من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 190426
تحميل: 8182

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190426 / تحميل: 8182
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأمّا اللواتي تُصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره:

فأُولاهن: أنّه يوكِّل الله به مَلكاً يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه.

والثانية: يُحاسب حساباً شديداً.

والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يُزكّيه وله عذاب أليم ). / المـُستدرك.

* عن الإمام الباقرعليه‌السلام : ( بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد، إذ دخل رجل فقام يُصلِّي، فلم يُتمَّ ركوعه ولا سجوده، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نَقرٌ كنقر الغراب، لأنْ مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني ). / الوسائل.

(ترك الصلاة)

قرآن كريم:

*( فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) المـُدثِّر / 40 - 43.

حديث شريف:

* (أين مَن حارب الله ورسوله): قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا كان يوم القيامة خرج من جهنّم جنس من عقرب، رأسه في السماء السابعة وذَنَبه تحت الثرى، وفمه من المشرق إلى المغرب، فيقول: أين مَن حارب الله ورسوله؟ ثمّ ينزل جبرائيل فيقول: يا عقرب، مَن تُريد؟ فيقول: أُريد خمسة: تارك الصّلاة، ومانع الزّكاة، وآكل الرّبا، وشارب الخمر، وقوماً يتحدّثون في المسجد حديث الدّنيا ). / عن لآلئ الأخبار.

معونة تارك الصلاة:

* عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن أعان تارك الصلاة بلقمة أو كسرة، فكأنّما قتل سبعين نبيَّاً، أولهم آدم وآخرهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

وقال أيضاً: ( مَن أعان تارك الصلاة بشربة ماء، فكأنّما حارب وجادل معي ومع جميع الأنبياء ).

٤٢١

وقال أيضاً: ( مَن تبسّم في وجه تارك الصّلاة، فكأنّما هدم البيت المعمور سبع مرّات ). / عن لآلئ الأخبار.

٤٢٢

(الشاهد (93) )

خلّتان لا تجتمعان إلاّ في مؤمن(1)

قيل لأشعب الطمّاع: قد صرت شيخاً كبيراً، وبلغت هذا المبلغ، ولا تحفظ من الحديث شيئاً، فقال: بلى، والله، ما سمع أحد من عكرمة ما سمعت.

قالوا: فحدِّثنا.

قال: سمعت عكّرمة يحدِّث عن ابن عبّاس، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( خلّتان لا تجتمعان إلاّ في مؤمن ). نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأُخرى.

(مواضيع الإدراج)

* حفظ الأحاديث الشّريفة.

* الحفظ في الصّغر.

* ما يورث النّسيان.

* ما يورث الحفظ.

(إنارة وإضفاء)

(حفظ الأحاديث الشّريفة)

حديث شريف:

* (مَن حفظ أربعين حديثاً): عن الإمام الكاظمعليه‌السلام أنّه قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن حفظ على أمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه في أمر دينهم، بعثه الله (عزّ وجلّ) يوم القيامة فقيهاً عالماً ). / الأربعون حديثاً للشيخ البهائي.

____________________

(1) كشكول البهائي.

٤٢٣

(الحفظ في الصّغر)

حديث شريف:

* عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( حفظ الغلام كالوسم على الحجر، وحفظ الرّجل بعدما يكبر كالكتابة على الماء ). / ميزان الحكمة عن كنز العمّال.

(ممّا يورث النّسيان)

حديث شريف:

* (تسعة تورث النّسيان): عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام أنّه قال: ( تسعة تورث النّسيان: أكل التّفاح (يعني الحامض)، والكزبرة، والجِبْن، وأكل سؤر الفار، والبول في الماء الواقف، وقراءة كتابة القبور، والمشي بين امرأتين، وإلقاء القملة، والحجامة في النّقرة ). / سفينة البحار، عن الخصال.

* (ترك القيلولة): روي أنّ أعرابياً أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله، كنت رجلاً ذكوراً، فصرت نسيَّاً. فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لعلّك اعتدت القائلة - أي القيلولة - فتركتها؟ ).

فقال: أجل.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( فعُدْ يرجع إليك حفظك إن شاء الله ).

* (فعل المعاصي): وفي مُنية المـُريد قال: قال علي بن حشرم: شكوت إلى وكيع قِلّة الحفظ، فقال: استعن على الحفظ بقلّة الذّنوب. وقد نظم ذلك في بيتين، فقال:

شكوت إلى وكيع سوء حِفظي

فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأنّ العلم فضل

وفضل الله لا يؤتاه عاصٍ

* وعن المـُحقّق الطوسي: ممَّا يورث النّسيان كثرة المعاصي وكثرة الهموم والأحزان في أمور الدّنيا.. وقال: كلّما يزيد في البلغم يورث النّسيان. / سفينة البحار.

٤٢٤

(ممَّا يورث الحفظ)

حديث شريف:

* في مكارم الأخلاق: من الفردوس، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنّه قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خمس يُذهِبنَّ بالنّسيان ويزدْن في الحفظ ويذهبن البلغم: السّواك، والصيّام، وقراءة القرآن، والعسل، واللِّبان ). / سفينة البحار.

* عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : ( مَن كتب سورة (يس) في تسعة من شعبان، بماء ورد وزعفران وشربها، حفظ حفظاً عظيماً، وقوي قلبه وحذق ذهنه ). / المـُستدرك.

* وعنهعليه‌السلام : ( مَن كتبها (يعني سورة يس) بماء ورد وزعفران سبع مرّات، وشربها سبع مرّات متواليات، كل يوم مرّة، حفظ كلّ ما سمعه، وغلب على مَن يُناظره، وعظم في أعيُن النّاس ) / المصدر السابق.

* وعنهعليه‌السلام : ( مَن كتب سورة الحشر في جام زجاج، وغسلها بماء المطر، وشربها، يُرزَق الحفظ والفطنة، ومَن شرب سورة الجنّ وعى كلّ شيء يسمعه وغلب مَن يُناظره ). / المصدر السابق.

استعانة:

قصّة: جلد الشيخ يطهر بالدباغة / الشاهد (94).

٤٢٥

(الشاهد (94) )

جلد الشيخ يطهر بالدباغة(1)

حُكي أنّ السكّاكي كان في بداية أمره حدّاداً، فصنع ذات يوم محبرة صغيرة، وجعل لها قفلاً عجيباً، وأهداها إلى ملك زمانه، فلمـّا أُحضر بين يدي الملك، تعجّب الملك من صنعته، ولكن لم يُرحِّب به كثيراً، ولم يَحتفِ به كما كان يتصوّر.

واتّفق في ذلك الوقت، أن دخل رجل على الملك، وكان السكّاكي حاضراً؛ فقام الملك احتراماً لذلك الرّجل وأجلسه في محلّه، فسأل عنه السكّاكي، فقيل له: إنّه من العلماء. ففكّر السكّاكي في نفسه، أنّه لو كان من هذه الطائفة لكان أقرب إلى ما كان يطلبه من الفضل والشّرف والقبول.

وخرج من ساعته لتحصيل العلوم، وكان - إذ ذاك - قد ذهب من عمره ثلاثون سنة، وذات يوم قال له المدرّس: لعلّك في سنّ لا ينفعك فيه التّعلّم، وأرى أنّ ذهنك لا يُساعد على اكتساب العلم. ثمّ أخذ يُعلّمه هذه المسألة ( قال الشّيخ: جلد الكلب يطهر بالدّباغة)، وجعل يُكرّرها عليه، فلمـّا كان من الغد جاء السكّاكي، وطلب منه أستاذه أن يُعيد الدّرس الذي قرأه أمس، فقال السكّاكي: (قال الكلب: جلد الشيخ يطهر بالدّباغة). فضحك منه الحاضرون.

يَئِسَ السكّاكي من نفسه وضاق صدره، فخرج إلى البراري والجبال، واتّفق أنّه رأى قليلاً من الماء يتقاطر من فوق جبل صخرة صمّاء، وقد ظهر فيها ثقب من أثر ذلك التّقاطر، فاعتبر بها وقال: ليس قلبي بأقسى من هذه الصخرة، ولا خاطري بأصلب منها، حتّى لا يتأثّر بالدّرس والتحصيل، ورجع ثانية إلى المدرسة بعزمه الثّاقب، حتّى فتح الله عليه أبواب العلوم والمعارف، وحاز فيها قصب السّبق دون جميع أهل زمانه.

____________________

(1) قصص الأبرار عن روضات الجنّات.

٤٢٦

(مواضيع الإدراج)

* مكانة العلماء.

* الهِمّة والعزيمة.

* النسيان وعلاجه.

(إنارة وإضفاء)

(مكانة العلماء)

قرآن كريم:

*( يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) المـُجادلة / 11.

حديث شريف:

* قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الملوك حكّام على النّاس، والعلماء حكّام على الملوك ). / البحار.

قول:

* (العالم أشرف المعقولات): إنّ المعقولات تنقسم إلى موجودة ومعدومة، وظاهرٌ أنّ الشرف للموجود، ثمّ الموجود ينقسم إلى جماد ونامٍ، ولا ريب أنّ النّامي أشرف، ثمّ النّامي ينقسم إلى حسّاس وغيره، ولا شكّ أنّ الحسّاس أشرف، ثمّ الحسّاس ينقسم إلى عاقل وغير عاقل، ولا ريب أنّ العاقل أشرف، ثمّ العاقل

٤٢٧

ينقسم إلى عالم وجاهل، ولا شكّ أن العالم أشرف، فالعالم - حينئذ - أشرف المعقولات. / معالم الدين.

حِكمة:

* عن سعيد بن أوس الأنصاري أنّه قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: أحثّ كلمة على طلب العلم قول عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ( قدر كلّ امرئ ما يُحسِن ). / عن البحار.

* وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

- ( يتفاضل النّاس بالعلوم والعقول، لا بالأموال والأصول ).

- ( رتبة العالم أعلى المراتب ).

- ( هلك خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي اللّيل والنّهار، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة ). / غرر الحِكم.

(الهمّة والعزيمة)

حديث و شعر:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( المرء يطير بهِمّته كما يطير الطائر بجناحيه ).

وقال الشاعر في حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

له هِممٌ لا مُنتهى لكبارها

وهمَّته الصُغرى أجلُّ من الدّهر

وقال شاعر آخر في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

صعدنا لآفاق السّماء بيمينه

وإنّا لنبغي فوق ذلك مَظهراً

ولمـّا أنشده أمام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( وما تبغي فوق ذلك؟! ).

قال الشاعر: الجنّة.

فتبسّم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلوِّ هِمّته. / مُمارسة التغيير.

٤٢٨

قول:

* قيل: إنّ أديسون مُخترع المصباح الكهربائي، كان قد أجرى أكثر من تسعة آلاف تجربة، حتّى توصَّل في النهاية إلى اختراع المصباح الكهربائي. / مُمارسة التغيير.  

قصّة:

* (فخر المـُحقّقين والمـُدقّقين): يقول الشيخ محمد صالح المازندراني، الذي بلغ درجة عالية في العلم، بعد أن كان أفقر الطلبة وأبلدهم ذهناً، وأقلّهم استيعاباً للعلم: إنّني حجّة الله تعالى على كلّ شخص يعتذر من الدراسة وطلب العلم بسبب الفقر والبَلادة، فمن ناحية الفقر كنت أفتّش عن لقمة خبز يابس يرميها النّاس في الطّرق، ومن ناحية أُخرى لم يكن عندي شمعة أستنير بها للمـُطالعة ليلاً، فقد كنت أذهب إلى مراحيض المدرسة وأستضيء من شمعة كانت هناك لمـَن يأتي لقضاء حاجته، ومن ناحية البَلادة، فقد كنت أقرأ ولا أتذكّر بعد قليل ما قرأته، وكنت أدرس ولا أستطيع حفظ معلومات الدرس، بل كان يصعب عليّ فهمها، لقد كانت ذاكرتي من الضّعف بدرجة أنّني أُضيِّع الطريق إلى البيت أحياناً، حتّى أنَّني أنسى أسماء أطفالي. وعندما وصلت إلى الثلاثين من عمري قرّرت أن أُمرِّن ذاكرتي على الحفظ بأيّ ثمن كان، وقد ساعدتني في ذلك زوجتي التي كانت عالمة فاهمة ومن عائلة علمائية نزيهة.

وقد أصبح هذا الرجل فيما بعد عالماً كبيراً، كتب شرحاً لأحاديث (أصول الكافي)، وشرحاً على كتاب (مَن لا يحضره الفقيه)، وكتب شرح المعالم في علم أصول الفقه، وتوضيحات على كتاب اللمعة الدمشقية، ويُلقَّب في الأوساط العلمية بـ (فخر المـُحقِّقين والمـُدقِّقين). / قصص وخواطر.

٤٢٩

(الشاهد (95) )

السيّد هاشم الحطّاب(1)

في كتاب حجر وطين لشيخنا الفقيه (دام ظلّه) قال: حدّث الخطيب الأديب الشهير، الشيخ محمد علي اليعقوبي على المنبر في مسجد الهندي، ليلة السبت الرابع من صفر سنة 1362، وكنّا قد سمعناه منه قبل ذلك أيضاً:

إنّ حاجّاً إيرانياً كان ذاهباً للحج، ومرّ بالنّجف الأشرف؛ لأنّ طريق الحاج كان ولم يزل يمرُّ عليها، فسأل عن أوثق النّاس، فأرشدوه إلى رجل يعتمد عليه الثّقات الأبرار والعلماء الأخيار، فأودعه (صندوقاً) كان قد جمع فيه مجوهرات نفيسة، ثمّ جعل يُكرّر الذهاب إليه منذ أودعه إيّاه، ويسأله عنه حتّى يوم خروجه من النجف، وكان الودعي قد ملَّه، فلمـّا ذهبت القافلة قال: والله، لأفتحنّ الصندوق وأنظر ما فيه. ففعل، فوجده مملوءاً بالمجوهرات الثمينة، فغلبته شهوة حبّ المال، واستكثره على هذا الإنسان، فعزم على أن لا يردّه إليه، ولمـّا رجع الحاجّ طلبه منه، فأنكره الودعي إنكاراً شديداً، فذهب إلى الحرم الشّريف، وتعلّق بالضّريح المـُقدّس، واستغاث بالله تعالى، وتوسّل بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فرأى الأميرعليه‌السلام في الطّيف بعدما أغفى، فذكر قصّته فقالعليه‌السلام :اذهب إلى ولدي السيّد هاشم الحطّاب. وكان السيّد المذكور من العلماء الأبرار الوعّاظ، والقضية لها نحو من مئة سنة، كما يقول المـُحدّث اليعقوبي، ويقول: إنّ السيّد هاشم له ترجمة في بعض الكُتب المعروفة، فسأل الحاجّ عن السيّد فقيل: هو غائب في الحطب. فانتظره في باب النّجف، وكانت يومئذ مسوّرة، فلمـّا جاء أرشدوه إليه فاستحقره لرداءة بزّته، ولم يتكلّم معه بشيء، ثمّ رجع إلى حرم الأميرعليه‌السلام ، وجعل يدعو الله سبحانه ويستغيث به، فرأى في اللّيلة

____________________

(1) حجر وطين.

٤٣٠

الثانية نفس الرؤيا، وفي اليوم التالي جرى له ما جرى في اليوم الأوّل، ثمّ عاد للدّعاء والابتهال إلى الله تعالى، فرأى نفس الرؤيا، فلمـّا جاء السيّد قام إليه وقال: أمانتي.

فبدره السيّد قائلاً: أنت الحاجّ الفلاني؟ فأجابه: نعم.

فقال السيّد: أنا من أوّل أمس أنتظرك؛ لأنّ جدّي أمرني بذلك.

فقال الحاجّ: وأنا كان من أمري كذا وكذا.

فذهب السيّد إلى الصّحن الشّريف عصراً، وصعد المنبر على عادته ثمّ قال: لا أعظ هذا النّهار، ولكنّني سأقصُّ عليكم قصّة كتمتها منذ ثلاثين سنة، ولولا أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أمرني بإظهارها ما أظهرتها.

ثمّ حدّث أنّه عندما كان يذهب للاحتطاب، كان يمرّ ببقّال في باب النّجف، وهو فلان، وجملة من الحاضرين يعلمون أنّه توفِّي منذ ثلاثين سنة، وإنّني قد أخذت منه يوماً تمراً، بقي له في ذمّتي ما يُساوي أقلّ أجزاء العُملة في ذلك الوقت، وكان يُسمَّى (فولاً)، فجئته في اليوم التالي، فوجدت حانوته مُقفلاً، فسألت عنه، فقيل لي: مات.

فذهلت عن طلبه، ومضت أيّام، فرأيت فيما يرى النائم أنّ القيامة قد قامت، والصّراط قد نُصب، فاجتزت عليه، فسُئلت أوّلاً عن الولاية، ثمّ عن الصّلاة، والزّكاة، والصّوم، والحجّ، والجهاد وغيرها، وكنت كلّما اجتزت مرحلة يؤمر بي إلى غيرها، وأُسأل عن أمر من هذه الأمور، إلى أن انتهيت إلى موضع العرض على الجليل جلّ وعلا، وهو الموضع الأخير، الذي يُسأل فيه العبد عن حقوق الآدمييّن، فأُمر بي إليه، فوقفت وأنا في أعظم دهشة وأضيق حال، وجعلت أستغيث بأنّي لست مطلوباً لأحد؛ لأنّ السؤال هناك عن حقوق العباد، وإذا بصاحبي البقّال قد أقبل، وهو قطعة من النّار تسوقه الجلاوزة، وهو يُناديني: أدِّ إليَّ حقّي. قلت: وما حقّك؟! قال: (الفول). قلت: وعدتني الإبراء. قال: نعم، ولم أفعل، فتحيّرت؛ ثمّ لشدّة ضيقي قلت له: خذ قطعة من لحمي بدلاً منه، ودعني أجوز على الصّراط، فقال: لا، ولكن دعني أبرّد إصبعي بغمسها في فخذك، فاستسهلت الأمر، وقرّبت إليه فَخِذي، فوضع إصبعه عليه، فأحسست أنّي التهبت بأجمعي، فانتبهت من رقدتي ورأيت الأثر في فخذي، وما زلت أُداويه منذ ذلك اليوم، وهذه آثاره. ثمّ

٤٣١

كشف عن فخذه، ثمّ قال: فليتّقِ الله صاحب الصندوق، وليؤدِّ الأمانة إلى صاحبها، وإلاّ فضحته، فقام الودعيّ من ساعته ودفع الصندوق إلى صاحبه.

(مواضيع الإدراج)

* أداء الأمانة.

* الظلم.

* الرّؤيا الصّادقة.

(إنارة وإضفاء)

(أداء الأمانة)

قرآن كريم:

*( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) النساء / 58.

*( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال / 27.

حديث شريف:

* قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحجّ والمعروف، وطنطنتهم باللّيل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة ). / عن عيون أخبار الرّضا.

* وقال الإمام زين العابدينعليه‌السلام : ( عليكم بأداء الأمانة، فو الذي بعث محمداً بالحقّ نبيّاً، لو أنّ قاتل أبي الحسين بن عليعليه‌السلام ائتمنني على السّيف الذي قتله به لأدّيته إليه ). / وسائل الشيعة.

٤٣٢

شعر:

* (ولكن قلّما تلقى أمينا):

إذا ما كنت مُتّخذاً خليلاً

فلا تأمن خليلك أن يخونا

فإنّك لم يخنك أخٌ أمين

ولكن قلَّما تلقى أمينا

* حُكي أنّ أبا العلاء المعرِّي اعترض يوماً على سيّدنا المرتضىرضي‌الله‌عنه في حدّ السّارق الذي قرّره الشارع المقدّس(1) ، وأنشأ يقول شعراً:

يدّ بخمس مئين عسجداً وُدْيتْ

ما بالها قُطعت في ربع دينار

فأجابه السيّدرحمه‌الله بهذا البيت:

عِزُّ الأمانة أغلاها وأرخصها

ذِلُّ الخيانة فأفهم حِكمة الباري

وفي رواية:

حراسة الدم أغلاها وأرخصها

حراسة المال فانظر حِكمة الباري

وأجابه رجل آخر من أهل المجلس بقوله:

هناك مظلومة غالت بقيمتها

وههنا ظَلَمَت هانت على الباري

وقال رجل آخر: لمـّا كانت أمينة كانت ثمينة. فلمـّا خانت هانت، ونظم آخر هذا المعنى بقوله:

خيانتها أهانتها وكانت

ثمينة عندما كانت أمينه

/ روضات الجنّات.

استعانة:

قصّة: إنّك لا تؤمَن على فأرة / الشاهد (6).

____________________

(1) حيث إنّ ديّة قطع اليد خمسمئة دينار، في حين أنّها تُقطع إذا سرقت ما قيمته ربع دينار.

٤٣٣

(الشاهد (96) )

رقاع أنوشروان(1)

حُكي أنّ كسرى أنوشروان كان يدفع ثلاث رقاع إلى خادم يقوم على رأسه، ويأمره أن يدفع إليه واحدة بعد واحدة إذا اشتدّ غضبه، قال: فاشتدّ غضبه يوماً، فدفع إليه واحدة، فإذا فيها (أمسك غضبك، فإنّك لست بإله) ثمّ دفع إليه الثّانية فإذا فيها ( ارحم عباد الله يرحمك الله )، ثمّ دفع إليه الثالثة فإذا فيها (احمل عباد الله على حقّ الله، فإنّك لا تسعد إلاّ بذلك).

(مواضيع الإدراج)

* الغضب.

* الرحمة.

* العدل.

(إنارة وإضفاء)

(الغضب)

حِكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الغضب نارٌ موقَدة، مَن كظمه أطفأها، ومَن أطلقه كان أوّل مُحترِق بها ).

وقالعليه‌السلام : ( داووا الغضب بالصّمت، والشّهوة بالعقل ). / غرر الحِكم.

____________________

(1) المواعظ العددية.

٤٣٤

استعانة:

قصّة: قبيح الفعل حَسَن الاعتذار / الشاهد (84).

قصّة: أدبُ الله وأدبُ رسوله / الشاهد (105).

٤٣٥

(الشاهد (97) )

عفوته حتّى يستحي أن يعود(1)

حُكي أنّ داوود النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سأل كلاَّ ًمن أبنائه في آخر حياته: ( إذا أذنب أحدٌ كيف تُعاقبه؟! ).

فأجاب كلّ واحد منهم وقال: أُعاقبه على قدر ذنبه.

ثمّ سأل سليمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه فأجاب هو وقال: ( عفوته ).

ثمّ سأله فقال: ( فإن عاد، فكيف تفعل؟! ).

فقال: ( عفوته ).

ثمّ قال: ( فإن عاد، فكيف تفعل؟! ).

فقال: ( عفوته ).

ثمّ بعد مرّات كثيرة من السؤال والجواب قال سليمانعليه‌السلام : ( عفوته؛ حتّى يستحي أن يعود إلى ذلك الذّنب ).

فدعا له داوودعليه‌السلام ، وقال: ( أنت أحقّ بالحكومة والسلطنة، وأليق بالجلوس على سرير الخلافة، والله أعلم بالصّواب ).

(مواضيع الإدراج)

* العفو والحلم.

* صفات الحاكم.

____________________

(1) ملحق المئة كلمة، ما نمّقه عبد الوهّاب.

٤٣٦

(إنارة وإضفاء)

(العفو والحِلم)

قرآن كريم:

*( وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصِّلت / 34 - 35.

حديث شريف:

* قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا عنَّت لكم غضبة فأدّوها بالعفو، إنّه يُنادي منادٍ يوم القيامة: مَن كان له على الله أجر فليقمْ، فلا يقوم إلاّ العافون، ألم تسمعوا قوله تعالى:( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) ؟ ! ) الشورى - 40 / عن البحار.

* وقال رجل للإمام الصّادقعليه‌السلام : أوصني يا بن رسول الله.

فقالعليه‌السلام له: ( مَن شتمك فقل له: إن كنت صادقاً غفر الله لي، وإن كنت كاذباً غفر الله لك، ومَن قال لك: إن قلت كلمة سمعت عشراً، فقل له: إن قلت عشراً لن تسمع واحدة ). / معالم الفلسفة الإسلاميّة.

قول:

* (يوازن حِلمه الجبال): عندما استُشهد الإمام الحسنعليه‌السلام ، بادر مروان بن الحكم إلى حمل جثمانه، فقال له سيّد الشهداءعليه‌السلام : ( تحمل اليوم سريره، وقد كنت بالأمس تُجرِّعه الغيظ؟! ).

فقال مروان: إنّي كنت أفعل ذلك بمَن كان يوازن حِلمه الجبال. / حياة الإمام الحسنعليه‌السلام .

* قال أبو ذرّرضي‌الله‌عنه لغلامه: لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس؟

قال: أردت أن أغيظك.

٤٣٧

قال: لأجمعنّ مع الغيظ أجراً، أنت حرّ لوجه الله تعالى. / المـُستطرف.

حِكمة:

* حُكي عن إبراهيم بن أدهم: إنّه لطمه على وجهه رجل، فرفع إبراهيم رأسه إلى السّماء، وقال: إلهي، إنّك تُثيبني وتُعاقبه، فلا تُثبني ولا تُعاقبه. / روضات الجنّات.

شعر:

* (بعض فتياننا): عن عيون أخبار الرّضاعليه‌السلام : قال المأمون للرّضاعليه‌السلام : هل رويت من الشعر شيئاً؟

فقالعليه‌السلام : ( قد رويت منه الكثير ).

فقالعليه‌السلام : أنشدني أحسن ما رويته في الحِلم.

فقالعليه‌السلام :

إذا  كان دوني مَن بُليت بجهله

أبيتُ لنفسي أن تُقابل بالجهل

وإن  كان مثلي في محلٍّ من النُّهى

أخذت بحِلمي كي أجلَّ عن المثل

وإن كنت أدنى منه في الفضل والحِجى

عرفت له حقَّ التّقدُّم والفضل

قال له المأمون: ما أحسن هذا، مَن قاله؟

فقالعليه‌السلام : ( بعض فتياننا ).

* (كعود زاده الإحراق طيبا):

وذي سَفَهٍ يواجهني بجهل

فأكره أن أكون له مُجيبا

يزيد سفاهة وأزيد حِلماً

كعود زاده الإحراق طيبا

* (فأمنحه البُشرى):

وإنّي لألقى المرء أعلم أنّه

عدوّي وفي أحشائه الضّغن كامن

فأمنحه البُشرى فيرجع قلبه

سليماً وقد ماتت لديه الضغائن

٤٣٨

قصّة:

* (فأنتِ حرَّة لوجه الله): روي أنّ جارية لعلي بن الحسينعليه‌السلام جعلت تسكب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها فشجّه، فرفع رأسه إليها.

فقالت: إن الله تعالى يقول:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) .

فقال لها: ( قد كظمت غيظي ).

قالت:( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .

قال: ( قد عفا الله عنك ).

قالت:( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .

قال: ( اذهبي؛ فأنتِ حُرّة لوجه الله ). / مجمع البيان.

حِكمة:

* قال الحكيم الشيرازي: كُنْ كشجرة الصندل، تُعطِّر الفأس التي تقطعها.

استعانة:

قصّة: ملكنا فكان العفو منّا سجيّة / الشاهد (28).

قصّة: قبيح الفعل حَسَن الاعتذار / الشاهد (84).

(صفات الحاكم)

قول:

* كتب عمر بن عبد العزيز، لمـّا ولّى الخلافة إلى الحسن بن أبي الحسن البصريّ أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكتب إليه الحسن: اعلم - يا أمير المؤمنين - أنّ الله جعل الإمام العادل قِوام كلّ مائل، وقصد كلّ جائر، وصلاح كلّ فاسد، وقوَّة كلّ ضعيف، ونصفة كلّ مظلوم، ومفزع كلّ ملهوف،

والإمام العادل - يا أمير

٤٣٩

المؤمنين - كالراعي الشّفيق على إبله، الرّفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السّباع، ويُكنُّها من أذى الحَرّ والقَرِّ.

والإمام العدل - يا أمير المؤمنين - كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً ويُعلّمهم كباراً، يكتسب لهم في حياته، ويدَّخر لهم بعد مماته.

والإمام العدل - يا أمير المؤمنين - كالأمّ الشفيقة البرّة الرّفيقة بولدها، حملته كُرهاً ووضعته كُرهاً، وربّته طفلاً تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، تُرضعه تارة وتفطمه أُخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمُّ بشكايته.

والإمام العدل - يا أمير المؤمنين - وصيّ اليتامى، وخازن المساكين، يُربِّي صغيرهم ويُموِّن كبيرهم.

والإمام العدل - يا أمير المؤمنين - كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده.

والإمام العدل - يا أمير المؤمنين - هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويُسمعهم، وينظر إلى الله ويُريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم.

فلا تكن - يا أمير المؤمنين - فيما ملَّكك الله عزّ وجلّ كعبد ائتمنه سيّده، واستحفظه ماله وعياله، فبدّد المال وشرّد العيال، فأفقر أهله وفرّق ماله.

واعلم - يا أمير المؤمنين - أنّ الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاه مَن يليها؟! وأنّ الله أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم مَن يقتصُّ لهم؟!

واذكر - يا أمير المؤمنين - أنّ لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويُفارقك أحبّاؤك، يُسلمونك في قعره وحيداً فريداً، فتزوَّد له ما يصحبك  ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ )

واذكر - يا أمير المؤمنين -( إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) ، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها.

فالآن - يا أمير المؤمنين - وأنت في مَهْلٍ قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل، لا تحكم في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظّالمين، ولا تسلِّط المـُستكبرين

٤٤٠