ترسم للناظر والمتتبّع رسماً أوّليّاً بديهيّاً فطرياً - هو جوهر الشعائر، وهو جوهر ذكرى نهضة الحسين (عليه السلام)، هذا كبحث إجمالي أوّلي من جهة أقوال علماء الإماميّة، ومن جهة نفس الروايات.

وأيضاً، كنظرة أوّليّة في الروايات أو في فتاوي العلماء، يظهر أنّ الحزن لا ينقضي إلاّ بظهور الإمام الثاني عشر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، والأخذ بثأر الدماء التي أُريقت في كربلاء مع الحسين (عليه السلام)، وتطبيق أهداف الأئمّة (عليهم السلام)، وبذلك نصل إلى صلاح البشريّة وانتشار القسط والعدل، وتحقيق أغراض وأهداف مسيرة الأنبياء، وهذا نوع من الثأر الشريف المنشود لدم الحسين (عليه السلام).

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 411 - باب 37 من أبواب المزار، نقلاً عن الكافي 4: 583.

٢٦٠