قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة21%

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 276

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50404 / تحميل: 5944
الحجم الحجم الحجم
قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

للإيمان، فليضربنّكم على الدين أو يضرب بعضكم).

فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: (لا).

قال: عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: (لا ولكن ذلك الّذي يخصف النعل) . وقد كان أعطى عليّاً نعله بخصفها.

٦١

ذكر قول النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لعليّ:

إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك

٣٢ - أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدّثنا يحيى [ بن سعيد ] قال: حدّثنا الأعمش قال: حدّثنا عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن وأنا شاب حديث السنّ، فقلت: يا رسول الله إنّك بعثتني إلى قوم يكون بينهم أحداث، وأنا شاب حديث السنّ. قال: (إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك). فما شككت في قضاء بين اثنين.

____________________

٣٢ - ورواه أحمد بن حنبل عن يحيى: المسند: ح ٦٣٦.

ورواه عبيد الله بن عمر عن يحيى: مسند أبي يعلى: ح ٤٠١.

ورواه عن الأعمش كلّ من:

أبي بكر عيّاش: مستدرك الحاكم: ٣ / ١٣٥.

وجرير: مسند البزّار: ح ٩١٢.

وجعفر الأحمر: تاريخ دمشق: ح ١٠٢٠ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

وأبي حفص الأبّار عمر بن عبد الرحمان: أخبار القضاة: ١ / ٨٤، سنن البيهقي: ١٠ / ٨٦.

وعبد السلام: حلية الأولياء: ٤ / ٣٨١.

وعبد الله بن نمير: الفضائل لأحمد: ح ١٠٧.

وعليّ بن مسهر: تاريخ دمشق: ح ١٢٢ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق: كما في الحديث التالي.

ومحمّد بن فضيل: مناقب الكوفي: ح ٥٠١ ط ١.

وأبي معاوية: كما في الحديث ما بعد التالي.

ويعلى بن عبيد: طبقات ابن سعد: ٢ / ٣٣٧ ح ١ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام)، مسند عبد بن حميد: ح ٩٤، مناقب الكوفي: ح ١١٠٤، أنساب الأشراف: ح ٣٣ من ترجمة أمير المؤمنين،

=

٦٢

ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لهذا الخبر:

٣٣ - أخبرنا عليّ بن خَشرم قال: أخبرنا عسى [ بن يونس بن أبي إسحاق ]، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختري، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن فقلت: إنّك تبعثني إلى قوم أسنّ منّي فكيف القضاء فيهم؟ فقال: (إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك).

قال:فما تعاييت في حكومة بعد.

٣٤ - أخبرنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الاعمش، عن عمر بن مرّة، عن أبي البختري، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن لأقضي بينهم فقلت: يا رسول الله لا علم لي بالقضاء. فضرب بيده على صدره وقال:

(اللّهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه) .

____________________

=

سنن ابن ماجة: ٢ / ٤٧٤، مناقب الخوارزمي: ح ٧١.

وللحديث ذيل، أو لقصّة بعثة عليّ إلى اليمن تتمّة تأتي في الحديث ٧٩ - ٨١ من هذا الكتاب فلاحظ.

٣٣ - تقدّم تخريج الحديث في التعليقة السابقة.

٣٤ - ورواه ابن أبي شيبة عن أبي معاوية: كما في المصنَّف ح ٥ من باب فضائله، وأيضاً في كتاب الأقضية: ح ٥٨، وابن ماجة في السنن: ٢ / ٤٧٤.

ورواه شعبة عن عمرو بن مرّة: كما أشار المصنّف في ذيل هذا الحديث، وكما في مسند الطيالسي: ح ٩٨، والمسند لأحمد: ح ١١٤٥، والسنن الكبرى للبيهقي: ١٠ / ٨٦ من طريق أبي داود، وأخبار القضاة: ١ / ٨٥، ومسند أبي يعلى: ح ٣١٦.

قال أبو نعيم في ترجمة أبي البختري من حليلة الأولياء: ٤ / ٣٨٢ بعد ذكر الرواية من طريق

=

٦٣

فما شككت في قضاء بين اثنين حتّى جلست مجلسي هذا.

قال أبو عبد الرحمان: روى هذا الحديث شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي البخترى قال: أخبرني مَن سمع عليّاً. قال أبو عبد الرحمان: أبو البختري لم يسمع من عليّ شيئاً.

٣٥ - أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا شريك [ بن عبد الله ]، عن سماك بن حرب، عن حنش بن المعتمِر، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن وأنا شاب فقلت: يا رسول الله، تبعثني وأنا شاب إلى قوم ذوي أسنان لأقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء؟ فوضع يده على صدري ثمّ قال: (إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك، يا عليّ، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتّى تسمع من الآخر كما سمعت من الأوّل، فإذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء).

قال عليّ:فما أشكل عَلَيّ قضاءٌ بعد.

____________________

=

عبد السلام عن الأعمش - كما قدّمنا -: رواه أبو معاوية جرير وابن نمير ويحيى بن سعيد عن الأعمش مثله، ورواه شعبة عن عمرو بن مرة.

وانظر تعليقة ح ٣٢.

٣٥ - ورواه داود بن عمرو الضبيّ عن شريك: مسند أحمد: ٢ / ٤٢١: ١٢٨١ برواية عبد الله، والفضائل: ح ٢١٨ من رواية القطيعي.

ورواه أبو داود الطيالسي عن شريك وقرن به زائدة وسليمان بن معاذ: مسند الطيالسي: ح ١٢٥.

ورواه أبو الربيع الزهراني عن شريك: السنن الكبرى للبيهقي: ١٠ / ٨٦، مسند أحمد: ح ١٢٨١ برواية عبد الله، والفضائل: ح ٢١٨ من رواية القطيعي.

٦٤

ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في هذا الحديث:

٣٦ - أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا إسرائيل

____________________

ورواه زكريّا بن يحيى زحمويه عن شريك: مسند أبي يعلى: ح ٣٧١، مسند أحمد: ١٢٨١.

ورواه عبد الله بن عامر بن زرارة وعليّ بن حكيم عن شريك: المسند: ٢ / ٤٢١: ١٢٨١.

ورواه عمرو بن عون عن شريك: سنن أبي داود: كتاب القضاء باب ٦ ح ٣٥٨٢.

ورواه أبو غسّان مالك بن إسماعيل وقريش بن إسماعيل عن شريك: أخبار القضاة: ١ / ٨٦.

ورواه الفضل بن عنبسة عن شريك: طبقات ابن سعد: ٢ / ٣٣٧ ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام): ح ٢.

ورواه محرز بن عون ومحمّد بن جعفر الوركاني ومحمّد بن سليمان لوين عن شريك: مسند أحمد: ٢ / ٤٢١: ١٢٨١.

ورواه وكيع عن شريك: مسند أحمد: ح ٧٤٥ باختصار.

ورواه عن سمّاك كلّ من:

أبان بن تغلب: أخبار القضاة: ١ / ٨٦.

وأسباط بن نصر: أخبار القضاة: ١ / ٨٥، مسند أحمد برواية عبد الله: ح ١٢٨٧ مع اختلاف.

وزائدة: مسند أحمد: ح ٦٩٠ و ١٢١١ و ١٢٨٥، سنن الترمذي: ح ١٣٣١، مسند الطيالسي: ح ١٢٥.

وسليمان بن قرم: أخبار القضاة: ١ / ٨٦.

وسليمان بن معاذ: مسند أبي داود الطيالسي: ح ١٢٥.

وعاصم بن حميد: أخبار القضاة: ١ / ٨٦.

ومحمّد بن جابر: مسند أحمد: ح ١٢٨٢ من رواية عبد الله.

٣٦ - ورواه أحمد بن حنبل عن يحيى: المسند: ح ٦٦٦ و ١٣٤٢ مكرّراً.

ورواه خالد بن الوليد عن إسرائيل: أخبار القضاة: ١ / ٨٥.

٦٥

[ بن يونس ]، عن [ جدّه ] أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن فقلت: إنّك تبعثني إلى قوم هم أسنّ منّي لأقضي بينهم؟

فقال:(إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك) .

[ و ] قال شيبان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، عن عليّ.

٣٧ - أخبرنا زكريّا بن يحيى قال: حدثنا محمّد بن العلاء قال: حدثنا معاوية

____________________

ورواه عبيد الله بن موسى عن إسرائيل: طبقات ابن سعد: ٢ / ٣٣٧ ح ٣، ولاحظ مسند البزّار: ق ٦٥ / أ.

قال البزّار: لا نعلم [من] رواه عن حارثة إلاّ أبو إسحاق، ولا عن أبي إسحاق إلاّ إسرائيل، ورواه عن عليّ غير واحد، ولا أحسن إسناداً من هذا الإسناد.

لاحظ ما تقدّم وما سيأتي.

٣٧ - ورواه عبيد الله بن موسى العبسي عن شيبان: الطبقات الكبرى: ٢ / ٣٣٧ ح ٣ من ترجمة عليّ (عليه السلام)، مسند أبي يعلى: ح ٢٩٣.

والحديث رواه أيضاً عن عليّ كلّ من: عبد الله بن سلمة وأبي جحيفة وعمر بن عليّ وعبد الله بن عبّاس وبريدة وأبي رافع.

فحديث عبد الله بن سلمة رواه وكيع في أخبار القضاة: ١ / ٨٥.

وحديث أبي جحيفة رواه وكيع في أخبار القضاة: ١ / ٨٧.

وحديث عمر بن عليّ في تاريخ دمشق: ح ١٠٢٤ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

وحديث ابن عبّاس في أخبار القضاة: ١ / ٨٧، وتاريخ ابن عساكر: ح ١٠٢٧، وصحيح ابن حبّان: ١١ / ٤٥١: ٥٠٦٥.

وحديث بريدة في أخبار القضاة: ١ / ٨٧.

وحديث أبي رافع في أخبار القضاة: ١ / ٨٨.

ورواه ابن أبي ليلى مرسلاً كما في مناقب الكوفي: ح ٥٠٢ ط ١.

٦٦

بن هشام، عن شيبان [ بن عبد الرحمان ]، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، عن عليّ قال:

بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن فقلت: يا رسول الله إنّك تبعثني إلى شيوخ ذوي أسنان إنّي أخاف أن لا أصيب.

قال: (إنّ الله سيثبّت لسانك ويهدي قلبك).

٦٧

ذكر قول النبي (صلّى الله عليه وسلّم):

أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ

٣٨ - أخبرنا محمّد بن بشار قال: حدثنا [ محمّد بن ] جعفر قال: حدثنا عوف، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم قال:

كان لنفر من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(سدّوا هذه الأبواب إلاّ باب عليّ) .

فتكلّم في ذلك أُناس، فقام رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:(أمّا بعد، فإنّي أُمرتُ بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ فقال فيه قائلكم، والله ما سددته ولا فتحته، ولكنّي أُمرتُ بشيءٍ فاتبعته).

____________________

() من نسخة طهران وطبعة مصر، ويؤيّدهما ترجمة الرجل من تهذيب الكمال ورواية أحمد عنه، وأيضاً رواية الحديث في القول المسدّد لابن حجر: ص ٢٨ بهذه الصورة: لاحظ ح ٢ و ٣ من القول المسدد، وقال ابن حجر بعد ذكر طرق الحديث ص ٣٠: فهذه الطرق المتظاهرة من روايات الثقات تدلّ على أنّ الحديث صحيح [ ذو ] دلالة قويّة وهذه غاية نظر المحدّث. [هكذا ورد هذا الهامش دونما رقم في المتن أو الهامش ]. [الشبكة ].

٣٨ - أخرجه أحمد عن محمّد بن جعفر: المسند: ٤: ٣٦٩ والفضائل: ح ١٠٩، وعنه الحاكم في المستدرك: ٣ / ١٢٥، وعنه الخوارزمي في المناقب في أواخر الفصل ١٩، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات: ١ / ٣٦٥ عن النسائي، وابن عساكر في ح ٣٢٤ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق عن أحمد.

ورواه المعتمر عن عوف: كما في ترجمة ميمون من ضعفاء العقيلي: ٤ / ١٨٥.

٦٨

ذكر قول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم

٣٩ - قرأت على محمّد بن سليمان لُوَيْن عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه - ولم يقل مرّة: عن أبيه - قال:

كنّا عند النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) وعنده قوم جلوس فدخل عليّ، فلمّا دخل خرجوا(١) ، فلمّا خرجوا تلاوموا فقالوا: والله ما أخرجنا وأدخله، فرجعوا فدخلوا فقال:

(والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم، بل الله أدخله وأخرجكم) .

____________________

(١) كذا في جميع النسخ، وفي رواية أبي الشيخ وأبي نعيم: (فلمّا دخل قال: اخرجوا). وهو المتناسب للسياق.

وبعده في نهاية الحديث في طبعة مصر الأُولى: قال أبو عبد الرحمان: هذا أولى بالصواب.

٣٩ - ورواه المصنّف أيضاً في المناقب من السنن الكبرى: ٥ / ٤٦ وفي آخره: (نبيّ الله) بدل قوله: (بل الله).

ورواه البزّار في مسنده: ٤ / ٣٤: ١١٩٥، والدار قطني في العلل: ٤ / ٣٦٣: ٦٢٩، وأبو الشيخ في طبقات المحدّثين بأصبهان: ح ١٦٥ في ترجمة عليّ بن بشر الأموي، وعنه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة لوين (١٣٢٨) وفي فضائل الصحابة كما في اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٥٢، والخطيب في تاريخ بغداد: ٥ / ٢٩٣ في ترجمة لوين، وعنه ابن عساكر في ح ٨٢٣ و ٨٢٤ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق، بأسانيد كلّهم من طريق لوين بهذا الإسناد.

قال البزّار: وغير لوين إنّما يرويه عن سفيان عن عمرو عن محمّد بن عليّ مرسلاً.

ورواه عبد الله بن وهب عن سفيان... عن إبراهيم قال...: مسند الكلابي: ح ١٣ من مختصره المطبوع ذيل مناقب ابن المغازلي، وتاريخ بغداد: ٥ / ٢٩٤ وعنه ابن عساكر: ح ٨٢٥، وفي رواية الكلابي: عن إبراهيم بن سعد عن أبيه.

٦٩

٤٠ - أخبرنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا عليّ بن قادم قال: أخبرنا إسرائيل [ بن يونس ]، عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن مالك قال:

أتيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت: هل سمعت لعليّ منقبة؟ قال: كنّا مع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في المسجد فنودي فينا ليلاً: (ليخرج مَن [ في ] (١) المسجد إلاّ آل

____________________

ورواه الحميدي عن سفيان... عن إبراهيم قال...: المعرفة والتاريخ: ٢ / ٢١١، وتاريخ بغداد: ٥ / ٢٩٤، وعنه ابن عساكر: ح ٨٢٦.

وفي طبقات المحدّثين: ٢ / ١٤٥: قال لوين: وحدثنا به ابن عيينة مرّة أُخرى عن إبراهيم بن سعد لم يجاوز به.

وللحديث شواهد كثيرة فلاحظ ما سيأتي وما تقدّم، وقول المصنّف أو غيره (ولم يقل مرّة عن أبيه) يعارض ما ذكره أيضاً في ح ٤٩ و ٥٢ و ٥٣، وانظر ذيل الحديث ٥١..

٤٠ - هذا جزء من حديث مطول روى المصنّف فقرة أُخرى منه وهي حديث المنزلة بهذا الإسناد برقم ٦٠ فلاحظ.

ورواه أحمد بن شدّاد عن عليّ بن قادم الحديث بطوله: مسند الصحابة للهيثم الشاشي: ق ١٢ / أ، في مسند سعد وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق: ح ٢٧٨ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

ورواه أبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي، عن عليّ بن قادم بفقرة حديث الولاية: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٣ ح ١٣٧٦.

ورواه زافر بن سليمان عن إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن ثعلبة: الكامل لابن عدي: ٣ / ٢٣٤ في ترجمة زافر، مناقب الكوفي: ح ٤٣٤ و ٤٥٤ ط ١.

ورواه جابر بن الحرّ عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن ثعلبة عن سعد: تاريخ دمشق: ح ٢٨١، تهذيب الكمال: ٥ / ٢٧٨ ترجمة الحارث بن مالك إشارة.

ورواه الصباح المزني عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن ثعلبة، أمالي المفيد: المجلس ٧ ح ٢.

(١) لم يرد في الأصل ولا في نقل ابن الجوزي في الموضوعات: ١ / ٢٧٢ عن هذا الكتاب، وإنّما هو من ثلاث نسخ أُخرى.

٧٠

رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وآل علي).

قال: فخرجنا، فلمّا أصبح أتاه عمّه فقال: يا رسول الله! أخرجت أصحابك وأعمامك، وأسكنتَ هذا الغلام؟!

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام، إنّ الله هو أمر به) .

[ قال أبو عبد الرحمان ](١) : قال فطر عن عبد الله بن شريك، عن عبد الله بن الرقيم، عن سعد: أنّ العبّاس أتى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فقال: سددت أبوابنا إلاّ باب عليّ؟! فقال:(ما أنا فتحتها ولا سددتها).

قال أبو عبد الرحمان: عبد الله بن شريك ليس بذلك، والحارث بن مالك لا أعرفه، ولا عبد الله بن الرقيم.

٤١ - أخبرني زكريّا بن يحيى [ السجزي ] قال: حدثنا عبد الله بن عمر [ بن محمّد بن أبان مشكدانة الكوفي ] قال: حدثنا أسباط [ بن محمّد ]، عن فطر [ بن خليفة ]، عن عبد الله بن شريك، عن عبد الله بن الرقيم، عن سعد نحوه.

____________________

(١) من ط، وغيرها، لاحظ الحديث التالي.

٤١ - وسيأتي هذا الإسناد برقم ٧٦ بفقرة أُخرى من الحديث فلاحظ ما بهامشه من تعليق.

ورواه الحجّاج عن فطر بن خليفة: مسند أحمد: ح ١٥١١.

ورواه زيد بن الحباب عن فطر: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٦ ح ١٣٨٥.

رواه عبيد الله بن موسى عن فطر: مناقب ابن المغازلي: ٢٥٧: ٣٠٦.

ورواه عليّ بن هاشم عن فطر: مناقب الكوفي: ١ / ٤٧١: ٣٧٣.

ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن فطر: مناقب أبي جعفر الكوفي: ٢ / ٤٦٦: ٦٩١ ط ١، ولاحظ الحديث ٥٩ و ٦٠ من هذا الكتاب.

٧١

٤٢ - أخبرني محمّد بن وهب قال: حدثنا مسكين [ بن بكير ] قال: حدثنا شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس - وأبو بلج هو يحيى بن أبي سليمان(١) - قال:

أمر رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بأبواب المسجد فسُدَّت إلاّ باب عليّ.

____________________

ورواه إسرائيل عن عبد الله بن شريك: كما في الحديث المتقدّم.

ورواه خارجة بن سعد عن أبيه: مسند البزّار: ٤ / ٣٦: ١١٩٧، مناقب ابن المغازلي: ح ٣٠٤.

ورواه خيثمة بن عبد الرحمان عن سعد: مسند أبي يعلى: ٢ / ٦١ ح ٧٣، مستدرك الحاكم: ٣ / ١١٦، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٥٨: ٩٥٤ ط ١.

ورواه مصعب بن سعد عن أبيه: المعجم الأوسط للطبراني: ٤ / ٥٥٣ ح ٣٩٤٢، نظم درر السمطين: ص ١٠٨ نقلاً عن البزّار.

ورواه يزيد بن هارون عن فطر: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٥ ح ١٣٨٤، مع فقرة قصّة براءة وحديث المنزلة.

(١) كذا في الكبرى، وفي طبعة الكويت: بن سليم، ولم ترد هذه الفقرة في طبعتي مصر وبيروت، وقال المزّي في تهذيب الكمال: أبو بلج الفزاري اسمه يحيى بن سليم ويقال ابن أبي سليم، ويقال: ابن أبي الأسود.

ومثلما في السنن الكبرى ورد في حلية الأولياء أيضاً.

٤٢ - ورواه أبو جعفر النفيلي عن مسكين: المعجم الكبير للطبراني: ١٢ / ٧٨ ح ١٢٥٩٤، الضعفاء الكبير للعقيلي: ٤ / ٢٢٢ ترجمة مسكين، مناقب ابن لمغازلي: ص ٢٦٠ ح ٣٠٨، حلية الأولياء: ٤ / ١٥٣ عن الطبراني، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٦٤ ح ٩٥٩ وص ٤٦٦ ح ٩٦٢، تاريخ دمشق: ح ٣٢٦ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

ورواه إبراهيم بن المختار عن شعبة: سنن الترمذي: ٥ / ٦٤١ ح ٣٧٣٢، وأشار إلى روايته ابن عساكر في ذيل الحديث ٣٢٦ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق.

٧٢

٤٣ - أخبرنا محمّد بن المثنّى قال: حدثنا يحيى بن حمّاد قال: حدثنا الوضاح قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عمرو بن ميمون قال: قال ابن عبّاس:

وسَدَّ أبواب المسجد غير باب عليّ، فكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو طريقه، ليس له طريق غيره.

____________________

قال السيوطي في اللآلي المصنوعة بعد ما ذكر رواية النسائي والترمذي: والكلاباذي من وجه آخر عن مسكين: ١ / ٣٤٨.

ولاحظ الحديث التالي.

٤٣ - هذا جزء من حديث مطوّل، ذكره المصنّف بتمامه برقم ٢٤، وبهذا الإسناد فلاحظ تخريجاته هناك.

طرق حديث سدّ الأبواب:

أنس بن مالك: مناقب الكوفي: ٢ / ٤٥٨: ٩٥٢ ط ١، ضعفاء العقيلي: ٤ / ٣٤٦ ترجمة هلال بن سويد.

البراء بن عازب: مسند الروياني: ١٦٧: ٤١١ وعنه ابن عساكر: ح ٣٢٥، مناقب ابن المغازلي: ٢٥٧: ٣٠٥.

بريدة الأسلمي: اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٥١ نقلاً عن معرفة الصحابة للأصبهاني، وهكذا فرائد السمطين: ١ / ٢٠٥ باب ٤١.

جابر بن سمرة: المعجم الكبير: ٢ / ٢٤٦ ح ٢٠٣١، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٥٩: ٩٥٥ ط ١.

جابر بن عبد الله الأنصاري: مناقب الكوفي: ٢: ٤٦٢: ٩٥٧ و ٩٦٠، تاريخ دمشق: ح ٣٢٩ و ٣٣٠ ج ١ / ٢٩٠ من ترجمة أمير المؤمنين ط ٢، تاريخ بغداد: ٧ / ٢٠٥ ترجمة جعفر بن محمّد العلوي، ميزان الاعتدال: ١ / ٤٦٩ ترجمة حرام بن عثمان، مسند ابن منيع كما في اللآلي المصنوعة: ١ / ١٨٢، مناقب الخوارزمي: ١٠٩: ١١٦ فصل ٩.

حبّة العرني: سيأتي في رواية أبي الحمراء.

حذيفة ابن أسيد الغفاري: مناقب ابن المغازلي: ص ٢٥٣: ٣٠٣ مطوّلاً.

٧٣

____________________

أبو الحمراء وحبّة: رواه ابن مردويه في التفسير، وعنه ابن حجر في ترجمة حبّة من الإصابة، والسيوطي في الدرّ المنثور في تفسير سورة النجم قوله تعالى:( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) .

أبو رافع مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله): تاريخ دمشق: ح ٣٣٥ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

زيد بن أرقم: تقدّم في ح ٣٨، فلاحظ.

سعد بن أبي وقّاص: تقدّم في ح: ٣٩ - ٤١.

أبو سعيد الخدري: أخبار القضاة: ٣ / ١٤٩ ترجمة عبد الرحمان بن عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى بسندين، تاريخ دمشق: ح ٣٣١ و ٣٣٢ من ترجمة عليّ (عليه السلام)، اللآلي المصنوعة: ١ / ١٨١ نقلاً عن ابن مردويه، سنن الترمذي: ٥ / ٦٣٩: ٣٧٢٧، السنن الكبرى للبيهقي: ٧ / ٦٦ باب دخوله المسجد جنباً من كتاب النكاح بسندين.

أُمّ سلمة: علل الحديث لابن أبي حاتم: ١ / ٩٩: ٢٦٩، سنن البيهقي: ٧ / ٦٥ بسندين، تاريخ دمشق: ح ٣٣٣ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام)، تاريخ أصبهان لأبي نعيم: ١ / ٢٩١ ترجمة حميد بن أبي غنية، المعجم الكبير للطبراني ٢٣ / ٣٧٤: ٨٨٣، وعنه الخوارزمي في مقتل الحسين: ١ / ٦٢ فصل ٥، فرائد السمطين: ج ٢ باب ٦ من السمط ٢، الفوائد المنتقاة لأبي الحسن السكري عليّ بن عمر الحربي (خ)، وعنه ابن عساكر في ح ٣٣٤ من تاريخ دمشق، أمالي ابن بشران من مخطوطات المكتبة الظاهريّة: جزء ٢٥، اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٥٣ عن ابن أبي شيبة وغيره.

عائشة بنت أبي بكر: الكنى والأسماء للدولابي: ١ / ١٥٠ وفيه: (إلاّ لمحمّد وآل محمّد)، واللآلي المصنوعة للسيوطي: ١ / ٣٥٤ نقلاً عن إيضاح الإشكال لعبد الغني وسقط منه (وآل محمّد).

عبد الله بن عبّاس: تقدّم في ح ٢٤ و ٤٢ و ٤٣.

عبد الله بن عمر: مسند أحمد: ٢ / ٢٦: ٤٧٩٧ والفضائل: ح ٧٨، المصنَّف لابن أبي شيبة: ٦ / ٣٧٢ إلاّ أنّه رفعه إلى عمر، كما سنذكره في روايات عمر، مسند أبي يعلى: ٩ / ٤٥٢: ٥٦٠١،

٧٤

____________________

تاريخ دمشق: ح ٢٨٣ - ٢٨٩، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٥ ح ١٣٢٧، مناقب ابن المغازلي: ٢٦١: ٣٠٩، ولاحظ ح ١٠٦ من هذا الكتاب.

عبد الله بن مسعود: فضائل الصحابة لأبي نعيم كما في اللآلي المصنوعة للسيوطي: ١ / ٣٥١ وفرائد السمطين: ١ / ٢٠٦ باب ٤١.

عليّ بن أبي طالب: مسند البزّار كما في كشف الأستار: ٣ / ١٩٥: ٢٥٥٢ وتاليه، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٦٠: ٩٥٦ وص ٤٦٣ ح ٩٥٨، فرائد السمطين: باب ١٤، تاريخ دمشق: ترجمة عثمان رواية أبي ذر لمناشدة أمير المؤمنين يوم الشورى، مناقب الخوارزمي: ح ١٨ من الفصل ٩، فضائل الصحابة لأبي نعيم كما في اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٥٢، مناقب ابن المغازلي: ٢٩٩: ٣٤٣، هذا والاستشهاد بفقرة سدّ الأبواب هو جزء من مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الشورى فلاحظ أحاديث المناشدة في نهج السعادة وتاريخ دمشق: ح ١١٤٠ وما بعده.

عمر بن الخطّاب: فضائل أحمد: ح ٢٤٥ من رواية القطيعي، مستدرك الحاكم: ٣ / ١٢٥ في فضائل عليّ (عليه السلام)، البداية والنهاية: ٧ / ٣٤١ وقال: وقد رُوي عن عمر من غير وجه، المصنَّف لابن أبي شيبة: ٦ / ٣٧٢: ٣٢٠٩٠ ح ٣٥ من فضائل عليّ (عليه السلام)، تاريخ دمشق: ح ٣٢٨ من رواية ابن عمر إلاّ أنّه نقل بعض فقرات الحديث عن أبيه.

المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلاً: أحكام القران للقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي، كما في اللآلي المصنوعة للسيوطي: ١ / ٣٥٠.

قال ابن حجر في القول المسدّد: ص ٢٧ تحت عنوان الحديث الثاني والثالث: حديث مشهور له طرق متعدّدة كلّ طريق منها على انفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها ممّا يقطع بصحّته على طريقة كثير من أهل الحديث.

ورواه مرسلاً جماعة مثل: ناصح بن عبد الله وأبي حازم الأشجعي وعديّ بن ثابت.

٧٥

ذكر منزلة [ أمير المؤمنين ](١) عليّ بن أبي طالب

من النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)

٤٤ - أخبرنا بشر بن هلال قال: حدثنا جعفر - وهو ابن سليمان - قال: حدثنا حرب بن شدّاد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن أبي وقّاص قال:

لمّا غزا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) غزوة تبوك خلّف عليّاً بالمدينة، فقالوا فيه: مَلَّه وكره صحبته، فتبع [ عليّ ](٢) النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) حتّى لحقه في الطريق فقال:يا رسول الله، خلّفتني في المدينة مع الذراري والنساء حتّى قالوا: مَلّه وكره صحبته . فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

(يا عليّ، إنّما خلّفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّه لا نبيّ بعدي)؟

____________________

(١ و ٢) من نسخة طهران ونسختين أُخريين.

٤٤ - ورواه النسائي أيضاً في كتاب المناقب من السنن الكبرى: ح ٢ من فضائل عليّ (عليه السلام) برقم ٨١٣٨، ورواه عنه ابن عدي في الكامل: ٢: ٤١٦ في ترجمة حرب بن شدّاد.

ورواه عن بشر جماعة: فأخرجه البزّار في مسنده: ح ١٠٧٦، وابن عساكر في ترجمة عليّ من تاريخ دمشق: ح ٣٥٧ - ٣٥٨ و ٣٦٠، وتمّام الرازي في فوائده: ج ٨ ق...، والرئيس عليّ بن عيسى الوزير في أماليه: ق ١٩٤ / أ، وإبراهيم المقدسي في فضائل الصحابة بإسناده عن البغوي، وأبو يعلى في مسنده: ٢ / ٨٦ ح ٧٣٨، وابن أبي عاصم في السنّة: ص ٥٨٧ ح ١٣٤٣.

ورواه محمّد بن موسى الحرشي عن جعفر بن سليمان: مناقب الكوفي: ح ٤٦٦.

ورواه عبد السلام بن مطهر عن جعفر: مسند سعد من مسند الدورقي: ج ٣ ق...، ومناقب الكوفي: ح ٤٦٧ ط ١.

ورواه نعيم بن الهيصم عن جعفر: ح ٣٥٩ من ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر.

ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: تاريخ بغداد: ١ / ٣٢٤، ومناقب ابن المغازلي: ح ٥٣،

٧٦

٣٤ - أخبرنا القاسم بن زكريّا بن دينار قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد السلام [ بن حرب ]، عن يحيى بن سعيد [ الأنصاري ]، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد بن أبي وقّاص:

أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قال لعليّ:(أنت منّي بمنزلة هارون من موسى) (١) .

٤٦ - أخبرني زكريّا بن يحيى قال: حدثنا أبو مصعب [ أحمد بن أبي بكر ] أنّ

____________________

وتاريخ دمشق لابن عساكر: ح ٣٥٥ من ترجمة أمير المؤمنين، والكامل لابن عدي في ترجمة حرب إشارة، والمعجم الأوسط للطبراني: ٥ / ١٣٦ ذيل الحديث ٤٢٦٠.

ورواه معمر عن قتادة: مناقب الكوفي: ح ٤٥٨ و ٤٦٦ و ٤٦٨، والكامل لابن عدي في ترجمة حرب بن شدّاد إشارة، والسنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٧ ح ١٣٤٢ وقرن بقتادة عليّ بن زيد.

ورواه أبو هلال الراسبي عن قتادة عن سعيد ولم يذكر سعداً: مناقب الكوفي: ص ٥٢٠ ح ٤٥٠ ط ١، وح ٤٤٢ من النسخة المعدّة للطبعة الثانية بسندين.

ورواه عليّ بن هاشم عن رجل عن قتادة عن سعيد، ولم يذكر سعداً: مناقب أبي جعفر الكوفي: ح ٤٢٢.

ورواه معمر عن قتادة وعليّ بن زيد، كما يأتي في تعليقة ح ٥٠.

(١) وفي سائر المصادر، عدا طبقات المحدّثين، ومناقب الكوفي، زيادة: (إلاّ أنّه لا نبي بعدي).

٤٥ - رواه النسائي أيضاً في كتاب المناقب من السنن الكبرى: ح ٣ من فضائل عليّ (عليه السلام) برقم ٨١٣٩، والترمذي في جامعه: ٥ / ٦٤١ ح ٣٧٣١ بهذا الإسناد.

ورواه أبو غسّان عن عبد السلام بن حرب: مسند البزّار: فضائل عليّ (عليه السلام) ق ١١٧ / أ، ومناقب الكوفي: ح ٤٦٠ ط ١.

ورواه شعبة عن يحيى بن سعيد: المعجم الصغير للطبراني: ٢ / ٢٢ ح ٨٢٤، وحلية الأولياء لأبي نعيم: ٧ / ١٩٦ في ترجمة شعبة، وطبقات المحدّثين لأبي الشيخ: ٤ / ٢٦٤ ح ١٠٢٠.

٤٦ - ورواه البخاري عن بشر بن الحكم عن الدراوردي: ترجمة محمّد بن صفوان من التاريخ

=

٧٧

الدراوردي حدثنا(١) عن محمّد بن صفوان الجمحي، عن سعيد بن المسيّب [ أنّه ](٢) سمع سعد بن أبي وقّاص يقول:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لعليّ:(أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة) .

٤٧ - أخبرني زكريّا بن يحيى قال: أخبرنا أبو مصعب، عن الدراوردي، عن هاشم بن هاشم(٣) ، عن سعيد بن المسيّب، عن سعد قال:

لمّا خرج رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى تبوك خرج عليّ يشيّعه فبكى وقال:يا رسول الله، أتتركني مع الخوالف؟! فقال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):(يا عليّ، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة).

ذكر الاختلاف على محمّد بن المنكدر في هذا الحديث:

٤٨ - أخبرني إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال: حدثنا داود بن كثير الرقّي(٤) ، عن محمّد بن المنكدر، عن سعيد

____________________

=

الكبير: ١ / ١١٥ برقم ٣٣٣.

(١) في طبعة بيروت: (حدّثه).

(٢) من نسختين.

٤٧ - لاحظ ما تقدّم وما سيأتي.

(٣) كذا في نسختين وهو الصواب، وفي الأصل وساير النسخ: هاشم بن القاسم، أو هشام.

٤٨ - ورواه الحمّاني يحيى بن عبد الحميد عن داود بن كثير: تاريخ الرقّة: ص ١٣٣، ومن طريقه ابن عساكر في الحديث ٣٥٤ من ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق.

(٤) في الأصل: قادم بن كثير الحرفي. والتصويب من نسخة طهران وتهذيب الكمال ونسخ أُخرى.

٧٨

بن المسيّب، عن سعد:

أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال لعليّ:(أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي).

٤٩ - أخبرني صفوان بن عمرو قال: حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا عبد العزيز بن [ يعقوب بن ] أبي سلمة الماجشون، عن محمّد بن المنكدر: قال سعيد بن المسيّب: أخبرني إبراهيم بن سعد أنّه سمع أباه سعداً وهو يقول:

قال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) لعليّ:(أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبوّة) (١) .

قال سعيد: فلم أرض حتّى أتيت سعداً فقلت: شيئاً حدّثني به ابنك عنك؟

قال: وما هو؟! وانتهرني، فقلت: أمّا على هذا فلا.

فقال: ما هو يا ابن أخي؟

فقلت: هل سمعت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يقول لعليّ كذا وكذا؟

قال: نعم - وأشار إلى أُذنيه - وإلاّ فاستكتا، لقد سمعته يقول ذلك.

قال أبو عبد الرحمان: خالفه يوسف بن الماجشون(٢) فرواه عن محمّد بن

____________________

٤٩ - ورواه محمّد بن الحسن الأسدي عن عبد العزيز: مناقب محمّد بن سليمان الكوفي: ١ / ٥١٢ ح ٤٣٥ وص ٥٣٥ ح ٤٧٤ ط ١، وتاريخ دمشق لابن عساكر: ح ٣٥٠ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

قال المصنّف ذيل الحديث الآتي برقم ٥١: وما أعلم أحداً تابع عبد العزيز بن الماجشون على روايته عن محمّد بن النكدر عن سعيد بن المسيّب عن إبراهيم بن سعد.

(١) في طبعة مصر وبيروت: (لا نبوّة بعدي)، وفي تاريخ ابن عساكر والمناقب: (إلاّ النبوّة).

(٢) هذا، ورواه محمّد بن سليمان الكوفي في المناقب: ١: ٣١ ح ٤٦٧ ط ١، عن عون عن عبد العزيز عن محمّد بن المنكدر عن سعيد بن المسيّب عن سعد، ومثله في أمالي المحاملي: ق ٤٨.

٧٩

المنكدر، عن سعيد، عن عامر بن سعد، عن أبيه(١) . وتابعه على روايته عن عامر بن سعد عليّ بن زيد بن جدعان:

٥٠ - أخبرنا زكريّا بن يحيى قال: حدثنا [ محمّد بن عبد الملك بن محمّد ] ابن

____________________

وخالفه أيضاً عبد الله بن الحسين بن عطاء المدني كما في تاريخ دمشق: ح ٣٤٧ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

ومثل ما أشار إليه المصنّف ذكره أبو يعلى في معجم شيوخه: ص ٢٣٠ ح ١٨٨، عن سعيد بن مطرف الباهلي عن يوسف بن يعقوب الماجشون...

(١) رواه مسلم في صحيحه: ٤ / ١٨٧٠ ح ٢٤٠٤ (٣٠)، وابن أبي عاصم في السنّة: ص ٥٨٧ ح ١٣٣٥، والقطيعي في زوائد الفضائل: ح ٢٠١، والبزّار في مسنده: ح ١٠٦٥، وأبو يعلى في المسند: ٢ / ٨٦ و ٩٩ ح ٧٣٩ و ٧٥٥، والخوارزمي في المناقب: ح ١ من الفصل ١٤، والطوسي في الأمالي: ح ٤٩ من المجلس ٨، وابن المغازلي في المناقب: ح ٤٠ من طريق أبي يعلى وح ٤١ و ٤٢، والمحاملي في أماليه: ق ٩٦ / أ من ج ٣، وابن حبّان في صحيحه: ١٥ / ٣٦٩ ح ٦٩٢٦، وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٣٤٨، والطبري في المسترشد في الباب السابع: ص ٤٥٩ عن الشاذكوني، والكوفي في المناقب: ص ٥٣٤ ح ٤٧٣.

ورواه ابن الماجشون أيضاً عن سعد مباشرة من غير ذكر ابنٍ لسعد فكأنّما اختصره: ح ٤ من باب فضائل عليّ (عليه السلام) من كتاب المناقب من السنن الكبرى للنسائي: ٥ / ٤٤ ح ٨١٤٠، ورواه المحاملي أيضاً في أماليه: ق ٤٦ / أ و ٩٦ / ب من ج ٣، وابن المغازلي في المناقب: ح ٥١، وابن عساكر في ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٣٥١ - ٣٥٣، والدولابي في الكنى والأسماء: ١ / ١٩٢، والكوفي في المناقب: ح ٤٦٦.

ورواه شعبة عن عليّ بن زيد عن سعيد عن سعد، كما سيأتي برقم ٥١.

٥٠ - ورواه من طريق ابن أبي الشوارب أيضاً: ابن المهتدي في جزء من حديث ابن شاهين: ق ٤٤، وابن عساكر في ح ٣٤١ و ٣٤٢ من ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق ط ٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

رقيقاً... بلْ رأى أنَّهم سيكونون النواة القويَّة لأُمَّة الإسلام كلِّها، كذلك لم يرَ الحسينعليه‌السلام في أيِّ شخصٍ مِن أصحابه امرأً يُمكن الاستغناء عنه، بلْ رأى أنّهم مُكمِّلون لركب الرسالة الأوَّل، الذي بدأ ضعيفاً بنظر قريش وأعداء الإسلام، ورأى أنَّ أيَّ شخصٍ يلتحق عن قناعة وفهم بركبه، سيكون عُنصر قوَّة إضافيَّة لتلك الثورة التي بناها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومِن هنا كان حُرصه على نصيحة مَن يستشفُّ أنَّهم قد يكونون مؤهَّلين للمسير معه والـمُساهمة بثروته(١) .

أمَّا مَن لم يُحالفه التوفيق مِن الـمُخلصين للانضمام إلى ركب الشهداء، فسوف يُمثِّل النواة لانطلاقة جمهور الثورة فيما بعد الواقعة.

في ثورة أهل المدينة وثورة التوَّابين وثورة الـمُختار.

____________________

(١) وتنفَّس صُبْح الحسين: ص٢٥٥.

١٦١

الـمُجتمع الكوفيِّ واستجابة الإمام لرسائلهم

يُعدُّ الـمُجتمع الكوفيِّ مِن أغرب وأعقد الـمُجتمعات، في تركيبته الاجتماعيَّة في عهد الثورة الحسينيَّة، حيث كانت الكوفة مِن أعظم الأمصار الإسلاميَّة وأكثرها كثافة سُكَّانيَّة، وبدأ تاريخها الإسلامي في السنة السابعة عشرة للهِجرة بعد فتح العراق مُباشرة ومَصَّرها المسلمون في تلك السنة(١) .

(وكان بناؤها الأوَّل بالقصب فأصابها حريق فبُنيت باللُّبن، وكانت شوارعها العامَّة بعرض عشرين ذراعاً بذراع اليد، وأزقَّتها الفرعيَّة بعرض سبعة أذرُع، وما بين الشوارع أماكن البناء وهي بسعة أربعين ذِراعاً والقطايع وهي بسعة وسِتِّين ذراعاً...

وزاد عمران الكوفة زيادة مفاجئة، حين هاجر إليها أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام فاتَّخذها مقرَّاً له بعد وقعة الجَمل سنة ٣٦ للهجرة، وكان دخوله إليها في الثاني عشر مِن شهر رَجب... وتقاطر على الكوفة - إذ هي عاصمة الخلافة - كبار المسلمين مِن مُختلف الآفاق وسكنتها القبائل العربيَّة مِن اليمن والحِجاز والجاليات الفارسيَّة مِن المدائن وإيران...

وغلب على الكوفة تحت ظِلِّ الحُكم الهاشمي التشيُّع لعليٍّ ووِلْدهعليه‌السلام ، ثمَّ لم يزل طابعها الثابت اللون، ووجد معه - بحُكم اختلاف العناصر التي يمَّمت المصر الجديد -

____________________

(١) صِلح الإمام الحسن: ص٦٤.

١٦٢

أهواء مُناوئة أُخرى، كانت بعد قليل مِن الزمن أداة الفتن، في أكثر ما عصفت بالكوفة مِن الزعازع التاريخيَّة والرَّجَّات العنيفة لها وعليها)(١) .

فبمُقتضى تعدُّد القوميَّات والفئات والقبائل؛ فلا بُدَّ أنْ تتعدَّد النزعات والأهواء والمصالح، كلُّ قوميَّة لها خصائصها الفكريَّة والنزعات الخاصَّة في الحياة، وكلُّ قبيلة تعيش إطارها القِبَلي الضيِّق، وكلُّ فئة تحمل هَمَّها المصلحي الدنيوي الخاصّ؛ لأنَّ جميع هذه الأطراف لم تصل في الوعي الإسلامي مُستوى تذوب عنده الفوارق والنزعات والاتِّجاهات؛ فتكون النتيجة الطبيعيَّة لهذه التركيبة الاجتماعيَّة أنْ تبرز التناقضات في الموقف، ويكون الـمُجتمع مُهيَّأَ للفرقة والتشتُّت والتقلُّب.

ونلمس هذا مِن الـمُعاناة التي عاناها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في تربيته لهذا الـمُجتمع، وقد وصفعليه‌السلام ذلك الـمُجتمع بقوله: (إنَّهم أناس مُجتمعة أبدانهم، مُختلفة أهواؤهم، وإنَّ مَن فاز بهم فاز بالسَّهْم الأخيب، وأنَّه أصبح لا يطمع في نُصرتهم ولا يُصدِّق قولهم)(٢) .

وفي خُطبة لهعليه‌السلام شخَّص تلك التناقضات التي يعيشها ذلك الـمُجتمع، وأشار إلى الـمُعاناة التي عاشها معهم والمرارة التي تجرَّعها في سبيل تقويمهم، قالعليه‌السلام : (لقد أصبحت الأُمَم تخاف ظُلم رُعاتها، وأصبحتُ أخاف ظُلم رعيَّتي، استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سِرَّاً وجَهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، أشهودٌ كغياب وعبيدٌ كأربابٍ؟ أيُّها الشاهدة أبدانهم، الغائبة عقولهم الـمُختلفة أهواؤهم، الـمُبتلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يُطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يُطيعونه، لوددت - والله - أنَّ مُعاوية صارفني بكم

____________________

(١) صلح الإمام الحسن: ص٦٥.

(٢) الإمامة والسياسة: ١ / ١٣٨.

١٦٣

صَرْف الدينار بالدرهم، فأخذ مِنِّي عشرة منكم وأعطاني رجُلاً منهم.

يا أهل الكوفة، مُنيت بكم بثلاث واثنتين: صُمٌّ ذوو أسماع، وبُكمٌ ذوو كلام، وعُمي ذوو أبصار، لا أحرار صِدْق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء، تربت أيديكم، يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلَّما جُمِعت مِن جانب تفرَّقت مِن جانب)(١) .

لقد أعطى أمير المؤمنين عليٌّعليه‌السلام الصورة الواضحة للظواهر الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة للـمُجتمع الكوفي، ولقد كانت تجربة أمير المؤمنينعليه‌السلام مع هذا الـمُجتمع تجربة مُرَّة، وكذلك تجربة ولديه الإمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام .

أمَّا التشيَّع الذي ذُكِر أنَّه كان طابعاً واضحاً على مُجتمع الكوفة، فإنِّي لا أعتقد أنَّ ذلك التشيّع هو ذلك الإيمان الصحيح الواعي لقضيَّة أهل البيت وموقعهم مِن القرآن والرسالة، والذي يعني الفهم الصحيح للإمامة وموقعها مِن العقيدة الإسلاميَّة وأنَّها صِنو الرسالة.

نعم، توجد شريحة في ذلك الـمُجتمع تحمل هذا الإيمان وهذا الوعي، إلاَّ أنَّها قليلة بالقياس إلى كَثافة ذلك الـمُجتمع، وهذه الشريحة هي التي كان نصيبها الـمُطاردة والقتل، والسجن والتجويع مِن قِبَل الحُكَّام الأُمويِّين.

أمَّا التشيُّع الذي كان واضحاً على الـمُجتمع الكوفي في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام فإنَّه التشيُّع العاطفي الـمُجرَّد مِن الوعي الرسالي، وهذا الـمُستوى مِن التشيُّع ليس له ذلك التأثير الثابت على مواقف الإنسان، فسُرعان ما يتغيَّر ويتأثَّر بالمؤثِّرات الخارجيَّة مِن ترغيبٍ أو ترهيبٍ، وهذه هي السِمة البارزة على مُجتمع الكوفة، وقد شخَّصها الفرزدق عند لقائه مع سيِّد الشهداء في أثناء الطريق في منطقة تُسمَّى بـ (الصفاح).

____________________

(١) نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده: ص١٨٨ وص١٨٦.

١٦٤

(قال الفرزدق للإمامعليه‌السلام : بأبي أنت وأُمِّي! يا بن رسول الله، ما أعجلك عن الحَجِّ!.

فأجابه بأُسلوب الحكيم: (لو أُعجِّل لأُخِذت)، فلم يُطِل معه. ثمَّ سأله الإمام عن أوضاع الكوفة، فقال الفرزدق: قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أُميَّة، وأضاف قائلاً: والقضاء ينزل مِن السماء، والله يفعل ما يشاء، وربُّنا كلُّ يوم هو في شأن.

فصادق الإمام على ما تُنزِله وتقتضيه إرادة السماء فقال:

(صدقت، لله الأمر مِن قبلُ ومِن بعد، يفعل الله ما يشاء وكلُّ يومٍ ربُّنا في شأن، إنْ نزل القضاء بما نُحبُّ فنحمد الله على نعمائه، وهو الـمُستعان على أداء الشكر، وإنَّه حال القضاء دون الرجاء فلم يتعدَّ مَن كان الحَقُّ نيَّته والتقوى سريرته).

وأردفعليه‌السلام قائلاً:

لئِنْ تكن الدنيا تُعدُّ نفيسةً

فدار ثواب الله أعلى وأنبل

وإنْ كانت الأبدان للموت أُنشئت

فقتل امرئٍ بالسف في الله أفضل

وإنْ كانت الأرزاق شيئاً مُقدَّراً

فقلَّة سعي المرء في الرزق أجمل

وإنْ كانت الأموال للترك جمعها

فما بالُ متروكٍ به الـمَرْءُ يبخل

١٦٥

ففهم الفرزدق صَرامة الإمام وعزمه الـمُقدام على الـمُضيِّ حتَّى الفتح الأكبر)(١) .

فنُلاحظ - هنا - أنَّ الفرزدق قد شخَّص حالة مُجتمع الكوفة آنذاك، وبأنَّه يعيش حالة مِن الانشطار ما بين واقعه النفسي والعاطفي، وبين المواقف العمليَّة تِجاه الإمام، فهو يحمل عاطفة تِجاه الحسينعليه‌السلام ولكنْ لـمَّا كانت هذه العاطفة لم يكنْ منشؤها الوعي الإيماني، المبنيَّ على الفهم الصحيح لدور أهل البيت وموقعهم القيادي في حياة الأُمَّة... لـمَّا لم تكن هذه العاطفة كذلك لم يكن لها أيُّ أثر على موقف ذلك الـمُجتمع تجاه الإمامعليه‌السلام .

وقد كشف أبو الأحرار في خُطبته يوم عاشوراء الواقع السيِّء لذلك الـمُجتمع، حينما قالعليه‌السلام - وقد وجّه خطابه إليهم قائلاً - لهم:

(تبَّاً لكم أيَّتُها الجماعة وترحاً، أفحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجِفين، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم،

____________________

(١) التسيير الذاتي لأنصار الحسين: ص١٥٩ وص١٦٠، هذا وقريب منه أنَّ الإمام الحسينعليه‌السلام التقى مع الفرزدق في مكان يُقال له: (الشقوق) موضع بعد زُبالة للذاهب مِن الكوفة إلى مَكَّة وذكر الأبيات الأربعة مع بعض الاختلافات، كلُّ ذلك ذكره ابن أعثم الكوفي الـمُتوفَّى نحو ٣١٤ هـ في الفتوح: ج٥: ص٧١، وكذلك نقل الـمُقرَّم عن الخوارزمي في مقتله ج١ ص٢٣٣ وقال: (اشتباه)، بينما نقل ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب: ج٤: ص١٠٣ طبع دار الأضواء: فلـمَّا نزل شقوق أتاه رجل فسأله عن العراق فأخبره بحاله فقال: (إنَّ الأمر لله يفعل ما يشاء وربُّنا تبارك كلُّ يومٍ هو في شأن، فإنْ نزل القضاء فالحمد لله على نعمائه وهو الـمُستعان على أداء الشكر، وإنْ حال القضاء دون الرجاء فلم يبعُد مَن الحَقُّ نيَّتُه) ثمَّ أنشد:

فإنْ تكن الدنيا تُعدُّ نفيسةً

فدار ثواب الله أعلى وأنبل

وإنْ تكن الأموال للترك جمعها

فما بالُ متروكٍ به الحُرُّ يبخل

وإنْ تكن الأرزاق قِسماً مُقدَّراً

فقلَّة حرصٍ المرء في الكسب أجمل

وإنْ تكن الأبدان للموت أُنشئت

فقتل امرئٍ بالسيف في الله أفضل

عليكم سلام الله يا آل أحمدٍ

فإنِّي أراني عنكمُ سوف أرحل

فيبدو مِن ابن شهرآشوب: أنَّ الذي التقى مع الإمامعليه‌السلام رجل غير الفرزدق، وأنَّ الأبيات أنشدها الإمام وكانت لغيره، خصوصاً مع إضافة البيت الخامس، بينما الذي ذكره ابن أعثم والخوارزمي: إنَّ الذي التقى مع الإمامعليه‌السلام هو الفرزدق والأبيات للإمام أنشأها.

١٦٦

وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوِّنا وعدوِّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدلٍ أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلاَّ لكم الويلات، تركتمونا والسيف مَشيم والجأش طامن والرأي لـمَّا يَستحصِف، ولكنْ أسرعتم إليها كطيرة الدبا، وتداعيتم عليها كتهافت الفراش، ثمَّ نقضتموها، فسُحقاً لكم يا عبيد الأُمَّة، وشُذَّاذ الأحزاب، ونَبذة الكتاب، ومُحرِّفي الكَلِم، وعُصبة الآثام، ونفثة الشيطان، ومُطفئي السُّنن. ويحَكُم! أهؤلاء تعضدون وعنَّا تخاذلون. أجل والله، الغدر فيكم قديم، وشجت إليه أصولكم، وتآزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث ثمرة شجىً للناظر وأكلة للغاصب)(١) .

وأيُّ تصوير أدقُّ مِن هذا التصوير لما اتَّصف به ذلك الـمُجتمع مِن مظاهر اجتماعيَّة مُنحرفة، وما ساده مِن النزعات الشيطانيَّة والرذائل الخُلقيَّة مِن سرعة التلوُّن والغدر والانقلاب، على مَن جاء مُلبِّياً استغاثتهم؛ ليُخلِّصهم مِن رِبقة الذِّلِّ الذي كانوا يعيشونه، تحت وطأة الظلم مِن أعدائهم وأعداء الأُمَّة، فسُرعان ما وقفوا إلى جانب جلاَّديهم في وجه مُحرِّريهم، فأصبحوا القوَّة الضاربة، والأداة الـمُنفِّذة لمآرب الظالمين.

وقد أصبحوا بذلك مِن أحطِّ شعوب الأرض، فهُمْ عبيد الأُمَّة وشُذَّاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، وعصبة الإثم ومُحرِّفي الكَلِم ومُطفئي السُّنن... إلى آخر القائمة مِن الصفات الدنيئة والنزعات الشريرة.

____________________

(١) اللهوف: ص٥٨.

١٦٧

وهنا تأتي الإشكاليَّة ويطرح السؤال نفسه: أما كان الإمام الحسينعليه‌السلام مُطَّلعاً على سلبيَّات هذا الـمُجتمع وتقلُّباته؟ ألم يُعايش الإمام هذا الـمُجتمع إلى جانب أبيه أمير المؤمنين وأخيه الإمام الحسنعليهم‌السلام في مِحنتهما مع الـمُجتمع الكوفيِّ؟ فكيف يثق الإمام في هؤلاء، فيستجيب لرسائلهم ودعوتهم بالخروج إليهم حتى حَدَثَ ما حَدَثَ؟

هذا الأشكال أو هذا التساؤل طالما طُرِح مِن قِبَل الكثيرين في القديم والحديث، وقد أُجيب عليه بوجوه مُختلفة، تتناسب مع القراءات الـمُختلفة والتفسيرات الـمُتعدِّدة للثورة الحسينيَّة الـمُقدَّسة، وهنا يأتي الجواب مَبنيَّاً على ما سَبَق مِن القراءات لنصوص الثورة، فنُذكِّر القارئ الكريم بما أشرنا إليه سابقاً مِن أنَّ الإمام الحسينعليه‌السلام لم يكن الانتصار العسكري على الدولة الأُمويَّة في حساباته، وأنَّ الهدف الـمُقدَّس الذي وضعه نُصب عينيه - ولا هدف سواه - هو التضحية والشهادة لإيقاظ الأُمَّة مِن رقْدتها الـمُميتة، وتجديد روح الجهاد ومُقاومة الفساد والانحراف؛ ولتبقى هذه الروح سارية المفعول في حياة الأُمَّة بكلِّ أجيالها.

وإنَّ هذا الهدف وذلك التصميم لدى سيِّد الشهداء لم تبعثه رسائل أهل الكوفة، وإنَّما الباعث له هو الشعور بالمسؤوليَّة أمام الله والإسلام والأُمَّة؛ لأنَّه تكليف ربَّاني اندفع الإمام للقيام به وامتثاله.

ولم يكن أبو الأحرار يجهل حال الـمُجتمع الكوفي وتناقضاته، إلاَّ أنَّ الإمام وجد المسير نحو العراق هو أفضل الخيارات - إنْ لم يكن الخيار الوحيد الـمُناسب لهدفه الـمُقدَّس - لا لأنَّهم كتبوا إليه فقط، بلْ لأنَّ العراق أنسب أرضيَّة اجتماعية تتنامى فيه جماهير الثورة فيما بعد الشهادة، بالرغم مِن أنَّ الـمُجتمع الكوفي قد نفَّذ إرادة السلطة الحاكمة في قتال وقتل الإمامعليه‌السلام ؛ نظراً إلى ما أشرنا إليه فيما سَبَق مِن وجود شريحة واعية لقضيَّة أهل البيت مع قِلَّتها، إلاَّ أنَّها تُمثِّل النواة لتنامي هذا الخَطِّ مع مرور الأيَّام.

١٦٨

بالإضافة إلى ذلك أنَّ الإمامعليه‌السلام إذا لم يخرج إلى العراق، فما هو البديل الـمُتصوَّر مِن بين سائر الأقطار الإسلاميَّة، لينطلق منه الإمام لأداء رسالته الجهاديَّة، والخيارات التي يُمكن تصوُّرها هي كما يلي:

الخيار الأوَّل: السكوت والتراجع عن الثورة، والاستسلام لذلك الواقع الـمُنحرف عن خَطِّ الإسلام، هذا ما لا يرتضيه الإمام لنفسه بأنْ يقعد عن أداء مسؤوليَّته الرساليَّة ويترك الإسلام والأُمَّة يسيران نحو الهاوية التي يُريدها لهما الحُكم الأُموي.

الخيار الثاني: أنْ يبقى في مَكَّة فيُعلن رفضه لبيعة يزيد وعدم اعترافه بحُكمه، وعندها يُقتَل في داخل الحرم فيُهتك حرم الله، وهذا ما يتحاشاه الإمام؛ لأنَّه هو أحرص الناس على حُرمة بيت الله تعالى، وهذا ما أجاب بهعليه‌السلام يقول: (ولئنْ أقلَّ وبيني وبين الحرم باعٌ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُقتَل وبيني وبينه شبراً، ولئن أُقتل بالطَّفِّ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُقتل بالحرم)(١) .

الخيار الثالث: أنْ يبقى في المدينة المنوَّرة مع رفضه لبيعة يزيد، ويواصل أداء تكليفه مِن هناك؛ وتكون النتيجة بأنْ يُستشهَد الإمام مِن دون أنْ يكون لشهادته أيُّ مَدٍّ ثوريٍّ في حياة الأُمَّة؛ لأنَّ النظام الأُموي سوف يعمل على خنق الثورة في مَهدها فلا يترتَّب عليها الأثر المنشود، على عكس ما كان لها مِن أثر عندما قام الإمام بتلك المسيرة التي قطعها نحو كربلاء، حيث كان على مدى أربعة أشهر قد قام بعمليَّة إعلاميَّة خطيرة لثورته الـمُقدَّسة، فاستطاع مِن خلالها أنْ يضع الأُمَّة أمام مسؤوليَّتها الشرعيَّة.

(إنَّه كان سيذهب إلى الكوفة، حتَّى إذا لم تكن دعوتهم له بتلك الحرارة وذلك الإلحاح؛ لأنَّ قضيَّته تُعرِّضه للخطر الـمُؤكَّد في المدينة أو مَكَّة دون عرض قضيَّته

____________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين: ص٣٢٦.

١٦٩

بشكل واضح، ورفعها أمام الأُمَّة كقضيَّة يُعتمَد عليها، مصيرها ووجودها أمر مُحتَّم؛ وحينذاك لن يجني هو أو الأُمَّة أيَّ شيءٍ جرَّاء ذلك الموت، وستُزوَّر القضيَّة برُمَّتها وتُعرَض بالشكل الذي يُريده الإعلام الأُموي ثمَّ يضيع كلُّ شيءٍ)(١) .

وكذلك الحال لو اختار جِهة أُخرى - كاليمن مثلاً - فإنَّه لا يتمكَّن أنْ يُعطي ثورته هذه القوَّة التي أوجدها في مسيرة الأُمَّة وأجيالها، فلو فعل ذلك (لم يكن ذلك سوى هزيمة أراد بها حِفظ حياته التي لم تمتدَّ على الأغلب إلاَّ لبِضع سنوات، فهو في مُنتصف العقد السادس مِن عمره الشريف، وسينتهي بموته كلُّ شيء بعد أنْ يقضي تلك السنوات القليلة معزولاً وبعيداً عن الأُمَّة، وستضيع قضيَّته وينتهي كلُّ شيء وكأنْ لم يَحدَث شيء.

إنَّ الأُمَّة ستُسجِّل في تاريخها أنَّ الحسينعليه‌السلام قد اكتفى برفض بيعة يزيد وحسب، وقد تهيَّأت له الظروف الموضوعيَّة للثورة، بعد أنْ دعاه أهل العراق ولم يذهب إليهم، ولو كان قد استجاب لدعوتهم لكانوا قد ساروا خلفه واستجابوا له بإخلاص وواجه معهم الدولة الأُمويَّة، وربَّما أطاح بها، وأنَّه قد أخطأ بقعوده في مَكَّة أو بهروبه إلى اليمن لو كان ذلك قد تمَّ فعله)(٢) .

وسوف يترك هذا الموقف أثره السيِّء على مسيرة الأُمَّة؛ حيث سوف تبقى مُستسلمة للجور والظلم، وتستمرُّ في انحدارها الـمُميت إلى أنْ تُصبح في حالة يصعب إرجاعها - معها - إلى خَطِّها الصحيح إنْ لم يكن ذلك مُستحيلاً.

فكان المضيُّ إلى الكوفة هو الخيار الأمثل للإمامعليه‌السلام ، وكان تعامله مع رسائل أهل الكوفة تعامُلاً طبيعيَّاً جِدَّاً، بغَضِّ النظر عن النتائج، فأرسل لهم جوابه الأوَّل الذي

____________________

(١) وتنفَّس صُبح الحسين: ص٤٤٦.

(٢) وتنفَّس صُبح الحسين: ص٤٤٩.

١٧٠

جاء فيه: (أمَّا بعد: فإنَّ هانئاً وسعيداً قَدِما عليَّ بكتبكم، وكان آخر مَن قَدِم عليَّ مِن رُسُلِكم، وقد فهمت كلَّ الذي قصصتم وذكرتم، ومَقالة جُلِّكم: إنَّه ليس علينا إمام فأقبل لعلَّ الله يجمعنا بك على الهُدى والحَقِّ، وقد بعثت إليكم أخي وابن عَمِّي وثقتي مِن أهل بيتي، وأمرته أنْ يكتب إليَّ بحالكم وأمركم ورأيكم، فإنْ كتب إليَّ أنَّه قد أجمع رأي مَلَئكم وذوي الفضل والحُجْى منكم مِثل ما قَدِمتْ عليَّ به رُسلكم، وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكاً إنْ شاء الله. فلعمري ما الإمام إلاَّ العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحَقِّ، والحابس نفسه على ذات الله والسلام)(١) .

وعندما وصل السفير الحسيني (مسلم بن عقيل) إلى الكوفة، قام بمُهمَّته التي أرسله الإمام مِن أجلها، وهي استطلاع أحوال أهل الكوفة، والكتابة إلى الإمام بما يظهر له مِن مواقفهم وآرائهم، وقد كان اندفاعهم نحو البيعة اندفاعاً سريعاً، إلاَّ أنَّ ذلك الاندفاع لم يكن نابعاً عن شعور بالمسؤوليَّة الشرعيَّة تجاه هذه الثورة وتجاه الرسالة الإسلاميَّة، وإنَّما هو اندفاع عاطفيٌّ يتناسب مع الظروف في بداية الأحداث في الكوفة، حيث كانت الظروف أشبه بالظروف الطبيعيَّة، فلا إرهاب ولا إرغاب. ولعلَّ الأغلبيَّة الساحقة مِن الـمُندفعين للبيعة إنَّما كان اندفاعهم رجاء نجاح الثورة الحسينيَّة في القضاء على النظام الأُموي، واستيلاء الإمام على أزمَّة الحُكم، فيُصيبوا شيئاً مِن عطايا وجوائز الحُكم الجديد، ولكنْ عندما انقلبت الأوضاع بعد دخول ابن زياد إلى الكوفة، تلاشى ذلك الحماس وتراجع ذلك الاندفاع، بلْ انقلب الموقف بعدما كانوا أنصاراً للثورة أصبحوا أنصاراً للنظام الحاكم.

____________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين: ص٣١٢ وص٣١٣، واللهوف: ص٥٨.

١٧١

ولعلَّ أبا الأحرار إنَّما يعني هذا المعنى حيث يقولعليه‌السلام :

(فهلاَّ لكم الويلات تركتمونا والسيف مَشيم والجأش طامن والرأي لـمَّا يَستحصف، ولكنْ أسرعتم إليها كطيرة الدبا، وتداعيتم عليها كتهافت الفراش، ثمَّ نقضتموها فسُحقاً لكم)(١) .

وشاءت الأقدار للسفير الحسيني العظيم (مسلم) أنْ يكون افتتاحيَّة ديوان الشهادة في هذه الثورة الـمُقدَّسة، حيث قام بمُهمَّته على أكمل وجه، وأبدى هذا البطل العملاق - مِن البطولة والجهاد - ما يُعتبر مِن أروع ما سجَّله التاريخ لأبطاله وصانعيه، فإنَّه قد واجه النظام الأُموي بكلِّ ما يمِلك في الكوفة مِن قوَّة عسكريَّة، مِن دون أنْ يُعطي مسلم أيَّ تنازلٍ عن شيء مِن مبادئه وأهدافه التي أُرسل مِن أجلها، حتَّى كتب بدمائه أوَّل مَلحمة مِن ملاحم الثورة، وعندما وصل خبر استشهاد مسلم إلى الحسين، وهو في طريقه إلى الكوفة، حزن عليه حزناً شديداً وأبَّنه بقوله:

(رحم الله مسلماً، فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحيَّته ورضوانه)، ثمَّ أضاف قوله: (إنَّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا)(٢) .

والجدير بالذكر أنَّ الإمامعليه‌السلام إلى الآن - أيْ في هذا الموقف - لم يصطدم بالنظام ولا زال لديه الفرصة للتراجع عن المضيِّ إلى الكوفة لو أراد ذلك، ولكنْ لـمَّا كان تصميمه

____________________

(١) حياة الإمام الحسين: ج٣: ص١٩٣.

(٢) التسيير الذاتي لأنصار الحسين: ص١٦٩.

١٧٢

السابق مواصلة السير نحو الكوفة، حتَّى يصطدم بالنظام في حرب جهاديَّة وتضحية دمويَّة، تهزُّ أركان الحُكم الأُموي، وتوجد خَطَّاً جهاديَّاً مُستمرَّاً، لـمَّا كان هذا هدفه استمرَّ في السير، ولم ينثنِ عن عزمه، وبهذا أجاب الإمام الحُرَّ الرياحي عندما التقى به في الطريق، والحر على رأس ألف فارس، وقد كُلِّف أنْ يجوب الصحراء مِن أجل مُحاصرة الحسين؛ ليدخله الكوفة بالقوَّة.

وبعد الجدال الذي حصل بينهما، وأصرَّ الإمام - وبقوَّة - على عدم إذعانه لإرادة الحُرِّ، قال الحُرُّ للإمام: إنِّي أُذكِّرك الله في نفسك، إنِّي لأشهد لئن قاتلت لتُقتلَنَّ. أيْ: إنْ قاتلت فيما بعد - لا يقصد مُقاتلة جيشه؛ إذ لم يكن الحُرُّ مُستعدَّاً لقتال الإمام أبد... - وسَخَر الإمام مِن التهديد بالقتل، فالقتل في سبيل الله ليس بعارٍ يَحذره الإمام، بلْ وسام الشرف الذي لا يُدانيه وسام، قال الإمام:

(أفبالموت تُخوِّفني؟! وهل يعدو بكم الخَطب أنْ تقتلوني؟! وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عَمِّه، وهو يُريد نُصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخوَّفه ابن عَمِّه وقال: أين تذهب فإنَّك مقتول، فقال:

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حَقَّاً وجاهد مُسلماً

وآسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً وباعد مُجرماً

فإنْ عشت لم أندم وإنْ مِتُّ لم أُلَمْ

كفى بك ذلَّاً أنْ تعيش وتُرغم(١)

ولـمَّا سمع الحُرُّ ذلك تنحَّى عنه، وعرف أنَّه مُصمِّم على الموت، وعازم على التضحية في سبيل غايته الهادفة إلى الإصلاح الشامل(٢) .

____________________

(١) الإرشاد للشيخ الـمُفيد: ج٢: ص٨١ وتقدَّمت بعض مصادره.

(٢) حياة الإمام الحسين: ج٣: ص٨١ وص٨٢.

١٧٣

وواصل أبو الأحرار مسيرته حتَّى حَطَّ رحاله بين النواويس وكربلاء، وهو مَقرُّ الـمَصرع الذي اختير له كما قالعليه‌السلام :

(وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تُقطِّعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مِنِّي أكراشاً جَوفاً وأجربة سُغباً، لا محيص مِن يوم خُطَّ بالقلم)(١) .

وقد شبَّه الإمام الفئة التي قامت بجريمة قتله بـ (عُسلان الفلوات)، وهي ذئاب الفلوات، فهم كالوحوش الـمُفترسة التي لا ترحم فريستها. وبهذا قد أخرجها الإمام مِن حَيِّز الإنسانيَّة.

____________________

(١) موسوعة الإمام الحسين: ص٣٢٨.

١٧٤

١٧٥

القراءة الرابعة

في البُعد الروحي

أ - تمهيد (البُعد الآخر في وجود الإنسان)

ب - الإنسان بين حُبِّ الله وحُبِّ الدنيا

ج - مظاهر الحُبِّ الإلهي في مُمارسات الثورة:

١ - الصلاة.

٢ - الدعاء.

٣ - الصبر.

١٧٦

١٧٧

تمهيد

(البُعد الآخر في وجود الإنسان)

إنَّ الله تبارك وتعالى قد خلق الإنسان مُركَّباً مِن بُعدين:

الأوّل: البُعد المادِّي، ويتمثَّل في هذا الجسم الذي قد توصَّل العلم إلى اكتشاف الكثير مِن أسراره وأبعاده.

وأمَّا البُعد الثاني: فيتمثَّل في البُعد المعنوي (الروحي) الذي لا يزال غامضاً برغم الدراسات، التي وضعت في هذا المجال.

(ويُظهر تاريخ العلم والمعرفة الإنسانيَّة، أنَّ قضيَّة الروح وأسرارها الخاصَّة كانت محط توجُّه العلماء، حيث حاول كلُّ عالم الوصول إلى محيط الروح السرِّي؛ ولهذا السبب ذكر العلماء آراءً مُختلفة وكثيرة حول الروح.

ومِن الـمُمكن أنْ تكون علومنا ومعارفنا اليوم - وكذلك في الـمُستقبل - قاصرة عن التعرُّف على جميع أسرار الروح والإحاطة بتفصيلاتها، بالرغم مِن أنَّ روحنا هي أقرب شيء لنا مِن جميع ما حولنا؛ وبسبب الفوارق التي تفصل بين جوهرة الروح وبين ما نأنس به مِن عوالم، فإنَّنا لن نُحيط بأسرار وكُنه الروح أُعجوبة الخلق والمخلوق الذي تتسامى على المادَّة، ولكنْ كلُّ هذا لا يمنعنا مِن رؤية أبعاد الروح بعين العقل، وأنْ نتعرَّف على النظم والأُصول العامَّة الحاكمة عليها)(١) .

____________________

(١) التفسير الأمثل: ج٩: ص١٠٤.

١٧٨

أمَّا خالق الروح، فإنَّه تعالى يقول:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) (١) .

والأمر الذي منه إيجاد الروح: هو كلمة الإيجاد السماويَّة وفعله تعالى الـمُختصُّ به، الذي لا تتوسَّط فيه الأسباب ولا يتقدَّر بزمان أو مكان وغير ذلك(٢) .

وأمَّا قوله:( ... وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) أيْ: ما عندكم مِن العلم بالروح الذي آتاكم الله ذلك قليل مِن كثير، فإنَّ له - الروح - موقعاً مِن الوجود وخواصَّاً وآثاراً في الكون عجيبة بديعة، أنتم عنها في حِجاب(٣) .

والبُعد الروحي مِن وجود الإنسان هو الذي يُمثِّل حقيقة الإنسان، وأمَّا الجسم فإنَّه لا يعدو كونه قالباً مُسخَّراً لذلك البُعد المعنوي، فإنَّ (العلماء الإلهيين والفلاسفة الروحيِّين يعتقدون بأنَّ الإنسان، وبالإضافة إلى المواد التي تدخل في تشكيل جسمه، ينطوي وجوده على حقيقة جوهريَّة أُخرى لا تتجلَّى فيها صفات المادَّة - وقد أقاموا الأدلَّة على ذلك في محلِّها - إنَّ جسم الإنسان يخضع لتأثيرها بشكل مُباشر وفاعل.

وبعبارة أُخرى: فإنَّ الروح هي حقيقة مِن حقائق ما رواء الطبيعة - أيْ الميتافيزيقيا - حيث إنَّ تركيبها وفعاليَّتها هي غير تركيب وفعاليَّة عالم المادَّة، صحيح أنَّها ذات ارتباط مع عالم المادَّة، إلاَّ أنَّها ليست مادَّة فلا تمتلك خواصَّ المادَّة)(٤) .

____________________

(١) الإسراء: ٨٥.

(٢) الميزان في تفسير القرآن: ج١٣: ص١٩٧.

(٣) الميزان: ج١٣: ص١٩٩.

(٤) التفسير الأمثل: ج٩: ص١٠٤.

١٧٩

الإنسان بين حُبِّ الله وحُبِّ الدنيا

وبما أنَّ الروح هي التي تُمثِّل حقيقة الإنسان، فإنَّ استقامته وانحرافه، وارتفاعه وانحطاطه، وكماله ونقصه يدور كلُّ ذلك مدار ما يحمل مِن مَلكات ومقوِّمات روحيَّة ومعنويَّة، والجدير بالذكر أنَّه لا بُدَّ للإنسان مِن جهة يتعلَّق بها روحيَّاً، فيكون ذلك التعلُّق هو المحور الأساسي، الذي تدور عليه نشاطات الإنسان ومُمارساته في الحياة، وهذه الجهة مردَّدة بين محورين: بين الله الخالق تعالى، وبين عالم المادَّة المحدود والحياة الدنيويَّة الزائلة، وحقيقة هذا التعلُّق هو الحُبُّ والعشق للـمُتعلِّق به، أيْ: أنَّ الإنسان يعيش بين هذين المحورين، فمتى جذبه أحدهما تلاشت علاقته بالآخر.

فإذا كان الإنسان مُرتبطاً بالله تعالى ارتباطاً روحيَّاً صحيحاً - وهذا هو الإيمان - فقد أصبح يملك محور كماله واستقامته، وتعاليه وسعادته، وبقدر ما يكون هذا الارتباط قويَّاً وثابتاً في أعماق وجود الإنسان، فإنَّه يملك القوَّة في مواقفه وتسطبغ حياته بالصبغة الإلهيَّة الربَّانيَّة، ومتى ما ضعف هذا الارتباط بين الإنسان وخالقه فإنَّ حياته تتَّسم بالضعف والتذبذب.

وأمَّا إذا تلاشى أو انقطع هذا الارتباط، فإنَّ حياة الإنسان سوف تتَّخذ منحىً آخر، بعيداً عن فطرته وإنسانيَّته وكماله؛ لأنَّه قد جذبه القطب الآخر وهو حُبُّ الدنيا، وبذلك سوف تختلف مظاهر حياته وأساليب تعامله مع الحياة والأشياء مِن حوله.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276