أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت15%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 333278 / تحميل: 11880
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

في ذمته أو كان له مال تجدد له بعد الحجر ـ ولو بالاستدانة أو قبول الهدية مثلاً ـ أو أذن له الغرماء بدفع الثمن من ماله المحجور عليه.

مسألة 333 : تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً فيأخذ لهم الولي بها ، بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح. نعم إذا كان الولي هو الوصي أو الحاكم ليس له ذلك إلا مع رعاية الغبطة والمصلحة بخلاف الأب والجد فإنه تكفي فيهما رعاية عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات.

مسألة 334 : إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة ـ مع رعاية ما تقدم ـ لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والعقل والرشد ، وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والعقل والرشد.

مسألة 335 : إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي والمولى عليه فباع الولي سهم المولىّ عليه جاز له أن يأخذ بالشفعة لنفسه على الأقوى.

مسألة 336 : إذا باع الولي سهم نفسه جاز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه ، وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

١٠١

فصل

في الأخذ بالشفعة

مسألة 337 : الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع ويتحقق ذلك بالقول مثل أن يقول : أخذت المبيع الكذائي بثمنه ، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن إلى المشتري ويستقل بالمبيع.

مسألة 338 : لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه الآخر بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.

مسألة 339 : الشفيع يتملك المبيع بإعطاء قدر الثمن إلى المشتري لا بأكثر منه ولا بأقل سواء أكانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة ، ولا يلزم أن يعطي عين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يعطي مثله إن كان مثلياً.

مسألة 340 : إذا كان الثمن قيمياً ففي ثبوت الشفعة للشريك بأن يأخذ المبيع بقيمة الثمن حين البيع إشكال ، فالأحوط له عدم الأخذ بالشفعة إلا برضى المشتري كما أن الأحوط للمشتري إجابته إذا أخذ بها.

مسألة 341 : إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع بشيء للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

مسألة 342 : إذا حط البائع شيئاً من الثمن للمشتري بعد البيع لم يكن للشفيع تنقيصه.

مسألة 343 : الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر ـ ولو كان عرفياً ـ كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة ، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا ،

١٠٢

أو كون المشتري زيداً فبان عمراً ، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس ، أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس ، أوإن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين ، أو كون الثمن ذهباً فبان فضة ، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه ، وكذا أمثال ذلك من الأعذار.

مسألة 344 : المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة ، فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

مسألة 345 : إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الإسراع في المشي.

مسألة 346 : يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً ، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره لمثله ، وقضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع وهو في الحمام وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله ، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداءً ، والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

مسألة 347 : إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكن من الأخذ بالشفعة ولو بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

مسألة 348 : لا ينتقل المبيع إلى الشفيع بمجرد قوله : ( أخذت بالشفعة ) مثلاً ، بل لابد من تعقبه بدفع الثمن إلا أن يرضى المشتري بالتأخير ، فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

مسألة 349 : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل

١٠٣

جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني وتجزي الإجازة منه في صحته له ، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.

مسألة 350 : إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالأول بطل ما بعده ويصح مع إجازته ، وإن أخذ بالأخير صح ما قبله ، وإن أخذ بالمتوسط صح ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.

مسألة 351 : إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة غير معوضة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.

مسألة 352 : الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط ، ويجوز أخذ المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها ، لكن على الأول لا يسقط إلا بالإسقاط فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صح ولم يستحق المال المبذول ، بل الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. ويصح الصلح على سقوطها فيسقط بذلك.

مسألة 353 : الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع.

مسألة 354 : إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

مسألة 355 : المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة ، فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

مسألة 356 : إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.

مسألة 357 : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

١٠٤

مسألة 358 : إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

مسألة 359 : إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الإقباض.

مسألة 360 : في انتقال الشفعة إلى الوراث إشكال وعلى تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

مسألة 361 : إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط ، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بالمباركة بعد البيع.

مسألة 362 : إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد ثالث فعرضها للبيع بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرف فيه ما لم يعلم كذبه في دعواه ، وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد إطلاعه على البيع؟ إشكال ، وإن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب وصدق فهو ، وإن أنكر كان القول قوله بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الأجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة أو غيرها على تفصيل تقدم في المسألة (78) ، فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.

مسألة 363 : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل ، والظاهر جواز إلزامه بالكفيل ، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالاً إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

مسألة 364 : إذا تقايل المتبايعان قبل أخذ الشريك بالشفعة فالمشهور عدم سقوطها بالإقالة ، بل لو أخذ الشفيع بها كشف ذلك عن بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها

١٠٥

كذلك ، ولكن لا يبعد سقوطها حينئذ ، وأما لو كان التقايل بعد أخذ الشريك بالشفعة لم يمنع ذلك عن صحة الإقالة فيرجع البائع بعوض المبيع إلى المشتري.

مسألة 365 : إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ قبل أخذ الشريك بالشفعة يرجع المبيع إليه ولا شفعة وإن فسخ بعده رجع بالمثل أو القيمة ، وهكذا الحكم في سائر الخيارات الثابتة للبائع أو المشتري غير ما يسقط بخروج العين عن ملك المشتري كخيار العيب.

مسألة 366 : إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش ، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد وليس له اختيار الأرش ، وأذا كان المشتري جاهلاً كان له الرد فإن لم يمكن ـ ولو لأخذ الشريك بالشفعة قبل ذلك ـ كان له الأرش ، وأما الشفيع الجاهل بالعيب حين أخذه بالشفعة فيتخير بين الرد إلى المشتري وبين مطالبته بالأرش حتى وإن كان قد أسقطه عن البائع على الأقرب.

مسألة 367 : إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع ، وأذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش بل له إعلام المشتري بالحال ويتخير بين رد العين المعيبة إليه وبين مطالبته بالأرش.

١٠٦

كتاب الإجارة

١٠٧
١٠٨

وهي المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره ، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة ، والثاني مثل إجارة الدار.

وفيه فصول :

فصل في شروطها

مسألة 368 : لابد فيها من الإيجاب والقبول ، فالإيجاب مثل قول الخياط : آجرتك نفسي ، وقول صاحب الدار : آجرتك داري ، والقبول مثل قول المستأجر : قبلت ، ويجوز وقوع الإيجاب من المستأجر ، مثل : استأجرتك لتخيط ثوبي وأستأجرت دارك ، فيقول المؤجر : قبلت ، ويكفي في الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار أو الاستئجار.

مسألة 369 : تجري المعاطاة في الإجارة ـ كما تجري في البيع ـ فلو سلّم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الإيجار وقبضه المستأجر بقصد الاستئجار صحت الإجارة.

مسألة 370 : يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين ، وبعضها في العين المستأجرة ، وبعضها في المنفعة المقصودة بالإجارة ، وبعضها في الأجرة.

١٠٩

( شرائط المتعاقدين )

يشترط في المؤجر والمستأجر أن يكون كل منهما بالغاً عاقلا مختارا ، كما يشترط في المؤجر أن يكون مالكا للمنفعة المقصودة بالإيجار وفي المستأجر أن يكون مالكاً للأجرة ، ويشترط فيهما أن لا يكونا محجورين لسفه أو تفليس ، فلا تصح إجارة الصبي والمجنون والمكره ـ إلا أن يكون الإكراه بحق ـ كما لا تصح إجارة الفضولي ، ولا إجارة السفيه أمواله مطلقاً ، ولا إجارة المفلس أمواله التي حجر عليها.

مسألة 371 : إذا أجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر بطلان الإجارة ـ ما لم تتعقب بإجازة الولي ـ وأما إذا آجر المفلس نفسه فالأظهر صحتها.

مسألة 372 : إذا لم يكن المؤجر مالكاً للمنفعة ـ ولم يكن ولياً ولا وكيلاً ـ توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك ، وأذا كان محجوراً عليه لسفه توقفت صحتها على إجازة الولي ، وإن كان محجوراً عليه لفلس توقفت صحتها على إجازة الغرماء ، وإن كان مكرهاً توقفت صحتها على الرضا لا بداعي الإكراه.

( شرائط العين المستأجرة )

وهي أمور :

1 ـ التعيين ، فلا يصح إجارة المبهم كما لو قال : ( آجرتك إحدى دوري ) نعم يصح إجارة الكلي في المعين كسيارة من عدة سيارات متماثلة.

2 ـ المعلومية ، فإن كانت عيناً معينة فإما بالمشاهدة وأما بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها لو كانت غائبة ، وكذا لو كانت كلية.

١١٠

3 ـ التمكن من التسليم ، فلا تصح الإجارة من دونه حتى مع الضميمة على الأحوط ، نعم يكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء على العين المستأجرة فتصح إجارة الدابة الشاردة مثلاً إذا كان المستأجر قادراً على أخذها.

4 ـ إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها ، فلا تصح إجارة الخبز ونحوه من المأكولات للأكل.

5 ـ قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة ، فلا تصح إجارة الأرض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.

( شرائط المنفعة المقصودة بالإجارة )

وهي أمور :

1 ـ أن تكون محللة ، فلو انحصرت منافع المال في الحرام أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرم منها ، أو أوقع العقد مبنياً على ذلك بطلت الإجارة ، كما لو آجر الدكان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر ، أو آجر الحيوان بشرط أن يحمل الخمر عليه.

2 ـ أن تكون لها مالية يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط.

3 ـ تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعددة ، فلو أجر حيواناً قابلاً للركوب ولحمل الأثقال وجب تعيين حق المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.

4 ـ معلومية المنفعة ، وهي أما بتعيين المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً ، وأما بتعيين المسافة مثل ركوب السيارة فرسخاً أو فرسخين ، وأما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة أو سياقة السيارة إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة من طريق معين.

١١١

ولابد في الأولين من تعيين الزمان ، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة ، والسيارة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان ، بطلت الإجارة ، إلا أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

مسألة 373 : لا يعتبر تعيين الزمان في الإجارة على الخياطة ونحوها من الأعمال ، فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر ، هذا إذا لم تختلف الأغراض باختلاف الأزمنة التي يقع فيها العمل ، والا فلابد من تعيين الزمان فيه أيضاً.

( شرائط الأجرة )

يعتبر في الأجرة معلوميتها ، فإذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لابد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد ، وما يعرف منها بالمشاهدة لابد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

ويجوز أن تكون الأجرة عيناً خارجية أو كلياً في الذمة ، أو عملاً أو منفعة أو حقاً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير.

مسألة 374 : إذا استأجر سيارة للحمل فلابد من تعيين الحمل ، وأذا استأجر دراجة للركوب فلابد من تعيين الراكب ، وأذا استأجر ماكنة لحرث جريب من الأرض فلابد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في الأغراض النوعية لم يجب التعيين.

مسألة 375 : إذا قال آجرتك الدار شهراً أو شهرين أو قال آجرتك كل شهر بدرهم مهما أقمت فيها بطلت الإجارة ، وأذا قال : آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه صح في الشهر الأول وبطل في غيره ، هذا إذا كان بعنوان الإجارة ، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطيه درهماً أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا

١١٢

بأس.

مسألة 376 : إذا قال : إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم وإن خطته بدرزين فلك درهمان ، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الإجارة بطل ، وكذا إن قال : إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم. والفرق بين الإجارة والجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض ولأجل ذلك صارت عقداً وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً ، ولأجل ذلك صارت إيقاعا.

مسألة 377 : إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله ، فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل ، وإن أمكن العمل ثانياً وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

مسألة 378 : إذا استأجره على عمل بشرط ، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة أو وقع العقد مبنياً عليه فلم يتحقق الشرط ، كما إذا استأجره ليوصله إلى مكان معين وشرط عليه أن يوصله في وقت محدد فأوصله ولكن في غير ذلك الوقت أو استأجره على خياطة ثوبه وأشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة ـ كان له فسخ الإجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤها ودفع الأجرة المسماة ، والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل ولكن العقد معلق على التزام الطرف بتحقق أمر كالإيصال في الوقت المحدد أو القراءة في المثالين ، ولازم

١١٣

ذلك أن يكون التزامه بالعقد مشروطاً بنفس تحقق الملتزم به ، ومعنى ذلك جعل الخيار لنفسه على تقدير عدم تحققه.

مسألة 379 : إذا استأجر سيارة إلى «كربلاء» مثلاً بدرهم وأشترط له على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

مسألة 380 : لو استأجر سيارة مثلاً إلى مسافة بدرهمين وأشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

مسألة 381 : إذا استأجر سيارة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردداً بينهما فالإجارة باطلة.

مسألة 382 : إذا استأجره على أن يوصله إلى «كربلاء» وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الأجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

١١٤

فصل

في مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

مسألة 383 : الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلا بالتراضي بين الطرفين أو يكون للفاسخ الخيار ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الإجارة منشأة باللفظ أو بالمعاطاة.

مسألة 384 : إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ الإجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة وإذا كان المشتري جاهلاً بالإجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالأرش ، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

مسألة 385 : لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره ، فلو استأجر داراً ثم اشتراها بقيت الإجارة على حالها ويكون ملكه للمنفعة في بقية المدة بسبب الإجارة لا من جهة تبعية العين فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع ، ولو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله.

مسألة 386 : إذا باع المالك العين على شخص وأجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر واقترن البيع والإجارة زماناً صحا جميعاً فيكون المبيع للمشتري مسلوب المنفعة مدة الإجارة ويثبت الخيار له حينئذ.

مسألة 387 : لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات ، فإنه لا تبطل الإجارة بموته

١١٥

ولكن يثبت للمؤجر مع التخلف خيار الفسخ ، نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته.

مسألة 388 : إذا أجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل إنجازه بطلت الإجارة ، نعم إذا تعمد ترك الإتيان به قبل موته لم تبطل الإجارة بل يتخير المستأجر بين الفسخ وبين المطالبة بأجرة مثل العمل.

مسألة 389 : إذا لم يكن المؤجر مالكا للعين المستأجرة بل مالكا لمنفعتها ما دام حياً ـ بوصية مثلاً ـ فمات أثناء مدة الأجارة بطلت حينئذ بالنسبة إلى المدة الباقية ، نعم لما كانت المنفعة في بقية المدة لورثة الموصي فلهم أن يجيزوها بالنسبة إلى تلك المدة فتقع لهم الإجارة وتكون لهم الأجرة.

مسألة 390 : إذا أجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت بالنسبة إلى بقية المدة إذا لم تجزها الطبقة المتأخرة ، وفي صورة أخذ الطبقة الأولى للأجرة كلها يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدة الباقية منها من أموال الطبقة الأولى ، وأما إذا أجرها المتولي ـ سواء أكان هو البطن السابق أم غيره ـ ملاحظاً بذلك مصلحة الوقف لم تبطل بموته ، وكذا إذا أجرها لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فأنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الأجرة.

مسألة 391 : إذا أجر نفسه للعمل أما بالإتيان به مباشرة أو تسبيباً فمات قبل ذلك بطلت الإجارة على تفصيل تقدم في المسألة (388) ، وأما إذا تقبل العمل الكلي في ذمته من دون التقييد بذلك فمات قبل تحقيقه لم تبطل المعاملة بل يجب أداء العمل من تركته كسائر الديون.

مسألة 392 : إذا أجر الولي مال الطفل مدة ، وبلغ الطفل أثناءها كانت صحة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته حتى فيما إذا كان

١١٦

عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل ، وهكذا الحكم فيما إذا أجر الولي الطفل نفسه إلى مدة فبلغ أثناءها ، نعم إذا كان امتداد مدة الإيجار إلى ما بعد البلوغ هو مقتضى مصلحة ملزمة شرعاً بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها صح الإيجار كذلك بإذن الحاكم الشرعي ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.

مسألة 393 : إذا أجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

مسألة 394 : إذا أجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقه ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

مسألة 395 : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإن كان عالما به حين العقد فلا أثر له وإن كان جاهلاً به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة وله فسخ العقد من أصله ، هذا إذا لم يكن الخراب قابلاً للانتفاع أصلاً ولو بغير السكنى وإلا لم يكن له إلا خيار العيب. وإن كان العيب موجباً لنقص في المنفعة كبطء سير السيارة كان له الخيار في الفسخ وليس له مطالبة الأرش ، وإن لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة ككون السيارة مخسوفة البدنة كان له الخيار أيضاً ، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار. هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كانت كلية وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

مسألة 396 : إذا وجد المؤجر عيباً في الأجرة وكان جاهلاً به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالأرش وإذا كانت الأجرة كلية فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.

١١٧

مسألة 397 : يجري في الإجارة خيار الغبن ـ على تفصيل تقدم نظيره في البيع ـ كما يجري فيها خيار العيب وخيار الشرط ـ حتى للأجنبي ـ ومنه خيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن ، وكذا خيار تخلف الشرط الصريح أو الارتكازي ومنه خيار تبعض الصفقة وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة ، ولا يجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان ولا خيار التأخير على النحو المتقدم في البيع ، نعم مع التأخير في تسليم أحد العوضين عن الحد المتعارف يثبت الخيار للطرف.

مسألة 398 : إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال وإذا حصل أثناء المدة فإن لم يكن الخيار مجعولاً للفاسخ على نحو يقتضي التبعيض وبطلان الإجارة بالنسبة إلى ما بقي خاصة ـ كما هو الحال في شرط الخيار غالباً ـ فالأقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

١١٨

فصل

في أحكام التسليم في الإجارة

مسألة 399 : إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد وكذا المؤجر والأجير يملكان الأجرة بنفس العقد ، لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل مع تأجيل الأجرة وعدم تسليمها إلا إذا كان قد شرط ذلك صريحاً أو كانت العادة جارية عليه ، كما أنه ليس للأجير والمؤجر المطالبة بالأجرة مع عدم تسليم العمل والمنفعة إلا إذا كانا قد اشترطا تقديم الأجرة وإن كان لأجل جريان العادة.

مسألة 400 : يجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه في الزمان الذي يقتضيه العقد ، ولكن وجوب التسليم على كل منهما مشروط بعدم امتناع الآخر ، ولو امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الأجرة جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ وأخذ الأجرة إذا كان قد دفعها وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة ، وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة ، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما مضى ، وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الأجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

مسألة 401 : تسليم المنفعة يكون بتسليم العين ، وتسليم العمل فيما لا يتعلق بعين للمستأجر في يد الأجير يكون بإتمامه ، وفيما يتعلق بعين له في يد الأجير يكون بإتمام العمل فيها مع تسليمها ـ على تقدير عدم تلفها ـ

١١٩

إلى المستأجر.

مسألة 402 : إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط استحق الأجير المطالبة بالأجرة ، فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه إلى المستأجر استحق مطالبة الأجرة فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً وإلا لم يستحق عليه شيئا.

مسألة 403 : يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الأجرة ، وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

مسألة 404 : تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية الانتفاع منها بالمنفعة الخاصة المملوكة ، فإذا استأجر داراً سنة ـ مثلاً ـ فانهدمت قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الإجارة ، وإذا انهدمت أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية وكان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار ، فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الأجرة المسماة وعليه له أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية ، وإن لم يفسخ قسطت الأجرة بالنسبة وكان للمالك حصة من الأجرة بنسبة المدة الماضية.

مسألة 405 : إذا استأجر داراً فانهدم قسم منها ، فإن كانت بحيث لو أعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدت بعد التعمير مغايرة لما قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدم في المسألة السابقة ، وإن لم تعد كذلك فإن أقدم المؤجر على تعميرها فوراً على وجه لا يتلف شيء من منفعتها عرفاً لم تبطل الإجارة ولم يكن للمستأجر حق الفسخ ، وإن لم يقدم على ذلك وكان قادراً عليه فللمستأجر الزامه به ـ فإن لم يفعل كان له مطالبته بأجرة مثل المنفعة الفائتة كما إن له الخيار في فسخ الإجارة رأساً ـ ولو مع

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

فإذا ما أغفل المؤمن عبادة ربِّه نساه، وتلاشت في نفسه قِيَم الإيمان ومفاهيمه، وغدا عُرضةً للإغواء والضلال. فالعقيدة هي الدوحة الباسقة التي يستظلُّ المسلمون في ظلالها الوارفة النديّة، والعبادة هي التي تصونها وتمدّها بعوامل النموّ والازدهار.

والعبادة بعد هذا مِن أكبر العوامل على التعديل والموازنة، بين القوى الماديّة والروحيّة، التي تتجاذب الإنسان وتصطرع في نفسه ولا تتسنّى له السعادة والهناء إلاّ بتعادلها. ذلك، أنّ طُغيان القوى الماديّة واستفحالها يسترق الإنسان بزخرفها وسلطانها الخادع، وتجعله ميّالاً إلى الأثرة والأنانيّة، واقتراف الشرور والآثام، في تحقيق أطماعه الماديّة.

فلا مناصّ - والحالة هذه - من تخفيف جماح المادّة والحدّ من ضراوتها، وذلك عن طريق تعزيز الجانب الروحي في الإنسان، وإمداده بطاقات روحيّة، تعصمه من الشرور وتوجّهه وجهة الخير والصلاح. وهذا ما تحقّقه العبادة بإشعاعاتها الروحيّة، وتذكيرها المتواصل باللّه تعالى، والدأب على طاعته وطلب رضاه.

والعبادة بعد هذا وذاك: اختبار للمؤمن واستجلاء لأبعاد إيمانه. فالإيمان سرٌّ قلبيٌّ مكنون، لا يتبيّن إلاّ بما يتعاطاه المؤمن مِن ضروب الشعائر والعبادات، الكاشف عن مبلغ إيمانه وطاعته للّه تعالى.

وحيث كانت العبادة تتطلّب عناءً وجهداً، كان أداؤها والحفاظ عليها دليلاً على قوّة الإيمان ورسوخه، وإغفالها دليلاً على ضعفه وتسيّبه.

فالصلاة.. كبيرةٌ إلاّ على الخاشعين، والصيام.. كفّ النفس عن لذائذ الطعام والشراب والجنس، والحجّ.. يتطلّب البذل والمعاناة

٣٠١

في أداء مناسكه، والزكاة.. منح المال الذي تعتزّ به النفس وتحرص عليه، والجهاد: هو الإقدام على التضحية والفداء في سبيل الواجب، وكلّها أمورٌ شاقّة على النفس.

من أجل ذلك كان أداء العبادة والقيام بها بُرهاناً ساطعاً على إيمان صاحبها وطاعته للّه عزّ وجل.

٢ - الطاعة:

وهي الخضوع للّه عزّ وجل وامتثال جميع أوامره ونواهيه.

ولا ريب أنّها مِن أشرف المزايا، وأجل الخلال الباعثة على سعادة المطيع وفوزه بشرف الدنيا والآخرة، كما نوّهت بها الآيات الكريمة والأخبار الشريفة:

قال تعالى:( وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) ( الأحزاب: ٧١ ).

وقال سُبحانه:( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً ) ( الفتح: ١٧ ).

وقال الإمام الحسن الزكيعليه‌السلام : ( وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج مِن ذلّ معصية اللّه إلى عزِّ طاعة اللّه عزّ وجل ).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( اصبروا على طاعة اللّه، وتصبّروا عن

٣٠٢

معصية اللّه، فإنما الدنيا ساعة، فما مضى فلست تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأت فلست تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنّك قد اغتبطت )(١).

٣ - الشكر:

وهو: عرفان نعمة المنعم، وشكره عليها، واستعمالها في مرضاته.

والشكر خلّة مثاليّة يقدّسها العقل والشرع، ويحتمها الضمير والوجدان، إزاء المحسنين من الناس. فكيف بالمنعم الأعظم الذي لا تحصى نعماؤه، ولا تُعدّ آلاؤه ؟

مِن أجل ذلك حثّت الشريعة على التحلّي به، في نصوص عديدة مِن الآيات والروايات.

قال تعالى:( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ( إبراهيم: ٧ ).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن أُعطِيَ الشكر أُعطِي الزيادة، يقول اللّه عزّ وجل:( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) )(٢) .

وقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الطاعم الشاكر، له مِن الأجر كأجر الصائم المحتسب، والمعافى الشاكر، له مِن الأجر كأجر

_____________________

(١) الوافي، ج ٢ ص ٦٣، عن الكافي.

(٢) الوافي، ج ٢ ص ٦٧، عن الكافي.

٣٠٣

المبتلى الصابر. والمعطى الشاكر، له من الأجر كأجر المحروم القانع )(١).

٤ - التوكّل:

وهو: الاعتماد على اللّه عزّ وجل في جميع الأُمور، وتفويضها إليه، والإعراض عمّا سواه.

والتوكّل، هو من أجل خصائص المؤمنين ومزاياهم المشرفة، الموجبة لعزّتهم وسموّ كرامتهم وارتياح ضمائرهم، بترفعهم عن الاتّكال والاستعانة بالمخلوقين، ولجوئهم وتوكّلهم على الخلاق العظيم القدير في كسب المنافع ودرء المضار.

لذلك تواترت الآيات والآثار في تمجيد هذا الخُلق، والتشويق إليه.

قال تعالى:( إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) ( آل عمران: ١٦ ).

وقال تعالى: ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ( الطلاق: ٣ ).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( إنّ الغنى والعزّ يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا )(٢).

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيّته للحسنعليه‌السلام : ( وألجئ نفسك في الأُمور كلّها إلى إلهك، فإنّك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز )(٣).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٦٧ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ٥٦ عن الكافي.

(٣) نهج البلاغة ( ومن شاء التوسّع في الأبحاث الثلاثة، الطاعة والشكر والتوكّل، فليرجع إلى القسم الأوّل من هذا الكتاب ).

٣٠٤

حقوق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

كان نبيّنا الأعظم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المثل الأعلى في سائر نواحي الكمال، اصطفاه اللّه مِن الخَلق واختاره من العباد، وحباه بأرفع الخصائص والمواهب التي حبا بها الأنبياءعليهم‌السلام ، وجمع فيه ما تفرّق فيهم مِن صنوف العظمات والأمجاد ما جعله سيّدهم وخاتمهم.

وناهيك في عظمته أنّه استطاع بجهوده الجبّارة ومبادئه الخالدة، أنْ يحقّق في أقلِّ من ربع قرن من الانتصارات الروحيّة والمكاسب الدينيّة، ما لم يستطع تحقيقه سائر الأنبياء والشرائع في أكثر مِن قرون.

جاء بأكمل الشرائع الإلهيّة، وأشدّها ملائمة لأطوار الحياة، وأكثرها تكفّلاً بإسعاد الإنسان ماديّاً وروحيّاً، ديناً ودنياً، فأخرج الناس من ظلمة الكُفر إلى نور الإسلام، ومِن شقاء الجاهليّة إلى السعادة الأبديّة. وجعل أُمّته أكمل الأُمم ديناً، وأوفرهم عِلماً، واسماهم أدباً وأخلاقاً، وأرفعهم حضارةً ومجداً.

وقد عانى في سبيل ذلك مِن ضروب الشدائد والأهوال، ما لم يعانه أيُّ نبيّ.

من أجل ذلك، فإن القلم عاجز عن تعداد أياديه، وحصر حقوقه

٣٠٥

على المسلمين سيّما في هذه الرسالة الوجيزة. فلا بدّ من الإشارة إليها والتلويح عنها.

وهي، بعد الإيمان بنبوته، وتصديقه فيما جاء به من عند اللّه عزّ وجل، والاعتقاد بأنّه سيّد الرسل، وخاتم الأنبياء:

١ - طاعته:

وطاعة النبيّ فرضٌ محتّمٌ على الناس، كطاعة اللّه تعالى، إذ هو سفيره إلى العباد، وأمينه على الوحي، ومنار هدايته الوضّاء.

وواقع الطاعة هو: إتباع شريعته، وتطبيق مبادئه الخالدة، التي ما سعِد المسلمون ونالوا آمالهم وأمانيهم، إلاّ بالتمسّك بها والحفاظ عليها. وما تخلفوا واستكانوا إلا بإغفالها والانحراف عنها.

أنظر كيف يحرض القرآن الكريم على طاعة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويحذّر مغبّة عصيانه ومخالفته، حيث قال:

( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر: ٧ ).

وقال تعالى:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ) ( الأحزاب: ٣٦ ).

وقال سُبحانه:( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن

٣٠٦

تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) ( النساء: ١٣ - ١٤ ).

وقال عزّ وجل:( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (المجادلة: ٢٠ - ٢١).

٢ - محبّته:

تختلف دواعي الحبّ والإعجاب باختلاف نزَعات المُحبّين وميولهم، فمِن الناس مَن يحب الجمال ويُقّدسه، ومنهم مَن يحبّ البطولة والأبطال ويمجدهم، ومنهم من يحب الأريَحيّة ويشيد بأربابها.

وقد اجتمع في النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ ما يفرض المحبّة ويدعو إلى الإعجاب، حيث كان نموذجاً فذاً، ونمطاً فريداً بين الناس. لخصّ اللّه فيه آيات الجمال والكمال، وأودع فيه أسرار الجاذبيّة، فلا يملك المرء إزائه إلاّ الحبّ والإجلال، وهذا ما تشهد به شخصيّته المثاليّة، وتأريخه المجيد.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يصف شمائل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( كان نبيُّ اللّه أبيضَ اللون، مُشرباً حمرة، أدعج العين، سبط الشعر، كث اللحية، ذا وفرة، دقيق المسربة، كأنّما عنقه إبريق فضّة يجري في تراقيه الذهب، له شعر مِن لبَّتِه إلى سرّته كقضيب خيط، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى

٣٠٧

كأنّه ينقلع مِن صخر، إذا أقبل كأنّما ينحدر مِن صب، إذا التفت التفت جميعاً بأجمعه، ليس بالقصير ولا بالطويل، كأنّما عرَقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيبُ مِن المسك )(١).

وقالعليه‌السلام وهو يصف أخلاق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( كان أجود الناس كفّاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجةً، وأوفاهم ذمّةً، وأليَنُهم عريكةً، وأكرمهم عِشرةً، مَن رآه بديهة هابه، ومَن خالطه فعرفه أحبّه، لم أر مثله قبله ولا بعده )(٢).

ولأجل تلك الشمائل والمآثر، أحبّه الناس على اختلاف ميولهم في الحبّ: أحبّه الأبطال لبطولته الفذّة التي لا يجاريه فيها بطلٌ مغوار، وأحبّه الكرام إذ كان المثل الأعلى في الأريحيّة والسخاء، وأحبّه العُبَّاد لتولّهه في العبادة وفنائه في ذات اللّه، وأحبّه أصحابه المخلصون لمثاليّته الفذّة في الخَلق والخُلق.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( جاء رجلٌ مِن الأنصار إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول اللّه، ما استطيع فراقك، وإنّي لأدخل منزلي فأذكرك، فأترك ضَيعتي وأقبِل حتّى أنظر إليك حبّاً لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة، وأدخلتَ الجنّة، فرُفِعت في أعلى عِليّين، فكيف لي بك يا نبيّ اللّه ؟، فنزل:( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ

_____________________

(١) البحار م ٦ في أوصاف خَلقه وشمائله.

(٢) سفينة البحار م ٢ ص ٤١٤.

٣٠٨

رَفِيقاً ) (النساء: ٦٩)

فدعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الرجلَ فقرأها عليه وبشّره بذلك )(١).

وقال أنَس: جاء رجلٌ من أهل البادية، وكان يُعجبنا أنْ يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول اللّه متى قيام الساعة ؟

فحضرت الصلاة، فلمّا قضى صلاته، قال: ( أين السائل عن الساعة ؟)

قال: أنا يا رسول اللّه. قال: ( فما أعددتَ لها ؟)

قال: واللّه ما أعددت لها مِن كثير عمل صلاة ولا صوم، إلا أنّي أحبّ اللّه ورسوله.

فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( المرء مع من أحبّ ).

قال أنَس: فما رأيت المسلمين فرِحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ مِن فرحهم بهذا(٢) .

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، قال: ( كان رجلٌ يبيع الزيت، وكان يحبّ رسول اللّه ( صلّي اللّه عليه وآله ) حبّاً شديداً، كان إذا أراد أنْ يذهب في حاجة لم يمضِ حتّى ينظر إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد عُرِف ذلك منه، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه. حتّى إذا كان ذات يوم، دخل فتطاول له رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نظر إليه ثمّ مضى في حاجته، فلم يكن بأسرع مِن أنْ رجَع، فلمّا رآه رسول اللّه

_____________________

(١) البحار م ٦ في باب وجوب طاعته وحبّه.

(٢) البحار م ٦، باب وجوب طاعته وحبّه، عن عِلل الشرائع.

٣٠٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله قد فعل ذلك، أشار إليه بيده اجلس، فجلس بين يديه، فقال: مالك فعلت اليوم شيئاً لم تكن تفعله قبل ؟

فقال: يا رسول اللّه، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، لغشى قلبي شيء مِن ذكرك، حتّى ما استطعت أنْ أمضي في حاجتي، رجعت إليك. فدعا له وقال له خيراً.

ثمّ مكث رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيّاماً لا يراه، فلمّا فقده سأل عنه، فقيل له: يا رسول اللّه، ما رأيناه منذ أيّام. فانتعل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانتعل معه أصحابه، فانطلق حتّى أتى سوق الزيت، فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد، فسأل عنه جيرته، فقالوا: يا رسول اللّه، مات... ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً، إلاّ انّه قد كان فيه خصلة، قال: وما هي ؟ قالوا: كان يَزهَق ( يعنون، يتبع النساء ). فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد كان يحبّني حُبّاً، لو كان بخّاساً لغفر اللّه له )(١) .

٣ - الصلاة عليه:

قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ( الأحزاب: ٥٦ ).

_____________________

(١) الوافي ج ٣، ص ١٤٣ - ١٤٤. الزَّهق: غشيان المحارم. والبَخس: النقص في المكيال والميزان.

٣١٠

درَج الناس على إجلال العظماء وتوقيرهم بما يستحقّونه من صور الإجلال والتوقير، تكريماً لهم وتقديراً لجهودهم ومساعيهم في سبيل أُممهم.

ومن هنا كان السلام الجمهوري والتحيّة العسكريّة فرضاً على الجنود، تبجيلاً لقادتهم وإظهاراً لإخلاصهم لهم.

فلا غرابة أنْ يكون من حقوق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته - وهو سيّد الخلق وأشرفهم جميعاً - تعظيمه والصلاة عليه، عند ذكر اسمه المبارك أو سماعه، وغيرهما من مواطن الدعاء.

وقد أعرَبت الآية الكريمة عن بالغ تكريم اللّه تعالى وملائكته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ )، ثمّ وجّهَت الخطاب إلى المؤمنين بضرورة تعظيمه والصلاة والسلام عليه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ).

وجاءت نصوص أهل البيتعليهم‌السلام توضّح خصائص ورغبات الصلاة عليه، بأُسلوبٍ شيّق جذّاب.

فمِن ذلك ما جاء عن ابن أبي حمزة عن أبيه، قال: سألت أبا عبد اللّهعليه‌السلام عن قول اللّه عزَّ وجل:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

فقال: ( الصلاة مِن اللّه عزّ وجل رحمة، ومِن الملائكة تزكية، ومِن الناس دُعاء. وأمّا قوله عزّ وجل:( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ، فإنّه يعني بالتسليم له فيما ورد عنه ). قال: فقلت له: فكيف نصلّي على محمّدٍ وآله ؟

قال: ( تقولون: صلوات اللّه وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع

٣١١

خلقه على محمّدٍ وآل محمّدٍ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته ).

قال: فقلت فما ثواب من صلّى على النبيّ وآله بهذه الصلاة ؟

قال: الخروج من الذنوب، واللّه، كهيئة يومٍ ولدته أُمّه(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : ( من صلّى على محمٍّد وآل محمّدٍ عشراً صلّى اللّه عليه وملائكته مِئة مرّة، ومَن صلىّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ مِئة صلّى اللّه عليه وملائكته ألفاً، أما تسمع قول اللّه تعالى:( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (٢) ( الأحزاب: ٤٣ ).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( كلّ دعاء يُدعى اللّه تعالى به، محجوبٌ عن السماء حتّى يُصلّى على محمّدٍ وآل محمّد )(٣).

وعن احدهماعليهما‌السلام قال: ( ما في الميزان شيءٌ أثقل من الصلاة على محمّدٍ وآل محمّد، وإنّ الرجل ليوضَع أعمالَه في الميزان فيميل به، فيُخرجصلى‌الله‌عليه‌وآله ( الصلاة عليه ) فيضعها في ميزانه، فيرجح به )(٤) .

وقال الرضاعليه‌السلام : ( مَن لم يقدر على ما يُكفّر به ذنوبه، فليُكثر مِن الصلاة على محمّد وآله، فإنّها تهدِم الذنوب هَدماً )(٥).

_____________________

(١) البحار م ١٩، ص ٧٨، عن معاني الأخبار للصدوق (ره).

(٢) الوافي ج ٥، ص ٢٢٨، عن الكافي.

(٣) الوافي ج ٥، ص ٢٢٧، عن الكافي.

(٤) الوافي ج ٥، ص ٢٢٨، عن الكافي.

(٥) البحار م ١٩، ص٧٦، عن عيون أخبار الرضا وأمالي الشيخ الصدوق (ره).

٣١٢

وجاء في الصواعق (ص ٨٧)، قال: ويُروى ( لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء ). فقالوا: وما الصلاة البتراء ؟ قال: ( تقولون: اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وتمسكون، بل قولوا: اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد )(١).

٤ - مودّة أهل بيته الطاهرين:

الذين فرضَ اللّه مودّتهم في كتابه، وجعلها أجر الرسالة، وحقّاً مفروضاً من حقوق النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال تعالى:( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) ( الشورى: ٢٣ ).

وقد اتّصف أهل البيتعليهم‌السلام بجميع دواعي الإعجاب والإكبار، وبواعث الحبِّ والولاء، كما وصَفهم الشاعر:

مِن معشرٍ حُبّهم دينٌ وبُغضهم

كفرٌ وقُربهم منجىً ومعتصمُ

إنْ عُدّ أهلُ التقى كانوا أئمّتهم

أو قيل مِن خيرِ أهل الأرضِ قِيل هُمُ

نَعَم هُم صفوةُ الخَلق، وحُجج العباد، وسُفن النجاة، وخير مَن أقلّته الأرض وأظلّته السماء - بعد جدّهم الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله - حسَباً ونسَباً وفضائل وأمجاداً.

وكيف يرتضي الوجدان السليم محبّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دون أهل بيته الطاهرين، الجديرين بأصدَق مفاهيم الحبِّ والودِّ، إنّها ولا ريب

_____________________

(١) فضائل الخمسة، من الصحاح الستّة.

٣١٣

محبّةٌ زائفة تنُمّ عن نفاقٍ ولؤم، كما جاء عن عبد اللّه بن مسعود قال: كنا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض أسفاره، إذ هتَف بنا أعرابي بصوتٍ جمهور، فقال: يا محمّدٍ. فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تشاء ؟ فقال: المرء يحبّ القوم ولا يعمل بأعمالهم.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( المرء مع من أحبّ ). فقال: يا محمّد، اعرض عليَّ الإسلام. فقال: ( أشهد أنْ لا إله إلاّ اللّه، وانّي رسول اللّه، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحجّ البيت ).

فقال: يا محمّد، تأخذ على هذا أجرأ ؟ فقال: ( لا، إلاّ المودّة في القربى ).

قال: قرباي أو قرباك ؟ فقال: ( بل قرباي ). قال: هلمّ يدك حتّى أُبايعك، لا خير فيمن يودّك ولا يودّ قرباك(١).

وقد أجمع الإماميّة أنّ المراد بالقربى في الآية الكريمة، هُم الأئمّة الطاهرون مِن أهل البيتعليهم‌السلام ، ووافقهم على ذلك ثُلّة مِن أعلام غيرهم مِن المفسّرين والمحدّثين، كأحمد بن حنبل، والطبراني، والحاكم عن ابن عبّاس. كما نصّ عليه ابن حجَر، في الفصل الأوّل من الباب الحادي عشر من صواعقه، قال: لمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول اللّه مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( عليّ وفاطمة وابناهما )(٢) .

_____________________

(١) البحار م ٧، ص ٣٨٩، عن مجالس الشيخ المفيد (ره).

(٢) انظر الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء، للإمام شرف الدين (ره) ص ١٨.

٣١٤

انظر، كيف يحرّض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّته على مودّة قرباه وأهل بيته، كما يحدّثنا به رواة الفريقين:

فمّما ورد من طرقنا:

عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن أحبّنا أهل البيت فليحمد اللّه على أوّل النِّعَم ).

قيل: وما أوّل النعم ؟ قال: ( طيب الولادة، ولا يحبّنا إلاَّ مَن طابت ولادته )(١) .

وعن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حُبّي وحبُّ أهل بيتي نافعٌ في سبعةِ مواطن، أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط )(٢).

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أنّ عبداً عبَد اللّه ألف عام، ثمّ يُذبح كما يُذبح الكبش، ثمّ أتى اللّه ببغضنا أهل البيت، لرُدّ اللّه عليه عمله )(٣).

وعن الباقرعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( لا تزول قدَم (قدما خ ل) عبدٍ يوم القيامة مِن بين يدَيّ اللّه، حتّى يسأله عن أربع خِصال: عمرِك فيما أفنيته، وجسدِك فيما أبليته، ومالك من أين

_____________________

(١) البحار م ٧، ص ٣٨٩، عن علل اِلشرائع ومعاني الأخبار وأمالي الصدوق(ره).

(٢) البحار م ٧، ص ٣٩١، عن الخصال.

(٣) البحار م ٧، ص ٣٩٧، عن محاسن البرقي.

٣١٥

اكتسبته وأين وضعته، وعن حبنا أهل البيت )(١) .

وعن الحكم بن عتيبة، قال: بينا أنا مع أبي جعفرعليه‌السلام ، والبيت غاصٌّ بأهله، إذ أقبل شيخٌ يتوكّأ على عنزة له، حتّى وقف على باب البيت فقال: السلام عليك يابن رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته، ثمّ سكت. فقال أبو جعفر: ( وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته ). ثمّ أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال: السلام عليكم، ثمّ سكت، حتّى أجابه القوم جميعاً وردّواعليه‌السلام .

ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفرعليه‌السلام ، ثمّ قال: يابن رسول اللّه، أدنني منك، جعلني اللّه فداك، فو اللّه إنّي لأحبّكم وأحبُّ مَن يحبّكم، وواللّه ما أحبّكم وما أحبّ مَن يحبّكم لطمعٍ في دنيا. وإنّي لأبغض عدوّكم وأبرأ منه، وواللّه ما أبغضه وأبرأ منه لوترٍ كان بيني وبينه. واللّه إنّي لأُحلّ حلالكم، وأُحرّم حرامكم، وأنتظر أمركم. فهل ترجو لي، جعلني اللّه فِداك ؟!

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ( إليّ... إليّ )، حتّى أقعَده إلى جنبه.

ثمّ قال: ( أيّها الشيخ، إنّ أبي عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، أتاه رجلٌ فسأله عن مثل الذي سألتني عنه، فقال له أبي: إنْ تمُت ترِد على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، ويثلج قلبُك، ويبرد فؤادُك، وتقرّ عينيك، وتستقبل بالرَّوح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسك هاهنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإنْ تعش ترَ ما يقرُّ اللّه به عينك، وتكون معنا في السنام

_____________________

(١) البحار م ٧، ص ٣٨٩، عن مجالس الشيخ المفيد.

٣١٦

الأعلى ) - الخ(١).

وممّا جاء مِن طُرق إخواننا:

وأخرج ابن حنبل والترمذي، كما في الصواعق ص ٩١: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بيد الحسنَين، وقال: ( مَن أحبّني، وأحبَّ هذين وأباهما وأُمّهما، كان معي في درجتي يوم القيامة )(٢).

وأخرج الثعلبي في تفسيره الكبير، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( ألا مَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات شهيداً، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات مغفوراً له، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ مات تائباً، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حبِّ آل محمّدٍ بشّره ملَك الموت بالجنّة، ثمّ منكر ونكير، ألا ومات على حبِّ آل محمّدٍ يُزَفُّ إلى الجنّة كما تُزفّ العروس إلى بيت زوجها، ألا ومِن مات على حبّ آل محمّدٍ فُتِح له في قبره بابان إلى الجنّة، ألا ومن مات على حبِّ آل محمّد جعل اللّه قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة، ألا ومن مات على بُغض آل محمّدٍ جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ مِن رحمة اللّه ) - الحديث(٣).

وأورد ابن حجَر ص ١٠٣ من صواعقه حديثاً، هذا نصّه:

_____________________

(١) الوافي ج ٣، ص ١٣٩، عن الكافي.

(٢) الفصول المهمّة للإمام شرف الدين، ص ٤١.

(٣) الفصول المهمّة للإمام شرف الدين، ص ٤٢.

٣١٧

إنّ النبيّ خرَج على أصحابه ذات يوم، ووجهه مشرقٌ كدائرة القمر. فسأله عبد الرحمان بن عوف عن ذلك، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( بشارةٌ أتتني من ربّي في أخي وابن عمّي وابنتي، بأنّ زوِّج عليّاً من فاطمة، وأمَر رَضوان خازن الجِنان فهزّ شجرة طوبى، فحملت رِقاقاً ( يعني صكاكاً ) بعدد مُحبّي أهل بيتي، وأنشأ تحتها ملائكةً مِن نور، دفع إلى كلّ ملَك صكّاً، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق، فلا يبقى محبٌّ لأهل البيت إلاّ دفعت إليه صكّاً فيه فكاكه مِن النار، فصار أخي وابن عمّي وابنتي فِكاك رِقاب رجالٍ ونِساءٍ من أُمّتي مِن النار )(١).

وجاء في مستدرك الصحيحين ج ٣، ١٢٧، عن ابن عبّاس قال: نظر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّعليه‌السلام فقال: ( يا عليّ، أنت سيّدٌ في الدنيا وسيّدٌ في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب اللّه، وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ اللّه، والويل لِمَن أبغضك بعدي )(٢).

وأخرج الحافظ الطبري، في كتاب الولاية، بإسناده عن عليّعليه‌السلام أنّه قال: ( لا يحبّني ثلاثة: ولدُ زنا، ومنافق، ورجلٌ حمَلت به أُمّه في بعض حيضها )(٣).

وأخرج الطبراني في الأوسط، والسيوطي في إحياء الميّت، وابن حجَر في صواعقه في باب الحثّ على حبّهم:

_____________________

(١) الفصول المهمّة، للإمام شرف الدين، ص ٤٣.

(٢) فضائل الخمسة، من الصحاح الستّة ج ١، ص ٢٠٠.

(٣) الغدير ج ٤، ص ٣٢٢.

٣١٨

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه مَن لقيَ اللّه وهو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا )(١) إلى كثير من النصوص التي يطول عرضها في هذا المختصر.

ولا ريب أنّ المراد بأهل البيتعليهم‌السلام ، هُم الأئمّة الاثنا عشر المعصومون صلوات اللّه عليهم، دون سواهم ؛ لأنّ هذه الخصائص الجليلة، والمزايا الفذّة، لا يستحقّها إلاّ حُججُ اللّه تعالى على العباد، وخلفاء رسوله الميامين.

_____________________

(١) المراجعات، للإمام شرف الدين، ص ٢٢.

٣١٩

حقوق الأئمة الطاهرينعليهم‌السلام

فضلهم:

لقد حاز الأئمّة الطاهرون من أهل البيتعليهم‌السلام السبق في ميادين الفضل والكمال، ونالوا الشرف الأرفع في الأحساب والأنساب. فهم آل رسول اللّه وأبناؤه، نشأوا في ربوع الوصي، وترعرعوا في كنَف الرسالة، واستلهموا حقائق الإسلام ومبادئه عن جدّهم الأعظم، فكانوا ورَثه علمه، وخزّان حكمته، وحماة شريعته الغرّاء، وخُلفاءه الميامين.

وقد جاهدوا في نصرة الدين وحماية المسلمين، جهاداً منقطع النظير، وفدوا أنفسهم في سبيل اللّه تعالى، حتّى استشهدوا في سبيل العقيدة والمبدأ، لا تأخذهم في اللّه لومةُ لائم، ولا تخدعهم زخارف الحياة.

وكم لهم مِن أيادٍ وحقوق على المسلمين، ينوء القلم بشرحها وتعدادها. بيد أنّي أُشير إليها إشارةً خاطفة، وهي:

١ - معرفتهم:

كما جاء في الحديث المتواتر بين الفريقين، وفي الصحاح المعتبرة، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517