من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 189533
تحميل: 8108

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189533 / تحميل: 8108
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

من شواهد المـُبلِّغين

١

٢

٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيدنا ونبيِّنا محمّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ )

إنَّ للقصّة وقعاً شديداً في القلب، فهي الحديث الشائق الذي تُصغي إليه كل الأسماع، وهي المادّة التي لا يتغيّر طعمها حتى مع تفاوت المستويات، يتوجّه إليها الكبير كما يتوجّه إليها الصغير، ويتوجّه إليها المتعلِّم كما يتوجّه إليها الأُمّيّ، لا تُكلّف الفكر عناءً في الفهم، ولا تخون الذهن في الحفظ، فهي أول ما يُفهم من الكلام، وآخر ما يُنسى منه، وهي الوسيط الذي يستطيع أن يوصِل أدقّ الأفكار إلى الأذهان، مهما كان المستمع بليداً، يستعملها العاجز عن البيان، كما يستعملها البليغ، فهذا القرآن الكريم يزخر بالقصص، فمن قصّة موسىعليه‌السلام إلى قصّة يوسفعليه‌السلام ، ومن قصّة مريمعليها‌السلام إلى قصّة سليمانعليه‌السلام إلخ.

مادّة الكتاب وترتيبها

وقد جمعتُ في هذا الكتاب، عدداً من القصص المتفاوتة التي تنتهي بعِبَر تتعلَّق بجوانب عديدة من المواضيع الدينية والأخلاقية، مُتحاشياً الطويل منها، لعرضته للإملال، وانحصار النفع فيه ببعض المجالس ...

٥

وبما أنّ القصّة الواحدة ربّما تكون مشتملة على أكثر من جانب، وتصلح لأن تكون وسيلة للوصول إلى أكثر من هدف، فقد ذكرت - حسب نظري القاصر - عدداً من المواضيع التي يمكن أن تكون القصّة شاهداً عليها، ووضعتها تحت عنوان (مواضيع الإدراج).

ومن أجل تعميم الفائدة وإغناء الجانب الذي من أجله تُذكر القصّة؛ ذكرت بعضاً من الآيات والأحاديث والأشعار والأقوال المتعلِّقة بذلك الجانب، ووضعتها تحت عنوان (إنارة وإضفاء)، وبما أنّ بعض القصص ربّما تتّفق في بعض الجوانب، اقتصرت في ذكر (الإنارة والإضفاء) على واحدة منها اعتبرتها الأساس، وأشرت إلى القصص الأُخرى التي توافقها ذلك الجانب، فذكرت أرقامها وذلك تحت عنوان (استعانة) ودلّلت على القصص الأساس بفهرس ألحقته بهذا الكتاب.

تسمية الكتاب

ومن الواضح أنّ فهم محتويات هذا الكتاب ليس منحصراً بمستوى دون آخر، فهو مُتيسّر لكل مَن يُحسن القراءة، ولكنَّ المبلِّغين غالباً يستخدمون القصّة أو الآية والحديث أثناء حديثهم، فقد ارتأيت تسميته (من شواهد المـُبلِّغين)؛ إذ لا يعدو كونه مجموعة من الموادِّ الجاهزة التي تُساعد الطالب، أو الخطيب، أو المحاضر وغيرهم على إعداد أيِّ موضوع من المواضيع المذكورة في الفهرس بصورة سريعة، ومن دون أن يكون محكوماً لأسلوب غيره في الإعداد، بل يعدُّه بأسلوبه وعلى طريقته الخاصة، والله من وراء القصد، والحمد لله ربِّ العالمين.

أكرم الجزيني العاملي

٦

(الشاهد (1) )

إنَّما يخشى الله من عباده العلماءُ(1)

ينقل العالم الهندي، الدكتور عناية الله المشرقي، حادثة حصلت معه، فيقول: في يوم أحد من أيام سنة 1909، وكانت السماء تمطر بغزارة، وخرجت من بيتي لحاجة ما، وإذا بي أرى الفلكي المشهور (السيّد جيمس جينز)، الأستاذ بجامعة كامبردج، ذاهباً إلى الكنيسة، متأبِّطاً الإنجيل والمظلّة، فدنوت منه وسلّمت عليه، فلم يردّ عليّ، فسلّمت مرّة أُخرى، فسألني: (ماذا تريد منّي؟ ). فقلت له: أمرين - يا سيّدي -.

الأول: هو أنّ مظلّتك تحت إبطك؛ على الرغم من شدّة المطر؟! فابتسم السيّد جيمس، وفتح مظلّته فوراً.

فقلت له:والآخر: هو استفهامي عن الذي يدفع رجلاً - مثلك - ذائع الصيت في العالم أن يتوجّه إلى الكنيسة؟!

وأمام هذا السؤال توقّف السيّد جيمس لحظة، ثمّ قال: (عليك اليوم أن ترتشف شاي المساء عندي).

وعندما وصلت إلى داره في المساء، خرجت (السيّدة جيمس) الساعة الرابعة تماماً، وأخبرتني أنّ السيّد جيمس ينتظرني.

وعندما دخلت عليه غرفته، وجدت أمامه منضدة صغيرة، موضوعاً عليها عدَّة الشاي، وكان السيد شارداً يتفكّر، وعندما شعر بوجودي سألني: (ماذا كان سؤالك؟). ودون أن ينتظر ردّي، بدأ يشرح عن تكوين الأجرام السماوية، ونظامها المـُدهش، وأبعادها وفواصلها غير المحدودة، وطرقها، ومداراتها وجاذبيتها، وطوفان أنوارها المـُذهلة، حتّى إنَّني شعرت أنّ قلبي يهتزّ بهيية الله وجلاله، وأما السيّد جيمس، فوجدت شعر رأسه مقشعرّاً، والدموع تنهمل من عينيه، ويديه

____________________

(1) الإسلام يتحدّى.

٧

ترتعدان من خشية الله، وصمت فجأة، ثمّ بدأ يقول: (يا عناية الله، عندما أُلقي نظرة على روائع خلق الله، يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي، وعندما أركع أمام الله، وأقول له: (إنّك عظيم). أجد أنّ كلّ جزء من كياني يستجيب لهذا الدعاء، وأشعر بسكون وسعادة عظيمَين، وأحسّ بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرّة، أفَهِمت - يا عناية الله خان - لماذا أذهب إلى الكنيسة؟

ويُضيف العلاّمة عناية الله قائلاً: لقد أحدثت هذه التفاصيل ثورة في أعماقي، فقلت له: (يا سيّدي، لقد تأثّرت جدّاً بالتفاصيل العلمية التي ذكرتموها، وذكَّرتني بشيء من آي كتابي المقدّس - القرآن - فلو سمحتم لي قرأتها عليكم).

فهزّ رأسه قائلاً: بكلّ سرور.

فقرأت عليه: ( .. وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النّاسِ وَالدّوَابّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) فاطر - 27.

فصرخ السيد جيمس قائلاً: ماذا قلت؟!:إنّما يخشى الله من عباده العلماء؟! مدهش! غريب وعجيب جدّاً!! إنّ الأمر الذي كشفت عنه دراسة ومشاهدةً استمرّت خمسين سنة! من أنبأ محمداً به؟! هل ما قرأت عليّ في القرآن حقّاً؟ لو كان الأمر كذلك، فاكتب شهادة منِّي:أنّ القرآن كتاب موحى من عند الله.

ويستطرد السيّد جيمس قائلاً: لقد كان محمد أُمّيّاً، ولا يمكنه أن يكشف عن هذا السرّ بنفسه، ولكنّ الله هو الذي أخبره بهذا السرِّ مدهشّ..! وغريب، وعجيب جدّاً!!

(مواضيع الإدراج)

* التفكّر في خلق الله تعالى.

* الإيمان والهداية.

٨

* الدّين الإسلاميّ.

* إعجاز القرآن الكريم.

(إنارة وإضفاء)

(التّفكُّر في خلق الله تعالى)

قرآن كريم:

* ( إِنّ فِي خَلْقِ السّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللّيْلِ وَالنّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ * الّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى‏ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّماوَاتِ وَالأَرْضِ رَبّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ ) آل عمران / 190 - 191.

حديث شريف:

* ( وصف النملة ): قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( لو فكَّروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق، وخافوا عذاب الحريق، ولكنّ القلوب عليلة، والبصائر مدخولة، ألا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوَّى له العظم والبشر.

انظروا إلى النملة في صغر جثّتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمُستدرك الفكر، كيف دُبّت على أرضها، وصُبّت على رزقها، تنقل الحبّة إلى جِحرها، وتُعدُّها في مُستقرِّها، تجمع في حَرِّها لبردها وفي وِردها لصدرها، مكفول برزقها، مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنَّان، ولا يحرمها الديّان، ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس.

٩

ولو فكّرت في مجاري أكلها، وفي عُلوِها وسُفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأُذنها، لقضيت من خلقها عَجباً، ولقيت من وصفها تعباً، فتعالى الذي أقامها على قوائمها وبناها على دعائمها، ولم يُشركه في فطرتها فاطر، ولم يُعِنْه في خلقها قادر، ولو ضربتَ في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلّتك الدلالة إلاّ على أنّ فاطر النملة هو فاطر النخلة؛ لدقيق تفصيل كلّ شيء وغامض اختلاف كلّ حيّ، وما الجليل واللّطيف، والثقيل والخفيف، والقويّ والضعيف في خلقه إلاّ سواء.

وكذلك السماء والهواء، والرياح والماء، فانظر إلى الشمس والقمر، والنبات والشجر، والماء والحجر، واختلاف هذا الليل والنهار، وتفجُّر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال، وتفرُّق هذه اللغات، والألسن المـُختلفات.

فالويل لمـَن أنكر المقدِّر! وجحد المدبِّر! زعموا أنّهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، ولم يلجؤوا إلى حجّة فيما ادّعوا، ولا تحقيق لما أوعوا، وهل يكون بناء من غير بانٍ، أو جناية من غير جانٍ؟! / نهج البلاغة.

حكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( رحم الله امرءاً تفكَّر فاعتبر، واعتبر فأبصر ).

- ( التفكّر في ملكوت السموات والأرض عبادة المـُخلَصين ) / غرر الحكم.

شعر:

* (يا مَن يرى مدَّ البعوض جناحها):

يا مَن يرى مدَّ البعوض جناحها

في ظلمة الليل البهيم الأليلِ

ويرى مناط عروقها في نحرها

والمخّ من تلك العظام النحلِ

ويرى خرير الدّمِّ في أوداجها

متنقِّلاً من مفصل في مفصلِ

ويرى وصول غذا الجنين ببطنها

في ظلمة الأحشا بغير تمقُّلِ

١٠

ويرى مكان الوطء من أقدامها

في سيرها وحثيثها المـُستعجلِ

ويرى ويسمع حسّ ما هو دونها

في قاع بحر مُظلم متهوّلِ

أمنن عليَّ بتوبة تمحو بها

ما كان منِّي في الزّمان الأولِ

* (وفي كلّ شيء له آية):

فيا  عجباً كيف يعصي الإله

أم كيف يجحده الجاحدُ

ولله في كلِّ تحريكةٍ

وتسكينة أبداً في النّاس شاهدُ

وفي  كلِّ شيء له آية

تدلُّ على أنّه واحدُ

(الإيمان والهداية)

قرآن كريم:

*( وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) التغابن / 11.

*( كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيَما اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى‏ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) البقرة / 213.

حديث شريف:

* روي أنّ داودعليه‌السلام خرج مُصحراً مُنفرداً، فأوحى الله إليه: (يا داود، مالي أراك وحدانياً؟!). فقال: إلهي، اشتدّ الشوق منّي إلى لقائك، وحال بيني وبين خلقك، فأوحى الله إليه: ( ارْجِع إليهم؛ فإنّك إن تأتني بعبد آبق - ( أي تهدي ضالاَّ ) - أُثبِّتك في اللوح حميداً ). / ميزان الحكمة عن البحار.

١١

حكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( كيف يهتدي الضليل مع غفلة الدليل؟! ).

- ( طوبى لمـَن بادر الهدى قبل أن تُغلَق أبوابه! ).

- ( كيف يستطيع الهدى مَن يغلبه الهوى ).

- ( إذا استخلص الله عبداً ألهمه الديانة ). / غرر الحكم.

استعانة:

قصّة: استجاب الله دعوتك / الشاهد (43).

قصّة: قد أُجيبت الدّعوة / الشاهد (59).

إنارة الشاهد (7) / منطق إبليس.

إنارة الشاهد (52) التوبة قبل الموت / الحمد لله الذي أنجى بيَ نسمة.

١٢

(الشاهد (2) )

إنّ لله عزّ وجلّ لوحاً محفوظاً(1)

كتب ملك الرّوم إلى عبد الملك: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة، لا غزونَّك بجنود مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف.

فكتب عبد الملك إلى الحجّاج، أن يبعث إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام ويتوعَّده - مهدِّداً - ويكتب إليه ما يقول؛ ففعل.

فقال الإمام زين العابدينعليه‌السلام : ( إنّ لله عزّ وجلّ لوحاً محفوظاً، يلحظه في كلّ يوم ثلاثمئة لحظة، وليس منها لحظة إلاّ يُحيي فيها ويُميت، ويُعزّ ويُذلّ، ويفعل ما يشاء، وإنّي لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة ).

فكتب بها الحجّاج إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الرّوم، فلمـّا قرأه قال: ما خرج هذا إلاّ من كلام النبوّة.

(مواضيع الإدراج)

* الإماتة والإحياء.

* الإعزاز والإذلال وتبدُّل الأحوال.

* الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

* علم أهل البيتعليهم‌السلام .

____________________

(1) مناقب آل أبي طالب.

١٣

(إنارة وإضفاء)

الإماتة والإحياء

قرآن كريم:

* قال تعالى في نبيّه عُزيرعليه‌السلام :( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة / 259.

قصة:

* (سكتة الطبرسيّ): من عجيب أمر الطبرسي (صاحب تفسير مجمع البيان)، بل من غريب كراماته ما اشتهر بين الخاص والعام أنّه أُصيب بالسكتة، فظنّوا أنّه توفِّي، فغسّلوه وكفّنوه ودفنوه، ثمّ رجعوا، فلمـّا أفاق وجد نفسه في القبر، ومسدوداً عليه سبيل الخروج منه من كلّ جهة، فنذر في تلك الحالة أنّه إذا نجا من تلك الداهية ألَّفَ كتاباً في تفسير القرآن، فاتّفق أنّ بعض النبّاشين قصده لأخذ كفنه، فلمـّا كشف عن وجه القبر أمسك الشيخ بيده، فتحيّر النبّاش من دهشة ما رآه ثمّ تكلّم معه، فازداد به قلقاً، فقال له: لا تخف أنا حيّ، وقد أصابني السّكتة ففعلوا بي هذا.

ولمـّا لم يقدر على النهوض والمشي من شدَّة ضعفه؛ حمله النبّاش على عاتقه، وجاء به إلى بيته الشريف، فأعطاه الخلعة وأولاه مالاً جزيلاً، وتاب النبّاش على يده، ثمّ إنّه بعد ذلك وَفَى بنذره الموصوف، وشرع في تأليف (مجمع البيان). / روضات الجنات.

١٤

(الإعزاز والإذلال وتبدُّل الأحوال)

قرآن كريم:

( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران / 26.

حكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( مَن تعزّز بالله لم يُذلَّه سلطان ).

- ( مَن اعتزّ بغير الله ذلَّ ).

- ( مَن اعتزّ بغير الحقّ أذلَّه الله بالحقِّ ). / غرر الحكم.

استعانة:

قصّة: أنا والله ذلك السائل / الشاهد (98).

قصّة: ويفرح بالمولود من آل برمك / الشاهد (99).

قصّة: كنّا في عوار ارتجعها الدّهر منّا / الشاهد (100).

قصّة: ألا موت يُباع فأشتريه / الشاهد (72).

إنارة الشاهد (51) برّ الأب / أنظر البرّ ما بلغ بأهله.

١٥

(الشاهد (3) )

أجيزوا كَذِبَه وأدخلوه الجنَّة(1)

ورد في بعض الأحاديث: ( إذا كان يوم القيامة جيء بعبد، فيؤمَر به إلى النّار، فيلتفت، فيقول الله تعالى: ( ردُّوه ). فلمـّا أُتي به قال له: ( عبدي لم التفتّ؟! ).

فيقول: يا ربّ، ما كان ظنّي بك هذا، فيقول الله تعالى: ( وما كان ظنّك؟! ).

فيقول: يا ربّ، إنّ ظنّي بك أن تغفر لي وتُسكنني - برحمتك - جنّتك.

فيقول الله تعالى: ( يا ملائكتي، وعزّتي وجلالي، وآلائي وبلائي، وارتفاع مكاني، ما ظنّ بي هذا ساعة من خير قطّ، ولو ظنّ بي ساعة من خير، ما روّعته بالنار - ثمّ يضيف - أجيزوا كذبه وأدخلوه الجنّة ).

(مواضيع الإدراج)

* رحمة الله تعالى.

* موجبات للرحمة.

* حُسن الظنّ بالله تعالى.

* عفو الله تعالى.

____________________

(1) كلمة الله.

١٦

(إنارة وإضفاء)

(رحمة الله تعالى)

حديث شريف:

* عن رسول الله، أنّه قال: ( إنّ الله خلق يوم خلق السموات والأرض مئة رحمة، كلّ رحمة طِباق ما بين السموات والأرض، فجعل منها رحمة في الدّنيا، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، وأخَّرَ تسعاً وتسعين، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ). / عن ثواب الأعمال.

* وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ رجلاً يدخل النّار، فيمكث فيها ألف سنة يُنادي: يا حنّان، يا منّان. فيقول الله لجبرئيل: اذهب فأتني بعبدي. فيجيء به، فيُوقفه على ربِّه، فيقول الله له: كيف وجدت مكانك؟! فيقول: شرُّ مكان. فيقول: ردّه إلى مكانه. قال: فيمشي ويلتفت إلى ورائه، فيقول الله عزّ وجلّ: إلى أيِّ شيء تلتفت؟! فيقول لقد رجوت ألا تُعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها. فيقول الله تعالى: اذهبوا به إلى الجنّة ). / جامع السعادات.

حديث وقصّة:

* قال بعض العلماء: حججت في بعض السنين، فبينما أنا أطوف بالبيت، إذا بأعرابي موشَّح جلد غزال، وهو يقول:

أما تستحي يا ربّ أنت خلقتني

أُناجيك عُرياناً وأنت كريم

قال: فحججت في العام القابل، ورأيت الأعرابي وعليه ثياب وحشم وغلمان، فقلت له: أنت الذي رأيتك في العام الماضي، وأنت تُنشد ذلك البيت؟

قال: نعم، خدعت كريماً فانخدع.

هذا، وفي الحديث القدسي: ( يخدعني العبد فأنخدع ). / كشكول البهائي.

١٧

(موجبات للرحمة)

قرآن كريم:

* الإيمان بالله والاعتصام به:( فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ ) النساء / 175.

* طاعة الله والرسول:( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) آل عمران / 132.

* الصبر:( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) البقرة / 155 - 157.

* الإحسان:( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) الأعراف / 56.

* الاستغفار:( لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) النمل / 46.

* الإنصات للقرآن:( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف / 204.

* الإصلاح بين المؤمنين:( إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات / 10.

حديث شريف:

* بذْلُ الرحمة: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يُنادي منادٍ في النّار: يا حنّان، يا منّان، نجّني من النّار. فيأمر الله ملكاً، فيُخرجه حتى يقف بين يديه، فيقول الله عزّ وجل: هل رحمت عصفوراً؟! ) / ميزان الحكمة، عن كنز العمّال.

* وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً: ( الراحمون يرحمهم الرحمن يوم القيامة، ارحم مَن في الأرض يرحمْك مَن في السّماء ). / البحار.

* وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن أراد أن لا يُؤاخِذه الله تعالى يوم القيامة على قبيح أعماله، ولا ينشر له ديوان، فليدعُ بهذا الدعاء في دُبر كلّ صلاة، وهو: اللهمّ، إنَّ مغفرتك أرجى من عملي، وإنّ رحمتك أوسع من ذنبي، اللهمّ، إن كان ذنبي عندك عظيماً،

١٨

فعفوك أعظم من ذنبي، اللهمّ، إن لم أكن أهلاً أن أبلغ رحمتك، فرحمتك أهل أن تبلغني وتسعني؛ لأنّها وسعت كلّ شيء، برحمتك يا أرحم الراحمين ). / المـُستدرك.

استعانة:

قصّة: رقاع أنوشروان / الشاهد (96).

قصّة: ترحّمت على التيس فترحّمنا عليك / الشاهد (9).

(حسن الظنّ بالله تعالى)

حديث قُدسي:

* عن الإمام الرّضاعليه‌السلام : ( أحسن الظنّ بالله؛ فإنّ الله يقول: (أنا عند ظنِّ عبدي بي، إن خيراً فخيراً، وإن شرَّاً فشرَّاً ). / كلمة الله.

حديث شريف:

* قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يموتنَّ أحدكم حتى يُحسن الظنّ بالله عزّ وجلّ؛ فإنّ حُسن الظنِّ بالله عزّ وجلّ ثمن الجنّة ). / البحار.

حكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( مَن حسن ظنَّه بالله فاز بالجنّة ).

- ( لا يُحسن عبدٌ الظنّ بالله إلاّ كان الله عند حُسن ظنِّه ). / غرر الحكم.

قول:

* قال القشيري في رسالته: رؤي مالك بن دينار في المنام، فقيل له: ماذا فعل الله بك؟

١٩

فقال: قَدِمت على ربِّي بذنوب كثيرة، محاها عنِّي حُسن ظنِّي به. / روضات الجنّات.

* قال محمد بن الدنيد: بلغني أنّ بُهلولاً المجنون كتب على كفنه:( يا ربِّ، حقِّق حُسن ظنِّي بك ) / عقلاء المجانين.

شعر:

* (فأين حُسن ظنوني): للشهيد الأول (قدّس سِرُّه):

عظمت مُصيبة عبدك المسكين

في نوئه(1) عن مهر حورٍ عين

الأولياء تمتَّعوا بك في الدُّجى

بتهجُّد  وتخشُّعٍ وحنين

فطردتني عن قرع بابك دونهم

أترى لعُظم جرائمي سبقوني

أوَجدتَهم لم يُذنبوا فرحمتهم

أم أذنبوا فعفوت عنهم دوني

إن لم يكن للعفو عندك موضع

للمذنبين فأين حُسن ظنوني

* (والله أكرم منعم): في كشكول البهائي: قال في كامل التواريخ: في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، مات عبد الباقي محمد بن الحسين الشاعر البغدادي، وكان يُتَّهم بأنّه يطعن على الشرائع، فلمـّا مات كانت يده مقبوضة، فلم يُطِقْ الغاسل فتحها، وبعد جهد فُتحت، فإذا فيها مكتوب:

نزلت بجار لا يُخيِّبُ ضيفه

أرجي نجاتي من عذاب جهنّم

وإنّي على خوفي من الله واثقّ

بإنعامه والله أكرم منعم

(عفو الله تعالى)

قصّة:

* (فأرنا عفوك): حُكي عن بعضهم أنّه قال: كنّا مع إبراهيم بن أدهم في البحر، فلعبتْ بنا الريح وهاجت بنا الأمواج، واضطربت السفينة، وبكى النّاس

____________________

(1) بعده وعجزه.

٢٠