نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)0%

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 168

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

مؤلف: مزمل حسين الميثمي الغديري
تصنيف:

الصفحات: 168
المشاهدات: 131938
تحميل: 6518

توضيحات:

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 168 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131938 / تحميل: 6518
الحجم الحجم الحجم
نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

قال الصادق (ع):

( إنّ أبا طالب أَسَّس الإيمان ) الخرائج للراوندي

هذا الكتاب المستطاب تحقيق

نبوّة أبي طالب

عبد مناف (عليه السلام)

(حقوق الطبع والترجمة محفوظة للمؤلّف)

تأليف: مزمل حسين الميثمي الغديري

نزيل الحوزة العلميّة / قم - إيران

١

٢

المدخل

بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيْمِ

الحمد لله الذي أسّس أس الإسلام بيدَي أبي طالب، كما أسّسه بيدَي إبراهيم وإسماعيل أبوَي أبي طالب.

والحمد لله الذي شيّد أركان الإيمان بقوّة أبي طالب، كما شيّد أركانه بقوّة نبيّه محمّد ووليّه عليّ بن أبي طالب.

والحمد لله الذي أيّد رسوله محمّد الخاتم بنصرة أبي طالب، إذْ أوجده يتيماً من أبويه فآواه في حجر أبي طالب.

والصلاة والسلام على أبي القاسم محمّد ابن أخي أبي طالب، وعلى وصيّه علي بن أبي طالب، وبضعته فاطمة زوجة ابن أبي طالب، وعلى آلهم الطاهرين المطهّرين الأئمّة الهداة أبناء أبي طالب، ورحمة الله على أحبّاء أبي طالب، ولعنة الله على أعداء أبي طالب.

أمّا بعد:

فقد قال الله تعالى في كتابه الكشّاف عن نبوّة أبي طالب عبد مناف، ونبوّة آباء النبي الإسلاف:

٣

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .

(سورة الزخرف: آية: ٢٦ - ٢٨)

واعلم أنّ موضوع هذا الكتاب إثبات نبوّة أبي طالب أبي الأئمّة الأطياب (عليهم السلام)، ونبوّة آباء النبي الكرام وأجدادهما العظام من لدن آدم أبي الأنساب، وأنّ فيه لآيات محكمات، نصوصاً قاطعة كثيرة، وأحاديث موثّقات وبراهين ساطعة ذخيرة.

ونحن نذكر هاهنا ما هو الحجّة على الأصحاب، من النصوص اللامعة على نبوّتهم الفائقة، وصفاتهم الرائقة، من لدن آدم إلى عبد الله والد نبيّنا محمّد (ص) المصطفى، وأبي طالب والد وليّنا علي (ع) المرتضى، قدراً كافياً وحظّاً وافياً، وليس فيه بالقصير المُخِل ولا بالطويل المُمِل للطالب الرشيد، والخارج عن رِبقة التقليد العنيد، والراغب النضيد إلى الله الحميد المجيد.

إنّ علماءنا المتقدّمين (عليهم من الله الرضوان)، وأسلافنا المتأخّرين (لهم من الله الغفران) لم يلتفتوا إلى هذا العنوان إلاّ لثاماً وإلاّ أنْ يصنّفوا عليه كتباً كثيرة بالدلائل القاطعة، ويملؤوا فيه أسفاراً وفيرة بالشواهد الواثقة، كما التفتوا إلى إثبات إسلامهم وإيمانهم، فحرّروا عليه الرسائل الثمينة، ونمّقوا فيه الصحائف الحصينة؛ ردّاً للذين يقولون:

٤

إنّ(تارَخ) والد إبراهيم الخليل، و(عبد المطّلب) جدّ رسول الله (ص)، و(عبد الله) والد رسول الله (ص)، و(آمنة) والدة الرسول (ص)، و(أبا طالب) والد علي وليّ الله، كانوا كافرِين. (نعوذ بالله من ذلك الاعتقاد).

كما ردّ الله قول اليهود والنصارى والمشركين؛ لأنّهم يقولون إنّ إبراهيم كان يهوديّاً أو نصرانيّاً أو كان من المشركين، بقوله تعالى:( ومَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

(سورة آل عمران: آية: ٦٧)

وبقوله: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) .

(سورة البقرة: آية: ١١٣)

فإنّي دعوت الله عزّ وجل - عند الكعبة، وعند كلّ مقام مقدّس، وفي كلّ حركة وقيام متنفّس - أنْ يوفّقني بجاه محمّد وآله عليهم السلام في هذا الموضوع الجليل، والقول الثقيل، ففضّل الله عزّ وجل أنْ أعطاني النظر فيه، وليس لي فخر على الأصحاب، ولا كِبَر على أُولي الألباب، بل التفكّر في آيات الله تعالى واجب على كلّ إنسان كما يدلّ عليه القرآن والسنّة والعقل والإجماع.

فهذه الوجيزة خدمة قليلة للنبي والولي، وهديّة حقيرة لآبائهما الكرام وأجدادهما العظام، وهداية موصلة إلى المطلوب للطالبين، ويد كاشفة اللثام عن المحبوب للمحبّين، وتبصرة صارفة عن الباطل إلى

٥

الحقّ للمحقّقين، وتذكرة مضيئة في الظلمات للضالّين والمضلّين، وصحيفة جاذبة عن الإفراط والتفريط والقشر والتفويض إلى العروة الوثقى، والصراط المستقيم للمتّقين، ودعوة راغبة عن أئمّة الطغاة، إلى أئمّة الهداة محمّد وآله القربات، عند ربّ الأرض والسماوات.

أيّها الأخ الخليل والمحبّ الجليل، إنّا سنلقي عليك القول الثقيل بالشرح والتفصيل، وفيه عقل العقيل وفكر القليل بالنص والدليل، وليس فيه قياس الذليل، عليه اللعنة والوبيل.

فلا تنظر إلى مَن قال بل اُنظر إلى ما قيل، فهداك الله الجليل إلى سواء السبيل بجاه محمّد وآله النبيل صلَّى الله عليه وآله العديل، عند كلّ بكرة وأصيل، وهو الهادي الوكيل، والموفّق الكفيل.

إنّ مقتضى موضوعنا هذا يوجب علينا أنْ نبيّن لديكم نصوص نبوّتهم، التي تُذهب نجاسة الجاهليّة بأرجاسها عن أذهان الأعداء، ونعرض عليكم براهين منزلتهم التي تخرج خباثة المشاجرة بأضغانها عن قلوب الأشقياء.

فإنّا نرجوا من فضله العظيم وكرمه العميم أنْ تكون صِلتي قِبال هديّتي الحقيرة، وخدمتي القليلة، الشفاعةَ لي عند الله الكريم، بأنْ يرزقني سعادة الدارَين بلطيف محمّد وآله ثاني الثقلين.

٦

* باب الاسم:

إظهار الأشراف اسم أبي طالب عبد مناف

(١) قال له أبوه عبد المطّلب حين أوصى إليه برسول الله (ص):

أوصيك يا عبد مناف بعدي * بواحد بعد أبيه فرد

وصيت من كنيته بطالب * عبد مناف وهو ذو تجارب

(المناقب لابن شهرآشوب: ج١، ص٣)

(٢) قال ابنه طالب:

أَنافَ بِعَبدِ مَنافٍ أَبٌ * وَفَضلُهُ هاشِم الغُرَّةِ

وَخَيرُ بَني هاشِمٍ أَحمَدٌ * رَسولُ الإِلَهِ عَلى فَترَةِ

(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١٤، ص٧٨)

(٣) قال ابنه علي (ع) في المدينة: (اسم أبي طالب عبد مناف).

(البحار: ج١٥ / في ذكر أحوال آباء النبي)

٧

وقال (ع) في الكوفة: (اسم أبي طالب عبد مناف).

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص١١٤)

وقال(ع) على منبر البصرة: (أنا ابن أبي طالب عبد مناف).

(أمالي الصدوق - ره -: مجلس ٨٨، ص٩٣)

(٤) قال ابن ابنه عبد الله بن جعفر (ع): اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ دمشق: ج١، ص١٣)

(٥) قال الإمام جعفر الصادق (ع): (اسم أبي طالب عبد مناف).

(كتاب اليقين للسيّد ابن طاووس - ره -: ص ٥١)

(٦) قال العلاّمة السيّد أحمد علي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(عمدة الطالب: ص٢٠)

(٧) قال العلاّمة السيّد فخار الموسوي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(من كتاب الحجّة في البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٤)

(٨) قال العلاّمة أبو الفرج الأصفهاني: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مقاتل الطالبيّين: ص٦)

(٩) قال العلاّمة المجلسي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مرآة العقول: ج٥، ص٢٣٥ / البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٣)

(١٠) قال العلاّمة أبو القاسم القمّي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(كتاب جامع الشتات: ج٢، ص٧٤٤)

(١١) قال العلاّمة السيّد أحمد الموسوي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(القطرة: ب٢، ص٨٧)

٨

(١٢) قال العلاّمة الشيخ محمّد الإمامي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(شرح دعاء الصباح: ص٢٤٠)

(١٣) قال المحقّق الأردبيلي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(كشف الغمّة: ج١، ص٦٤)

(١٤) قال المحقّق الشيرازي: إنّ اسم أبي طالب عبد مناف.

(الدرجات الرفيعة: ب١، ص٤١)

٩

إظهار الأسلاف اسم أبي طالب عبد مناف

(١) قال الإمام أحمد بن حنبل: اسم أبي طالب عبد مناف.

(عمدة ابن البطريق: ص١٢، من مسند عبد الله بن أحمد بن حنبل / في البحار: ج٣٥، ب٣، ص١٣٨)

(٢) قال العلاّمة ابن أبي الحديد: اسم أبي طالب عبد مناف.

(شرح نهج البلاغة: ج١، ص١)

(٣) قال الإمام ابن عساكر: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ دمشق: ج١، ص٥، ترجمة علي بن أبي طالب)

* وذكر ابن عساكر أقوال المحقّقين في تاريخه بهذا التفصيل:

ج١

(٤) وقال المحدّث إبراهيم بن هاني: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص ١٢

(٥) وقال المحدّث صالح بن أحمد: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص ١٣

(٦) وقال المحدّث حنبل بن إسحاق: اسم أبي طالب عبد مناف

ص ١٣

١٠

(٧) وقال المحدّث يعقوب بن سفيان: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٣

(٨) وقال المحدّث محمّد بن سعد: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٧

(٩) وقال المحدّث الزبير بن بكار: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٤

(١٠) وقال المحدّث ابن أبي حاتم: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٨

(١١) وقال المحدّث أبو عبد الله المقدسي: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٨

(١٢) وقال المحدّث أبو نصر البخاري: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٩

(١٣) وقال المحدّث أبو بكر الخطيب: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٩

(١٤) وقال الإمام الحاكم: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص٢٠

(١٥) وقال المؤرّخ المسعودي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مروج الذهب: ج٢، ص١٠٩)

(١٦) قال المؤرّخ الطبري: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ الطبري: ج١، جزء ٢، ص١٧٢)

(١٧) قال المؤرّخ ابن الماروردي: اسم أبي طالب عبد مناف.

١١

(تاريخ ابن الماوردي: ج١، ص٢٣٥)

(١٨) قال المؤرّخ ابن الأثير: اسم أبي طالب عبد مناف.

(الكامل في التاريخ: ج٢، ص٥)

(١٩) قال المؤرّخ أبو الفداء: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ أبي الفداء: ج١، ص١٧٠)

(٢٠) قال المؤرّخ ابن سعد: اسم أبي طالب عبد مناف.

(الطبقات الكبرى: ج٢، ص٢٢)

(٢١) قال المؤرّخ الديار بكرى: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ الخميس: ج١، ص١٥٩)

(٢٢) قال المؤرّخ اليعقوبي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ اليعقوبي: ج٢، ص١١)

(٢٣) قال المؤرّخ العسقلاني: اسم أبي طالب عبد مناف

(الإصابة: ج٤، ص١١٥)

١٢

عمران أبي بكر الطرسوسي

* قال العلاّمة المجلسي: أبو طالب اسمه:(عبد مناف) .

* وقال صاحب عمدة الطالب، السيّد أحمد: على قيل: اسمه(عرمان ).

وهي رواية ضعيفة، رواها أبو بكر الطرسوسي النسّابة، والصحيح إنّ اسم أبي طالب عبد مناف، وبذلك نطقتْ به وصيّة أبيه عبد المطّلب (ع) حين أوصى إليه برسول الله(ص) وهو يقول:

أوصيك يا عبد مناف بعدي - إلخ -.

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٣)

واجتنبوا قول الزور

(١) قال ابن سعد:

أخبرنا هشام بن محمّد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال:

كان قصي يقول: وُلِدَ لِي أربعة رجال، فسمّيتُ اثنين بإلهي، وواحداً بداري، وواحداً بنفسي - فكان يُقال لعبد بن قصي عبد قصي والذين سمّاهما بـ:(آلهة عبد مناف، وعبد العزّى)

١٣

وبداره:(عبد الدار) .

(الطبقات: ج١، ص٣٩)

(٢) - قال العلاّمة الشهرستاني:

وكان قصي بن كلاب ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام وهو القائل:

أربّاً واحداً أمْ ألفَ ربٍّ * أَدِينُ إذاً تقَسَّمت الأمورُ

تركتُ اللات والعزّى جميعاً * كذلك يَفْعَلُ الرجلُ البصيرُ

فلا عُزَّى أَدِينُ ولا ابنتَيْها * ولا صَنَميْ بني عمرٍو أزورُ

(الملل والنحل: ج٢، ص٢٤٨)

فقد ظهر أنّ قصي بن كلاب جدّ النبي والولي كان دينه التوحيد، وعبادته عبادة الله، بل كان ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام، فكان مبلّغ التوحيد كيوسف في قوله:( ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )

(يوسف: آية: ٣٩)

فكيف يصح قول أبي صالح، فقوله قول الزور، فاجتنبوه.

(٣) قال المسيحي صاحب المنجد: مناف: اسم صنم.

(المنجد)

الجواب:

١ - إنّ المؤرّخين ذكروا أسماء الأصنام ولم يذكروا صنماً كان اسمه(مناف) ، فكيف يصح قول المسيحي.

٢ - وقال العلاّمة المسعودي: روى الخاصّة والعامّة - في حديث طويل - وقالوا فيه وأوصى قصي إلى عبد مناف؛ لأنّه أناف على الناس وعلا - فمعنى مناف ساد ورَأُسَ وشَرُف (السيّد، الرئيس).

(إثبات الوصيّة: ص٤٠)

١٤

التحقيق في عبد مناف

* إنّ في آل إبراهيم ثلاثة رجال كان اسمهم عبد مناف:

١ - عبد مناف بن كنانة.

٢ - عبد مناف بن قصي.

٣ - عبد مناف بن عبد المطّلب.

(١) عن واثلة بن الأسقع قال:

قال رسول الله (ص): (إنّ الله اصطفى مِن وُلد آدم إبراهيم، واتّخذه خليلاً، واصطفى مِن وُلد إبراهيم إسماعيلَ، واصطفى من وُلد إسماعيل نزار، ثمّ اصطفى مِن وُلد نزار مضراً، ثمّ اصطفى مِن مضر كنانة، ثمّ اصطفى مِن كنانة قريشاً(النضر) ، ثمّ اصطفى من قريش بني هاشم يعني هاشماً، ثمّ اصطفى من بني هاشم عبد المطّلب، ثمّ اصطفاني من بني عبد المطّلب).

(الصحيح لمسلم / والترمذي / وأبو حاتم / وأبو القاسم السهمي / وذخائر العقبى)

فقد ظهر من هذا الحديث أنّ كنانة وعبد المطلب كانا عند الله تعالى مصطفين، وأنّ الله لم يصطفِ من الناس أحداً إلاّ جعله رسولاً

١٥

كما قال تعالى:( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ )

(الحج: آية: ٧٥)

فظهر أنّ الله تعالى جعل(كنانة، وعبد المطّلب) رسولَين، فلا يمكن أنْ يُسمّي رسولٌ ابنه عبد صنم، فإنّ كنانة وعبد المطّلب كانا رسولَين من الله تعالى سمّا ابنيهما عبد مناف لعلوِّ معناه - يعنى عبد رئيس، عبد شريف - وكان دين قصي التوحيد، كما مرّ.

(٢) قال الزبير بن بكار:

وساد عبد مناف في حياة أبيه، وكان مُطاعاً في قريش، وهو الذي يُدْعى القمر لجماله واسمه المغيرة، وكنيته أبو عبد شمس.

(٣) وذكر الزبير عن موسى بن عقبة:

أنّه وجد كتاباً في حجر فيه: (أنا المغيرة بن قصي، آمر بتقوى الله وصلة الرحم).

(٤) وعن الواقدي:

(... وكان نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في عبد مناف، وكان في يده لواء نزار، وقوس إسماعيل).

(٥) وفي شفاء الغرام:

فلم تزل السقاية، والرفادة، والقيادة لعبد مناف بن قصي يقوم بها حتّى تُوفِّي.

وكان عبد المطّلب بعد هاشم يلي الرفادة - ضيافة الحجاج - فلمّا توفّي قام بذلك أبو طالب في كلّ موسم حتّى جاء الإسلام.

(تاريخ الخميس: ج١، ص١٥٥، ص١٥٧)

فقد ظهر من هذه الروايات أنّ عبد مناف بن قصي كان سيّد

١٦

العرب ومُطاعهم، ويأمرهم بتقوى الله وصِلَة الرحم، يعني كان مبلّغ الإسلام وصاحب السقاية والرفادة والقيادة، حتّى توفّي.

وكان هاشم بعده، وكان عبد المطّلب بعده، وأبو طالب عبد مناف بعده كذلك، مبلّغين حتّى جاء الإسلام.

سادة الأنبياء خمسة

* عن ابن أبي يعفور قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

(سادة النبيّين والمرسلين خمسة، وهم أولوا العزم من الرسل، وعليهم دارتْ الرحى: نوح، وإبراهيم، وموسى، و عيسى، ومحمّد (صلَّى الله عليه وآله) وعلى جميع الأنبياء).

(الكافي: كتاب الحجّة: ب ٢)

* وقال العلاّمة المجلسي (رض):

(وعليهم دارتْ الرحى): أي دارتْ رحى النبوّة، والرسالة، والشريعة، والدين عليهم، وسائر الأنبياء تابعون لهم.

(مرآة العقول: ج٢، ص٢٨٦)

فقد ظهر أنّ الأنبياء كلّهم كانوا تابعين للرسل أولي العزم منهم، فكان بعضهم أوصياءهم، وكان الباقون كلّهم تابعين لهم (عليهم السلام).

١٧

* باب الوصاية:

كان أبو طالب وصي إبراهيم (عليه السلام)

(١) روى ثقة المحدّثين الكليني:

بإسناده عن درست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل - الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) - أكان رسول الله محجوجاً بأبي طالب؟

فقال: (لا، ولكنّه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه.

قال: قلتُ: فدفع إليه الوصايا على أنّه محجوج به؟

فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصيّة.

قال: قلتُ: فما كان حال أبي طالب؟

قال: أقرّ بالنبي وبما جاء به، ودفع إليه الوصايا ومات مِن يومه).

(أصول الكافي: كتاب التواريخ: ب١، مولد النبي (صلَّى الله عليه وآله))

(٢) قال العلاّمة المجلسي - في تشريح الحديث - قال السائل:

أكان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) محجوجاً بأبي طالب؟ أي هل كان أبو طالب

١٨

حجّة على رسول الله إماماً له؟

فأجاب الإمام بنفي ذلك؛ معلّلاً بأنّه كان مستودعاً للوصايا، دفعها إليه لا على أنّه أوصى إليه وجعله خليفة له ليكون حجّة عليه، بل كما يوصل المستودع الوديعة إلى صاحبها.

فلم يفهم السائل ذلك، وأعاد السؤال وقال: دفع الوصايا مستلزم لكونه حجّة عليه؟

فأجاب الإمام بأنّه دفع إليه الوصايا على الوجه المذكور، أي كما يوصل المستودع الوديعة إلى صاحبها، وهذا لا يسلتزم كونه حجّة، بل ينافيه.

(٣) وقال العلاّمة المجلسي:

ويحتمل وجوهاً أُخر: منها أنْ يكون المعنى: هل كان الرسول (صلَّى الله عليه وآله) محجوجاً مغلوباً في الحجّة بسبب أبي طالب، حيث قصر في هدايته إلى الإيمان ولم يؤمن؟

فقال الإمام: ليس الأمر كذلك؛ لأنّه قد آمن وأقرّ، وكيف لا يكون كذلك والحال أنّ أبا طالب كان من الأوصياء، وكان أميناً على وصايا الأنبياء وحاملاً لها إليه.

فقال السائل: هذا موجب لزيادة الحجّة عليه، حيث علم نبوّته بذلك ولم يقر؟

فأجاب الإمام: بأنّه، لو لم يكن مقرّاً لم يدفع الوصايا إليه.

(بحار الأنوار: ج٣٥، ب٣، ص٧٣)

(٤) واستشهد العلاّمة الطبسي بهذا الحديث على وصاية أبي طالب في كتابه (منية الراغب):

وقال: روى عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهو يقول لعلي بن أبي

١٩

طالب: (إنّ عبد المطّلب كان لا يستقسم بالأزلام، ولا يعبد الأصنام، ولا يأكل ما ذُبح على النصب، ويقول: أنا على دين إبراهيم).

وروى أنّ أبا طالب يقول: أنا على ملّة عبد المطّلب، وأنّه كان وصيّاً من أوصياء إبراهيم كما رواه الكليني (ره) في الكافي، مرفوعاً عن درست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل - الحديث -.

(منية الراغب: ص٢٢)

(٥) قال شيخنا الصدوق:

روي: ابن عبد المطّلب كان حجّة، وأنّ أبا طالب كان وصيّه.

(عقائد الصدوق)

(٦) قال العلاّمة المجلسي:

قد أجمعتْ الشيعة على:

- إسلامه.

- وأنّه قد آمن بالنبي (صلَّى الله عليه وآله) في أوّل الأمر.

- ولم يعبد صنماً قط.

- بل كان من أوصياء إبراهيم.

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص١٣٨)

فقد ظهر من هذا الحديث وتشريحه:

أنّ أبا طالب كان وصي إبراهيم الخليل (عليه السلام).

أوصياء الرسل كانوا أنبياء

(١) قيل: يا رسول الله كم النبيّون؟

قال: (مئة ألف نبي، وأربعة وعشرون ألف نبي.

قلت: كم المرسلون منهم؟

قال: ثلاثمئة وثلاثة عشر، جمّاً غفيراً) - الحديث -).

٢٠