أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة12%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75410 / تحميل: 9274
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

فكذلك في هذه الحالة يعتبر الشيك حوالةً من المَدين لدائنه على البنك، غير أنّ المحوّل عليه ليس مَديناً للمُحيل، ولهذا يصطلح الفقهاء على ذلك بالحوالة على البريء، وهي عندي حوالة صحيحة تنفذ بالقبول من البنك، فإذا قبل البنك الشيك أعتبر ذلك قبولاً منه للحوالة، فتشتغل ذمّته للمُحال في ذمّة المحوِّل، ويصبح المحوِّل مَديناً للبنك - المحوِّل عليه - بقيمة الحوالة.

فمَديونيّة محرّر الشيك للبنك لا تقوم هنا على أساس الاقتراض لكي يتوقّف على القبض، بل على أساس قبول البنك للحوالة، ولمّا كان البنك بريئاً فبقوله للحوالة وانتقال دَين المحوِّل إلى ذمّته يصبح دائناً للمحوِّل بنفس المقدار(١) .

وهكذا يتّضح أنّه يصحّ استعمال الشيكات على البنك كأداة وفاءٍ على أساس الحوالة، سواء كان لمحرّر الشيك رصيد دائن في حسابه الجاري، أو كان حسابه الجاري على المكشوف.

وهناك قيود مَدينة يجريها البنك دون تفويضٍ من العميل، كالعمولات المختلفة، وأجرة البريد، والرسم الدوري لكشوف الحسابات البيانية.

وكلّ هذا صحيح ؛ لأنّ العميل تشتغل ذّمته بأُجرة المثل للبنك لقاءَ الخدمات المصرفية، بما فيها كشوف الحسابات البيانية، وأجرة البريد التي يتكلّفها البنك بأمرٍ صريحٍ أو ضمنيّ موجبٍ للضمان من العميل. وبموجب المقاصّة القهرية بين الدَينين يقوم البنك بخصم قيمة هذه الأجور من الرصيد الدائن لعميله.

____________________

(١) بناءً على أنّ المحوِّل يضمن للمحوّل عليه البريء بسبب إشغاله لذمّته الذي يحصل بمجرّد قبول البريء للحوالة. وأمّا إذا كان الضمان بسبب تسبيب المحوّل لتلف المال على البريء خارجاً فلا يكون الضمان فعلياً إلاّ بعد الدفع.(المؤلّف قدس‌سره ).

١٠١

اندماج أكثر من صفتين في شخصٍ واحد:

وهناك حالات في سحب الشيك على البنك تندمج فيها صفتان في جهةٍ واحدة، ومن هذا القبيل حالة سحب العميل على البنك شيكاً لأمره، أي لأمر العميل نفسه، فهو في هذه الحالة يمثّل مركزَي الساحب والمستفيد، والمدلول الفقهيّ لهذه العملية هو أنّ الساحب يحاول استيفاء قيمة الشيك المسحوب من دَينه على البنك، وليس تحريره للشيك إلاّ لكي يستخدم كوثيقةٍ على الوفاء عند تقديمه لدى البنك وسحب قيمته منه.

ومن هذا القبيل أيضاً حالة سحب العميل شيكاً لأمر البنك، وبهذا يمثّل البنك مركزَي المسحوب عليه والمستفيد، والمدلول الفقهيّ لهذه العملية هو أنّ الساحب كان قد أصبح مَديناً للبنك بأيِّ سببٍ من الأسباب، فوقعت المقاصّة في حدود ذلك الدَين بين دائنية البنك هذه ودائنية العميل المتمثِّلة في رصيده الدائن في الحساب الجاري، وليس الشيك في هذه الحالة إلاّ وثيقةً على وقوع هذه المقاصّة بين ذمّتي البنك والعميل، وكلّ ذلك جائز شرعاً.

الودائع لأجَل (الثابتة):

وهي مبالغ يستهدف أصحابها من وضعها في البنك الحصول على فوائدها ما داموا ليسوا بحاجةٍ ماسّةٍ إليها في الوقت القريب، ولا يجوز سحبها من البنك إلاّ بعد مدّةٍ يتّفق عليها العميل مع البنك، ويجدّد عقد إيداعها في نهاية المدّة إذا رغب المودِع في إبقاء الوديعة، كما يتّفق في أكثر الأحيان.

وهذه الودائع تمثِّل في الحقيقة قروضاً ربويةً محرَّمة، ولهذا يتمنع عنها البنك اللاربوي، ويحوّلها إلى ودائع بالمعنى الفقهيّ الكامل لوديعةٍ قد أودعها

١٠٢

أصحابها في البنك ريثما يجدون مجالاً لتوظيفها واستثمارها على أساس المضاربة. وقد مرّ تفصيل ذلك في الأطروحة التي قدّمناها.

ودائع التوفير:

يقصد بها كلّ حسابٍ في دفترٍ واجب التقديم عنه كلّ سحبٍ أو إيداع. وهي قسم من الودائع الادّخارية، غير أنّ العادة جرت على تمكين الموفِّرين من السحب عليها متى شاءوا، أو ضمن شروطٍ خاصّة.

والبنك اللاربوي لا يرفض قبول ودائع التوفير هذه، ولا يختلف عن البنوك الربوية في إعطاء فرصة السحب للموفِّرين متى أرادوا ذلك، ويقوم باستثمار هذه الودائع عن طريق المضاربة، كما يستثمِر الودائع الثابتة.

ولكنّ موقف البنك اللاربوي من ودائع التوفير يختلف عن موقفه من الودائع الثابتة في أمرين، كما أوضحنا ذلك في الفصل الأوّل:

أحدهما : تمكينه من السحب على ودائع التوفير متى أراد الموفِّر، خلافاً للودائع الثابتة التي يشترط فيها على المودِع أن تظلّ في حوزته مدّةً لا تقلّ عن ستّة أشهر.

والآخر : أنّ البنك اللاربوي يقتطع من كلّ وديعة توفيرٍ نسبةً معيّنةً يعتبرها قرضاً، ويحتفظ بها كسائلٍ نقدي، ولا يدخلها في مجال المضاربة والاستثمار، كما مرّ بنا في الأطروحة.

الودائع الحقيقية:

وهي عبارة عن أشياء معيّنةٍ يَوَدّ أصحابها أن يحتفظوا بها، ويتجنّبوا مخاطر السرقة والضياع والحريق ونحو ذلك، فيودعونها لدى البنك على أن يستردّوها

١٠٣

بعد ذلك بنفس مظهرها المادّي، وقد يقوم البنك لهذا الغرض بإعداد خزائنٍ خاصّةٍ ويؤجرها لعملائه، ويتقاضى لقاء ذلك أجراً منهم.

وهذه الودائع هي ودائع بالمعنى الفقهيّ الكامل، وعلى هذا الأساس يجوز للبنك أن يأخذ أجرةً لإنجاز العملية، سواء كانت لقاءَ منفعة الخزينة الحديدية التي تحفظ فيها وديعة العميل، أو لقاءَ نفس عمل البنك في تحصينها والحفاظ عليها.

الأهمّية الاقتصادية للودائع المصرفية

تتلخّص الأهميّة الاقتصادية للودائع المصرفية في البنوك القائمة في النقاط الثلاث التالية:

١ - إنّ الودائع المصرفية بالرغم من أنّها مجرّد قيدٍ في سجّلات البنك يتضمّن حساباً لأحد العملاء تعتبر وسيلةً هامّةً من وسائل الدفع، لِمَا تحيط بها من الضمانات القوية المشتقّة من عنصر الثقة في البنوك وإن لم يعترف لها القانون بصفة النقد في التداول، ولهذا ليس هناك إجبار على قبول الوفاء بها، كما هو الحال في النقود الأخرى، ولكنّ عدم اعترافه هذا لم يمنع عن اتّساع نطاق التعامل بالودائع المصرفية، وذلك بنقل ملكيّتها من شخصٍ لآخر عن طريق استعمال الشيكات، وبذلك تزداد وسائل الدفع في المجال التجاري والاقتصادي.

٢ - إنّ الودائع المصرفية تمثِّل على الأغلب أموالاً كانت عاطلةً قبل إيداعها إلى البنك، وأتيح لها عن طريق إيداعها في البنك دخول مجال الإنتاج والاستثمار على شكل قروضٍ مصرفيةٍ لرجال الأعمال، وبذلك أصبح بإمكانها أن تساهم بدور كبيرٍ في إنعاش اقتصاد البلاد ونموّه الصناعي والتجاري.

٣ - إنّ الودائع المصرفية تمنح البنك القدرة على خلق الائتمان بدرجةٍ أكبر

١٠٤

من كمّية تلك الودائع، والائتمان يخلق بدوره الوديعة المصرفية أيضاً، وهكذا تزداد بهذا الشكل كميّة الودائع المصرفية، وبالتالي تكثر وسائل الدفع التي تعوَّض عن النقود، وكلّما كثرت وسائل الدفع اتّسعت الحركة التجارية ونمت.

ويجب أن نحدِّد موقف الشريعة الإسلامية، وبالتالي وضع البنك اللاربوي تجاه هذه النقاط الثلاث.

الودائع المصرفية وسائل دفع:

أمّاالنقطة الأولى فبالإمكان أن تعتبر الودائع المصرفية وسائل دفعٍ عن طريق استعمال الشيكات. ونظراً إلى أنّ وسيلة الدفع هي نفس الوديعة المصرفية لا الشيك، وإنّما الشيك مجرّد أمرٍ بالسحب على الرصيد المودَع، والوديعة ليست إلاّ ديناً في ذمّة البنك للمودِع فاتّخاذها وسيلةَ دفع يعني اتّخاذ الدَين وسيلةَ دفع ن ولهذا يصبح استعمال الودائع بدلاً عن النقود جائزاً في الحدود التي يجوز التعامل ضمنها بالدَين. ولكي نعرف هذه الحدود نقسّم التعامل بالدَين إلى قسمين:

أحدهما : التعامل به كأسلوب لوفاء دَينٍ آخر عن طريق الحوالة، فالمَدين يمكنه أن يُحيل دائنه على مدينه، وبذلك يكون قد استخدم الدَين الذي يملكه في وفاء دائنه وإبراء ذمّته من ناحيته، وهذا صحيح شرعاً كما تقدّم، وبذلك يجوز استعمال الشيك كأداة وفاء.

والآخر : التعامل به كوسيلة دفعٍ ينصّب عليها العقد مباشرة، كأن يشتري الدائن بالدَين الذي يملكه في ذمّة مَدينه بضاعةً، أو يهب ذلك الدين لشخصٍ آخر، وهذا التعامل يُحكم بصحّته أحياناً ويُحكم ببطلانه أحياناً من الناحية الشرعية.

فمثلاً: شراء الدائن بضاعةً بما يملكه من دَينٍ في ذمّة مَدينه صحيح شرعاً

١٠٥

إذا لم تكن البضاعة المشتراة مؤجّلة، وإلاّ بطل الشراء ؛ لأنّه يكون من بيع الدَين وهو باطل.

ومثال آخر: هبة الدائن للدَين الذي يملكه في ذمّة شخصٍ آخر صحيحةٌ شرعاً إذا كان الموهوب له نفس المَدين، وأمّا إذا كان شخصاً آخر فالهبة باطلة عند من يرى من الفقهاء أنّ قبض الموهوب له للمال الموهوب شرط في صحة الهبة، فلا يجوز للموهوب له، على هذا، التصرّف في الدَين الذي وهبه له الدائن قبل الوفاء وقبض الدائن له، أو قبض الموهوب له بالوكالة عن الدائن.

وعلى هذا الأساس نعرف أنّ التعامل بالشيك كأداة وفاءٍ لدَينٍ سابقٍ صحيح شرعاً. وأمّا التعامل به كموضوعٍ ينصبّ عليه العقد مباشرةً لكي تكون الوديعة المصرفية نفسها هي موضع التعامل، فهذا يصحّ أحياناً، ولا يصحّ أحياناً.

ولكنّ التعامل بالشيك كموضوعٍ ينصبّ عليه العقد مباشرةً يعتبر باطلاً دائماً إذا كان السحب بالشيك من دون رصيدٍ دائنٍ للساحب ؛ إذ لا يوجد عندئذٍ للساحب شيء حقيقيّ يملكه ممّا يعبّر عنه الشيك لكي به بضاعةً مثلاً أو يهبه. ورصيد المدين في حسابه الجاري ليس إلاّ مجرّد قرضٍ من البنك، والقرض لا يملكه المقترض إلاّ بالقبض، فلا معنى للتعامل به وهبته وشراء بضاعةٍ به مثلاً قبل أن يقبض مباشرةً أو توكيلاً.

والغالب من التعامل بالشيكات في الحياة الاعتيادية هو التعامل بالشيكات كأداة فاء، وهو صحيح لِمَا عرفت.

دور البنك اللاربوي في توظيف الأموال العاطلة:

وأمّاالنقطة الثانية ، وهي أنّ البنك يؤدّي بنشاطه إلى تجميع الأموال العاطلة وتوظيفها، فسوف تظلّ صادقةً على البنك اللاربوي كما صدقت على البنوك

١٠٦

الربوية. وإنّما الفارق بينهما في أسلوب التوظيف، فبينما يتمّ التوظيف في البنوك الربوية على أساس إقراض المستثمِرين يتمّ في البنك اللاربوي على أساس المشاركة معهم عن طريق المضاربة.

خلق الائتمان بدرجةٍ أكبرَ من كمّية الودائع:

وبالنسبة إلىالنقطة الثالثة ، وهي قدرة البنك على خلق الائتمان بدرجةٍ أكبر من كمّية الودائع، يجب أن نتساءل: هل يتاح للبنك اللاربوي أن يخلق الائتمان، وبالتالي الدائنية، بدرجةٍ أكبر من كمّية الودائع الموجودة لديه فعلاً ؟

والجواب بالإيجاب، ولكن على شرط أن تكون الدائنية التي يخلقها البنك مستندةً إلى سببٍ شرعيّ، لا إلى سببٍ غير مشروع. ولتمييز السبب المشروع من غيره نقارن بين الحالات الثلاث التالية:

١ - نفترض أنّ كمّية الودائع الموجودة لدى البنك هي (١٠٠٠) دينار، فيتقدّم إليه شخصان يطلب كلّ واحدٍ منهما قرضاً قدره (١٠٠٠) دينار، وحيث إنّ البنك يعلم أنّهما سوف يودِعان ما يقترضانه لديه مرّةً أخرى وسوف لن يسحبا ودائعهما معاً في وقتٍ واحدٍ، فهو يرى أنّه بإمكانه أن يلتزم لكلّ واحدٍ منهما بقرضٍ قدره (١٠٠٠) دينار، وبذلك يعتبر نفسه دائناً ب- (٢٠٠٠) دينار بينما ليس لديه في خزائن ودائعه إلاّ (١٠٠٠) دينار.

٢ - نفترض أنّ كمّية الودائع الموجودة لدى البنك (١٠٠٠) دينار، فيتقدّم شخص طالباً قرضاً قدره (١٠٠٠) دينار، فيقرضه البنك المبلغ المطلوب ويتسلّفه المقترِض ويدفعه إلى دائنه وفاءً لدينه، فيتسلّمه الدائن ويودِعه بدوره في البنك، فيتقدّم شخص آخر طالباً اقتراض (١٠٠٠) دينارٍ من البنك فيقرضه ويدفع إليه المبلغ، وبذلك يصبح البنك دائناً ب- (٢٠٠٠) دينار، بينما لم يكن لديه في خزانة

١٠٧

ودائعه إلاّ (١٠٠٠) دينار.

٣ - نفترض أنّ كمّية الودائع الموجودة لدى البنك (١٠٠٠) دينار، فتتقدّم إليه حوالتان من شخصين ليس لهما أيّ رصيدٍ لديه، كلّ منهما يحوِّل دائنه على البنك ب- (١٠٠٠) دينارٍ، والبنك يعرف أنّه إذا قبل الحوالتين معاً فسوف لن يتعرّض لخطر المطالبة ب- (٢٠٠٠) دينار ؛ لأنّ الدائَنين سوف لن يسحبا دَينَهما في وقتٍ واحد، وعلى هذا الأساس يتقبّل البنك كلتا الحوالتين، فيصبح بذلك دائناً لكلٍّ من المحوِّلَين ب- (١٠٠٠) دينار، ويتقاضى فوائد (٢٠٠٠) دينارٍ من القرض، بينما لم يكن لديه إلاّ (١٠٠٠) دينارٍ من الودائع.

ونحن إذا فحصنا هذه الحالات الثلاث وجدنا أنّ دائنية البنك ب- (٢٠٠٠) دينارٍ في الحالة الأولى نشأت من قرضين التزم بهما لشخصين، ولكنّ القرضين لم يتوفّر فيهما القبض اللازم شرعاً في كلّ قرض ؛ لأنّ كلّ واحدٍ من المقترِضَين لم يحصل من البنك إلاّ على مجرّد الالتزام له ب- (١٠٠٠) دينار، أي على قيدٍ في رصيده المَدين فيعتبر القرض باطلاً، وبالتالي لا يعتبر البنك دائناً للشخصين ب- (٢٠٠٠) دينار، وإنّما يعتبر دائناً بالقدر الذي يتمّ تسليمه لهما من المبلغ.

وفي الحالة الثانية نشأت دائنية البنك ب- (٢٠٠٠) دينارٍ من قرضَين أيضاً، غير أنّ القرضَين هنا يتوفّر فيهما القبض ؛ لأنّ كلّ واحدٍ من المقترِضَين قد قبض المبلغ الذي اقترضه كاملاً، فيعتبر القرضان صحيحين، ويكون البنك دائناً شرعاً ب- (٢٠٠٠) دينار.

وفي الحالة الثالثة نشأت دائنية البنك ب- (٢٠٠٠) دينارٍ للمحوِّلَين من قبوله بحوالتيهما، لا من عقد القرض، والحوالة صحيحة شرعاً، فيعتبر البنك دائناً ب- (٢٠٠٠) دينارٍ للمحوِّلَين ومديناً في نفس الوقت ب- (٢٠٠٠) دينارٍ لدائني المحوِّلَين.

١٠٨

ويتّضح ممّا سبق أنّ دائنية البنك بأكبرَ من الكمّية الموجودة من الودائع لديه فعلاً أمر جائز شرعاً إذا وجد السبب الشرعيّ للدائنية، وهو الإقراض الذي يتوفّر فيه قبض المقرِض المبلغ كما في الحالة الثانية، أو قبول الحوالة كما في الحالة الثالثة. وأمّا إذا لم يتحقّق السبب الشرعيّ للدائنية من إقراضٍ مع القبض، أو قبول الحوالة، أو غيرهما من الأسباب الشرعية فلا مبرِّر للدائنية كما في الحالة الأولى، فإنّ مجرّد التزام البنك ب- (٢٠٠٠) دينارٍ لكلٍّ من الشخصَين وتقييد المبلغ في الرصيد المَدين لحسابه الجاري في سجلاّته الخاصّة لا يخلق دَيناً ودائناً ومَديناً.

ويجب أن يعلم بهذا الصدد أنّنا حين نؤكِّد على بطلان القرض في الحالة الأولى لعدم توفّر القبض، ونربط صحة القرض بقبض المبلغ المقترَض، لا نريد بالقبض فصله نهائياً عن البنك المقرِض، بل بإمكان العميل الذي يطلب قرضاً قدره ألف دينارٍ مثلاً أن يقبض هذا المبلغ ثمّ يودِعه في حسابه الجاري في البنك، ويكون القرض في هذه الحالة صحيحاً ؛ لأنّه قرض مقبوض.

وقد يقال: إنّ العميل بإيداعه المبلغ مرّةً أخرى في البنك يكون قد أقرضه للبنك ؛ لأنّ الإيداع إقراض من الناحية الفقهية، فيصبح العميل دائناً للبنك بألف، أي بنفس قيمة المبلغ الذي اقترضه منه، وبذلك تحصل المقاصّة الجبرية بين الدَينيَن وتتلاشى دائنية البنك، وهذا يعني أنّ البنك لا يمكنه أن يحتفظ بدائنّيته لعميله ما لم ينفصل المبلغ المقترَض نهائياً عن البنك.

والجواب على هذا القول: أنّ العميل بقبضه للمبلغ مباشرةً أو توكيلاً يصبح مديناً للبنك بألف دينارٍ مثلاً، وبإيداعه المبلغ مرّةً أخرى في حسابه الجاري في البنك وإن خلق ديناً جديداً له من البنك إلاّ أنّ الدَينَين لا يسقطان بالمقاصّة ؛ لأنَّ العادة في القرض الذي تسلّمه العميل من البنك أن يكون مؤجّلاً إلى مدّةٍ محدّدة، بينهما لا يكون القرض المتمثِّل في إيداع العميل للمبلغ في حسابه الجاري مؤجّلاً.

١٠٩

ولهذا لا يتمكّن العميل من سحبه متى شاء. وما دام أحد الدَينَين مؤجّلاً دون الآخر فلا تحصل المقاصّة بينهما، ولا يسقطان بالتهاتر ؛ لأنّ من شروط التهاتر اتّفاق الدَينَين في ذلك. وعلى هذا الأساس تكون دائنية البنك بألف دينارٍ شرعية، وتظلّ على شرعيّتها إذا قبض العميل المبلغ المقترَض ثم أودعه في البنك مرّةً أخرى في حسابه الجاري، ويظلّ البنك دائناً حتّى يحلّ الأجل، فتحصل المقاصّة ويسقط الدَينان بالتهاتر.

التحصيل

إنّ قيام البنوك بقبول ودائع العلاء جعلها تتصدّى لإتمام جميع التسويات التي تترتّب على ذلك بعمولةٍ أو بدون عمولة، وعلى هذا الأساس تمارس البنوك تسوية الديون عن طريق المقاصّة، أو الترحيل في الحساب دون حاجةٍ إلى تداول كمّياتٍ كبيرةٍ من العملة، وما يترتّب على ذلك من نقل وتكاليف وتعرّضٍ لمخاطر السرقة والضياع. وتتمثّل التسويات التي تقوم بها البنوك في: تحصيل الشيكات، وتحصيل الكمبيالات، والتحصيلات المستندية، وقبول الشيكات والكمبيالات.

تحصيل الشيكات:

تقدّم منّا في الحديث عن الحساب الجاري أنّ أحد أساليب الإيداع هو: أن يتقدّم أحد العملاء إلى البنك بشيكٍ مسحوبٍ لمصلحته على حساب محرّر الشيك في البنك، فيقوم البنك بخصم قيمته من حساب المسحوب عليه وترحيلها إلى حساب المستفيد بالشيك ؛ بعد التأكّد من صحة الشيك من الناحية الشكلية ،

١١٠

وتصديق قسم مراكز العملاء على وجود رصيدٍ للمحرّر يسمح بخصم قيمة الشيك منه.

والشيك قد يكون مسحوباً على نفس المركز أو الفرع الذي يقوم بتحصيله لحساب المستفيد، وقد يكون مسحوباً على فرعٍ آخر من فروع البنك، وقد يكون مسحوباً على بنكٍ آخر.

ففي الحالة الأولى نواجه في علمية تحصيل الشيك حوالةً واحدةً من محرّر الشيك لدائنه، أي المستفيد من الشيك على البنك المدَين للمحرّر.

وفي الحالة الثانية لا توجد إلاّ حوالة واحدة أيضاً ؛ لأنّ مركز البنك وكلّ فروعه لها ذمّة واحدة شرعاً لوحدة المالك والمَدين.

وأمّا في الحالة الثالثة فهناك حوالة من صاحب الشيك على البنك المسحوب عليه، والمفروض أنّ الذي يقوم بتحصيل الشيك هو بنك آخر، فإذا فرضنا أنّ البنك الآخر حصّل قيمة الشيك من البنك الأوّل بتسجيل قيمة الشيك في الرصيد المَدين للبنك الأوّل في سجلاّته لكي يستوفي بعد ذلك بالمقاصّة، فإنّ معنى ذلك أنّ البنك الأول الذي أصبح بتحرير الشيك عليه مَديناً للمستفيد من الشيك بقيمته قد أحال المستفيد من الشيك - ضمناً أو إجازةً - على البنك الآخر، مديناً كان البنك الآخر للأول أو بريئاً، وهذه حوالة ثانية، فعملية التحصيل حينئذٍ تتمّ خلال حوالتين.

ويمكن تكييف العملية نفسها على أساس حوالةٍ وبيع. أمّا الحوالة فهي حوالة صاحب الشيك للمستفيد على البنك المسحوب عليه، وبموجب هذه الحوالة يصبح المستفيد مالكاً لقيمتها في ذمّة البنك المحوَّل عليه.

وأمّا البيع، فيمارسه المستفيد نفسه بعد أن أصبح مالكاً لقيمة الشيك في ذمّة البنك المسحوب عليه، إذ يبيع ما يملكه في ذمّة ذلك البنك بإزاء مبلغِ نقديّ

١١١

يتسلّمه من البنك الذي دفع إليه الشيك لتحصيله، ويكون هذا من بيع الدين. وسواء كيَّفنا العملية فقهياً على أساس أنّها حوالتان أو حوالة بدَينٍ ثمّ بيع الدَين، فإنّ كلّ ذلك صحيح وجائز شرعاً.

وهل بإمكان البنك من الناحية الشرعية أن يتقاضى عمولةً - أجرة - على تحصيل الشيك ؟

وللجواب على هذا السؤال يجب أن نميِّز بين الحالات المتقدّمة: ففي الحالة الثالثة التي كيّفنا فيها العملية على أساس حوالتين متعاقبتين يجوز للبنك المحصّل أن يأخذ من المستفيد أُجرةً على قيامه بتحصيل قيمة الشيك له عن طريق اتّصاله بالبنك المسحوب عليه وطلب تحويل قيمة الشيك عليه(١) .

وأمّا في الحالة الأولى فساحب الشيك على البنك إمّا أن يكون قد سحبه على رصيده الدائن، أو سحبه لحسابه الجاري على المكشوف مع البنك. فإن كان قد سحبه على رصيده الدائن فالحوالة تصبح من الحوالة على مَدين، والحوالة على مَدينٍ ليست بحاجةٍ إلى قبول المَدين للحوالة، بل تنفذ بمجرّد سحب الشيك عليه، ويكون البنك مَديناً للمستفيد ويجب عليه وفاء دينه أو إضافته إلى رصيده الدائن، ولا يمكن للمَدين أخذ أجرة على وفاء دائنه. ويستثنى حالة ما إذا شرط البنك على كلّ دائن حين تولّد دينه أن لا ينقل ملكية الدَين عن طريق الحوالة إلاّ

____________________

(١) نقصد هنا دراسة إمكان أخذ العمولة من وجهة نظر الفقه الإسلامي. وأمّا ما هو واقع في البنوك الربوية، فهو عدم أخذ عمولةٍ على تحصيل الشيك إلاّ إذا كان مسحوباً على بنكٍ أو جهةٍ في بلدٍ آخر غير البلد الذي يوجد فيه البنك المحصِّل للشيك. وعلى هذا الأساس، فإنّ أيّ بنكٍ آخر يقوم كالبنك اللاربوي لا يمكن له من الناحية الواقعية أن يفرض أجرة على تحصيل الشيك إلاّ في الحدود المتّبعة في الواقع المعاش. (المؤلّف قدس‌سره ).

١١٢

بإذنه، وحينئذٍ يكون بإمكان البنك أن يأخذ أجرة وعمولةً في مقابل قبوله بالحوالة وإسقاطه الشرط.

وأمّا إذا كان الساحب قد سحب قيمة الشيك من حسابه الجاري على المكشوف فالشيك في هذه الحالة يعني الحوالة على بريء الذمّة، والبريء يمكنه أن لا يقبل الحوالة إلاّ بأجرٍ من المحوِّل، أي المستفيد من الشيك، وليس ذلك من الفائدة التي يتقاضاها الدائن من المَدين ؛ لأنّ الأجر هنا يتقاضاه المَدين من الدائن في مقابل قبوله للحوالة وبأن يصبح مَديناً.

وهكذا يتلخّص: أنّ العمولة على تحصيل الشيك جائز إذا كان الشيك مسحوباً على بنكٍ آخر غير البنك المحصّل، أو على البنك المحصّل دون رصيدٍ دائنٍ للساحب. وأمّا إذا كان مسحوباً على البنك المحصّل مع رصيدٍ دائنٍ للساحب، فلا يجوز للبنك أخذ العمولة على تحصيل قيمة الشيك من المستفيد إلاّ في حالة ارتباط البنك مع عملائه الدائِنين منذ البدء بقرارٍ يقضي بعدم التحويل عليه بدون إذنه.

وقد درسنا حتّى الآن حكم العمولة في الحالة الثالثة والأولى، أي في حالة كون البنك المسحوب عليه غير البنك المحصّل (وهذه هي الحالة الثالثة)، وفي حالة كون الشيك مسحوباً على نفس البنك ونفس الفرع الطالب من قبل المستفيد بتحصيل قيمة الشيك (وهذه هي الحالة الأولى).

وبقي علينا أن نعرف حكم العمولة في الحالة الثانية، وهي: ما إذا كان المسحوب عليه الشيك فرع البنك في البصرة مثلاً، والمطالب بتحصيل قيمة ذلك الشيك هو فرع نفس البنك في الموصل، فهل بإمكان الفرع في الموصل أن يتقاضى عمولةً على تحصيل قيمة الشيك ؟

إنّ الفروع تمثّل وكلاء متعدّدين لجهةٍ واحدةٍ وهي أصحاب البنك، فكلّ

١١٣

فرعٍ هو وكيل للجهة العامة التي تملك البنك، وكل رصيدٍ دائنٍ في فرعٍ من فروع البنك هو في الحقيقة دَين على تلك الجهة العامة، فصاحب الشيك على فرع البنك في البصرة هو دائن لتلك الجهة بحكم إيداعه مبلغاً معيّناً من النقود لدى فرع البصرة وفتحه حساباً جارياً عنده، فإذا سحب شيكاً على فرع البصرة لصالح دائنه فقد حوّل في الحقيقة دائنه على الجهة العامة التي تمثّلها الفروع جميعاً، وهو من الحوالة على مَدين، ولكنّ تلك الجهة العامة غير ملزمةٍ بدفع الدَين إلى المستفيد إلاّ في نفس المكان الذي وقع فيه عقد القرض بين الساحب وبينها، أي البصرة ؛ لأنّ المفروض أنّ الحساب الجاري للساحب مفتوح مع فرع البصرة، فلا يلزم على الجهة التي تمثّلها كلّ فروع البنك أن تسدِّد الدَين المحوَّل عليها إلاّ في نفس مكان الفرع الذي وقع قيه القرض، أي الإيداع وفتح الحساب الجاري.

وعلى هذا الأساس يصبح بإمكان البنك - إذا طولب فرعه في الموصل بخصم قيمة الشيك المسحوب من عمليه على فرعه في البصرة - أن يطالب بعمولة وأجرة لقاءَ تسديد الدَين في غير المكان الذي وقع فيه عقد القرض - الإيداع - بينه وبين العميل الساحب للشيك.

التحصيل المستند:

قد يستغني المصدَّر للبضاعة عن الاعتماد الذي يطلب المستورِد فتحه لصالح المصدِّر عادةً ثقةً منه بالمستورد، وتعويلاً على وعده الشخصي بتسليم الثمن عند تسليم مستَندَات البضاعة. وفي هذه الحالة يقدِّم المصدِّر إلى مصرفه المستندات المتّفق عليها بينه وبين المستورد، ويتولّى البنك إرسال هذه المستندات إلى مراسله في بلد المستورد، ويطلب منه تسليم مستندات الشحن

١١٤

إلى المستورد مقابل دفع ثمن البضاعة، وعندما يسدّد المستورد يُخطر البنك المراسل بنكَ المصدِّر بما يفيد تحصيل القيمة وقيدها في الحساب الجاري له.

وهذه خدمة جائزة يقوم بها البنك بقصد تسهيل التبادل التجاري، ومؤدّاها توسّط البنك في إيصال مستندات الشحن إلى المستورد عن طريق مراسله في بلد ذلك المستورد وتسلّم الثمن عن طريق المراسل، ونظراً إلى أنّ الثمن الذي يتسلّمه المراسَل يدخل في الحساب الجاري لبنك المصدِّر لدى البنك المراسَل فهذا يعني أنّ بنك المصدّر يقرض هذا المبلغ ويودعه في حسابه الجاري لدى المراسَل، أي يقرضه للبنك المراسَل ثمّ يقوم بتسديد دَينه للمصدِّر بدفع قيمة الثمن إليه نقداً، أو إن شاءَ اكتفى بتقييده في حسابه الجاري باعتباره دَيناً للمصدِّر على البنك ؛ لأنّ كلّ دَينٍ للعميل على البنك يمكن أن ينشئ إيداعاً جديداً في الحساب الجاري.

وللبنك أن يأخذ عمولةً من المصدِّر لقاءَ قيامه بخدمة التوسّط في إيصال المستندات وتسلّم الثمن عن طريق مراسَله في الخارج، كما أنّ له أن يقيّد على المصدِّر ما تحمّله من نفقات، كأجرة البريد ونحوها ممّا يتطلّبه من التوسّط المذكور ؛ لأنّ هذا التوسط تمّ بأمر المصدِّر فيتحمّل ضمان ما أنفق لأجله.

كما أنّ البنك الذي يقوم بالتحصيل يتحمّل عادةً فائدةً من قبل البنك في بلد المصدِّر خلال الفترة من شحن البضاعة حتى تسليمها للمستورد، وهو يقوم بتحميلها بدوره على المستورد، وهذا جائز أيضاً ؛ لأنّ الفائدة التي يحمِلها بنك المصدِّر على البنك الذي يقوم بتحصيل الثمن، مهما كانت أسبابها غيرُ مشروعة، إنّما تفرض على البنك المحصّل لقيامه بالوساطة بين المصدّر والمستورد، فبإمكان البنك المحصّل أن يمتنع عن القيام بالتحصيل ما لم يلتزم المستورد بتحمّل تلك الفائدة ويتعهّد بتدارك ما تكبّده من خسارة.

١١٥

عمليات التحويل الداخلي:

إذا اتّفق أنّ شخصاً في بلدٍ أصبح مَديناً لشخصٍ في بلدٍ آخر فبإمكانه بدلاً عن إرسال شيكٍ إليه بالبريد مثلاً أن يستعمل طريقة الحوالة المصرفية، وهي عبارة عن أمرٍ كتابيٍّ يصدِّره العميل المَدين إلى البنك لدفع مبلغٍ من النقود إلى شخصٍ آخر في جهةٍ أخرى، فيتولّى البنك المأمور الاتّصال بفرعه أو مراسله في الجهة المحدّدة لتنفيذ أمر عمليه، ويتّصل الفرع أو البنك المحوَّل إليه حينئذٍ بالمستفيد طالباً منه الحضور إلى البنك لتسلّم قيمة الحوالة، أو يقوم البنك بنفسه بتقييد المبلغ في الحساب الجاري للمستفيد إذا كان هذا الحساب موجوداً وإرسال إشعارٍ بذلك إلى المستفيد.

ويمكن تكييف هذا التحويل من الناحية الفقهية على عدّة أوجه:

فأولاً: يمكن أن نفسِّر العملية بأنّها محاولة من العميل المحوِّل لاستيفاء دَينه الذي له ذمّة البنك، فبدلاً عن أن يطالبه بدفع قيمة الدَين إليه فوراً يطلب منه تسديد الدَين عن طريق دفع قيمته إلى المحوِّل إليه الدائن للمحوِّل ؛ لكي تبرأ بهذا الدفع ذمّة البنك تجاه المحوِّل وذمّة المحوِّل تجاه المحوَّل إليه.

وثانياً: يمكن أن نفسِّر العملية بأنّها محاولة من البنك المأمور بالتحويل لتسديد الدين الثابت للمحوَّل إليه على المحوِّل ؛ وذلك عن طريق الاتّصال بفرعه أو مراسله وأمره بدفع قيمة ذلك الدين، ونظراً إلى أنّ ذلك وقع بطلبٍ من الآمر بالتحويل المَدين فيصبح هذا الآمر ضامناً للبنك قيمة الدَين الذي سدّده عنه، وتحصل المقاصّة بين دَائنيّة البنك الآمر بالتحويل نتيجةً لتسديد دَينه ودائنيّة الآمر للبنك المتمثّلة في رصيده الدائن.

١١٦

وثالثاً: يمكن أن نفسِّر العملية بأنّها حوالة بالمعنى الفقهي(١) . فالآمر بالتحويل مَدين، والمستفيد من الحوالة دائن، فذاك يحيل هذا على البنك المأمور بالتحويل، فيصبح البنك بموجب هذه الحوالة مَديناً للمستفيد، وهو بدوره قد يحيل المستفيد على بنكٍ آخر مراسلٍ له في البلد الذي يقيم فيه المستفيد، فتتمّ بذلك حوالة ثانية يصبح بموجبها البنك المراسل مَديناً للمستفيد. وقد يكون للبنك الأوّل فرع يمثّله في بلد إقامة المستفيد فيتّصل به ويأمره بالدفع، ولا يكون هذا حوالةً ثانية ؛ لأنّ الفرع ممثّل للبنك المَدين، وليس له ذمّة أخرى ليحال عليها الدَين من جديد.

ورابعاً: يمكن أن نفسِّر العملية بأنّها حوالة بالمعنى الفقهي، ولكنّ المحوِّل ليس هو الآمر بالتحويل كما فرضنا في التفسير السابق، بل البنك المأمور بالتحويل نفسه بوصفه مَديناً للآمر بما له من رصيدٍ دائنٍ في ذلك البنك، فيحيله على مراسله في بلد إقامة المستفيد، فيصبح البنك المراسل هو المدين للآمر بالتحويل، فيقوم الآمر بالتحويل بدوره بإحالة دائنه المقيم في بلد البنك المراسل على ذلك البنك، ويكلِّف البنك الذي يتعامل معه بتبليغه ذلك.

والأكثر انسجاماً مع واقع العملية كما تجري فعلاً هو التفسير الثالث دون التفاسير الثلاثة الأخرى ؛ لأنّ التفسيرين الأوَّلَين لا يجعلان المستفيد من الآمر بالتحويل دائناً بالفعل للبنك المراسل، وإنّما هو مخوَّل في أخذ قيمة دينه منه، فلا يتاح له أن يأمره بترحيل القيمة إلى حسابه دون قبض، خلافاً للتفسير الثالث الذي تتمّ فيه دائنيّة المستفيد بمجرّد قبوله للتحويل.

____________________

(١) راجع الملحق (٦) للتوسّع من الناحية الفقهية في تبرير أخذ العمولة على تحصيل الشيك في هذه الحالة. (المؤلّف قدس‌سره ).

١١٧

كما أنّ التفسير الرابع لا ينطبق على حالة ما إذا كان المراسل للبنك المأمور بالتحويل فرعاً له؛ إذ في هذه الحالة لا معنى لأنْ يحوِّل البنك المأمور دائنه عليه. وعلى أيّ حالٍ فالعملية صحيحة وجائزة شرعاً.

أخذ العمولة على التحويل:

عرفنا سابقاً أنّ البنك يجوز له أن يتقاضى عمولةً على تحصيل قيمة الشيك المسحوب على بنكٍ آخر أو فرعٍ آخر، ولا يجوز أن يتقاضى عمولةً على تحصيل قيمة الشيك المسحوب على الرصيد الدائن للساحب في نفس البنك والفرع الذي يقوم بالتحصيل إلاّ في حالات اشتراطٍ معيّنة. ونريد أن نعرف الآن حكم العمولة على التحويل، فهل يجوز للبنك أن يتقاضى عمولةً من المحوِّل على التحويل ؟

والجواب بالإيجاب مهما كان التخريج الفقهي لعميلة التحويل.

وتفصيل ذلك : أنّ عملية التحويل إذا كانت تعني أنّ البنك يريد أن يسدّد الدَين الذي عليه للآمر بالتحويل عن طريق دفعه إلى دائنه - كما تقدّم في الوجه الأوّل من أوجه التكييف الفقهي للعملية - فهو يأخذ عمولةً لقاءَ تسديده للدَين في مكانٍ آخر غير مكان القرض الذي نشأ بينه وبين الآمر بالتحويل، فالبنك وإن كان مَديناً للآمر بالتحويل، والمَدين وإن كان ملزماً بتسديد دينه دون عوض، ولكنّه غير ملزم بالدفع في أيّ مكانٍ يقترحه الدائن، فإذا أراد الدائن منه أن يسدِّد دَينه في مكانٍ معيّنٍ غير المكان الطبيعي للوفاء كان من حقّ البنك أن يتقاضى عمولةً على ذلك.

وإذا كانت عملية التحويل تعني محاولة البنك المأمور لتسديد دين المستفيد على الآمر - كما مرّ في الوجه الثاني لتكييفها الفقهي - فمن الواضح أنّ هذه الخدمة

١١٨

يؤدّيها البنك لعميله ويتقاضى عليها عمولة، وقيمة هذه الخدمة هي عبارة عن قيمة المبلغ المدفوع وفاءً عن ذمّة الآمر بالتحويل زائداً قيمة دفعه في مكانٍ آخر لم يكن ليتيسّر للآمر بالتحويل الدفع فيه إلاّ بنفقات.

وإذا كانت عملية التحويل تقوم على أساس الحوالة، بأن يُحيل الآمر بالتحويل دائنَه الموجود في بلدٍ آخر على البنك كما مرَّ في الوجه الثالث للتكييف الفقهي، فالآمر بالتحويل:

إمّا أن يكون حسابه مع البنك على المكشوف.

وإمّا أن يكون له رصيد دائن يتمثّل في حسابٍ جارٍ مع البنك.

وإمّا أن يكون قد تقدّم الآن حين أراد التحويل بمبلغٍ من النقود ليسلّمها إلى البنك ويكلّفه بالتحويل.فإن كان حسابه على المكشوف، فالبنك بريء، والحوالة حوالة على بريء.

وإن كان له رصيد دائن سابق، فالبنك مَدين والحوالة على مَدين، وفي كلتا الحالتين يجوز للبنك أن يأخذ عمولةً حتى لو كان مَديناً ؛ لأنّه غير ملزمٍ بقبول الدفع في مكانٍ آخر، والحوالة على المدين لا تعني إلزامه بالدفع في مكانٍ معيّنٍ لم يفرضه عقد القرض الذي نشأت مَدينيّته على أساسه، فيأخذ البنك عمولةً لقاءَ الدفع في مكانٍ معيّن.

وأمّا إذا تقدّم الآمر بالتحويل بالمبلغ فعلاً إلى البنك، فهذا يعني أنّ عقد القرض سوف ينشأ فعلاً، ويصبح البنك بموجبه مديناً والآمر بالتحويل دائناً ؛ لكي يُتاح له توجيه الآمر إلى البنك، وفي هذه الحالة يمكن للبنك أن يشترط في عقد القرض على الآمر بالتحويل أن لا يحيل الآمر دائنه عليه إلاّ بإذنه، أو إلاّ إذا دفع إليه عمولةً معيّنة، وهو شرط سائغ ؛ لأنّه لمصلحة المَدين على الدائن، لا العكس.

١١٩

وأخيراً، إذا كانت عملية التحويل قائمةً على أساس الوجه الرابع في تكييفها، وهو أن البنك المأمور هو المحوّل لعملية الآمر باعتباره دائناً له على بنكٍ مراسلٍ له في بلدٍ آخر، فيجوز للبنك أن يأخذ العمولة وإن كان مديناً ؛ لأنّ المدين غير ملزمٍ بهذا النوع من الوفاء، بل يمكنه تسديد الدَين بدفعه نقداً، فإذا أراد الدائن منه هذا النوع الخاصّ من الوفاء أمكنه الامتناع ما لم تدفع إليه عمولة خاصّة(١) .

التحويل المقترن بدفع مبلغٍ من النقود:

تقدّم أنّ الآمر بالتحويل قد يكون له رصيد سابق لدى البنك المأمور بالتحويل، وقد ينشأ القرض بينهما فعلاً تمهيداً لإنجاز عملية التحويل ؛ بأن يدفع الآمر بالتحويل فعلاً قيمة التحويل نقداً إلى البنك ويأمره بالتحويل، فينشأ عقد القرض في هذه الحالة، وهو جائز كما تقدّم، ويجوز للبنك أن يأخذ عمولةً لقاءَ قبوله بالدفع في مكانٍ آخر، أو بحكم شرطٍ يدرجه في نفس عقد القرض يفرض فيه على الدائن أن لا يوجّه إليه تحويلاً إلاّ بإذنه.

التحويل لأمره:

قد يريد شخص أن يحصل على مبلغٍ من النقود في بلدةٍ أخرى، فيدفع إلى البنك في البلدة الأُولى قيمة المبلغ نقداً، ثمّ يتسلّمه في البلدة الأخرى من أحد فروع البنك أو من بنكٍ آخر مراسل.

____________________

(١) راجع للتوسّع في المناقشة الفقهية الملحق (٧) في آخر الكتاب. (المؤلّف قدس‌سره ).

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

فالرجل إذن، يعترف بولادة محمّد بن الحسن، وليتَه أخبرنا بِسَنَة وفاته وكيفيّتها، وأخبرنا بمكان قبره!!

٢٢ - السيّد عبّاس بن علي المكّي (ت: ١١٨٠ هـ):

قال في كتابه ( نزهة الجليس ): ( ترجمة الإمام المهدي المنتظر أبي القاسم محمّد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

هو القائم المنتظر على رأي الإماميّة، وهو صاحب السرداب... وللإماميّة فيه أقوال كثيرة، وهم ينتظرون خروجه آخر الزمان، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين، ولمّا تُوفِّي أبوه وقد تقدّم ذكره، كان عمره خمس سنين، واسم أُمّه نرجس...

إلى أنْ قال: والصحيح أنّ ولادته في ثامن شعبان سنة: ست وخمسين ومئتين، ودخل السرداب سنة: خمس وسبعين ومئتين وعمره سبع عشرة سنة... ) (١) .

٢٣ - الشيخ عثمان العثماني (ت: ١٢٠٠ هـ):

قال في ( تاريخ الإسلام والرجال ): ( الثاني عشر محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا، يكنّى: أبا القاسم، وتلقّبه الإماميّة: بالحجّة، والقائم،

____________________

= آخر الكشكول لبهاء الدين العاملي، الجزء الثاني، دار إحياء الكتب العربيّة، وقد نقل نسخة مصوّرة منها الشيخُ فقيه إيماني في كتابه المهدي عند أهل السُنّة: ١/ ٥٢٤ وما بعدها.

(١) نقل كلامه الأستاذ الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي في كتابه ( مَن هو المهدي ): ص٤٤٢، مؤسّسة النشر الإسلامي، التابعة لجماعة المدرّسين، عن ( نزهة الجليس ): ١٢٨، طبع القاهرة.

٣٨١

والمنتظر، وصاحب الزمان.

إلى أنْ قال: وُلِدَ في سرّ مَن رأى، في الثالث والعشرين من رمضان، سنة: ثمان وخمسين ومئتين.. ) (١) .

٢٤ - النسّابة أبو الفوز محمّد أمين السويدي (ت: ١٢٤٦ هـ):

قال في كتابه ( سبائك الذهب ): ( وكان عمره - أي محمّد بن الحسن العسكري عليهما السلام - عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة... ) (٢) .

٢٥ - الشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت: بعد ١٣٠٨ هـ):

قال في كتابه ( نور الأبصار ): ( فصل: في ذكر مناقب محمّد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم... ) (٣) .

٢٦ - خير الدين الزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ):

قال في كتابه ( الأعلام ): ( محمّد بن الحسن العسكري ( الخالص ) بن علي الهادي، أبو القاسم: آخر الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة، وهو المعروف عندهم بالمهدي، وصاحب الزمان، والمنتظر، والحجّة، وصاحب السرداب، وُلِدَ في سامرّاء، ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين، ولمّا بلغ التاسعة أو العاشرة أو التاسعة عشرة، دخل سرداباً في دار أبيه ولم يخرج منه... ) (٤) .

____________________

(١) المصدر نفسه: ٤٤٠، عن ( تاريخ الإسلام والرجال ).

(٢) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ٧٨، المكتبة العلميّة.

(٣) نور الأبصار: ١٨٥، دار الفكر، النسخة المصوّرة على طبعة القاهرة، سنة: ١٩٤٨م.

(٤) الأعلام: ٦ /٨٠، دار العلم للملايين.

٣٨٢

٢٧ - الشيخ علاء الدين أحمد بن محمّد السماني، في ذكر الأبدال والأقطاب:

قال: ( وقد وصل إلى رتبة القطبية محمّد المهدي بن الحسن العسكري، وهو إذْ اختفى دخل في دائرة الأبدال متدرّجاً طبقة بعد طبقة، إلى أنْ صار سيّد الأبدال... ) (١) .

٢٨ - عارف أحمد عبد الغني:

قال في كتابه ( الجوهر الشفّاف في أنساب السادة الأشراف ) عند ذكره للإمام العسكري ( عليه السلام ): ( وهو والد الإمام المهدي، ثاني عشر الأئمّة عند الإماميّة، وهو القائم المنتظر عندهم ) (٢) .

٢٩ - الشريف أنس الكتبي الحسيني:

قال في تحقيقه لكتاب ( تحفه الطالب ) عند ذكر الماتن لمحمّد المهدي: أقول: ( اختفى الإمام المهدي في سنٍّ مبكّر، والأمر مسلَّم بين الشيعة والسُنّة على اختفائه وعدم ظهوره، وقد أثبتتْ لنا الكتب التاريخيّة أنّ المهدي دخل السرداب وهو صغير السن... ) (٣) .

____________________

(١) نقله العصامي في تاريخه ( سمط النجوم العوالي ): ٤/ ١٣٨، المكتبة السلفيّة، القاهرة.

(٢) الجوهر الشفّاف في أنساب السادة الأشراف: ١/١٦٠ - ١٦١، دار كتاب للطباعة والنشر.

(٣) انظر: كتاب ( تحفة الطالب ): ٥٥، دار المجتبى للطباعة والنشر.

٣٨٣

القسم الثاني

طائفة من أقوال علماء وأعلام أهل السُنّة الذاهبين إلى ولادة محمّد بن الحسن

وأنّه المهدي المنتظر ( عليه السلام )

١ - الحافظ أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري (ت: ٣٣٩ هـ):

حيث التقى بالإمام محمّد بن الحسن، ونقل عنه رواية بلا واسطة كما جاء ذلك في كتاب: ( أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب ) لشمس الدين بن الجزري الشافعي: حيث نقل فيه رواية يتّصل إسنادها بالبلاذري، محدّثاً فيها عن محمّد بن الحسن، واصفاً إياه بإمام عصره. وقبل أنْ ننقل الرواية بإسنادها ننوّه إلى أنّ شمس الدين بن الجزري ذكر في مقدّمة كتابه هذا، بأنّه لا ينقل فيه إلاّ ما تواتر أو صحّ أو حسن من الروايات، وعليه فتكون هذه الرواية معتبرة خصوصاً مع مراعاة أوصاف رواتها المثبّتة في السند. وإليك قارئي تمام الرواية:

قال شمس الدين بن الجزري:

أخبرنا شيخنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمالي زاهد عصره، قال: أخبرنا الإمام سعيد الدين محمّد بن مسعود محدّث فارس في زمانه، أخبرنا الشيخ ظهير الدين إسماعيل بن المظفّر بن محمّد الشيرازي عالِم وقته، أخبرنا أبو طاهر عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شاهور القلانسي شيخ عصره، أخبرنا أبو المبارك عبد العزيز بن محمّد بن منصور الآدمي إمام أوانه، أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة دهره، حدّثنا أبو صالح أحمد بن عبد

٣٨٤

الملك بن علي النيسابوري غريب وقته، حدثنا أبو طاهر محمّد بن محمّد بن محمش الزيادي فريد دهره،حدّثنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه، ثنا محمّد بن الحسن بن علي إمام عصره، حدثنا أبي الحسن بن علي السيّد المحجوب [ حدّثنا أبي علي بن محمّد الهادي، حدثنا أبي محمّد بن علي الجواد ] (١) حدّثنا أبي علي بن موسى الرضا، حدّثنا أبي موسى بن جعفر الكاظم، حدّثنا أبي جعفر بن محمّد الصادق، حدّثنا أبي محمّد بن علي الباقر، حدّثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين، حدّثنا أبي الحسين بن علي سيّد الشهداء، حدّثنا أبي علي بن أبي طالب سيّد الأولياء رضي الله عنهم، أخبرني سيّد الأنبياء محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:

( أخبرني جبرائيل سيّد الملائكة، قال: قال الله تعالى سيّد السادات: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا مَنْ أقرّ لي بالتوحيد دخل حُصْنِي، ومَن دخل حصني أمِنَ من عذابي ) (٢) .

قال الشمس ابن الجزري: كذا وقع هذا الحديث بهذا السياق من المسلسلات السعيديّة والعهدة فيه على البلاذري والله أعلم (٣) .

وستأتيك ترجمة البلاذري في ملحق الكتاب، وتَعرف أنّه من الحفّاظ

____________________

(١) قال الشيخ محمّد باقر المحمودي الذي هذّب وحقّق كتاب: ( أسنى المطالب ) وسمّاه بـ ( أسمى المناقب ): ( كذا في أصلي المطبوع بمكّة المكرّمة زادها الله شرفاً وكرامة،غير أنّ ما بين المعقوفين كان قد سقط من الأصل المذكور)، انظر: ( أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب ):٩٩ - ١٠٠.

(٢) أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب:٨٦ - ٨٧.

(٣) المصدر نفسه.

٣٨٥

والثقات على مبانيهم، وها هو يعترف بكلّ صراحة ووضوح بأنّ محمّد بن الحسن هو إمام العصر، وهو عين ما تقول به الشيعة الإماميّة.

٢ - الحافظ محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس، أبو الفتح البغدادي (ت: ٤١٢ هـ):

في أربعينه، الحديث الرابع:

قال: أخبرنا محمود بن محمّد الهروي... قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله عن سعد بن عبد الله عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى الأشقري عن أبي حفص أحمد بن نافع البصري، قال: حدّثني أبي وكان خادماً للإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام [ قال: حدّثني الرضا ]، قال: حدّثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر الصادق، قال: حدّثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي، قال: حدّثني سيّد العابدين علي بن الحسين، قال: حدّثني أبي سيّد الشهداء الحسين بن علي، قال: حدّثني أبي سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) أنّه قال: قال لي أخي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

( مَن أَحَبَّ أنْ يلقى الله عزّ وجلّ وهو مقبل عليه غير مُعرض عنه فليوالِ عليّاً ( عليه السلام ) .

ومَن سرّه أنْ يلقى الله عزّ وجل وهو راضٍ عنه فليوالِ ابنك الحسن ( عليه السلام ) .

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله عزّ وجل ولا خوف عليه فليوالِ ابنك الحسين.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو تمحّص عنه ذنوبه فليوالِ علي بن الحسين عليهما السلام فإنّه كما قال الله تعالى: ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) .

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله عزّ وجل وهو قرير العين فليوالِ محمّد بن علي عليهما السلام.

ومَن أحبّ أنْ

٣٨٦

يلقى الله عزّ وجل فيعطيه كتابه بيمينه فليوالِ جعفر بن محمّد عليهما السلام.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله طاهراً مطهّراً فليوالِ موسى بن جعفر النور الكاظم عليهما السلام.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وهو ضاحك فليوالِ علي بن موسى الرضا عليهما السلام.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله وقد رُفعتْ درجاته وبدّلت سيئاته حسنات فليوالِ ابنه محمّد.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله عزّ وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخله جنّةً عرضها السموات والأرض فليوالِ ابنه علي.

ومَن أحبّ أنْ يلقى الله عزّ وجل وهو من الفائزين فليوالِ ابنه الحسن العسكري.

ومَنْ أحبّ أنْ يلقى الله وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه فليوالِ ابنه صاحب الزمان المهدي.

فهؤلاء مصابيح الدُجى، وأئمّة الهدى، وأعلام التُقى، فَمَن أحبّهم ووالاهم كنتُ ضامناً له على الله الجنّة ) (١) .

وواضح أنّه معتقد بصحّة الخبر، وإلاّ لَمَا أورده في أربعينه، خصوصاً أنّه قال في آخر كلامه ما نصّه:

( وإنّما ملتُ إلى تفضيلهم - يعني أهل البيت عليهم السلام - بعد أنْ تقدّمتْ مذاهب فعرفتها وبان لي الحقيقة فعرفتها وتبيّنت الطريقة فسلكتها بالشواهد اللائحة والأخبار الصحيحة الواضحة، ونبأت بها من الثقات وأهل الورع والديانات وكذلك أديناها حسب ما رويناها، قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( مَن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار ) (٢) .

٣ - أحمد بن الحسن النامقي الجامي (ت: ٥٣٦ هـ):

على ما في ( ينابيع المودّة ) في آخر الباب السادس والثمانين حيث قال

____________________

(١) نقله صاحب ( كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ):٦٠.

(٢) المصدر نفسه: ٦١.

٣٨٧

القندوزي الحنفي: ( وأمّا شيخ المشايخ العظام أعني حضرة شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ عطّار النيشابوري، وشمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيّد نعمة الله الولي، والسيّد النسيمي، وغيرهم ( قدس الله أسرارهم ) ووهب لنا عرفانهم وبركاتهم، ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمّة من أهل البيت الطيّبين ( رضي الله عنهم ) مدْح المهدي في آخرهم، متّصلاً بهم، فهذهِ أدلّة على أنّ المهدي وُلِدَ أوّلاً ( رضي الله عنه )، ومَن تتبّع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عيان ) (١) .

٤ - يحيى بن سلامة بن حسين بن أبي محمّد عبد الله الديار بكري الطنزي الحصكفي (ت: ٥٥٣ هـ) (٢) .

ذكر ولادة الإمام المهدي في قصيدة طويلة جاء فيها:

وَسَائِلٌ عَنْ حُبِّ أَهْلِ البَيْتِ هَلْ

أُقِرُّ إِعْلاَنَاً بِهِ أَمْ أَجْحَدُ

هَيْهَاتَ مَمْزُوْجٌ بِلَحْمِيْ وَدَمِيْ

حُبُّهُم وَهُوَ الهُدَى الرَشَدُ

حَيْدَرَةُ وَالحَسَنَانِ بَعْدَهُ

ثُمَّ عَلِيّ وَابْنُه مُحَمَّدُ

وَجَعْفَرُ الصَادِق وابْنُ جَعْفَر

مُوْسَى وَيَتْلُوْهُ عَلِيُّ السَيِّدُ

أَعْنِي الرِضَا ثُمّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ

ثُمّ عَلِيّ وَابْنُه المُسَدَّدُ

____________________

(١) ينابيع المودّة: ٢/ ٥٦٦، منشورات الشريف الرضي المصوّرة على المطبعة الحيدريّة سنة: ١٩٦٥م.

(٢) ذكر الذهبي في السير - ج٢٠، ص٣٢ - مؤسّسة الرسالة: أنّ وفاته في سنة: (٥٥١هـ)، بينما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، وابن الدمياطي في ( المستفاد من تاريخ بغداد )، وسبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص )، أنّ وفاته في سنة: (٥٥٣هـ).

٣٨٨

الْحَسَنُ التَالِي وَيَتْلُوْ تِلْوَهُ

مُحَمَّد بْن الحَسَن المُفْتَقَدُ

فَإِنَّهُمْ أَئِمَّتِي وَسَادَتِي

وَإِنْ لَحَانِي مَعْشَرٌ وَفَنَّدُوا

إلى أنْ قال:

وَلَسْتُ أَهْوَاكُم بِبُغْضِ غَيْرِكُم

إِنِّي إِذَنْ أَشْقَى بِكُمْ لاَ أُسْعَدُ

فَلاَ يَظُنُّ رَافِضِيْ أَنَّنِي

وَافَقْتُهُ أَوْ خَارِجِيّ مُفْسِدُ

مُحَمَّدٌ وَالخُلَفَاءُ بَعْدَهُ

أَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ فِيْمَا أَجِدُ

هَمْ أَسَّسُوْا قَوَاعِدَ الدِّيْنِ لَنَا

وَهُمْ بَنَو أَرْكَانَهُ وَشَيَّدُوْا

وَمَنْ يَخُنْ أَحْمَدَ فِيْ أَصْحَابِهِ

فَخَصْمُهُ يَوْمَ المِعَادِ أَحْمَدُ

هَذَا اعْتِقَادِي فَالْزِمُوْهُ تُفْلِحُوا

هَذَا طَرِيْقِيْ فَاسْلُكُوْهُ تَهَ دُوا

وَالشَافِعِيُّ مَذْهِبِي مَذْهَبُهُ

لأَنَّه فِيْ قَوْلِهِ مُؤَيَّدُ

تَبِعْتُهُ فِيْ الأَصْلِ وَالفَرْعِ مَعَاً

فَلْيَتْبَعْنِي الطَّالِبُ المُرْشِدُ

إنِّي بِإذْنِ اللهِ نَاجٍ سَابِقٍ

إِذَا وَنَى الظَالِمُ ثُمَّ المُفْسِدُ (١)

وقد نقلتُ المقطع الأخير؛ لأدلّك على أنّ الرجل ليس من الشيعة كما ينسبه البعض.

٥ - العلاّمة أبو محمّد بن الخشّاب عبد الله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر البغدادي النحوي المحدّث الفقيه الحنبلي (ت: ٥٦٧ هـ):

قال في كتاب ( تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم ): حدّثنا صدقة بن موسى،

____________________

(١) نقل الأبيات المتقدّمة ابن كثير في ( البداية والنهاية ): ١٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨، مؤسّسة التاريخ العربي. ونقل مقطعاً منها - فيه موضع الشاهد على ولادة المهدي عليه السلام - سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص ): ٣٢٧، مؤسّسة أهل البيت، بيروت.

٣٨٩

حدّثنا أبي، عن الرضا ( عليه السلام ) قال: ( الخَلَف الصالح مِن ولد أبي محمّد الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان وهو المهدي ).

وحدّثني الجراح بن سفيان قال: حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي عن أبيه هارون عن أبيه موسى، قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد عليهما السلام: ( الخَلَف الصالح مِن وُلْدِي، المهدي اسمه محمّد، كنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يُقال لأُمِّه صيقل ).

قال لنا أبو بكر الدَرَّاع:

وفي رواية أخرى بل أُمّه: حكيمة، وفي رواية أخرى ثالثة يُقال لها: نرجس، ويُقال بل: سوسن، والله أعلم بذلك، يُكنّى بأبي القاسم، وهو ذو الاسمَين خلف ومحمّد يظهر في آخر الزمان على رأسه غمامة تظلّه من الشمس تدور معه حيث ما دار، تنادي بصوت فصيح هذا المهدي.

حدّثني محمّد بن موسى الطوسي، قال: حدّثنا أبو السكين عن بعض أصحاب التاريخ: أنّ أمّ المنتظر يُقال لها حكيمة، حدّثني عبيد الله بن محمّد عن الهشيم بن عدي قال: يُقال: كنيته الخَلَف الصالح أبو القاسم، وهو ذو الاسمَين صلّى الله عليه وآبائه أجمعين ) (١) .

٦ - أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم (ت: ٥٦٨ هـ):

حيث نقل بعض الأحاديث الدالّة على ولادة الإمام المهدي من دون أنْ

____________________

(١) تاريخ مواليد الأئمّة: ص٤٤ - ٤٦، مطبعة الصدر، الناشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم.

٣٩٠

يُعلّق عليها (١) .

٧ - فريد الدين عطّار النيشابوري (ت: ٦٢٧ هـ):

على ما نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ) آخر الباب السادس والثمانين حيث قال: ( وأمّا شيخ المشايخ العظام أعني حضرة شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ النيشابوري، وشمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيّد نعمة الله الولي، والسيّد النسيمي، وغيرهم، ( قدّس الله أسرارهم ) ووهب لنا عرفانهم وبركاتهم، ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمّة من أهل البيت الطيّبين ( رضي الله عنهم ) مدْح المهدي في آخرهم متّصلاً بهم، فهذه أدلّة على أنّ المهدي وُلِدَ أوّلاً ( رضي الله عنه ) ومَن تتبّع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عيان ) (٢) .

ثمّ إنّه ذكر في الباب السابع والثمانين بعضَ أشعار الشيخ عطّار النيشابوري باللغة الفارسيّة فقال: ( ومِن كلمات الشيخ عطّار النيشابوري ( قدس الله سره ) وأفاض علينا علومه وبركاته في كتابه مظهر الصفات:

مصطفى ختم رسل شد در جهان

مرتضى ختم ولايت در عيان

جملة فرزندان حيدر أوليا

جمله يك نورند حق كرد اين ندا

____________________

(١) انظر: ( مقتل الخوارزمي ): الفصل السادس، في فضائل الحسن والحسين، حديث رقم: ٢١ ص١٤٤ - ١٤٥، وحديث: ٢٣ ص١٤٦، نشر أنوار الهدى. وانظر: ( ينابيع المودّة ): ٢/٥٣٤، منشورات الشريف الرضي.

(٢) ينابيع المودّة: ٢/ ٥٦٦، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدريّة، سنة: ١٩٦٥م.

٣٩١

وبعد تعداد أسماء الأئمّة الأحد عشر قال:

صد هزاران اولياء روي زمين

از خدا خواهند مهدي را يقين

يا إلهي مهديم از غيب آر

تا جهان عدل گردد آشكار

مهدي هاديست تاج اتقيا

بهترين خلق برج أولياء (١)

٨ - الشيخ محيي الدين محمّد بن علي المعروف بابن عربي الطائي الأندلسي (ت: ٦٣٨ هـ):

قال في الباب السادس والستّين وثلاثمئة من ( الفتوحات المكِّيَّة ): ( واعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي ( عليه السلام )، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مِن وُلْد فاطمة رضي الله عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن محمّد التقي - بالتاء - ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي بن الإمام

____________________

(١) المصدر نفسه: ٢/٥٦٧. وترجمة مضمون هذه الأبيات هو:

إنّ المصطفى صار خاتم الرسل في العالم

والمرتضى خاتم الولاية علانية

وجميع أولاد حيدر أولياء

وكلّهم نور واحد والحقّ نادى بهذا

* * *

آلاف من أولياء الله في الأرض

يطلبون من الله ظهور المهدي

يا إلهي أظهر مهديَّنا من الغيب

حتّى يشتهر العدل في العالم

المهدي هادٍ وتاج الأتقياء

أفضل الخلق قمّة الأولياء

٣٩٢

الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه... ) (١) .

٩ - الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي (ت: ٦٥٢ هـ):

قال في كتابه ( مطالب السؤول ): ( محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجّة الخَلَف الصالح المنتظر، عليهم السلام ورحمة الله وبركاته.

فَهَذَا الخَلَفُ الحُجَّةُ قَدْ أَيَّدَهُ اللهُ

هُدَاهُ مَنْهَجُ الحَقِّ وَآتَاهُ سَجَايَاهُ

إلى آخر الأبيات، ثمّ أثنى على الإمام بكلماته الرائعة وبعدها قال:

فأمّا مولده: فبسرّ مَن رأى، في ثالث وعشرين رمضان، سنة: ثمان وخمسين ومئتين للهجرة ) (٢) .

١٠ - العلاّمة يوسف بن فرغلي المعروف بسبط ابن الجوزي الحنفي (ت: ٦٥٤ هـ):

____________________

(١) نقل كلامه عبد الوهاب الشعراني في الجزء الثاني من كتاب ( اليواقيت والجواهر )، وقد أدرج الشيخ مهدي فقيه إيماني نسخة مصوّرة من الفصل المتعلّق بالموضوع في كتابه ( المهدي عند أهل السُنّة ): ( ١/٤١٠) وما بعدها.

كما نقل كلامه أيضاً الصبّان الشافعي في ( إسعاف الراغبين ) المطبوع في هامش ( نور الأبصار ): ١٥٤، دار الفكر، النسخة المصوّرة على طبعة القاهرة، ١٩٤٨.

ومِن المؤسف أنّ الأيدي التي تدّعي أنّها أمينة على التراث قد حذفتْ هذه العبارة من كتاب الفتوحات المكِّيَّة المتداول فعلاً؟!!

(٢) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ٢/ ١٥٢، طبعة مؤسّسة أمّ القرى، بيروت.

٣٩٣

قال في كتابه ( تذكرة الخواص ): ( فصل في ذكر الحجّة المهدي: هو محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وكنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخَلَف، الحجّة، صاحب الزمان، القائم المنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمّة... ) (١) .

١١ - الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي (ت: ٦٥٨ هـ):

قال في الباب الثامن من الأبواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتابه كفاية الطالب بعد ذكر الأئمّة من ولد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما لفظه: ( وخلف - يعني علي الهادي ( عليه السلام ) - من الولد أبا محمّد الحسن ابنه )، ثمّ ذكر تاريخ ولادته ووفاته وقال: ( ودُفن في داره بسرّ مَن رأى، في البيت الذي دُفن فيه أبوه، وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه ونختم الكتاب بذكره مفرداً انتهى ) (٢) .

وقال في نهاية الكتاب: ( ويتلوه ذكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) في كتاب مفرد وَسَمْتُهُ بـ: ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) ).

وقال في كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) في الباب الخامس والعشرين وهو آخر الأبواب في الدلالة على كون المهدي حيّاً باقياً منذ غيبته إلى الآن: ( ولا امتناع في بقائه؛ بدليل بقاء عيسى، وإلياس، والخضر، من أولياء الله تعالى، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونَين من أعداء الله تعالى... ) (٣) .

____________________

(١) تذكرة الخواص: ٣٢٥، مؤسّسة أهل البيت، بيروت.

(٢) كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: ٣١٢، مطبعة الغري.

(٣) البيان في أخبار صاحب الزمان: ص١٤٨، توزيع دار التعارف للمطبوعات.

٣٩٤

١٢ - الشيخ جلال الدين الرومي (ت: ٦٧٢ هـ):

تقدّم أنّ القندوزي الحنفي ذكره في آخر الباب السادس والثمانين (١) .

ونضيف أنّه ذكر له أبياتاً شعريّة باللغة الفارسيّة في الباب السابع والثمانين، تفيد ذلك أيضا ً (٢) .

١٣ - الشيخ العارف عامر بن بصري (ت: ٦٩٦ هـ):

قال في قصيدته التائيّة المسمّاة بذات الأنوار (٣) :

إِمَامَ الهُدَى حَتّى مَتَى أَنْتَ غَائِب

فَمُنَّ عَلَيْنَا يَا أَبَانَا بِأَوْبَةِ

تَرَاءَتْ لَنَا رَايَاتُ جَيْشِكَ قَادِمَاً

فَفَاحَتْ لَنَا مِنْهَا رَوَايِحُ مِسْكَةِ

وَبُشِّرَتْ الدُنْيَا بِذَلِكَ فَاغْتَدَتْ

مَبَاسِمُهَا مفترّة عَنْ مَسَرَّةِ

مَلَلْنَا وَطَالَ الانْتِظَارُ فَجِدْ لَنَا

بِرَبِّكَ يَا قُطْبَ الوُجُوْدِ بِلُقْيَةِ

١٤ - المحدّث الكبير إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الجويني الشافعي (ت: ٧٢٢ هـ):

حيث أخرج في الباب الثاني والثلاثين من الجزء الثاني حديثَ اللوح في صياغات مختلفة، فيه ذكر الأئمّة الاثني عشر واحداً واحداً، وأنّ آخرهم القائم، المهدي المنتظر بن الحسن العسكري ( عليه السلام ) (٤) .

____________________

(١) تقدّم القول في الصفحة: ٣٨٨، ٣٩١.

(٢) ينابيع المودّة: ٢/ ٥٦٨، انتشارات الشريف الرضي، طبعة مصوّرة على الطبعة الحيدريّة في النجف ١٩٦٥م.

(٣) نقل الأبيات صاحب ( كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ): ٨٨، إصدار مكتبة نينوى الحديثة.

(٤) فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة من ذرِّيَّتهم عليهم السلام: ٢/١٣٦ - ١٤١. أحاديث رقم: (٤٣٢ - ٤٣٥). مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر، بيروت.

٣٩٥

كما أخرج بسنده إلى دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال: ( يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة، القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره ... ) (١) .

١٥ - الشيخ شمس الدين محمّد بن يوسف الزرندي (ت: ٧٤٧ هـ):

قال في ( كتاب معراج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول ): ( الإمام الثاني عشر، صاحب الكرامات المشتهر الذي عظم قدره بالعالم واتّباع الحقّ والأثر، القائم - مولده على ما نقلته الشيعة ليلة الجمعة من شعبان سنة: خمس وخمسين - بالحقّ، والداعي إلى منهج الحقّ، الإمام أبو القاسم محمّد بن الحسن، وكان بسرّ مَن رأى في زمان المعتمد، وأمّه نرجس بنت قيصر الروميّة أُمُّ وَلَد ) (٢) .

١٦ - علي بن محمّد بن شهاب الهمداني (ت: ٧٨٦ هـ):

في ( مودّة القربى )، حيث ذكر في المودّة العاشرة المعنونة بعنوان: في عدد الأئمّة، وأَن المهدي منهم ( عليهم السلام )، ذكر بعض الروايات الدالّة على ولادته ومن دون أنْ يعلّق عليها برفض، ممّا يدل على قبوله ذلك (٣) .

١٧ - محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجه بارسا النقشبندي (ت: ٨٢٢هـ):

قال في كتابه ( فصل الخطاب ): ( وكانت مدّة بقاء الحسن العسكري بعد

____________________

(١) المصدر نفسه: ٢/ ٣٣٧. حديث رقم: (٥٩١).

(٢) نقلاً عن كتاب ( أئمّتنا ) لمحمّد علي دخيل: ٢/٤٣٥.

(٣) نقل الكتاب القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): ج١، من ص٢٨٨ - ٣١٧.

٣٩٦

أبيه ( رضي الله عنهما ) ستّ سنين ولم يخفِ (١) ولداً غير أبي القاسم محمّد المنتظر المسمّى بالقائم، والحجّة، والمهدي، وصاحب الزمان، وخاتمة الأئمّة الاثني عشر عند الإماميّة، وكان مولده ليلة النصف من شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين. وأمّه أُمّ ولد، يُقال لها نرجس، تُوفِّي أبوه - رضي الله عنه - وهو ابن خمس سنين، فاختفى إلى الآن ( رضي الله عنه ).

وهو محمّد المنتظر وَلَد الحسن العسكري ( رضي الله عنهما ) معلوم عند خاصّة أصحابه وثقات أهله... وقالوا: آتاه الله تبارك وتعالى الحكمة وفصْل الخطاب، وجعله آية للعالمين، كما قال: ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ) ، وقال تعالى: ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ) ، وطوّل الله تبارك وتعالى عمره كما طوّل عمر الخضر وإلياس عليهما السلام.

وقال بعض كبراء العارفين يعني الشيخ محيي الدين العربي ( قدّس الله سره ) في المهدي ( رضي الله عنه ) فإنّه يكون معه ثلاثمئة وستّون رجلاً من رجال الله الكاملين يبايعونه بين الركن والمقام، أسعد الناس به أهل الكوفة، ويقسّم المال بالسويّة، ويعدل في الرعيّة، ويفصل في القضيّة... ) (٢) .

١٨ - شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الهندي المعروف بملك العلماء (ت: ٨٤٩ هـ):

قال في كتابه الموسوم بـ ( هداية السعداء ): ( ويقول أهل السُنّة: إنّ خلافة

____________________

(١) في بعض النسخ الأخرى ( يخلّف )، انظر: المصدر بطبعة دار الأسوة: ٤/١٧١.

(٢) نقله القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ): ٢/٤٦٤ - ٤٦٥، منشورات الشريف الرضي الطبعة المصوّرة على الطبعة الحيدريّة في النجف، ١٩٦٥م.

٣٩٧

الخلفاء الأربعة ثابتة بالنص، كذا في عقيدة الحافظيّة، قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): خلافتي ثلاثون سنة، وقد تمّت بعلي، وكذا خلافة الأئمّة الاثني عشر:

أوّلهم: الإمام علي كرّم الله وجهه، وفي خلافته ورد حديث: الخلافة ثلاثون سنة.

والثاني: الإمام الشاه حسن ( رضي الله عنه )، قال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): هذا ابني سيّد سيصلح بين المسلمين.

والثالث: الإمام الشاه حسين ( عليه السلام )، قال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( هذا ابني ستقتله الباغية وتسعة مِن وُلْد الشاه حسين، قال: ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( بعد الحسين بن علي كانوا من أبنائه تسعة أئمّة آخرهم القائم ).

وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: دخلتُ على فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وبين يديها ألواح فيها أسماء أئمّة مِن ولدها، فعدّدتْ أحد عشر اسماً آخرهم القائم، ثمّ أورد على نفسه سؤالاً أنّه لم يدع زين العابدين الخلافة؟ فأجاب عنه بكلام طويل حاصله: أنّه رأى ما فُعل بجدّه أمير المؤمنين وأبيه عليهما السلام من الخروج والقتل والظلم، وسمع أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) رأى في منامه أنّ أجرية الكلاب تصعد على منبره وتعوي، فحزن فنزل عليه جبرائيل بالآية: ( لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) وهي مدّة ملك بني أميّة وتَسلّطهم على عباد الله، فخاف وسكت إلى أنْ يظهر المهدي من ولده فيرفع الألوية ويُخرج السيف فيملأ الأرض عدلاً وقسط ). إلى أن قال: ( وأوّلهم الإمام زين العابدين، والثاني الإمام محمّد الباقر، والثالث الإمام جعفر الصادق عليهم السلام، والرابع الإمام موسى الكاظم ابنه، والخامس علي الرضا ابنه، والسادس الإمام محمّد التقي ابنه، والسابع الإمام علي النقي ابنه، والثامن الإمام الحسن العسكري ابنه، والتاسع الإمام حجّة الله القائم الإمام المهدي ابنه، وهو غائب وله عمر طويل،

٣٩٨

كما بين المؤمنين عيسى وإلياس وخضر، وفي الكافرين الدجّال والسامري ) (١) .

١٩ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ المالكي (ت: ٨٥٥ هـ):

ذكر ذلك خلال الفصل الخاص بالإمام المهدي من كتابه ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ).

وجاء في جملته: ( وُلِد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ مَن رأى ليلة النصف من شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين للهجرة، وأمّا نسبه أباً وأمّاً فهو: أبو القاسم محمّد الحجّة، بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمّد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين، بن علي، بن أبي طالب، صلوات الله عليهم أجمعين... وأمّا لقبه: فالحجّة، والمهدي، والخَلَف الصالح، والقائم المنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها: المهدي... ) (٢) .

٢٠ - الشيخ أبو المعالي محمّد سراج الدين الرفاعي (ت: ٨٨٥ هـ):

ذكر في كتابه الموسوم بـ ( صحاح الأخبار في نَسَب السادة الفاطميّة الأخيار ) في ترجمة أبي الحسن الهادي ( عليه السلام ) ما لفظه: ( وأمّا الإمام علي الهادي ابن الإمام محمّد الجواد ولقبه التقي، والعالِم، والفقيه، والأمير، والدليل، والعسكري، والنجيب ولد في المدينة سنة: اثنتي عشر ومئتين من الهجرة،

____________________

(١) نقل كلامه الشيخ علي اليزدي الحائري في كتابه ( إلزام الناصب ): ١/٢٩٧، تحقيق السيّد علي عاشور.

(٢) الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة: ٢٨٢ - ٢٨٣، دار الأضواء.

٣٩٩

وتُوفِّي شهيداً بالسمّ في خلافة المعتز العبّاسي يوم الاثنين بسرّ مَن رأى لثلاث ليالٍ خلون من رجب سنة: أربع وخمسين ومئتين، وكان له خمسة أولاد: الإمام الحسن العسكري، والحسين، ومحمّد، وجعفر، وعائشة.

فالحسن العسكري أعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر وليّ الله الإمام محمّد المهدي ( عليه السلام )... ) (١) .

٢١ - محمّد بن داود النسيمي (ت: ٩٠١ هـ): على ما في ينابيع المودّة (٢) .

٢٢ - الفضل بن روزبهان (ت: بعد ٩٠٩ هـ):

قال في كتابه ( إبطال الباطل ): ( ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها وعلى سائر آل محمّد والسلام، أمر لا يُنكر، فإنّ الإنكار على البحر برحمته، وعلى البَرّ بسعته، وعلى الشمس بنورها، وعلى الأنوار بظهورها، وعلى السحاب بجوده، وعلى الملك بسجوده، إنكار لا يزيد المُنْكِر إلاّ الاستهزاء به، ومَن هو قادر على أنْ يُنْكِر على جماعة هم أهل السداد، وخُزّان معدن النبوّة، وحفّاظ آداب الفتوة، صلوات الله وسلامه عليهم، ونعم ما قلت فيهم منظوماً:

سلام على المصطفى المجتبى

سلام على السيّد المرتضى

سلام على ستّنا فاطمة

مَن اختارها الله خير النسا

سلام على المسك أنفاسه

على الحسن الألمعي الرضا

سلام على الأورعي الحسين

شهيد يرى جسمه كربلا

____________________

(١) صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطميّة الأخيار: ٥٥ - ٥٦، ركابي للتوزيع.

(٢) وقد تقدّم نصّ عبارة صاحب الينابيع في الصفحات: ٣٨٨، ٣٩١.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480