الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء0%

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 203

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مهدي فقيه إيماني
تصنيف: الصفحات: 203
المشاهدات: 149143
تحميل: 6506

توضيحات:

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 203 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149143 / تحميل: 6506
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

الإمام علي (عليه السلام) في آراء الخلفاء

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام ، فبعث معاوية إلى رجل من أهل الخراج في القلزم يثق به وقال له: إنّ الأشتر قد ولي مصر فإن كفيتنيه - وقضيت عليه - لم آخذ منك خراجاً ما بقيتُ وبقيتَ، فاحتل في هلاكه ما قدرت عليه، فاحتالَ هذا القلزمي في أن تظاهر له بحب عليعليه‌السلام ، وأتاه بطعام حتى إذا طعم سقاه شربة عسل قد جعل فيها سُماً، فلمّا شربها مات، فسلبوا منه كتاب أمير المؤمنين عليعليه‌السلام إليه - الذي يُعد دستوراً وقانوناً، في الإدارة والحكومة والسياسة الإسلامية، المعروف بعهد مالك الأشتر - وأرسلوه إلى معاوية، فجعل معاوية ينظر فيه بدقة وتمعّن، فتعجب من احتوائه على شتى الأصول الإدارية، وشموله أرفع القيم وأتقنها، فتحيّر معجباً بما رآه في ذلك العهد، وعزم على أن يحتفظ به، فقال الوليد بن عقبة - وهو عند معاوية آنذاك وقد رأى إعجابه به -: مر بهذه الأحاديث أن تُحرق، فقال له معاوية: مه، لا رأي لك.فقال الوليد: أَفمن الرأي أن يعلم الناس أنّ أحاديث أبي تراب عندك تتعلّم منها ؟ قال معاوية: ويحك !! أتأمرني أن أحرق علماً مثل هذا ! والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم.فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعَلامَ تقاتله ؟ فقال: لولا أنّ أبا تراب قتل عثمان، ثمّ أفتانا لأخذنا عنه، ثمّ سكت هنيهة، ثمّ نظر إلى جلسائه فقال: دعوني أنظر فيه؛ لأنّي ما سمعت أحكم منه وأتقن، وفيه آداب

١٦١

الحكم والقضاء والسياسة(١) .

أقول: لقد حان الأوان لشيعة آل أبي سفيان، أن يتأملوا قليلاً في اعتراف خليفتهم ورأيه، في أصول القوانين في الحكم الإسلامي، الذي كتبه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام إلى واليه على مصر مالك الأشتر، الذي كُلّف بتطبيق هذه المنشور القويم في تلك الولاية، وكذا يتدبر هؤلاء في كيفية تخطيط معاوية لقتل مالك الأشتر، حتى يعرفوا علياًعليه‌السلام وخصائصه العلمية، ومؤهلاته الجامعة في أولويته على غيره في مسألة الخلافة، ويطّلعوا أكثر على جرائم معاوية، وانحرافاته الاعتقادية والعلمية.

١٤ - معاوية يعترف: ذهب الفقه والعلم بموت عليعليه‌السلام .

أخرج المؤرّخ ابن عبد البر القرطبي: كان معاوية يكتب فيما ينزل به؛ ليسأل له علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن ذلك، فلمّا بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب، فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام.فقال له: دعني عنك(٢) .

١٥ - معاوية يعترف: عليعليه‌السلام هو الشجاع المطرِق.

قال ابن أبي الحديد: لمّا دعا الإمام عليعليه‌السلام معاوية في صفين إلى المبارزة؛ ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما، قال له عمرو: لقد أنصفك.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ٦: ٧٤ - ٧٥.

(٢) الاستيعاب ٣: ١١٠٨، الفتوحات الإسلامية ٢: ٤٥٣، فتح الملك العلي للغماري: ٤٤، الشرف المؤبّد: ٩٥.

١٦٢

فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلاّ اليوم !! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن، وأنت تعلم أنّه الشجاع المطرِق ؟! أراك طمعت في أمارة الشام بعدي ؟!(١) .

١٦ - معاوية يسأل علياًعليه‌السلام في مسألة الخنثى.

أخرج العلاّمة المتقي الهندي، عن الحافظ سعيد بن منصور، بإسناده عن الشعبي قال: قال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : ( الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عمّا نزل به من أمر دينه، إنّ معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى، فكتبتُ إليه: أن ورّثه من قِبل مباله )(٢) .

١٧ - معاوية يعترف: ماتت الفضائل بموت عليعليه‌السلام .

أخرج العلاّمة ابن عساكر الدمشقي بطرق ثلاثة، وكذا روى غيره بطرق أخرى: أنّه لمّا جاء نعي عليعليه‌السلام إلى معاوية، استرجع، وكان قائلاً مع امرأته فاختة بنت قرظة نصف النهار في يوم صائف، فقعد باكياً وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم ؟ فقالت له امرأته: تسترجع عليه اليوم وتبكي، وأنت تطعن عليه بالأمس ! فقال: ويحكِ، لا تدرين ما ذهب من علمه وفضله وسوابقه ؟ وما فقد الناس من حلمه وعلمه(٣) .

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١: ٢٠ و ٥: ٢١٧، محاضرات الأدباء للجاحظ ١: ١٣١.

(٢) كنز العمال ١١: ٨٣ ح ٣٠٧٠١.

(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٥٨٣، المناقب للخوارزمي: ٣٩١ فصل ( ٢٦ ) ح ٤٠٨، فرائد السمطين ١: ٣٧٢ - ٣٧٣ باب ( ٦٨ ) ح ٣٠٣ - ٣٠٤، نظم درر السمطين: ١٣٤.

وقال المحمودي معلّقاً على هذه الرواية: وغير خفي على ذوي الدراية والفَطانة، أنّ ما تضمّنه الحديث وما بسياقه مخالف لجِبلة معاوية، مباين لِما كان استقر عليه عمل ابن هند من محادّة أولياء الله، وسعيه في استئصالهم بكل حيلة ومكر وغدر.نعم الملائم لسيرة

١٦٣

١٨ - معاوية يترحّم على عليعليه‌السلام ويعترف: عقمت الأمّهات أن يلدنَ مثله.

روى العلاّمة الزمخشري: سأل معاوية عقيلاً عن قصة الحديدة المحماة.فبكى عقيل وقال: أنا أحدّثك - يا معاوية - عنه، ثمّ أحدّثك عمّا سألت، نزل بالحسينعليه‌السلام ابنه ضيف فاستسلف درهماً اشترى به خبزاً، واحتاج إلى الإدام، فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقاً من زقاق العسل، جاءتهم من اليمن، فأخذ منه رطلاً، فلمّا طلبها عليعليه‌السلام ليقسّمها قال: ( يا قنبر، أظن أنّه حدث بهذا الزق حدث، فأخبره، فغضبعليه‌السلام وقال: عليّ بالحسين، فرفع عليه الدرة.فقال الحسينعليه‌السلام : بحق عمي جعفر - وكان عليعليه‌السلام إذا سئل بحق جعفر سكن - فقال له: فداك أبوك، وإن كان لك فيه حق، فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم ! أَما لولا أنّي رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبّل ثنيتك لأوجعتك ضرباً.

____________________

معاوية وما انعقد عليه ضميره، هو ما ذكره الخوئي في منهاج البراعة ٩: ١٢٧: ولمّا بلغ إلى معاوية نعي أمير المؤمنين فرح فرحاً شديداً وقال: إنّ الأسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه.ثمّ قال:

قلْ للأرانب ترعى أينما سرحت

وللضباء بلا خوفٍ ولا وجلٍ

وقال الراغب في المحاضرات عن شريك: والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين، وكان متكئاً فاستوى جالساً ثمّ قال: يا جارية، غنيني فاليوم قرّت عيني ! فأنشأت تقول:

أَلا أبلغ معاويةَ بن حربٍ

فلا قرّت عيونُ الشامتينا

أفي شهرِ الصيامِ فجعتمونا

بخيرِ الناس طُراً أجمعينا

قتلتم خيرَ مَن ركب المطايا

وأفضلهم ومَن ركب السفينا

( المعرّب )

١٦٤

ثمّ دفع إلى قنبر درهماً كان مصروراً في ردائه وقال: ( اشترِ به خير عسل تقدر عليه.قال عقيل: والله لكأنّي أنظر إلى يدي عليعليه‌السلام وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه، ثمّ شدّه وجعل يبكي ويقول: اللهم اغفر لحسين فإنّه لم يعلم !! ).فقال معاوية: ذكرت مَن لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن، فلقد سبق مَن كان قبله، وأعجز مَن يأتي بعده ! هلمَّ حديث الحديدة.

قال عقيل: نعم، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني وجئته بهم، والبؤس والضر ظاهران عليهم.

فقالعليه‌السلام : ( ائتني عشيةً لأدفع إليك شيئاً، فجئته يقودني أحد وُلدي، فأمره بالتنحّي، ثمّ قال: أَلا فدونك، فأهويت - حريصاً قد غلبني الجشع - أظنها صرةً، فوضعت يدي على حديدة تلتهب، فلمّا قبضتها نبذتها، وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره.

فقالعليه‌السلام : ثكلتك أمّك ! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبهِ - بنار هذه الدنيا - وتجرّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى ؟

ثمّ قرأ:( إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ ) (١) .

ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلاّ ما ترى، فانصرف إلى أهلك).فجعل معاوية يتعجب من هذه الحكاية ويقول: هيهات هيهات !!! عقمت الأمّهات أن يلدنَ مثله(٢) .

____________________

(١) غافر: ٧١.

(٢) شرح نهج البلاغة ١١: ٢٥٣ - ٢٥٤، ربيع الأبرار ٣: ٨٠ باب ٥٢.

١٦٥

١٦٦

الإمام عليعليه‌السلام في رأي عمر بن عبد العزيز

١٦٧

١٦٨

١ - عمر بن عبد العزيز يروي حديث المنزلة.

روى العلاّمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي، بسنده عن عمر بن عبد العزيز - الخليفة الأموي وحفيد مروان بن الحكم - عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليعليه‌السلام : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى )(١) .

٢ - عمر بن عبد العزيز يروي حديث، تأثير إيمان عليعليه‌السلام على قلب جبرئيلعليه‌السلام .

أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي، بسنده عن الحافظ ابن مردويه قال: لمّا بلغ عمر بن عبد العزيز أنّ قوماً تنقّصوا علي بن أبي طالبعليه‌السلام صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر علياًعليه‌السلام وفضله وسابقته ثمّ قال: حدثني عراك بن مالك الغفاري، عن أمّ سلمة قالت: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عندي إذ أتاه جبرئيل فناداه، فتبسّم رسول الله ضاحكاً، فلمّا سرى عنه قلت: بأبي أنت وأمّي - يا رسول الله - ما أضحكك ؟ فقال: ( أخبرني جبرئيل، أنّه مرّ بعلي وهو يرعى ذوداً له، وهو نائم قد أبدى بعض جسده قال: فرددت عليه ثوبه، فوجدت برد إيمانه قد وصل إلى قلبي )(٢) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ١٧: ١٤٥.

(٢) المناقب للخوارزمي: ١٢٩ - ١٣٠ ح ١٤٤.

١٦٩

٣ - عمر بن عبد العزيز يروي جزاء مَن سبّ علياًعليه‌السلام .

أخرج العلاّمة ابن أبي الحديد عن أبي غسان النهدي، قال: قال عمر بن عبد العزيز: كان أبي يخطب فلا يزال مستمراً في خطبته، حتى إذا صار إلى ذكر عليعليه‌السلام وسبه تقطّع لسانه، واصفرّ وجهه، وتغيّرت حاله، فقلت له في ذلك.فقال: أَوَ قد فطنت لذلك ؟ إنّ هؤلاء لو يعلمون من عليعليه‌السلام ما يعلمه أبوك، ما تبعنا منهم رجل(١) .

٤ - عمر بن عبد العزيز يروي حديث ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه ).

أخرج العلاّمة أبو نعيم الأصفهاني، وغيره من الحفّاظ والمؤرّخين، بسندهم عن يزيد بن عمر بن مورق ،قال: كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس، فتقدّمت إليهفقال لي: ممّن أنت ؟

قلت: من قريش.

قال: من أي قريش ؟

قلت: من بني هاشم.

قال: فسكت.

فقال: من أي بني هاشم ؟قلت: مولى علي.

قال: من علي ؟ فسكت.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٣: ٢٢١ رواه عن نقض العثمانية للإسكافي.

١٧٠

قال ابن مورق: فوضع - عمر بن عبد العزيز - يده على صدريوقال: وأنا والله مولى علي بن أبي طالبعليه‌السلام .ثمّ قال: حدثني عدة أنّهم سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ( مَن كنت مولاه فعلي مولاه).ثمّ قال: يا مزاحم، كم تعطي أمثاله ؟

قال: مِئة أو مِئتي درهم.

قال: أعطِه خمسين ديناراً.

وقال ابن أبي داود: - أعطِه - ستين ديناراً؛ لولايته علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ثم قال: الحق ببلدك فسيأتيك مثل ما يأتي نظراءك(١) .

٥ - عمر بن عبد العزيز يعترف: عليعليه‌السلام أزهد الناس.

أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي عن الحافظ ابن مردويه، بإسناده عن عمر بن عبد العزيز قال: ما علمنا أنّ أحداً كان في هذه الأمّة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أزهد من علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٢) .

____________________

(١) حلية الأولياء ٥: ٣٦٤، أسد الغابة: ٥: ٣٨٣ ترجمة عمر بن عبد العزيز، تاريخ مدينة دمشق ٥: ٣٢٠ رواية زريق القرشي المدني، فرائد السمطين ١: ٦٦ باب ( ١٠ ) ح ٣٢، نظم درر السمطين: ١١٢.

(٢) المناقب للخوارزمي: ١١٧ فصل ( ١٠ ) ح ١٢٨.

١٧١

١٧٢

الإمام عليعليه‌السلام في رأي بعض خلفاء بني العباس

١٧٣

١٧٤

١ - خمس خلفاء يروون حديث سدّ الأبواب.

أخرج الحافظ ابن مندة الأصفهاني، في كتاب مناقب العباس في مسانيد المأمون، قال: حدثني أمير المؤمنين الرشيد، حدثني أمير المؤمنين المهدي، حدثني أمير المؤمنين المنصور، حدثني أبي - السفاح - عن عبد الله بن العباس - حبر الأمّة - قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : ( أنت وارثي، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ موسى سأل الله تعالى أن يطهّر مسجده - لا يسكنه إلاّ موسى وهارون وابنا هارون - وإنّي سألت الله تعالى أن يطهّر مسجدي لك، ولذريتك من بعدك، ثمّ أرسل إلى أبي بكر: أن سدّ بابك، فاسترجع أبو بكر وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقال: فُعل هذا بغيري ؟ فقيل: لا.فقال: سمعاً وطاعةً، فسدّ بابه.ثمّ أرسل إلى عمر فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : سدّ بابك، فاسترجع - عمر - وقال: فُعل هذا بغيري ؟ فقيل: بأبي بكر.فقال - عمر -: إنّ في أبي بكر أسوة حسنة، فسدّ بابه.ثمّ أرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رجل آخر فسدّ بابه.ولمّا خاض الناس في ذلك - بأنّه لم يأمر علياًعليه‌السلام بسدّ بابه - صعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال: ما أنا سددت أبوابكم، ولا أنا فتحت باب عليعليه‌السلام ، ولكن الله

١٧٥

سدّ أبوابكم، وفتح باب عليعليه‌السلام )(١) .

أقول: أخرج العلاّمة الأميني حديث سدّ الأبواب، عن ثمان وثلاثين طريقاً ومصدراً حديثياً، وغيره من مسانيد وجوامع أهل السُنة، عن أربعة عشر صحابياً وثلاث وعشرين نصاً(٢) .

ومَن يراجع كتاب إحقاق الحق للعلاّمة التستري المرعشي وملحقاته، يرى أنّ هذا الحديث قد روي في أكثر من ستين مصدراً من كتب أهل السُنة فقط(٣) .ولا يخفى أنّ هذا الحديث كاشف عن منقبة عالية وسامية لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ويثبت تقدّمه وأولويته على غيره للخلافة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما نرى أنّ علياًعليه‌السلام ناشد عدلاءه وقرناءه، الذين قرنهم به عمر في الشورى، واحتجّعليه‌السلام بهذا الحديث عليهم، ولم يردّ عليه أحد من أعضاء الشورى العمرية، أو يكذّبه في ذلك.وأخرجه أيضاً العلاّمة المجلسي في بحاره بأربعة عشر لفظاً مختلفاً، رواه عن طرق شيعية وسنية عديدة(٤) .

____________________

(١) الطرائف لابن طاووس: ٦٠ - ٦١ أخرجه عن ابن مندة، العمدة لابن يطرق: ١٧٦ ح ٢٧٣ الفصل العشرون، وفيه: العباس، أخرجه عن ابن مندة: ٢٢٦ ح ٢٨٨، غاية المرام للبحراني: ٦٤٠ أخرجه عن ابن مندة، الغدير ٣: ٢٠٥. أخرجه عن السيوطي عن النسائي، جامع الأحاديث للمسانيد والمراسيل للسيوطي ٤: ٣١٢ ح ١٢٩٦٣ وفيه: سدوا هذه الأبواب.

(٢) الغدير ٣: ٢٠٢ - ٢٠٩.

(٣) انظر إحقاق الحق ٤: ١٢٩، ٤٠٨، ٤١٠، ٤٣٣، ٤٣٥، ٥٠٢، وج ٥: ٦٠، ٧٦، ٨٧، ٤٥٠، ٤٨٦، وج ١٥: ٦٣٠، وج ١٦: ٣٣٢ - ٣٧٥، وج ١٨: ١٥، وج ٢١: ٢٤٣ - ٢٥٥.

(٤) بحار الأنوار ٣٩: ١٩ - ٣٥ كتاب تاريخ أمير المؤمنينعليه‌السلام باب ( ٧٢٠ ) باب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بسدّ الأبواب.إلاّ بابهعليه‌السلام ح ١ - ١٤.

١٧٦

٢ - ثلاث خلفاء عباسيين يروون حديث المنزلة.

أخرج العلاّمة الحافظ أبو بكر أحمد بن علي المشهور بالخطيب البغدادي، وآخرون من حفّاظ أهل السُنة ومؤرّخيهم، بإسنادهم عن المأمون العباسي، عن أبيه هارون العباسي، عن أبيه المهدي العباسي:قال: دخل عليّ سفيان الثوري فقلت: حدثني بأفضل فضيلة عندك لعليعليه‌السلام !.

فقال - سفيان -: حدثني سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، عن عليعليه‌السلام قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي )(١) .

٣ - المأمون يعترف بحديث الغدير والمنزلة.

أخرج الحافظ القندوزي وغيره من الحفّاظ والمؤرّخين من السنة والشيعة حديثاً، ذكره ابن مسكويه صاحب التاريخ بحوادث الإسلام، في كتاب سمّاه نديم الفريد، أو نديم الأحباب يقول فيه: لمّا ولّى المأمون العباسي الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ولاية العهد، بعد ما دعاه من المدينة إلى خراسان - وبايعه الإمامعليه‌السلام في ذلك، بشرط أن لا يتدخّل في شؤون الحكومة، من عزل أو نصب أحد وغيره من الأمور - وضرب المأمون النقود باسم الرضاعليه‌السلام ، احتجّ بنو العباس على المأمون، وكتبوا إليه كتاباً شجبوا فعله، وطلبوا منه الجواب.فكتب المأمون إليهم كتاباً شرح فيه مواقف الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ومناقبه وفضائله، وأحقيته في الخلافة عن غيره، ودوره في ديمومة الدين، ودفاعه

____________________

(١) تاريخ بغداد ٤: ٧٠ - ٧١ ترجمة أبي الحسن أحمد بن جعفر الصيدلاني رقم ١٦٩٣، موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي ١: ٣٩٧ عن طريقين ترجمة إبراهيم بن سعيد الجوهري رقم ١٦، الرياض النضرة ٣: ١١٧ عن الحافظ السلفي في النسخة البغدادية، جامع الأحاديث للسيوطي ٤: ٤١١ ح ٧٨٨٧، كنز العمال ١٣: ١٥٠ ح ٣٦٤٧٠، الروضة الندية في شرح التحفة العلوية للكحلاني اليمني: ١٠٢ عن السيوطي.

١٧٧

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وملكاته النفسية وخصائصه العائلية، وكان ممّا كتب: فلم يقم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنّه آزره ووقاه بنفسه، ونام في مضجعه، ثمّ لم يزل بعد متمسكاً بأطراف الثغور، وينازل الأبطال، ولا ينكل عن قرن، ولا يولّي عن جيش، منيع القلب، يأمر على الجميع، ولا يُؤمّر عليه أحد، أشد الناس وطأةً على المشركين، وأعظمهم جهاداً في الله، وأفقههم في دين الله، وأقرأهم لكتاب الله، وأعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث خم، وصاحب قوله: ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي)(١) .

أقول: ومَن يرد الاطلاع أكثر فليراجع مصادره في الذيل.

٤ - المأمون يعترف بحديث الطائر المشوي، ويستدل به على أحقية علي للخلافة.

قبل الخوض في بيان الحديث المتعلّق بهذا الموضوع، لابدّ من الإشارة إلى مسألتين ولو بالاختصار:

١ - ذكر أكثر من مِئة وواحد وثلاثين عالماً وحافظاً من علماء أهل السُنة والجماعة، أنّه أهدت إحدى النساء المسلمات طائراً مشوياً إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أنّ إحدى زوجاته وغلامه أنس بن مالك كانا حاضرينِ في الدار، ولكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا ربّه أن يأتيه بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ لِما كان له عند الله شأناً كبيراً، ليأكل معه ذلك الطير المشوي، أو أنّه أراد بدعائه: ( اللهم ائتني بأحب خلقك يأكل معي هذا الطعام ) أن يُري مقام الإمام عليعليه‌السلام للآخرين.

____________________

(١) ينابيع المودة: ٤٨٤ باب ( ٩٢ ) باختصار، الطرائف للسيد ابن طاووس: ٢٧٥ - ٢٨٢، عبقات الأنوار ١: ١٤٧، بحار الأنوار ٤٩: ٢٠٨ - ٢١٤.

١٧٨

وما برح أن جاء عليعليه‌السلام يسأل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يُدخله أنس وعذره، فرجع علي ثانيةً وثالثةً، وأنس يمنعه، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما زال ينتظر دخول أحب الخلق إلى الله؛ ليأكل معه الطير، ويرى أنّ الله قد استجاب دعاءه في عليعليه‌السلام (١) .

٢ - روى العلاّمة الأديب والمؤرّخ ابن عبد ربّه الأندلسي - المتوفى ٣٢٨ - وكذلك روى المحدّث الكبير الشيخ الصدوق - المتوفى ٣٨١ ه-‍ أنّ المأمون أمر رئيس وزرائه، وقاضي القضاة يحيى بن أكثم، أن يجمع له أربعين عالماً من علماء أهل السُنة في بلاط الخلافة العباسية؛ ليناظرهم في موضوع الخلافة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأحقية أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام للخلافة.

فغدا ابن أكثم والعلماء على المأمون في صبيحة الغد، وناظرهم المأمون في ذلك الموضوع محتجّاً ومستنداً، على أفضلية أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، بالآيات والأحاديث النبوية - الصحيحة التي نقلها واعترف بها أئمة الحديث عند أهل السنة - بشأن الإمام عليعليه‌السلام .

وبعد الحوار والمناظرة التي دامت ساعات، واحتجّ عليهم المأمون في بيان أفضلية الإمام عليعليه‌السلام وأحقيته وأولويته للخلافة، على غيره خاصةً الخليفتين الأَوّليين، أذعن جميع العلماء الأربعون بذلك، واعترفوا بعدم صحة خلافة غير عليعليه‌السلام ، وأنّ خلافتهم باطلة.وإليك نص الاحتجاج نقلناه من العقد الفريد فاقرأه وتأمله(٢) .

____________________

(١) ومَن أراد زيادة الاطلاع والإلمام، بالأسانيد والمصادر الحديثية والتاريخية، لحديث الطير المشوي، فليراجع المجلدات الثمان من موسوعة عبقات الأنوار، تأليف العلاّمة مير حامد حسين اللكهنوي، ومقدمتنا المفصّلة على الطبعة التي طبعتها مؤسسة الإمام المهديعليه‌السلام .

(٢) أخي القارئ، لا يخفى عليك أنّ المؤلّف العلاّمة الشيخ مهدي فقيه الإيماني حفظه الله، قد اكتفى في هذا الكتاب بنقل حديث الطائر، واحتجاج المأمون به من أصل الحوار، ولكنّنا لمّا شاهدنا أنّ هذا الحوار يكتنز في ثناياه حقائق أخرى واعترافات، ارتأينا أن ننقله برمته؛ لتكون الفائدة اشمل.

١٧٩

احتجاج المأمون على الفقهاء في فضل عليعليه‌السلام

١٨٠