الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء0%

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 203

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مهدي فقيه إيماني
تصنيف: الصفحات: 203
المشاهدات: 148945
تحميل: 6491

توضيحات:

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 203 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148945 / تحميل: 6491
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقال عليعليه‌السلام : صدق، يكره الموت وهو حق.

فقال عمر: يقول: وأحب الفتنة.

قال عليعليه‌السلام : صدق، يحب المال والولد، وقد قال الله تعالى:( أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (١) .

فقال عمر: يا علي، يقول: وأشهد بما لم أرّه.

فقالعليه‌السلام : صدق، يشهد بالوحدانية، والموت والبعث، والقيامة والجنة، والنار والصراط، ولم يرَ ذلك كله.فقال عمر: يا علي، وقد قال: إنّني أحفظ غير المخلوق.

قالعليه‌السلام : صدق، يحفظ كتاب الله تعالى القرآن، وهو غير مخلوق.

قال عمر: ويقول: أصلي على غير وضوء.

فقالعليه‌السلام : صدق، يصلي على ابن عمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على غير وضوء، والصلاة عليه جائزة.

فقال: يا أبا الحسن، قد قال أكبر من ذلك.

فقالعليه‌السلام : وما هو ؟

قال عمر: قال: إنّ لي في الأرض ما ليس لله في السماء.

قالعليه‌السلام : صدق، له زوجة، وتعالى الله عن الزوجة والولد ).

فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب.

قال الگنجي: هذا ثابت عند أهل النقل، ذكره غير واحد من أهل السير(٢) .

____________________

(١) الأنفال: ٢٨.

(٢) كفاية الطالب: ٢١٨ باب ٥٧، نظم درر السمطين: ١٢٩ - ١٣٠، نور الأبصار: ١٦١، فرائد السمطين ١: ٣٣٧ ح ٢٥٩، وفيه: لولا علي لهلك عمر، الفصول المهمة لابن الصباغ: ٣٥

١٢١

٤٥ - عمر يعترف: اختصاص عليعليه‌السلام بثلاث عشرة منقبة.

أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من أعلام السُنة، بإسنادهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال عمر بن الخطاب: كانت في أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثماني عشرة سابقة، خصّ منها علي بن أبي طالبعليه‌السلام بثلاث عشرة، وشاركنا في خمس(١) .

أقول: وقد أخرج السيوطي وغيره من أعلام أهل السُنة، هذا الحديث بلفظ آخر، قال الطبراني: عن ابن عباس، قال: كانت لعليعليه‌السلام ثماني عشرة منقبة، ما كانت لأحد من هذه الأمّة(٢) .فعلى هذا فلا تستحيل أن تكون جملة ( فخصّ علي منها بثلاث عشرة، وشركنا في خمس ) في رواية عمر موضوعة وزائدة، وكذلك جملة ( كانت لأصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله )؛ فإنّها وُضعت بديلاً عن جملة ( كانت لعليعليه‌السلام )، التي وردت في رواية السيوطي.

٤٦ - عمر يعترف: مَن أهان علياًعليه‌السلام ، فقد أهان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده عن عروة بن الزبير قال: إنّ رجلاً وقع

____________________

فصل في ذكر شيء من علومه، ولم يذكر اسم حذيفة بن اليمان.

وفيه أيضاً: قال عمر: إنّه يصدّق اليهود والنصارى قال الله تعالى:( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ) .

وفي آخر الحديث فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا علي لها.

أقول: ولعلّ هذه القصة قد تكرّرت أكثر من مرة.( المعرّب ).

(١) المناقب للخوارزمي: ٩٩ فصل (٧) ح ١٠١ وص ٣٣١ فصل ( ١٩ ) ح ٣٥٢، مقتل الحسينعليه‌السلام : ٤٥ فصل (٤) ، فرائد السمطين ١: ٣٤٤ ح ٢٦٥، نظم درر السمطين: ١٢٩.

(٢) الصواعق المحرقة: ٧٦، تاريخ الخلفاء: ١٧٢، ينابيع المودة: ٢٨٦ عن الطبراني، تفريح الأحباب: ٣٥١.

١٢٢

في علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

فقال عمر: تعرف صاحب هذا القبر ؟ هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب، فلا تذكر علياً إلاّ بخير فإنّك إن نقصته آذيت صاحب هذا القبر.

وأخرج المناوي بسنده أنّ عمر بن الخطاب قال: ويحك أتعرف علياً ؟ هذا ابن عمه - وأشار إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله -، والله ما آذيت إلاّ هذا في قبره(١) .

٤٧ - عمر يعترف: مَن آذى علياً فقد آذى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

روى العلاّمة العيني بسنده عن عمر بن الخطاب قال: إذا آذيت عليا آذيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

٤٨ - عمر يتمنّى إحدى فضائل عليعليه‌السلام .

أخرج الحافظ الحاكم النيسابوري وغيره، من الحفّاظ والمؤرّخين، من أهل السنة والجماعة، بإسنادهم عن أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أعطي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أُعطى حُمر النِعم.

____________________

(١) فضائل الصحابة ٢: ٦٤١ ح ١٠٨٩، فضائل أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل: ١٤٥ ح ٢١١، الصواعق المحرقة: ١٧٧، تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٥١٩ ترجمة علي بن أبي طالب، الرياض النضرة ٣: ١٢٣ خرّجه أحمد في المناقب وابن السمان في الموافقة، تذكرة الخواص: ٤٤، كنز العمال ١٣: ١٢٣ ح ٣٦٣٩٤ خرّجه عن تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، فيض القدير ٦: ١٨ ح ٨٢٦٦ خرّجه عن الدار قطني، الجامع الصغير ٣: ٥٤٧ ح ٨٢٦٦، أرجح المطالب: ٥١٥، شفاء السقام: ٢٠٧، مرقاة المفاتيح ١٠: ٤٧٤ ح ٦١٠١ خرّجه عن أحمد، التدوين في أخبار قزوين ١: ٢٩٣ ترجمة محمد بن زيد الجعفري.

(٢) مناقب سيدنا عليعليه‌السلام : ١٦ ح ١٧.

١٢٣

قيل: وما هنّ، يا أمير المؤمنين ؟

قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسكناه المسجد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر، ففتح الله عليه وهزم اليهود، فكان ذلك نصراً عزيزاً منح به الإسلام والمسلمون.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه(١) (٢) .

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣: ١٢٥، فضائل الصحابة ٢: ٦٥٩ ح ١١٢٣، وفيه: والثالثة نسيها سهيل، فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام لأحمد: ١٧٣ ح ٢٤٥، وفيه: أنّ سهيل نسي الثالثة - أي تزويجه الزهراءعليها‌السلام -، البداية والنهاية ٧: ٣٤١، المناقب للخوارزمي: ٢٣٢ باب ( ١٩ ) ح ٣٥٤، تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ١٢٠، الرياض النضرة ٣: ٢٣٢، مجمع الزوائد ٩: ١٢٠ باب جامع في مناقبه، خرّجه عن مسند أبي يعلى، فرائد السمطين ١: ٣٥٤ ح ٢٦٨، نظم درر السمطين: ١٢٩، أسنى المطالب: ٦٨ ح ٢٢، تاريخ الخلفاء: ١٧٣ خرّجه عن أبي يعلى، الخصائص الكبرى ٣: ٢٩٣ باب اختصاصهصلى‌الله‌عليه‌وآله بجواز المكث في المسجد جُنباً...، الصواعق المحرقة: ١٢٧، كنز العمال ١٣: ١١٠ ح ٣٦٣٥٩ وص ١١٦ ح ٣٦٣٧٦ خرّجه عن مسند ابن أبي شيبة، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٥: ٤٤، ينابيع المودة ٢٨٦ باب ٥٩، مرآة المؤمنين: ٨٦، تفريح الأحباب: ٣٥١، إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء ١: ٢٨٩، الروض الأزهر: ٩٧ و ١٠٠، جواهر البحار ١: ٣٦٥، أرجح المطالب: ٤١١ وسيلة النجاة: ١٠٦.فإذا أردت الاطّلاع على الأحاديث المروية في هذا الباب، وتعرف أسانيدها ونصوصها، راجع موسوعة الغدير للعلاّمة الأميني ٣: ٢٠٢ - ٣١٢.

(٢) وجملة عمر بن الخطاب: ( وسكناه المسجد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يحل له فيه ما يحل له ) إشارة إلى الحديث المشهور بسد الأبواب، وخلاصة الحديث: أنّه كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد، كانوا يدخلون دورهم منها، ومنهم الإمام عليعليه‌السلام حيث كان باب داره في المسجد، فكان دخوله وخروجه من هذا الباب، وكانت بيوت أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك حول المسجدفنزل الأمر الإلهي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأن يعلن لأولئك النفر أن يسدوا أبوابهم الشارعة على المسجد، عدا باب عليعليه‌السلام يجعله مفتوحاً.حتى العباس عم النبي كان يرجو أن يكون بابه شارعةً على المسجد، فمنعه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان الباب الوحيد المشرع على المسجد هو باب عليعليه‌السلام ، فكان يدخل ويخرج منه حتى ولو كان جُنباً.

١٢٤

٤٩ - عمر يستشير علياًعليه‌السلام في حرب الفرس.

أخرج المؤرّخون والحفّاظ وآخرون غيرهم في كتبهم، أنّه ورد على عمر بن الخطاب كتاب فيه، إنّ الفرس قد قصدوا الهجوم على مركز الحكومة الإسلامية، فجمع عمر بعض أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم الإمام علي يستشيرهم في هذا الأمر، فأبدى كل واحد منهم رأيه في قتال الفرس، ورأى عمر أنّ آراء ونظريات هؤلاء وخططهم التي أبدوها لا تنفع وليست بصائبة، بل أنّ ضررها أكثر من نفعها.فالتفت عمر إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان ساكتاً لا يتكلم.

فقال له عمر: يا أبا الحسن لِمَ لا تشير بشيء كما أشار غيرك ؟

فقال عليعليه‌السلام : كلاماً نقّص فيه آراء الحاضرين وفنّدها، ثمّ أبدى رأياً وخطة كان فيها نفع كبير، وكان في ضمن ما أبداه: إرسال ابنه الإمام الحسنعليه‌السلام مع الجند إلى أصفهان، بأن يحوّل إليه إجراء جزئيات الخطة الإستراتيجية، فكان من نتائج رأي الإمام عليعليه‌السلام وخطته، انتصار جيوش المسلمين على يهود إيران والزرادشتيين، وفرار يزدجرد عظيم الفرس، وبزوغ شمس الإسلام في نصف بقاع الفرس وخاصةً في أصفهان.

ولكن قبل أن نتطرّق إلى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، تجدر الإشارة هنا إلى واحد من أهل الرأي أبدى رأيه، واستنكره عمر بن الخطاب، أَلا وهو خليفة عمر عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين، اكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شامهم، وإلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، وإلى أهل البصرة فيسيروا من

____________________

وقد روى هذه القصة العشرات من الصحابة، ونقلها عشرات المحدّثين والمؤرّخين، وهذه فضيلة عظيمة اختص بها أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام .

١٢٥

بصرتهم، وسر أنت بأهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة، وقد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم وآفاق بلادهم، فإنّك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعاً وأعز نفراً.

وقال الطبري: قال عليعليه‌السلام في بادئ الأمر: ( أقم، واكتب إلى أهل الكوفة أن يبعثوا ثلثي جندهم، وليقم ثلث منهم، واكتب إلى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم، ولم يعبّئ من الشام جيشاً؛ لئلا يفتر جبهة الروم ).

وإليك الآن رأي الإمام عليعليه‌السلام ، الذي استصوبه عمر لمّا استشاره، فقال فيما قالعليه‌السلام : ( إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلا خِذْلانُهُ بِكَثْرَةٍ وَلا بِقِلَّةٍ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ، وَمَكَانُ الْقَيِّمِ بِالأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ، يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ، فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ الْخَرَزُ، وَذَهَبَ ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً، وَالْعَرَبُ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً، فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالإِسْلامِ، عَزِيزُونَ بِالاجْتِمَاعِ، فَكُنْ قُطْباً وَاسْتَدِرِ الرَّحَى بِالْعَرَبِ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ، إِنَّ الأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا، هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ )(١) .

____________________

(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح خطبة رقم ١٤٦، الأخبار الطوال: ١٣٤، تاريخ الطبري ٤: ١١٤ - ١٢٦ حوادث سنة ٢١، الفتوح ٢: ٢٨٦ - ٢٩٧، وفيه: قال: فلمّا سمع عمر مقالة عليعليه‌السلام ، ومشورته أقبل على الناس وقال: ويحكم ! أَعجزتم كلكم عن آخركم

١٢٦

٥٠ - عمر يستفتي علياًعليه‌السلام عن حكم شارب الخمر.

أخرج السيوطي وغيره من الحفّاظ: أنّ أناساً من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شربوا الخمر بالشام ،

فقال لهم يزيد بن أبي سفيان - أخو معاوية ووالي الشام من قِبل عمر بن الخطاب -: شربتم الخمر ؟فقالوا: نعم، لقول الله:( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) (١) حتى فرغوافكتب يزيد فيهم إلى عمر فكتب إليه: إن أتاك كتابي هذا نهاراً فلا تنتظر بهم الليل، وإن أتاك ليلاً فلا تنتظر بهم النهار حتى تبعث بهم إليّ، لا يفتنوا عباد الله، فبعث بهم إلى عمر فلمّا قدموا على عمر

قال: شربتم الخمر ؟

قالوا: نعم ،فتلا عليهم:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) (٢) إلى آخر الآية.قالوا: اقرأ التي بعدها( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) .

قال: فشاور فيهم الناس، فقال لعليعليه‌السلام - وكان صامتاً -: ما ترى ؟

قالعليه‌السلام : ( أرى أنّهم شرّعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه، فإن زعموا أنّها حلال فاقتلهم؛ فقد أحلوا ما حرّم الله، وإن زعموا أنّها حرام فاجلدهم ثمانين ثمانين؛ فقد افتروا على الله الكذب، وقد أخبرنا الله بحدِّ ما يفتري به بعضنا على بعض )

____________________

أن تقولوا كما قال أبو الحسن، والله لقد كان رأيه رأيي الذي أريته في نفسي( المعرّب )

(١) المائدة: ٩٣.

(٢) المائدة: ٩٠ - ٩١.

١٢٧

قال: فجلدهم عمر ثمانين ثمانين(١) .

وأخرجه أبو الفرج الأصفهاني بتفاوت يسير(٢) .

٥١ - مراجعة أخرى لعمر في حد الخمر.

ذكر أعاظم العامة منهم أئمتهم الأربعة: أبو حنفية، مالك، أحمد بن حنبل، والشافعي - أنّ أبا بكر وعمر لم يكونا يرون الحد الكامل - ثمانين جلدة - لشارب الخمر، وإذا واجها هذه المسألة يوماً ما، فكانا يكتفيان بإجراء أربعين جلدةً فقط.روي أنّ خالد بن الوليد كان عاملاً لعمر على بعض المدن، أبلغ عمر بأنّ الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقروا العقوبة.فقال عمر لعليعليه‌السلام : ما ترى ؟ قالعليه‌السلام : ( نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدةً )(٣) .واستنّ عمر بما قاله عليعليه‌السلام ، وبعد ذلك أصبح حدّ الخمر ثمانين جلدةً، كما أفتى به الإمام عليعليه‌السلام .

____________________

(١) شرح معاني الآثار ٣: ١٥٤ كتاب الحدود، تفسير الدر المنثور ٢: ٣٢ - ٣٢٢ أخرجه عن ابن أبي شيبة وابن منذر، فتح الباري ٢١: ٥٧ أخرجه عن ابن شيبة.

(٢) الأغاني ١٨: ١٩٨.

(٣) الموطأ ٢: ٨٤٢ كتاب الأشربة باب (١) ح ١، سنن البيهقي ٨: ٣٢٠ كتاب الأطعمة والأشربة باب ما جاء في عدد حدّ الخمر، مسند الشافعي: ٢٨٦ كتاب الأشربة، شرح معاني الآثار ٣: ١٥٣، سُنن الدار قطني ٣: ١٥٧ كتاب الحدود ح ٢٢٣، فتح الباري ١٢: ٥٧ أخرجه عن الطبراني والطحاوي والبيهقي وص ٥٨ عن عبد الرزاق، تفسير الدر المنثور ٢: ٣١٦ ذيل آية ٩٣ من سورة المائدة، أخرجه عن أبي الشيخ وابن مردويه والحاكم صحّحه، كنز العمال ٥: ٤٧٤ ح ١٣٦٦٠ وص ٤٧٨ ح ١٣٦٧٦ وص ٤٧٩ ح ١٣٦٨٠ المستدرك على الصحيحين ٤: ٣٧٥.

١٢٨

٥٢ - عمر يعترف: لولا سيف عليعليه‌السلام لَما قام عمود الإسلام.

قال ابن أبي الحديد: روى أبو بكر الأنباري في أماليه: أنّ علياًعليه‌السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس، فلمّا قامعليه‌السلام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب.

فقال عمر: حق لمثله أن يتيه !! والله لولا سيفه لَما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمّة وذو سابقتها وذو شرفها.فقال له ذاك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه ؟

قال: كرهناه على حداثة السن، وحبه لبني عبد المطلب(١) .

وقد روي كره عمر بن الخطاب لعليعليه‌السلام في موارد عديدة ومواقف كثيرة.

خاصةً في قوله: لو ولّوها - يعني الخلافة - علياً لسلك بهم الطريق وحملهم على الحق(٢) .

٥٣ - عمر يعترف: عين عليعليه‌السلام عين الله عزّ وجل.

أخرج محب الدين الطبري بسنده: كان عمر يطوف بالبيت وعليعليه‌السلام يطوف أمامه، إذ عرض رجل لعمر فقال: يا أمير المؤمنين، خذ حقي من علي بن أبي طالبعليه‌السلام .قال: وما باله ؟قال: لطم عيني، فوقف عمر حتى لحق به عليعليه‌السلام ، فقال: أَلطمت عين هذا، يا أبا الحسن ؟

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٢: ٨٢.

(٢) ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق ٣: ١٠٦ - ١٠٨ ح ١١٣٦ - ١١٣٧ أخرجه عن طريقين، أنساب الأشراف ٢: ٨٥٥، الاستيعاب ٣: ١١٣٠.

١٢٩

قالعليه‌السلام : نعم.قال عمر: ولِمَ ؟قالعليه‌السلام : لأنّي رأيته يتأمل حرم المؤمنين في الطواف.فقال عمر: أحسنت، يا أبا الحسن.ثمّ أقبل على الرجل فقال: وقعت عليك عين من عيون الله عزّ وجل(١)

٥٤ - عمر يعترف: عليعليه‌السلام مولاي ومولى كل مسلم.

روى العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من الحفّاظ بإسنادهم: أنّ رجلاً نازع عمر في مسألة.فقال عمر: بيني وبينك هذا الجالس - وأشار إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان جالساً في المسجد -.فقال الرجل: هذا الأبطن !! - الظاهر أنّه لم يكن يعرف علياًعليه‌السلام -.فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثمّ قال: ويلك أتدري مَن صغّرت ؟! هذا علي بن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم(٢) .

وجاء في رواية الحسكاني: أمر عمر علياًعليه‌السلام أن يقضي بين رجلين، فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: هذا الذي يقضي بيننا ؟! وكأنّه ازدرى علياًعليه‌السلام ، فأخذ عمر بتلبيبه فقال: ويلك وما تدري مَن هذا ؟ هذا علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، هذا مولاي ومولى كل مؤمن، فمَن لم يكن مولاه فليس بمؤمن(٣) .

____________________

(١) الرياض النضرة ٣: ١٦٥.

(٢) المناقب للخوارزمي: ١٦١ فصل ( ١٤ ) ح ١٩٢، الرياض النضرة ٣: ١٢٨.

(٣) شواهد التنزيل ١: ٣٤٨ ح ٣٦٢ ذيل آية( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدَى. ) يونس: ٣٥ وبهامشه خمسة أحاديث ممّا يتعلق بالباب، الفتوحات الإسلامية: ٤١٧ - ٤١٨.

١٣٠

أقول: ولعلّ هذه القصة غير الأُولى، وإنّ القصتين قد وقعتا في زمانين مختلفين.

٥٥ - عمر يعترف: عليعليه‌السلام مولى كل مؤمن ومؤمنة.

أخرج العلاّمة محب الدين الطبري وغيره من المحدّثين، بإسنادهم عن عمر وقد جاءه أعرابيان يختصمان، فقال لعليعليه‌السلام : اقضِ بينهما، يا أبا الحسن، فقضى عليعليه‌السلام بينهما.فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا ؟! فوثب عليه عمر وأخذ بتلبيبه، وقال: ويحك ما تدري مَن هذا ؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ومَن لم يكن مولاه فليس بمؤمن(١) .

٥٦ - عمر يعترف: عليعليه‌السلام أعلم الناس بالقرآن، وبالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

أخرج المحقّق العلاّمة العاصمي وغيره، بإسنادهم عن أبي الطفيل - الصحابي العظيم -

قال: شهدت الصلاة على أبي بكر الصدّيق، ثمّ اجتمعنا إلى عمر بن الخطاب فبايعناه، وأقمنا أياماً نختلف إلى المسجد إليه، حتى أَسموه ( أمير المؤمنين ) ،

____________________

(١) الرياض النضرة ٣: ١٢٨ وقال: خرّجه ابن السمان، المناقب للخوارزمي: ١٦٠ فصل ( ١٤ ) ح ١٩١، ذخائر العقبى: ٦٨، الصواعق المحرقة: ١٧٩ خرّجه عن الدار قطني، شواهد التنزيل ١: ٣٤٨ ح ٣٦٢ ذيل آية( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ) يونس ٣٥، الفتوحات الإسلامية: ٤١٧ - ٤١٨، وسيلة المال ( مخطوط ).

(٢) أورد المؤلّف حفظه الله هذه الرواية بشكل موجز ومختصر، واكتفى بذكر اعتراف عمر بن الخطاب، بكون الإمام عليعليه‌السلام أعلم الناس طراً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن العظيم، ولمّا كانت الرواية حاويةً لبعض النقاط الكاشفة عن المناقب الجسمية للإمام عليعليه‌السلام ، وكذا تكشف عن جهل عمر بن الخطاب، وعدم معرفته بالقرآن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأيت أنّ نقل الحديث بتمامه أحجى وأتم للحجة، لمَن أراد معرفة الحق وأتباعه.( المعرّب )

١٣١

فبينما نحن عنده جلوس، إذ أتاه يهودي من يهود المدينة، وهم يزعمون أنّه من وُلد هارون أخي موسى بن عمرانعليه‌السلام ، حتى وقف على عمر فقال له: يا أمير المؤمنين، أيّكم أعلم بنبيكم وبكتاب نبيكم حتى أساله عمّا أريد ؟- قال أبو الطفيل - فطأطأ عمر رأسه.

فقال له اليهودي: إيّاك أعني، وأعاد عليه القول.

فقال له عمر: وما ذاك ؟

قال: إنّي جئتك مرتاداً لنفسي شاكّاً في ديني.

فقال عمر: دونك هذا الشاب.

قال: ومَن هو هذا الشاب ؟.

قال عمر: هذا علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ابن عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو أبو الحسن والحسين، وزوج فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثمّ قال: هذا أعلم بنبينا وبكتاب نبينا.قال اليهودي: أكذلك أنت يا علي ؟قالعليه‌السلام : نعم، سلْ عمّا تريد.

قال: إنّي مسائلك عن ثلاث وثلاث وواحدة.

فتبسّم عليعليه‌السلام ثمّ قال له: يا هاروني، ولِمَ لا تقول: إنّي سائلك عن سبع ؟فقال اليهودي: أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهنّ، أسألك(١) عن الواحدة، وإن أخطأت في الثلاث الأُوَل لم أسألك عن شيء.وقال له عليعليه‌السلام : وما يدرك إذا سألتني فأجبتك أخطأت أم أصبت ؟

____________________

(١) كذا في زين الفتى، والصحيح: أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهنّ سألت عمّا بعدهنّ، فإن أصبت أسألك.

١٣٢

قال: فضرب بيده على كمه فاستخرج كتاباً عتيقاًفقال: هذا كتاب ورثته عن آبائي وأجدادي، بإملاء موسىعليه‌السلام وخط هارونعليه‌السلام ، وفيه هذه الخصال التي أريد أن أسالك عنها.فقال عليعليه‌السلام : والله عليك إن أجبتك فيهنّ بالصواب أن تسلم -لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني -

قال له: والله - ما جئت إلاّ لذلك - لئن أجبتني فيهنّ بالصواب لأسلمنّ الساعة على يديك.

قال له عليعليه‌السلام : سلْ.

قال: أخبرني.عن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله كم بعده من إمام عادل، وفي أي جنة يكون، ومَن يساكنه في الجنة ؟ قال عليعليه‌السلام : يا هاروني، إنّ لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخلفاء اثنا عشر إماماً عادلاً لا يضرهم مَن خذلهم، ولا يستوحشون لخلاف مَن خالفهم، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض، ويسكن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنته مع أولئك الاثني عشر إماماً العدل.

قال: صدقت، والله الذي لا إله إلاّ هو، إنّي لأجده في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عميعليه‌السلام قال: فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده ؟ وهل يموت أو يقتل ؟قالعليه‌السلام : يا هاروني، يعيش بعده ثلاثين سُنة ثمّ يضرب هاهنا - يعني قَرنه - فتُخضب هذه من هذا.

قال أبو الطفيل: فصاح الهاروني وقطع تسبيحه، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمد رسول الله(١) .

____________________

(١) زين الفتى ١: ٣٠٤ ح ٢١٨، فرائد السمطين ١: ٣٥٤ ح ٢٨٠، الغدير ٦: ٢٦٨ - ٢٦٩.

١٣٣

٥٧ - عمر يعترف: عليعليه‌السلام أولى الناس بالخلافة.

روى العلاّمة ابن أبي الحديد المعتزلي - نقلاّ عن كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري - بإسناده عن ابن عباس، قال: مرّ عمر بعليعليه‌السلام وأنا معه بفناء داره، فسلّم عليه

فقال له عليعليه‌السلام : أين تريد ؟

قال: البقيع.

قالعليه‌السلام : أَفلا تصل صاحبك ويقوم معك ؟قال عمر: بلى.

فقال لي عليعليه‌السلام : قم معه.

فقمت فمشيت إلى جانبه فشبك أصابعه في أصابعي، ومشينا قليلاً حتى إذا خلّفنا البقيع قال لي عمر: يا بن عباس، أَما والله، إنّ صاحبك هذا - يعني علياًعليه‌السلام - لأَولى الناس بالأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلاّ أنّا خفناه على اثنين.

قال ابن عباس: فجاء بكلام لم أجد بدّاً من مساءلته عنه، فقلت: ما هما ؟ قال عمر: خفناه على حداثة سِنه، وحبه بني عبد المطلب(١) .

٥٨ - عمر يعترف: المنبر حق عليعليه‌السلام .

أخرج العلاّمة الخطيب البغدادي وغيره: أنّ الحسينعليه‌السلام جاء لعمر وهو على المنبر فقال: ( انزل عن منبر أبي ).فقال له: منبر أبيك ولا منبر أبي.وزاد ابن سعد: أنّه أخذه فأقعده على جنبه، وقال: وهل أنبت الشعر على

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ٦: ٥٠ - ٥١، السقيفة وفدك: ٧٣.

١٣٤

رؤوسنا إلاّ أبوك، أي أنّ الرفعة ما نلناها إلاّ به(١) .

٥٩ - عمر يعترف: عليعليه‌السلام أخو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أخرج العلاّمة ابن حجر عن الدار قطني: أنّ عمر سأل عن عليعليه‌السلام فقيل له: اذهب إلى أرضه.

فقال: اذهبوا بنا إليه، فوجدوه يعمل فعملوا معه ساعةً، ثمّ جلسوا يتحدثونفقال له عليعليه‌السلام : أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل فقال لك أحدهم: أنا ابن عم موسىعليه‌السلام ، أكانت له عندك أثرة على أصحابه ؟قال عمر: نعم.قال عليعليه‌السلام : فأنا والله، أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وابن عمه.قال: فنزع عمر رداءه فبسطه، فقال: والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق(٢) .

____________________

(١) تاريخ بغداد ١: ١٤١، الطبقات الكبرى ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٣١ ح ٢١٩، مقتل الحسينعليه‌السلام : ١٤٥، تاريخ مدينة دمشق ١٤: ١٧٥، تاريخ الإسلام ٣: ٥، كفاية الطالب: ٤٢٤ ح ١١١٦، كنز العمال ١٣: ٦٥٤ ح ٣٧٦٦٢، الإصابة ٢: ٦٩ ترجمة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام رقم ١٧٢٩، الصواعق المحرقة: ١٧٧، ينابيع المودة: ٢٠٦ باب ٥٩، وسيلة النجاة خرّجه عن ابن عساكر الدمشقي، والسيوطي وابن حجر، تاريخ الخلفاء: السيرة الحلبية ١: ٤٤٣.وفيه تحريف بأنّ الإمام عليعليه‌السلام هدّد الحسين وشجب فعله، سير أعلام النبلاء ٣: ٢٨٥، الرياض النضرة ٢: ٣٤١.

(٢) الصواعق المحرقة: ١٧٩.

١٣٥

الإمام عليعليه‌السلام في رأي الخليفة عثمان بن عفان

١٣٦

١٣٧

١ - عثمان يعترف: خُلق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليعليه‌السلام من نور واحد.

أخرج العلاّمة سيد علي بن شهاب الدين الهمداني، بإسناده عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( خُلفت أنا وعلي من نور واحد، قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام(١) ، فلمّا خلق الله آدم ركّب فيه ذلك النور في صلبه، فلم يزل شيئاً واحداً، حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيَّ النبوة وفي علي الوصية )(٢) .

٢ - عثمان يعترف: خلق الله ملائكةً من نور وجه عليعليه‌السلام .

أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي، بإسناده عن عثمان بن عفان قال: سمعت عمر بن الخطاب، قال: سمعت أبا بكر بن أبي قحافة قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ( إنّ الله خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكةً، يسبّحون ويقدّسون، ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي وُلده )(٣) .

٣ - عثمان يعترف: النظر إلى وجه عليعليه‌السلام عبادة.

أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي، بإسناده عن يونس مولى الرشيد، قال: كنت واقفاً على رأس المأمون، وعنده يحيى بن أكثم القاضي، فذكروا علياًعليه‌السلام وفضله، فقال المأمون: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت

____________________

(١) ورد في أحاديث أخرى عن طرق غير عثمان، إنّ العدد هو أربعة عشر ألف عام، ولعلّ هذا هو الصحيح، ولكن أسقطت كلمة عشر في هذا الحديث حين الاستنساخ أو الطبع.

(٢) ينابيع المودة: ٢٥٦.

(٣) مقتل الحسينعليه‌السلام : ٩٧، المناقب للخوارزمي: ٣٢٩ ح ٣٤٨.

١٣٨

المنصور يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: سمعت ابن عباس يقول: رجع عثمان إلى عليعليه‌السلام فسأله المصير إليه، فصار إليه فجعل يحدّ النظر إليه، فقال له عليعليه‌السلام : -يا عثمان - مالك تحدّ النظر إليّ ؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ( النظر إلى وجه علي عبادة )(١) .

وذكر الزمخشري عن ابن العربي: أنّ علياً كان إذا برز قال الناس: لا إله إلاّ الله، ما أشرف هذا الفتى، لا إله إلاّ الله، ما أشجع هذا الفتى، لا إله إلاّ الله، ما أعلم هذا الفتى، لا إله إلاّ الله، ما أكرم هذا الفتى، وإنّ النظر إلى عليعليه‌السلام يدعو إلى ذكر الله(٢) .

٤ - عثمان يعترف بحديث الغدير، وأنّ علياًعليه‌السلام مولى المؤمنين.

مرّ علينا آنفاً في فصلي اعترافات أبي بكر وعمر في قصة الغدير، بأنّ رواة حديث الغدير - الذين رووا ما سمعوا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول: ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ) - كثيرون، وأخرج ابن عقدة في كتابه ( الولاية )(٣) ، ومنصور الآبي الرازي في

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٣٥٠، البداية والنهاية ٧: ٣٥٨، تاريخ الخلفاء: ١٧٢، اللآلئ المصنوعة ١: ٣٤٣، مناقب سيدنا عليعليه‌السلام : ١٩ ح ٥٧ خرّجه عن الخطيب والديلمي وابن عساكر والطبري والحاكم، التعقّبات للسيوطي: ٥٧ نقلاً عن إحقاق الحق ٧: ١٠٩.

(٢) فيض القدير ٦: ٢٩٩ ذيل ح ٩٣١٩، تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٣٥٦ ترجمة الإمام علي بن أبي طالب.

(٣) الغدير ١: ٥٣، المناقب للسروي ٣: ٢٥.

١٣٩

كتابه الغدير(١) ، والعلاّمة ابن المغازلي في كتابه المناقب(٢) ، أنّ عثمان بن عفان الذي كان حاضراً وشاهداً لتلك الواقعة والمفخرة العلوية في غدير خم، هو أحد رواة حديث الغدير ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ).

٥ - مراجعة عثمان إلى عليعليه‌السلام في رجم امرأة.

أخرج الإمام مالك في الموطأ، وغيره في كتبهم التفسيرية والحديثية، بإسنادهم عن بعجة بن عبد الله الجهني، قال: تزوج رجل منا امرأةً من جهينة، فولدت له تماماً لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان، فأخبره القصة، فأمر برجمها، فبلغ ذلك علياًعليه‌السلام ، فأتاه فقالعليه‌السلام : ما تصنع ؟ قال عثمان: ولدت تماماً لستة أشهر، وهل يكون ذلك ؟ فقال عليعليه‌السلام : أَما سمعت الله تعالى يقول:( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ) (٣) ، وقال:( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) (٤) فكم تجده بقي إلاّ ستة أشهر ؟ فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، عليّ بالمرأة، فوجدوها قد مُرغ منها - يعني أنّها رُجمت -.

____________________

(١) الغدير ١: ٥٣، المناقب للسروي ٣: ٢٥.

(٢) المناقب لابن المغازلي: ٢٧ ح ٣٩.لو اعتمدنا الأحاديث المروية في العشرة المبشّرة - وثالثهم عثمان بن عفان - وكذا لو اعتمدنا ما رواه ابن المغازلي عن مسند نيسابور لأبي القاسم فضل بن محمد الأبيوردي - المتوفى ٥١٨ ه-‍ حول حديث الغدير وقوله: إنّ هذا الحديث روي عن أكثر من مائة طريق منهم العشرة المبشّرة، الذين سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ( مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه ).لا يشك أحد أنّ عثمان يُعد أحد رواة هذه المنقبة الجليّة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .

(٣) الاحقاف: ١٥.

(٤) البقرة: ٢٣٣.

١٤٠