من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين0%

من شواهد المبلغين مؤلف:
الناشر: مَدْين
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 500

من شواهد المبلغين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ أكرم جزيني
الناشر: مَدْين
تصنيف: الصفحات: 500
المشاهدات: 190495
تحميل: 8185

توضيحات:

من شواهد المبلغين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 500 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190495 / تحميل: 8185
الحجم الحجم الحجم
من شواهد المبلغين

من شواهد المبلغين

مؤلف:
الناشر: مَدْين
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(الشاهد (17) )

إذا ما التبر حُكّ على محكّ(1)

في كتاب (نور الأبصار) للشبلنجي الشافعي: روي أنّ محمداً الباقرعليه‌السلام سأل جابر بن عبد الله الأنصاري، لمـّا دخل عليه عن عائشة وما جرى بينها وبين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

فقال له جابر: دخلت عليها يوماً وقلت لها: ما تقولين في عليّ بن أبي طالب؟ فأطرقت رأسها ثمّ رفعته، وقالت:

إذا ما التِّبر حُكّ على مَحكٍّ

تبيَّن غشّه من غير شكّ

وفينا الغشّ والذهب المـُصفّى

وعليّ بيننا شِبه المـَحكّ

(مواضيع الإدراج)

* الإمام عليّعليه‌السلام وعائشة.

* الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

(إنارة وإضفاء)

(الإمام عليّعليه‌السلام وعائشة)

مواقف:

* في كتاب الجَمل للشيخ المفيد: كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان - على ما اجتمعت عليه نقلة الأخبار -: (بسم الله الرّحمن الرّحيم، من عائشة ابنة أبي بكر أمِّ

____________________

(1) سفينة البحار.

٨١

المؤمنين زوجة النبيّ، إلى ابنها المـُخلص زيد بن صوحان، أمّا بعد، فإذا جاءك كتابي هذا فأقم في بيتك، وخَذِّل الناس عن عليّ حتى يأتيك أمري؛ وليبلغني عنك ما أقرّ به، فإنّك مَن أوثق أهلي عندي والسّلام).

فكتب إليها زيد بن صوحانرضي‌الله‌عنه : (بسم الله الرّحمن الرّحيم، من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أمّا بعد، فإنّ الله أمرك بأمر، وأمرنا بأمر، أمرك أن تقرِّي في بيتك، وأمرنا بالجهاد، فأتاني كتابك بضدِّ ما أمر الله، وذلك خلاف الحقّ، والسّلام ). / كتاب الجَمل.

* قالت عائشة في حرب الجمل: ناولوني كفَّاً من تراب، فناولوها، فحثَّته في وجه أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام وقالت: شاهت الوجوه - کما فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل بدر - فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( وما رميتِ إذ رميتِ ولكنّ الشيطان رمى، وليعودَّن وبالك عليك إن شاء الله ).

ثمَّ إنّها نظرت إلى عليعليه‌السلام وهو يجول بين الصفوف في حرب الجمل، وقالت: انظروا إليه كأنّ فعله فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر، أما والله، ما ينتظر بكم إلاّ زوال الشمس. / الصحيح من سيرة النبي الأعظم.

* ورد في بعض كُتب الثقات من الأصحاب، أنّ امرأة من الشيّعة أتت يوماً إلى عايشة بنت أبي بكر، فقالت لها: يا أمّ المؤمنين، ما تقولين في أمٍّ قتلت ولْدها عمداً؟ فقالت: جزاؤها الخلود في النّار؛ لأنّ الله تعالى يقول( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خَالِداً فِيهَا ) .

فقالت المرأة: فكيف بأمِّ قُتِل من أجلها عشرون ألفاً من أولادها يوم البصرة - تعني بهم: المقتولين في وقعة الجمل من أيدي الفرقين -؟!

فقالت عائشة: نحُّوها عنّي، فإنّها رافضية خبيثة. / روضات الجنات.

٨٢

(الشاهد (18) )

أمَّن هو قانت آناء الليل(1)

في إرشاد القلوب: خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجّهاً إلى داره، وقد مضى ربع من اللّيل، ومعه كميل بن زيادرحمه‌الله - وكان من خيار شيعته ومحبّيه - فوصل في الطريق إلى باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت، ويقرأ قوله تعالى:( أَمّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللّيْلِ ) الزمر - 9 الآية بصوت شجيٍّ حزين، فاستحسن كميل ذلك في باطنه، وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئاً، فالتفت (صلوات الله عليه) إليه وقال: ( يا كميل، لا يُعجبك طنطنة الرجل؛ إنّه من أهل النار، سأُنبِّئك فيما بعد ). فتحيّر كميل لمـُكاشفته له على ما في باطنه، ولشهادته بدخول الرجل النّار، مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة.

ومضت مدّة مُتطاولة إلى أن آلَ حال الخوارج إلى ما آلَ، وقاتلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكانوا يحفظون القرآن كما أُنزل، فالتفت أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى كميل وهو واقف بين يديه والسّيف في يده يقطر دماً، ورؤوس أولئك الكفرة الفجرة مُحلَّقة على الأرض، فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرؤوس، وقال: ( يا كميل،( أَمّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللّيْلِ ) ) الآية، أي هو ذلك الشخص الذي كان يقرأ القرآن في تلك الليلة، فأعجبك حاله، فقبّل كميل قدميهعليه‌السلام واستغفر الله.

(مواضيع الإدراج)

* الأخسرون أعمالاً.

* الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

____________________

(1) سفينة البحار.

٨٣

* علم أهل البيتعليهم‌السلام .

* من مات ولم يعرف إمام زمانه.

(إنارة وإضفاء)

(الأخسرون أعمالاً)

قرآن كريم:

*( قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الّذِينَ ضَلّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) الكهف / 103 - 104.

حديث قُدسي:

* (الباب الذي يؤتى الله تعالى منه): عن الباقر أو الصادقعليهما‌السلام : ( إنّ رجلاً من بني إسرائيل اجتهد أربعين ليلة، ثمّ دعا الله فلم يستجب له، فأتى عيسىعليه‌السلام يشكو إليه، ويسأله الدّعاء له فتطهّر عيسىعليه‌السلام ، ودعا الله تعالى، فأوحى الله إليه:

يا عيسى، إنّه أتاني من غير الباب الذي أوتى منه؛ إنّه دعاني وفي قلبه شكٌّ منك، فلو دعاني حتّى ينقطع عُنقه، أو تنتثر أنامله ما استجبت له ) / الكافي.

حديث شريف:

* عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: ( يا كميل، لا تغترّ بأقوام يُصلُّون فيُطيلون، ويصومون فيُداومون، ويتصدّقون فيحسبون أنّهم موفّقون.

يا كميل، أُقسم بالله، لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّ الشيطان إذا حمل قوماً على الفواحش، مثل الزنا، وشرب الخمر، والرّبا، وما أشبه ذلك من الخنا، والمآثم، حبَّب إليهم العبادة الشديدة، والخشوع والركوع، والخضوع، والسجود،

٨٤

ثمّ حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا يُنصرون ). / المـُستدرك.

حِكمة:

* قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( ما أخسر مَن ليس له في الآخرة نصيب ). / غرر الحكم.

٨٥

(الشاهد (19) )

أدركَك عِرق من أمِّك(1)

قال صاحب الدّرّ النظيم: إنّ علياًعليه‌السلام لمـّا رأى أنّ القوم في وقعة الجمل قد ناجزوه القتال، وصمدوا للحرب، بعث إلى محمد بن الحنفيّة - وكانت الراية بيده -: ( أن أقدم يا بن خولة، واقتحم على القوم ). قال: نعم. فأرسل إليه ثانية: ( أن اقتحم يا بن خولة ). قال: نعم. وكان بإزاء محمد قوم من الرّماة، فرموه وأحادوه، فتأخّر محمد وقال لأصحابه: إنّ القوم قد رموكم فجرحوكم، وإنّهم يبدّدون نبلهم في رشق آخر، احملوا عليهم. فبعث عليّعليه‌السلام إليه الثالثة فقال له: ( يا بن خولة، اقتحم لا أمَّ لك ). قال: نعم، فلمـّا أبطأ عليه تحوّلعليه‌السلام من بغلته إلى فرسه وسلَّ سيفه، وركض نحوه فأتاه من خلفه فوضع يده اليسرى على منكبه الأيمن ثمّ رفعه حتّى شاله من سرجه وقال: ( لا أمّ لك )، وفي شرح النهج قال: ( أدركَك عرق من أمّك )، قال محمد: والذي لا إله إلاّ هو، ما ذكرت ذلك منه قطّ، إلاّ كأنّي أجد ريح نفسه، فأخذ الراية من يدي، ثمّ حمل على القوم، وذلك عند زوال الشمس من يوم الأحد، فأنشأ يقول:

( اطعن بها طعن أبيك تُحمد

لا خير في الحرب إذا لم تُوقَد

بالمشرفيّ والقنا المـُسدد

والضرب بالخَطِّي والمـُهنّد )

ثمّ حمل عليهم حتى توسّطهم، وغاص فيهم، فاقتتل الناس قتالاً شديداً، ثمّ خرج من ناحية القوم وقد انحنى سيفه فأقامه بركبته، واجتمع حوله أصحابه فقالوا: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين. فما يُجيب أحداً منّا، وإنّه لطامح ببصره نحوهم، ثمّ حمل الثانية حتى توسّطهم وغاب فيهم، فسمعنا تكبيره بعد حين وله همهمة كزئير الأسد.

____________________

(1) نفس المهموم.

٨٦

قال في نفس المهموم:

قلت: وكأنّ الشيخ حسين بن شهاب الدّين أشار إلى هذا المقام بقوله في أمير المؤمنينعليه‌السلام :

فخاض أمير المؤمنين بسيفه

لظاها وأملاك السماء له جُند

وصاح عليهم صيحة هاشميّة

تكاد  لها شمُّ الشوامخ تنهد

غمام  من الأعناق تهطل بالدّما

ومن سيفه برق ومن صوته رعد

وصيّ  رسول الله وارث علمه

ومَن  كان في خمٍّ له الحلّ والعقد

ثم تكشّف النّاس عنه وانقشعوا من حوله، فوصلنا إليه وإنّه لواقف قد أزبد كالجمل الهائج، والأسد الحامي، وقد رفعت الرؤوس والسواعد والجيف حوله أعكاماً.

فقلنا: يا أمير المؤمنين، نحن نكفيك.

فقالعليه‌السلام : ( والله، ما أُريد ممَّا ترون إلاّ وجه الله والدار الآخرة ).

ثمّ انصرف وأعطى محمداً الراية وقال: ( هكذا فاصنع يا بن خولة ).

(مواضيع الإدراج)

* شجاعة علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

* تأثير أخلاق الأمِّ على الولد.

٨٧

(الشاهد (20) )

يا عديّ صِفْ لي عليَّاً(1)

قال معاوية لعدي بن حاتم: يا عديّ، ما فعلت الطرفات؟ يعني بنيه (طريفاً، وطارفاً، وطرفة).

قال: قُتلوا يوم صفّين، بين يدي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

فقال: ما أنصفك ابن أبي طالب؛ إذ قدّم بنيك وأخّر بنيه.

قال: بل ما أنصفك عليّ؛ إذ قُتِل وبقيت بعده.

فتألّم معاوية من مقال عدي، وقال - مهدِّداً له -: أما إنّه قد بقي قطرة من دم عثمان ما يمحوها إلاّ دم شريف من أشراف اليمن - يعني عديّاً -.

فانبرى إليه عدي وهو غير مُكترث بتهديده، قائلاً له: والله، إنّ قلوبنا التي أبغضناك بها لفي صدورنا، وإنّ أسيافنا التي قاتلناك بها لَعَلَى عواتقنا، ولئن أدنيت إلينا من الغدر فتراً، لنُدنينّ إليك من الشرِّ شبراً، وإنَّ حَزَّ الحلقوم، وحشرجة الحيزوم لأهون علينا من أن نسمع المساءة في عليعليه‌السلام ، فسلِّم السَّيف يا معاوية لباعث السّيف.

فراوغ معاوية على عادته، وقال: هذه كلمات حكم فاكتبوها.

ثمّ أقبل عليه يحدّثه، كأنّه لم يُخاطبه بشيء، ثمّ قال له: صف لي عليّاً.

قال عدي: إنّ رأيت أن تعفيني.

قال: لا أعفيك.

فأخذ عدي في وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: كان - والله - بعيد المدى، شديد القوى، يقول عدلاً، ويحكم فصلاً، تتفجّر الحكمة من جوانبه، والعلم من نواحيه، يستوحش من الدّنيا وزُهرتها، ويستأنس باللّيل ووحشته، وكان - والله - غزير

____________________

(1) سفينة البحار، وحياة الإمام الحسن، عن المحاسن والمساوي.

٨٨

الدّمعة، طويل الفكرة، يُحاسب نفسه إذا خلا، ويُقلِّب كفّيه على ما مضى، يُعجبه من اللباس القصير، ومن المعاش الخشن، وكان فينا كأحدنا، يُجيبنا إذا سألناه، ويُدنينا إذا أتيناه، ونحن مع تقريبه لنا، وقربه منّا لا نُكلِّمه لهيبته، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته، فإن تبسّم فعن اللؤلؤ المنظوم، يُعظِّم أهل الدّين، ويتحبَّب إلى المساكين، لا يخاف القويّ ظلمه، ولا ييأس الضعيفُ من عدله، فأُقسم، لقد رأيته ليلة وقد مَثل في محرابه، وأرخى الليل سرباله، وغارت نجومه، ودموعه تتحادر على لحيته، وهو يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأنّي الآن أسمعه وهو يقول: ( يا دنيا، إليَّ تعرّضت؟! أمْ إليّ أقبلت؟! غرّي غيري لا حان حينك، قد طلَّقتك - يا دنيا - ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعَيشك حقير، وخطرك يسير، آهٍ من قِلّة الزاد، وبُعد السفر، وقِلّة الأنيس ).

فوكفت عينا معاوية، وجعل يُنشِّفهما بكمِّه، وهو يقول: يرحم الله أبا الحسن، كان كذلك، فكيف صبرك عنه؟

قال: كصبر مَن ذُبِح ولدها في حِجرها، فهي لا ترقأ دمعتها، ولا تسكن عبرتها.

قال: فكيف ذكرك له؟

قال: وهل يتركني الدّهر أن أنساه؟!

(مواضيع الإدراج)

* صفات عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

* الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

* مُحبُّو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

* عليّعليه‌السلام ومعاوية.

٨٩

(إنارة وإضفاء)

(صفات عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام )

حديث شريف:

* (الشيخ الباكي على أمير المؤمنينعليه‌السلام ): روي أنّه لمـّا توفِّي أمير المؤمنينعليه‌السلام جاء شيخ يبكي وهو يقول: ( اليوم انقطعت علاقة النبوّة، حتى وقف بباب البيت الذي فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فأخذ بعضادتَي الباب، وقال: ( رحمك الله، فلقد كنت أوّل النّاس إسلاماً، وأعظمهم إيماناً، وأشدَّهم يقيناً، وأخوفهم من الله، وأطوعهم لنبيِّ الله، وآمنهم على أصحابه، أفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأشبههم به خلقاً وخُلقاً، وسيماءً وفضلاً، وكنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم طوداً، وأقلّهم كلاماً، وأصوبهم منطقاً، وأشجعهم قلباً، وأحسنهم عملاً، وأقواهم يقيناً، حفظت ما ضيّعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمّرت إذ اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، ووقفت إذ شرعوا، وأدركت أوتار ما ظلموا، كنت على الكافرين عذاباً واصباً، وللمؤمنين كهفاً وحصناً، وكنت كالجبل الراسخ، لا تُحرِّكك العواصف، ولا تُزيلك القواصف، كنت للطّفل كالأب الشّفيق، وللأرامل كالبعل العطوف، قسّمت بالسّويّة، وعدلت في الرعيّة، وأطفأت النيران، وكسّرت الأصنام، وأذللت الأوثان، وعبدت الرحمن، ). في كلام له كثير.

فالتفتوا فلم يروا أحداً، فسُئل الحسنعليه‌السلام : مَن كان الرّجل؟

قال: ( الخضرعليه‌السلام ). / عن الكافي.

شعر:

* (جمعت في صفاتك الأضداد):

جمعتَ في صفاتك الأضداد

فلهذا عَزَّت لك الأنداد

زاهد عالم حليم شجاع

ناسك فاتك فقير جواد

٩٠

شيمٌ ما جُمعنَ في بشر قطُّ

ولا حاز مثلهنَّ العباد

خُلق يخجل النسيم من اللّطف

وبأس يذوب منه الجماد

* (عليّ الدرّ والذّهب المـُصفّى): ذكر الهمدانيّ في كتابه الإكليل المشهور، عن معاوية أنّه قال يوماً لجلسائه: مَن قال في عليّعليه‌السلام ما فيه فله هذه البدرة (صرّة فيه عشرة آلاف درهم).

فقال كلٌّ منهم كلاماً غير موافق من شتم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلاّ عمرو بن العاص، فإنّه قال أبياتاً اعتقدها وخالفها:

بآلِ  محمّد عُرف الصواب

وفي  أبياتهم نزل الكتاب

وهُمْ  حُجج الإله على البرايا

بهم  وبجدِّهم لا يُستراب

ولا  سيما أبو حسن علي

له في المجد مرتبةً تُهاب

إذا  طلبت صوارمه نفوساً

فليس لها سوى نِعْمَ جواب

طعام حسامه مهجُ الأعادي

وفيض  دم الرقاب له شراب

وضربته كبيعته بخمٍّ

معاقدها  من الناس الرقاب

إذا  لم تبرَ مِن أعدا علي

فما  لك في محبَّته ثواب

هو  البكّاء في المحراب ليلاً

هو الضحّاك إن آن الضراب

عليُّ الدرُّ والذهب المصفّى

وباقي  النّاس كلّهم تراب

هو  النبأ العظيم وفُلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب

فأعطاه معاوية البدرة وحرم الآخرين. / سلوني قبل أن تفقدوني.

قول:

* (يا أبا الحسن ماذا أقول فيك؟؟): ويقول بوسل سلامة في ملحمته: ( فيا أبا الحسن ماذا أقول فيك، وقد قال الناس في المتنبِّي: إنّه شاغل الناس، ومالئ الدنيا، وما المتنبِّي إلاّ شاعر له حفنة من الدرِّ إزاء تلال من الحجارة، وما شخصيّته حيال عظمتك إلاّ مَدرة على شاطئ النيل، تقف خجلى من عظمة الأهرام ). / الإمام عليعليه‌السلام رسالة وعدالة.

٩١

وقيل: إنّ المتنبِّي سُئل: لماذا لا تمدح أمير المؤمنين علياًعليه‌السلام ، فأجاب:

وكتمت مدحي للوصي تعمّداً

إذ كان نوراً مستطيلاً شاملا

وإذا استطال الشيء قام بنفسه

وصفات نور الشّمس تذهب باطلا

استعانة:

قصّة: لا وحقِّ المـُنتجب بالوصيّة / الشاهد (14).

٩٢

(الشاهد (21) )

الزرقاء بنت عدي(1)

قال معاوية للزرقاء بنت عديّ بن غالب: ألست الرّاكبة الجمل الأحمر يوم صفّين، وأنت بين الصفوف توقدين نار الحرب، وتُحرّضين على القتال؟

قالت: نعم.

قال: فما حملك على ذلك؟!

قالت: يا أمير المؤمنين، إنّه قد مات الرأس وبُتر الذّنب، ولن يعود ما ذهب، والدّهر ذو غير، ومَن تفكّر أبصر، والأمر يحدث بعده الأمر.

قال: صدقت، فهل تعرفين كلامك وتحفظين ما قلت؟

قالت: لا والله، ولقد أنسيته.

قال: لله أبوك! فلقد سمعتك تقولين: ( أيُّها الناس، ارعوا وارجعوا، إنّكم أصبحتم في فتنة، غشتكم جلابيب الظلم، وجارت بكم عن قصد المحجّة، فيا لها فتنة عمياء صمّاء بكماء، لا تسمع لناعقها، ولا تسلس لقائدها، إنّ المصباح لا يُضيء في الشّمس، وإنّ الكواكب لا تُنير مع القمر، وإنّ البغل لا يسبق الفرس، ولا يقطع الحديد إلاّ بالحديد، ألا مَن استرشد أرشدناه، ومَن سألنا أخبرناه.

أيُّها النّاس؛ إنّ الحقّ كان يطلب ضالّته فأصابها، فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار على الغصص، فكأنّكم وقد التأم شمل الشّتات، وظهرت كلمة العدل، وغلب الحقّ باطله؛ فإنّه لا يستوي المـُحقُّ والمبطل، فالنزال النّزال، والصّبر الصبّر، ألا إنّ خضاب النساء الحنّاء، وخضاب الرجال الدّماء، والصّبر خير الأُمور عاقبة، فائتوا الحرب غير ناكصين، فهذا يوم له ما بعده ).

____________________

(1) أخلاق أهل البيت، وحياة الإمام الحسن بتصرُّف يسير.

٩٣

ثمّ قال معاوية لها وهو مغيظ محنق: والله، يا زرقاء لقد شركت عليّاً في كلّ دم سفكه.

فقالت: أحسن الله بشارتك، وأدام سلامتك، مثلك من بشّر بخير وسرْ جليسه.

قال لها: وقد سرّك ذلك؟!

فقالت: نعم والله، لقد سرَّني، فأنّى لي بتصديق الفعل؟!

فتبهَّر معاوية من إخلاصها لأمير المؤمنينعليه‌السلام وقال: والله، لوفاؤكم له بعد موته أعجب عندي من حبكم له في حياته.

(مواضيع الإدراج)

*مُحبُّو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

* عليّعليه‌السلام ومعاوية.

* معرفة المرء إمام زمانه.

* الظلم.

٩٤

(الشاهد (22) )

كلّ غدرٍ وقول إفك وزور(1)

ذكر السيّد جواد شبّر في كتابه أدب الطفّ قال: حُكي عن العلاّمة السيّد باقر بن آية الله الحجّة السيّد محمد الهندي، المتوفّى سنة 1329 أنّه رأى في المنام صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه) ليلة القدر حزيناً كئيباً، فقال له: يا سيّدي، ما لي أراك في هذا اليوم حزيناً والنّاس على فرح وسرور بعيد الغدير؟!

فقالعليه‌السلام :( ذكرت أمّي وحزنها ) . ثمّ قال:

لا تراني اتّخذت لا وعلاها

بعد بيت الأحزان بيت سرور

فلمـّا انتبه السيّد (قدِّس سرّه)، نظم قصيدة في أحوال الغدير، وما جرى على الزّهراءعليها‌السلام بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضمّنها هذا البيت، والقصيدة محفوظة مشهورة مطلعها:

كل غدرٍ وقول إفك وزور

هو فرع عن جحد نصّ الغدير

وأشار إلى ذلك بقوله:

أفَصبراً يا صاحب الأمر والخطب

جليل  يُذيب قلب الصبّور

كيف من بعد حمرة العين منها

يا بن طه تهنا بطرف قرير

فكأنِّي به يقول ويبكي

بسلو  نزر ودمع غزير

لا  تراني اتّخذت لا وعلاها

بعد بيت الأحزان بيت سرور

____________________

(1) عن أدب الطفِّ.

٩٥

(مواضيع الإدراج)

* السيّدة الزّهراءرحمه‌الله .

* ظلامة الزّهراءعليها‌السلام .

* نصّ الغدير واغتصاب الخلافة.

* الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

(إنارة وإضفاء)

(السيّدة الزّهراءعليها‌السلام )

هويَّة:

* السيّدة فاطمة الزّهراءعليها‌السلام هي أحد الأربع عشرة المعصومين، والخمسة أصحاب الكساء، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأفضل سيّدات نساء العالمين الأربع.

أسماؤها: فاطمة، الصديّقة، المـُباركة، الطاهرة، الزّاكية، الرّاضية، المرضيّة، المـُحدَّثة، الزّهراء، البتول.

والدها: سيّد الأنبياء والرُّسل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والدتها: سيّد النساء وأمُّ المؤمنين خديجة الكبرى (رضي الله عنها).

زوجها: سيّد الأوصياء وأمير المؤمنين، علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

أولادها: الإمامان الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وزينب وأم كلثوم، والسقط (مُحسن).

مكان ولادتها: مكّة المكّرمة.

٩٦

تاريخ ولادتها: الجمعة في العشرين من جمادى الثانية، بعد بعثة أبيها بخمس سنوات، وقبل الهجرة بثمان سنوات.

عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً على أشهر الروايات، مظلومة عليلة باكية.

تاريخ وفاتها: في الثالث من جمادي الثانية، سنة إحدى عشرة من الهجرة.

مكان دفنها: مجهول إلى الآن، فقد دُفنت سِرَّاً، كما كانت رغبتها، ولم يحضر جنازتها إلاّ عليّعليه‌السلام ، والحسنانعليهما‌السلام ، وسلمان، وأبو ذر، وعمار، ونفر من بني هاشم.

شعر:

* (شعَّت فلا الشمس تحكيها):

شعَّت فلا الشّمس تحكيها ولا القمر

زهراء  من نورها الأكوان تَزدهر

بنت  الخلود لها الأجيال خاشعةً

أمُّ  الزّمان إليها تنتمي العُصُرُ

روح  الحياة فلولا لُطف عُنصرها

لم تأتلف بيننا الأرواح والصور

سَمت  عن الأُفْق لا روح ولا ملك

وفاقت  الأرض لا جنّ ولا بشر

مجبولة من جلال الله طينتها

يرف  لُطفاً عليها الصوت والخِفر

معنى النبوّة سِرُّ الوحي قد نزلت

في  بيت عصمتها الآيات والسّور

حوت خلال رسول الله أجمعها

لولا  الرسالة ساوى أصلَه الثمر

* (ألا إنّ البتول تجوز فيكم):

تُوافي في النُّشور على نَجيبٍ

به  أملاك ربِّك مُحدقونا

ويُسمَعُ من خلال العرش صوت

يُنادي  والخلائق شاخصونا

ألا  إنّ البتولَ تجوز فيكم

فغضُّوا من مهابتها العُيونا

استعانة:

قصّة: ما تكلّمت منذ عشرين سنة إلاّ بالقرآن / الشاهد (49).

٩٧

( ظُلامة الزّهراءعليها‌السلام )

تاريخ:

* عن ابن قتيبة في (الإمامة والسيّاسة) أنّه قال: وإنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليعليه‌السلام ، فبعث إليهم عمر فجاءهم، فناداهم وهم في دار عليّعليه‌السلام ، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده، لتَخْرجُنَّ أو لأُحرِقنَّها على مَن فيها.

فقيل له: يا أبا حفص، إنّ فيها فاطمة! قال: وإن!. / فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد.

* وعن الزّهراءعليها‌السلام أنّها قالت: ( فجمعوا الحطب على الباب، وأتوا بالنّار ليُحرقوه، ويُحرقونا، فوقفت بعُضادة الباب، وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفُّوا عنّا، فأخذ عمر السّوط من يد قُنفذ، فضرب به عضدي، حتّى صار كالدملوج(1) ، ورَكَل الباب برجله، فردّه عليَّ وأنا حامل، فسقطت لوجهي والنّار تسعر، فضربني بيده حتّى انتثر قرطي من أُذني وجاءني المخاض، فأسقطتُ مُحسناً بغير جُرم ). / عن إرشاد القلوب.

* وعن سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه : فانطلق قنفذ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن وحالت فاطمةعليها‌السلام بين زوجها وبينهم عند الباب، فضربها قُنفذ بالسّوط على عضدها، فبقي أثره في عضدها من ذلك مثل الدملوج من ضرب قُنفذ إيّاها، فأرسل أبو بكر إلى قُنفذ: اضربها، فألجأها إلى عُضادة بيتها، فدفعها فكسر ضلعاً من جنبها، وألقت جنيناً من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش، حتّى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها. / الاحتجاج، عن سليم بن قيس.

شعر:

* (إن قيل حوّا قلت فاطم فخرها):

٩٨

إن  قيل حوّا قلت فاطم فخرها

أو قيل مريم قلت فاطم أفضل

أفَهل لحوّا والدٌ كمحمد

أمْ  هَلْ لمريم مثل فاطم أشبُل

كلٌّ  لها حين الولادة حالة

منها  عقول ذوي البصائر تَذهل

هذي لنخلتها التجت فتساقطت

رطباً  جنيَّاً فهي منه تأكل

وضعت بعيسى وهي غير مروعة

أنّى  وحارسها السري الأبسل

وإلى الجدار وصفحة الباب التجت

بنت  النبي فأسقطت ما تحمل

سقطت وأسقطت الجنين وحولها

من  كلِّ ذي حسب لئيم جحفل

هذا  يُعنّفها وذاك يدعُّها

ويردُّها  هذا وهذا يَركل

وأمامها  أسد الأسود يقوده

تشكو  إلى ربِّ السّماء وتعول

ولترفعنَّ جنينها وحنينها

بشكاية منها السّما تتزلزل

* (أو تدري ما صدر فاطم):

أو تَدري ما صدر فاطم ما المِسـ

ـمار ما حال ضلعها المكسور

ما سقوط الجنين ما حُمرة العـ

ـين وما بال قرطها المنثور

* (ويلّ لمـَن سنَّ ظلمها):

ولأيِّ الأمور تُدفَن سِرّاً

بضِعة المصطفى ويُعفى ثراها

بنت مَن أمُّ مَن حليلة مَن ويـ

ـلّ لمـَن سنّ ظُلمها وأذاها

طرفة:

* (أما قلت لك: إنّ الرافضة تكذب): حكى جماعة من الثقات، عن بهاء الملّة والدّين أنّه قال: كنت في الشّام مظهراً أنّي على مذهب الشافعي، فقال لي يوماً أفضل فضلائهم: يا فلان، تحصل عند الشيعة حجّة يعتمد عليها؟ فقلت له: حُججهم كثيرة. فطلب منّي أن أحكي له شيئاً منها، فقلت له: يقولون: إنّ البخاريّ روى في صحيحه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: (فاطمة بضعة منّي؛ فمَن آذاها فقد آذاني، ومَن

٩٩

أغضبها فقد أغضبني). ثمّ روى بعد هذا بأربع ورقات: ( إنّها خرجت من الدنيا وهي غاضبة عليهما - يعني الشيخين - ) فما ندري كيف الجواب؟!

فأطرق مليّاً وقال: هذا كذب على البخاري! أنا أُراجعه اللّيلة. فغدوت عليه من الصّباح، فلمـّا رآني ضحك، ثمّ قال: أما قلت لك: إنّ الرافضة تكذب. راجعت صحيح البخاري البارحة، فرأيت بين الحديثين أزيد من خمس ورقات. وكان يتبجَّح بهذا الجواب. / روضات الجنّات.

* (علامة النّصب): ذكر أبو الفتح ابن جنّي في بعض مجاميعه، أنّ الشرف الرضي أُحضر إلى ابن السيرافي النحوي، وهو طفل لم يبلغ عمره عشر سنين، فلقّنه النحو، وقعد معه يوماً في الحلقة، فذاكره بشيء من الإعراب على عادة التعليم، فقال له: إذا قلنا رأيت عمر، فما علامة النصب في عمر؟

فقال: بُغض عليعليه‌السلام .

فتعجَّب السيرافي والحاضرون من حِدَّة خاطره. / روضات الجنّات.

(نصّ الغدير واغتصاب الخلافة)

شعر وقصّة:

* (لدى الرّحمان يشفع بالمثاني ).

قال الكميترحمه‌الله :

لدى الرّحمان يشفع بالمثاني

وكان لنا أبو حسن شفيعا

ويوم الدّوح دوح غدير خمٍّ

بأنّ له الولاية لو أطيعا

ولكنّ الرجال تدافعوها

فلم أرَ مثلها خَطباً شنيعا

وقد ذكر البحراني في كشكوله هذه الأبيات، وقال: إنّ لها قصّة عجيبة. حكاها له بعض الإخوان، فقال: أنشدتُ ليلة هذه الأبيات، وبتُّ مُتفكِّراً فيها، فنمت، فرأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في منامي، فقال: أنشدني أبيات الكميت.

فأنشدته إيّاها، فلمـّا أنهيتها قالعليه‌السلام :

١٠٠