أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة8%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77728 / تحميل: 10000
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

* الفضيلة العاشرة: في أنّ عليّاً من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ورسول الله مِن علي، ولا يؤدّي عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلاّ علي ( عليه السلام ):

- أخرج ابن ماجة في ( سننه ) بسنده إلى حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( عليٌّ منّي وأنا مِن علي، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي ) (١) .

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) (٢) ، والنسائي في ( سننه ) (٣) ، وفي ( الخصائص ) (٤) ، وأحمد في ( مسنده ) (٥) ، وغيرهم.

والحديث صحّحه الترمذي في ( سننه ) (٦) ، وحَسَّنهُ الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) (٧) ، والألباني في ( صحيح الجامع الصغير ) (٨) ، وفي تحقيقه على ( سنن ابن ماجة ) (٩) ، كما قال بصحّته محقّقُ ( الخصائص ) الحويني الأثري (١٠) ، ومحقّق كتاب ( سير أعلام النبلاء )، مشيراً إلى أنّ رجاله رجال الشيخين (١١) ، ومحقّق

____________________

(١) سنن ابن ماجة: ١ / ٤٤، حديث رقم: ١١٩.

(٢) سنن الترمذي: ٥ / ٣٠٠، حديث رقم: ٣٨٠٣، دار الفكر.

(٣) السنن الكبرى: ٥ / ٤٥، حديث رقم: ٨١٤٧، دار الكتب العلميّة.

(٤) خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ٦٧، المكتبة العصريّة.

(٥) مسند أحمد: ٤ / ١٦٤ - ١٦٥، دار صادر.

(٦) سنن الترمذي: ٥ / ٣٠٠، دار الفكر.

(٧) سير أعلام النبلاء: ٨ / ٢١٢، مؤسّسة الرسالة.

(٨) صحيح الجامع الصغير: ٢ / ٧٥٣، المكتب الإسلامي.

(٩) سنن ابن ماجة تعليق الألباني: ١ / ٧٥، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.

(١٠) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: ٦٧، دار الكتب العلميّة.

(٥٠ ) سيرأعلام النبلاء: ٨ / ٢١٢، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه شعيب الأرنؤوط، وحقّق هذا الجزء نذير حمدان، ط، مؤسّسة الرسالة.

١٢١

كتاب ( مسند أحمد ) حمزة أحمد الزّين (١) .

- مضافاً إلى أنّ الشطر الأوّل للحديث ( علي منّي وأنا مِن علي ) قد ورد من طرق أخرى معتبرة تقدّمت الإشارة إليها في الفضيلة الرابعة، ونشير هاهنا إلى رواية عمران بن حصين إتماماً للفائدة، فقد أخرج النسائي في ( سننه )، وابن أبي عاصم في ( السنّة )، وغيرهم بسندهم إلى عمران بن حصين، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ( إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي ) (٢) .

قال الألباني: ( إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم، والحديث أخرجه الترمذي ( ٢ / ٢٩٧ )، وابن حِبّان ( ٢٢٠٣ )، والحاكم ( ٣ / ١١٠ - ١١١ )، وأحمد ( ٤/٤٣٧ ) من طرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به، وقال الترمذي: ( حديث حسن غريب )، وقال الحاكم: ( صحيح على شرط مسلم )، وأقرّه الذهبي، وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به، أخرجه أحمد ( ٥ / ٣٥٦ ) عن طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة وإسناده جيّد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح وهو ابن عبد الله بن جحيفة الكندي، وهو شيعي صدوق ) (٣) .

فعليٌّ من رسول الله، ورسول الله من علي، هما نفس واحدة، ولهما

____________________

(١) انظر: ( المسند ) بتحقيق حمزة أحمد الزين: ١٣ / ٣٩٤ - ٣٩٥ - ٣٩٦، أحاديث رقم: ١٧٤٣٥ - ١٧٤٣٩ - ١٧٤٤٠ - ١٧٤٤١، دار الحديث، القاهرة.

(٢) سنن النسائي: ٥ / ٤٥، حديث ٨١٤٦، دار الكتب العلميّة. و( السنّة ): ٥٥٠، المكتب الإسلامي.

(٣) كتاب السنّة بتحقيق الألباني: ٥٥٠، المكتب الإسلامي، بيروت.

١٢٢

خصائص ومميّزات معيّنة ثابتة لكليهما، سوى ما خرج من الأمور التي اختصّ بها النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كالنبوّة وأفضليّته على سائر البشر.

ولذا فإنّه لا يؤدّي عن رسول الله إلاّ علي ( عليه السلام )؛ لأنّه الوحيد الذي حمل صفات النبي وخصائصه ومميّزاته التي امتاز بها على الخلق، فيكون هو الخليفة على الأمّة والإمام لها ومرجعها في الشريعة المقدّسة وغير ذلك من وظائف الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وخصائصه؛ فكلّ ما ثبت للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يكون ثابتاً لعلي ( عليه السلام ).

وما تبليغ سورة براءة بيد علي إلاّ ضمن هذا المعنى المتقدّم. وخبر تبليغ براءة بيد علي ( عليه السلام ) خبر صحيح.

فقد أخرج الترمذي والنسائي وغيرهم بسندهم إلى أنس بن مالك قال: ( بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم ببراءة مع أبي بكر، ثمّ دعاه فقال: ( لا ينبغي لأحد أنْ يُبلغ هذا إلاّ رجل من أهلي، فدعا عليّاً فأعطاه إيّاه ) (١) .

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث أنس.

قال الحويني الأثري في تحقيقه على ( خصائص النسائي ): ( إسناده صحيح ) (٢) .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على ( المسند ) بسنده إلى علي قال: ( لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، دعا النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعاني النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه

____________________

(١) سنن الترمذي: ٤ / ٣٣٩، دار الفكر، و( سنن النسائي ): ٥ / ١٢٨، دار الكتب العلميّة.

(٢) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: ٦٧، دار الكتب العلميّة.

١٢٣

فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم )، فلحقته بالجحفة، فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال: لا، ولكنّ جبرائيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ).

قال أحمد محمّد شاكر محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده حسن ) (١) .

و في ( الخصائص ) بسنده إلى زيد بن يثيغ عن علي ( عليه السلام ): ( إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر، ثمّ أتبعه بعلي، فقال له: خذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكّة. قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه، فانصرف أبو بكر، وهو كئيب، فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنزَل فيّ شيء؟ قال: لا، إلاّ أنّي أمرتُ أنْ أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي ).

قال أبو إسحق الحويني الأثري: ( صحيح ) (٢) .

وأخرج أحمد في ( مسنده ) والحاكم في ( المستدرك ) بسندهما إلى ابن عباّس في حديث طويل جاء فيه: ( ثمّ بعثَ فلاناً بسورة التوبة فبعثَ عليّاً خلفه فأخذها منه، وقال [ يعني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ]: ( لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه ) (٣) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (٤) .

____________________

(١) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر: ٢ / ١٣٥، حديث ١٢٩٦، دار الحديث، القاهرة.

(٢) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري: ٦٨، دار الكتب العلميّة.

(٣) مسند أحمد: ١ / ٣٣٠ - ٣٣١، دار صادر، و ( المستدرك على الصحيحين ): ٣ / ١٣٢ - ١٣٤، دار المعرفة.

(٤) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ): ٣ / ١٣٢ - ١٣٤، دار المعرفة.

١٢٤

وقال أحمد محمّد شاكر: ( إسناده صحيح )، وقال: ( قوله: ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة: يريد أبا بكر رضي الله عنه ) (١) .

* الفضيلة الحادية عشرة: في أنّ عليّاً وفاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الترمذي بسنده عن ابن بريدة عن أبيه، قال: ( كان أحبّ النساء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاطمة ومن الرجال علي ) (٢) .

وأخرجه النسائي في ( السنن ) (٣) ، و ( الخصائص ) (٤) ، والحاكم في ( المستدرك ) (٥) ، والطبراني في ( الأوسط ) (٦) ، وغيرهم.

و الحديث حسّنه الترمذي (٧) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك )، ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (٨) ، وصحّحه أيضاً أبو إسحاق الحويني الأثري في ( تهذيب خصائص أمير المؤمنين ) (٩) ، والسيّد حسن السقاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (١٠) .

____________________

(١) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر: ٣ / ٣٣١ - ٣٣٣، حديث ٣٠٦٢، دار الحديث، القاهرة.

(٢) سنن الترمذي: ٥ / ٣٦٠، دار الفكر.

(٣) سنن النسائي: ٥ / ١٤٠، دار الكتب العلميّة.

(٤) خصائص الإمام علي للنسائي: ٨٩، دار الكتب العلميّة.

(٥) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٥٥، دار المعرفة.

(٦) المعجم الأوسط: ٧ / ١٩٩، دار الحرمين.

(٧) سنن الترمذي: ٥ / ٣٦٠، دار الفكر.

(٨) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣ / ١٥٥، دار المعرفة.

(٩) تهذيب خصائص أمير المؤمنين: ٨٩، حديث رقم: ١٠٨، دار الكتب العلميّة.

(١٠) تناقضات الألباني الواضحات: ٢ / ٢٤٤، دار الإمام النووي.

١٢٥

وعن جميع بن عمير قال: دخلتُ مع أبي على عائشة يسألها ( من وراء حجاب ) عن علي رضي الله عنه، فقالت: تسألني عن رجل ما أعلم أحداً كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أحبّ إليه من امرأته ).

أخرجه النسائي في ( خصائص أمير المؤمنين ) (١) ، وأخرجه جماعة بلفظ دخلتُ مع عمّتي أو أمّي...، منهم الترمذي في ( سننه ) (٢) ، والحاكم في ( مستدركه ) من طريقَين عن جميع به (٣) .

وأبو يعلى في ( مسنده ) (٤) ، والطبراني في ( الكبير ) (٥) ، وغيرهم.

و الحديث حسَّنَه الترمذي في ( السنن ) (٦) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك ) (٧) ،والحويني الأثري في تحقيقه على ( الخصائص ) (٨) ، والسيّد حسن السقّاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (٩) .

- وعن النعمان بن بشير، قال: ( استأذن أبو بكر على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسمع صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقد عرفت أنّ عليّاً

____________________

(١) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري: ٨٩، دار الكتب العلميّة.

(٢) سنن الترمذي: ٥ / ٣٦٢، دار الفكر.

(٣) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٥٤ - ١٥٧، دار المعرفة.

(٤) مسند أبي يعلى: ٢٧٠، دار المأمون للتراث.

(٥) المعجم الكبير: ٢٢ / ٤٠٣، دار إحياء التراث.

(٦) سنن الترمذي: ٥ / ٣٦٢، دار الفكر.

(٧) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٥٤ - ١٥٧، دار المعرفة.

(٨) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري: ٨٩، دار الكتب العلميّة.

(٩) تناقضات الألباني الواضحات: ٢ / ٢٤٩ - ٢٥٠، دار الإمام النووي.

١٢٦

أحبّ إليك من أبي ومنّي مرّتين أو ثلاثاً، فاستأذن أبو بكر، فدخل فأهوى إليها فقال: يا بنت فلانة أَلاَ أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ).

أخرجه أحمد في ( مسنده ) (١) ، والنسائي في ( سننه ) (٢) و ( خصائصه ) (٣) ، قال الحافظ الهيثمي في ( المجمع ): ( رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ) (٤) .

قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ): ( أخرجه أحمد، وأبو داود والنسائي بسند صحيح ) (٥) .

وقال الحويني الأثري محقّق ( الخصائص ): ( إسناده صحيح ) (٦) .

و قد أجاد السيّد حسن السقاف في بيان صحّة هذه الأحاديث في كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات )، مَن شاء فليراجع (٧) .

* الفضيلة الثانية عشرة: في أنّ مَن أحبّ علياً فقد أحبّ الله ورسوله، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغض الله ورسوله:

- أخرج الطبراني بسنده إلى أبي الطفيل قال: ( سمعتُ أمّ سلمة تقول: أشهد أنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( مَن أحبّ عليّاً، فقد أحبّني

____________________

(١) مسند أحمد: ٤ / ٢٧٥، دار صادر.

(٢) سنن النسائي: ٥ / ١٣٩ - ٣٦٥، دار الكتب العلميّة.

(٣) تهذيب خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ٨٧، دار الكتب العلميّة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩ / ٢٠٠ - ٢٠١، دار الكتب العلميّة.

(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٧ / ١٩، دار المعرفة، بيروت.

(٦) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: ٨٧، حديث رقم: ١٠٥، دار الكتب العلميّة.

(٧) انظر: ( تناقضات الألباني الواضحات ): ٢ / ٢٤٤ - ٢٥٠، دار الإمام النووي.

١٢٧

ومّن أحبّني فقد أحبَّ الله، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومَن أبغضني فقد أبغض الله ) (١) .

وأورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه الطبراني وإسناده حَسَن ) (٢) ، والسيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) وقال: ( أخرجه الطبراني بسند صحيح ) (٣) ، والألباني في ( الصحيحة ) وقال: ( رواه المخلص في ( الفوائد المنتقاة ) ( ١٠ / ٥ / ١ ) بسند صحيح عن أمّ سلمة قالت: أشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: فذكره ) (٤) .

- وأخرج الحاكم بسنده إلى أبي عثمان النهدي، قال: ( قال رجل لسلمان: ما أشد حبّك لعلي، قال: سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول: ( مّن أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (٥) .

والحديث أورده السيوطي في ( الجامع الصغير ) (٦) من رواية الحاكم عن سلمان، واستدرك عليه المناوي في ( فيض القدير ) بعد ذكر الحاكم وإقرار

____________________

(١) المعجم الكبير: ٢٣ / ٣٨٠، دار إحياء التراث.

(٢) مجمع الزوائد: ٩ / ١٣٢، دار الكتب العلميّة.

(٣) تاريخ الخلفاء: ١٣٣، دار الكتاب العربي.

(٤) سلسلة الأحاديث الصحيحة: ٣ / ٢٨٧ - ٢٨٨، رقم: ١٢٩٩، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.

(٥) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣ / ١٣٠، دار المعرفة.

(٦) الجامع الصغير: ٢ / ٥٥٤، حديث رقم: ٨٣١٩، دار الفكر، بيروت.

١٢٨

الذهبي وسكوته عنهما قائلاً: ( و رواه أحمد باللفظ المزبور عن أمّ سلمة وسنده حسن ) (١) ، وفي تعليق الألباني على ( الجامع الصغير ) للسيوطي قال: ( صحيح ) (٢) .

هذا، وفضائل علي كثيرة شهيرة، لو أردنا استقصاءها وتخريجها لطال بنا المقام، وما ذكرناه لا يمثّل إلاّ نزراً يسيراً منها، وقفنا فيه على اثنتي عشرة فضيلة تيمّناً بعدد خلفاء الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، ولكن قبل أنْ نختم هذا الفصل رأينا من المناسب أنْ نشير إشارات عابرة إلى فضائل أخرى من فضائله ( عليه السلام )، لكن نحاول الاقتصار على ذكر الخبر من مصدر واحد ونشير إلى تصحيحه بلا توسّع في البحث أو استقصاء للمصادر؛ توخّياً للاختصار وإتماماً للفائدة:

فضائل أخرى

١ - في أنّه حامل راية خيبر وأنّه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله:

- أخرج البخاري في ( صحيحه ) بسنده إلى سهل بن سعد رضي الله عنه: ( إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم خيبر: لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها، فلمّا أصبح الناس غدوّاً على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كلّهم يرجو أنْ يُعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل يا رسول الله يشتكي عينيه، فأرسلوا

____________________

(١) فيض القدير: ٦ / ٤٢، حديث ٨٣١٩، دار الكتب العلميّة.

(٢) صحيح الجامع الصغير: ٢ / ١٠٣٤، حديث رقم: ٥٩٦٣، المكتب الإسلامي.

١٢٩

إليه فأُتي به، فبصق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عينيه، ودعا له فبرأ حتّى كأنْ لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أُقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا، فقال عليه الصلاة والسلام: أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم مِن حقّ الله فيه، فو الله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أنْ يكون لك حمر النعم ) (١) .

الحديث رواه عدّة من الصحابة، وأخرجه البخاري في أكثر من موضع (٢) ، وكذا ( مسلم ).

- وفي بعض أخبار ( مسلم ) بسنده إلى أبي هريرة قال: ( قال عمر بن الخطاب: ما أحببتُ الإمارة إلاّ يومئذ قال: فتساورت لها رجاء أنْ أُدعى لها، قال: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب فأعطاه إيّاها... ) (٣) .

والحديث لا كلام في صحّته خصوصاً مع وروده في الصحيحين.

٢ - في أنّه لا يحبّه إلاّ مؤمن، ولا يبغضه إلاّ منافق:

- أخرج مسلم في ( صحيحه ) بسنده إلى علي بن أبي طالب، قال: ( والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي الأمّي صلّى الله عليه وسلّم إليّ، أنْ لا

____________________

(١) صحيح البخاري: ٥ / ٧٧ - ٧٨، باب غزوة خيبر، دار الفكر.

(٢) صحيح البخاري: ( ٤ / ١٢ - ٢٠ - ٢٠٧ )، و ( ٥ / ٧٦ )، دار الفكر، بيروت.

(٣) صحيح مسلم: ٧ / ١٢٠، في فضائل علي، دار الفكر. وانظر: الحديث في ( صحيح مسلم ): ( ٥ / ١٩٤ - ١٩٥ ) و ( ٧ / ١٢٠ - ١٢١ - ١٢٢ ).

١٣٠

يحبني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق ) (١) .

والحديث أخرجه الكثير بألفاظ متقاربة وهو صحيح؛ لوجوده في مسلم، ولا حاجة لذكر تصحيحات أخرى له.

٣ - في أنّ مَن سبّه فقد سبّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الحاكم بسنده إلى أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلتُ على أمّ سلمة رضي الله عنها، فقالت: أيُسبُّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيكم، فقلتُ معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها، فقالتْ: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( مَن سبَّ عليّاً فقد سبّني ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي (٢) .

وأخرجه النسائي في ( الخصائص )، وقال فيه المحقّق أبو إسحاق الحويني الأثري: ( إسناده صحيح ) (٣) .

٤ - في أنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليّاً ( عليه السلام ) خُلِقَا من نور واحد:

- هذا الحديث صحيح الإسناد نقله سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص )، وإليك جميع ما قاله في المقام:

( قال: قال أحمد في ( الفضائل ): ( حدّثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن خالد بن معدان عن زادان عن سلمان، قال: قال رسول الله ( ص ): ( كنتُ أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أنْ يُخلق آدم بأربعة

____________________

(١) صحيح مسلم: ١ / ٦١، دار الفكر.

(٢) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣ / ١٢١، دار المعرفة.

(٣) تهذيب خصائص الإمام علي: ٧٦، حديث ٨٦، دار الكتب العلميّة.

١٣١

آلاف عام، فلمّا خلق آدم قُسم ذلك النور جزئين، فجزء أنا وجزء علي )، وفي رواية: ( خلقتُ أنا وعلي من نور واحد ) ).

فإن قيل: فقد ضعّفوا هذا الحديث، فالجواب [ والكلام لابن الجوزي ] أنّ الحديث الذي ضعفوه غير هذه الألفاظ وغير الإسناد:

أمّا اللفظ [ يعني لفظ الحديث الذي ضعّفوه ]: ( خلقتُ أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريّا وعليّ بن أبي طالب من طينة واحدة، وفي رواية: خلقتُ أنا وعلي من نور وكنّا عن يمين العرش قبل أنْ يخلق الله آدم بألفَي عام، فجعلنا نتقلّب في أصلاب الرجال إلى عبد المطّلب ).

وأمّا الإسناد [ يعني إسناد الحديث الذي ضعّفوه]: فقالوا في إسناده محمّد بن خلف المروزي، وكان مغفّلاً، وفيه أيضاً جعفر بن أحمد بن بيان، وكان شيعيّاً. والحديث الذي رويناه يخالف هذا اللفظ والإسناد، رجاله ثقات، فإنْ قيل: فعبد الرزاق (١) كان يتشيّع، قلنا: هو أكبر شيوخ أحمد بن حنبل ومشى إلى صنعاء من بغداد حتّى سُمع منه وقال: ما رأيتُ مثل عبد الرزاق ولو كان فيه بدعة لَمَا روى عنه ومازال إلى أنْ مات يروي عنه، ومعظم الأحاديث التي في ( المسند ) رواها من طريقه، وقد أخرج عنه أيضاً في الصحيح ) (٢) .

٥ - في أنّ مَن آذى عليّاً فقد آذى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج أحمد في ( مسنده ) عن عمرو بن شاس الأسلمي، وكان من

____________________

(١) هو عبد الرزاق الصنعاني صاحب ( المصنّف ) من كبار محدّثيهم.

(٢) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: ٥٠ - ٥١، مؤسّسة أهل البيت، بيروت.

١٣٢

أصحاب الحديبيّة، قال: خرجتُ مع عليٍّ إلى اليمن فجفاني في سفري ذلك حتّى وجدت في نفسي عليه، فلمّا قدمتُ، أظهرت شكايته في المسجد حتّى بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخلتُ المسجد ذات غدوة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناس من أصحابه، فلمّا رآني أبدني عينيه، يقول: حدّد إليّ النظر، حتّى إذا جلست قال: ( يا عمرو والله لقد آذيتني، قلتُ: أعوذ بالله أنْ أؤذيك يا رسول الله، قال: بلى، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) (١) .

أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) وقال: ( هذا حديث صحيح الإسناد ). ووافقه الذهبي (٢) .

و أورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه أحمد والطبراني باختصار والبزّار أخصر منه، ورجال أحمد ثقات ) (٣) .

- وفي ( مجمع الزوائد ) عن سعد بن أبي وقاص قال: ( كنتُ جالساً في المسجد أنا ورجلَين معي فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضبان يُعرَف في وجهه الغضب، فتعوّذتُ بالله من غضبه، فقال: ( ما لكم ومالي، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) ).

رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير محمود بن خداش وقنان وهما ثقتان ) (٤) .

____________________

(١) مسند أحمد: ٣ / ٤٨٣، دار صادر.

(٢) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣ / ١٢٢، دار المعرفة.

(٣) مجمع الزوائد: ٩ / ١٢٩، دار الكتب العلميّة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩ / ١٢٩، دار الكتب العلميّة.

١٣٣

٦ - حديث المؤاخاة:

- عن ابن عمر قال: ( آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه: ( يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد )، فقال له رسول لله صلّى الله عليه وسلّم: ( أنت أخي في الدنيا والآخرة ) ). أخرجه الترمذي في ( سننه ) وحسّنه (١) .

والحديث رواه جمع من الصحابة وعدّه ابن عبد البر في الاستيعاب من الآثار الثابتة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (٢) .

وأرسله الحافظ ابن حجر في الإصابة إرسال المسلّمات بقوله: ( و كان اللواء بيده في أكثر المشاهد، ولمّا آخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه قال له أنت أخي ) (٣) .

٧ - في أنّه باب مدينة علم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- قال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ): ( و أخرج البزّار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها )، هذا حديث حسن على الصواب، لا صحيح كما قال الحاكم، ولا موضوع كما قاله جماعة، منهم: ابن الجوزي والنووي، وقد بيّنت حاله في التعقبات على الموضوعات ) (٤) (٥) .

____________________

(١) سنن الترمذي: ٥ / ٣٠٠، دار الفكر، بيروت.

(٢) انظر: ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب ): ٣ / ١٠٩٨ - ١١٠٠، دار الجيل، بيروت.

(٣) الإصابة في معرفة الصحابة: ٢ / ٥٠٧ ترجمة رقم: ٥٦٨٨، دار الفكر.

(٤) تاريخ الخلفاء: ١٣١، دار الكتاب العربي.

(٥) وسيأتيك بعد قليل أنّ السيوطي صحّح الحديث في كتاب آخر.

١٣٤

وقال السيّد حسن السقاف في تحقيقه على كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات ): ( صحّ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) صحّحه الحافظ ابن معين كما في ( تاريخ بغداد: ١١ / ٤٩ )، والإمام الحافظ ابن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ) مسند سيّدنا علي ( ص ١٠٤ حديث ٨ )، والحافظ العلائي في ( النقد الصحيح )، والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي كما في ( اللآلي المصنوعة ): ١ / ٣٣٤، والحافظ السخاوي كما في ( المقاصد الحسنة ) (١) .

كما ألّف العلاّمة أحمد بن الصدّيق المغربي كتاباً خاصّاً في تصحيح الحديث المذكور أسماه: ( فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي ).

- وأخرج الحاكم بسنده إلى شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق قال: سألت قثم بن العبّاس، كيف ورث علي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دونكم، قال: لأنّه أوّلنا به لحوقاً وأشدّنا به لزوقاً ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (٢) .

- ثمّ قال: ( سمعت قاضي القضاة أبا الحسن محمّد بن صالح الهاشمي يقول: سمعتُ أبا عمر القاضي يقول: سمعتُ إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول وذُكِرَ له قول قثم هذا فقال: إنّما يرثُ الوارث بالنسب وبالولاء ولا خلاف بين أهل العلم أنّ ابن العمّ لا يرث مع العمّ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنّ عليّاً

____________________

(١) تناقضات الألباني الواضحات للسيّد السقاف: ٣ / ٨٢، دار الإمام النووي.

(٢) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): ٣/١٢٥، دار المعرفة.

١٣٥

ورث العلم من النبي صلّى الله عليه وسلّم دونهم ) ثمّ خرّج حديثاً يدلّل على صحّة ذلك، أيضاً فقال: ( وبصحّة ما ذكره القاضي حدّثنا محمّد بن صالح بن هاني، حدّثنا أحمد بن نصر، حدّثنا عمرو بن طلحة القنّاد، حدّثنا إسباط بن نصر عن سمّاك بن حرب عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كان علي يقول في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّ الله يقول: ( أَفَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ ) والله، لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله، لئنْ مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت، والله، إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه فمّن أحقّ به منّي ) )، وقد وافق الذهبي الحاكم في ذلك (١) .

فتنبين أنّ عليّاً ( عليه السلام ) هو باب مدينة علم النبي ووارث علمه.

نكتفي بهذا القدر، ونقول كما قال شمس الدين بن الجزري: ( فهذا نزر من بحر وقل مِن كثر، بالنسبة إلى مناقبه الجليلة، ومحاسنه الجميلة، ولو ذهبنا لاستقصاء ذلك، لطال الكلام بالنسبة إلى هذا المقام، ولكن نرجو من الله تعالى أنْ ييسّر إفراد ذلك بكتاب نستوعب فيه ما بلغنا من ذلك، والله الموفّق للصواب ) (٢) .

____________________

(١) المصدر نفسه: ٣/١٢٥ - ١٢٦ دار المعرفة.

(٢) أسنى المطالب: ٧٩.

١٣٦

الفصل الثاني

إماما الهدى وسيّدا شباب أهل الجنّة

الحسن والحسين عليهما السلام

١٣٧

١٣٨

نافذةٌ إلى معرفتهما عليهما أفضل الصلاة والسلام

هما الإمامان الهمامان، والقمران النيّران، سبطا النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، وريحانتاه من الدنيا، وسيّدا شباب أهل الجنّة، الحسن والحسين عليهما السلام.

فضلهما وقدرهما لا يخفى على كلّ مسلم، وهو أكبر من أنْ تسطّره الأقلام أو تمتلئ به الصحف، فلهما في وصف الله ورسوله غنىً عن وصْف الواصفين، وثناء المادحين، فهما من أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وهما المدعوّان في مباهلة نصارى نجران؛ ليمثلا جنبة الحقّ الإلهي المقدّس، وليكونا وَلَدَين للرسول بنصّ القرآن العظيم، وامتلأتْ بذكر فضائلهما الكتب، وعجّتْ بها ألْسِنَة المحدّثين؛ لذا سنتناول في هذا الفصل مجموعة ممّا ورد من فضائلهما في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة كما أشرنا إلى ذلك في الفصل الأوّل.

وقبل الشروع في ذلك نقدّم للقارئ إلمامة سريعة بحياتهما عليهما السلام:

* فالإمام الحسن: هو الإمام الثاني من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ).

-أبوه: أمير المؤمنين، ومولى المتّقين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

-وأمّه: سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، فضلها وشرفها أشهر من أنْ يُذكَر، ويكفي أنّ النبي محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يغضب لغضبها.

فقد أخرج البخاري في ( صحيحه ) بسنده إلى المسوّر بن مخزمة، أنّ

١٣٩

رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال: ( فاطمة بضعة منّي فمنْ أغضبها أغضبني ) (١) .

-وُلِدَ ( عليه السلام ): بالمدينة المنوّرة، ليلة النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، ( ١٥/ رمضان / ٣ هـ ) (٢) .

-كنيته: أبو محمّد لا غير (٣) .

-ألقابه كثيرة منها: التقي، الطيّب، الزكي، السيّد، السبط، الولي (٤) .

-كان شبيهاً بالنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): سمّاه النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) الحسن، وعقّ عنه يوم سابعه، وحلق شعره، وأمر أنْ يتصدّق بِزِنَةِ شعره فضّة، وهو خامس أهل الكساء (٥) ) (٦) .

-كان عمر الحسن ( عليه السلام ): سبع سنين وأشهراً حين رحل الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، وقيل: ثماني سنين، وقام بالأمر بعد أبيه ( عليه السلام ) وله سبع وثلاثون سنة (٧) . وأقام في خلافته بعد أنْ بايعه أهل الكوفة ستّة أشهر وأيّاما، فسار إليه معاوية وانتهى الأمر بالصلح والهدنة (٨) ، وشروط الصلح، وأسباب الهدنة تحتاج إلى بحث

____________________

(١) صحيح البخاري، باب المهاجرين: ٤/٢١٠، دار الفكر.

(٢) انظر: ( الإرشاد ) للمفيد: ٢/٦، مؤسّسة آل البيت، و ( تاريخ الخلفاء ) للسيوطي: ١٤٤، دار الكتاب العربي.

(٣) مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة الشافعي: ٢/٩، مؤسّسة أمّ القرى، و( الإرشاد ): ٢/٥، مؤسّسة آل البيت.

(٤) انظر مثلاً: ( مطالب السؤول ) لمحمّد بن طلحة الشافعي: ٢/٩، مؤسّسة أم القرى.

(٥) هكذا في المتن المطبوع، والصحيح هو رابع أهل الكساء، والحسين (عليه السلام ) خامسهم.

(٦) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ١١٤، دار الكتاب العربي.

(٧) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: ٢/٤٠١، مؤسّسة آل البيت.

(٨) انظر: ( تاريخ الخلفاء ) للسيوطي: ١٤٧، دار الكتاب العربي.

١٤٠

موسّع؛ مَنْ شاء الاطلاع، فليراجع كتاب ( صلح الإمام الحسن ) لآل ياسين.

-استشهد ( عليه السلام ): في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة، مسموماً، سقتْه زوجتُه ( جعدة بنت الأشعث ) بأمر من معاوية بن أبي سفيان (1) .

-دُفن ( عليه السلام ): في مقبرة البقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد (2) ، وقبره ومَن معه من قبور أئمّة الهدى، هناك مهدّمة، قامت بهدمها الفرقة الوهابيّة.

* وأمّا الإمام الحسين ( عليه السلام ): فهو الإمام الثالث من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ).

-أبوه: علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

-وأمّه: فاطمة الزهراء، سلام الله عليها، فأكرم به وأنعم.

نَسَبٌ كأنَّ عليهِ مِن شمس الضُّحى = نوراً ومن فَلَقِ الصَّباحِ عَمُودا

-وُلِدَ ( عليه السلام ): في الثالث من شهر شعبان المعظّم، وقيل في الخامس منه، سنة أربع من الهجرة (3) . وجاءت به أمّه فاطمة عليها السلام إلى جدّه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فاستبشر به، وسمّاه حُسيناً وعقّ عنه كبشاً، وهو وأخوه بشهادة الرسول صلّى الله عليه وعليهما، سيّدا شباب أهل الجنّة، وبالاتّفاق الذي لا مِرْيَةَ فيه، سبطا نبيّ الرحمة (4) .

-كنيته: أبو عبد الله.

-وأما ألقابه، فكثيرة: الرشيد، والطيّب، والوفي، والسيّد، والزكي، والمبارك، والتابع لمرضاة الله، والسبط (5) .

____________________

(1) إعلام الورى للطبرسي: 1/403، مؤسّسة آل البيت.

(2) المصدر نفسه: 1/403.

(3) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 1/420، مؤسّسة آل البيت.

(4) الإرشاد للمفيد: 2/27، مؤسّسة آل البيت.

(5) انظر: ( مطالب السؤول ) 2/51، مؤسّسة أمّ القرى.

١٤١

-رفض بيعة يزيد بن معاوية: وضحّى بنفسه الشريفة في سبيل إيقاظ شعور الأمة وإبقاء راية الإسلام خفاقة عالية.

-عاش: سبعاً وخمسين سنة وخمسة أشهر، كان مع الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سبع سنين، ومع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه السلام ) سبعاً وثلاثين سنة، ومع أخيه الحسن سبعاً وأربعين سنة، وكانت مدة إمامته الشرعية للأمة الإسلامية عشر سنين وأشهراً (1) .

-استشهد ( عليه السلام ): في يوم عاشوراء من شهر محرّم الحرام سنة إحدى وستّين من الهجرة ( 10 / محرّم / 61 هـ ) (2) .

قال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ): ( ولمّا قُتل الحسين مكثتْ الدنيا سبعة أيّام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفّرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً، وكان قتله يوم عاشوراء، وكُسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرّت آفاق السماء ستّة أشهر بعد قتله، ثمّ لا زالت الحمرة تُرى فيها بعد ذلك ولم تكن تُرى فيها قبله. وقيل: إنّه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلاّ وجد تحته دمٌ عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلّم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطُمس بصره ) (3) .

-قبره: في كربلاء المقدّسة، معروف مشهور، يُزار يؤمّه الآلاف من

____________________

(1) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 1/420، مؤسّسة آل البيت.

(2) المصدر نفسه.

(3) تاريخ الخلفاء: 160، ترجمة يزيد بن معاوية، دار الكتاب العربي.

١٤٢

المسلمين من مختلف مناطق العالم الإسلامي.

فضائل الحسنَين في القرآن الكريم

حيث أنّ غرض الكتاب لم يكن منصبّاً على ذكر فضائل أهل البيت أو استقصائها؛ لذا سنقتصر على نماذج مختصرة ممّا ورد في حقّهما من الآيات القرآنيّة، ونترك التفصيل لمظانّه:

* الفضيلة الأولى: قوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) .

وهذهِ هي الآية الموسومة بآية التطهير، وتقدّم البحث عنها في الفصل الأوّل بما يناسب المقام، وعرفنا أنهّا شاملة للحسن والحسين، عليهما السلام فلا نعيد ولا نكرر الكلام.

* الفضيلة الثانية: قوله تعالى: ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) .

وهذه هي الآية الموسومة بآية المباهلة، وهي مثل أختها المتقدّمة، سَبَرْنَا أغوارها، وأنْهينا الكلام عن غاياتها ومقاصدها في الفصل الأوّل بما يتناسب والمقام، وعرفنا هناك أنّ النبي محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خرج إلى مباهلة نصارى نجران بمعيّة علي، وفاطمة، والحسن، والحسين ( عليهم السلام )، فهم صفوة الأمّة وخلاصتها

____________________

(1) الأحزاب: 33.

(2) آل عمران: 61.

١٤٣

ومدار رحاها، وأشرنا هناك إلى أنّ الحسنين بنصّ القرآن كانا ولدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، فراجع.

* الفضيلة الثالثة: قوله تعالى: ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (1) .

وهذه هي الآية الموسومة بآية المودّة، وهي دالّة على وجوب محبّة آل البيت ( عليهم السلام )، وتقدّم ذكرها والكلام عنها في الفصل الأوّل، وعرفنا شمولها للحسن والحسين عليهما السلام فلا نعيد.

فهذهِ ثلاث آيات باهرات في فضل الحسنين عليهما السلام، كلّها تقدّم ذكرها، وبها غنىً وكفاية لمعرفة مقامهما وشرفهما عند الله سبحانه وتعالى، ولكن لا بأس أنْ نتبرّك هنا بذكر آية رابعة مشتملة على معانٍ عديدة من فضائل أهل البيت ( عليهم السلام )؛ نوردها بعنوان الفضيلة الرابعة:

* الفضيلة الرابعة: قوله سبحانه وتعالى في سورة الإنسان: ( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ولا شُكُوراً ) (2) ، الآيات.

جاءت الأخبار بأنّ هذهِ الآيات المباركة نزلت في علي، وفاطمة، والحسن

____________________

(1) الشورى: 23.

(2) سورة الإنسان: 5 - 9.

١٤٤

والحسين ( عليهم السلام ) في قصّة طويلة مجملها ما أورده الزمخشري في تفسيره عن ابن عبّاس قال:

( إنّ الحسن والحسين مَرِضَا، فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناس معه. فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على وُلدك، فنذر عليٌ وفاطمة وفضّة جارية لهما إنْ بَرِآ ممّا بهما أنْ يصوموا ثلاثة أيّام، فَشُفِيَا، وما معهم شيء فاستقرض عليّ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء، وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا أبصرهم، وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال: ( ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم )، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: ( خذها يا محمّد، هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة ) ) (1) .

وقد أخرج الخبر - مفصّلاً - الثعلبي في تفسيره ( الكشف والبيان ) (2) - ومختصراً - ابن الأثير الجزري في ( أُسد الغابة ) (3) .

____________________

(1) تفسير الكشاف: 4/670.

(2) الكشف والبيان: 10/98 - 101، تفسير سورة الإنسان.

(3) أُسد الغابة: 7/256، ترجمة فضّة النوبية.

١٤٥

كما أخرج الخبر من طرق كثيرة الحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل ) عن ثلاثة من الصحابة، وهم: علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وابن عبّاس وزيد بن أرقم (1) ، وقال بعد ذلك: ( قلتُ: اعترض بعض النواصب على هذهِ القصّة بأنْ قال: اتّفق أهل التفسير على أنّ هذه السورة مكِّيّة، وهذه القصّة كانت بالمدينة - إنْ كانت - فكيف كانت سبب نزول السورة، وبان بهذا أنّها مخترعة!!

قلتُ: كيف يسوّغ له دعوى الإجماع مع قول الأكثر أنّها مدنيّة!! )، ثمّ شرع في إثبات كون هذه السورة مدنيّة (2) .

وأخرج القصّة مفصّلة سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص )، مصحّحاً لها رادّاً على جدّه أبي الفرج ابن الجوزي، مبيّناً في أكثر من موضع أنّ جدّه يرتضي هذه القصّة أيضاً، فإليك قارئي الكريم، تمام ما قاله سبط ابن الجوزي:

( ذكْر إيثارهم بالطعام:

قال علماء التأويل فيهم نزل قوله تعالى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) الآيات.

أنبأنا أبو المجد محمّد بن أبي المكارم القزويني بدمشق سنة اثنتين وعشرين وستمئة، قال أنبأنا أبو منصور محمّد بن أسعد بن محمّد العطاري، أنبأنا الحسين بن مسعود البغوي، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي، أنبأنا أبو

____________________

(1) انظر: ( شواهد التنزيل ): 2/298 - 310، وستجد هناك القصّة مفصّلة تارةً، ومختصرةً أخرى وبطرق متكاثرة. والحسكاني كما قال الذهبي: ( شيخ متقن ذو عناية تامّة بعلم الحديث ) انظر: ( تذكرة الحفّاظ ): 3/ 1200، مكتبة الحرم المكّي.

(2) شواهد التنزيل: 2/310 - 315.

١٤٦

إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي، أنبأنا عبد الله بن حامد، أنبأنا أبو محمّد أحمد بن عبد الله المزني، حدّثنا محمّد بن أحمد بن سهيل الباهلي، حدثنا عبد الرحمان بن محمّد بن هلال، حدثني القاسم بن يحيى عن أبي علي العزي عن محمّد بن السايب عن أبي صالح عن ابن عبّاس، ورواه أيضاً مجاهد عن ابن عبّاس، قال في قوله تعالى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) الآية.

قال: مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما رسول الله (ص) ومعه أبو بكر وعمر (رض)، وعادهما عامّة العرب فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على وَلَدَيك نذراً فكلّ نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء، فقال علي (ع): ( لله إنْ برأ ولداي ممّا بهما صمت لله ثلاثة أيّام شكراً )، وقالت فاطمة كذلك وقالت الجارية يقال لها فضّة كذلك، فأُلبس الغلامان العافية وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير، فانطلق علي (ع) إلى سمعون بن حانا اليهودي فاستقرض منه ثلاثة أصواع من شعير، فجاء به إلى فاطمة فقامت إلى صاع فطحنتْه وخبزتْه خمسة أقراص لكلّ واحد منهم قرص، وصلّى علي (ع) المغرب مع النبي (ص) ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين أيديهم فجاء سائل أو مسكين فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، مسكين من المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فسمعه علي (ع) فقال:

فاطِمُ ذاتَ المَجدِ وَاليَقينِ

يا بِنتَ خَيرِ الناسِ أَجمَعين

أَمَا تَرينَ البائِسَ المَسكين

قَد قامَ بِالبابِ لَهُ حَنين

يشكو إلى الله ويستكين

يَشكو إِلَينا جائِعٌ حَزين

كُلُّ اِمرئٍ بِكَسبِهِ رَهين

وفاعل الخيرات يَسْتَبِيْن

١٤٧

مَوْعِدُ جَنَّة عِلِّيِّيْن

حَرَّمَهَا اللهُ عَلَى الضَنِيْن

وَلِلْبَخِيْلِ مَوْقِف مَهِيْن

تَهْوَى بِهِ النَّارُ إِلَى سِجِّيْن

شَرَابُهُ الحَمِيْمُ وَالْغِسْلِيْن

فقالت فاطمة (ع):

أَطْعِمُهُ وَلاَ أُبَالِي الساعه

أَرجو إِذا أَشبعتُ ذا مَجاعَه

أنْ أَلحقَ الأخيارَ وَالجَماعه

وَأَدخلَ الخلد وَلِي شَفَاعَه

قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلاّ الماء القراح، ولمّا كان اليوم الثاني طحنت فاطمة من الشعير وصنعت منه خمسة أقراص، وصلّى علي (ع) المغرب وجاء إلى المنزل فجاء يتيم فوقف على الباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي، أطعموني ممّا رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنّة، فقال علي (ع):

فاطِمُ بِنت السَيِّدِ الكَريم

بِنت نَبيٍّ لَيسَ بِالذَميمِ

قَد جاءَنا اللَهُ بِذا اليَتيم

قد حرّم الخُلْدَ عَلَى اللَئِيْمِ

يُحْمَلُ في الحشر إلى الجَحِيْمِ

شَرَابُهُ الصَدِيْد وَالحَمِيْم

وَمَنْ يَجُوْدُ اليَوْمَ فِي النَعِيْم

شَرَابُهُ الرَحِيْق والتَسْنِيْم

فقالت فاطمة (ع):

إنِّي أُطْعِمُهُ وَلاَ أُبَالِي

وَأُوْثِرُ اللهَ عَلَى عِيَالِي

أَمْسَوا جِيَاعَاً وَهُم أشْبَالِي

فرفعوا الطعام وناولوه إيّاه، ثمّ أصبحوا وأمسوا في اليوم الثاني كذلك كما كانوا في الأوّل، فلمّا كان في اليوم الثالث طحنتْ فاطمة باقي الشعير ووضعته،

١٤٨

فجاء علي (ع) بعد المغرب فجاء أسير فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أسير محتاج تأسرونا ولا تطعمونا أطعمونا من فضل ما رزقكم الله، فسمعه علي ( عليه السلام )، فقال:

فاطِمُة يا بِنتَ النَبِيِّ أَحمَدِ

بِنتَ نَبِيٍّ سَيِّدٍ مُسَوَّدٍ

مُنِّي عَلَى أَسِيْرِنَا المُقَيَّد

مَنْ يُطْعِمُ اليَوْم يَجِدْهُ فِي الغَد

عِنْدَ العَلِّي المَاجِد المُمَجَّد

مَنْ يَزْرَع الخَيْرَات سَوْفَ يَحْصُد

فقالت فاطمة (ع):

لَمْ يَبْقَ عِنْدِي اليَوْمَ غَيْرَ صَاعٍ

قَدْ مَجُلَتْ كَفِّي مَعَ الذِرَاعِ

ابْنَايَ وَاللهِ مِنَ الجِيَاعِ

أَبُوْهُمَا لِلْخَيْرِ ذُو اصْطِنَاعِ

ثمّ رفعوا الطعام وأعطوه للأسير، فلمّا كان اليوم الرابع دخل علي (ع) على النبي (ص) يحمل ابنَيه كالفَرْخَيْن، فلمّا رآهما رسول الله (ص) قال: وأين ابنتي؟ قال: في محرابها، فقام رسول الله (ص) فدخل عليها ولقد لُصِقَ بطنها بظهرها وغارت عيناها مِن شدّة الجوع، فقال النبي (ص): واغوثاه بالله آل محمّد يموتون جوعاً فهبط جبرئيل وهو يقرأ ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) الآية، فإنْ قيل فقد أخرج هذا الحديث جدّك في الموضوعات.

وقال: أخبرنا به ابن ناصر عن محمّد بن أبي نصر الحميدي عن الحسن بن عبد الرحمان عن أبي القاسم السقطي عن عثمان بن أحمد الدقاق عن عبد الله بن ثابت عن أبي الهذيل عن عبد الله السّمرقندي عن عبد الله بن كثير عن الأصبغ بن نباتة، قال: مرض الحسن والحسين وذكره ثمّ قال جدك قد نزّه الله ذينك الفصيحين عن هذا الشعر الركيك. ونزّههما عن منع الطفلين عن

١٤٩

أكل الطعام، وفي إسناده الأصبغ بن نباتة: متروك الحديث، والجواب أمّا قوله قد نزّه الله ذينك الفصيحَين عن هذا الشعر الركيك فهذا على عادة العرب في الرجز والخبب كقول القائل: ( والله لو لا الله ما اهتدينا ) ونحو ذلك، وقد تمثّل به النبي (ص)، وأمّا قوله عن الأصبغ بن نباتة فنحن ما رويناه عن الأصبغ ولا له ذكر في إسناد حديثنا، وإنّما أخذوا على الأصبغ زيادة زادوها في الحديث وهي أنّ: رسول الله (ص) قال في آخره: اللّهم أنزل على آل محمّد كما أنزلت على مريم بنت عمران، فإذا ( جفنة ) تفور مملوءة ثريداً مكلّلة بالجواهر، وذكر الفاظاً من هذا الجنس.

والعجب من قول جدي وإنكاره وقد قال في كتاب ( المنتخب ): يا علماء الشرع أعلمتم لِمَ آثرا وتركا الطفلين عليهما أثر الجوع؟ أتراهما خفي عنهما سر: ابدأ بِمَنْ تَعُول، ما ذاك إلاّ لأنّهما عَلِما قوّة صبر الطفلين، وأنّهما غصنان من شجرة أظل عند ربي، وبعض جملة: فاطمة بضعة منّي، وفرخ البط سابح.

فصل:

وقد اشتملت سورة ( هل أتى ) من فضائل أهل البيت على معاني:

- منها: قوله: ( يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ) ، لِمَ ذكر الكافور وهو لا يُشرب؟

فالجواب من وجوه:

أحدها: أنّه أراد بياض الكافور في حسنه وطيب ريحه وبرده، كقوله: ( حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً ) أي كنار.

والثاني: إنّ الكافور اسم لعين في الجنّة.

والثالث: إنّه لمّا غَلَبَتْ عليهم حرارة الخوف في الدنيا، مُزِجَ لهم الكافور في الجنّة.

- ومنها: أنّ الهاء في قوله ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) تعود على الله تعالى وقيل على حب الثواب؛ وقيل على حب الطعام لفاقتهم إليه.

- ومنها: قوله:

١٥٠

( لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) ، المراد بالزمهرير القمر، قال الشاعر:

وليلةٍ ظَلاَمُهَا قَد اعْتَكَر

قَطَعْتُهَا وَالزَمْهِرْيُر مَا ظَهَر

- ومنها قوله: ( إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُوراً ) فإن قيل فالمنظوم أحسن فالجواب إن المراد به الانتشار في الخدمة لما تعبوا في الدنيا أقام الحقّ لهم خدّاماً في الآخرة، ومنها إنّ الله تعالى ذكر في هذه السورة جميع ما يتعلق بنعيم الجنة ولذّاتها كالأشجار والأنهار والولدان والطعام والقصور وجميع ما يتعلق بهذا الباب إلا الحور حتى عجب العلماء من شرح هذه الأمور واستطرفوا عدم ذكرهن في هذا النعيم المذكور فقيل لهم ما ذاك إلا غيرة على زهراء الأنس من ذكر الضراير أو لأن الحور مملوكات والمملوكات لا يذكرن مع الحراير.

وسمعت جدي يُنْشِدُ في مجالس وعْظه ببغداد في سنة ست وتسعين وخمسمئة بيتين ذكرهما في كتاب ( تبصرة المبتدي ) وهما:

أهوى عليّاً وإيماني محبَّتُه

كَمْ مُشْرِكٍ دَمُهُ مِن سَيْفِهِ وَكَفَا

إنْ كُنْتَ وَيْحَكَ لَمْ تَسْمَعْ فَضَائِلَهُ

فَاسْمَعْ مَنَاقِبَه مِنْ ( هَلْ أَتَى ) وَكَفَى ) (1) .

انتهى كلام سبط ابن الجوزي.

هذا وفضائل أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم عديدة جدّاً، وقد ألّف الحاكم الحسكاني كتاباً في جزءين أسماه: ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم )، فَمَن شاء الاستزادة، فلْيراجع.

____________________

(1) تذكره الخواص: 281 - 284، مؤسّسة أهل البيت.

١٥١

فضائل الحسنين في السُنّة النبويّة الشريفة

وهي على قسمين:

الأول: الفضائل المشتركة:

الثاني: الفضائل الخاصة لكلّ واحد منهما.

أمّا الأول: فهو بدوره مشتمل على فضائل عامّة تشمل غير الحسنَين من أهل البيت ( عليهم السلام )، وفضائل خاصّة بهما عليهما السلام، وسنجعل لهذا القسم باباً واحداً بعنوان الفضائل المشتركة.

أمّا الثاني: وهي الفضائل الخاصّة بكلّ واحد منهما، فستكون على قسمَين، الأوّل: يتعلّق بفضائل الإمام الحسن الخاصّة، والثاني: يتعلّق بفضائل الإمام الحسين الخاصّة، فيكون التقسيم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: الفضائل المشتركة.

الثاني: فضائل الإمام الحسن الخاصّة.

الثالث: فضائل الإمام الحسين الخاصّة.

وسَيْراً على نهجنا في الكتاب، فإنّ الغرض ليس سرد الفضائل واستيفاءها، بل هو ذكر جملة موجزة من ذلك، والله المستعان.

القسم الأوّل: الفضائل المشتركة

* الفضيلة الأولى: حديث الثقلين: وهو قول الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي وأنّهما لنْ يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض ).

١٥٢

وقد تقدّم الكلام عن هذا الحديث ودلالاته ومضامينه في الفصل الأوّل، وعرفنا أنّه شامل للحسن والحسين عليهما السلام فلا نعيد.

* الفضيلة الثانية: حديث الاثني عشر خليفة: وهو قول النبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ... كلّهم مِن قريش ). وتقدّم الكلام عنه أيضاً.

* الفضيلة الثالثة: حديث السفينة: وهو قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( مَثَل أهل بيتي مثل سفينة نوح، مَن ركبها نَجَا، ومَن تخلّف عنها غرق ). تقدّم أيضاّ.

* الفضيلة الرابعة: في كونهم أماناً لأهل الأرض: وهو قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ).

تقدّم.

* الفضيلة الخامسة: قول الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ): ( أنا حرب لِمَنْ حَارَبَكُم، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم ). تقدّم.

* الفضيلة السادسة: في وجوب الصلاة على أهل البيت ( عليهم السلام ): وهو قول النبي لأصحابه مُعلّماً إيّاهم كيفيّة الصلاة عليه: ( قولوا: اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركتَ على آل إبراهيم في العالمين، إنّك حميد مجيد ). وقد تقدّم الكلام عنه، وننوّه هنا إلى أنّ مسلماً في ( صحيحه ) أخرج الحديث تحت باب: ( الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد التشهّد ) (1) .

____________________

(1) انظر: ( صحيح مسلم ) كتاب الصلاة، باب 17: 1/305، دار الفكر.

١٥٣

فالصلاة على الآل إنّما هي واجبة على كلّ مسلم في الصلاة اليوميّة، فأيّ فضيلة هذه، وأيّ مقام سامٍ يضعهم الله فيه!!؟.

* الفضيلة السابعة: قوله وهو آخذ بيد الحسنَين: ( مَن أحبّني وأحبّ هذَين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة ). تقدّم.

* الفضيلة الثامنة: قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلاّ أدخله الله النّار ). وهذا تقدّم أيضاً.

فهذه ثماني فضائل شاملة للحسن والحسين عليهما السلام، تقدّمت في الفصل الأوّل، ونضيف هنا بعضاً آخر من فضائلهما عليهما السلام:

* الفضيلة التاسعة: في أنّ النبي راضٍ عنهما:

أخرج الطبراني في ( الأوسط ) بسنده إلى ربعي بن حراش، عن علي ( عليه السلام ): ( أنّه دخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد بسط شملة فجلس عليها هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين، ثمّ أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بمجامعه فعقد عليهم، ثمّ قال: ( اللّهم ارض عنهم كما أنا راضٍ عنهم ) ) (1) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل وهو ثقة ) (2) .

فالنبي، إذن راضٍ عن علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام )، ومنه يُعلم

____________________

(1) المعجم الأوسط: 5/348، دار الحرمين.

(2) مجمع الزوائد: 9/169، دار الكتب العلميّة.

١٥٤

حال مخالفيهم ومعاديهم ومبغضيهم، فتأمّل.

* الفضيلة العاشرة: في أنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة:

- أخرج أحمد في ( مسنده ) بسنده إلى أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ) (1) .

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) (2) ، والنسائي في ( الخصائص ) (3) ، والحاكم في ( المستدرك ) (4) ، وغيرهم.

قال الترمذي: ( حديث حسن صحيح ) (5) ، ووافقه الألباني في ( الصحيحة ) بقوله: ( وهو كما قال ) (6) .

وقال الحاكم معلّقاً على أحد الطرق: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (7) ، ووافقهما الألباني أيضاً (8) .

والحديث بهذا الطريق، أعني من طريق أبي سعيد الخدري، قال بصحّته أو حُسْنه جمعٌ آخر من العلماء، منهم الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (9) ،

____________________

(1) مسند أحمد: 3/3، 62، 64، 82، دار صادر.

(2) سنن الترمذي: 5/321، دار الفكر.

(3) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري: 104 - 105، دار الكتب العلميّة.

(4) المستدرك على الصحيحين: 3/ (154، 166 - 167)، دار المعرفة.

(5) سنن الترمذي: 5/321، دار الفكر.

(6) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/423، حديث رقم: (796). مكتبة المعارف.

(7) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/154، دار المعرفة.

(8) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/424، حديث: (796). مكتبة المعارف.

(9) مجمع الزوائد: 9/201، دار الكتب العلميّة.

١٥٥

ومصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة ) (1) . والحويني الأثري في تحقيقه على ( خصائص أمير المؤمنين ) (2) ، وكذا الداني بن منير آل زهوي (3) ، وحمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( مسند أحمد ) (4) .

- وأخرج أحمد بسنده إلى حذيفة قال: ( سألتْني أمّي: منذ متى عهدك بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؟

قال: فقلتُ: منذ كذا وكذا.

قال: فنالت منّي وسبّتني.

قال: فقلتُ لها: دعيني فإنّي آتي النبي صلّى الله عليه وسلّم فأصلّي معه المغرب ثمّ لا أدعه حتّى يستغفر لي ولك.

قال: فأتيتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلّيتُ معه المغرب، فصلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم العشاء، ثمّ انفتل فتبعتُه، فعرض له عارض فناجاه، ثمّ ذهب فاتبعته فسمع صوتي، فقال: ( من هذا؟ ).

فقلتُ: حذيفة.

قال: ( مالكَ؟ ). فحدّثته بالأمر.

فقال: ( غفر الله لك ولأمّك ).

ثمّ قال: ( أَمَا رأيتَ العارض الذي عرض لي قبيل؟ ).

قال: قلتُ: بلى.

قال: ( فهو مَلَك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذهِ الليلة، فاستأذن ربّه أنْ يُسلّم عليّ ويبشّرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ) (5) .

____________________

(1) الصحيح المسند من فضائل الصحابة: 257، دار ابن عفّان.

(2) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: 99 حديث: (124). دار الكتب العلميّة.

(3) خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بتحقيق آل زهوي: 107، حديث رقم: (140)، المكتبة العصريّة.

(4) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 1/101، 195، 204، 259، أحاديث رقم: (10941)، (11537)، (11561)، (11716)، دار الحديث، القاهرة.

(5) مسند أحمد: 5/391، دار صادر.

١٥٦

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) وحسّنه (1) ، وعقّب عليه الألباني قائلاً: ( وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال ( الصحيح ) غير ( مَيْسَرَة ) - وهو ابن حبيب - وهو ثقة ) (2) .

وأخرج الحديث - بألفاظ مختلفة من طريق حذيفة من غير زيادة ( وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ) - جمعٌ منهم: أحمد في ( مسنده ) (3) ، وابن حِبَّان في ( صحيحه ) (4) ، والحاكم في ( المستدرك ) (5) ، وغيرهم.

والحديث صحّحه الحاكم ووافقه الذهبي (6) ، وصحّحه الألباني بطريق أحمد الثاني أيضاً بقوله: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم (7) .

وصحّح كلا طريقي أحمد محقّقُ كتاب ( المسند )، حمزة أحمد الزين (8) .

- وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خيرٌ منهما ) أخرجه الحاكم وقال: ( هذا حديث صحيح بهذهِ الزيادة ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (9) .

هذا، والحديث رواه جمعٌ آخر من الصحابة أيضاً منهم: علي بن أبي

____________________

(1) سنن الترمذي: 5/326، دار الفكر.

(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/426، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(3) مسند أحمد: 5/392، دار صادر.

(4) صحيح ابن حِبَّان: 15/413، مؤسّسة الرسالة.

(5) المستدرك على الصحيحين: 3/381، دار المعرفة.

(6) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/381، دار المعرفة.

(7) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/426، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(8) مسند أحمد: 16/591 - 592، حديث (23222) و (23223)، دار الحديث، القاهرة.

(9) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/167، دار المعرفة.

١٥٧

طالب، وعبد الله بن عمر، والبرّاء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وقرّة بن إياس، وغيرهم (1) ، وله طرق متكثّرة؛ لذا قال السيوطي بتواتره (2) وكذا السمعاني (3) ، ومعه لا حاجة لذكر طرق أخرى، ونكتفي بما قدّمناه.

وإذا عرفت أنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة، فتأمّل في حال مَن جَيَّش الجيوش لقتالهما، أو تسبّب في ذلك، فضلاً عمّن اشترك، أو أعان، بل تأمّل في حال مَن رضي بذلك أيضاً، على مرّ العصور ومدار الزمان.

* الفضيلة الحادية عشرة: في أنّهما ريحانتا النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- عن ابن عمر قال: ( قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هما ريحانتاي من الدنيا ) ) يعني الحسن والحسين.

أخرجه البخاري في ( صحيحه ) في موضعَين (4) .

- والترمذي في سننه بلفظ: ( سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( إنّ الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا) )، وقال: ( هذا الحديث صحيح ) (5) .

وأخرجه - أيضاً - أبو داود الطيالسي في ( مسنده ) (6) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (7) ، والطبراني في ( الكبير ) (8) ،

____________________

(1) انظر طرفاً من رواياتهم في ( مجمع الزوائد ): 9/182، 183، 184، 201، دار الكتب العلميّة.

(2) انظر: ( تحفة الأحوذي ) 10/186، دار الكتب العلميّة، و ( فيض القدير ) للمنّاوي: 3/550، دار الكتب العلميّة.

(3) الأنساب: 3/477، دار الجنان، بيروت.

(4) صحيح البخاري:(4/217)، (7/74)، دار الفكر.

(5) سنن الترمذي: 5/322، دار الفكر.

(6) مسند أبي داود: 261، دار الحديث، بيروت.

(7) مسند أبي يعلى: 10/106، دار المأمون للتراث.

(8) المعجم الكبير: 3/127، دار إحياء التراث العربي.

١٥٨

وأحمد في ( مسنده ) (1) .

- وعن سعد بن أبي وقاص، قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والحسن والحسين يلعبان على بطنه، فقلتُ: يا رسول الله، أتحبّهما؟

فقال: ( ومالي لا أُحبّهما وهما ريحانتاي ) ).

أخرجه البزّار في ( مسنده ) (2) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه البزّار ورجاله رجال الصحيح ) (3) .

- وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يديه وفي حجره، فقلتُ: يا رسول الله، أتحبّهما؟

قال: ( وكيف لا أحبّهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمّهما ) ).

أخرجه الطبراني في ( الكبير ) (4) ، وما تقدّم يشهد لصحّته.

* الفضيلة الثانية عشرة: في محبّة النبي لهما:

- أخرج أحمد بسنده إلى عطاء: أنّ رجلاً أخبره ( أنّه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم، يضمّ إليه حسناً وحسيناً يقول: ( اللّهم إنّي أُحِبُّهما فأحِبَّهُما ) ) (5) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه أحمد ورجاله رجال

____________________

(1) مسند أحمد: 2/85، 93، 114، 153، دار صادر.

(2) مسند البزّار: 3/287، نشر مؤسّسة علوم القرآن.

(3) مجمع الزوائد: 9/181، دار الكتب العلميّة.

(4) المعجم الكبير: 4/156، دار إحياء التراث العربي.

(5) مسند أحمد: 5/369، دار صادر.

١٥٩

الصحيح ) (1) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (2) .

- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( اللّهم إني أُحبُّهما فأحِبَّهما ) ).

أخرجه أحمد في ( مسنده ) (3) ، وابن أبي شيبة في ( المصنّف ) (4) . والبزّار في ( مسنده ) كما في ( مجمع الزوائد )، وقال الهيثمي بعد ذكره: ( رواه البزّار وإسناده حسن ) (5) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق ( المسند ) ( إسناده حسن ) (6) .

هذا ومحبّة الرسول للحسن والحسين غير خافية على أحد، بل هي محلّ اتفاق المسلمين، والروايات في ذلك عديدة متكاثرة، قال الفخر الرازي: ( ثبت بالنقل المتواتر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يحبُّ عليّاً والحسن والحسين، وإذا ثبت ذلك وجبَ على كلّ الأمّة مثله؛ لقوله: ( وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .

ولقوله تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) .

ولقوله: ( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبِكُمُ اللهُ ) .

ولقوله سبحانه: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي

____________________

(1) مجمع الزوائد: 9/179، دار الكتب العلميّة.

(2) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 16/534، حديث: (23027)، دار الحديث، القاهرة.

(3) مسند أحمد: 2/446 دار صادر.

(4) المصنف: 7/511، دار الفكر.

(5) مجمع الزوائد: 9/179.

(6) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 9/303، حديث: (9721)، دار الحديث، القاهرة.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480