نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)22%

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 168

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 168 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 144659 / تحميل: 8220
الحجم الحجم الحجم
نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

قال الصادق (ع):

( إنّ أبا طالب أَسَّس الإيمان ) الخرائج للراوندي

هذا الكتاب المستطاب تحقيق

نبوّة أبي طالب

عبد مناف (عليه السلام)

(حقوق الطبع والترجمة محفوظة للمؤلّف)

تأليف: مزمل حسين الميثمي الغديري

نزيل الحوزة العلميّة / قم - إيران

١

٢

المدخل

بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيْمِ

الحمد لله الذي أسّس أس الإسلام بيدَي أبي طالب، كما أسّسه بيدَي إبراهيم وإسماعيل أبوَي أبي طالب.

والحمد لله الذي شيّد أركان الإيمان بقوّة أبي طالب، كما شيّد أركانه بقوّة نبيّه محمّد ووليّه عليّ بن أبي طالب.

والحمد لله الذي أيّد رسوله محمّد الخاتم بنصرة أبي طالب، إذْ أوجده يتيماً من أبويه فآواه في حجر أبي طالب.

والصلاة والسلام على أبي القاسم محمّد ابن أخي أبي طالب، وعلى وصيّه علي بن أبي طالب، وبضعته فاطمة زوجة ابن أبي طالب، وعلى آلهم الطاهرين المطهّرين الأئمّة الهداة أبناء أبي طالب، ورحمة الله على أحبّاء أبي طالب، ولعنة الله على أعداء أبي طالب.

أمّا بعد:

فقد قال الله تعالى في كتابه الكشّاف عن نبوّة أبي طالب عبد مناف، ونبوّة آباء النبي الإسلاف:

٣

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .

(سورة الزخرف: آية: ٢٦ - ٢٨)

واعلم أنّ موضوع هذا الكتاب إثبات نبوّة أبي طالب أبي الأئمّة الأطياب (عليهم السلام)، ونبوّة آباء النبي الكرام وأجدادهما العظام من لدن آدم أبي الأنساب، وأنّ فيه لآيات محكمات، نصوصاً قاطعة كثيرة، وأحاديث موثّقات وبراهين ساطعة ذخيرة.

ونحن نذكر هاهنا ما هو الحجّة على الأصحاب، من النصوص اللامعة على نبوّتهم الفائقة، وصفاتهم الرائقة، من لدن آدم إلى عبد الله والد نبيّنا محمّد (ص) المصطفى، وأبي طالب والد وليّنا علي (ع) المرتضى، قدراً كافياً وحظّاً وافياً، وليس فيه بالقصير المُخِل ولا بالطويل المُمِل للطالب الرشيد، والخارج عن رِبقة التقليد العنيد، والراغب النضيد إلى الله الحميد المجيد.

إنّ علماءنا المتقدّمين (عليهم من الله الرضوان)، وأسلافنا المتأخّرين (لهم من الله الغفران) لم يلتفتوا إلى هذا العنوان إلاّ لثاماً وإلاّ أنْ يصنّفوا عليه كتباً كثيرة بالدلائل القاطعة، ويملؤوا فيه أسفاراً وفيرة بالشواهد الواثقة، كما التفتوا إلى إثبات إسلامهم وإيمانهم، فحرّروا عليه الرسائل الثمينة، ونمّقوا فيه الصحائف الحصينة؛ ردّاً للذين يقولون:

٤

إنّ(تارَخ) والد إبراهيم الخليل، و(عبد المطّلب) جدّ رسول الله (ص)، و(عبد الله) والد رسول الله (ص)، و(آمنة) والدة الرسول (ص)، و(أبا طالب) والد علي وليّ الله، كانوا كافرِين. (نعوذ بالله من ذلك الاعتقاد).

كما ردّ الله قول اليهود والنصارى والمشركين؛ لأنّهم يقولون إنّ إبراهيم كان يهوديّاً أو نصرانيّاً أو كان من المشركين، بقوله تعالى:( ومَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

(سورة آل عمران: آية: ٦٧)

وبقوله: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) .

(سورة البقرة: آية: ١١٣)

فإنّي دعوت الله عزّ وجل - عند الكعبة، وعند كلّ مقام مقدّس، وفي كلّ حركة وقيام متنفّس - أنْ يوفّقني بجاه محمّد وآله عليهم السلام في هذا الموضوع الجليل، والقول الثقيل، ففضّل الله عزّ وجل أنْ أعطاني النظر فيه، وليس لي فخر على الأصحاب، ولا كِبَر على أُولي الألباب، بل التفكّر في آيات الله تعالى واجب على كلّ إنسان كما يدلّ عليه القرآن والسنّة والعقل والإجماع.

فهذه الوجيزة خدمة قليلة للنبي والولي، وهديّة حقيرة لآبائهما الكرام وأجدادهما العظام، وهداية موصلة إلى المطلوب للطالبين، ويد كاشفة اللثام عن المحبوب للمحبّين، وتبصرة صارفة عن الباطل إلى

٥

الحقّ للمحقّقين، وتذكرة مضيئة في الظلمات للضالّين والمضلّين، وصحيفة جاذبة عن الإفراط والتفريط والقشر والتفويض إلى العروة الوثقى، والصراط المستقيم للمتّقين، ودعوة راغبة عن أئمّة الطغاة، إلى أئمّة الهداة محمّد وآله القربات، عند ربّ الأرض والسماوات.

أيّها الأخ الخليل والمحبّ الجليل، إنّا سنلقي عليك القول الثقيل بالشرح والتفصيل، وفيه عقل العقيل وفكر القليل بالنص والدليل، وليس فيه قياس الذليل، عليه اللعنة والوبيل.

فلا تنظر إلى مَن قال بل اُنظر إلى ما قيل، فهداك الله الجليل إلى سواء السبيل بجاه محمّد وآله النبيل صلَّى الله عليه وآله العديل، عند كلّ بكرة وأصيل، وهو الهادي الوكيل، والموفّق الكفيل.

إنّ مقتضى موضوعنا هذا يوجب علينا أنْ نبيّن لديكم نصوص نبوّتهم، التي تُذهب نجاسة الجاهليّة بأرجاسها عن أذهان الأعداء، ونعرض عليكم براهين منزلتهم التي تخرج خباثة المشاجرة بأضغانها عن قلوب الأشقياء.

فإنّا نرجوا من فضله العظيم وكرمه العميم أنْ تكون صِلتي قِبال هديّتي الحقيرة، وخدمتي القليلة، الشفاعةَ لي عند الله الكريم، بأنْ يرزقني سعادة الدارَين بلطيف محمّد وآله ثاني الثقلين.

٦

* باب الاسم:

إظهار الأشراف اسم أبي طالب عبد مناف

(١) قال له أبوه عبد المطّلب حين أوصى إليه برسول الله (ص):

أوصيك يا عبد مناف بعدي * بواحد بعد أبيه فرد

وصيت من كنيته بطالب * عبد مناف وهو ذو تجارب

(المناقب لابن شهرآشوب: ج١، ص٣)

(٢) قال ابنه طالب:

أَنافَ بِعَبدِ مَنافٍ أَبٌ * وَفَضلُهُ هاشِم الغُرَّةِ

وَخَيرُ بَني هاشِمٍ أَحمَدٌ * رَسولُ الإِلَهِ عَلى فَترَةِ

(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١٤، ص٧٨)

(٣) قال ابنه علي (ع) في المدينة: (اسم أبي طالب عبد مناف).

(البحار: ج١٥ / في ذكر أحوال آباء النبي)

٧

وقال (ع) في الكوفة: (اسم أبي طالب عبد مناف).

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص١١٤)

وقال(ع) على منبر البصرة: (أنا ابن أبي طالب عبد مناف).

(أمالي الصدوق - ره -: مجلس ٨٨، ص٩٣)

(٤) قال ابن ابنه عبد الله بن جعفر (ع): اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ دمشق: ج١، ص١٣)

(٥) قال الإمام جعفر الصادق (ع): (اسم أبي طالب عبد مناف).

(كتاب اليقين للسيّد ابن طاووس - ره -: ص ٥١)

(٦) قال العلاّمة السيّد أحمد علي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(عمدة الطالب: ص٢٠)

(٧) قال العلاّمة السيّد فخار الموسوي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(من كتاب الحجّة في البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٤)

(٨) قال العلاّمة أبو الفرج الأصفهاني: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مقاتل الطالبيّين: ص٦)

(٩) قال العلاّمة المجلسي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مرآة العقول: ج٥، ص٢٣٥ / البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٣)

(١٠) قال العلاّمة أبو القاسم القمّي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(كتاب جامع الشتات: ج٢، ص٧٤٤)

(١١) قال العلاّمة السيّد أحمد الموسوي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(القطرة: ب٢، ص٨٧)

٨

(١٢) قال العلاّمة الشيخ محمّد الإمامي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(شرح دعاء الصباح: ص٢٤٠)

(١٣) قال المحقّق الأردبيلي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(كشف الغمّة: ج١، ص٦٤)

(١٤) قال المحقّق الشيرازي: إنّ اسم أبي طالب عبد مناف.

(الدرجات الرفيعة: ب١، ص٤١)

٩

إظهار الأسلاف اسم أبي طالب عبد مناف

(١) قال الإمام أحمد بن حنبل: اسم أبي طالب عبد مناف.

(عمدة ابن البطريق: ص١٢، من مسند عبد الله بن أحمد بن حنبل / في البحار: ج٣٥، ب٣، ص١٣٨)

(٢) قال العلاّمة ابن أبي الحديد: اسم أبي طالب عبد مناف.

(شرح نهج البلاغة: ج١، ص١)

(٣) قال الإمام ابن عساكر: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ دمشق: ج١، ص٥، ترجمة علي بن أبي طالب)

* وذكر ابن عساكر أقوال المحقّقين في تاريخه بهذا التفصيل:

ج١

(٤) وقال المحدّث إبراهيم بن هاني: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص ١٢

(٥) وقال المحدّث صالح بن أحمد: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص ١٣

(٦) وقال المحدّث حنبل بن إسحاق: اسم أبي طالب عبد مناف

ص ١٣

١٠

(٧) وقال المحدّث يعقوب بن سفيان: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٣

(٨) وقال المحدّث محمّد بن سعد: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٧

(٩) وقال المحدّث الزبير بن بكار: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٤

(١٠) وقال المحدّث ابن أبي حاتم: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٨

(١١) وقال المحدّث أبو عبد الله المقدسي: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٨

(١٢) وقال المحدّث أبو نصر البخاري: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٩

(١٣) وقال المحدّث أبو بكر الخطيب: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص١٩

(١٤) وقال الإمام الحاكم: اسم أبي طالب عبد مناف.

ص٢٠

(١٥) وقال المؤرّخ المسعودي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(مروج الذهب: ج٢، ص١٠٩)

(١٦) قال المؤرّخ الطبري: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ الطبري: ج١، جزء ٢، ص١٧٢)

(١٧) قال المؤرّخ ابن الماروردي: اسم أبي طالب عبد مناف.

١١

(تاريخ ابن الماوردي: ج١، ص٢٣٥)

(١٨) قال المؤرّخ ابن الأثير: اسم أبي طالب عبد مناف.

(الكامل في التاريخ: ج٢، ص٥)

(١٩) قال المؤرّخ أبو الفداء: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ أبي الفداء: ج١، ص١٧٠)

(٢٠) قال المؤرّخ ابن سعد: اسم أبي طالب عبد مناف.

(الطبقات الكبرى: ج٢، ص٢٢)

(٢١) قال المؤرّخ الديار بكرى: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ الخميس: ج١، ص١٥٩)

(٢٢) قال المؤرّخ اليعقوبي: اسم أبي طالب عبد مناف.

(تاريخ اليعقوبي: ج٢، ص١١)

(٢٣) قال المؤرّخ العسقلاني: اسم أبي طالب عبد مناف

(الإصابة: ج٤، ص١١٥)

١٢

عمران أبي بكر الطرسوسي

* قال العلاّمة المجلسي: أبو طالب اسمه:(عبد مناف) .

* وقال صاحب عمدة الطالب، السيّد أحمد: على قيل: اسمه(عرمان ).

وهي رواية ضعيفة، رواها أبو بكر الطرسوسي النسّابة، والصحيح إنّ اسم أبي طالب عبد مناف، وبذلك نطقتْ به وصيّة أبيه عبد المطّلب (ع) حين أوصى إليه برسول الله(ص) وهو يقول:

أوصيك يا عبد مناف بعدي - إلخ -.

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص٨٣)

واجتنبوا قول الزور

(١) قال ابن سعد:

أخبرنا هشام بن محمّد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال:

كان قصي يقول: وُلِدَ لِي أربعة رجال، فسمّيتُ اثنين بإلهي، وواحداً بداري، وواحداً بنفسي - فكان يُقال لعبد بن قصي عبد قصي والذين سمّاهما بـ:(آلهة عبد مناف، وعبد العزّى)

١٣

وبداره:(عبد الدار) .

(الطبقات: ج١، ص٣٩)

(٢) - قال العلاّمة الشهرستاني:

وكان قصي بن كلاب ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام وهو القائل:

أربّاً واحداً أمْ ألفَ ربٍّ * أَدِينُ إذاً تقَسَّمت الأمورُ

تركتُ اللات والعزّى جميعاً * كذلك يَفْعَلُ الرجلُ البصيرُ

فلا عُزَّى أَدِينُ ولا ابنتَيْها * ولا صَنَميْ بني عمرٍو أزورُ

(الملل والنحل: ج٢، ص٢٤٨)

فقد ظهر أنّ قصي بن كلاب جدّ النبي والولي كان دينه التوحيد، وعبادته عبادة الله، بل كان ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام، فكان مبلّغ التوحيد كيوسف في قوله:( ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )

(يوسف: آية: ٣٩)

فكيف يصح قول أبي صالح، فقوله قول الزور، فاجتنبوه.

(٣) قال المسيحي صاحب المنجد: مناف: اسم صنم.

(المنجد)

الجواب:

١ - إنّ المؤرّخين ذكروا أسماء الأصنام ولم يذكروا صنماً كان اسمه(مناف) ، فكيف يصح قول المسيحي.

٢ - وقال العلاّمة المسعودي: روى الخاصّة والعامّة - في حديث طويل - وقالوا فيه وأوصى قصي إلى عبد مناف؛ لأنّه أناف على الناس وعلا - فمعنى مناف ساد ورَأُسَ وشَرُف (السيّد، الرئيس).

(إثبات الوصيّة: ص٤٠)

١٤

التحقيق في عبد مناف

* إنّ في آل إبراهيم ثلاثة رجال كان اسمهم عبد مناف:

١ - عبد مناف بن كنانة.

٢ - عبد مناف بن قصي.

٣ - عبد مناف بن عبد المطّلب.

(١) عن واثلة بن الأسقع قال:

قال رسول الله (ص): (إنّ الله اصطفى مِن وُلد آدم إبراهيم، واتّخذه خليلاً، واصطفى مِن وُلد إبراهيم إسماعيلَ، واصطفى من وُلد إسماعيل نزار، ثمّ اصطفى مِن وُلد نزار مضراً، ثمّ اصطفى مِن مضر كنانة، ثمّ اصطفى مِن كنانة قريشاً(النضر) ، ثمّ اصطفى من قريش بني هاشم يعني هاشماً، ثمّ اصطفى من بني هاشم عبد المطّلب، ثمّ اصطفاني من بني عبد المطّلب).

(الصحيح لمسلم / والترمذي / وأبو حاتم / وأبو القاسم السهمي / وذخائر العقبى)

فقد ظهر من هذا الحديث أنّ كنانة وعبد المطلب كانا عند الله تعالى مصطفين، وأنّ الله لم يصطفِ من الناس أحداً إلاّ جعله رسولاً

١٥

كما قال تعالى:( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ )

(الحج: آية: ٧٥)

فظهر أنّ الله تعالى جعل(كنانة، وعبد المطّلب) رسولَين، فلا يمكن أنْ يُسمّي رسولٌ ابنه عبد صنم، فإنّ كنانة وعبد المطّلب كانا رسولَين من الله تعالى سمّا ابنيهما عبد مناف لعلوِّ معناه - يعنى عبد رئيس، عبد شريف - وكان دين قصي التوحيد، كما مرّ.

(٢) قال الزبير بن بكار:

وساد عبد مناف في حياة أبيه، وكان مُطاعاً في قريش، وهو الذي يُدْعى القمر لجماله واسمه المغيرة، وكنيته أبو عبد شمس.

(٣) وذكر الزبير عن موسى بن عقبة:

أنّه وجد كتاباً في حجر فيه: (أنا المغيرة بن قصي، آمر بتقوى الله وصلة الرحم).

(٤) وعن الواقدي:

(... وكان نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في عبد مناف، وكان في يده لواء نزار، وقوس إسماعيل).

(٥) وفي شفاء الغرام:

فلم تزل السقاية، والرفادة، والقيادة لعبد مناف بن قصي يقوم بها حتّى تُوفِّي.

وكان عبد المطّلب بعد هاشم يلي الرفادة - ضيافة الحجاج - فلمّا توفّي قام بذلك أبو طالب في كلّ موسم حتّى جاء الإسلام.

(تاريخ الخميس: ج١، ص١٥٥، ص١٥٧)

فقد ظهر من هذه الروايات أنّ عبد مناف بن قصي كان سيّد

١٦

العرب ومُطاعهم، ويأمرهم بتقوى الله وصِلَة الرحم، يعني كان مبلّغ الإسلام وصاحب السقاية والرفادة والقيادة، حتّى توفّي.

وكان هاشم بعده، وكان عبد المطّلب بعده، وأبو طالب عبد مناف بعده كذلك، مبلّغين حتّى جاء الإسلام.

سادة الأنبياء خمسة

* عن ابن أبي يعفور قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

(سادة النبيّين والمرسلين خمسة، وهم أولوا العزم من الرسل، وعليهم دارتْ الرحى: نوح، وإبراهيم، وموسى، و عيسى، ومحمّد (صلَّى الله عليه وآله) وعلى جميع الأنبياء).

(الكافي: كتاب الحجّة: ب ٢)

* وقال العلاّمة المجلسي (رض):

(وعليهم دارتْ الرحى): أي دارتْ رحى النبوّة، والرسالة، والشريعة، والدين عليهم، وسائر الأنبياء تابعون لهم.

(مرآة العقول: ج٢، ص٢٨٦)

فقد ظهر أنّ الأنبياء كلّهم كانوا تابعين للرسل أولي العزم منهم، فكان بعضهم أوصياءهم، وكان الباقون كلّهم تابعين لهم (عليهم السلام).

١٧

* باب الوصاية:

كان أبو طالب وصي إبراهيم (عليه السلام)

(١) روى ثقة المحدّثين الكليني:

بإسناده عن درست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل - الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) - أكان رسول الله محجوجاً بأبي طالب؟

فقال: (لا، ولكنّه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه.

قال: قلتُ: فدفع إليه الوصايا على أنّه محجوج به؟

فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصيّة.

قال: قلتُ: فما كان حال أبي طالب؟

قال: أقرّ بالنبي وبما جاء به، ودفع إليه الوصايا ومات مِن يومه).

(أصول الكافي: كتاب التواريخ: ب١، مولد النبي (صلَّى الله عليه وآله))

(٢) قال العلاّمة المجلسي - في تشريح الحديث - قال السائل:

أكان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) محجوجاً بأبي طالب؟ أي هل كان أبو طالب

١٨

حجّة على رسول الله إماماً له؟

فأجاب الإمام بنفي ذلك؛ معلّلاً بأنّه كان مستودعاً للوصايا، دفعها إليه لا على أنّه أوصى إليه وجعله خليفة له ليكون حجّة عليه، بل كما يوصل المستودع الوديعة إلى صاحبها.

فلم يفهم السائل ذلك، وأعاد السؤال وقال: دفع الوصايا مستلزم لكونه حجّة عليه؟

فأجاب الإمام بأنّه دفع إليه الوصايا على الوجه المذكور، أي كما يوصل المستودع الوديعة إلى صاحبها، وهذا لا يسلتزم كونه حجّة، بل ينافيه.

(٣) وقال العلاّمة المجلسي:

ويحتمل وجوهاً أُخر: منها أنْ يكون المعنى: هل كان الرسول (صلَّى الله عليه وآله) محجوجاً مغلوباً في الحجّة بسبب أبي طالب، حيث قصر في هدايته إلى الإيمان ولم يؤمن؟

فقال الإمام: ليس الأمر كذلك؛ لأنّه قد آمن وأقرّ، وكيف لا يكون كذلك والحال أنّ أبا طالب كان من الأوصياء، وكان أميناً على وصايا الأنبياء وحاملاً لها إليه.

فقال السائل: هذا موجب لزيادة الحجّة عليه، حيث علم نبوّته بذلك ولم يقر؟

فأجاب الإمام: بأنّه، لو لم يكن مقرّاً لم يدفع الوصايا إليه.

(بحار الأنوار: ج٣٥، ب٣، ص٧٣)

(٤) واستشهد العلاّمة الطبسي بهذا الحديث على وصاية أبي طالب في كتابه (منية الراغب):

وقال: روى عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهو يقول لعلي بن أبي

١٩

طالب: (إنّ عبد المطّلب كان لا يستقسم بالأزلام، ولا يعبد الأصنام، ولا يأكل ما ذُبح على النصب، ويقول: أنا على دين إبراهيم).

وروى أنّ أبا طالب يقول: أنا على ملّة عبد المطّلب، وأنّه كان وصيّاً من أوصياء إبراهيم كما رواه الكليني (ره) في الكافي، مرفوعاً عن درست بن أبي منصور أنّه سأل أبا الحسن الأوّل - الحديث -.

(منية الراغب: ص٢٢)

(٥) قال شيخنا الصدوق:

روي: ابن عبد المطّلب كان حجّة، وأنّ أبا طالب كان وصيّه.

(عقائد الصدوق)

(٦) قال العلاّمة المجلسي:

قد أجمعتْ الشيعة على:

- إسلامه.

- وأنّه قد آمن بالنبي (صلَّى الله عليه وآله) في أوّل الأمر.

- ولم يعبد صنماً قط.

- بل كان من أوصياء إبراهيم.

(البحار: ج٣٥، ب٣، ص١٣٨)

فقد ظهر من هذا الحديث وتشريحه:

أنّ أبا طالب كان وصي إبراهيم الخليل (عليه السلام).

أوصياء الرسل كانوا أنبياء

(١) قيل: يا رسول الله كم النبيّون؟

قال: (مئة ألف نبي، وأربعة وعشرون ألف نبي.

قلت: كم المرسلون منهم؟

قال: ثلاثمئة وثلاثة عشر، جمّاً غفيراً) - الحديث -).

٢٠

(تاريخ الخميس: ج١، ص٧)

(٢) عن أبي جعفر(ع) قال:

(قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان عدد جميع الأنبياء مئة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، خمسة منهم أُولوا العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد صلّى الله عليه وآله وعليهم).

(البحار: ج١١، كتاب النبوّة / الخصال: باب الخمسة: ص٢٧٣)

(٣) عن سماعة قال:

قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام) قوْل الله تعالى: ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) .

فقال: (نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد، صلوات الله عليهم وعلى جميع الأنبياء ورسله.

قلتُ: كيف صاروا أولي العزم؟

قال: إنّ نوحاً بُعث بكتابٍ وشريعةٍ، فكلّ نبي جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتّى جاء إبراهيم بالصحف وبعزيمةِ ترْكِ كتاب نوح، لا كفراً به، فكلّ نبي جاء بعد إبراهيم أخذ بشريعته ومنهاجه وبالصحف، حتّى جاء موسى بالتوراة وبعزيمةِ تركِ الصحف، فكلّ نبي جاء بعد موسى أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه، حتّى جاء عيسى بالإنجيل وبعزيمة ترْكِ شريعة موسى ومنهاجه، فكلّ نبي جاء بعد عيسى أخذ بشريعته ومنهاجه، حتّى جاء محمّد (ص) بالقرآن وشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أولو العزم من الرسل).

(من محاسن البرقي / البحار: ج١١، كتاب النبوّة، ص١١)

٢١

(٤) قال العلاّمة السيّد هاشم البحراني:

روى الشيخ محمّد بن الحسن الصفّار في بصائر الدرجات، بإسناده مرفوعاً عن عمر بن يزيد البياع السابري، قال:

قال أبو عبد الله: (بينا رسول الله(ص) ذات يوم جالساً إذ أتاه رجل طويل كأنّه نخلة، فسلّم، فردّ عليه وقال له: شبه الجنّ وكلامهم، فمَن أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا الهام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس. فقال رسول الله(ص) : يا هام، مَن وجدتم في الكتاب وصي آدم؟ فقال: شيث بن آدم. قال: فمَن كان وصي نوح؟ قال: سام بن نوح. قال: فمَن كان وصي هود؟ قال: يوحنّا بن حنان، عم هود. قال: فمَن كان وصي إبراهيم؟ قال: إسحاق بن إبراهيم. قال: فمَن كان وصي موسى؟ قال: يوشع بن نون. قال: فمَن كان وصي عيسى؟ قال: شمعون بن حمون الصفا، ابن عمّ مريم) - الحديث -.

(مدينة المعاجز: ص١٨)

(٥) وقال: روى هذا الحديث بالإسناد مرفوعاً عن الحسين عن جدّه رسول الله (ص)، قال:

(يا هام، مَن كان وصي آدم؟ قال: شيث. قال: فمَن وصيّ شيث؟ قال أَنُوش. قال: فمَن وصيّ أَنُوش؟ قال: قينان. قال: فمَن وصيّ قَيْنَان؟ قال: مهلائيل. قال فمَن كان وصيّ مَهْلاَئِيْل؟ قال: أدّ (يارد). قال: فمَن وصيّ أدّ (يارد)؟ قال: النبي المرسل إدريس. قال فمَن وصيّ إدريس؟ قال: مَتوشَلَخِ. قال: فمَن وصيّ مَتوشَلَخِ؟ قال: لَمَك. قال فمَن وصيّ لَمَك؟ قال: أبوك نوح. قال: فمَن وصيّ نوح؟ قال: سام. قال: فمَن وصيّ سام؟ قال: أَرْفَخْشِد.

٢٢

قال: فمَن وصيّ أَرْفَخْشِد؟ قال: غابر (هود). قال: فمَن وصيّ غابر؟ قال: شالَخ. قال: فمَن وصيّ شالخ؟ قال: قالع. قال: فمَن وصيّ قالع؟ قال: اشروع. قال: فمَن وصيّ اشروع؟ قال: أَرْغُو. قال: فمَن وصيّ أَرْغُو؟ قال: تاخور. قال: فمَن وصيّ تاخور؟ قال: تارَخ. قال: فمَن وصيّ تارَخ؟ قال: لم يكن له وصيّ، بل أخرج الله تعالى من صلبه إبراهيم خليل الله. قال: صدقت يا هام. قال: فمَن وصيّ إبراهيم؟ قال: إسماعيل. قال: فمَن وصيّ إسماعيل؟ قال قيدار. قال: فمَن وصيّ قيدار؟ قال: تبت. قال: فمَن وصيّ تبت؟ قال: حمل. قال: فمَن وصي حمل. قال: لم يكن له وصيّ حتّى أخرج الله تعالى من إسحاق يعقوب.

قال: صدقتَ يا هام، لقد سبقت الأنبياء والأوصياء، وقال: فوصيّ يعقوب يوسف، ووصيّ يوسف موسى، ووصيّ موسى يوشع بن نون، ووصي يوشع داود، ووصيّ داود سليمان، ووصيّ سليمان آصف بن برخيا، ووصيّ عيسى شمعون الصفا) - الحديث -.

(مدينة المعاجز: ص١٨)

(٦) روى العلاّمة السيّد ابن طاووس في كتابه اليقين في إمرة أمير المؤمنين (ع):

بإسناده مرفوعاً عن الفضل بن الربيع، أنّ المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمّد عليهما السلام.

قال: سألتُ جعفر بن محمّد بن علي (ع) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين، ما كان سببها؟

فحدّثني عن أبيه محمّد بن علي قال: (حدّثني أبي علي بن الحسين

٢٣

عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال له رسول الله(ص) : أَلاَ أُبشّرك يا أبا الحسن؟

قال: فداك أبي وأمي، فكم مِن خير بشّرت به.

قال: إنّ جبرئيل هبط عليّ في وقت الزوال فقال لي: يا محمّد (ص)، إنّه نجامن ذرِّيّة آدم مَن تولّى شيث بن آدم وصي أبيه آدم بشيث، ونجا شيث بأبيه آدم، ونجا آدم بالله تعالى.

يا محمّد، ونجا مَن تولّى سام بن نوح، وصي أبيه نوح بسام، ونجا سام بنوح، ونجا نوح بالله تعالى.

يا محمّد، ونجا مَن تولّى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله وصي أبيه إبراهيم بإسماعيل، ونجا إسماعيل بإبراهيم، ونجا إبراهيم بالله تعالى.

يا محمّد، ونجا مَن تولّى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى بالله تعالى.

يا محمّد، ونجا مَن تولّى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون، ونجا شمعون بعيسى، ونجا عيسى بالله تعالى.

يا محمّد، ونجا مَن تولّى عليّاً وزيرك في حياتك ووصيّك بعد وفاتك بعلي، ونجا علي بك، ونجوتَ أنت بالله عزّ وجل... فسجد علي وجعل يقبّل الأرض شكراً لله تعالى).

(البحار: جلد ٣٥، ب١، ص٢٦)

٢٤

كانت أوصياء عيسى أنبياء

(٧) روى شيخنا الصدوق:

بإسناده مرفوعاً عن أبي رافع، قال: قال رسول الله (ص):

(إنّ جبرئيل نزل عليّ بكتاب فيه خبر الملوك، ملوك الأرض قبلي، وخبر مَن بُعث قبلي مِن الأنبياء والمرسلين (بقدر الحاجة) قال: بعث الله عزّ وجل عيسى بن مريم عليه السلام واستودعه النور والعلم والحكم وعلوم جميع الأنبياء فيه، وزاده الإنجيل.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد أنْ يرفعه إليه أوحى إليه استودع نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون الصفا بن حمون، خليفة على المؤمنين، ففعل ذلك.

إلى أنْ قال:

وبعث الله تعالى في عباده نبيّاً من الصالحين وهو يحيى بن زكريّا، فمضى شمعون.

إلى أنْ قال:

ولمّا أراد الله عزّ وجل أنْ يقبضه أوحى إليه أنْ يجعل الوصيّة في وُلد شمعون، ويأمر الحواريّين وأصحاب عيسى بالقيام معه، ففعل ذلك.

إلى أنْ قال:

وعلم الله، ونوره، وتفصيل حكمته، في ذرِّيّة يعقوب بن شمعون(دانيال) ، ومعه الحواريون من أصحاب عيسى.

إلى أنْ قال:

بعث الله عزّ وجل العُزَيْر نبيّاً إلى أهل القرى التي أمات الله عزّ وجل أهلها، ثمّ بعثهم له.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد الله تعالى أنْ يقبض دانيال، أمره أنْ استودِع نور الله وحكمته مكيخا بن دانيال، ففعل ذلك.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد الله عزّ وجل أنْ يقبضه، أوحى إليه في منامه أنْ استودِع نور الله وحكمته

٢٥

ابنه انشو بن مكيخا.

إلى أنْ قال:

بعث الله الفتية أصحابَ الكهف والرقيم، ووَلِيَ أمر الله يومئذ في الأرض دسيخا بن انشو بن مكيخا.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد الله عزّ وجل أنْ يقبض دسيخا، أوحى إليه في منامه أنْ استودع علم الله ونوره وحكمته نسطورس بن دسيخا، ففعل ذلك.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد الله عزّ وجل أنْ يقبضه، أوحى إليه في منامه أنْ استودع نور الله وحكمته وكتبه مرعيدا.

إلى أنْ قال:

فلمّا أراد الله عزّ وجل أنْ يقبض مرعيدا، أوحى إليه في منامه أنْ استودع نور الله وحكمته بحيرا الراهب، ففعل. - الحديث -.

(إكمال الدين: ب٢٢، ص٢١٨)

(٨) قال شيخنا الصدوق:

إنّ الرسل الذين تقدّموا قبل عصر نبيّنا صلّى الله عليه وآله كان أوصياؤهم أنبياء، فكلّ وصي قام بوصيّةٍ حجّة تَقدَّمه مِن وقت وفاة آدم عليه السلام، إلى عصر نبيّنا صلّى الله عليه وآله كان نبيّاً،وذلك:

- مِثل وصيّ آدم كان شيث ابنه، وهو هبة الله في علم آل محمّد صلّى الله عليه وآله، وكان نبيّاً.

- ومِثل وصيّ نوح عليه السلام كان سام ابنه، وكان نبيّاً.

- ومِثل إبراهيم عليه السلام كان وصيّه إسماعيل ابنه، وكان نبيّاً.

- ومِثل موسى عليه السلام كان وصيّه يوشع بن نون، وكان نبيّاً.

- ومِثل عيسى عليه السلام كان وصيّه شمعون الصفا، وكان نبيّاً.

- ومثل داود عليه السلام كان وصيّه سليمان عليه السلام ابنه، وكان نبيّاً.

- وأوصياء نبيّنا عليهم السلام لم يكونوا أنبياء؛ لأنّ الله عزّ وجل جعل محمّداً خاتماً لهذه الأمم، كرامة له وتفضيلاً، فقد تشاكلتْ الأئمّة والأنبياء بالوصيّة كما تشاكلوا فيما

٢٦

قدّمنا ذكره مِن تشاكلهم، فالنبي وصي، والإمام وصي، والوصي إمام والنبي إمام، والنبي حجّة والإمام حجّة.

(إكمال الدين: ب١، ص٣٦)

(٩) قال العلاّمة المجلسي:

يظهر من الأحاديث المتواترة:

- أنّ آباء النبي (ص) وأجداده كانوا كلّهم أنبياء، وأوصياء، وحَمَلَة دين الله.

- وهم بنو إسماعيل أوصياء إبراهيم.

- ولم يزالوا رؤساء مكّة، ويتعلّق بهم تعمير الكعبة وحجابته.

- ولم تُنسخ فيهم شريعة إبراهيم بشريعة موسى، ولا بشريعة عيسى.

- وأنّهم كانوا كلّهم حفظة شريعة إبراهيم، ويوصي بها بعضهم بعضاً.

- ويستودع بعضهم بعضاً كتبَ الأنبياء وودائعهم وأماناتهم مِن لدن إسماعيل إلى عبد المطّلب.

- حتّى استودع عبد المطّلب إيّاها كلّها أبا طالب، ونصّبه وصيّه وهو وصيّه.

- واستودع أبو طالب كُتبَ الأنبياء وآثارهم وودائعهم وأماناتهم النبيَّ (صلَّى الله عليه وآله) بعد مبعثه.

(حياة القلوب: ج٢، فصل٣)

فقد ظهر من هذه الأحاديث وتحقيق المجلسي والصدوق:

- أنّ أوصياء الرسل كانوا أنبياء.

- وأنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي كانوا كلّهم أنبياء وأوصياء إبراهيم، لا سيّما أبا طالب عبد مناف كان وصي إبراهيم.

- وظهر أنّ كلّ وصيِّ رسولٍ كان نبيّاً، ولم يجعل غير نبي وصيّ رسول.

- فظهر أنّ أبا طالب عبد مناف كان نبيّاً.

٢٧

* باب النبوّة:

عدد الأنبياء وأُولي العزم منهم (عليه السلام)

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) .

(سورة المؤمن: آية: ٧٨)

(١) قال الديار بكري:

قيل: يا رسول الله كم النبيّون؟

قال: (مئة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي.

قلتُ: كم المرسلون منهم؟

قال: ثلاثمئة وثلاث عشر جمّاً غفيراً) - الحديث -.

(تاريخ الخميس: ج١، ص٧)

(٢) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(كان عدد جميع الأنبياء(عليه السلام) مئة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، خمسة منهم أولو العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد، صلّى الله عليه وآله).

(البحار: ج١١، كتاب النبوّة، ص٢٢)

٢٨

كانت الأنبياء (عليه السلام) مسلم ين

( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ... وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) .

(سورة يونس:٧١ - ٧٢).

( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

(سورة آل عمران: آية: ٦٧).

( وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ) .

(سورة المائدة: آية: ٤٤).

( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

(سورة الأنعام: آية: ١٤).

فريضة الأنبياء (ع) دعوة التوح يد

(١) ( يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ ) .

(سورة النحل: آية: ٢)

(٢) ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ) .

(سورة الأنبياء: آية: ٢٥).

النبي نبيّان: رفيع المرتبة والداعي إلى الله

* قال الشهيد الثاني (ره):

النبيء - بالهمز - من النبأ: وهو الخبر؛ لأنّ النبي مُخبِر عن الله تعالى، (يعني هو الرسول من الله تعالى).

وبلا همز: وهو الأثر من النَبْوَة - بفتح النون وسكون الباء - إي الرفعة؛ لأنّ النبي

٢٩

مرفوع الرتبة على غيره من الخلق.

(شرح اللمعة)

فقد ظهر من هذا البيان أنّ النبي نبيّان:

-النبي من النبأ: هو الداعي إلى الله.

-والنبي من النبوّة: رفيع المرتبة على غيره من الخلق.

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) كانوا أنبياء، أرفع المرتبة على غيرهم.

إقرارنا بهذه النبوّة لآباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

* قال العلاّمة المجلسي (ره) في زاد المعاد:

- قال الشيخ المفيد، والشهيد، والسيّد ابن طاووس في زيارة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(أشهد يا رسول الله أنّك كنتَ نوراً في الأصلاب الشامخة).

- وفي زيارة الوارث للإمام الحسين (عليه السلام):

(يا مولاي يا أبا عبد الله، أشهد أنّك كنتَ نوراً في الأصلاب الشامخة).

(مفاتيح الجنان)

* قال المحقّق فخر الدين الطريحي:

الشمخ: هو العلو والرفعة، ومنه شَمَخَ بأنْفِهِ أي ارتفع وتكبَّر، ومنه الأصلاب الشامخة أي العالية.

(مجمع البحرين: باب الخاء: ص١٨٤)

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) كانوا أعلى وأرفع رتبة على غيرهم، فهم كانوا أنبياء.

٣٠

اعتقاد الخاصّة في آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

* قال الشيخ الصدوق:

اعتقادنا في آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنّهم مسلمون من آدم إلى عبد الله، وأنّ أبا طالب كان مسلماً، وآمنة بنت وهب كانت مسلمة.

(رسالة الصدوق في الاعتقادات)

* وقال الشيخ الكراجكي:

وإنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب كانوا جميعاً مؤمنين، موحّدين لله تعالى، عارفين بالله تعالى، وكذلك كان أبو طالب بن عبد المطّلب.

(كنز الفوائد: ص١١٠)

* وقال العلاّمة المجلسي (ره):

اتّفقتْ الإماميّة على أنّ والد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكل أجداده إلى آدم كانوا مسلمين.

(البحار: ج١٥، ص٤٠)

اعتقاد العامّة في آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)

* قال الإمام السيوطي:

إنّ أبوي النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كانا على التوحيد ودين إبراهيم، وزاد: إنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) - كلّهم إلى آدم - كانوا على التوحيد، لم يكن فيهم شرك.

قال:

فما يدلّ على أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ما كانوا مشركين، قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات).

وقال الله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )

(سورة التوبة: آية: ٢٨)

فوجب أنْ لا يكون أحد من أجداده (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مشركاً.

٣١

قال:

ومن ذلك قوله تعالى: ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ )

(سورة الشعراء: آية: ٢١٨ - ٢١٩)

معناه: أنّه كان يُنقل نوره من ساجد إلى ساجد.

قال:

وبهذا التقرير فالآية دالّة على أنّ جميع آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كانوا مسلمين.

وقال:

وحينئذ يجب القطع بأنّ والد إبراهيم ما كان من الكافرين، وأنّ آزر لم يكن والده وإنّما ذلك عمّه، أقصى ما في الباب أنْ يُحمل قوله:( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) على وجوه أُخرى.

فإذا وردتْ الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل، وبذلك ثبت أنّ والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان، وأنّ آزر لم يكن والده بل كان عمّه - انتهى ملخّصاً - ووافقه على الاستدلال بالآية الثانية - بهذا المعنى - الإمامُ الماوردي، صاحب الحاوي الكبير، من أئمّة أصحاب الشافعي.

* وقال الديار بكري:

وقد وجدت ما يعضد هذه المقالة من الأدلّة ما بين مجمل ومفصّل:

* فالمجمل دليله مركّب من مقدّمتين:

-إحداهما: أنّ الأحاديث الصحيحة دلّت على أنّ كلّ أصل من أصوله من آدم إلى أبيه خير أهل زمانه.

-والثانية: أنّ الأحاديث والآثار دلّت على أنّه لم تخلُ الأرض من عهد نوح إلى بعثة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من ناس على الفطرة - يعني على الإسلام -، يعبدون الله تعالى ويوحّدونه ويصلّون له، وبهم تُحفظ الأرض، ولولاهم هلكتْ الأرض ومَن عليها.

(تاريخ الخميس: ج١، ص٢٣٤)

وقال:

وأمّا آزر، فالأرجح كما قال الرازي: إنّه عمُّ إبراهيم لا أبوه، وقد سبقه إلى ذلك جماعة من السلف، فروينا بالأسانيد عن

٣٢

ابن عبّاس، ومجاهد، وابن جرير، والسدي، قالوا:

ليس آزر أبا إبراهيم، إنّما هوإبراهيم بن تارَخ ، ووقف على أثر في تفسير ابن المنذر، صرّح فيه بأنّه عمّه.

(تاريخ الخميس: ج١، ص٢٣٦)

فقد ظهر من اتفاق الفريقَين: على أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي - من لدن آدم (عليه السلام) إلى عبد الله - كانوا مسلمين، إلاّ أبو طالب كان مسلماً عند الخاصّة:

* فإنّ المسلمين على ثلاثة أنواع: حقيقي، وتحقيقي، وتقليدي.

١ -فأمّا الحقيقي:

فهم المسلمون الذين جعلهم الله تعالى مسلمين داعين إلى الإسلام فطرة، فهم كانوا أنبياء.

٢ -وأمّا التحقيقي:

فهم المسلمون الذين جعلهم الله تعالى مدعوّين إلى الإسلام فطرةً، فلمّا قبلوا دعوة الإسلام صاروا مسلمين، فهم غير الأنبياء، جعلهم الله مدعوّين إلى الإسلام.

٣ -وأمّا التقليدي:

فهم المسلمون الذين صاروا مسلمين؛ لتقليد آبائهم المسلمين حقيقيّاً أمْ تحقيقيّاً، فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) كانوا مسلمين حقيقيّاً، يعني كانوا أنبياء، كما كانت أنبياء بني إسرائيل مسلمين ويحكم بها النبيّون الذين أسلموا.

(سورة المائدة: آية: ٤٤)

تفهيم الموحّدين

* قال بعض المفسّرين، منهم ابن عبّاس وعكرمة:

( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) : في أصلاب الموحّدين مِن نبي إلى نبي، حتّى أخرجك نبيّاً.

(تاريخ الخميس: ج١، ص٥٦)

٣٣

فقد ظهر من هذا الحديث:

أنّ المراد من الموحّدين نبيّون؛ لأنّ لفظة(مِن) في(مِن نبي إلى نبي) تبيينيّة أي تفسيريّة، فيكون تقريره ويرى تقلّبك في أصلاب النبيّين مِن نبي إلى نبي (نبيّاً بعد نبي).

* فاعلم أنّ الموحّدين على ثلاثة أنواع: حقيقي، وتحقيقي، وتقليدي.

١ - فأمّا الحقيقي:

فهم الموحّدون الذين خلقهم الله تعالى موحّدين أي ساجدين لله، فهم كانوا موحّدين حقيقيّاً فطريّاً تخلّقيّاً تكوينيّاً.

٢ - وأمّا التحقيقي:

فهم الموحّدون الذين لم يخلقهم الله تعالى موحّدين لله أي ساجدين، فإنّهم لمّا قبلوا دعوة الإسلام تحقيقاً فصاروا موحّدين تحقيقيّاً.

٣ - وأمّا التقليدي:

فهم الموحّدون الذين صاروا موحّدين، يعني ساجدين لله تقليداً لآبائهم الموحّدين، فهم الموحّدون تقليديّاً كأولاد الموحّدين الحقيقيّين والتحقيقيّين والتقليديّين، وإنّ الله تعالى لم يخلق موحّدين له حقيقيّاً إلاّ:

- الأنبياء.

- والمرسلين.

- والخمسة النجباء.

- والأئمّة المعصومين.

فالموحّد الحقيقي لا يكون إلاّ نبيّاً أو رسولاً أو إماماً معصوماً، فهم الساجدون حقيقيّاً فطرةً وخلقةً، فظهر أنّ آباء النبي صلَّى الله عليه وآله والولي كانوا - من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب - موحّدين حقيقيّين أي نبيّين - تخلّقيّاً فطرةً حقيقيّاً.

٣٤

* باب البراهين:

البرهان القوي على نبوّة

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

(سورة البقرة: آية: ٣٨)

( يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

(سورة الأعراف: آية: ٣٥)

( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) .

(سورة البقرة: آية: ٢١٣)

فقد ظهر من هذه الآيات: أنّ الله تعالى أرسل الهداة النبيّين المرسلين مبشّرين ومنذرين، يعني داعين إلى توحيده من لدن آدم.

* قال الطبري والسيوطي، مرفوعاً عن أبي العالية، في قوله تعالى: ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى ) ، قال:

الهدى: الأنبياء، والرسل، والبيان.

٣٥

(تفسير الدرّ المنثور: ج١ / والطبري)

* وقال الطبري:

وإنّما قلنا إنّ ذلك هو الواجب على التأويل الذي ذكرناه عن أبي العالية؛ لأنّ آدم كان هو النبي أيّام حياته، بعد أنْ أُهبط إلى الأرض، والرسول من الله إلى ولده.

(تفسير الطبري: ج١، ص١٩٥)

* وقال الطبري مرفوعاً عن مجاهد قوله تعالى: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) قال:

آدم، وقال: كان بين آدم ونوح عشرة أنبياء (عليهم السلام).

(تفسير الطبري: ج٢، ص١٩٥)

* وقال السيوطي: أخرج ابن أبي نعيم عن ابن جريج، قال:

كان بين آدم ونوح عشرة أنبياء.

(الدرّ المنثور: ج١، ص٢٤٣)

فقد ظهر من تفسير العامّة أنّ عشرة أنبياء كانوا من لدن آدم إلى نوح.

* وروى شيخنا الصدوق: بإسناده عن أبي حمزة قال:

قال الإمام محمّد الباقر (عليه السلام): (كان بين آدم ونوح عشرة آباء، كلّهم أنبياء الله).

(إكمال الدين: ص٢١٠)

فقد ظهر من حديث المعصوم: أنّهم عشرة آباء من لدن آدم إلى نوح، كانوا كلّهم أنبياء الله.

عشرة أنبياء كانوا آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

آدم، شيث، أَنُوش، قينان، مهلائيل، يارد، إدريس، مَتوشَلَخِ، لَمَك، نوح.

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) - مِن لدن آدم إلى

٣٦

نوح - كانوا كلّهم أنبياء الله.

البرهان الجلي على نبوّة آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) .

(سورة الحديد: آية: ٢٦)

( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ ) .

(سورة النساء: آية: ١٦٣)

فقد ظهر من هاتين الآيتين:

أنّ الله عزّ وجل جعل النبيّين، أي داعين إلى الله تعالى من ذرِّيَّة نوح وغيره إلى إبراهيم.

* وقال الإمام (عليه السلام):

(وليس بعد سام (رسول) إلاّ هود).

* وقال:

(وكان بين هود وإبراهيم من الأنبياء عشرة آباء).

(إكمال الدين: ب٢٢، ص٢٩)

فقد ظهر من حديث المعصوم:

أنّهم عشرة آباء - من لدن نوح إلى إبراهيم - كانوا كلّهم أنبياء الله.

عشرة أنبياء كانوا آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام)

١ - سام، ٢ - أَرْفَخَشِد، ٣ - هود، ٤ - فالَغ، ٥ - شالخ، ٦ - أَرْغُو، ٧ - سروع، ٨ - نَاحُور، ٩ - تارَخ، ١٠ - إبراهيم.

٣٧

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) - من لدن نوح إلى إبراهيم - كانوا أنبياء الله.

البرهان الكشّاف عن نبوّة

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي الأشراف (عليه السلام)

( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ) .

(سورة مريم: آية: ٥٨)

فقد ظهر من هذه الآية:

أنّ الله جعل النبيّين - أي الداعين إلى الله تعالى - من ذرِّيَّة إبراهيم، وجعل النبيين - أي الداعين إلى الله تعالى - من ذرِّيَّة إسرائيل.

كانت الأنبياء من ذرِّيّة إبراهيم بمكّة

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ ) .

(سورة الزخرف: آية: ٢٦ - ٢٩)

تفسير العام ّ ة والخاصّة

١ - أخرج عبد بن حميد عن ابن عبّاس ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً ) قال:

لا إله إلاّ الله( فِي عَقِبِهِ ) ، قال: عقب إبراهيم ولده.

٣٨

٢ -وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال:

الإخلاص والتوحيد لا يزال في ذرِّيّته مَن يقولها من بعده.

(الدرّ المنثور)

٣ -قال الزمخشري:

( فِي عَقِبِهِ ) : في ذرِّيّته، فلا يزال فيهم مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده لعلّ مَن أشرك منهم بدعاء مَن وحّد منهم.

( بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ ) : يعني أهل مكّة.

(الكشّاف)

٤ - قال البيضاوي:

( كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) : في ذرِّيّته فيكون فيهم أبداً مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده.

( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) : يرجع من أشرك منهم بدعاء مَن وحّده.

( بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ ) : هؤلاء المعاصرين للرسول من قريش.

(البيضاوي)

٥ -قال الطنطاوي:

( كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) : في ذرِّيّته، فيكون فيهم أبداً مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده.

( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) : أي يرجع مَن أشرك منهم بدعاء مَن وحّده.

( بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ ) : يعني أهل مكّة، وهم مِن عقب إبراهيم...

وجريت على عادتي أنْ أجعل في بني إبراهيم مَن يوحّد الله، ويدعو مَن كفر منهم لعلّه يرجع، فاخترتُ محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليدعو هؤلاء فقالوا: هذا سحر.

(تفسير الطنطاوي)

٦ -قال الرازي:

( فِي عَقِبِهِ ) : في ذرِّيّته، فلا يزال فيهم مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده.

( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) : لعلّ مَن أشرك منهم يرجع بدعاء مَن وحّد منهم.

(الكبير: ج٦)

٧ -قال النيسابوري:

( بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) : فلا يزال في ذرِّيّته مَن يوحّد الله ويدعو إلى توحيده.

( لَعَلَّهُمْ ) : أي لعلّ مَن أشرك منهم يرجع

٣٩

إلى التوحيد، أو عن الشرك بدعاء الموحّدين منهم.

(غرائب القران: ج١١)

٨ - قال الطبري:

وقوله:( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) : وهو قول: لا إله إلاّ الله باقية في عقبة، وهم ذرِّيّته، فلم يزل في ذرِّيّته مَن يقول ذلك مِن بعده.

وقال: مرفوعاً عن ابن الشهاب أنّه كان يقول: العقب الولد، وولد الولد.

وقال: مرفوعاً عن سعيد عن قتادة( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: شهادة أنْ لا إله إلاّ الله، والتوحيد لم يزل في ذرِّيَّته مَن يقولها مِن بعده.

وقال: مرفوعاً عن معمر عن قتادة( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال: التوحيد والإخلاص لا يزال في ذريّة مَن وحّد الله ويعبده.

(تفسير الطبري: ج١١)

٩ - قال الشوكاني:

الضمير في( وَجَعَلَهَا ) عائد إلى قوله:( إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي ) : وهي بمعنى كلمة التوحيد، كأنّه قال: وجعل كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم، وهم ذرِّيّته، فلا يزال فيهم مَن يوحّد الله.

(فتح القدير)

١٠ -قال ابن كثير:

وهذه الكلمة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وخلْع ما سواه من الأوثان، وهي: لا اله إلاّ الله، أي جعلها دائمة في ذرِّيّته يَقتدي به فيها مَن هداه الله مِن ذرِّيّة إبراهيم (عليه السلام)، لعلّهم يرجعون إليها.

(تفسير ابن كثير)

١١ -قال الفيض (ره):

( فِي عَقِبِهِ ) : أي في ذرِّيّته؛ ليكون فيهم

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168