أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت11%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 333424 / تحميل: 11882
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ان علق الامر بزوال علة النهى... إلى غير ذلك (والتحقيق) أنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال فانه قل مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب أو الاباحة أو التبعية، ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه غاية الامر يكون موجبا لاجمالها غير ظاهرة في واحد منها الا بقرينة أخرى كما أشرنا (المبحث الثامن) الحق أن صيغة الامر مطلقا لا دلالة لها على المرة ولا التكرار، فان المنصرف عنها ليس الا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها فلا دلالة لها على أحدهما لا بهيئتها ولا بمادتها، والاكتفاء بالمرة فانما هو

______________________________

(قوله: إن علق النهي بزوال) كما في قوله تعالى: فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين، وقوله تعالى: فإذا تطهرن فأتوهن، وقوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا (قوله: لا مجال للتشبث) اشارة إلى إبطال استدلال بعضهم على مدعاه ببعض موارد الاستعمال كالايات المتقدمة (وحاصله) أن الكلام في المقام في أن وقوع الامر عقيب الحظر هل هو من القرائن العامة التي لا يجوز العدول عن مقتضاها إلا بدليل الموجبة لظهور الصيغة في الاباحة مطلقا أو الوجوب أو رجوع الحكم السابق على النهي أو غير ذلك ؟ والاستعمال لا يدل على شئ من ذلك لامكان استناد الظهور فيه إلى قرينة خاصة غير الوقوع عقيب الحظر فلا يصح الاستناد إليه في اثبات الدعوى (قوله: ومع فرض) يعني لو فرض التجريد عن القرائن الخاصة لم يظهر أن الوقوع عقيب الحظر من القرائن الموجبة لظهور الصيغة في غير الوجوب الذي تكون ظاهرة فيه لولا الوقوع عقيب الحظر (قوله: لاجمالها) وعليه فلا تحمل على الوجوب بناء على وضعها له الا بناء على كون حجية أصالة عدم القرينة من باب التعبد لا من باب حجية الظهور

المرة والتكرار

(قوله: مطلقا) يعنى حيث لا يقيد بمرة أو تكرار (قوله: على المرة والتكرار) سيأتي منه شرحهما (قوله: لا بهيئتها ولا بمادتها) إذ

١٨١

لحصول الامتثال بها في الامر بالطبيعة كما لا يخفى (ثم) لا يذهب عليك أن الاتفاق على أن المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا يدل الا على الماهية - على ما حكاه السكاكي - لا يوجب كون النزاع ههنا في الهيئة - كما في الفصول - فانه غفلة وذهول عن أن كون المصدر كذلك لا يوجب الاتفاق على أن مادة الصيغة لا تدل إلا على الماهية، ضرورة أن المصدر ليس مادة لسائر المشتقات بل هو صيغة مثلها

______________________________

الهيئة موضوعة وضع الحروف للنسبة الخاصة والمادة موضوعة لصرف الماهية لا بشرط، وكل من المرة والتكرار خارج عن مدلولهما (قوله: لحصول الامتثال) إذ الامتثال يحصل بوجود المأمور به فإذا كان المأمور به صرف الطبيعة وكان يتحقق بالمرة كانت امتثالا للامر، ومنه يظهر بطلان استدلال القائل بالمرة بصدق الامتثال بها (قوله: لا يذهب عليك) قال في الفصول: الحق أن هيئة الامر لا دلالة لها على مرة ولا على تكرار... إلى أن قال: وانما حررنا النزاع في الهيئة لنص جماعة عليه، ولان الاكثر حرروا النزاع في الصيغة وهي ظاهرة بل صريحة فيها، ولانه لا كلام في أن المادة وهي المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا تدل الا على الماهية من حيث هي على ما حكى السكاكي وفاقهم عليه... الخ فأشكل عليه المصنف (ره) بان الاتفاق على عدم دلالة المصدر المجرد الا على الماهية لا يدل على كون النزاع في المقام في الهيئة لا في المادة إذ المصدر ليس مادة للمشتقات التي منها صيغة الامر بل هو مشتق مثلها، والمادة هي الامر المشترك بينه وبينها حسبما حققه (أقول): ما في الفصول يرجع إلى أمرين أحدهما أن المصدر مادة للمشتقات وثانيهما ان الاتفاق على عدم دلالته على المرة والتكرار يقتضي الاتفاق على عدم دلالة مادة (افعل) عليه ويكون النزاع في مدلول الهيئة أما الاول فيمكن أن يكون جاريا على المشهور، وأما الثاني فلا غبار عليه لان المصدر إذا لم يدل على المرة والتكرار دل ذلك عدم دلالة مادته عليهما فيصح الاستدلال به على عدم دلالة مادة (افعل) عليهما فيلزم الاتفاق على الاول الاتفاق على الاخير (قوله: غفلة وذهول) قد عرفت أنه في محله (قوله: ضرورة أن)

١٨٢

كيف وقد عرفت في باب المشتق مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى ؟ فكيف بمعناه يكون مادة لها ؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرة أو التكرار في مادتها كما لا يخفى (إن قلت): فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلا في الكلام (قلت): - مع أنه محل الخلاف - معناه أن الذى وضع اولا بالوضع الشخصي ثم بملاحظته وضع نوعيا أو شخصيا ساير الصيغ التى تناسبه مما جمعه معه مادة لفظ متصورة في كل منها ومنه بصورة ومعنى كذلك، هو المصدر أو الفعل فافهم (ثم) المراد بالمرة والتكرار هل هو الدفعة والدفعات أو الفرد والافراد ؟ والتحقيق أن يقعا بكلا المعنيين محل النزاع

______________________________

هذا لا يثبت الاشكال على الفصول إلا من جهة ظهور كلامه في كون المصدر مادة للمشتقات، وقد عرفت إمكان حمله على الاصطلاح المشهوري (قوله: فعليه يمكن) قد عرفت أنه لا يمكن (قوله: مع أنه محل) هذا لا دخل له في دفع السؤال إذ قول الكوفيين: ان الفعل هو الاصل في الاشتقاق أءكد في توجه الاشكال فتأمل (قوله: معناه أن) إذا كان هذا معنى كلامهم فليكن هو معنى كلام الفصول (قوله: جمعه معه) الضمير الاول راجع إلى (ما) التي هي عبارة عن سائر الصيغ والثاني راجع إلى (الذي) ويمكن العكس (قوله: ومعنى) معطوف على قوله: لفظ، يعني ومادة معنى متصورة في كل منها ومنه (قوله: هو المصدر) خبر أن (قوله: أو الفعل فافهم) لعله اشارة إلى وجوب حمل كلامهم على ما ذكر بقرينة دعوى الكوفيين ان الفعل هو الاصل إذ لا يراد منه أن الفعل مادة للمشتقات بالمعنى الحقيقي " ثم " ان الموجود في بعض النسخ الضرب على لفظة: وهو أولى (قوله: الدفعة والدفعات) الفرق بين الدفعة والفرد أن الدفعة تصدق على الافراد المتعددة الموجودة في وقت واحد ولا يصدق عليها أنها فرد واحد، وأن الفرد الموجود تدريجا مثل الكلام الممتد المتصل فرد واحد وليس دفعة فبينهما عموم من وجه كما بين الافراد والدفعات ايضا (قوله: والتحقيق أن يقعا) الذي استظهره في الفصول أن النزاع

١٨٣

وان كان لفظهما ظاهرا في المعنى الاول (وتوهم) أنه لو أريد بالمرة الفرد لكان الانسب بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتي من أن الامر هل يتعلق بالطبيعة أو بالفرد ؟ فيقال عند ذلك: وعلى تقدير تعلقه بالفرد هل يقتضي التعلق بالفرد الواحد أو المتعدد أو لا يقتضي شيئا منهما ؟ ولم يحتج إلى إفراد كل منهما بالبحث - كما فعلوه - وأما لو أريد بها الدفعة فلا علقة بين المسألتين كما لا يخفى (فاسد) لعدم العلقة بينهما لو أريد بها الفرد أيضا فان الطلب - على القول بالطبيعة - إنما يتعلق بها باعتبار وجودها في الخارج ضرورة أن الطبيعة من حيث هي

______________________________

*

فيهما بالمعنى الاول، ونسب إلى القوانين كونه فيهما بالمعنى الثاني، والظاهر ان مراد المصنف (ره) امكان كون النزاع فيهما بالمعنيين لا تحقق النزاع فيهما بهما معا إذ ليس له وجه ظاهر (قوله: وان كان لفظهما) هذا من القرائن التي اعتمد عليها في الفصول لاثبات ما استظهره (قوله: وتوهم انه لو أريد) هذا التوهم للفصول والباعث له عليه ظهور لفظ الفرد المذكور في المسألتين بمعنى واحد وهو ما يقابل الطبيعة (قوله: فاسد لعدم العلقة) حاصله أن المراد بالفرد هنا غير المراد به في تلك المسألة إذ المراد به في تلك المسألة ما يتقوم بالخصوصية المميزة له عن بقية الافراد والمراد به هنا الوجود الواحد للمأمور به فان كان المأمور به هو الطبيعة يقع النزاع في أن صيغة الامر تدل على وجوب وجود واحد للطبيعة أو وجود متعدد لها أو مطلق وجودها فيتأتى النزاع على القول بتعلق الامر بالطبيعة بعين ما يتأتى به على القول بتعلقه بالفرد، والقرينة على إرادة هذا المعنى من الفرد جعله في قبال الدفعة (قوله: باعتبار وجودها) هذا ذكره المصنف (رحمه الله) تمهيدا لتأتي النزاع على القولين لا ردا على الفصول إذ لم يتوهم خلافه في الفصول كما يشهد به دعواه تأتي النزاع على القولين بناء على كون المراد الدفعة إذ لا يخفى أن القائل بالطبيعة لو كان مراده الطبيعة من حيث هي لا معنى لتأتى النزاع في المقام بكل معنى (قوله: ضرورة ان الطبيعة من) قد يقال: الماهية

١٨٤

ليست الا هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة، وبهذا الاعتبار كانت مرددة بين المرة والتكرار بكلا المعنيين فيصح النزاع في دلالة الصيغة على المرة والتكرار بالمعنيين وعدمها، أما بالمعنى الاول فواضح، وأما بالمعنى الثاني فلوضوح أن المراد من الفرد أو الافراد وجود واحد أو وجودات، وإنما عبر بالفرد لان وجود الطبيعة في الخارج هو الفرد غاية الامر خصوصيته وتشخصه - على القول بتعلق الامر بالطبايع - يلازم المطلوب وخارج عنه بخلاف القول بتعلقه بالافراد فانه مما يقومه (تنبيه) لا إشكال - بناء على القول بالمرة - في الامتثال وأنه لا مجال للاتيان بالمأمور به ثانيا على أن يكون أيضا به الامتثال فانه من الامتثال بعد الامتثال (وأما) على المختار من دلالته على طلب الطبيعة من دون دلالة على المرة ولا على التكرار فلا يخلو الحال إما أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان بل في مقام الاهمال أو الاجمال

______________________________

من حيث هي ليست الا هي، ويراد منه معنى أن كل ما هو خارج عنها فليس هو هي لا عينها ولا جزؤها، وبهذا المعنى يقال: الماهية من حيث هي لا موجودة ولا معدومة ولا واحد ولا كثير ولا غيرها، وقد يقال ذلك بمعنى أن الخارج عنها ليس عارضا لها بما هي هي بل بشرط الوجود، ويختص النفي بعوارض الوجود كالكتابة والحركة وبهذا المعنى يقال: الماهية من حيث هي لا كاتبة ولا متحركة ولا لا كاتبة ولا لا متحركة، فان الكتابة لما كانت في الرتبة اللاحقة للوجود كان نقيضها هو العدم في الرتبة اللاحقة له أيضا لوحدة رتبة النقيضين فجاز ارتفاع النقيضين في غير تلك الرتبة وحيث أن الطلب ليس من عوارض الماهية من حيث هي بل بشرط الوجود صح أن يقال: الماهية من حيث هي لا مطلوبة ولا لا مطلوبة فتأمل (قوله: وبهذا الاعتبار) أي اعتبار الوجود (قوله: في الامتثال) يعني يتحقق بالمرة (قوله: من الامتثال بعد الامتثال) يعني وهو ممتنع لان الامتثال فعل المأمور به وبالامتثال الاول يسقط الامر فلا يكون فعله ثانيا امتثالا وسيجئ له

١٨٥

فالمرجع هو الاصل، وإما أن يكون اطلاقها في ذاك المقام فلا اشكال في الاكتفاء بالمرة في الامتثال، وإنما الاشكال في جواز ان لا يقتصر عليها فان لازم اطلاق الطبيعة المأمور بها هو الاتيان بها مرة أو مرارا لا لزوم الاقتصار على المرة كما لا يخفى (والتحقيق) أن قضية الاطلاق انما هو جواز الاتيان بها مرة في ضمن فرد أو افراد فيكون ايجادها في ضمنها نحوا من الامتثال كايجادها في ضمن الواحد لا جواز الاتيان بها مرة ومرات فانه مع الاتيان بها مرة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الامر فيما إذا كان امتثال الامر علة تامة لحصول الغرض الاقصى بحيث يحصل بمجرده فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر أو بداعي أن يكون الاتيانان امتثالا واحدا لما عرفت من حصول الموافقة باتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الامر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا، وأما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض

______________________________

تتمة (قوله: فالمرجع هو الاصل) يعني الاصل العملي فلو تردد الامر بين الطبيعة والتكرار فالاصل البراءة عن وجوب الزائد على المرة مع تعدد الوجود أما مع اتصاله - بناء على تحقق التكرار به - فاستصحاب الوجوب هو المرجع، ولو تردد بين الطبيعة والمرة فلا أثر للشك، ولو تردد بين المرة والتكرار والطبيعة فالحكم كما لو تردد بين الطبيعة والتكرار، وكذا لو تردد بين المرة والتكرار، وربما يختلف الاصل باختلاف تفسير المرة من حيث كونها لا بشرط أو بشرط لا فلاحظ (قوله: في ذاك المقام) أي في مقام البيان (قوله: في الاكتفاء بالمرة) لصدق الطبيعة على المرة (قوله: في جواز ان لا يقتصر) يعني في جواز الاتيان ثانيا بقصد امتثال الامر لا مجرد الاتيان ثانيا بلا قصد الامر فانه لا ريب في جوازه (قوله: أو مرارا) فيجوز الاتيان ثانيا وثالثا بقصد الامتثال (قوله: فرد أو أفراد) يعني افرادا دفعية (قوله: فانه مع الاتيان بها) هذا تعليل لعدم كون مقتضى الاطلاق جواز الاتيان زائدا على المرة، ومرجعه إلى ابداء المانع العقلي عن ثبوت

١٨٦

كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان فرد آخر أحسن منه بل مطلقا كما كان له ذلك قبله على ما يأتي بيانه في الاجزاء (المبحث التاسع) الحق انه لا دلالة للصيغة

______________________________

اطلاق المذكور لان الوجود الاول إذا كان علة تامة لسقوط الغرض كان علة تامة لسقوط الامر ايضا فيمتنع كون الوجود اللاحق موضوعا للامر كي يجوز الاتيان به بقصد امتثال الامر، وإذا امتنع كون الاتيان الثاني موضوعا للامر امتنع ان يكون اطلاق الصيغة شاملا للمرة والمرات " أقول ": يمكن منع الاطلاق المذكور مع قطع النظر عن المانع العقلي وذلك لان اطلاق المادة يقتضي أن يكون المراد بها صرف الوجود الصادق على القليل والكثير وهو لا ينطبق على الوجود اللاحق فانه وجود بعد وجود لا صرف الوجود الذي هو بمعنى خرق العدم فتأمل، وأما المانع الذي ذكره فهو يتوقف على امتناع التخيير بين الاقل والاكثر بكل وجه، وسيأتي الكلام فيه (قوله: كما إذا امر بالماء ليشرب) الغرض من الامر باحضار الماء: تارة يكون مجرد تمكن الآمر من شربه ولا ريب في حصوله بمجرد احضاره، واخرى يكون هو الشرب الفعلي فيشكل الامتثال ثانيا من جهة امتناع بقاء الامر مع حصول موضوعه الذي هو صرف الاحضار، فلا بد اما من الالتزام بأن موضوع الامر ليس مطلق الاحضار بل الاحضار المترتب عليه الشرب، والباعث على هذا الالتزام لزوم المساواة عقلا بين الغرض وموضوع الامر سعة وضيقا لامتناع التفكيك بينهما، وعليه فلا يتعين الاحضار الحاصل لان يكون مأمورا به الا بعد ترتب الغرض عليه، ولازمه ان المكلف في مقام الامتثال انما يأتي بالاحضار الاول رجاء كونه مأمورا به لا بقصد ذلك، وحينئذ فللمكلف الاتيان ثانيا وثالثا بهذا القصد بعينه ولا يكون فرق بين الوجود الاول وبقية الوجودات اللاحقة في كيفية الامتثال لكن لازم ذلك القول بالمقدمة الموصلة، واما من الالتزام بأن الغرض كما يبعث إلى الامر اولا بالاحضار يبعث ثانيا إلى صرف الاحضار المنطبق على بقاء الفرد الاول واحضار فرد آخر إذ لا يتعين للدخل في

١٨٧

لا على الفور ولا على التراخي (نعم) قضية إطلاقها جواز التراخي والدليل عليه تبادر طلب ايجاد الطبيعة منها بلا دلالة على تقيدها باحدهما فلا بد في التقييد من دلالة أخرى كما ادعي دلالة غير واحد من الآيات على الفورية، وفيه منع الضرورة أن سياق آية: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) وكذا آية: (واستبقوا الخيرات) انما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير من دون استتباع تركهما للغضب والشر ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير عنهما أنسب كما لا يخفى " فافهم " مع لزوم كثرة تخصيصه في المستحبات وكثير من الواجبات بل أكثرها فلا بد من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب أو مطلق الطلب ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق وكان ما ورد من الآيات والروايات في مقام البعث نحوه ارشادا إلى ذلك كالآيات والروايات الواردة في البعث على اصل الاطاعة فيكون الامر فيها لما يترتب على المادة بنفسها ولو لم يكن

______________________________

الغرض الفرد الاول بخصوصه بمجرد وجوده بل كما لم يتعين أولا قبل وجوده لم يتعين بعد وجوده، ولازم ذلك الالتزام باوامر طولية بحسب الزمان مادام الغرض باقيا ويكون المراد من بقاء الامر هذا المعنى لا بقاء الامر الشخصي بحدوده لامتناع بقائه بحصول موضوعه فتأمل جيدا.

الفور والتراخى

(قوله: لا على الفور ولا على) كما هو المشهور وعن الشيخ (ره) وجماعة القول بالفور، وعن السيد (ره) الاشتراك بين الفور والتراخي، وعن آخرين التوقف، والتحقيق الاول ويظهر ذلك بملاحظة ما تقدم في المرة والتكرار (قوله: قضية اطلاقها) يعني اطلاق المادة بالاضافة إلى الزمان (قوله: تبادر طلب) يعني ولو كان الوجه في التبادر مقدمات الاطلاق (قوله: ضرورة ان تركهما) يعني أن ظاهر تعليق المسارعة والاستباق بالمغفرة والخير كون تركهما

١٨٨

هناك أمر بها كما هو الشأن في الاوامر الارشادية " فافهم " (تتمة) بناء على القول بالفور فهل قضية الامر الاتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه الاتيان به فورا ايضا في الزمان الثاني أولا ؟ وجهان مبنيان على أن مفاد الصيغة - على هذا القول - هو وحدة المطلوب

______________________________

لا ينافي تحقق المغفرة والخير كما هو الحال في كل فعل متعلق بمفعوله، ولازم ذلك عدم وجوب المسارعة والاستباق والا كان تركهما موجبا للغضب والشر كما هو شأن ترك الواجب وهو خلف، بل كان الانسب حينئذ أن يقال: احذروا من الغضب والشر بالمسارعة والاستباق، لا التعبير بما في الآية، إلا أن يقال: ان الغضب الحاصل بترك المسارعة لا يضاد المغفرة التي هي موضوع المسارعة فوجوب المسارعة لا ينافي كون تركها لا يؤدي إلى الغضب بل إلى المغفرة، وكذا الحال في الآية الاخرى، ولكن هذا لو سلم لا ينافي ظهور السياق فيما ذكره المصنف (ره) فتأمل جيدا (والاولى) أن يقال: المغفرة في الآية الاولى يراد منها سببها وهو الاطاعة وكما يمتنع اخذ الاطاعة قيدا للواجب الشرعي يمتنع أخذ المسارعة إليها كذلك وكما أن الامر بالاطاعة ارشادي كذلك الامر بالمسارعة فيها، مع أن الآية على تقدير دلالتها على وجوب المسارعة لا تدل على تقييد الواجب بالفورية بل هي على خلاف ذلك أدل لان مادة المسارعة إلى الشئ إنما تكون فيما هو موسع كما لا يخفى، وكذا الحال في الآية الاخرى على تقدير كون المراد من الخيرات الخيرات الاخروية كما هو الظاهر، ولعله إلى بعض ما ذكرنا اشار بقوله: فافهم (قوله: الارشادية فافهم) لعله اشارة إلى لزوم الالتزام به لما عرفت، (قوله: فهل قضية الامر) ينبغي ان يجعل الاحتمال ثلاثي الاطراف فيقال: هل ظاهر الامر الاتيان به فورا فلو تركه عصى وسقط الامر أو الاتيان به فورا على نحو لو تركه في الزمان الاول عصى في ترك الفورية وبقي الامر بصرف الطبيعة أو الاتيان به فورا ففورا فلو تركه في الزمان الاول عصى ووجب الاتيان به بعد ذلك

١٨٩

أو تعدده ولا يخفى أنه لو قيل بدلالتها على الفورية لما كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدته أو تعدده فتدبر جيدا

الفصل الثالث

الاتيان بالمأمور به على وجهه يقتضى الاجزاء في الجملة بلا شبهة، وقبل الخوض في تفصيل المقام وبيان النقض والابرام ينبغي تقديم أمور (أحدها) الظاهر ان المراد من (وجهه) في العنوان هو النهج الذى ينبغي أن يؤتى به على ذاك النهج شرعا

______________________________

فورا أيضا... وهكذا، ومبنى الاحتمال الاول ان الفورية في الزمان الاول مقومة لاصل المصلحة فتفوت بفوتها وهذا هو المراد من وحدة المطلوب، ومبنى الثاني ان يكون مصلحتان احداهما قائمة بذات الفعل مطلقا والاخرى قائمة بالفورية في الزمان الاول لا غير، ومبنى الثالث كذلك الا ان مصلحة الفورية ذات مراتب مختلفة يكون ترك الفورية في كل زمان مفوتا لمرتبة من مصلحتها لا لاصلها كما هو مبنى الثاني (قوله: أو تعدده) قد عرفت ان تعدده على نحوين يكونان مبنيين لاحتمالين (قوله: لو قيل بدلالتها على) اما لو كان الدليل على الفورية غير الصيغة فيختلف باختلاف تلك الادلة، وفي المعالم بنى القول بالسقوط على الاستناد لغير الآيتين والقول بعدمه على الاستناد اليهما، ولا يخلو من تأمل ليس هذا محل ذكره والله سبحانه اعلم، ثم انه حيث كان اطلاق يعتمد عليه في نفي الفور والتراخي فلا اشكال واما إذا لم يكن اطلاق كذلك فالمرجع الاصل فلو كان التردد بين الفور والتراخي فالواجب الجمع بين الوظيفتين للعلم الاجمالي بالتكليف باحدهما، ولو كان بين الفور والطبيعة فالمرجع اصل البراءة لو كان وجوب الفورية على نحو تعدد المطلوب ولو كان بنحو وحدة المطلوب فالحكم هو الحكم مع الشك بين الاقل والاكثر، وكذا الحكم لو كان التردد بين الطبيعة والتراخي والله سبحانه أعلم

١٩٠

وعقلا مثل أن يؤتى به بقصد التقرب في العبادة، لا خصوص الكيفية المعتبرة في المأمور به شرعا فانه عليه يكون (على وجهه) قيدا - توضيحيا - وهو بعيد - مع أنه يلزم خروج التعبديات عن حريم النزاع بناء على المختار كما تقدم من ان قصد القربة من كيفيات الاطاعة عقلا لا من قيود المأمور به شرعا، ولا الوجه المعتبر عند بعض الاصحاب فانه - مع عدم اعتباره عند المعظم، وعدم اعتباره عند من اعتبره إلا في خصوص العبادات لا مطلق الواجبات، لا وجه لاختصاصه به بالذكر على تقدير الاعتبار فلا بد من ارادة ما يندرج فيه من المعنى وهو ما ذكرناه كما لا يخفى

______________________________

الكلام في الاجزاء

(قوله: مثل ان يؤتى به) بيان للنهج اللازم عقلا بناء على خروج قصد التقرب عن موضوع الامر (قوله: لا خصوص) معطوف على النهج وفيه تعريض بما قد يظهر من عبارة التقريرات فتأملها (قوله: قيدا توضيحيا) لان ذكر المأمور به يغني عنه ثم إن كون القيد توضيحيا لازم للقائلين بأن قصد التقرب داخل في المأمور به (قوله: مع انه يلزم خروج) إذ لا إشكال في عدم الاجزاء لو كان المأمور به في العبادات فاقدا لقصد التقرب وان كان واجدا لجميع ما يعتبر فيه شرعا (قوله: بناء على المختار) أما على القول بكون قصد التقرب قيدا للمأمور به فهي داخلة في محل النزاع لدخولها في العنوان ويكون عدم الاجزاء مع فقد التقرب لعدم الاتيان بالمأمور به شرعا (قوله: ولا الوجه المعتبر) يعني الوجوب والندب (قوله: عند المعظم) فلا وجه لذكره في العنوان في كلام المعظم إلا أن يكون المقصود من ذكره الاحتياط في ذكر القيود لكنه بعيد (قوله: لا مطلق الواجبات) فلا وجه لاخذه قيدا في دعوى الاجزاء مطلقا (قوله: لاختصاصه) يعني من دون سائر القيود المعتبرة في الاطاعة مثل التقرب والتمييز إلا أن يدعى الاكتفاء به عنهما على بعض

١٩١

(ثانيها) الظاهر ان المراد من الاقتضاء ههنا الاقتضاء بنحو العلية والتأثير لا بنحو الكشف والدلالة، ولذا نسب إلى الاتيان لا إلى الصيغة (ان قلت): هذا إنما يكون كذلك بالنسبة إلى أمره وأما بالنسبة إلى أمر آخر كالاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري أو الظاهرى بالنسبة إلى الامر الواقعي فالنزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما على اعتباره بنحو يفيد الاجزاء أو بنحو آخر لا يفيده (قلت): نعم لكنه لا ينافى كون النزاع فيها كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدم غايته ان العمدة في سبب الاختلاف فيهما انما هو الخلاف في دلالة دليلهما هل انه على نحو يستقل العقل بان الاتيان به موجب للاجزاء ويؤثر فيه وعدم دلالته، ويكون النزاع فيه صغرويا أيضا بخلافه في الاجزاء بالاضافة إلى أمره فانه لا يكون الا كبرويا لو كان هناك نزاع

______________________________

التقادير فتأمل (قوله: المراد من الاقتضاء ههنا) الواقع في القوانين والفصول وغيرهما في تحرير العنوان قولهم: الامر بالشئ هل يقتضي الاجزاء أولا ؟، وحيث أن ظاهر الاقتضاء فيه الكشف والدلالة كما في قولهم: الامر يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي التحريم، نبه المصنف (ره) على ان الاقتضاء في العنوان المذكور في المتن ليس بمعنى الكشف والدلالة بل بمعنى العلية والتأثير كما في قولهم: الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، والوجه في ذلك نسبة الاقتضاء في عنوان المتن إلى الاتيان وفي عنوان غيره إلى الامر وحيث أنه لا معنى لتأثير الامر في الاجزاء وجب حمله على الدلالة يعني يدل الامر على أن موضوعه واف بتمام المصلحة بخلاف الاتيان فان تأثيره في الاجزاء ظاهر إذ لولا كونه علة لحصول الغرض لما كان مامورا به (قوله: هذا إنما يكون) يعني أن حمل الاقتضاء على العلية إنما يصح بالاضافة إلى نفس الامر المتعلق بالماتي فان إجزاءه يلازم سقوط امره لا بالنسبة إلى الامر المتعلق بغيره إذ النزاع في الحقيقة يكون في دلالة الدليل فالاقتضاء فيه بمعنى الدلالة (قوله: نعم) يعني كما ذكرت من أن النزاع في دلالة الدليل (قوله: صغرويا) صورة القياس في المقام هكذا: المأمور به

١٩٢

كما نقل عن بعض (فافهم) (ثالثها) الظاهر ان الاجزاء ههنا بمعناه لغة وهو الكفاية وان كان يختلف ما يكفى عنه فان الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي يكفى فيسقط به التعبد به ثانيا، وبالامر الاضطراري أو الظاهرى الجعلي فيسقط به القضاء لا انه يكون ههنا اصطلاحا بمعنى اسقاط التعبد أو القضاء فانه بعيد جدا

______________________________

*

بالامر الاضطراري مأمور به بالامر الواقعي - ولو تنزيلا - والمامور به بالامر الواقعي يقتضي الاجزاء، ينتج: المأمور به بالامر الاضطراري يقتضي الاجزاء. والنزاع في هذه المسألة بالنسبة إلى الامر الواقعي في الكبرى وبالنسبة إلى الامر الاضطراري في الصغرى بالنسبة إلى الامر الواقعي، وفي الكبرى بالنسبة إلى أمر نفسه والمحكم في الكبرى مطلقا العقل والمحكم في الصغرى الدليل الشرعي فإذا كان الاقتضاء في الكبرى بمعنى العلية كان في النتيجة كذلك، ومنه يظهر أن إثبات الاجزاء في الفعل الاضطراري والظاهري بالنسبة إلى الامر الواقعي يتوقف على إثبات الصغرى والكبرى معا، وفي الفعل الواقعي على اثبات نفس الكبرى لانه عينها (قوله: فافهم) يمكن ان يكون اشارة إلى ان النزاع في مثل هذه الصغرى ليس نزاعا في المسألة الاصولية لان شأن المسائل الاصولية تنقيح الكبريات وأما الصغريات فوضيفة الفقيه، ولذا لم يتعرض في هذا المبحث لصغريات الافعال الاضطرارية والظاهرية تفصيلا فلاحظ (قوله: الظاهر ان الاجزاء) قد تضمنت جملة من العبارات كون الاجزاء له معنيان (احدهما) إسقاط التعبد بالفعل ثانيا (وثانيهما) إسقاط القضاء، وأن المراد هنا أي المعنيين ؟ وقد دفع المصنف (ره) ذلك - تبعا للتقريرات - بان لفظ الاجزاء لم يستعمل في المقام إلا بمعناه اللغوي وهو الكفاية غاية الامر أن ما يكفي عند الماتي به تارة يكون هو التعبد به ثانيا فيكون مسقطا للتعبد به واخرى الامر به قضاء فيكون مسقطا للقضاء لا أن له معنى اصطلاحيا ليتردد في أنه إسقاط التعبد أو إسقاط القضاء (قوله: يكفي فيسقط) يعنى يكفي في حصول الغرض فلا يحتاج إلى التعبد به ثانيا لتحصيله (قوله: فيسقط به) يعنى يكفي أيضا في حصول

١٩٣

(رابعها) الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرة والتكرار لا يكاد يخفى، فان البحث ههنا في ان الاتيان بما هو المأمور به يجزئ عقلا بخلافه في تلك المسألة فانه في تعيين ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها أو بدلالة اخرى (نعم) كان التكرار عملا موافقا لعدم الاجزاء لكنه لا بملاكه، وهكذا الفرق بينها وبين مسألة تبعية القضاء للاداء فان البحث في تلك المسألة في دلالة الصيغة على التبعية وعدمها بخلاف هذه المسألة فانه كما عرفت في ان الاتيان بالمأمور يجزئ عقلا عن اتيانه ثانيا اداء أو

______________________________

*

الغرض فلا يثبت الامر بالقضاء ثم إن إجزاء المأمور به الواقعي لما كان بلحاظ الامر به ناسب التعبير باسقاط التعبد به ثانيا وإجزاء المأمور به بالامر الاضطراري والظاهري لما كان بلحاظ الامر به قضاء ناسب التعبير باسقاط القضاء (قوله: الفرق بين هذه) قد يتوهم أن القول بالمرة قول بالاجزاء والقول بالتكرار قول بعدم الاجزاء (قوله: بما هو المأمور به) يعني بعد الفراغ عن تعيين تمام المأمور به (قوله: فانه في تعيين) وحينئذ فيكون النزاع في الاجزاء مترتبا على النزاع في المرة والتكرار لا أن النزاع فيهما نزاع في الموضوع والنزاع فيه نزاع في الحكم (قوله: بحسب دلالة) يعني فيكون النزاع في أمر لفظي (قوله: عملا) متعلق بقوله: موافقا، يعني هما من حيث العمل سواء لكنه موقوف على أن المراد بالتكرار فعل كل فرد ممكن بعد آخر أما لو كان المراد ما يشمل تكرار الصلاة اليومية وصوم رمضان كما يقتضيه استدلال بعضهم فلا ملازمة بينهما عملا ثم إن هذا بالنسبة إلى أمره أما بالنسبة إلى أمر غيره فلا مجال للتوهم ولا للموافقة عملا (قوله: لا بملاكه) إذ ملاك عدم الاجزاء عدم وفاء المأمور به بالغرض المقصود منه وملاك التكرار عدم حصول تمام المأمور به (قوله: وهكذا الفرق) يعني قد يتوهم أن القول بعدم الاجزاء عين القول بتبعية القضاء للاداء، والقول بالاجزاء قول بعدم تبعية القضاء للاداء (قوله: فان البحث حينئذ) يعني أن البحث في تبعية القضاء للاداء بحث في ان الامر بشئ في وقت

١٩٤

قضاء أولا يجزئ فلا علقة بين المسألة والمسئلتين اصلا (إذا) عرفت هذه الامور فتحقيق المقام يستدعي البحث والكلام في موضعين (الاول) أن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي بل بالامر الاضطراري أو الظاهري أيضا يجزئ عن التعبد به ثانيا، لاستقلال العقل بانه لا مجال مع موافقة الامر باتيان المأمور به على وجهه لاقتضائه التعبد به ثانيا. نعم لا يبعد ان يقال بأنه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبد به ثانيا بدلا عن التعبد به أولا لا منضما إليه كما اشرنا إليه في المسألة السابقة، وذلك فيما علم ان مجرد امتثاله لا يكون علة تامة لحصول الغرض وان كان وافيا به لو اكتفى

______________________________

*

هل يدل على لزوم فعله في خارج الوقت على تقدير عدم الاتيان به في الوقت بحيث يرجع إلى الامر به مطلقا لكونه في الوقت أولا يدل ؟ فيكون النزاع في تعيين المأمور به من حيث دلالة الامر، وأين هو من النزاع في المسألة ؟ (قوله: فلا علقة بين) أولا من جهة أن إحداهما متضمنة لتعيين نفس المأمور به والاخرى متضمنة لتعيين مقتضاه (وثانيا) من جهة أن النزاع في إحداهما لفظي وفى الاخرى عقلي " وثالثا " من جهة ان القول بعدم الاجزاء انما في ظرف الاتيان بالمأمور به والقول بالتبعية انما هو في ظرف عدم الاتيان به (قوله: بالامر الاضطراري) يعني بالاضافة إلى أمره (قوله: أو الظاهري) يعني بالاضافة إلى أمره (قوله: لاستقلال العقل بأنه) قد عرفت أن الامر الحقيقي لابد ان يكون حاكيا عن الارادة وأن الارادة حدوثا وبقاء تتوقف على العلم بالمصلحة المعبر عنها بالداعي تارة وبالغرض أخرى فالماتي به في الخارج إما أن لا يترتب عليه الغرض فلا يكون مامورا به فهو خلف أو يترتب عليه الغرض فبقاء الامر حينئذ إن كان بلا غرض فهو مستحيل كما عرفت وان كان عن غرض آخر غير الغرض الحاصل من الماتي به أولا فيلزمه أن يكون المأمور به فردين في الخارج يترتب على كل منهما غرض خاص فيكون الامر منحلا إلى أمرين يسقط كل منهما بالاتيان بمتعلقه وهو عين الاجزاء المدعى غاية الامر أنه لا يكون فعل أحدهما مسقطا لامر الآخر ومجزئا عنه ولكنه غير محل الكلام إذ الكلام - كما عرفت - في أن فعل المأمور به مجزئ عن الامر به ثانيا (قوله: لا منضما إليه)

١٩٥

به كما إذا اتى بماء امر به مولاه ليشربه فلم يشربه بعد فان الامر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ولذا لو اهرق الماء واطلع عليه العبد وجب عليه اتيانه ثانيا كما لم يأت به أولا ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه والا لما اوجب حدوثه فحينئذ يكون له الاتيان بماء آخر موافق للامر كما كان له قبل اتيانه الاول بدلا عنه. نعم فيما كان الاتيان علة تامة لحصول الغرض فلا يبقى موقع التبديل كما إذا أمر باهراق الماء في فمه لرفع عطشه فاهرقه، بل لو لم يعلم أنه من أي القبيل فله التبديل باحتمال ان لا يكون علة فله إليه السبيل، ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما ورد من الروايات في باب اعادة من صلى فرادى جماعة وان الله تعالى يختار احبهما إليه (الموضع الثاني) وفيه مقامان (المقام الاول) في ان الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري هل يجزئ عن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي ثانيا بعد رفع الاضطرار في الوقت اعادة وفى خارجه قضاء أولا يجزئ ؟ تحقيق الكلام فيه يستدعي التكلم فيه (تارة) في بيان ما يمكن ان يقع عليه الامر الاضطراري من الانحاء وبيان ما هو قضية كل منها من الاجزاء وعدمه (وأخرى) في تعيين ما وقع عليه فاعلم انه يمكن

______________________________

*

قد يمكن أن يكون منضما إليه كما في الافراد الدفعية التى تكون امتثالا واحدا لعدم المرجح. فتأمل (قوله: وجب عليه) يعني بعين وجوبه أولا كما تقدم الكلام فيه (قوله: بدلا عنه) قد عرفت أنه يمكن أن يكون منضما إليه (قوله: فلا يبقى موقع) إذ الثاني مما يعلم بعدم ترتب الاثر عليه (قوله: ما ورد من الروايات) كرواية أبي بصير قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أصلي ثم أدخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت فقال (عليه السلام): صل معهم يختار الله أحبهما إليه، ورواية هشام عنه (عليه السلام): في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال (عليه السلام): يصلي معهم ويجعلها الفريضة انشاء الله، ونحوها رواية حفص، وفي مرسلة الصدوق: يحسب له أفضلهما وأتمهما

١٩٦

ان يكون التكليف الاضطراري في حال الاضطرار كالتكليف الاختياري في حال الاختيار وافيا بتمام المصلحة وكافيا فيما هو المهم والغرض ويمكن ان لا يكون وافيا به كذلك بل يبقى منه شئ امكن استيفاؤه أو لا يمكن، وما أمكن كان بمقدار يجب تداركه أو يكون بمقدار يستحب، ولا يخفى انه ان كان وافيا به فيجزئ فلا يبقى مجال اصلا للتدارك لا قضاء ولا اعادة، وكذا لو لم يكن وافيا ولكن لا يمكن تداركه ولا يكاد يسوغ له البدار في هذه الصورة الا لمصلحة كانت فيه لما فيه من نقض الغرض وتفويت مقدار من المصلحة لولا مراعاة ما هو فيه من الاهم فافهم

______________________________

الامر الاضطراري

(قوله: ان يكون التكليف) يعني موضوعه (قوله: كالتكليف الاختياري) يعني كموضوعه (قوله: وما أمكن كان) يعني أن المقدار الباقي من المصلحة الذي يمكن استيفاؤه قسمان فانه تارة يكون واجب التدارك وأخرى يكون مستحب التدارك (أقول): ما لا يمكن استيفاؤه ايضا قسمان تارة يكون محرم التفويت وأخرى لا يكون كذلك فالاقسام خمسة وإنما لم يتعرض للقسمين المذكورين لعدم اختلافهما في الاجزاء وإن كانا يختلفان في جواز البدار وعدمه (قوله: ولا يخفى) شروع في حكم الاقسام من حيث الاجزاء (قوله: اصلا للتدارك) لان التدارك إنما يكون في ظرف الفوت والمفروض عدمه (قوله: ولا يكاد يسوغ) يعني حيث يكون الفائت مما يحرم تفويته أما إذا لم يكن فلا تحريم للبدار كما أن نسبة التحريم إلى البدار لا تخلو من مسامحة إذ المحرم هو تفويت ذلك المقدار والبدار ليس تفويتا ولا مقدمة له وإنما هو ملازم له فلا ينسب إليه التحريم إلا بالعرض والمجاز ولذا لم تفسد العبادة، ولعله إلى هذا اشار بقوله: فافهم (قوله: إلا لمصلحة) يعني إذا كانت مصلحة في البدار تصلح لمزاحمة المقدار الفائت لم يحرم التفويت الملازم للبدار حينئذ (قوله: لما فيه من)

١٩٧

(لا يقال): عليه فلا مجال لتشريعه ولو بشرط الانتظار لامكان استيفاء الغرض بالقضاء (فانه يقال): هذا كذلك لولا المزاحمة بمصلحة الوقت، وأما تسويغ البدار أو ايجاب الانتظار في الصورة الاولى فيدور مدار كون العمل بمجرد الاضطرار مطلقا أو بشرط الانتظار أو مع اليأس عن طرؤ الاختيار ذا مصلحة ووافيا بالغرض، وان لم يكن وافيا وقد امكن تدارك الباقي في الوقت أو مطلقا ولو بالقضاء خارج

______________________________

تعليل لعدم جواز البدار لكن عرفت أن البدار لا تفويت فيه لغرض المولى وإنما هو يلازم التفويت (قوله: فلا مجال لتشريعه) يعني إذا كان البدل الاضطراري غير واف بمصلحة المبدل الاختياري كيف جاز تشريعه ولو في آخر الوقت ؟ لان في تشريعه تفويتا للمصلحة (قوله: هذا كذلك) (أقول): تشريع الاضطراري إنما جاز لاشتماله على المصلحة مع عدم كونه مقدمة للتفويت فالمنع عن تشريعه غير ظاهر الوجه الا ان يكون المراد من تشريعه الامر بفعله في الوقت أو الاذن كذلك الملازمين للاذن في التفويت (قوله: لولا المزاحمة) يعنى انما يكون تفويت التشريع ممنوعا عنه حيث يؤدي إلى تفويت المصلحة مع عدم مزاحمتها بمصلحة أخرى وإلا فلو فرض كون خصوصية الفعل في الوقت مشتملة على مصلحة تزاحم المقدار الفائت لم يكن مانع عن تشريعه كما تقدم مثل ذلك في جواز البدار ثم إنه حيث كان في خصوصية الوقت مصلحة يتدارك بها ما يفوت جاز البدار أول الوقت إذا علم الاضطرار في تمام الوقت ولا موجب للانتظار فتأمل (قوله: في الصورة الاولى) وهي ما كان الاضطراري فيها وافيا بتمام المصلحة (قوله: الاضطرار مطلقا) وعليه يجوز البدار مطلقا (قوله: أو بشرط الانتظار) وعليه فلا يجوز البدار (قوله: أو مع اليأس) فلا يجوز البدار الا مع اليأس ثم إن هذه الاقسام لا تختص بالصورة الاولى بل تجري في الثانية أيضا إذ قد تكون خصوصية الوقت مطلقا ذات مصلحة تزاحم المقدار الفائت. وقد تكون بشرط الانتظار، وقد تكون بشرط اليأس وقد يكون بغير ذلك فيتبع كلا حكمه (قوله: وان لم يكن وافيا)

١٩٨

الوقت فان كان الباقي مما يجب تداركه فلا يجزئ فلا بد من ايجاب الاعادة أو القضاء وإلا فاستحبابه ولا مانع عن البدار في الصورتين غاية الامر يتخير في الصورة الاولى بين البدار والاتيان بعملين العمل الاضطراري في هذا الحال والعمل الاختياري بعد رفع الاضطرار أو الانتظار والاقتصار باتيان ما هو تكليف المختار، وفي الصورة الثانية يتعين عليه استحباب البدار واعادته بعد طروء الاختيار. هذا كله فيما يمكن أن يقع عليه الاضطراري من الانحاء، وأما ما وقع عليه فظاهر إطلاق دليله مثل قوله تعالى: (فان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) وقوله (عليه السلام): (التراب أحد الطهورين ويكفيك عشر سنين) هو الاجزاء وعدم وجوب الاعادة أو القضاء ولا بد في ايجاب الاتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص (وبالجملة):

______________________________

*

معطوف على قوله: إن كان وافيا (قوله: فلا بد من ايجاب) لاجل تدارك الباقي (قوله: والا فاستحبابه) الظاهر أن أصل العبارة: والا فيجزئ، بمعنى عدم وجوب الاعادة والقضاء وان كان يستحب (قوله: ولا مانع عن) إذ لا تفويت فيهما (قوله: في الصورة الاولى) وهي ما يكون الباقي فيها مما يجب تداركه (قوله: وفى الصورة الثانية) وهي ما كان الباقي فيها مما يستحب تداركه (قوله: استحباب البدار) هذا الاستحباب بنحو الكلية غير ظاهر الوجه إلا أن يستند فيه إلى مثل آيتي المسارعة والاستباق فتأمل (قوله: وأما ما وقع عليه) التعرض لذلك ينبغي أن يكون في الفقه لا هنا إذ ليس لدليله ضابطة كلية فقد يختلف الدليل باختلاف قرينة الحال أو المقال من حيث الدلالة على الوفاء وعدمه وكأن مقصود المصنف (ره) الاشارة إلى ما يكون كالانموذج لادلة البدل الاضطراري (قوله: هو الاجزاء) أما اقصاء ما كان بلسان البدلية مثل: أحد الطهورين، ونحوه فظاهر، فان اطلاق البدلية يقتضي قيام البدل مقام المبدل منه بلحاظ جميع الآثار والخواص فلا بد من أن يفى بما يفي به المبدل من المصلحة بمرتبتها ويترتب عليه الاجزاء " فان قوله ": هذا الاطلاق

١٩٩

وان كان ثابتا الا انه معارض باطلاق دليل المبدل منه فانه يقتضي تعينه في جميع الاحوال ولازمه وجوب حفظ القدرة عليه الكاشف عن عدم وفاء البدل بمصلحته والا جاز تفويت القدرة عليه، وكما يمكن الجمع بينهما برفع اليد عن اطلاق دليل المبدل فيحمل على تعينه في ظرف القدرة عليه جاز رفع اليد عن اطلاق دليل البدل فيحمل على وفائه ببعض مراتب المصلحة التي يفي بها المبدل واذ لا مرجح يرجع إلى الاصل ويسقط الاطلاق عن المرجعية " قلت ": نسبة دليل البدل إلى دليل المبدل منه نسبة الحاكم إلى المحكوم لانه ناظر إليه موسع لموضوعه فيجب تقديمه عليه وجوب تقديم الحاكم على المحكوم. هذا كله بالنظر إلى طبع الكلام نفسه أما بملاحظة كون البدلية في حال الاضطرار فلا يبعد كون مقتضى الجمع العرفي كون البدل من قبيل الميسور للتام ولاجل ذلك نقول: لا يجوز تعجيز النفس اختيارا لانه تفويت للتام، فتأمل جيدا. وأما ما كان بلسان الامر فقد يشكل اطلاقه المقتضي للاجزاء إذ الامر انما يدل على وفاء موضوعه بمصلحة مصححة للامر به أما أنها عين مصلحة المبدل أو بعضها فلا يدل عليه الامر ولا يصلح لنفي وجوب الاعادة أو القضاء. نعم لو كان المتكلم في مقام بيان تمام ما له دخل في حصول الغرض المترتب على الاختياري مع عدم الامر بالاعادة أو القضاء أمكن الحكم بالاجزاء حينئذ اعتمادا على هذا الاطلاق المقامي المقدم على اطلاق دليل المبدل للحكومة، أو كون الامر واردا مورد جعل البدل فيجري فيه ما تقدم، اللهم إلا أن يقال: دليل المبدل ظاهر في التعيين في حال التمكن وعدمه ودليل البدل ظاهر في تعينه في حال عدم التمكن من المبدل وهما متنافيان للعلم بعدم تعينهما معا فيدور الامر (بين) رفع اليد عن ظهور دليل البدل في التعيين ودليل المبدل فيه بالاضافة إلى بعض مراتب المصلحة ولازمه الحكم بتعين المبدل في تحصيل تمام مرتبة الغرض والتخيير بينه وبين البدل في تحصيل بعضها ويترتب عليه عدم الاجزاء (وبين) رفع اليد عن اطلاق دليل المبدل بالاضافة إلى حالتي التمكن وعدمه وحيث أن الثاني أقرب يكون هو المتعين ولازم ذلك اشتراط وجوب المبدل بحال التمكن فيترتب

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

فعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه )(١).

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( مَن طلب الرزق في الدنيا، استعفافاً عن الناس، وسعياً على أهله، وتعطّفاً على جاره لقيَ اللّه عزّ وجل يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر )(٢).

٢ - حسن العشرة:

والزوجة أنيسة الرجل، و شريكة حياته، تشاطره السرّاء والضرّاء، وتواسيه في الأفراح والأحزان، وتنفرد بجهود شاقّة مُضنية مِن تدبير المنزل، ورعاية الأُسرة، ووظائف الأُمومة. فعلى الرجل أنْ يُحسن عشرتها، ويسوسها بالرفق والمداراة، تلطيفاً لمشاعرها، ومكافأةً لها على جهودها، وذلك ممّا يسلّيها، ويخفّف متاعبها، ويضاعف حبّها وإخلاصها لزوجها.

وقد يستبدّ الصلَف والغرور ببعض الأزواج، فيحسبون أنّ قوّة الشخصيّة وسِمات الرجولة لا تبرز فيهم إلاّ بالتحكّم بالزوجة، والتجهّم لها، والتطاول عليها بالإهانة والتحقير. وتلك خلال مقيتة، تنمّ عن شخصيّةٍ هزيلةٍ معقّدة، تعكّر صفو الحياة الزوجيّة، وتنغّص الهناء العائلي.

والمرأة بحكم عواطفها ووظائفها، مرهفة الإحساس، سريعة التأثّر،

_____________________

(١) الوافي ج ١٠ ص ١٨، عن الكافي والفقيه.

(٢) الوافي ج ١٠ ص ١٨، عن الكافي والتهذيب.

٣٨١

قد تسيء إلى زوجها بكلمةٍ نابية، أو تقريعٍ جارح، صادرين عن ثورةٍ نفسيّة، وهِياج عاطفيّ. فعلى الرجل أنْ يضبط أعصابه، ويُقابل إساءتها بحُسن التسامح والإغضاء، لتسير سفينة الأُسرة آمنةً مطمئنّة، في محيط الحياة، لا تزعزعها عواصف النفرة والخلاف.

فعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما مثَل المرأة مثَل الضلع المعوَج، إنْ تركته انتفعت به، وإنْ أقمته كسرته )(١).

فإذا تمادت المرأة في عِصيان زوجها وتمرّدها عليه، فعليه أنْ يتدرّج في علاجها وتأديبها، بالنصح والإرشاد، فإنْ لم يجْدِها ذلك أعرَض عنها، واعتزال مضاجعتها، فإنْ لم يجْدِها ذلك ضرَبها ضرباً تأديبياًّ، مُبرّءاً مِن القسوة، والتشفّي الحاقد:( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) ( النساء:٣٤ ).

٣ - الحماية:

والزوج بحكم قوامته على الزوجة، ورعايته لها، مسؤولٌ عن حمايتها وصيانتها عمّا يسيئها ويضرّها أدبيّاً ومادّياً، وعليه أنْ يكون غيوراً عليها، صائنا لها ممّا يشوّه سُمعتها، ويثلب كرامتها من التخلّع والاختلاط المُريب، ومعاشرة المريبات مِن النساء.

_____________________

(١) الوافي ج ١٢ ص ١٢٠، عن الكافي.

٣٨٢

وما أسوأ الذين يزجّون أزواجهم في الندَوات الخليطة، والحفَلات الداعرة، يخالِطنَ ويراقصن مَن شِئن مِن الرجال، متعامين عن أضرار ذلك الاختلاط، وأخطاره الدينيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة، التي تُهدّد كيان الأُسرة، وتنذرها بالتبعثر والانحلال.

وعلى المرء أنْ يحمي زوجه وأُسرته مِن دسائس الغزو الفكري، ودعاياته المُضلّلة، التي انخدع بها أغرار المسلمين، نساءً ورجالاً، وتلقّفوها تلقّف الببغاء، دونما وعيٍ وتمحيص في واقعها وأهدافها، وذلك بتعليمهم أُصول الدين الإسلامي ومفاهيمه حسب مستواهم الثقافي والفكري، تحصيناً لهم مِن تلك الدسائس والشرور.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم:٦ )

* * *

الحقوق المزيّفة

وتمخّض العصر الحديث عن ضلالات ومبادئ غزت الشرق الإسلامي، وسمّمت أفكاره ومشاعره. وكان ذلك بتخطيط وكيد من أعداء الإسلام، لإطفاء نوره الوهّاج.

واستجاب الأغرار والبلهاء لتلك المفاهيم الوافدة، المناقضة لدينهم وشريعتهم، وطفَقوا يحاكونها، وينادون بها كأنّها مِن

٣٨٣

صميم مبادئهم. وانطمست تلك الصورة الإسلاميّة التي كانت بالأمس القريب تشعّ بالجمال والنور والمثاليّة، وخلّفتها صورٌ مسيخةٌ شوهاء يستبشعها الضمير المسلم، ويستنكرها واقع الإسلام، وغدا يستشعر الغُربة والوحشة في ربوعه وبين أتباعه ومعتنقيه. وراحت المفاهيم الجاهليّة الأُولى تحتلّ مواقعها مِن مشاعر المسلمين وضمائرهم، لتحيلها قفراً يباباً مِن قِيَم الإسلام ومُثله الرفيعة.

وانطلقت حناجر، وصرّت أقلام أجيرة، تُطالب بالمزيد مِن تلك الأعراف الجاهليّة، لتشيع مفاهيمها الدارسة من جديد، في المحيط الإسلامي، وعلى حساب المرأة المسلمة، والتغاير على حقوقها وتحريرها ومساواتها بالرجل، ونحو ذلك مِن صور الدعايات المُدجلة.

١ - السفور:

لقد عزّ على دعاة التحرر أن يروا المرأة المسلمة محصنة بالصون والحجاب، عصية الطلب، بعيدة المنال. فأغروها بالسفور والتبرج، ليستزلوها من علياء برجها وخدرها. واستجابت المرأة لتلك الدعوة الماكرة وراحت تُنظي حجابها وتبرز جمالها ومفاتنها، تستهوي العيون والقلوب، دونما تحرج او استحياء.

وما خدعت المرأة المسلمة وغرّر بها في تاريخها المديد بمثل ذلك الخُداع والتلبيس، متجاهلة عمّا يترصدها مِن جراء ذلك من الأخطار والمزالق.

٣٨٤

ليس الحِجاب كما يصوّره المتحلّلون تخلّفاً ورجعيّة، وإنّما هو حشمة وحصانة، تصون المرأة من التبذّل والإسفاف، ويقيها تلصّص الغواة والداعرين، وتجنّبها مزالق الفِتَن والشرور.

وحسب المسلمين ان يعتبروا بما أصاب الأُمم الغربيّة مِن ويلات السفور والتبرّج، واختلاط الجنسين، ما جعلها في وضعٍ سيّئ وحالةٍ مزرية، من التسيّب الخُلقي، وغدَت تعاني ألوان المآسي الأخلاقيّة والصحّية والاجتماعيّة

الأضرار الخُلقيّة:

لقد أحدَث التبرّج والاختلاط في الأوساط الغربيّة مضاعفات أخلاقيّة خطيرة، تثير الفزع والتقزّز، فأصبحوا لا يستنكرون الرذائل الجنسيّة، ولا يستحيون مِن آثامها ومعائبها، وراح الوباء الخُلقي يجتاحهم ويفتك بهم فتكاً ذريعاً، حتّى انطلقت صيحات الغيارى منهم معلنةً بالتذمّر والاستنكار، ومُنذرةً بالخطر الرهيب.

فقد صوّر( بول بيودر ) انهيار الأخلاق في بلاده حيث قال: ( لم يعد الآن مِن الغريب الشاذ وجود العلاقات الجنسيّة بين الأقارب في النسَب، كالأب والبنت، والأخ والأُخت في بعض الأقاليم الفرنسيّة، وفي النواحي المزدحمة في المدن ).

وجاء في تقرير ( اللجنة الأربعة عشريّة ) المعنيّة بالفحص عن مكامن الفجور: ( إنّ كلّ ما يوجد في البلاد الأمريكيّة مِن المراقص والنوادي

٣٨٥

الليليّة، ومجالي الزينة، وأماكن التدريم، وحجرات التدليك، ومراكز تمويج الشعر، قد أصبح جُلّها مواطن للفجور ودوراً للبغاء، بل هي أقبح منها وأشنع، لما يُرتكب فيها مِن الرذائل التي لا تصلح للذكر ).

وممّا يُخمّنه القاضي:( لندسي ) الأمريكي: ( أنّ خمساً وأربعين في المِئة مِن فتَيات المدارس يدنّسن أعراضهنّ قبل خروجهن منها، وترتفع هذه النسبة كثيراً في مراحل التعليم التالية ).

وقال( جورج رائيلي اسكات ) في كتابه( تاريخ الفحشاء ) وهو يشير إلى حالة بلاده في الغالب: ( وقد بلغ عدد هؤلاء العاهرات غير المحترفات في هذه الأيام مبلغاً لم يعهد قط فيما قبل، فهؤلاء يوجدن في كل طبقة من طبقات المجتمع من الدنيا والعليا.... وقد أصبح تعاطي الفجور وعدم التصوّن بل اتّخاذ الأطوار السوقيّة، معدوداً عند فتاة العصر، من أساليب العيش المُستجدّة ).

وقد سرت عدوى هذا التفسّخ الخُلقي إلى الصبية والصبايا مِن أولئك الأقوام، لتأثّرهم بالمحيط الفاسد والمثيرات الجنسيّة.

يقول الدكتور( راديت هوكو ) في كتابه( القوانين الجنسيّة ): ( إنّه ليس مِن الغريب الشاذّ حتّى في الطبَقات المُثقّفة المُترفة، أنّ بنات سبع أو ثماني سنين منهم، يخادن لداتهن من الصبية، وربّما تلوّثن معهم بالفاحشة ).

وقد جاء في تقرير طبيب مِن مدينة( بالتي مور ) : ( أنّه قد رفع إلى المحاكم في تلك المدينة أكثر مِن ألف مرافعة في مدّة سنة واحدة، كلّها

٣٨٦

في ارتكاب الفاحشة مَع صبايا دون الثانية عشرة من العمر ).

ولم تقف الفوضى الخُلقيّة عند هذا الدرك السافل، فقد تفاقمت حتّى أصبحت العلاقات الجنسيّة الطبيعيّة... لا تشبع نهَمَهم الجنسي، فراحوا يتمرّغون في مقاذر الشذوذ الجنسي وانحرافاته النكراء. وعاد مِن المألوف لديهم أنْ يتزوج الفتى فتىً مثله، بتشجيع من القانون، ومرأى ومسمَع من الناس، وهُم يُباركون هذا العرس !!

ويقول الدكتور( هوكر ): ( إنّه لا تزال تحدث في مثل هذه المدارس والكلّيات ودور التربية للممرّضات، والمدارس الدينيّة، مِن تسافح الوالدين من الجنس الواحد فيما بينهما، وقد تلاشى أو كاد... ميلهم الطبيعي إلى الجنس المُخالف ).

والآن فلنساءل الببغاوات مِن دُعاة التحرّر والتبرّج، أهذا الذي ينشدونه لأنفسهم وأُمّتهم الإسلامية... أم أنّهم لا يفقهون ما ينادون به ويدعون إليه ؟

إنّ كلّ داعية إلى التبرّج والاختلاط هو بلا ريب، معول هدّام، في كيان المجتمع الإسلامي، ورائد شر ودعارة لأُمته وبلاده.

( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( النور: ١٩ ).

* * *

٣٨٧

الأضرار الصحيّة:

وكان من الطبيعي لأُمّةٍ شاع فيها الفساد، وتلاشت فيها قِيَم الدين والأخلاق، أنْ تُعاني نتائج شذوذها وتفسّخها، فتنهار صحّتها كما انهارت أخلاقها مِن قبل.

وهذا ما حدَث فعلاً في الأوساط الغربيّة، حيث استهدفتها الأمراض الزهريّة، وكبّدتها خسائر فادحة في الأرواح والأموال، وجاءت تقارير أطّباء الغرب معلنةً أبعاد تلك الأمراض ومآسيها الخطيرة في أرقى تلك الأُمَم وأكثرها تشدّقاً بالحضارة والمدنيّة.

قال الدكتور الفرنسي( ليريد ): ( إنّه يموت في فرنسا ثلاثون ألف نسَمة بالزهريّ، وما يتّبعها مِن الأمراض الكثيرة في كلّ سنة. وهذا المرض هو أفتك الأمراض بالأُمّة الفرنسيّة بعد حُمّى الدق ).

وجاء في دائرة المعارف البريطانيّة ج ٢٣ ص ٤٥: ( إنّه يُعالج في المستشفيات الرسميّة هناك ( أي القطر الأمريكي ) مِئتا ألف مريض بالزهري ومِئة وستّون ألف مصاب بالسَيَلان البنّي في كلّ سنة بالمعدل. وقد اختصّ بهذه الأمراض الجنسيّة وحدها ستّمِئة وخمسون مستشفى، على أنّه يفوق هذه المستشفيات الرسميّة نتاج الأطبّاء غير الرسميّين الذين يراجعهم ١٦% مِن مرضى الزهري و ٨٩% مِن مرضى السيَلان ).

وجاء في كتاب القوانين الجنسيّة:

٣٨٨

إنّه ( يموت في أمريكا ما بين ثلاثين وأربعين ألف طفل بمرض الزهري الموروث وحده، في كلّ سنة. وإنّ الوفيّات التي تقَع بسبب جميع الأمراض - عدا السلّ - يربو عليها جملة عدد الوفيات الواقعة مِن مرض الزهري وحده ).

وكلّ هذه الخسائر والمآسي تدفعها الأُمم الغربية الداعرة... ضريبة من صحتها وحياتها جزاءً وفاقاً، على تفسّخها وتمرّغها في مقاذر الجِنس ومباءته.

الأضرار الاجتماعيّة:

وكان حتماً مقضيّاً على تلك الأُمم المُتحلّلة أنْ تُعاني - إلى جانب خسائرها الأخلاقيّة والصحيّة - عللاً اجتماعيّة خطيرة.

فقد جنت على حياتها الأسرية والاجتماعيّة، بإغفالها مبادئ العفّة والوفاء، واستهتارها بشرائط الزوجيّة الصالحة. وطفَق الزوجان منهم يهيمان في متاهات الغواية والفساد، تنطلق الزوجة خليعة متجمّلة بأبهى مظاهر الجمال، وبواعث الفتنة والإغراء، وينطلق الزوج هائماً في مراتع التبذّل والإسفاف، وسرعان ما ينزلق هذا أو تلك في مهاوي الرذيلة، حينما تستهوي بهما شخصيّةً جذّابة أروع جمالاً وأشدّ إغراءً مِن شريك حياته، فيزورُّ عنه طالباً صيداً جديداً، ومتعةً جديدة، بين فتيان الهوى وفتياته السائحات. فتزعزع بذلك كيان الأُسرة، وانفَرَط عقدها، ووَهَت

٣٨٩

العلائق الزوجيّة، وغدَت تنفصم لأتفه الأسباب، كما شهِدت بذلك تقارير الخُبَراء.

وقد كتب القاضي( لندسي ) في بلدة( دنور ) سنة ١٩٢٢:

( أعقَب كلّ زواج تفريق بين الزوجين، وبإزاء كل زواجين عرضت على المحكمة قضيّة الطلاق. وهذه الحال لا تقتصر على بلدة دنور، بل الحقّ أنّ جميع البلدان الأمريكيّة على وجه التقريب تماثلها في ذلك قليلاً أو كثيراً ).

ويمضي في كتابته فيقول: ( إنّ حوادث الطلاق والتفريق بين الزوجين لا تزال تكثر وتزداد، وإنْ اطردت الحال على هذا - كما هو المرجو - فلا بدّ أنْ تكون قضايا الطلاق المرفوعة إلى المحاكم في معظم نواحي القطر على قدَر ما يمنح فيها مِن الامتيازات للزواج ).

وهكذا توالت على الأُمَم الغربيّة أعراض الشذوذ واختلاطاته المقيتة فقد زهَد الكثيرون منهم في الحياة الزوجيّة، وآثروا العزوبة إشباعاً لهَوَسهم الجنسي وتحرّراً مِن قيود الزواج وتكاليفه.

فقد جاء في مقال نشرته جريدة( بدترويت ) :

( إنّ ما قد نشأ بيننا اليوم من قلّة الزواج، وكثرة الطلاق، وتفاحش العلاقات غير المشروعة بين الرجال والنساء، يدلّ كلّه على أنّنا راجعون القهقرى غلى البهيميّة. فالرغبة الطبيعيّة في النسل إلى التلاشي، والجيل المولود ملقى حبله على غاربه، والشعور بكون تعمير الأُسرة والبيت لازماً لبقاء المدنيّة، والحكم المستقل يكاد ينتفي مِن النفوس، وبخلاف ذلك أصبح

٣٩٠

الناس ينشأ فيهم الإغفال عن مآل المدنيّة والحكومة وعدم النصح لهما ).

ولو تحرّينا مردّ تلك المآسي التي اجتاحت الغرب لرأيناه ماثلاً في التبرّج والخلاعة والاختلاط، وشيوع المثيرات الجنسيّة، كالأفلام الداعرة والقصص الخلاعيّة والأغاني المخنّثة، التي مسخت القِيَم الأخلاقيّة وأشاعت الإسفاف والتهتّك في المجتمع الغربي، كما شهِد بذلك القوم أنفسهم.

وقد كتب( أميل بوريسي ) في تقريره الذي قدمّه إلى الجلَسة العامّة الثانية لرابطة منع الفواحش:

( هذه الفوتوغرافات الداعرة المتهتّكة تصيب أحاسيس الناس بأشدّ ما يُمكن من الهيَجان والاختلال، وتحثّ مشتريها البؤساء على المعاصي والإجرام التي تقشعرّ من تصوّرها الجلود. وإنّ أثرها السيّئ المُهلِك في الفتية والفَتَيات لَمِمّا يَعجز عنه البيان. فكثير مِن المدارس والكلّيات قد خربت حالتها الخلقيّة والصحيّة لتأثير هذه الصور المهيّجة، ولا يمكن أنْ يكون للفَتَيات على الأخصّ شيءٌ أضرّ وأفتَك مِن هذهِ )(١).

* * *

ونستنتج مِن هذا العرض السالف: أنّ الشريعة الإسلاميّة، إنّما أمرت المرأة المسلمة بالحِجاب، ونهَتها عن التبرّج والاختلاط المُريب، حِرصاً على كرامتها وصيانتها مِن دوافع الإساءة والتغرير، ووقايةً للمجتمع الإسلامي مِن المآسي والأرزاء التي حاقَت بالأُمَم الغربيّة، ومسَخت أخلاقها وضمائرها وأورَدَتها موارد الشقاء والهلاك.

_____________________

(١) اقتبسنا تلك الأقوال المُتَرجمة عن كتاب الحِجاب، للأُستاذ المودودي.

٣٩١

أنظر كيف أهاب الإسلام بالمرأة المسلمة أنْ تتحصّن بالحِجاب، وتتوقّى به مزالق الفِتَن والشرور:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) ( الأحزاب: ٥٩ ).

هذه هي إحدى الآيات الكريمة الناطقة بوجوب الحِجاب، والمُحرّضة عليه، بأُسلوبٍ جادٍّ صريح، حيث خاطَب اللّه عزَّ وجل رسوله الأعظم:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ )، وذلك بإسدال الجِلباب - وهو ما تستتر به المرأة من ملحفة أو ملاءة - على وجوههن وأبدانهن.

ثم بين سبحانه علة الحِجاب وجدواه:( ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) ، حيثُ إنّ الحِجاب يستر محاسن المرأة ومفاتنها، ويحيطها بهالةٍ من الحصانة والمنعة، تقيها تلصّص الغواة والداعرين وتحرّشاتهم الإجراميّة العابثة بصون النساء وكرامتهنّ.

ويمضي القرآن الكريم في تركيز مَبدأ الحِجاب والحثّ عليه في آياتٍ مُتتالية، وأساليبٍ بلاغيّة فذّة:

( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) ( الأحزاب: ٣٢ - ٣٣ ).

وهنا يُخاطب اللّه عزّ وجل، زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء ) في الشرف والفضل، فأنتنّ أرفع شأناً

٣٩٢

وأسمى منزلةٍ منهنّ، لشرفِ انتمائكن لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنِ اتَقَيْتُنَّ ) معصيةَ اللّه تعالى ورسوله، وفي هذا الشرط إشعارٌ لهنّ إنّ انتسابهنّ إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فحسب لا يوجِب تفوّقهنّ على غيرهن مِن النساء، إلاّ بتحلّيهن بتقوى اللّه عزّ وجل، الذي هو مفتاح الفضائل، وقوام حياة الإيمان.

( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) فلا تخاطبن الأجانب بأُسلوبٍ لينّ رقيقٍ يستثير نوازِع القلوب المريضة بالدنَس والفجور.

( وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) مستقيماً مُشعِراً بالحِشمة والترفّع والوقار. ثمّ أمَرهنّ بالاستقرار في بيوتهن، ونهاهنّ عن التبرّج وإظهار المحاسن والزينة للأجانب، كما كنّ يُظهرنها النساء الجاهليّات( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ). وفي ذلك ضمان لعفاف المرأة وكرامتها، وصيانتها مِن مزالق الخطيئة، وخوالج الشكّ والارتياب.

وهكذا يواصل القرآن الكريم غرس الفضيلة والعفّة في نفوس المؤمنين بمُثله العليا، وآدابه الرفيعة:

( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ

٣٩٣

أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ) ( النور: ٣٠ - ٣١ ).

أمر اللّه تعالى في هذه الآية الكريمة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يصدَع بآداب القرآن ووحي السماء، ويوجّه المؤمنين على ضوئهما توجيهاً هادفاً بنّاءً.

( قُل ) يا محمّد (لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) بأنْ ينقصوا مِن نظراتهم وتطلّعاتهم نحو النساء الأجنبيّات، لِما في ذلك مِن ضروب الأخطار والأضرار، فكم نظرةً طامحة إلى الجمال أورَثت حسرةً طويلة، واسترقّت صاحبها بأسر الحبّ وعناء الهيام.

وأنت إذا أرسلت طرفك رائداً

لقلبِك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كلّه أنت قادر

عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وقد تزجّ النظرة الآثمة في مهاوي الرذيلة والفساد:

نظرة فابتسامة فسلامٌ

فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ

ثمّ أمر المؤمنين بحفظ الفروج بعد أمرهم بغضّ الأبصار( وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) عن الآثام الجنسيّة أو يستروها عن الناظر المحترم، وقد أوصد اللّه تعالى بهذين الأمرين - غض الأبصار وحفظ الفروج - أخطر منافذ الشرور الخلقيّة وبوائقها العارمة، وحصّن المؤمنين بالعفّة والنزاهة( ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ) أطهر لنفوسهم وأخلاقهم، وأنفع لدينهم ودنياهم.

ثمّ عمَد إلى توعية الضمائر، وتصعيد قِيَمها الأخلاقيّة بالإيحاء النفسي بهيمنة اللّه سُبحانه عليهم ورقابته لهم( لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) بأبصارهم وفروجهم وجميع أعمالهم.

٣٩٤

ثمّ عطَف اللّه تعالى على النساء المؤمنات، فأمرهنّ بما أمر به الرجال المؤمنين مِن غضّ الأبصار وحفظ الفروج، لاتحاد الجنسين، وتساويهما في الغرائز والميول، وانجذاب كلٍّ منهما نحو الآخر.

وخصّ النساء بتوجيهات تنظّم سلوكهنّ، وتذكّي فيهن مشاعر الحِشمة والعزّة والوقار:( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) لا يظهرن مواضع الزينة لغير المحارم،( إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) كالثياب أو الوجه والكفّين،( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) وليسدلْن الخُمر والمقانع على نحورِهنّ وصدورهِنّ تستّراً مِن الأجانب.

ثمّ رخّصهنّ في إبداء زينتهن للمحارم، ومَن يؤمَن مِن الافتتان والإغراء منهنّ وعليهنّ، لنفرة الطباع مِن ذلك( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ) وهنّ الإماء.

( أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ) وهُم الذين يتبعون الناس طمَعاً في برّهم ونوالِهم مَن لا يهفو إلى النساء، ولا حاجة له فيهنّ، كالبلَه مِن الرجال أو الشيوخ العاجزين الصلحاء.

(أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء ) وأُريد به جمع الأطفال الذين لا يعرفون عورات النساء لسذاجتهم، وضعف غريزتهم الجنسيّة.

( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ) للإعلام عن خلخالها أو إسماع صوته.

٣٩٥

( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور: ٣١ ) تسعدون في الدارين.

* * *

وهكذا جاءت أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام تحضّ على العفاف، وغضّ الأبصار عن النظرة المحرّمة، فضلا عن الاختلاط، سيّان في ذلك الرجال والنساء.

قال الصادقعليه‌السلام : ( النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، وكم نظرةً أورَثت حسرةً طويلة )(١).

وقالعليه‌السلام : ( أوّل النظرة لك، والثانية عليك، والثالثة فيها الهلاك )(٢).

وقالعليه‌السلام : ( نهى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يدخل الرجل على النساء إلاّ بإذن أوليائهنّ )(٣) .

وعن أبي جعفر وأبي عبد اللّهعليهما‌السلام قالا: ( ما مِن أحدٍ إلاّ وهو يصيب حظّاً مِن الزنا، فزنا العين النظر، وزنا الفم الغيبة، وزنا اليَدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أم كذّب )(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن نظر إلى امرأةٍ فرفع بصره إلى

_____________________

(١) الوافي ج ١٢ ص ١٢٧، عن الكافي.

(٢) الوافي ج ١٢ ص ١٢٧، عن الفقيه.

(٣) الوافي ج ١٢ ص ١٢٣، عن الكافي.

(٤) الوافي ج ١٢ ص ١٢٧، عن الكافي.

٣٩٦

السماء، لم يرتد إليه بصره حتّى يزوّجه اللّه مِن الحور العين )(١) .

وعنه، عن أبيهعليهما‌السلام قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( كلّ عينٍ باكية يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين: عينٌ بكَت مِن خَشية اللّه، وعينٌ غضّت عن محارم اللّه، وعينٌ باتت ساهرةً في سبيل اللّه )(٢).

* * *

_____________________

(١) الوافي ج ١٢ ص ١٢٧، عن الفقيه.

(٢) البحار م ٢٣ ص ١٠١ عن خصال الصدوق (ره).

٣٩٧

منزلة المرأة في الإسلام

أجدني وأنا أتحدّث عن الحقوق الزوجيّة منساقاً إلى التحدّث عن منزلة المرأة في الإسلام، ورعايته لها وعطفه عليها، ما جعلها حظيّة سعيدة في ظلاله.

ولا يستطيع الباحث أنْ يتبيّن أبعاد حظوتها وسعادتها في عهده الزاهر، إلاّ بالمقارنة بينها وبين غيرها مِن النساء اللاتي سبَقْنها أو تخلّفن عنها في التأريخ، ليستجلي عزّتها وتفوّقها عليهنّ.

ولا يستطيع أنْ يتبيّن ذلك إلاّ بدراسته على ضوء المبادئ السماويّة الخالدة، والقِيَم المنطقيّة المبرّأة مِن نوازع الهوى والجهل، وسيطرة الأعراف والتقاليد التي لا تصلح أنْ تكون مقياساً ثابتاً وحكَماً عدلاً في تمحيص الحقائق وتقييمها، واستجلاء الواقع مِن المزيّف منها، لتلوّنها بالمحيط الذي نبَعت منه، والظرف الذي شاعت فيه، فطالما استحسَن العُرف خِلالاً قبيحة واستقبح سجاياً كريمة، متأثّراً بدوافع هذا أو ذاك.

وإنّما يصلُح العُرف في التحكيم إذا كان مستنيراً بهدي اللّه تعالى وتوجيهه السديد الحكيم، فإنّه آنذاك لا يُخطئ في حكمه، ولا يزيغ عن العدل والصواب.

٣٩٨

المرأة في التاريخ القديم

لقد اضطرب المِعيار الاجتماعي في تقييم المرأة وتحديد منزلتها الاجتماعيّة في عصور الجاهليّة القديمة أو الحديثة. وتأرجَح بين الإفراط والتفريط، وبين التطفيف والمُغالاة، دون أنْ يستقرّ على حالٍ رضيَ مِن القصد والاعتدال.

فاعتُبرت حيناً مِن الدهر مخلوقاً قاصراً منحطّاً، ثمّ اعتُبرت شيطاناً يسوّل الخطيئة ويوحي بالشرِّ، ثمّ اعتُبرت سيّدة المجتمع تحكم بأمرها وتصرّفه بمشيئتها، ثمّ اعتبرت عاملةً كادحة في سبيل عيشها، وحياتها.

وكانت المرأة في أغلب العصور تعاني الشقاء والهَوان، مهدورة الحقّ مستَرقّة للرجل، يسخّرها لأغراضه كيف يشاء.

وهي في تقييم الحضارة الرومانيّة في تأرجح واضطراب، بين التطفيف والمُغالاة: اعتبرتها رقيقاً تابعاً للرجل، يتحكّم فيها كما شاء. ثمّ غالت في قيمها فحرّرتها من سلطان الأب والزوج، ومنحتها الحقوق الملكيّة والإرثيّة وحريّة الطلاق، وحريّة التبذّل والإسفاف، فكانت الرومانيّة تتزوّج الرجل بعد الآخر دونما خجَل أو استحياء.

فقد كتب ( جوونيل ٦٠ - ١٤٠ م ) عن امرأة تقلّبت في أحضان ثمانية أزواج في خَمس سنَوات. وذكر القدّيس ( جروم ٣٤٠ - ٤٢٠ م ) عن امرأةٍ تزوّجت في المرّة الأخيرة الثالث والعشرين مِن أزواجها، وكانت

٣٩٩

هي الحادية والعشرين لبعلها(١).

ثمّ أباحوا لها طُرق الغواية والفساد، ممّا سبّب تفسّخ المجتمع الروماني ثمّ سقوطه وانهياره.

وهي في عرف الحضارة اليونانيّة تعتبر مِن سقط المتاع، تُباع وتُشترى، وتُعتبر رجساً مِن عمَل الشيطان.

وقضت شرائع الهند القديمة ( أنّ الوباء والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار... خير مِن المرأة ) وكان حقّها في الحياة ينتهي بانتهاء أجل زوجها الذي هو سيّدها ومالكها، فإذا رأت جثمانه يُحرق ألقت بنفسها في نيرانه، وإلاّ حاقت عليها اللعنة الأبديّة.

وأمّا رأي التوراة في المرأة، فقد وضّحه سِفر الجامعة في الكلمات الآتية: ( درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولأعرّف الشرّ أنّه جهالة، والحماقة أنّها جنون، فوجدت أمرّ مِن الموت، المرأة، التي هي شباك، وقلبها شِراك، ويداها قيود )( الاصحاح ١٤ الفقرة ١٧)(٢).

وكانت المرأة في وجهة نظر المسيحيّة - خلال العصور الوسطى - مخلوقاً شيطانيّاً دنساً، يجب الابتعاد عنه.

قال ( ليكي ) في كتاب تأريخ أخلاق أوربّا: ( وكانوا يفرّون مِن ظلّ النساء، ويتأثّمون مِن قربهنّ والاجتماع بهنّ، وكانوا يعتقدون أنّ

_____________________

(١) الحِجاب للمودودي ص ٢٢.

(٢) مقارنة الأديان ج ٣ الإسلام ص ١٩٦، بتصرّف للدكتور أحمد شلَبي.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517