أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة12%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75441 / تحميل: 9279
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه ، وعلف الاُمّهات لا يسري إلى الأولاد.

ويبعد ما قيل في غنم مكّة ، لأنّها لو كانت متولّدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسِّمع المتولّد من الذئب والضبع(١) ، وكالبغال.

وقال الشافعي : لا تجب سواء كانت الاُمّهات من الظباء أو الغنم ، لأنّه متولّد من وحشي أشبه المتولّد من وحشيّين.

ولأنّ الوجوب إنّما يثبت بنصّ أو إجماع أو قياس ، والكلّ منفي هنا ، لاختصاص النصّ والإِجماع بالإِيجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها ، فإنّ المتولّد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النصّ ، ولا يمكن القياس ، لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما ، فإنه لا يجزئ في هدي ولا اُضحية ولا دية(٢) ، ولا نزاع معنا إذا لم يبق الاسم.

وقال أبو حنيفة ومالك : إن كانت الاُمّهات أهليةً وجبت الزكاة وإلّا فلا ، لأنّ ولد البهيمة يتبع اُمّه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة ، كما لو كانت الفحول معلوفةً(٣) . ونمنع التبعيّة في الاسم.

____________________

(١) اُنظر : الصحاح ٣ : ١٢٣٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥.

٨١

الفصل الثالث

في زكاة الغنم‌

الزكاة واجبة في الغنم بإجماع علماء الإِسلام.

قالعليه‌السلام : ( كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلّما انقضى آخرها عاد أولها حتى يقضي الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )(١) .

إذا ثبت هذا فإنّ شرائط الزكاة هنا كما هي في الإِبل والبقر بالإِجماع ، نعم تختلف في مقادير النصب ، والضأن والمعز جنس واحد بإجماع العلماء ، والظباء مخالف للغنم إجماعاً.

مسألة ٥٢ : أول نصاب الغنم : أربعون ، فلا زكاة فيما دونها‌ ، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون فلا شي‌ء في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، فلا زكاة في الزائد حتى تبلغ مائتين وواحدة ففيه ثلاث شياه ، والكلّ بالإِجماع.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٢ / ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨١.

٨٢

وحكي عن معاذ أنّ الفرض لا يتغيّر بعد المائة وإحدى وعشرين حتى تبلغ مائتين واثنتين وأربعين ليكون مثلَي مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياه(١) .

والإِجماع على خلافه ، على أنّ الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذاً(٢) .

الرابع : ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان : إحداهما : أنّه كالثالث ثلاث شياه ، فلا يتغيّر الفرض بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فتجب في كلّ مائة شاة ، وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٣) ، وهو قول أكثر الفقهاء ، والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه للسُّعاة : ( إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاةٌ إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كلّ مائةٍ شاة )(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها ، مات بالشام سنة ١٨.

والشعبي هو : عامر بن شراحيل أبو عمرو ، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.

اُنظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٧٨ ، الاستيعاب بهامش الإِصابة ٣ : ٣٥٥ - ٣٦٠ ، وتهذيب التهذيب ٥ : ٥٩ / ١١٠ و ١٠ : ١٧٠ / ٣٤٩.

(٣) المقنعة : ٣٩ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ١٢٣.

(٤) المجموع ٥ : ٤١٧ - ٤١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، اللباب ١ : ١٤٢ ، المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

٨٣

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة »(١) .

الثانية(٢) : أنّها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه ، ثم لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ خمسمائة ، وهو اختيار الشيخ -(٣) رحمه‌الله - وأحمد في الرواية الاُخرى ، وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي(٤) .

لقول الباقرعليه‌السلام في الشاة : « في كلّ أربعين شاةً شاةٌ ، وليس فيما دون الأربعين شاةً شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زاد على عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة ، فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة شاة »(٥) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثمائة حدّاً للوقص وغايةً له(٦) ؛

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

(٢) أي : الرواية الثانية.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢١ ، المسألة ١٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢ / ٦١ ، وفيها عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

(٦) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٦.

٨٤

فتجب أن يتعقّبه النصاب كالمائتين.

إذا ثبت هذا ، فلا خلاف في أنّ في أربعمائة أربع شياه ، وفي خمسمائة خمس ، وهكذا بالغاً ما بلغت.

* * *

٨٥

الفصل الرابع

في الأشناق‌

الشّنق بفتح النون : ما بين الفرضين(١) ، والوقص قال الفقهاء : بسكون القاف(٢) .

وقال بعض أهل اللغة : بفتحه(٣) ، لأنّه يجمع على ( أوقاص ) و ( أفعال ) جمع ( فَعَلْ ) لا جمع ( فَعْلْ ) فإنّ ( فَعْلاً ) يجمع على ( أفْعُل ).

وقد جاء - كما قال الفقهاء - هول وأهوال ، وحوْل وأحوال ، وكبْر وأكبار ، وبالجملة فهو ما بين النصابين(٤) أيضاً.

قال الأصمعي : الشنق يختص بأوقاص الإِبل ، والوقص بالبقر والغنم(٥) .

وبعض الفقهاء يخصّ الوقص بالبقر أيضاً ، ويجعل ناقص الغنم والنقدين والغلّات عفواً ، وكلّ ذلك لفظي.

وقيل : الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر ،

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٠٣.

(٢) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

(٣ و ٤ ) الصحاح ٣ : ١٠٦١.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

٨٦

والشنق ما دون الفريضة كالأربع من الإِبل(١) .

مسألة ٥٣ : ما نقص عن النصاب الأول لا شي‌ء فيه‌ إجماعاً ، وكذا ما بين النصابين عند علمائنا ، وإنّما تتعلّق الزكاة بالنصاب خاصّة - وبه قال الشافعي في كتبه القديمة والجديدة ، وأبو حنيفة ، والمزني(٢) - لأنّه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة ، فلا تتعلّق به كالأربع.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى يبلغ أربعين - إلى أن قالاعليهما‌السلام - وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء »(٣) .

وقال الشافعي في الإِملاء : تتعلّق الزكاة بالنصاب وبما زاد عليه من الوقص ، وبه قال محمد بن الحسن.

لقولهعليه‌السلام : ( فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض )(٤) .

ولأنّه حقّ يتعلّق بنصاب فوجب أن يتعلّق به وبما زاد عليه إذا وجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة(٥) .

والنصّ أقوى من المفهوم والقياس.

فعلى قولنا ، لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩١ و ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧ - ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٩ ، اللباب ١ : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ - ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٤ / ١٧٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩ و ٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١١ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ و ٥٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨.

٨٧

التمكّن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شي‌ء ، لأنّ التالف لم تتعلّق الزكاة به ، ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة ، لأنّ الاعتبار بتلف جزء من النصاب ، وإنّما تلف من النصاب ربعه.

فروع :

أ - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده وبعد إمكان الأداء يجب جميع الفرض ، لأنّه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن ، وإن تلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف.

وللشافعي قولان بناءً على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان ، فعلى الأول لا شي‌ء ، لنقصه قبل الوجوب(١) .

ب - لو كان معه تسع من الإِبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الإِمكان وجبت الشاة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وإن كان بعد الحول وقبل الإِمكان فكذلك عندنا.

وعند الشافعي كذلك على تقدير أن يكون الإِمكان شرطاً في الوجوب ، لأنّ التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له ، وعلى تقدير أن يكون من شرائط الضمان فكذلك إن لم تتعلّق بمجموع النصاب والوقص ، وإن تعلّقت بهما سقط قدر الحصّة أربعة أتساع الشاة(٤) .

وقال بعضهم - على هذا التقدير - : لا يسقط شي‌ء ، لأنّ الزيادة لمـّا لم تكن شرطاً في وجوب الشاة لم يسقط شي‌ء بتلفها وإن تعلّقت بها ، كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شي‌ء ، ولو رجع خمسة وجب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) في نسخة « ط » : الزكاة.

(٣ و ٤ ) المجموع ٥ : ٣٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

٨٨

عليهم الضمان ، لنقص ما بقي من العدد المشترط(١) .

ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة ، وإن كان بعده وقبل إمكان الأداء سقط خمس الشاة ، وبه قال الشافعي على تقدير أنّ الإِمكان من شرائط الضمان وتعلّق الزكاة بالنصاب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الوجوب فكقبل الحول لنقص النصاب قبل الوجوب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الضمان وتعلّق الزكاة بالمجموع تسقط خمسة أتساع الشاة(٢) .

د - لو كان معه خمس وعشرون وأوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل إمكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض - وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطاً في الضمان(٣) ، وأبو يوسف ومحمد(٤) - لأنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض ، فإذا تلف البعض لم يتغيّر الفرض ، بل كان التالف منه ومن المساكين.

وقال أبو حنيفة : تجب أربع شياه(٥) . فجعل التالف كأنّه لم يكن.

قال الشيخ : لو كان معه ستّ وعشرون فهلك خمس قبل الإِمكان فقد هلك خُمس المال إلّا خُمس الخُمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها ، وعلى المساكين خُمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها(٦) .

ه- حكم غير الإِبل حكمها في جميع ذلك ، فلو تلف من نصاب الغنم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨ - ٣٩.

(٤ و ٥ ) حلية العلماء ٣ : ٣٩.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤‌

٨٩

شي‌ء سقط من الفريضة بنسبته.

وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كلّ واحد شاة؟

احتمالان(١) ، فعلى الأول لو تلف شي‌ء بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزّع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف.

مسألة ٥٤ : لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة‌ سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف ، بل يزكّى كلٌّ منهما زكاة الانفراد ، فإن كان نصيب كلّ منهما نصاباً وجب عليه زكاة بانفراده.

وإن كان المال مشتركاً كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنّه يجب على كلّ واحد منهما شاة بانفراده.

ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شي‌ء فيها )(٣) .

وقال : ( ليس على المرء في ما دون خمس ذود من الإِبل صدقة )(٤) ولم يفصّل.

وقالعليه‌السلام : « في أربعين شاةً شاةٌ »(٥) .

____________________

(١) ورد في النُسخ الخطية : احتمال. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية هو الصحيح.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥ ، و ١٠٠ بتفاوت يسير.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ / ٩٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٤ و ١٠٧ و ١٢٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

٩٠

فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان.

ولأنّ ملك كلّ واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب عليه الزكاة ، كما لو كان منفرداً.

وقال الشافعي : الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بأن يكون ملك كلّ منهما متميّزاً عن الآخر ، وإنّما اجتمعت ماشيتهما في المرعى والمسرح - على ما يأتي(١) - سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلاً أربعون شاةً لكلّ منهم شاة ، وبه قال عطاء والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٣) أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرّق فإنّه إذا كان للواحد يجمع للزكاة وإن تفرّقت أماكنه ، وقوله : ( ولا يفرّق بين مجتمع ) يقتضي إذا كان لجماعة لا يفرّق ، ونحن نحمله على أنّه لا يجمع بين متفرّق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد فلا يفرّق بين مجتمع في الملك فإنّ الزكاة تجب على الواحد وإن تفرّقت أمواله.

وقال مالك : تصحّ الخلطة إذا كان مال كلّ واحد منهما نصاباً(٤) .

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة (٥٥).

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٢ - ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦٠ - ٦١ ، الاُم ٢ : ١٤ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

٩١

وحكى بعض الشافعيّة عن الشافعي وجها آخر : أنّ العبرة إنّما هي بخلطة الأعيان دون خلطة الأوصاف(١) .

مسألة ٥٥ : قد بيّنا أنّه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها‌ - خلافاً للشافعي ومن تقدّم(٢) - فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة ، لعدم الحكم.

أمّا الشافعي فقد شرط فيها أموراً :

الأول : أن يكون مجموع المالين نصاباً.

الثاني : أن يكون الخليطان معاً من أهل فرض الزكاة ، فلو كان أحدهما ذمّيّاً أو مكاتباً لم تؤثّر الخلطة ، وزكّى المسلم والحرّ كما في حالة الانفراد ، وهذان شرطان عامّان ، وفي اشتراط دوام الخلطة السنة؟ ما يأتي.

وتختصّ خلطة الجوار باُمور :

الأول : اتّحاد المسرح ، والمراد به المرعى.

الثاني : اتّحاد المراح ، وهو مأواها ليلاً.

الثالث : اتّحاد المشرع وهو أن يرد غنمهما ماءً واحداً من نهر أو عين أو بئر أو حوض.

وإنّما شرط(٣) اجتماع المالين في هذه الاُمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك [ الواحد ](٤) وليس المقصود أن لا يكون لها إلّا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات ، بل يجوز تعدّدها لكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمسرح ومراح ، وماشية الآخر بمسرح ومراح.

الرابع : اشتراك المالين في الراعي أو الرعاة - على أظهر الوجهين عنده - كالمراح.

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، المجموع ٥ : ٤٣٣.

(٢) تقدّم ذكرهم في المسألة السابقة (٥٤).

(٣) في نسختي « ن وف » : شرطوا.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

٩٢

الخامس : اشتراكهما في الفحل ، فلو تميّزت ماشية أحدهما بفحولة ، وماشية الآخر باُخرى فلا خلطة - على أظهر الوجهين - عنده.

السادس : اشتراكهما في موضع الحلب ، فلو حلب هذا ماشيته في أهله ، والآخر في أهله فلا خلطة(١) .

وهل يشترط الاشتراك في الحالب والمحلب؟ أظهر الوجهين عنده عدمه ، كما لا يشترط الاشتراك في الجازّ وآلات الجزّ(٢) .

وإن شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط اللبن؟ وجهان ، أصحهما عنده : المنع ، لأدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما(٣) .

وقيل : لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وإن اختلف أكلهم(٤) .

وربما يفرّق بأنّ كلّ واحد يدعو غيره إلى طعامه فكان إباحةً ، بخلافه هنا.

وهل يشترط نيّة الخلطة؟ وجهان عندهم : الاشتراط ، لأنّه معنى يتغيّر به حكم الزكاة تخفيفاً كالشاة في الثمانين ، ولو لا الخلطة لوجب شاتان ، وتغليظاً كالشاة في الأربعين ، ولولاها لم يجب شي‌ء فافتقر إلى النيّة ، ولا ينبغي أن يغلظ عليه من غير رضاه ، ولا أن ينقص حقّ الفقراء إذا لم يقصده.

والمنع ، لأنّ تأثير الخلطة لخفّة المؤونة باتّحاد المرافق وذلك لا يختلف‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٢ - ٣٩٤ ، الاُم ٢ : ١٣ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٨ - ٥٣٠.

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٨ - ٣٩٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩.

٩٣

بالقصد وعدمه(١) .

وهل يشترط وجود الاختلاط في أول السنة واتّفاق أوائل الأحوال؟

قولان(٢) .

وفي تأثير الخلطة في الثمار والزرع ثلاثة أقوال له : القديم : عدم التأثير ، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والرعي )(٣) وإنّما تتحقّق في المواشي.

والجديد : عدمه(٤) ، وتأثير خلطة الشيوع دون الجوار(٥) ، فعلى الجديد تؤثّر ، لحصول الاتّفاق باتّحاد العامل والناطور(٦) والنهر الذي تسقى منه.

وقال بعض أصحاب مالك : لا يشترط من هذه الشروط شي‌ء سوى الخلطة في المرعى ، وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضاً(٧) ، والكلّ عندنا باطل.

فروع على القول بشركة الخلطاء :

أ - إذا اختلطا خلطة جوار ولم يمكن أخذ مال كلّ منهما من ماله كأربعين لكُلٍّ عشرون ، أخذ الساعي شاةً من أيّهما كان ، فإن لم يجد الواجب إلّا في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٦ وفيهما : ( الراعي ) بدل ( الرعي ).

(٤) أي عدم عدم التأثير الملازم للثبوت.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٧١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٤٣ ، بلغة السالك ١ : ٢١٠ - ٢١١ ، المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٤.

(٦) الناطور : حافظ الزرع والثمر والكرم. لسان العرب ٥ : ٢١٥ « نطر ».

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٧ و ١٣٨ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢.

٩٤

مال أحدهما أخذ منه.

وإن أمكن أخذ ما يخصّ كلّ [ واحد ](١) منهما لو انفرد فوجهان : أن يأخذ من كلّ منهما حصّة ماله ليغنيهما عن التراجع ، وأن يأخذ من عرض المال ما يتّفق ، لأنّهما مع الخلطة كمال واحد ، والمأخوذ زكاة جميع المال(٢) .

فعلى هذا لو أخذ من كلّ منهما حصّة ماله بقي التراجع بينهما ، فإذا أخذ من هذا شاةً ، ومن هذا اُخرى رجع كلٌّ منهما على صاحبه بنصف قيمة ما اُخذ منه.

ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما ، وثلاثون للآخر ، فالتبيع والمسنّة واجبان على الشيوع ، على صاحب الأربعين أربعة أسباعهما ، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما.

فإن أخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس.

ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنّة من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الآخر ، والآخر بقيمة أربعة أسباع المسنّة على الأول.

وإن أخذ المسنّة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنّة على الآخر ، والآخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع ، هذا كلّه في خلطه الجوار.

أمّا خلطة الأعيان فالأخذ منه يقع على حسب ملكهما ، فلو كان لهما ثلاثمائة من الإِبل فعليهما ستّ حقاق ولا تراجع.

ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة ، وهذا‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الوجهان للشافعية ، راجع فتح العزيز ٥ : ٤٠٨.

٩٥

يأتي على مذهبنا.

ب - لو ورثا أو ابتاعا شائعاً وأداما الخلطة زكّيا - عندهم - زكاة الخلطة ، وكذا لو ملك كلٌّ منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب(١) .

ولو انعقد الحول على مال كلّ منهما منفرداً ثم طرأت الخلطة ، فإن اتّفق الحولان بأن ملكا غرّة المحرّم وخلطا غرّة صفر ، ففي الجديد : لا يثبت حكم الخلطة في السنة الاُولى - وبه قال أحمد - لأنّ الأصل الانفراد ، والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد ، وتجب على كلّ منهما شاة إذا جاء المحرّم(٢) .

وفي القديم - وبه قال مالك - ثبوت حكم الخلطة نظراً إلى آخر الحول ، فإنّ الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول ، فيجب على كلّ منهما نصف شاة إذا جاء المحرّم(٣) .

ولو اختلف الحولان ، فملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر وخلطا غرّة ربيع ، فعلى الجديد ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة.

وعلى القديم ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول نصف شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة.

ثم في سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين ، فعلى الأول عند غرّة كلّ محرّم نصف شاة ، وعلى الثاني عند غرّة كلّ صفر كذلك ، وبه قال مالك وأحمد(٤) .

وقال ابن سريج : إنّ حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال ، بل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٤٤١.

(٢ و ٣ ) المجموع ٥ : ٤٤٠ ، الوجيز ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٣ - ٤٤٦ ، المغني ٢ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٤٧ - ٤٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٠ - ٤٤١.

٩٦

يزكّيان زكاة الانفراد أبداً(١) .

ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون الآخر كما لو ملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر ، وكما ملك خلطا ، فإذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم(٢) .

وأمّا الثاني فإذا جاء صفر فعليه نصف شاة - في القديم - وفي الجديد ، وجهان : شاة ، لأنّ الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول ، وأظهرهما : نصف شاة ، لأنّه كان خليطاً في جميع الحول ، وفي سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلّا عند ابن سريج(٣) .

ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ، ثم باع بعد ستّة أشهر نصفها مشاعاً ، فالظاهر أنّ الحول لا ينقطع ، لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك ، فإذا مضت ستّة أشهر من وقت البيع فعلى البائع نصف شاة ولا شي‌ء على المشتري إن أخرج البائع واجبة من المشترك ، لنقصان النصاب.

وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في الذمة ، فعليه أيضاً نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا : تتعلّق بالعين ففي انقطاع حول المشتري قولان : أرجحهما : الانقطاع ، لأنّ إخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لا أنّه يمنع الزوال(٤) .

ج - إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة ، واُخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد [ بها ](٥) ففيما يخرجان الزكاة؟ قولان مبنيّان على أنّ الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٢.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٩٧

كلّ ما في ملكه ؛ لأنّ الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضمّ بعضه إلى بعض وإن تفرّقت أماكنه ، فعلى هذا كان صاحب الستّين خلط جميع ماله بعشرين ، فعليه ثلاثة أرباع شاة ، وعلى الآخر ربعها.

أو أنّها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط ، لأنّ خفّة المؤونة إنّما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة ، فعلى صاحب العشرين نصف شاة ، لأنّ جميع ماله خليط عشرين ، وفي أربعين شاة ، فحصّة العشرين نصفها(١) .

وفي صاحب الستّين وجوه : أصحّها عنده : أنه يلزمه شاة ، لأنّه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلّب حكم الانفراد ، كما لو انفرد بالمال في بعض الحول فكأنّه منفرد بجميع الستّين ، وفيها شاة.

والثاني : يلزمه ثلاثة أرباع شاة ، لأنّ جميع ماله ستّون ، وبعضه مختلط حقيقةً ، وملك الواحد لا يتبعّض حكمه فيلزم إثبات حكم الخلطة للباقي ، فكأنّه خلط جميع الستّين بالعشرين ، وواجبها شاة حصّة الستّين ثلاثة أرباعها.

الثالث : يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، ففي الأربعين حصّتها من الواجب لو انفرد بالكلّ وهو شاة حصّة الأربعين ثُلثا شاة ، وفي العشرين حصّتها من الواجب لو خلط الكلّ وهي ربع شاة لأنّ الكلّ ثمانون ، وواجبها شاة.

الرابع : أنّ عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة ، كما أنّه واجب خليطه في ماله ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله.

الخامس : أنّ عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين ، كما لو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

٩٨

كانا لمالكين(١) .

ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكلّ منهما أربعون منفردة ، إن قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة ، لأنّ الكلّ مائة وعشرون

وإن قلنا بخلطة العين فوجوه : أصحها : أنّ على كلّ منهما شاة.

الثاني : ثلاثة أرباع ، لأنّ كلّاً منهما يملك ستّين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكلّ ، والكلّ ثمانون ، حصّة ستّين ما قلنا.

الثالث : على كلّ منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين الاعتبارين ، فيقدّر كلّ واحد منهما كأنّه منفرد بالستّين ، وفيها شاة ، فحصّة الأربعين منها ثُلثا شاة ، ثم يقدّر أنّه خلط جميع الستّين بالعشرين والمبلغ ثمانون ، وفيها شاة ، فحصّة العشرين منها ربع شاة.

وقيل : على كلّ واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب ما لو كان جميع المالين مختلطاً وهو مائة وعشرون وواجبها شاة ، فحصة العشرين سدس شاة وفي الأربعين ثُلثا شاة(٢) .

الرابع : على كلّ منهما شاة وسدس شاة ، نصف شاة في العشرين المختلطة قصراً لِحكم الخلطة على الأربعين ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة.

الخامس : على كلّ واحد شاة ونصف شاة ، شاة للأربعين المنفردة ، ونصف للعشرين المختلطة(٣) .

د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا يملك غيرها ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، الوجيز ١ : ٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧١ - ٤٧٣.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٧٤.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٥.

٩٩

وعشرين بعشرين لآخر كذلك ، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة ، لأنّه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون ، وحصّة الأربعين منها النصف ، وكلّ واحد من خليطيه يضمّ ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين.

وهل يضمّه إلى مال الآخر؟ وجهان : الضمّ ، لينضمّ الكلّ في حقّهما كما انضمّ في حق صاحب الأربعين ، فعلى كلّ واحد منهما ربع شاة.

والعدم ، لأنّ كلّاً منهما لم يخالط الآخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكلِّ واحد منهما ، فعلى كلّ واحد ثُلث شاة.

وإن قلنا بخلطة العين فعلى كلّ من الآخَرَين نصف شاة ، لأنّ مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون(١) .

وفي صاحب الأربعين وجوه :

أحدها : تلزمه شاة تغليباً للانفراد وإن لم يكن منفرداً حقيقةً لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ، ويغلب حتى يصير كالمنفرد بالباقي أيضاً ، وكذا بالإِضافة إلى الخليط الثاني فكأنّه لم يخالط أحداً.

الثاني : يلزمه نصف شاة ، تغليباً للخلطة ، فإنّه لا بدّ من إثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقةً ، واتّحاد المال يقتضي ضمّ أحد ماليه إلى الآخر ، فكلّ المال ثمانون ، فكأنّه خلط أربعين بأربعين.

الثالث : يلزمه ثُلثا شاة جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، بأن يقال : لو كان جميع ماله مع [ مال ](٢) زيد لكان المبلغ ستّين وواجبها شاة ، حصّة العشرين الثُلث ، وكذا يفرض في حقّ الثاني فيجتمع عليه ثُلثان(٣) .

مسألة ٥٦ : قد بيّنا أنّه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وإن تعدّدت‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٦ - ٤٧٧.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٧ - ٤٧٨.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

هاشم جعفر بن محمّد الصادق أبو عبد الله العلوي المدني ) (١) .

٤٣ - محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: ١١٢٢ هـ):

قال في ( شرحه على موطّأ الإمام مالك ): ( جعفر بن محمّد، أبو عبد الله، فقيه صدوق إمام، مات سنة: ثمان وأربعين ومئة ) (٢) .

٤٤ - الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي (ت: ١١٧١هـ):

قال في كتابه ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ( السادس من الأئمّة جعفر الصادق، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة، روى عنه الحديث أئمّة كثيرون مثل: مالك بن أنس، وأبي حنيفة، ويحيى بن سعيد، وابن جريج، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وغيرهم رضي الله عنهم، وُلد رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة سنة: ثمانين من الهجرة، وغررُ فضائله وشرفه على جبهات الأيّام كاملةٌ. وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة. وتُوفِّي رضي الله عنه سنة: ثمان وأربعين ومئة في شوّال، يٌقال إنّه مات بالسُمّ في أيّام المنصور، ودُفِنَ بالبقيع في القبّة التي دُفِنَ فيها أبوه وجدّه... ) (٣) .

٤٥ - محمّد أمين السويدي (ت: ١٢٤٦ هـ):

قال في ( سبائك الذهب ): ( جعفر الصادق، كان من بين أخوته خليفة أبيه

____________________

(١) تاريخ الخميس: ٢ / ٣٢٥، دار صادر المصوّرة على الطبعة الوهبيّة بمصر لسنة: ١١٨٣ هـ.

(٢) شرح الزرقاني على موطّأ الإمام مالك: ٢ / ٤٠٣، دار الكتب العلميّة.

(٣) الإتحاف بحبّ الأشراف: ١٤٦ - ١٤٧، منشورات الرضي، الطبعة المصوّرة على النسخة المطبوعة بالمطبعة الأدبيّة بمصر.

٢٦١

ووصيّه، نُقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره، وكان إماماً في الحديث... ) (١) .

٤٦ - خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):

قال في كتابه ( الأعلام ): ( جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقّب بالصادق: سادس الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة.

كان من أجلاّء التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقّب بالصادق؛ لأنّه لم يُعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العبّاس وكان جريئاً عليهم صدّاعاً بالحقّ، له ( رسائل ) مجموعة في كتاب، ورد ذكرها في ( كشف الظنون )، يُقال إنّ جابر بن حيّان قام بجمعها. مولده ووفاته بالمدينة ) (٢) .

٤٧ - محمود بن وهيب البغدادي ( لم نعثر على سنة وفاته ):

قال في ( جوهرة الكلام ): ( جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكنيته أبو عبد الله، وقيل أبو إسماعيل، وألقابه: الصادق، والفاضل، والطاهر، وأشهرها الأوّل، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمّة الكبار كيحيى، ومالك، وأبي حنيفة ) (٣) .

____________________

(١) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ٧٤، المكتبة العلميّة.

(٢) الأعلام: ٢ / ١٢٦، دار العلم للملايين.

(٣) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: ١ / ٥٩ عن ( جوهرة الكلام ): ٥٩.

٢٦٢

تنبيه

* قال ( أسد حيدر ) في كتابه ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) حول نسبة الزجر والفال إلى الإمام الصادق عليه السلام:

( وهذا من الخطأ والاشتباه، وإنّما الإمام يستشف ما وراء الحجب باستقراء الحوادث السياسيّة، وينظر المستقبل بحكمته وصفاء بطنه، يخبر بالحوادث قبل وقوعها، وقد أخبر بأنّ الخلافة للسفّاح ومن بعده للمنصور وتبقى في أولاده من بعده، وأخبر بمقتل محمّد وإبراهيم على يد المنصور.

وكان معارضاً لبيعة محمّد في المؤتمر الذي عقده الهاشميّون من عباسيّين وعلويّين لبيعة محمّد بن عبد الله، وقال لعبد الله بن الحسن: لا تفعلوا فإنّ الأمر لم يأتِ بعد، فقال عبد الله: لقد عملتَ خلاف ما تقول، قال الصادق: لا، ولكن هذا وأبناؤه دونك، وضرب بيده على أبي العبّاس، ثمّ نهض فأتبعه عبد الصمد بن علي وأبو جعفر المنصور فقالا له: أتقول ذلك؟ قال: نعم، أقوله والله وأعلمه.

وليس في وسعنا بسط القول في علمهم ( عليهم السلام ) وانكشاف حقائق الأشياء لهم، فقد أخبروا بكثير من الحوادث قبل وقوعها، وقد صدر عن الصادق كثير من ذلك ممّا لا يتّسع المجال لذكره.

وأمّا نسبة الزجر والفال إليه فهو خطأ نشأ من اشتباه في الاسم وتقارب في الزمن، وذلك أنّ جعفر بن محمّد البلخي المعروف بأبي معشر الفلكي كان مشهوراً بالزجر والفال وأستاذ عصره في التنجيم، ونقل الناس أخباره وشاع ذكره.

٢٦٣

قال ابن كثير: والظاهر أنّ الذي نَسب إلى جعفر بن محمّد الصادق مِن علم الفال، واختلاج الأعضاء، إنّما هو منسوب إلى جعفر بن أبي معشر، هذا وليس بالصادق وإنّما يغلطون (١) ) (٢) .

* تلك كانت مجموعة من كلمات علماء أهل السنّة في مدح الإمام سلام الله عليه، وثمّة توثيقات للإمام من علماء آخرين لم نفرد لهم عناوين مستقلّة، نشير إليهم هنا إتماماً للفائدة، وهم:

١ - محمّد بن إدريس الشافعي (٣) .

٢ - النّسائي (٤) .

٣ - يحيى بن معين (٥) .

٤ - أبو زرعة (٦) .

____________________

(١) نسبه أسد حيدر إلى البداية والنهاية: ١١ / ٥١، لكنّ الذي عثرنا عليه يختلف قليلاً عمّا في المتن، فقد جاء في البداية والنهاية: ١١ / ٦٠، مؤسّسة التاريخ الإسلامي: والظاهر أنّ الذي نَسب إلى جعفر بن محمّد الصادق مِن علم الرجز والطرف واختلاج الأعضاء... الخ ) ولعلّ الرجز هنا اشتباهاً والأصحّ هو الزجر.

(٢) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ١ / ٦٣ - ٦٤، دار الكتاب العربي.

(٣) نقل قوله الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ): ٦ / ٢٥٦ - ٢٥٧، مؤسّسة الرسالة. وابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): ٢ / ٦٩، دار الفكر، وغيرهما.

(٤) نقل قوله ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): ٢ / ٦٩، دار الفكر.

(٥) نقل قوله الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ٦ / ٢٥٧، مؤسّسة الرسالة. وابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): ٢ / ٦٩، دار الفكر.

(٦) نقل قوله الرزاي في ( الجرح والتعديل ) ٢ / ٤٨٧، دار الفكر.

٢٦٤

٥ - ابن أبي خيثمة (١) .

فاتّضح - إذن - إجماع العلماء على جلالة قدره وعظم منزلته، ومَن يراجع، يجد مزيداً من الكلمات في مدْحه والثناء عليه.

____________________

(١) نقل قوله ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): ٢ / ٦٩، دار الفكر.

٢٦٥

٢٦٦

الفصل السادس

السابع من أئمّة أهل البيت

الكاظم

موسى بن جعفر عليه السلام

٢٦٧

٢٦٨

نافذة إلى معرفة الإمام عليه السلام

صَفَتْ نفسُه الطاهرة، وخلُصتْ سريرتُه، فكان أحد كواكب البيت النبوي يُضيء طريق الأجيال ويُنوِّر ظلمات الدنيا بعطائه السيّال... تألّق نجمُه في عنان السماء، وارتقى إلى مشارف العُلى، علماً وحلماً، شجاعة وسماحة، فضلاً وكرماً... مضافاً إلى انقطاعه التام إلى الله سبحانه وتعالى، فصار مهوىً للقلوب والأفئدة؛ ولذلك تسابقت الأقلام على مختلف انتماءاتها تُشيدُ بفضله وتذكر مناقبَه، وتبيّن علوَّ شأنه...

وقبل أنْ نغور في سرْد كلمات علماء أهل السنّة في مدحه والثناء عليه، نحاول أنْ نقدّم بين يدي القارئ الكريم إلمامة سريعة بحياة الإمام سلام الله عليه، فنقول:

-هو: الإمام موسى بن جعفر الصادق بن محمَّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ).

-أمّه: حميدة البربريّة، ويُقال لها: حميدة المُصفّاة (١) ، كانت من خيار النِّساء، وقد مدحها الإمام الصادق ( عليه السلام ) بكلمات تكشف عن عظمتها وسمُوّ قدرها، فقال: ( حميدة مُصَفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالتْ الأملاك تحرسها حتّى أُدّيَت إليّ كرامةً من الله لي والحُجّة من بعدي ) (٢) .

____________________

(١) إعلام الورى للطبرسي: ٢/ ٦، مؤسّسة آل البيت.

(٢) أُصول الكافي للكليني: ١/ ٥٥٠، دار التعارف للمطبوعات.

٢٦٩

-وُلِدَ ( عليه السلام ): بالأبواء (١) لسبعٍ خلوْن من صفر، سنة: ثمان وعشرين ومئة (٢) .

-كنيته: أبو الحسن، وهو أبو الحسن الأوّل، وأبو إبراهيم، وأبو علي، ويُعرَف بالعبد الصالح، والكاظم ( عليه السلام ) (٣) .

-تسلّم إمامة المسلمين: بعد وفاة أبيه الصادق ( عليه السلام ) في سنة: ١٤٨ هـ، وكان له من العمر عشرون سنة.

-عاصر في أيّام إمامته: أربعةً من الخلفاء العبّاسيين، وهم: أبو جعفر المنصور، ثُمّ ابنه محمّد المعروف بالمهدي، ثمّ ابنه موسى المعروف بالهادي، ثمّ أخوه هارون بن المهدي المُلقّب بالرشيد.

-عاش الإمام ( عليه السلام ): مدةً مديدةً من حياته في ظلمات السجون، فقد سجنه المهدي العبّاسي ثمّ أطلقه، ولمّا آلتْ النوبة إلى حكم هارون الرشيد عاد معتقِلاً الإمام، وآخذاً ينقله من سجن إلى سجن، حتّى استشهد ( عليه السلام ) في سجن السندي بن شاهك في بغداد.

-كانت شهادته ( عليه السلام ): في الخامس والعشرين من شهر رجب لسنة: مئة وثلاث وثمانين للهجرة (١٨٣ هـ) (٤) .

-دُفن ( عليه السلام ): في المقبرة المعروفة بمقابر قريش (٥) والمعروفة اليوم بالكاظميّة.

____________________

(١) الأبواء: بلدة بين مكّة والمدينة، فيها توفّيتْ ودُفنتْ آمنة بنت وهب أمّ الرسول الكريم.

(٢) إعلام الورى للطبرسي: ٢/ ٦، مؤسّسة آل البيت.

(٣) المصدر نفسه: ٢/٦.

(٤) المصدر نفسه: ٢/٦.

(٥) المصدر نفسه: ٢/٦.

٢٧٠

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة

إليك قارئي الكريم جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة وهي تشيد بمقام الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ):

١ - الإمام الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ):

قال في ( تحفة العالم ): ( قبر موسى الكاظم، الترياق المجرّب ) (١) . يريد إجابة الدعاء عنده.

٢ - الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ):

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: ( لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جُنَّته ) (٢) .

٣ - الحسن بن إبراهيم، أبو علي الخلال شيخ الحنابلة ( من علماء القرن الثالث الهجري ):

قال: ( ما همّني أمرٌ، فقصدتُ قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به، إلاّ سهّلَ الله تعالى لي ما أُحِبُّ ) (٣) .

____________________

(١) أئمّتنا لمحمّد علي دخيل: ٢/ ٦٥، عن ( تحفة العالم ): ٢/٢٢. ونقله أحمد زيني دحلان في ( الدرر السنيّة في الردّ على الوهابيّة ): ٤/ ٦، مكتبة إيشيق، إسلامبول.

(٢) أورده ابن حجر الهيتمي في ( الصواعق المحرقة ): ٣١٠، دار الكتب العلميّة.

(٣) نقل قوله الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ): ١/١٢٠، دار الكتب العلميّة. وابن الجوزي في ( المنتظم ): ٩/ ٨٩، دار الكتب العلميّة، بيروت.

٢٧١

٤ - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: ٢٥٠ هـ):

ذكر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في رسائله عند مدْحه لعشرة من الأئمّة في كلام واحد، عند ذكره الرد على ما فخرتْ به بنو أميّة على بني هاشم، فقال: ( ومَنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش ما يَعُدّه الطالبيّون عَشَرة في نسق؛ كلّ واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن... هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [ العسكري ] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ‍‌( عليهم السلام )، وهذا لم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من بُيوت العجم ) (١) .

٥ - محمّد بن إدريس بن المنذر، أبو حاتم الرازي (ت: ٢٧٧ هـ):

قال في حقّ الإمام أنّه: ( ثقةٌ صدوق، إمامٌ مِن أئمّة المسلمين ) (٢) .

٦ - الرازي ابن أبي حاتم (ت: ٣٢٧ هـ):

قال: ( صدوقٌ إمام ) (٣) كما نقل في كتابه ( الجرح والتعديل ) نص قول أبيه المتقدّم مقِرّاً به (٤) .

٧ - الخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣ هـ):

قال في ( تاريخ بغداد ): ( أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا الحسن بن

____________________

(١) رسائل الجاحظ: ١٠٦، جَمَعَهَا ونَشَرَهَا حسن السندوبي، المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر.

(٢) ذكر قوله ابنه الرازي في ( الجرح والتعديل ): ٨/١٣٨، دار الفكر، والذهبي في ( سير أعلام النبلاء ): ٦/٢٨٠، مؤسّسة الرسالة، وابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): ٨/٣٩٣، دار الفكر.

(٣) ذكر قوله الذهبي في ( ميزان الاعتدال ): ٤/ ٢٠١، دار الفكر.

(٤) الجرح والتعديل: ٨/ ١٣٩.

٢٧٢

محمّد بن يحيى العلوي، حدّثني جدّي قال: كان موسى بن جعفر يُدعى العبد الصالح مِن عبادته واجتهاده، روى أصحابُنا أنّه دخل مسجد رسول الله فسجد سجدةً في أوّل الليل، وسُمع وهو يقول في سجوده: ( عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة )، فجعل يرددها حتّى أصبح، وكان سخيّاً كريماً، وكان يبْلغه عن الرجل أنّه يؤذيه، فيبعث إليه بصرّة فيها ألف دينار، وكان يصرّر الصرر ثلاثمئة دينار، وأربعمئة دينار ومئتي دينار، ثمّ يقسّمها بالمدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرّة فقد استغنى )، ثُمّ ذكر أخباراً في مدْحه والثناء عليه (١) .

٨ - عبد الكريم بن محمّد السمعاني (ت: ٥٦٢ هـ):

قال في ( الأنساب ): ( وهو موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... ومشهده ببغداد مشهور يُزار... زُرْتُهُ غير مرّة مع ابنه محمّد بن الرضا علي بن موسى ) (٢) .

٩ - أبو الفرج عبد الرحمان بن الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ):

قال في كتابه ( صفة الصفوة ): ( كان يُدعى العبد الصالح؛ لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان كريماً حليماً، إذا بلغه عن رجل يؤذيه بعث إليه بمال )، ثمّ إنّه ذكر ابن الجوزي منقبة ظاهرةً من مناقبه وفضيلة رائعة من جميل فضائله، وهو ما جرى مع شقيق البلخي في طريقه إلى الحج، وما

____________________

(١) راجع: ( تاريخ بغداد ): ١٣/ ٢٧، دار الكتب العلميّة.

(٢) أنساب السمعاني: ٥/٤٠٥، مؤسّسة الكتب الثقافيّة.

٢٧٣

شاهده من الإمام ( عليه السلام )، حيث إنّ الإمام نطق بما في نفسه مرّتين، كما أنّه شاهد كيف أنّ البئر قد ارتفع ماؤها بدعاء الإمام، وارتفعتْ على إثر ذلك ركوته التي سقطتْ مِن يده في أعماق البئر، ثمّ إنّ شقيقاً طلب من الإمام أنْ يطعمه فناوله الركوة فشرب منها وإذا سويق وسكّر ما شرب قط ألذّ منه ولا أطيب ريحاً منه، فشبع ورَوي، وأقام أيّاماً لا يشتهي طعاماً ولا شراباً... والقصّة مفصّلة في الكتاب المذكور، فَمَن شاء فليراجع (١) .

كما أنّ ابن الجوزي ترجم الإمام في كتابه ( المنتظم ) ومَدَحَهُ بكلمات تقرب من النص المتقدّم (٢) .

١٠ - الفخر الرازي (ت: ٦٠٤ هـ):

قال عند تفسيره لمعنى الكوثر: ( والقول الثالث الكوثر أولاده... فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قُتل من أهل البيت ثُم العالَم ممتلئ منهم، ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يعبأ به، ثمّ انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر، والصادق، والكاظم، والرضا ( عليهم السلام )... ) (٣) .

١١ - ابن الأثير الجزري (ت: ٦٣٠ هـ):

قال في كتابه ( الكامل في التاريخ ): ( وكان يلقّب بالكاظم؛ لأنّه كان يحسن إلى مَن يُسيء إليه، كان هذا عادته أبداً ) (٤) .

____________________

(١) راجع: ( صفة الصفوة ): ٢/١٨٤، ترجمة رقم: ١٩١. دار المعرفة.

(٢) انظر: ( المنتظم ): ٩/ ٨٧. دار الكتب العلميّة، بيروت.

(٣) تفسير الفخر الرازي: مجلّد ١٦، ج٣٢/ ١٢٥، دار الفكر.

(٤) الكامل في التاريخ: ٦/١٤، دار الفكر.

٢٧٤

١٢ - العارف الشيخ محيي الدين محمّد بن علي المعروف بابن عربي (ت: ٦٣٨ هـ):

قال في ( المناقب ) المطبوع بآخر ( وسيلة الخادم إلى المخدوم ) للشيخ فضل الله الأصبهاني (ص٢٩٦): ( وعلى شجرة الطور، والكتاب المسطور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والسرّ المستور، والرقّ المنشور، والبَحر المَسْجُور، وآية النور، كليم أيمن الإمامة، منشأ الشرف والكرامة، نور مصباح الأرواح، جلاء زجاجة الأشباح، ماء التخمير الأربعيني، غاية معارج اليقيني، إكسير فلزات العرفاء، معيار نقود الأصفياء، مركز الأئمّة العلوية، محور فلك المصطفويّة، الآمر للصور والأشكال بقبول الاصطبار والانتقال، النور الأنور أبي إبراهيم، موسى بن جعفر، عليه صلوات الله الملك الأكبر ) (١) .

١٣ - محمّد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):

قال في كتابه ( مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ): ( هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولِفَرْطِ حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعي كاظماً، كان يُجازي المسيء بإحسانه إليه، ويُقابل الجاني بعفْوه عنه، ولكثرة عبادته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويُعرف بالعراق باب الحوائج إلى الله لِنُجْحِ مطالب المتوسّلين إلى الله تعالى به، كرامته تُحار منها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قَدَم صدْق لا تَزَل ولا تزول... وأمّا مناقبه

____________________

(١) أورده السيّد المرعشي في ( شرح إحقاق الحقّ ): ٢٨/٥٧٠.

٢٧٥

فكثيرة، ولو لم يكن منها إلاّ العناية الربّانيّة لكفاه ذلك منقبة، ثمّ ذكر بعض مناقبه ومنها قصّة شقيق البلخي المتقدّمة الذكر (١) .

١٤ - سبط ابن الجوزي (ت: ٦٥٤ هـ):

قال في كتابه ( تذكرة الخواص ): ( وكان موسى جواداً حليماً، وإنّما سُمّي الكاظم؛ لأنّه كان إذا بلغه عن أحد شيء بعث إليه بمال )، وذكر بإسناده إلى شقيق البلخي القصّة المُشار إليها فيما سبق (٢) .

١٥ - ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: ٦٥٥ هـ):

نقل ما تقدّم من كلام الجاحظ (٣) ، مقرّاً له عليه بدلالة قوله في أوّل البحث: ( ونحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم ونضيف إليه من قبلنا أموراً لم يذكرها فنقول... ) (٤) .

كما أنّه قال عن الإمام في نفس الفصل: ( ومِن رجالنا موسى بن جعفر بن محمّد - وهو العبد الصالح - جمع من الفقه والدين والنُسُك والحلم والصبر ) (٥) .

١٦ - ابن الساعي (ت: ٦٧٤ هـ):

قال في ( مختصر تاريخ الخلفاء ): ( أمّا الإمام الكاظم فهو صاحب الشأن

____________________

(١) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ٢/١٢٠، مؤسّسة أمّ القرى.

(٢) تذكرة الخواص: ٣١٢.

(٣) شرح نهج البلاغة: ١٥ /٢٧٨، دار الكتب العلميّة، طبعة مصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة.

(٤) المصدر نفسه: ٢٧٠.

(٥) المصدر نفسه: ٢٩١.

٢٧٦

العظيم، والفخر الجسيم، كثير التهجّد، الجادّ في الاجتهاد، المشهود له بالكرامات، المشهور بالعبادات، المواظِب على الطاعات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه كان كاظماً، يُجازي المسيء بإحسانه إليه، ويُقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته يسمّى بالعبد الصالح، ويُعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله لِنُجْحِ المتوسّلين إلى الله تعالى به، كراماته تُحار منها العقول، وتقضي بأنّ له قَدَم صدق عند الله لا تزول ) (١) .

١٧ - ابن خلّكان (ت: ٦٨١ هـ):

قال في كتابه ( وفيات الأعيان ): [ هو ] ( أحد الأئمّة الاثني عشر، رضي الله عنهم أجمعين )، ثمّ نقل ما تقدّم ذكره من قول الخطيب البغدادي من دون تعليق عليه (٢) .

١٨ - أبو الحجّاج يوسف المِزِيّ (ت: ٧٤٢ هـ):

ذكر في كتابه ( تهذيب الكمال ) نصَّ قول أبي حاتم المتقدّم، كما أنّه اقتصر على ذكر أخبار عديدة في مدح الإمام والثناء عليه (٣) .

١٩ - شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨):

قال في ( سير أعلام النبلاء ): ( الإمام، القدوة، السيّد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضا، مدنيّ، نزل بغداد ).

____________________

(١) حياة الإمام موسى بن جعفر لباقر شريف القرشي: ١/١٦٦ عن ( مختصر أخبار الخلفاء ): ٣٩.

(٢) انظر: ( وفيات الأعيان ): ٤/٥٠٣. دار الكتب العلميّة.

(٣) تهذيب الكمال: ٢٩/٤٣ وما بعدها، مؤسّسة الرسالة.

٢٧٧

وقال في ( العبر ): (وكان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر).

وقد نقل في هذَين الكتابَين قول أبي حاتم المتقدّم في أنّ الإمام: ( ثقة صدوق إمام من أئمّة المسلمين ) من دون أي تعليق عليه (١) .

وقد ترجم له أيضاً في ( تاريخ الإسلام )، وقال عنه: ( وكان صالحاً، عالماً عابداً، متألّهاً... ) (٢) .

٢٠ - اليافعي اليمني المكّي (ت: ٧٦٨ هـ):

قال في كتابه ( مرآة الجنان ): ( وفيها [ أي سنة: ١٨٣ هـ ] تُوفّي السيّد أبو الحسن موسى الكاظم وَلَدُ جعفر الصادق، كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة، وكان يُدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخيّاً كريماً. كان يبلغه عن الرجل أنّه يؤذيه فيبعث إليه بصُرّة فيها ألف دينار... ) (٣) .

٢١ - أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: ٧٧٤ هـ):

قال في ( البداية والنهاية ): ( وكان كثير العبادة والمروءة، إذا بلغه عن أحد أنّه يؤذيه أرسل إليه بالذهب والتّحف... وأَهدى له - مرّة - عبدٌ عصيدةً فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار وأعتقه ووهب المزرعة له... ) (٤) .

٢٢ - محمّد خواجة البخاري (ت: ٨٢٢ هـ):

____________________

(١) راجع: ( سير أعلام النبلاء ): ٦/٢٧٠، مؤسّسة الرسالة. و ( ميزان الاعتدال ): ٤/ ٢٠١، دار الفكر. و ( العبر ): ١/٢٢٢. دار الكتب العلميّة.

(٢) تاريخ الإسلام: حوادث وفيات (١٨١ - ١٩٠ هـ)، ص٤١٧، دار الكتاب العربي.

(٣) مرآة الجنان: ١/ ٣٠٥، أحداث سنة: ١٨٣ هـ، دار الكتب العلميّة.

(٤) البداية والنهاية: ١٠/ ١٩٧، أحداث سنة: ١٨٣ هـ، مؤسّسة التاريخ العربي.

٢٧٨

قال في كتابه ( فصل الخطاب ): ( ومِن أئمّة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق - رضي الله عنهما -... وكان - رضي الله عنه - صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر كثير العلم كان يُدعى بالعبد الصالح، وفي كلّ يوم يسجد لله سجدةً طويلة بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال... ) (١) .

٢٣ - ابن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ):

نقل في كتابه ( تهذيب التهذيب ) نصّ قول أبي حاتم المتقدّم، كما ذكر قول يحيى بن الحسن بن جعفر النسّابة: ( كان موسى بن جعفر يُدعى العبد الصالح؛ من عبادته واجتهاده ).

وبعد أنْ نقل تاريخ وفاته قال: ( ومناقبه كثيرة ) (٢) .

٢٤ - ابن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥):

نقل في كتابه ( الفصول المهمّة ) قول بعض أهل العلم قائلاً: ( قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، والأوحد الحجّة الحَبْر، الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المُسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله وذلك لِنُجْحِ قضاء حوائج المسلمين ) (٣) .

وقال في موضع آخر: ( وأمّا مناقبه وكراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة فتشهد له بأنّه قبّة الشرف وعلاها وسما إلى أَوْج المزايا، فبلغ أعلاها، وذُلِّلت له كواهل السيادة وامتطاها، وحكم في غنائم

____________________

(١) ذكر قوله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ) ص٤٥٩، منشورات الشريف الرضي.

(٢) تهذيب التهذيب: ٨/ ٣٩٣، دار الفكر.

(٣) الفصول المهمّة: ٢٢١، دار الأضواء.

٢٧٩

المجد فاختار صفاياها فاصطفاها... ) (١) .

٢٥ - جمال الدين يوسف بن تغري بردي الأتابكي (ت: ٨٧٤ هـ):

قال في كتابه ( النجوم الزاهرة ): ( وفيها [ سنة: ١٨٣ ] تُوفّي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن السيّد الحسين بن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنهم أجمعين ). كان موسى المذكور يدعى بالعبد الصالح؛ لعبادته، وبالكاظم؛ لعلمه (٢) ، وُلد بالمدينة سنة: ثمان أو تسع وعشرين ومئة، وكان سيّداً عالماً فاضلاً سَنِيّاً جواداً، ممدوحاً مُجاب الدعوة ) (٣) .

٢٦ - أحمد بن عبد الله الخزرجي (ت بعد ٩٢٣ هـ):

نقل في كتابه ( خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ) نصّ قول أبي حاتم المتقدّم من دون أي تعليق عليه، ممّا يدلّ على قبوله وإمضائه له (٤) .

٢٧ - عبد الوهاب الشعراني (ت: ٩٧٣ هـ):

قال في ( طبقاته ): ( أحد الأئمّة الاثني عشر، وهو ابن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين... كان يُكنّى بـ ( العبد الصالح )؛ لكثرة عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان إذا بلغه عن أحد يؤذيه يبعث إليه بمال ) (٥) .

____________________

(١) المصدر نفسه: ٢٢٢.

(٢) هكذا في المطبوع، ولعلّ الصحيح ( لحلمه ).

(٣) النجوم الزاهرة: ٢/١١٢ نشر المؤسسة المصريّة العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.

(٤) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: ٣/٦٣ مكتبة القاهرة.

(٥) طبقات الشعراني الكبرى: ١/٥٥، دار الفكر.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480