أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت7%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 333409 / تحميل: 11882
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أو عنه من اصل التركة.

(السادسة): من جعل دابته أو جاريته هديا لبيت الله بيع ذلك وصرف ثمنه في معونة الحاج والزائرين.

(السابعة): روى اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيمعليه‌السلام في رجل كانت عليه حجة الاسلام فأراد أن يحج، فقيل له: تزوج ثم حج، قال: (إن تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر، فبدأ بالنكاح، فقال: تحرر الغلام) وفيه اشكال إلا أن يكون نذرا.

(الثامنة): روى رفاعة عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رجل نذر الحج ولم يكن له مال فحج عن غيره أيجزي عن نذره؟ قال: (نعم) وفيه اشكال إلا أن يقصد ذلك بالنذر.

(التاسعة): قيل من نذر ألا يبيع خادما أبدا لزمه الوفاء وإن احتاج إلى ثمنه، وهو استنادا إلى رواية مرسلة.

(العاشرة): العهد كاليمين يلزم حيث تلزم.

ولو تعلق بما الاعود(١) مخالفته دينا أو دنيا خالف إن شاء، ولا إثم ولا كفارة.

كتاب الصيد والذبائح

يؤكل من الصيد ما قتله السيف والرمح والسهم والمعراض اذا خرق، ولو اصاب السهم معترضا حل إن كان فيه حديدة، ولو خلا منها لم يؤكل الا أن يكون حادا فيخترق وكذا ما يقتله الكلب المعلم دون غيره من الجوارح.

ولا يؤكل ما قتله الفهد وغيره من جوارح البهائم.

ولا ما قتله العقاب وغيره من جوارح

____________________ ___

(١) الاكثر فائدة ونفعا.

(*)

٢٤١

الطير إلا أن يذكى.

وإدراك ذكاته بأن يجده ورجله تركض أو عينه تطرف.

وضابطه حركة الحيوان.

ويشترط في الكلب أن يكون معلما يسترسل إذا أغري وينزجر إذا زجر وألا يعتاد أكل صيده، ولا عبرة بالندرة.

ويعتبر في المرسل أن يكون مسلما أو بحكمه قاصدا بارساله الصيد مسميا عند الارسال.

فلو ترك التسمية عامدا لم يؤكل صيده، ويؤكل لو نسي اذا اعتقد الوجوب.

ولو ارسل وسمى غيره لم يؤكل صيده الا أن يذكيه، ويعتبر ألا (يغيب) عنه، فلو غاب وحياته مستقرة ثم وجده مقتولا أو ميتا لم يؤكل.

وكذا السهم ما لم يعلم أنه القاتل ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة وغيرهما من الآلة و بالجوارح لكن لا يحل منه إلا ما ذكي.

والصيد ما كان ممتنعا، ولو قتل بالسهم فرخاأوقتل الكلب طفلا(١) غير ممتنع لم يحل ولو رمى طائرا فقتله وفرخا لم يطر حل الطائر دون فرخه.

مسائل: من أحكام الصيد: (الاولى): اذا تقاطعته الكلاب قبل إدراكه حل.

(الثانية): لو رماه بسهم فتردى من جبل أو وقع في ماء فمات لم يحل وينبغي هنا اشتراط استقرار الحياة(٢) .

____________________ ___

(١) الطفل: المولود، وولد كل وحشية أيضا طفل.

اه‍ مختار الصحاح.

(٢) هذا استدراك على الحكم السابق، لانه يفيد عدم حله سواء أكان قبل موته مستقر الحياة ام لا.

مع ان عدم الحل انما هو حكم خاص بمستقر الحياة قبل التردي وبعد الاصابة والسهم.

ويدل على ذلك عبارته فيس شرائع الاسلام وهذا نصها: (ولو رمى صيدا فتردى من جبل او وقع في ماء فمات، لم يحل لاحتمال ان يكون موته من السقطة نعم لو صير حياته غير مستقرة، حل لانه يجري مجرى المذبوح).

(*)

٢٤٢

(الثالثة): لو قطعه السيف اثنين فلم يتحركا حلا، ولو تحرك أحدهما فهو الحلال ان كانت حياته مستقرة لكن بعد التذكية.

ولو لم تكن مستقرة حلا.

وفي رواية يؤكل الاكبر دون الاصغر وهي شاذة.

ولو اخذت الحبالة منه قطعة فهي ميتة.

(الرابعة): اذا أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة ولا آلة ليذكيه لم يحل حتى يذكى.

وفي رواية جميل: يدع الكلب حتى يقتله.

(الخامسة): لو ارسل كلبه فأرسل كافر كلبه فقتلا صيدا، أو مسلم لم يسم او لم يقصد الصيد، لم يحل.

(السادسة): لو رمى صيدا فأصاب غيره حل.

ولو رمى لا للصيد فقتل صيدا لم يحل.

(السابعة): اذا كان الطير مالكا جناحه فهو لصائده الا أن يعرف مالكه فيرده اليه.

ولو كان مقصوصا لم يؤخذ لان له مالكا.

ويكره أن يرمي الصيد بما هو اكبر منه ولو اتفق قيل يحرم والاشبه الكراهية.

وكذا يكره أخذ الفراخ من اعشاشها.

والصيد بكلب علمه مجوسي.

وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصلاة.

وصيد الوحش والطير بالليل.

والذبائح: تستدعي بيان فصول: (الاول): الذابح: ويشترط فيه الاسلام أو حكمه ولو كان انثى.

وفي الكتابي روايتان، أشهرهما: المنع.

وفي رواية ثالثة: اذا سمعت تسميته فكل والافضل أن يليه المؤمن.

نعم لا تحل ذبيحة المعادي لاهل البيتعليهم‌السلام .

(الثاني): الآلة ولا تصح الا بالحديد مع القدرة، ويجوز بغيره مما يغري الاوداج عند الضرورة، ولو مروة او ليطة أو زجاجة.

وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

(الثالث): الكيفية: وهي قطع الاعضاء الاربعة: المرئ، والودجان،

٢٤٣

والحلقوم، وفي الرواية: إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس.

ويكفي في النحر الطعن في الثغرة: ويشترط استقبال القبلة بالذبيحة مع الامكان، والتسمية، فلو أخل بأحدهما عمدا لم يحل، ولو كان نسيانا حل، ويشترط نحر الابل وذبح ما عداها.

فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور لم يحل.

ولا يحل حتى يتحرك بعد التذكية حركة الحي، وأدناه أن يتحرك الذنب أو تطرف العين ويخرج الدم المعتدل، وقيل: يكفي الحركة، وقيل: يكفى أحدهما، وهو أشبه.

وفي ابانة الرأس بالذبح قولان، المروي: أنها تحرم ولو سبقت السكين فأبانته لم تحرم الذبيحة.

ويستحب في الغنم ربط يدي المذبوح واحدى رجليه وامساك صوفه أو شعره حتى يبرد.

وفي البقر عقد يديه ورجليه واطلاق ذنبه.

وفي الابل ربط أخفافه إلى ابطيه.

وفي الطير ارساله.

ويكره الذباحة ليلا، ونخع الذبيحة(١) وقلب السكين في الذبح، وأن يذبح حيوانا وآخر ينظر اليه، وأن يذبح بيده ما رباه من النعم.

ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها.

وقيل يكره، وهو أشبه.

ويلحق به أحكام: (الاول): ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحص.

(الثاني): ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان كالمستعصي والمتردي في بئر يجوز عقره بالسيف وغيره مما يخرج اذا خشي تلفه.

(الثالث): ذكاة السمك: اخراجه من الماء حيا.

ولا يعتبر في المخرج الاسلام ولا التسمية، ولو وثب او نضب عنه الماء فأخذ حيا حل.

وقيل:

____________________ ___

(١) نخعت الشاة نخعا من باب نخع: جاوزت بالسكين منتهى الذبح إلى النخاع اه‍. مصباح.

(*)

٢٤٤

يكفي ادراكه يضطرب، ولو صيد وأعيد في الماء فمات لم يحل وان كان في الآلة.

وكذا الجراد ذكاته أخذه حيا.

ولا يشترط اسلام الآخذ ولا التسمية ولا يحل ما يموت قبل اخذه.

وكذا لو أحرقه قبل اخذه.

ولا يحل منه ما لم يستقل بالطيران.

(الرابع): ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته.

وقيل: يشترط مع إشعاره ألا تلجه الروح وفيه بعد.

ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.

كتاب الاطعمة والاشربة

والنظر فيه يستدعي أقساما: (الاول): في حيوان البحر: ولا يؤكل منه إلا سمك له فلس ولو زال عنه كالكنعت.

ويؤكل الربيثا والاربيان والطمر والطبراني والايلامي.

ولا يؤكل السلحفاة، ولا الضفادع ولا السرطان.

وفي الجري روايتان، أشهرها التحريم.

وفي الزمار والمارماهي والرهو، روايتان.

والوجه: الكراهية.

ولو وجد في جوف سمكة سمكة أخرى حلت ان كانت مما يؤكل.

ولو قذفت الحية تضطرب، فهي حلال ان لم تنسلخ فلوسها.

ولا يؤكل الطافي وهو الذي يموت في الماء وان كان في شبكة او حظيرة.

ولو اختلط الحي فيهما بالميت حل والاجتناب أحوط.

ولا يؤكل جلال السمك حتى يطعم علفا طاهرا يوما وليلة.

وبيض السمك المحرم مثله. ولو اشتبه أكل منه الخشن لا الاملس.

(الثاني): في البهائم: ويؤكل من الانسية: النعم، ويكره الخيل والحمر وكراهية البغل أشد.

ويحرم الجلال منها على الاصح وهو ما يأكل عذرة

٢٤٥

الانسان محضا.

ويحل مع الاستبراء بأن يربط ويطعم العلف.

وفي كميته اختلاف، محصله: استبراء الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين، والشاة بعشرة.

ويؤكل من الوحشية البقر، والكباش الجبلية، والحمر، والغزلان، واليحامير.

ويحرم كل ما له ناب، وضابطه: ما يفترس كالاسد.

والثعلب، ويحرم الارنب، والضب، واليربوع، والحشار: كالفأرة، والقنفذ، والحية، والخنافس، والصراصر، وبنات الوردان، والقمل.

(القسم الثالث): في الطير: ويحرم منه ما كان سبعا كالبازي والرخمة.

وفي الغراب روايتان، والوجه: الكراهية.

ويتأكد في الابقع.

ويحرم من الطير ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، وما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية.

ويحرم الخفاش والطاووس.

وفي الخطاف تردد.

والكراهية أشبه.

ويكره الفاختة والقبرة.

وأغلظ من ذلك كراهية الهدهد، والصرد، والصوام، والشقراق.

ولو كان أحد المحللة جلالا حرم حتى يستبرأ، فالبطة وما أشبهها بخمسة أيام.

والدجاجة ثلاثة أيام، ويحرم الزنابير، والذباب، والبق والبرغوث، وبيض ما لا يؤكل لحمه.

ولو اشتبه اكل منه ما اختلف طرفاه وترك ما اتفق.

مسألتان: (الاولى): اذا شرب المحلل لبن الخنزيرة كره.

ولو اشتد به عظمه حرم لحمه ولحم نسله.

(الثانية): لو شرب خمرا لم يحرم بل يغسل، ولا يؤكل ما في جوفه.

ولو شرب بولا لم يحرم وغسل ما في جوفه.

(القسم الرابع): في الجامد وهو خمسة: (الاول): الميتات: والانتفاع بها محرم.

ويحل منها ما لا تحله الحياة إذا

٢٤٦

كان الحيوان طاهرا في حال الحياة وهو عشرة: الصوف، والشعر، والوبر، والريش، والقرن، والعظم، والسن، والظلف، والبيض اذا اكتسى القشر الاعلى، والانفحة.

وفي اللبن روايتان، والاشبه التحريم.

(الثاني): ما يحرم من الذبيحة وهو خمسة: القضيب، والانثيان، والطحال، والفرث، والدم.

وفي المثانة والمرارة تردد، أشبهه: التحريم للاستخباث.

وفي الفرج، والعلباء، والنخاع، وذات الاشاجع، والغدد، وخرزة الدماغ، والحدق خلاف، أشبهه: الكراهية.

وتكره الكلى، والقلب والعروق.

واذا شوى الطحال مثقوبا فما تحته حرام وإلا فهو حلال(١) .

(الثالث): الاعيان النجسة: كالعذرات وما أبين من حي، والعجين اذا عجن بالماء النجس، وفيه رواية بالجواز بعد خبزه، لان النار قد طهرته.

(الرابع): الطين: وهو حرام إلا طين قبر الحسينعليه‌السلام للاستشفاء ولا يتجاوز قدر الحمصة.

(الخامس): السموم القاتلة، قليلها وكثيرها، وما يقتل كثيره فالمحرم ما بلغ ذلك الحد.

(القسم الخامس): في المائعات.

والمحرم خمسة: (الاول): الخمر، وكل مسكر، والعصير اذا غلا.

(الثاني): الدم.

وكذا العلقة ولو في البيضة، وفي نجاستها تردد، أشبه: النجاسة.

ولو وقع قليل دم في قدر وهي تغلي، لم يحرق المرق، ولا ما فيها اذا ذهب بالغليان.

ومن الاصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل وهو

____________________ ___

(١) ولو شوى الطحال مع اللحم، ولم يكن مثقوبا لم يحرم اللحم، وكذا لو كان اللحم فوقه، أما لو كان مصقوبا. وكان اللحم تحته حرم (*)

٢٤٧

حسن، كما لو وقع غيره من النجاسة.

(الثالث): كل مانع لاقته نجاسة فقد نجس، كالخمر، والدم، والميتة، والكافر الحربي.

وفي الذمي روايتان، أشهرهما: النجاسة.

وفي رواية: اذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يده وهي متروكة.

ولو كان ما وقعت فيه النجاسة جامدا ألقي ما يكتنف النجاسة وحل ما عداه.

ولو كان المائع دهنا جاز بيعه للاستصباح به تحت السماء خاصة لا تحت الاظلة.

ولا يحل ما يقطع من أليات الغنم، ولا يستصبح بما يذاب منها، وما يموت فيه ما له نفس سائلة من المائع نجس دون ما لا نفس له.

(الرابع): ابوال ما لا يؤكل لحمه.

وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟ قيل: نعم، إلا بول الابل، والتحليل أشبه.

(الخامس): ألبان الحيوان المحرم كاللبوة، والذئبة، والهرة، ويكره ما كان لحمه مكروها كالاتن حليبه وجامده.

(القسم السادس): في اللواحق، وهي سبع: (الاولى): شعر الخنزير نجس سواء أخذ من حي او ميت على الاظهر.

فان اضطر استعمل ما دسم فيه وغسل يده.

ويجوز الاستقاء بجلود الميتة ولا يصلى بمائها.

(الثانية): اذا وجد لحم فاشتبه ألقي في النار فان انقبض فهو ذكي وان انبسط فهو ميتة.

ولو اختلط الذكي بالميتة اجتنبا.

وفي رواية الحلبي: يباع ممن يستحل الميتة.

على الاصح.

(الثالثة): لا يأكل الانسان من مال غيره إلا باذنه.

وقد رخص مع عدم الاذن في الاكل من بيوت من تضمنته الآية اذا لم يعلم الكراهية.

وكذا ما يمر الانسان به من ثمرة النخل.

وفي ثمرة الزرع والشجر تردد.

ولا يقصد ولا يحمل.

٢٤٨

(الرابعة): من شرب خمرا او شيئا نجسا، فبصاقه طاهر ما لم يكن متغيرا بالنجاسة.

(الخامسة): اذا باع ذمي خمرا ثم أسلم فله قبض ثمنها.

(السادسة): الخمر تحل إذا انقلبت خلا، ولو كان بعلاج، ولا تحل لو ألقي فيها خل استهلكها.

وقيل: لو ألقي في الخل خمر من اناء فيه خمر لم يحل حتى يصير ذلك الخمر خلا وهو متروك.

(السابعة): لا يحرم الربوبات والاشربة وان شم منها رائحة المسكر.

ويكره الاسلاف في العصير.

وأن يستأمن على طبخه من يستحله قبل أن يذهب ثلثاه، والاستشفاء بمياه الجبال الحارة التي يشم منها رائحة الكبريت.

كتاب الغصب

والنظر في امور: (الاول): الغصب هو الاستقلال باثبات اليد على مال الغير عدوانا.

ولا يضمن لو منع المالك من امساك الدابة المرسلة.

وكذا لو منعه من القعود على بساطه ويصح(١) غصب العقار كالمنقول ويضمن بالاستقلال به.

ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ففي الضمان قولان، ولو قلنا بالضمان ضمن النصف.

ويضمن حمل الدابة لو غصبها.

وكذا الامة.

ولو تعاقبت الايدي على المغصوب فالضمان على الكل.

ويتخير المالك.

والحر لا يضمن ولو كان صغيرا لكن لو أصابه تلف بسبب الغاصب ضمنه.

ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية فقولان.

ولو حبس

____________________ ___

(١) أي: يتحقق ويتصور. اه‍ من الشرح الكبير.

(*)

٢٤٩

صانعا لم يضمن اجرته.

ولو انتفع به ضمن اجرة الانتفاع.

ولا يضمن الخمر لو غصبت من مسلم ويضمنها لو غصبها من ذمي، وكذا الخنزير.

ولو فتح بابا على مال ضمن السارق دونه.

ولو أزال القيد عن فرس فشرد او عن عبد مجنون فأبق ضمن.

ولا يضمن لو أزاله عن عاقل.

(الثاني): في الاحكام: يجب رد المغصوب وإن تعسر كالخشبة في البناء واللوح في السفينة.

ولو عاب(١) ضمن الارش.

ولو تلف او تعذر العود ضمن مثله إن كان متساوي الاجزاء.

وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا. وقيل: أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، وفيه وجه آخر. ومع رده لا يرد زيادة القيمة السوقية. وترد الزيادة لزيادة في العين او الصفة. ولو كان المغصوب دابة فعابت، ردها مع الارش.

ويتساوى بهيمة القاضي والشوكي، ولو كان عبدا وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية ان كانت مقدرة. وفيه قول آخر. ولو مزج الزيت بمثله رد العين. وكذا لو كان بأجود منه، ولو كان بأدون ضمن المثل. ولو زادت قيمة المغصوب فهو لمالكه، أما لو كانت الزيادة لانضياف عين كالصبغ والآلة في الابنية أخذ العين الزائدة ورد الاصل، ويضمن الارش ان نقص.

(الثالث): في اللواحق، وهي ستة.

(الاولى): فوائد المغصوب للمالك منفصلة كانت كالولد أو متصلة كالصوف والسمن، او منفعة كأجرة السكنى وركوب الدابة.

ولا يضمن من الزيادة المتصلة ما لم تزد به القيمة كما لو سمن المغصوب وقيمته واحدة.

(الثانية): لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد او يضمنه وما يحدث من منافعه وما يزاد في قيمته لزيادة صفة فيه.

(الثالثة): اذا اشتراه عالما بالغصب فهو كالغاصب ولا يرجع المشتري بالثمن البائع بما يضمن، ولو كان جاهلا دفع العين إلى مالكها ويرجع بالثمن على البائع

____________________ ___

(١) عاب المتاع: صار ذا عبث.

٢٥٠

وبجميع ما عرمه مما لم يحصل له في مقابلته عوض كقيمة الولد.

وفي الرجوع بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة وأجرة السكنى تردد.

(الرابعة): اذا غصب حبا فزرعه، او بيضة فأفرخت، او خمرا فخللها، فالكل للمغصوب منه.

(الخامسة): اذا غصب أرضا فزرعها فالزرع لصاحبه وعليه أجرة الارض ولصاحبها ازالة الغرس والزامه طم الحفرة والارش ان نقصت.

ولو بذل صاحب الارض قيمة الغرس لم تجب اجابته.

(السادسة): لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب.

وقيل: قول المغصوب منه.

كتاب الشفعة

وهي: استحقاق في حصة الشريك لانتقالها بالبيع.

والنظر فيه يستدعي امورا: (الاول): ما تثبت فيه: وتثبت في الارضين والمساكن إجماعا.

وهل ثثبت فيما ينقل كالثياب والامتعة؟ فيه قولان، والاشبه: الاقتصار على موضع الاجماع.

وتثبت في النخل والشجر والابنية تبعا للارض، وفي ثبوتها في الحيوان قولان، المروي: انها لا تثبت.

ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره.

ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضايد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الاشبه.

ويشترط انتقاله بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة او صلح او صداق او صدقة او اقرار.

ولو كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه.

وقال المرتضى: تثبت، وهو أشبه.

(الثاني): في الشفيع، وهو كل شريك بحصة مشاعة قادر على الثمن(١) .

____________________ ___

(١) في شرائع الاسلام: ويشترط فيه الاسلام اذا كان المشتري مسلما.

(*)

٢٥١

فلا تثبت للذمي على مسلم.

ولا بالجوار.

ولا لعاجز عن الثمن.

ولا فيما قسم وميز إلا بالشركة في الطريق او النهر اذا بيع أحدهما او هما مع الشقص.

وتثبت بين شريكن. ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين.

ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام، فان لم يحضره بطلت.

ولو قال انه في بلد آخر، أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام ما لم يتضرر المشتري.

وتثبت للغائب والسفيه والمجنون والصبي ويأخذ لهم الولي مع الغبطة، ولو ترك الولي فبلغ الصبي او افاق المجنون فله الاخذ.

(الثالث): في كيفية الاخذ: ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد، ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجواهر اخذه بقيمته.

وقيل: تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال.

وللشفيع المطالبة في الحال. ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته.

وفيه قول آخر. ولو كان لعذر لم يبطل. وكذا لو توهم زيادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان غيره. ويأخذ الشفيع من المشتري ودركه عليه.

ولو انهدم المسكن او عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن او ترك.

وان كان بفعل المشتري أخذ بحصته من الثمن.

ولو اشترى بثمن مؤجل قيل: هو بالخيار بين الاخذ عاجلا، والتأخير، وأخذه بالثمن في محله.

وفي النهاية يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ويلزم كفيلا إن لم يكن مليئا وهو أشبه.

ولو دفع الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم البائع أخذ ولو ترك الشفيع قبل البيع لم تبطل.

أما لو شهد على البائع او بارك للمشتري او للبائع او أذن في البيع ففيه التردد.

والسقوط أشبه. ومن اللواحق مسألتان: (الولى): قال الشيخ: الشفعة لا تورث.

وقال المفيد، وعلم الهدى: تورث، وهو أشبه.

ولو عفا أحد الورثة عن نصيبه أخذه الباقون ولم تسقط.

(الثانية): لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه لانه ينتزع الشئ من يده.

٢٥٢

كتاب احياء الموات

والعامر ملك لاربابه لا يجوز التصرف فيه إلا باذنهم.

وكذا ما به صلاح العامر كالطريق والشرب والمراح.

والموات ما لا ينتفع به لعطلته مما لم يجر عليه ملك او ملك وباد اهله، فهو للامام لا يجوز احياؤه إلا باذنه، ومع اذنه يملك بالاحياء.

ولو كان الامام غائبا فمن سبق إلى إحيائه كان أحق به، ومع وجوده له رفع يده.

ويشترط في التملك بالاحياء: ألا يكون في يد مسلم.

ولا حريما لعامر.

ولا مشعرا للعبادة كعرفة ومنى.

ولا مقطعا(١) ولا محجرا، والتحجير يفيد أولوية لا ملكا مثل أن ينصب عليها مرزابا.

واما الاحياء فلا تقدير للشرع فيه ويرجع في كيفيته إلى العادة.

ويلحق بهذا مسائل: (الاولى): الطريق المبتكر في المباح إذا تشاح أهله فحده: خمسة أذرع، وفي رواية سبعة أذرع.

(الثانية): حريم بئر المعطن: أربعون ذراعا.

والناضح ستون ذراعا.

والعين الف ذراع.

وفي الصلبة خمسمائة.

(الثالثة): من باع نخلا واستثنى واحدة كان له المدخل اليها والمخرج ومدى جرائدها.

(الرابعة): اذا تشاح أهل الوادي في مائه حبسه الاعلى للنخل إلى الكعب.

وللزرع إلى الشراك.

ثم يسرحه إلى الذي يليه.

____________________ ___

(١) كما أقطع النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله الدار وارضا بحضرموت.

(*)

٢٥٣

(الخامسة): يجوز للانسان أن يحمي المرعى في ملكه خاصة.

وللامام مطلقا.

(السادسة): لو كان له رحا على نهر لغيره لم يجز له أن يعدل بالماء عنها الا برضاء صاحبها.

(السابعة): من اشترى دارا فيها زيادة من الطريق ففي رواية: ان كان ذلك فيما اشترى فلا بأس.

وفي النهاية إن لم يتميز لم يكن له عليه شئ.

وان تميز رده ورجع على البائع بالدرك، والرواية ضعيفة، وتفصيل النهاية في موضع المنع، والوجه: البطلان.

وعلى تقدير الامتياز يفسخ إن شاء ما لم يعلم.

(الثامنة): من له نصيب في قناة او نهر جاز له بيعه بما شاء.

(التاسعة): روى اسحاق بن عمار عن العبد الصالح(١) في رجل لم يزل في يده ويد آبائه دار، وقد علم أنها ليست لهم ولا يظن مجئ صاحبها.

قال: ما أحب أن يبيع ما ليس له، ويجوز أن يبيع سكناه.

والرواية مرسلة، وفي طريقها: الحسن بن سماعة، وهو واقفي، وفي النهاية يبيع تصرفه فيها، ولا يبيع أصلها، ويمكن تنزيلها على أرض عاطلة أحياها غير المالك باذنه فللمحيي التصرف والاصل للمالك.

____________________ ___

(١) هو الامام أبوابراهيم موسى بن جعفر الكاظم (ع).

(*)

٢٥٤

كتاب اللقطة

وأقسامها ثلاثة: (الاول): في اللقيط: وهو كل صبي او مجنون ضائع لا كافل له.

ويشترط في الملتقط التكليف.

وفي اشتراط الاسلام تردد.

ولا يلتقط المملوك إلا باذن مولاه.

وأخذ اللقيط مستحب واللقيط في دار الاسلام حر، وفي دار الشرك رق.

واذا لم يتول أحدا فعاقلته ووارثه: الامام اذا لم يكن له وارث ويقبل اقراره على نفسه بالرقية مع بلوغه ورشده.

واذا وجد الملتقط سلطانا استعان به على نفقته فان لم يجد استعان بالمسلمين.

فان تعذر الامر أنفق الملتقط ورجع عليه اذا نوى الرجوع.

ولو تبرع لم يرجع.

القسم الثاني - في الضوال: وهي كل حيوان مملوك ضائع.

وأخذه في صورة الجواز مكروه.

ومع تحقق التلف مستحب.

فالبعير لا يؤخذ ولو أخذ ضمنه الآخذ وكذا حكم الدابة والبقرة.

ويؤخذ لو تركه صاحبه من جهد في غير كلا ولا ماء، ويملكه الآخذ.

والشاة إن وجدت في الفلاة أخذها الواجد لانها لا تمنع من ضرر السباع ويضمنها وفي رواية ضعيفة: يحبسها عنده ثلاثة أيام فان جاء صاحبها والا تصدق بثمنها.

وينفق الواجد على الضالة ان لم يتفق سلطان ينفق من بيت المال.

وهل يرجع على المالك؟ الاشبه: نعم، ولو كان للضالة نفع كالظهر او اللبن قال الشيخ في النهاية: كان بازاء ما انفق، والوجه التقاص.

القسم الثالث - وفيه ثلاث فصول: (الاول): اللقطة: كل مال ضائع أخذ ولا يد عليه فما دون الدرهم ينتفع به بغير تعريف.

وفي قدر الدرهم روايتان، وما كان ازيد، فان وجده في الحرم كره أخذه وقيل يحرم ولا يحل أخذه إلا مع نية التعريف، ويعرف حولا فان جاء صاحبه

٢٥٥

والا تصدق به عنه او استبقاه أمانة، ولا يملك.

ولو تصدق به بعد الحول فكره المالك لم يضمن الملتقط على الاشهر.

وان وجده في غير الحرم يعرف حولا.

ثم الملتقط بالخيار بين التملك والصدقة و ابقائها أمانة.

ولو تصدق بها فكره المالك ضمن الملتقط ولو كانت مما لا يبقى كالطعام قومها عند الوجدان وضمنها وانتفع بها وان شاء دفعها إلى الحاكم، ولا ضمان.

ويكره أخذ الادواة، والمخصرة، والنعلين.

والشظاظ، والعصا، والوتد، والحبل، والعقال، وأشباهها.

مسائل: (الاولى): ما يوجد في خربة او فلاة او تحت الارض فهو لواجده.

ولو وجده في ارض لها او بائع ولو كان مدفونا، عرفه المالك او البائع فان عرفه فهو أحق به إلا كان للواجد.

وكذا ما يجده في دابته.

ولو وجد في جوف سمكة قال الشيخ: أخذه بلا تعريف.

(الثانية): ما وجده في صندوقه او داره فهو له، ولو شاركه في التصرف كان كاللقطة اذا أنكره.

(الثالثة): لا تملك اللقطة بحول الحول وان عرفها ما لم ينو التملك.

وقيل: تملك بمضي الحول.

(الثاني): الملتقط من له أهلية الاكتساب.

فلو التقط الصبي او المجنون جاز ويتولى الولي التعريف.

وفي المملوك تردد، أشبهه: الجواز.

وكذا المكاتب، والمدبر، وام الولد.

(الثالث): في الاحكام وهي ثلاثة: (الاول): لا يدفع اللقطة الا بالبينة.

ولا يكفي الوصف، وقيل: يكفي في الاموال الباطنة كالذهب والفضة، وهو حسن.

(الثاني) لا بأس بجعل الآبق فان عينه لزم بالرد، وان لم يعينه ففي رد العبد من المصر: دينار، ومن خارج البلد: أربعة دنانير، على رواية ضعيفة يؤيدها

٢٥٦

الشهرة وألحق الشيخان: البعير، وفيما عداهما أجرة المثل.

(الثالث): لا يضمن الملتقط في الحول لقطة ولا لقيطا ولا ضالة ما لم يفرط.

كتابب المواريث والنظر في المقدمات، والمقاصد، واللواحق والمقدمات ثلاث: (الاولى): في موجبات الارث، وهي: نسب، وسبب.

فالنسب ثلاث مراتب: ١ - الابوان، والولد وإن نزل.

٢ - والاجداد وإن علوا، الاخوة وأولادهم وإن نزلوا.

٣ - والاعمام والاخوال.

والسبب قسمان: زوجية وولاء.

والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء تضمن الجريرة(١) ثم ولاء الامامة.

(الثانية): في موانع الارث، وهى ثلاثة: الكفر، والرق، والقتل.

أما الكفر فانه يمنع في طرف الوارث.

فلا يرث الكافر مسلما، حربيا كان الكافر او ذميا او مرتدا ويرث الكافر أصليا ومرتدا فميراث المسلم لوارثه المسلم انفرد بالنسب او شاركه الكافر او كان أقرب حتى لو كان ضامن جريرة مع ولد كافر فالميراث للضامن.

ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للامام.

والكافر يرثه المسلم ان اتفق ولا يرثه الكافر إلا اذا لم يكن وارث مسلم.

ولو كان وارث مسلم كان أحق بالارث وان بعد وقرب الكافر، واذا أسلم الكافر، على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا في النسب وحاز الميراث إن كان أولى سواء كان الموروث مسلما او كافرا.

____________________ ___

(١) هو المعروف عند فقهاء السنة بولاء الموالاة.

(*)

٢٥٧

ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وان أسلم لانه لا تتحقق هنا قسمة.

مسائل: (الاولي): الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفار، كافرة كانت أو مسلمة، له النصف بالزوجية والباقي بالرد وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الكفار والباقي للامام.

ولو أسلموا او أسلم أحدهم، قال الشيخ: يزد عليهم ما فضل عن سهم الزوجية، وفيه تردد.

(الثانية): روى مالك بن أعين عن أبي جعفرعليه‌السلام في نصراني مات وله ابن أخ وابن أخت مسلمان وأولاد صغار: لابن الاخ الثلثان، ولابن الاخت الثلث، وينفقان على الاولاد بالنسبة فان أسلم الصغار دفع المال إلى الامام فان بلغوا على الاسلام دفعة الامام اليهم.

فان لم يبقوا دفع إلى ابن الاخ الثلثين والى ابن الاخت الثلث.

(الثالث): اذا كان أحد أبوي الصغير مسلما الحق به فلو بلغ أجبر على الاسلام.

ولو أبى كان كالمرتد.

(الرابعة) المسلمون يتوارثون وان اختلفت آراؤهم، وكذا الكفار وان اختلفت مللهم.

(الخامسة): المرتد عن فطرة(١) يقتل ولا يستتاب، وتعتد امرأته عدة الوفاة.

وتقسم أمواله.

ومن ليس عن فطرة يستتاب.

فان تاب والا يقتل وتعتد زوجته عدة الطلاق مع الحياة وعدة الوفاة لامعها.

والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب ولو كانت عن فطرة.

(السادسة): لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم.

ولو لم يكن وارث الا كافرا كان ميراثه للامام على الاظهر.

وأما القتل فيمنع الوارث من الارث اذا كان عمدا ظلما ولا يمنع لو كان خطأ.

____________________ ___

(١) هو من كان أبواه مسلمين عند بدء الحمل به.

(*)

٢٥٨

وقال الشيخان: يمنع من الدية حسب.

ولو اجتمع القاتل وغيره فالميراث لغير القاتل وان بعد، سواء تقرب بالقاتل او بغيره.

ولو لم يكن وارث سوى القاتل فالارث للامام.

وهنا مسائل: (الاولى): الدية كأموال الميت تقضي منها ديونه وتنفذ وصاياه وان قتل عمدا إذا أخذت الدية(١) .

وهل للديان منع الوارث من القصاص؟ الوجه: لا، وفي رواية لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين.

(الثانية): يرث الدية من يتقرب بالاب ذكرانا أو اناثا، الزوج والزوجة ولا يرث من يتقرب بالام، وقيل: يرثها من يرث المال.

(الثالثة): اذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الامام فله القود أو الدية مع التراضي وليس له العفو، وقيل: له العفو.

أما الرق، فيمنع في الوارث والموروث.

ولو اجتمع مع الحر فالميراث للحر دونه ولو بعد وقرب المملوك، ولو أعتق على ميراث قبل القسمة شارك ان كان مساويا وحاز الارث ان كان أولى ولو كان الوارث واحدا فأعتق الرق لم يرث وان كان أقرب لانه لا قسمة، ولو لم يكن وارث سوى المملوك أجبر مولاه على أخذ قيمته وينعتق ليحوز الارث.

ولو قصر المال عن قيمته لم يفك.

وقيل: يفك ويسعى في باقيه ويفك الابوان والاولاد دون غيرهما وقيل: يفك ذو القرابة.

وفيه رواية ضعيفة.

وفي الزوج والزوجة تردد.

ولا يرث المدبر ولا ام الولد ولا المكاتب المشروط.

ومن تحرر بعضه يرث بما فيه من الحرية ويمنع بما فيه من الرقية.

المقدمة الثالثة: في السهام: وهي ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان

____________________ ___

(١) يريد اذا صولح على القصاص عليهما.

(*)

٢٥٩

والثلث، والسدس.

فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل، وللبنت، والاخت للاب والام أو للاب.

والربع للزوج مع الولد وإن نزل وللزوجة مع عدمه.

والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل.

والثلثان للبنتين فصاعدا وللاختين فصاعدا للاب والام، أو للاب والثلث للام مع عدم من يحجبها من الولد وان نزل او الاخوة، وللاثنين فصاعدا من ولد الام.

والسدس لكل واحد من الابوين مع الولد وإن نزل.

وللام مع من يحجبها عن الزائد.

وللواحد من كلالة الام ذكرا كان او انثى.

والنصف يجتمع مع مثله، مع الربع، والثمن، ومع الثلث والسدس.

ولا يجتمع الربع مع الثمن.

ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.

ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.

ولا يجتمع مع الثلث، ولا الثلث مع السدس.

مسألتان: (الاولى): التعصيب باطل.

وفاضل التركة يرد على ذوي السهام عدا الزوج والزوجة.

والام مع وجود من يحجبها على تفصيل يأتي: (الثانية) لاعول في الفرائض لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال ما لا يفي بل يدخل النقص على البنت او البنتين، او على الاب او من يتقرب به.

وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وأما المقاصد فثلاثة:

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

ولا يضرّ بهذا ولا بأُولئك، وذلك بما وضَع لها مِن شروط:

١ - فهو لا يجيز اكتساب المال وتملّكه إلاّ بطرقٍ مشروعة محلّلة، وحرّم ما سِوى ذلك كالربا والرشا والاحتكار، واكتناز المال الذي فرَض اللّه فيه نصيباً للفقراء، أو ابتزازه غصباً.

٢ - شرّع قانون الإرث المُوجب لتفتيت الثراء وتوزيعه على عدَد مِن الورّاث في كلّ جيل.

٣ - شرّع الفرائض الماليّة لإعانة الفقراء وإنعاشهم، كالزكاة والخُمس والكفّارات وردّ المظالم.

وقد استطاع الإسلام بمبادئه الاقتصاديّة الحكيمة أنْ يُشيع بين المسلمين روح التعاطف والتراحم، ويحقّق العدل الاجتماعي فيهم، فلا تجِد بينهم جائعاً إزاء مُتخَم، ولا عارياً إزاء مكتسٍ بالحرير.

٧ - حق الرعاية الإسلاميّة:

كان مِن أبرَز خصائص المجتمع الإسلامي ومزاياه، ذلك التجاوب العاطفي، والأحاسيس الأخويّة المتبادلة بين أفراده، ما جعلهم كالبُنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً، أو كالجسَد الواحد إذا اشتكى عضوٌ تألّمت له سائر الأعضاء.

فما كان للمسلم الحقّ أنْ يتغاضى عن الاهتمام بشؤون مجتمعه، ورعاية مصالحه العامّة، والحرص على رقيّه وازدهاره، كما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :

٤٨١

( مَن أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم )(١).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما آمَن بي مَن بات شبْعان وجاره جائع، وما مِن أهل قريةٍ فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة )(٢).

وما كان للمجتمع الإسلامي أنْ يتغاضى عن رعاية أفراده البؤساء، وهُم يعانون مرارة الفاقة ومضض الحرمان، دون أنْ يتحسّس بمشاعرهم ويتطوّع لإغاثتهم والتخفيف مِن ضُرّهم.

وحسبُك في شرف المؤمن وضرورة دعمه وإسناده، دعوة أهل البيتعليهم‌السلام وحثّهم على توقيره وإكرامه ورعايته مادّياً ومعنويّاً ما لو طبَقه المسلمون اليوم لكانوا أسعد الأُمم، وأرغدهم عيشاً وأسماهم منعةً وجاهاً.

وإليك نماذج مِن وصاياهم في ذلك:

أ - إطعامه وسقيه:

قال عليّ بن الحسينعليه‌السلام : ( مَن أطعَم مؤمناً مِن جوعٍ، أطعمه اللّه مِن ثِمار الجنّة، ومَن سقى مؤمناً سقاه اللّه مِن الرحيق المختوم )(٣).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن أطعم مؤمناً حتّى يشبعه لم يدرِ أحدٌ مِن خلقِ اللّه ماله مِن الأجر في الآخرة، لا ملَكٌ مُقرّب، ولا نبيٌّ مُرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين ).

ثمّ قال: ( مِن مُوجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان )، ثمّ تلا قول اللّه

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٩٩ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ٩٦ عن الكافي.

(٣) الوافي ج ٣ ص ١٢٠ عن الكافي.

٤٨٢

تعالى:( أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) ( البلد: ١٤ـ١٥ـ١٦ )(١).

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن سقى مؤمناً شُربةً مِن ماء مِن حيثُ يقدّر على الماء، أعطاه اللّه بكلّ شربةٍ سبعينَ ألفَ حسنةٍ، وإنْ سقاه مِن حيث لا يقدِر على الماء، فكأنّما أعتق عشرَ رِقاب مِن وِلد إسماعيل )(٢).

ب - إكساء المؤمن:

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن كسا أخاه كسوةً، شتاءً أو صيف، كان حقّاً على اللّه أنْ يكسوه مِن ثياب الجنّة، وأنْ يهوّن عليه مِن سكَرات الموت وأنْ يوسّع عليه في قبره، وأنْ يلقى الملائكة إذا خرَج مِن قبره بالبشرى، وهو قوله تعالى في كتابه:( وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) )(٣) ( الأنبياء:١٠٣ ).

وقالعليه‌السلام : ( مَن كسا أحداً مِن فُقراء المسلمين ثوباً مِن عري، أو أعانة بشيءٍ ممّا يقوته مِن معيشته، وكّل اللّه تعالى به سبعة آلاف ملَك مِن الملائكة، يستغفرون لكلِّ ذنبٍ عمِله إلى أنْ يُنفخ في الصور..)

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن كسا أحداً.. ) الحديث مثله - إلاّ أنّ فيه سبعين ألف ملَك(٤) .

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١٢٠ عن الكافي.

(٢)، (٣)، (٤) الوافي ج ٣ ص ١٢١ عن الكافي.

٤٨٣

ج - قضاء حاجة المؤمن:

عن المفضّل عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: قال لي: ( يا مفضل، اسمع ما أقول لك، واعلم أنّه الحقّ، وافعله واخبر به علية إخوانك )، قلت: جُعلت فِداك وما علية إخواني ؟

قال: ( الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم )، قال: ثمّ قال:

( ومَن قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى اللّه تعالى له يوم القيامة مِئة ألف حاجة، مِن ذلك أوّلها الجنّة، ومِن ذلك أنْ يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنّة، بعد أنْ لا يكونوا نصاباً )(١).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلاّ ناداه اللّه تعالى: عليّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنّة )(٢).

وقالعليه‌السلام : ( إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أُمر به إلى النار، والملَك ينطلق به، قال: فيقول له: يا فلان، أغثني فقد كُنت أصنع إليك المعروف في الدنيا، وأُسعفك في الحاجة تطلبها منّي، فهل عندك اليوم مكافأة ؟ فيقول المؤمن للملَك الموكّل به خلّ سبيله، قال: فيسمع اللّه قول المؤمن، فيأمر الملَك أنْ يَجبر قول المؤمن، فيُخلّي سبيله )(٣).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ١١٨ عن الكافي.

(٣) البحار. كتاب العشرة. ص ٨٦ عن ثواب الأعمال للصدوق.

٤٨٤

د - مسرّة المؤمن:

عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أحبَّ الأعمال إلى اللّه تعالى إدخال السرور على المؤمنين )(١).

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخَلْق عِيال اللّه، فأحبُّ الخَلْق إلى اللّه مَن نفَعَ عِيالَ اللّه، وأدخَل على أهل بيتٍ سروراً )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن أدخَل على مؤمن سروراً، خلَق اللّه مِن ذلك السرور خلْقاً فيَلقاه عند موته فيقول له: أبشِر يا ولي اللّه بكرامة من اللّه ورضوان، ثمّ لا يزال معه حتّى يدخله قبره، فيقول له مثل ذلك فإذا بُعِث يلقاه فيقول له مثل ذلك، ثمّ لا يزال معه عند كلّ هول يُبشّره ويقول له مثل ذلك، فيقول له: مَن أنت رحِمَك الله ؟ فيقول له: أنا السرور الذي أدخلته على فلان )(٣).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ٩٩ عن الكافي.

(٣) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

٤٨٥

هـ - زيارة المؤمن:

عن أبي عزّة قال: سمِعت أبا عبد اللّهعليه‌السلام يقول: ( مَن زار أخاه في اللّه، في مرضٍ أو صحّة، لا يأتيه خِداعاً ولا استبدالاً، وكّل اللّه به سبعين ألفَ ملَك، ينادونه في قَفاه: أنْ طِبتَ وطابَت لك الجنّة، فأنتم زوّار اللّه وأنتم وفد الرحمان، حتّى يأتي منزله )(١).

وقالعليه‌السلام : ( إنّ ضيفَ اللّه عزّ وجل: رجلٌ حجّ واعتمر فهو ضيفُ اللّه حتّى يرجع إلى منزله، ورجلٌ كان في صلاته فهو كنَف اللّه حتّى ينصرف، ورجلٌ زار أخاه المؤمن في اللّه عز وجل فهو زائر اللّه في ثوابه وخزائن رحمته ).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١٠٧ عن الكافي.

٤٨٦

الحاكمون وواجباتهم

الإنسان مدنيٌّ بالطبع، لا يستغني عن إفراد نوعه، والأُنس بهم والتعاون معهم على إنجاز مهامّ الحياة، وكسب وسائل العيش.

وحيث كان أفراد البشَر متفاوتين في طاقاتهم وكفاءاتهم الجسميّة والفكريّة، فيهم القويّ والضعيف، والذكيّ والغبيّ، والصالح والفاسد، وذلك ما يُثير فيهم نوازع الإثرة والأنانيّة والتنافس البغيض على المنافع والمصالح، ممّا يُسبّب بلبلة المجتمع، وهدْر حقوقه وكرامته ؛ لذلك كان لا بدّ للأُمم مِن سلطةٍ راعيةٍ ضابطة، ترعى شؤونَهم وتحمي حقوقهم، وتشيع الأمن والعدل والرخاء فيهم.

ومِن هنا نشأت الحكومات وتطوّرت عِبر العصور مِن صورها البدائيّة الأُولى حتّى بلغَت طورها الحضاري الراهن، وكان للحكّام أثرٌ بليغ في حياة الأٌمم والشعوب وحالاتها رقياً أو تخلفاً، سعادة أو شقاءً، تبعاً لكفاءة الحكام وخصائصهم الكريمة أو الذميمة.

فالحاكم المثالي المُخلص لامته هو: الذي يسوسها بالرفق والعدل والمساواة، ويحرص على إسعادها ورفع قيمتها المادية والمعنويّة.

والحاكم المستبدّ الجائر هو: الذي يستعبد الأُمّة ويسترقّها لأهوائه ومآربه ويعمَد على إذلالها وتخلّفها، وقد أوضحت آثار أهل البيتعليهم‌السلام أهميّة الحكّام وآثارهم الحسنة أو السيّئة في حياة الأُمّة، فأثنت على العادلين المُخلصين منهم، وندّدت بالجائرين وأنذرتهم بسوء المغبّة والمصير.

٤٨٧

فعن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صنفان مِن أُمّتي إذا صلُحا صلحت أُمّتي، وإذا فسدا فسدت. قيل يا رسول اللّه ومن هما؟ قال: الفقهاء والأُمراء )(١) .

وعن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( تُكلّم النار يوم القيامة ثلاثة: أميراً، وقارياً، وذا ثروةٍ مِن المال، فتقول للأَمير: يا مَن وهَب اللّه له سُلطاناً فلَم يعدِل، فتزدرده كما يزدرد الطير حبَّ السمسم، وتقول للقارئ: يا من تزيّن للناس وبارَز اللّه بالمعاصي فتزدرده،

وتقول للغنيّ: يا من وهَب اللّه له دُنياً كثيرةً واسعةً فيضاً، وسأَله الحقير اليسير فرضاً فأَبى إلاّ بُخلاً فتزدرده )(٢).

ولم يكتفِ أهل البيتعليهم‌السلام بالإعراب عن سخَطِهم على الظلم والظالمين ووعيدهم، حتّى اعتبروا أنصارهم والضالعين في رِكابهم شُركاء معهم في الإثم والعقاب.

فعن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ. أين الظَّلَمة وأعوانهم، ومَن لاقَ لهم دواة، أو ربط لهم كيساً، أو مدّ لهم مدّة قلم ؟ فاحشروهم معهم )(٣).

والطغاة مهما تجبروا وعتوا على الناس، فإنّهم لا محالة مؤاخذون بما

_____________________

(١)، (٢) البحار. كتاب العشرة. ص ٢٠٩ عن الخصال.

(٣) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٨ عن ثواب الأعمال للصدوق.

٤٨٨

يستحقّونه مِن عقابٍ عاجلٍ أو آجل، فالمكر السيّئ لا يحيق إلاّ بأهلهِ ولعنةُ التاريخ تُلاحق الطواغيت، وتمطرهم بوابلٍ الذمِّ واللعن، وتنذرهم بسوءِ المغبّة والمصير، وفي التاريخ شواهدٍ جمّة على ذلك.

منها ما حكاه الرواة عن ابن الزيّات: إنّه كان قد اتّخذ في أيّام وزارته تنّوراً مِن حديد، وإطراف مساميره محدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال، وكان يعذّب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال، فكيف ما انقلب واحدٌ منهم أو تحرّك مِن حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشدّ الألَم ولم يسبقه أحدٌ إلى هذه المعاقبة.

فلمّا تولّى المتوكّل الخلافة اعتقل ابن الزيّات، وأمر بإدخاله التنّور وقيّده بخمسة عشَر رطلاً مِن الحديد، فأقام في التنّور أربعين يوماً ثمّ مات(١) .

ومنها: الحجّاج بن يوسف الثقفي.

فإنّه تأمّر عشرين سنة، و أُحصي مَن قتله صبراً سِوى مَن قُتِل في عساكره وحروبه فوجد - مِئة ألف وعشرين ألفاً - وفي حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، منهنّ ستّة عشر ألفاً مُجرّدة، وكان يحبس النساء والرجال في موضعٍ واحد، ولم يكن للحبس سترٌ يستُر الناس مِن الشمس في الصيف، ولا مِن المطر والبرد في الشتاء.

ثمّ لاقى جزاء طُغيانه وإجرامه خِزياً ولعناً وعذاباً، وكانت عاقبة أمره أنّه ابتلي بالآكلة في جوفه، وسلّط اللّه عزّ وجل عليه الزمهرير،

_____________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ٥٧٤.

٤٨٩

فكانت الكوانين المتوقّدة بالنار تُجعَل حوله، وتُدنى منه حتّى تحرق جِلده وهو لا يحسّ بها، حتّى هلَك عليه لعائن اللّه.

حقوق الرعيّة على الحاكم:

والحاكم بصفته قائد الأُمّة وحارسها الأمين مسؤول عن رعايتها وصيانة حقوقها، وضمان أمنها ورخائها، ودرء الأخطار والشرور عنها.

وإليك أهمّ تلك الحقوق:

أ - العدل:

وهو أقدس واجبات الحكّام، وأجلّ فضائلهم، وأخلَد مآثرهم، فهو أساس المُلك، وقوام حياة الرعيّة، ومصدر سعادتها وسلامها. وكثيراً ما يُوجب تمرّد الناس على اللّه تعالى، وتنكبّهم عن طاعته ومنهاجه تسلّط الطغاة عليهم واضطهادهم بألوان الظُّلامات كما شهدت بذلك أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام :

فعن الصادقعليه‌السلام عن آبائه عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال:

( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال اللّه جلّ جلاله: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خلقت الملوك وقلوبهم بيدي، فأيُّما قومٍ أطاعوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم رحِمَة، وأيُّما قومٍ عصوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم سخِطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبِّ الملوك، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم )(١) .

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٠ عن أمالي الشيخ الصدوق.

٤٩٠

وقد بحثت في القسم الأوّل مِن هذا الكتاب موضوع العدل وفضائله وأنواعه فراجعه هناك.

ب - الصلاح:

ينزع غالب الناس إلى تقليد الحكّام والعظماء تشبّهاً بهم ومحاكاةً لهم، ورغبةً في جاههم ومكانتهم.

ولهذا وجَب اتّصاف الحاكم بالصلاح وحُسن الخُلُق وجمال السيرة والسلوك ليكون قدوةً صالحة ونموذجاً رفيعاً تستلهمه الرعيّة وتسير على هديه ومنهاجه.

وانحراف الحاكم وسوء أخلاقه وأفعاله يدفع غالب الرعيّة إلى الانحراف وزجّها في متاهات الغواية والضلال، فيعجز الحاكم آنذاك عن ضبطها وتقويمها.

ونفسك فاحفظها مِن الغيّ والردى

فمتى تغواها تغوي الذي بكَ يَقتدي

وفي التأريخ شواهدٌ جمّة على تأثّر الشعوب بحكّامها، وانطباعها بأخلاقهم وسجاياهم حميدةً كانت أو ذميمة كما قيل: - الناس على دين ملوكهم.

ج - الرفق:

ويجدر بالحاكم أنْ يسوس الرعيّة بالرفق وحُسن الرعاية، ويتفادى سياسة العُنف والإرهاب، فليس شيءٌ أضرّ بسمعة الحاكم وزعزعة كيانه مِن الاستبداد والطغيان.

وليس شيءٌ أضرّ بالرعيّة، وأدعى إلى إذلالها وتخلّفها مِن أنْ تُساس بالقسوة والاضطهاد.

فعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلاّ شانه )(١) .

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٨٦ عن الكافي.

٤٩١

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن كان رفيقاً في أمره، نال ما يُريد مِن الناس )(١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في عهده إلى مالك الأشتَر: ( وأشعِر قلبَك الرحمة للرعيّة، والمحبّة لهم واللطف بهم، ولا تكوننّ سبُعاً ضارياً تغتنم أكلَهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، وإمّا نظيركَ في الخلق، يفرط منهم الزلَل، وتعرُض لهم العِلل، ويُؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فاعطهم مِن عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ وترضى أنْ يعطيك اللّه مِن عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، واللّه فوق مَن ولاّك، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم ).

وبديهيّ أنّ الرفق لا يجمل وقعه ولا يحمد صنيعه إلاّ مع النبلاء الأخيار، أمّا الأشرار العابثون بأمن المجتمع وحرماته فإنّهم لا يستحقّون الرفق ولا يليق بهم، إذ لا تجديهم إلاّ القسوة الزاجرة والصرامة الرادعة عن غيّهم وإجرامهم.

إذا أنتَ أكرمت الكريم ملكته

وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمرّدا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

مضرٌ كوضعِ السيف في موضع الندى

مظاهر الرفق:

وللرفق صورٌ رائعة ومظاهر خلاّبة، تتجلّى في أقوال الحاكم وأفعاله.

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٨٧ عن الكافي.

٤٩٢

أ - فعليه أنْ يكون عف اللسان، مهذّب القول، مجانباً للبذاء.

ب - وأنْ يكون عطوفاً على الرعيّة يتحسّس بآلامها ومآسيها، فإذا داهمها خطر، وحاق بها بلاءٌ سارَع لنجدتها ومواساتها والتخفيف مِن بؤسها وعنائها.

ج - وأنْ يتفادى إرهاق الرعيّة بالإتاوات الباهضة، والضرائب الفادحة الباعثة على شقائها وعنتها.

آثار الرفق:

للرفق خصائص وآثار طيّبة تفيء على الحاكم والمحكوم بالخير والوئام. فهو مدعاة حبّ الرعيّة للراعي وإخلاصها له وتفانيها في سبيله.

كما هو عاصم للرعيّة عن الملق والنفاق الناجمين مِن رهبة الحاكم المتجبّر والخوف مِن بطشة وفتكه. وقد مدح اللّه رسوله الأعظم بالرفق والعطف فقال تعالى:

( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ( آل عمران: ١٥٩ ).

د - اختبار الأعوان:

لا يستطيع الحاكم مهما أوتي مِن قدرة وكفاءة أنْ يستقلّ بسياسة الرعيّة، ويضطلع بمهامّ الحُكم وإدارة جهازه، فهو لا يستغني عن أعوان يؤازرونه على تحقيق أهدافه وإنجاز أعماله.

٤٩٣

ولهؤلاء الأعوان أثرٌ كبيرٌ وخطير في توجيه الحاكم وتكييف أخلاقه وآرائه حسبما تتّصف به مِن خلالٍ وميولٍ رفيعةٍ أو وضيعة.

لذلك كان على الحاكم أنْ يختار بطانته وأعوانه مِن ذوي الكفاءة والنزاهة والصلاح، لتمحضه النصيحة، وتؤازره على إسعاد الرعيّة وتحقيق آمالها وأمانيها، دونما نزوع إلى إثرة أو محاباة تضرّ بصالح الرعيّة وتجحف بحقوقها.

هـ - محاسبة العمّال والموظفين:

كثيراً ما يزهو الموظّف بمنصبه ونفوذه، ويستحوذ عليه الغرور فيتحدّى الناس، ويتعالى عليهم، ويمتهن كرامتهم ويهمل أعمالهم ولا ينجزها إلاّ بدافعٍ مِن الطمع أو المُحاباة، الخوف أو الرجاء ممّا يُعرقل مهمّاتهم ويستثير سخطِهم وحنقهم على جهاز الحكم. لهذا يجب على الحاكم مراقبة الموظفين ومحاسبتهم على أعمالهم ومكافأة المُحسن منهم على إحسانه، ومعاقبة المُسيء على إساءته، ليؤدّي كلّ فردٍ منهم واجبة نحو المجتمع، وليستشعر الناس مفاهيم العزّة والكرامة والرخاء.

وبذلك تتّسق شؤون الرعيّة، ويسودها العدل، وتنجو مِن مآسي الملَق والتزلّف إلى الموظّفين بالرشا وألوان الشفاعات.

و - إسعاد الرعيّة:

والحاكم بوصفه قائد الأُمّة وراعيها الأمين، فهو مسؤول عن رعايتها والعناية بها، والحرص على إسعادها ورقيّها مادّياً وأدبيّاً. وذلك: بتفقّد شؤون الرعيّة، ورعاية مصالحها وضمان حقوقها وإشاعة الأمن والعدل والرخاء فيها، وتصعيد مستوياتها العلميّة والصحيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة

٤٩٤

والعمرانيّة: بنشر العِلم وتحسين طُرق الوقاية والعلاج وتهذيب الأخلاق والاهتمام بالتنمية الصناعيّة والزراعيّة والتجارية، بالأساليب العلميّة الحديثة واستغلال الموارد الطبيعيّة، وتشجيع المواهب والطاقات على الإبداع في تلك المجالات على أفضل وجه مُمكن.

وبذلك تتوطّد دعائم المُلك، وتعلو أمجاد الأُمم، وتتوثّق أواصر الودّ والإخلاص بين الحاكم والمحكوم، ويتبوّأ الحاكم عرش القلوب. ويحظى بخلود الذكر وطيب الثناء.

وقد عرضت في حقوق المجتمع الإسلامي طرَفاً مِن حقوق أفراده تندّرج في حقوق الرعيّة على الحاكم، باعتباره المسؤول الأوّل عن رعايتها وصيانة حقوقها، وضمان أمنها ورخائها.

حقوق الحاكم على الرعيّة

الحاكم العادل هو: قطب رَحى الأُمّة، ورائد نهضتها، وباني أمجادها، وحارسها الأمين، وهو عنصرٌ فعّال مِن عناصر المجتمع، وجزءٌ أصيل لا يتجزّأ عنه، لهذا وجَب أنْ يكون التجاوب في العواطف والمشاعر قويّاً بين الحاكم والمحكوم، والراعي والرعيّة ؛ ليستطيع الأوّل أداء رسالته الإصلاحيّة لأُمّته، وتحقيق أهدافها وأمانيّها، ولتنال الأُمّة في ظلال حكمه مفاهيم الطمأنيّنة والحريّة والرخاء.

لذلك كان للحاكم حقوق على الرعيّة إزاء حقوقها عليه، وكان على

٤٩٥

كل منهما رعاية حقوق الآخر، والقيام بواجبه نحوه.

وهذا ما أوضحه أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال:

( فليست تصلح الرعيّة إلاّ بصلاح الولاة، ولا تصلُح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه، وأدّى الوالي إليها حقّها، عزّ الحقّ بينهم، وقامت مناهج الدين واعتدلَت معالِم العدل، وجرت على إذلالها السُنن، فصلُح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.

وإذا غلبَت الرعيّة واليها، وأجحَف الوالي برعيّته، اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثُر الإدغال في الدين، وتُرِكت محاجّ السنن، فعُمِل بالهوى وعُطّلت الأحكام، وكثُرت عِلل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حقٍّ عُطّل، ولا لعظيم باطلٍ فُعِل، فهناك تذلّ الأبرار، وتعزّ الأشرار، وتعظُم تَبِعات اللّه عند العباد )(١).

وإليك مُجملاً مِن حقوق الحاكم:

١ - الطاعة: للحاكم حقّ الطاعة على رعيّته فيما يرضي اللّه عزّ وجل، حيثُ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

والطاعة هي: المشجّع الأوّل للحاكم على إخلاصه للرعيّة، وتحسّسه بمشاعرها وآلامها، ودأبه على إسعادها وتحقيق آمالها وأمانيها.

أمّا التمرّد والعصيان والخُذلان فهي خلال مقيتة تستفزّ الحاكم وتستثير نقمته على الرعيّة، وبطشه بها، وتقاعسه على إصلاحها ورقيّها، ومِن

_____________________

(١) نهج البلاغة. مِن كلام لهعليه‌السلام في حقّ الحاكم على المحكوم.

٤٩٦

ثمّ إحباط جهوده الهادفة البنّاءة في سبيلها.

انظر كيف يوصي الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام شيعته بطاعة الحاكم: ( يا معشَر الشيعة، لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإنْ كان عادلاً فاسألوا اللّه إبقاءه، وإنْ كان جائراً فاسألوا اللّه إصلاحه، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبّوا له ما تحبّون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم )(١) .

٢ - المؤازرة: والحاكم مهما سمت كفاءته ومواهبه، فإنّه قاصر عن الاضطلاع بأعباء الملك، والقيام بواجبات الرعيّة وتحقيق منافعها العامّة، ومصالحها المشتركة إلاّ بمؤازرة أكفائها، ودعمهم له، ومعاضدتهم إيّاه بصنوف الجهود والمواهب الماديّة والمعنويّة، الجسميّة والفكريّة. وبمقدار تجاوبهما وتضامنهما يستتبّ الأمن، ويعمّ الرخاء ويسعد الراعي والرعيّة.

٣ - النصيحة: كثيراً ما يستبدّ الغرور بالحاكم، وتستحوذ عليه نشوة الحكم وسكرة السلطان، فينزع إلى التجبّر والطغيان، واستعباد الرعيّة، وخنق حرّيتها، وامتهان كرامتها، واستباحة حرماتها، وسومها سوء المذلّة والهوان.

وهذا ما يُحتّم على الغيارى مِن قادة الرأي، وأعلام الأُمّة أنْ يبادروا إلى نصحه وتقويمه، والحدّ من طغيانه، فإنْ أجدى ذلك، وإلاّ فقد أعذر المصلحون وقاموا بواجب الإصلاح.

وقد جاء في الحديث عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّ

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٨ عن أمالي الشيخ الصدوق.

٤٩٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

( السلطان ظلّ اللّه في الأرض، يأوي إليه كلّ مظلوم، فمَن عدَل كان له الأجر، وعلى الرعيّة الشكر، ومَن جار كان عليه الوزر وعلى الرعيّة الصبر، حتّى يأتيهم الأمر )(١) .

أمّا في العصر الحاضر وقد تطوّرت فيه أساليب الحياة، ووسائل الإصلاح، فلَم يعد الحكّام يستسيغون العظة والنصح ولا تجديهم نفعاً.

مِن أجل ذلك فقد استجازت الحكومات المتحضّرة نقد حكّامها المنحرفين عن طريق البرلمانات والصحف والمذكّرات التي تندّد بأثرتهم وأنانيّتهم، وتنذرهم عليها بلعنة الشعب، وثورته الماحقة على الطغاة والمستبدين.

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة. ص ٢١٤ عن أمالي الشيخ ابن عليّ ابن الشيخ الطوسي.

٤٩٨

حاجات الجسم والنفس

يتألّف الإنسان مِن عنصرين: عنصر الجسَد، وعنصر الروح، وهما مترابطان ترابطاً وثيقاً، ومتفاعلان تفاعلاً قويّاً، لا ينفكّ أحدهما عن الثاني إلاّ بتصرّم العمر، ونهاية الحياة، وسعادة الإنسان وهناؤه الجسمي والفكري منوطٌ بصحّة هذين العنصرين وسلامتهما معاً.

لهذا كان على ناشد السعادة ومبتغيها أنْ يعني بهما عناية فائقة تضمن صحّتهما وازدهارهما، وصيانتهما مِن المضار.

ولكلّ مِن الجسم والروح أشواقه وحاجاته:

فحاجات الجسم هي: المآرب الماديّة الموجبة لنموه وصحّته وحيويّته، كالغذاء والشراب والكساء ونحوها مِن ضرورات الحياة.

وحاجات الروح هي: الأشواق الروحيّة والنفسيّة التي تتعشّقها الروح، وتهفو إليها، كالمعرفة، والحريّة، والعدل، وراحة الضمير ورخاء البال وما إلى ذلك من المثل العليا والأماني الروحيّة. ولا مناص مِن تلبية هذه المآرب والرغائب الجسميّة والروحيّة لتحقيق صحّة الجسم والروح، وضمان هنائهما المرجو.

فحرمان الجسم مِن أشواقه يفضي به إلى الضعف والسقم والانحلال

٤٩٩

وحرمان الروح والنفس من أمانيها، يقودها إلى الحيرة والقلق والشقاء.

والسعادة الحقّة منوطة بصحّة الجسم والنفس وازدهارهما معاً ورعاية حقوقهما الماديّة والروحيّة.

حقوق الجسَد:

وتتلخّص هذه الحقوق في رعاية القوانين الصحيّة، وأتباع الآداب الإسلاميّة الكفيلة بصحّة الجسم وحيويّته ونشاطه، كالاعتدال في الطعام والشراب وتجنّب الكحول والعادات الضارّة، كالخمر والحشيش والأفيون والتوقّي مِن الشهوات الجنسيّة الآثمة، واعتياد النظافة، وممارسة الرياضة البدنيّة، ومعالجة الأمراض الصحيّة ونحو ذلك مِن مقوّمات الصحّة وشرائطها ممّا هو معروف لغالب الناس لتوفّر التوعية الصحيّة، والنصائح الطبّية في حقول الإعلام الصحفي والإذاعي. فلا أجد حاجة إلى تفصيله والإطناب فيه.

حقوق النفس:

بيد أنّ صحّة النفس ووسائل وقايتها وعلاجها، وعوامل رقيّها وتكاملها، ورعاية حقوقها وواجباتها، يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون لقلّة احتفائهم بالقيم الروحيّة والمفاهيم النفسيّة، وجهلهم بعلل النفس وانحرافاتها، وما تعكسه مِن آثار سيّئة على حياة الناس.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517