أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة8%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77725 / تحميل: 9999
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أخبار الآحاد) (١) . كما أنّه مدح عشرة من أئمّة أهل البيت من ضمنهم الإمام زين العابدين في كلام واحد، فقال:

( ومَن الذي يُعَدُّ من قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيّون عشرة في نسق؛ كلّ واحد منهم عالمٌ، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [ العسكري ] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي [ زين العابدين ] بن الحسين بن علي ( عليهم السلام )، وهذا لم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم ) (٢) .

١٣ - أبو بكر بن البرقي، أحمد بن عبد الله (ت: ٢٧٠هـ):

قال في حقّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ): ( كان أفضل أهل زمانه ) (٣) .

١٤ - أبو حاتم، محمّد بن حبّان البستي (ت: ٣٥٤هـ):

قال في ( مشاهير علماء الأمصار ): ( علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، من فقهاء أهل البيت، وأفاضل بني هاشم، وعُبّاد المدينة... ) (٤) .

١٥ - أبو نعيم، أحمد بن عبد الله الأصفهاني (ت: ٤٣٠ هـ):

قال في ( حلية الأولياء ): ( علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، زين العابدين، ومنار القانتين، كان عابداً وفيّاً، وجواداً حفيّاً )

____________________

(١) رسائل الجاحظ: ١٠٥ - ١٠٦، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر، طبع المطبعة الرحمانيّة بمصر.

(٢) المصدر نفسه: ١٠٩.

(٣) نقل قوله المزّي في ( تهذيب الكمال ): ٢٠/٣٨٨، مؤسّسة الرسالة. والذهبي في ( سير أعلام النبلاء ): ٤/٣٩٠، مؤسّسة الرسالة.

(٤) مشاهير علماء الأمصار: ٦٣، دار الكتب العلميّة.

٢٠١

ثمّ ذكر طرفاً من مكارمه وفضائله ومحاسنه وبعض أقوال أهلُ العلم في تعظيمه والثناء عليه، كما ذكر جانباً من كلماته (١) ، سلام الله عليه.

١٦ - محمّد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):

قال في ( مطالب السؤول ): ( هذا زين العابدين: قدوة الزاهدين وسيّد المتّقين، وإمام المؤمنين، شيمتُه تشهد له أنّه من سلالة رسول الله(ص)، وسِمَتُهُ تثبت مقام قربه من الله زُلفى، ونفثاته (٢) تسجّل بكثرة صلاته وتهجّده، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيها، درّت له أخلاف التقوى فتفوّقها، وأشرقت لديه أنوار التأييد فاهتدى بها، وأَلِفته أوراد العبادة فآنس بصحبتها، وخالفته وظائف الطاعة فتحلّى بِحِلْيَتِهَا، طالما اتّخذ الليل مطيّة ركبها لقطع طريق الآخرة، وظمأ الهواجر دليلاً استرشد به في مفازة المسافرة، وله الخوارق والكرامات ما شُوهد بالأعين الباصرة، وثبت بالآثار المتواترة، وشهد له أنّه من ملوك الآخرة ) (٣) .

١٧ - يوسف بن فرغلي سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤هـ):

قال في ( تذكرة الخواص ): ( وهو أبو الأئمّة، وكنيته أبو الحسن، ويلقّب بزين العابدين، وسمّاه رسول الله (ص) سيّد العابدين...، والسجّاد، وذي الثفنات، والزكي، والأمين، والثفنات - ما يقع على الأرض من أعضاء البعير إذا استناخ وغلظ كالركبتين ونحوهما، الواحدة ثفنة - فكان طول السجود أثّر في

____________________

(١) انظر: ( حلية الأولياء ): ٣/١٢٤ - ١٣٥، دار إحياء التراث العربي.

(٢) هكذا في المصدر المطبوع ولعلّ الصحيح ( ثفناته ).

(٣) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ٢/٨٤، مؤسّسة أمّ القرى.

٢٠٢

ثفناته... ) (١) .

ثمّ ذكر طرفاً من مناقبه ومحاسنه وكلماته وبعض أقوال العلماء في تعظيمه و الثناء عليه، إلى أنْ قال: ( اختلفوا في وفاته على أقوال: أحدها: أنّه تُوفّي سنة أربع وتسعين، والثاني: سنة اثنتين وتسعين، والثالث: سنة خمس وتسعين، والأوّل أصحّ؛ لأنّها تسمّى سنة الفقهاء: لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيّد الفقهاء، مات في أوّلها وتَتَابَعَ الناسُ بعده.

أسند عنه سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وعامّة فقهاء المدينة... ) (٢) .

١٨ - ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: ٦٥٥هـ):

نقل في ( شرح نهج البلاغة ) نصّ كلام الجاحظ في ( رسائله ) مقرّاً له عليه (٣) ، وقد تقدّم ذكره منّا عند نقل كلمات الجاحظ حول الإمام زين العابدين ( عليه السلام ).

١٩ - محيي الدين، يحيى بن شرف النووي (ت: ٦٧٦ هـ):

قال في ( تهذيب الأسماء واللغات ): (... علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، المدني، التابعي، المعروف بزين العابدين رضي الله عنه،... روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمان ويحيى الأنصاري والزهري وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وحكيم بن جبير، وابنه أبو جعفر محمّد بن علي وغيرهم، وأجمعوا على جلالته في كلّ شيء... ). وذكر مجموعة من أقوال العلماء في مدحه

____________________

(١) تذكرة الخواص: ٢٩١، مؤسّسة أهل البيت.

(٢) المصدر نفسه: ٢٩٨ - ٢٩٩.

(٣) انظر: ( شرح نهج البلاغة ): ١٥/ ٢٧٤ و ٢٧٨، دار الكتب العلميّة المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة.

٢٠٣

والثناء عليه (١) .

٢٠ - أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خِلّكان (ت: ٦٨١ هـ):

قال في ( وفيات الأعيان ): ( أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، المعروف بزين العابدين، ويقال له عليّ الأصغر، وليس للحسين - رضي الله عنه - عقب إلاّ من وُلد زين العابدين هذا، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر، ومن سادات التابعين، قال الزهري: ما رأيتُ قرشياً أفضل منه ) (٢) ، إلى أنْ قال: ( وفضائل زين العابدين ومناقبه أكثر من أنْ تُحْصَر ) (٣) .

٢١ - شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ):

قال في ( سير أعلام النبلاء ) بعد أنْ ذكر بعض مناقبه ونُبَذَاً من أقوال العلماء في مدحه والثناء عليه: ( وكان له جلالة عجيبة، وحقّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى، لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألّهه، وكمال عقله. قد اشتهرت قصيدة الفرزدق - وهي سماعنا - أنّ هشام بن عبد الملك حجّ قُبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زُوحم عليه، وإذا دنا عليّ بن الحسين من الحجر تفرّقوا عنه إجلالاً له، فوجم لها هشام وقال: مَن هذا؟ فما أعرفه، فأنشأ الفرزدق يقول:

هذا الذي تَعرِفُ البطحاء وطأتَه = والبيتُ يَعْرِفُهُ والحِلُّ والحَرَمُ

____________________

(١) انظر: ( تهذيب الأسماء واللغات ): ١/٣١٤ - ٣١٥، دار الفكر.

(٢) وفيات الأعيان: ٣/٢٣٣، دار الكتب العلميّة.

(٣) المصدر نفسه: ٣/٢٣٥.

٢٠٤

هذا ابنُ خَيْرِ عَبَادِ اللهِ كُلّهمُ = هذا التقيّ النقيّ الطَاهِرُ العَلَمُ

إذا رَأَتْهُ قُريشٌ قال قائلُها = إلى مَكَارِم هذا ينتهي الكَرمُ

يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانُ رَاحَتِهَِ = رُكْن الحَطِيْمِ إذا مَا جَاء يَسْتَلِمُ

يُغضي حَيَاءً ويُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ = فَمَا يُكلَّم إلاّ حِيْنَ يَبْتَسِمُ

هذا ابنُ فاطمة إنْ كنتَ جاهِلهُ = بِجَدِّهِ أنبياءُ اللهِ قَد خُتِمُوا

وهي قصيدة طويلة. قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق... ) (١) .

وقال في ( العبر ): ( قلتُ: مناقبه كثيرة من صلواته وخشوعه وحَجّه وفَضْله رضي الله عنه ) (٢) .

٢٢ - عبد الله بن أسعد اليافعي (ت: ٧٦٨ هـ):

قال في ( مرآة الجنان ) عند ذكر حوادث سنة: (٩٤ هـ): ( وفيها توفّي زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، روي عن جماعة من السلف أنّهم قالوا: ما رأينا أورع - وبعضهم قالوا - أفضل منه، منهم سعيد بن المسيّب، وقال أيضاً: بلغني أنّ علي بن الحسين كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أنْ مات... ) وبعد أنْ ذكر طرفاً من مناقبه ومحاسنه قال: ( ومناقبه ومحاسنه كثيرة شهيرة، اقتصرتُ منها على هذهِ النُبذ اليسيرة ) (٣) .

٢٣ - إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: ٧٧٤ هـ):

ترجم الإمام علي بن الحسين في كتابه ( البداية والنهاية )، ونقل فيها أقوالاً

____________________

(١) سير أعلام النبلاء: ٤/٣٩٨، مؤسّسة الرسالة.

(٢) العِبَر في خبر مَن غبر: ١/١١١، مطبعة حكومة الكويت.

(٣) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: ١/١٥١ - ١٥٣، دار الكتب العلميّة.

٢٠٥

ع دّة من العلماء في مدحه والثناء عليه ، كمحمّد بن سعد والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، كما ذكر عدّة من محاسن الإمام ومناقبه وفضائله ونقل بعضاً من مواعظه، وقبساً من نور كلماته (١) .

٢٤ - محمّد خواجه بارساي البخاري (ت: ٨٢٢ هـ):

قال في ( فصل الخطاب ): ( وُلد سنة ثمان وثلاثين، وكان ثقة، مأموناً، كثير الحديث، عالياً، رفيعاً، وأجمعوا على جلالته في كلّ شيء، وقال حمّاد بن زيد: كان أفضل هاشمي أدركتُه ) (٢) .

٢٥ - أحمد بن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ):

قال في ( تقريب التهذيب ): ( علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة، ثبتٌ، عابدٌ، فقيهٌ، فاضلٌ، مشهور، قال ابن عيينة عن الزهري: ما رأيتُ قرشيّاً أفضل منه... ) (٣) .

كما ترجمه في ( تهذيب التهذيب ) واقتصر على نقل توثيقات ومدائح العلماء للإمام ( عليه السلام ) (٤) .

٢٦ - ابن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥ هـ):

قال في ( الفصول المهمّة ): ( أمّا مناقبه ( عليه السلام )، فكثيرة، ومزاياه شهيرة، منها: أنّه كان إذا توضّأ للصلاة يصفرّ لونه، فقيل له: ما هذا نراه يعتادك عند الوضوء،

____________________

(١) انظر: ( البداية والنهاية ): ٩/١٢١ - ١٣٤، مؤسّسة التاريخ العربي.

(٢) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): ٢/٤٥٤، منشورات الشريف الرضي.

(٣) تقريب التهذيب: ١/٤١١، دار الفكر.

(٤) انظر: ( تهذيب التهذيب ): ٥/٦٦٩ - ٦٧٢. دار الفكر.

٢٠٦

فيقول: ما تدرون بين يَدي مَنْ أريدُ أنْ أقوم... ) (١) .

٢٧ - شمس الدين محمّد بن طولون (ت: ٩١١ هـ):

قال في ( الأئمّة الاثنا عشر ): ( ورابعهم علي، رضي الله عنه وهو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بزين العابدين، ويُقال له علي الأصغر. وليس للحسين رضي الله عنه، عقبٌ إلاّ مِن وُلد زين العابدين هذا. وهو من سادات التابعين.

قال الزهري: ما رأيتُ قرشيّاً أفضل منه.... وكان يُقال لزين العابدين: ابن الخيرتَين؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( لله تعالى من عباده خيرتان، فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس ) إلى أنْ قال: ( وفضائل زين العابدين ومناقبه أكثر مِن أن تُحصى ) (٢) .

٢٨ - أحمد بن حجر الهيتمي (ت: ٩٧٤ هـ):

قال في ( الصواعق المحرقة ): ( وزين العابدين هذا هو الذي خلف أباه: علْماً، وزهداً، وعبادة، وكان إذا توضّأ للصلاة اصفرّ لونه، فقيل له في ذلك، فقال: ( أَلاَ تدرون بين يَدي مَن أقف ). وحكي أنّه كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة )، ثمّ ذكر بعض كراماته ومحاسنه وطرفاً من أقواله عليه السلام (٣) .

٢٩ - عبد الرؤوف المُناوِيّ القاهري الشافعي (ت: ١٠٣١ هـ):

____________________

(١) الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة: ١٩٠، دار الأضواء.

(٢) الأئمّة الاثنا عشر: ٧٥ - ٧٨، منشورات الرضي المصوّرة على طبعة دار صادر، بيروت.

(٣) انظر: ( الصواعق المحرقة ): ٣٠٢ - ٣٠٤، دار الكتب العلميّة.

٢٠٧

قال في ( الكواكب الدُرِّيَّة ): ( علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، زين العابدين، إمامٌ سيّدٌ سندٌ، اشتهرتْ أياديه ومكارمه، وطارت في الوجود حمائمه، كان عظيم القدر، رَحِب الساحة والصدر، رأساً لجسد الرياسة، مؤمّلاً للإيالة والسياسة... وهو ثقة، ثبت، فاضل، قال الزهري وابن عيينة رضي الله عنه: ما رأينا قط قرشيّاً أفضل منه، [ روى ] عنه بنوه: محمّد، وزيد، وعمر، والزهري، وأبو الزناد وغيرهم.

قال الزهري رحمه الله: ما رأيتُ أحداً أفقه منه.

وقال ابن المسيّب: ما رأيت أورع منه، وقد جاء عنه مَنَاقب من خشوعه في وضوئه، وصلاته، ونسكه، ما يُدهِش السامع، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حتّى مات.

قال مالك رضي الله عنه: وسُمّي زين العابدين لكثرة عبادته.

وكان إذا هاجت الريح سقط مغشيّاً عليه، ووقع حريق في بيته وهو ساجد، فجعلوا يقولون له: النار، فما رفع رأسه حتّى طُفئت، فقيل له أَشَعَرْتَ بها؟

قال: ( ألهتني عنها النار الكبرى )، وكان إذا نقصه أحد قال: ( اللّهمّ إنْ كان صادقاً فاغفر لي، وإن كان كاذباً فاغفر له )، ولمّا مات وجدوه يقوت أهل مئة بيت... ) (١) .

٣٠ - ابن العماد الحنبلي (ت: ١٠٨٩ هـ):

قال في ( شذرات الذهب ) عند ذكره لأحداث سنة: (٩٤): ( وفيها [ أي تُوفِّي ] زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي... سُمّي زين العابدين لفرط عبادته، وكان وِرْده في اليوم والليلة ألف ركعة )، ثمّ ذكر بعض محاسنه وأقواله ونقل مدح وثناء بعض العلماء له كالزهري وأبي حازم الأعرج وغيرهم (٢) .

____________________

(١) الكواكب الدرِّيَّة: ١٣٩، مطبعة وورسة تجليد الأنوار، مصر.

(٢) انظر: ( شذرات الذهب ): ١/١٩٤، دار الكتب العلميّة.

٢٠٨

٣١ - محمّد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني (ت: ١١٢٢ هـ)

قال في شرحه على ( موطّأ مالك ): ( علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، ثقة، ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور من رجال الجميع، قال الزهري: ما رأيتُ قرشيّاً أفضل منه ) (١) .

٣٢ - عبد الله بن محمّد الشبراوي (ت: ١١٧١ هـ):

قال في ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ( الرابع من الأئمّة، علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه... كان رضي الله عنه عابداً، زاهداً، ورعاً، متواضعاً، حسن الأخلاق، وكان إذا توضّأ للصلاة اصفرّ لونه، فقيل له: ما هذا الذي نراه يعتريك عند الوضوء؟

فقال: ( أَمَا تدرون بين يَدي مَنْ أُريدُ أقف )، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة... ) إلى آخر ما ذكره من محاسنه ومناقبه (٢) .

٣٣ - محمّد بن الصبّان الشافعي (ت: ١٢٠٦ هـ):

قال في ( إسعاف الراغبين ): ( أمّا السيّد علي زين العابدين، فهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب... أشهر كُنَاه: أبو الحسن، وأشهر ألقابه: زين العابدين ) إلى أنْ قال: ( [ روى ] عنه بنوه، والزهري، وأبو الزناد وغيرهم، قال الزهري وابن عيينة: ما رأينا قرشيّاً أفضل منه، وقال عنه ابن المسيّب: ما رأيتُ أورع منه.

____________________

(١) شرح الزرقاني: ١/٢٣٠، دار الكتب العلميّة.

(٢) انظر: ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ١٣٥ - ١٤٣، منشورات الرضي، مصوّرة على طبعة المطبعة الأدبيّة بمصر.

٢٠٩

وقد جاء عنه من خشوعه في وضوئه وصلاته ونسكه ما يدهش السامع، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات، ولقّب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها، كان شديد الخوف من الله تعالى بحيث إنّه إذا توضّأ اصفرّ لونه وارتعد. فيُقال له: ما هذا؟

فيقول: ( أتدرون بين يدَي مَنْ أقوم. .. ) ).

وذكر جملة من محاسنه ومناقبه وطرفاً من كلماته، سلام الله عليه (١) .

٣٤ - يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت: ١٣٥٠ هـ):

قال في ( جامع كرامات الأولياء ): ( علي زين العابدين، أحد أفراد ساداتنا آل البيت، وأعاظم أئمّتهم الكبار، رضي الله عنه وعنهم أجمعين... ) (٢) .

٣٥ - خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):

قال في ( الأعلام ): ( علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي، أبو الحسن، الملقّب بزين العابدين: رابع الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة، وأحد مَن كان يُضرب بهم المَثَل في الحلم والورع، يُقال له: ( علي الأصغر ) للتمييز بينه وبين أخيه ( علي الأكبر )... أُحصي بعد موته عدد من كان يقوتهم سرّا، فكانوا نحو مئة بيت، قال بعض أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السرّ إلاّ بعد موت زين العابدين، وقال محمّد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون مِن أين معاشهم ومأكلهم، فلمّا مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلاً إلى منازلهم... ) (٣) .

____________________

(١) إسعاف الراغبين: ٢٣٦ - ٢٤١، مطبوع على هامش نور الأبصار، طبعة دار الفكر المصوّرة على الطبعة المصريّة لسنة: ١٩٤٨م.

(٢) جامع كرامات الأولياء: ٢/٢١٠، المكتبة الشعبيّة، بيروت، لبنان.

(٣) الأعلام: ٤/٢٧٧، دار العلم للملايين.

٢١٠

هذا وقد زخرتْ الكتب والمؤلّفات بترجمة الإمام زين العابدين ( عليه السلام )، وامتلأت الصحائف بذكر الأقوال في تبجيله ومدحه والثناء عليه، نكتفي بما تقدّم ذكره من الكلمات التي بيّنت - وبلا شك - إجماع العلماء والأعلام، وأهل الفن والمعرفة على عظم الإمام، وجلالة قدره وكونه أفضل، وأورع وأفقه أهل المدينة، كما أقرّ بذلك الزهري، وغيره من التابعين، وممّن تلاهم.

لذا لا نرى حاجة لتتبّع كلمات أكثر، وبإمكان القارئ المراجعة والاطلاع.

٢١١

٢١٢

الفصل الرابع

الخامس من أئمّة أهل البيت

الباقر

محمّد بن علي عليه السلام

٢١٣

٢١٤

نافذة إلى معرفة الإمام عليه السلام

بحرٌ من الفضائل، وشعلة من النور، وغصن من شجرة النبوّة، فأنّى لأحد أنْ يكتب عن الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام )، بَقَرَ العلم وشقّه، وعرف أصله وفرعه وخَفِيَّه، جمع الفقه والديانة والسؤدد ومكارم الأخلاق، فانحنتْ الخلافةُ بين يديه تواضعاً، وقبّلت السيادةُ يديه تَشرُّفاً.

كان كوكباً متألّقاً يفيض على الدنيا بعطائه السيّال، ويمدّ البشريّة بعلمه الزاخر، فاستنار الوجود بوجوده، واستضاء الكون من بحر جوده، فصار وهجاً وضاءً ينير طريق الأجيال، ويرسو بالأمّة نحو رضا الربّ المتعال؛ لذا خلّدتْه الصحائف، بل خَلُدت الصحائف بذكره، وتشرّفت الأقلام بمدحه والثناء عليه.

وقبل أنْ نسطّر بعضاً ممّا دوّنه علماء وأعلام أهل السنّة في صحائفهم، نتعرَّض لذكر إلمامة بسيطة بحياته ( عليه السلام )، فنقول:

-هو: محمّد بن علي زين العابدين، بن الحسين الشهيد، بن علي بن أبي طالب، عليهم جميعاً سلام الله ورضوانه.

-أمُّهُ: أمّ عبد الله، فاطمة بنت الحسن ( عليه السلام ) (١) ، كانت من سيّدات النساء، يسمّيها الإمام زين العابدين ( الصدّيقة ) (٢) ، وكان يقول عنها إمامنا الصادق ( عليه السلام ): ( كانت صدّيقة، لم تُدرَك في آل الحسن امرأة مثلها ) (٣) .

____________________

(١) إعلام الورى للطبرسي: ١ / ٤٩٨، مؤسّسة آل البيت.

(٢) الدرّ النظيم لجمال الدين الشامي: ٦٠٣، مؤسّسة النشر الإسلامي.

(٣) أصول الكافي للكليني: ١ / ٥٤٢، دار التعارف للمطبوعات.

٢١٥

-وُلد ( عليه السلام ): بالمدينة سنة: سبع وخمسين من الهجرة (٥٧ هـ) (١) .

-يُكنّى ( عليه السلام ): بأبي جعفر.

-وأشهر ألقابه: الباقر (٢) .

-تسلّم إمامة المسلمين: عند وفاة أبيه زين العابدين في سنة: (٩٥ هـ)، وكان له من العمر ثمان وثلاثون سنة.

-عاصر في أيّام إمامته: خمسة من حكّام بني أميّة، وهم: الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك.

-بذر الإمام الباقر ( عليه السلام ): النواة الأولى لبلورة ونشر الرسالة الإسلاميّة الحقّة المتمثّلة في مذهب أهل البيت ( عليهم السلام )، فعقد في مسجد المدينة المنوّرة حلقات الدروس المختلفة في الفقه والتفسير والحديث وغيرها، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوهُ التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين.

وقد سمّي ( عليه السلام ) بالباقر؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه وعَرَف أصله وخفيّه.

-رحل إمامنا الباقر ( عليه السلام ): في سنة: (١١٤ هـ) (٣) .

-دُفِنَ ( عليه السلام ): في مقبرة البقيع في مدينة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى جانب أبيه زين العابدين ( عليه السلام )، وعمّ أبيه الحسن بن علي ( عليه السلام ) (٤) .

____________________

(١) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٥٨، مؤسّسة آل البيت.

(٢) انظر: ( مطالب السؤول ): ٢ / ١٠٠، مؤسّسة أمّ القرى.

(٣) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٥٨، مؤسّسة آل البيت.

(٤) إعلام الورى للطبرسي: ١ / ٤٩٨، مؤسّسة آل البيت.

٢١٦

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء، وأعلام أهل السنّة، وهي تشيد بمقام الإمام الباقر ( عليه السلام )، وتبيّن جلالة قدره وعظمَ منزلته:

١ - محمّد بن سعد الزهري (ت: ٢٣٠ هـ):

قال عن الإمام الباقر ( عليه السلام ): ( محمّد من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة، كان عابداً، عالماً، ثقة ) (١) ، وقال أيضاً: ( كان ثقة كثير الحديث ) (٢) .

٢ - الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ):

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا، عن أبيه موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمّد الباقر، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب، عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين، قائلاً: ( لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جُنَّتِهِ ) (٣) .

٣ - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: ٢٥٠ هـ):

قال عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) في ( رسائله ) عند ذكره الرد عمّا فخرت به بنو أميّة على بني هشم ما نصّه: (... وهو سيّد فقهاء الحجاز، ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه، وهو الملقّب بالباقر، باقر العلم، لقّبه به رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ولم

____________________

(١) نقله سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص ): ٣٠٢، مؤسّسة أهل البيت.

(٢) نقل قوله ابن كثير في ( البداية والنهاية ): ٩ / ٣٣٨، مؤسّسة التاريخ العربي.

(٣) أورده ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة): ٣١٠، دار الكتب العلميّة.

٢١٧

يُخلَق بعد، وبشّر به، ووعد جابر بن عبد الله برؤيته، وقال: ( ستراه طفلاً، فإذا رأيتَه فأبْلِغْهُ عنّي السلام )، فعاش جابر حتّى رآه، وقال له ما وصّى به ) (١) .

كما أنّه مدح عشرة من أئمّة أهل البيت، ومِن ضمنهم الإمام الباقر ( عليه السلام ) في كلام واحد، فقال: ومَنِ الذي يُعَدُّ مِن قريش أو من غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيّون، عشرة في نَسَق؛ كلّ واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مرشّحون: ابن ابن ابن ابن. هكذا إلى عشرة وهم: الحسن [ العسكري ] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد [ الباقر ] بن علي بن الحسين بن علي ( عليهم السلام )، وهذا لم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم ) (٢) .

٤ - الحافظ أبو نعيم الأصفهاني (ت: ٤٣٠ هـ):

قال في ( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ): ( ومنهم الحاضر الذاكر، الخاشع الصابر، أبو جعفر محمّد بن علي الباقر، كان من سلالة النبوّة، وممّن جمع حسب الدين والأبوّة، تكلّم في العوارض والخطرات، وسفح الدموع والعبرات، ونهى عن المراء والخصومات ) (٣) .

٥ - الفخر الرازي (ت: ٦٠٤ هـ):

قال عند تفسيره لمعنى الكوثر: ( والقول الثالث: الكوثر أولاده.... فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت ثُم العالَم

____________________

(١) رسائل الجاحظ: ١٠٨، جَمَعَهَا ونَشَرَهَا حسن السندوبي، المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر.

(٢) المصدر نفسه: ١٠٩.

(٣) حِلْيَة الأولياء: ٣ / ١٦٦، دار إحياء التراث العربي.

٢١٨

ممتلئ منهم، ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يعبأ به، ثمّ انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر، والصادق، والكاظم، والرضا ( عليهم السلام )... ) (١) .

٦ - محمّد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):

قال في ( مطالب السؤول ): ( هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، ومتفوّق درّه وواضعه، ومنمّق درّه وراضعه (٢) ، صفا قلبه، وزكا عمله، وطَهُرَت نفسه، وشَرُفَت أخلاقه، وعمرت بطاعة الله أوقاته، ورسخت في مقام التقوى قدمُه، وظهرتْ عليه سمات الازدلاف، وطهارة الاجتباء، فالمناقب تَسْبِقُ إليه، والصفات تَشْرَف به ) (٣) .

٧ - سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤ هـ):

قال في ( تذكرة الخواص ): ( هو أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... وإنّما سمِّي الباقر؛ من كثرة سجوده، بقر السجودُ جبهتَه أي فتحها ووسّعها، وقيل لغزارة علمه.

قال الجوهري في ( الصحاح ) التبقّر: التوسّع في العلم، قال: وكان يُقال لمحمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الباقر، لتبقّره في العلم، ويسمّى الشاكر والهادي.

وقال ابن سعد: ( محمّد من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة. كان عالماً

____________________

(١) تفسير الفخر الرازي: مجلّد١٦، ج٣٢ / ١٢٥، دار الفكر.

(٢) هكذا في المتن المطبوع، ولعلّ الصحيح: ومتفوّق دَرّه وراضعه، ومنمّق درّه وواضعه؛ لأنّه يُقال تفوّق الدّر أي شربه، ونمّق الدُّر أي حسّنه، والدَّر - بالفتح - هو الحليب، والدُّر - بالضم - هو اللؤلؤ.

(٣) مطالب السؤول: ٢ / ١٠٠، مؤسّسة أمّ القرى.

٢١٩

عابداً ثقة ).

روى عنه الأئمّة: أبو حنيفة وغيره...

قال عطاء (١) : ( ما رأيتُ العلماء عند أحدٍِ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحَكَم عنده كأنّه مغلوب، ويعني بالحَكَم: الحَكَم بن عُيَيْنَة، وكان عالماً نبيلاً جليلاً في زمانه ) (٢) .

٨ - ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: ٦٥٥ هـ):

نقل في ( شرح نهج البلاغة ) نصّ ما تقدّم ذكره من كلام الجاحظ مقِرّاً له على ذلك (٣) .

٩ - محمّد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي (ت: ٦٧١هـ):

قال في تفسيره عند تعرّضه للآية: ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً. .. ) : ( بقرة ) البقرة: اسم للأنثى، والثور اسم للذكر، مثل: ناقة وجمل، وامرأة ورجل... وأصله من قولك: بقرَ بطنَه، أي شقّه، فالبقرة تشقُّ الأرض بالحرث وتثيره، ومنه الباقر لأبي جعفر محمّد بن علي زين العابدين؛ لأنّه بقرَ العلم وعرف أصله، أي شقّه ) (٤) .

١٠ - أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت: ٦٧٦ هـ):

قال في ( تهذيب الأسماء واللغات ) عن الإمام الباقر ( عليه السلام ): (... سميّ بذلك

____________________

(١) هكذا في المتن المطبوع، ولعلّ الصحيح: ( عبد الله بن عطاء )، كما أورده اليافعي وابن العماد.

(٢) تذكرة الخواص: ٣٠٢، مؤسّسة أهل البيت.

(٣) انظر: ( شرح نهج البلاغة ): ١٥ / ٢٧٧ و٢٧٨، دار الكتب العلميّة، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة.

(٤) تفسير القرطبي: ١ / ٤٨٣، دار الكتاب العربي.

٢٢٠

لأنّه بقر العلم أي شقّه، فعرف أصلَه وعرف خفيَّه... وهو تابعي جليل، إمام بارع، مُجْمَع على جلالته، معدود في فقهاء المدينة وأئمّتهم... ) (1) .

11 - أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خِلّكان (ت: 681 هـ):

قال في ( وفيّات الأعيان ): (أبو جعفر محمّد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، الملقّب الباقر أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإماميّة، وهو والد جعفر الصادق...

كان الباقر عالماً سيّداً كبيرا، وإنما قيل له الباقر لأنه تَبَقَّرَ في العلم، أي توسّع، والتبقّر: التوسّع، وفيه يقول الشاعر:

يا باقرَ العلمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبّى على الأَجْبُلِ (2) .

12 - ابن منظور المصري: (ت: 711 هـ):

قال في ( لسان العرب ): ( والتبقّر: التوسّع في العلم، والمال. وكان يُقال لمحمّد بن علي بن الحسين بن علي الباقر، رضوان الله عليهم؛ لأنّه بقر العلم، وعرف أصلَه، واستنبط فرعَه، وتبقّر في العلم ) (3) .

13 - شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ):

قال في ( العبر في خبر مَن غبر ): ( وكان من فقهاء المدينة، وقيل له الباقر؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه، وعرف أصلَه وخفيَّه ) (4) .

____________________

(1) تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 103، دار الفكر.

(2) وفيات الأعيان: 4 / 30، دار الكتب العلميّة.

(3) لسان العرب: 4 / 74، دار صادر.

(4) العِبَر في خبر مَن غَبَر: 1 / 142، نشر مطبعة حكومة الكويت، سنة: 1948 م.

٢٢١

وقال في ( سير أعلام النبلاء ) في الجزء الثالث عشر: ( أبو جعفر الباقر، سيّدٌ إمام، فقيهٌ يصلح للخلافة ) (1) .

وترجمه في الجزء الرابع وقال عنه: ( وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة... وشُهر أبو جعفر بالباقر، مِنْ: بَقَرَ العلم أي شقّه، فَعَرف أصلَه وخفيَّه، ولقد كان أبو جعفر إماماً مجتهداً تالياً لكتاب الله، كبير الشأن ) إلى أنْ قال: (وقد عدّه النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة، واتّفق الحفّاظ على الاحتجاج بأبي جعفر ) (2) .

14 - صلاح الدين، خليل بن أيبك الصفدي (ت: 764 هـ):

قال في ( الوافي بالوفيات ): ( الباقر رضي الله عنه، محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أبو جعفر الباقر سيّد بني هاشم في وقته... وكان أحد مَن جمع: العلم، والفقه، والديانة، والثقة، والسؤدد، وكان يصلح للخلافة، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر الذين يعتقد الرافضة عصمتهم، وسمّي الباقر؛ لأنّه بَقَرَ العلم أي شقّهُ، فعرف أصلَهُ وخفيَّهُ ) (3) .

15 - عبد الله بن أسعد اليافعي (ت: 768 هـ):

قال في ( مرآة الجنان ) عند ذكره حوادث سنة: (114 هـ): ( وفيها تُوفّي أبو جعفر محمّد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

____________________

(1) سير أعلام النبلاء: 13 / 120، مؤسّسة الرسالة.

(2) المصدر نفسه: 4 / 402 - 403.

(3) الوافي بالوفيات: 2 / 102، دار النشر: فرانز شتايز، شتوتغارت.

٢٢٢

رضوان الله عليهم، أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإماميّة، وهو والد جعفر الصادق، لُقّب بالباقر، لأنه بَقَرَ العلم أي شقّه وتوسّع فيه.. وفيه يقول الشاعر:

يا باقرَ العلمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ رَكِبَ (1) عَلَى الأجْبُلِ

وقال عبد الله بن عطاء: ما رأيتُ العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند محمّد بن علي... ) (2) .

16 - الحافظ أبو الفداء، إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: 774 هـ):

قال في ( البداية والنهاية ): ( وهو محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، وأمّه أمّ عبد الله بنت الحسن بن علي، وهو تابعي جليل، كبير القدر كثيراً، أحد أعلام هذهِ الأمة عِلماً وعَمَلاً وسيادةً وشرفاً...

حدّثَ عنه جماعة من كبار التابعين وغيرهم، فمَنْ روى عنه ابنه جعفر الصادق، والحَكَم بن عتيبة، وربيعة، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي والأوزاعي والأعرج وهو أسنّ منه، وابن جريج، وعطاء، وعمرو بن دينار، والزهري. وقال سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق، قال: حدّثني أبي، وكان خير محمّديّ يومئذ على وجه الأرض، وقال العجلي: وهو مدني تابعي ثقة، وقال محمّد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث ) (3) .

وقال أيضاً: ( أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،

____________________

(1) لعلّ الأصح: لبّى.

(2) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: 1 / 194 - 195، دار الكتب العلميّة.

(3) البداية والنهاية: 9 / 338، مؤسّسة التاريخ العربي.

٢٢٣

كان أبوه علي زين العابدين، وجدّه الحسين قُتلا شهيدَين بالعراق (1) ، وسمّي بالباقر لبقره العلوم واستنباطه الحكم، كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوّة، رفيع النسب عالي الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، مُعرِضاً عن الجدال والخصومات ) (2) .

17 - محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت: 817 هـ):

قال في: ( القاموس المحيط ): ( والباقر: محمّد بن علي بن الحسين، رضي الله تعالى عنهم، لتبحّر في العلم ) (3) .

18 - محمّد بارساي البخاري (ت: 822 هـ):

قال في ( فصل الخطاب ): ( ومن أئمّة أهل البيت أبو جعفر محمّد الباقر سمّي بذلك؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه فعرف أصلَه وعلم خفيَّه... وهو تابعيٌ جليل، إمام بارع، مجمع على جلالته وكماله... قال بعضهم: ما رأيت العلماء كان أقلّ علماً إلاّ عند الإمام محمّد الباقر ( رضي الله عنه ) ) (4) .

19 - محمّد بن محمّد، شمس الدين الجزري (ت: 833 هـ):

قال في ( غاية النهاية في طبقات القرّاء ): (محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر؛ لأنّه بقر العلم - أي شقّه - وعرف ظاهره

____________________

(1) الصحيح أنّ الإمام زين العابدين لم يُقتَل في كربلاء، بل أُخِذَ أسيراً إلى الشام.

(2) المصدر نفسه: 339.

(3) القاموس المحيط: 1 / 376.

(4) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): 2 / 456، منشورات الشريف الرضي المصوّرة على الطبعة الحيدريّة، 1965م.

٢٢٤

وخفيَّه، وكان سيّد بني هاشم عِلْمَاً وفضلاً وسنّة... ) (1) .

20 - الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ):

قال في ( تهذيب التهذيب ): ( محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر الباقر، أمّه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب( عليه السلام )...

روى عنه ابنه جعفر، وإسحاق السبيعي، والأعرج، والزهري، وعمرو بن دينار، وأبو جهضم موسى بن سالم، والقاسم بن الفضل، والأوزاعي، وابن جريج، والأعمش، وشيبة بن نصاح، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن عطاء، وبسّام الصيرفي، وحرب بن سريج، وحجاج بن أرطاة، ومحمّد بن سوقة، ومكحول بن راشد، ومعمر بن يحيى بن بسّام، وآخرون.

قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث...

وقال العجلي: مدني، تابعي، ثقة.

وقال ابن البرقي: كان فقيهاً فاضلاً.

وذكره النّسائي في فقهاء أهل المدينة من التابعين: إلى أنْ قال: قال الزبير بن بكّار: كان يُقال لمحمّد الباقر، باقر العلم. وقال محمّد بن المنكدر: ما رأيت أحداً يُفَضَّلُ على علي بن الحسين حتّى رأيتُ ابنه محمّداً، أردتُ يوماً أنْ أَعِظَهُ فوعظني ) (2) .

وقال في ( تقريب التهذيب ): (محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

____________________

(1) أورده الشيخ القرشي في ( حياة الإمام الباقر ): 1 / 104، نقلاً عن ( غاية النهاية ): 2 / 220.

(2) تهذيب التهذيب: 7 / 330 - 331، دار الفكر.

٢٢٥

طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل من الرابعة) (1) .

21 - ابن الصبّاغ المالكي (ت: 855 هـ):

قال في ( الفصول المهمّة ) عند حديثه عن الإمام الباقر ( عليه السلام ): ( وأمّا مناقبه فكثيرة عديدة، وأوصافه فحميدة جليلة ) (2) ، وقال أيضاً: ( وكان محمّد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) مع ما هو عليه من العلم والفضل والسؤدد والرئاسة والإمامة، ظاهر الجود في الخاصّة والعامّة، مشهور الكرم في الكافّة، معروفاً بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسّط حاله ) (3) .

22 - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي (ت: 874 هـ):

قال في ( النجوم الزاهرة ) في أحداث سنة: (114 هـ): ( وفيها تُوفّي محمّد الباقر، كنيته: أبو جعفر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي العلوي، سيّد بني هاشم في زمانه ) (4) .

23 - شمس الدين محمّد بن طولون (ت: 953 هـ):

قال في ( الأئمّة الاثنا عشر ): ( وهو أبو جعفر محمّد بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، الملقّب بالباقر، وهو والد جعفر الصادق، رضي الله عنهما.

____________________

(1) تقريب التهذيب: 2 / 541، دار الفكر.

(2) الفصول المهمّة: 201، دار الأضواء.

(3) المصدر نفسه: 204.

(4) النجوم الزاهرة: 1 / 5.

٢٢٦

كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً، وإنّما قيل له الباقر؛ لأنّه تبقّر في العلم، أي توسّع. والتبقّر التوسّع. وفيه يقول الشاعر:

يَا بَاقِرَ العِلْمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى عَلَى الجَبَلِ ) (1)

24 - المحدّث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي المكّي (ت: 974 هـ):

قال في ( الصواعق المحرقة ) - بعد أنْ ذكر أنّ علي بن الحسين تُوفّي عن أحد عشر ذَكَرَاً وأرْبَع بنات - ما نصّه: ( وارثه منهم عبادةً وعلماً وزهادة، أبو جعفر محمّد الباقر سمّي بذلك: مِن بَقَر الأرض أي شقّها وأثار مُخْبآتها ومكامِنَها؛ فلذلك هو أظهر مِن مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحِكَم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطَوِيَّة والسريرة، ومِن ثَمّ قيل فيه: هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، صفا قلبه وزكا علمه وعمله، وطهرتْ نفسه وشرف خُلُقُهُ وعمرتْ أوقاته بطاعة الله، وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذهِ العجالة، وكفاه شرفاً أنّ ابن المديني روى عن جابر أنّه قال له وهو صغير: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسلّم عليك، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: كنتُ جالساً عنده والحسين في حجره وهو يداعبه، فقال: ( يا جابر، يولد له مولود اسمه علي، إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم سيّد العابدين، فيقوم ولده، ثمّ يولد له ولد اسمه محمّد، فإنْ أدركتَه يا جابر فاقْرِئْهُ منّي السلام ) (2) .

____________________

(1) الأئمّة الاثنا عشر: 81، منشورات الرضي.

(2) الصواعق المحرقة: 304، دار الكتب العلميّة.

٢٢٧

25 - الملاّ علي القاري (ت: 1014 هـ):

قال في ( شرح الشف ): ( هو أبو جعفر الباقر، سُمّي به لتبقّره في العلم، أي لتوسّعه فيه... [ روى ] عنه ابنه جعفر الصادق، والزهري، وابن جريج، والأوزاعي وآخرون، أخرج له الأئمّة الستّة ) (1) .

26 - أحمد بن يوسف القرماني (ت: 1019 هـ):

قال في ( أخبار الدول ): ( وإنّما سُمّي بالباقر؛ لأنّه بقر العلم، وقيل: لقّب بالباقر لِمَا روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا جابر، يوشَك أنْ تلحق بولدٍ لي مِن وُلد الحسين، اسمه كاسمي يبقر العلم بقراً، أي يفجّره تفجيراً، فإذا رأيته فاقرئه منّي السلام، قال جابر: فأخّر الله مدّتي حتّى رأيتُ الباقر، فَأَقْرَأْتُهُ السلام عن جدّه محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وكان خليفة أبيه مِن بين إخوته، ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده...

ولم يظهر عن أحد مِن وُلد الحسن والحسين مِن علم الدين والسنن، وعلم القرآن والسّير، وفنون الآداب، ما ظهر عن أبي جعفر الباقر.

روى عنه في معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين، وفيه يقول القرطبي:

يَا بَاقِرَ العِلْمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى عَلَى الجَبَلِ )

إلى أنْ قال: وحدّثَ بعضهم قال: كنتُ بين مكّة والمدينة، فإذا أنا بشيء يلوح تارةً ويختفي أخرى، حتّى قرب منّي، فتأمّلْتُهُ فإذا هو غلام سباعي أو

____________________

(1) شرح الشفا: 1 / 343، دار الكتب العلميّة.

٢٢٨

ثُماني، فسلّم عليّ فرددتُ عليه السلام، فقلتُ: مِمَّنْ أنت؟

قال: رجل عربي.

قلتُ: أَبِنْ لِي؟

قال: قرشي.

قلتُ: أَبِنْ لِي؟

قال: علوي، ثمّ أنشأ يقول:

وَنَحْنُ عَلَى الحَوْضِ رُوَّادُهُ

نَذُوْدُ وَتَسْعَدُ وُرَّادُهُ

فَمَا فَازَ مَنْ فَازَ إلاّ بَنَا

وَمَا خَابَ مَنْ حُبِّنَا زَادُهُ

فَمَنْ سَرّنا نَالَ مِنَّا السُرُوْرَ

وَمَنْ سَاءَنَا سَاءَ مِيْلاَدُهُ

وَمَنْ كَانَ غَاصِبَنَا حَقَّنَا

فَيَوْمَ القِيَامَةِ مِيْعَادُهُ

ثمّ قال: أنا محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ثمّ التفتُّ فلم أره، فلا أدري نزل في الأرض أَمْ صعد في السماء... ) (1) .

27 - أبو الفلاح، عبد الحي بن أحمد بن محمّد ابن العماد الحنبلي (ت: 1089 هـ):

قال في ( شذرات الذهب ) عند ذكره لأحداث سنة: (114 هـ): ( وفيها تُوفّي السيّد أبو جعفر محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب...

وكان من فقهاء المدينة، وقيل له الباقر، لأنّه بقر العلم، أي شقّه، وعَرف أصله وخفيَّه، وتوسّع فيه، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة.

قال عبد الله بن عطاء: ما رأيتُ العلماء عند أحد، أصغر منهم علماً عنده. وله كلام نافع في الحكم والمواعظ... ) (2) .

28 - حسين بن محمّد الديار بكري (ت: 1111 هـ):

____________________

(1) أخبار الدول وآثار الأُوَل: 1 / 331، دار الكتب العلميّة.

(2) شذرات الذهب في أخبار مَن ذَهَب: 1 / 260، دار الكتب العلميّة.

٢٢٩

قال في ( تاريخ الخميس ): ( محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يُكَّنى أبا جعفر، ولُقّب بالباقر لتبقّره في العلم وتوسّعه فيه ) (1) .

وقال في أحداث سنة (114 هـ): ( وفيها مات الإمام، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين العلوي، الباقر، الفقيه، وله ثمان وخمسون سنة ) (2) .

29 - محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: 1122 هـ):

قال في شرحه على موطّأ الإمام مالك: ( محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، الثقة، الفاضل، من سادات آل البيت ) (3) .

30 - الشيخ عبد الله بن عامر الشبراوي (ت: 1171 هـ):

قال في ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ( الخامس من الأئمّة محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم... وكُنِّيَ أبا جعفر ولقّب بالباقر؛ لبقره العلم.

يُقال بَقَرَ الشيء: فجّره، سارت بذكر علومه الأخبار، وأُنشدت في مدائحه الأشعار، فمِنْ ذلك قول مالك الجهني فيه:

إِذَا طَلَبَ النَّاس عِلْمَ القُرْآنِ

كَانَتْ قُرَيْشٌ عَلَيْهِ عِيَالا

وإنْ فَاهَ فِيْهُ ابنِ بِنْتِ النبي

تلقّتْ يَدَاهُ فُرُوْعَاً طوالا

نجومٌ تُهَلِّلُ لِلْمُدْلِجِيْنَ

فَتَهْدِي بِأَنْوَارِهِنَّ الرِجَالا

____________________

(1) تاريخ الخميس: 2 / 286، دار صادر، مصوّر على منشورات مؤسّسة شعبان للنشر والتوزيع، بيروت.

(2) المصدر نفسه: 2 / 319.

(3) شرح الزرقاني على موطّأ الإمام مالك: 2 / 403، دار الكتب العلميّة.

٢٣٠

ومناقبه رضي الله عنه باقية على ممرّ الأيّام وفضائله قد شهد له بها الخاصّ والعام وما أحقّه بقول الشاعر:

قَالَ فِيْه البَلِيْغ مَا قَالَ ذُو العي

وَكُلٌّ بِفَضْلِهِ مَنْطِيْق

وَكَذَاكَ العَدُوّ لَمْ يَعدُ أنْ قَا

لَ جَمِيْلاً فَمَا يَقُوْلُ الصَدِيْق

قال محمّد بن المنكدر: وما كنتُ أرى أنّ مثل علي بن الحسين يدع خلفاً يقاربه في الفضل حتّى رأيت ابنه محمّداً الباقر ) (1) .

31 - محمّد بن محمّد الزبيدي (ت: 1205 هـ):

قال في ( تاج العروس ): ( والباقر ) لُقّب الإمام أبي عبد الله وأبي جعفر ( محمّد بن ) الإمام ( علي ) زين العابدين ( بن الحسين ) بن علي ( رضي الله تعالى عنهم ) وُلد بالمدينة سنة: 57 من الهجرة، وأمّه: فاطمة بنت الحسن بن علي، فهو أوّل هاشمي وُلِدَ مِن هاشميَّيْن علوي من علويَّين، عاش سبعاً وخمسين سنة وتُوفّي بالمدينة سنة: 114، ودُفِنَ بالبقيع عند أبيه وعمّه... وإنّما لُقّب به؛ ( لتبحّره في العلم ) وتوسّعه وفي اللسان لأنّه بقر العلم وعرف أصلَه واستنبط فرعه. قلتُ: وقد ورد في بعض الآثار عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: ( يُوشَك أنْ تبقى حتّى تلقى وَلَداً لي من الحسين يُقال له محمّد يَبْقُر العلمَ بقراً فإذا لقيتَه فَاقْرِئْهُ منّي السلام )، خرّجه أئمّة النسب ) (2) .

____________________

(1) الإتحاف بحبّ الأشراف: 143 - 145، منشورات الرضي، طبعة مصوّرة على طبعة المطبعة الأدبيّة بمصر.

(2) تاج العروس: 3 / 55، نشر مكتبة الحياة، بيروت.

٢٣١

32 - محمّد بن علي الصبّان (ت: 1206 هـ):

قال في ( إسعاف الراغبين ): ( وأمّا محمّد الباقر رضي الله عنه، فهو صاحب المعارف وأخو الدقائق واللطائف، ظهرتْ كراماته، وكثرتْ في السلوك إشاراتُه، لُقّب بالباقر؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه، فعرف أصلَه وخفيَّه ) (1) .

33 - أبو الفوز محمّد أمين السويدي (ت: 1246 هـ):

قال في ( سبائك الذهب ): ( لقّب بالباقر لِمَا رَوى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( يولد مِن وُلد الحسين، اسمه كاسمي، يبقر العلم بَقْراً أي يفجّره تفجيراً، فإذا رأيتَه فَاقْرِئْهُ منّي السلام )، قال جابر رضي الله عنه: فأخّر الله مدّتي حتّى رأيتُ الباقر فَقَرَأْتُهُ السلام عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان خليفة أبيه من بين إخوته، ووصيّه، والقائم بالأمر مِن بعده... ولم يظهر عن أحد من أولاد الحسين مِن علم الدين والسنن وعلم السّير وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر رضي الله عنه ) (2) .

34 - يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت: 1350 هـ):

قال في كتابه ( جامع كرامات الأولياء ): ( محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما، أحد أئمّة ساداتنا آل البيت الكرام، وأوحد أعيان العلماء الأعلام... ) (3) .

____________________

(1) إسعاف الراغبين: 250، مطبوع كهامش على ( نور الأبصار )، طبعة دار الفكر المصوّرة على الطبعة المصريّة لسنة: 1948م.

(2) سبائك الذهب: 74، المكتبة العلميّة.

(3) جامع كرامات الأولياء: 1 / 164، المكتبة الشعبيّة، بيروت.

٢٣٢

35 - خير الدين الزركلي (ت: 1396 هـ):

قال في كتابه ( الأعلام ): ( محمّد بن علي زين العابدين بن الحسين الطالبي الهاشمي القرشي، أبو جعفر الباقر، خامس الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة، كان ناسكاً عابداً، له في العلم وتفسير القرآن آراء وأقوال ) (1) .

هذا وقد تقدّم في ثنايا البحث أسماء مجموعة من العلماء لم نفرد لهم قولاً مستقلاًّ كالنسائي (2) ، وابن البرقي (3) ، والعجلي (4) ، وعبد الله بن عطاء (5) ، ومحمّد بن المنكدر (6) ، وغيرهم. كما أنّ الكتب غصّت بترجمة الإمام ومدْحه وذكْر فضائله، وأجمع أهلُ الفنّ والمعرفة على جلالة قدْره، وعظمِ منزلته؛ لذا نكتفي بما ذكرناه توخّياً للاختصار وعدم الإطالة.

____________________

(1) الأعلام: 6 / 270، دار العلم للملايين.

(2) انظر: ص 222، 225.

(3) انظر: ص 225.

(4) انظر: ص 223، 225.

(5) انظر: ص 220، 223، 229.

(6) انظر: ص 225، 231.

٢٣٣

٢٣٤

الفصل الخامس

السادس من أئمّة أهل البيت

الصادق

جعفر بن محمّد عليه السلام

٢٣٥

٢٣٦

نافذة إلى معرفة الإمام عليه السلام

نفسٌ طاهرة زاكية، سمت نحو العليّ الأعلى، فأشرقتْ تُنير على الأفق صفحات خالدة من القِيَم والمبادئ والأخلاق والمكارم والعلوم المحمّديّة المباركة.

تلك هي نفس إمامنا جعفر بن محمّد الصادق الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه، حتّى قال أبو حنيفة: ( ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد ) (1) .

فقد انتشر اسمه في البلدان، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وتمتّع بأخلاق دَمِثَة نبويّة، ومكارم هاشميّة، ضاهت السماء علوّاً، فكان ولازال بحراً زاخراً تنهل البشريّة من نبْعه النقي الصافي وتغترف من جوده العلمي، وتسمو نحو الكمال بالاستقاء من صفاته المشرقة التي تحمل عطر النبوّة وفيض الرسالة الخالد.

فكان - بحقٍّ - مفخرة من مفاخر الإنسانيّة، ومعجزة من معاجز الدنيا الباقية على مرّ العصور وعبر الأجيال والدهور، جمعَ الفضائل كلّها، وحاز المكارم أجمعها، وملأ الدنيا بفيض علومه النيّرة.

فلْنتجوّل مع قُرَّائنا الكرام ونرى ما سطّرت الأقلام حول تلك الشخصيّة المباركة، ملتزمين بما نقله علماء وأعلام أهل السنّة.

وقبل أنْ نشرع في سرد كلماتهم، نُقدِّم للقارئ الكريم إلمامة سريعة بحياته ‌( عليه السلام ) فنقول:

____________________

(1) أرسله الصفدي إرسال المسلّمات في ( الوافي بالوفيات ): 11 / 127، دار النشر فرانز شتايز، شتوتغارت.

٢٣٧

-هو: الإمام جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ).

-أمّه: أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، كانت من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء أهل زمانها (1) ، وفيها قال إمامنا الصادق ( عليه السلام ): ( كانت أمّي مِمَّن آمنتْ واتّقتْ وأحسنتْ والله يحبّ المحسنين ) (2) .

-وُلد: ( عليه السلام ) بالمدينة المنوّرة سنة: ثلاث وثمانين من الهجرة (83 هـ) (3) ، وكان ميلاده مقترناً بذكرى ولادة الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل (4) .

-كنيته: أبو عبد الله.

-وله ألقاب أشهرها: الصادق، ومنها: الصابر، والفاضل، والطاهر (5) .

-تسلّم إمامة المسلمين: عند وفاة أبيه الباقر ( عليه السلام ) في سنة: (114 هـ)، وكان له من العمر أحدى وثلاثون سنة.

-عاصر في أيّام إمامته : خمسة من حكّام بني أميّة، واثنين من حكّام بني العبّاس.

أمّا حكّام بني أميّة فهم: هشام بن عبد الملك، الوليد بن يزيد بن عبد الملك،

____________________

(1) عيون المعجزات: 85.

(2) أصول الكافي للكليني: 1 / 545، دار التعارف للمطبوعات.

(3) الإرشاد للمفيد: 2 / 179، مؤسّسة آل البيت.

(4) انظر: ( الدروس ) للشهيد الأوّل: 2 / 12، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين.

(5) انظر:( مطالب السؤول ): 2 / 111، مؤسّسة أمّ القرى.

٢٣٨

يزيد بن الوليد بن عبد الملك، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم المعروف بمروان الحمار.

وأمّا حكّام بني العبّاس فهما: أبو العبّاس السفّاح، أبو جعفر المنصور.

-كان الإمام ( عليه السلام ): علماً بارزاً متفوّقاً على جميع أهل العلم والفضيلة، وازدهرتْ في عصره جامعة العلوم الإسلاميّة، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل (1) .

وقال الحسن بن علي الوشاء: ( أدركتُ في هذا المسجد - أي مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد ) (2) .

-ولكثرة ما رُوي عنه وما بيّنه ( عليه السلام ) من أصول وفروعٍ لمذهب أهل البيت، سُمّي هذا المذهب بـ ( المذهب الجعفري ) ؛ نسبةً إلى اسمه الشريف.

-رحل إمامنا الصادق ( عليه السلام ): في شوّال سنة: (148 هـ) (3) ، بعد جهاد فكري عقائدي مرير، ومعاناة شديدة من حكّام الجور، خصوصاً من أبي جعفر المنصور.

-دُفن ( عليه السلام ): في مقبرة البقيع مع أبيه وجدّه وعمّه الحسن ( عليهم السلام ) (4) .

____________________

(1) انظر: ( الإرشاد ) للشيخ المفيد: 2 / 179، مؤسّسة آل البيت.

(2) رجال النجاشي: 40، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين.

(3) الإرشاد للمفيد: 2 / 180، مؤسّسة آل البيت.

(4) المصدر نفسه: 2/180.

٢٣٩

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة وهي تُشيد بمقام الإمام الصادق ( عليه السلام ):

1 - الإمام أبو حنيفة النعمان: (ت: 150 هـ):

روي عنه أنّه قال: ( ما رأيتُ أحداً أفقه من جعفر بن محمّد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة، بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ له من مسائلك تلك الصعاب، قال: فهيّأتُ له أربعين مسألة، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيتُه بالحيرة فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلمّا بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمتُ وأذِن لي، فجلستُ ثمّ التفت إلى جعفر، فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا؟ قال: نعم، هذا أبو حنيفة، ثمّ أتبعها قد أتانا. ثمّ قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله، وابتدأتُ أسأله، وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربّما تابعنا وربّما تابع أهل المدينة وربّما خالفنا جميعاً، حتّى أتيتُ على أربعين مسألة ما أخبرت منها مسألة، ثمّ قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ) (1) .

____________________

(1) رواه المزّي في ( تهذيب الكمال ): ج 5، ص 79، مؤسّسة الرسالة. والذهبي في سير أعلام النبلاء: ج 6، ص 257 - 258، مؤسّسة الرسالة، وغيرهم، واللفظ الذي أوردناه منقول من ( التهذيب ).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480