أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة12%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75453 / تحميل: 9283
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها ، وأجرة حمل الميت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت ، فان كل ذلك يخرج من أصل التركة وان كان الميت مديوناً أو كانت له وصية ، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشيء من ذلك وإلاّ لم يخرج من التركة ، وأما ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فانه لا يجوز ان يخرج من الأصل الا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال ، وفي البعض الآخر يحتاج اليه قدم الأوّل ، نعم يجوز اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم دون القاصرين ، الا مع اذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.

( مسألة 109 ) : كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها أو كونها منقطعة او ناشزة ، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن والا سقط عنه ، وكذلك إذا اوصت به من مالها وعمل بالوصية ، أو تقارن موتها مع موته ، أو كان البذل حرجياً على الزوج ، فلو توقف على الاستقراض ، أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.

( مسألة 110 ) : يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير ، ولكن يلزم ان يكون ذلك بنحو لا يتنجس موضع الكتابة بالدم ، أو غيره من النجاسات كان يكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت ، ويجوز ان يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.

٦١

( شروط الكفن )

يعتبر في الكفن أمور :

(1) الاباحة.

(2) الطهارة بان لا يكون نجساً ولا متنجساً.

(3) ان لا يكون من الحرير الخالص ، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط ان يكون حريره أقل من خليطه ـ والأحوط وجوباً ـ ان لا يكون الكفن مُذهَّباً ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا من جلد الميتة وان كان طاهراً ، ولا بأس ان يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل لا بأس ان يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً ، وكل هذه الشروط ـ غير الاباحة ـ يختص بحال الإختيار ويسقط في حال الضرورة ، فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عارياً ، ولو انحصر في غيره من الانواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفن به ، فاذا انحصر في واحد منها تعين ، واذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأوّل ، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس ، وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهَّب والتكفين بأجزاء مالا يؤكل لحمه تخيّر بينهما ، وان كان الاحتياط بالجمع حسناً.

( مسألة 111 ) : الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه الا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

( مسألة 112 ) : يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت ، وينبغي ان تكونا من النخل ، فان لم يتيسر فمن السدر ، أو الرمان وان

٦٢

لم يتيسرا فمن الخلاف ( الصفصاف ) ، والأولى في كيفيته جعل احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والازار.

( الحنوط )

يجب تحنيط الميت المسلم وهو ( إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته ) ويكفي فيه وضع المسمى ، ويشترط فيه اباحته فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح ، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على ـ الأحوط وجوباً ـ والأفضل ان يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.

( مسألة 113 ) : ـ الأحوط الأولى ـ ان يكون الامساس بالكف وان يبتدأ من الجبهة ، ولا ترتيب في سائر الأعضاء ، ويجوز ان يباشر التحنيط الصبي المميز بل وغيره أيضاً.

( مسألة 114 ) : يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو الحج فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب ، نعم اذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.

( مسألة 115 ) : وجوب التحنيط كوجوب التغسيل ، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).

٦٣

( الصلاة على الميت )

تجب الصلاة على كل مسلم ميت وان كان فاسقاً ، ووجوبها كوجوب التغسيل ، وقد مر في المسألة (91).

( مسألة 116 ) : لا تجب الصلاة على اطفال المسلمين الا من عقل منهم الصلاة ، ومع الشك في ذلك فالعبرة ببلوغه ست سنين ، وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة اشكال ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاتيان بها الا رجاءً.

( مسألة 117 ) : تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز ، ويجزي عن البالغين.

( مسألة 118 ) : يجب تقديم الصلاة على الدفن ، الا انه إذا دفن قبل ان يصلى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز ان ينبش قبره للصلاة عليه ، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر ـ فالأحوط وجوباً ـ الاتيان بها رجاءً.

( كيفية صلاة الميت )

يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الأربع الأوّل ، وأما الثلاثة الباقية فيتخير فيها بين الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهادتين ، والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكبّر أولاً ويقول ( أشْهَدُ اَنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَأنَّ مُحمّداً رَسولُ الله ) ثم يكبر ثانياً ، ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثاً ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعاً ، ويدعو للميت ، ثم يكبّر خامساً

٦٤

وينصرف.

والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى : ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ).

وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد ، وارحم محمداً وآل محمّد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، انك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ).

وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع اللّهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شيء قدير ).

وبعد الرابعة : ( اللّهم ان هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلاّ خيراً وانت اعلم به منا ، اللّهم ان كان محسناً فزد في احسانه ، وان كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبّر ، وبها تتم الصلاة.

ولابُدّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميت ، وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمناً بالغاً ، وفي الصلاة على اطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة : اللّهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

( مسألة 119 ) : يعتبر في صلاة الميت أمور :

٦٥

(1) ان تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين ، والا بطلت ولابُدّ من اعادتها ، واذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلاً عنه ، وكذلك التكفين والتحنيط لم تسقط الصلاة عليه.

(2) النية بان يقصد بها القربة ، مع تعيين الميت على نحو يرفع الابهام.

(3) القيام مع القدرة عليه.

(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.

(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.

(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.

(7) أن يكون الميت أمام المصلي.

(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه ، ولا يضر الستر بمثل النعش أو ميت آخر.

(9) الموالاة بين التكبيرات والأذكار ، بان لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط الا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.

(11) أن لا يكون احدهما اعلى من الآخر علواً مفرطاً.

(12) أن يكون الميت مستور العورة ـ اذا تعذر الكفن ـ ولو بحجر أو لبنة.

٦٦

( دفن الميت )

يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر في المسألة (91) ، وكيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض ، فلا يجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يؤمّن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان تكون الحفيرة بنفسها على كيفية تمنع من انتشار رائحة الميت ووصول السباع إلى جسده ، ويجب ان يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجهاً وجهه الى القبلة.

( مسألة 120 ) : يجب دفن الجزء المبان من الميت ، وإن كان شعراً أو سناً أو ظفراً على ـ الأحوط وجوباً ـ نعم لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.

( مسألة 121 ) : من مات في السفينة ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك يغسّل ويكفن ويحنط ويُصلى عليه ثم يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام ، أو يشد برجله ما يثقله من حجر ، أو حديد ثم يلقى في البحر ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار الوجه الأوّل مع الإمكان ، وكذلك الحال في ميت خيف عليه من ان يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.

( مسألة 122 ) : لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة ، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار ، ولا يجوز

٦٧

دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

( مسألة 123 ) : يعتبر في موضع الدفن الاباحة ، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب ، أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما وان لم يكن مضراً بالوقف أو مزاحماً لجهته على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 124 ) : إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه ، إلاّ في بعض الموارد المذكورة في ( العروة الوثقى ) وتعليقتنا عليها.

( مسألة 125 ) : إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن ، أو حنوط مع التمكن منها وجب اخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط ان لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته ، والا ففيه اشكال.

( مسألة 126 ) : لا يجوز نبش قبر المسلم إلاّ في موارد خاصة تقدم بعضها ، ومنها ما لو اوصى الميت بنقله الى المشاهد المشرفة فدفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها ، فانه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر ، وأما لو اوصى بنبش قبره ونقله بعد مدة الى الأماكن المشرفة ففي صحة وصيته اشكال.

( مسألة 127 ) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً انه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلاً أو بعضاً ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم ، أو معظمها بشرط ان تكون من ضمنها عظام صدره ، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ ان وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالازار والقميص بل وبالمئزر أيضاً ان وجد بعض ما يجب ستره به.

واذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه انه بدنه بل بعض بدنه ،

٦٨

فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه ، وكذا التغسيل والتكفين بالازار والقميص وبالمئزر ان كان محله موجوداً ـ ولو بعضاً ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت اطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه ، بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه ، وان وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر انه لا يجب فيه أيضاً شيء مما تقدم عدا الدفن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

( صلاة ليلة الدفن )

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصّل احدكم ركعتين له ، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، فيقول بعد السلام : اللّهم صل على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ، ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية اخرى أيضاً.

( غسل مسِّ الميت )

يجب الغسل على من مسّ الميت بعد برده وقبل اتمام غسله ، ولا فرق بين ان يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها ، كما لا فرق في الممسوس والماس بين ان يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن

٦٩

والظفر ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر ، سواء كان ماساً أم ممسوساً ، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلماً ، فيجب في مسّ الميت الكافر أيضاً ، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد ، أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على ـ الأحوط وجوباً ـ فيهما.

( مسألة 128 ) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل ـ والأحوط استحباباً ـ ضم الوضوء اليه إذا كان محدثاً بالأصغر.

( مسألة 129 ) : لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميت أو الحي وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً وان كان الغسل ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة 130 ) : إذا يمّم الميت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

٧٠

( الأغسال المستحبة )

قد ذكر الفقهاء ( قدس الله اسرارهم ) كثيراً من الأغسال المستحبة ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها ، والثابت منها ما يلي :

(1) غسل الجمعة : وهو من المستحبات المؤكدة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب ، والأفضل الاتيان به قبل الزوال ـ والأحوط الأولى ـ ان يؤتى به فيما بين الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء ، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة ، وتستحب اعادته إذا وجد الماء فيه.

(2 ـ 7) غسل الليلة الأولى ، والليلة السابعة عشرة ، والتاسعة عشرة والحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ، والرابعة والعشرين ، من شهر رمضان المبارك.

(8 ـ 9) غسل يوم العيدين الفطر والأضحى ، ووقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر ، والأفضل ان يؤتى به قبل صلاة العيد.

(10 ـ 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام ، والأفضل في اليوم التاسع ان يؤتى به عند الزوال.

(12) غسل الاحرام.

(13) غسل دخول الحرم المكي.

(14) غسل دخول مكة.

(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.

(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.

(17) غسل النحر والذبح.

٧١

(18) غسل الحلق.

(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.

(20) غسل دخول المدينة المنورة.

(21) غسل دخول مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(22) الغسل لوداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(23) غسل المباهلة مع الخصم.

(24) غسل الاستخارة.

(25) غسل الاستسقاء.

(26) غسل من مسّ الميت بعد تغسيله.

والأظهر ان هذه الاغسال تجزي عن الوضوء ، وأما غيرها فيؤتى بها رجاءً ، ولابُدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها :

(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة الأخيرة.

(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريباً من الفجر.

(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.

(4) غسل يوم النيروز ( اول أيام الربيع ).

(5) غسل يوم النصف من شعبان.

(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.

(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومينعليهم‌السلام من قريب أو بعيد.

(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.

٧٢

( الجبائر )

الجبيرة هي : ( ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا حدث فيه كسر ، أو جرح ، أو قرح ) وفي ذلك صورتان :

(1) ان يكون شيء من ذلك في مواضع الغَسل كالوجه واليدين.

(2) ان يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين ، وعلى التقديرين فان لم يكن في غَسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله ومسح ما يجب مسحه ، واما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، ولم تكن في الموضع جبيرة بان كان مكشوفاً ، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح والقرح ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وان يمسح على نفس الموضع أيضاً إذا تمكن من ذلك ، وأما الكسر المكشوف من غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.

( الثانية ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ـ والأحوط وجوباً ـ ان يمسح على الجبيرة ولا يجزي غسل الجبيرة عن مسحها.

( الثالثة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح وكانت

٧٣

عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.

( الرابعة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح ولم تكن عليه جبيرة ، وفي هذه الصورة يتعين التيمم.

( مسألة 131 ) : يعتبر في الجبيرة أمران :

(1) طهارة ظاهرها ، فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح ان يمسح عليها فان امكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءاً منها وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل اطرافها ، وان لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها ، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف ، وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها الجبيرة الطاهرة ، أو طهّرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك لايجابه ضرراً على الجرح مسح على الجبيرة ، وإن كان لأمر آخر كالاضرار بالمقدار الصحيح وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ الجمع بين الوضوء والتيمم.

(2) إباحتها ، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 132 ) : يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور :

( الأوّل ) : ان يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح ، فإذا لم يتمكن من غسله أو مسحه لأمر آخر ، كنجاسته مع تعذر ازالتها ، أو لزوم الضرر من استعمال الماء أو لصوق شيء ـ كالقير ـ بالعضو ولم يتمكن من ازالته بغير حرج ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم ، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواءً يجري عليه حكم الجبيرة ، ولو كان اللاصق غيره وكان

٧٤

في مواضع التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.

( الثاني ) : ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف ، والا وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وان لم يتمكن من رفعه ، أو كان فيه حرج ، أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم ، أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب لم يسقط الوضوء فيمسح على الجبيرة.

( الثالث ) : ان يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم ، وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من اعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقاً ، كما إذا كان الجرح في اصبعه واتفق انه يتضرر بغسل الذراع ، فانه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضاً.

( مسألة 133 ) : إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ، كما إذا كان تمام الوجه أو احدى اليدين أو الرجلين مجبَّراً جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء ، أو معظمها ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

( مسألة 134 ) : إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح المتوضئ عليها بدلاً عن غسل العضو ، فاللازم ان يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة لا برطوبة خارجية ـ والأحوط الأولى ـ فيما إذا لم تكن مستوعبة لها ان يمسح بغير موضع الجبيرة.

٧٥

( مسألة 135 ) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت اجزأه وضوؤه سواء برئ في اثناء الوضوء ام بعده ، قبل الصلاة أو في اثنائها أو بعدها ، ولاتجب عليه اعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية في الموارد التي كان تكليفه فيها الوضوء جبيرة واما في الموارد التي جمع فيها بين الجبيرة والتيمم فلابُدّ من اعادة الوضوء للاعمال الآتية ، وهكذا الحكم فيما لو برئ في سعة الوقت بعد اتمام الوضوء ، وأما إذا برئ في اثنائه فلابُدّ من استيناف الوضوء ، أو العود إلى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها ان لم تفت الموالاة.

( مسألة 136 ) : إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه ، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين انه كان مضراً وكانت وظيفته الجبيرة ـ فالأحوط وجوباً ـ الإعادة ، وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم الضرر وان وظيفته غسل البشرة ، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاده ان فيه قرحاً أو جرحاً أو كسراً فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر بطلان وضوئه.

( مسألة 137 ) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال ـ غير غسل الميت ـ كما كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة ، فان المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، واذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفاً فله الاجتزاء بغسل اطرافه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يضع خرقة على موضع القرح ، أو الجرح ويمسح عليها ، وأما إذا كان المانع كسراً فان كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان مكشوفاً ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

٧٦

( التيمم )

يصح التيمم بدلاً عن الغسل ، أو الوضوء في سبعة مواضع :

( الأوّل ) : ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه ، ويجب الفحص عنه على الحاضر إلى حين حصول اليأس منه ، وكذلك السعي اليه ما لم يكن بعيداً عنه بحيث يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ولا يسوغ للمسافر ان يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لابُدّ له من احراز عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى ان يحصل له الاطمينان بالعدم ، فلو احتمل وجود الماء في رحله ، أو في القافلة ، أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه ، ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق ، ـ والأحوط وجوباً ـ الفحص في المساحة التي حوله على نحو الدائرة غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، ولا يجب الفحص أكثر من ذلك الا اذا اطمأن بوجوده خارج الحد المذكور بحيث لا يبعد عنه بمقدار يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ويسقط وجوب الفحص عند تضيق الوقت بمقدار ما يتضيق منه وكذا إذا خاف على نفسه ، أو ماله المعتد به من لصّ ونحوه ، أو كان في الفحص حرج لا يتحمل عادة.

( مسألة 138 ) : إذا تيمم من غير فحص ـ فيما يلزم فيه الفحص ـ ثم

٧٧

صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية لم يصح تيممه وصلاته وان تبين عدم الماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 139 ) : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما إذا كان مغصوباً لم يجب الوضوء ووجب التيمم ، والماء الموجود حينئذٍ بحكم المعدوم.

( الثاني ) : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكويناً لكبر ونحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه ، أو عرضه ، أو ماله المعتد به من سبع ، أو عدو أو لص ، أو ضياع أو غير ذلك ، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة ـ حيث يحرم استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث على الأحوط كما تقدم في المسألة (30) ـ فان امكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالاً في العرف وجب الوضوء ، وإلاّ ففي سقوط الوضوء ووجوب التيمم اشكال.

( الثالث ) : كون استعمال الماء مضراً به ، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته ، وانما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة والا وجبت ، وقد مر تفصيل ذلك.

( الرابع ) : خوف العطش على نفسه ، أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انساناً كان أو حيواناً ، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً ، أو يقع في الحرج بهلاكه عطشاً اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.

( الخامس ) : استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سواء كان في تحصيل الماء ، كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذلّه

٧٨

وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بحاله ـ والا وجب الشراء وان كان باضعاف قيمته ـ أم في نفس استعماله لشدة برودته ، أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أم فيما يلازم استعماله كما لو كان قليلاً لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع فرض حاجته اليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.

( السادس ) : ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.

( السابع ) : ان يكون مكلفاً بواجب أهم أو مساوٍ يستدعي صرف الماء الموجود فيه كازالة الخبث عن المسجد فانه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معاً فانه يتعين صرفه في ازالة الخبث وان كان الأولى فيه ان يصرف الماء في ازالة الخبث أولاً ، ثم يتيمم بعد ذلك.

( ما يصح به التيمم )

يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الارض من تراب أو رمل ، أو حجر أو مدر ، ومن ذلك ارض الجص والنورة وهكذا الجص المطبوخ ، والآجر والخزف ، ـ والأحوط الأولى ـ تقديم التراب على غيره مع الإمكان ، ويجوز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بان كان له جرم بنظر العرف وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم غيره عليه ، واذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ازالة شيء منه الا ما يتوقف على ازالته صدق المسح باليد ، واذا تعذر التيمم بالوحل أيضاً تعين التيمم بالشيء المغبر ـ أي ما يكون الغبار كامناً فيه ـ أو لا يكون له جرم بحيث يصدق

٧٩

عليه التراب الدقيق ـ كما تقدم ـ واذا عجز عنه أيضاً كان فاقداً للطهور وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويلزمه القضاء خارجه.

( مسألة 140 ) : إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه النوبة ، إلى التيمم بالطين أو الشيء المغبر ، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وان كان الأولى ان يتيمم باليابسة مع التمكن.

( مسألة 141 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ اعتبار علوق شيء مما يُتيمم به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الاملس الذي لا غبار عليه.

( مسألة 142 ) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وان كان اصله منها كالنباتات ، وبعض المعادن كالذهب والفضة ، ورماد غير الأرض ونحوها ، واذا اشتبه ما يصح به التيمم بشيء من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه الامتثال.

( كيفية التيمم وشرائطه )

( مسألة 143 ) : يجب في التيمم أمور :

(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ، ويكفي وضعهما عليها أيضاً ، ـ والأحوط وجوباً ـ ان يفعل ذلك دفعة واحدة.

(2) مسح الجبهة ، وكذا الجبينين ـ على الأحوط وجوباً ـ باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والى الحاجبين ـ والأحوط الأولى ـ مسحهما أيضاً.

(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى اطراف الاصابع ، والمسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى ـ والأحوط وجوباً ـ رعاية الترتيب بين مسح اليمنى واليسرى.

ويجتزئ في التيمم سواء كان بدلاً عن الوضوء ، أم الغسل بضرب

 

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

لأنّه بقر العلم أي شقّه، فعرف أصلَه وعرف خفيَّه... وهو تابعي جليل، إمام بارع، مُجْمَع على جلالته، معدود في فقهاء المدينة وأئمّتهم... ) (١) .

١١ - أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خِلّكان (ت: ٦٨١ هـ):

قال في ( وفيّات الأعيان ): (أبو جعفر محمّد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، الملقّب الباقر أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإماميّة، وهو والد جعفر الصادق...

كان الباقر عالماً سيّداً كبيرا، وإنما قيل له الباقر لأنه تَبَقَّرَ في العلم، أي توسّع، والتبقّر: التوسّع، وفيه يقول الشاعر:

يا باقرَ العلمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبّى على الأَجْبُلِ (٢) .

١٢ - ابن منظور المصري: (ت: ٧١١ هـ):

قال في ( لسان العرب ): ( والتبقّر: التوسّع في العلم، والمال. وكان يُقال لمحمّد بن علي بن الحسين بن علي الباقر، رضوان الله عليهم؛ لأنّه بقر العلم، وعرف أصلَه، واستنبط فرعَه، وتبقّر في العلم ) (٣) .

١٣ - شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ):

قال في ( العبر في خبر مَن غبر ): ( وكان من فقهاء المدينة، وقيل له الباقر؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه، وعرف أصلَه وخفيَّه ) (٤) .

____________________

(١) تهذيب الأسماء واللغات: ١ / ١٠٣، دار الفكر.

(٢) وفيات الأعيان: ٤ / ٣٠، دار الكتب العلميّة.

(٣) لسان العرب: ٤ / ٧٤، دار صادر.

(٤) العِبَر في خبر مَن غَبَر: ١ / ١٤٢، نشر مطبعة حكومة الكويت، سنة: ١٩٤٨ م.

٢٢١

وقال في ( سير أعلام النبلاء ) في الجزء الثالث عشر: ( أبو جعفر الباقر، سيّدٌ إمام، فقيهٌ يصلح للخلافة ) (١) .

وترجمه في الجزء الرابع وقال عنه: ( وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة... وشُهر أبو جعفر بالباقر، مِنْ: بَقَرَ العلم أي شقّه، فَعَرف أصلَه وخفيَّه، ولقد كان أبو جعفر إماماً مجتهداً تالياً لكتاب الله، كبير الشأن ) إلى أنْ قال: (وقد عدّه النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة، واتّفق الحفّاظ على الاحتجاج بأبي جعفر ) (٢) .

١٤ - صلاح الدين، خليل بن أيبك الصفدي (ت: ٧٦٤ هـ):

قال في ( الوافي بالوفيات ): ( الباقر رضي الله عنه، محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أبو جعفر الباقر سيّد بني هاشم في وقته... وكان أحد مَن جمع: العلم، والفقه، والديانة، والثقة، والسؤدد، وكان يصلح للخلافة، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر الذين يعتقد الرافضة عصمتهم، وسمّي الباقر؛ لأنّه بَقَرَ العلم أي شقّهُ، فعرف أصلَهُ وخفيَّهُ ) (٣) .

١٥ - عبد الله بن أسعد اليافعي (ت: ٧٦٨ هـ):

قال في ( مرآة الجنان ) عند ذكره حوادث سنة: (١١٤ هـ): ( وفيها تُوفّي أبو جعفر محمّد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

____________________

(١) سير أعلام النبلاء: ١٣ / ١٢٠، مؤسّسة الرسالة.

(٢) المصدر نفسه: ٤ / ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) الوافي بالوفيات: ٢ / ١٠٢، دار النشر: فرانز شتايز، شتوتغارت.

٢٢٢

رضوان الله عليهم، أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإماميّة، وهو والد جعفر الصادق، لُقّب بالباقر، لأنه بَقَرَ العلم أي شقّه وتوسّع فيه.. وفيه يقول الشاعر:

يا باقرَ العلمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ رَكِبَ (١) عَلَى الأجْبُلِ

وقال عبد الله بن عطاء: ما رأيتُ العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند محمّد بن علي... ) (٢) .

١٦ - الحافظ أبو الفداء، إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: ٧٧٤ هـ):

قال في ( البداية والنهاية ): ( وهو محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، وأمّه أمّ عبد الله بنت الحسن بن علي، وهو تابعي جليل، كبير القدر كثيراً، أحد أعلام هذهِ الأمة عِلماً وعَمَلاً وسيادةً وشرفاً...

حدّثَ عنه جماعة من كبار التابعين وغيرهم، فمَنْ روى عنه ابنه جعفر الصادق، والحَكَم بن عتيبة، وربيعة، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي والأوزاعي والأعرج وهو أسنّ منه، وابن جريج، وعطاء، وعمرو بن دينار، والزهري. وقال سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق، قال: حدّثني أبي، وكان خير محمّديّ يومئذ على وجه الأرض، وقال العجلي: وهو مدني تابعي ثقة، وقال محمّد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث ) (٣) .

وقال أيضاً: ( أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،

____________________

(١) لعلّ الأصح: لبّى.

(٢) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: ١ / ١٩٤ - ١٩٥، دار الكتب العلميّة.

(٣) البداية والنهاية: ٩ / ٣٣٨، مؤسّسة التاريخ العربي.

٢٢٣

كان أبوه علي زين العابدين، وجدّه الحسين قُتلا شهيدَين بالعراق (١) ، وسمّي بالباقر لبقره العلوم واستنباطه الحكم، كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوّة، رفيع النسب عالي الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، مُعرِضاً عن الجدال والخصومات ) (٢) .

١٧ - محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت: ٨١٧ هـ):

قال في: ( القاموس المحيط ): ( والباقر: محمّد بن علي بن الحسين، رضي الله تعالى عنهم، لتبحّر في العلم ) (٣) .

١٨ - محمّد بارساي البخاري (ت: ٨٢٢ هـ):

قال في ( فصل الخطاب ): ( ومن أئمّة أهل البيت أبو جعفر محمّد الباقر سمّي بذلك؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه فعرف أصلَه وعلم خفيَّه... وهو تابعيٌ جليل، إمام بارع، مجمع على جلالته وكماله... قال بعضهم: ما رأيت العلماء كان أقلّ علماً إلاّ عند الإمام محمّد الباقر ( رضي الله عنه ) ) (٤) .

١٩ - محمّد بن محمّد، شمس الدين الجزري (ت: ٨٣٣ هـ):

قال في ( غاية النهاية في طبقات القرّاء ): (محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر؛ لأنّه بقر العلم - أي شقّه - وعرف ظاهره

____________________

(١) الصحيح أنّ الإمام زين العابدين لم يُقتَل في كربلاء، بل أُخِذَ أسيراً إلى الشام.

(٢) المصدر نفسه: ٣٣٩.

(٣) القاموس المحيط: ١ / ٣٧٦.

(٤) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): ٢ / ٤٥٦، منشورات الشريف الرضي المصوّرة على الطبعة الحيدريّة، ١٩٦٥م.

٢٢٤

وخفيَّه، وكان سيّد بني هاشم عِلْمَاً وفضلاً وسنّة... ) (١) .

٢٠ - الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ):

قال في ( تهذيب التهذيب ): ( محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر الباقر، أمّه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب( عليه السلام )...

روى عنه ابنه جعفر، وإسحاق السبيعي، والأعرج، والزهري، وعمرو بن دينار، وأبو جهضم موسى بن سالم، والقاسم بن الفضل، والأوزاعي، وابن جريج، والأعمش، وشيبة بن نصاح، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن عطاء، وبسّام الصيرفي، وحرب بن سريج، وحجاج بن أرطاة، ومحمّد بن سوقة، ومكحول بن راشد، ومعمر بن يحيى بن بسّام، وآخرون.

قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث...

وقال العجلي: مدني، تابعي، ثقة.

وقال ابن البرقي: كان فقيهاً فاضلاً.

وذكره النّسائي في فقهاء أهل المدينة من التابعين: إلى أنْ قال: قال الزبير بن بكّار: كان يُقال لمحمّد الباقر، باقر العلم. وقال محمّد بن المنكدر: ما رأيت أحداً يُفَضَّلُ على علي بن الحسين حتّى رأيتُ ابنه محمّداً، أردتُ يوماً أنْ أَعِظَهُ فوعظني ) (٢) .

وقال في ( تقريب التهذيب ): (محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

____________________

(١) أورده الشيخ القرشي في ( حياة الإمام الباقر ): ١ / ١٠٤، نقلاً عن ( غاية النهاية ): ٢ / ٢٢٠.

(٢) تهذيب التهذيب: ٧ / ٣٣٠ - ٣٣١، دار الفكر.

٢٢٥

طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل من الرابعة) (١) .

٢١ - ابن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥ هـ):

قال في ( الفصول المهمّة ) عند حديثه عن الإمام الباقر ( عليه السلام ): ( وأمّا مناقبه فكثيرة عديدة، وأوصافه فحميدة جليلة ) (٢) ، وقال أيضاً: ( وكان محمّد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) مع ما هو عليه من العلم والفضل والسؤدد والرئاسة والإمامة، ظاهر الجود في الخاصّة والعامّة، مشهور الكرم في الكافّة، معروفاً بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسّط حاله ) (٣) .

٢٢ - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي (ت: ٨٧٤ هـ):

قال في ( النجوم الزاهرة ) في أحداث سنة: (١١٤ هـ): ( وفيها تُوفّي محمّد الباقر، كنيته: أبو جعفر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي العلوي، سيّد بني هاشم في زمانه ) (٤) .

٢٣ - شمس الدين محمّد بن طولون (ت: ٩٥٣ هـ):

قال في ( الأئمّة الاثنا عشر ): ( وهو أبو جعفر محمّد بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، الملقّب بالباقر، وهو والد جعفر الصادق، رضي الله عنهما.

____________________

(١) تقريب التهذيب: ٢ / ٥٤١، دار الفكر.

(٢) الفصول المهمّة: ٢٠١، دار الأضواء.

(٣) المصدر نفسه: ٢٠٤.

(٤) النجوم الزاهرة: ١ / ٥.

٢٢٦

كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً، وإنّما قيل له الباقر؛ لأنّه تبقّر في العلم، أي توسّع. والتبقّر التوسّع. وفيه يقول الشاعر:

يَا بَاقِرَ العِلْمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى عَلَى الجَبَلِ ) (١)

٢٤ - المحدّث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي المكّي (ت: ٩٧٤ هـ):

قال في ( الصواعق المحرقة ) - بعد أنْ ذكر أنّ علي بن الحسين تُوفّي عن أحد عشر ذَكَرَاً وأرْبَع بنات - ما نصّه: ( وارثه منهم عبادةً وعلماً وزهادة، أبو جعفر محمّد الباقر سمّي بذلك: مِن بَقَر الأرض أي شقّها وأثار مُخْبآتها ومكامِنَها؛ فلذلك هو أظهر مِن مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحِكَم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطَوِيَّة والسريرة، ومِن ثَمّ قيل فيه: هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، صفا قلبه وزكا علمه وعمله، وطهرتْ نفسه وشرف خُلُقُهُ وعمرتْ أوقاته بطاعة الله، وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذهِ العجالة، وكفاه شرفاً أنّ ابن المديني روى عن جابر أنّه قال له وهو صغير: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسلّم عليك، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: كنتُ جالساً عنده والحسين في حجره وهو يداعبه، فقال: ( يا جابر، يولد له مولود اسمه علي، إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم سيّد العابدين، فيقوم ولده، ثمّ يولد له ولد اسمه محمّد، فإنْ أدركتَه يا جابر فاقْرِئْهُ منّي السلام ) (٢) .

____________________

(١) الأئمّة الاثنا عشر: ٨١، منشورات الرضي.

(٢) الصواعق المحرقة: ٣٠٤، دار الكتب العلميّة.

٢٢٧

٢٥ - الملاّ علي القاري (ت: ١٠١٤ هـ):

قال في ( شرح الشف ): ( هو أبو جعفر الباقر، سُمّي به لتبقّره في العلم، أي لتوسّعه فيه... [ روى ] عنه ابنه جعفر الصادق، والزهري، وابن جريج، والأوزاعي وآخرون، أخرج له الأئمّة الستّة ) (١) .

٢٦ - أحمد بن يوسف القرماني (ت: ١٠١٩ هـ):

قال في ( أخبار الدول ): ( وإنّما سُمّي بالباقر؛ لأنّه بقر العلم، وقيل: لقّب بالباقر لِمَا روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا جابر، يوشَك أنْ تلحق بولدٍ لي مِن وُلد الحسين، اسمه كاسمي يبقر العلم بقراً، أي يفجّره تفجيراً، فإذا رأيته فاقرئه منّي السلام، قال جابر: فأخّر الله مدّتي حتّى رأيتُ الباقر، فَأَقْرَأْتُهُ السلام عن جدّه محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وكان خليفة أبيه مِن بين إخوته، ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده...

ولم يظهر عن أحد مِن وُلد الحسن والحسين مِن علم الدين والسنن، وعلم القرآن والسّير، وفنون الآداب، ما ظهر عن أبي جعفر الباقر.

روى عنه في معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين، وفيه يقول القرطبي:

يَا بَاقِرَ العِلْمِ لأَهْلِ التُقَى

وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى عَلَى الجَبَلِ )

إلى أنْ قال: وحدّثَ بعضهم قال: كنتُ بين مكّة والمدينة، فإذا أنا بشيء يلوح تارةً ويختفي أخرى، حتّى قرب منّي، فتأمّلْتُهُ فإذا هو غلام سباعي أو

____________________

(١) شرح الشفا: ١ / ٣٤٣، دار الكتب العلميّة.

٢٢٨

ثُماني، فسلّم عليّ فرددتُ عليه السلام، فقلتُ: مِمَّنْ أنت؟

قال: رجل عربي.

قلتُ: أَبِنْ لِي؟

قال: قرشي.

قلتُ: أَبِنْ لِي؟

قال: علوي، ثمّ أنشأ يقول:

وَنَحْنُ عَلَى الحَوْضِ رُوَّادُهُ

نَذُوْدُ وَتَسْعَدُ وُرَّادُهُ

فَمَا فَازَ مَنْ فَازَ إلاّ بَنَا

وَمَا خَابَ مَنْ حُبِّنَا زَادُهُ

فَمَنْ سَرّنا نَالَ مِنَّا السُرُوْرَ

وَمَنْ سَاءَنَا سَاءَ مِيْلاَدُهُ

وَمَنْ كَانَ غَاصِبَنَا حَقَّنَا

فَيَوْمَ القِيَامَةِ مِيْعَادُهُ

ثمّ قال: أنا محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ثمّ التفتُّ فلم أره، فلا أدري نزل في الأرض أَمْ صعد في السماء... ) (١) .

٢٧ - أبو الفلاح، عبد الحي بن أحمد بن محمّد ابن العماد الحنبلي (ت: ١٠٨٩ هـ):

قال في ( شذرات الذهب ) عند ذكره لأحداث سنة: (١١٤ هـ): ( وفيها تُوفّي السيّد أبو جعفر محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب...

وكان من فقهاء المدينة، وقيل له الباقر، لأنّه بقر العلم، أي شقّه، وعَرف أصله وخفيَّه، وتوسّع فيه، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة.

قال عبد الله بن عطاء: ما رأيتُ العلماء عند أحد، أصغر منهم علماً عنده. وله كلام نافع في الحكم والمواعظ... ) (٢) .

٢٨ - حسين بن محمّد الديار بكري (ت: ١١١١ هـ):

____________________

(١) أخبار الدول وآثار الأُوَل: ١ / ٣٣١، دار الكتب العلميّة.

(٢) شذرات الذهب في أخبار مَن ذَهَب: ١ / ٢٦٠، دار الكتب العلميّة.

٢٢٩

قال في ( تاريخ الخميس ): ( محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يُكَّنى أبا جعفر، ولُقّب بالباقر لتبقّره في العلم وتوسّعه فيه ) (١) .

وقال في أحداث سنة (١١٤ هـ): ( وفيها مات الإمام، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين العلوي، الباقر، الفقيه، وله ثمان وخمسون سنة ) (٢) .

٢٩ - محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: ١١٢٢ هـ):

قال في شرحه على موطّأ الإمام مالك: ( محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، الثقة، الفاضل، من سادات آل البيت ) (٣) .

٣٠ - الشيخ عبد الله بن عامر الشبراوي (ت: ١١٧١ هـ):

قال في ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ( الخامس من الأئمّة محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم... وكُنِّيَ أبا جعفر ولقّب بالباقر؛ لبقره العلم.

يُقال بَقَرَ الشيء: فجّره، سارت بذكر علومه الأخبار، وأُنشدت في مدائحه الأشعار، فمِنْ ذلك قول مالك الجهني فيه:

إِذَا طَلَبَ النَّاس عِلْمَ القُرْآنِ

كَانَتْ قُرَيْشٌ عَلَيْهِ عِيَالا

وإنْ فَاهَ فِيْهُ ابنِ بِنْتِ النبي

تلقّتْ يَدَاهُ فُرُوْعَاً طوالا

نجومٌ تُهَلِّلُ لِلْمُدْلِجِيْنَ

فَتَهْدِي بِأَنْوَارِهِنَّ الرِجَالا

____________________

(١) تاريخ الخميس: ٢ / ٢٨٦، دار صادر، مصوّر على منشورات مؤسّسة شعبان للنشر والتوزيع، بيروت.

(٢) المصدر نفسه: ٢ / ٣١٩.

(٣) شرح الزرقاني على موطّأ الإمام مالك: ٢ / ٤٠٣، دار الكتب العلميّة.

٢٣٠

ومناقبه رضي الله عنه باقية على ممرّ الأيّام وفضائله قد شهد له بها الخاصّ والعام وما أحقّه بقول الشاعر:

قَالَ فِيْه البَلِيْغ مَا قَالَ ذُو العي

وَكُلٌّ بِفَضْلِهِ مَنْطِيْق

وَكَذَاكَ العَدُوّ لَمْ يَعدُ أنْ قَا

لَ جَمِيْلاً فَمَا يَقُوْلُ الصَدِيْق

قال محمّد بن المنكدر: وما كنتُ أرى أنّ مثل علي بن الحسين يدع خلفاً يقاربه في الفضل حتّى رأيت ابنه محمّداً الباقر ) (١) .

٣١ - محمّد بن محمّد الزبيدي (ت: ١٢٠٥ هـ):

قال في ( تاج العروس ): ( والباقر ) لُقّب الإمام أبي عبد الله وأبي جعفر ( محمّد بن ) الإمام ( علي ) زين العابدين ( بن الحسين ) بن علي ( رضي الله تعالى عنهم ) وُلد بالمدينة سنة: ٥٧ من الهجرة، وأمّه: فاطمة بنت الحسن بن علي، فهو أوّل هاشمي وُلِدَ مِن هاشميَّيْن علوي من علويَّين، عاش سبعاً وخمسين سنة وتُوفّي بالمدينة سنة: ١١٤، ودُفِنَ بالبقيع عند أبيه وعمّه... وإنّما لُقّب به؛ ( لتبحّره في العلم ) وتوسّعه وفي اللسان لأنّه بقر العلم وعرف أصلَه واستنبط فرعه. قلتُ: وقد ورد في بعض الآثار عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: ( يُوشَك أنْ تبقى حتّى تلقى وَلَداً لي من الحسين يُقال له محمّد يَبْقُر العلمَ بقراً فإذا لقيتَه فَاقْرِئْهُ منّي السلام )، خرّجه أئمّة النسب ) (٢) .

____________________

(١) الإتحاف بحبّ الأشراف: ١٤٣ - ١٤٥، منشورات الرضي، طبعة مصوّرة على طبعة المطبعة الأدبيّة بمصر.

(٢) تاج العروس: ٣ / ٥٥، نشر مكتبة الحياة، بيروت.

٢٣١

٣٢ - محمّد بن علي الصبّان (ت: ١٢٠٦ هـ):

قال في ( إسعاف الراغبين ): ( وأمّا محمّد الباقر رضي الله عنه، فهو صاحب المعارف وأخو الدقائق واللطائف، ظهرتْ كراماته، وكثرتْ في السلوك إشاراتُه، لُقّب بالباقر؛ لأنّه بقر العلم أي شقّه، فعرف أصلَه وخفيَّه ) (١) .

٣٣ - أبو الفوز محمّد أمين السويدي (ت: ١٢٤٦ هـ):

قال في ( سبائك الذهب ): ( لقّب بالباقر لِمَا رَوى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( يولد مِن وُلد الحسين، اسمه كاسمي، يبقر العلم بَقْراً أي يفجّره تفجيراً، فإذا رأيتَه فَاقْرِئْهُ منّي السلام )، قال جابر رضي الله عنه: فأخّر الله مدّتي حتّى رأيتُ الباقر فَقَرَأْتُهُ السلام عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان خليفة أبيه من بين إخوته، ووصيّه، والقائم بالأمر مِن بعده... ولم يظهر عن أحد من أولاد الحسين مِن علم الدين والسنن وعلم السّير وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر رضي الله عنه ) (٢) .

٣٤ - يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت: ١٣٥٠ هـ):

قال في كتابه ( جامع كرامات الأولياء ): ( محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما، أحد أئمّة ساداتنا آل البيت الكرام، وأوحد أعيان العلماء الأعلام... ) (٣) .

____________________

(١) إسعاف الراغبين: ٢٥٠، مطبوع كهامش على ( نور الأبصار )، طبعة دار الفكر المصوّرة على الطبعة المصريّة لسنة: ١٩٤٨م.

(٢) سبائك الذهب: ٧٤، المكتبة العلميّة.

(٣) جامع كرامات الأولياء: ١ / ١٦٤، المكتبة الشعبيّة، بيروت.

٢٣٢

٣٥ - خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):

قال في كتابه ( الأعلام ): ( محمّد بن علي زين العابدين بن الحسين الطالبي الهاشمي القرشي، أبو جعفر الباقر، خامس الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة، كان ناسكاً عابداً، له في العلم وتفسير القرآن آراء وأقوال ) (١) .

هذا وقد تقدّم في ثنايا البحث أسماء مجموعة من العلماء لم نفرد لهم قولاً مستقلاًّ كالنسائي (٢) ، وابن البرقي (٣) ، والعجلي (٤) ، وعبد الله بن عطاء (٥) ، ومحمّد بن المنكدر (٦) ، وغيرهم. كما أنّ الكتب غصّت بترجمة الإمام ومدْحه وذكْر فضائله، وأجمع أهلُ الفنّ والمعرفة على جلالة قدْره، وعظمِ منزلته؛ لذا نكتفي بما ذكرناه توخّياً للاختصار وعدم الإطالة.

____________________

(١) الأعلام: ٦ / ٢٧٠، دار العلم للملايين.

(٢) انظر: ص ٢٢٢، ٢٢٥.

(٣) انظر: ص ٢٢٥.

(٤) انظر: ص ٢٢٣، ٢٢٥.

(٥) انظر: ص ٢٢٠، ٢٢٣، ٢٢٩.

(٦) انظر: ص ٢٢٥، ٢٣١.

٢٣٣

٢٣٤

الفصل الخامس

السادس من أئمّة أهل البيت

الصادق

جعفر بن محمّد عليه السلام

٢٣٥

٢٣٦

نافذة إلى معرفة الإمام عليه السلام

نفسٌ طاهرة زاكية، سمت نحو العليّ الأعلى، فأشرقتْ تُنير على الأفق صفحات خالدة من القِيَم والمبادئ والأخلاق والمكارم والعلوم المحمّديّة المباركة.

تلك هي نفس إمامنا جعفر بن محمّد الصادق الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه، حتّى قال أبو حنيفة: ( ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد ) (١) .

فقد انتشر اسمه في البلدان، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وتمتّع بأخلاق دَمِثَة نبويّة، ومكارم هاشميّة، ضاهت السماء علوّاً، فكان ولازال بحراً زاخراً تنهل البشريّة من نبْعه النقي الصافي وتغترف من جوده العلمي، وتسمو نحو الكمال بالاستقاء من صفاته المشرقة التي تحمل عطر النبوّة وفيض الرسالة الخالد.

فكان - بحقٍّ - مفخرة من مفاخر الإنسانيّة، ومعجزة من معاجز الدنيا الباقية على مرّ العصور وعبر الأجيال والدهور، جمعَ الفضائل كلّها، وحاز المكارم أجمعها، وملأ الدنيا بفيض علومه النيّرة.

فلْنتجوّل مع قُرَّائنا الكرام ونرى ما سطّرت الأقلام حول تلك الشخصيّة المباركة، ملتزمين بما نقله علماء وأعلام أهل السنّة.

وقبل أنْ نشرع في سرد كلماتهم، نُقدِّم للقارئ الكريم إلمامة سريعة بحياته ‌( عليه السلام ) فنقول:

____________________

(١) أرسله الصفدي إرسال المسلّمات في ( الوافي بالوفيات ): ١١ / ١٢٧، دار النشر فرانز شتايز، شتوتغارت.

٢٣٧

-هو: الإمام جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ).

-أمّه: أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، كانت من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء أهل زمانها (١) ، وفيها قال إمامنا الصادق ( عليه السلام ): ( كانت أمّي مِمَّن آمنتْ واتّقتْ وأحسنتْ والله يحبّ المحسنين ) (٢) .

-وُلد: ( عليه السلام ) بالمدينة المنوّرة سنة: ثلاث وثمانين من الهجرة (٨٣ هـ) (٣) ، وكان ميلاده مقترناً بذكرى ولادة الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل (٤) .

-كنيته: أبو عبد الله.

-وله ألقاب أشهرها: الصادق، ومنها: الصابر، والفاضل، والطاهر (٥) .

-تسلّم إمامة المسلمين: عند وفاة أبيه الباقر ( عليه السلام ) في سنة: (١١٤ هـ)، وكان له من العمر أحدى وثلاثون سنة.

-عاصر في أيّام إمامته : خمسة من حكّام بني أميّة، واثنين من حكّام بني العبّاس.

أمّا حكّام بني أميّة فهم: هشام بن عبد الملك، الوليد بن يزيد بن عبد الملك،

____________________

(١) عيون المعجزات: ٨٥.

(٢) أصول الكافي للكليني: ١ / ٥٤٥، دار التعارف للمطبوعات.

(٣) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٧٩، مؤسّسة آل البيت.

(٤) انظر: ( الدروس ) للشهيد الأوّل: ٢ / ١٢، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين.

(٥) انظر:( مطالب السؤول ): ٢ / ١١١، مؤسّسة أمّ القرى.

٢٣٨

يزيد بن الوليد بن عبد الملك، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم المعروف بمروان الحمار.

وأمّا حكّام بني العبّاس فهما: أبو العبّاس السفّاح، أبو جعفر المنصور.

-كان الإمام ( عليه السلام ): علماً بارزاً متفوّقاً على جميع أهل العلم والفضيلة، وازدهرتْ في عصره جامعة العلوم الإسلاميّة، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل (١) .

وقال الحسن بن علي الوشاء: ( أدركتُ في هذا المسجد - أي مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد ) (٢) .

-ولكثرة ما رُوي عنه وما بيّنه ( عليه السلام ) من أصول وفروعٍ لمذهب أهل البيت، سُمّي هذا المذهب بـ ( المذهب الجعفري ) ؛ نسبةً إلى اسمه الشريف.

-رحل إمامنا الصادق ( عليه السلام ): في شوّال سنة: (١٤٨ هـ) (٣) ، بعد جهاد فكري عقائدي مرير، ومعاناة شديدة من حكّام الجور، خصوصاً من أبي جعفر المنصور.

-دُفن ( عليه السلام ): في مقبرة البقيع مع أبيه وجدّه وعمّه الحسن ( عليهم السلام ) (٤) .

____________________

(١) انظر: ( الإرشاد ) للشيخ المفيد: ٢ / ١٧٩، مؤسّسة آل البيت.

(٢) رجال النجاشي: ٤٠، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين.

(٣) الإرشاد للمفيد: ٢ / ١٨٠، مؤسّسة آل البيت.

(٤) المصدر نفسه: ٢/١٨٠.

٢٣٩

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة وهي تُشيد بمقام الإمام الصادق ( عليه السلام ):

١ - الإمام أبو حنيفة النعمان: (ت: ١٥٠ هـ):

روي عنه أنّه قال: ( ما رأيتُ أحداً أفقه من جعفر بن محمّد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة، بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ له من مسائلك تلك الصعاب، قال: فهيّأتُ له أربعين مسألة، ثمّ بعث إليّ أبو جعفر فأتيتُه بالحيرة فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلمّا بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمتُ وأذِن لي، فجلستُ ثمّ التفت إلى جعفر، فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا؟ قال: نعم، هذا أبو حنيفة، ثمّ أتبعها قد أتانا. ثمّ قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله، وابتدأتُ أسأله، وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربّما تابعنا وربّما تابع أهل المدينة وربّما خالفنا جميعاً، حتّى أتيتُ على أربعين مسألة ما أخبرت منها مسألة، ثمّ قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ) (١) .

____________________

(١) رواه المزّي في ( تهذيب الكمال ): ج ٥، ص ٧٩، مؤسّسة الرسالة. والذهبي في سير أعلام النبلاء: ج ٦، ص ٢٥٧ - ٢٥٨، مؤسّسة الرسالة، وغيرهم، واللفظ الذي أوردناه منقول من ( التهذيب ).

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480