أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة0%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ حكمت الرحمة
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: الصفحات: 480
المشاهدات: 72355
تحميل: 8356

توضيحات:

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72355 / تحميل: 8356
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل العاشر

الحادي عشر من أئمّة أهل البيت

العسكري

الحسن بن علي عليه السلام

٣٤١

٣٤٢

نافذة إلى معرفة الإمام عليه السلام

نفس طيّبة طاهرة، وأخلاق كريمة فاضلة، وسيرة محمّديّة ظاهرة، تلك هي قبسات من شخصيّة أبي محمّد العسكري سلام الله عليه، أحد أركان البيت النبوي وسليل العترة المطهّرة.

كان ( عليه السلام ) كآبائه الطاهرين نوراً يشعّ على الوجود بإشراقاته المقدّسة، ومنبعاً يفيض على العالمين بعطائه الثرِّ.

كان مرآة يعكس على الوجود النور المحمّدي الأصيل ويضيء طريق الظلام بحسن سلوكه المقدّس.

ولنترك الكلام لأحد مبغضي أهل هذا البيت، ونرى ماذا يحدّثنا عن الإمام العسكري ( عليه السلام ).

إنّه أحمد بن عُبيد الله بن خاقان أحد رجال الحكومة العبّاسيّة، كان متولّياً لشؤون الضياع والخراج بـ ( قم ) ، وقد جرى في مجلسه يوماً ذكر العَلَوِيّة (1) ومذاهبهم، وكان شديد النّصب والانحراف عن أهل البيت ( عليه السلام )، فقال: ما رأيتُ ولا عرفتُ بـ ( سرّ مَن رأى ) من العلويّة مثل الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا في هديه وسلوكه وعفافه ونُبله وكبرته عند أهل بيته وبني هاشم كافّة، وتقديمهم إيّاه على ذوي السنّ منهم والخطر. وكذلك كانت حاله عند القوّاد والوزراء وعامّة الناس. فأذكرُ أنّني كنتُ يوماً قائماً على رَأْس أبي وهو يوم مَجْلسه للناس، إذ دخل حُجّابُه، فقالوا: أبو محمّد بن الرضا بالباب، فقال بصوت عالٍ: ائذنوا له، فتعجبتُ ممّا سمعتُ منهم ومِن جسارتهم أنْ يُكنّوا

____________________

(1) أي ذكر العلويّين.

٣٤٣

رجلاً بحضرة أبي، ولم يكن يُكنَّى عنده إلاّ خليفة أو ولي عهد أو مَنْ أقرّ السلطان أنْ يُكنّى. فدخل رجلٌ أسمر حسنُ القامة جميل الوجه، جيّد البدن، حديثُ السنّ، له جلالة وهيئة حسنة، فلمّا نظر إليه أبي قام فمشى إليه خُطىً، ولا أَعْلَمُهُ فَعَل هذا بأحد من بني هاشم والقوّاد، فلمّا دَنَا منه عانقه وقبّل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلاّه الذي كان عليه، وجلس إلى جنبه مُقْبِلاً عليه بوجهه، وجعل يكلّمه ويُفَدّيه بنفسه، وأنا متعجّب ممّا أرى منه، إذ دخل الحاجب فقال: الموفّق (1) قد جاء، وكان الموفّق إذا دخل على أبي يَقدِمُه حُجّابُه وخاصّةُ قوّاده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أنْ يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مُقبلاً على أبي محمّد يُحدّثهُ حتّى نظر إلى غلمان الخاصّة (2) فقال حينئذ له: إذا شئت َ (3) جعلني الله فداك، ثمّ قال لحُجّابه: خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا - يعني الموفّق - فقام، وقام أبي فعانقه ومضى.

فقلتُ لحجّاب أبي وغلمانه: ويلكم، مَنْ هذا الذي كَنَّيْتُمُوْهُ بحضرة أبي وفعلَ به أبي هذا الفعل؟

فقالوا: هذا علويّ، يُقال له: الحسن بن علي، يُعرَفُ بـ: ابن الرضا، فازددتُ تعجّباً، ولم أزل يومي ذلك قَلِقَاً مفكّراً في أمْره وأمْر أبي، وما رأيتُه منه، حتّى كان الليل، وكانت عادتُه أنْ يُصلّي العتمة، ثمّ يجلسُ فينظر فيما يحتاجُ إليه من المؤامرات وما يرفعه إلى السلطان.

____________________

(1) هو أبو أحمد بن المتوكّل العبّاسي، وأخو الخلفاء: المعتز، والمهدي، والمعتمد.

(2) أي الخدم المختصّون بخدمة الموفّق.

(3) أي أنْ تذهب.

٣٤٤

فلمّا صلّى وجلس جئتُ فجلستُ بين يديه، وليس عنده أحد، فقال لي: يا أحمد، ألك حاجة؟

فقلتُ: نعم يا أبه، مَن الرجل الذي رأيتُك بالغداةِ فعلتَ به ما فعلتَ من الإجلال والكرامة والتبجيل، وفديتَه بنفسك وأبوَيك؟

فقال: يا بنيّ ذاك إمام الرافضة الحسن بن عليّ المعروف بابن الرضا، ثمّ سكت ساعة وأنا ساكت.

ثمّ قال: يا بُنيّ، لو زالت الإمامةُ عن خلفائنا بني العبّاس ما استحقّها أحد من بني هاشم غيره؛ لفضله، وعفافه، وهَدْيه، وصيانته، وزهده، وعبادته، وجميل أخلاقه، وصلاحه، ولو رأيتَ أباه، رأيتَ رُجلاً جزْلاً نبيلاً فاضلاً.

فازددتُ قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي، وما سمعتُ منه وفيه، ورأيتُ مِن فعله به، فلم يكن لي همّة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت أحداً من بني هاشم والقُوّاد والكُتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناسِ إلاّ وجدتُه عنده في غاية الإجلال، والإعظام، والمحلّ الرفيع، والقول الجميل، والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه، فعظُمَ قدره عندي إذْ لم أرَ له وَليّاً ولا عدوّاً إلاّ وهو يُحسنُ القول فيه والثناءَ عليه (1) .

ولذا خلد في ذاكرة التاريخ، وتناولته الأقلام مدحاً وثناءً، وقبل أنْ نذكر كلمات علماء أهل السُنّة في مدحه والثناء عليه، نعرض لقارئنا الكريم إلمامة سريعة بحياته سلام الله عليه:

-هو: الحسن بن علي الهادي، بن محمّد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين

____________________

(1) انظر: الرواية في ( أصول الكافي ) للكليني: 1/ 578. دار التعارف للمطبوعات. و ( الإرشاد ) للمفيد: 2/321، مؤسّسة آل البيت.

٣٤٥

الشهيد، بن علي، بن أبي طالب (عليهم السلام ).

-وُلِد ( عليه السلام ): في المدينة المنوّرة (1) في يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر، سنة: اثنتين وثلاثين ومئتين (8/ ربيع2/ 232هـ) (2) .

-أمّهُ ( عليه السلام ): تُسمّى بـ ( سليل ) ، وقيل حديث، وكانت من العارفات الصالحات (3) .

-يُلقّب ( عليه السلام ): بالهادي والسراج والعسكري، وكان هو وأبوه وجدّه يُعرف كلٌّ منهم في زمنه بابن الرضا (4) . وكان يُكنّى ( عليه السلام ) بأبي محمّد (5) .

-تسلّم إمامة المسلمين: في سامراء بعد وفاة أبيه الهادي ( عليه السلام ) في سنة: (254هـ).

-كانت مدّة إمامته: ستَّ سنين (6) ، عاصر خلالها ثلاثة من خلفاء بني العبّاس وهم: المعتز، المهتدي، المعتمد (7) .

-قضى الإمام مدّة مِن حياته: في سجون الظالمين (8) .

-استشهد ( عليه السلام ): في زمن المعتمد العبّاسي في الثامن من ربيع الأوّل سنة:

____________________

(1) الإرشاد للمفيد: 2/313، مؤسّسة آل البيت.

(2) إعلام الورى للطبرسي: 2/131، مؤسّسة آل البيت.

(3) انظر: ( عيون المعجزات ): 134.

(4) إعلام الورى للطبرسي: 2/131، مؤسّسة آل البيت.

(5) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول لمحمّد بن طلحة الشافعي: 2/148، مؤسّسة أم القُرى.

(6) الإرشاد للمفيد: 2/313، مؤسّسة آل البيت.

(7) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 2/131، مؤسّسة آل البيت، كما أنّ مَن يراجع تاريخ تولّي هؤلاء الخلافة وتاريخ وفاتهم يتّضح له الأمر جليّا.

(8) انظر مثلا: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 2/140 - 141، مؤسّسة آل البيت.

٣٤٦

(260هـ) (1) .

-دُفن ( عليه السلام ): في داره بسامرّاء في البيت الذي دُفن فيه أبوه ( عليه السلام ) (2) .

____________________

(1) انظر: تاريخ وفاته في ( إعلام الورى ) للطبرسي: 2/ 131. و( الإرشاد ) للمفيد: 2/ 313، مؤسّسة آل البيت.

(2) انظر: ( الإرشاد ): 2/ 313، مؤسّسة آل البيت.

٣٤٧

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السُنّة

نورد فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السُنّة وهي تشيد بمقام الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ):

1 - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: 250 هـ):

ذكر الإمام العسكري ( عليه السلام ) في رسائله عند مدحه لعشرة من الأئمّة في كلام واحد عند ذكْره الردّ على ما فخرت به بنو أميّة على بني هاشم، فقال: ( ومَنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش ما يَعُدُّه الطالبيّون عَشَرة في نسق؛ كلّ واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [ العسكري ] بن علي، بن محمّد، بن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمّد، بن علي، بن الحسين، بن علي عليهم السلام، وهذا لم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من بُيوت العجم ) (1) .

2 - شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحَمَويّ (ت: 626هـ):

جاء في كتابه ( معجم البلدان ) عند ذكره لمدينة عسكر سامرّاء: (.. وهذا العسكر يُنسب إلى المعتصم، وقد نُسب إليه قوم من الأجلاّء، منهم: علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، يُكنّى أبا الحسن الهادي... وابنه الحسن بن علي، وُلِد بالمدينة أيضاً ونُقل إلى سامرّاء؛ فسُمّيا بالعسكريّين لذلك، فأمّا علي فمات في رجب سنة: 254 ومقامه بسامرّاء عشرين سنة، وأمّا الحسن فمات بسامرّا أيضاً سنة: 260هـ، ودُفنا بسامرّا، وقبورهما مشهورة هناك، ولولدهما

____________________

(1) رسائل الجاحظ: 106، جمعها ونشرها حسن السندوبي المكتبة التجاريّة الكبرى، مصر.

٣٤٨

المنتظر هناك مشاهد معروفة ) (1) .

3 - محمّد بن طلحة الشافعي (ت: 652 هـ):

قال في ( مطالب السؤول ): ( اعلم أنّ المنقبة العليا والمزيّة الكبرى التي خصّه الله بها، وقلّده فريدها، ومنحه تقليدها، وجعلها صفة دائمة لا يبلى الدهر جديدها، ولا تنسى الألْسنة تلاوتها وترديدها، أنّ المهدي محمّداً نسله المخلوق منه، وَوَلَده المنتسب إليه وبضعته المنفصلة عنه ) (2) .

4 - سبط ابن الجوزي (ت: 654 هـ):

قال في ( تذكرة الخواص ): ( هو الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... وكان عالماً ثقة... ) (3) .

5 - ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: 655 هـ):

نقل ما تقدّم من كلام الجاحظ عند مدْحه لعشرة من أئمّة أهل البيت (4) ، مقرّاً له عليه بدلالة قوله في أوّل البحث: ( ونحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم، ونضيف إليه من قِبِلنا أموراً لم يذكرها فنقول... ) (5) .

____________________

(1) معجم البلدان: مجلّد3، ج5 - 6، ص328. دار إحياء التراث العربي، مؤسّسة التاريخ العربي.

(2) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 2/148، مؤسّسة أمّ القرى.

(3) تذكرة الخواص: 324، مؤسّسة أهل البيت، بيروت.

(4) نقله في ( شرح نهج البلاغة ): 15 / 278، دار الكتب العلميّة، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة.

(5) المصدر نفسه: 270

٣٤٩

6 - عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكّي (ت: 768 هـ):

قال في ( مرآة الجنان ): ( وفيها [ أي سنة: 232 ]، وقيل سنة: ستّين، تُوفِّي الشريف العسكري الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة، وهو والد المنتظر صاحب السرداب ) (1) .

7 - ابن الصبّاغ المالكي (ت: 855 هـ):

قال في ( الفصول المهمّة ): ( مناقب سيّدنا أبي محمّد الحسن العسكري دالّة على أنّه السري ابن السري، فلا يَشكّ في إمامته أحد، ولا يمتري، واعلم أنّه يبعث مكرمة فسواه بايِعها وهو المشتري، واحد زمانه من غير مدافع، ويسبح وحده من غير منازع، وسيّد أهل عصره، إمام أهل دهره، أقواله سديدة، وأفعاله حميدة، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة، وإنْ انتظموا عقداً كان مكان الواسطة الفريدة، فارس العلوم الذي لا يُجارَى، ومبيّن غوامضها فلا يحاول ولا يُمَارَى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب، المحدّث في سرّه بالأمور الخفيّات، الكريم الأصل والنفس والذّات، تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنّاته بمحمّد (ص) آمين ) (2) .

____________________

(1) مرآة الجنان: 2/81.، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(2) الفصول المهمّة: 279، دار الأضواء، بيروت.

٣٥٠

8 - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي (ت: 911 هـ):

قال في ( جواهر العقدَين ): ( وأمّا ولده أبو محمّد الحسن الخالص، فكان عظيم الشأن... وقد سبقتْ له كرامة جليلة - لَمّا حَبَسَهُ - المعتمد على الله ابن المتوكّل العبّاسي ) (1) .

9 - أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي الشافعي: (ت: 1047 هـ).

قال في ( وسيلة المآل ): ( أبو محمّد الحسن الخالص ابن علي العسكري، كان عظيم الشأن جليل المقدار... ووقع له مع المعتمد - لمّا حَبَسَه - كرامة ظاهرة مشهورة ) (2) .

10 - عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي (ت: 1171 هـ):

قال في ( الإتحاف بحبّ الأشراف ): ( الحادي عشر من الأئمّة الحسن الخالص ويلقّب أيضاً بالعسكري، وُلِد - رضي الله عنه - بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأوّل، سنة: اثنتين وثلاثين ومئتين، وتُوفِّي - رضي الله عنه - يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأوّل، سنة: ستّين ومئتين، وله من العمر ثمان وعشرون سنة، ويكفيه شرفاً أنّ الإمام المهدي المنتظر من أولاده، فلله درّ هذا البيت الشريف والنسب الخضيم المنيف، وناهيك به من فخار وحسبك فيه من علوّ مقدار، فهم جميعاً في كرم الأرومة وطيب الجرثومة كأسنان المشط متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلّة، فلقد

____________________

(1) جواهر العقدَين في فضل الشرفين: 448، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(2) قادتنا كيف نعرفهم للسيّد الميلاني: 7/115، عن ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ): 426.

٣٥١

طاول السماء عُلاً ونُبْلاً، وسما على الفرقدَين منزلةً ومحلاًّ، واستغرق صفات الكمال فلا يُستثنى فيه بغير ولا بإلاّ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمّة انتظام اللآلي، وتناسقوا في الشرف فاستوى الأوّل والتالي، وكم اجتهد قومٌ في خفْض منارهم والله يرفعه، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شَمْلهم والله يجمعه، وكم ضيّعوا من حقوقهم ما لا يهمله الله ولا يضيعه. أحيانا اللهُ على حبّهم وأماتنا عليه، وأدخلنا في شفاعة مَن ينتمون في الشرف إليه صلّى الله عليه وسلّم، وكانت وفاته بسرّ مَن رأى، ودُفن بالدار التي دُفن فيها أبوه ) (1) .

11 - العبّاس بن نور الدين المكّي (ت: 1180 هـ):

قال في ( نزهة الجليس ): ( أبو محمّد الإمام الحسن العسكري: نسبه أشهر من القمر ليلة أربعة عشر، يُعرف هو وأبوه بالعسكري، وأمّا فضائله فلا يحصرها اللَّسَن... ) (2) .

12 - الشيخ مؤمن الشبلنجي (ت: بعد 1308 هـ):

قال في ( نور الأبصار ): ( فصل في ذكر مناقب الحسن الخالص بن علي الهادي.. رضي الله عنهم... ومناقبه رضي الله عنه كثيرة... ).

إلى أنْ قال: ( تتمّة في الكلام على وفاته وولده رضي الله عنه، في الفصول المهمّة: ولمّا ذاع خبر وفاته ارتجّت سرّ مَن رأى، وقامت صيحة واحدة، وعُطّلتْ الأسواق، وغلّقتْ الدكاكين، وركب بنو هاشم والكتّاب والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سرّ مَن رأى يومئذ شبيهة بالقيامة، فلمّا فرغوا من تجهيزه

____________________

(1) الإتحاف بحبّ الأشراف: 178 - 179، منشورات الرضي، الطبعة المصوّرة على النسخة المطبوعة بالمطعبة الأدبيّة بمصر.

(2) حياة الإمام الحسن العسكري للقرشي: 69، عن ( نزهة الجليس ): 2/184.

٣٥٢

بعث الخليفة إلى أبي عيسى بن المتوكّل ليصلّي عليه، فصلّى عليه ودُفن في البيت الذي دُفن فيه أبوه مِن دارهما بسرّ مَن رأى، وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن علي في يوم الجمعة لثمان خلوْنَ من شهر ربيع الأوّل، سنة: ستّين ومئتين، وخلّف من الوُلْد ابنه محمّد ) (1) .

13 - يوسف النبهاني (ت: 1350 هـ):

قال في ( جامع كرامات الأولياء ): ( الحسن العسكري أحد أئمّة ساداتنا أهل البيت العظام، وساداتهم الكرام، رضي الله عنهم أجمعين، ذَكَرَه الشبراوي في الإتحاف بحبّ الأشراف، ولكنّه اختصر ترجمته ولم يذكر له كرامات، وقد رأيتُ له كرامة بنفسي... ) (2) .

14 - علي جلال الحسيني (ت: 1351 هـ):

قال: (أبو محمّد الحسن الزكي، ويُقال له العسكري أيضاً، وُلِد في سنة: 232، وكان أوحد زمانه في الفضل والعفاف، والزهد والعبادة... ) (3) .

15 - الشريف علي بن الدكتور محمّد عبد الله فكري الحسيني القاهري (ت: 1372 هـ):

قال في ( أحسن القصص ): ( نسبه: هو سيّدنا الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمّد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين، بن علي، بن أبي طالب

____________________

(1) نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار: 183 - 185، طبعة دار الفكر، الطبعة المصوّرة على الطبعة المصريّة لسنة: 1948م.

(2) جامع كرامات الأولياء: 2/ 21 - 22، دار الفكر للطباعة والنشر.

(3) أئمّتنا لمحمّد علي دخيل:2/312 - 313، عن ( الحسين ):2/207.

٣٥٣

رضي الله عنهم. وأمّه أمّ ولد، يُقال لها: حديث، وقيل: سوسن ).

إلى أنْ قال: ( مولده: وُلِدَ أبو محمّد الخالص بالمدينة لثمان خلتْ من شهر ربيع الآخر، سنة: اثنتين وثلاثين ومئتين من الهجرة ).

إلى أنْ قال في ص305: ( كانت وفاة أبي محمّد الحسن بن علي في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأوّل، سنة ستّين ومئتين، وكان عمره يوم وفاته: 28 سنة، ولمّا ذاع خبر وفاته ارتجّت سرّ مَن رأى وقامت صيحة واحدة، وعطّلت الأسواق، وغلّقت الدكاكين، وركب بنو هاشم والقواد والكتّاب والقضاة وسائر الناس إلى جنازته، وكانت سر من رأى يومئذ شبيهةٌ بالقيامة ) (1) .

16 - خير الدين الزركلي (ت: 1396 هـ):

قال في ( الأعلام ): ( الحسن بن علي الهادي بن محمّد الجواد الحسيني الهاشمي: أبو محمّد الإمام الحادي عشر عند الإماميّة، وُلِد في المدينة وانتقل مع أبيه الهادي إلى سامرّاء في العراق وكان اسمها مدينة العسكر؛ فقيل له العسكري - كأبيه - نسبةً إليها. وبويع بالإمامة بعد وفاة أبيه، وكان على سنن سَلَفِه الصالح تقىً ونسْكاً وعبادة. وتُوفِّي بسامرّاء.

قال صاحب الفصول المهمّة: لمّا ذاع خبر وفاة الحسن ارتجّت سرّ مَن رأى ( سامرّاء )، وقامت صيحة واحدة، وعُطّلت الأسواق، وغُلّقت الدكاكين، وركب بنو هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة وسائر الناس إلى جنازته، ودُفن في البيت الذي دُفن به

____________________

(1) شرح إحقاق الحقّ للسيّد المرعشي: 29/60 - 61، عن ( أحسن القصص ): 4/304، دار الكتب العلميّة، بيروت.

٣٥٤

أبوه) (1) .

17 - محمّد بن عبد الغفّار الهاشمي الحنفي:

قال في ( أئمّة الهدى ): ( وكثر أتباعه، وذاع صِيْته، واتّجهت إليه الأنظار، ودسّ له المعتمد العبّاسي سُمّاً فتُوفِّي منه ) (2) .

18 - محمّد أبو الهدى أفندي:

قال في ( ضوء الشمس ): ( قد علم المسلمون في المشرق والمغرب أنّ رؤساء الأولياء وأئمّة الأصفياء من بعده عليه الصلاة والسلام من ذرِّيَّته وأولاده الطاهرين، يتسلْسلون بطناً بعد بطن، وجيلاً بعد جيل، إلى زمننا هذا. وهم الأولياء بلا ريب، وقادتهم إلى الحضرة القدسيّة المحفوظة من الدَنَس والعَيب، ومَن في الأولياء الصدر الأوّل بعد الطبقة المشرفة بصحبة النبي الكريم كالحسن والحسين والباقر والكاظم والصادق والجواد والهادي والتقي والنقي والعسكري ) (3) .

19 - عارف أحمد عبد الغني:

قال في كتابه ( الجوهر الشفّاف في أنساب السادة الأشراف ) عند ذكره للإمام العسكري ( عليه السلام ): ( كان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام المهدي، ثاني عشر الأئمّة عند الإماميّة وهو القائم المنتظر عندهم ) (4) .

____________________

(1) الأعلام: 2/200، دار العلم للملايين، بيروت.

(2) شرح إحقاق الحقّ للسيّد المرعشي:12/475، عن ( أئمّة الهدى ): 138، طبع القاهرة.

(3) شرح إحقاق الحقّ:19/ 621، عن ( ضوء الشمس ): 1/119، طبع الاسلامبول.

(4) الجوهر الشفاف في أنساب السادة الأشراف: 1/ 160-161، دار كتاب للطباعة والنشر.

٣٥٥

20 - يونس أحمد السامرّائي:

قال في كتابه ( سامرّاء في أدب القرن الثالث ) الذي طُبع بمساعدة جامعة بغداد وهو يتكلّم عن نسبة العسكري إلى سامرّاء: ( فالعسكري نسبة إلى العسكر وهو - كما مر بنا - مِن أسماء سامرّاء...

إلى أنْ قال: وقد حمل هذهِ النسبة جماعة من الأجلاّء منهم: أبو الحسن علي الهادي بن محمّد الجواد العسكري وابنه الحسن العسكري وأبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري وهو المهدي المنتظر ) (1) .

وقال في موضع آخر: ( كما تُوفِّي فيها ودُفن عدد غير قليل من الأفاضل والعلماء المحدّثين والقضاة واللغويّين و... منهم أبو الحسن علي بن محمّد العسكري وابنه أبو محمّد الحسن بن علي العسكري والد المنتظر ) (2) .

وكلمات الثناء والمدح التي قيلتْ في الإمام عديدة نكتفي بما ذكرناه آنفاً؛ منعاً للإطالة.

____________________

(1) سامرّاء في أدب القرن الثالث الهجري: 46، مطبعة الإرشاد، بغداد.

(2) المصدر نفسه: 70.

٣٥٦

الفصل الحادي عشر

الثاني عشر من أئمّة أهل البيت

المهدي المنتظر

محمّد بن الحسن عليه السلام

٣٥٧

٣٥٨

المهدويّة في الفكر الإسلامي

- نظرة موجزة -

من المسائل التي اجتمعت عليها كلمة المسلمين، هي مسألة ظهور المهدي في آخر الزمان، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما مُلئتْ ظلماً وجوراً.

فمسألة المهدويّة - وأنّ هناك رجلاً من عترة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سيظهر في آخر الزمان ويُقيم دولة الحقّ الإلهيّة ويملأ أرجاء المعمورة بالعدل، الذي حُرِمت منه البشريّة قروناً متمادية - تُعدُّ من المسائل الضروريّة المتّفق عليها بين علماء المسلمين، وما إنكارها إلاّ جهل وضلالة، وانحراف عن خطوط الإسلام الصريحة وتكذيب للرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ).

والروايات الشريفة متواترة في هذا الباب، مضافاً لصحّة الكثير من طرقها على ما صرّح به علماءُ المسلمين.

وحيثُ إنّ المسألة أُلّفت فيها الكتب العديدة وصارت على مستوى بيّن أجلى من الشمس في رابعة النهار؛ لذا لا نرى ضرورة للخوض في إثبات هذهِ المسألة الضروريّة، لكنّنا إتماماً للفائدة ارتأينا أنْ نذكر شطراً من كلمات العلماء، وجملة من الروايات الدالّة على ذلك:

* فقد قال الحافظ أبو الحسن الآبري (ت: 363 هـ):

( قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في المهدي، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأنّ عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتْل الدجّال، وأنّه يؤمّ هذهِ الأمّة

٣٥٩

وعيسى خلفه في طول مِن قصّته وأمره ) (1) .

* وقال القرطبي في تفسيره عند التعرّض للآية (33) من سورة التوبة:

( وقيل: المهدي هو عيسى فقط، وهو غير صحيح؛ لأنّ الأخبار الصحاح قد تواترت على أنّ المهدي من عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلا يجوز حمْله على عيسى... ) (2) .

* ونقل الكتاني:

القولَ بالتواتر عن جماعةٍ، منهم: الحافظ السخاوي، ومحمّد بن أحمد السفاريني الحنبلي، ومحمّد بن علي الشوكاني، وغيرهم (3) .

وذهب هو إلى ذلك أيضاً، حيث قال:

( والحاصل أنّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجّال، وفي نزول سيّدنا عيسى بن مريم عليهما السلام ) (4) .

هذا نزرٌ يسير من أقوال العلماء في تواتر روايات المهدي ( عليه السلام )، أمّا الروايات فنذكر جملة مختصرة منها:

* ما أخرجه أحمد في ( مسنده ) بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

( لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، قال: ثمّ يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قِسْطَاً

____________________

(1) نقل قوله ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ): 7/133، دار الفكر.

(2) الجامع لأحكام القرآن: 8/113، دار الكتاب العربي.

(3) نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 228، دار الكتب السلفيّة، مصر.

(4) المصدر نفسه: 229.

٣٦٠