والسلطات القاهرة وسلطته الروحيَّة هناك تَحول بينهم وبين أنْ تحدث بينهم المقاتلة في مثل ذلك المحلِّ، الذي هو بالقُرى أشبه منه بالبلدان الواسعة.
أمَّا سُخرية الأجانب فهي هناك معدومة لقلَّة الأجانب يومئذ وعدم سُخريتهم؛ لأنَّهم مِن الذين لا يُهمُّهم مِن أمر الديانات شيء.
الذي أظنُّه - وظنُّ الألمعي يقين - أنَّ هذا الرجل يُذعن بمسؤوليَّة جميع ما سلف، كما يومئ إلى ذلك ما ذكرته ثمَّة، وإنَّما يمنع مِن ظهور الشبيه والمواكب للملأ تأليفاً بين الفرق، وأنْ لا يظهر بعضهم بمظهر المخالف للبعض الآخر.
وقد فاته أنْ يلتفت إلى أنَّ مورد المخالفة ليس جوهريَّاً، بعد وحدة الدين والاشتراك بالضروريَّات مِن أحكامه وغيرها(
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ
)
.
إنَّ التأليف الذي يقصده بترك التظاهر بتلك المراسم أمر مغروس في ذهنه مُنذ كان في الكويت، وهو اليوم يُعالجه ولا يكاد يُحيِّره، ولأجله يتشبَّث بالتهاويل ويُذعن لتلك التمويهات والمفتريات، وكأنَّ هذا المنع عنده مِن باب الأمر بترك الراجح لما هو أرجح منه، لا مِن باب النهي عن المنكر وإنْ صدَّر مقالته بذلك، ولعلَّه إلى هذا يرمز صاحب جريدة (الأوقات العراقيَّة)، إذ يقول نقلاً عن السيِّد المذكور: (إنَّ تلك المواكب عامل مِن عوامل التفرقة ورمز يُشير إليها).
وهذا إنْ كان مِن الناقل فهو اختلاس للحقِّ، وإنْ كان مِن القائل فهو اشتباه، وذلك أنَّ تلك المواكب وهاتيك الأعمال ليست مُفرِّقة بين المسلمين، نعم هي مظهر للفَرق بين فرقهم، والفارق جليٌّ بين المفرِّق بينهم وبين وجود الفارق.
أجلْ، التمثيل فارق، المواكب فارق، المآتم فارق، لبس السواد فارق، فوارق وأيُّ فوارق شابت عليها اللَّمم والمفارق، واعترف بفوائدها المصاحب والمفارق، فإنْ تكن هذه رموزاً، فهي رموز لامتياز الشيعة عمَّن سواهم، فلتكن تصريحات بدل كونها رموزاً،