من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 190446
تحميل: 8183

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190446 / تحميل: 8183
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(إنارة وإضفاء)

(الاستعداد ليوم الدّين)

قرآن كريم:

*( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) الحشر / 18.

حديث قدسي:

* (عبدي ما أنصفتني): عن الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما من يوم يمرّ إلاّ والله تعالى يُنادي: عبدي.. ما أنصفتني، أذكرك وتنسى ذكري!

وأدعوك إلى عبادتي وتذهب إلى غيري!

وأرزقك من خزائني وآمرك أن تتصدّق لوجهي فلا تُطيعني!

وأفتح عليك أبواب الرّزق وأستقرضك من مالي فتجبهني!

وأذهب عنك البلاء، وأنت مُعتكف على فعل الخطايا!

يا ابن آدم.. ما يكون جوابك لي غداً إذا أجبتني؟! ). / عن إرشاد القلوب.

حديث شريف:

* عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه سمع رجلاً يتمنّى الموت، فقالعليه‌السلام : ( هل بينك وبين الله قرابة يُحاميك لها؟! ).

قال: لا.

قالعليه‌السلام : ( فهل لك حسنات قدّمتها تزيد على سيئاتك؟! ).

قال: لا.

قالعليه‌السلام : ( فإذاً؛ أنت تتمنَّى هلاك الأبد ). / المـُستدرك.

٣٢١

حِكمة:

* (إنّي مشغول بأربعة أشياء): حُكي عن إبراهيم بن أدهم: أنّ القرّاء قد اجتمعوا ليستمعوا ما عنده من الأحاديث، فقال: إنّي مشغول بأربعة أشياء، فلا أتفرّغ لرواية الحديث.

فقيل له: وما ذلك الشّغل؟

قال:

أحدها: أنّي أتفكّر في يوم الميثاق؛ حيث قال: هؤلاء في الجنّة ولا أُبالي، وهؤلاء في النّار ولا أُبالي. فلا أدري من أيّ الفريقين كنت في ذلك الوقت.

والثاني: حين صوّرني في رحم أمّي، فقال الملك الذي هو مُوكّل على الأرحام: يا ربّ، شقيّ هو أم سعيد؟ فلا أدري كيف كان الجواب في ذلك الوقت.

والثالث: حين يقبض ملك الموت روحي، فيقول: يا ربّ، مع الكفر أم مع الإيمان؟ فلا أدري كيف يخرج.

والرابع: حين تقول:( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) يس - 59. فلا أدري مع أيّ الفريقين أكون. / المواعظ العددية (للأردبيلي).

* (فاحفَظ منّي أربعاً): قال لقمان الحكيم لابنه: يا بُني، تعلّمت سبعة آلاف من الحِكمة، فاحفظ منها أربعاً وسِرْ معي إلى الجنّة، أحْكِم سفينتك؛ فإنّ بحرك عميق، وخفّف حملك؛ فإنّ العقبة كؤود، وأكثر الزّاد؛ فإنّ السفر بعيد، وأخلص العمل؛ فإنّ الناقد بصير. / قصص الأنبياء.

استعانة:

قصّة: ملك أُمراء البلاد / الشاهد (79).

قصّة: فأعنِّي بكثرة السجود / الشاهد (80).

قصّة: دعاء الأعرابي وعجوز بني إسرائيل / الشاهد (81) وإنارته.

إنارة الشاهد (80) / اغتنام الفرص / أربعة وعشرون خزانة.

إنارة الشاهد (83) / اللّجوء إلى الله تعالى.

٣٢٢

(الشاهد (71) )

دعه فإنّه رآنا في غَفلة(1)

حُكي أنّ هارون الرشيد زخرف مجالسه، وبالغ فيها، وصنع طعاماً كثيراً، ثمّ وجّه إلى أبي العتاهية، فأتاه فقال له: صِفْ لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدّنيا.

فقال له في الحال:

عِشْ ما بدا لك سالماً

في ظلّ شاهقة القصور

فقال: أحسنت، ثمّ ماذا؟

فقال:

يسعى إليك بما اشتهيت

لدى الرّواح وفي البكور

فقال: حسن، ثمّ ماذا؟

فقال:

فإذا  النّفوس تقعقعت

في ضيق حشرجة الصّدور

فهناك تعلم موقناً

ما  كنت إلاّ في غرور

فبكى هارون، فقال له الفضل بن يحيى: بعث إليك الخليفة لتُسرَّه فأحزنته؟!

فقال هارون: دعه؛ فإنّه رآنا في غفلة وعمى فكره أن يزيدنا.

(مواضيع الإدراج)

* الدّنيا وحالاتها.

* الاغترار بالدّنيا والغفلة عن الموت.

____________________

(1) آداب النفس.

٣٢٣

(إنارة وإضفاء)

(نعيم الدّنيا)

قرآن كريم:

*( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) البقرة / 212.

قول:

* من كلام بعض الأعلام: يا هذا، إنّما خُلقت الدّنيا لتجوزها لا لتحوزها، ولتعبرها لا لتُعمِّرها، وإنّ بين يديك أهوال العجائب، فما أعددت لصوائب تلك النوائب؟!

إن أردت لحوق السادة، فخالف مألف الوسادة، وصاحب أهل الدّين وصافهم، واستفد من أخلاقهم وأوصافهم، فإلى متى - يا مسكين - أنت في أوقات الغنائم نائم، وقلبك في شهوات البهائم هائم، إن صدقت في قصدك فانهض وبادر، ولا تستصعب طرائقهم فالمـُعين قادر، تعرَّض لمـَن أعطاهم، وسَلْ فمولاك مولاهم. / كشكول الحائري.

استعانة:

قصّة: يا عدي صِفْ لي علياً / الشاهد (20).

إنارة الشاهد (13) / بين الإمام عليعليه‌السلام ومعاوية / دنياكم عندي، وعقيل بين عليعليه‌السلام ومعاوية، وأين القصور أبا يزيد.

٣٢٤

(عيب الدّنيا)

حِكمة:

* بنى بعض ملوك بني إسرائيل داراً تُكلِّف في سعتها وزينتها، ثمّ أمر مَن يسأل عن عيبها، فلم يَعبها أحد إلاّ ثلاثة من العبّاد، قالوا: إنّ فيها عيبين:

الأوّل: أنّها تخرب.

والثاني: أنّه يموت صاحبها.

فقال: وهل يسلم من هذين العيبين دار؟ فقالوا: نعم، دار الآخرة، فترك ملكه وتعبّد معهم مدّة، ثمّ ودّعهم.

فقالوا: هل رأيت منّا ما تكره؟

فقال: لا، ولكنكم عرفتموني فأنتم تُكرمونني، فأصحب مَن لا يعرفني. / كشكول البهائي.

(حال الدّنيا)

حِكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إنّما الدّنيا فناء وعناء وغِيرٌ وعِبرٌ؛ فمن فنائها أنّك ترى الدّهر موتراً قوسه، مفوّقاً نبله، لا تُخطئ سهامه، ولا تُشفى جراحه، يرمي الصحيح بالسقم، والحيّ بالموت.

ومن عنائها أنّ المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثمّ يخرج إلى الله لا مالاً حمل، ولا بناءً نقل.

ومن غِيرها أنّك ترى المغبوط مرحوماً، والمرحوم مغبوطاً، ليس بينهم إلاّ نعيم زلَّ، وبؤس نزل.

ومن عِبرها أنّ المرء يُشرف على أمله، فيتخلّفه أجله، فلا أمل مدروك، ولا مؤمّل متروك ). / سفينة البحار.

* وقالعليه‌السلام : ( كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدّنيا؛ فإنّ كلّ ولد سيُلحق بأمّه يوم القيامة ). / غرر الحكم.

٣٢٥

* (بؤساً لأزواجك الباقين): روي أنّ عيسىعليه‌السلام كوشف بالدّنيا فرآها بصورة عجوز شمطاء هتماء عليها من كلّ زينة.

فقال لها: ( كم تزوّجت؟ ).

قالت: لا أُحصيهم.

قال: ( فكلّهم مات عنك أم كلّهم طلقك؟ ).

قالت: بل كلّهم قتلتُ.

فقال عيسىعليه‌السلام : ( بؤساً لأزواجك الباقين! كيف لا يعتبرون بالماضين، كيف تُهلكينهم واحداً واحداً، ولا يكونون منك على حذر ). / الوصيّة الخالدة.

استعانة:

قصّة: ويفرح بالمولود من آل برمك / الشاهد (99).

قصّة: كنّا في عوارٍ ارتجعها الدّهر منّا / الشاهد (100).

(الدّنيا لا تُدرك)

قول:

من كلام لبعض البُلغاء: الدّنيا إن أقبلت بلت، وإن أدبرت برت، أو أركبت كبت، أو بهجت هجت، أو أينعت نعت، أو أكرمت رمت، أو عاونت ونت، أو ماجنت جنت، أو سامحت محت، أو بالغت لغت، أو وفّرت فرت، أو ولهت لهت، أو بسطت سطت. / كشكول البهائي.

(الاغترار بالدّنيا والغفلة عن الموت)

حِكمة:

* شبَّه بعض الحُكماء حال الإنسان، واغتراره بالدّنيا وغفلته عن الموت، وما بعده من الأهوال، وانهماكه في اللذات العاجلة والفانية والمـُمتزجة بالأكدار:

٣٢٦

بشخص مدلَّى في بئر، مشدود وسطه بحبل، وفي أسفل ذلك البئر ثعبان عظيم متوجّه إليه، مُنتظر سقوطه، فاتح فاه لالتقامه، وفي أعلى ذلك البئر جرذان أبيض وأسود، لا يزالون يقرضان ذلك الحبل شيئاً فشيئاً، ولا يفتران عن قرضه آناً من الآنات، وذلك الشّخص، مع أنّه يرى ذلك الثعبان، ويُشاهد انقراض الحبل آناً فآناً، قد أقبل على قليل عسل قد لُطِّخ به جدار ذلك البئر، وامتزج بترابه، واجتمعت عليه زنابير كثيرة، وهو مشغول بلطعه مُنهمك فيه، مُلتذٍّ بما أصابه منه، مُخاصم لتلك الزّنابير عليه، قد صرف باله أجمعه إلى ذلك، غير مُلتفت إلى ما فوقه وإلى ما تحته.

فالبئر هو الدّنيا، والحبل هو العُمر، والثعبان الفاتح فاه هو الموت، والجرذان الليل والنّهار القارضان للعمر، والعسل المـُختلط بالتّراب هو لذّات الدّنيا المـُمتزجة بالأكدار والآلام، والزّنابير هم أبناء الدّنيا المـُتزاحمون عليها. / سفينة البحار، وجامع السعادات.

شعر:

* (يا راقداً والمنايا غير راقدة) للمـُحقّق الحلِّي ( رحمه الله ):

يا  راقداً والمنايا غير راقدة

وغافلاً  وسهام الدّهر ترميه

بم اغترارك والأيّام مُرصدةً

والدّهر  قد ملأ الأسماع داعيه

أما  أرتك الليالي قُبح دَخْلتها

وغدرها  بالذي كانت تُصافيه

رِفْقَاً  بنفسك يا مغرور إنّ لها

يوماً تشيب النّواصي من دواهيه

* (يا خاطب الدّنيا): قال أحدهم: سمعت البهلول يقول: مَن كانت الآخرة أكبر همّه، أتته الدّنيا وهي راغمةً. ثمّ أنشأ يقول:

يا خاطب الدّنيا لنفسه

تنحَّ عن خطْبتها تسلم

إنّ التي تخطب غدَّارة

قريبةً العرس من المأتم

* (النفس تبكي على الدّنيا): عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال:

النفس تبكي على الدّنيا وقد علمت

أنّ السّلامة فيها تركُ ما فيها

٣٢٧

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها

إلاّ التي كان قبل الموت بانيها

* (وما أرى منهم لها تاركاً):

أصبحت  الدّنيا لنا عِبرة

فالحمد  لله على ذَلِكا

قد أجمع النّاس على ذمِّها

وما  أرى منهم لها تاركا

* (وما هي إلاّ جيفة مُستحلّة):

وما  هي إلاّ جيفة مُستحلّة

عليها  كلابها همهنَّ اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها

وإن  تجتذبها نازعتك كلابها

* (حِذار حِذار من بطشي وفتكي):

هي  الدّنيا تقول بملء فيها

حِذار حِذار من بطشي وفتكي

فلا  يغرركم حُسن ابتسامي

فقولي  مُضحك والفعل مُبكي

* (وهي معشوقة على الغدر):

أبداً  تستردُّ ما تهب الدّنيا

فيا ليت جودها كان بخلا

وهي معشوقة على الغدر

لا تحفظ عهداً ولا تُتمِّم وصلا

* (إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب):

ألا  إنّما الدّنيا غَضارة أيكة

إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب

فلا  تكتحل عيناك منها بعبرة

على  ذاهب منها فإنّك ذاهب

* (رأيت الدّه يرفع كلّ وغد):

رأيت  الدّهر يرفع كلّ وغدٍ

ويخفض كلّ ذي شيم شريفه

كمثل  البحر يُغرق فيه حيّ

ولا ينفكّ تطفو فيه جِيفه

أو الميزان يخفض كلَّ وافٍ

ويرفع كلّ ذي زنة خفيفه

* (الدّهر يومان):

الدّهر  يومان فيوم مضى

عنك بما فيه ويوم جديد

حلال  يومك حساب وفي

حرام  يومك عذابٌ شديد

تجمع ما يأكله وارثٌ

وأنت  في القبر وحيد فريد

إنّي لغيري واعظ تاركٌ

نفسي وقولي من فعالي بعيد

٣٢٨

حلاوة الدّنيا ولذّاتها

تُكلِّف العاقل ما لا يُريد

استعانة:

قصّة: باتوا على قُلل الأجبال / الشاهد (44).

قصّة: ملك أمراء البلاد / الشاهد (79).

٣٢٩

(الشاهد (72) )

ألا موت يُباع فأشتريه(1)

قيل: كان لمحمد المهلبي قبل اتّصاله بالسّلطان حالٌ ضعيفٌ، فبينما هو في بعض أسفاره مع رفيق له من أهل الأدب، إذ أنشده يقول:

ألا موت يُباع فأشتريه

فهذا العيش ما لا خير فيه

ألا رحم المـُهيمن نفس حرٍّ

تصدَّق بالوفاة على أخيه

قال: فرثى له رفيقه وأحضر له بدرهم ما سدَّ به رمقه، وحفظ الأبيات وتفرَّقا، ثمّ ترقّى المهلبي إلى الوزارة، وأخنى الدّهر على ذلك الرّجل الذي كان رفيقه، فتمكّن من إيصال رقعة إليه مكتوب فيها:

ألا قل للوزير فدته نفسي

مقال مُذكِّر ما قد نسيه

أتذكر إذ تقول لضنكِ عيش

ألا موت يُباع فأشتريه

فلمـّا قرأها تذكَّر، فأمر له بسبعمئة درهم ووقَّع تحت رقعته:( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ ) البقرة / 261. ثمّ قلّده عملاً يرتزق منه.

(مواضيع الإدراج)

* الفقر.

* تبدّل الأحوال.

* الإنفاق في سبيل الله.

____________________

(1) المـُستطرف.

٣٣٠

(إنارة وإضفاء)

(الفقر)

حديث قدسي:

* من مناجاة الحقّ تعالى لموسىعليه‌السلام : ( يا موسى، إذا رأيت الفقر مُقبلاً، فقل: مرحباً بشعار الصالحين. وإذا رأيت الغنى مُقبلاً، فقل: ذنب عُجِّلتْ عقوبته ). / كشكول البهائي.

* عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول الله عزّ وجلّ: (يا دنيا، مُرِّي على عبدي المؤمن بأنواع البلايا، وما هو فيه من أمر دنياه، وضيّقي عليه في معيشته، ولا تحلولي له فيسكُن إليك ). / المـُستدرك.

حديث شريف:

* روى الشيخ الصّدوق، عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إذا كان يوم القيامة، وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنّة: فقير في الدّنيا، وغني في الدّنيا، فيقول الفقير: يا ربّ، على ما أوقَف؟! فوعزّتك، إنّك لتعلم أنّك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالاً فأؤدّي منه حقَّاً أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني إلاّ كَفافاً على ما علمت وقدّرت لي.

فيقول الله جلّ جلاله: صدق عبدي، خلّوا عنه يدخل الجنّة.

ويبقى الآخر حتّى يسيل منه من العرق، ما لو شربه أربعون بعيراً لكفاها، ثمّ يدخل الجنّة، فيقول له الفقير: ما حَبَسَك؟

فيقول: طول الحساب، ما زال الشيء يجيؤني بعد الشيء يغفر لي، ثمّ أسأل عن شيء آخر حتّى تغمّدني الله عزّ وجلّ منه برحمة وألحقني بالتائبين، فمَن أنت؟

فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً.

فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي ). / منازل الآخرة، عن البحار.

٣٣١

(الشاهد (73) )

تمحيص الحسنات والسيّئات(1)

عن الباقرعليه‌السلام : ( مرّ نبيٌّ من بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه، وقد عشّشته الطير، ومزّقته الكلاب، ثمّ مضى فعرضت له دار فدخلها، فإذا هو بعظيم من عظمائها ميّت على سرير مسجّى بالدّيباج، حوله المجامر، فقال: يا ربّ، أشهد أنّك حَكَمٌ عدل لا تجور، هذا عبدك لم يُشرك بك طرفة عين، أمتَّه تلك الميتة، وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتَّه بهذه الميتة؟!!

فقال تعالى: عبدي أنا - كما قلت - حَكَمٌ عدل لا أجور، ذلك عبدي كانت له سيّئة وذنب أمتَّه بتلك الميتة؛ لكي يلقاني وليس عليه شيء، وهذا عبدي كانت له حسنة فأمتّه بهذه الميتة؛ لكي يلقاني وليس له عندي حسنة ).

* وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (2) أنّه قال: ( سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كان فيما مضى ملكان، مؤمن وكافر، فمرض الكافر، فاشتهى سمكة في غير أوانها - لأنّ ذلك الصنف من السمك كان يومئذ في اللّجج، حيث لا يقدر عليه أحد - فأيّسته الأطبّاء من نفسه، وقالوا: استخلف مَن يقوم بالمـُلك، فإنّ شفاءك في هذه السمكة، ولا سبيل إليها.

فبعث الله مَلَكاً، أمره أن يُزعج السمك إلى حيث يسهل أخذها، فأُخذت له، فأكلها وبرئ.

ثمّ إنّ ذلك المؤمن مرض - في وقت كان صنف ذلك السّمك لا يُفارق الشّطوط - مثل علّة الكافر، فوصف له الأطبّاء تلك السمكة، وقالوا: طِبْ نفساً؛ فهذا أوان وجودها. فبعث الله ذلك المـَلَك، وأمره أن يُزعج ذلك السّمك، حتّى يدخل

____________________

(1) البدائع وغيره.

(2) كلمة الله.

٣٣٢

اللّجج، حيث لا يقدر على صيده، فعجب من ذلك ملائكة السّماء وأهل الأرض، حتّى كادوا يُفتنوا، فأوحى الله تعالى إلى ملائكة السّماء، وإلى نبيّ ذلك الزّمان في الأرض:

إنّي أنا الكريم المـُتفضّل القادر، لا يضرّني ما أُعطي ولا ينفعني ما أمنع، ولا أظلم أحداً مثقال ذرّة، أمّا الكافر، فإنّما سهّلت له أخذ السمكة في غير أوانها؛ ليكون جبراً على حسنة كان عملها؛ إذ كان حقّاً عليّ أن لا أُبطل لأحد حسنةً، حتّى يرد القيامة ولا حسنة في صحيفته، ويدخل النّار بكفره، ومنعت العابد من تلك السمكة بعينها؛ لخطيئة كانت منه أردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة، وإعدام ذلك الدّواء ليأتيني ولا ذنب عليه، فيدخل الجنّة ).

(مواضيع الإدراج)

* تمحيص الذّنوب بالبلاءات.

* منزلة أصحاب البلاء.

* عدل الله تعالى.

(إنارة وإضفاء)

(تمحيص الذّنوب بالبلاءات)

قرآن كريم:

*( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة / 155 - 157.

٣٣٣

حديث شريف:

* عن الإمام الباقرعليه‌السلام : ( إذا كان من أمر الله أن يُكرم عبداً، وله عنده ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل ذلك به شدّد عليه عند الموت، ليُكافيه بذلك الذّنب، وإذا كان من أمره أن يُهين عبداً وله عنده حسنة صحّح بدنه، فإن لم يفعل ذلك به، وسّع عليه معيشته، فإن لم يفعل ذلك هوّن عليه موته حتّى يُكافيه بتلك الحسنة ). / عن مشكاة الأنوار.

* عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) . أرأيت ما أصاب عليّاًعليه‌السلام وأهل بيته من بعده، أهوَ بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟

فقال: ( إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتوب إلى الله ويستغفره في كلّ يم وليلة مئة مرّة من غير ذنب، إنّ الله يخصُّ أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب ). / الكافي.

(منزلة أصحاب البلاء)

حديث شريف:

* عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ( خرج موسىعليه‌السلام ، فمرّ برجل من بني إسرائيل، فذهب به حتّى خرج إلى الطّور، فقال له: اجلس حتّى أجيئك. وخطّ عليه خُطّة، ثمّ رفع رأسه إلى السّماء، فقال: أستودعك صاحبي وأنت خير مُستودع، ثمّ مضى فناجاه الله بما أحبّ أن يُناجيه، ثمّ انصرف نحو صاحبه، إذا أسد قد وثب عليه فشقّ بطنه وفرث لحمه وشرب دمه ).

قلت: وما فرث اللّحم؟

قال: ( قطع أوصاله. فرفع موسى رأسه فقال: يا ربّ، استودعتكه وأنت خير مُستودع، فسلّطت عليه شرّ كلابك، فشقّ بطنه وفرث لحمه وشرب دمه؟!

فقيل: يا موسى، إنّ صاحبك كانت له منزلة في الجنّة، لم يكن يبلغها إلاّ بما صنعت به، يا موسى، انظر - وكشف له الغطاء - فنظر موسى، فإذا بمنزل شريف.

فقال: ربّ رضيت ). / مشكاة الأنوار.

٣٣٤

(الشاهد (74) )

تُناديك أجداث وهنَّ صموت

عن الفضيل قال: دخلت الكوفة، وأنا أُريد الحجّ إلى بيت الله الحرام، وإذا بهلول جالس بين قبرين قديمين.

فقلت له: يا بهلول، ما جلوسك ههنا؟!

قال: يا فضيل، أما ترى هذه العيون السائلة، والمحاسن البالية، والشّعور المـُتمعِّطة، والجلود المتمزِّقة والجماجم الخاوية، والعظام النّخرة، لا يُقاربون بالأنساب، ولا يتواصلون تواصل الأحباب، وكيف يتواصلون وقد طحنتهم كلاكل البِلى، وأكلت لحومهم الجنادل في الثّرى، وخلت منهم المنازل والقرى، قد صارت الوجوه عابسة بعد نَضِرتها، والعظام نخرة بعد قوّتها، تجري عليهم الرّياح بذبولها، وتصبّ عليهم السّماء بسيولها.

ثمّ بكى وجعل يقول:

تُناديك أجداث وهنَّ صموت

وأربابها تحت الثّرى خفوتُ

فيا جامع الدّنيا حريصاً لغيره

لمـَن تجمع الدّنيا وأنت تموتُ

قال الفضيل: وإذا بهاتف يُسمع كلامه ولا يُرى شخصه، وهو يقول:

مَلَّ الأحبّة زورتي فجُفْيت

وسكنتُ في دار البِلى ونُسيتُ

وكذاك يُنسى مَن سكن الثرى

وتمله الزّوّار حين يموتُ

قال الفضيل: فوقع البهلول مغشيّاً عليه، فتركته وانصرفت.

* أجِبْ الأمير

عن دلف بن أبي دلف - وكان أبوه أميراً - أنّه قال: رأيت فيما يرى النائم، كأنّ آتياً أتى إليّ بعد موت أبي فقال: أجِبْ الأمير.

٣٣٥

فقمت معه، فأدخلني داراً وحشة، وعرة، سوداء الحيطان، مقلّعة السقوف والأبواب، ثمّ أصعدني درجاً فيها، ثمّ أدخلني غرفة، فإذا في حيطانها أثر النيران، وإذا في أرضها أثر الرّماد، وإذا بأبي عرياناً واضعاً رأسه بين ركبتيه، فقال لي - كالمـُستفهِم -: (بنيّ)؟

قلت: نعم، أصلح الله الأمير.

فأنشأ يقول:

أبْلِغْنَ أهلنا ولا تُخْفِ عنهم

ما لقينا في البرزخ الخَفَّاق

قد سُئلنا عن كلّ ما قد فعلنا

فارحموا وحشتي وما قد أُلاقي

أفهمت؟

قلت: نعم.

فأنشأ يقول:

فلو أنّأ إذا مُتْنا تُركنا

لكان الموت راحة كلّ حيّ

ولكنَّا إذا مُتنا بُعثنا

ونُسأل بعدها عن كلّ شي

(مواضيع الإدراج)

* عذاب البرزخ.

* وحشة القبر.

* هديّة الأموات.

* مجالسة أهل القبور.

* التسليم على أهل القبور.

* ما ينفع المرء في قبره.

* الاتّعاظ بحال من مضى.

٣٣٦

(إنارة وإضفاء)

(عذاب البرزخ)

قرآن كريم:

*( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) المؤمنون / 99 - 100.

حديث شريف:

* عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ( أقعد رجل من الأخيار في قبره فقيل له: إنّأ جالدوك مئة جلدة من عذاب الله. فقال: لا أُطيقها. فلم يزالوا حتّى انتهوا إلى جلدة واحدة، فقالوا: ليس منها بُدٌّ. قال: فَبِمَ تجلدونني فيها؟

قالوا: نجلدك؛ لأنّك صلّيت يوماً بغير وضوء، ومررت على ضعيف فلم تنصره.

قال: فجلدوه جلدة من عذاب الله عزّ وجلّ، فامتلأ قبره ناراً ). / عن البحار.

(وحشة القبر)

حديث شريف:

* روي أنّ فاطمةعليها‌السلام لمـّا احتضرت أوصت عليّاًعليه‌السلام ، فقالت: ( إذا أنا متُّ فتولّ أنت غسلي وجهِّزني، وصلِّ عليَّ، وأنزلني وألحدني، وسوِّ التّراب عليَّ، واجلس عند رأسي، قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدّعاء؛ فإنّها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أُنس الأحياء ). / مُستدرك الوسائل.

٣٣٧

* عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : نزور الموتى؟

فقالعليه‌السلام : ( نعم ).

قلت: فيسمعون بنا إذا أتيناهم؟

قال: ( أي والله، إنّهم ليعلمون بكم، ويفرحون بكم، ويستأنسون إليكم ). / المـُستدرك.

(هديّة الأموات)

حديث شريف:

* في جامع الأخبار، عن بعض الصحابة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: ( إهدوا لموتاكم ).

فقلنا: يا رسول الله، وما هديّة الأموات؟

قال: ( الصدقة والدّعاء، - وقال: - إنّ أرواح المؤمنين تأتي في كلّ جمعة إلى السّماء الدّنيا، بحذاء دورهم وبيوتهم، يُنادي كلّ واحد منهم بصوت حزين باكين:

يا أهلي، ويا ولْدي، ويا أبي، ويا أمّي، ويا أقربائي، اعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في أيدينا، والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا..

ويُنادي كلّ واحد منهم أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم، برغيف، أو بكسوة يَكْسُكم الله من لباس الجنّة ).

ثمّ بكى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكينا، فلم يستطع النبي أن يتكلّم من كثرة بكائه، ثمّ قال: ( أُولئك إخوانكم في الدّين، فصاروا تراباً ورميماً بعد السّرور والنّعيم، فيُنادون بالويل والثبور على أنفسهم يقولون: يا ويلنا! لو أنفقنا ما في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنّا نحتاج إليكم! فيرجعون بحسرة وندامة، ويُنادون أسرعوا صدقة الأموات ).

* وعنهعليه‌السلام : ( ما تصدّقت لميّت فيأخذها مَلك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات، ثمّ يقوم على شفير الخندق (القبر) فيُنادي: السّلام عليكم يا أهل القبور، أهلكم أهدوا إليكم هذه الهديّة. فيأخذها ويدخل بها في قبره فتوسّع عليه مضاجعه ).

ثمّ قالعليه‌السلام : ( ألا مَن عَطَفَ لميّت بصدقة، فله عند الله من الأجر، ويكون يوم القيامة في ظلّ عرش الله، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّ العرش، وأحيا ميتاً (هنيئاً لميت) نجا بهذه الصدقة ). / منازل الآخرة.

٣٣٨

قصّة:

(صلاة الهدية): حكى شيخنا ثقة الإسلام النّوري، نورّ الله مرقده في (دار السّلام) عن شيخه معدن الفضائل والمعالي، الشيخ فتحعلي السلطان آبادي عطّر الله مضجعه أنّه قال: كانت عادتي أنّي كلّما سمعت خبر وفاة شخص من مُحبّي أهل البيتعليهم‌السلام أُصلّي له ركعتين ليلة دفنه - سواء كنت أعرفه أم لا - ولم يكن أحد يعرف أنّي أفعل ذلك ...

وذات يوم، التقيت في الطريق بأحد أصدقائي، فقال: رأيت البارحة في المنام فلاناً الذي توفِّي في هذه الأيّام، فسألته عن حاله، وعمّا جرى له بعد الوفاة فقال: كنت في شدّة وبلاء، وقد حُكِم عليَّ بالعقاب، إلاّ أنّ الركعتين اللّتين صلاّهما فلان - وذكر اسمك - خلّصتاني من العذاب، رحم الله والديه على هذا الإحسان الذي أحسنه إليَّ.

قال السّلطان آبادي: ثمّ سألني صديقي عن الصلاة التي صلَّيتها، فأخبرته بعادتي المـُستمرّة تجاه الأموات. / منازل الآخرة.

قول:

* يُحكى أنّ أمير خراسان شوهد في المنام وهو يقول: أرسلوا إليّ بما تطرحونه للكلاب، فإنّي مُحتاج إليه / منازل الآخرة.

استعانة:

قصَّة: لا صدقة وذو رحم مُحتاج / الشاهد (104).

(مجالس أهل القبور)

حديث شريف:

* عندما رجع أمير المؤمنينعليه‌السلام من صِفّين، وأشرف على القبور بظاهر الكوفة، خاطبهم قائلاً: ( يا أهل الدّيار المـُوحشة، والمحالِّ المـُقفرة، والقبور المظلمة، يا أهل

٣٣٩

التّربة، يا أهل الغُربة، يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، ونحن لكم تبع لاحق، أمّا الدّور فقد سُكنت، وأمّا الأزواج فقد نُكحت، وأمّا الأموال فقد قُسِّمت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟

ثمّ التفت إلى أصحابه، فقال: أما لو أُذِنَ لهم في الكلام لأخبروكم أنّ ( خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ) ). / نهج البلاغة، باب المختار.

قصّة:

* (نِعْمَ النبّاش): روي أنّ شابّاً من الأنصار كان يأتي عبد الله بن عباس، وكان عبد الله يُكرمه ويُدنيه.

فقيل له: إنّك تُكرم هذا الشابّ وتُدنيه، وهو شابّ يأتي القبور فينبشها باللّيالي!

فقال عبد الله بن عباس: إذا كان ذلك فأعلموني.

قال: فخرج الشابّ في بعض اللّيالي يتخلّل القبور، فأُعِلم عبد الله بن عباس بذلك.

فخرج لينظر ما يكون من أمره، ووقف ناحية ينظر إليه من حيث لا يراه الشابُّ.

قال: فدخل قبراً قد حُفِر، ثمّ اضطجع في اللّحد ونادى بأعلى صوته: يا ويحي إذا دخلت لحدي وحدي! ونطقت الأرض من تحتي فقالت: لا مرحباً بك! ولا أهلاً! قد كنت أبغضك وأنت على ظهري! فكيف وقد صرت في بطني؟! بل ويحي إذا نظرت إلى الأنبياء وقوفاً، والملائكة صفوفاً فمن عدلك غداً مَن يُخلِّصني؟! ومن المظلومين مَن يستنقذني؟! ومن عذاب النّار مَن يُجيرني؟! عصيت مَن ليس بأهل أن يُعصى! عاهدت ربِّي مرّة بعد أُخرى فلم يجد عندي صدقاً ولا وفاء.

وجعل يردّد هذا الكلام ويبكي.

فلمـّا خرج من القبر التزمه ابن عباس وعانقه، ثمّ قال له: نِعْمَ النبّاش، نِعْمَ النبّاش، ما أنبشك للذنوب والخطايا، ثمّ تفرّقا. / تسلية الفؤاد.

٣٤٠