القصص التربوية

القصص التربوية13%

القصص التربوية مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 421

القصص التربوية
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 348075 / تحميل: 10133
الحجم الحجم الحجم
القصص التربوية

القصص التربوية

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُستعان بهم في سبيل الله

كان أبو جعفر (محمد بن القاسم العلوي) مِن أبناء رسول الله، ويصل نسبه مِن جانب أبويه في ثلاثة أظهر إلى الإمام السجاد (عليه السلام).

كان عالماً فقيهاً مؤمناً حُرَّاً شجاعاً، وكان يسكن الكوفة ويواصل نشاطه ضِدَّ حكومة المُعتصم العباسي الظالمة، وعندما عزمت سُلطات الحُكم على القضاء عليه، اضطرَّ إلى ترك الكوفة إلى أرض خراسان الواسعة.

هناك ظلَّ زماناً ينتقل مِن مدينة إلى أُخرى، حتَّى انتهى به الأمر إلى المقام في مدينة (مرو) حيث راح يُحرِّض الناس على حُكم المُعتصم، فتجمَّع حوله الناس المظلومون والمحرومون، وبايعه في فترة قصيرة أربعون ألف شخصٍ.

وفي إحدى الليالي جمع الجُند ليتحدَّث إليهم عن الانتفاضة، وليعدهم لمواجهة جنود المُعتصم، وقبل أنْ يُباشر الكلام ويشرح برنامجه للجند طرق سمعه صوت رجل يبكي، فعجب لذلك وسأل عن الباكي والسبب.

فظهر بعد التحقيق أنَّ أحد الجنود قد انتزع مِن أحدهم بساطه بالقوَّة، فأخذ هذا يبكي بصوت مُرتفع، فاستدعى محمد بن القاسم الجندي، وسأله عمَّا دفعه إلى القيام بذلك الأمر القبيح؟

فقال الجندي: لقد بايعناك لكي نتمكَّن مِن أخذ ما نشاء مِن أموال الناس، وأنْ نفعل ما نُريد!

فأمر محمد بإرجاع البساط إلى صاحبه، وحلَّ الجُند قائلاً: إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُمكن أنْ يُستعان بهم في سبيل دين الله (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨١

صلَّى فأعجبني وصام فرامني

قد يسعى أشخاص خبُثت قلوبهم لنيل السُّمعة الحسنة، مِن أجل الوصول إلى أهدافهم غير المشروعة عن طريق إلقاء شباك الغِشِّ والرياء، ولبس لبوس المُتديِّنين الصادقين، والتظاهر بالتعبُّد الكاذب الخادع؛ ليتمكَّنوا مِن اجتلاب ثقة الناس واطمئنانهم؛ فيكون ذلك وسيلة لهم للاعتداء على أموال الناس وحقوقهم.

يُقال: إنَّ إعرابيَّاً دخل المسجد، فرأى رجلاً يُصلِّي بخشوع وخضوع فأعجبه ذلك فقال له: نِعْمَ ما تُصلِّي!

قال: وأنا صائم، فإنَّ صلاة الصائم بضعف صلاة المُفطر!

فقال له الأعرابي: احفَظ عليَّ ناقتي هذه، فإنَّ لي حاجة حتى أقضيها.

فخرج الأعرابي لحاجته فركب المُصلِّي الناقة وخرج، فلمَّا قضى الأعرابي حاجته رجع فلم يجد الرجل ولا الناقة، وطلبه فلم يقدر عليه فخرج وهو يقول:

صلَّى فأعجبني وصام فرامني * نَحِّ القلوص عن المُصلِّي الصائم (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٢

جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحد

حُكي أنَّه قَدِم رجل إلى بغداد ومعه عِقد يُساوي ألف دينار فأراد بيعه فلم يتَّفق، فجاء إلى عطَّار موصوف بالخير والديانة فأودع العِقد عنده، وحَجَّ وأتى بهديَّة للعطَّار وسلَّم عليه، فقال العطَّار له: مَن أنت؟ ومَن يعرفك؟

فقال: أنا صاحب العقد!

فلمَّا كلَّمه رفسه وألقاه عن دُكَّانه فاجتمع الناس وقالوا:

ويلك! هذا الرجل صالح، فما وجدت مَن تُكذِّب عليه إلاَّ هذا!

تحيَّر الحاجُّ وتردَّد إليه فما زاده إلاَّ شتماً وضرباً، فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة لحصل لك مِن فراسته خير.

فكتب قصَّته وجعلها على قَصبة وعرضها عليه، فقال عضد الدولة له: ما شأنك؟

فقصَّ عليه فقال عضد الدولة: اذهب غداً واجلس في دُكَّان العطَّار ثلاثة أيَّام، حتَّى أمرَّ عليك في اليوم الرابع، فأُسلِّم عليك فلا ترُدَّ عليَّ إلاَّ السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذِكر العِقد، ثمَّ أعلمني بما يقول لك.

ففعل الحاجُّ ذلك، فلمَّا كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمَّا رأى الحاجُّ وقف وقال: السلام عليكم.

فقال الحاجُّ: وعليكم السلام، ولم يتحرَّك.

فقال: يا أخي، تَقدِم مِن العراق ولا تأتينا ولا تعرض علينا حوائجك؟

فقال له: ما اتَّفق هذا. ولم يزده على ذلك شيئاً.

هذا والعسكر واقف بكماله؛ فانذهل العطَّار وأيقن بالموت، فلمَّا انصرف عضد

٣٨٣

الدولة التفت العطَّار إلى الحاجِّ، وقال له: يا أخي، متى أودعتني هذا العِقد؟ وفي أيِّ شيء هو ملفوف؟ ذكِّرني لعلِّي أتذكَّر؟

فقال: مِن صفته كذا وكذا.

قام العطَّار وفتَّش ثمَّ فتح جُراباً وأخرج منه العِقد وقال:

الله أعلم أنَّني كنت ناسياً، ولو لم تُذكِّرني ما تذكَّرت.

فأخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى عضد الدولة فأعلمه، فعلَّقه في عُنق العطَّار وصلبه على باب دُكَّانه ونودي عليه هذا جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحَد.

ثمَّ أخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى بلاده (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٤

الله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمَّد

استقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل مِن بني فهد، وهو يضرب عبداً له والعبد يقول: أعوذ بالله فلم يُقلِع الرجل عنه، فلمَّا أبصر العبد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: أعوذ بمحمد فأقلع عن ضربه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

(يتعوَّذ بالله فلا تُعيذه! ويتعوَّذ بمحمَّدٍ فتُعيذه! والله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمد).

فقال الرجل: هو حُرٌّ لوجه الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (والذي بعثني بالحقِّ نبيَّاً، لو لم تفعل لواقع وجهك حَرُّ النار).

٣٨٥

يُنقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قصَّ على أصحابه الحكاية التالية:

(كان لمسلم صديق غير مسلم يسكن في جواره، وكان المسلم لا يفتأ يُحدِّثه عن دين الإسلام الإلهي، ويُرغِّبه في اعتناق الإسلام حتَّى استجاب جاره له واعتنق الإسلام، فما كان مِن المسلم في اليوم التالي إلاَّ أنْ نهض عند طلوع الفجر إلى المسجد لأداء صلاة الصبح جماعة.

انتهت الصلاة وتفرَّق الناس تدريجيَّاً، فاقترح المسلم على صاحبه أنْ يَبقيا في المسجد، يذكران الله حتَّى طلوع الشمس.

وطلعت الشمس فاقترح عليه أنْ ينويا الصوم لذلك اليوم، ويبقيا في المسجد حتَّى الظهر ليُعلِّمه القرآن، وحان الظهر فصلَّيا الظهر، ومِن ثمَّ صلَّيا العصر جماعة.

وإذ همَّ الجار بالخروج مِن المسجد، اقترح عليه صاحبه أنَّ مِن الأفضل له أنْ يبقى في المسجد حتَّى أداء صلاتي المغرب والعشاء، وقام الجار الحديث الإسلام مُتعباً وقد فقد صبره، فيمَّم شطر بيته مع جاره المسلم، وفي فجر اليوم التالي نهض الجار المسلم عازماً تَكرار برنامج اليوم السابق، فجاء يطرق باب جاره ليَصحبه إلى المسجد، فخرج إليه الرجل وقال له:

اتركني وشأني؛ إنَّ دينك هذا صعب لا طاقة لي به) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٦

رحم الله امرءاً عَرف قدره فوقف عنده

بن الهيثم مِن أشهر عُلماء القَرن الرابع الهجري، اختصَّ بالهندسة والرياضيَّات، وكان له إلمام بالعلوم العقليَّة والفلسفيَّة، وقد خلَّف مؤلَّفات ورسائل عديدة. كان يعيش في البصرة، ولكنَّ صدى شُهرته كان قد عمَّ الأرجاء، وكان حديث المحافل العلميَّة في كلِّ مكان.

كان حاكم مصر يومئذ رجلاً مُتعلِّماً ومُحبَّاً للعلوم، وكان يودُّ لو يجتمع بابن الهيثم عن قُرب ليستفيد مِن علمه. ولكنَّه لم يُوفَّق لذلك، وسمع يوماً أنَّ ابن الهيثم قال: لو كنت في مصر لبنيت سدَّاً على النيل لمنع إضراره بالناس عند طُغيانه ونقصانه، ففرح حاكم مصر بذلك وازداد تلهفُّاً لرؤية ابن الهيثم، فأرسل له سِرَّاً مصاريف سفره ورغَّب إليه أنْ يُسافر إلى مصر.

رحل ابن الهيثم مِن البصرة إلى مصر، وعند وصوله استقبله الحاكم خارج المدينة وأنزله بكلِّ احترام في الدار التي خصَّصها لسُكناه، وبعد بِضعة أيَّام مِن الاستراحة مِن وَعْثاء السفر جاء الحاكم لزيارته وذكَّره بوعده ببناء سَدٍّ على نهر النيل، فأعرب ابن الهيثم عن استعداده للوفاء بوعده، فتُقرِّر يوم مُعيَّن للسفر إلى حيث توجَد منطقة شلاَّل مُرتفع تصلح لإقامة السَّدِّ فيه.

وحلَّ اليوم الموعود وتوجَّه ابن الهيثم مع الحاكم، وعدد مِن المعمارين والعمَّال المَهرة، وجعلوا طريقهم على الأهرامات العجيبة والآثار العظيمة، التي شيَّدها المصريُّون القُدامى وفق حسابات هندسيَّة دقيقة، لكي يشهدها ابن الهيثم الذي بُهت لما رآه مِن الأعمال المُدهشة الرائعة، فاستقلَّ علمه وضعف أمله في استطاعته بناء سَدٍّ على النيل؛ إذ لو كان هذا مُمكناً عمليَّاً لما توانى عنه العلماء والمُهندسون المصريُّون في قديم الزمان. وعند وصولهم إلى حيث شلاَّل الماء في النيل راح

٣٨٧

ابن الهيثم يتفقَّد جوانب النيل وسواحله، ثمَّ اعترف بعجزه عن بناء السَّدِّ، واعتذر عن بنائه واعتذر عن الوعد الذي قطعه وعاد مع الآخرين إلى القاهرة.

رأى حاكم مصر أنْ لا يُفلت فرصة وجود هذا العالم الكبير في بلده، فطلب إليه أنْ يبقى في مصر؛ ليعمل عنده في ديوان المكاتيب. ولكنَّ ابن الهيثم - الذي كان قد عرف طراز تفكير حاكم مصر ونفسيَّته - أصابه القلق لهذا الطلب؛ لأنَّه عرف في هذا الحاكم إنساناً حادَّ الطبع، سيِّء الأخلاق، مُتلوِّناً فظَّاً، يحب إراقة الدماء يغضب لأدنى حدث، ويُصدر أمره لأتفه سبب بقتل الناس الأبرياء، فمِن البديهي أنْ تكون الحياة مع مثل هذا الشخص محفوفة بالخطر المُحتَّم، ولكنَّه لخوفه اضطرَّ إلى إجابة الحاكم إلى ما يُريد، فاستوطن مصر وعمل في ديوان مكاتيب الحاكم.

مضت فترة على هذا المنوال، حيث كان ابن الهيثم يحضر في مَقرِّ عمله كلَّ يوم، ولكنْ لم يُفارقه القلق والخوف، ولم يغفل عن التفكير في طريقة ينجو بها بنفسه ويتحرَّر مِن هذا الهمِّ الدائم.

وأخيراً واتته الحيلة فتظاهر بالجنون، وإذ وصل خبر جنونه إلى الحاكم أمر بحَجره في بيته ووضع عليه مَن يُعنى به، وعهد بأمواله وأثاثه إلى مَن يوثَق بهم، وظلَّ ابن الهيثم في التظاهر بالجنون إلى أنْ مات الحاكم، وبعد أيَّام مِن موته استعاد ابن الهيثم عقله، وترك داره واختار سكناً بالقرب مِن الجامع الأزهر، واستعاد أمواله وانصرف مُطمئنَّ البال إلى التأليف والتصنيف، ولمَّا كان ذا خطٍّ جميل فقد انهمك في استنساخ بعض الكُتب العلميَّة يبيعها لإمرار معاشه.

حاكم مصر هذا لم يكن إنساناً مِن عامَّة الناس جاهلاً، بلْ كان مِن أهل العلم والمعرفة، مُؤهَّلاً للرئاسة وإدارة البلاد، ولكنَّه كان يفتقر إلى سلامة التفكير وصلاح الأخلاق، وكان يستعمل سلطته في أُمور غير مشروعة، ولهذا عاش الناس تحت حكمه عُرضة للخطر والإحساس بفُقدان الأمن؛ بحيث إنَّ عالماً مِثل ابن الهيثم اضطرَّ إلى التظاهر بالجنون للمُحافظة على حياته والخلاص مِن شَرِّه (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٨

قد أخطأتَ بهذا خمس عشرة خطيئة

صار المأمون إلى دمشق سنة... وكان بشر بن الوليد الكندي قاضي المأمون ببغداد فضرب رجلاً قرف (١) بأنَّه شتم أبا بكر وعمر وأطافه على جَمل.

فلمَّا قَدِم المأمون مِن رحلة الشام، وسمع بما فعل بشر أحضر الفقهاء فقال: إنِّي نظرت في قضيَّتك يا بشر، فوجدتك قد أخطأت بهذا خمس عشرة خطيئة، ثمَّ أقبل على الفقهاء فقال: أفيكم مَن وقف على هذا؟

قالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟

فقال: يا بشر، بم أقمت الحَدَّ على هذا الرجل؟

قال: بشتم أبي بكر وعمر.

قال: حضرك خصومه؟

قال: لا.

قال: فوكَّلوك؟

قال: لا.

قال: فللحاكم أنْ يُقيم حَدَّ القرفة بغير حضور خصم؟

قال: لا.

قال: وكنت تأمن أنْ يهب بعض القوم حصَّته فيبطل الحَدُّ؟

قال: لا.

قال: فأُمُّهما كافرتان أو مُسلمتان؟

قال: بلْ كافرتان.

قال: فيُقام في الكافرة حَدُّ المسلمة؟

قال: لا.

____________________

(١) قرفه بكذا نسبه إليه وعابه به.

٣٨٩

قال: فهبك فعلت هذا بما يجب لأبي بكر وعمر مِن الحقِّ، أفشهد عندك شاهدا عدلٍ؟

قال: قد زكي أحدهما.

قال: فيقام الحَدُّ بغير شاهدين عدلين؟

قال: لا.

قال: ثمَّ أقمت الحَدَّ في رمضان، فالحدود تُقام في شهر رمضان؟

قال: لا.

قال: ثمَّ جلدته وهو قائم، فالمحدود يُقام؟

قال: لا.

قال: ثمَّ شبحته بين العقابين فالمحدود يُشبح؟

قال: ثمَّ جلدته عُرياناً فالمحدود يُعرى؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حملته على جمل فأطفته فالمحدود يُطاف به؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حبسته بعد أنْ أقمت عليه الحَدَّ، فالمحدود يُحبس بعد الحَدِّ؟

قال: لا.

قال: لا يراني الله أبوء بإثمك وأُشاركك في جُرمك، خذوا عنه ثيابه وأحضروا المحدود ليأخذ حَقَّه منه.

فقال له مَن حضر مَن الفُقهاء: الحمد لله الذي جعلك عاملاً بحقوقه، عارفاً بأحكامه تقول الحَقَّ وتعمل به، وتأمر بالعدل وتؤدَّب مَن رغب عنه، إنَّ هذا - يا أمير المؤمنين - حاكم اجتهد فأخطأ، فلا تفضح به الحُكَّام وتهتك به القضاء، فأمر به فحُبس في داره حتَّى مات (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٠

الدنيا يومان: يومٌ لك ويومٌ عليك

وصل البرامكة على عهد هارون الرشيد إلى أوَجِّ العظمة والسُّلطة، كان جعفر البرمكي رئيس الحكومة، وللبرامكة الآخرين مقامات عالية فيها، وظلُّوا يحكمون البلاد الإسلاميَّة الواسعة سنين طوالاً، كان خلالها جميع أفراد هذه العائلة مِن الرجال والنساء، والشباب والشيوخ، والكبار والصغار مُتنعِّمين بكلِّ النعم ووسائل الراحة والسلطة.

ولكنَّهم في النهاية واجهوا تغيُّراً، فقُتل فريق منهم، وفَقَد الذين بقوا أحياءً كلَّ شيء وزالت دولتهم.

يقول محمد بن عبد الرحمان الهاشمي: زرت أُمِّي في عيد الأضحى، فرأيت امرأة رثَّة الثياب تجلس إليها تُحادثها، فسألتني أُمِّي أتعرف هذه المرأة؟

فقلت: لا.

قالت: هذه عبادة أُمُّ جعفر البرمكي!

اقتربت منها وحادثتها وأنا في عَجب مِن أمرها، وسألتها عمَّا مَرَّ بها مِن عجائب حوادث الزمان، فقالت:

يا ولدي، مَرَّ عليَّ عيد مثل هذا وأربع جوارٍ يخدمنني، وكنت أقول: إنَّ ولدي جعفراً لم يؤدِّ حَقِّي في الجواري اللواتي أوقفهنَّ على خدمتي، واليوم أيضاً يوم عيد يَمرُّ عليَّ، وأنا أتمنَّى جِلدَي شاةٍ أفترش واحداً وأتغطَّى بآخر.

يقول محمد الهاشمي: فدفعت لها خمسمئة درهم، ففرحت فرحاً شديداً كاد أنْ يُهلكها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩١

ألا كلُّ شيء ما خلا الله هالك

أرسل مُعاوية عبد الرحمان بن زياد عاملاً له على خراسان، فجمع خلال حُكمه أموالاً طائلة، فقال يوماً لكاتبه: ويلك! لست أدري كيف يغشاني النوم وعندي كلُّ هذه الأموال؟! فسأله الكاتب: كمْ هي؟

فقال: عددت ما عندي فعلمت أنِّي إذا صرفت كلَّ يوم ألف درهم كفاني مِئة سنة، فقال الكاتب: أيُّها الأمير أنام الله عينيك، لا أعجب مِن أنَّك تنام ولك هذه الأموال، بلْ أعجب إذا غمضت عيناك بعد أنْ تذهب منك.

ثمَّ لم يلبث طويلاً حتَّى ذهب كلُّ ذلك المال؛ فقد استدان بعضهم بعضه ولم يُعيدوه، وأنكر بعضٌ آخر أنَّه استأمنهم على البعض الآخر، وسرق خَدَمه وحَشمه ما لم يسرقه الآخرون، حتَّى بلغ به الأمر إلى أنَّه باع ما عنده مِن أدوات فضِّيَّة، وكان يركب حماراً صغيراً فتخطُّ رُجلاه الأرض، رآه يوماً مالك بن دينار وسأله: أين الأموال التي كنت تذكرها كثيراً؟

فأجابه: يا أبا يحيى، كلُّ شيء سوى ذات الله تعالى إلى فناء (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٢

لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ

عندما أُحضر الإمام زين العابدين مع سبابا أهل البيت (عليهم السلام) إلى مجلس يزيد جرى كلام بينه وبين يزيد، كان منه أنَّ يزيد قال:

يا علي بن الحسين: ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ... ) (الشورى: ٣٠).

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): كلاَّ! ما هذه فينا نزلت، إنَّما نزلت فينا: ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لكَيلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (الحديد: ٢٢ - ٢٣) فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا مِن الدنيا ولا نفرح بما أتانا منها.

كان يزيد يُريد أنْ يعزو حادثة كربلاء الدمويَّة، وما أصاب أهل البيت فيها إلى أعمالهم، وأنَّه بريءٌ مِن دمهم بحسب مفهوم الآية التي قرأها، ولكنَّ الإمام ردَّ فِريته ودحضها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٣

أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً

روي أنَّ يحيى بن زكريَّا (عليه السلام) لقي عيسى ابن مريم، فتبسَّم عيسى في وجهه.

فقال يحيى: (ما لي أراك لاهياً كأنَّك آمن؟!).

فقال عيسى: (ما لي أراك عبساً كأنَّك آيس).

فقالا: (لا نبرح حتَّى ينزل علينا وحي!).

فأوحى الله تعالى إليهما: (أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً).

وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: (بُشر المؤمن في وجهه وحزنه في قلبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٤

الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يعذبه

جاء رجل كفيف البصر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال: يا رسول الله، أدعُ الله أنْ يكشف بصري.

قال: (إنْ أحببت أنْ أدعو فعسى أنْ يكشف بصرك، وإنْ شئت تلقاه ولا حساب عليك).

فقال: ألقاه ولا حساب عليَّ.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يُعذِّبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٥

الله يَهب ويأخذ

كانت أُمُّ سليم مِن المؤمنات على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك كان زوجها أبو طلحة مِن المسلمين الصادقين ومِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، شارك في غزوات بدر وأُحد والخندق وغيرها.

وكان يسكن المدينة أيَّام السِّلم يقضي جانباً مِن وقته في العبادة، وفي تعلُّم المعارف الإسلاميَّة، ويقضي الجانب الآخر لكسب المعاش على قطعة أرض صغيرة.

أنجب هذان الزوجان ولداً، ولكنَّه أُصيب وهو صبيٌّ بمرض ألزمه الفراش، وانهمكت الأُمُّ في العناية به وتمريضه. وكان الأب عند عودته مِن العمل يعود ابنه المريض، ثم َّينصرف إلى حجرته لتناول طعامه والإخلاد إلى الراحة.

في عصر يوم مِن الأيَّام توفِّي الفتى أثناء غياب الأبِّ، فغطَّت الأُمُّ المؤمنة جسد ابنها دون أنْ تظهر الجزع عليه؛ ولكيلا تُزعج زوجها عند رجوعه ليلاً قرَّرت أنْ تُخفي عنه خبر موته في تلك الليلة، لذلك فإنَّه عندما دخل الدار وأراد عيادة ابنه حسب مألوفه منعته أُمُّ سليم مِن ذلك، قائلة اتركه نائماً براحة وسكون، وكان في لهجتها ما يشعر بأنَّ المرض قد خفَّ عنه، فاطمأنَّ قلبُه بعض الشيء خاصَّة وأنَّها هي أيضاً كانت هادئة مُطمئنَّة بحيث إنَّهما ناما سويَّة في تلك الليلة.

عند الصباح خاطبت أبا طلحة قائلة:

إذا أعار أحد شيئاً لجاره فاستعمله هذا بعض الوقت، فماذا عساك تقول إذا جاء صاحب الشيء يطلب حاجته فيأخذ المُستعير بالبُكاء والعويل لذهاب الشيء مِن يديه؟

قال أبو طلحة: هذا إنسان به جُنَّة؟

٣٩٦

فقالت أُمُّ سليم: إذنْ، علينا أنْ لا نكون مِمَّن بهم جُنَّة، فقد أخذ الله أمانته وتوفِّي ابننا، فاصبر على المُصيبة وأسلم لقضاء الله وهيَّئ الجنازة للدفن.

فأتى أبو طلحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره الخبر، فتعجَّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن أمرها ودعا لها، وقال: اللَّهمَّ بارك لهما في ليلتهما.

وحملت أُمُّ سليم مِن ليلتها ووُلِدَ لها ولد أسمته عبد الله، وربَّياه تربية دينيَّة سليمة، فعاش طاهراً ومات طاهراً، وكان عبيد الله بن أبي طلحة مِن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٧

وكان الإنسان عَجولاً

كان (الحارث بن كلدة) مِن مشاهير الأطبَّاء في القَرن الأوَّل الهجري، وكانت له زوجة تُدعى (فارعة)، دخل فجر أحد الأيَّام عليها غرفتها فوجدها تسوُّك أسنانها، فاشمأزَّت منها نفسه، فطلَّقها هادماً بذلك حياته العائليَّة الحميمة.

وعندما سألته فارعة عن السبب الذي دعاه لتطليقها؟

قال لها: دخلت عليك فجراً فوجدتك تستاكين وكان هذا يعني أنَّك: إمَّا أنْ تكوني قد أكلت شيئاً لتوُّك، وامرأة بهذا النعم لا تليق بي، وإمَّا أنَّك بعد تناول طعامك في الليلة السابقة لم تستاكي فبقي شيء مِن الطعام بين أسنانك فأردت تنظيفها حينذاك، وامرأة على هذا القدر مِن الإهمال للأمور الصحيَّة لا تليق بي أيضاً كزوجة.

فردَّت عليه فارعة بهدوء وبرود قائلة: إنَّ سواكي أسناني فجر ذلك اليوم لم يكن لأيٍّ مِن السببين اللذين ذكرتهما، بلْ كنت أستخرج مِن بين أسناني ذرَّة مِن خيط السواك أحسست بها حينذاك.

لا شكَّ في أنَّ مقالة فارعة قد أخجلت زوجها أشدَّ الخَجل، بعد أنْ أدرك الخطأ الذي ارتكبه، فطلَّقها قبل أنْ يتثبَّت مِن حقيقة الأمر بتسرُّع وعَجلة، حارماً نفسه مِن دِفء الحياة العائليَّة.

وقد ندم على ما فعل، ولكنَّ القضاء كان قد حَلَّ أمام فارعة، فقد تركت زوجها العجول قصير النظر دون أنْ تأسَّف له وتزوَّجت غيره (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٨

التدبُّر قبل العمل يؤمنك مِن الندم

انتصر (معن بن زائدة) في الحرب الضروب التي وقعت على حدود مدينة كابل، فغنم الكثير وأسرَ العديد، وعسكر في (رخج) على مشارف كابل، حيث أنزل الجنود الأحمال وأراحوا الجياد مِن سروجها، وفجأة شاهدوا غباراً كثيفاً يرتفع إلى عنان السماء، فظنَّ معن أنَّ جيشاً مِن الأعداء يتقدَّم، فأمر بقتل جميع الأسرى فقتل بهذا الأمر نحو أربعة آلاف أسيراً.

يقول فرج بن زياد: إنَّني وأبي كنَّا مِن بين الأسرى، فأخفاني أبي تحت بعض أحداج الإبل. وقف أمامي قائلاً: إذا قتلت فقد أنجو أنا، ثمَّ لم يمض وقت طويل حتَّى تبيَّن أنَّ الغبار كان بسبب قطيع كبير مِن الحمر الوحشية، وهكذا قُتِل آلاف مِن الناس بسبب قرار مُتسرَّع غير مدروس، فذهب هؤلاء ضحايا العجلة الخرقاء.

قد تؤدِّي العَجلة - أحياناً - إلى إحاطة العقل بظلام كثيف، وتحويل الإنسان إلى كائن أعمى وأصمّ، بحيث لا يعود يُميِّز ما هو خير له مِمَّا هو شَرٌّ له.

عن الإمام علي (عليه السلام) أنَّه قال: (التدبير قبل العمل يؤمنك مِن الندم) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٩

بشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حينٍ

كان (عبد الله الأفطس) مِن أحفاد الإمام السجَّاد (عليه السلام) رجلاً مؤمناً مُجاهداً ثوريَّاً، بذل جهوداً عظيمة لإنقاذ المُجتمع الإسلامي مِن نِير حُكم طُغاة بني العباس، فأمر هارون الرشيد بالقبض عليه وإرساله مخفوراً إلى بغداد، حيث ألقاه في السجن، وإذ طال أمدُ سجنه أخذ يزداد سَخطاً وغضباً، لما لحقه مِن الظلم والجور، فكتب رسالة إلى هارون الرشيد أسمعه فيها صرخات تظلمه في ألفاظ مِن الشتيمة والسُّباب.

فقرأ هارون الرسالة وقال: عبد الله الأفطس قد ضاق ذرعاً بالسجن، وبما يُعاني منه فيه مِن عذاب وتألُّم، فكتب إليَّ هذه الرسالة ليُثير غضبي فآمر بقتله وأُريحه مِن عذاب السجن، ولكنِّي لن أفعل ذلك أبداً، ثمَّ أحضر وزيره جعفراً البرمكي وأمره أنْ يقوم بنفسه بمُراقبة عبد الله وينقله إلى سجن آخر أوسع وأفضل.

صادف اليوم التالي عيد النوروز، وعندما جيء بعبد الله أمام جعفر البرمكي أخذ يُكرِّر ما كان قد كتبه في رسالته، مِن السُّباب والشتائم لهارون الرشيد ولحُكمه وحُكومته الجبَّارة، فغضب جعفر عند سماع تلك الشتائم فأمر فوراً بضرب عُنقه، فاحتزَّ رأسه وغسله ووضعه في طبق وأرسله إلى قصر الخليفة هارون مع سائر الهدايا، التي كان قد أعدَّها لتقديمها إليه بمُناسبة عيد النوروز، وإذ رفع هارون الغِطاء عن الطَّبق أثناء استعراضه الهدايا رأى رأس عبد الله الأفطس، فصرخ طالباً جعفراً البرمكي، وعند حضوره صاح في وجهه غاضباً: ويلك! لماذا قتلت عبد الله؟! كيف ترتكب هذا الخطأ الكبير؟!

فأجابه: لأنَّه شتم أمير المؤمنين.

فقال هارون: إنَّ قتل عبد الله مِن دون إذني أقبح بكثير مِن شتائم عبد الله!

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421