الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد13%

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 440

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131228 / تحميل: 6172
الحجم الحجم الحجم
الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

الشعائر الحسينية بين الاصالة والتجديد

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

أدق: فإنّ المكلَّف مخيّر بين الأفراد الطوليّة للصلاة، والأفراد العرضيّة لها أيضاً(١) .

وكذلك في مثال عِتق الرقبة، فالاختيار بيد المكلّف لعتق أيّ رقبة شاء، سواء كان المعتَق رجلاً أو امرأة، مسنّاً أو شابّاً، أسود أم أبيض وغير ذلك.

فحينئذٍ تطبيق هذه الماهية وهذا العنوان الكلّي على الأفراد، قد جعلهُ الشارع بيد المكلّف.

هذا الجواز في تطبيق الطبيعة الكلّيّة على الأفراد يسمّونه في اصطلاح علم أصول الفقه بالتخيير العقلي، يعني هناك جواز عقلي يتّبع حُكم الشارع والأمر بالطبيعة الكلّيّة، والمكلَّف مُخوّل بالتطبيق والتخيير بين الأفراد، وهو ما يُسمّى تخييراً عقليّاً؛ ليمتاز عن التخيير الشرعي، والذي هو أن ينصّ الشارع بنفسه على التخيير(٢) .

فهذا لا يُعدّ تشريعاً، أو إبداعاً، أو إحداثاً في الدين من قِبَل المكلّف؛ لأنّ المكلّف إذا أتى بصلاة الظهر في هذا المسجد دون ذاك المسجد، أو أتى بالصلاة بثوب مطيّب بطيب أو لم يأت به، أو إذا أتى بالصلاة في أوّل

____________________

(١) وقد ذكرَ هذا الأمر آية الله الشيخ حسن المظفّر في كتابه (نصرة المظلوم): ٣، وإليك نصّ عبارته: (وإذا كان سنخ الشيء عبادة ومندوباً إليه، سَرَت مشروعيّته إلى جميع أفراده من جهة الفرديّة)، وهذه العبارة تُشير إلى ما نحن فيه من أنّ الأمر بالكلّي الطبيعي يعني مشروعيّة جميع أفراده؛ وإنّما التخيير يكون بيد المكلّف.

(٢) كما في التخيير الوارد في خصال الكفّارة لـمَن أفطر متعمّداً في نهار شهر رمضان أنّ عليه: عِتق رقبة، أو صيام شهرين مُتتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فهذا تخيير شرعي.

٨١

الوقت، أو في وسط الوقت، أو في آخر الوقت؛ فإنّ هذه الخصوصيات في الواقع هي تطبيق لذلك الكلّي الطبيعي، وتطبيق لذلك الكلّي في ضمن هذه الأفراد والمصاديق والخصوصيّات، ولا يقال: إنّه نوع من البدعيّة أو التشريع أو الإحداث في الدين من قِبَل المكلّف؛ لأنّ الشارع - حسب الفرض - قد رسمَ وحدّدَ للمكلّف طبيعة كلّيّة من خلال الأمر بها، وخوّله أن يوجِد هذه الطبيعة في أيّ مصداق من المصاديق.

فلا يقال في موارد وجود التخيير العقلي والجواز العقلي في تطبيق الطبيعة على الأفراد والمصاديق، أنّ هذا التطبيق إنّما هو من تشريع المكلّف، إذ المفروض أنّ الشارع سوّغ له أن يُطبّق طبيعة الصلاة هذه في ضمن أيّ فرد، وجعلهُ مختاراً في ذلك.

والمفروض هو أنّ المكلّف - حين إتيانه بهذه الطبيعة في ضمن تلك الأفراد - لا يتديّن بتلك الخصوصيّة، وإنّما يتديّن بذلك المعنى الكلّي والفعل الكلّي الذي يُطبّقه في موارد الأفراد، لا أنّه يتديّن ويتعبّد بخصوصيّة من خصوصيّات الفرد، وإنّما هو يتعبّد بتلك الطبيعة الكلّيّة وبذلك المعنى الكلّي الذي يعمّ الموارد والأفراد المتعدّدة.

بخلاف ما إذا أراد المكلّف أداء الصلاة ونوى الفرد المخصوص (من الأفراد الطوليّة والعرضيّة)، مثلاً: نوى الصلاة المخصوصة في أوّل الوقت بدل أن ينوي الطبيعة في الفرد المزبور، أو نوى الصلاة في المكان الخاص بأنّه يتقرّب إلى الله بالفرد من الصلاة المخصوصة الواجبة..

هنا يتحقّق التشريع المحرّم؛ لأنّ المكلّف يتقرّب ويتعبّد ويتديّن بفرد

٨٢

الصلاة المخصوصة ذات المواصفات المعيّنة، والحال أنّ الشارع لم يأمر بهذا الفرد بخصوصه، بل أمرهُ بالطبيعة الصادقة والمنطبقة على هذه الأفراد، فالإتيان بالأفراد يقع على نحوين، والنحو الأول الذي ذكرناه هو الطريقة المتّبعة، والمشي المرتكز لدى المتشرِّعة، حيث يقصدون الطبايع في الأفراد.

فإذا أمرَ الشارع بطبيعة معيّنة أو سوّغ امتثالها وتطبيقها، لا يقال: إنّ المكلّف في ضمن هذا الفرد قد أبدعَ، أو قد أحدث، فمرتكز المتشرّعة - خواصّهم وعوامّهم - عدم التأمّل والتوقّف في المصاديق المستحدَثة، وفي تطبيق الطبيعة على الأفراد المختلفة تحت ذريعة وطائلة الابتعاد عن التشريع المحرّم، بل هم يرون أنّ هذا نوع من امتثال أوامر الشريعة، ونوع من التديّن بما تُحدّده لنا الشريعة المقدّسة.

فإذاً، ترتسم لنا من هذه النقطة الأولى: أنّ في كلّ مورد يأمر الشارع بطبيعة كلّيّة ولا يُقيّد بخصوصيّة معيّنة، فالمستفاد من ذلك الأمر هو الجواز الشرعي، أو قل الجواز العقلي التَبعي بتطبيق هذه الطبيعة الكلّيّة بالمعنى الكلّي في ضمن أيّ فردٍ من الأفراد، ويكون التديّن في تلك الأفراد والتعبّد والتقرّب بالطبيعة الكلّيّة، والمعنى الكلّيّ الموجود والمتكرّر في ضمن تلك الأفراد والخصوصيّات، ولايكون ذلك تعدّياً على ما رسمَ الشارع، وليس إحداثاً في الدين، ولا ابتداعاً ولا غير ذلك من المعاني.

النقطة الثانية: (١) تقسيم العناوين الثانويّة

العناوين الثانويّة لها تقسيمات عديدة، والذي يهمّنا في المقام هو

____________________

(١) راجع النقطة الأولى ص: ٧٨ من هذا الكتاب.

٨٣

تقسيم العنوان الثانوي إلى: عنوان ثانوي في الحُكم، وعنوان ثانويّ في الموضوع.

العنوان الثانوي في جنبة الحُكم:

وهو ما يكون ملاكه ثانويّاً، ومن ثُمّ يكون حكمه ثانويّاً، من قبيل: عناوين الضرر، والحرج والنسيان والإكراه، والاضطرار والجهل وغيرها.

هذه العناوين الثانويّة يقال لها إنّها عناوين ثانويّة في جانب الحُكم؛ لأنّها حينما تطرأ سوف تُغيّر الحكم الأوّلي في المورد الذي تطرأ عليه بسبب طروّ ملاك جديد، فهذه العناوين ملاكاتها ثانويّة، ونقصد من قولنا ثانويّة: هو الطروّ الثانوي للملاكات على الأفعال، فتُغيّر ملاكها الأولي.

العنوان الثانوي في جنبة الموضوع:

وهي حالات نسمّيها طارئة، ولكن ليست حالات طارئة في الحكم والقانون، بل حالات طارئة وعناوين ثانويّة في جنبة الموضوع.

هذه الحالات الطارئة لا يكون ملاكها طارئاً ثانويّاً، بل ملاكها وحكمها أوّلي، إنّما موضوعها ثانوي، فهي ثانويّة بلحاظ الموضوع أي أنّها ثانويّة وطارئة الموضوع.

مثلاً: القيام احتراماً للقادم، أو مصافحته، أو توسعة المجلس له، أو أيّ نوع من آداب الاحترام ربّما لم تكن هذه المظاهر أو بعضها فيما مضى من عهود البشريّة، ولم تُستخدم هذه الرسوم والتقاليد لإبداء الاحترام، لكن شيئاً فشيئاً، صارت الأجيال المتعاقبة تستخدم أشكالاً أخرى في الاحترام

٨٤

والتعظيم..

فأخذوا يجعلون القيام وسيلة وعلامة لإبداء الاحترام والتعظيم، فهنا الاحترام والتعظيم بين الجنس البشري ليس حكماً طارئاً، وليس ملاكه استثنائيّاً، بلى هو حكمٌ أوّلي من ضمن الأحكام الأوّليّة المقرّرة في الشرع، سواء شرع السماء، أم شرع العقل.. أي ما يحكم به العقل مستقلاًّ.

فالاحترام: حُكم أوّلي يحكم به العقل، ويحكم به الشرع، لكنّ المصاديق المستجدّة المستحدَثة من أنحاء الاحترام - كالمصافحة باليد والقيام، والإيماء بالرأس، وما شابه ذلك - إنّما هي مصاديق طارئة للاحترام، فهنا الطروّ والحالة الاستثنائية والحالة المستجدّة ليست في الحكم، وإنّما هي مستجدّة في نفس الموضوع.

القيام مثلاً لم يكن متّخذاً عند العقلاء أو عند البشريّة كوسيلة لإبداء الاحترام، لكنّه أصبح في العصور اللاحقة وسيلة لإبداء الاحترام مثلاً، كما كان على صورة السجود في بعض العصور المتقادِمة كذلك.

فتلبّس القيام بكونه وسيلة لإبداء الاحترام، هو نوع من الطروّ والحالة الاستثنائيّة والحالة غير الأوّليّة، ولكن هذه الحالة الطارئة في علم القانون الوضعي أو الشرعي، ليست طارئة في جانب الحُكم، بل في جانب الموضوع، وإلاّ فحكم الاحترام والتعظيم حكم أوّلي وليس حكماً ثانويّاً، لكن إيجاد الاحترام في ضمن هذا المصداق أو هذا الموضوع، حالة طارئة وليست حالة أوّليّة.

حيث إنّ ماهيّة القيام: هي استواء صُلب الإنسان على رجليه، فالاحترام ليس مخبوّاً ومطويّاً في ماهيّته، بل هو عنوان طارئ استثنائي حالّ على القيام، وهذا معنى أنّه عنوان ثانوي وحالة طارئة، ولكن ليس

٨٥

ملاكه ثانويّاً للحُكم، بل ملاك الحكم فيه أوّلي، وحكمه ثابت، وإنّما كيفيّة الاحترام تكون طارئة وثانويّة.

ففي علم القانون - سواء الوضعي أو الشرعي - هناك قسمان من الحالات الطارئة، وقسمان من العناوين الثانويّة: عناوين ثانويّة في طرف الموضوع، وعناوين ثانويّة في طرف المحمول (الحكم).

الفوارقُ بين العناوين الثانويّة في جنبة الحكم وفي جنبة الموضوع

الأوّل: إنّ الطروّ في العناوين الثانويّة في جنبة الحكم هو طروّ بلحاظ المحمول، أي: بلحاظ الحكم والقانون والتقنين.

وأمّا العناوين الثانويّة الطارئة في الموضوع؛ فإنّ الطروّ فيها والاستثناء في نفس الوجود الخارجي للموضوع.

الثاني: إنّ العناوين الثانويّة في جنبة الحكم، أو الحالات الطارئة في التقنين، حالات طارئة في التقنين في الملاك، وأمّا الحالات الطارئة والعناوين العارضة على الموضوع فملاكها أوّلي وليس بطارئ.

الثالث: تشريعات أيّ قانون سواء من القوانين الوضعيّة أو السماويّة، عندما تُشرّع لا يراد منها أن تكون جامدة، ولا أن تبقى في دائرة عدم التفعيل، بل الغاية المنشودة من تشريع القوانين الأوّليّة: هو أن تُجرى وأن تُطبّق، وأن تكون فعليّة في مجال التطبيق والممارسة، وتوصِل إلى الملاكات وتحقّق الأغراض التي رَسمها المُقنّن والمشرِّع من تشريعاته.

فلابدّ من الانتباه إلى أنّ العناوين الثانويّة والحالات الطارئة في قسم المحمول أو جانب الحكم، يجب أن لا تأخذ مأخذاً واسعاً في التطبيق

٨٦

والمصداق الخارجي والتنفيذ، وإلاّ لعاد الحكم الثانوي أوّليّاً، وعاد الحكم الأوّلي حكماً ثانويّاً، وهذا أمر مهمّ ينبغي الالتفات إليه.

وإذا ما جرى بواسطة العناوين الثانويّة، وبذريعة: (لا ضرر ولا حرج)، وبسبب الاضطرار والنسيان وغير ذلك الاجتراء على إسقاط الأحكام الأوّليّة واحدة تلو الأخرى، فتُجعل الحالات الثانويّة حالات دائمة، بينما تُجعل الحالات الأوّليّة حالات استثنائيّة شاذّة، فإنّ ذلك نقض أصول أغراض التشريع، إذ المفروض أنّ الأحكام الأوّليّة تبقى على حالتها الأوّليّة، يعني أن تكون هي غالبة ودائمة وأكثريّة، والحالات الثانويّة الاستثنائيّة هي طارئة ونادرة.

وهذا بعينه مُراعى في القوانين الوضعيّة أيضاً، حيث يحاول المنفِّذ أو المدير لأيّ شعبة إداريّة أو وزاريّة أن لا يفتح المجال للاستفادة من استثناءات القانون، إذ المفروض أنّ الاستثناء حالة غير طبيعيّة وليس حالة أوّليّة دائمة، بل حالة طارئة، ولو فُتح الباب للحالة الاستثنائيّة في القانون، لانقلبَ الوضع وانعكس الأمر، حيث يُصبح القانون هو الحالة الاستثنائيّة، وتصبح الحالات الاستثنائيّة هي القانون، فالحذر من وقوع هذه الحالة يكون من باب المحافظة على أغراض القانون.

ومحلّ الكلام: هو أنّ العناوين الثانويّة للحكم ينبغي أن لا تنقلب إلى أحكام أوّليّة، بل تبقى حالة شاذّة، ومن ثُمّ نجد الفقهاء في فتاواهم فيما يرد عليهم من أسئلة عامّة الناس - بقدر الوسع والإمكان - لا يفتحون المجال لذريعة المستفتي في الضرر والاضطرار والحرج لتسويغ رفع الأحكام الأوّليّة، بل يُدقّقون ويُفتّشون ويتحرّون في الحالة التي يُستفتى عنها في العثور على مخرج غير ثانوي، ويسعَون في تطبيق الأحكام الأوّليّة،

٨٧

والتأكّد ممّا يدّعيه السائل، فقد تكون حالة الاضطرار، أو الإكراه، أو الإلجاء، أو النسيان غير موجودة، بل مجرّد ادّعاء أو وهم وجهالة لا واقع لها.

أمّا الحالة الطارئة والعناوين الثانويّة في الموضوع، فلا مانع من أن تصبح دائمة ومستمرّة مثلاً: اتّخاذ القيام وسيلة للاحترام والتعظيم، حيث يصبح القيام وسيلة دائمة للاحترام والتعظيم، ودون أن يكون فيه نقض لغرض التقنين الشرعي..

لأنّ المفروض أنّ التعظيم والاحترام المتبادَل بين الإنسان وبني جنسه، له ملاكٌ أوّلي وليس ملاكه ثانويّاً، بل هناك غرض ومصلحة في تقنينه أوّليّاً، إنّما يكون الطروّ أو الاستثناء في تحقّق موضوعه في هذا المصداق أو ذاك، لا أنّ حكمه وملاكه وغرضه ثانوي استثنائي، إنّما طريقة وجوده في الخارج حصلَ بها طروٌ تكويني، فهي حالة طارئة تكوينيّة وليست حالة طارئة في فلسفة الحكم والملاك.

مثل هذه الحالات الثانويّة - التي هي في جانب الموضوع - لا يكون فيها نقض للغرض حتّى لو كانت دائميّة غالبة.

الخلاصة:

ضرورة التمييز بين شكلين ونحوين من العناوين الثانويّة والطارئة، فالعناوين الثانويّة الحُكميّة لو انقلبت إلى دائميّة، لكان ذلك نقضاً لغرض التقنين، ولكان إبداعاً وتشريعاً في الدين.

وأمّا الحالات الثانويّة في طرف الموضوع - فمعَ كون ملاكاتها أوّليّة، فإنّها إذا كانت دائمة وغالبة في المصداق - كما مثّلنا لذلك بالقيام دلالةً

٨٨

على الاحترام والتعظيم - فلا مانع من ذلك، وليس فيه أي نقض لفلسفة التقنين أو منافاة لمَا يسمّى بالحكم أو الملاك؛ لأنّ المفروض أنّ فلسفة الحكم في التعظيم والاحترام أوّليّة ودائمة، وليست استثنائيّة شاذّة طارئة، نعم، في هذا المصداق أصبحت طارئة، وهذا فارق مهمّ جدّاً بين العناوين الثانويّة في جانب الموضوع، والعناوين الثانويّة في جانب الحُكم، أو قل: الحالات الطارئة في جانب الموضوع والحالات الطارئة في جانب الحكم.

ثمرةُ الفرق بين النوعين:

وهناك ثمرات عديدة في الأبواب الفقهيّة لهذه الفوارق.

مثلاً عندما يأمر الشارع في الآية:( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ... ) (١) ، لم يُقيّد الإنذار بأشكال معيّنة، وكذلك الأمر في نَشر الدين والإعلام، حيث لم يأمر الشارع بوسيلة وبأسلوب وبمصداق وبخصوصيّة معيّنة في الإنذار، فحينئذٍ يتّخذ الإنذار أساليب تختلف كلّما استجدّت الأعصار، فلا يتحرّج أحد من نشر أحكام الدين بواسطة وسائل الإعلام الحديثة من قبيل: الإذاعة والتلفزيون، أو الصُحف والمجلاّت، أو الإنترنت والقنوات الفضائيّة والبريد الإلكتروني وغير ذلك، إذ بمقتضى النقطة الأولى لم يُقيّد الشارع الإنذار، ولم يُخصِّصه بأسلوب مُعيّن، فالشارع حينئذٍ سمحَ وجوّز كلّ المصاديق التي تُحقّق هذا العنوان في الخارج العملي.

____________________

(١) التوبة: ١٢٢.

٨٩

فالتخيير العقلي في محلّ البحث - وهو الشعائر - حاصل ومتحقّق، حيث إنّ الآية الكريمة:( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ.. ) (١) تُبيّن أنّ غرض الشارع هو إتمام نوره وانتشاره واتّساعه وعلوّه.

فكلّ ما نتّخذه نحن من أساليب ومصاديق - وأشكال لنشر الدين، ورفع بيوت الله سبحانه، وما فيه إعلاء لكلمة المؤمنين - تكون جائزة وصحيحة ولا يُتطرّق إليها شبهة البدعة والتشريع.

فلو سلّمنا القول: بأنّ الشارع قد جعلَ للشعائر حقيقة شرعيّة ووجوداً شرعيّاً، اعتماداً على الصنف الأول من الأدلّة.

لكنّ الأدلّة من الصنف الثاني والصنف الثالث(٢) ، لم يُحدّد الشارع فيها أسلوباً أو مصداقاً معيّناً للشعائر، فإذا استحدثَ المسلمون وسائل وخصوصيات ومصاديق معيّنة، ينشأ منها زيادة ذِكر الله سبحانه وانتشار نوره واعتزاز دينه، فلا

تكون بدعة ولا تُعدّ تشريعاً محرّماً.

فالقائل بضرورة كون الجاعل للشعائر هو الشرع، سوف لن ينتهي إلى النتيجة التي يحاول إثباتها، وهي: حرمة وضع الشعائر المتجدّدة والمُستحدَثة؛ وذلك لمَا بيّنا من النقطتين السابقتين وهما:

١ - تعبّد وتديّن المكلّف بالطبيعة الكلّيّة الموجودة، والمعنى الساري الحاصل في المصاديق.

____________________

(١) التوبة: ٣٢.

(٢) راجع ص: ٣٤ - ٣٨ من هذا الكتاب.

٩٠

٢ - تقسيم العناوين الثانويّة إلى:

أ) عناوين ثانويّة في جنبة الحكم.

ب) عناوين ثانويّة في جنبة الموضوع.

مع معرفة الفوارق بين هذين القسمين.

وجدير بالذكر: أنّ الأمثلة التي تُضرب في العناوين الثانويّة؛ إنّما أكثرها هي العناوين الثانويّة في جنبة الحكم، مثل: عناوين الضرر، الحرج، النسيان، الجهل، الإكراه وما شابه.

أمّا العناوين الثانويّة في جنبة الموضوع، مثل: الاحترام في ضمن مصداق القيام، أو المصافحة، أو المعانقة، فهي لا تكاد تُذكر.

فمثلاً: مبحث اجتماع الأمر والنهي، وطروّ الصلاة في الدار الغصبيّة، ليس من قبيل العناوين الثانويّة في جنبة الحكم، بل هو من قبيل العناوين الثانويّة في جنبة الموضوع، وكذلك مبحث التزاحم.

النقطة الثالثة (١) :

مصداق العناوين الثانويّة في جنبة الموضوع، يجب أن يكون مصداقاً محلّلاً في نفسه بالحلّيّة بالمعنى الأعم، الشاملة للمكروه، والمقابِلة لخصوص الحُرمة..

فالحلّيّة بالمعنى الأعم شاملة: للمستحب، والواجب، والمكروه، والإباحة

____________________

(١) النقطة الثالثة من الجواب التفصيلي عن إشكاليّة وضع الشعائر بيد العُرف، تراجع النقطة الأولى ص: ٧٨، والنقطة الثانية ص: ٨١ من هذا الكتاب.

٩١

الخاصّة؛ في مقابل خصوص الحرمة، والعناوين الكلّيّة والأفعال الكلّيّة العامّة التي أمرَ بها الشارع بنحو كلّي، أي خُيّرنا فيها التطبيق على أيّ مصداق، أو على أيّ فردٍ وإن كانت هي ذات ملاك أوّلي وفعل أوّلي، إلاّ أنّ طروّها في الخصوصيّات والمصاديق هو طروّ ثانوي، فلابدّ أن يكون رسوّها ومصداقها ومهبطها محلّلاً بالمعنى الأعم.

فمن ثُمّ يجب على الفقيه أن يُثبّت الحلّيّة أوّلاً بالمعنى الأعمّ في المصداق، ومن ثُمّ يطرأ الوجوب.

والوجوب ليس وجوباً طارئاً من حيث الملاك، إذ الملاك أوّلي، بل الطروّ من جهة الموضوع.

وقد يُثبته بالأصل العملي ويفرض الشكّ فيه من زاوية الحكم للمصداق في نفسه، مثلاً: هل الضرر اليسير في الشُعيرة محلّل أو لا؟ فزيارة القبور في نفسها - لو كان فيها ضرر يسير في نفسها - هل عنوان مفسدة ذاتيّة أو لا؟ في حال الشكّ وعدم الدليل نُجري أصالة البراءة، ثُمّ بعد ذلك نستدلّ بالعنوان الثانوي من جنبة الموضوع (لا الثانوي من جنبة الحُكم) وهو إحياء الشعائر، فيحصل الجمع بين الجنبتين، كما إذا أراد المكلّف أن يصلّي الصلاة الواجبة التي لها حكم أوّلي وشكّ في غصبيّة المكان، فيُجري البراءة أوّلاً، ثُمّ يقوم بأداء الصلاة - وقد دخل وقتها أو تضيّق وقتها - فيكون مصداقاً للواجب.

فمن جنبة المعنى الكلّي العام هو ملاك أوّلي وحُكم وواجب مثلاً، أمّا من جنبة المصداق فيجب أن تثبت حلّيّته بالمعنى الأعم لكي تُطبّق ذلك المصداق الكلّي عليه، فليس هناك تدافع ولا تنافي بين الجنبتين.

٩٢

وهذه إحدى الجهات اللازم توضيحها في هذه القاعدة، وهي: أنّ العناوين الثانويّة في جنبة الموضوع، يجب أن يكون مصداقها محلّلاً بالمعنى الأعم.

ويستدلّ العلماء على أنّ المصداق لابدّ أن يكون مُحلّلاً بالمعنى الأعم، إذ المفروض - كما قلنا - إنّ الأمر الشرعي بطبيعة عامّة: كالصلاة، والزكاة، والاعتكاف، والشعائر يُستفاد منه تخيير عقلي أو شرعي في تطبيق الطبيعة الكلّيّة على المصاديق , وهو تجويز وتسويغ من الشارع في تطبيق هذا المعنى العام على المصاديق.

ولا ريب أنّه لا يتناول الخصوصيّات المحرّمة حفظاً ورعاية للتوفيق بين أغراض الأحكام الشرعيّة، نعم، هذا التجويز والتسويغ يتناول حتّى المصاديق المكروهة ولا مانع من ذلك، مثل: الصلاة في الحمّام، والصلاة في المقبرة، وفي الأرض السبخة مثلاً، وهذه الصلاة وإن كانت مكروهة إلاّ أنّها صلاة سائغة ومشروعة، وإذا كان الحال كذلك، فلابدّ من الإمعان في هذه القاعدة، فإنّ الإمعان والتدبّر فيها يكشف لنا الستار عند اللبس الموجود بين موارد البدعة وبين موارد الشرعيّة.

اجتماعُ الأمر والنهي في مصداق واحد

هذا، ويلاحظ من بحث الفقهاء والأصوليّين في مسألة اجتماع الأمر والنهي - نظير الصلاة في الدار المغصوبة - أنّ شمول دليل الأمر لموارد الأفراد المحرّمة مفروغ عنه، فالصلاة المأمور بها شاملة لفرد الصلاة في الدار الغصبيّة، ولك أن تقول: إنّ هناك قولين معروفين في مسألة اجتماع الأمر والنهي على تقدير وحدة مصداق المأمور

٩٣

به والمنهيّ عنه:

أحدهما: وهو قول المشهور(١) شهرة عظيمة، واختاره صاحبا (الرسائل) و(الكفاية)، وهو: تزاحم الحُكمين، لا التزاحم في مقام الامتثال، بل التزاحم بين مِلاكي الحُكمين ومقتضى المصلحة والمفسدة، فيقدّم ويراعى الأهمّ، ولا يخفى أنّ التزاحم وإن كان ملاكيّاً فإنّه لا يعني سقوط دليل الحكم غير الأهمّ وعدم شموله لمورد اجتماع الحُكمين، بل غايته هو فساد العبادة لأجل أنّ التقرّب فيها لا يصلح أن يكون بما هو مبغوض شرعاً ومحرّم، وليس لكون دليل طبيعة الصلاة المأمور بها قاصر الشمول عن مورد تصادقه مع الفرد الحرام.

ومن ثُمّ حكم المشهور بصحّة الصلاة في الدار الغصبيّة مع قصور المصلّي لجهله وغفلته عن غصبيّة الأرض، وتصحيحهم للصلاة المزبورة مُستند إلى نقطتين:

الأولى: هو شمول دليل الصلاة إلى الفرد المحرّم.

الثانية: عدم تنجّز الحُرمة على القاصر الذي أتى بالفرد المحرّم وأوقعَ الصلاة فيه وعدم معصيته، فلم يكن متجرّئاً طاغياً على مولاه.

هذا، بخلاف القول الثاني(٢) الذي يتبنّى التعارض في الفرد الذي يتصادق فيه الحكمان؛ فإنّ أصحاب هذا القول يبنون على سقوط دليل الأمر في مورد اجتماعه مع النهي لتحقّق التعارض بين الدليلين، فلا يكون دليل الأمر شاملاً لمورد الاجتماع.

____________________

(١) ذهبَ إليه الشيخ الأنصاري، والآخوند، والمحقّق العراقي، والمحقّق الأصفهاني (رحمهم الله) وغيرهم.

(٢) ذهبَ إليه المحقّق النائيني (قدِّس سرّه)، وجمعٌ من تلامذة مدرسته.

٩٤

وعلى ضوء ما تقدّم، قد تقرّر النسبة إلى المشهور قولهم بشمول أدلّة الأوامر إلى الفرد والمصداق المحرّم، وعدم تقييد طبائع الأوامر في طروّها على المصاديق بما كان محلّلاً بالحلّيّة الأعم، سواء كانت تلك الطبائع المأمور بها ذاتيّة لمصاديقها، أو عناوين ثانويّة في جنبة الموضوع لآحاد المصاديق.

وحينئذٍ أمكنَ لنا أن نقول بشمول الدليل الآمر بالشعائر وتعظيمها وما شابه ذلك، أو الأمر بالصلاة - مثلاً - لكلّ الموارد والمواطن المحلّلة بالحلّيّة بالمعنى الأعم، وأمكن لنا أن نُعمّم الدليل - دليل المشروعيّة - لكلّ تلك المواطن، ويكون ذلك الموطن مشروعاً وشرعيّاً وعليه الصفة الشرعيّة، وليس فيه واهمة للبدعة أو البدعيّة.

بعضُ أقوال العلماء في المقام:

ونتعرّض هنا لبعض أقوال الأعلام في المقام:

قال صاحب الحدائق (قدِّس سرّه) - بعد ذِكر مسألة كراهة لبس اللباس الأسود في الصلاة -: (ثُمّ أقول: لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين (عليه السلام) من هذه الأخبار؛ لمَا استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الحزن، ويؤيّده ما رواه شيخنا المجلسي (قدِّس سرّه) عن البرقي في كتاب المحاسن: رويَ عن عمر بن زين العابدين أنّه قال: (لما قُتل جدّي الحسين المظلوم الشهيد، لبسَ نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد ولم يغيّرنها في حرّ أو برد، وكان الإمام زين العابدين صنعَ لهنّ الطعام في المأتم)(١) .

____________________

(١) الحدائق الناضرة: ٨: ١٨، نقلاً عن المحاسن للبرقي: ٤٢٠.

(٢) جامع الشتات ٢: ٧٨٧، الطبعة الحجريّة.

٩٥

فعلّل الخروج عن النهي في لبس السواد بعموم الأمر بإظهار شعائر الحزن، مع أنّ النسبة هي عموم وخصوص من وجه، ومقتضى عموم النهي شموله لمورد التصادق وهو من اجتماع الأمر والنهي.

وللميرزا القمّي (قدِّس سرّه) - صاحب القوانين - في كتاب جامع الشتات(١) مجموعة من الأسئلة حول الشعائر الحسينيّة، حيث قال بجواز الشبيه ضمن الشعائر الحسينيّة ورجحانه، واستدلّ على ذلك بعمومات البكاء والإبكاء، حيث إنّ عمومات البكاء والإبكاء لها مصاديق مختلفة يمكن أن تشملها.

وأحد المصاديق الموجِبة للبكاء والإبكاء: هو ما يكون في ضمنه التشبيه والتمثيل التي تثير عواطف الناظرين وتستدرّ دموعهم، وذَكر (رحمه الله) أنّه على تقدير عموم حرمة تشبّه الرجل بالمرأة، أو المرأة بالرجل (في الشبيه قد يُضطرّ إلى تشبّه الرجل بالمرأة)، فاستدلّ على جواز هذا الفرد من الشبيه أو التمثيل بعموم أدلّة البكاء والإبكاء، وقال: بأنّه على تقدير عموم حرمة التشبّه لهذا المصداق نقول: إمّا بالتعارض أو بالتزاحم، فإذا قلنا بالتعارض سوف يتساقطان، أي: يسقط عموم دليل الشعائر، وعموم دليل الحرمة أيضاً، وتكون الفائدة بعد سقوط حرمة الشبيه أن يبقى الفعل حينئذٍ على الجواز بإجراء أصالة البراءة، وهو في صدد إثبات الجواز والحلّيّة، فمن ثَمّ لو نتجَ عن العمومَين التعارض من وجه، فغايته أن يتساقط العمومان ثُمّ نتمسّك بأصالة البراءة.

وإذا قلنا بينهما التزاحم، فعمومات البكاء والإبكاء أرجح وأهمّ فتُقدّم.

وقد ذهبَ السيّد اليزدي (قدِّس سرّه) أيضاً - في أجوبته عن الشعائر

____________________

(١) جامع الشتات ٢: ٧٨٧، الطبعة الحجريّة.

٩٦

الحسينيّة(١) - إلى ما ذهبَ إليه صاحب الحدائق، من رجحان لبس السواد على الكراهة، لإظهار الحزن والتفجّع والتألّم على مصاب الحسين (عليه السلام).

وذهبَ السيّد الگلبايگاني (قدِّس سرّه) في فتواه(٢) إلى جواز الشبيه، تمسّكاً بعمومات رجحان البكاء والإبكاء (مع أنّ عموم البكاء والإبكاء لا يشير إلى مصاديق خاصّة؛ وإنّما يتناول بعمومه مصاديق متعدّدة، ومع ذلك استفادَ المشروعيّة للمصداق الخاص بعمومات البكاء).

وقد ذكرَ الشيخ حسن المظفّر (قدِّس سرّه) في كتابه نصرة المظلوم، ما لفظه:

(لا شكّ أنّ إظهار الحُزن ومظلوميّة سيّد الشهداء (عليه السلام) - والإبكاء عليه وإحياء أمره - بسنخه عبادة في المذهب، لا بشخص خاصّ منه، ضرورة أنّه لا ترد في الشريعة كيفيّة خاصّة للحزن والإبكاء وإحياء الذكر المأمور به؛ ليقتصر عليه الحزين في حزنه، والمُحيي لأمرهم في إحيائه، والمبكي في إبكائه، وإذا كان سنخ الشيء عبادةً ومندوباً إليه سَرَت مشروعيّته إلى جميع أفراده من جهة الفرديّة)(٣) .

فما تشير إليه كلمات الأعلام: هو استفادة مشروعيّة المصاديق المستجدّة المُستحدَثة للشعائر بنفس عموم العام، ولا يبنون على البدعيّة أو التشريع المحرّم؛ لأنّ عموم ذلك العام ينطبق على مصاديقه بمقتضى النقطة الثانية التي ذكرناها، وهي: أنّ بعض العناوين الثانويّة التي لها ملاكات أولّيّة،

____________________

(١) في حاشيته على رسالة الشيخ جعفر التستري (طبعة قديمة).

(٢) مجمعُ المسائل.

(٣) نصرة المظلوم: ٢٢.

٩٧

لكنّ موضوعها طارئ وثانويّ، فطروّ هذا الموضوع على تلك المصاديق يستنبط العلماء منه مشروعيّة تلك المصاديق، وهذه حقيقة فقهيّة يتغافل عنها القائل ببدعيّة الشعائر المستجدّة والمتّخذة حديثاً.

وفي عبارة للشيخ جعفر كاشف الغطاء أيضاً(١) : «وأمّا بعض الأعمال الخاصّة الراجعة إلى الشرع، ولا دليل عليها بالخصوص، فلا تخلو بين أنّه تدخل في عمومٍ، ويُقصد بالإتيان بها الموافقة من جهته (يعني جهة العام التي انطوت تحته تلك الخصوصيّة)، لا من جهة الخصوصيّة كقول: (أشهدُ أنّ عليّاً وليّ الله) في الأذان لا بقصد الجزئيّة، ولا بقصد الخصوصيّة؛ لأنّها معاً تشريعٌ، بل بقصد الرجحان الذاتي أو الرجحان العارضي؛ لمـَا وردَ من استحباب ذِكر اسم عليّ (عليه السلام) متى ذُكر اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

فحينئذٍ الشهادة الثالثة، مع عدم البناء على قصد الجزئيّة، بل البناء على قصد الاستحباب العام، فلا يُحكم عليها بالبدعيّة، كما وقعَ عند بعض المتوّهمين وأثاروا دائرة هذا البحث، حيث المفروض أنّ مَن يأتي بها إنّما يقصد جهة العنوان العام، وهو اقتران ذِكر اسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع ذكر عليّ (عليه السلام) واستحباب ذلك، كالعموم الوارد في استحباب الصلاة على محمّد وآل

____________________

(١) كشف الغطاء: ٥٣ - ٥٤، الطبعة الحجريّة.

(يبدأ كتابه بأصول الدين، ثُمّ بعد ذلك بأصول الفقه، ثُمّ بعد ذلك بالقواعد الفقهيّة، ثُمّ يَشرع بالفقه)، فأحد القواعد التي يبحثها الشيخ كاشف الغطاء الكبير - في القواعد الفقهيّة في الصفحة المذكورة سطر: ٣٣ - حول الفارق والفيصل بين البدعيّة والشرعيّة.. (وهذا جدّاً مهمّ، حيث إنّ الشيخ كاشف الغطاء هو أوّل مَن واجه من علماء الإماميّة شبهات وإشكالات الوهّابيّة في كتابه المعروف (منهج الرشاد))، يذكر أمثلة مصاديق منها ما يتعلّق بالشعائر الحسينيّة.

٩٨

محمّد عند ذِكر اسم النبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلاّ يكون جفاءً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكما لا نحكم بالبدعيّة في الصلاة عليه أثناء الأذان، كذلك ذِكر الشهادة الثالثة في الأذان لا نحكم عليه بالبدعيّة.

إذاً، يجب التفرقة في أنحاء العمل المأتيّ به، أنّه هل يؤتى به من جهة العموم استناداً إلى مشروعيّة عموم العام، بخلاف ما إذا أُتي به بقصد الخصوصيّة بما هي هي، حيث تأتي شبهة التشريع والبدعة والشرعيّة، أمّا إذا أُتي به استناداً إلى العموم فلا بدعيّة في البين، بل ذلك بواسطة مشروعيّة نفس العموم.

فالمستَند والمدرَك والشرعيّة مترشِّحة وآتية من نفس العموم، لا من تخرّص واقتراح المكلّف.

مثال آخر يذكره صاحب كشف الغطاء: وكقراءة الفاتحة بعد أكل الطعام وبقصد استحباب الدعاء، لمَا ورد فيه أنّه من وظائفه (يعني من الوظائف المستحبّة للطعام)، أن يدعو بعد الطعام، وأفضله أن يكون بعد قراءة سبع آيات، وأفضلها السبع المثاني، وكما يُصنع بقراءة الفاتحة في مجالس ترحيم الموتى على الرسم المعلوم والطريقة المعهودة، أو إخراج صدقةٍ عند الخروج من المنزل.

وورد في كتاب كشف الغطاء: (وتشبيه بعض المؤمنين بيزيد أو الشمر، ودقّ الطبل وبعض آلات اللهو، وإن لم يكن الغرض ذلك (يعني اللهو)، وكذا مطلق التشبيه).

(وجميع ما ذُكر وما يشابهه، إن قُصد به الخصوصيّة تشريعاً،

٩٩

وإن لوحظَ فيه الرجحانيّة من جهة العموم فلا بأس به)(١) .

إطلالةٌ على سُنن المتشرِّعة المستجدّة

الكلام عن السُبل والسُنن الدينيّة الاجتماعيّة المستجدّة، والطقوس الاجتماعيّة المستجدّة المستحدثة، لا بعنوان الشعائر الدينيّة بخصوصها، بل بعنوان السُنن الاجتماعيّة التي تُتّخذ كطقوس عباديّة في مناطق معيّنة، كما مثّل الشيخ كاشف الغطاء بكيفيّة الدعاء بعد الطعام بقراءة سورة الفاتحة، ورسوم أخرى، هذه كلّها سُنن اجتماعيّة متلوّنة بالواعز الشرعي الديني، وقد لا نعثر عليها بعناوينها في الأبواب الفقهيّة.

بعبارةٍ أخرى: نجد بعض المذاهب الإسلاميّة يواجه هذه السُنن المستحدَثة والحسنة في المجتمع، ويصفها بالبدعيّة والإحداث في الدين، مع ورود العموم النبوي المتواتر بين الفريقين:(مَن سنّ سُنّةً حَسنة كان له أجرها وأجر مَن عملَ بها إلى يوم القيامة) (٢) ، فضلاً عن العمومات الخاصّة بالأبواب المختلفة، والسُنن الدينيّة الاجتماعيّة المستجدّة - السُنن الحَسنة - قد تكون في باب الآداب والأخلاقيّات التي لم تحصل على صبغة عباديّة، لكن يتعاطاها المتشرِّعة اعتماداً على أنّ الفعل مرضيّ عند الشارع، وليس مأموراً به بالأمر العبادي الخاص، بل هو مشمولٌ للعمومات، ويتّخذه المتشرِّعة سُنّة اجتماعيّة.

فما هي ضابطة الشرعيّة؟ وما هي ضابطة البدعيّة؟ سواء في الشعائر

____________________

(١) كتاب كشف الغطاء: ٥٤.

(٢) الفصول المختارة: ١٣٦.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الطّرفة السادسة عشر

في وصف ما كان بعد إفاقتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتأكيد تعريفه بما يحدث من الإنكار لوصيّته(١)

وروى(٢) صاحب كتاب الخصائص أيضا الرضي الموسويّ، قال: حدّثني هارون بن موسى، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار(٣) ، قال: حدّثنا أبو موسى عيسى(٤) الضّرير البجلي، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألت أبي، فقلت: فما(٥) كان بعد إفاقته؟

قال: دخل عليه النساء يبكين، وارتفعت الأصوات، وضجّ الناس بالباب، من المهاجرين والأنصار، فبيناهم كذلك إذ نودي(٦) : أين عليّ؟ فأقبل حتّى دخل عليه.

قال عليّ: فانكببت عليه(٧) ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي، افهم فهّمك الله، وسدّدك وأرشدك،

__________________

(١) في « هـ » « و »: لوصيّه

(٢) في « أ » « ب »: روى

(٣) في « أ » « ب » « ج »: أحمد بن محمّد بن عليّ

في « د » « هـ » « و »: حدثني محمّد بن عليّ. والمثبت عن الخصائص (٧٢). ولعل ما هنا تصحيف ( احمد بن محمّد ابو عليّ ) انظر معجم رجال الحديث ( ج ٣؛ ٨٢ )

(٤) ساقطة من « أ »

(٥) في « ب »: ما

(٦) لفظة ( إذ ) ساقطة من « هـ » « و »

في « هامش أ » « د »: فبيناهم كذلك نادى

(٧) في « هامش أ » « د »: فأقبل حتّى دخل عليه عليّ فانكبّ عليه

لفظة ( عليه ) ساقطة من « أ » « ب »

١٦١

ووفّقك وأعانك، وغفر ذنبك ورفع ذكرك، اعلم يا أخي أنّ القوم سيشغلهم عنّي ( ما يريدون من عرض الدّنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي(١) )(٢) ما يشغلهم، فإنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة؛ نصبها الله للناس علما، وإنّما تؤتى - من(٣) كلّ فجّ عميق ( ونأي سحيق - ولا تأتي )(٤) ، وإنّما أنت علم الهدى، ونور الدّين، وهو نور الله.

يا أخي، والّذي بعثني بالحقّ لقد قدّمت إليهم بالوعيد، وبعد أن أخبرتهم(٥) رجلا رجلا بما(٦) افترض الله عليهم(٧) من حقّك وألزمهم من طاعتك، وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر، وإنّي لأعلم خلاف قولهم(٨) ، فإذا قبضت(٩) ، وفرغت من جميع ما أوصيتك(١٠) به، وغيّبتني في قبري، فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله، ثمّ أمض ذلك على عزائمه(١١) على ما أمرتك به، وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتّى تقدموا عليّ(١٢) .

__________________

(١) ساقطة من « ب »

(٢) ساقطة من « و »

(٣) في « هـ » « و »: وإنّما تولى في كلّ

(٤) ساقطة من « د »

في « ج » « و »: ونأي سحق

في « هـ »: ونأي إسحاق

(٥) في « ج » « هـ » « و »: أخبرهم

(٦) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ما

(٧) ساقطة من « أ » « ب »

(٨) في « ب » « ج » « هـ » « و »: قوله

(٩) في « هامش أ »: قضيت

(١٠) في « ب »: ما وصّيتك

في « ج » « هـ » « و »: ما أوصيك

(١١) كلمة ( ذلك ) ساقطة من « هـ » « و »

جملة ( ذلك على عزائمه ) ساقطة من « د »

(١٢) ساقطة من « هـ »

١٦٢

الطّرفة السابعة عشر

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (١) ، لمهمّات(٢) يحتاج إليها في الوصيّة، لإمام(٣) بعد إمام

وعنه، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن عليّ، قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : كنت مسند(٤) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدري ليلة من الليالي في مرضه، وقد فرغ من وصيّته، وعنده فاطمة ابنتهعليها‌السلام ، وقد أمر ازواجه و(٥) النساء(٦) أن يخرجن من عنده، ففعلن(٧) .

فقال: يا أبا الحسن، تحوّل من موضعك، وكان أمامي، قال: ففعلت، وأسنده

__________________

(١) في « ج » « هـ » « و »: عليهما أفضل السلام

(٢) في « د »: لعليّ ما يحتاج إليه

في « هـ » « و »: مهمّات

(٣) في « أ »: الإمام

(٤) في « أ »: سند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

في « هامش أ » « هـ » « و »: مسندا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

في « ب »: أسند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٥) الواو عن « أ » فقط

(٦) كلمة ( والنساء ) ساقطة من « د ». وأدخلها في « أ » عن نسخة

(٧) ساقطة من « د »

١٦٣

جبرئيلعليه‌السلام إلى(١) صدره، وجلس ميكائيل عن(٢) يمينه.

فقال: يا عليّ، ضمّ كفّيك بعضها الى بعض، ففعلت.

فقال لي: قد عهدت إليك، أخذت العهد لك(٣) ، بمحضر أميني(٤) ربّ العالمين؛ جبرئيل وميكائيل، يا عليّ بحقّها عليك إلاّ أنفذت وصيّتي على ما فيها، وعلى قبولك إيّاها، وعليك(٥) بالصبر والورع، ومنهاجي(٦) وطريقي، لا(٧) طريق فلان وفلان، وخذ ما آتاك الله بقوّة.

وأدخل كفّيه(٨) فيما بين كفّي، وكفّاي مضمومتان، فكأنه أفرغ بينهما(٩) شيئا، فقال: يا عليّ قد أفرغت(١٠) بين يديك الحكمة، وقضاء ما يرد عليك، وما هو وارد، حتّى(١١) لا يعزب عنك(١٢) من أمرك شيء، وإذا حضرتك الوفاة فأوص وصيّك(١٣) من بعدك على ما أوصيتك(١٤) ، واصنع هكذا، لا كتاب ولا صحيفة.

__________________

(١) في « و »: على

(٢) في « ج » « هـ » « و »: على

(٣) في « أ » « ب »: فقال لي قد اخذت العهد لك بمحضر

في « هامش أ »: فقال لي قد عهدت إليك بمحضر

في « هـ » « و »: فقال لي قد عهد إليك أحدث الحدث لك

(٤) في « ب »: أمين

(٥) قوله ( وعليك ) ساقط من « د ». وقد أدخله في متن « أ » عن نسخة قوله ( عليك ) فقط ساقط من « هـ » « و »:

(٦) في « هامش أ » « د »: وعلى منهاجي

(٧) في « ب »: ولا

(٨) في « أ » « ب » « ج » « هـ » « و »: وادخل يده. والمثبت عن « هامش أ » « د »

(٩) في « هـ » « و »: بهما

(١٠) في « و »: فرّغت

(١١) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) ساقطة من « أ » « ب »

(١٣) في « أ » « ب » « هـ »: وصيّتك. والمثبت عن « هامش أ » « ج » « د » « و »

(١٤) في « ج » « هـ »: على ما أوصيك

في « و »: كما أوصيك

١٦٤

الطّرفة الثامنة عشر

في جواب من سأل عن(١) أسرار الوصيّة، وهل كان فيها ذكر من يخالف على عليّعليه‌السلام ويطلب الأمور الدّنيويّة.

قال: وحدّثني عيسى بن المستفاد، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : بأبي أنت وأمّي ألا تذكر ما في الوصيّة؟

( قال: ذلك سرّ الله وسرّ رسوله.

قال: فقلت(٢) : جعلت فداك، أكان(٣) في الوصيّة )(٤) ذكر القوم وخلافهم على عليّ(٥) أمير المؤمنين؟

قال: نعم، حرفا حرفا، و(٦) شيئا شيئا، أما سمعت قول الله تعالى( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (٧) ، والله والله لقد قال

__________________

(١) في « ب »: من

(٢) في « ج » « هـ » « و »: قال عمي فقلت

(٣) في « أ » « د » « هـ »: كان

(٤) ساقطة من « ب »

(٥) عن « ب »

(٦) الواو ساقطة من « د »

(٧) يس: ١٢. وفي « أ » « ب » كتب آخر الآية المباركة فقط، أعني قوله( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ )

١٦٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ وفاطمةعليهم‌السلام : قد فهمتما ما كتب ربّكما وما شرط(١) ؟ قالا: بلى، وقبلناه بقبوله(٢) ، وصبرنا على ما ساءنا(٣) وأغاظنا حتّى نقدم عليك.

__________________

(١) في « هامش أ » « د »: قد فهمتما ما نبأتكما وما شرطتما؟

(٢) ساقطة من « هامش أ » « د »

في « ج »: بقوله

(٣) في « ب »: ما أساءنا

١٦٦

الطّرفة التاسعة عشر

في تسليم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة(١) إلى عليّعليهم‌السلام عند وفاته، وتعظيم المخالفة لوصيّته بها(٢) في حياته(٣)

قال: حدّثني عيسى، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام (٤) : فما كان بعد خروج الملائكة من عند(٥) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال(٦) : فقال: لما كان اليوم الّذي ثقل فيه وجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) وخيف عليه فيه(٨) الموت،

__________________

(١) عن « ب ». وفي باقي النسخ: لفاطمة

(٢) ساقطة من « ب »

(٣) في « د »: وتعليمه للمحافظة لوصيته بها قال ...

في « هـ »: وتعظيمه لوصيّه بها قال ...

في « و »: وتعظيم للمخالفة لوصيّته بها قال ...

(٤) في « هامش أ » « د »: قال حدثنا عيسى ...

في « ب » « ج »: قال حدثني عليّ قال قلت لأبي فما كان

في « هـ » « و »: قال حدثنا عيسى قال قلت لأبي فما كان

(٥) ساقطة من « هـ » « و »

(٦) ساقطة من « د »

(٧) في « د »: لما كان الذي ثقل فيه دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وفاطمة ...

في « هـ » « و »: لمّا كان الذي ثقل فيه وجمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٨) ساقطة من « أ » « ب »

١٦٧

دعا عليّا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال لمن في بيته: اخرجوا عنّي، وقال(١) لأمّ سلمة: تكوني ممّن(٢) على الباب فلا يقربه أحد، ففعلت أمّ سلمة، فقال: يا عليّ، ادن منّي(٣) ، فدنا منه، فأخذ بيد فاطمةعليها‌السلام فوضعها(٤) على صدره طويلا، وأخذ بيد(٥) عليّ بيده الأخرى.

فلما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة - بكاء شديدا - وعليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام لبكاء رسول(٦) اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت فاطمةعليها‌السلام (٧) : يا رسول الله قد قطّعت قلبي، وأحرقت كبدي، لبكائك يا سيّد النّبيّين(٨) من الأوّلين والآخرين(٩) ، ويا أمين ربّه ورسوله، ويا(١٠) حبيبه ونبيّه، من لولدي بعدك؟ ولذلّ ينزل بي بعدك(١١) ؟ من لعلي أخيك وناصر الدّين(١٢) ؟ من لوحي الله وأمره(١٣) ؟ ثمّ بكت وأكبّت على وجهه فقبّلته، وأكبّ عليه عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام

فرفع رأسه إليهم، ويدها في يده، فوضعها في يد عليّعليه‌السلام ، وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمّد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل يا عليّ(١٤) ،

__________________

(١) عن « د ». وفي باقي النسخ: فقال

(٢) ساقطة من « د » « هـ » « و ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) جملة ( ادن مني ) ساقطة من « ب »

(٤) في « أ » « ب »: فوضع. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) ساقطة من « ب »

(٦) في « هـ »: لبكاء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولعلّها لبكاء عليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٧) عن « أ » « د »

(٨) في « د »: المرسلين

(٩) قوله ( من الاولين والآخرين ) ساقطة من « د »

(١٠) حرف النداء ( يا ) ساقط من « د ». وأدخل في متن « أ » عن نسخة

(١١) في « أ » « ب »: ولذلّ أهل بيتك بعدك. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(١٢) في « هامش أ » « د »: من لعلي أخيك من ناصر ومعين ثمّ بكت

(١٣) عن « ج » « هـ » « و »

(١٤) قوله ( يا عليّ ) ساقط من « ب »

١٦٨

هذه والله سيدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى، أم والله، ما بلغت نفسي هذا الموضع حتّى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته.

يا عليّ، انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني(١) بها جبرئيلعليه‌السلام ، واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته(٢) .

يا عليّ، ويل ( لمن ظلمها، وويل )(٣) لمن ابتزّها حقّها، وويل لمن انتهك(٤) حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، ( وويل لمن آذى جنينها، وشجّ جنبيها )(٥) ، وويل لمن شاقّها وبارزها.

اللهمّ إنّي منهم بريء وهم منّي براء(٦) ثمّ سمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمّ فاطمة إليه وعليّا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال: اللهمّ إنّي لهم ولمن شايعهم سلم(٧) ، وزعيم يدخلون الجنّة، ( وحرب وعدوّ لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم(٨) أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم )(٩) ، زعيم لهم يدخلون النّار، ثمّ والله يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي(١٠) ، ثمّ لا والله لا أرضى حتّى ترضي(١١) ، ثمّ والله لا أرضى حتّى ترضي(١٢) .

__________________

(١) في « د » « هـ » « و »: أمر

(٢) في « أ » « ب »: والملائكة. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٣) ساقطة من « هـ »

(٤) في « د » « هـ » « و »: هتك

(٥) بدلها في « ب » « ج » « هـ » « و »: وويل لمن آذى حليلها

(٦) في « و »: برءاء

(٧) ساقطة من « هـ »

(٨) ساقطة من « هـ »

(٩) بدلها في « هامش أ » « د »: ولعدي وتيم ولحرب ولمن عاداكم وظلمكم وتقدمكم وتأخّر عنكم وعن شيعتكم

(١٠) إلى هنا ينتهي ما في « أ » « هـ »

(١١) في « هامش أ » « د »: ثمّ لا والله لا أرضى على أحد حتّى ترضي عنه

في « ب »: ثمّ لا أرضى حتّى ترضى. وإلى هنا ينتهي ما في « ب »

(١٢) هذه الفقرة الاخيرة والنسق المثبت في المتن عن « ج » « و ». وهي في « هامش أ » « د » باختلاف يسير وهو: ثم والله لا ارضى حتّى ترضي

١٦٩

١٧٠

الطّرفة العشرون

في تحقيق ما يروون(١) من صلاة أبي بكر بالناس عند المرض، وكشف ما في ذلك من الوهم المعترض

وعنهعليه‌السلام ؛ قال عيسى: وسألته(٢) ؛ قلت: ما تقول؛ فإنّ الناس قد أكثروا(٣) في(٤) أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس ثمّ عمر؟

فأطرقعليه‌السلام عنّي(٥) طويلا، ثم قال: ليس كما ذكروا، و(٦) لكنّك يا عيسى كثير البحث في الأمور، وليس(٧) ترضى عنها إلاّ بكشفها.

فقلت: بأبي أنت وأمّي، إنّما أسأل منها(٨) عمّا أنتفع به(٩) في ديني وأتفقّه، مخافة أن أضلّ

__________________

(١) في « ب »: ما يرون

في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ما يروونه

(٢) في « ب »: سألته، بسقوط الواو

في « د »: وسألته

(٣) في « ج » « هـ » « و »: قد أكثر

(٤) ساقطة من « د ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « ب »: فاطرق عليّ

(٦) الواو ساقطة من « ب »

(٧) في « و »: ولست

(٨) في « هـ »: عنها

(٩) ساقطة من « أ » « ب »

في « هامش أ » « د »: إنّما اسأل عنها لانتفع به

١٧١

وأنا لا أدري، ولكن متى أجد مثلك أحدا(١) يكشفها لي(٢) !!

فقالعليه‌السلام : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا ثقل في مرضه دعا عليّاعليه‌السلام ، فوضع رأسه في حجره وأغمي عليه، وحضرت الصلاة، فأوذن بها(٣) ، فخرجت عائشة، فقالت: يا عمر اخرج فصلّ بالنّاس.

فقال: أبوك أولى بها.

فقالت: صدقت، ولكنّه رجل ليّن وأكره أن يواثبه القوم، فصلّ أنت.

فقال لها عمر: بل يصلّي هو، وأنا أكفيه إن وثب واثب، أو تحرّك متحرّك، مع أنّ محمّدا مغمى عليه لا أراه يفيق منها، والرّجل مشغول به لا يقدر يفارقه - يريد عليّاعليه‌السلام - فبادر(٤) بالصّلاة قبل أن يفيق، فإنّه إن أفاق خفت أن يأمر عليّا بالصلاة(٥) ، فقد سمعت مناجاته منذ(٦) الليلة، وفي آخر كلامه يقول(٧) : الصلاة الصلاة.

قال: فخرج أبو بكر ليصلّي بالناس، فأنكر القوم ذلك، ثمّ ظنّوا أنّه بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكبّر حتّى أفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) ، فقال(٩) : ادعوا إليّ(١٠) العباس، فدعي، فحملاه؛ هو وعليّعليه‌السلام ، فأخرجاه حتّى صلّى بالناس وإنّه لقاعد، ثمّ حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر(١١) ، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار، حتّى

__________________

(١) عن « هامش أ » « د »

(٢) قوله ( لي ) ساقط من « د »، وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) في « هامش أ » « د »: فأذّن فخرجت

في « و »: فأذّن بها فخرجت

(٤) في « د » « هـ » « و »: فبادره. وقد أدخلت الهاء في متن « أ » عن نسخة

(٥) ساقطة من « أ » « ب »

(٦) ساقطة من « و »

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) قوله ( رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن « أ » فقط

(٩) في « ج » « د » « هـ » « و »: وقال

(١٠) في « هامش أ » « ب » « د »: ادعوا لي

(١١) في « ج » « هـ » « و »: على المنبر محمله، دون نقط. ولعلّها ( محمله )

١٧٢

برزن العواتق من خدورهنّ، فبين باك وصائح وصارخ(١) ومسترجع، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) يخطب ساعة ويسكت ساعة.

وكان ممّا(٣) ذكر في خطبته أن قال: يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا و(٤) في ساعتي هذه من الجنّ والإنس، فليبلّغ شاهدكم غائبكم(٥) ، ألا قد(٦) خلّفت فيكم كتاب الله؛ فيه(٧) النّور والهدى والبيان، ما فرّط الله فيه من شيء، حجّة الله لي عليكم، وخلّفت فيكم العلم الأكبر، علم الدّين ونور الهدى، وصيّي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ألا و(٨) هو حبل الله فاعتصموا به(٩) جميعا ولا تفرّقوا عنه(١٠) ،( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ) (١١) .

أيّها(١٢) الناس، هذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كنز(١٣) الله اليوم وما بعد اليوم، من(١٤) أحبّه وتولاّه اليوم وما بعد اليوم(١٥) فقد أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه، ومن

__________________

(١) في « ج »: ومادح

(٢) ( والنبي ) ساقطة من « ب »

(٣) في « هامش أ » « د »: فيما

(٤) في « ج »: أو. وأدخلت الالف في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « هامش أ » « د »: فيبلّغ شاهدكم الغائب

في « هـ » « و »: فيبلغ شاهدكم الغائب

(٦) في « أ » « ب »: ألا وقد

(٧) في « د » « هـ » « و »: منه

(٨) الواو ساقطة من « ج » « د » « هـ » « و »

(٩) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٠) ساقطة من « أ »

(١١) آل عمران: ١٠٣

(١٢) في « د »: يا أيّها الناس

(١٣) في « ج » « هـ »: كثّر الله. ومن هنا إلى نهاية الفقرة اختلافات كثيرة بين النسخ، وما اثبتناه عن « ج » « هـ » « و ».

وسيأتي نصّ « أ » « ب » ونص « هامش أ » « د » في آخر الفقرة

(١٤) في « هـ »: لم أحبه. في « ج »: من أحبّه وتوالاه

(١٥) جملة ( وما بعد اليوم ) ساقطة من « هـ » « و »

١٧٣

عاداه اليوم وما(١) بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى و(٢) أصمّ، لا حجّة له عند الله(٣) .

أيّها الناس، لا تأتوني غدا بالدّنيا(٤) تزفّونها زفّا(٥) ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم، إيّاكم(٦) وبيعات الضلالة، والشّورى للجهالة(٧) .

ألا وإنّ هذا الأمر له أصحاب وآيات، قد سمّاهم الله في كتابه، وعرّفتكم وأبلغت(٨) ما أرسلت به إليكم( وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) (٩) .

لا ترجعنّ بعدي كفّارا مرتدّين، متأوّلين للكتاب(١٠) على غير معرفة، وتبتدعون(١١) السّنّة بالهوى؛ لأنّ كلّ سنّة وحدث(١٢) وكلام خالف القرآن فهو ردّ(١٣) وباطل، القرآن إمام هدى، وله(١٤)

__________________

(١) ( ما ) ساقطة من « هـ » « و »

(٢) الواو عن « هـ » « و »

(٣) الفقرة في « هامش أ » « د » هكذا: كنز الله اليوم وما بعد اليوم، من لم أحبّه وتوالاه اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم [ في « د »: أعمى أصم ] لا حجة له عند الله، أيها الناس ومن أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه من حق عليّ، جاء يوم القيامة بصيرا مستوجبا لفضل الله، ومن عادى عليا اليوم وما بعد [ في « د »: وبعد ] اليوم فقد أخزاه الله

الفقرة في « أ » « ب » هكذا: هذا عليّ بن أبي طالب فأحبّه، ومن تولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم، لا حجّة له عند الله

(٤) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) في « د »: تزقونها زقا

(٦) في « ج » « د » « هـ » « و »: أمامكم. والمثبت عن « ب »، وقد أدخل في متن « أ » استظهارا من الناسخ، وكتب في الهامش: في النسخة أمامكم

(٧) في « د »: والشور الجهالة

(٨) في « د » « هـ » « و »: وبلغتكم

في « ج »: وأبلغتكم

(٩) الأحقاف؛ ٢٣

(١٠) في « د »: الكتاب

(١١) في « أ »: وتبدعون. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ.

(١٢) في « و »: وحديث

(١٣) في « هامش أ » « د »: بدعة

(١٤) ساقطة من « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

١٧٤

قائد يهدي(١) إليه، ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وليّ الأمر بعدي عليّ، وليّه(٢) ووارث علمي وحكمتي(٣) ، وسرّي وعلانيتي، و(٤) ما ورّثه النّبيّون من قبلي، وأنا وارث ومورّث(٥) ، فلا تكذبنّكم أنفسكم.

أيّها الناس، الله الله في أهل بيتي، فإنّهم أركان الدّين، ومصابيح الظّلم، ومعدن العلم، عليّ أخي ووارثي، ووزيري وأميني، والقائم بأمري، والموفي بعهدي(٦) على سنّتي(٧) ، أوّل الناس بي إيمانا، وآخرهم عهدا عند الموت، وأوّلهم(٨) لي لقاء يوم القيامة، وليبلّغ(٩) شاهدكم غائبكم، ألا ومن أمّ(١٠) قوما إمامة عمياء - وفي الأمّة من هو أعلم منه - فقد كفر.

أيّها الناس، ومن كانت له قبلي تباعة(١١) تبعة فها أنا(١٢) ، ومن كانت له عندي(١٣) عدة(١٤) فليأت فيها(١٥) عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنّه ضامن لذلك كلّه، حتّى لا يبقى لأحد عليّ تباعة(١٦) .

__________________

(١) في « ج » « هـ »: ويهدي

(٢) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ولي الأمر بعد وليّه

(٣) في « هامش أ » « د »: وحكمي

(٤) في « أ » « د »: ووارثي ووارث ما ورّثه

(٥) في « هامش أ »: وأنا وارث ومورّثه عليّ. في « د »: وأنا وارث النبيون ومورثه عليّ. وهي غلط

(٦) في « ب »: بعدي

(٧) في « هامش أ » « د »: والموفي بعهدي على سنتي عليّ

في « ج » « هـ » « و »: والموفي بعهدي على سنتي ويقبل على سنّتي

(٨) في « هامش أ » « ج » « د » « هـ » « و »: وأوسطهم

(٩) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ويبلغ

(١٠) في « د »: ألا ومن قال في الأمّة من هو أعلم منه فقد كفر

(١١) كتب في « هامش أ »: تباعة بدل من تبعة في نسخة صحيحة. وكلمة ( تباعة ) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) في « ب »: فيها أو من كانت

في « ج » غير واضحة القراءة، ويمكن قراءتها ( فهابنا ) أو ( فهاندا )

(١٣) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٤) ساقطة من « ب »

(١٥) في « هامش أ » « د »: بها

(١٦) في « هامش أ » « د »: تبعة

١٧٥

١٧٦

الطّرفة الحادية والعشرون

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بطرف ما يتجدّد(١) ويكون

وعنه، عن أبيه، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيّته لعليّعليه‌السلام - والناس حضور(٢) حوله -: أما والله يا عليّ ليرجعنّ أكثر هؤلاء كفّارا يضرب بعضهم رقاب بعض، وما بينك وبين أن ترى ذلك إلاّ أن يغيب عنك شخصي(٣) .

__________________

(١) في « د »: ما يجدّد

في « هـ » « و »: ما يحدّد

(٢) ساقطة من « هـ »

(٣) في « ج »: الشخص

١٧٧

١٧٨

الطّرفة الثانية والعشرون

في زيادة تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بما يتجدّد(١) من اختلاف الآراء وتغيّر(٢) الأهواء

وعنه، عن أبيهعليه‌السلام ، قال: في(٣) مفتاح الوصيّة « يا عليّ من شاقّك من نسائي وأصحابي فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، وأنا منهم بريء، فابرأ منهم ».

فقال عليّعليه‌السلام فقلت: نعم قد فعلت(٤) .

فقال(٥) : اللهمّ فاشهد، يا عليّ إنّ(٦) القوم يأتمرون بعدي على قتلك، يظلمون(٧) ، ويبيّتون

__________________

(١) في « هـ » « و »: بما تجدّد

(٢) في « أ » « ب »: وتغيير

(٣) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٤) جملة ( قد فعلت ) ساقطة من « ب »

(٥) في « هامش أ » « د »: قال

(٦) في « أ »: فاشهد عليّ أنّ

في « ب »: فاشهد عليّ أنّ

في « ج »: فأشهدنا على أنّ. والمثبت عن « هامش أ » « د » « هـ » « و »

(٧) في « أ » « ب »: ان القوم يأتمرون بعدي عليّ، ويبيّتون

في « هامش أ » « د »: ان القوم يأتمرون بعدي ويظلمون

في « هـ » « و »: ان القوم يأتمرون بعدي يظلمون

١٧٩

على ذلك، فمن يبيّت(١) على ذلك فأنا منهم بريء، وفيهم نزلت( بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (٢) ، ثمّ يميتك(٣) شقيّ هذه الأمّة، هم(٤) شركاؤه فيما يفعل.

__________________

(١) في « ج »: ومن يبيّت

في « د »: ويلبثون على ذلك، ومن يلبث

في « هـ »: ويلبثون على ذلك، ومن ثبت

في « و »: ويثبون على ذلك، ومن ثبت

(٢) النساء: ٨١

(٣) في « ج »: ثم ينسك

في « د »: ثم ذاك هذه الأمة

في « هـ »: ثمّ دك

في « و »: ثم دل

(٤) في « هامش أ » « د »: وهم

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440