لصدورهم، وقلادة لأعناقهم؟ فكيف يسخرون؟!.
إنَّ (الروايات التمثيليَّة) التي تُقام في العواصم كلَّ ليلة في محالٍّ عديدة، لم يؤسِّسها إلا أرباب السياسة مِن الأجانب، إصابة لأغراضهم، وهي ليست إلا تجسيماً خيالياً للحوادث الغابرة، ولو أنَّهم ألبسوها لباس التفرُّج والانشراح لكانت موقع استهزاء وتهجين، لكنَّهم بتفريح الطبايع جذبوا إليها قلوب العامَّة.
أفهل يطلب الأجانب مِن الجعفريَّة أنْ تَطرح ذلك الثوب على التمثيل الذي لم تقصد به إلا تحزين الطبايع وإبكاء النواظر وإثارة العواطف الرقيقة نحو المصاب بتلك (الفادحة) الكبرى؟!.
تمثيل النساء
اندفع صاحب المقالة بكلِّه وبجميع ما له مِن حماسة على تشبيه عقائل النبوَّة بثُلَّة مِن النساء المومسات والمتبرِّجات، وأبرق وأرعد على فاعل ذلك في مقالته مِن (صفحة 4 إلى 8)، يرى كلَّ قارئ أنَّ التشبيه الذي تفعله الجعفريَّة هو هذا القسم مِن التشبيه الشائن، غفرانك اللَّهمَّ غفرانك مِن هذا التهويل، ودفع الحقِّ بالأباطيل.
إنَّ هذا التشبيه لم يقع في البصرة على طوال السنين، إلا منذ أربعة أعوام، شهده غير واحد مِن الصلحاء، وأجلب على منعه، فمنعه مَن له قوَّة المنع مِن ساحته، وهذا الرجل يرى بكلامه كلَّ أحد أنَّ ذلك التشبيه المستهجن هو مِن الرسوم العاديَّة، حتَّى في عامه هذا. وإلّا فما هو معنى المنع عن شيء مضى، وما عاد له نظير أبداً، لا في البصرة ولا في غيرها؟!.
إنَّ تشبيه النساء لا يُستحسن، حتَّى لو كانت الشبيهات مِن ذوات العفَّة والنجابة، لأنَّ إشهار النساء بنفسه وسوقهن أمام ركاب القوم سبياً مجلوباً - كما فعله آل أُميَّة - مِن الأُمور المستقبحة، وهذا لا يكون تمثيله على الأغلب إلا مُستقبحاً.