شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية  0%

شرح البداية في علم الدراية  مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
تصنيف: علم الدراية
الصفحات: 170

شرح البداية في علم الدراية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
تصنيف: الصفحات: 170
المشاهدات: 57547
تحميل: 8384

توضيحات:

شرح البداية في علم الدراية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 170 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57547 / تحميل: 8384
الحجم الحجم الحجم
شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية

مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقال حدّثني شيخ بعبَّادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً، فإذا فيه قومٌ من المتصوِّفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدّثني.

فقلت: يا شيخ، مَن حدَّثك؟ فقال: لم يحدِّثني أحد، ولكنَّا رأينا الناسَ قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث ؛ ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن(١) .

- ٤ -

وكلّ من أوْدَعَ هذه الأحاديث تفسيره: كالواحدي(٢) ، والثّعلبي(٣) ، والزّمخشري، فقد أخطأ في ذلك.

ولعلَّهم لم يطَّلعوا على وضعه، مع أنَّ جماعةً من العلماء قد نبَّهوا عليه.

وخطبُ مَن ذكره مسنداً - كالواحدي - أسهل.

____________________

(١) ينظر: الموضوعات: ١/ ٢٤١، وعلوم الحديث لأبي الصلاح، ص٩١، وتفسير القرطبي: ١/ ٧٩.

(٢) علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، الإمام، أبو الحسن، المفسّر، النيسابوري (المتوفَّى بها سنة ٤٦٨)، من تأليفه: أسباب النزول في تبليغ الرسول، البسيط في تفسير القرآن.... ينظر: هديّة العارفين: ١/ ٦٩٢.

(٣) أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق، مفسِّر، من أهل نيسابور، له اشتغال بالتأريخ، من كتبه: الكشف والبيان في تفسير القرآن... (توفِّي سنة ٤٢٧ه-). ينظر: الأعلام: ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦.

١٦١

البحث الرابع:

في فِرَقِ الواضِعين(١)

- ١ -

ووضعتْ الزنادقة(٢) ،كعبد الكريم بن أبي العوجاء (٣) ، الذي أَمر بضرب عنقه محمدُ بن سليمان بن عليٍّ العبَّاسي(٤) ، وبنان(٥) ، الذي قتله خالدُ القسري(٦) ، وحرَّقه بالنار.

____________________

(١) الذي في المخطوطة (ورقة ٤٠، لوحة ١، سطر ٤ - ٥): (ووضعت الزنادقة) فقط، بدون: (البحث الرابع: في فِرَق الواضعين).

(٢) للتعرُّف على تاريخ مناسب مدروسٍ عن الزندقة، ووجه التسمية فيها، وأبرز رجالها، وأهمّ الأحداث التي رافقتها، أو تلك التي خلَّفتها، ينظر من مثل كتاب: خمسون ومائة صحابي مختلق، الجزء الأوّل، بحوثٌ تمهيديّة [ فقرة ] - ٢ -، ص٢٥ - ٥١، تأليف الحجّة البحّاثة، السيّد مرتضى العسكريّ.

(٣) وهو: خال معن بن زائدة الشيباني، الأمير المعروف، كان في البصرة، من المشهورين بالزندقة والتهاون بأمر الدّين، ورد ذكر مناظراته في الدين في كثير من كتب التاريخ والحديث، ولعلَّ من أخطرها تلك التي جرت بينه وبين الإمام أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام ، وكانت النتيجةُ فيها أن أُفْحِمَ وأُسْكِت،... وفي أواخر أيَّامه، في خلافة المهديّ، قتله على الزندقة محمدُ بن سليمان، والي الكوفة ؛ ولمَّا أيقن أنَّه مقتول، قال قولته الشهيرة: (أمَا والله، لئن قتلتموني، لقد وضعت أربعة آلاف حديث، أحرِّم فيه الحلال، وأحلُّ فيه الحرام. والله، لقد فطّرتكم يوم صومكم، وصوَّمتكم في يوم فطركم...).

ينظر: اللآلئ المصنوعة: ٢/ ٢٤٨، وميزان الاعتدال: ٢/ ٦٤٢، ولسان الميزان: ٣/ ١٧٣، ٤/ ٥٢، وتاريخ الطبريّ (طبعة أوربّا): ٣/ ٣٧٦، وتاريخ ابن الأثير: ٦/ ٣، وتاريخ ابن كثير: ١٠/ ١١٣، والبحار: ٢/ ١١ - ١٤ - ١٥، ٣/ ١٩٩، ٤/ ١٨ - ٥٢ - ١٤١.

(٤) محمد بن سليمان بن عليّ العبَّاسي (١٢٢ه- - ١٧٣ه-)، أمير البصرة، وليها أيَّام المهدي.... ينظر: الأعلام: ٧/ ١٩.

(٥) بُنان بن سمعان النهديّ، من بني تميم، ظهر بالعراق بعد المائة، وادّعى إلهيَّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ثُمّ ادّعى أنَّه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ، بل إنَّه كتب إلى الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ، ودعاه إلى نفسه، وفي كتابه: (أسْلِم تَسْلَم، وترتقي إلى سُلَّم)، فأمر الباقر أن يأكل الرّسولُ الكتابَ الذي جاء به، فأكله فمات في الحال، وكان اسمه: عمر بن عفيف. ينظر: الملل والنحل: ١/ ١٠٣، والخطط للمقريزي: ٤/ ١٧٦، والباعث الحثيث، ص٨٤ (الهامش).

وأقول: ستأتي إشارة أخرى إلى بنان، في موضوع: المؤتَلَف والمختَلَف (في الفصل الثاني من الباب الرابع، لهذا الكتاب).

(٦) خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسريّ، من بجيلة، أمير العراقين، ولد سنة ٦٦ه-، وولي مكَّة سنة ٨٩ه- للوليد بن عبد الملك، وولي الكوفة والبصرة سنة ١٠٥ه- لهشام بن عبد الملك، وتوفِّي سنة ١٢٦ه-. ينظر: الأعلام: ٢/ ٣٣٨.

١٦٢

و[وضع] الغلاة من فرق الشيعة: كأبي الخطَّاب(١) ، ويونس بن ظبيان(٢) ، ويزيد الصائغ(٣) ، وأضرابهم(٤) ، جملةً من الحديث ؛ ليفسدوا به الإسلام، وينصروا به مذهبهم.

روى العُقَيْلي(٥) عن حمَّاد بن زيد(٦) ، قال: وضعت الزنادقةُ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة عشر ألف حديث(٧) .

وروي عن عبد الله بن زيد المُقري: أنَّ رجلاً من الخوارج رجع عن بدعته، فجعل يقول: انظروا هذا الحديث عمَّن تأخذونه، فإنَّا كنَّا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً(٨) .

ثُمَّ نهض جهابذةُ النقَّاد - جمع جهبذ ؛ وهو الناقد البصير(٩) - بكشف عَوارِها(١٠) - بفتح العين وضمِّها، والفتح أشهر ؛ وهو: العيب - ومحو عارها، فلله الحمد.

____________________

(١) محمّد بن أبي زينب مقلاص الأجدع الأسدي، عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، فلمَّا وقف الصادق على غُلوِّه الباطل في حقّه، تبرَّأ منه ولعنه وأخبر أصحابه بالبراءة منه، وشدَّد القول في ذلك، وبالغ في التبرِّي منه واللّعن عليه، فلمَّا اعتزل عنه الصادق، ادّعى الأمر لنفسه.... ينظر: تاريخ أبي الفداء: ٣/ ٢، وتاريخ الطبري: ٩/ ١٧٣، والخطط للمقريزي: ٤/ ١٧٤، والملل والنحل: ١/ ١٠٣.

(٢) قال أبو عمرو الكشيّ: قال الفضل بن شاذان في بعض كتبه: (الكذّابون المشَهورون: أبو الخطَّاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد الصايغ، ومحمّد بن سنان ؛ وأبو سمينه أشهرهم).

وقال النجاشي: (إنَّه مولى ضعيف جدّاً، لا يلتفت إلى ما رواه، كلّ كتبه تخليط).

وقال ابن الغضايريّ: (يونس بن ظبيان، كوفيّ، غالٍ، كذَّاب، وضَّاع للحديث، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، لا يلتفت إلى حديثه) وقال العلاّمة في القسم الثاني من خلاصته: (يونس بن ظبيان (بالظاء المعجمة المفتوحة، والباء المنقَّطة تحتها قبل الياء، و النون أخيراً،...) فأنا لا أعتمد على روايته ؛ لقول هؤلاء المشايخ العظام فيه).

(٣) ينظر: التعليقة رقم (٢) السابقة.

(٤) كالكامليّة، والغُرابيّة، والمُغيرية، والمنصوريّة، والعليائيّة،.... ينظر: الملل والنحل: ١/ ١٠١ - ١٠٣، والخطط: ٤/ ١٧٥، وغيرهما

(٥) محمّد بن عمرو بن موسى بن حمَّاد العقيليّ المكيّ (توفي ٣٢٢ه- - ٩٣٤م)، أبو جعفر، مِن حُفَّاظ الحديث. قال ابن ناصر الدين: له مصنفاتٌ خطيرة ؛ منها كتابه في: (الضعفاء - خ)،.... يُنظر: الأعلام: ٧/ ٢١٠.

(٦) حمَّاد بن زيد بن درهم الأزديّ الجهضي، مولاهم، البصري (٩٨ - ١٧٩ه-)، أبو إسماعيل، شيخ العراق في عصره، من حُفَّاظ الحديث المجوِّدين، يعرف بالأزرق، أصله من سبي سجستان، ومولده ووفاته في البصرة، وكان ضريراً طرأ عليه العمى، يحفظ أربعة آلاف حديث، خرَّج حديثه الأئمة الستّة. ينظر: الأعلام: ٢/ ٣٠١.

(٧) ينظر: تدريب الراوي، ص١٠٣.

(٨) ينظر: المصدر نفسه.

(٩) الجهبذ (بالكسر): النَّ-قَّاد الخبير، ينظر: القاموس المحيط: ١/ ٣٥٢.

(١٠) العَوَار (مثلَّثه): العيب، يُنظر: القاموس المحيط: ٢/ ٩٧.

١٦٣

حتى قال بعضُ العلماء: (ما ستر الله أحداً يكذبُ في الحديث)(١) .

____________________

(١) قال ابن الجوزيّ: أنبأنا عبد الوهاب، قال: أنبأنا ابن بكران الشاميّ، قال: أنبأنا أبو الحسن العتيقيّ، قال: أنبأنا يوسف بن الدّخيل، قال: حدَّثنا أبو جعفر العقيلي، قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله الحضرميّ، قال: حدَّثنا جمهور بن منصور، قال: حدَّثنا أبو الحارث الزّبيديّ، قال: سمعت سفيان يقول: (ما ستر الله عزَّ وجلَّ أحداً يكذب في الحديث). ينظر: الموضوعات: ١/ ٤٨.

١٦٤

البحث الخامس:

في شرعيَّة الوَضع(١)

وقد ذهبت الكِراميَّة (بكسر الكاف وتخفيف الرّاء، أو بفتح الكاف وتشديد الرّاء، أو بفتح الكاف وتخفيف الرّاء، على اختلاف نقل الضابطين لذلك) ؛ وهم الطائفةُ المنتسبون بمذهبهم إلى محمّد بن كرّام(٢) ، و[كذلك ذهب] بعض المبتدعة من المتصوُّفة، إلى جواز وضع الحديث للتّرغيب والتّرهيب ؛ ترغيباً للناس في الطاعة، وزجراً لهم عن المعصية.(٣)

واستدلُّوا بما روي في بعض طرق الحديث: (مَن كذب عليَّ متعمِّداً ؛ ليضلّ به الناس، فليتبوأ مقعده من النار)(٤) .

وهذه الزيادة: قد أبطلها نَقَلة الحديث.

وحمل بعضهم حديث: (مَن كذب عليّ)، على مَن قال: إنَّه ساحر أو مجنون(٥) ، حتّى قال بعض المخذولين: إنَّما قال: (مَن كذب عليّ)، ونحن نكذب له ونقوِّي شرعه(٦) .

____________________

(١) والذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤٠، لوحة ب، سطر ٣): (وقد ذهبت الكِراميةُ) فقط،بدون: (البحث الخامس: في شرعيَّة الوضع).

(٢) محمد بن كرّام بن عراق بن حزابة، أبو عبد الله، السِّجزي، إمام الكراميّة، من فِرَق الابتداع في الإسلام ؛ كان يقول: بأنَّ الله تعالى مستقرّ على العرش، وأنَّه جوهر. وُلد ابن كرّام في سجستان، وجاور بمكّة خمس سنين، وورد نيسابور، فحبسه طاهر بن عبد الله ؛ ثُمَّ انصرف إلى الشام، وعاد إلى نيسابور، فحبسهُ محمد بن طاهر، وخرج منها سنة ٢٥١ه- إلى القدس، فمات فيها سنة ٢٥٥ه-. ينظر: الأعلام: ٧/ ٢٣٦.

(٣) قال ابن الجوزي: قال أبو بكر محمد بن المنصور السمعاني: (ذهب بعض الكراميّة إلى جواز وضع الأحاديث على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما لا يتعلَّق به حكم من الثواب والعقاب ؛ ترغيباً للناس في الطاعة، وزجراً لهم عن المعصية...). ينظر: الموضوعات: ١/ ٩٦.

وللتعرُّف على بعض آرائهم ومقالاتهم، ينظر كتاب: التبصير في الدين، ص٩٩.

(٤) ينظر: الموضوعات: ١/ ٩٦ - ٩٧.

(٥) يُنظر: المصدر نفسه: ١/ ٩٤.

(٦) قال ابن الجوزي: (إنَّ بعض المخذولين ؛ من الواضعين أحاديث التّرغيب، قال: إنَّما هذا الوعيد لمِن كذب عليه، ونحن نكذب له ونقوّي شرعه، ولا نقوّي ما يخالف الحقّ ؛ فإذا جئنا بما يوافق الحقّ، فكأنَّ الرّسولعليه‌السلام قاله). ينظر: الموضوعات: ١/ ٩٨.

١٦٥

نسأل الله السلامة من الخذلان.

وحَكَى القرطبيّ(١) في (المُفْهِم) عن بعض أهل الرأي: (أنَّ ما وافق القياس الجليّ، جاز أنْ يعزى إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله )(٢) .

ثُمَّ المرويّ، تارةً يخترعه الواضع، وتارةً يأخذ كلام غيره، كبعض السّلف الصالح، أو قُدماء الحكماء، أو الإسرائيليّات، أو يأخذُ حديثاً ضعيفَ الإسناد، فيركِّب له إسناداً صحيحاً لِيُرَوَّج(٣) .

____________________

(١) أحمد بن عمر بن إبراهيم، أبو العباسَّ الأنصاري القُرطبيّ، فقيه مالكي، من رجال الحديث، كان مدرِّساً بالإسكندريّة، وتوفِّي بها سنة ٦٥٦ه-، ومولده بقرطبة سنة ٥٧٨ه- ، من كتبه: (المُفْهِم في شرح صحيح مسلم) في الحديث،.... ينظر: الأعلام: ١/ ١٧٩.

(٢) عبارته هذه عن فقهاء الرأي، نقلها عنه السّخاوي في شرحه ألفيّة العراقي. في مصطلح الحديث، ص١١١.

(٣) وقد علَّق المددي هنا بقوله:

(ويعبَّر عنهُ ب-: (تركيب الأسانيد)، ومعرفته من أجلِّ مباحث الحديث وأغمضها، ولا يهتدي إليه إلاّ العارفُ الخبير، الذي له اطلاع عميق على متون الأحاديث وأسانيدها، وإلمام واسع بطبقات الرواة وأحوالهم، فمثلاً: إذا كان لأحد المحدِّثين طريق صحيح إلى (كتاب) حريز بن

عبد الله، الذي يعتبر من الكتب المشهورة المعوّل عليها، ثم وجد روايةً عن حُريز بسندٍ ضعيفٍ، فعند ذلك يحذف السند، ويذكر الرواية مع طريقه إلى حريز، وبذلك تصبح الروايةُ صحيحةَ السند!!

ثم إنَّه توجد بعض الأحاديث في كتب المشائخ العظام، ممَّا ظاهرها أنَّها من هذا القبيل ؛ أي مركَّبة الأسانيد، فيُتَوَهَّم أنَّها موضوعةٌ! ولكن الأمر ليس كذلك ؛ إذ لعلَّ الواقع كان كذلك ؛ بمعنى أنّ الروايةَ كانت لها طرق عديدةٌ، بعضها ضعيفٌ وبعضها صحيح، فذكرَ الضعيف في بعض المصادر، والصحيح في بعضها الآخر ؛ وليس معنى ذلك أنَّ الصحيح موضوعٌ. علماً، بأنَّ الراوي للطريق الصحيح إنْ كان ثقة، فوثاقته أقوى شاهد على ذلك.

نعم، لمثل هذه الأُمور، يجدر بنا التثبُّت والتحقيق في (الموضوع)، وأن لا نحكم بشيء قبل المراجعة والتأمُّل).

١٦٦

البحث السادس:

في أشهرِ مصنِّفيه(١)

وقد صنَّف جماعة من العلماء كتباً في بيان الموضوعات.

- ١ -

وللصَّغاني(٢) ، الفاضل الحسن بن محمد، في ذلك كتاب:(الدرّ الملتقط في تبيين الغلط) ، جيِّد في هذا الباب.

- ٢ -

ولغيره - كأبي الفرج ابن الجوزيّ(٣) - دونه في الجودة ؛ لأنَّ كتاب ابن الجوزي، ذكر فيه كثيراً من الأحاديث، التي ادّعى وضعها، لا دليل على كونها موضوعةً، وإلحاقها بالضعيف أولى، وبعضها قد يلحق بالصحيح والحسن عند أهل النقد، بخلاف كتاب الصغاني، فإنَّهُ تامٌّ في هذا المعنى، مشتمل على إنصافٍ كثيرِ.

[ تتمَّةٌ ]

تتمَّةٌ لهذا القسم من الضّعيف، لا لِفَرد الموضوع، تشتمل على مباحث كثيرة، من أحكام الضَّعيف.

- ١ -

إذا وجدت حديثاً بإسناد ضعيف، فلك أن تقول: هذا الحديث ضعيف بقول مطلق ؛ وتعني به: ضعيف الإسناد، أو تصرِّح بأنَّه ضعيف الإسناد. لا أن تعني بالإطلاق - أو تُصرِّح - بأنَّه ضعيف المتن ؛ فقد يُروَى بصحيحٍ يثبتُ بمثله الحديثُ.

____________________

(١) والذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤١، لوحة ١، سطر ٣): (وقد صنَّف جماعةٌ) فقط، بدون: (البحث السادس: في أشهر مصنِّفيه).

(٢) الحسن بن محمد الحسن بن حيدر العدويّ، العُمَريّ، الصاغاني، رضيّ الدّين، أعلم أهل عصره في اللّغة، وكان فقيهاً محدِّثاً...، له: شرح صحيح البخاري (٥٧٧ - ٦٥٠ه-، ١١٨١ - ١٢٥٢م). ينظر: الأعلام: ٢/ ٢٣٢.

(٣) عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد الجوزيّ (٥٠٨ - ٥٩٧ه- )، القرشيّ البغداديّ، علاّمة عصره في الحديثِ والتاريخ. ينظر: الأعلام: ٤/ ٨٩.

١٦٧

وإنَّما يضعَّف - أي يطلقُ عليه الضعيفُ - مطلقاً، بحكم إمام من أئمة الحديث، مطّلع على الأخبار وطُرقها، مضطلع بها، وأنَّه - أي ذلك الحديث الموجود بطريقٍ ضعيف - لم يُرْوَ بإسناد يُثْبَت به، مصرَّحاً بهذا المعنى. فإنْ أطلق ذلك المطّلع ضعفه ولم يفسِّره، ففي جوازه لغيره كذلك:وجهان ، مرتّبان على أنَّ الجرح هل يثبت مجملاً؟ أم يفتقر إلى التفسير؟ وسيأتي إنشاء الله تعالى.

- ٣ -

وقد تقدَّم أنَّه لا يجوز رواية الموضوع بغير بيان حاله مطلقاً، وأمَّا غيره من أفراد الضّعيف، فمنعوا روايته أيضاً في الأحكام والعقائد ؛ لِمَا يترتَّب عليه من الضّرر في الأحكام الدينيّة، فروعاً وأصولاً.

- ٤ -

وتساهلوا في روايته بلا بيان، في غير الصّفات الإلهية والأحكام الشرعيّة، من التّرغيب والتّرهيب، والقصص وفضائل الأعمال، و نحوها، على المشهور بين العلماء. ويمكن أن يستدلّ له بحديث: (مَن بلغه شيء من أعمال الخير، فعمل به، أعطاه الله تعالى ذلك، وإن لم يكن الأمر على ما بلغه)(١) ، ونحوه من عباراته.ومنهم : مَن منع العملَ به مطلقاً.

- ٥ -

ومريدُ روايةِ حديثٍ ضعيفٍ، أو مشكوك في صحَّ-ته، بغير إسناد، يقول: رُوي، أو بلغنا، أو ورد، وجاء، ونحوه من صيغ التّمريض. ولا يذكره بصيغة الجزم ؛ كقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفعل، ونحوها من الألفاظ الجازمة ؛ إذ ليس ثَمَّ ما يوجب الجزم(٢) . ولو أتى بالإسناد مع المتن، لم يجب عليه بيانُ الحالِ ؛ لأنَّه قد أتى به عند أهل الاعتبار، والجاهلُ بالحالِ غير معذورٍ في تقليد ظاهره، فالتقصير منه. ولو بيَّنَ الحال أيضاً كان أولى.

____________________

(١) الظاهر أنَّ هذا الحديث ممَّا نقل بالمعنى ؛ وللتعرُّف على مصادره، بألفاظ أخر، يلاحظ: جامع أحاديث الشيعة: ١/ ٩٣، باب المقدِّمات.

(٢) ينظر: الباعث الحثيث، ص٩١.

١٦٨

الفهرس

شرحُ البِداية في عِلمِ الدِّراية ٣

شرح البداية ١ - في: أوَّليَّاته ٢ - في: علمِ الدِّراية ٣ - في: فهارسه العامة إخراج وتعليق وتحقيق عبد الحسين محمد علي بَقَّال ٥

الجهد الأول: في أوَّليَّات الكتاب - الإهداء - التقديم - بين يدي الكتاب - المترجَم له في سطور - الشَّرح لدى الظهور ٦

الإهداء ٨

التقديم ٩

بين يدَي الكتاب ١٧

المُترجَم له في سطور ٢٤

الشرح لدى الظهور ٢٥

الجهدُ الثاني: شرحُ البِداية في علِم الدِّراية الفقيه المحدِّث الشهيد الثاني زينُ الدِّين بن عليِّ بن أحمد العاملي ٩١١ه- ٩٦٥ه- ٤٣

المقدِّمة ٤٧

الحقلُ الأول: في الخبر، والحديثِ، والأثر ٤٩

الحقلُ الثاني: في مَتْنِ الحديث(١) ٥٢

الحقلُ الثالث: في السَّند والإسناد(١) ٥٣

الحقل الرابع: في صدق الخبر وكذبه(١) ٥٤

الحقلُ الخامسُ: في القطع وخفائهِ(١) ٥٩

الحقل السادس: في التواتَرِ وشروط تحقُّقه ٦٢

الحقل السابع: في الآحاد ودرجاته(١) ٧٠

١٦٩

الحقلُ الثامن: في حصرِ الأخبار(١) ٧٣

الحقل التاسع: في تحديد البحث(١) ٧٥

الحقل العاشر: في خطَّة البحث(١) ٧٦

الباب الأوَّل: في أقسامِ الحديث ٧٧

القسم الأوَّل: في الأحاديثِ الأصول ٧٩

القسم الثاني: في الأنواعِ والفُروع ٩٧

الفهرس ١٦٩

١٧٠