أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة25%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75446 / تحميل: 9282
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (١) .

لذا نكتفي بما ذكرناه أعلاه وننوّه إلى أنّه سيأتي في ذكر الفضائل الآتية ما يدلّ على ذلك أيضاً.

* الفضيلة الثالثة عشرة: في أمر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بمحبّتهما عليهما السلام:

- عن عبد الله بن مسعود قال: ( كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلّي والحسن والحسين يَثِبَان على ظهره فيباعدهما الناسُ، فقال صلّى الله عليه وسلّم: ( دعوهما، بأبي هما وأمّي، مَن أحبّني فليحبّ هذَين ) )، أخرجه:

النسائي في ( السنن ) (٢) .

وابن أبي شيبة في ( المصنف ) (٣) .

وأبو يعلى في ( مسنده ) (٤) .

وابن خزيمة في ( صحيحه ) (٥) .

وابن حِبَّان في ( صحيحه ) (٦) .

والطبراني في ( الكبير ) (٧) .

وأورده ابن حجر في ( الإصابة ) (٨) ، واللفظ لابن حِبَّان.

قال ابن حجر بعد ذكر الحديث: ( وله شاهد في السنن وصحيح ابن خزيمة عن بريدة، وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شداد بن الهاد ) (٩) .

____________________

(١) تفسير الفخر الرازي: مجلّد١٤، ج٢٧، ص١٦٧، دار الفكر.

(٢) السنن الكبرى: ٥/٥٠، دار الكتب العلميّة.

(٣) المصنّف: ٧/٥١١، دار الفكر.

(٤) مسند أبي يعلى: ٩/٢٥٠، دار المأمون للتراث.

(٥) صحيح ابن خزيمة: ٢/٤٨، حديث: (٨٨٧)، المكتب الإسلامي.

(٦) صحيح ابن حِبّان: ١٥/٤٢٧، مؤسّسة الرسالة.

(٧) المعجم الكبير: ٣/٤٧، دار إحياء التراث.

(٨) الإصابة: ٢/٦٣، دار الكتب العلميّة.

(٩) المصدر نفسه: ٢/٦٣.

١٦١

وقال الألباني في ( صحيح موارد الظمآن ): ( حَسَن ) (١) .

وقد عرفت أنّه صحيح عند ابن حِبّان، وابن خزيمة أيضاً؛ لوجوده في كتابيهما، وقد التزما بذكر ما هو صحيح فقط، كما هو جليّ واضح من مقدّمة كتابيهما.

وذكر الحديث مصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة )، وقال: ( حَسَن ) (٢) .

وعن أبي هريرة، قال: ( سمعتُ رسول الله يقول للحسن والحسين: ( مَن أحبَّني فليحِبَّهما ) ).

أخرجه أبو داود الطيالسي في ( مسنده ) (٣) ، بلفظ: ( فليحبَّ هذين )، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (٤) ، والبزّار في ( مسنده ) على ما في ( مجمع الزوائد ) (٥) ، قال الهيثمي: ( رواه البزّار، ورجاله وثّقوا، وفيهم خلاف ) (٦) .

قلتُ: عرفتَ أنّ الحديث الأوّل حسن، فيكون هذا الحديث على فرض ضعفه، شاهداً على صحّته.

* الفضيلة الرابعة عشرة: في أنّ من أحبَّهما، فقد أحبّ رسول الله، ومَنْ

____________________

(١) صحيح موارد الظمآن: ٢/٣٧٦، دار الصميعي.

(٢) الصحيح المسند من فضائل الصحابة: ٢٦٠، دار ابن عفّان.

(٣) مسند أبي داود، ٣٢٧، دار الحديث.

(٤) تاريخ دمشق: ١٤/١٥٤ - ١٥٥، دار الفكر.

(٥) مجمع الزوائد: ٩/١٨٠، دار الكتب العلميّة.

(٦) المصدر نفسه: ٩/١٨٠.

١٦٢

أبغضهما، أبغض رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الحاكم بسنده إلى أبي هريرة قال: ( خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم (١) هذا مرّة وهذا مرّة، حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله أنّك تحبّهما؟

فقال: ( نعم، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) ) (٢) .

وأخرجه أحمد في ( مسنده ) (٣) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (٤) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (٥) . وأُخرِج الحديث عن أبي هريرة مختصراً مُقتصِراً فيه على: ( مَنْ أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) ).

أخرجه النسائي في ( سننه ) (٦) ، وأحمد في ( مسنده ) (٧) ، والطبراني في ( الكبير ) (٨) ، وابن راهويه في ( مسنده ) (٩) .

____________________

(١) يلثم: يُقبّل.

(٢) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٦٦، دار المعرفة.

(٣) مسند أحمد: ٢/٤٤٠، دار صادر.

(٤) تاريخ دمشق: ١٣/١٩٩، دار الفكر.

(٥) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ): ٣/١٦٦، دار المعرفة.

(٦) سنن النسائي: ٥/٤٩، دار الكتب العلميّة.

(٧) مسند أحمد: ٢/٢٨٨، دار صادر.

(٨) المعجم الكبير: ٣/٤٨، دار إحياء التراث.

(٩) مسند ابن راهويه: ١/٢٤٨، مكتبة الإيمان، المدينة المنوّرة.

١٦٣

قال أحمد محمّد شاكر: ( إسناده صحيح ) (١) .

وأُخرج الحديث عن أبي هريرة أيضاً، قاله في يوم وفاة الحسن ( عليه السلام )، أخرجه أحمد في ( مسنده ) (٢) ، وعبد الرزاق في ( المصنّف ) (٣) ، والحاكم في ( المستدرك ) (٤) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (٥) .

- وفي ( سنن ابن ماجة ) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( مَن أحبَّ الحسن والحسين فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ).

قال البوصيري: ( هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ).

وقال الألباني: ( حسن ) (٦) .

- وفي ( تاريخ ابن عساكر ) عن ابن عبّاس بصيغة: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) (٧) .

- وفي ( مجمع الزوائد ) عن ابن مسعود بلفظ: ( اللّهمّ إنّي أُحِبُّهما فأحِبَّهما، ومَن أحبَّهما أحبَّني ).

____________________

(١) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر: ٧/٥١٩، حديث: (٧٨٦٣)، دار الحديث، القاهرة.

(٢) مسند أحمد: ٢/٥٣١، دار صادر.

(٣) المصنّف: ٣/٤٧٢، المجلس العلمي.

(٤) المستدرك على الصحيحَين: ٣/١٧١، دار المعرفة.

(٥) المصدر نفسه: ٣/١٧١.

(٦) السنن لابن ماجة وبحاشيته ( مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ) مع تعليقات للألباني: ١/٨٥، حديث: (١٤٣)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(٧) تاريخ دمشق لابن عساكر: ١٤/ ١٣٢، دار الفكر.

١٦٤

قال الهيثمي: ( رواه البزّار وإسناده جيد ) (١) .

- ونختم الكلام عن هذهِ الفضيلة بذكر ما أخرجه الحاكم في ( مستدركه ) بسنده إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ( سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول: ( الحسن والحسين ابناي، مَن أحبَّهما أحبَّني، ومَن أحبَّني أحبَّه الله، ومَن أَحَبَّه الله أدخله الجنّة، ومَن أبغضهما أبغضني، ومَنْ أبغضني أبغضه اللهُ، ومَن أبغضه اللهُ أدخله النار ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) (٢) .

وأرسله القاضي عِيَاض إرسال المسلّمات مع نحو اختصار (٣) .

ومن الغريب أنّ الذهبي لم يَرُقْ له الحديث، فقال: ( مُنْكَر ) (٤)، مع أنّه صحَّحَ ما تقدّم ذكره عن أبي هريرة، ومعلوم عند كلّ المسلمين أنّ مبغض النبي مبغضٌ لله، وأنّ مبغض الله في النّار، والأمر واضح لا يحتاج إلى رواية، فإنّ نفس الرواية التي صحَّحها الذهبي في أنّ مبغض الحسنَين مبغضٌ للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كافيةٌ في إثبات أنّه مبغض لله، فلماذا حكم الذهبي هنا بالنّكارة وصحَّحَ تلك؟!

لا نرى مبرِّراً معقولاً سوى أنّ القارئ عندما يقرأ تلك لا يلتفت، لكنّه حينما يقرأ هذهِ الرواية الصريحة سوف ينتبه، ويدقّ عنده ناقوس الخطر

____________________

(١) مجمع الزوائد: ٩/ ١٧٩، دار الكتب العلميّة.

(٢) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٦٦، دار المعرفة.

(٣) الشفا في حقوق المصطفى: ٢/٣٦، دار الفكر، بيروت.

(٤) انظر: ( تلخيص المستدرك ) للذهبي، المطبوع في هامش المستدرك: ٣/١٦٦، دار المعرفة.

١٦٥

ويتبيّن له حال معاوية، وابنه يزيد، وأتباعهما من المبغضين للحسنين؛ لذا لم يستطع الذهبي تحمّل ذلك كعادته، فلا بدّ أنْ تكون الرواية في نظره ( منكرة )!!!

* الفضيلة الخامسة عشرة: في أنّهما وَلَدا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الترمذي بسنده إلى أسامة بن زيد، قال: ( طرقتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلمّا فرغتُ من حاجتي قلتُ: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه، فإذا حسن وحسين على ورْكَيْه، فقال: ( هذان ابناي وابنا ابنتي، اللّهم إنّي أحِبُّهما، فأحِبَّهما وأحِبَّ مَن يحبُّهما ) ) (١) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في ( المصنف ) (٢) . والنسائي في ( الخصائص ) (٣) ، وابن حِبّان في ( صحيحة ) (٤) ، والطبراني في ( الصغير ) (٥) .

قال الترمذي: ( هذا حديث حَسَن غريب ) (٦) .

قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن أسامة بعد نقل كلام الترمذي: ( وصحّحه ابن حِبّان والحاكم ) (٧) .

____________________

(١) سنن الترمذي: ٥/٣٢٢، دار الفكر.

(٢) المصنّف: ٧/٥١٢، دار الفكر.

(٣) خصائص الإمام علي: ١٠٧، المكتبة العصريّة.

(٤) صحيح ابن حِبّان: ١٥/٤٢٣، مؤسّسة الرسالة.

(٥) المعجم الصغير: ١/٢٠٠، دار الكتب العلميّة.

(٦) سنن الترمذي: ٥/٣٢٢، دار الفكر.

(٧) تهذيب التهذيب: ٢/٢٣٨، دار الفكر.

١٦٦

قال الألباني في ( صحيح الجامع الصغير ): ( حَسَن ) (١) .

- وفي ( سير أعلام النبلاء ) عن عبد الله بن مسعود: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( هذان ابناي، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني ).

قال محقّق الكتاب: ( سند الحديث حسن ) (٢) .

- وفي ( مجمع الزوائد ) عن أبي هريرة قال في حديث طويل: ( سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن والحسين وهما يبكيان وهما مع أمّهما، فأسرع السير حتّى أتاهما فسمعتُه يقول: ( ما شأن ابني. .. ) ) الحديث.

قال الهيثمي: ( رواه الطبراني ورجاله ثقات ) (٣) .

- وأخرج أحمد (٤) ، والترمذي (٥) ، والنسائي (٦) ، وأبو داود (٧) ، وابن ماجة (٨) ، وغيرهم بسندهم إلى عبد الله بن بريدة قال: سمعتُ أبي بُريدة يقول: كان رسول الله يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثمّ قال: ( صدق الله ورسوله، إنّما أموالكم وأولادكم فتنة، نظرتُ إلى

____________________

(١) صحيح الجامع الصغير: ٢/١١٧٥، المكتب الإسلامي.

(٢) سير أعلام النبلاء: ٣/٢٥٤، هامش (٣)، مؤسّسة الرسالة.

(٣) مجمع الزوائد: ٩/١٨١، دار الكتب العلميّة.

(٤) مسند أحمد: ٥/٣٥٤، دار صادر.

(٥) سنن الترمذي: ٥/٣٢٤، دار الفكر.

(٦) سنن النسائي: ٣/١٠٨، ١٩٢، دار الفكر.

(٧) سنن أبي داود: ١/٣٤٨، دار الفكر.

(٨) سنن ابن ماجة: ٢/١١٩، دار الفكر.

١٦٧

هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعتُ حديثي ورفعتُهم ) ). واللفظ لأحمد.

قال الترمذي: ( هذا حديث حسن غريب ) (١) .

والحديث صحّحه ( ابن حِبَّان ) و ( ابن خزيمة )، إذ أخرجاه في صحيحيهما (٢) ، وأخرجه الحاكم وقال: ( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) (٣) .

وأخرجه في موضع آخر وقال: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) (٤) .

والحديث صحَّحه الألباني أيضاً (٥) .

هذا، ولا يخفى على القارئ دلالة آية المباهلة على ذلك أيضاً، وقد أشرنا إلى ذلك في محلّه، كما أنّ بعض الروايات المتقدّمة قد دلّت على ذلك أيضاً فلا نعيد.

ويعضد ذلك ما ورد عن الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأكثر من طريق في أنّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وليُّ الحسن والحسين وهو عصبتهما التي ينتمون إليها.

- فقد أخرج الحاكم بسنده إلى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله

____________________

(١) سنن الترمذي: ٥/٣٢٤، دار الفكر.

(٢) انظر: ( صحيح ابن حِبَّان ): ١٣/٤٠٢، ٤٠٣، مؤسّسة الرسالة. و ( صحيح ابن خزيمة ): (٢/٣٥٥) و (٣/١٥٢)، المكتب الإسلامي.

(٣) المستدرك على الصحيحَين: ١/٢٨٧، دار المعرفة.

(٤) المصدر نفسه: ٤/١٩٠.

(٥) انظر: ( صحيح سنن النسائي ): ١/٤٥٥ - ٤٥٦. و ( سنن ابن ماجة ) مع تعليق الألباني: ٣/٥١٠، مكتبة المعارف. و ( صحيح موارد الظمآن ): ٢/٣٦٦ - ٣٦٧، دار الصميعي.

١٦٨

صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( لكلّ بني أمّ عصبة ينتمون إليهم، إلاّ ابني فاطمة فأنَا وليّهما وعصبتها ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) (١) .

- وأخرج أبو يعلى بسنده إلى فاطمة الزهراء عليها السلام، قالت: ( قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( لكلّ بني أُمّ عصبة ينتمون إليه إلاّ وُلد فاطمة، فأنا وليّهم وأنا عصبتُهم ) ) (٢) .

- وأخرجه الطبراني بلفظ: ( لكلّ بني أنثى عصبة ينتمون إليه، إلاّ وُلد فاطمة فأنا وليّهم وأنا عصبتهم ) (٣) .

- وأورده السيوطي في الجامع الصغير بلفظ : ( كلّ بني آدم ينتمون إلى عصبة، إلاّ وُلد فاطمة فأنا وليُّهم وأنا عصبتهم )، وأشار إلى حسنه كما في ( فيض القدير ) للمنّاوي (٤) .

- وأخرج الطبراني بسنده إلى عمر بن الخطاب، قال: ( سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( كلّ بني أنثى فإنّ عصبتَهم لأبيهم، ما خلا وُلد فاطمة فإنّي أنا عصبتُهم، وأنا أبوهم ) ) (٥) .

قال محمّد بن طاهر الفتني ( ت: ٩٨٦ هـ ) في ( تذكرة الموضوعات ): ( ( كلّ

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٦٤، دار المعرفة.

(٢) مسند أبي يعلى: ١٢/١٠٩، دار المأمون للتراث.

(٣) المعجم الكبير: ٢٢/٤٣٢، دار إحياء التراث، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٤) فيض القدير: ٥/٢٣، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(٥) المعجم الكبير: ٣/٤٤، حديث: (٢٦٣١) دار إحياء التراث، نشر مكتبة ابن تيمية.

١٦٩

بني آدم ينتمون إلى عصبة أبيهم إلاّ ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وأنا عصبتُهم ) فيه إرسال وضعف، ولكن له شاهد عن جابر رفعه: ( إنّ الله تعالى جعل ذرِّيَّة كلّ نبي في صُلْبِهِ وإنّ الله تعالى جعل ذرِّيَّتي في صُلْب علي ) وبعضهم يقوّي بعضاً، وقول ابن الجوزي أنّه لا يصح، ليس بجيّد، وفيه دليل لاختصاصه صلّى الله عليه وسلّم به ) (١) .

وذكر العجلوني الحديث، مع بعض تخريجاته وقال: إنّ له شواهد عند الطبراني عن جابر، وذكر حديث جابر المتقدّم، ثمّ ذكر كلام صاحب المقاصد فقال: ( قال في المقاصد: ويُروى أيضاً، عن ابن عبّاس كما كتبته في ارتقاء الغرف وبعضها يقوّي بعضاً، وقول ابن الجوزي في العلل لا يصح، ليس بجيّد، وفيه دليل لاختصاصه صلّى الله عليه وسلّم بذلك، كما أوضحتُه في بعض الأجوبة وفي مصنَّفي أهل البيت ) (٢) .

وبهذا يتّضح أنّ الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله اتّخذ من الحسنَين أولاداً له وصار عصبتهم التي ينتمون إليها، وأنّ هذا من مختصّاته صلّى الله عليه وآله.

ولا مِرْيَةَ أنّ في ذلك لطف كبير، وعناية مميّزة، واهتمام خاص من الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالحسنَين عليهما السلام.

وهذا يكشف عن عظيم منزلتهما وكِبَر قدرهما عند الله سبحانه وتعالى، وبهذهِ الفضيلة الشريفة نختم الكلام عن الفضائل العامّة، ومَن أراد الاستزادة

____________________

(١) تذكرة الموضوعات: ٢٩٩.

(٢) كشف الخفاء للعجلوني: ٢/١١٩، دار الكتب العلميّة.

١٧٠

فليراجع الكتب الحديثيّة، حيث خُصصت في الكثير منها أبواب مستقلّة في ذكر فضائل الحسنَين عليهما السلام.

القسم الثاني: فضائل الإمام الحسن الخاصّة

نُورد هنا بعض فضائل الإمام الحسن ( عليه السلام ) المختصّة به، وننوّه إلى أنّ بعضها تقدّمت في الفضائل المشتركة بنفس المعاني، لكن نُوردها هنا تيمّناً وتبرّكاً:

* الفضيلة الأولى: في حبّ النبي له:

- أخرج البخاري في ( صحيحه ) باب مناقب المهاجرين، باب مناقب الحسن والحسين بسنده إلى البرّاء قال: ( رأيتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم والحسن بن علي على عاتقه، يقول: ( اللّهمّ إنّي أحبُّهُ فأحبَّه ) ) (١) .

وأخرجه مسلم في ( صحيحه ) (٢) . والترمذي في ( سننه ) (٣) . وأحمد في ( المسند ) (٤) .

- وأخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسندهِ إلى أبي هريرة قال: ( لا أزال أحبُّ هذا الرجل بعد ما رأيتُ رسول الله يصنع ما يصنع، رأيتُ الحسن في حجر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يُدخل أصابعه في لحيةِ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يُدخل لسانه في فمه، ثمّ قال:

____________________

(١) صحيح البخاري: ٤/٢١٦، دار الفكر.

(٢) صحيح مسلم: ٧/١٢٩، دار الفكر.

(٣) سنن الترمذي: ٥/٣٢٧، دار الفكر.

(٤) مسند أحمد: ٤/٢٨٤، ٢٩٢، دار صادر.

١٧١

( اللّهمّ إنّي أحبُّه فأحِبَّه ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (١) .

- وعن سعيد بن زيد بن نفيل: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم احتضن حَسَنَاً وقال: ( اللّهمّ إنّي أحبُّه فاحبَّه ).

أورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير يزيد بن حسين وهو ثقة ) (٢) .

وتقدّم في الفضائل المشتركة أنّ محبّة النبي للحسنَين تواترَ بها النقل.

وفي ( سير أعلام النبلاء ) للذهبي: ( وفي ( الجعديات ) لفضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت، عن البراء، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم للحسن: ( اللّهمّ إنّي أُحبّه فأحبَّه، وأحِبّ مَن يُحبُّه )، صحّحه الترمذي ) (٣) .

قال الهيثمي: ( رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزّار وأبو يعلى ورجال الكبير رجال الصحيح ) (٤) .

قال الذهبي: (وفي ذلك عدّة أحاديث فهو متواتر ) (٥) .

* الفضيلة الثانية: في دعاء النبي لمحبِّ الحسن ( عليه السلام ):

- أخرج مسلم في ( صحيحه ) باب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين وبهامشه: ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣/١٦٩، دار المعرفة.

(٢) مجمع الزوائد: ٩/١٧٦، دار الكتب العلميّة.

(٣) سير أعلام النبلاء: ٣/٢٥٠، مؤسّسة الرسالة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩/١٧٦، دار الكتب العلميّة.

(٥) سير أعلام النبلاء: ٣/٢٥١، مؤسّسة الرسالة.

١٧٢

والحسين: بسنده إلى أبي هريرة ( عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال لحسن، ( اللّهم إنّي أُحبُّه فأَحبّه، وأحبِبْ مَن يُحبُّه ) ) (١) .

- وأخرج عن أبي هريرة أيضاً في نفس الباب، قال: (خرجتُ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طائفة من النهار لا يكلّمني ولا أكلّمه، حتّى جاء سوق بني قينقاع ثمّ انصرف، حتّى أتى خباء فاطمة فقال: أَثَمَّ لكع (٢) أَثَمَّ لكع يعني حسناً، فظنّنا أنّه إنّما تحبسه أمّه لأنْ تغسله وتلبسه سخاباً (٣) ، فلم يلبث أنْ جاء يسعى حتّى اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( اللّهم إنّي أحبّه فأحبّه وأحببْ مَن يُحبُّه ) ) (٤) .

وأخرجه البخاري في ( صحيحه ) (٥) ، وجمع من أئمة الحديث وقد تقدّم بعض ما يدلّ على ذلك فيما سبق أيضاً.

* الفضيلة الثالثة: في أنّه مِنْ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- في ( مسند أحمد ): حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا حبوة بن شريح، ثنا بقيّة، ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان، قال: ( وَفَدَ المقدام بن معدي كرب

____________________

(١) صحيح مسلم: ٧/١٢٩، دار الفكر.

(٢) المراد هنا ( الصغير ).

(٣) السِخاب: بكسر السين المهملة وبالخاء المعجمة، جمعه سخب، وهو قلادة من القرنفل والمسك، والعود ونحوهما من أخلاط الطيب، يعمل على هيئة السبحة، ويُجعل قلادة للصبيان والجواري، وقيل هو خيط فيه خرز، سُمِّي سخاباً لصوت خرزه عند حركته من السَخَب بفتح السين والخاء، يُقال الصخب بالصاد وهو اختلاط الأصوات، ( شرح صحيح مسلم للنووي: ١٥/١٩٣ ).

(٤) صحيح مسلم: ٧/١٣٠، دار الفكر.

(٥) صحيح البخاري، كتاب البيوع: ٣/٢٠، دار الفكر.

١٧٣

وعمرو بن الأسود إلى معاوية، فقال معاوية للمقدام: أعلمتَ أنّ الحسن بن علي تُوفّي، فرجّع المقدام [ أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ] فقال له معاوية: أتراها مصيبة؟

فقال: ولمَ لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجره وقال: ( هذا منّي وحسين مِن علي رضي الله تعالى عنهم ) ) (١) .

- وأخرجه أبو داود في ( سننه ) (٢) ، والطبراني في ( الكبير ) (٣) ، في أكثر من موضع وفي بعضها بلفظ: ( حَسَن منّي، وحسين من علي ) وبهذا اللفظ في ( مسند الشاميّين ) أيضاً (٤) .

قال المنّاوي في ( فيض القدير ): قال الحافظ العراقي: ( سنده جيّد ) (٥) .

قال الذهبي: في ( السيّر ): ( إسناده قوي ) (٦) .

قال الألباني في ( صحيح الجامع الصغير ): ( حَسَن ) (٧) .

قال محقّق كتاب ( السير ): بقيّة بن الوليد مدلّس، وقد عَنْعَنَ وباقي رجاله ثقات، وعلّق على تصحيح الذهبي قائلاً: هذا مُسلّم لو أنّ بقية صرّح بالتحديث، أمّا وقد عنعن فلا (٨) .

____________________

(١) مسند أحمد: ٤/١٣٢، دار صادر.

(٢) سنن أبي داود: ٢/٢٧٥، دار الفكر.

(٣) المعجم الكبير: (٣/٤٣) و (٢٠/٢٦٨ - ٢٦٩)، دار إحياء التراث.

(٤) مسند الشاميّين للطبراني: ٢/١٧٠، مؤسّسة الرسالة.

(٥) فيض القدير: ٣/٥٥١، دار الكتب العلميّة.

(٦) سير أعلام النبلاء: ٣/٢٥٨، مؤسّسة الرسالة.

(٧) صحيح الجامع الصغير: ١/٦٠٧، المكتب الإسلامي.

(٨) سير أعلام النبلاء: ٣/٢٥٨ هامش (٢) و (٣)، مؤسّسة الرسالة.

١٧٤

أقول:

يظهر أنّ المحقّق قد خفي عليه وجود الرواية في ( مسند أحمد )، وفيها أنّ بقية حدّث ولم يعنعن كما أثبتناه أعلاه، وقد نوّه الألباني إلى ذلك أيضاً (١) .

فالرواية معتبرة إذن، وليلتفت إلى أنّه سيأتي في فضائل الحسين ( عليه السلام ) أنّ الرسول قال في حقّه: ( حسينٌ منّي وأنا من حسين ).

* الفضيلة الرابعة: النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يأمر بمحبّته ( عليه السلام ):

- أخرج أحمد بسنده إلى زهير بن الأقمر قال: ( بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قُتل علي رضي الله عنه إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضعه في حبوته يقول: ( مَن أحبّني فليحبّه، فَلْيُبْلِغ الشاهد الغائب ) ولولا عزمة (٢) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما حدّثتُكم ) (٣) .

وأخرجه الحاكم في ( المستدرك ) (٤) ، وابن أبي شيبة في ( المصنّف ) (٥) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (٦) .

قال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (٧) .

____________________

(١) سلسة الأحاديث الصحيحة: ٢/٤٥١ حديث رقم: (٨١١)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.

(٢) في بعض المصادر ( كرامة )، انظر: ( مستدرك الحاكم ): ٣/١٧٣ - ١٧٤، دار المعرفة.

(٣) مسند أحمد: ٥/٣٦٦، دار صادر.

(٤) المستدرك على الصحيحين ٣/ ١٧٣ - ١٧٤، دار المعرفة.

(٥) المصنّف: ٧/٥١٣، دار الفكر.

(٦) تاريخ دمشق: ١٣/ ١٩٧، دار الفكر.

(٧) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: ١٦/ ٥٢٥، رقم: (٢٣٠٠٠)، دار الحديث، القاهرة.

١٧٥

وسكت عنه الحاكم وكذا الذهبي في ( التلخيص ) (١) .

- وفي ( مسند أبي داود الطيالسي ): حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا شعبة عن عدي بن ثابت، قال سمعتُ البرّاء يقول: ( رأيتُ النبي صلّى لله عليه وسلّم واضعاً الحسن على عاتقه وقال: ( مَن أحبّني فليحبّه ) ) (٢) .

والرواية صحيحة السند، رجالها ثقات.

وقد تقدّم في الفضائل المشتركة ما يدلّ على ذلك أيضاً.

* الفضيلة الخامسة: في أنّه سيّد بنصّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

أخرج الحاكم بسنده إلى سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: ( كنّا مع أبي هريرة، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب علينا فسلّم، فرددنا عليه السلام ولم يَعلم به أبو هريرة، فقلنا: يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلّم علينا، فلحقه وقال: وعليك السلام يا سيّدي، ثمّ قال: سمعتُ رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: إنّه سيّد ).

قال الحاكم: ( هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (٣) .

* الفضيلة السادسة: في رعاية النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) واهتمامه الشديد بولده الحسن ( عليه السلام ):

- أخرج الهيثمي في ( موارد الظمآن ) بسنده إلى أبي هريرة قال: ( كان رسول الله

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣/ ١٧٣ - ١٧٤، دار المعرفة.

(٢) مسند أبي داود الطيالسي: ٩٩، دار الحديث، بيروت.

(٣) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣/١٦٩، دار المعرفة.

١٧٦

صلّى الله عليه وسلّم يَدْلَعُ لسانه للحسن، فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه ) (١) .

قال الألباني: ( حَسَن ) (٢) .

- وأخرج أحمد في ( مسنده ) بسنده إلى معاوية قال: ( رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمصّ لسانه أو قال: شفته، يعني الحسن بن علي صلوات الله عليه، وأنّه لن يُعذّب لسان أو شفتان مصّهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ) (٣) .

ونقلها الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمان بن أبي عوف وهو ثقة ) (٤) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (٥) .

ولا يفوتنا أنْ نشير هنا إلى أنّ معاوية يعلم بأنّ الحسن بن علي ( عليه السلام ) من أهل الجنّة، ومع ذلك يرفض الدخول في طاعته، بل ويجيّش الجيوش لقتاله!!!

- وأخرج الحاكم بسندهِ إلى أبي هريرة: ( أنّه لقي الحسن بن علي، فقال: رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبّل بطنك، فاكشف الموضع الذي قبّل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى أُقبّله، قال: وكشف له الحسن فقبّله ) (٦) .

____________________

(١) موارد الظمآن: ٥٥٣، دار الكتب العلميّة.

(٢) صحيح موارد الظمآن: ٢/ ٣٦٨، دار الصميعي للنشر والتوزيع.

(٣) مسند أحمد: ٤/٩٣، دار صادر.

(٤) مجمع الزوائد: ٩/١٧٧، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(٥) مسند أحمد: ١٣/١٨٠، حديث: (١٦٧٩١)، دار الحديث، القاهرة.

(٦) مستدرك الحاكم: ٣/١٦٨، دار المعرفة.

١٧٧

وأخرجه أحمد من طريق عمير بن إسحاق (١) ، وأورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه أحمد والطبراني ) (٢) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ) وأقرّه الذهبي (٣) .

وقال الهيثمي في ( المجمع ): ( رجاله رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق، وهو ثقة ) (٤) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (٥) .

- وأخرج ابن أبي شيبة في ( المصنّف ) بسنده إلى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: ( دُعيَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لصلاة، فخرج وهو حامل حسناً أو حسيناً فوضعه إلى جنبه، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطال فيها، قال أبي: فرفعتُ رأسي مِن بين الناس فإذا الغلام على ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأعدتُ رأسي فسجدتُ، فلمّا سلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له القوم: يا رسول الله، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدةً ما كنتَ تسجدها، أفكان يُوحى إليك، قال: ( لا، ولكن ابني ارتحلني فكرهتُ أنْ أعجّله حتّى يقضي حاجته ) ) (٦) .

____________________

(١) مسند أحمد: ٢/٤٢٧، دار صادر.

(٢) مجمع الزوائد: ٩/١٧٧، دار الكتب العلميّة.

(٣) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: ٣/١٦٨، دار المعرفة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩/ ١٧٧، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(٥) مسند أحمد: ٩/ ٢٣٢، رقم الحديث: (٩٤٧٨) دار الحديث، القاهرة.

(٦) المصنّف: ٧/٥١٤، دار الفكر.

١٧٨

وأخرجه أحمد في ( المسند ) (١) ، والنسائي في ( السنن ) (٢) ، والحاكم في ( المستدرك ) (٣) ، والضحاك في ( الآحاد والمثاني ) (٤) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي على ذلك (٥) .

قال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (٦) .

- كما ورد: أنّ الحسن ( عليه السلام ) كان يركب على رقبة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، وهو ساجد فما ينزله حتّى يكون هو الذي ينزل، وكان يجيء والنبي راكع فيفرج له بين رجليه حتّى يخرج من الجانب الآخر (٧) ، وكان يحمله أحياناً على رقبته، ويخرج به إلى الناس، ويقول عنه: ( نِعْمَ الراكب هو ) (٨) .

وغير ذلك من الروايات العديدة الدالّة على اهتمام الرسول الأعظم ورعايته المنقطعة النظير لولده الحسن ( عليه السلام )، والتي تكشف عن عظم مقام الحسن ( عليه السلام )، وكبر شأنه، وتبيّن بوضوح مراد النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، مِن أمّته في الاهتمام بريحانته المباركة وتبجيلها، والسير وِفق نهجها الشريف، خصوصاً

____________________

(١) مسند أحمد: ٣/٤٩٣ - ٤٩٤، دار صادر.

(٢) السنن الكبرى: ١/٢٤٣، دار الكتب العلميّة.

(٣) المستدرك على الصحيحين: ١٦٥ - ١٦٦، دار المعرفة.

(٤) الآحاد والمثاني: ٢/١٨٨، دار الدراية.

(٥) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ): ١/١٦٦، دار المعرفة.

(٦) مسند أحمد: ١٢/ ٤٢٣، حديث رقم: (١٥٩٧٥)، دار الحديث، القاهرة.

(٧) تاريخ دمشق: ١٣/١٧٦، دار الفكر، والإصابة: ٢/٦٢، دار الكتب العلميّة.

(٨) سنن الترمذي: ٥/٦٦١، دار إحياء التراث العربي.

١٧٩

عند ضمّ هذهِ الروايات مع سابقاتها إلى الآيات القرآنيّة، والأحاديث العامّة التي وردت في حقّ أهل البيت، فإنّها لا تدع أيّ مجال للشكّ في أنّ الله اختار هذهِ الصفوة المباركة؛ ليكونوا خلفاء لرسوله الأكرم، وأمناء على رسالته المباركة، ونجزم يقيناً بأنّ كلّ باحثٍ لو أنصف البحث، لانفتحت له آفاق الحقيقة، ولرأى نورها يشعّ بولاية علي وأولاده الطاهرين، والتوفيق من عند الله العظيم.

هذا وفضائل الإمام الحسن ( عليه السلام ) عديدة شهيرة نكتفي منها بما ذكرناه، ونختم هذا القسم بما صحّ عن الصحابي عبد الله بن عمرو: بأنّ الحسن ( عليه السلام ) أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء، فعن رجاء بن ربيعة قال: ( كنتُ جالساً بالمدينة في مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حلقةٍ فيها أبو سعيد، وعبد الله بن عمرو، فمرّ الحسن بن علي فسلّم فردّ عليه القومُ، وسكت عبد الله بن عمرو ثمّ أتبعه وقال: وعليك السلام ورحمة الله، ثمّ قال: هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء والله ما كلّمته منذ ليالي صفّين .

فقال أبو سعيد: أَلاَ تنطلق إليه فتعتذر إليه؟

قال: نعم.

قال: فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأَذِنَ له، ثمّ استأذن لعبد الله بن عمرو فدخل.

فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو: حدّثنا بالذي حدّثتنا به حيث مرّ الحسن.

فقال: نعم، أنا أُحدّثكم، إنّه أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء.

قال: فقال له الحسن: إذا علمتَ أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلِمَ قاتلتنا أو كثّرت يوم صفّين.

قال: أَمَا إنّي والله ما كثّرتُ سواداً ولا ضربتُ معهم بسيف، ولكنّي حضرتُ مع أبي، أو كلمة نحوها.

قال: أَمَا علمتَ أنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.

قال: بلى، ولكنّي

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

٥٢٤ ـ انتقال مسلم إلى دار هانئ بن عروة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٨)

فلما سمع مسلم بن عقيل بمجيء عبيد الله إلى الكوفة ومقالته التي قالها ، وما أخذ به العرفاء والناس ، خرج من دار المختار إلى دار هانئ بن عروة المرادي في جوف الليل ودخل في أمانه. وأخذت الشيعة تختلف إلى دار هانئ سرا واستخفاء من عبيد الله ، وتواصوا بالكتمان. وألحّ عبيد الله في طلب مسلم ، ولا يعلم أين هو.

وقد أورد ابن قتيبة كيفية انتقال مسلم إلى دار هانئ برواية غريبة في

(الإمامة والسياسة) ج ٢ ص ٤ قال :

وبايع للحسين مسلم بن عقيل وأكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة ، فنهضوا معه يريدون عبيد الله بن زياد ، فجعلوا كلما أشرفوا على زقاق انسلّ عنه منهم ناس ، حتّى بقي مسلم في شرذمة قليلة.

قال : فجعل أناس يرمونه بالآجر من فوق البيوت. فلما رأى ذلك دخل دار هانئ ابن عروة المرادي ، وكان له فيهم رأي.

ابن زياد يعتمد على نظام العرافة

٥٢٥ ـ نظام العرافة في صدر الإسلام :

(الفن الحربي في صدر الإسلام لعبد الرؤوف عون ، ص ١١٠)

قال عبد الرؤوف عون : فحين كثر أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسّمهم عرافات ، وجعل على كل عشرة منهم عريفا.

فقد روى الطبري في حديثه عن (القادسية) أن سعدا عرّف العرفاء ، فجعل على كل عشرة عريفا ، كما كانت العرافات أزمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي عهد عمر ، لما اتسعت الفتوح ، وتبع ذلك كثرة الأجناد والأموال ، وضع عمر (الديوان) ورتّب العطاء للناس جميعا. وجعل العرفاء أداته في توزيعه ، فكان العريف في المدنيين ينوب عن القبيلة ، وفي الجند ينوب عن عشرة.

فلما كثر عدد الناس ، جمع كل عدد من العرافات في (سبع) عليه أمير ، وسمّاهم (أمراء الأسباع) ، فكان هؤلاء يأخذون العطاء ، فيدفعونه إلى العرفاء والنقباء والأمناء ، فيدفعونه إلى أهله في دورهم.

٤٦١

٥٢٦ ـ العرفاء والمناكب :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٠)

العرفاء : جمع عريف كأمير ، وهو الرئيس. والظاهر أنه كان يجعل لكل قوم رئيس من قبل السلطان يطالب بأمورهم ، يسمى العريف. وكان يجعل للعرفاء أيضا رؤساء يقال لهم : المناكب.

وفي كتاب (مع الحسين في نهضته) لأسد حيدر ، ص ٩٨ :

العريف في اللغة : هو من يعرّف أصحابه ، وهو القائم بأمور الجماعة من الناس ؛ يلي أمورهم ، ومنه يتعرّف الأمير على أحوالهم. وكان لكل عشرة عريف ، وللعرفاء رئيس يدعى : أمير الأعشار. فالعريف يقود خلية مؤلفة من عشرة أشخاص ، وأمير الأعشار يقود مجموعة مؤلفة من مئة شخص ، وهو يقابل اليوم قائد سريّة.

٥٢٧ ـ نظام العرافة :(حياة الإمام الحسين ، ج ٢ ص ٤٤٧)

قال السيد باقر شريف القرشي : وكانت الدولة تعتمد على العرفاء ، فكانوا يقومون بأمور القبائل ، ويوزعون عليهم العطاء. كما كانوا يقومون بتنظيم السجلات العامة التي فيها أسماء الرجال والنساء والأطفال ، وتسجيل من يولد ليفرض له العطاء من الدولة ، وحذف العطاء لمن يموت(١) .

كما كانوا مسؤولين عن شؤون الأمن والنظام. وكانوا في أيام الحرب يندبون الناس للقتال ويحثونهم على الحرب ، ويخبرون السلطة بأسماء الذين يتخلفون عن القتال(٢) . وإذا قصّر العرفاء أو أهملوا واجباتهم ، فإن الحكومة تعاقبهم أقسى العقوبات وأشدها(٣) .

ومن أهمّ الأسباب في تفرّق الناس عن مسلم بن عقيل ، هو قيام العرفاء في تخذيل الناس عن الثورة ، وإشاعة الإرهاب والأراجيف بين الناس(٤) كما كانوا السبب الفعال في زجّ الناس وإخراجهم لحرب الإمام الحسينعليه‌السلام .

__________________

(١) الحياة الإجتماعية والاقتصادية في الكوفة ، ص ٥٣.

(٢) تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٢٢٦.

(٣) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٢ ص ١٧٩.

(٤) البداية والنهاية لابن كثير ، ج علينا ص ١٥٤.

٤٦٢

٥٢٨ ـ التجنيد في الدولة الأموية :

(الفن الحربي في صدر الإسلام لعبد الرؤوف عون ، ص ١٠١)

وكان التجنيد في عهد الخلفاء الأولين إلزاميا من أجل الفتح الإسلامي ، لكنه فقد عنصر الإلزام أو كاد بعد النكسة التي سببتها الحروب الأهلية. وصار المال أداة التجنيد في الدولة الأموية ، وارتفع صوت الذهب فوق كل صوت. فكان الخليفة تكثر أجناده أو تقلّ ، تبعا لكثرة المال في خزائنه أو قلته. وصار الخلفاء يسترضون الجند بصرف الأموال لهم مقدّما ، وعزل من يطلبون عزله من الولاة.

ولم تقف روح التهرب من الجندية عند حد ، بل سرت عدواها إلى الأمصار ، حتّى إلى (البصرة والكوفة) وهما المعسكران اللذان كانا مصدر المدد الحربي للمسلمين ، ومنهما اتجهت الجيوش شرقا حتّى اقتحمت على الفرس عاصمتهم ، ووطدت قدم الإسلام فيما وراء النهر إلى حدود الصين. حتّى بلغ عدد الجند في (خراسان) وحدها أيام قتيبة بن مسلم سبعة وأربعين ألفا (كما في رواية ابن الأثير) عدا ما كان في غيرها من المقاطعات الفارسية.

٥٢٩ ـ تنظيم الجيش في الكوفة :

(حياة الإمام الحسين لباقر شريف القرشي ، ج ٢ ص ٤٤٥)

أنشئت الكوفة لتكون معسكرا للجيوش الإسلامية. وقد نظّم الجيش فيها على أساس قبلي ، فكانوا يقسمون في معسكراتهم باعتبار القبائل والبطون التي ينتمون إليها ، وقد رتّبت على نظام الأسباع.

وفي سنة ٥٠ ه‍ عمد زياد بن أبيه حاكم العراق فغيّر ذلك وجعل التقسيم رباعيا ، فكان على النحو التالي :

١ ـ أهل المدينة : وجعل عليهم عمرو بن حريث.

٢ ـ تميم وهمدان : وعليهم خالد بن عرفطة.

٣ ـ ربيعة بكر وكندة : وعليهم قيس بن الوليد.

٤ ـ مذحج وأسد : وعليهم أبو بردة بن أبي موسى [الأشعري].

وقد استعان عبيد الله بن زياد بهذا التنظيم لقمع ثورة مسلم بن عقيل. كما تولى بعضهم قيادة الفرق التي زجّها الطاغية لحرب الإمام الحسينعليه‌السلام .

٤٦٣

٥٣٠ ـ الجيش النظامي والجيش الشعبي :

وكان هناك دائما جيشان :

الأول جيش نظامي عدده قليل ، ومهمته المحافظة على الوالي ، وكان ينتقى من غير العرب (الأعاجم والموالي) لأنهم يخلصون للوالي أكثر من العرب ، ولا ينقادون لانتمائهم القبلي. وقد كان هؤلاء يسمّون (الحمر) وهم من بقايا رستم ، أسلموا وتجندوا في الجيش الاسلامي ، وعددهم أربعة آلاف ، وهم الذين خرجوا أول دفعة لحرب الحسينعليه‌السلام بقيادة عمر بن سعد.

أما الجيش الآخر [الشعبي] فهو يدعى عند الضرورة ومن أجل الفتوحات ، ويكون تنظيمه آنيا. وهو جيش شعبي يستنفر من المسلمين للجهاد. وقد كانت الكوفة مركزا لتنظيم هذه الجيوش ودفعها للفتح في مشارق البلاد.

ملفّ الكوفة

(مدينة الكوفة ـ مسجد الكوفة ـ قصر الإمارة)

٥٣١ ـ مدينة الكوفة :(البلدان لليعقوبي ، ص ٩٢)

الكوفة مدينة العراق الكبرى والمصر الأعظم وقبة الإسلام ودار هجرة المسلمين. وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة ١٧ ه‍. وبها خطط العرب. وهي على معظم الفرات ، ومنه يشرب أهلها. وهي من أطيب البلدان وأفسحها وأعذبها وأوسعها.

وعن الإمام عليعليه‌السلام في قوله تعالى :( وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ ) [المؤمنون : ٥٠] ، الربوة : الكوفة ، والقرار : مسجدها ، والمعين : الفرات.

٥٣٢ ـ تعريف بقصر الإمارة بالكوفة :(تاريخ الكوفة للبراقي)

قصر الإمارة بالكوفة بناه سعد بن أبي وقّاص ، وأمره عمر بن الخطاب أن يبني بجنبه مسجدا.

موقع القصر والمسجد شرق ميدان الكوفة

٤٦٤

(الشكل ٥) : مخطط الكوفة القديمة

[مأخوذ من كتاب (خطط الكوفة وشرح خريطتها) للمسيو لويس ماسينيون]

٤٦٥

هدم القصر عبد الملك بن مروان لما وضع بين يديه رأس مصعب بن الزبير ، وقال له ما قال عبيد بن عمير (والأصح عبد الملك بن عمير) فارتعد عبد الملك وقام من فوره وأمر بهدم القصر. يقع القصر في الزاوية الجنوبية الشرقية من ميدان الكوفة ، بينما يقع المسجد في الزاوية الشمالية الشرقية (انظر المخطط).

وفي (أضواء على معالم محافظة كربلاء) ص ١١٢ :

يقع هذا القصر خلف المسجد مباشرة ، وهو الآن في منخفض من الأرض.وعند ما بنى سعد بن أبي وقّاص مدينة الكوفة سنة ١٧ ه‍ بأمر عمر بن الخطاب ، شيّد بجانب المسجد دارا سميت بدار الإمارة ، تكون مقرا لأمير الكوفة. وتعتبر دار الإمارة أقدم ما عثر عليه من عمارات إسلامية حتّى الآن في كافة الأقطار الإسلامية.

وتتألف دار الإمارة من بناء مربع طول ضلعه ١١٠ م ومعدل سمك الجدران ١٨٠ سم ، وفي بعض أجزائه ممران. وهذه الدار مشيّدة بالآجر والجص ، وفي كل ركن من أركانها توجد أبراج نصف دائرية.

مسجد الكوفة :

وهو جامع واسع جدا ، يتسع لأكثر من ثلاثين ألفا من المصلين ، وهو الجامع الّذي ضرب في محرابه أمير المؤمنين عليعليه‌السلام (انظر الشكل ٦). وهو الّذي صلى فيه مسلم بن عقيل حين جاء إلى الكوفة سفيرا للحسينعليه‌السلام ، ثم نكثوا به البيعة وتخلوا عنه.

ونورد فيما يلي تعريفا ببعض الأماكن الواقعة حول الكوفة :

٥٣٣ ـ القادسيّة :

مدينة صغيرة ذات نخيل ومياه تقع على حافة البرية وحامة سواد العراق. وهي بليدة بينها وبين الكوفة ١٥ فرسخا (نحو ٨٠ كم) في طريق الحاج. وبها كانت وقعة القادسية المشهورة أيام عمر بن الخطاب.

وفي (معجم البلدان) لياقوت الحموي : القادس : السفينة العظيمة. والقادسية :بلدة بينها وبين الكوفة ١٥ فرسخا ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال. قيل : سميت القادسية بقادس هراة.

٤٦٦

(الشكل ٦)

مخطط مسجد الكوفة

ويظهر في أطرافه قبر هانئ ومسلم والمختار رضي الله عنهم

٤٦٧

قال المدائني : كانت القادسية تسمى قديسا ، وذلك أن إبراهيمعليه‌السلام مرّ بها فرأى زهرتها ، ووجد هناك عجوزا فغسلت رأسه ، فقال : قدّست من أرض ، فسميت (القادسية).

تقع القادسية جنوب الكوفة ومنها

ينطلق طريق الحاج إلى مكة

٥٣٤ ـ الحيرة :

مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة (٦ كم) جنوبا ، على موضع يقال له النجف [هذا نجف الحيرة ، وليس نجف الكوفة المعروفة] ، زعموا أن بحر فارس [لعل المقصود به الخليج العربي] كان يتصل به.والنجف كان ساحل بحر الملح ، وكان في قديم الدهر يبلغ الحيرة.

ومعنى الحيرة في اللغة السريانية (الحصن) ، وكانت الحيرة من أكبر مدن العصور السالفة. وهي منازل آل (بقيلة) وغيرهم.

وكانت الحيرة مسكن ملوك العرب في الجاهلية ، وبها كانت منازل ملوك بني نصر من لخم ، وهم آل النعمان بن المنذر. وعلية أهل الحيرة نصارى ، وتكثر فيها الأديرة ، مثل دير علقمة ودير اللّج ودير هند الصغرى ودير هند الكبرى ؛ بنتي النعمان بن المنذر ، ودير حتّه ودير السّوا (أي العدل).

وبنى فيها المناذرة بعد تنصّرهم القصور والكنائس الكبيرة والحصون المنيعة.وبنى فيها النعمان بن المنذر قصرين شهيرين هما : الخورنق والسّدير.

ولقد مرّت على (الحيرة) فترات من العمران والخراب. فلما مات بخت نصّر انضم عرب الحيرة إلى أهل الأنبار (مدينة تسمى اليوم الرمادي ، وتقع على نهر الفرات) ، وبقي الحير خرابا زمانا طويلا ، لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب. وبعد خمسمائة سنة عمّرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي ، باتخاذه إياها مسكنا ، وظلت عامرة أكثر من خمسمائة سنة ، إلى أن جاء الفتح الإسلامي وعمّرت (الكوفة) ونزلها المسلمون ، فأهملت الحيرة.

٥٣٥ ـ الخورنق والسّدير :

إنما تكلمت عن الحيرة ، والآن أتكلم عن الخورنق والسدير ، لأبيّن أن هذه المنطقة التي حول الكوفة كانت مهد حضارات قديمة منذ أقدم العصور.

٤٦٨

يقع قصر الخورنق بالقرب من الحيرة مما يلي الشرق ، على بعد ثلاثة أميال (انظر الشكل ٧). والخورنق تعريب للكلمة الفارسية (خورنكاه) ومعناها : محل الأكل.

والسّدير : قصر في وسط البرية التي بينها وبين الشام.

وفي كتاب (العرب قبل الإسلام) لجرجي زيدان ، ج ١ ص ٢٠٤ ط مصر ، قال :

كانت الحيرة على شاطئ الفرات ، والفرات يدنو من أطراف البر حتّى يقرب من النجف ، فلما تبسّط النعمان في العيش رأى أن يتّخذ مجلسا عاليا يشرف منه على المدينة ، فاتخذ الخورنق على مرتفع يشرف منه على النجف ، وما يليه من البساتين والجنان والأنهار.

٥٣٦ ـ النّخيلة :

هي العباسية (في كلام ابن نما) ، وتعرف اليوم بالعباسيات ، وهي قريبة من (ذي الكفل). وفي (اليقين) لابن طاووس : أن النخيلة تبعد فرسخين عن الكوفة (انظر الشكل ٧).

(الشكل ٧) : مصور سواد الكوفة

[مأخوذ من كتاب (خطط الكوفة وشرح خريطتها) للمسيولويس ماسينيون]

٤٦٩

٥٣٧ ـ النجف والغريّ :

تقع النجف على بعد ٧ كم جنوب غرب الكوفة ، وترتفع ٣٦ مترا عن الكوفة الواقعة على الفرات. والنجف في اللغة : التل ، لأنه عال. ووراء مدينة النجف البحيرة المعروفة ببحر النجف ، حيث تنخفض الأرض انخفاضا هو أوطأ من مستوى نهر الفرات الموازي لها.

يقع بحر النجف من جهة الجنوب الغربي من المدينة ، يبتدئ من نهر الفرات عند (أبي ضمير) وينتهي فوق المدينة. ويغلب على الظن أن هذا البحر حصل هنا بتأثير زلزال انخفضت من جرائه الأرض ، فانسابت إليها مياه الفرات ، فتكونت هذه البحيرة ، التي عرضها عشرة كيلو مترات.

وكان اسم (النجف) يطلق قديما على الجزء الغربي ـ المطلّ على البحيرة المالحة ـ من ذلك اللسان الّذي تقع الكوفة في النقطة الشمالية الشرقية منه (من جهة الفرات). وهذه الذروة صارت في عصر اللخميين تسمى (الغريّ). والغراء :الحسن ، ومنه الغريّ (كغنيّ) : الحسن الوجه. والغري : البناء الجيد.

ومنه : الغريّان ، وهما بناءان مشهوران بالكوفة عند الثويّة ، حيث قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام . زعموا أنهما بناهما بعض ملوك الحيرة ، حيث كان الأمير (ماء السماء) قد نصب عليها عمودين : الغريّين.

محاولة قتل عبيد الله بن زياد

تضاربت الأخبار حول محاولة قتل عبيد الله بن زياد. فبعض الروايات تقول إن هانئ بن عروة كان مريضا منذ جاء ابن زياد إلى الكوفة ، فلما علم هانئ بزيارته طلب من مسلم بن عقيل وكان عنده ، أن يغتال ابن زياد أثناء الزيارة. وهذه الرواية مستبعدة للأسباب التي ستأتي.

وفي رواية أن أحد أصحاب هانئ طلب منه قتل ابن زياد ، أثناء مجيء ابن زياد لعيادته ، فرفض.

وفي روايات أخرى أن الّذي مرض هو شريك بن الأعور ، وكان مقيما في دار هانئ ، فطلب من مسلم قتل ابن زياد أثناء عيادته له ، وأن هانئا ترجّى مسلما أن لا يقتله في داره ، وكذلك زوجة هانئ توسّلت إليه بأن لا يقتله.

٤٧٠

ويمكن التوفيق بين هذه الروايات ، بأن عبيد الله بن زياد قد زار دار هانئ مرتين ، وذلك أن هانئ مرض أولا فعاده ، ثم مرض شريك فزاره. ولا بدّ أن ذلك حصل قبل أن تتم مكيدة (معقل) مولى ابن زياد ، وينكشف مكان مسلم.

٥٣٨ ـ علاقة شريك بهانئ بن عروة :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٣)

وكان هانئ بن عروة مواصلا لشريك بن الأعور البصري الّذي قام مع ابن زياد.وكان شريك ذا شرف بالبصرة وخطر. فانطلق هانئ إليه حتّى أتى منزله ، وأنزله مع مسلم بن عقيل في الحجرة التي كان فيها.

وكان شريك بن الأعور من كبار الشيعة بالبصرة ، فكان يحثّ هانئا على القيام بأمر مسلم.

٥٣٩ ـ مرض هانئ :(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٦١)

ومرض هانئ بن عروة بعد نزول مسلم بن عقيل عنده ، فأتاه عبيد الله يعوده. فقال عمارة بن عبد السلولي لهانئ : إنما جماعتنا وكيدنا قتل هذا الطاغية ، وقد أمكنك الله ، فاقتله. فقال هانئ : ما أحبّ أن يقتل في داري. وجاء ابن زياد فجلس عنده ، ثم خرج.

٥٤٠ ـ مرض شريك بن الأعور :(المصدر السابق)

فما مكث إلا جمعة حتّى مرض شريك بن الأعور ، وكان قد نزل على هانئ.وكان كريما على ابن زياد وعلى غيره من الأمراء. وكان شديد التشيّع ، قد شهد صفين مع عمار. فأرسل إليه عبيد الله : إني رائح إليك العشية. فقال لمسلم : إن هذا الفاجر عائدي العشية ، فإذا جلس اخرج إليه فاقتله ، ثم اقعد في القصر ليس أحد يحول بينك وبينه ، فإن برئت من وجعي ، سرت إلى البصرة حتّى أكفيك أمرها.وعلامتك أن أقول : اسقوني ماء. ونهاه هانئ عن ذلك.

٥٤١ ـ هانئ يتوسّل إلى مسلم بعدم قتل ابن زياد في داره ، ومسلم يتورّع عن قتله :(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد)

هناك توسّل هانئ إلى مسلم أن لا يقتل عبيد الله أثناء عيادته لشريك. فلما كان وقت الميعاد جاء عبيد الله بن زياد ، ودخل مسلم الخباء ، وهمّ مسلم أن يخرج إليه ،

٤٧١

فوثب إليه هاني وقال له : يا سيدي ناشدتك الله لا تفعل ذلك ، ولا تحدث في منزلنا حادثة ، فإن فيه نسوة ضعافا وأطفالا صغارا فأخاف عليهم. فقال مسلم : معاذ الله أن يصاب أحد من أجلنا بمكروه ، فنكون قد تقلدّنا إثمه. وقبل قول هاني وأطاع أمره وبقي على حاله. فأبطأ ذلك على شريك ، فجعل يتمثّل بهذه الأبيات :

ما تنظرون بسلمى لا تحيّوها

حيّوا سليمى وحيّوا من يحيّيها

هل شربة عذبة أسقى على ظمأ

ولو تلفت وكانت منيتي فيها

وإن تخشّيت من سلمى مراقبة

فلست تأمن يوما من دواهيها

٥٤٢ ـ زيارة ابن زياد لشريك بن الأعور في دار هانئ :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٤)

قال أبو حنيفة الدينوري : ومرض شريك بن الأعور في منزل هانئ مرضا شديدا.وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد ، فأرسل إليه يعلمه أنه يأتيه عائدا.

فقال شريك لمسلم : إنما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية ، وقد أمكنك الله منه ، وهو صائر إليّ ليعودني ، فقم فادخل الخزانة ، حتّى إذا اطمأن عندي ، فاخرج إليه فقاتله. ثم صر إلى قصر الإمارة فاجلس فيه ، فإنه لا ينازعك فيه أحد من الناس. وإن رزقني الله العافية صرت إلى البصرة ، فكفيتك أمرها ، وبايع لك أهلها.

فقال هانئ : ما أحبّ أن يقتل في داري ابن زياد.

فقال له شريك : ولم؟. فوالله إنّ قتله لقربان إلى الله.

ثم قال شريك لمسلم : لا تقصّر في ذلك.

فبينا هم على ذلك إذ قيل لهم : الأمير بالباب!. فدخل مسلم بن عقيل الخزانة.ودخل عبيد الله بن زياد على شريك ، فسلّم عليه ، وقال : ما الذي تجد وتشكو؟.فلما طال سؤاله إياه ، استبطأ شريك خروج مسلم ، وجعل يقول ويسمع مسلما :

ما تنظرون بسلمى عند فرصتها

فقد وفى ودّها واستوسق الصّرم(١)

وجعل يردد ذلك.

__________________

(١) الصّرم : الطائفة المجتمعة من القوم.

٤٧٢

فقال ابن زياد لهانئ : أيهجر؟(أي يهذي).

قال هانئ : نعم ، أصلح الله الأمير ، لم يزل هكذا منذ أصبح.

ثم قام عبيد الله وخرج. فخرج مسلم بن عقيل من الخزانة ، فقال شريك : ما الذي منعك منه إلا الجبن والفشل؟!.

قال مسلم : منعني منه خلّتان : إحداهما كراهية هانئ أن يقتل في منزله ، والأخرى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن بمؤمن» (يعني : إن إيمان الرجل يمنعه عن الفتك برجل على سبيل الاحتيال والإغتيال ، ولو كان المقتول كافرا).

قال شريك : أما والله لو قتلته لاستقام لك أمرك ، واستوسق لك سلطانك.

(وفي رواية ابن الأثير) : «لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا ، كافرا غادرا».

ولم يعش شريك بعد ذلك إلا أياما ، حتّى توفي. وشيّع ابن زياد جنازته ، وتقدم فصلى عليه.

(وفي رواية ابن الأثير) : «فلما علم عبيد الله أن شريكا كان حرّض مسلما على قتله ، قال : والله لا أصلي على جنازة عراقي أبدا. ولو لا أن قبر زياد فيهم لنبشت شريكا».

وكان شريك من خيار الشيعة وعبّادها ، غير أنه كان يكتم ذلك إلا عمن يثق به من إخوانه.

ترجمة شريك بن الأعور

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٣٩)

أبوه الحارث الأعور الهمداني ، من خواص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو الّذي يقول فيه :

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

ولما رأى الإمامعليه‌السلام بطولات بني همدان في حروبه قال فيهم :

ولو كنت بوّابا على باب جنة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

وكان شريك شديد التشيّع ، وقد شهد صفين. وحكايته مع معاوية حين عيّره في اسمه مشهورة.

٤٧٣

(رواية أخرى) : تمارض هانئ لقتل عبيد الله بن زياد :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ٢ ص ٤)

فقال هانئ بن عروة لمسلم : إن لي من ابن زياد مكانا ، وسوف أتمارض له ، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه.

قال : فقيل لابن زياد : إن هانئ بن عروة شاك يقيء الدم.

قال : وشرب المغرة فجعل يقيئها.

قال : فجاء ابن زياد يعوده. وقال لهم هانئ : إذا قلت لكم : اسقوني ، فاخرج إليه فاضرب عنقه. فقال : اسقوني ، فأبطؤوا عليه. فقال : ويحكم اسقوني ولو كان فيه ذهاب نفسي.

قال : فخرج عبيد الله بن زياد ولم يصنع الآخر شيئا. وكان مسلم من أشجع الناس ، ولكنه أخذته كبوة.

٥٤٣ ـ مكيدة بواسطة (معقل) تنطلي على مسلم بن عوسجة :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٥)

وخفي على عبيد الله بن زياد موضع مسلم بن عقيل ، فقام لمولى له من أهل الشام يسمى (معقلا) وناوله ثلاثة آلاف درهم في كيس ، وقال : خذ هذا المال وانطلق ، فالتمس مسلم بن عقيل ، وتأنّ له بغاية التأني.

فانطلق الرجل حتّى دخل المسجد الأعظم ، وجعل لا يدري كيف يتأنى الأمر.ثم إنه نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سواري المسجد ، فقال في نفسه : إن هؤلاء الشيعة يكثرون الصلاة ، وأحسب هذا منهم. فجلس الرجل حتّى إذا انفتل من صلاته قام ، فدنا منه وجلس ، فقال : جعلت فداك ، إني رجل من أهل الشام (من حمص) مولى لذي الكلاع ، وقد أنعم الله عليّ بحبّ أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحبّ من أحبهم ، ومعي هذه الثلاثة آلاف درهم ، أحبّ إيصالها إلى رجل منهم.بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين ابن عليعليه‌السلام ، فهل تدلني عليه لأوصل هذا المال إليه؟. ليستعين به على بعض أموره ، ويضعه حيث أحبّ من شيعته؟.

فقال له الرجل : وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد؟.قال : لأني رأيت عليك سيما الخير ، فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٧٤

قال له الرجل : ويحك ، قد وقعت عليّ بعينك ، أنا رجل من إخوانك ، واسمي مسلم بن عوسجة ، وقد سررت بك ، وساءني ما كان من حسّي قبلك ، فإني رجل من شيعة أهل هذا البيت ، خوفا من هذا الطاغية ابن زياد ، فأعطني ذمة الله وعهده ، أن تكتم هذا عن جميع الناس. فأعطاه من ذلك ما أراد.

فقال له مسلم بن عوسجة : انصرف يومك هذا ، فإن كان غد فائتني في منزلي حتّى أنطلق معك إلى صاحبنا [يعني مسلم بن عقيل] فأوصلك إليه.

فمضى الشامي فبات ليلته. فلما أصبح غدا إلى مسلم بن عوسجة في منزله ، فانطلق به حتّى أدخله إلى مسلم بن عقيل ، فأخبره بأمره. ودفع إليه الشامي ذلك المال ، وبايعه.

فكان الشامي يغدو إلى مسلم بن عقيل ، فلا يحجب عنه ، فيكون نهاره كله عنده ، فيتعرف جميع أخبارهم. فإذا أمسى وأظلم عليه الليل ، دخل على عبيد الله بن زياد ، فأخبره بجميع قصصهم ، وما قالوا وفعلوا في ذلك. وأعلمه نزول مسلم في دار هانئ بن عروة.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ١ ص ٢٠٢ ط نجف :

فبقي ابن زياد متعجبا ، وقال لمعقل : انظر أن تختلف إلى مسلم [أي تزوره] في كل يوم ، ولا تنقطع عنه ، فإنك إن قطعته استرابك ، وتنّحى عن منزل هاني إلى منزل آخر ، فألقى في طلبه عناء.

٥٤٤ ـ إمساك عبد الله بن يقطر :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٣ ط نجف)

فلما دخل ابن زياد القصر أتاه مالك بن يربوع التميمي بكتاب أخذه من يدي عبد الله بن يقطر ، فإذا فيه : للحسين بن عليعليهما‌السلام : أما بعد ، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة كذا ، فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل ، فإن الناس معك ، وليس لهم في يزيد رأي ولا هوى.

فأمر ابن زياد بقتله.

٥٤٥ ـ مقتل عبد الله بن يقطر (على رواية أخرى):

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٣)

فبينا عبيد الله مع القوم إذ دخل رجل من أصحابه يقال له مالك بن يربوع التميمي ،

٤٧٥

فقال : أصلح الله الأمير ، ههنا خبر!. قال ابن زياد : ما ذاك؟. قال : كنت خارج الكوفة أجول على فرسي إذ نظرت رجلا خرج من الكوفة مسرعا يريد البادية ، فأنكرته. ثم إني لحقته وسألته عن حاله فذكر أنه من المدينة ، فنزلت عن فرسي وفتشته ، فأصبت هذا الكتاب.

فأخذه ابن زياد ، فإذا فيه مكتوب : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. للحسين ابن عليعليهما‌السلام : أما بعد ، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة ما ينيف على عشرين ألفا ، فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل ، فإن الناس كلهم معك ، وليس لهم في يزيد بن معاوية هوى ولا رأي ، والسلام.

فقال ابن زياد : أين هذا الرجل الّذي أصبت معه الكتاب؟. قال : هو بالباب.قال : ائتوني به ، فأدخل. فلما وقف بين يدي ابن زياد ، قال له : من أنت؟. قال :مولى لبني هاشم. قال : ما اسمك؟. قال : عبد الله بن يقطر. قال : من دفع إليك هذا الكتاب؟. قال : امرأة لا أعرفها ، فضحك ابن زياد. قال : اختر واحدة من اثنتين : إما أن تخبرني من دفع إليك هذا الكتاب ، أو تقتل. فقال : أما الكتاب فإني لا أخبرك من دفعه إليّ ، وأما القتل فإني لا أكرهه ، لأني لا أعلم قتيلا عند الله أعظم أجرا من قتيل يقتله مثلك. فأمر ابن زياد فضرب عنقه صبرا(١) .

ترجمة عبد الله بن يقطر

أرسله الحسينعليه‌السلام برسالة إلى أهل الكوفة وهو في طريقه إلى العراق.وقد اختلف بين أن تكون وفاته وهو ذاهب بهذه الرسالة ، أو بين أن يكون قد أوصلها ثم قبض عليه وهو راجع بجوابها من أهل الكوفة.

وكان عبد الله بن يقطر صحابيا. وكان لدة الحسينعليه‌السلام [أي الّذي ولد معه في زمن واحد] لأن (يقطر) كان خادما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت زوجته ميمونة في بيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فولدت عبد الله قبل ولادة الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام. وكانت حاضنة للحسينعليه‌السلام ، لأنه لم يرضع من أمه فاطمةعليها‌السلام ، فلذلك فهو أخو الحسينعليه‌السلام من الرضاعة. (انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة للجزري)

__________________

(١) يقال قتل صبرا : إذا قتل وهو أسير ، لا يسمح له أن يدافع عن نفسه أو يقاتل خصمه.

٤٧٦

٥٤٦ ـ استدعاء هانئ بن عروة إلى قصر الإمارة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٣ ط نجف)

وخاف هانئ من عبيد الله بن زياد على نفسه ، فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض. فسأل عنه ابن زياد؟ فقيل : هو مريض. فقال : لو علمت بمرضه لعدته.

ودعا محمّد بن الأشعث وأسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي ، وكانت رويحة بنت عمرو هذا تحت هانئ. فقال لهم : ما يمنع هانئ من إتياننا؟. فقالوا : ما ندري ، وقد قيل إنه مريض. قال : قد بلغني ذلك ، وبلغني أنه بريء ، وأنه يجلس على باب داره. فالقوه ومروه أن لا يدع ما عليه من حقنا ، فإني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب.

(وفي مقتل الخوارزمي ج ١ ص ٢٠٣) فقال : «صيروا إلى هانئ بن عروة المذحجي فسلوه أن يصير إلينا ، فإنا نريد مناظرته. فركب القوم ثم صاروا إلى هانئ فوجدوه جالسا على باب داره ، فسلّموا عليه» ، وقالوا له : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنه مريض لعدته. فقال لهم : المرض يمنعني. فقالوا :إنه قد بلغه أنك تجلس كل عشية على باب دارك ، وقد استبطأك. والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان من مثلك ، لأنك سيد في قومك ، ونحن نقسم عليك إلا ركبت معنا.

٥٤٧ ـ هانئ يحسّ بالشّر الّذي يترصده :(المصدر السابق)

فدعا [هانئ] بثيابه فلبسها ، ثم دعا ببغلته فركبها. حتّى إذا دنا من القصر كأن نفسه أحسّت (بالشر) ببعض الّذي كان. فقال لحسان بن أسماء ابن خارجة : يابن الأخ ، إني والله لهذا الرجل لخائف ، فما ترى؟. قال :

يا عم والله ما أتخوّف عليك شيئا (فلا تحدّثنّ نفسك بشيء من هذا) ولم تجعل على نفسك سبيلا. ولم يكن حسان يعلم مما كان شيئا ، وكان محمّد بن الأشعث عالما به.

٥٤٨ ـ دعوة هانئ إلى قصر الإمارة لقتله :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ص ٥)

فقيل لابن زياد : والله إن في البيت رجلا متسلحا. قال : فأرسل ابن زياد إلى هانئ ، فدعاه. فقال : إني شاك [أي مريض] لا أستطيع النهوض. فقال : ائتوني به

٤٧٧

وإن كان شاكيا. قال : فأخرج له دابة ، فركب ومعه عصاه ، وكان أعرج. فجعل يسير قليلا ويقف ، ويقول : مالي أذهب إلى ابن زياد؟!. فما زال ذلك دأبه حتّى دخل عليه.

فقال له عبيد الله بن زياد : يا هانئ ، أما كانت يد زياد عندك بيضاء؟. قال : بلى.قال : ويدي؟. قال : بلى. فقال : يا هانئ قد كانت لكم عندي يد بيضاء ، وقد أمّنتك على نفسك ومالك. فتناول العصا التي كانت بيد هانئ فضرب بها وجهه حتّى كسرها.

٥٤٩ ـ إمساك هانئ ومعاملته بقسوة :

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٢٩٩)

قال الذهبي : فبعث ابن زياد إلى هانئ ـ وهو شيخ ـ فقال : ما حملك على أن تجير عدوي؟. قال : يابن أخي ، جاء حقّ هو أحقّ من حقك. فوثب إليه عبيد الله بالعنزة [عصا يتوكأ عليها الشيخ] حتّى غرز رأسه بالحائط.

٥٥٠ ـ دخول هانئ على ابن زياد :(لواعج الأشجان ، ص ٤٤)

فجاء هانئ والقوم معه حتّى دخلوا على عبيد الله. فلما طلع (نظر إليهم من بعيد) قال عبيد الله لشريح القاضي ، وكان جالسا عنده :

أتتك بخائن رجلاه تسعى

يقود النفس منها للهوان

فلما دنا من ابن زياد التفت إلى شريح وأشار إلى هانئ ، وأنشد بيت عمرو بن معديكرب الزبيدي :

أريد حياته ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

فقال له هانئ : وما ذاك أيها الأمير؟. قال : إيه يا هانئ ، ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟. جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له الجموع والسلاح في الدور حولك ، وظننت أن ذلك يخفى عليّ؟!. قال : ما فعلت ذلك ، وما مسلم عندي. قال : بلى قد فعلت.

فلما كثر ذلك بينهما ، وأبى هانئ إلا مجاحدته ومناكرته ، دعا ابن زياد (معقلا) ذاك اللعين ، فقال : أتعرف هذا؟. قال : نعم. وعلم هانئ عند ذلك أنه كان عينا [أي جاسوسا] عليهم ، وأنه قد أتاه بأخبارهم ، فسقط في يده ساعة [أي بهت وتحيّر ما يدري ما يقول] ، ثم راجعته نفسه.

٤٧٨

(وفي رواية مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٤) : «فقال : أصلح الله الأمير. ما بعثت إلى مسلم ولا دعوته ، ولكنه جاءني مستجيرا ، فاستحييت من ردّه ، وأخذني من ذلك ذمام». فضيّفته وآويته ، وقد كان من أمره ما قد بلغك. فإن شئت أعطيتك الآن موثقا تطمئن به ، ورهينة تكون في يدك ، حتّى أنطلق وأخرجه من داري ، فأخرج من ذمامه وجواره.

فقال له ابن زياد : والله لا تفارقني أبدا حتّى تأتيني به. قال : لا والله لا أجيئك به أبدا. أجيئك بضيفي تقتله!(أيكون هذا في العرب؟). قال ابن زياد : والله لتأتينّي به. فقال هانئ : لا والله لا آتيك به أبدا.

٥٥١ ـ ابن زياد يجدع أنف هانئ بن عروة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٥ ط نجف)

ثم قال ابن زياد : والله لتأتينّي به أو لأضربنّ عنقك. فقال هانئ : إذن والله لتكثر البارقة [أي السيوف] حول دارك. فقال ابن زياد : والهفاه عليك ، أبالبارقة تخوّفني!. وهانئ يظن أن عشيرته سيمنعونه.

ثم قال : ادنوه مني ، فأدني منه ، فاستعرض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخده ، حتّى كسر أنفه وسالت الدماء على ثيابه ووجهه ولحيته ، ونثر لحم جبينه وخده على لحيته ، حتّى كسر القضيب. وضرب هانئ بيده على قائم سيف شرطي ، وجاذبه الشرطي ومنعه من ذلك السيف.

فصاح ابن زياد : خذوه. فأخذوه وألقوه في بيت من بيوت القصر ، وأغلقوا عليه الباب. فقال : اجعلوا عليه حرسا ، ففعل ذلك به.

ثم وثب أسماء بن خارجة ، فقال له : أيها الأمير ، أرسل غدر سائر اليوم ، أمرتنا أن نجيئك بالرجل ، حتّى إذا جئناك به هشّمت أنفه ووجهه ، وسيّلت دماءه على لحيته ، وزعمت أنك تقتله!. فقال له عبيد الله : وإنك لههنا

(وأنت ههنا أيضا)؟. فأمر به فضرب وأجلس ناحية. فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إلى نفسي أنعاك يا هانئ.

٥٥٢ ـ تداعي مذحج لتخليص هانئ ، وخدعة شريح القاضي :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٥)

قال : وبلغ ذلك بني مذحج ، فركبوا بأجمعهم وعليهم عمرو بن الحجاج الزبيدي

٤٧٩

(وكانت رويحة بنت عمرو زوجة هانئ) فوقفوا بباب القصر. ونادى عمرو : يا عبيد الله (أنا عمرو بن الحجاج) وهذه فرسان مذحج (ووجوهها) ، لم تخلع طاعة ولم تفرّق جماعة ، فلم تقتل صاحبنا؟!.

فقال ابن زياد لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثم اخرج إليهم فأعلمهم أنه (حي) لم يقتل. قال شريح : فدخلت عليه ، فقال هاني : ويحك (يا لله يا للمسلمين) أهلكت عشيرتي!. أين أهل الدين فلينقذوني من يد عدوهم وابن عدوهم؟. ثم قال والدماء تسيل من لحيته : يا شريح هذه أصوات عشيرتي ، أدخل منهم عشرة ينقذوني.

قال شريح : فلما خرجت تبعني حمران بن بكير ، وقد بعثه ابن زياد عينا عليّ ، فلو لا مكانه لكنت أبلّغ أصحابه ما قال.

ثم خرج شريح فقال : يا هؤلاء لا تعجلوا بالفتنة ، فإن صاحبكم لم يقتل.

(فقال له عمرو بن الحجاج وأصحابه : أما إذا لم يقتل فالحمد لله). ثم انصرف القوم.

تعليق : يقول العلامة السيد محسن الأمينرحمه‌الله في (أعيان الشيعة) ج ٤ ص ١٦٩: وهكذا يتمكن الظالم من ظلمه ، بأمثال محمّد بن الأشعث من أعوان الظلمة ، وأمثال شريح من قضاة السوء ، المظهرين للدين ، المصانعين الظلمة ، اللابسين جلود الأكباش ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، وبأمثال (مذحج) الذين اغتروا بكلام شريح ، وانصرفوا ولم يأخذوا بالحزم.

٥٥٣ ـ خطبة ابن زياد في مسجد الكوفة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٦)

(ولما ضرب عبيد الله هانئا وحبسه ، خاف أن يثب به الناس). فخرج حتّى دخل المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، فنظر إلى أصحابه عن يمين المنبر وشماله ، في أيديهم الأعمدة والسيوف المسللة. (فخطب خطبة موجزة) فقال : أما بعد ، يا أهل الكوفة ، فاعتصموا بطاعة الله ، وطاعة رسول الله ، وطاعة أئمتكم ، ولا تختلفوا وتفرقوا ، فتهلكوا وتندموا وتذلوا وتقهروا وتحرموا ، ولا يجعلن أحد على نفسه سبيلا. وقد أعذر من أنذر.

فما أتمّ الخطبة حتّى سمع الصيحة!. فقال : ما هذا؟. فقيل له : أيها الأمير

٤٨٠