أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت7%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 333444 / تحميل: 11884
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

الغيبة

وهي: ذِكر المؤمن المُعيّن بما يكره، سَواءً أكان ذلك في خَلقِه، أم خُلُقه، أو مختصّاته.

وليست الغيبة محصورةٌ باللسان، بل تشمل كلّ ما يُشعر باستنقاص الغير، قولاً أو عمَلاً، كنايةً أو تصريحاً.

وقد عرّفها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً: ( هل تدرون ما الغيبة ؟) قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: ( ذِكرُك أخاكَ بما يَكره ).

قيل له: أرأيت إنْ كان في أخي ما أقول ؟ قال: ( إنْ كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإنْ لم يكن فيه فقد بهتّه ).

وهي مِن أخسّ السجاياً، وألأم الصفات، وأخطَر الجرائم والآثام، وكفاها ذمّاً أنّ اللّه تعالى شبّه المُغتاب بآكل لحم الميتة، فقال:( يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) ( الحجرات: ١٢).

وقال سُبحانه ناهياً عنها:( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ) ( النساء: ١٤٨ ).

وهكذا جاءت النصوص المتواترة في ذمّها، والتحذير منها:

٢٢١

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الغيبةُ أسرَع في دين الرجل المسلم مِن الآكلة في جوفه )(١).

وقال الصادقعليه‌السلام ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً يُريد بها شَينه، وهدْم مروّته، ليسقط مِن أعين الناس، أخرجه اللّه عزّ وجل مِن ولايته إلى ولاية الشيطان )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( لا تَغتَب فتُغتَب، ولا تَحفُر لأخيك حُفرة، فتقَع فيها، فإنّك كما تَدين تُدان )(٣).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن أذاع فاحشةً كان كمبتدئها، ومِن عيّر مؤمناً بشيءٍ لا يموت حتّى يركبه )(٤).

التصامُم عن الغيبة:

وجديرٌ بالعاقل أنْ يترفّع عن مجاراة المغتابين، والاستماع إليهم،

_____________________

(١) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٧٧ عن الكافي.

(٢) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٧ عن ثواب الأعمال ومحاسن البرقي وأمالي الصدوق.

(٣) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٥ عن أمالي الصدوق.

(٤) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٨ عن ثواب الأعمال ومحاسن البرقي.

٢٢٢

فإنّ المستمع للغيبة صنو المستغيب، وشريكُه في الإثم.

ولا يعفيه مِن ذلك إلاّ أنْ يستنكر الغيبة بلسانه، أو يطوّر الحديث بحديثٍ بريء، أو النفار من مجلس الاغتياب، فإنْ لم يستطع ذلك كلّه، فعليه الإنكار بقلبه، ليأمن جريرة المشاركة في الاغتياب.

قال بعض الحكماء: ( إذا رأيت مَن يغتاب الناس، فاجهد جُهدَك أنْ لا يعرفك، فإنّ أشقى الناس به معارفه ).

وكما يجب التوقّي مِن استماع الغيبة، كذلك يجدر حفظ غَيبة المؤمن، والذب عن كرامته، إذا ما ذُكر بالمزريات، فعن الصادقعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن رَدَّ عن عرض أخيه المسلم وجبَت له الجنّة ألبتّة )(١).

وجدير بالذكر أنّ حُرمة الاغتياب مختصّةٌ بمَن يعتقد الحق، فلا تسري إلى غيره من أهل الضلال.

بواعث الغيبة:

للغيبة بواعثٌ ودوافع أهمّها ما يلي:

١ - العِداء أو الحسَد، فإنّهما أقوى دواعي الاغتياب والتشهير بالمعادي أو المحسود. نكايةً به، وتشّفياً منه.

_____________________

(١) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٨ عن ثواب الأعمال.

٢٢٣

٢ - الهزل: وهو باعث على ثلب المستغات، ومحاكاته إثارة للضحِك والمجون.

٣ - المباهاة: وذلك بذكرِ مساوئ الغير تشدّقاً ومباهاةً بالترفّع عنها والبراءةِ منها.

٤ - المجاراة: فكثيراً ما يندفع المرء على الاغتياب مجاراةً للأصدقاء والخُلَطاء اللاهين بالغيبة، وخشيةً مِن نفرتهم إذا لم يُحاورهم في ذلك.

مساوئ الغيبة:

مِن أهمّ الأهداف والغايات التي حقّقها الإسلام، وعنى بها عنايةً كبرى، اتّحاد المسلمين وتآزرهم وتآخيهم، ليكونوا المثَل الأعلى في القوّة والمنعة، وسموّ الكرامة، والمجد. وعزّز تلك الغاية السامية بما شرّعه من نُظُم وآداب، لتكون دستوراً خالداً للمسلمين، فحثّهم على ما ينمّي الأُلفة والمودّة، ويوثّق العلائق الاجتماعيّة، ويحقّق التآخي والتآزر، كحُسن الخُلق، وصِدق الحديث، وأداء الأمانة، والاهتمام بشؤون المسلمين، ورعاية مصالحهم العامّة. ونهاهم عن كلّ ما يعكّر صفو القلوب، ويثير الأحقاد والضغائن الموجِبة لتناكر المسلمين، وتقاطعهم كالكذِب، والغش، والخيانة، والسُّخرية.

وحيث كانت الغيبة عاملاً خطيراً، ومِعولاً هدّاماً، في تقويض صرح المجتمع، وإفساد علاقاته الوثيقة، فقد حرّمها الشرع الإسلامي،

٢٢٤

وعدّها مِن كبائر الآثام.

فمن مساوئها: أنّها تبذر سموم البغضة والفُرقة في صفوف المسلمين، فتعكّر صفو المحبّة، وتفصم عُرى الصداقة، وتقطع وشائج القرابة.

وذلك بأنّ الغيبة قد تبلغ المغتاب، وتستثير حَنَقَه على المستغيب، فيثأر منه، ويُبادله الذمّ والقدح، وطالما أثارت الفتَن الخطيرة، والمآسي المحزونة.

هذا إلى مساوئها وآثامها الروحيّة التي أوضحتها الآثار، حيث صرّحت أنّ الغيبة تنقل حسنَات المستغيب يوم القيامة إلى المُستغاب، فإنْ لم يكن له حسَنات طُرِح عليه مِن سيئات المُستغاب، كما جاء عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ( يُؤتى بأحدِكم يوم القيامة، فيُوقف بين يدَيّ اللّه تعالى، ويُدفّع إليه كتابه، فلا يَرى حسَنَاته، فيقول: إلهي ليس هذا كتابي فإنّي لا أرى فيه طاعتي. فيقول له: إنّ ربَّك لا يضلّ ولا ينسى، ذهَب عملُك باغتياب الناس.

ثمّ يُؤتى بآخر ويُدفع إليه كتابه، فيرى فيه طاعات كثيرة، فيقول: إلهي ما هذا كتابي، فإنّي ما عمِلت هذه الطاعات، فيقول له: إنّ فلاناً اغتابك فدُفعت حسَناته إليك )(١).

مسوّغات الغيبة:

الغيبة المحرّمة هي ما قُصِد بها استنقاص المؤمن وإذلاله، فإنّ لم

_____________________

(١) جامع السعادات ج ٢ ص ٣٠١.

٢٢٥

يُقصد بها ذلك، وتوقّف عليها غرضٌ وجيه، فلا حُرمة فيها. وإليك ما ذكره العلماء من الموارد المسوّغة للغيبة:

١ - شكاية المتظلّم لإحقاق حقّه عند الحاكم، فيصُحّ نسبة الجناية والظلم إلى الغير في هذه الحالة.

٢ - نُصح المستشير في أمرٍ ما كالتزويج والأمانة، فيحقّ للمستشار أنْ يذكر مثالب المسؤول عنه.

ويصحّ كذلك تحذير المؤمن من صُحبةِ فاسقٍ أو مُضلّ، بذكر مساوئهما مِن الفِسق والضلال، صيانةً له مِن شرّهما وإضلالهما، ويصحّ جرح الشاهد إذا ما سُئل عنه.

٣ - ردّ مَن أدّعى نسَباً مزوّراً.

٤ - القدح في مقالةٍ فاسدة، أو إدعاءٍ باطل شرعاً.

٥ - الشهادة على مقترفي الجرائم والمحارم.

٦ - ضرورة التعريف: وذلك بذكر الألقاب المقيتة، التي يتوقّف عليها تعريف أصحابها، كالأعمش والأعرج ونحوهما.

٧ - النهي عن المنكر: وذلك بذكر مساوئ شخصٍ عند من يستطيع إصلاحه ونهيه عنها.

٨ - غيبة المتجاهر بالفسق كشرب الخمر، ولعب القمار، بشرط الاقتصار على ما يتجاهر به، إذ ليس لفاسقٍ غيبة.

ولا بُدّ للمرء أنْ يستهدف في جميع تلك الموارد السالفة، الغاية النبيلة، والقصد السليم، مِن بواعث الغيبة، ويتجنّب البواعث غير النبيلة، كالعِداء والحسَد ونحوهما.

٢٢٦

علاج الغيبة:

وذلك باتّباع النصائح التالية:

١ - تذكّر ما عرضناه من مساوئ الغيبة، وأخطارها الجسيمة، في دنيا الإنسان وأُخراه.

٢ - الاهتمام بتزكية النفس، وتجميلها بالخُلُق الكريم، وصونها عن معائب الناس ومساوئهم، بدلاً مِن اغتيابهم واستنقاصهم.

قيل لمحمّد بن الحنفيّة: مَن أدّبك ؟ قال:( أدّبني ربّي في نفسي، فما استحسنته مِن أُولي الألباب والبصيرة تبِعتهم به فاستعملته، وما استقبحت من الجُهّال اجتنبته وتركته متنفراً، فأوصلني ذلك إلى كنوز العلم ) (١).

٣ - استبدال الغيبة بالأحاديث الممتعة، والنوادر الشيقة، والقصص الهادفة الطريفة.

٤ - ترويض النفس على صون اللسان، وكفّه عن بوادر الغيبة وقوارصها، وبذلك تخف نوازع الغيبة وبواعثها العارمة.

كفّارة الغيبة:

وسبيلها بعد الندم على اقترافها، والتوبة من آثامها، التودّد إلى

_____________________

(١) سفينة البحار م ١ ص ٣٢٤.

٢٢٧

المُستغاب، واستبراء الذمّة منه، فإنْ صفح وعفى، وإلاّ كان التودّد إليه، والاعتذار منه، مكافئاً لسيّئة الغيبة.

هذا إذا كان المُستغاب حيّاً، ولم يثر الاستيهاب منه غضبه وحقده، فإنْ خيف ذلك، أو كان ميّتاً أو غائباً، فاللازم - والحالة هذه - الاستغفار له، تكفيراً عن اغتيابه، فعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( سُئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كفّارة الاغتياب ؟ قال: تستغفر اللّه لِمَن اغتبته كلّما ذكرته )(١).

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( كلّما ذكرته ) أي كلّما ذكرت المُستغاب بالغيبة.

_____________________

(١) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٤ عن الكافي.

٢٢٨

البهتان

وعلى ذِكر الغيبة يَحسُن الإشارة إلى البُهتان: - وهو اتّهام المؤمن، والتجنّي عليه بما لم يفعله، وهو أشدُّ إثماً وأعظَمُ جُرماً مِن الغيبة، كما قال اللّه عزَّ وجل:

( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) ( النساء: ١١٢ ).

وقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( مَن بَهَت مؤمناً أو مومنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامَهُ اللّه تعالى يوم القيامة على تلٍّ مِن نار، حتّى يخرج ممّا قاله فيه )(١).

_____________________

(١) سفينة البحار م ١ ص ١١٠ عن عيون أخبار الرضاعليه‌السلام .

٢٢٩

النميمة

وهي: نقل الأحاديث التي يَكره الناس إفشاءها ونقلها مِن شخصٍِِِ إلى آخر، نكايةً بالمَحكي عنه ووقيعةً به.

والنميمة مِن أبشع الجرائم الخُلقيّة، وأخطرها في حياة الفرد والمجتمع، والنمّام ألأم الناس وأخبثهم، لاتّصافه بالغيبة، والغدْر، والنفاق، والإفساد بين الناس، والتفريق بين الأحبّاء.

لذلك جاء ذمّه، والتنديد في الآيات والأخبار:

قال تبارك وتعالى:

( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ) ( القلم: ١٠ - ١٣ ).

والزنيم هو الدعيّ، فظهر مِن الآية الكريمة، أنّ النميمة مِن خلال الأدعياء، وسجايا اللُّقَطاء.

٢٣٠

وقال سُبحانه:( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) ، فالهُمَزَة النمّام واللُّمزة المغتاب.

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال:

( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا اُنبئكم بشراركم. قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الأحبّة، الباغون للبراء العيب )(١).

وقال الباقرعليه‌السلام : ( محرّمةٌ الجنّةُ على العيّابين المشّائين بالنميمة )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام للمنصور: ( لا تقبَل في ذي رحِمك، وأهل الرعاية مِن أهل بيتك، قولَ مَن حرّم اللّه عليه الجنّة، وجعل مأواه النار، فإنّ النمام شاهدُ زُور، وشريكُ إبليس في الإغراءِ بين الناس، فقد قال اللّه تعالى:( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) ( الحُجُرات: ٦ )(٣).

_____________________

(١)، (٢) الوافي ج ٣ ص ١٦٤ عن الكافي.

(٣) البحار كتاب العشرة ص ١٩٠ عن أمالي الصدوق.

٢٣١

بواعث النميمة:

للنميمة باعثان:

١ - هتك المحكيّ عنه، والوقيعة به.

٢ - التودّد والتزلّف للمحكيّ له بنمّ الأحاديث إليه.

مساوئ النميمة:

تَجمع النميمة بين رذيلتين خطيرتين: الغيبة والنمِّ، فكلّ نميمةٍ غيبة، وليست كلّ غيبة نميمة، فمساوئها كالغيبة، بل أنكى منها وأشّد، لاشتمالها على إذاعة الأسرار، وهتك المحكيّ عنه، والوقيعة فيه، وقد تسوّل سفك الدماء، واستباحة الأموال، وانتهاك صنوف الحُرُمات، وهدر الكرامات.

كيف تعامل النمّام:

وحيث كان النمّام مِن أخطر المُفسدين، وأشدّهم إساءة وشراً بالناس، فلزِم الحذر منه، والتوقّي مِن كيده وإفساده، وذلك باتّباع النصائح الآتية:

١ - أنْ يُكذَّب النمّام، لِفِسقه وعدم وثاقته، كما قال تعالى:( إِنْ

٢٣٢

جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) ( الحُجُرات: ٦ ).

٢ - أنْ لا يَظنّ بأخيه المؤمن سُوءاً، بمجرّد النمّ عليه، لقوله تعالى:( اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) ( الحجرات: ١٢ ).

٣ - أنْ لا تبعثه النميمة على التجسّس والتحقّق عن واقع النمّام، لقوله تعالى:( وَلا تَجَسَّسُوا ) (الحجرات: ١٢).

٤ - أنْ لا ينمّ على النمّام بحكاية نميمته، فيكون نمّاماً ومُغتاباً، في آنٍ واحد.

وقد رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّ رجلاً أتاه يَسعى إليه برجل. فقال: ( يا هذا، نحن نسأل عمّا قُلت، فإنْ كنت صادقاً مَقتْناك، وإنْ كُنت كاذباً عاقبناك، وإنْ شئت أنْ نقيلك أقلناك. قال: أقلني يا أمير المؤمنين )(١).

وعن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك، الرجل مِن إخوتي يَبلُغني عنه الشيء الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قومٌ ثقات.

فقال لي: ( يا محمّد، كَذِّب سمَعك وبصرك عن أخيك، فإنْ شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعنّ عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروّته، فتكون من الذين قال اللّه عزَّ وجل:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ

_____________________

(١) سفينة البحار م ٢ ص ٦١٣.

٢٣٣

الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ( النور: ١٩ )(١).

السعاية:

ومن متممات بحث النميمة (السعاية): وهي أقسى صور النميمة، وأنكاها جريرة وإثماً، إذ تسهدف دمار المسعى به وهلاكه بالنمّ عليه، والسعاية فيه لدى المرهوبين، من ذوي السلطة والسطوة.

وأكثر ضحايا السعاية هم المرموقون من العظماء والأعلام، المحسودون على أمجادهم وفضائلهم، مما يحفز حاسديهم على إذلالهم، والنكاية بهم، فلا يستطيعون سبيلا إلى ذلك، فيكيدونهم بلؤم السعاية، إرضاءا لحسدهم وخبثهم، بيد أنه قد يبطل كيد السعاة، وتخفق سعايتهم، فتعود عليهم بالخزي والعقاب، وعلى المسعي به بالتبجيل والاعزاز.

لذلك كان الساعي من ألأم الناس، وأخطرهم جناية وشرا، كما جاء عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: شر الناس المثلث؟ قيل: يا رسول الله ومن المثلث؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى السلطان، فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان(٢) .

____________________

(١) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٨٨ عن ثواب الأعمال للصدوق.

(٢) البحار م ١٥ كتاب العشرة ص ١٩١ عن كتاب الإمامة والتبصرة.

٢٣٤

الفُحش والسَّب والقَذف

الفحش هو: التعبير عمّا يقبح التصريح به، كألفاظ الوقاع، وآلاته ممّا يتلَفّظ به السُّفهاء، ويتحاشاه النُّبلاء، ويعبّرون عنها بالكناية والرمز كاللمس والمس، كناية عن الجُماع.

وهكذا يُكنّي الأُدباء عن ألفاظ ومفاهيم يتفادون التصريح بها لياقةً وأدباً، كالكناية عن الزوجة بالعائلة، وأُمّ الأولاد، وعن التبوّل والتغوط، بقضاء الحاجة، والرمز إلي البرَص والقرْع بالعارض مثلاً، إذ التصريح بتلك الألفاظ والمفاهيم مُستهَجَن عند العُقلاء والعارفين.

وأمّا السبّ فهو: الشتم، نحو ( يا كلب، يا خنزير، يا حمار، يا خائن ) وأمثاله من مصاديق الإهانة والتحقير.

وأمّا القذف: نحو يا منكوح، أو يا ابن الزانية، أو يا زوج الزانية، أو يا أخت الزانية.

وهذه الخصال الثلاث مِن أبشع مساوئ اللسان، وغوائله الخطيرة، التي استنكرها الشرع والعقل، وحذّرت منها الآثار والنصوص.

أمّا الفُحش

فقد قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذمّه: ( إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء، قليل الحَياء، لا يُبالي

٢٣٥

ما قال ولا ما قيل له، فإنّك إنْ فتّشته لم تجده إلاّ لِغيِّة، أو شِرك شيطان )، فقيل يا رسول اللّه، وفي الناس شِرك شيطان ؟! فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( أما تقرأ قول اللّه تعالى:( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ ) )( الإسراء: ٦٤ )(١).

المراد بمشاركة الشيطان للناس في الأموال دفعهم على كسبها بالوسائل المحرّمة، وإنفاقها في مجالات الغواية والآثام. وأمّا مشاركته في الأولاد: فبمشاركته الآباء في حال الوقاع إذا لم يُسمُّوا اللّه تعالى عنده، وولد غيِّة أي ولد زنا.

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ مِن شِرار عِباد اللّه مَن تُكرَه مُجالَستُه لِفُحشِه )(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن خاف الناسُ لسانه فهو في النار )(٣).

وقالعليه‌السلام لنفرٍ من الشيعة: ( معاشِر الشيعة كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حُسناً، واحفظوا ألسنتكم، وكفّوها عن الفضول وقبيح القول )(٤).

وأمّا السبّ

فعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سَبَابُ المؤمن فُسوق، وقتاله كُفر، وأكل لحمه

_____________________

(١)، (٢)، (٣) الوافي ج ٣ ص ١٦٠ عن الكافي.

(٤) البحار م ١٥ ج ٢ ص ١٩٢ عن أمالي الشيخ الصدوق وأمالي ابن الشيخ الطوسي.

٢٣٦

معصية، وحُرمة ماله كحُرمة دمِه )(١).

وعن أبي الحسن موسىعليه‌السلام في رجُلَين يتسابّان فقال: ( البادئ منهما أظلَم، ووزْره ووزر صاحبه عليه، ما لَم يتعدّ المظلوم )(٢) .

وأمّا القذف

فقد قال الباقرعليه‌السلام : ( ما مِن إنسانٍ يَطعنُ في مؤمنٍ، إلاّ مات بشرِّ ميتة، وكان قَمِناً أنْ لا يرجع إلى خير )(٣).

وكان للإمام الصادقعليه‌السلام صديقٌ لا يكاد يُفارقه إذا ذهب مكاناً، فبينما هو يمشي معه في الحذّائين، ومعه غلام سِندِي يمشي خلفهما، إذ التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره، فلمّا نظر في الرابعة قال: يابن الفاعلة أين كنت ؟!

قال الراوي: فرفَع الصادق يدَه فصلَتَ بها جبهة نفسه، ثُمّ قال: سُبحان اللّه تقذف أُمّه !! قد كنت أريتَني أنّ لك ورَعاً، فإذا ليس لك ورَع. فقال: جُعلت فِداك إنّ أُمّه سنديّة مُشركة.

فقال: ( أما علِمت أنّ لكلّ أُمّة نكاحاً، تنَحّ عنّي ).

قال الراوي: فما رأيته يمشي معه، حتّى فرّق بينهما الموت(٤).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١٦٠ عن الكافي والفقيه.

(٢)، (٣) الوافي ج ٣ ص ١٦٠ عن الكافي.

(٤) الوافي ج ٣ ص ١٦١ عن الكافي.

٢٣٧

بواعِث البَذاء

مِن الواضح أنّ تلك المُهاتَرات والقوارص، تنشأ غالِباً عن العِداء، أو الحسَد، أو الغضب، وسُوء الخُلق، وكثيراً ما تنشأ عن فساد التربية، وسُوء الأدَب، باعتياد البَذاء وعدَم التحرّج مِن آثامه ومساوئه.

مساوئ المُهاتَرات:

لا ريبَ أنّ لتِلك المُهاتَرات مِن الفُحش، والسبِّ، والقذْف، أضراراً خطيرة وآثاماً فادحة:

فمن مساوئها: أنّها تُجرّد الإنسان مِن خصائص الإنسانية المهذّبة، وأخلاقها الكريمة، وتَسِمَهُ بالسفالة والوحشيّة.

ومنها: أنّها داعية العِداء والبَغضاء، وإفساد العلاقات الاجتماعيّة، وإيجابها المَقت والمُجافاة مِن أفراد المجتمع.

ومنها: أنّها تعرّض ذويها لسخط اللّه تعالى وعقابه الأليم، كما صوّرته النصوص السالفة.

لذلك جاء التحريض على رعاية اللسان، وصونه عن قوارص البَذاء.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( اللسان سبع إنْ حُلّي عنه عقر ).

وستأتي النصوص المُشعِرة بذلك في بحث الكلِم الطيّب.

٢٣٨

السُّخرية

وهي: محاكاة أقوال الناس، أو أفعالهم، أو صِفاتهم على سبيل استنقاصهم، والضَّحِك عليهم، بألوان المُحاكاة القوليّة والفعليّة.

وقد حرّمها الشرع لإيجابها العِداء، وإثارة البَغضاء، وإفساد العلاقات الودّية بين أفراد المسلمين.

وكيف يجرؤ المرء على السُّخرية بالمؤمن ؟! واستنقاصه، وإعابته، وكلّ فردٍ سِوى المعصوم، لا يخلُوا من معائب ونقائص، ولا يأمن أنْ تجعله عوادي الزمن يوماً ما هدَفاً للسُّخرية والازدراء.

لذلك ندّد القرآن الكريم بالسُّخرية وحذّر منها:

فقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( الحُجرات: ١١ ).

وقال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ ) ( المطفّفين: ٢٩ - ٣٢ ).

٢٣٩

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً يُريدُ بها شَينه، وهدْم مروّته، ليسقُط مِن أعيُن الناس، أخرجَه اللّه تعالى مِن ولايته إلى ولاية الشيطان، فلا يقبلُه الشيطان )(١).

وعنهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تطلبوا عثَرَات المؤمنين، فإنّه مَن تتبّع عثَرَات المؤمنين تَتَبّع اللّه عثَرَاته، ومَن تتبّع اللّه عثَرَاته يفضَحُه ولو في جوف بيته )(٢).

فجديرٌ بالعاقل أنْ ينبذ السُّخرية تحرّجاً مِن آثامها وتوقّياً مِن غوائلها، وأنْ يُقدّر الناس على حسب إيمانهم وصلاحهم، وحُسن طويتهم غاضّاً عن نقائصهم وعيوبهم، كما جاء في الخبَر: ( إنّ اللّه تعالى أخفى أولياءه في عباده، فلا تستصغرنَّ عبداً مِن عباد اللّه، فربَّما كان وليّه وأنت لا تعلم ).

_____________________

(١)، (٢) الوافي ج ٣ ص ١٦٣ عن الكافي.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

امرأته ، فلما صار في النوم وضعت رأسه على الأرض و قامت ، فانتبه المأمون و غضب لذلك فقالت : إنّ أبي أدّبني بأن لا أقعد عند نائم و لا أنام عند قاعد .

قول المصنف ( و هذه من الاستعارات العجيبة ، كأنّه شبّه السّه بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا اطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ) فروى أبو داود في سننه في آخر باب الوضوء من النوم عن حيوة بن شريح الحمصي ، في آخرين عن بقية عن الوضين بن عطا عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن عليعليه‌السلام قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكاء السّه العينان فمن نام فليتوضأ(١) .

( و قد رواه قوم لأمير المؤمنينعليه‌السلام و ذكر ذلك المبرد محمد بن يزيد ) قال الحموي : لقب محمد بن يزيد بالمبرد لأنّه لمّا صنّف المازني كتاب الألف و اللام سأله عن دقيقه و عويصه ، فأجابه بأحسن جواب ، فقال له المازني : قم فأنت المبرّد بكسر الراء أي : المثبت للحق ، فحرفه الكوفيون و فتحوا الراء ، و كان متّهما بالوضع في اللغة و أرادوا امتحانه ، فسألوه عن القبعض فقال هو القطن و أنشد

« كأنّ سنامها حشي القبعضا »

فقالوا : إن كان صحيحا فهو عجيب و إن كان مختلقا فهو أعجب(٢) .

( في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ) في كشف الظنون المقتضب في الخطب للمبرد شرحه الرماني و علق على مشكلات أوائله الفارقي .

( و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية ) قال ثمة كأنّهعليه‌السلام شبّه السته بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا نامت العين

____________________

( ١ ) سنن أبي داود ١ : ٥٢ ح ٢٣ اسند إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

( ٢ ) معجم الأدباء للحموي ١٠ : ١١٢ ١١٣ .

٥٠١

انحلّ صرار السته كما أنّه إذا زال الوكاء وسع بما فيه الوعاء ، الا أن حفظ العين للسته على خلاف حفظ الوكاء للوعاء ، فان العين إذا أشرجت لم تحفظ سيتها و الأوكية إذا حللت لم تضبط أوعيتها(١) .

٣٦ الخطبة ( ٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ اَلزَّهَادَةُ قِصَرُ اَلْأَمَلِ وَ اَلشُّكْرُ عِنْدَ اَلنِّعَمِ وَ اَلوَرَعُ عِنْدَ اَلْمَحَارِمِ فَإِنْ عَزَبَ ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلاَ يَغْلِبِ اَلْحَرَامُ صَبْرَكُمْ وَ لاَ تَنْسَوْا عِنْدَ اَلنِّعَمِ شُكْرَكُمْ فَقَدْ أَعْذَرَ اَللَّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ اَلْعُذْرِ وَاضِحَةٍ « أيها الناس إلى عند المحارم » جعلعليه‌السلام الزهد عبارة عن ثلاثة أمور :

قصر الأمل ، و شكر النعم ، و الورع عند المحارم .

أمّا الأول فقالوا : جمع اللَّه تعالى الزهد في كلمتين(٢) :( لكيلا تأسوا على ما فاتَكم و لا تَفرَحوا بِمآ آتاكم ) (٣) و لا يحصل الحالان إلاّ بقصر الأمل .

و أما الثاني : فلأن من زهد في الدّنيا هان عليه الإنفاق ممّا أنعم اللَّه عليه من المال شكرا .

و قال الصادقعليه‌السلام إنّ اللَّه أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة(٤) .

و اما الثالث فسئل الصادقعليه‌السلام عن الزاهد في الدنيا فقال : الذي يترك

____________________

( ١ ) المجازات النبوية : ١٧٨ .

( ٢ ) من حديث للإمام الصادقعليه‌السلام ، بحار الأنوار ٧٨ : ٧٠ بتصرف .

( ٣ ) الحديد : ٢٣ .

( ٤ ) تحف العقول : ٢٦٧ .

٥٠٢

حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه(١) .

« فإن عزب » أي : بعد و غاب .

« ذلك » الذي ذكر من الأمور الثلاثة .

« عنكم » فلا بدّ لكم من رعاية الثاني ، و الثالث شكر النعم و الورع عن المحارم ، و أشار إلى الورع بقوله .

« فلا يغلب الحرام صبركم » لأنّه ورد أنّه يؤتى يوم القيامة بأعمال قوم كالجبال فتصير هباء منثورا لغلبة الحرام على صبرهم .

و أشار إلى الشكر بقوله :

« و لا تنسوا عند النعم شكركم » فإنّ شكر المنعم واجب عقلي و قال تعالى :

( و لئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ) (٢) .

« فقد أعذر اللَّه عليكم بحجج مسفرة » أي : مشرقة مضيئة( لئلاّ يكون لِلنَّاس على اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُل ) (٣) .

« و كتب بارزة العذر واضحة » إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و إلى أنبياء قبله .

٣٧ الحكمة ( ٤٢ ) و قالعليه‌السلام : لبعض أصحابه :

جَعَلَ اَللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ فَإِنَّ اَلْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ وَ لَكِنَّهُ يَحُطُّ اَلسَّيِّئَاتِ وَ يَحُتُّهَا حَتَّ اَلْأَوْرَاقِ وَ إِنَّمَا اَلْأَجْرُ فِي اَلْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ اَلْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَقْدَامِ وَ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٠ : ٣١١ .

( ٢ ) إبراهيم : ٧ .

( ٣ ) النساء : ١٦٥ .

٥٠٣

اَلنِّيَّةِ وَ اَلسَّرِيرَةِ اَلصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ اَلْجَنَّةَ قول المصنّف : ( و قالعليه‌السلام لبعض أصحابه ) :

هو صالح بن سليم بن سلامان بن طي ( في علة اعتلها ) فلم يشهد معه صفّين لمرضه ، فقالعليه‌السلام ما نقل(١) المصنف له لمّا رجع من صفّين في طريقه .

ففي ( صفّين نصر بن مزاحم ) : قال عبد الرحمن بن جندب : لمّا أقبل عليّعليه‌السلام من صفّين أقبلنا معه إلى أن قال حتى جزنا النخيلة و رأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظلّ بيت على وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه عليّعليه‌السلام و نحن معه ، فقال له : مالي أرى وجهك منكفتا ؟ أمن مرض ؟ قال : نعم .

قال : فلعلك كرهته فقال : ما أحبّ أن يعتري قال : أليس احتساب بالخير في ما أصابك منه ؟ قال : بلى قال : أبشر برحمة ربّك و غفران ذنبك ، من أنت يا عبد اللَّه ؟ قال : أنا صالح بن سليم قال : ممّن ؟ قال : أمّا الأصل فمن سلامان بن طي ، و أمّا الجوار و الدعوة فمن بني سليم بن منصور قال : سبحان اللَّه ما أحسن اسمك و اسم أبيك و اسم من اعتزيت إليه ، هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال : لا و اللَّه ما شهدتها و لقد أردتها و لكن ما ترى بي من لحب الحمّى خذلني عنها .

قالعليه‌السلام : ليسَ على الضُعَفاءِ و لاَ عَلى المَرضَى و لا على الذين لا يَجدُونَ ما يُنفقُون حرجٌ( إِذا نَصَحوا للَّه و رسوله ما على المحسنين من سبيلٍ و اللَّه غفورٌ رحيم ) (٢) أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا و بين أهل الشام ؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك و بينهم و اولئك أغبياء الناس ، و منهم المكبوت الأسف لمّا كان من ذلك و اولئك نصحاء الناس لك ، و ذهب لينصرف فقالعليه‌السلام له : صدقت جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك ، فإنّ المرض لا أجر فيه

____________________

( ١ ) النهج ، الحكمة : ٤٢ .

( ٢ ) التوبة : ٩١ .

٥٠٤

و لكن لا يدع للعبد ذنبا إلاّ حطّه ، إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل باليد و الرجل ، و إنّ اللَّه عز و جل يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من عباده الجنّة(١) .

« جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك » في الخبر عاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان في علته فقال : إنّ لك فيها ثلاث خصال : أنت من اللَّه تعالى بذكر ، و دعاؤك فيه مستجاب ، و لا تدع العلّة عليك ذنبا إلاّ حطّته(٢) .

و في الخبر : حمّى ليلة كفّارة سنة لأنّه يبقى أثرها إلى سنة(٣) .

و في ( الطرائف ) : برى‏ء الفضل بن سهل من علّة فقال : إنّ في المرض لنعما لا ينبغي للعقلاء أن يجحدوها ، منها تمحيص للذنوب و تعرّض للثواب و الصبر و إيقاظ من الغفلة و ادكار للنعمة الموجودة في الصحة و رضا بما قدر اللَّه و قضائه و استدعاء للتوبة و حضّ على الصدقة(٤) .

« فإنّ المرض لا أجر فيه و لكنه يحط السيئات و يحتها حت الأوراق » يقال : حت الدم عن الثوب و حت الورق عن الشجر .

و في ( أدب كاتب الصولي ) لبعضهم تشبيها بمقط القلم لاصلاحه :

فإن تكن الحطوب فرين مني

أديما لم يكن قدما يعط

فإنّ كرائم الأقلام تحفى

فيصلح من تشعثها المقط(٥)

هذا ، و في ( تاريخ بغداد ) اعتل الحسن بن وهب من حمّى نافض و صالب و طاولته فكتب إليه أبو تمّام :

____________________

( ١ ) صفّين لنصر بن مزاحم : ٥٢٨ ، و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٢ : ٥٥١ .

( ٢ ) ذكره الصدوق في الخصال : ١٧١ ( ١٩٥ ) و المجلسي في البحار ٧٧ : ٦٢ رواية ٣ و ٨١ : ١٨٥ رواية ٣٧ .

( ٣ ) نسبه الطوسي في أماليه إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله ، الأمالي : ٦٤١ ح ١ .

( ٤ ) الظرائف للمقدّسي : ١٤٣ .

( ٥ ) أدب الكتاب للصولي : ١١ .

٥٠٥

ليت حمّاك فيّ و كان لك الأجر

فلا تشتكي و كنت المريضا(١)

( و فيه ) : إعتل الفضل بن سهل ذو الرياستين بخراسان ثم برى‏ء فجلس للناس فهنّأوه بالعافية و تصرّفوا في الكلام ، فلمّا فرغوا أقبل على الناس فقال :

إنّ في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعلموها : تمحيص للذنوب ، و تعرّض لثواب الصبر ، و إيقاظ من الغفلة ، و ادكار للنعمة في حال الصحة ، و استدعاء للتوبة ، و حضّ على الصدقة ، و في قضاء اللَّه و قدره بعدم الخيار فنسي الناس ما تكلّموا به و انصرفوا بكلام الفضل(٢) .

« و إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل بالأيدي و الأقدام » و المرض ليس منهما فليس فيه أجر ، و أمّا قوله( ذلك بأنّهم لا يصيبُهم ظمأ و لاَ نَصبُ و لا مخمصة في سبيل اللَّه و لا يطَؤُنَ موطئا يغيظ الكفّار و لا ينالُونَ من عَدُوّ نيلاً إِلاّ كُتب لهُم به عمل صالح إِن اللَّه لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ و لا يُنفِقونَ نَفَقَةً صغيرةً و لا كبيرةً و لا يقطَعُون وادياً إِلاّ كتب لَهُم ليَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَن ما كانوا يَعمَلُون ) (٣) في جعل إصابتهم الجوع و العطش و التعب و هي ليست من أعمال الجوارح مثل وطى‏ء الأقدام في غيظ الكفار و النيل منهم و الإنفاق و قطع الوادي في الجهاد و نحوها ممّا هو العمل بالأيدي و الأقدام ، فلا ينافي كلامهعليه‌السلام لأنّ ما ذكر أوّلا مسبّب عن أعمال الجوارح ، فإنّ الجوع و العطش و التعب كانت بواسطة الجهاد .

« و ان اللَّه سبحانه يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنّة » الظاهر كون الكلام استدراكا من قولهعليه‌السلام السابق « و انما الأجر . » ،

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٨ : ٢٥٢ ، لم نعثر على البيت الشعري في ديوان أبي تمام .

( ٢ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٣٤٢ .

( ٣ ) التوبة : ١٢٠ ١٢١ .

٥٠٦

بمعنى أن النيّة و إن لم تكن عمل الجوارح إلاّ أنّها لمّا كانت سببا لأعمال الجوارح كانت أيضا موجبا للأجر إن كانت صالحة ، و للوزر إن كانت فاسدة .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله »(١) ، و قال تعالى .( إِن السَمعَ و البَصَرَ و الفؤاد كُل اُولئكَ كان عنه مسؤولاً ) (٢) .

و قال الصادقعليه‌السلام : إنّما خلّد أهل النّار في النّار لأنّ نياتهم في الدّنيا ان لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللَّه أبدا ، و إنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم أن لو بقوا في الدّنيا أن يطيعوا اللَّه أبدا ، فبالنيّات خلّد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالى قُل كُلٌ يعمَلُ على شاكِلَتِه(٣) .

و في ( الكافي ) : و إن المؤمن الفقير يقول : ربّ ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البرّ ، فإذا علم تعالى ذلك منه بصدق نيّة كتب له من الأجر مثل ما لو عمله ، إنّ اللَّه واسع كريم(٤) .

هذا ، و قالعليه‌السلام بصدق النيّة ، لأنّه ليست كلّ نيّة صادقة ، فقد قال تعالى( و منهم من عاهدَ اللَّه لئن آتانا من فَضلِهِ لنَصَّدَّقَنَّ و لنكُوننَّ من الصالحين فَلما آتاهُم من فَضلِهِ بَخِلُوا بهِ و تَولَّوا و هُم مُعرِضون فأَعقَبَهُم نفاقاً في قلوبهم إِلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما و عدُوه و بما كانوا يكذِبُونَ ) (٥) .

و قال الصادقعليه‌السلام في صدق النية : عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر ، تصفية العمل أشدّ من العمل ، تخليص النيّة من الفساد أشد على العالمين

____________________

( ١ ) علل الشرائع للصدوق ٢ : ٤٠٣ حديث ٤ .

( ٢ ) الاسراء : ٣٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٥ ، و ذكره الصدوق في علل الشرائع ٢ : ٥٢٣ ح ١ ، و الآية ٨٤ من سورة الاسراء .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٣ ، و ذكره البرقي في المحاسن : ٢٦١ .

( ٥ ) التوبة : ٧٥ ٧٧ .

٥٠٧

من طول الجهاد(١) .

( قال الرضي : و أقول : صدقعليه‌السلام ، إنّ المرض لا أجر فيه لأنّه ليس من قبيل ما يستحق عليه العوض ، لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل اللَّه تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك ، و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد ، فبينهما فرق قد بيّنه كما يقتضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب ) و قد قالعليه‌السلام في المرض يصيب الصبي : إنّه كفارة لوالديه ، و ورد أنّ النّوم الموحش كفّارة(٢) .

٣٨ الحكمة ( ٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

قَدْرُ اَلرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ « قدر الرجل على قدر همّته » في ( تاريخ بغداد ) غلب عبد اللَّه بن طاهر على الشام و وهب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هنا لك ، ففرّقه على القوّاد ثم وقف على باب مصر فقال : أخزى اللَّه فرعون ما كان أخسّه و أدنى همّته ، ملك هذه القرية فقال( أنا ربُّكم الأعلى ) (٣) و اللَّه لا دخلتها(٤) .

و في ( المعجم ) قال الصاحب بن عباد :

و قائلة : لم عرتك الهموم

و أمرك ممتثل في الامم

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني : ٢ ح ١ .

( ٢ ) بحار الأنوار عن الإمام عليعليه‌السلام ٥ : ٣١٧ و عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ٨١ : ١٩٧ رواية ٥٤ .

( ٣ ) النازعات : ٢٤ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٤٨٣ ، ترجمة عبد اللَّه بن طاهر ( ٥٠١٤ ) .

٥٠٨

فقلت دعيني و ما قد عرى(١)

فإنّ الهموم بقدر الهمم(٢)

و في ( الكامل ) : سافر كعب بن مامة الأيادي مع رجل من بني النمر بن قاسط ، فقلّ الماء فتصافناه و التصافن أن يطرح حجر في الاناء ثم يصبّ فيه من الماء ما يغمره لئلا يتغابنوا ، فجعل النمري يشرب نصيبه فإذا أخذ كعب نصيبه قال : اسق أخاك النمري فيؤثره ، حتى جهد كعب و رفعت له أعلام الماء ، فقيل له رد كعب و لا ورود به فمات عطشا .

و وفد أوس بن حارثة بن لام الطائي و حاتم الطائي على عمرو بن هند ملك الحيرة ، فدعا أوسا فقال له : أنت أفضل أم حاتم ؟ فقال له : أبيت اللعن ، لو ملكني حاتم و ولدي و لحمتي لوهبنا في غداة واحدة ، ثم دعا حاتما فقال له :

أنت أفضل أم أوس ؟ فقال : أبيت اللعن إنّما ذكّرت بأوس ، و لأحد ولده أفضل منّي .

و كان النعمان بن المنذر دعا بحلة و عنده وفود العرب من كلّ حي فقال :

احضروني في غد فانّي ملبس هذه الحلة أكرمكم ، فحضر القوم جميعا إلاّ أوسا ، فقيل له لم تخلفت ؟ فقال : إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء بي ألاّ أكون حاضرا ، و إن كنت أنا المراد فسأطلب و يعرف مكاني ، فلما جلس النعمان لم ير أوسا فقال : إذهبوا إلى أوس فقولوا له : إحضر آمنا ممّا خفت ، فحضر فلبس الحلة فحسده قوم من أهله فقالوا للحطيئة : اهجه و لك ثلاثمائة ناقة فقال : كيف أهجو رجلا لا أرى في بيتي أثاثا و لا مالا إلاّ من عنده ، ثم قال :

كيف الهجاء و ما تنفكّ صالحة

من آل لأم(٣) بظهر الغيب تأتيني(٤)

____________________

( ١ ) ورد في الديوان بلفظ : « فقلت ذريني على غصتي »

( ٢ ) ديوان الصاحب بن عباد : ٢٨٠ .

( ٣ ) نسخة التحقيق « إذا ذكرت » .

( ٤ ) ديوان الحطيئة : ١٧٤ .

٥٠٩

فقال لهم بشر بن أبي خازم الأسدي : أنا أهجوه لكم ، فأخذ الابل و فعل ، فأغار أوس على الابل فاكتسحها و جعل بشر لا يستجير حيّا إلاّ قالوا قد أجرناك إلاّ من أوس و كان في هجائه إيّاه ذكر امّه فأتى به فدخل على امه فقال : قد أتينا ببشر الهاجي لك و لي فما ترين فيه ؟ قالت : أرى أن ترد عليه ماله و تعفو عنه و تحبوه و أفعل مثل ذلك ، فانّه لا يغسل هجاه إلاّ مدحه ، فخرج إليه و قال له : إنّ امّي سعدى التي كنت تهجوها أمرت لك بكذا و كذا فقال : لا جرم ، لا و اللَّه لا مدحت أحدا حتى أموت غيرك(١) .

« و صدقه على قدر مروّته » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل و سجوده ، فإنّ ذلك شي‏ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ، و لكن انظروا إلى صدق حديثه و أداء أمانته(٢) .

و عنهعليه‌السلام : إنّما سمّي اسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فأتاه بعد سنة فقال له إسماعيل : مازلت منتظرا لك(٣) .

و في ( الخصال ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ست من المروّة ، ثلاث منها في الحضر ، و ثلاث منها في السفر : فأمّا الّتي في الحضر ، فتلاوة كتاب اللَّه عز و جل و عمارة مساجد اللَّه و اتخاذ الإخوان في اللَّه عز و جل ، و أمّا الّتي في السفر ، فبذل الزاد و حسن الخلق و المزاح في غير معاصي اللَّه(٤) .

« و شجاعته على قدر أنفته » في ( وزراء الجهشياري ) : بلغ موسى بن المهدي و هو الهادي حال بنت لعمارة بن حمزة مولاهم و هي جميلة

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرّد ١ : ١٩٧ ١٩٩ ، طبعة مصر .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٥ ح ١٢ .

( ٣ ) ورد في البحار قريب منه عن الإمام الرضاعليه‌السلام ٣ : ٣٨٨ رواية ١ .

( ٤ ) الخصال للصدوق ١ : ٣٢٤ ح ١١ .

٥١٠

فراسلها فقالت لأبيها ذلك ، فقال : إبعثي إليه في المصير إليك و أعلميه أنّك تقدرين على إيصاله إليك في موضع يخفى أثره ، فأرسلت إليه بذلك و حمل موسى على المصير نفسه ، فأدخلته حجرة قد فرشت و اعدّت له ، فلما صار إليها دخل عليه عمارة فقال : السّلام عليك أيها الأمير ماذا تصنع هاهنا ؟

إتّخذناك وليّ عهد فينا أو فحلا في نسائنا ؟ ثم أمر به فبطح في موضعه فضربه عشرين درة خفيفة و ردّه إلى منزله ، فحقد عليه فلما ولي الخلافة دسّ إليه رجلا يدّعي عليه أنّه غصبه الضيعة المعروفة بالبيضاء بالكوفة و كانت قيمتها ألف ألف درهم فبينا الهادي ذات يوم جالس للمظالم و عمارة بحضرته ، و ثب الرجل فتظلم منه ، فقال الهادي لعمارة : ما تقول ؟ قال : ان كانت الضيعة لي فهي له و ان كانت له فهي له و وثب فانصرف عن المجلس(١) .

( و عفته على قدر غيرته ) كانعليه‌السلام يقول لأهل العراق : نبئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق ، أما تستحون و لا تغارون ؟

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى غيور يحب كلّ غيور ، و لغيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها ، و إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب(٢) .

و عنهعليه‌السلام : لمّا أقام العالم الجدار أوحى تعالى إلى موسىعليه‌السلام : إنّي مجازي الأبناء بسعي الآباء ، إن خيرا فخير و إن شرّا فشر ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، و من وطى‏ء فراش امرى‏ء مسلم وطى‏ء فراشه ، كما تدين تدان(٣) .

و عن الصادقعليه‌السلام : كانت في بني اسرائيل بغيّ و كان رجل منهم يكثر

____________________

( ١ ) وزراء الجهشياري تاريخ الوزراء : ١٤٧ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٣٦ ح ٣ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ١ ، و كذلك ثواب الأعمال : ١٣ ، و أيضا المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٢٩٦ رواية ١٣ .

٥١١

الاختلاف إليها ، فلمّا كان في آخر ما أتاها أجرى اللَّه على لسانها : أما إنّك سترجع إلى أهلك فتجد معها رجلا ، فارتفعا إلى موسىعليه‌السلام فنزل جبرئيلعليه‌السلام و قال : يا موسى من يزن يزن به ، فنظر موسى إليهما فقال : عفّوا تعفّ نساؤكم(١) .

٣٩ الحكمة ( ٤٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلظَّفَرُ بِالْحَزْمِ وَ اَلْحَزْمُ بِإِجَالَةِ اَلرَّأْيِ وَ اَلرَّأْيُ بِتَحْصِينِ اَلْأَسْرَارِ هو قياس منتج : ان الظفر بتحصين الأسرار و هو قياس ينحلّ إلى قياسين ، لأنّ القضية الثانية كبرى بالنسبة إلى الاولى و صغرى بالنسبة إلى الثالثة .

أمّا كون الظّفر بالحزم ففي العيون : قيل لرجل من بني عبس : ما أكثر صوابكم فقال : نحن ألف رجل و فينا حازم واحد و نحن نطيعه ، فكأنّا ألف حازم(٢) .

و يقال : روّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم(٣) .

و أمّا كون الحزم بإجالة الرأي فكان عامر بن الظرب حكيم العرب يقول :

دعوا الرأي يغبّ حتى يختمر ، و إيّاكم و الرأي الفطير(٤) .

و لمّا استعجل الحجّاج المهلّب في حرب الأزارقة قال المهلّب : إنّ من

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ٣ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٠ ٣٢ ، و كذلك العقد الفريد ١ : ٦٠ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٤ .

( ٤ ) ابن عبد ربه ١ : ٦٠ ( دار الكتب العلمية ) .

٥١٢

البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره(١) .

و يقال : ليس بين الملك و بين ان يملك رعيته أو تملكه رعيته إلاّ حزم أو توان .

و قيل : من التمس الرخصة من الإخوان عند المشورة و من الأطباء عند المرض و من الفقهاء عند الشبهة أخطأ الرأي و ازداد مرضا و حمل الوزر(٢) .

و أمّا كون الرأي بتحصين الأسرار فيقال : ما كنت كاتمه من عدوك فلا تظهر عليه صديقك(٣) .

و في ( وزراء الجهشياري ) : كان موسى بن عيسى الهاشمي يتقلّد للرشيد مصر ، و كثر التظلّم منه و اتّصلت السعايات به و قيل إنّه قد استكثر من العبيد و العدّة فقال الرشيد ليحيى البرمكي : اطلب لي رجلا كاتبا عفيفا يكمل لمصر و يستر خبره فلا يعلم موسى بن عيسى حتى يفجأه قال : قد وجدته هو عمر بن مهران و كان كتب للخيزران و لم يكتب لغيرها قط و كان رجلا أحول مشوّه الخلق خسيس اللّباس فأمر بإحضاره قال : فاستدناني الرشيد و نحّى الغلمان و أمرني أن أستر خبري حتى افاجى‏ء موسى بن عيسى فأتسلّم العمل منه ، فأعلمته أنّه لا يقرأ لي ذكرا في كتب أصحاب الأخبار حتى أوافي مصر ، فكتب لي بخطّه إلى موسى ، فخرجت من غد مبكرا على بغلة لي و معي غلام أسود على بغل استأجرته ، معه خرج فيه قميص و مبطنة و طيلسان و شاشية و خف و مفرش صغير ، و اكتريت لثلاثة من أصحابي أثق بهم ثلاثة أبغل ، و أظهرت أنّي وجّهت ناظرا في أمور بعض العمّال ، كلّما وردت

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣١ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٣٠ ، في كتاب للهند .

( ٣ ) المصدر نفسه ١ : ٤٠ .

٥١٣

بلدا توهّم من معي أنّي قصدته و ليس يعرف خبري أحد من أهل البلدان أمرّ بها في نزولي و نفوذي حتى وافيت الفسطاط فنزلت جنابا و خرجت منه وحدي في زيّ متظلم أو تاجر ، فدخلت دار الامارة و ديوان البلد و بيت المال ، و سألت و بحثت عن الأخبار و جلست مع المتظلمين و غيرهم ، فمكثت ثلاثة أيام أفعل ذلك حتى عرفت جميع ما احتجت إليه ، فلمّا نام الناس دعوت أصحابي فقلت للّذي أردت استكتابه على الديوان : قد رأيت مصر و قد استكتبتك على الديوان فبكّر إليه فاجلس فيه ، فإذا سمعت الحركة فاقبض على الكاتب و وكلّ به و بالكتاب و الأعمال ، و لا يخرج من الديوان أحد حتى أوافيك ، و دعوت بآخر فقلّدته بيت المال و أمرته بمثل ذلك ، و قلّدت الآخر عملا من الأعمال بالحضرة ، و أمرتهم أن يبكّروا و لا يظهروا أنفسهم حتى يسمعوا الحركة ، و بكّرت فلبست ثيابي و وضعت الشاشية على رأسي و مضيت إلى دار الامارة ، فأذن موسى للناس إذنا عامّا ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا موسى على فرش و القوّاد وقوف عن يمينه و شماله و الناس يدخلون فيسلّمون و يخرجون و أنا جالس بحيث يراني و حاجبه ساعة بساعة يقيمني و يقول لي تكلّم بحاجتك ، فأعتلّ عليه حتى خفّ الناس ، فدنوت منه و أخرجت إليه كتاب الرشيد فقبّله و وضعه على عينه ثم قرأه فامتقع لونه و قال : السمع و الطاعة تقرى‏ء أبا حفص السلام و تقول له : ينبغي لك أن تقيم بموضعك حتى نعدّ لك منزلا يشبهك و يخرج غدا أصحابنا يستقبلونك فتدخل مدخل مثلك .

فقال له : أنا عمر بن مهران قد أمرني الرشيد بإقامتك للناس و انصاف المظلوم منك و أنا فاعل ذلك فقال : أنت عمر بن مهران ؟ قلت : نعم قال :( لعن اللَّه فرعون حيث يقول أليس لي مُلك مِصر ) (١) و اضطرب الصوت في الدار ،

____________________

( ١ ) الزخرف : ٥١ .

٥١٤

فقبض كاتبي على الديوان و صاحبي الآخر على بيت المال و ختما عليه و وردت عليه رقاع أصحاب أخباره بذلك ، فنزل عن فرشه و قال : « لا إله إلاّ اللَّه هكذا تقوم الساعة ما ظننت أنّ أحدا بلغ من الحزم و الحيلة ما بلغت ، فإنّك قد تسلّمت الأعمال و أنت في مجلسي » ثم نهضت إلى الديوان فقطعت أمور المتظلمين منه و انصرفت على بغلتي التي دخلت عليها و معي غلامي الأسود(١) .

و في ( عيون ابن قتيبة ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إستعينوا على الحوائج بالكتمان ، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود(٢) .

و كان عليعليه‌السلام يتمثل بهذين البيتين :

و لا تفش سرّك إلاّ إليك

فإنّ لكلّ نصيح نصيحا

فإنّي رأيت غواة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا(٣)

و قال الشاعر :

و لو قدرت على نسيان ما اشتملت

منّي الضلوع من الأسرار و الخبر

لكنت أوّل من ينسى سرائره

إذ كنت من نشرها يوما على خطر(٤)

٤٠ الحكمة ( ٦٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلشَّفِيعُ جَنَاحُ اَلطَّالِبِ

____________________

( ١ ) تاريخ الوزراء للجهشياري : ٢١٧ ٢٢٠ بتصرف .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ، أخرجه عن أحمد بن خليل عن محمد بن الحصيب عن أوس بن عبد اللَّه بن بريدة عن أخيه عن بريدة ١ : ٣٨ و قد مرّ .

( ٣ ) ذكرهما ابن قتيبة في العيون ١ : ٣٩ ، و قد مرّ ذكره .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبه ١ : ٣٩ .

٥١٥

قالوا : الشفاعات مفاتيح الطلبات و قيل في فضل البرمكي :

و من يكن الفضل بن يحيى بن خالد

شفيعا له عند الخليفة ينجح(١)

و في ( تاريخ بغداد ) : إشترى أخ لشعبة من طعام السلطان فخسر هو و شركاؤه ، فحبس بستة آلاف دينار بحصته ، فخرج شعبة إلى المهدي ليكلّمه فيه ، فلمّا دخل عليه قال للمهدي : انشدني قتادة و سماك بن حرب لامية بن أبي الصلت يقوله لعبد اللَّه بن جدعان :

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

حياؤك إن شيمتك الحياء

كريم لا يعطّله صباح

عن الخلق الكريم و لا مساء

فارضك أرض مكرمة بنتها

بنو تيم و أنت لهم سماء

فقال : لا ، لا تذكرها قد عرفناها و قضيناها لك ، إرفعوا إليه أخاه لا تلزموه شيئا(٢) .

هذا ، و في المعجم قال أبو العيناء : كان لي صديق فجاءني يوما و قال :

أريد الخروج إلى فلان العامل و أحببت أن يكون معي إليه وسيلة و قد سألت عن صديقه فقيل لي الجاحظ و هو صديقك فاحبّ أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية ، فصرت إلى الجاحظ فقلت له جئتك مسلّما و قاضيا للحق و لبعض أصدقائي حاجة و هي كذا و كذا فقال : لا تشغلنا الساعة عن المحادثة و إذا كان في غد وجّهت إليك بالكتاب ، فلمّا كان في غد ، وجّه إليّ بالكتاب ، فقلت لابني :

وجّه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته فقال لي : إن الجاحظ بعيد الغور فينبغي أن نفضّه و ننظر ما فيه ، ففعل فإذا في الكتاب :

« هذا الكتاب مع من لا أعرفه و قد كلّمني فيه من لا أوجب حقّه ، فان

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٨ .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٢٥٦ في ترجمة شعبة بن الحجاج .

٥١٦

قضيت حاجته لم أحمدك ، و ان رددته لم أذممك » .

فلمّا قرأت الكتاب مضيت من فوري إلى الجاحظ فقال : قد علمت انّك أنكرت ما في الكتاب ، فقلت أو ليس موضع نكرة ، فقال لا هذه علامة بيني و بين الرجل في من أعتني به ، فقلت : لا إله إلاّ اللَّه ما رأيت أحدا أعلم بطبعك و ما جبلت عليه من هذا الرجل ، انّه لمّا قرأ هذا الكتاب قال : أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة و ام من يسأله حاجة فقلت له : يا هذا تشتم صديقنا فقال :

هذه علامة في من أشكره فضحك الجاحظ(١) .

٤١ الخطبة (( الحكمة )) ( ٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعَفَافُ زِينَةُ اَلْفَقْرِ وَ اَلشُّكْرُ زِينَةُ اَلْغِنَى أقول : كرّره المصنف في ( ٣٤٠ ) سهوا ، لكن نقله عنه هنا ابن ميثم بدون الفقرة الأخيرة(٢) و انما نقله عنه معها ابن أبي الحديد(٣) .

« العفاف زينة الفقر » و قد وصف اللَّه تعالى الفقراء المتزيّنين بالعفاف في قوله( يَحسَبُهُم الجاهِلُ أَغنياءَ مِنَ التَّعفُّف تَعرفُهم بسيماهم لا يَسألونَ الناس إِلحافاً ) (٤) .

« و الشكر زينة الغنى » قال سليمانعليه‌السلام ( ربِّ أَوزعني أن أَشكُر نعمتك الّتي أَنعمتَ عليَّ وَ على والديَّ ) (٥) و قال أيضا لمّا رأى عرش ملكة سبأ مستقرا

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ١٦ : ٨٣ ، في ترجمة عمرو بن بحر ، الجاحظ .

( ٢ ) نقل شرح ابن ميثم « العفاف زينة الفقر » ٥ : ٢٧٣ رقم ٦٠ .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢١٣ رقم ٦٦ .

( ٤ ) البقرة : ٢٧٣ .

( ٥ ) النمل : ١٩ .

٥١٧