ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)

ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)0%

ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 116

ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد شهاب الدين العذاري
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: الصفحات: 116
المشاهدات: 78494
تحميل: 6621

توضيحات:

ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 116 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78494 / تحميل: 6621
الحجم الحجم الحجم
ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)

ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

آنس وأسلَم، فإنْ أبيتم إلاّ مجالسةَ الناس، فجالسوا أهل المروّات؛ فإنّهم لا يرفثون في مجالسهم ) (١) .

وحثّ الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ) على مصاحبة واتّباع الناصحين فقال:( اتّبع من يُبكيك وهو لك ناصح، ولا تتّبع من يضحكك وهو لك غاشّ ) (٢) .

٣ - المَجالس وحلقات الذكر

المجالس وحلقات الذكر بيئةٌ اجتماعيّةٌ متكاملة، تترك آثارها الملموسة على الإنسان تأثّراً بالجماعة التي تتألّف منها المجالس وحلقات الذكر؛ حيثُ تخلق أجواءً تربويّةً فكريّةً وسلوكيّة تؤثّر تدريجيّاً على المشاركين فيها، وقد أطلق رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على مجالس الذكر وحَلَقات الذكر مصطلح( رياض الجنّة ) .

قال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):( بادروا إلى رياض الجنّة )، قالوا: يا رسول الله، وما رياض الجنّة؟

قال:( حلَقُ الذكر ) (٣) .

وسُئل ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أين رياض الجنّة؟ فقال:( مجالس الذكر، فاغدوا وروّحوا في ذكر الله ) (٤) .

وتتنوّع مجالس وحلَقَات الذكر بتنوّع الظروف والأوضاع، كمجالس العُلماء، ومجالس الصالحين، وجلَسَات حفظ القرآن الكريم وتلاوته، ومجالس العزاء على الإمام الحسين ( عليه السلام )، ويلحق بها الاحتفالات والمهرجانات التي تُقام

____________________

(١) مستدرك الوسائل / النوري: ٨ / ٣٢٨.

(٢) الكافي / الكليني: ٢ / ٦٣٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه / الصدوق: ٤ / ٤٠٩.

(٤) مكارم الأخلاق / الطبرسي: ص ٣١٢.

٢١

على مدار السنة في الأعياد ومناسبات ولادة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والأئمّة ( عليهم السلام )، ويوم المبعَث، ويوم الغدير وغير ذلك.

ومجالس الصالحين لها أثرٌ كبير في الإصلاح والتغيير، وكما ورد عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ):( مجالس الصالحين داعيةٌ إلى الصلاح ) (١) .

ومن مجالس الصالحين المجالس التي تُعقد أثناء الزيارات المتبادلة في المنازل، قد حثّ أهل البيت ( عليهم السلام ) عليها لدورها في التربية والإصلاح.

قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ):( تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياءً لقلوبكم وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض؛ فإنْ أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإنْ تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم ) (٢) .

وحذّر أهل البيت ( عليهم السلام ) من الاشتراك في مجالس الانحراف لتأثيرها السلبي على المشاركين، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ):( لا ينبغي للمؤمن أنْ يجلس مجلساً يُعصى الله فيه، ولا يَقدر على تغييره ) (٣) .

وقال أيضاً:( مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يَقعدنّ في مجلسٍ يُغتاب فيه إمام أو يُنتقص فيه مؤمن ) (٤) .

٤ - المساجد

المساجد من أهمّ الأجواء الإيمانيّة والتربويّة، التي تسهم بشكلٍ فعّال في

____________________

(١) مجموعة ورّام: ٢ / ٣٥.

(٢) الكافي / الكليني: ٢ / ١٨٦.

(٣)و(٤) مجموعة ورّام: ٢ / ٢١٠.

٢٢

تربية الإنسان وإصلاحه وتغييره، والمسجد خيرُ محيطٍ للإنسان للارتباط بالله سبحانه وتعالى وبعالم الغيب، حيثُ يجعل الإنسان يعيش أجواءً معنويّةً وروحيّة، يتعالى فيها على أثقال الحياة ويتسامى فيها فكراً وعاطفةً ثمّ سُلوكاً.

قال الإمام الحسن ( عليه السلام ): ( من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: آيةً مُحكَمَة، وأخاً مستفاداً، وعِلماً مستطرفاً، ورحمةً منتظرة، وكلمةً تدلّه على الهدى أو تردّه عن ردى، وترك الذنوب حياءً أو خشيةً )(١) .

ولأهميّة المسجد في بناء الشخصيّة الرساليّة تضافرت الروايات عن أهل البيت ( عليهم السلام )، على استحباب بناء المساجد، واستحباب الصلاة فيها، ووضعوا برنامجاً متكاملاً في المستحبّات والمكروهات التي ينبغي مراعاتها داخل المساجد؛ وهي الحصن الواقي الذي يدفع الإنسان للحركة نحو السموّ والتكامل.

٥ - العُلماء

للعلماء سلطانٌ على الناس وخصوصاً عُلماء الدين؛ لأنّ لهم قدسيّةً خاصّة يؤثّرون من خلالها على الأفكار والعواطف والإرادات، ولهم دورٌ فعّال في بناء الإنسان والتصدّي لجميع ألوان الانحراف الذي يهدّد فكر المجتمع وسُلوكه ومسيرته التاريخيّة، وهُم ليسوا مجرّد وعّاظ ومعلّمين لطقوسٍ دينيّةٍ أو فروضٍ منطقيّة؛ إنّهم قادةٌ روحيّون يتحملّون مسؤوليّة الهداية والإصلاح والتغيير الشامل.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في وصفه للعلم:( يرفعُ الله به أقواماً يجعلهم في

____________________

(١) تحف العقول / الحرّاني: ص ١٦٦.

٢٣

الخير أئمّة يُقتدى بِهم، تُرمَقُ أعمالَهم، وتُقتَبَس آثارهم ) (١) .

ولِمقام العلماء ودورهم في التأثير أثرٌ واضحٌ في صلاح الناس أو فسادهم، تبعاً لصلاح العلماء أو فسادهم.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( إنّ كلام الحكماء إذا كان صواباً كانَ دواءً، وإذا كان خطأً كان داءً ) (٢) .

وقال أيضاً:( زَلّةُ العالِم كانكسار السفينة تَغرَق ويَغرق معها خَلْقٌ ) (٣) .

وقال أيضاً:( زَلّة العالِم تُفسِدُ عوالِم ) (٤) .

٦ - الدولة

من الحقائق التاريخيّة أنّ المجتمعات تتأثّر بحكّامها، حيثُ تنعكس أفكار وأخلاق الحاكم وأجهزة الحكم على الناس خيراً أم شرّاً، فالحاكم حريصٌ على تغيير المجتمع طبقاً لمتبنياته الفكريّة والعاطفيّة والسلوكيّة، ويستطيع تحقيق ما يحرص عليه لامتلاكه لمصادر القوّة والتأثير ومنها: المال والإعلام.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( السلطان الفاضل هو الذي يحرس الفضائل ويجود بها لِمَن دُونه، ويرعاها من خاصّته وعامّته حتّى تكثر في أيّامه، ويتحسّن بها مَن لَم تَكُن فيه ) (٥) .

____________________

(١) بحار الأنوار / المجلسي: ١ / ١٦٦.

(٢) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد: ١٩/ ٢٧١.

(٣) شرح نهج البلاغة: ٢٠ / ٣٤٣.

(٤) تصنيف غرر الحكم: ص ٤٧.

(٥) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد: ٢٠ / ٢٨٢.

٢٤

وجعل الإمام الصادق ( عليه السلام ) مقدّمات الإصلاح واجبة على السلطان وعلى دولته فقال:( ثلاثةٌ تجِب على السلطان للخاصّةِ والعامّة: مكافأة المُحسِن بالإحسان ليزدادوا رغبةً فيه، وتغمّد ذنوب المُسيء ليتوبَ ويرجع عن غيّه، وتألفهم جميعاً بالإحسان والإنصاف ) (١) .

والرعية تتأثر بحاكمها وكما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( قلوب الرعيّة خزائن راعيها، فما أودعها من عدلٍ أو جورٍ وجده ) (٢) .

ومثّل ( عليه السلام ) الملِك بالنهر والناس بالجداول فقال:( الملِك كالنهر العظيم تستمدّ منه الجداول، فإنْ كان عذباً عذبت، وإنْ كان ملحاً ملحت ) (٣) .

أثر الغرائز في التربية

الغريزة في اللغة هي: الطبيعة والقريحة والسجيّة، وقال اللحيّاني: هي الأصل والطبيعة(٤) .

وفي الاصطلاح هي: استعداد فطريٌّ نفسي جسمي يدفع الفرد الى أنْ يدرك وينتبه الى أشياء من نوع معيّن، وأنْ يشعر بانفعال خاص عند إدراكها، وأنْ يسلك نحوها مسلكاً خاصّاً(٥) .

____________________

(١) تحف العقول / الحرّاني: ص ٢٣٦.

(٢) تصنيف غرر الحكم: ص ٣٤٦.

(٣) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد: ٢٠ / ٢٧٩.

(٤) لسان العرب / ابن منظور: ٥ / ٣٨٦.

(٥) منهج التربية أساسيّاته ومكوّناته / الدكتور علي أحمد مدكور: ص ٥٩، الدار الفنيّة، القاهرة، ١٩٩٣م.

٢٥

والغريزة كما هو المُستفاد من معناها أمرٌ مغروزٌ في داخل الذات، يتفاعل مع المحيط الخارجي لينطلق نحو الاستجابة والإشباع، وهي قوّة لا نلاحظها مباشرةً، بل نستنتجها من الاتّجاه العام للسُلوك الصادر منها في الواقع.

ومن هنا فلِلغريزة مظاهرٌ ثلاثة:١ - مثيرٌ خارجي. ٢ - سلوكٌ عمليّ. ٣ - هدَفٌ يُراد تَحقيقه.

وبعبارة أُخرى أنّ الغريزة تَتَفاعل مع الشعور بمظاهره الثلاثة: الإدراك والانفعال والرغبة للتحقيق.

فهي تتفاعل مع المثير الخارجي وتنفعل مع مظاهره المتنوّعة، وتنطلق لتحقيق هدفها وهو الإشباع والارتواء، وهذا التفاعل والانطلاق هو أمرٌ فطريٌّ لا يختلف ولا يتخلّف من فردٍ لآخر، وأمّا السلوك الصادر عن الغريزة، فهو أمرٌ تتحكّم به إرادة الإنسان وما يحمله من متبنّيات فكريّة وعاطفيّة وخلقيّة، من حيث نظرته للكون وللحياة والمجتمع، فيكون منسجماً معها مطابقاً للأُسُس والقواعد التي تبنّاها في رسم منهجه في الحياة، ولهذا يختلف سلوك الإنسان وممارساته العمليّة اندفاعاً وانكماشاً من إنسانٍ لآخر تَبَعاً لدرجات إيمانه واعتقاده بمتبنّياته.

وتتنوّع الغرائز بتنوّع تركيبة الإنسان وكينونته، فهو جسدٌ وروح ولكلّ منهما وظائفه الخاصّة المترتّبة على الحاجات الأساسيّة العضويّة والوجدانيّة في آنٍ واحد.

والتقسيم الثنائي للغرائز يُرجعها الى العقل والشهوة، وهُما الأساس الذي تتفرّع وتتنوّع منهما سائر الغرائز والدوافع والحاجات.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( إنّ الله ركَّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركّب في البهائم شهوةً بلا عقل، وركّب في بني آدم كلتيهما، فمَن غلب عقله

٢٦

شهوتَه فهو خيرٌ من الملائكة، ومَن غَلَبت شهوتُه عقلَه، فهو شرٌّ من البهائم ) (١) .

ومصطلح الشهوة يُطلق على القوّة التي تشتهي، وعلى الأمر المُشتهَى(٢) .

فمن العقل تتفرّع غريزة التديّن وغريزة التكامل أو حبُّ الكمال، وغريزة الأمن والاستقرار، ومن الشهوة تتفرّع غريزة الجوع والغريزة الجنسيّة وبقيّة الغرائز ذات الطابع الجسماني.

عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) قال: قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):( إنّ أوّل ما عُصِيَ الله به ستّةُ أشياء: حُبّ الدنيا، وحُبّ الرئاسة، وحُبّ الطعام، وحُبّ النوم، وحُبّ الراحة، وحُبّ النساء ) (٣) .

وقد أيّد العلم الحديث ما قاله الإمام عليّ ( عليه السلام ) في نظرته للإنسان حيثُ إنّ المفهوم السائد في هذا العصر ( إنّ الإنسان لا هو حيوان ولا هو مِن السماء، ولكنّه بين الاثنين، وتطوّره يعتمد على تمييزه المضبوط لطبيعة إمكاناته المحدودة )(٤) .

فالإنسان في رأي أمير المؤمنين تَتَجاذبه قوّتان: الشهوة والعقل، وهذه القوى تبكّر لديه في الظهور واليقظة، وتسرع عنده في النموّ والتأثير، وهي

____________________

(١) علل الشرايع / الشيخ الصدوق: ١ / ١٠٢، المكتبة الحيدريّة، النجف، ١٣٨٥هـ.

(٢) مفردات ألفاظ القرآن / الراغب: ص ٢٧٠.

(٣) مجموعة ورّام: ٢ / ٢٠٥.

(٤) الشخصيّة بين النجاح والفشل / الدكتور عبّاس مهدي: ص ٩١، عن: colin wilson, beyond the outsider p.١٥٩.

٢٧

المؤثّرة في بنائه الخَلقي والنفسي، فإذا نمت قوّة الشهوة وتغلّبت على قوّة العقل فإنّ الإنسان سيكون مستسلِماً لهواه وملذّاته، وسيشبعها دون قيود أو شروط في أجواء المثيرات والمغريات الخارجيّة، الى أنْ يصبح كالحيوان همّه بطنه وفرجه، أو يقف الواقع حائلاً دون إشباعها؛ فيؤدّي ذلك الى اختلال التوازن النفسي والانفعالي في كيانه فيُصاب بالاضطراب النفسي والروحي، وإذا غلبت قوّة العقل قوّة الشهوة، فإنّ الإنسان سيشبعها في وجهها الايجابي، فهو لا يوقف الشهوة ولا يعطّلها، بل يوجّهها وجهةً عقلانيّة ويقيّدها بقيود الشريعة أو يؤجّل إشباعها الى ظرفها المناسب المشروع.

ودور العقل هو تعديل الشهوة وتهذيبها واستبدال مثيراتها الطبيعيّة بمثيرات أُخرى تتّجه بها الى السموِّ والكمال، وتدع بها سلوكها الفطريّ إلى سُلوكٍ فيه النضج والقوّة للفرد والصلاح للمجتمع.

والعقل يقدّم التسامي على اللذات الفانية، ويوجّه الإنسان الى طاعة ربّه ويقدّمها على غيرها.

ويصف الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ) أهل التقوى قائلاً:( أخّروا شهواتهم ولذّاتهم خلْفَهم، وقدّموا طاعة ربّهم أمامهم ) (١) .

فالإمام لم يقل: ألغَوا شهواتَهم ولذّاتهم أو عطّلوها، بل قال: أخّروا؛ لأنّ منهج أهل البيت ( عليهم السلام ) هو منهج التوازن، ولهذا نجد أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يُعاتب عاصم ابن زياد حينما لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا فيقول له:( يا عديَّ نفسه لقد استهام بك الخبيث! أما رحِمت أهلَك وولْدَك! أترى الله أحلَّ لك الطيّبات،

____________________

(١) تحف العقول / الحرّاني: ص ٢٠٩.

٢٨

وهو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك ) (١) .

ومنهج أهل البيت ( عليهم السلام ) يدعو الى أنْ يكون العقل حاكماً على الشهوات؛ لأنّ الانسياق وراء الشهوات يؤدّي إلى وقوع الإنسان في مهاوي الرذيلة، ومِن آثارها ما ورَدَ في أقوال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):

١ -( قرينُ الشهوة مريضُ النفس معلولُ العقل ) .

٢ -( غلبة الشهوة تُبطِل العِصمة وتُورد الهُلْك ).

٣ -( من زادت شهوته قلت مروّته ).

٤ -( إنّّكم إنْ ملّكْتُم شهواتكم نَزَتْ بكم الى الأشر والغواية ) (٢) .

وخلاصة القول: إنّ غلبة العقل على الشهوة بمعنى تحكمه فيها، يجعل الإنسان في قمّة السموّ والتكامل، وإنّ غلبة الشهوة على العقل تجعل الإنسان في المستنقع الآسن وفي ركب الطالحين.

قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ):( لا تدع النفسَ وهواها، فإنّ هواها [في] رداها، وترك النفس وما تهوى أذاها، وكفّ النفس عمّا تهوى دواها ) (٣) .

* * *

____________________

(١) نهج البلاغة: ص ٣٢٤.

(٢) تصنيف غرر الحكم: ص ٣٠٥.

(٣) الكافي / الكليني: ٢ / ٣٣٦.

٢٩

٣٠

الفصل الثاني: دور القيم المعنويّة والنفسيّة في المجال التربوي

قال سبحانه وتعالى:( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) (١) .

الإنسان والمجتمع في تدهور واضطراب وخُسران في جميع مقوّمات الحياة وميادينها، باستثناء مَن تكون المفاهيم والقِيَم الدينيّة هي الحاكمة على مسيرته وحركته؛ حيث تُحرّر تلك القِيَم الإنسان والمجتمع معاً من جميع العبوديّات الفكريّة والاجتماعيّة والتربويّة، وتزرع في الضمير وخَلَجَات النفس وفي الواقع الاستقرار والطمأنينة، التي هي أساس الصحّة النفسيّة والخلقيّة، وتدفع الى العمل الايجابي البناء في إصلاح وتغيير النفس والمجتمع، وأساس القِيَم المعنويّة والنفسيّة الإيمان بالله تعالى، وبإحاطته التامّة بالإنسان في حركاته وسَكَناته، وهو الذي يجعل الضمير طامعاً في ثواب الله، وخائفاً من غضبه وعقابه.

وأثبتت حركة التاريخ وسُننه المتتابعة إنّ الابتعاد عن الدين فكراً وسُلوكاً هو أساس جميع ألوان الانحراف والانحطاط الفردي والاجتماعي، ابتداءً بفقدان الصحّة النفسيّة والروحيّة، وانتهاءً بالممارسات المنحرفة، ولهذا نجد أنّ الانحراف يتزايد في المجتمعات غير الدينيّة التي لا تؤمن بمفاهيمه أو لا تتبنّاه منهجاً لها في

____________________

(١) سورة العصر: ١٠٣ / ١ - ٣.

٣١

الحياة.

قال تعالى:( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) (١) .

والضنَك هو الضيق في كلّ شيء، وهو لازم لِمَن أعرض عن ذكر الله، والإعراض يبعد القلب عن الهدوء، والنفس عن الطمأنينة، ويجعل الإنسان يعيش الانفلات من الرقابة الذاتيّة فلا كابح لشهواته ورَغَبَاته ونَزَوَاته، فيكون همّه إشباعها بأيّ طريق أمكن دون النظر الى الآثار الوخيمة المترتّبة على ذلك.

وبعد هذه المقدمة نوزّع الفصل على مبحثين:

المبحث الأول: دور القيم المعنويّة في التربية من خلال إرشادات أهل البيت ( عليهم السلام )

القِيَم المعنويّة تشمل: الإيمان بالله، والإيمان بالثواب والعقاب، وذكر الله، وذكر الموت، والاعتراف بالذنب، والاستغفار، والتوبة، والرضا بالقضاء. وفيما يلي نستعرضها تِباعاً:

١ - الإيمان بالله تعالى

الإنسان مجبول بفطرته على الإيمان بالله تعالى، حيثُ يبدأ مُنذ الطفولة بالتساؤل عن نشوئه ونشوء الكون، وعن العلّة من وراء ذلك، والإيمان بالله من ( أهمّ القيم التي يجب غرسها في الطفل ممّا سوف يُعطيه الأمل في الحياة

____________________

(١) سورة طَه: ١٢٣ و ١٢٤.

٣٢

والاعتماد على الخالق ويوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف الآثام) (١) .

والإيمان بالله حاجة ضروريّة، وفي هذا الصدد قالباسكال: ( كلّ شيء غير الله لا يشفي لنا غليلاً) (٢) .

ويرى الفيلسوف المعاصرالدوس هكسلي أنّه( لا تستريح البشريّة حتّى يتجرّد الإنسان من عوائقه ونَزَعَاته، ولا يكون متجرّداً، إلاّ إذا ارتبط برباطٍ آخر ألا وهو الله) (٣) .

ويرى عالم النفس السويسريكارل يونج ( أنّ انعدام الشعور الديني يُسبب كثيراً من مشاعر القلق والخوف من المستقبل، والشعور بعدم الأمان، والنزوع نحو النزعات الماديّة البحتة، كما يؤدّي إلى فقدان الشعور بمعنى ومغزى هذه الحياة، ويؤدّي ذلك إلى الشعور بالضياع )، وقد استخدم هذا العالِم الدين في علاج كثير من مرضاه النفسيّين(٤) .

وهذه المشاعر وما يرافقها مِن نزوع نحو النَزَعات الماديّة هي أساس الانحراف الفكري والعاطفي والسلوكي، وأساس الشرور والآثام، ولا وقاية إلاّ بالإيمان بالله تعالى، ولا علاج إلاّ بتعميق الإيمان في النفوس.

____________________

(١) قاموس الطفل الطبي: ص ٢٩٤.

(٢) دائرة معارف القرن العشرين: ١ / ٤٨٢.

(٣) نحو إنسانيّة سعيدة / الدكتور محمّد المبارك: ص ١٣٥، دار الفكر، بيروت، ١٣٨٩هـ.

(٤) دراسات في تفسير السلوك الإنساني / الدكتور عبد الرحمان العيسوي: ص ١٩٣، دار الراتب الجامعيّة، بيروت، ١٤١٩هـ.

٣٣

والإيمان له آثار إيجابيّة في جميع مقوّمات النفس والحياة، ومنها: الصحّة النفسيّة والعقليّة والخلقيّة، ومن أقوال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في هذا الصدد:

١ -( مَن عَرَف الله سُبحانه لَم يشقَ أبداً ) .

٢ -( التوحيد حياة النفس ) .

٣ -( الإيمان أمَان ) .

٤ -( مِن عدَم الفهم عن الله سُبحانه لم ينتفِع بموعظةِ واعظٍ ).

٥ -( بالإيمان يُستدلّ على الصالحات ) (١) .

والإيمان بالله تعالى باعثٌ للسلوك القويم؛ حيثُ يجعل الخير والصلاح أصيلاً ثابتاً لا عارضاً مزعزعاً، ومِن آثار الإيمان على نفس الفرد هي: التفاؤل، التفتّح، الطمأنينة، التمتّع باللذات المعنويّة، مقاومة الانحراف، الصبر على المصائب، التنافس على عمل الصالحات وغيرها من مقوّمات الاستقامة وحُسن السيرة والسريرة.

ومن آثاره الاجتماعيّة: احترام القوانين والضوابط الاجتماعيّة، تقديس العدالة، الشعور بالإخوّة والمحبّة بين الإفراد، الثقة المتبادلة، الإحساس بالمسؤوليّة الاجتماعيّة، التقوى، الإيثار، نكران الذات، تقبّل النصيحة والنقد البنّاء.

ومن هنا فتعميق الإيمان بالله ضروري جدّاً في تربية الإنسان وخصوصاً في مرحلة الطفولة، وهو وحده الذي يحصنّه من الانحراف ويوجّه ضميره وإرادته وسلوكه نحو الاستقامة والصلاح لإيمانه بوجود قوّة غيبيّة تتابعه في حركاته

____________________

(١) تصنيف غُرَر الحِكَم: ص ٨٢، ٨٤، ٨٨.

٣٤

وسَكَنَاته.

والإيمان كما جاء في قول الإمام عليّ بن موسى الرضا ( عليه السلام ):( الإيمانُ أداءُ الفرائض واجتناب المحارم، والإيمان هو معرفةٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان ) (١) .

والإيمان التزام واستشعار للرقابة الإلهيّة، قال رجلٌ للإمام الصادق ( عليه السلام ): أوصني، فقال له:( لا يَراك الله حيثُ نَهاك، ولا يفقدك حيثُ أمرك ) (٢) .

فقال الرجل: زِدني، فقال ( عليه السلام ):( ما أجد لك مزيداً ) (٣) .

وقال ( عليه السلام ):( خَف الله كأنّك تراه، وإنْ كنت لا تراه فإنّه يراك ) (٤) .

٢ - الإيمان بالثواب والعقاب

الإيمان بالثواب والعقاب واستشعاره في العقل والضمير هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات، وهو أكثر إيقاظاً للعقل والقلب والإرادة؛ حين يوجه الكيان الإنساني الى اليوم الخالد الذي يقف فيه الإنسان أمام من لا تخفى عليه خافية وأمام من يحيط بالإنسان والحياة والكون.

والإيمان بالحياة الأُخرى حافزٌ على إصلاح النفس والضمير، وحافز للتسامي والارتقاء في جميع مقوّمات الشخصيّة الإنسانية، ومقوّمات الحياة الإنسانيّة.

____________________

(١) تحف العقول / الحرّاني: ص ٣١٥.

(٢) مجموعة ورّام: ٢ / ٢٤٦.

(٣) المصدر السابق نفسه.

(٤) بحار الأنوار / المجلسي: ٦٧ / ٢٥٥.

٣٥

ومن أقوال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في هذا المجال:

١ -( مَن أحبّ الدار الباقية لهِي عن اللّذات ).

٢ -( مَن اشتاق إلى الجنّة سَلا عن الشهَوَات ) .

٣ -( مَن خاف العِقاب انصرف عن السيّئات ) (١) .

وجعل الآخرة همّاً للإنسان يسهم مساهمةً فعّالةً في إصلاح النفس وإصلاح الضمير وإصلاح السلوك، والتفكير المتواصل بالآخرة يحصّن الإنسان من المعصية، وهذه حقيقةٌ ملموسةٌ وواقعيّة.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):

١ -( اجعل همّك لمَعادِك تصلح ) .

٢ -( من أكثر مِن ذِكر الآخرة قلّت معصيته ) (٢) .

والإيمان بالثواب والعقاب في دار الدنيا يحرّك الإنسان نحو عمل الخير ويوجّهه نحو التكامل، ويردعه عن الباطل والانحراف، وقد وردت عدّة روايات حول السُنَن المرتبطة بالثواب والعقاب، نذكر منها على سبيل المثال: قول الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ):( صلة الأرحام تزكّي الأعمال، وتنمّي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسيء في الأجل ) (٣) .

وقال ( عليه السلام ):( ما من نكبة تصيب العبد إلاّ بذنب ) (٤) .

وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ):( إنّ الذنب يحرم الرزق ) (٥) .

____________________

(١) تصنيف غُرَر الحِكَم: ص ١٤٦.

(٢) المصدر السابق نفسه: ص ١٤٤ و ١٤٥.

(٣) الكافي / الكليني: ٢ / ١٥٠.

(٤) الكافي / الكليني: ٢ / ٢٦٩.

(٥) الكافي / الكليني: ٢ / ٢٧١.

٣٦

وقال ( عليه السلام ):( مَن عيّر مؤمناً بذنبٍ لم يمُت حتّى يركبه ) (١) .

وقال ( عليه السلام ):( مَن استشار أخاه فلم يمحضه محض الرّأي، سَلَبَه الله عزّ وجلّ رأيه ) (٢) .

وعن الإمام محمّد الباقر ( عليه السلام ) قال:( وجدنا في كتاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): إذا ظهر الزنا مِن بعدي كَثُر موتُ الفُجأة، وإذا طُفّفت المِكيال والمِيزان أخذَهم الله بالسنين والنقص، وإذا مَنَعوا الزكاة مَنَعَت الأرضُ برَكتَهَا من الزّرع والثمار والمعادن كلّها، وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقَضوا العهد سلّط الله عليهم عدوّهم، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهَوا عن المنكر ولم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي، سلّط الله عليهم شِرارَهم فيدعو خيارُهم فلا يُستجاب لهم ) (٣) .

والإيمان بوجود تقييم موضوعي للناس على أساس الثواب والعقاب يُسهِم في البناء التربوي السليم، وهو تشجيع للمُحسِن وردْعٌ للمسيء.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( لا يكوننّ المُحسن والمُسيء عندك بمنزلةٍ سَواء، فانّ ذلك تزهيد لأهلِ الإحسان في الإحسان، وتدريب لأهل الإساءة على الإساءة، فألزِم كلاًّ منهم ما ألزَم نفسه أدَباً منك، ينفعك الله بهِ وتنفع بهِ أعوانك ) (٤) .

____________________

(١) الكافي / الكليني: ٢ / ٣٥٧.

(٢) الكافي / الكليني: ٢ / ٣٦٣.

(٣) الكافي / الكليني: ٢ / ٣٧٤.

(٤) تحف العقول / الحرّاني: ص ٨٧.

٣٧

وقال ( عليه السلام ):( ازجر المُسيء بِثَواب المُحسن ) (١) .

٣ - ذكر الله تعالى

قال تعالى:( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (٢) .

اطمئنان القلب يحقّق التوازن النفسي والانفعالي داخل النفس الإنسانيّة، وهو أحد أعمدة الصحّة النفسيّة التي تُسهم مساهمةً فعّالة، في ارتقاء الإنسان سُلّم الكمال والمسيرة الصالحة.

وذكر الله يصدّ عن فعلِ القبيح لاستشعار الرقابة الإلهيّة المطبّقة على حرَكَات الإنسان وسَكَنَاته، فلا يقدِم على أيّ ممارسة مخالِفة للموازين الإلهيّة في السلوك والعلاقات الاجتماعيّة، ولا يقدِم على أيّ عمل لا يحرِز فيه رضا الله تعالى.

وأوّل ثمار ذكر الله تعالى الابتعاد عن الشيطان الذي يوسوس للإنسان ويُزيّن له الانحراف، والابتعاد عن الشيطان أو إبعاده عن التأثير مقدّمة لإصلاح خَلَجَات النفس، ثُمّ المُمارسات العمليّة.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( ذكر الله مطردةُ الشّيطان ) (٣) .

وقال ( عليه السلام ):( ذكر الله دعامة الإيمان وعصمة من الشيطان ) (٤) .

ولِذِكر الله تعالى تأثيرٌ في علاج الأمراض النفسيّة، وهي عاملٌ مساعد للانحراف، وعلاج النفس يُسهم في تقبّل منهج الاستقامة والصلاح.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( ذكرُ الله دواءُ أعلالِ النفوس ) (٥) .

____________________

(١) نهج البلاغة: ص ٥٠١.

(٢) سورة الرعد: ١٣ / ٢٨.

(٣) و(٤) تصنيف غُرر الحِكَم: ص ١٨٨.

(٥) تصنيف غُرر الحِكَم: ص ١٨٨.

٣٨

وذكر الله تعالى يسمو بسلوك الإنسان بعد صلاح قلبِه ومحتواه الداخلي، وهو صلاحٌ له في السرِّ والعلَن.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( أصلُ صلاحِ القلب اشتغالُه بِذِكر الله ) (١) .

وقال أيضاً:( مَن عمّر قلبه بدوام الذكر حسُنَت أفعالُه في السرّ والجهْر ) (٢) .

والذاكر لله يذكُرُه الله، وهذا الذِكر له تأثيراته العمليّة على الشخصيّة الإنسانيّة في جميع مقوّماتها، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( مَن ذَكَر الله سُبحانه أحيى الله قلبَه ونوّر عقله ولبّه ) (٣) .

ومصاديق الذكر متعدّدة ومتنوّعة لا حدود لها، وقد وردت عدّة روايات تؤكّد على: التسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، وقول: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، ولكلّ واقعة أو حدَث أو قضيّة ذِكرٌ معيّن، كالحمد لله، حسبيَ الله، أتوكّل على الله، وغير ذلك.

وهنالك مصاديق عمليّة وواقعيّة لذِكر الله ولتعميق صِلة العبد بربّه، تُسهِم في ردْع الإنسان عن الانحراف والشرور وتدفعه الى الاستقامة والصلاح، ومِن هذه المصاديق:

أولاً: قراءة القرآن الكريم

القرآن الكريم أحد وسائل الارتباط بالله تعالى، وهو نورٌ يستضيء به الإنسان، ففيه منهاج شامل للبشريّة جمعاء يعين الإنسان على الاستقامة

____________________

(١) تصنيف غُرََر الحِكَم: ص ١٨٨.

(٢) و(٣) المصدر السابق: ص ١٨٩.

٣٩

والتقيّد بالموازين الصالحة والضوابط السلوكيّة السليمة.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( كفى بالقرآن داعياً ) (١) .

وقال ( عليه السلام ):( القرآن أفضل الهدايتين ).

وقال ( عليه السلام:( ما جالسَ أحدٌ هذا القرآن إلاّ قام بزيادةٍ أو نُقصان؛ زيادةٌ في هدىً، أو نُقصانٍ في عمىً ) (٢) .

والقرآن الكريم شفاءٌ مِن جميع الأمراض والعِلَل النفسيّة التي تؤدّي غالباً الى الانحراف كالوَسوَسة والقلق والحيرة؛ لأنّه يُوصل القلب بمُنعِم الرحمة والرأفة فيسكن ويطمئن ويستشعر الحماية والأمن.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( أحسنوا تلاوة القرآن فانّه أنفع القصص، واستشفوا به فانّه شفاء الصدور ) (٣) .

وقال الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ):( في القرآن شفاءٌ من كلّ داء ) (٤) .

وقراءة القرآن تجعل أجواء المنزل وأجواء الأُسرة أجواءً روحانيّة، تتسامى فيها النفوس وتتوجّه نحو الاستقامة والصلاح.

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه، تكثر بركتُه، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، وإنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّ وجلّ فيه، تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره

____________________

(١) تصنيف غرر الحكم: ص ١١٠.

(٢) المصدر السابق: ص ١١١.

(٣) المصدر السابق: ص ١١٢.

(٤) مكارم الأخلاق / الطبرسي: ص ٣٦٣.

٤٠