المجتمع والتاريخ

المجتمع والتاريخ0%

المجتمع والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: كتب
الصفحات: 433

المجتمع والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ مرتضى المطهري
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الصفحات: 433
المشاهدات: 71528
تحميل: 16693

توضيحات:

المجتمع والتاريخ
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 433 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71528 / تحميل: 16693
الحجم الحجم الحجم
المجتمع والتاريخ

المجتمع والتاريخ

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المجتمع والتاريخ

الشهيد الشيخ مرتضى المطهري

١

هذا الكتاب

طبع ونشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

المجتمع والتاريخ

٣

المجتمع والتاريخ

المفكّر الإسلامي الكبير

الشهيد الشيخ مرتضى المُطهّري

الجزء الأول

مؤسسة العطّار الثقافية

E_mail:jafar_zh_attar@yahoo.com

٤

حقوق الطبع محفوظة ومسجّلة للناشر

اسم الكتاب:......................................................... المجتمع والتاريخ

المؤلّف: .....................................................الشهيد مرتضى مطهّري

الناشر:.............................................................. دار الزهراء (س)

عدد النسخ والصفحات:.......ز...................... ٢٠٠٠ نسخة - ٤٣٢ صفحة

الطبعة:................................................ الأُولى ١٣٨٦ ش - ١٤٢٧ق

القطع:....................................................................... وزيري

شابك:........................................ ٢- ٤٧- ٢٥٧٢ - ٩٦٤ - ٩٧٨

مركز التوزيع

إيران - قم - شارع صفائية - سوق الزمرد - طابق الثالث / قم ٨

منشورات دار الزهراء (س) النقال ٠٩١٢١٥١٩٩٠٤ تلفكس ٧٧٤٧٧١٦

العراق - النجف الأشرف - سوق الحويش - مؤسسة العطار الثقافية

النقال ٠٧٨٠١٠٣٦٠٠٨ - ٠٧٨٠١٥٨١٤٧١

٥

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )

٦

جميع الحقوق محفوظة للناشر

مؤسسة العطار الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع

إيران - ٠٩١٢١٥١٩٩٠٤ - العراق - ٠٧٨٠١٠٣٦٠٠٨

٧

كلمة الناشر

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

دائماً الكتاب يدل على شخصية المؤلّف، تماماً، كما أنّ الكلام يدل على وزن المتكلّم، كما يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( تكلّموا تُعرفوا فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه ) وكما يقول المثل: الرجال مخابر وليسوا بمناظر.

وتلك قاعدة عامة تجري في كل شيء في الحياة، فدائماً: الأثر يدل على المؤثِّر

إذا عرفت هذه القاعدة، أدركت عمق شخصية صاحب هذا الكتاب الذي يرقد بين أصابعك ولعلّ الاسم الذي يحمله الكتاب الاجتماع والتاريخ، لا يعطي الصورة الكاملة لما يدور في داخل الكتاب - فهو كتاب يبحث نظرية تطوّر المجتمع وفق مراحل التاريخ الاجتماعي الإنساني، بحثاً في منتهى الدقّة، وفي غاية الوعي.

كلماته مختارة، بعناية فائقة وأفكاره ناضجة إلى درجة الاستيعاب الكامل لهذه النظرية الإسلامية، التي تعتبر من أحاديث شؤون الساعة ؛ إذ ليس هناك مجتمع واحد في الأرض يخلو من أمواجها المتدفّقة، وتيّاراتها المتدافعة.

٩

والمجتمع هو المحك الأساسي لحركات التاريخ، وحركات الإنسان على أنّ الإنسان، هو الذي يصنع التاريخ، وليس العكس.

وبالمثل لا يمكن أن يقال للفرد الذي يعيش بالصحراء، أو في الغابة وحده دون أن يكون معه أحد، لا يقال له: إنّه إنسان صادق، أو كاذب، أو أمين، أو خائن مثلاً.

وذلك: لأنّ الصدق، والأمانة والوفاء والصفات المضادة، إنّما هي رشحات نفسية لا تتحرّك إلاّ بوجود المجتمع الذي يحرّكها ويطلقها من مكانها وإلاّ فكيف يكون الواحد منّا صادقاً إذا لم يكن معه مَن يثير درجة الصدق عنده وإلاّ فقل لي كيف يكون صادقاً ؟

هل يكون صادقاً مع الأشجار في الغابة، أم مع الحيوانات الغادية الرائمة ؟!

وللتوضيح نقول: إنّ المجتمع لا يمكن أن يأخذ صفة الاجتماع إلاّ إذا كان متحرّكاً ساخناً، يجري إلى هدفه في الحياة، سواء كان ذلك الهدف في الناحية الايجابية، أو الناحية السلبية فالحيوانات لديها اجتماع، ولديها قوانين اجتماعية تسير وفقها كما يؤكّد ذلك القرآن الكريم في الآية الكريم:( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) وفي آية ثانية يقول: ( وإذا الوحوش حُشرت ) يضاف إلى ذلك الروايات والأحاديث التي جاءت بهذا الخصوص زد عليها الأرقام العلمية التي تتحدث عن مجتمعات الحيوان بشتّى أقسامها، وأنواعها ولكن مع هذا كله، فليس في الإمكان إطلاق اسم المجتمع على هذه التجمّعات الحيوانية ؛ وذلك لسبب بسيط واحد ألا وهو: أنّ هذه المجتمعات راكدة، وليست متطوّرة، بمعنى أنّ مجتمع

١٠

النحل هو هو منذ ملايين السنين، نجد النحلة تبني بيتها بشكل سداسي لا تقدّم فيها ولا تطوّر، وكذلك قل في سائر الحيوانات، والكائنات الحيّة، باستثناء الإنسان

فالإنسان وحده، هو الذي يصنع التاريخ، وهو الذي يبني الحضارات ؛ لأنّه سيّد الكون، وخليفة الله في الأرض ولذلك كانت الحتميات كلها ساقطة تحت أقدام هذا الإنسان فلا حتميّة التاريخ، ولا حتميّة الاقتصاد ولا حتميّة الجنس، ولا حتميّة الغريزة، ولا أيّة حتميّة أُخرى تستطيع أن تلوي زمام هذا الإنسان بل هو فوق كل الحتميات، وفوق كل الماديات التاريخية التي ذكرها كارل ماركس، وأمثاله، ومراجعة سريعة لهذا الكتاب الذي بين يديك ؛ تكفي لإعطائك فكرة جيّدة حول هذا الموضوع بالذات.

ومؤلّف الكتاب، هو العلاّمة المجاهد، الأُستاذ الشهيد الشيخ المطهّري (رحمة الله عليه)، الذي أطلق عليه أعداء الله والإنسانية طلقات ناريّة، أصابته في رأسه، وفارق الحياة بسببها على الفور، وكان اغتياله فاجعة ورزيّة , ليس في الإمكان نسيانها فقد خلّف جرحاً عميقاً في قلوب المؤمنين، شأنه في ذلك شأن سائر العلماء من أبطال الفكر الإسلامي العملاق، وحملة القرآن الكريم، والعترة الطاهرة على أنّ الذي يقرأ كتب الشيخ المطهّري، ويستمع إلى محاضراته عبر أشرطة الكاسيت، تتكوّن لديه قناعة كاملة، حول عمق شخصية الأستاذ الشهيد الشيخ المطهّري

ولكي لا نفوّت عليكم فرصة ثمينة في قراءة أفكار هذا الرجل العظيم، نترككم تتقلّبون على صفحات هذا الكتاب الذي جمع ما لذّ

١١

وطاب من الفكر الإسلامي العميق، والى لقاء آخر في كتاب آخر للأُستاذ الشهيد، ولكم منّا ألف تحيّة وتحيّة

١٢

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المترجم

لقد كثرت التآليف في الآونة الأخيرة وأصبح المتعطّش للمعرفة، وخصوصاً من الشباب الناضج، في حيرة من أمره وقد تياسرت النظريات وتيامنت حتى ما وسمت باسم الإسلام والقرآن، وارتبك الأمر على طالب الحقيقة مرّةً أُخرى، وخصوصاً في المباحث الاجتماعية والاقتصادية، حيث تعرّضت ثقافة الشرق للغزو الثقافي الغربي يميناً ويساراً وقام كثير من المؤلّفين المتأثّرين بثقافتهم بالبحث عن وجهة النظر الإسلامية في شتّى المسائل، وشتّان ما بين الإسلام الحقيقي وبين ما يكتبون، وهنا تتبيّن قيمة تآليف العلاّمة الشهيد آية الله المطهّري، فهي على كثرتها بعيدة الغور، قويّة البيان، مهيمنة على تآليف القوم، يبين ضلالاتهم وينتقد آراءهم، فلا يكتفي بالبحث الإيجابي عن نظريات الإسلام حول المسائل الاجتماعية والاقتصادية والفلسفية وغيرها، بل يتعرّض بدقّة للجانب السلبي، ويسلّط الضوء العالي على مستحدثات المؤلّفين، ويفنّد تلك الآراء الغريبة التي شوّهت حقائق الإسلام والتزمت طريقاً التقاطياً كما سمّاهم علامتنا الشهيد بالالتقاطيين.

وهذا الكتاب ( المجتمع والتاريخ ) كسائر كتبه -رحمه‌الله - يتعرّض فيه

١٣

لكثير من الآراء حول المجتمع والتاريخ، ويبيّن وجهة النظر الإسلامية الأصيلة، ويذكر تفاسير المتفلسفين الجدد المسلمين - كما يقولون - للنظرية الإسلامية وشرحهم لبعض الآيات الكريمة حول هذين الموضوعين، ويبسط آراءهم ثم ينسفها نسفاً ولقد اهتمّ -رحمه‌الله - كثيراً بنظريات الماركسيين والمتماركسين المسلمين - كما يقولون - لأنّها قد بهرت أعين الشباب في العصر الحاضر، وقلّ مَن لم يتأثّر بها، حتى الشباب من طلاّب العلوم الدينية، وأصبح خطر الالتقاطية يسري إلى المجامع العلمية الدينية أيضاً، فكان لزاماً على مثل علاّمتنا الشهيد أن يكافح هذا الخطر الداهم، وخصوصاً بعد أن راجت بعض الكتب المدّعية للإسلام، وأخذت تفسير الكتاب والسنّة كما تهوى الأنفس، مع اتخاذ موقف مسبق على النص الإسلامي بوحي من تعاليم الماركسية ؛ ولذلك نجد في هذا الكتاب اهتمامه البالغ بتوضيح النظريات الماركسية حول المجتمع والتاريخ ؛ لكي لا يختلط الأمر على الباحث، ومن ثمّ إبطالها بمراجعة سائر نصوصها وبالأدلة العقلية الواضحة، وحقّاً أنّه لا يُبقي مجالاً للشك والترديد للمراجع المنصف.

وممّا يتحلّى به الكتاب: بساطة التعبير، حتى أنّ القارئ ليظن أنّه خطابة مسجّلة، وهذا ممّا يجعله كحديقة عامة تفتح أبوابها للطبقات المختلفة وكانت هذه سيرة علاّمتنا الشهيد في جميع كتبه ودراساته أو أكثرها.

وأخيراً فإنّ الذي يستدعي الأسف الشديد هو عدم تكميل الكتاب، الأمر الذي يترك المراجع في انتظار مزيد من المعلومات.

ولعل ذلك أيضاً لا يخلو من لطف، فإنّه بعد إنعاش وإرواء من المعلومات

١٤

المتنوّعة يترك الإنسان مع بقيّة من العطش، فيزداد طلباً للعلم وسعياً وراء ما تركه الأُستاذ الشهيد من فيض علمه في غدران الكتب والأشرطة.

وإنّي لأرجو أن تكون هذه الترجمة، التي ستوسّع من دائرة المستفيدين بعلمه إن شاء الله، وفاءاً لبعض حقّه العظيم علينا جميعاً وقد حاولت أن أوضح مراده -رحمه‌الله - مع المبالغة في عدم الزيادة عمّا سجّلته يراعته الكريمة ومع ذلك فانّي لا أشك في قصور الترجمة عن أداء مراده حق الأداء، وما لا يُدرك كلّه لا يُترك كلّه، والبحر لا يُدرك غوره، والحمد لله أوّلاً وآخراً.

١٥

١٦

تمهيد:

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ من أهم الأُسس التي تبتني عليها إيديولوجية المدرسة - أيّ مدرسة - هو تعيين وجهة نظرها في تفسير المجتمع والتاريخ.

ومن الواضح أنّ الدين الإسلامي ليس نظرية خاصة في علم الاجتماع، ولا فلسفة خاصة في دراسة التاريخ وكل ما ورد في القرآن الكريم من بحث اجتماعي أو موضوع تاريخي، لم يرد في إطار المصطلحات الخاصة لعلم الاجتماع أو فلسفة التاريخ وكذلك سائر الأبحاث والمسائل القرآنية من أخلاق وفقه وفلسفة، فلم يرد شيء منها في إطار الاصطلاحات المتعارفة والتبويبات الدراسية، ومع ذلك فإنّ كثيراً من المباحث العلمية يمكن استخراجها من خلال الآيات القرآنية الكريمة.

إنّ النظرة الإسلامية حول المجتمع والتاريخ لها موقع هام تستدعي التحقيق والإمعان، وهي كسائر التعاليم الإسلامية - ممّا تدل على غاية عمق الفكر الإسلامي، ونحن نجمع في هذا الفصل بين الفكر الإسلامي حول المجتمع وحول التاريخ ؛ نظراً إلى ترابطهما، مضافاً إلى أنّنا نحاول

١٧

اختصار البحث والاقتصار بذكر تلك المباحث - حول هذين الموضوعين - التي نظن أنّها ضرورية في تكميل معرفة إيديولوجية الإسلام ونبدأ بالأبحاث الاجتماعية، والمسائل المطروحة في مائدة البحث هنا كما يلي:

١ - ما هو المجتمع ؟.

٢ - هل الإنسان اجتماعي بالطبع ؟.

٣ - هل يصح القول بأصالة الفرد وأنّ المجتمع أمر انتزاعي، أم أنّ الأمر بالعكس وأنّ المجتمع هو الأصل والفرد انتزاعي، أم أنّ هناك فرضاً ثالثاً هو الصحيح ؟.

٤ - المجتمع والقانون.

٥ - الجبر والاختيار الاجتماعيين، وأنّ الفرد هل هو مضطر ومجبر أمام مقتضيات المجتمع أم أنّه مختار ؟.

٦ - التقسيمات الأوّلية للمجتمع، ما هي الطبقات التي ينقسم إليها المجتمع في تقسيماته الأوّلية ؟.

٧ - هل المجتمع البشري بذاته نوع واحد وماهيّة واحدة، واختلاف الجوامع البشرية ليس إلاّ كاختلاف الأفراد في النوع الواحد، أم أنّ المجتمعات البشرية مختلفة في النوع والماهيّة، حسب اختلاف المناطق والبيئات ومقتضيات الزمان والمكان ومستوى الثقافات والحضارات، وعليه فلكل منها تفسير اجتماعي خاص وإيديولوجية خاصة ؟

وبعبارةٍ أُخرى الإنسان من حيث الجسم نوع واحد بالرغم من الاختلافات العنصرية والتاريخية والمحلّيّة، والقوانين الطبيّة والفيزيولوجية الحاكمة في المجتمعات البشرية واحدة رغم تلك

١٨

الاختلافات، فهل الإنسان من حيث المجتمع نوع واحد، فيمكن أن يحكم فيه نظام اجتماعي وأخلاقي واحد وإيديولوجية واحدة أم أنّ المجتمعات البشرية أنواع مختلفة حسب اختلاف المناطق والبيئات والتقاليد، فلابد لكل منها من نظام اجتماعي خاص وإيديولوجية خاصة ؟.

٨ - هل الجوامع البشرية المختلفة المستقلّة، التي ينطبق عليها نوع من الكثرة والاختلاف ( ولا أقل من الاختلاف الفردي ) تسير نحو الوحدة والتلاحم حتى يكون المجتمع البشري في المستقبل مجتمعاً موحّداً ذو ثقافة وحضارة موحّدتين، ويرتفع من بينه الاختلاف والافتراق فضلاً عن التضاد والتزاحم، أم أنّ البشرية محكوم عليها إلى لا بد بالاختلاف والافتراق، من حيث الثقافة والإيديولوجية وسائر مقوّمات المجتمع.

هذه مجموعة المسائل التي ينبغي بل يجب أن نوضح وجهة النظر الإسلامية فيها، وإليك فيما يلي بحثاً مختصراً حول كل منها حسب الترتيب المذكور.

ما هو المجتمع ؟

كل مجموعة من أفراد البشر - يحصل بينهم الترابط من حيث الأنظمة والتقاليد والآداب الخاصة ويعيشون حياة اجتماعية - تشكّل مجتمعاً بشريّاً والحياة الاجتماعية هي أن تعيش جماعة من البشر في منطقة واحدة جنباً إلى جنب، ويستفيدون من بيئة طبيعية واحدة من حيث الماء والهواء ونوعيّة المواد الغذائية وهذا كما أشرنا إليه يختص بالإنسان، فلا يقال للمجموعة من الشجر في البستان الواحد إنّها تعيش حياة اجتماعية، وإن كانت تستفيد من بيئة طبيعية واحدة جنباً إلى جنب ،

١٩

كما أنّ القطيع الواحد من الغزال ونحوه تعيش مع بعض، وترعى مع بعض، وتنتقل إلى هنا وهناك مع بعض، ولكن لا يقال إنّها تعيش حياة اجتماعية وتشكّل مجتمعاً من الغزال.

إذن فللحياة الاجتماعية ميزة خاصة تستوجب أن نصفها بالحياة الاجتماعية، وهي تقوم بأمرين:

١- الحوائج والمنافع والأشغال، فالحياة الاجتماعية للبشر تتوقّف على تقسيم الوظائف، وتوزيع المنافع والمواهب الطبيعية في ضمن مجموعة من القوانين والتقاليد.

٢ - الأفكار والعقائد والأخلاق فكل مجموعة من البشر تتوحّد بلحاظ وحدة قسم كبير من الأفكار والعقائد والأخلاق المهيمنة عليها.

وبتعبيرٍ آخر: المجتمع عبارة عن جماعة من الناس يعيشون في جبر اجتماعي واحد من حيث الحوائج، وتحت تأثير عامل مشترك من حيث العقائد والأهداف، وبذلك يتلاحمون ويترابطون في ضمن حياة اجتماعية واحدة.

كالقافلة الواحدة في سيارة أو طائرة أو باخرة تسير نحو مقصد واحد , فإذا وصلوا وصلوا جميعاً , وإذا أصابهم خطر أصابهم جميعاً، فلهم بأجمعهم مصير واحد وما أروع ما مثّل به الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما بيّن الحكمة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث شبّه المجتمع بجماعة ركبوا سفينة، فلمّا توسّطت بهم البحر والتزم كل منهم مقعده بادر أحدهم

٢٠