من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 202047
تحميل: 9398

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202047 / تحميل: 9398
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(الشاهد (78) )

خلاّدة بنت أوس(1)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( أوحى الله تعالى إلى داوود صلوات الله عليه: أنّ خلاَّدة بنت أوس بشّرها بالجنّة، وأعلِمْها أنّها قرينتك في الجنّة.

فانطلق إليها، فقرع الباب عليها، فخرجت وقالت: هل نزل فيَّ شيء؟

قال: نعم.

قالت: ما هو؟

قال: إنّ الله تعالى أوحى إليّ وأخبرني أنّك قرينتي في الجنّة، وأن أُبشّرك بالجنّة.

قالت: أوَ يكون اسم وافق اسمي؟!

قال: إنّكِ أنتِ هي.

قالت: يا نبي الله، ما أُكذِّبك، ولا والله، ما أعرف من نفسي ما وصفتني به.

قال داوودعليه‌السلام : أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟

قالت: أمّا هذا، فسأُخبركَ به، أخبرك أنّه لم يُصبني وجع قطّ نزل بي كائناً ما كان، ولا نزل بي ضرّ، وحاجة، وجوع، كائناً ما كان، إلاّ صبرت عليه، ولم أسأل الله كشفه عنّي حتّى يُحوِّله الله عنّي إلى العافية والسعة، ولم أطلب بها بدلاً، وشكرت الله عليها وحمدته.

فقال داوود صلوات الله عليه: فبهذا بلغتِ ما بلغتِ ).

ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( وهذا دين الله الذي ارتضاه للصّالحين ).

____________________

(1) البحار.

٣٦١

(مواضيع الإدراج)

* التسليم والرضى.

* الصبر.

(إنارة وإضفاء)

(التسليم والرضى بقضاء الله تعالى)

حديث قدسي:

* قال الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إنّ فيما أوحى الله - عزّ وجلّ - إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام : يا موسى بن عمران، ما خلقت خلقاً أحبَّ إليّ من عبدي المؤمن، وإنّي إنّما أبتليه لما هو خير له، وأُعافيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرضَ بقضائي، أكتبه في الصّدّيقين عندي، إذا عمل برضاي وأطاع أمري ). / الكافي.

* (يا داوود تُريد أُريد): عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: ( أوحى الله إلى داوودعليه‌السلام : (يا داوود، تريد وأريد، ولا يكون إلاّ ما أُريد، فإن سلّمت لما أُريد، أعطيتك ما تُريد، وإن لم تسلّم لما أُريد، أتعبتك فيما تُريد، ولا يكون إلاّ ما أُريد ). / كلمة الله.

* (اتَّخذناك خليلاً ): إنّ الله أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام : ( إنّك لمـّا سلّمت مالَك للضِيْفان، وولَدك للقُربان، ونفسك للنّيران، وقلبك للرّحمان، اتَّخذناك خليلاً ). / كلمة الله.

٣٦٢

حديث شريف:

* قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة، وآتوا الزّكاة، وحجّوا البيت وصاموا شهر رمضان، ثمّ قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا صنع خِلاف الذي صنع؟! أو وجدوا ذلك في قلوبهم؛ لكانوا بذلك مُشركين ). ثمّ تلا:( فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتّى‏ يُحَكّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُوا تَسْلِيماً ) النساء / 65، ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( وعليكم بالتّسليم ). / سفينة البحار، عن المحاسن.

* وقال الصادقعليه‌السلام : ( أعلم النّاس بالله أرضاهم بقضاء الله ). / الكافي.

* وقالعليه‌السلام : قال الله عزّ وجلّ: ( عبدي المؤمن، لا أصرفه في شيء إلاّ جعلته خيراً له، فليرضَ بقضائي، وليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي أكتبه - يا محمد - من الصدّيقين عندي ). / الكافي.

* وقالعليه‌السلام : ( عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله - عزّ وجلّ - له قضاءً إلاّ كان خيراً له، إن قُرِّض بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له ). / الكافي.

استعانة:

قصّة: ما شأن العبد بما يُريد وما لا يُريد / الشاهد (54).

قصّة: لا مُبالاة / الشاهد (70).

٣٦٣

(الشاهد (79) )

مُلك أُمراء البلاد(1)

نُقل عن الخطيب المشهور المرحوم الشيخ محمد حسن - المعروف بـ (دكسن) - أنّه قال في بعض المجالس:

إنّ أحد التّجّار ركب يوماً في سفينة في البحر، فانكسرت، وغرق مَن فيها، وكان التاجر من جملتهم، فألقى ثيابه، وتعلّق بشيء حتّى تقاذفته الأمواج إلى جزيرة، وهو عار جائع خائف، فجلس على الشاطئ مُفكّراً، فبينما هو كذلك، وإذا بخيل قد أقبلت، وهم أربعون فارساً، ومعهم جواد خالي السّرج، فلمـّا وصلوا إليه سلّموا عليه، وقدّموا له اللّباس، وأمروه بالرّكوب، فركب، وساروا به حتّى بلغوا قصراً أدخلوه إليه، وألبسوا التّاج، وسلّموا له المـُلك، وقالوا: لك كلّ ما تشتهيه، فتنعّم أيّاماً ثلاثة، ثمّ استصفى واحداً من حاشيته، وسأله عن شأنهم، فقال: نحن أُمراء البلاد، ولا نتَّفق على تمليك واحد منّا؛ لأنّنا مُتساوون في الشّرف، فاتّفقنا على تدبير المملكة، وفي كلّ سنة نحضر إلى هذه الجزيرة، ونتجوّل فيها، فأوّل إنسان نراه نجعله ملكاً علينا.

قال الرّجل: وما يصنع الملك عندكم.

قال له: ما يشتهي من الأمر والنّهي، والعزل والنّصب والتّدبير، والأكل والشّرب والنكاح، وسائر الشّهوات إذا كان لا يضرّ بحال المملكة، وعلينا الإطاعة، كلّ ذلك إلى سنة، فإذا انتهت تلك السنة، أخذناه ورميناه في جزيرة كذا.

قال: وما في تلك الجزيرة؟

قال: الوحوش والسّباع والهوامّ.

____________________

(1) حجر وطين.

٣٦٤

فأخذ الرّجل يُفكّر في مصيره، فاقترح عليهم أن يُهيّؤوا له البنّائين والعمّال، وأن ينقلوا موادّ البناء إلى تلك الجزيرة ويُحوّلوها إلى مدينة كأحسن ما يكون من المـُدن، ففعلوا، وفي سنة واحدة قبل انتهاء المـُدّة أقبلوا به ووضعوه فيها، فوجد نفسه قد انتقل من مدينة إلى أحسن منها، ومن حياة إلى أفضل منها.

ثمّ رجعوا إلى أنفسهم، وفكّروا في شأنه ووجدوا منه عدلاً وعقلاً، فطلبوا منه العودة إليهم، واستمراره في المـُلك إلى أن يوافيه الأجل.

ثمّ إنّه وعظهم فقال: اعلموا - أيُّها الإخوان - أنّ كلّ مَن يولد في هذه الحياة يولَد عارياً، ولا يملك شيئاً، ثمّ يُهيّاً له السّرير والفراش الوثير، وتُقدّم له الخدمات، ولكنّه بعد أن ينتهي أجله، يُنقل إلى المقابر الموحشة، فمَن قدَّم العمل الصالح، وجده وتنعّم به، وأنتم إذا فعلتم لأنفسكم كما فعلت أنا لنفسي، كانت عاقبتكم بعد الموت إلى خير، وإن قضيتم حياتكم هذه في الشّهوات، كان مصيركم مصير مَن ملك عليكم قبلي.

(مواضيع الإدراج)

* البناء للآخرة.

* الاستعداد ليوم الدّين.

(إنارة وإضفاء)

(البناء للآخرة)

حديث شريف:

* قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لمـَّا أُسري بي إلى السّماء دخلت الجنّة، فرأيت قيعاناً من مِسك، ورأيت فيها ملائكة يبنون لُبنة من ذهب ولُبنة من فضّة، وربّما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ولأيِّ شيء تنبون مرّة وتُمسكون أُخرى؟

٣٦٥

قالوا: حتّى تأتينا النّفقة.

قلت: وما نفقتكم؟

قالوا: قول المؤمن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر. فإذا قالهنّ بنينا، وإذا سكت أمسكنا ). / عن روضة الواعظين.

* وقالعليه‌السلام أيضاً: ( مَن قال: سبحان الله. غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: الحمد لله. غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: لا إله إلاّ الله. غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: الله أكبر. غرس الله له بها شجرة في الجنّة ).

فقال رجل من قريش: يا رسول الله، إنّ شجرنا في الجنّة لكثير.

قال: ( نعم، ولكن إيّاكم أن تُرسلوا عليها نيراناً فتُحرقوها، وذلك قول الله عزّ وجلّ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) ) محمد / 33. / عن ربيع الأبرار.

حِكمة:

* في المناقب: رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام الخضر في المنام، فسأله نصيحة، قال: ( فأراني كفّه، فإذا فيها مكتوب بالخضرة:

قد كنت ميِّتاً فصرت حيّاً

وعن قليل تعود ميّتاً

فابنِ لدار البقاء بيتاً

ودَعْ لدار الفناء بيتاً )

* وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( فتفكّروا - أيّها النّاس - وتبصّروا، واعتبروا واتّعظوا، وتزوّدوا للآخرة تسعدُّوا ).

- ( ارْتَدْ لنفسك قبل نزولك، ووطئ المنزل قبل حلولك ). / غرر الحكم.

قصّة:

* (قد أخرجناك من ضمانك): كان الشيخ علي بن سهل الصوفي الأصفهاني يُنفق على الفقراء ويُحسن إليهم، وقد دخل عليه يوماً جماعة منهم، ولم يكن عنده شيءّ، فذهب إلى بعض أصدقائه، والتمس منه شيئاً للفقراء،

٣٦٦

فأعطاه شيئاً من الدراهم، واعتذر لقلّتها وقال: إنّي مشغول ببناء دار، وأحتاج إلى خرج كثير؛ فاعذرني.

فقال له الشيخ علي بن سهل: وكم يصير خرج هذه الدّار؟

فقال: لعلّه يبلغ خمسمئة درهم.

فقال الشيخ: ادفعها إليّ لأُنفقها على الفقراء، وأنا أُسلّمك داراً في الجنّة، وأُعطيك خَطّي وعهدي.

فقال الرّجل: يا أبا الحسن، إنّي لم أسمع منك قطّ خلافاً ولا كذباً، فإن ضمنت ذلك فأنا أفعل.

فقال: ضمنت. وكتب على نفسه كتاباً بضمان دار له في الجنّة، فدفع الرّجل الخمسمئة درهم، وأخذ الكتاب بخطّ الشيخ، وأوصى أنّه إذا مات أن يُجعل ذلك الكتاب في كفنه، فمات في تلك السنة، وفُعِل ما أوصى به.

فدخل الشيخ يوماً إلى مسجده لصلاة الغداة، فوجد ذلك الكتاب عينه في المحراب، وعلى ظهره مكتوب بالخضرة: ( قد أخرجناك من ضمانك، وسلّمنا الدّار في الجنّة إلى صاحبها)، فكان ذلك الكتاب عند الشيخ بُرهة من الزّمان، يستشفي به المرضى من أهل أصفهان وغيرهم، وكان بين كُتب الشيخ فُسرِق صندوق كُتبه وسُرِق ذلك الكتاب معه. / كشكول البهائي.

استعانة:

قصّة: فأعنِّي بكثرة السّجود / الشاهد (80).

قصّة: دعاء الأعرابي وعجوز بني إسرائيل / الشاهد (81) وإنارته.

إنارة الشاهد (70) / الاستعداد ليوم الدين.

٣٦٧

( الشاهد (80) )

فأعنّي بكثرة السّجود(1)

عن ربيعة بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم: ( يا ربيعة، خدمتني سبع سنين، أفلا تسألني حاجة؟ ).

فقلت: يا رسول الله، أمهلني حتّى أُفكّر.

فلمـّا أصبحت ودخلت عليه، قال لي: ( يا ربيعة، هات حاجتك ).

فقلت: تسأل الله أن يُدخلني معك الجنّة.

فقال لي: ( مَن علّمك هذا؟! ).

فقلت: يا رسول الله، ما علّمني أحد، لكنّي فكّرت في نفسي وقلت: إن سألته مالاً كان إلى نفاد، وإن سألته عمراً طويلاً وأولاداً كان عاقبتهم الموت.

قال ربيعة: فنكّسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه ساعة، ثمّ قال: ( أفعل ذلك، فأعنّي بكثرة السّجود ).

قال: وسمعته يقول: ( ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالتزموا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ).

(مواضيع الإدراج)

* اغتنام الفرص.

* السّجود لله تعالى.

____________________

(1) بحار الأنوار.

٣٦٨

(إنارة وإضفاء)

(اغتنام الفرص)

حديث شريف:

* عن جعفر بن محمد - الصادق - عن آبائهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بادر بأربع قبل أربع، بشبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك ). / عن البحار.

* وقالعليه‌السلام : ( في وصيّته لأبي ذررضي‌الله‌عنه : كنْ على عمرك أشحَّ منك على درهمك ودينارك ). / عن الوافي.

* (أربعة وعشرون خزانة): وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أنّه يُفتح للعبد يوم القيامة بكلّ يوم من أيّام عمره أربع وعشرون خزانة، عدد ساعات اللّيل والنّهار، فخزانة يجدها مملوءة نوراً وسروراً، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسّرور ما لو وُزِّع على أهل النّار لأدهشهم عن الإحساس بألم النّار، وهي الساعة التي أطاع فيها ربّه، ثمّ يُفتح له خزانة أُخرى فيراها مُظلمة مُنتنة مُفزعة، فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قُسِّم بين أهل الجنّة لنغَّص عليهم نعيمها، وهي الساعة التي عصى فيها ربّه، ثمّ يُفتح له خزانة أُخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسرُّه ولا ما يسوؤه، وهي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها لشيء من مباحات الدّنيا، فيناله من الغَبن والأسف على فواتها ما لا يوصف، حيث كان مُتمكّناً من أن يملأها حسنات، ومن هذا قوله تعالى:( ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) ) التغابن - 9. / كشكول البهائي.

* وروي أنّه جاء رجل إلى علي بن الحسينعليه‌السلام يشكو إليه حاله، فقالعليه‌السلام : ( مسكين ابن آدم، له في كلّ يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهنّ، ولو اعتبر لهانت عليه المصائب وأمر الدّنيا:

٣٦٩

فأمّا المـُصيبة الأُولى: فاليوم الذي ينقص من عمره، - قال: - وإن ناله نقصان في ماله اغتمّ به، والدّهر يَخلف عنه والعمر لا يردّه شيء.

والثانية: أنّه يستوفي رزقه، فإن كان حلالاً حوسب عليه، وإن كان حراماً عوقب.

- قال: - والثالثة: أعظم من ذلك ).

قيل: وما هي؟

قال: ( ما من يوم يُمسي إلاّ وقد دنا من الآخرة مرحلة، ولا يدري على جنّة يَقْدِم أم على نار ).

قال: ( وأكبر ما يكون ابن آدم اليوم الذي يولَد من أمِّه ).

قالت الحكماء: ما سبقه إلى هذا أحد. / أخلاق أهل البيت.

حِكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( قُرِنت الهيبة بالخيبة، والحياء بالحرمان، والفرصة تمرّ مرّ السحاب، فانتهزوا فرص الخير ). / نهج البلاغة - باب المـُختار.

* وقالعليه‌السلام :

- ( إنّ أنفاسك أجزاء عمرك، فلا تُفنها إلاّ في طاعة تُزلفك ).

- ( ليس شيء أعزّ من الكبريت الأحمر، إلاّ ما بقي من عمر المؤمنين ).

- ( ماضي يومك فائت، وآتيه مُتَّهم، ووقتك مُغتنم، فبادر فيه فرصة الإمكان، وإيّاك أن تثق بالزّمان ) / غرر الحكم.

* وقالعليه‌السلام : ( إنّما الدّنيا ثلاثة أيّام: يوم مضى بما فيه فليس بعائد، ويوم أنت فيه فحقّ عليك اغتنامه، ويوم لا تدري أنت من أهله، ولعلّك راحل فيه.

أمّا اليوم الماضي فحكيم مؤدِّب، وأمّا اليوم الذي أنت فيه فصديق مودِّع، وأمّا غدك فإنّما في يدك منه الأمل ). / أخلاق أهل البيت.

قول:

* الأيام خمسة: يومٌ مفقود، ويوم مشهود، ويوم مورود، ويوم موعود، ويوم ممدود، فالمفقود أمسك، قد فاتك مع ما فرّطت فيه، والمشهود يوم الذي

٣٧٠

أنت فيه فتزوّج فيه من الطاعات، والمورود هو غدك لا تدري هل هو من أيّامك أم لا؟ والموعود هو آخر أيّامك من أيّام الدّنيا فاجعله نُصب عينيك، واليوم الممدود هو آخرتك، وهو يوم لا انقضاء له؛ فاهتمّ له غاية اهتمامك، فإنّه إمّا نعيم دائم أو عذاب مُخلّد. / كشكول البهائي.

استعانة:

قصّة: دعاء الأعرابي وعجوز بني إسرائيل / الشاهد (81).

(السّجود لله تعالى)

حديث شريف:

* عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ( جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: علّمني عملاً يُحبّني الله تعالى عليه، ويُحبّني المخلوقون، ويُثرى مالي، ويصحّ بدني، ويُطيل عمري، ويحشرني معك.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذه ستّ خصال تحتاج إلى ستّ خصال، إذا أردت أن يُحبّك الله فخِفْه واتَّقِه، وإذا أردت أن يُثري الله مالك فزكِّه، وإذا أردت أن يصحّ بدنك فأكثر من الصّدقة، وإذا أردت أن يُطيل الله عمرك فصلْ ذوي أرحامك، وإذا أردت أن يحشرك الله معي فأطل السّجود بين يدي الله الواحد القهّار ). / سفينة البحار، عن أعلام الدين.

* عن الصّادقعليه‌السلام : ( جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله، كثرُت ذنوبي وضعف عملي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أكثر السجود؛ فإنّه يحطّ الذنوب كما يحطّ الريح ورق الشّجر ). / المـُستدرك.

* عن سعيد بن يسار أنّه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أدعو وأنا راكع أو ساجد؟ قال: فقال: ( نعم، ادع وأنت ساجد؛ فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، ادعُ لدنياك وآخرتك ). / عن البحار.

٣٧١

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( أحبّ الكلام إلى الله تعالى أن يقول العبد وهو ساجد: إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ثلاثاً ). / المـُستدرك.

٣٧٢

(الشاهد (81) )

دعاء الأعرابيّ وعجوز بني إسرائيل(1)

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: ( كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سُئل شيئاً، فإذا أراد أن يفعله قال: نعم، وإذا أراد ألاّ يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا، فأتاه أعرابي فسأله فسكت، ثمّ سأله فسكت، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كهيئة المـُسترسل: ما شئت يا أعرابي؟!

فقلنا: الآن يسأله الجنّة.

فقال الأعرابي: أسألك ناقةً ورحلها وزاداً.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لك ذلك.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كم بين مسألة الأعرابي وعجوز بني إسرائيل؟!

ثمّ قال: إنّ موسى لمـّا أُمِر أن يقطع البحر، فانتهى إليه وضربته وجوه الدّوابّ رجعت، فقال موسىعليه‌السلام : ياربّ، ما لي؟!

قال تعالى: يا موسى، إنّك عند قبر يوسفعليه‌السلام ، فاحمل عظامه وقد استوى القبر بالأرض، فسأل موسى قومه: هل يدري أحد منكم أين هو؟

قالوا: عجوز، لعلّها تعلم.

فقالعليه‌السلام لها: هل تعلمين؟

قالت: نعم.

قالعليه‌السلام : فدُلِّينا عليه.

قالت: لا والله، حتّى تُعطيني ما أسألك.

قالعليه‌السلام : ذلك لك.

قالت: فإنّي أسألك أن أكون معكم في الدّرجة التي تكون في الجنّة.

قالعليه‌السلام : سَلْي الجنّة.

____________________

(1) بحار الانوار.

٣٧٣

قالت: لا والله، إلاّ أن أكون معك.

فجعل موسىعليه‌السلام يُراود، فأوحى الله تعالى إليه أن أعطها ذلك؛ فإنّها لا تُنقصك شيئاً. فأعطاها ودلّته على القبر ).

(مواضيع الإدراج)

* طلب الدّنيا وطلب الآخرة.

* اغتنما الفرص.

(إنارة وإضفاء)

(طلب الدّنيا وطلب الآخرة)

حديث شريف:

* قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( القلب ثلاثة أنواع: قلب مشغول بالدّنيا، وقلب مشغول بالعُقبى، وقلب مشغول بالمولى، أمّا القلب المشغول بالدّنيا فله الشدّة والبلاء، وأمّا القلب المشغول بالعُقبى فله الدّرجات العُلى، وأمّا القلب المشغول بالمولى فله الدّنيا والعُقبى والمولى ). / المواعظ العددية.

قصّة:

* (تلّ المـَخالي): عن ثاقب المناقب والراوندي وغيرهما، واللفظ للرّاوندي قال: (ومنها حديث تلُّ المـَخالي) وذلك أنّ المـُتوكّل - وقيل: الواثق -: أمر العسكر وهم تسعون ألف فارس من الأتراك السّاكنين بسرّ مَن رأى أن يملأ كلّ واحد منهم مِخلاة فرسه من الطّين الأحمر، ويجعلوا بعضه على بعض في وسط برّيّة هناك، فلمـّا فعلوا ذلك صار مثل جبل عظيم (سُمّي بتلّ المـَخالي) فصعد فوقه، واستدعى أبا

٣٧٤

الحسن (الهادي)عليه‌السلام واستصعده، وقال: استحضرتك لنظارة خيول عسكري. وقد كان أمَرَهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة، وقد عرضوا بأحسن زينة وأتمّ عدّة وأعظم هيبة، وكان غرضه أن يكسر قلب كلّ مَن يخرج عليه، وكان خوفه من أبي الحسنعليه‌السلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة.

فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : ( وهل تُريد أن أعرض عليك عسكري؟ ).

قال: نعم؟

فدعا الله سبحانه وتعالى، فإذا بين السّماء والأرض، من المشرق إلى المغرب ملائكة مُدجّجون، فغُشي على الخليفة، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام لمـّا أفاق من غشيته: ( نحن لا ننافسكم في الدّنيا، ونحن مُشتغلون بأمر الآخرة، فلا عليك منّي ممّا تظنّ بأس ). / مدينة المعاجر.

استعانة:

قصّة: باتوا على قُلل الأجبال / الشاهد (44).

قصّة: فأعنّي بكثرة السّجود / الشاهد (80).

٣٧٥

(الشاهد (82) )

إبراهيم بن أدهم وشقيق البلخي والطائر الكسيح

يُحكى أنّ شقيقاً البلخي خرج في رحلة تجاريّة، يضرب في الأرض ويبتغي من فضل الله تعالى، وقبل سفره ودّع صديقه الزاهد المعروف (إبراهيم بن أدهم)، حيث توقّع أن يمكث في رحلته مدّة طويلة، ولكن لم تمضِ إلاّ أيّام قليلة حتّى عاد شقيق، ورآه إبراهيم في المسجد، فقال له - مُتعجّباً -: ما الذي عجّل بعودتك؟!

قال شقيق: رأيت في سفري عجباً، فعدلت عن الرّحلة.

قال إبراهيم: خيراً، ماذا رأيت؟

قال شقيق: آويت إلى مكان خرب لأستريح فيه، فوجدت به طائراً كسيحاً أعمى وعجبت، وقلت في نفسي: كيف يعيش هذا الطائر في هذا المكان النائي، وهو لا يُبصر ولا يتحرّك؟! ولم ألبث إلاّ قليلاً، حتّى أقبل طائر آخر يحمل له الطعام في اليوم مرّات حتّى يكتفي، فقلت: إنّ الذي رزق هذا الطائر في هذا المكان، قادر على أن يرزقني. وعدت من ساعتي.

قال إبراهيم: عجباً لك يا شقيق! لماذا رضيت لنفسك أن تكون بمنزلة الطائر الأعمى الكسيح، الذي يعيش على معونة غيره، ولم ترضَ لها أن تكون بمنزلة الطائر الآخر، الذي يسعى على نفسه وعلى غيره من العميان والمقعدين؟! أما علمت أنّ اليد العُليا خير من اليد السُّفلى؟!

(مواضيع الإدراج)

* المـُنفق على العابد خير منه.

* الرزق مضمون.

٣٧٦

(إنارة وإضفاء)

(المـُنفق على العابد خير منه)

حديث شريف:

* عن ابن عباس أنّه قال: قدم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوم، فقالوا: إنّ فلاناً صائم الدّهر، قائم اللّيل، كثير الذِّكْر.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أيُّكم يكفيه طعامه وشرابه؟ ).

فقالوا: كلّنا.

قال: ( فكلّكم خيرٌ منه ). / كشكول  البهائي.

* وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( لا تدعْ طلب الرّزق من حلِّه؛ فإنّه عون لك على دينك، واعْقِل راحلتك وتوكّل ).

* وعن عبد الأعلى مولى آلِ سام، قال: استقبلت أبا عبد اللهعليه‌السلام في بعض طُرق المدينة، في يوم صائف شديد الحرّ، فقلت: جُعلت فداك، حالك عند الله عزّ وجلّ، وقرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت تُجهد نفسك في مثل هذا اليوم؟!

فقال: ( يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك ). / عن البحار.

* وفي ميزان الحِكمة، عن تفسير نور الثّقلين: إنّه لمـّا نزل قوله تعالى:  ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ) ، انقطع رجال من الصّحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة؛ وثوقاً بما ضمِن الله لهم، فعلم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك، فعاب ما فعلوه، وقال: ( إنّي لأبغض الرجل فاغراً فاه إلى ربّه: ( اللّهم، ارزقني) ويترك الطلب ).

* وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الداعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر ). / المـُستدرك.

قول:

* من أقوال العرب:كلب جوّال خير من أسد رابض.

٣٧٧

شعر:

* (كل رزق له سبب):

توكَّل على الرّحمان في الأمر كلّه ولا

ترغبنّ  في العجز يوماً عن الطّلب

ألم  ترَ أنَّ الله قال لمريم

وهُزِّي إليك الجذع يُساقط الرّطب

ولو  شاء أن تجنيه من غير هزِّه

جنته ولكن كلّ رزق له سبب

٣٧٨

(الشاهد (83) )

لولا أنّ الصياد رضي عن الرّجل

قيل: إنّ رجلاً من ضعفاء بني إسرائيل في عهد موسىعليه‌السلام كان له عائلة يُنفق عليها من صيد الأسماك، فاصطاد يوماً من الأيّام سمكة كبيرة، ومضى إلى السّوق ليبيعها، فأتاه رجل وأراد أن يغصبه السّمكة، فمانعه الصيّاد، فضربه الرجل على رأسه ضربة شديدة، وسلب السّمكة ومضى.

فرفع الصيّاد طرفه إلى السّماء وقال: إلهي، جعلتني ضعيفاً، وجعلته قويّاً عنيفاً، فخُذْ لي بحقِّي منه عاجلاً.

ومضى الرجل بالسّمكة إلى داره، فأصلحتها زوجته وقدّمتها له، فمدّ يده إليها ليأكل منها، فشاكته شوكة منها في يده، فلم يقرَّ له قرار من الألم، فقصد الطبيب.

فقال له: علاجها أن تقطع الإصبع. فقُطِعت.

فسرى الألم إلى الكفِّ فقُطِعت، فسرى الألم إلى الذّراع فقُطِعت، وهكذا كلّما قُطِع عضواً سرى الألم لقرينه، فهام على وجهه في الفلاة، ونام تحت شجرة، فسع هاتفاً يُناديه في عالم الرّويا، ويقول: يا مسكين، إلى متى أنت تقطع أعضاءك، اذهب إلى الصيّاد الذي ظلمته وغصبته حقّه، وأرضِه. فانتبه وذهب إلى بيت الصيّاد، فوقع يتمرّغ على رجليه، ويُقبّلهما ليرضى عنه، وعوّضه عن تلك السمكة بثلث ماله، فلمـّا رضي عنه سكن الألم.

فأوحى الله تعالى إلى موسىعليه‌السلام : ( لولا أنّ الصياد رضي عن الرجل، لعذَّبته بما جنى مدى الحياة ).

(مواضيع الإدراج)

* الظلم.

٣٧٩

* اللّجوء إلى الله تعالى.

(إنارة وإضفاء)

(الظلم)

قرآن كريم:

*( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الأعراف / 44.

حديث قدسي:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( قال الله تعالى: وعزّتي وجلالي، لا يجوزني ظلمـُ ظالمٍ ولو كفّاً بكفّ، ولو مسحة بكفّ، ونطحة ما بين الشّاة القرناء إلى الشّاة الجمّاء. فيقتصّ الله للعباد بعضهم من بعض، حتّى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة، ثمّ يبعثهم الله إلى الحساب ). / البحار.

* في التوراة يقول الله عزّ وجلّ للعبد: ( إنّك متى ظللت تدعوني على عبد من عبيدي من أجل أنّه ظلمك، فلك من عبيدي مَن يدعو عليك، من أجل أنّك ظلمته، فإن شئت أجبتك وأجبته فيك، وإن شئت أخّرتكما إلى يوم القيامة ). / بحار الانوار، نقلاً عن دعوات الراوندي.

حديث شريف:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( ألا وإنّ الظلم ثلاثةً: فظلمـّ لا يُغفر، وظلمـّ لا يُترك، وظلمٌ مغفور لا يُطلب؛ فأمّا الظلم الذي لا يُغفر فالشّرك بالله، قال الله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) ، وأمّا الظلم الذي يُغفر فظلم العبد نفسه عند بعض

٣٨٠