من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 190499
تحميل: 8185

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190499 / تحميل: 8185
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على المـُستضعفين، فإنّهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذِمَّةً، فتبوَّء بأوزارك، وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك، ولا يغرّنّك الذين يتنعّمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطّيّبات في دنياهم بإذهاب طيّباتك في آخرتك، ولا تنظر إلى قُدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيّين والمـُرسلين، وقد عنت الوجوه للحيّ القيّوم.

إنّي - يا أمير المؤمنين - وإن لم أبلغ بعِظَتي ما بلغه أُولو النُّهى من قبلي، فلم آلك شفقاً ونُصحاً، فأنزل كتابي إليك كمُداوي حبيبه، يسقيه الأدوية الكريهة؛ لما يرجو له في ذلك من العافية والصّحة، والسلام عليك - يا أمير المؤمنين - ورحمة الله وبركاته. / عن العقد الفريد.

استعانة:

إنارة الشاهد (23) / ولاية أمر الأمَّة.

٤٤١

(الشاهد (98) )

أنا والله ذلك السائل(1)

حُكي أنّ رجلاً جلس يأكل يوماً هو وزوجته، وبين أيديهما دجاجة مشويّة، فوقف سائل ببابه فخرج إليه، وانتهره فذهب، واتّفق بعد ذلك أنّ الرّجل افتقر، وزالت نعمته، وطلَّق زوجته، وتزوّجت بعد برجل آخر، فجلس يأكل معها في بعض الأيّام، وبين أيديهما دجاجة مشوّية، وإذا بسائل يطرق الباب، فقال الرّجل لزوجته: ادفعي إليه هذه الدّجاجة. فخرجت إليه بها، فإذا هو زوجها الأول، فدفعت إليه الدّجاجة ورجعت وهي باكية، فسألها زوجها عن بكائها، فأخبرته أنّ السائل كان زوجها، وذكرت له قصّتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأوّل.

فقال لها: أنا - والله - ذلك السائل.

(مواضيع الإدراج)

* إطعام الطعام.

* الصدقة.

* المسألة.

* تبدّل الأحوال.

* الكرم.

* البخل.

____________________

(1) ثمرات الأوراق.

٤٤٢

(إنارة وإضفاء)

(إطعام الطّعام)

حديث قدسي:

* إنّ الله أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام : ( إنّك لمـّا سلّمت مالك للضْيفان، وولدك للقُربان، ونفسك للنّيران، وقلبك للرحمان، اتّخذناك خليلاً ). / كلمة الله.

حديث شريف:

* عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ( ما اتّخذ الله إبراهيم خليلاً إلاّ لإطعامه الطعام، وصلاته باللّيل والنّاس نيام ).

وفي تفسير العيّاشي، عن الصادقعليه‌السلام : ( إذا سافر أحدكم فليأت أهله ولو بحجر؛ فإنّ إبراهيمعليه‌السلام ضاف ضيفاً فأتى قومه فوافق منهم قحطاً شديداً، فرجع كما ذهب، فلمـّا قرب من منزله نزل عن حماره فملأ خُرجه رملاً أراد أن يُسكّن به روع زوجته سارة، فلمـّا دخل منزله حطَّ الخرج عن الحمار وافتتح العلوفة، فجاءت سارة ففتحت الخُرج، فوجدته مملوءاً دقيقاً، فاختبزت منه وقالت لإبراهيمعليه‌السلام : انفتل من صلاتك وكل. فقال لها: ( من أين لك هذا؟! ).

قالت: من الدقيق الذي في الخُرج.

فرفع رأسه إلى السّماء فقال: ( أشهد أنّك الخليل ). / قصص الأنبياء.

* عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إنّما أمهل الله فرعون في دعوته لسهولة إذنه، وبذل طعامه، فجوزي في الدّنيا على أعماله ). / قصص الأنبياء.

* وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بحق عبد الله بن جدعان أحد كفّار الجاهليّة المعروفين وأحد أبناء قريش المرموقين -: ( إنّ أهون أهل النّار عذاباً ابن جدعان ).

قيل: لماذا يا رسول الله؟

فأجاب: ( إنّه كان يُطعم الطّعام ). / العدل الإلهي، عن البحار.

٤٤٣

حِكمة:

* عن حذيفة المرعشي أنّه قال: قدم شقيق البلخي مكّة وإبراهيم بن أدهم فيها، فاجتمع النّاس. وقالوا: يجمع بينهما في المسجد الحرام. فقال إبراهيم بن أدهم لشقيق: يا شقيق، علامَ أصَّلتم أصولكم؟

فقال شقيق: أصّلنا أصولنا على أنّا إذا رُزقنا أكلنا، وإذا مُنعنا صبرنا.

فقال إبراهيم: هكذا كلاب بلخ إذا رُزقت أكلت، وإذا مُنعت صبرت.

فقال شقيق: فعلامَ أصّلتم أصولكم - يا أبا إسحاق -.

قال:أصّلنا أصولنا على أنّا إذا رُزقا آثرنا، وإذا مُنعنا حمدنا وشكرنا.

فقام شقيق، وجلس بين يديه، وقال: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق. / روضات الجنّات.

(الصدقة وبعض آثارها)

قرآن كريم:

*( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة / 274.

حديث شريف:

- عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ الصدقة لتُطفئ عن أهلها حرَّ القبور، وإنّما يستظلّ المؤمن يوم القيامة في ظلّ صدقته ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ الصدقة لتُطفئ غضب الربِّ ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنَّ الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( وهي زيادة في أعماركم وحسناتكم ).

- عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن؛ فإنّ صدقته تظلّه ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ الله تبارك وتعالى يقول: ما من شيء إلاّ وقد وكَّلت مَن يقبضه غيري إلاّ الصدقة، فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفاً ).

٤٤٤

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( قال الله تعالى: إنّ من عبادي مَن يتصدّق بشقّ تمرة فأُربّيها كما يُربّي أحدكم فلوه حتّى أجعلها مثل جبل أُحد ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ ملك الموت يدفع إليه الصّكّ بقبض روح العبد، فيتصدّق، فيُقال له: ردَّ عليه الصّكَّ ).

- وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّ صدقة النّهار تَميث الخطيئة كما يَميث الماء الملح، وإنّ صدقة اللّيل تُطفئ غضب الرّبّ جلّ جلاله ). / الأحاديث من ميزان الحِكمة.

قصّة:

* (لقمة بلقمة): في تاريخ ابن النّجّار، عن وهب بن منبّه أنّه قال: بينما امرأة من بن إسرائيل على ساحل البحر تغسل ثيابها، وصبي لها يدبُّ بين يديها، إذ جاء سائل فأعطته لقمة من رغيف كان معها، فما كان بأسرع من أن جاء ذئب والتقم الصبيّ، فجعلت تعدو خلفه، وهي تقول: يا ذئب، ابني، يا ذئب، ابني. فبعث الله ملكاً انتزع الصبيّ من فم الذّئب، ورمى به إليها، وقال: لقمة بلقمة. / سفينة البحار.

* (تلك الكعكة خلّصتك): عن العلاّمة الحلِّي في بعض كُتبه قال: مرّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً بيهودي يحتطب في صحراء، فقال لأصحابه: ( إنّ هذا اليهودي لتلدغنَّه اليوم حيّة ويموت ). فلمـّا كان آخر النهار رجع اليهودي بالحطب على رأسه على جاري عادته. فقال له الجماعة: يا رسول الله، ما عهدناك تُخبر بما لا يكون! فقال: ( وما ذاك؟! ). قالوا: إنّك أخبرت اليوم بأنّ هذا اليهودي تلدغه أفعى ويموت، وقد رجع! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( عليَّ به ). فأتي به إليه، فقال: ( يا يهودي، ضع الحطب وحِلَّه ). فحَلَّه، فرأى فيه أفعى، فقال: ( يا يهودي ما صنعت اليوم من المعروف؟! ). فقال: ما صنعت شيئاً، غير أنّي خرجت ومعي كعكتان، فأكلت إحداهما، ثمّ سألني سائل فدفعت إليه الأُخرى. فقال: ( تلك الكعكة خلّصتك من الأفعى ). فأسلم على يده. / المـُستدرك.

استعانة:

قصّة: لا صدقة وذو رحم مُحتاج / الشاهد (104).

قصّة: لأنّك لم تُقصِّر في إنفاق مالك / الشاهد (56).

٤٤٥

(المسألة)

حِكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( ماء وجهك جامد يقطره السؤال، فانظر عند مَن تقطره ). / نهج البلاغة باب المـُختار.

شعر:

* (فلا تسأل النّاس):

إذا أذِنَ الله في حاجة

أتاك  النَّجاح على رسله

فلا تسأل النّاس من فضلهم

ولكن  سَلْ الله من فضله

* (لا تسألنّ من ابن آدم):

لا تسألنّ من ابن آدم حاجةً

وسَلْ الذي أبوابه لا تُحجب

الله يغضب إن تركت سؤاله

وابن آدم حين يُسأل يغضب

* (ولا تكن طالباً من طالب):

شاد  الملوك قصورهم وتحصَّنوا

من كلّ طالب حاجة أو راغب

فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن

يا  ذا الضَّراعة طالباً من طالب

* (إنّما الموت سؤال الرّجال):

لا  تحسبنَّ الموت موت البِلى

من كلّ طالب حاجة أو راغب

كلاهما موت ولكن ذا

أخفُّ من ذاك لذلِّ السؤال

* (الموت أسهل عندي):

الموت أسهل عندي

بين القنا والأسنَّه

والخيل تجري سِراعاً

مُقطّعات الأعنَّه

من  أن يكون لنذل

عليّ  فضلّ ومِنَّه

٤٤٦

(الشاهد (99) )

ويفرح بالمولود من آل برمك(1)

قال خليع الشاعر: دعاني الفضل بن يحيى البرمكي - وهو إذ ذاك أحد قوّاد هارون الرّشيد - ذات ليلة فتحنّطت وتوهّمت الموت؛ لأنّ بعض الوشاة سعى بي إليه بأنّني هجوته، فلمـّا دخلت عليه وجدته وعنده ثلاثمئة مُغنِّية، فسلّمت عليه، فلم يردَّ عليَّ السلام، ثمّ رفع رأسه بعد ساعة وقال: عليك السلام، يا خليع، ما دعوتك إلاّ لخير، اعلم أنّه ولِد لنا في هذه الساعة ولدٌ، وقد قلت فيه مصراعين من الشّعر، ولم استطع لهما تماماً، فقلت: اعرضهما عليّ.

فقال: قلت:

ويفرح بالمولود من آل برمك

بغاة الندى والسّيف والرّمح والفضل

فقلت:

وتنبسط الآمال فيه لفضله

ولا سيّما إن كان والده الفضل

فأعجبه ذلك وأمر لي باثني عشر ألف درهم، وبعثني إلى أخيه فأعطاني مثلها، وبعثني إلى أبيه فأعطاني مثلها، فخرجت من عنده بستّة وثلاثين ألف درهم، ولمـَّا انقضت أيّامهم سافرت إلى مصر ودخلت حمّاماً فدخل إليَّ صبي يخدمني، فأوردت هذين البيتين فخرّ الصبي مغشيّاً عليه، فتوهّمت أنّ به صرعة، فجزعت عليه، فسألت صاحب الحمّام عنه فقال: لم يُعهَد منه إلاّ الصحّة. فلمـّا أفاق سألته عن حاله فقال: أنت سبب ذلك. فقلت: وكيف؟

فقال: لبيتيك.

فقلت: أين أنت منهما؟

قال: أتدري فيمَن قيلا؟

____________________

(1) مُمارسة التغيير.

٤٤٧

قلت: في ولد الفضل بن يحيى.

فقال: أنا الذي قلت فيه البيتين.

فقلت: سبحان الله القادر على تلك المنزلة!

(مواضيع الإدراج)

* التّفاؤل والتّشاؤم.

* الإعزاز والإذلال وتبدّل الأحوال.

* الإسراف.

(إنارة وإضفاء)

(التفاؤل والتشاؤم)

قرآن كريم:

*( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يس / 18.

حديث شريف:

* إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يُحبُّ الفأل الحَسن ويكره الطيرة، وكان يأمر مَن رأى شيئاً يكرهه ويتطّير(1) منه أن يقول: ( اللهمّ، لا يؤتي الخير إلاّ أنت ولا يدفع السيّئات إلاّ أنت، ولا حول ولا قوّة إلاّ بك ). / ميزان الحِكمة

____________________

(1) يتشأم منه، واشتقاق التطيُّر من الطير؛ لأنّ أصل الزجر في العرب كان من الطير كصوت الغراب فأُلحق غيره به. / سفينة البحار.

٤٤٨

* عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( الطيرة على ما تجعلها إن هوّنتها تهوّنت، وإن شدّدتها تشدّدت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً ). / عن الكافي.

قصّة:

* (فأيّنا أشأم على صاحبه): خرج بعض ملوك الفرس يتصيّد، فرأى في طريقه أعور، فأمر بضربه وحبسه تشاؤماً برؤيته، واتّفق أنّه صاد صيداً كثيراً، فلمـّا عاد أمر بإطلاق الأعور، فقال: أيأذن لي الملك في الكلام؟

قال: تكلّم.

قال: لقيتني فضُرِبتُ وحُبِستُ، ولقيتك فاصطدتَ ورجعتَ سالماً، فأيّنا أشأم على صاحبه؟! فضحك الملك، وأمر له بجائزة. / كشكول البهائي.

* (وخاب كلّ جبّار عنيد): رُوي أنّ الخليفة الأُموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك فتح المصحف يوماً مُتفئلاً، فجُوبِهَ بقوله تعالى:( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) ، فغضب اللّعين ورمى بالمصحف بعيداً، ثمّ أمر أن يرفعوه ليجعلوه له هدفاً، ثمّ رماه بالنّشاب وهو يقول:

تُهدِّدني بكل جبّار عنيد

فها أنا ذا جبار عنيد

إذا ما جئت ربَّك يوم حشر

فقل يا ربّ مزَّقني الوليد

ورُوي أيضاً، أنّه فتح المصحف يوماً آخر، فرأى فيه آيات الحساب في يوم القيامة، فرماه أيضاً بالسّهام وهو يقول:

تُذكِّرني الحساب ولست أدري

أحقُّ  ما تقول من الحساب

فقل لله يمنعني طعامي

وقل لله يمنعني شرابي

/ الدّروس البهيّة.

٤٤٩

(الشاهد (100) )

كنَّا في عوارٍ ارتجعها الدّهر منّا(1)

قال السيد الأجلُّ، السيّد علي خان في شرح الصحيفة السّجاديّة ( صلوات الله على مُنشيها ) بعد قولهعليه‌السلام في دعاء الاستعاذة ( أو ينكبنا الزّمان ): ومن عظيم ما يُحكى من نكبات الزّمان وتصاريف الحدثان - وإن كان القليل منها أكثر من أن يُحصى - ما ذكره عبد الله بن عبد الرّحمان صاحب الصّلات بالكوفة، قال: دخلت على أمّي في يوم أضحى، فرأيت عندها عجوزاً في أطمار رثَّة، وذلك سنة تسعين ومئة، فإذا لها لسان وبيان، فقلت لأمّي: مَن هذه؟

فقالت: خالتك عناية أم جعفر بن يحي البرمكي. فسلّمت عليها وتحفَّيت بها، وقلت: أصارك الدّهر إلى ما أرى؟!

فقالت: نعم يا بُني، إنّا كنّا في عوارٍ ارتجعها الدّهر منّا.

فقلت: فحدّثيني ببعض شأنك.

فقالت: خُذه جملة، لقد مضى عليّ أضحى وعلى رأسي أربعمئة وصيفة وأنا أزعم أنَّ ابني عاقَّاً، وقد جئتك اليوم أطلب جلدتَي شاة، أجعل إحداهما شعاراً والأخرى دثاراً.

قال: فرققت لحالها، ووهبت لها دراهم، فكادت تموت فرحاً.

(مواضيع الإدراج)

* الإعزاز والإذلال.

* حال الدّنيا.

* دوام النّعم وزوالها.

____________________

(1) سفينة البحار.

٤٥٠

(الشاهد (101) )

السّفر إلى الحجّ في السابع من ذي الحجّة(1)

نقل أحد كبار العلماء، أنّه قد كان في أصفهان رجل تصدر منه الخوارق، ويُخبر عن أشياء خفيّة لا يعلمها إلاّ أصحابها.

فإذا كان موسم الحجّ، سافر من أصفهان في السّابع من ذي الحجّة، فيُرى في مكّة وهو يُصافح الحُجَّاج، ويرجع قبلهم مع عدم وجود طائرة في ذلك الوقت.

وكان مُعزّزاً مُكرّماً حتّى وافته المنيّة.

وبعد مُضيّ مدَّة على وفاته، كان ولده ذات يوم جالساً في بيته في موسم الحج، أي في السابع من ذي الحجّة: إذ دخل عليه رجل قائلاً: إنّي كنت آتي أباك كلّ سنة في مثل هذا اليوم، لآخذه إلى مكّة. وكان قد أحضر دابّة، فقال لي: اركب فركبت، وبعد مدّة وجيزة جدّاً صرنا في البرّ، نزل ونزلت، فقال: أنا الشيّطان اسجد لي كما سجد لي أبوك من قبل يقول الولد: فقلت له: لست بساجد لأحد غير الله تعالى، إنّما أسجد لله وحده لا شريك له. فطفق يلحُّ ويلحف حتّى عيَّ، فلم أُلبِّ طلبه، فتركني في الصّحراء وانصرف.

ثمّ إنّي صرت أدعو الله جلّ شأنه ليُنجّيني ممَّا ألمـَّ بيّ، ويُوصلني إلى بلدتي، فمَنَّ الله عليَّ بالنّجاة؛ وذلك بإلهامي الطريق المؤدّي إلى بلدتي.

فكان الولد بعد هذه الحادثة يلعن أباه؛ لأنّه كان من عَبَدة الشّيطان.

(مواضيع الإدراج)

* حبائل الشّيطان.

* الحجّ إلى بيت الله الحرام.

____________________

(1) التكامل في الإسلام.

٤٥١

(الشاهد (102) )

العابد برصيصا(1)

عن ابن عباس أنّه قال: كان في بني إسرائيل عابد اسمه برصيصا، عبد الله زماناً من الدّهر، حتّى كان يُؤتى بالمجانين يداويهم ويُعوِّذهم، فيبرؤون على يده.

وأنّه أتي بامرأة قد جُنَّت، وكان لها إخوة فأتوه بها، وكانت عنده، فلم يزل به الشّيطان يُزيِّن له حتّى وقع عليها فحملت.

فلمـّا استبان حملها قتلها ودفنها.

فلمـّا فعل ذلك ذهب الشّيطان حتّى لقي أحد إخوتها، فأخبره بالذي فعل الراهب، وأنّه دفنها في مكان كذا، ثمّ أتى سائر إخوتها واحداً بعد واحد.

فجعل الرّجل يلقى أخاه فيقول: والله، لقد أتاني آتٍ ذكر لي شيئاً يَعزُّ عليّ ذِكْره، فذكره بعضهم لبعض، حتّى بلغ ملكهم.

فسار الملك والنّاس فاستنزلوه، فأقرَّ لهم بالذي فعل، فأُمِرَ به فصُلِب.

فلمـّا رُفِع على خشبة تمثَّل له الشّيطان فقال: أنا الذي ألقيتك في هذا، فهل أنت مُطيعي فيما أقول لك فأُخلِّصك ممّا أنت فيه؟

قال: نعم.

قال: اسجد لي سجدة واحدة.

فقال: كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة؟!

قال: أكتفي منك بالإيماء.

فأومى له بالسّجود، فكفر بالله، وقتل المرأة.

فأشار الله تعالى إلى قصّته في قوله تعالى:( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) الحشر / 16.

____________________

(1) مجمع البيان.

٤٥٢

(مواضيع الإدراج)

* مكايد الشّيطان.

* عدم استصغار الذّنب.

٤٥٣

(الشاهد (103) )

تلميذ الفضيل بن عياض(1)

حُكي أنّ تلميذاً من تلاميذ الفضيل بن عياض، لمـّا حضرته الوفاة، دخل عليه الفضيل، جلس عند رأٍسه وقرأ سورة (يس) فقال: يا أُستاذ، لا تقرأ هذه. فسكت، ثمّ لقَّنه فقال: قل: لا إله إلاّ الله. فقال: لا أقولها؛ لأنّي بريء منها. ومات على ذلك، نعوذ بالله منها، فدخل الفضيل منزله ولم يخرج، ثمّ رآه في النّوم وهو يُسحَب به إلى جهنّم، فقال: بأيِّ شيء نزع الله المعرفة منك، وكنت أعلم تلاميذي؟!

فقال: بثلاثة أشياء: أوّلها النّميمة؛ فإنّي قلت لأصحابي بخلاف ما قلت لك، والثّاني: بالحسد؛ حسدت أصحابي، والثالث: بأنّه كان بي علّة، فجئت إلى الطّبيب فسألته عنها، فقال: تشرب في كلّ سنة قدحاً من خمر، فإن لم تفعل بقيت بك العلّة. فكنت أشربها. نعوذ بالله من سخطه.

(مواضيع الإدراج)

* شرب الخمر.

* الحسد.

* النميمة.

____________________

(1) سفينة البحار.

٤٥٤

(إنارة وإضفاء)

(شرب الخمر)

قرآن كريم:

*( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة / 90.

حديث شريف:

* عن سدير، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ( يأتي شارب الخمر يوم القيامة مُسودَّاً وجهه مُدلعاً لسانه، يسيل لُعابه على صدره، وحقّ على الله أن يسقيه من طينة بئر خبال ).

قلت: وما بئر خبال؟

قال: ( بئر يسيل فيها صديد الزّناة ). / الوسائل.

* وعنهعليه‌السلام : ( إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عند موته: ليس منّي مَن استخفّ بصلاته، ليس منّي مَن شرب مُسكراً، لا يردُ عليّ الحوض، لا والله ). / الوسائل.

* وعنهعليه‌السلام قال: ( لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبايعها، ومُشتريها، وآكل ثمنها ). / الوسائل.

* (عروس الشّيطان): قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما من أحد يبيت سكراناً إلاّ كان للشيطان عروساً إلى الصّباح، فإذا أصبح وجب عليه أن يغتسل كما يغتسل من الجنابة، فإن لم يغتسل لم يُقبل منه صرف ولا عدل ) / المـُستدرك.

* الزمخشري في الكشّاف: في قوله تعالى:( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) ، عن عليعليه‌السلام : ( لو وقعت قطرة في بئر، فبُنيت مكانها عمارة، لم أؤذِّن عليها ). / المـُستدرك.

٤٥٥

قصَّة:

* (أمِّ خالد العبدية): عن أبي بصير قال: دخلت أمّ خالد العبديّة على أبي عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده، فقالت: جُعلت فداك، إنّه يعتريني قراقر في بطني، وقد وصف لي أطبّاء العراق النبيذ بالسويق.

فقالعليه‌السلام : ( ما يمنعك من شربه؟! ).

فقالت: قد قلّدتك ديني.

فقالعليه‌السلام : ( فلا تذوقي منه قطرة، لا والله، لا آذن لك في قطرة منه، فإنّما تُندمين إذا بلغت نفسك هاهنا، وأومئ بيده إلى حنجرته - يقولها ثلاثاً - أفهمت؟! ).

قالت: نعم. / الوسائل.

* (الجنون فنون): حُكي أنّه قصد بعض الملوك مكاناً للتّفرُّج على المجانين، فلمـّا دخل عليهم رأى في شابَّاً حَسَن الهيئة، نظيف الصّورة، يُرى عليه آثار اللّطف، وتفوح منه شمائل الفطنة، فدنا منه وسأله مسائل، فأجابه عن جميعها بأحسن جواب، فتعجّب منه عجباً شديداً.

ثمّ إنّ المجنون قال للملك: قد سألتني عن أشياء فأجبتك، وإنّي سائلك سؤالاً واحداً.

قال الملك: وما هو؟

قال: متى يجد النّائم لذّة النّوم؟

ففكّر الملك ساعة ثمّ قال: يجد لذّة النّوم حال نومه.

فقال المجنون: حالة النّوم ليس له إحساس.

فقال الملك: قبل الدّخول في النّوم.

فقال المجنون: كيف توجد لذَّته قبل وجوده؟!

فقال الملك: بعد النّوم.

فقال المجنون: أتوجد لذّته وقد انقضى؟!

فتحيّر الملك وزاد إعجابه، وقال: لعمري! إنّ هذا لا يحصل من عقلاء كثيرين، فأولى أن يكون هذا نديمي في مثل هذا اليوم، فأمر أن يُنصب له تخت بإزاء شبّاك المجنون، ثمّ دعا بالشّراب، فتناول الكأس وشرب، ثمّ ناول المجنون.

٤٥٦

فقال المجنون: أيّها الملك، أنت شربت هذا لتصير مثلي، فأنا أشربه لأصير مثل مَن؟!

فاتَّعظ الملك بكلامه.

استعانة:

قصّة: انبشوا هذا القبر وأخرجوا هذا الخبيث / الشاهد (39).

قصّة: كأنّهم قد جنوا ما ليس يُغتفر / الشاهد (47).

إنارة الشاهد (68) / آثار الذّنوب.

إنارة الشاهد (92) / ترك الصلاة / أين مَن حارب الله ورسوله.

٤٥٧

(الشاهد (104) )

لا صدقة وذو رحم محتاج(1)

يُروى أنّ امرأة مات زوجها، فكانت تُريد أن تتصدَّق عنه، فصارت تصنع طعاماً ليلة الجمعة، وتُرسل به مع ولدها اليتيم إلى الفقير في أحد الأكواخ القريبة.

كان الولد يأخذ الطّعام الذي تصنعه أمُّه إلى ذلك الكوخ، وهو يشعر في الوقت نفسه بجوع شديد، ثمّ يرجع إلى البيت وينام جائعاً.

وهكذا صنعت الأمّ مرّة ثانية (ليلة الجمعة) طعاماً، وأرسلت به مع ولدها إلى نفس ذلك الفقير، قدّم الولد الطعام إلى ذلك الفقير، ورجع وهو يُكابد ألم الجوع، ثمّ ينام جائعاً.

وفي المرَّة الثالثة صنعت الأمّ ليلة الجمعة أيضاً طعاماً؛ تُقدِّمه صدقة عن زوجها المـُتوفَّى، وأرسلت به مع ولدها إلى الفقير نفسه، أخذ الولد الطّعام وصار يتقدّم نحو الكوخ، إلاّ أنّ الجوع أضرّ به ضرراً بالغاً، فلم يستطع الصّبر، فأكل ذلك الطعام، ورجع إلى البيت ونام وهو شبعان.

فرأت الأمّ زوجها في المنام يقول لها: ( لم يصلْ إليَّ الطّعام إلاّ في هذه اللّيلة ):

انتبهت الأمُّ من نومها قبل طلوع الشّمس مُتعجّبة، وسألت ولدها:

ولدي، إلى مَن كنت تأخذ الطّعام ليلة الجمعة الماضية وقبلها؟! فقد رأيت والدك في المنام يقول: لم يصلْ إليَّ الطعام إلاّ في اللّيلة الماضية.

فقال الولد: قد قدّمت الطعام إلى الفقير مرّتين، مع ما كنت أشعُر به من شدّة الجوع، ونمت جائعاً، إلاّ أنّي في اللّيلة الماضية لم أُطِق أن أتحمّل ألم الجوع، وكان قد أضرَّ بي كثيراً؛ لذلك أكلت ما في الإناء، ونمت وأنا شعبان.

____________________

(1) التكامل في الإسلام.

٤٥٨

فعلمت الأمّ أنّ ولدها اليتيم كان أولى بأكل ما كانت تتصدّق به من ذلك الفقير في كوخه، فقد جاء في الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا صدقة وذو رحم مُحتاج ).

(مواضيع الإدراج)

* صلّة الرحم.

* الصدقة.

* الرؤيا.

* هديّة الأموات.

٤٥٩

(الشاهد (105) )

أدبُ الله وأدبُ رسوله(1)

عن سفيان بن عيينة أنّه قال: حجّ هارون الرّشيد، فلقيني يحيى بن جعفر في الطّواف فقال لي: ما منعك من الدّخول على أمير المؤمنين؟!

قلت: لمْ يُرسِل إليّ.

قال: فأنا رسوله إليك، فإذا كان بالغداة فادخل عليه.

قال: فأتيت الباب فلم أُحْجَب، فلمـّا نظر إليّ جعفر تلقّاني فقال: إنّك وافيت أمير المؤمنين في ساعة اشتدَّ فيها غضبه، فلا تكلّمه بحلو ولا مُرّ.

قال: فسلّمت، فإذا برجل مُكبّل في الحديد قائم بين يديه وهو يقول: قتلني الله إن لم أقتلك.

والرّجل يقول: يا أمير المؤمنين، الله الله في دمي؛ فإنّي مكذوب عليّ.

قال: وبين يديه النّطع والسيف، فقلت في نفسي: رجل يُقتل، ولا أدري فيم يُقتل؟!

فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا أدلُّك على أدب الله، وأدب رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فالتفت إليّ مغضباً وقال: وما أدبُ الله؟

فقلت: قال الله عزّ وجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات - 6.

قال: وما أدبُ رسول الله؟

قلت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تُصدِّق قتَّاتاً )، وكلّ مَن جاءك بخبر تُصيب من مؤمن مكروهاً فهو قتَّات (أي نمّام).

____________________

(1) آداب النفس.

٤٦٠