الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء0%

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 203

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مهدي فقيه إيماني
تصنيف: الصفحات: 203
المشاهدات: 149152
تحميل: 6507

توضيحات:

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 203 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149152 / تحميل: 6507
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وكان من قولها لأختها: يا أخية، لا تحزني، فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره - أي غير زوجي -.

قال الراوي: فشبّ الغلام بعد، فاعترف الرجل به، وكان أشبه الناس به، وقال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه(١) .

٦ - مراجعة عثمان إلى عليعليه‌السلام في مسالة الأب.

أخرج الإمام أحمد وغيره من الحفّاظ بإسنادهم، أنّ يحنس وصفية كانا من سبي الخمس - أي أسيرين - فزنت صفية برجل من الخمس - أي أسير آخر - فولدت غلاماً، فادّعاه الزاني ويحنس فاختصما إلى عثمان، فرفعهما إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال عليعليه‌السلام : ( أقضي فيهما بقضاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - الولد للفراش وللعاهر الحجر - فأعطى يحنس الولد وجلدهما - أي صفية والزاني - خمسين خمسين )؛ لأنّهما كان عبدينِ فعليهما نصف ما على الحر من الحد، وأمّا صفية لأنّها كانت أَمَة فلا رجم عليها.

وتشاهد في هذه القصة: أنّ عثمان بن عفان، الذي تقلّد أريكة الخلافة، وارتقى عرش الإمارة، عاجز عن فهم حكم الولد، أنّه للفراش وللعاهر الحجر، وجاهل عن أحكام الحر والعبد والفرق بينهما(٢) .

____________________

(١) الموطأ ٢: ٨٢٥ كتاب الحدود باب (١) ح ١١، تأويل مختلف الحديث: ١٠٧، سُنن البيهقي ٧: ٤٤٢، جامع بيان العلم وفضله: ١٥٠، تفسير ابن كثير ٤: ١٦٩، تيسير الوصول ٢: ١١ الفصل الثاني ح ٥، الدر المنثور ٦: ٤٠ أخرجه عن ابن المنذر وابن أبي حاتم، عمدة القارئ ٩: ٦٤٢.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١: ١٠٤ و ١: ١٦٧ ح ٨٢٢ ( الحديثة )، تفسير ابن كثير ١: ٤٨٩، كنز العمال ٦: ١٩٨ ح ١٥٣٤٠.

١٤١

٧ - مراجعة عثمان إلى عليعليه‌السلام في حكم المطلقة التي مات زوجها.

روى فقهاء العامة ومحدّثوهم، أنّ حبان بن منقذ كانت عنده جاريتان هاشمية وأنصارية، فطلّق الأنصارية وهي ترضع، فمرّت بها سَنة، ثمّ هلك عنها ولم تحض، فقالت: أنا أرثه، لم أحض.فاختصمتا إلى عثمان بن عفان، وكعادته أرجعهما إلى عليعليه‌السلام ، فقال لها عليعليه‌السلام : ( أتحلفين عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّك لم تحضي حتى تحصلين على إرثك ) ؟، فحلفت وأعطاها سهمها من الإرث.

أقول: وأخرجه الإمامان مالك والشافعي وقالا فيما روياه: إنّ الهاشمية وجدت على عثمان ولامته؛ حيث أعطى الأنصارية سهماً من الإرث، فقال عثمان: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا - يعني علي بن أبي طالبعليه‌السلام -(١) .

٨ - مراجعة عثمان إلى عليعليه‌السلام في مسالة لحم الصيد للمُحرِم.

أخرج الإمام أحمد بن حنبل وغيره، بإسنادهم: كان أبي الحارث على أمر من مكة في زمن عثمان، فأقبل عثمانرضي‌الله‌عنه إلى مكة، فقال عبد الله بن الحارث: فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد، اصطاد أهل الماء حجلاً فطبخناه بماء وملح، فجعلنا عراقاً للثريد، فقدّمناه إلى عثمان وأصحابه، فأمسكوا.

____________________

(١) الموطأ ٢: ٥٧٢ كتاب الطلاق: باب طلاق المريض ح ٤٣، مسند الشافعي: ٢٩٦ كتاب العدد، السنن الكبرى ٧: ٤١٩٠ .، الاستيعاب ٢: ٧٦٤، ذخائر العقبى: ٨٠، الرياض النضرة ٣: ١٦٦، الإصابة ٨: ٢٠٤ القسم الأَوّل، كنز العمال ٥: ٨٢٩ ح ١٤٥٠٥ و ١٤٥٠٦، أرجح المطالب: ١٢٦، وسيلة المال: ١٢٦، إحقاق الحق ١٧: ٥١٦.

١٤٢

فقال عثمان: صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس، فقال للقوم: كلوا فإنّما أصيبت لأجلي.فقال القوم: هذا عليعليه‌السلام نهانا عن أكله، فبعث إلى عليعليه‌السلام فجاءه وإنّه ليمسح الخبط عن يديه.فقال عثمان: لم نصطده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حِل فأطعمونا فما بأس.قال الراوي: فغضب عليعليه‌السلام وقال: ( أنشد الله رجلاً شهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى ببيض نعامة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا قوم حُرم فأطعموه أهل الحِل ).

فقال الراوي: فشهد دونهم في العدة من الاثني عشر.

قال الراوي: فثنى عثمان وركه عن الطعام فدخل، وأكل ذلك الطعام أهل الماء(١) .

٩ - عثمان يعترف: لولا علي لهلك عثمان.

أخرج الحافظ أحمد بن محمد بن علي بن أحمد العاصمي، عن الأستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق بن محمشاد يرفعه: أنّ رجلاً أتى عثمان بن عفان وهو أمير المؤمنين، وبيده جمجمة إنسان ميت، فقال: إنّكم تزعمون أنّ النار تعرض على هذا، وإنّه يُعذب في القبر، وأنا قد وضعت عليها يدي فلم أحس منها حرارة

____________________

(١) مسند أحمد ١: ١٠٠ و ١: ١٦١ ح ٧٨٥ و ٧٨٦، مسند أبي يعلى ١: ٢٩٤ ح ٣٥٦ مسند عليعليه‌السلام ، مسند البزار ح ١١٠٠، مجمع الزوائد ٣: ٢٢٩ أخرجه عن أبي يعلى وأحمد والبزار، شرح معاني الآثار ٢: ١٦٨، السُنن الكبرى ٥: ١٩٤، سُنن أبي داود ٢: ١٧٠ كتاب المناسك باب لحم الصيد للمحرم ح ١٨٤٩، المناقب للسروي ٢: ٣٧٣ عن مسند أحمد وأبي يعلى.

١٤٣

النار ! فسكت عثمان وأرسل إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام يستحضره، فلما أتاه وهو في ملأ من أصحابه قال عثمان للرجل: أعد المسألة.فأعادها.ثمّ قال عثمان لعليعليه‌السلام : أجب الرجل عنها، يا أبا الحسن، فقال عليعليه‌السلام : ( ائتوني بزند وحجر - والرجل السائل والناس ينظرون إليه - فأُتي بهما فأخذهما، وقدح منهما النار، ثمّ قال للرجل: ضع يدك على الحجر، فوضعها عليه، ثمّ قالعليه‌السلام : ضع يدك على الزند، فوضعها عليه، فقالعليه‌السلام : هل أحسست منهما حرارة النار ؟ ) فبهت الرجل - لأنّه رأى النار ولم يحس بالحرارة - فقال عثمان: ( لولا علي لهلك عثمان)(١) .

____________________

(١) زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ١: ٣١٨ ح ٢٢٥، الغدير ٨: ٢١٤ عن روائح القرآن في فضائل أمناء الرحمن حيث يروي فيه ١٣١ آية نزلت في علي، علي والخلفاء لنجم الدين العسكري: ٣١٥ - ٣١٦.

١٤٤

الإمام عليعليه‌السلام في رأي معاوية بن أبي سفيان

١٤٥

١٤٦

١ - معاوية يعترف: علي حلاّل المشكلات.

قال العلاّمة الحافظ المناوي الشافعي: إنّ معاوية كان يرسل أناساً يسأل علياًعليه‌السلام عن المشكلات - سواء معضلاته أو معضلات غيره - فكان عليعليه‌السلام يجيبه، فقال أحد بنيه: تجيب عدوك ! ؟ قالعليه‌السلام : ( أَما يكفينا أن احتاجنا وسألنا ؟ )(١) .

٢ - معاوية يعترف: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يغر علياًعليه‌السلام بالعلم غراً.

أخرج الإمام أحمد بن حنبل، وآخرون من حفّاظ أهل السُنة ومفسّريهم، بإسنادهم عن قيس بن أبي حازم - وهو من ثقات الرواة عند أهل السنة - أنّه قال: إنّ رجلاً سأل معاوية عن مسالة.فقال: اسأل عنها علياً فهو أعلم، فقال: يا أمير المؤمنين، جوابك فيها أحب إليّ من جواب علي، قال معاوية: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلاً كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يغره بالعلم غراً، ولقد قال له: ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي )، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه - ويلجأ إلى علي في حل مسائله - ثمّ قال معاوية للرجل: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان(٢) .

____________________

(١) فيض القدير ٤: ٣٥٦ ح ٥٥٩٣ ( علي عيبة علمي ) عن شرح الحمزية.

(٢) فضائل الصحابة ٢: ٦٧٥ ح ١١٥٣، مناقب أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل: ١٩٧ ح ٢٧٥، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي: ٣٤ ح ٥٢، ذخائر العقبى: ٧٩، الرياض النضرة ٣

١٤٧

وروى عنه ابن حجر: ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدته إذا أشكل عليه شيء قال: هاهنا علي، قم لا أقام الله رجليك(١) .

٣ - معاوية يعترف: علي مع الحق.

أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر، وآخرون من أعلام الحديث والتاريخ من أهل السُنة، بإسنادهم قالوا: حجّ معاوية بن أبي سفيان فمرّ بالمدينة، فجلس في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، فالتفت إلى عبد الله بن عباس فقال: يا بن عباس، إنّك لم تعرف حقنا من باطل غيرناوقرعه ابن عباس بجواب فحار منه معاوية، فتركه وأقبل على سعد فقال: يا أبا إسحاق، أنت الذي لم تعرف حقنا، وجلس فلم يكن معنا ولا علينا، فقال سعد: فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي: ( أنت مع الحق والحق معك حيثما دار ).فقال معاوية: لتأتيني على هذا ببيّنة، فقال: سعد: هذه أمّ سلمة تشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقاموا جميعاً فدخلوا على أمّ سلمة فقالوا: يا أمّ المؤمنين، إنّ الأكاذيب قد كثرت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا سعد يذكر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم نسمعه، إنّه قال - لعلي -: ( أنت مع الحق والحق معك حيثما دار ).

____________________

١٦٢، تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ١٧٠ - ١٧١، فرائد السمطين ١: ٣٧١ باب ( ٦٨ ) ح ٣٠٢، جواهر العقدين: القسم الثاني: ٢٠٥، الصواعق المحرقة: ١٧٩ واكتفى ابن حجر في كتابه هذا بذكر حديث المنزلة فقط، نظم درر السمطين: ١٣٤، فيض القدير ٣: ٤٦ ح ٢٧٠٥ ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧: ٧٠.

١٤٨

فقالت أمّ سلمة: في بيتي هذا، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام .

فقال معاوية لسعد: يا أبا إسحاق، ما كان ألوم الآن - أي أنّك يا سعد ألوم الناس عندي - إذ سمعت هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجلست عن عليعليه‌السلام ، لو سمعت هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لكنت خادماً لعليعليه‌السلام حتى أموت(١) .وروى المسعودي عن محمد بن جرير الطبري، عن ابن أبي نجيح، قال: لمّا حجّ معاوية وطاف بالبيت ومعه سعد، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة، فأجلسه معه على سريره، ووقع معاوية في عليعليه‌السلام ، وشرع في سبه(٢) .فزحف سعد، ثمّ قال: أجلستني معك على سريرك، ثمّ شرعت في سب عليعليه‌السلام ، والله، لأن يكون فيَّ خصلة واحدة من خصال كانت لعليعليه‌السلام ، أحب إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله، لأن أكون صهراً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ لي من الوُلد ما لعلي، أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله، لأن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي ما قال له يوم خيبر: ( لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبه اللهُ ورسوله، ويحب اللهَ ورسوله، ليس بفرّار، يفتح الله على يديه )، أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله، لأن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي ما قال له في غزوة تبوك: ( أَلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبي بعدي ؟ ) أحب إلي من أن يكون لي

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٢٠: ٣٦٠ ترجمة سعد بن أبي وقاص، المناقب للسروي ٣: ٦٢ أخرجه عن كتاب اعتقاد أهل السنة لعبد العزيز الأشهي الشافعي، مجمع الزوائد ٧: ٢٣٥ عن مسند البزار، أرجح المطالب: ٦٠٠ عن ابن مردويه، إحقاق الحق ٥: ٦٣١ أخرجه عن مفتاح النجاة للبدخشي: ٦٦.

(٢) روى ابن حجر في فتح الباري ٧: ٦٠ لمّا طلب معاوية من سعد أن يسب علياً قال سعد: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب علياً ما سببته أبداً.( المعرّب )

١٤٩

ما طلعت عليه الشمس، وأيم الله، لا دخلت لك داراً ما بقيت، ثمّ نهض.

وزاد المسعودي فقال: وجدت في كتاب علي بن محمد بن سليمان النوفلي في الأخبار: أنّ سعداً لمّا قال هذه المقالة لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية وقال له: اقعد حتى تسمع جواب ما قلت، ما كنت عندي قط أَلأم منك الآن، فهلاّ نصرته ؟ ولِمَ قعدت عن بيعته ؟ فإنّي لو سمعت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل الذي سمعت فيه، لكنت خادماً لعليعليه‌السلام ما عشت(١) .

أقول: وقد استجاب الله دعاء المؤمنين: اللهم اشغل الظالمين بالظالمين، ليأمن الناس من شرهم، واستنادهم إلى الحكمة القائلة: الفضل ما شهدت به الأعداء، التي تكشف عن بيان حقيقة علو رتبة صاحبها، فترى أنّ معاوية بن أبي سفيان وسعد بن أبي وقاص - كلاهما ظَلم علياًعليه‌السلام حقه - يتنازعان في عليعليه‌السلام ، وكل منهما يحتج على الآخر، ويخطّئه بذكر فضائل الإمام عليعليه‌السلام .

وأمّا معاوية وإن كان هو الآخر قد سمع هذه المناقب العلوية، مثل حديث المنزلة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما روي في أكثر من عشر مصادر عن معاوية، إلاّ أنّه أنكر في هذه الرواية؛ تقريعاً لسعد بن أبي وقاص حيث قال له: فإنّي لو سمعت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل الذي سمعت فيه لكنت خادماً لعلي ما عشت.

ويجدر بنا أن نبارك لمعاوية، هذا الاعتراف بأهمية حديث المنزلة، وحديث أنت مع الحق، وتحقيره لسعد بن أبي وقاص، بأنّه أحقر وأشأم إنسان؛ ذلك بسبب تخلّفه عن بيعة عليعليه‌السلام ونصرته.

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ١٤ في ذكر خلافة معاوية بن أبي سفيان، تذكرة الخواص ١٨ - ١٩ رواه بالإجمال.

١٥٠

ولا يخفى أنّ معاوية هو أحقر وأشأم من سعد؛ لأنّه لو لم يكن قد سمع بحديث أنت مع الحق وحديث المنزلة، قبل سماعه من أمّ المؤمنين أمّ سلمة زوج الرسول، التي يعتمد على روايتها الشيعة والسنة، لكانت المسالة هيّنةً، ولكنّه قد سمع وتغاضى عنه، وهو في الحين نفسه سنّ سُنته السيئة ( لعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسبه على المنابر وفي صلاة الجمع ) التي دامت سبعين سنة، بحيث لمّا أمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، بالكف عن شتم عليعليه‌السلام على المنابر فقط، صاح به الناس الذين تأسّوا بمعاوية وقالوا: تركت السُنة وغيّرتها(١) .

فعلى هذا، فلو كان لحديث ( أنت مع الحق ) و ( المنزلة ) هذه الدرجة من الأهمية، بحيث يتمنّى معاوية أنّه لو كان قد سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن يخدم علياًعليه‌السلام مدى حياته، إذن، فلا ريب أنّ مخالفة عليعليه‌السلام والانحراف عنه تعتبر إنكاراً للحق، فكيف إذاً آلت هذه المخالفة إلى، محاربته، وقتال أصحابه وسبه، والأمر بلعنهعليه‌السلام ، الذي سنّه معاوية، فهل هو شيء غير الكفر ومخالفة الإسلام والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

أخرج العلاّمة الجويني بسنده قال: اجتمع الطرماح الطائي، وهشام المرادي، ومحمد بن عبد الله الحميري - وهم من أشهر شعراء العرب - عند معاوية، فأخرج - معاوية - بدرة ووضعها بين يديه فقال: يا شعراء العرب، قولوا قولكم في علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ولا تقولوا إلاّ الحق، فأنا نفي عن صخر بن حرب - أي أنّي لست ابن صخر - إن أعطيت هذه البدرة إلاّ مَن قال الحق في عليعليه‌السلام : فقام الطرماح فتكلم في عليعليه‌السلام ووقع فيه !! فقال له معاوية: اجلس فقد علم الله نيتك ورأى مكانك.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٣: ٢٢٠ - ٢٢٢.

١٥١

ثمّ قام هشام المرادي فقال ووقع فيه.فقال له معاوية: اجلس مع صاحبك قد علم الله نيتكما ورأى مكانكما.ثمّ قال عمرو بن العاص لمحمد بن عبد الله الحميري - وكان خاصاً به، وهذا الحميري هو جد السيد المرتضى لأمّه -: تكلم ولا تقل إلاّ الحق في عليعليه‌السلام .ثمّ قال: يا معاوية، قد آليت أن لا تعطي هذه البدرة، إلاّ قائل الحق في عليعليه‌السلام ؟ قال معاوية: نعم، أنا نفي من صخر بن حرب، إن أعطيت هذه البدرة إلاّ مَن قال الحق في عليعليه‌السلام .فقام محمد بن عبد الله فتكلم فقال:

بحق محمّد قولوا بحقٍ

فإنّ الإفك من شِيمِ اللئامِ

أبعدَ محمّد بأبي وأمّي

رسول الله ذي الشرفِ التهامي

أَليس علي أفضلَ خَلقِ ربّي

وأشرفَ عندَ تحصيلِ

الأنامِولايته هي الإيمان حقاً

فذَرني من أباطيل الكلامِ

وطاعةُ ربِّنا فيها وفيها

شفاءٌ للقلوبِ من

السقامِعلي إمامنا بأبي وأمّي

أبو الحسن المطهّر من حرامِ

إمام هدىً أتاه اللهُ علماً

به عرفَ الحلالَ من الحرامِ

ولو أنّي قتلتُ النفسَ حباً

له ما كان فيها من أثامِ

يحلّ النارَ قومٌ أبغضوه

وإن صلّوا وصاموا ألفَ عام

ولا واللهِ لا تزكوا صلاةٌ

بغير ولايةِ العدلِ الإمامِ

أمير المؤمنينَ بكَ اعتمادي

وبالغُر الميامينَ اعتصامي

١٥٢

فهذا القول لي دين وهذا

إلى لُقياك يا ربّي كلام

يبَرأتُ من الذي عادى عل

ياً وحاربه من أولادِ الطغامِ

تَناسوا نصبَه في يوم خمٍ

من الباري ومن خيرِ الأنامِب

رغمِ الأنفِ مَن يشنأ كلامي

عليٌ فضلُه كالبحرِ طامي

وأبرأ من أناسٍ أخّروه

وكان هو المقدّم بالمقامِ

عليٌ هزمَ الأبطالَ لمّا

رأوا في كفهِ برقَ الحُسامِ

فقال معاوية: أنت أصدقهم قولاً فخذ البدرة(١) .

أقول: الأبيات الخمس الأخيرة، قد حذفت من كتاب فرائد السمطين، الذي طبع في الآونة الأخيرة، وهي موجودة في النسخة الخطية، التي اعتمدها العلاّمة الأميني في غديره، والقصيدة بكاملها ١٧ بيتاً، نقلها الجويني من الخصائص العلوية على سائر البرية للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد النطنزي.

٥ - معاوية يعترف: عليعليه‌السلام أكرم الناس أباً وأُمّاً.

أخرج العلاّمة المحدّث البيهقي وقال: قال معاوية ذات يوم وعنده أشراف الناس من قريش وغيرهم: أخبروني بخير الناس، أباً وأُمّاً، وعماً وعمةً، وخالاً وخالةً، وجداً وجدةً، فقام مالك بن عجلان فأومأ إلى الحسنعليه‌السلام فقال: ها هو ذا، أبوه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأمّه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعمه جعفر الطيّار في الجنات، وعمته أمّ هانئ بنت أبي طالب، وخاله القاسم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخالته زينب بنت

____________________

(١) فرائد السمطين ١: ٣٧٥ باب ( ٦٨ ) ح ٣٠٥، الغدير ٢: ١٧٧، بحار الأنوار ٣٣: ٢٥٨ ح ٥٣١، بشارة المصطفى: ١١ وقد زيد فيه بيتاً آخر، وهو:

على آلِ الرسولِ صلاةُ

ربّي صلاة بالكمالِ وبالتمامِ

١٥٣

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجدته خديجة بنت خويلدعليها‌السلام .فسكت القوم، ونهض الحسنعليه‌السلام ، فأقبل عمرو بن العاص على مالك فقال: حب بني هاشم حملك على أن تكلمت بالباطل ؟ فقال ابن عجلان: ما قلت إلاّ حقاً، وما أحد من الناس يطلب مرضاة مخلوق بمعصية الخالق، إلا لم يعطَ أمنيته في دنياه، وخُتم له بالشقاء في آخرته، بنو هاشم أنضركم عوداً، وأوراكم زنداً، أليس كذلك، يا معاوية ؟ قال - معاوية -: نعم(١) .

وأخرج ابن عساكر الدمشقي في تاريخه حديثاً قريباً لهذا الحديث(٢) .

وروى العلاّمة ابن عبد ربّه الأندلسي حديثاً آخر، ولعلّه غير المذكور آنفاً قال فيه: سأل معاوية يوماً جلساءه: مَن أكرم الناس، أباً وأُمّاً، وجداً وجدةً، وعماً وعمةً، وخالاً وخالةً ؟ فقالوا: أنت أعلم.فأخذ - معاوية - بيد الحسن بن عليعليه‌السلام وقال: هذا !! أبوه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأُمّه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجدته خديجة زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعمه جعفر، وعمته هالة بنت أبي طالب، وخاله القاسم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخالته زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

أقول: هذا الحديث وإن كان يتعلّق بذكر الإمام الحسنعليه‌السلام ، ولكن لمّا كان فيه

____________________

(١) المحاسن والمساوئ: ٨٢ - ٨٣.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ١٣: ٢٤٠، ترجمة الإمام عليعليه‌السلام لابن عساكر ٣: ١٢١ في الهامش، ترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام لابن عساكر: ١٣٨ ح ٢٢٩.

(٣) العقد الفريد ٥: ٨٧.

١٥٤

اعتراف معاوية بأنّ الإمام عليعليه‌السلام - أبو الإمام الحسنعليه‌السلام - هو أكرم الناس طُراً، وهو ممّا يتناسب بموضوع هذا الكتاب أدرجناه هنا.

٦ - معاوية يعترف: بفضل عليعليه‌السلام ويترحّم عليه.

روى السيد الشريف الرضي في نهج البلاغة، وغيره من أعلام الحديث وأرباب السير والتاريخ في مؤلّفاتهم: أنّ ضرار بن حمزة - أو ضمرة وهو من أصحاب الإمام عليعليه‌السلام وشيعته - دخل ذات يوم على معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك بعد شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام .فقال معاوية لضرار بن ضمرة: صِف لي علياً ؟

فقال ضرار: أَوَ تعفيني ؟

قال: بلْ صِفه.

قال: أَوَ تعفيني ؟قال: لا أعفيك.

فبدأ ضرار بذكر فضائل الإمام وخُلقه وأدبه.ثمّ قال: وأشهد باللهِ لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سُدوله وغارت نجومه، وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يَتململُ تململَ السليم، ويبكي بكاءَ الحزين، وكأنّي أسمعه وهو يقول: ( يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا إِلَيْكِ عَنِّي، أَبِي تَعَرَّضْتِ، أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ، لا حَانَ حِينُكِ، هَيْهَاتَ غُرِّي غَيْرِي، لا حَاجَةَ لِي فِيكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاثاً لا رَجْعَةَ فِيهَا، فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ، آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ )(١) .فذرفت دموع معاوية حتى خرّت على لحيته، فما يملكها وهو ينشّفها بكمه ،

____________________

(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح: ٤٨٠ قصار الحكم ( ٧٧ ).

١٥٥

وقد اختنق القوم بالبكاء، ثمّ قال معاوية: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟قال: حزن من ذُبح وَلدُها في حجرها، فلا ترقأ عبرتها، ولا يسكن حزنها(١) .

٧ - معاوية يعترف: عليعليه‌السلام أفصح وأشجع وأسخى الناس طُراً.

أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر، بإسناده عن أبي إسحاق قال: قَدم ابن أجور التميمي إلى معاوية بن أبي سفيان، وقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من عند ألأم الناس، وأبخل الناس، وأعيى الناس، وأجبن الناس - يقصد بذلك عليعليه‌السلام -.فقال له معاوية: ويلك وأنّى أتاه اللؤم ؟ ولكنّا نتحدث أن لو كان لعليعليه‌السلام بيت من تبن وآخر من تبر، لأنفد التبر قبل بيت التبن.

وأنّى له العي ؟ وإن كنّا نتحدث أنّه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من عليعليه‌السلام .

ويلك وأنّى أتاه الجبن ؟ وما برز له رجل قط إلاّ صرعه، والله يا بن أجور لولا الحرب خدعة لضربت عنقك، اخرج فلا تُقيمَنّ في بلدي(٢) .

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ١٦، الاستيعاب ٣: ١١٠٧ ترجمة الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام رقم ١٨٥٥، الفتوحات الإسلامية ٢: ٤٥٣ - ٤٥٨، ربيع الأبرار ١: ٩٧، شرح نهج البلاغة ١٨: ٢٢٤ - ٢٢٦، صفة الصفوة ١: ٣١٥، الرياض النضرة ٣: ١٨٧، حلية الأولياء ١: ٨٤ - ٨٥، ذخائر العقبى: ١٠٠، الصواعق المحرقة: ١٣١ - ١٣٢، الإتحاف بحب الأشراف: ٢٥، المستطرف للأبشيهي ١: ١٣٧، نظر درر السمطين: ١٣٤ - ١٣٥، الأمالي للصدوق: ٧٢٤ ح ٩٩٠، كنز الفوائد ٢: ١٦٠.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٤١٤ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام ، شرح نهج البلاغة ١: ٢٤ - ٢٥ و ٦: ٢٧٩.

١٥٦

٨ - معاوية يعترف: عليعليه‌السلام سنّ الفصاحة للعرب.

أخرج العلاّمة ابن أبي الحديد: لمّا قال محفن بن أبي محفن لمعاوية: جئتك من عند أعيى الناس، والظاهر أنّ معاوية سأله: من أين أتيت ؟ قال ذلك في جوابه - ويقصد بأعيى الناس الإمام عليعليه‌السلام -: قال له معاوية: ويحك !! كيف يكون أعيى الناس ؟! يا بن اللخناء، العلي تقول هذا ؟! فوالله، ما سنّ الفصاحة لقريش غيره، وقال لمحفن بن أبي محفن - لمّا قال له: جئتك من عند أبخل الناس -: ويحك ! كيف تقول إنّه أبخل الناس ؟! لو ملك بيتاً من تبر وبيتاً من تبن لأنفد تبره قبل تبنه(١) .

وقال ابن قتيبة: ذكروا أنّ عبد الله بن أبي محجن الثقفي قدم على معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي أتيتك من عند الغبي الجبان البخيل ابن أبي طالب.

فقال معاوية: لله أنت !! أتدري ما قلت ؟.

أمّا قولك ( الغبي )، فوالله، لو أنّ أَلسن الناس جُمعت فجعلت لساناً واحداً لكفاها لسان عليعليه‌السلام .وأَمّا قولك ( إنّه جبان ): ثكلتك أمّك هل رأيت أحداً قط بارزه إلاّ قتله ؟وأمّا قولك ( إنّه بخيل )، فوالله، لو كان له بيتان، أحدهما من تبر والآخر من تبن لأنفد تبره قبل تبنه.فقال ابن أبي محجن الثقفي: فعَلامَ تقاتله إذاً ؟

قال: على دم عثمان، وعلى هذا الخاتم الذي مّن جعله في يده جادت طينته

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١: ٢٢.

١٥٧

وأطعم عياله، وادّخر لأهله.

فضحك الثقفي ثمّ لحق بعليعليه‌السلام (١) .

٩ - معاوية يعترف: علي وبنيه خير خلق الله وعترة نبيه.

أخرج العلاّمة الحافظ ابن عساكر بسنده عن جابر قال: كنّا عند معاوية فذكر عليعليه‌السلام فأحسن ذكره، وذكر أبيه وأمّه ثمّ قال: وكيف لا أقول هذا لهم وهم خيار خلق الله وعترة نبيه، أخيار أبنا أخيار، ( وفي النسخة الخطية ) وعنده بنيه أخيار أبناء أخيار(٢) .

١٠ - معاوية يعترف: عليعليه‌السلام يجيب مسائل ملك الروم.

روى العلاّمة السروي: كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن خصال، فكان فيما سأله: أخبرني عن لا شيء، فتحيّر معاوية وعجز عن الجواب، وكان آنذاك في صفين، فقال عمرو بن العاص: وجّه فرساً إلى معسكر عليعليه‌السلام ليباع - أي يبيع الفرس - فإذا قيل للذي هو معه بكم ؟ يقول: بلا شيء، فعسى أن تخرج المسألة.فجاء الرجل - المرسَل بالمسألة - إلى عسكر عليعليه‌السلام ، إذ مرّ به عليعليه‌السلام ومعه قنبر فقال: ( يا قنبر، ساومه.فقال قنبر: بكم الفرس ؟ قال: بلا شيء.قال عليعليه‌السلام : يا قنبر، خذ منه.

____________________

(١) الإمامة والسياسة: ١٠١، محاضرات الأدباء ٢: ٣٨٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٤١٥ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام .

١٥٨

قال الرجل: أعطني لا شيء.فأخرجه إلى الصحراء وأراه السراب، فقالعليه‌السلام : ذلك لا شيء، ثمّ قالعليه‌السلام : اذهب فخبّره، قال الرجل: وكيف ؟ قالعليه‌السلام : أَما سمعت بقول الله تعالى:( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) (١) (٢) .

١١ - معاوية يعترف: بأعلمية عليعليه‌السلام ، ويرجع إليه في حلّ مسالة.

أخرج العلاّمة الحافظ المتقي الهندي، بإسناده عن أبي الوضين قال: إنّ رجلاً تزوّج إلى رجل من أهل الشام ابنةً له ابنة مهيرة، فزوّجه وزّف إليه ابنةً له أخرى بنت فتاة، فسألها الرجل بعد ما دخل بها: ابنة مَن أنت ؟ فقالت: ابنة فلانة تعني الفتاة، فقال: إنّما تزوجت إلى أبيك ابنة المهيرة.فارتفعوا إلى معاوية بن أبي سفيان فقال: امرأة بامرأة، وسأل مَن حوله من أهل الشام.فقالوا: امرأة بامرأة.فقال الرجل لمعاوية: ارفعنا إلى علي بن أبي طالب، فقال: اذهبوا إليه، فأتوا علياً، فرفع عليعليه‌السلام شيئاً من الأرض وقال: ( القضاء في هذا أيسر من هذا، لهذه ما سقتَ إليها بما استحللتَ من فرجها، وعلى أبيها أن يجهّز الأخرى بما سقتَ إلى هذه، ولا تقربها حتى تنقضي عدة هذه الأخرى )، قال أبو الوضين: وأحسب أنّهعليه‌السلام جلد أباها أو أراد أن يجلده(٣) .

____________________

(١) النور: ٣٩.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب السروي ٢: ٣٨٢.

(٣) كنز العمال ٥: ٨٣٦ ح ١٤٥١٣ خرّجه عن ابن أبي شيبة، المناقب للسروي ٢: ٣٧٦.

١٥٩

١٢ - معاوية يسأل علياًعليه‌السلام عن حكم مسألة في النكاح.

أخرج الإمام مالك والشافعي، وسعيد بن منصور بن شعبة المروزي، وعبد الرزاق والبيهقي، بإسنادهم جميعاً عن سعيد بن المسيب قال: إنّ رجلاً من أهل الشام يقال له ابن خيبري، وجدَ مع امرأته رجلاً فقتله أو قتلهما معاً، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن ذلك، فسأل أبو موسى عن ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال له عليعليه‌السلام : ( إنّ هذا الشيء ما هو بأرضي، عزمت عليك لتُخبرني، فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال عليعليه‌السلام : أنا أبو الحسن القَرم(١) ، إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليعط برمته )(٢) .

قال ابن شهر آشوب: إن كان الزاني مُحصناً فلا شيء على قاتله؛ لأنّه قتل مَن يجب عليه القتل(٣) .

١٣ - معاوية يعترف: علم عليعليه‌السلام أجمع العلوم وأحكمها.

بعث جواسيس معاوية إليه نبأ انتصاب مالك الأشتر والياً على مصر من قبل

____________________

(١) القَرم: قال ابن الأثير في النهاية ٤: ٤٩ مادة قرم: القَرم أي المقدّم في الرأي.

(٢) الموطأ ٢: ٧٣٨ كتاب الأقضية باب ( ١٩ ) باب القضاء فيمَن وَجد مع امرأته رجلاً ح ١٨، مسند الشافعي ٢: ٣٦٢ - ٣٦٣، كتاب الجنائز والحدود، السُنن الكبرى ٨: ٢٣٠، وج ١٠: ١٤٧، كنز العمال ١٥: ٨٣ - ٨٤ ح ٤٠١٩٨ أخرجه عن الشافعي، وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي، تيسير الوصول ٤: ٨٦ باب من قتل زانياً بغير بيّنة ح ١، السيرة الحلبية ٣: ١٤٩.

(٣) المناقب لابن شهر آشوب ٢: ٤١.

١٦٠