من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 190457
تحميل: 8183

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190457 / تحميل: 8183
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقال الغلام - بكلّ جسارة وشجاعة قلبٍ ثابت -: ما كان هذا بالوادي المـُقدّس حتّى أخلع نعليّ.

ثمّ أقبل الغلام وهو يدوس بنعليه ويقرأ قوله تعالى:( أَتَبْنُونَ بِكُلّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ * فَاتّقُوا اللّهَ وَأَطِيعُونِ ) الشعراء 128 - 131، فلمـّا سمع الحجّاج بهذا الكلام استوى جالساً، وكان مُستلقياً، ودخل الغلام بكلّ اطمئنان بدون كلام ولا سلام، بل جعل يقول: السلام على مَن اتّبع الهدى وخشي عواقب الرّدى، وأطاع المـَلك الأعلى.

فقال له بعض الحجّاب المرتزقة: لِمَ لا تُسلِّم على الأمير بالإمرة؟!

فقال الغلام: والله، ما عرفت لي أميراً إلاّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

فلمـّا سمع الحجّاج بكلامه، وأنّه فتى صلب الإيمان، وقويّ الجنان، لم تأخذه في الله لومة لائم، لا يخاف الموت ولا يهاب الطواغيت التفت إليه الحجّاج، وقال له: من أين أقبلت؟

قال الغلام: من بعض الأمصار.

فقال الحجّاج: إلى أين تُريد؟

فقال الغلام: إلى بعض المـُدن.

فقال الحجّاج: مَن أبوك؟

فقال الغلام: الذي زرعني.

فقال الحجّاج: مَن أمّك؟

فقال الغلام: التي ولدتني.

فقال الحجّاج: أحفظت القرآن؟

فقال الغلام: أوَ كان القرآن ضائعاً حتّى أحفظه؟!

فقال الحجّاج: أقرأت القرآن؟

فقال الغلام: ألم يقرأه مَن كان قبلي حتّى بقي إلى أن أقرأه أنا؟!

فقال الحجّاج: ويحَك! لقد أعيت الحيلة فيك فما أقول لك؟

فقال الغلام: قل: أَوَعيت بعض القرآن؟

فقال الحجّاج: أَوَعيت بعض القرآن؟

٢٨١

فقال الغلام: نعم.

فقال الحجّاج: اتلُ عليّ.

فقال الغلام: بسم الله الرحمن الرحيم، إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت النّاس يخرجون من دين الله أفواجاً ...

فلمـّا سمع الحجّاج بقراءته هذه، وأنّ النّاس يخرجون من دين الله أفواجاً قال له: ويلك! يا غلام، إنّه يدخلون في دين الله أفواجاً، ليس يخرجون أفواجاً.

فقال الغلام: نعم، هذا صحيح، ولكن كان ذلك في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمّا الآن، فإنّهم يخرجون من دين الله أفواجاً.

فقال الحجّاج: ولماذا يخرجون من دين الله أفواجاً؟!

فقال الغلام: لأنّك أنت أميرهم، وعبد الملك بن مروان خليفتهم.

فالتفت الحجّاج إلى جُلسائه وقال لهم: ما تُشيرون عليّ في أمر هذا الغلام؟

قالوا له بأجمعهم: اقتُلْه.

فلمـّا سمع الغلام مشورتهم، التفت إلى الحجّاج، وقال له: إنّ جلساء أخيك خير من جُلسائك.

فقال الحجّاج: ومَن أخي، أمُحمد بن يوسف الثقفي؟

فقال الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله وملائكته والنّاس أجمعين.

فأعاد عليه الحجّاج: ومَن هو أخي؟

فقال الغلام: إنّ أخاك فرعون، استشار قومه في أمر موسى وهارون فقالوا له:( أَرْجِهْ وَأَخَاهُ ) - أي أمهله - وهؤلاء يُشيرون عليك بقتلي.

فقال بعض جُلسائه: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا الغلام غريب اقطع لسانه بصلة.

فقال له الحجّاج: يا غلام، إنّا أمرنا لك بجائزة أوَ تقبلها؟

فقال الغلام: بيّض الله وجهك أيّها الأمير، وأعلى كعبك.

فصاح الحجّاج: يا جلاد اضرب عنقه.. اقتله.

فتعجّب الحاضرون من أنّه قد دعا له وهو يأمر بقتله، فقال بعض الحاضرين: يا أمير، هبه لي ولا تقتله.

٢٨٢

فقال الحجّاج: خُذْه، لا بارك الله لك فيه.

فضحك الغلام.

فقالوا له: ممّا ضحكت يا غلام؟

قال: ضحكت على عقليكما، لا أدري أيّكما أكثر حَمقاً من صاحبه، الذي أمر بأجل لم يَدْنُ، أم الذي استوهب أجلاً قد دنا!

ثمّ قال بعض الجالسين: أيّها الأمير، إنّه قد دعا لك، وأنت تأمر بقتله؟!

قال الحجّاج: والله، ما دعا لي، بل دعا عليّ؛ فإنّه بقوله: بيّض الله وجهك. أراد البرص والعمى، وأمّا قوله: أعلى الله كعبك. فأراد به الصّلب والشنق.

فقال الغلام: لعنك الله ما أفهمك، والله، ما أردت غير ذلك.

ثمّ إنّ الحجّاج قد أمر له بجائزة، وقال له: خُذْها ولا تبقَ في هذا البلد، فو الله، إن بقيت فيه لآمرنَّ بضرب عنقك.

فقام الغلام وخرج، فلمـّا خرج قال الحجّاج لبعض جلسائه: اتبعه واسأله عن حسبه ونسبه.

فتبعه رجل منهم وسأله.

فقال الغلام: (عقيلي).

فقال الرجل: غيّب وجهك عن الحجّاج.

فقال الغلام: والله، إنّي أكره أرضاً تطؤها قدماه، فكيف أسكن فيها؟!. / المجالس المرضية.

* (هارون من أهل الجنّة أم من أهل النّار): يُذكَر أنّ هارون العباسي سأل البهلول عن نفسه: هل هو من أهل الجنّة أم من أهل النّار؟

فأجابه البهلول: اعرض نفسك على القرآن، فانظر هل أنّ القرآن يقول لك: إنّك من أهل هذه أو من أهل هذه؟

قال هارون: في أيّ مكان من القرآن أجد ذلك؟

٢٨٣

قال البهلول: حيث يقول الله سبحانه: ( إِنّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) الانفطار - 14. فأطرق هارون رأسه إلى الأرض ولم يقل شيئاً. / مُمارسة التغيير.

* (قتلني الله بسعيد بن جبير سبعين قتلة): مقطع من الحوار الذي جرى بين الحجّاج بن يوسف وسعيد بن جبير قُبَيل قتله؛ قال الحجّاج لسعيد: ويلك! يا سعيد، أيّ قتلة تُريد أن أقتلك؟

قال: اختر لنفسك يا حجّاج، فو الله، لا تقتلني قتلة إلاّ قتلك الله مثلها في الآخرة.

قال: فتُريد أن أعفو عنك؟

فقال: إن كان العفو فمن الله، وأمّا منك فلا.

قال الحجّاج: لأُقطِّعنَّك قِطَعاً قِطَعاً، ولأُفرِّقنَّ أعضاءك عضواً عضواً.

قال: إذن؛ تُفسِد عليَّ دنياي، وأُفسد عليك آخرتك.

فقال: الويل لك!

قال: الويل لمـَن زُحْزِح عن الجنّة وأُدخل النّار.

فقال: اذهبوا به فاقتلوه. فلمـّا خرج من الباب ضحك، فأُخبر الحجّاج بذلك، فقال: ما أضحكك؟!

قال: جرأتك على الله وحِلم الله عنك.

فأمر بالنّطع فبسط، فقال: اقتلوه.

قال سعيد: ( وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّماوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )  الأنعام / 79.

قال الحجّاج: وجّهوه لغير القبلة.

فقال سعيد:( فَأَيْنََما تُوَلّوْا فَثَمّ وَجْهُ اللّهِ ) البقرة / 115.

فقال الحجّاج: كبوُّه لوجهه.

فقال سعيد:( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ) طه / 55.

فقال الحجّاج: اذبحوه.

٢٨٤

فقال سعيد: أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله.

ثمّ قال: اللهمّ، لا تسلّطه على أحد بعدي، فذُبِح على النّطع، ولم يبقَ بعده الحجّاج إلاّ خمس عشرة ليلة، ولم يُسلِّطه الله فيها على قتل أحد بعده، وكان الحجّاج في تلك المدّة كلّما نام رأى سعيد بن جبير آخذاً بمجامع ثوبه ويقول له: يا عدوّ الله، فيمَ قتلتني؟! فيستيقظ مذعوراً ويقول: مالي ولسعيد بن جبير؟!

ويُقال: إنّه رؤي الحجّاج بعد موته فقيل: ما فعل الله بك؟

قال: قتلني الله بكل قتيل قتلتُهُ قتلة، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة.

استعانة:

قصّة: إذِنْ نعفيك يا أبا بحر / الشاهد (13).

قصّة: دعْه فإنّه رآنا في غفلة / الشاهد (71).

قصّة: أدبُ الله وأدبُ رسوله / الشاهد (105).

قصّة: رفعت الطّين ووضعت الدّين / الشاهد (106).

٢٨٥

(الشاهد (63) )

الشاة هديّة للشيخ(1)

يُحكى أنّ الشيخ جعفر كاشف الغطاء كان قد توجّه من النجف إلى إيران، وصادف أن تحدّث يوماً في مجلس بعض الأُمراء، فكان من حديثه أن قال: إنّ المؤمن إذا تورّع عن أكل الحرام أربعين يوماً، عصمه الله من تناول طعام مُحرَّم.

فما كان من الأمير، إلاّ أن أوعز في الصباح إلى بعض الشّرطة بغصب شاة، فجاء بها، وطُبخت وجُعل كلّ الطعام منها، ثمّ دُعي الشيخ للأكل فأكل، وبعد انتهاء العشاء قال الأمير للشيخ: ذكرتم يوم أمس، أنّ المؤمن إذا تورّع عن الحرام، عصمة الله من تناول طعام مُحرّم، وجميع ما تناولته هو طعام مُحرّم.

فقال: وكيف ذلك؟

فقال الأمير: إنّي أوعزت إلى هذا الشرطي بغصب شاة، فجاء بها، وكان جميع الطعام منها.

تأمل الشيخ قليلاً ثمّ سأل الشرطي، وقال له: كيف كانت القصّة؟

قال: إنّي خرجت إلى خارج البلد، فشاهدت رجلاً فلاّحاً، ومعه شاة، فضربته وحبسته وأخذت منه الشاة.

فقال الشيخ: عليَّ بالرجل.

فجيء به وسُئل عن قصّته.

فقال: أنا من أهل ضيعة وبلغني أنّ عالمنا جاء من النجف الأشرف، فأعجبني أن أُهدي إليه شاة، فلمـّا وصلت قريباً من البلد، أخذها منّي هذا الشرطي، بعد أن ضربني وحبسني.

____________________

(1) نجفيات.

٢٨٦

(مواضيع الإدراج)

* التسديد الإلهي.

* المكر.

* الرزق الحلال.

(إنارة وإضفاء)

(التسديد الالهي)

حديث قدسي:

* (من أطاعني أطعته): عن الإمام الباقرعليه‌السلام : ( إنّ الله تعالى أوحى إلى داوودعليه‌السلام في شأن قومه: بلّغ قومك أنّه ليس من عبد منهم، آمِرُه بطاعتي فيُطيعني، إلاّ كان حقّاً عليّ أن أُطيعه وأُعينه على طاعتي، وإن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته، وإن اعتصم بي عصمته، وإن استكفاني كفيته، وإن توكّل عليّ حفظته من وراء عورته، وإن كاده جميع خلقي كنت دونه ). / عن عدّة الداعي.

* (مَن أهان لي ولياً): وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ( قال الله عزّ وجلّ: مَن أهان لي وليّاً، فقد أرصد لمـُحاربتي، وما تقرّب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى أُحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يمشي بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته ). / المـُستدرك.

٢٨٧

(المكر)

قرآن كريم:

*( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال / 30.

وقد نزلت هذه الآية في قصّة دار الندوة، عندما اجتمع المشركون وتشاوروا في أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل يسجنونه أم يقتلونه أم يخرجونه؟ واستقرّ الرأي أخيراً على القتل، وذلك بأن يجتمع من كلّ قبيلة رجل ويضربوا محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسيوفهم ضربة رجل واحد؛ فيضيع دمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمكروا، ومكر الله عزّ وجلّ بدفعه لمكرهم، بمبيت عليعليه‌السلام في الفراش، وبخيط العنكبوت على باب الغار. / مُلخَّص من مجمع البيان.

* ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) آل عمران / 54.

وقد نزلت هذه الآية في اليهود الذين أرادوا قتل عيسىعليه‌السلام غيلة، فرفعه الله تعالى إليه وألقى شَبَهه على مَن أراد اغتياله حتّى قُتِل، هذا، وقد أسند الله تعالى المكر إليه للمـُقابلة، وذلك من قبيل قوله:( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة /194. والثاني ليس باعتداء، وإنّما هو جزاء. / مُلخَّص من مجمع البيان.

*( وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السّيّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ ) فاطر / 43.

قصّة:

(مَن حفر بئراً لأخيه ): قال السيّد الجزائري: حكى لي بعض مَن أثقُ به، أنّ رجلاً في أصفهان، كان له زوجة، فاتّفق أنّه ضربها بعصا فماتت، من غير أن يتعمّد قتلها، فخاف من أهلها، وما اهتدى إلى الحيلة في أمره، فأتى إلى رجل فاستشاره في ذلك الأمر.

فقال له: اعمد إلى رجل صبيح الوجه، وأدخله بيتك، واقتله وضعه قريب المرأة المقتولة، فإذا سألك أقارب المرأة، فقل: رأيت هذا الرجل معها فقتلتهما.

٢٨٨

فاستحسن الرجل كلامه، فبينما هو جالس على باب داره، نظر إلى شابٍّ مارٍّ في الطريق، فطلبه إليه وأحسن صحبته، ثمّ كلّفه بالدّخول إلى داره، فأدخله وأطعمه، ثمّ حمل عليه بالسيف وقتله.

فلمـّا أظهر حال المرأة قال لأهلها: إنّ هذا الرجل كان معها فقتلتهما.

فقالوا: نْعِمَ ما فعلت.

ثمّ إنّ ذلك الرجل الذي أشار عليه، كان له ولد حَسَن الوجه، فافتقده ذلك اليوم، ولم يجده، فأتى إلى الرجل زوج المرأة فقال: الذي أشرت عليك فعلته؟

قال: نعم.

قال: أرني الذي قتلته، فأدخله إلى داره، فنظر إلى المقتول، فإذا هو ولده، فحثا التّراب على رأسه. / زهر الربيع.

٢٨٩

(الشاهد (64) )

ما فيه عيب إلاّ النّميمة(1)

في كتاب كشف الرّيبة للشهيد الثاني، قيل: باع بعضهم عبداً وقال للمشتري: ما فيه عيب إلاّ النميمة، قال: رضيت به، فاشتراه، فمكث الغلام أيّاماً، ثمّ قال لزوجة مولاه: إنّ زوجك لا يُحبّك، وهو يريد أن يتسرّى - التسرّي هو نكاح الأمَة - عليك، فخُذْي الموسى واحلقي من قفاه شعرات حتّى أسحره عليها فيُحبّك، ثمّ قال للزوج إنّ امرأتك اتّخذت خليلاً وتُريد أن تقتلك، فتناوم لها حتّى تعرف!!

فتناوم، وجاءت المرأة بالموسى، فظّن أنّها تقتله، فقام وقتلها، فجاء أهل المرأة وقتلوا الزوج، فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر.

(مواضيع الإدراج)

* النميمة.

* الكذب.

* السحر (الكتابة للمـَحبّة).

* الحمق.

____________________

(1) كشف الريبة.

٢٩٠

(إنارة وإضفاء)

(النّميمة)

حديث شريف:

* عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إنّ من أكبر السحر النّميمة، يُفرَّق بها بين المـُتحابَّين، ويُجلب العداوة على المـُتصافيَين، ويُسفك بها الدّماء، ويُهدم بها الدّور، ويُكشف بها السّتور، والنَّمّام أشرُّ مَن وطئ على الأرض بقدم ). / البحار.

شعر:

* (كالسّيل باللّيل):

مَن نَمَّ في النّاس لم تؤمَن عَقاربه

على الصّديق ولم تؤمَن أفاعيه

كالسّيل باللّيل لا يدري به أحد

من  أين جاء ولا من أين يأتيه

الويل للعهد منه كيف ينقضه

والويل للودِّ كيف يفنيه

استعانة:

قصّة: تلميذ الفضيل بن عياض / الشاهد (103).

قصّة: أدبُ الله وأدبُ رسوله / الشاهد (105).

(الكذب)

حديث شريف:

* قال رجل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المؤمن يزني؟

قال: ( قد يكون ذلك ).

قال: المؤمن يسرق؟

قال: ( قد يكون ذلك ).

يا رسول الله، المؤمن يكذب؟ قال: ( لا، قال

٢٩١

الله تعالى:( إِنّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) ) النحل / 105 / سفينة البحار، عن دعوات الراوندي.

شعر:

* ( لا يكذب المرء إلاّ ):

لا يكذب المرء إلاّ من مَهانته

أو عادة السّوء أو من قِلَّة الأدب

ولَعَضُّ جيفة خير رائحة

من كذبة المرء في جَدٍّ وفي لعب

استعانة:

إنارة الشاهد (25) / حبّ الله تعالى / كذب مَن ادّعى مَحبّتي.

إنارة الشاهد (48) / التحريف / سمرة بن جندب.

(السّحر (الكتابة للمـَحبَّة) )

قرآن كريم:

*( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) البقرة / 102.

حديث شريف:

* عن عليعليه‌السلام : ( أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت: يا رسول الله، إنّ لي زوجاً وله عليّ غلظة، وإنّي صنعت به شيئاً لأعطفه عليّ.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفٍّ لك! كدَّرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض.

فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوح ثمّ حلقت رأسها.

٢٩٢

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ حلق الرأس لا يُقبل منها حتّى تُرضي الزّوج ). / ثواب الأعمال وعقابها، عن النوادر.

* عن القطب الراوندي في لبِّ اللّباب: رُوي أنّه:يخرج عنق من النّار فيقول: أين مَن كذب على الله؟ وأين مَن ضادّ الله؟ وأين مَن استخفّ بالله؟ فيقولون: ومَن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: مَن سحر، فقد كذب على الله، ومَن صوّر التصاوير فقد ضادّ الله، ومَن تراءى في عمله فقد استخفَّ بالله. / المـُستدرك.

٢٩٣

(الشاهد (65) )

صدق الذي سمّاك غادر(1)

يُحكى أنّ هارون الرشيد حجّ ماشياً، وأنّ سبب ذلك أنّ أخاه موسى الهادي كانت له جارية تُسمّى (غادر)، وكانت أحظى النّاس عنده، وكانت من أحسن النّاس وجهاً وغناءً، فغنَّت يوماً وهو مع جُلسائه على الشّراب، إذ عرض له سهو وفكر، وتغيّر لونه وقطع الشّراب، فقال الجُلساء: ما شأنك يا أمير المؤمنين؟!

قال: لقد وقع في قلبي أنّ جاريتي (غادر) يتزوّجها أخي هارون من بعدي.

فقالوا: يُطيل الله بقاء أمير المؤمنين، وكلّنا فداؤه.

فقال: ما يُزيل هذا ما في نفسي وأمر بإحضار هارون، وعرّفه ما خطر بباله، فاستعطفه وتكلّم بما ينبغي أن يتكلّم به في تطييب نفسه، فلم يقنع بذلك، وقال: لا بدّ أن تحلف لي.

قال: لأفعل. وحلف له بكلّ يمين يحلف بها النّاس، من طلاق وعتاق وحجّ وصدقه، وأشياء مؤكَّدة فسكن.

ثمّ قام فدخل على الجارية، فأحلفها بمثل ذلك، ولم يلبث شهراً ثمّ مات.

فلمـّا أفضت الخلافة إلى هارون، أرسل إلى الجارية يخطبها ...

فقالت: يا سيّدي، كيف بأيمانك وأيماني؟!!

فقال: أحلف بكلّ شيء حلفت به من الصّدقة والعتق وغيرهما إلاّ تزوَّجتك. فتزوّجها وحجّ ماشياً ليمينه، وشغف بها أكثر من أخيه، حتّى كانت تنام فيضجع رأسها في حجره، ولا يتحرّك حتّى تنتبه، فبينما هي ذات ليلة، إذ انتبهت فزعة فقال لها: ما لك؟!

فقالت: رأيت أخاك في المنام الساعة، وهو يقول:

____________________

(1) الطفل بين التربية والوراثة، عن ثمرات الأوراق.

٢٩٤

أخلفت وعدكِ بعدما

جاورتُ سُكَّان المقابر

ونسيتني  وحنثتِ في

أيمانك الكذب الفواجر

وتزوّجت غادرةً أخي

صَدَقَ الّذي سمَّاكِ غادر

لا  يهنك الإلفَ الجديد

ولا  تدرْ عنك الدوائر

ولحقت بي قبل الصباح

وصرت حيث غدوت صائر

... والله - يا أمير المؤمنين - فكأنّها مكتوبة في قلبي، ما نسيت منها كلمة.

فقال هارون: هذه أضغاث أحلام.

فقالت: كلاَّ والله، ما أملك نفسي وما زالت ترتعد حتّى ماتت بعد ساعة.

(مواضيع الإدراج)

* الغدر.

* محكمة الضّمير.

* اليمين.

* البشارة بالموت.

(إنارة وإضفاء)

(الغدر)

قرآن كريم:

*( الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) الأنفال / 56.

٢٩٥

حديث شريف:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( أسرع الأشياء عقوبة رجل عاهدته على أمر، وكان من نيّتك الوفاء له ومن نيّته الغدر بك ). / غرر الحِكم.

* وقالعليه‌السلام : ( والله، ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه بغدر ويفجر، ولولا كراهيّة الغدر لكنت من أدهى النّاس، ولكن كلّ غدرة فجرة، وكلّ فجرة كفرة، ولكلّ غادر لواءً يُعرف به يوم القيامة ). / نهج البلاغة.

قصّة:

* (عيسىعليه‌السلام والحيّة ): عن ابن الجوزي، أنّ عيسىعليه‌السلام مرّ بحوّاء - أي جامع حيّات - وهو يُطارد حيّة، فقالت الحيّة: يا روح الله، قل له: لئن لم يُلتفت عنِّي لأضربنَّه ضربة أُقطِّعه قِطعاً. فمرّ عيسىعليه‌السلام ثمّ عاد، فإذا الحيّة في سَلَّة الحاوي، فقال لها عيسىعليه‌السلام : ( ألستِ القائلة: كذا وكذا. فكيف صرت معه؟! ).

فقالت: يا روح الله، إنّه قد حلف لي والآن غدر بي، فسمُّ غدره أضرُّ عليه من سمّي. / سفينة البحار.

(محكمة الضّمير)

قصّة:

* يُحكى - كما تقدّم -: أنّ الحجّاج بن يوسف لمـّا حضرته الوفاة - بعد قتله لسعيد بن جبير - كان يغوص، ثمّ يُفيق، ويقول: مالي ولسعيد بن جبير؟! وقيل: إنّه في مدّة مرضه، كان إذا نام رأى سعيد بن جبير آخذاً بمجامع ثوبه وهو يقول له: يا عدو الله، فيمَ قتلتني؟!

فيستيقظ مذعوراً ويقول: مالي ولسعيد بن جبير؟!

ويقال: إنّه رؤي الحجّاج في النوم بعد موته، فقيل: ما فعل الله بك؟

قال: قتلني بكلّ قتيل قتلة، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة. / روضات الجنّات.

٢٩٦

(اليمين)

حديث شريف:

* عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : ( لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين؛ فإنّ الله عزّ وجلّ قد نهى عن ذلك، فقال عزّ وجلّ:( وَلاَ تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ ) ) البقرة / 224. / الوسائل.

* وعنهعليه‌السلام أنّه قال: ( لو حلف الرجل ألاّ يحكَّ أنفه بالحائط، لابتلاه الله حتّى يحكَّ أنفه بالحائط ).

وقالعليه‌السلام : ( لو حلف الرجل لا ينطح الحائط برأسه، لوكَّل الله به شيطاناً حتّى ينطح رأسه بالحائط ). / مُستدرك الوسائل.

(البشارة بالموت)

قصّة:

* (أبا جعفر حانت وفاتك): يُنقل عن الفضل بن الرّبيع أنّه قال: كنت مع المنصور في السفر الذي مات فيه، فنزلنا بعض المنازل، فدعا بي وهو في قبَّته إلى حائط، وقال: ألمْ أنهَكم أن تَدَعُوا العامّة تدخل هذه المنازل، فيكتبون فيها ما لا خير فيه؟!

قلت: وما هو؟!

قال: ألا ترى ما كُتب على الحائط:

أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت

سنوك وأمر الله لابدّ نازل

أبا جعفر هل كاهنٌ أو مُنجِّمٌ

يردُّ قضاء الله أم أنت جاهل

فقلت: والله، ما على الحائط شيء، وإنّه لنقيّ أبيض!

قال: إنّها - والله - نفسي نُعيت إلى الرّحيل. / آداب النفس.

٢٩٧

قصّة:

* (كأنّي بهذا القصر قد باد أهله): حُكي عن علي بن يقطين أنّه قال: أصبح المهديّ العباسيّ يوماً، فقال: أصبحت جائعاً ائتوني بلحم قد طُبِخ وأرغفة.

قال: فأتوه فأكل. ثمّ قال: إنّي داخل هذا اليوم فنائم فيه، فلا تُنبِّهوني حتّى أنتبه. فدخل فنام ونمنا خارجاً، فاستيقظنا على بكائه.

قال: فدخلنا فسألناه عن حاله.

قال: أما رأيتم الشيخ؟!

قلنا: ما رأيناه!

قال: بلى، شيخ وقف على باب البهو، لو رأيته في مئة ألف ما خفي عليّ، فقال:

كأنّي  بهذا القصر قد باد أهله

وأوحش  منه ركنه ومنازله

وصار عميد القصر من بعد هجعة

ومُلك  إلى قبر عليه جنادله

فلم  يبقَ إلاّ ذكره وحديثه

تُنادي  بليلٍ معولات حلائله

قال: فو الله، ما مضت عشرة حتى دفنّاه. / آداب النفس.

٢٩٨

(الشاهد (66) )

توبة مالك بن دينار(1)

قال في تفسير روح البيان: سُئل مالك بن دينار، عن سبب توبته وتوجّهه إلى الله، فقال:

كنت في مُستهلِّ عمري جنديّاً سكِّيراً، فاشتريت جاريةً وتعلّقت بها كثيراً، ومنَّ الله عليَّ منها بطفلة، فأحببتها حبّاً كبيراً، وكان حبُّها يزداد في قلبي يوماً بعد يوم، وكانت هي كذلك شديدة التعلُّق والأنس بي.

وكنت كلّما تناولت كأس الخمرة لأشربها، كانت تأخذه منّي وتريقه على ثيابي، وعندما بلغت الثانية من عمرها ماتت، فتأثّرت لموتها كثيراً، ولم يعد يقرُّ لي قرار، وفي إحدى ليالي جمعة شوّال، شربت الخمر ولم أُصلّ العشاء، ونمت، فرأيت في النّوم، كأنّ أهل المقابر خرجوا جميعاً وهم في المحشر وأنا معهم، فسمعت من خلفي صوتاً، فنظرت، وإذ بأفعى سوداء ضخمة، لا يُتصوّر أكبر منها، وهي فاغرة فاها مُسرعة نحوي.

وبرعب ودهشة شديدَين، فررت من أمامها، فأخذت تُطاردني، فالتقيت في الطريق أثناء فراري برجل عجوز حَسن الوجه والرائحة، فسلّمت عليه، فردّ السلام.

قلت له: أغثني واحمني.

قال: أنا في مقابل هذه الأفعى عاجز، ولكن اذهب بسرعة، لعلّ الله يُهيّئ لك وسائلَ نجاتك.

____________________

(1) القلب السليم.

٢٩٩

فمضيت هارباً مُسرعاً، حتّى وصلت إلى منزل من منازل القيامة، فرأيت هناك طبقات جهنّم وأهلها، وكدت لشدّة خوفي من الأفعى أن أرمي بنفسي في جهنّم، فإذا بصوت يقول: ارجع لست من أهل هذا المكان.

فاطمأنّ قلبي ورجعت، وإذا بالأفعى تُطاردني ثانية، فهربت منها حتّى وصلت إلى ذلك العجوز، فقلت له: أيّها العجوز، احمني وأغثني.

فبكى العجوز وقال: أنا عاجز، ولكن اذهب نحو هذا الجبل الذي فيه أمانات المسلمين، فإذا كانت لك أمانة فستُساعدك.

فنظرت إلى الجبل، فرأيت فيه غُرفاً أُرخيتْ عليها ستائر، وأبواب تلك الغرف من الذّهب الأحمر المـُرصَّع بالياقوت والدُّرّ، فتوجّهت تجاه الجبل والأفعى تُطاردني، وعندما اقتربت صاح مَلَك: ارفعوا الستائر وافتحوا الأبواب وأخرجوا الأمانات، لعلّ لهذا المسكين أمانة بينكم فتحميه.

وإذا بأطفال وجوههم كالأقمار الساطعة، وقد خرجوا فوجاً فوجاً.

وفجأة رأيت ابنتي التي ماتت بينهم، وبمجرّد أن رأتني بكت وقالت: هذا - والله - والدي. ثمّ وضعت يدها اليُسرى في يدي اليمنى، وأشارت بيدها اليمنى إلى الأفعى فرجعت.

ثمّ جلست ابنتي في حضني، ووضعت يمناها على لحيتي وقالت: يا أبت،( أَلَمْ يَأْنِ لِلّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقّ وَلاَ يَكُونُوا كَالّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) الحديد - 16.

فبكيت وقلت: ابنتي، أنت تقرئين القرآن؟!

قالت: يا أبت، إنّ بالقرآن أفضل من معرفتكم به.

قلت: أخبريني ما هذه الأفعى؟

قالت: هي عملك السيئ الذي قوّيته، وكاد أن يُلقيك في جهنّم.

قلت: وذلك العجوز؟

٣٠٠