قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة21%

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 276

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50544 / تحميل: 5979
الحجم الحجم الحجم
قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وصاح به مُعاوية: أكفيني نفسك، وكُفَّ عَنِّي لسانك، وإنْ كنت فاعلاً فليكُن سِرَّاً ولا تسمعه أحداً علانية(١) .

فمِن هذا الحوار تتَّضح مُحاولات مُعاوية، وبذل جهوده لطمس ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ومَحو فضائلهم ومُميِّزاتهم التي يتحدَّث عنها القرآن، وأعلن عنها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله . مع مُحاولاته هو وسائر الأُمويِّين أنْ يجعلوا أنفسهم أقرب البيوتات إلى الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بلْ ادعوا أنَّهم هُمْ آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما مَرَّ.

وكذلك العباسيُّون لم يصلوا إلى كُرسيِّ الحُكم إلاَّ تحت شعار (الدعوة إلى الرضا مِن آل محمَّد) تمويهاً على الأُمَّة؛ لتستجيب لهم بالنهوض للقضاء على الدولة الأُمويَّة، وبعد وصولهم إلى كرسيِّ السُّلطة بذلوا ما لديهم مِن إمكانيَّات؛ ليجعلوا أنفسهم هم المعنيِّين بأهل البيت(٢) .

ولكنْ برغم هذه الـمُحاولات التي قام بها خصوم آل محمد، ومع ما كانوا يملكون مِن إمكانيَّات، فإنَّهم لم يستطيعوا أنْ يُخفوا هذه الحقيقة، ويرجع ذلك إلى أُمور منها:

أوّلاً: ما قام به النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله مِن بيان الحقيقة لأُمَّته بمُختلف الأساليب؛ فمَرَّة نجده يجمع أهل بيته: عليَّاً، وفاطمة، والحسنينعليهم‌السلام عند نزول آية التطهير عليه، وهو في بيت أُمِّ سَلَمة، ويُلقي عليه وعليهم كساءً أو بُردةً يمانيَّة، ويأخذ بطرفيها ويرفع طرفه إلى السماء فيقول: (اللَّهمَّ هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً)، قالت أُمُّ سلمة: فأدخلت رأسي لذلك فقلت: وأنا منهم يا رسول الله؟ قال: (إنَّكِ إلى خيرٍ)(٣) .

____________________

(١) حياة الإمام الحسين: ج٢: ص١١٢ - ١١٤.

(٢) حياة الإمام الرضا: ص٣٧ - ٦٣.

(٣) راجع كتاب أهل البيت في الكتاب والسُّنَّة: ص٢٧ - ٣٦.

٦١

وتارةً أُخرى نجدهصلى‌الله‌عليه‌وآله - عند خروجه لصلاة الفجر - يمرُّ ببيت عليٍّ، فيضرب الباب ويقول: (السلام عليكم أهل البيت، الصلاة، الصلاة( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) )، كما في العديد مِن الروايات(١) .

ثانياً: جهود الأئمَّة الطاهرين في قيامهم بالإعلام الـمُضادِّ لإعلام خصومهم؛ لبيان الحقيقة وكشفها لأجيال الأُمَّة، وإليك بعض المواقف مِن ذلك:

أ - موسى بن عبد ربَّه: سمعت الحسين بن علي يقول في مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياة أبيه عليعليه‌السلام : (سمعت رسول الله يقول: ألا إنَّ أهل بيتي أمان لكم فأحبُّوهم لحُبِّي، وتمسَّكوا بهم لن تضلُّوا. قيل: فمَن أهل بيتك يا نبيَّ الله؟ قال: عليٌّ وسبطاي وتِسعة مِن وِلد الحسين أئمَّة أُمناء معصومون، ألا إنَّهم أهل بيتي وعِترتي مِن لحمي ودمي)(٢) .

ب - أبو نعيم عن جماعة خرجوا في صُحبة أُسارى كربلاء، قالوا: فلـمَّا دخلنا دمشق أُدخل النساء والسبايا بالنهار مُكشَّفات الوجوه، فقال أهل الشام الجُفاة: ما رأينا سبايا أحسن مِن هؤلاء! فمَن أنتم؟ فقالت سُكينة ابنة الحسينعليه‌السلام : نحن سبايا آل محمد. فأُقيموا على درج المسجد، حيث يُقام السبايا، وفيهم عليُّ بن الحسين، وهو يومئذٍ فتى، فأتاهم شيخٌ مِن أشياخ أهل الشام، فقال لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وقطع قِرْن الفتنة، فلم يألُ عن شتمهم، فلـمَّا انقضى كلامه، قال له عليُّ بن الحسين: (أما قرأت هذه الآية:( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٣) ؟).

قال: بلى.

قال: (فنحن أُولئك).

____________________

(١) راجع كتاب أهل البيت في الكتاب والسُّنَّة: ص٢٧ - ٥٠.

(٢) كفاية الأثر: ص١٧١.

(٣) الشورى: ٢٣.

٦٢

ثمَّ قال: (أما قرأت:( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) (١) ؟).

قال: بلى.

قال: (فنحن هم).

قال: (فهل قرأت:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِير ) (٢) ؟).

قال: بلى.

قال: (فنحن هم).

فرفع الشاميُّ يده إلى السماء، ثمَّ قال: اللَّهمَّ إنِّي أتوب إليك - ثلاث مَرَّات - اللَّهمَّ إنِّي أبرأ إليك مِن عدوِّ آل محمد ومِن قتلة أهل بيت محمد، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم(٣) .

فنُلاحظ أئمَّة أهل البيتعليهم‌السلام يغتنمون الفرص الـمُتاحة لبيان هذه الحقيقة؛ ومِن هذا الـمُنطلق أعلن سيِّد الشهداءعليه‌السلام رفضه ومُعارضته لبيعة يزيد بن مُعاوية في دار الوليد بن عتبة بقوله: (يا أمير، نحن أهل بيت النبوَّة...).

٢ - (ومَعدِن الرسالة)

الـمَعدِن - بكسر الدال - مركز كلِّ شيءٍ، مِن عَدن بالمكان عَدْناً وعدوناً، أيْ: أقام به. وجَنَّات عَدْنٍ أيْ: جَنَّات إقامة لا زوال لأهلها ولا انتقال لهم عنها، ومنه الـمَعدن أيْ: مُستقرُّ الجوهر.

وفي الحديث: (الناس معادِن كمعادِن الذهب والفِضَّة)؛ لأنَّهم يتفاوتون في الكمالات الشرعيَّة على حسب استعداداتهم، ففيهم الجَيِّد والرديء كالمعادِن(٤) .

وكون أهل البيت معدِناً للرسالة، يعني أنَّهم مقرُّ ومقام للرسالة الإلهيَّة؛ لأنَّهم هم الحَفَظَة لتلك الرسالة والعالمون بأسرارها وأحكامها وكلِّ جزئيَّاتها، وهذا مِن خصائصهم التي ميَّزتهم على سائر الأُمَّة.

____________________

(١) الروم: ٣٨.

(٢) الأحزاب: ٣٣.

(٣) أمالي الصدوق ص١٤١، والاحتجاج: ج٢: ص١٢٠.

(٤) شرح الزيارة الجامعة الكُبرى: ج١: ص٣٦.

٦٣

فهم العالمون بتفسير الكتاب العزيز وتأويله، وهم الذين أوُكِل إليهم بعد الرسول الـمُبلِّغ بيان معالم وأحكام الرسالة الإلهيَّة وتفاصيلها.

قال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في خُطبةٍ له يذكر فيها آل محمّد: (هُمْ عَيْش العلم وموت الجهل، يخبركم حِلْمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصَمْتهم عن حُكم منطقهم، لا يُخالفون الحَقَّ ولا يختلفون فيه، وهُمْ دعائم الإسلام، وولائج الاعتصام. بهم عاد الحَقُّ إلى نصابه وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه مِن مَنبته وعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية، فإنَّ رواة العلم كثير ووعاته قليل)(١) .

لذلك قَرَن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بينهم وبين الكتاب العزيز، في الحديث الـمُتواتر مِن طُرق الفريقين وهو حديث الثقلين، حينما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنِّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً، لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض)(٢) .

وقد تضمَّن هذا الحديث عدداً مِن النقاط الخطيرة، الـمُتعلِّقة بعَلاقة أهل البيتعليهم‌السلام بالقرآن والأُمَّة، ومِن تلك النقاط قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (... لن يفترقا حتى يردا علي الحوض...)، فالرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله هنا ينفي أيَّ شكلٍ مِن أشكال الافتراق بين القرآن والعترة، ومِن كافَّة الجهات:

أوَّلاً: مِن ناحية الوجود والبقاء في وسط الأُمَّة.

فما دام القرآن موجوداً فالعِترة لا بُدَّ أنْ تكون موجودة، فالقرآن هو كتاب الدهر، وكذلك العِترة باقية إلى جانب كتاب الله بوجود شخصٍ تتمثَّل فيه العِترة، فإذا فرض

____________________

(١) نهج لبلاغة رقم الخُطبة ٢٣٩: ص٥١٥.

(٢) أهل البيت في الكتاب والسُّنَّة: ص١٢٥ - ١٢٩.

٦٤

عدم وجود العِترة، حصل الافتراق بين الثقلين الذي نفاه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث.

ثانياً: عدم الافتراق مِن الناحية العلميَّة.

بمعنى أنَّ علم العِترة بالكتاب لا يُحتمَل فيه الخطأ كما في غيرهم، فهم مُحيطون بكلِّ علوم القرآن، وعالمون بها علماً واقعيَّاً مُتطابقاً تمام التطابق، مع مُراد الله تعالى في كتابه، فلو لم يكن الأمر كذلك حصل الاختلاف بينهم، وهو وجه مِن وجوه الافتراق، ولو على مُستوى آية واحدة مِن آيات الكتاب العزيز.

ثالثاً: مِن الناحية العمليَّة.

بمعنى أنَّ أقوال وأفعال العِترة - صغيرها وكبيرها - لا يُحتَمل فيه الـمُخالفة لواقع كتاب الله تعالى، فلو صدر منهم عمل ما مَهْمَا كان صغيراً لا يتَّفق مع القرآن الكريم، فإنَّ في ذلك افتراقاً واضحاً بينهم وبين الكتاب، (فالحديث كما يُرشد إلى عصمة الكتاب، يُرشد إلى عصمة رجاله وعلمائه وأصحابه وقُرنائه بمنار واحد ومدلول ثابت فيهما معاً، ولو أنَّ أهل البيتعليهم‌السلام لا يتَّفقون مع الكتاب في العصمة وغير مأمونين مِن السهو والنسيان والغفلة والعصيان؛ لجاز أنْ ينطقوا - ولو أحياناً - بتأويل يُخالف الحقيقة ويُباين الحَقَّ، وأين هذا مِن عدم الضلالة أبداً بالتمسُّك بهم؟ وأين هو مِن اتِّفاقهم مع القرآن حتَّى آخر لحظة مِن الزمان؟ فلو لم يكن لدينا دليل على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام غير هذا لكفى به شاهداً ودليلاً)(١) .

فهم خَزَنة علم الرسالة وحماتها والـمُرابطون على ثغورها، وبرغم أنَّهم لم تُتْرَك لهم قيادة الأُمَّة لا سيَِّما القيادة السياسيَّة، فإنَّهم اضطلعوا بدورهم في الحِفاظ على وجود

____________________

(١) الثقلان الكتاب والعِترة: ص١٣٧.

٦٥

الأُمَّة ومواجهة الانحرافات التي تُهدِّد الإسلام بالدمار الشامل، وهذا الدور مِن أهل البيت جاء على مُستويين:

الـمُستوى الأوَّل: يتعلَّق بالحفاظ على كيان الأُمَّة كأُمَّة مُقابل الكيانات الأُخرى في العالم، حينما يتهدَّد وجودها بالخطر، ويتمثَّل ذلك في التدخُّل الإيجابي الموجَّه لرأس السلطة، الذي يتولَّى قيادة الأُمَّة عقيب وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فإنَّ تلك القيادات كانت تواجه قضايا ومشاكل كثيرة، عقائديَّة واجتماعيَّة، تُثيرها طبيعة الظروف التي تعيشها التجربة الإسلاميَّة بعد وفاة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بسبب الفتوحات التوسُّع في رُقعة العالم الإسلامي، ودخول فئات أُخرى في تركيبة الـمُجتمع الإسلامي، واختلاط أصحاب الأديان الأُخرى بالمسلمين، فهذه الجوانب لا بُدَّ أنْ تُفرز بعض الشُّبهات العقائديَّة والمشاكل الاجتماعيَّة، التي تحتاج إلى مواجهة حادَّة؛ لكي لا تُشكِّل خَطراً فكريَّاً واجتماعيَّاً على الأُمَّة.

وكان الخلفاء لا يُحسنون مواجهة تلك المشاكل والقضايا، ولا يقدرون على حَلِّها الحَلَّ الحاسم الذي يخدم التجربة الإسلاميَّة، بلْ لو أنَّهم حاولوا ذلك لأوقعوا الأُمَّة في أشدِّ التناقضات، ولأوقعوا الإسلام في أشدِّ الأخطار، ولأصبحت التجربة أقرب إلى الموت وأسرع إلى الهَلاك.

وهنا يأتي دور أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيتدخَّل تدخُّلاً إيجابيَّاً موجَّهاً في أنْ ينقذ التجربة مِن المزيد مِن الضياع، ومزيد مِن الانحراف والسير في الضلال، ولقد اعترفت تلك الزعامات بدور عليٍّعليه‌السلام الكبير والخطير، كما كان ذلك مِن عمر في أكثر مِن مجال، وأكثر مِن مُناسبة وبأكثر مِن عبارة(١) .

____________________

(١) راجع كتاب عليٌّ والخلفاء.

٦٦

ومِن الأمثلة على ذلك ما واجهته الدولة الإسلاميَّة في عهد عمر، وهو الموقف الـمُتعلِّق بالأرض المفتوحة، وذلك حينما فُتحت العراق ووقع الخلاف بين الصحابة، هل توزَّع أراضي العراق على الـمُجاهدين الـمُقاتلين، أو أنَّها تبقى مِلْكاً عامَّاً للمسلمين؟ وكان أكثرهم يرى توزيعها على الـمُقاتلين فقط، ولو كان ذلك لتشَّكل إقطاع لا نظير له في التاريخ في الـمُجتمع الإسلامي؛ لأنَّ هذا الحكم سوف ينسحب أيضاً على كلِّ الأراضي المفتوحة، بما في ذلك العراق وسوريا وإيران ومصر، فكلُّ أرض مفتوحة توزع على الـمُقاتلين الذين شاركوا في فتحها، وذلك فيه ما فيه مِن الأخطار على الأُمَّة، وابتعادها عن النظام الاقتصادي الإسلامي.

هذا الخطر الذي كان يُهدِّد الدول الإسلاميَّة لم يهتدِ عمر فيه إلى الحَلِّ الصحيح، وبقي مُتحيِّراً في هذه الـمُشكلة، فكان أمير المؤمنينعليه‌السلام هو الذي أنقذ الموقف، وبيَّن وجِهة النظر الإسلاميَّة في الموضوع، وأنقذ الإسلام مِن ذلك الدمار ولكي يطول عمر التجربة الإسلاميَّة(١) .

ولذا نجد المثيل لهذا الموقف في حياة الأئمَّة الآخرين أيضاً، فقد كان أهل البيتعليهم‌السلام يُراقبون الوضع العام للأُمَّة عن كَثب، فمتى ما تعرَّضت الأُمَّة إلى خطر تحرَّكوا لدفع ذلك الخطر مع غَضِّ النظر عن رأيهم في مَن يحُكم المسلمين؛ لأنَّهم لا يُهمُّهم إلاَّ مصلحة الإسلام والمسلمين(٢) .

هذا على مُستوى إنقاذ المواقف التي تُهدِّد الأُمَّة وتجربتها بالفَشل.

الـمُستوى الثاني: يتعلَّق ببيان أنَّ الرسالة الإسلاميَّة لا يُمثِّلها الواقع الـمُعاش عقيب وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنَّما يُمثِّلها أهل البيت الذين انصهروا انصهاراً تامَّاً في تلك الرسالة، فقد

____________________

(١) أهل البيت تنوُّع أدوار ووحدة هدف (بتصرُّف).

(٢) كموقف الإمام الباقر في تحرير النقد الإسلامي.

٦٧

كانت مواقفهم تُمثِّل الـمُعارضة لذلك الانحراف، والـمُعارضة السِّلميَّة في أكثر الأحيان، وفي أحيان أُخرى تكون مُعارضة عنيفة إذا ما اقتضى الأمر ذلك، حيث لا يُجدي الأُسلوب السِّلمي، فيقف أهل البيتعليهم‌السلام الموقف الذي يُكلِّفهم الكثير مِن التضحيات.

وواصل أئمَّة أهل البيتعليهم‌السلام نشاطهم في تعميق هذا الخطِّ المعارض للواقع الـمُنحرف، وتوضيح مدى الانفصال ما بين الواقع الذي تعيشه الأُمَّة، وبين واقع الرسالة الإسلاميَّة مِن جِهتيها الفكريَّة والعمليَّة، حتَّى بلغت الأُمَّة درجة مِن الانحدار لا يُمكن السكوت عليها، حيث بلغ الانحدار مُستوى يُهدِّد أُسِس الرسالة والـمُقدَّسات الأساسيَّة لوجود الأُمَّة، كأُمَّة مسلمة ذات رسالة سَماويَّة واجبها في الحياة أنْ تُقيم حُكم الله في الأرض.

والدليل على هذا الانحدار قَبول الأُمَّة بقيادة بعيدة كلَّ البُعْد عن روح الرسالة، بأنْ تقبل بقيادة يزيد بن مُعاوية حاكماً على المسلمين باسم الإسلام، ومُمثِّلاً لصاحب الرسالة.

لا شكَّ أنَّ هذا الوضع يُمثِّل نَكسة حضاريَّة خطيرة، تُهدِّد وجود الإسلام ووجود الأُمَّة المسلمة، التي يجب أنْ تكون حياتها محكومة بالإسلام، وليس في الأُمَّة مِن أحد - آنذاك - مَن يضع حَدَّاً لهذا الانحدار، وهذا الانقلاب الحضاري في حياة الأُمَّة إلاَّ سيِّد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام ، عندما أعلن ثورته في وجه النظام الأُموي، مُحاولاً إصلاح وضع الأُمَّة كما قالعليه‌السلام :

(إنِّي لم أخرج أشراً ولا بَطراً، ولا مُفسِداً ولا ظالماً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي رسول الله، أُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن الـمُنكر)(١) .

____________________

(١) تقدَّمت مصادره في: ص١٨: هامش ١، وفي ص٣٦ هامش ١.

٦٨

٣ - (ومُختلَف الملائكة)

الـمُختلَف هو المكان الذي يُتردَّد عليه ذهاباً وإياباً، ومُختلَف الملائكة هو مَحلُّ تردُّد الملائكة صعوداً ونزولاً، وأهل البيتعليهم‌السلام هُمْ مَحلُّ تردُّد الملائكة.

ومِن كمال البحث أو مِن لوازمه الإشارة إلى دور الملائكة، الذي يتعلَّق بهذا الاختلاف، ودورهم يأتي في مجالين:

أ - الـمَجال التشريعي.

ب - المجال التكويني.

أمَّا دورهم في المجال التشريعي فواضح، وهو نزولهم بالوحي الإلهي على الأنبياء والرُّسل، يحملون الأوامر والنواهي الإلهيَّة.

وأمَّا دورهم في المجال التكويني، فهو كونهم وسائط في التدبير الإلهي لهذا الكون.

قال في الميزان: (وأمَّا وساطتهم في تدبير الأُمور في هذه النشأة، فيدلُّ عليها ما في مُفتَتح هذه السورة - سورة النازعات - مِن إطلاق قوله تعالى:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ) (١) .

وكذا قوله تعالى:( جَاعِلِ الـمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ) (٢) الظاهر بإطلاقه... في أنَّهم خُلقوا وشأنهم أنْ يتوسَّطوا بينه تعالى وبين خلقه، ويُرسَلون لإنفاذ أمره الذي يُستفاد مِن قوله تعالى في صِفتهم:( ... بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ *

____________________

(١) النازعات: ١ - ٥.

(٢) فاطر: ١.

٦٩

لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (١) ، وقوله تعالى:( يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٢) وفي جعل الجناح لهم إشارة إلى ذلك.

فلا شُغل للملائكة إلاَّ التوسُّط بينه تعالى وبين خلقه بإنفاذ أمره فيهم، وليس ذلك على سبيل الاتِّفاق بأنْ يُجري الله سبحانه أمره بأيديهم، ثمَّ يُجري مِثله لا بتوسيطهم، فلا خلاف ولا تخلُّف في سُنَّته تعالى:( ... إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٣) وقال تعالى:( ... فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ) (٤) .

ومِن الوساطة كون بعضهم فوق بعض مُقاماً، وأمر العالي منهم السافل بشيء مِن التدبير، فإنَّه في الحقيقة توسُّط مِن المتبوع بينه تعالى وبين تابعه في إيصال أمر الله تعالى، كتوسُّط مَلَك الموت في أمر بعض أعوانه بقبض روح مِن الأرواح، قال تعالى حاكياً عن الملائكة:( وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ) (٥) ، وقال تعالى:( مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) (٦) .

ولا يُنافي هذا الذي ذُكر: مِن توسُّطهم بينه تعالى وبين الحوادث، أعني: بكونهم أسباباً تستند إليها الحوادث، لإسناد الحوادث إلى أسبابها القريبة المادِّيَّة، فإنَّ السببيَّة طوليَّة لا عَرضيَّة، أيْ: أنَّ السبب القريب سبب للحادث، والسبب البعيد سبب للسبب.

كما لا يُنافي توسُّطهم واستناد الحوادث إليهم، استناد الحوادث إليه تعالى، وكونه هو السبب الوحيد لها جميعاً على ما يقتضيه توحيد الربوبيَّة، فإنَّ السببيَّة طوليَّة - كما سمعت -

____________________

(١) الأنبياء: ٢٦ - ٢٧.

(٢) النحل: ٥٠.

(٣) هود: ٥٦.

(٤) فاطر: ٤٣.

(٥) الصافات: ١٦٤.

(٦) التكوير: ٢١.

٧٠

لا عَرضيَّة، ولا يزيد استناد الحوادث إلى الملائكة استنادها إلى أسبابها الطبيعيَّة القريبة، وقد صدق القرآن الكريم استناد الحوادث إلى أسبابها الطبيعيَّة، كما صدق إسنادها إلى الملائكة...

فمَثل هذه الأشياء في إسنادها إلى أسبابها الـمُترتِّبة - القريبة والبعيدة - وانتهائها إلى الله سبحانه وتعالى بوجه بعيد كمَثل الكتابة يكتبها الإنسان بيده والقلم، فللكتابة استناد إلى القلم ثُمَّ إلى اليد التي توسَّلت إلى الكتابة بالقلم، وإلى الإنسان الذي توسَّل إليها باليد والقلم، والسببيَّة الحقيقيَّة معناها هو الإنسان الـمُستقلُّ بالسببيَّة مِن غير أنْ يُنافي سببيَّته استناد الكتابة بوجه إلى اليد والقلم(١) .

فاتَّضح مِمَّا تقدَّم دور الملائكة وتبين وظيفتهم في عالم التكوين، وهي التوسُّط في جريان القَدَر والقضاء الإلهيَّين، هكذا أراد الله تعالى وجعل عالم الإمكان على هذا النظام.

أمَّا عَلاقة أهل البيتعليهم‌السلام بهذا الـمُستوى مِن الأُمور الإلهيَّة، هي أنَّهم مَحلُّ اختلاف الملائكة وتردُّدهم بما يحملون مِن أُمور ربَّانيَّة في مجال التكوين.

فالمعصوم في زمانه هو الذي يستقبل ما يحمله الملائكة مِن تقديرات ربَّانيَّة، كما ورد ذلك في شأن ليلة القدر في قوله تعالى:( تَنَزَّلُ الـمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) (٢) .

حيث (نستوحي استمراريَّة ليلة القدر مِن قوله تعالى:( تَنَزَّلُ الـمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ... ) دون (تَنزل)، فالفعل الـمُضارع يدلُّ على استمراريَّة نزول الملائكة والروح.

فإذاً، ليلة القدر بهذا الاعتبار مُستمرَّة طول الزمن، ومنذ البعثة وإنْ كانت باعتبار نزول

____________________

(١) تفسير الميزان: ج٢٠ ص١٨٣ - ١٨٤.

(٢) القدر: ٤.

٧١

القرآن ليلة واحدة بداية البعثة، أو كانت ثلاثاً وعشرين ليلة طول البعثة بالاعتبارين، لكنَّها مُستمرَّة بنزول الملائكة والروح، وعلى حَدِّ تعبير الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هي إلى يوم القيامة.

فهلْ تَنزُل الملائكة والروح مِن كلِّ أمر على بقاع الأرض؟ كلا، إنَّما على قلبٍ واعٍ، قلبُ محمدٍ أو قلبٍ محمديٍّ لا سواه، قلبٍ واعٍ ما يتنزَّل عليه مِن كلِّ أمرٍ، لا القلوب المقلوبة وغير الـمُستعدَّة لهكذا نزول هامٍّ في كلِّ سنة. إنَّها القلوب الطاهرة مِن أهل بيت العصمة المحمديِّ دون سواهم، مِمَّن رعاهم وربَّاهم بالوحي، مِن عليٍّ أمير المؤمنين إلى المهديِّ القائم محمد بن الحسن العسكري عليهم أزكى التحيَّة والسلام.

وبهذه المنزلة السامية، تُصبح سورة القدر حاكية عن منزلة أهل بيت العصمة، وهي نسبتهم الروحانيَّة ما أعلاها(١) .

وهناك النصوص العديدة الواردة عنهمعليهم‌السلام التي تُشير إلى هذه الحقيقة.

في تفسير القُمِّي، قيل لأبي جعفرعليه‌السلام : تعرفون ليلة القدر؟

فقالعليه‌السلام : (وكيف لا نعرف ليلة القدر، والملائكة يطوفون بنا فيها)(٢) .

وفي التوحيد عن الباقرعليه‌السلام : (إنَّ لله تعالى علماً خاصَّاً وعلماً عامَّاً، فأمَّا العلم الخاصُّ فالعلم الذي لم يُطلِعْ عليه ملائكته الـمُقرَّبين وأنبياءه الـمُرسلين، وأمَّا علمه العامُّ فإنَّه علمه الذي أطلع ملائكته الـمُقرَّبين وأنبياءه الـمُرسلين، وقد وقع إلينا مِن رسول الله)(٣) .

____________________

(١) الفُرقان في تفسير القرآن: ج٣: ص٣٨٣ - ٣٨٥.

(٢) تفسير القُمِّي: ج٢: ص٤٣٤.

(٣) التوحيد: ص١٣٨.

٧٢

٤ - (ومَحلُّ الرحمة)

مِن الطبيعي بعدما يكون أهل البيتعليهم‌السلام مِن بيتهم انطلقت النبوَّة، وهُمْ الـمَحلُّ الذي استقرَّت فيه الرسالة بكلِّ أبعادها، وإليهم تختلف الملائكة بما يحملون مِن أُمورٍ إلهيَّة وتكوينيَّة تشريعيَّة، فما داموا قد اجتمعت لهم هذه الجهات، فمِن الطبيعي أنْ يكونوا مَحلُّ الرحمة الإلهيَّة الـمُفاضة مِن مصدر الرَّحمة وهو المبدأ الأعلى تعالى، فهم الوسيلة والقناة الـمُوصلة لهذه الرحمة إلى سائر الخَلْق.

٥ - (بنا فتح الله وبنا ختم)

ذكر العلماء في توجيه هذه الجملة، وما في معناها كما في الزيارة الجامعة الكُبرى: (بكم فتح الله وبكم يختم) ذكروا لذلك توجيهاً على مُستويين.

الـمُستوى الأوَّل: أنَّ الـمُراد بالفتح والختم بهم، هو الفتح والختم التكويني، بمعنى أنَّ الله تعالى قد فتح عالم الإمكان بإيجاد أنوارهمعليهم‌السلام ، كما نطق بذلك العديد مِن الروايات، كالحديث الوارد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قلت: يا رسول الله، أوَّل شيء خَلَقَه ما هو؟

فقال: (نور نبيِّك يا جابر، خَلَقه الله ثمَّ خلق منه كلَّ خير...)(١) .

قال في الميزان بعد ذكره لحديث جابر: (والأخبار في هذه المعاني كثيرة مُتظافرة)(٢) . فهم فاتحة الكتاب التكويني، وأنوارهم الـمُقدَّسة هي وسائط الفيض الإلهي، وفي الأخبار أنَّهمعليهم‌السلام (مفاتيح الرحمة، ومفاتيح الجنان، ومفاتيح الحكمة، ومفاتيح الكتاب)(٣) .

وكذلك يختم الله تعالى بهم وجود هذه النشأة، وذلك بمهديِّهم أو برجعتهمعليهم‌السلام (في

____________________

(١) الميزان في تفسير القرآن: ج١: ص١٢١.

(٢) الميزان في تفسير القرآن: ج١: ص١٢١.

(٣) الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة: ج٥: ص٢٢٢.

٧٣

بصائر الدرجات بإسناده عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : (الحُجَّة قَبل الخَلَق، ومع الخَلَق، وبعد الخَلَق)(١) .

ويُفهَم مِن قولهعليه‌السلام : (... وبعد الخلق...) أنَّه تعالى بهم يختم.

الـمُستوى الثاني: هو الفتح والختم التشريعيَّين، بمعنى أنَّ الله تعالى فتح بهم وجود هذه الرسالة ببعثة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويختم بمهديِّهم؛ حيث تتحقَّق على يده الأهداف الإلهيَّة الكُبرى مِن نزول هذه الرسالة، حيث تكون لها السيادة والحاكميَّة الـمُطلقة في العالم، وذلك بقيادتهم وإمامتهم، وهذا ما دلَّت عليه النصوص الواردة مِن طريق الفريقين، التي تتحدَّث عن الإمام المهدي وقيام دولته العالميَّة(٢) .

بعد هذه الوقفات القصيرة أمام هذه الخصائص لأهل البيتعليهم‌السلام ، التي جاءت في الإعلان الحُسيني الأوَّل لـمُعارضته للحُكم الأُموي، يتَّضح مُراد سيِّد الشهداء مِن ذكره لهذه الخصائص، فإنَّ هذه الخصائص التي لا يوجد شيء منها في غيرهم، تُحتِّم أنَّ قيادة الأُمَّة لهم وفيهم، فما داموا هُمْ أهل البيت الذي انطلقت منه الرسالة، وهُمْ حَضنتها والحَفظة للشريعة التي تتعلَّق بحياة الأُمَّة، وفي بيتهم وعليهم تتردَّد، وتختلف الملائكة بما يحملون مِن فيوضات إلهيَّة تكويناً وتشريعاً، وهُمْ الذين فتح الله بهم رسالته ويختم أمره بقائمهم، أو رجعتهم فلهم القيادة بِدءاً وختاماً، فكيف لا تكون لهم القيادة البشريَّة ما بين البدء والختام؟!

إلاَّ أنَّ الأُمَّة قد أخطأت حظَّها بتنكُّرها لأهل البيتعليهم‌السلام ، واستبدلتهم بسواهم حتَّى صار أمرها بأيدي عناصر لا تعنيهم كرامة الأُمَّة واستقامتها، لا مِن قريب ولا مِن

____________________

(١) المصدر السابق: ج٥: ص٢٢٢.

(٢) يُراجع في ذلك قلائد الدُّرَر، وموسوعة الإمام المهدي، وغيرهما.

٧٤

بعيد، وقد أشار أبو الأحرار في بعض بياناته يوم عاشوراء إلى النَّكسة التي وقعت فيها الأُمَّة، حيث ارتدَّت على أهل بيت نبيِّها تُقاتلهم، قالعليه‌السلام :

(تبَّاً لكم أيَّتها الجماعة وتَرحاً، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سَللتم علينا سَيفاً لنا في أيمانكم، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوِّنا وعدوِّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلاَّ لكم الويلات إذ تركتمونا والسيف مَشيم والجأش طامن والرأي لـمَّا يُستحصَف)(١) .

ولا نعرف فيما يُصيب الأُمم مِن المآسي مأساة آلم وأفجع مِن أنْ ينقلب الإنسان على نفسه، فيؤثِّر ضَرَّه على نفعه، وفساده على صلاحه، ويُحارب أولياءه ويتحبَّب إلى أعدائه... إنَّنا لا نشكُّ أنَّ الأُمَّة تعرَّضت في هذه الفترة لرِدَّة حضاريَّة عجيبة مِن قبيل ما يقول تعالى:( ... أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ... ) (٢) .

وآية هذه الرِّدَّة الحضاريَّة التي تنتكس فيها الأُمَّة، هي أنْ يتحوَّل الأولياء في حياة الأُمَّة إلى موضع الأعداء، ويتحوَّل الأعداء إلى موضع الأولياء.

وعندما يتبادل هذان القُطبان(الولاء والبراءة) في حياة الناس مواضعهما، ويأخذ كلٌّ منهما موضع الآخر فإنَّ هذه الأُمَّة تواجِه أمراً يختلف عن أيِّ أمر آخر.

وهذا الأمر هو الانقلاب الحضاري الشامل، أو الرِّدَّة الحضاريَّة إذا كان هذا الانقلاب باتِّجاه رجعيٍّ.

____________________

(١) معالم المدرستين: ج٢: ص١٠٠. واللهوف: ص٥٨، واللفظ له.

(٢) آل عمران: ١٤٤.

٧٥

والأُمَّة في هذه الحالة تتنكَّر لنفسها وتنقلب عمَّا هي عليه إلى شيء آخر، فإنَّ هوية الأُمَّة وشخصيَّتها بالولاء والبراءة، وعندما يتحوَّل الولاء إلى موضع البراءة، والبراءة إلى موضع الولاء؛ فإنَّ هذه الأُمَّة تواجه حالة انتكاسة خطيرة، وهذا ما أشار إليه الإمام في خِطابه لجُند بني أُميَّة يوم عاشوراء: (... فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم...)(١) .

____________________

(١) وارث الأنبياء: ص٢١٩ - ٢٢١.

٧٦

٧٧

القراءة الثانية

في البُعْد السياسي

أ - مصير الخلافة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

ب - بين الحسين ويزيد

٧٨

٧٩

أ - مصير الخلافة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله

تمهيد:

مِمَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإسلام إنَّما جاء ليبني أُمَّة، ويؤسِّس دولة ويوجد حاضرة، فهل مِن الـمَنطق السليم ما يدَّعيه أعداؤه والخارجون عليه مِن أبنائه بقولهم: إنَّ الإسلام ليس فيه نظام سياسي، وإنَّه ما هو إلاَّ عَلاقة روحيَّة صِرفة بين العبد وبين رَبِّه، ولا عَلاقة له بشؤون الحُكم وإدارة حياة الإنسان العامَّة؟

هذه الدعوى إنَّما أوجدها أعداء الإسلام، وصفَّق لها الـمُتأثِّرون بالفِكر المادِّي مِن أبناء الأُمَّة الإسلامية؛ وذلك لإبعاد النظام الإسلامي عن الحياة؛ لكي لا يكون لوجوده أيُّ أثر أو قوَّة في حياة المسلمين، فيمنعهم عن تحقيق ما يَصبون إليه مِن السيطرة على الأُمَّة.

وإلاَّ فكيف يكون الأمر كما يدَّعون، والإسلام هو الدين الكامل الذي لا يدع جانباً مِن جوانب حياة الإنسان - الخاصَّة والعامَّة - إلاَّ وضع لها الأحكام التي تُنظِّم شؤون الإنسان، بما في ذلك نظام الحرب والدفاع والعلاقات العامَّة في الداخل والخارج، مِمَّا يدلُّ على طبيعة التصميم التشريعي للإسلام كدولة؟!

هذا بالإضافة إلى الواقع التنفيذي، الذي عاشه المسلمون في تاريخ الحُكم، حيث لم نجد هناك أيُّ فراغ تشريعيٍّ مِن البناء الكامل للدولة.

ولا نجد أفضل - في مجال تقديم صورة عن ضرورة الدولة الإسلاميَّة مِن الناحية الفقهيَّة - مِن تحليل السيِّد حسين البروجردي (رحمه الله) أحد مراجع التقليد للمسلمين الشيعة

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بَين أيديهم ومن خَلفِهِم ، وعَن أيمانِهِم وعن شَمائِلهِم ، ومن حَيثُ شِئتَ ، وَمِن أينَ شِئتَ ، وكَيفَ شِئتَ ، وأنّى شِئتَ ، حَتى لا يَصلَ إليَّ واحِدٌ مِنهُم بِسوءٍ.

اللّهُمَّ واجعلني في حِفظكَ وسِترِكَ وجوارِكَ ، عَزَّ جارُكَ ، وجَلَّ ثَناؤُكَ ، ولا إلهَ غَيرُكَ. اللّهُمَّ أنتَ السُّلامُ ، ومنكَ السُّلامُ ، أسألُكَ يا ذَا الجَلالِ والإكرام فكاكَ رَقَبتَي من النَّار ، وأن تُسكنني دارَ السُّلامِ.

اللّهُمّ إنّي أسألكَ من الخير كُلِّهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ ، ما عَلِمتُ مِنه وما لم أعلم. اللّهُمّ وإنّي أسألًكَ خير ما أرجو ، وأعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما أحذر ، ومن شَرَّ ما لا أحذرُ ، وأسألكَ أن تَرزُقني من حَيثُ أحَتسبُ وَمن حَيثُ لا أحتسَبُ.

اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ ( و )(١) ابن عَبدِكَ وابنُ أمتِكَ ، وفي قَبضَتِكَ ، ناصيتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قضاؤكَ ، وأسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَميَّتَ بهِ نَفسَكَ ، أو أنزلتهُ في شَيءٍ من كُتُبكَ ، أو عَلَّمتَهُ أحَداً من خَلقِكَ ، أو أستَأثرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، أن تُصلَّي على مُحمّدٍ النَّبيّ الأمي عَبدِكَ ورَسوُلِكَ وخِيرتِكَ من خَلقِكَ ، وعلى آل مُحمّدٍ الطّبيينَ الأخيارِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآلَ مُحمّدٍ ، وتُبارِكَ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ كما صَلَّيتَ ( وباركت )(٢) على إبراهِيمَ وآلِ إبراهِيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَجعَلَ القرآنَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) اثبتناه من الرواية الأولى في نسخة « ن ».

٢٤١

نُورَ صَدري ، ورَبيعَ قَلبي ، وجَلاءَ حُزني ، وذهابَ هَمي ، واشرح به صَدري ويسِّر به أمري ، واجَعلهُ نُوراً في بَصري ، ونُوراً في سَمعي ، ونُوراً في مُخي ، ونُوراً في عِظامي ، ونُوراً في عَصبي ، ونُوراً في شَعري ، ونُوراً في بَشري ، ونُوراً من فوقي ، ونُوراً من تَحتي ، ونُوراً عَن يَميني ، ونُوراً عن شمالي ، ونُوراً في مَطعمي ، ونُوراً في مَشربي ، ونُوراً في مَحشَري ، ونُوراً في قَبري ، ونُوراً في حَياتي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في كُلِّ شيءٍ مِني ، حَتى تُبَلّغني بِه إلى الجَنَّةِ ، يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ ، أنتَ كَما وصَفتَ نَفسَكَ في كِتابِكَ على لِسانِ نَبيكَ ، وقَولكَ الحَقُّ ، تَباركَتَ وتَعاليتَ قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ فَاهدِني بنُورك ، وأيّدني لِنورِكَ ، واجعَل لي في القيامَةِ نُورَاً بين يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعَن شِمالي ، تهديني بِهِ إلى دارِكَ دار السُّلام يا ذَا الجَلالِ والإكرام. اللّهُمَّ إني أسألُكَ العَفو والعافِية في الدّنيا والآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفوَ والعافِيةَ في كُلّ شَيءٍ أعطَيتني ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفو والعَافية في أهلي ومالي ووُلدي وكُلّ شَيءٍ أحبَبتَ

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

٢٤٢

أن تُلبسَني في العافيِةَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ مُحمّدٍ وأقلِني عَثرتي ، وآمِن رَوعَتي ، واحفَظني من بَينَ يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعن شِمالي ، ومن فَوقي ومن تَحتي ،( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١) .

يا رَحمانَ الدُّنيا والآخِرة ورَحيَمهُما صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ ، واغفر لي ذَنبي ، واقضِ عَني دَيني ، واقض لي جَميعَ حَوائجي ، أسألُكَ ذلِكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأنّكَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ وأنّكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكُن. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ إيماناً صادِقاً وَيقيناً لَيسَ بَعَدهُ ( شك )(٢) ، وتَواضعاً لَيسَ بَعدَهُ كبر ، وَرحمةً أنالُ بِها شَرَفَ الدُّنيا والآخِرَةِ(٣) .

اليوم السابع والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رحمةً من عِندِكَ تَهدي بها قَلبي ، وتَجمعُ بها أمري ، وَتَلُمُّ بها شَعثي ، وتُصلحُ بها ديني ، وتَحفَظُ بها عيالي ، وتَرفَع بها

__________________

(١) آل عمران ٣ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) من نسخة « ك » شكر ، واثبتنا ما في الرواية الأولى من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٢٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٣

شَهادَتي ، وتُكثرُ بِها مالي ، وتُزيدُ بها في رِزقي وَعُمري ، وتُعطيني بها كُلّما أُحبّ ، وتَصرِفَ عني ما أكرَهُ ، وتُبَيِّض بها وجهي ، وَتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ أنت الأوَّلُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنت الآخرُ فَلا شَيءَ بَعدَكَ ، ظَهرتَ فَبطَنت ، وبَطنتَ فَظَهرتَ ، عَلَوتَ في ذُنوّكَ ، ودَنوتَ في عُلُوكَ ، أسالُكَ أن تُصَلي على مُحمّدٍ وآلِهِ ، وأن تَصلحَ لي ديني الَّذي هُوَ عصمة أمري ، وتُصلحَ دنياي التي فيها مَعيشتي ، وأن تُصلحَ لي آخرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعَلَ الحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيرٍ ، وأن تَجعلَ المَوت راحةً لي من كُلِّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد قَبل كُلّ شيء ، ولك الحمد بعد كُلّ شيء ، يا صَريخ المَكروُبين ، يا مُجيبَ دَعوة المُضطرينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العَظيم ، يا أرحَمَ الراحِمينَ ، إكشف غَمّي وكربي ، فَانَّهُ لا يَكشفُهُ غَيرُكَ ، تَعلَم حالي وحاجَتي.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد كُلّهُ ، ولَكَ المُلكُ كُلّه ، وَبِيدكَ الخَير كُلّه ، وإليكَ يَرجَعُ الأمر كُلّهُ ، عَلانيتُهُ وسِرُّهُ ، لا هادِي لَمِن اضلَلت ، ولا مُضِلِّ لَمِن هديتَ ، ولا مانَعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطي لما مَنعَتَ ، ولا مُؤَخّرَ لِما قَدّمتَ ، ولا مُقَدِّم لما أخَّرت ، ولا باسِطَ لِما قَبضت ، ولا قابِضَ لِما بَسطتَ.

اللّهُمَّ ابسط عَلَينا بَرَكاتكَ ورَحمتكَ وفَضلكَ ورِزقكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغنى يَومَ الفَقر ، وأسألُكَ الأمنَ يَومَ الخَوفِ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ

٢٤٤

النَّعيم المُقيم الَّذي لا يَزولُ ولا يَحولُ. اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السَّبعِ وما فيهنَّ وما بَيَنهُنَّ ورَبِّ العَرش العظيم ، رَبَّنا ورَبِّ كُلّ شيءٍ ، مُنزِل التَّوراة والإنجيلِ والفُرقانِ العظيمِ ، فالِق الحَبِّ والنَّوى ، أعُوذُ بِك من شَرِّ كُلّ دابةٍ أنتَ آخِذٌ بناصِيتها ، أنّكَ على صِراطٍ مُستقيمٍ.

اللّهُمَّ أنتَ الأولُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِر فُليسَ فَوقكَ شيءٌ ، وأنتَ الباطنُ تُخبِرُ كُلَّ شَيء ، وأنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ وافعَل بي ما أنتَ أهَلُهُ.

بسمِ اللهِ وبِاللهِ ، بِاللهِ أؤمِنُ ، وبِاللهِ أعُوذُ ، وباللهِ ألوذُ ، وباللهِ أعَتصِمُ ، وبِعِزَِّته ومنعَتِهِ أمتنعُ من الشَّيطانِ الرَّجيم وَعَملِهِ وخَيلِهِ ورَجلِهِ ، وَشركُلّ دابةٍ تزحفُ معهُ. وأعُوذُ بِكُلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِر ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ، ما عَلِمتُ مِنها وما لَم أعلَم به ، من شَرَّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ ، ومن شَرِّ كُلّ طارِقٍ إلاّ طارِقاً يَطرقُ بِخَيرٍ ، يا رَحمانُ.

اللّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من شَرِّ نَفسي ، ومن شَرِّ كُلِّ عَينٍ ناظِرةٍ ، ومن شَرِّ كُلّ أُذنٍ سامِعَةٍ ، ولِسانٍ ناطِقٍ ، وَيَدٍ باسطَةٍ ، وَقَدمٍ ماشِيةٍ ، وما أخفَيتُهُ في نَفسي ، في لَيلي ونَهارِي ، اللّهُمَّ من أرادَني بِبغي أو عَيب ، أو مَساءةٍ أو سوءٍ ، أو مكروهٍ ، أو خِلافٍ ، من جِنٍّ أو إنسٍ ، قَريبٍ أو بَعيدٍ ، صَغيرٍ أو كبيرٍ ، فَأسألُكَ أن تخرجَ صَدرَهُ ، وتمسكَ يَدَهُ ، وتَقصرَ

٢٤٥

قَدَمَهُ ، وتَفحَمَ لِسانَهُ ، وتَعمي بَصَرَهُ ، وتَقمَعَ رَأسَهُ ، وَترُدَّهُ بِغَيظهِ ، وتَحول بَيني وبَينَهُ ، وتَجعَلَ لَهُ شاغِلاً من نَفسِهِ ، وتُميتَهُ بِغَيظِهِ ، وتكفينيهِ ، بِحولِكَ وقُوّتِكَ أنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ(١) .

اليوم الثامن والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ من كُلّ شيءٍ هُو دونكَ. اللّهُمَّ لا تَحرِمني ما أعطَيتَني ، ولا تَفتني بما مَنَعتنَي. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عِبادَكَ مِنَ الأمانَةِ والمالِ والأهلِ وَالوَلدَ النّافعِ غَير الضّارِ ولاَ المُضِرِّ. اللّهُمَّ إني إليكَ فقيرٌ ، وإني مِنكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ بِكَ.

اللّهُمَّ لا تُبدِل اسمي ، ولا تُغَيّر جِسمي ، ولا تُجهِد بَلائي ، اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ من غنىً يُطغي ، أو هوىً يُردي ، أو عَملٍ يُخزي. اللّهُمَّ اغفِر لي جُرمي ، واقبَل تَوبتي ، واظهر حُجّتي ، واستُر عَورَتي ، واجَعَل مُحمّداً وآلِهِ والأنبياءِ المُصطَفينَ يَستَغفِرونَ لي.

اللّهُمَّ إنّي أعوَذُ بِكَ أن أقولَ قَولاً هُوَ من طاعَتِكَ أريدُ بِه سِوى وَجهكَ ، وأعَوذُ بِكَ أن يَكون غَيري أسَعَدَ بما آتَيتَني منّي. اللّهُمَّ وإنّي أعَوذُ بِكَ من شَرّ الشَّيطانِ ، وشَرِّ السُّلطانِ ، وما تَجري بِه أقلامُهُم. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، ورِزقاً دارّاً.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٣٥ ، ونقل المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٦

اللّهُمَّ كَتَبتَ الآثامَ واطّلَعتَ على الأسرارِ ، وَحُلْتَ بَيَننا وَبَينَ القُلُوب. والقُلوبُ إليكَ مفضيةٌ ، والسِّرُّ عِندَكَ عَلانِيةٌ ، وإنِّما أمرُكَ إذا أرَدتَ شَيئاً أن تَقُولَ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرَحمتِكَ أن تدخلَ طاعَتَكَ في كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثمَّ لا تُخرِجُها مِنّي أبداً. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرحمتكَ أن تخرجَ مَعصيتَكَ من كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثُمَّ لا تُعيدُها في أبَداً. اللّهُمَّ أنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنّي. اللّهُمَّ كُنتَ وَتكَون وأنتَ حَيٌّ قَيوّمٌ لا تَنامُ ، تَنامُ العُيونُ وتَغورُ النُّجوم وأنتَ الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، فَرِّج عَنّي هَمِّي ، اللّهُمَّ واجعَل لي من أمري فَرَجاً ومَخرَجاً ، وثَبتَ رَجاءَكَ في قَلبي حتى تُغنيني بِه عَن رَجاءِ مَن سِواكَ ، وحَتى لا يَكوُنَ ثِقتي إلاّ أنتَ.

اللّهُمَّ لا تَكتبني من الغافلين. اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِخطيئتي ، ولا تَفضحني بِسريرتي. اللّهُمَّ إنّي أعَوذُ بِكَ أن أضِلَ عِبادكَ ، واستريب إجابَتكَ. اللّهُمَّ إنّ لي ذُنُوباً قد أحصَتها كُتُبكَ ، وأحاطَ بها عِلمُكَ ، ونَفَذَها بَصَرُكَ ، ولَطُفَ بها خَبركَ ، وكتبَتها مَلائِكتُكَ. اللّهُمَّ فلا تُسَلّطُ عَلَيّ في الدّنيا ولا في ما بَعدها مَن لم يَخلُقني ولَم يَرحَمني ، ومَن أنتَ أولى بِرَحمتي مِنهُ. اللّهُمَّ وما سَتَرت عَلَيّ من تِلكَ العُيوبِ والعَوراتِ ، وأخَّرت من تِلكِ العُقُوباتِ ، مَكراً مِنكَ واستدراجاً ، لِتأخُذَني بِها يَومَ القيامة ، وتَفضحني بها عَلى رُؤوسِ الخَلائِق ، فَاعفُ عَنّي في الدّارينَ كَلتيهما ، فَأنّكَ غَفورٌ رَحيمٌ.

٢٤٧

اللّهُمَّ أنْ لم اُكن أهلاً أن أبلُغَ رَحَمتكَ فَإنَّ رَحَمتَكَ أهلٌ أن تبلُغني ، فإنَّها وسَعتَ كُلّ شَيء ، فَلتَسعني رَحَمتك يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ وإن كنتَ خَصَصت بِذلِكَ عِباداً أطاعُوكَ فيما أمَرتَهُم به ، وعَمِلوُا فيما خَلَقتهَمُ لَهُ ، فَإنَّهمُ لَن يَناَلُوا ذِلكَ إلاّ بكَ ، ولا يُوفِقهُم لَهُ إلاّ أنتَ ، كانَتَ رَحَمتُكَ إيّاهُم قَبلَ طاعَتِهِم لَكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ فخصّني يا سَيدي ومَولايَ ، ويا إلهي ويا كَهفي ، ويا حِرزي ويا كَنزي ، ويا قُوتي ويا رَجائي ، ويا خالِقي ويا رازقي ، بِما خَصَصتَهُم به ، ووَفِقني لِما وفقتهم لَهُ ، وارحَمني كما رَحمتَهُم يا أرحَمَ الرّاحميِنَ.

يا مَن لا يَشغلُهُ سَمعٌ عن سمعٍ ، يا مَن لا يُغَلِّطُهُ السّائِلُونَ ، يا مَن لا يُبرِمُهُ إلحاحُ المُلحِيّنَ ، أذِقنا بِردَ عَفوك ، وحَلاوَةَ مَغفِرتِكَ ، وطيبَ رَحَمتِكَ.

اللّهُمَّ إنّي أسَتَغفرُكَ مَمّا تُبتُ إليكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيه ، وأستَغفِرُ كَلِما وَعَدتُكَ من نَفسي ثم أخلَفتُكَ ، وأستَغفِرُكَ لِكلِ أمرٍ أرَدتُ به وَجهك فَخالَطَني فيه ما لَيسَ لَكَ ، وأستَغفركَ لِكُلّ النِّعمِ التَّي أنَعمتَ بها عَلَيّ فَقويتُ بِها عَلى مَعصيتِكَ ، وأستَغفِرُكَ مِمّا دَعاني إليهِ الهَوى من قبول الرُّخَصِ فيما أتَيتُهُ واشتَبَه عَلَيَّ مِمّا هُوَ حَرامٌ عِندَكَ ، وأستَغفِرُكَ لِلذّنوبِ التي لا يَعْلُمها غَيرُكَ ، ولا يَسَعُها إلاّ حِلمُكَ وعَفَوكَ ، وأستَغفِرُكَ لكُلِّ يَمينٍ سَبقَت مني حَنثتُ فيها عِندَكَ ، يا مَن عَرَّفَنا نَفسهُ لا تَشغُلُنا بِغَيرِكَ ، وأسقِط عنّا ما كانَ لِغَيركَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٤٧ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٨

اليوم التاسع والعشرون :

لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ الكَريمُ ، لا إلهَ إلاّ الله العَليُّ العَظيمُ ، سُبحانَ الله رَبِّ السّماواتِ السَّبع وما فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ورَبِّ الأرَضينَ السَّبع وما فيهنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبِّ العَرشَ العظيمِ ، والحَمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، وتَباركَ اللهُ أحَسنُ الخالقينَ ، ولا حَولَ ولا قُوّة إلاّ بالله العَلي العَظيم.

اللّهُمَّ ألبسني العافية حتى تهنيني المعيشة ، واختم لي بالمغفِرة حَتى لا تَضُرنّي مَعَهَا الذُّنوبُ ، واكفِني نَوائِبَ الدُّنيا وهُمُومَ الآخِرَة حَتّى تُدخلني الجَنَّةَ بِرحَمتِكَ أنّكَ على كُلّ شَيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إنّكَ تَعَلم سَريرَتي فاقبَل مَعذِرتي ، وتَعلَمُ حاجَتي فَاعطِني مَسألَتي ، وتَعلُم ما في نَفسي فَاغِفر لي ذُنوبي ، اللّهُمَّ أنتَ تَعلَمُ حوائِجي وتَعَلمُ ذُنُوبي. فَاقضِ لي جَميعَ حَوائِجي ، واغفِر لي جَميعَ ذُنوبي.

اللّهُمَّ أنتَ الرَبِّ وأنا العَبدُ ، وأنتَ المالِكُ وأنا المَملُوكُ ، وأنتَ العزيزُ وأنا الذَّليلُ ، وأنتَ الحَيُّ وأنا خَلَقتَني للمِوتِ ، وأنتَ القَويُّ وأنا الضَّعيفُ ، وأنتَ الغَنيُّ وأنَا الفَقيرُ ، وأنتَ الباقي وأنا الفاني ، وأنتَ المُعطي وأنا السائِلُ ، وأنتَ الغَفُورُ وأنَا المُذنِبُ ، وأنتَ السَّيّدُ وأنا العَبدُ ، وأنتَ العالِمُ وأنَا الجاهِلُ ، عَصَيتُكَ بِجَهلي ، وارتَكَبتُ الذُّنوبَ بِجَهلي ، وألَهْتني الدُّنيا بِجَهلي ، وسَهَوتُ عَن ذِكرِكِ بِجهَلي ، وركَنتُ [ إلى ] الدُّنيا بِجَهلي ،

٢٤٩

واغتَررتُ بِزينَتها بِجهلي ، وأنتَ أرحَمُ بي مني بِنفسي ، وأنتَ أنظر لي مِنّي لِنفسي ، فَاغفِر وارحَم وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، فإنّكَ أنتَ الأعَزُ الاكرمُ.

اللّهُمَّ اهدِني لأِرشَدِ الأُمور وقِني شَرَّ نَفسي. اللّهُمَّ أوسِع لي في رِزقي ، وأمدُد لي في عُمري ، واغفِر لي ذُنوبي ، واجعَلني ممَّن تَنتصِرُ به لِدينِكَ ولا تَستبدِل بي غَيري ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا حَيُّ يا قَيوُّمُ ، فرِّغ قلبي لِذِكرِكَ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السّبعِ وما بَينهُنَّ ، ورَبِّ [ السبع ] المَثاني والقرآنِ العَظيم ، ورَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ ، ورَبِّ المَلائِكةِ أجمعَين ، ورَبِّ مُحمّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ والمُرسَلينَ أجمعينَ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ واغنني عَن خِدمَةِ عِبادِكَ ، وفَرّغني لِعبادَتِكَ باليسار والكِفايةِ والقنوعِ وَصدقِ اليَقينِ في التّوكُلّ عَليكَ.

اللّهُمَّ [ و ] أسألُكَ باسمكَ الَّذي تَقُومُ به السّماواتِ السَّبع ومَن فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ، وبه تَرزُقُ الأحياءَ ، وبه أحصَيتَ وزنَ الجِبالِ ، وبِه احصيتَ البحار ، وبه أحصَيتَ عَددَ الرّمالِ ، وبه تُمتِ الأحياء ، وبه تُحيي المَوتى ، وبه تُعزُّ الذَليلَ ، وبه تُذِلُّ العزيزَ ، وبِه تَفعَلُ ما تَشاءُ ، وبه تَقُولُ للشيء :كن فيكون ، وإذا سألك به سائل اعطيته سؤله ، أسألُكَ باسمك الأعظَمِ الأعظَمِ ، الَّذي إذا سَألكَ به السائِلونَ أعطَيتَهُم سُؤلَهُم ، وإذا دَعاكَ به الدّاعُونَ أجَبتَهُم ، وإذا اسَتجارَ بِكَ المُستَجيرُونَ أجَرتَهُم ، وإذا دَعاكَ به المُضطرُّون أنقَذتَهُم ، وإذا تَشَفّعَ به إليكَ المُتَشفّعونَ شَفَعتَهُم ، وإذا

٢٥٠

استَصرخَكَ به المُستصرخُونَ أصرَخَتهُم ، وإذا ناجاكَ به الهارِبُونَ إليكَ سَمِعتَ نِداءهُم وأعنتَهُم ، وإذا أقبلَ إليكَ التّائِبونَ قَبلتَ تَوبتَهُم.

فَأنَا أسألُكَ ـ يا سَيَّدي ويا مَولاي ويا إلهي ويا قُوّتي ويا رَجائي ويا كَهفي ويا رُكني ويا فَخري ، ويا عِدَّتي لِديني ودُنيايَ وآخِرَتي ـ بِاسمكَ الأعظَمِ ، وأدعُوك بِه لِذَنبٍ لا يَغفِره غَيرُكَ ، ولِكربٍ لا يَكشِفُهُ سِواكَ ، ولِضُرّ لا يَقدِرُ عَلى إزالَتِهِ عَنّي إلاّ أنتَ ، ولِذنُوبي التي بارَزتُكَ بِها ، وقَلَّ مِنها حَيائي عِندَ ارتكابي لَها ، فَها أنا قد أتَيتُكَ مُذنباً خاطِئاً ، قَد ضَاقَت عَلَيّ الأرضُ بِما رَحُبت ، وضَلّت عَنَّي الحيلُ ، وعَلِمتُ أن لا مَلجأ ولا مَنجاً مِنكَ إلاّ إليكَ ، وها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ ، قَد أصبحتُ وأمسيتُ مُذنِباً خاطِئِاً ، قد ضاقَتَ عَليّ الأرضُ ، فَقير ( محتاجاً )(١) ، لا أجِدُ لِذَنبي غافِراً غَيرَكَ ، ولا ( لِكَسري )(٢) جابراً سِواكَ ، ولا لِضُرّي كاشِفاً إلاّ أنتَ. وأنا أقُولُ كما قالَ عَبدُكَ ذُو النّوُنِ حينَ تُبتَ عَلَيهِ ونَجَيتهُ من الغَمِّ ، رَجاءً أن تَتوُبَ عَلَيَّ وتُنقِذُني من الذُّنوبِ يا سَيّدي( لا إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٣) .

وأنا أسألُكَ يا سَيّدي ومَولايَ بِاسمِكِ العَظيم الأعظمِ أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وأن تُعطِيني سُؤلي ، وأن تُعجِّل لي الفَرَجَ من عِندِكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : محتالاً ، وفي نسخة « ن » : محتلاً ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي.

(٢) في نسخة « ك » : لشكواي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٣) الانبياء ٢١ : ٨٧.

٢٥١

بِرحَمتِكَ في عافيةٍ ، وأن تُؤمِنَ خَوفي في أتَم النّعمةِ ، وأعظَمِ العافيةِ ، وأفضَلِ الرزقِ والسّعة والدَّعَةِ ، وما لَم تَزَلْ تُعَوِّدنيهِ يا إلهي ، وتَرزُقَني الشّكرَ عَلى ما تُؤتيَني ، وتَجعَلَ ذلِكَ تاماً أبَداً ما أبقَيتَني ، وتَعفُو عن ذُنوبي وخَطايايَ وأسرافي عَلى نَفسي وإجرامي إذا تَوَفيَتني ، حتى تَصِلَ لي سَعادَةَ الدُّنيا بِنَعيم الآخِرَةِ.

اللّهُمَّ بِيدِكَ مَقاديرُ اللَيل والنَّهار ، وبِيدِكَ مقاديرُ الشمسِ والقَمر ، وبيدِكَ مَقاديرُ الخَير والشَّرِّ ، اللّهُمَّ فَباركَ لي في ديِني ودُنيايَ وآخِرَتي ، اللّهُمَّ وباركَ لي في جَميع أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدكَ حَقٌ ، ولِقاؤُكَ حَقٌ ، فَصَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ ، وَاختِمْ لي أجَلي بافضَلِ عَمَلي ، حَتّى تَتَوفّاني وقَد رضَيتَ عَنّي يا قيّومُ ، يا كاشِفَ الكَربِ العَظيمِ ، صَلَّ على مُحمّدٍ وآله ، وَوسِّع علَيّ مِن طيب رِزقكَ حسب جودِكَ وكَرَمِكَ.

اللّهُمَّ أنّكَ تَكَفَّلتَ بِرِزقي ورِزقِ كُلّ دابةٍ ، يا خَيرَ مَدعُوٍ ، ويا خَيرَ مَسؤولٍ ، يا أوسَعَ مُعطٍ وأفضَلَ مَرجُوٍ ، وسِّع لي في رِزقي ورِزقِ عَيالي.

اللّهُمَّ اجَعلْ فيما تَقضي وفيما تقدِّرُ من الأمرِ المَحتوم ، وفيما تَفرِقُ مِن الأمِر الحكيمِ في لَيلَةِ القَدر ، في القَضاءِ الَّذي لا يُردُّ ولا يُبدَّلُ ، أن تُصلّيَ عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآل مُحمّدٍ ، وأن تُبارِكَ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، كما صَلَّيتَ وباركَتَ وتَرَحَّمت عَلى إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَكتُبَني من حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجهُّمُ ،

٢٥٢

المَشكور سَعيُهُم ، المَغفور ذُنُوبهُم ، المُكفَّر ( عَنْهُم )(١) سَيّئاتِهِم ، الواسِعةِ أرزاقُهُم ، الصحيحةِ أبدانهُم ، المُؤمِنَ خَوفَهُم ، واجعَل فيما تقضي وفيما تَقدِرُ أن تَطّوّلَ عُمري ، وأن تَزيدَ في رِزقي. يا كائِناً قَبلَ كُلّ شَيء ، يا مكون كُلّ شيءٍ ، يا كائناً بعد كُلّ شيءٍ ، تَنامُ العُيونُ ، وتَنكِدرُ النُّجومُ وأنتَ حَيٌّ قَيّومٌ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِجلالِكَ وحِلمِكَ ، ومَجدِكَ وكَرَمِكَ ، أن تُصلّي عَلى مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، وأن تَغفِرَ لَي ولِوالدِيَ ، وتَرحَمهُما رَحَمةً واسِعَةً ، أنّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ ما تشاءُ يَكنُ من أمرٍ ، ان تَغفِرَ لي ولإخوإنّي من المُؤمنينَ ( وَالمؤمنات )(٢) أنّكَ رَؤُفٌ رحَيمٌ.

الحَمدُ لله الَّذي اشَبعَنا في الجائِعينَ ، والحَمدُ للهِ الَّذي كَسانا في العارينَ ، والحمدُ للهِ الَّذي آوانا في الغائِبين ، والحَمدُ للهِ الَّذي أكرمَنا في المُهانينَ ، والحَمدُ لله الَّذي آمننا في الخائِفين ، والحَمدُ لله الَّذي هَدانا في الضّالينَ. يارَجاءَ المُؤمِنينَ لا تُخيَّبَ رَجائي ، يا غِياث المُستغيثينَ أغِثني ، يا مُعينَ المُؤمنينَ أعِنِّي ، يا مُجيب التَّوابين تُبْ عَلَيّ ، أنّكَ أنتَ التَوابُ الرَّحيمُ.

حَسبِيَ الرَبِّ من العِبادِ ، حَسبِيَ المالِكُ من المَملُوكينَ ، حَسبيَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « ن » وما تقدم من الرواية الأولى في نسخة « ك ».

(٢) اثبتناه من نسخة « ن ».

٢٥٣

الخالِقُ من المَخلُوقينَ ، حَسبِيَ الحَيُّ الَّذي لا يَموتُ ، حَسبِيَ الرّازقُ من المَرزُوقينَ ، حَسبيَ الَّذي لَم يَزَل حَسبَي مُذ كنتُ حَسبِيَ اللهُ ونعِمَ الوكيلُ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكَبرُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر كَثيراً مُبارَكاً فيهِ من أوَّلِ الدَّهِر إلى آخِر الدَّهِر. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَبِّ كُلّ شَيءٍ وراحِمَهُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ الَّذي لا حَيَّ مَعَهُ في دَيمُومَةِ بَقائِهِ ، قَيُّومٌ قَيُّومٌ ، لا يَفُوتُ شَيءٌ عِلمَهٌ ، ولا يَؤدُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الباقي بَعدَ كُلّ شَيءٍ وآخِرهِ ، دائِمٌ بِغيرِ فَناءٍ ولا زَوالٍ لِملكِهِ ، الصَّمَدُ في غَيرِ شبهٍ فلا شَيءَ كَمِثلِهِ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ لا شَيءَ كُفُوهُ ولا مُداني لِوَصفِهِ ، كَبيرٌ لا تَهتَدي القُلوُبُ لِكُنهِ عَظَمتِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ البارئُ المنشئُ بِلا مِثالٍ خَلا من غَيرِهِ ، الطاهِرُ من كُلّ آفَةٍ بِقدسِه. لا إلهَ إلاّ اللهُ ( الكافي المُوسِع لِما خَلَقَ من عَطايا خَلقِهِ من فَضلِه )(١) ، النَّقيُّ من كُلّ جَورٍ لَم يَرضَهُ ولَم يُخالِطهُ فِعالهُ. لا إلهَ إلاّ الله الَّذي ( وَسِعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعِلماً )(٢) المَنّانُ ذَا الإحسانِ قَد عَمَّ الخَلائِقَ مَنُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ دَيّانُ العِبادِ وكُلٌّ يَقُومُ خاضِعاً من هَيبتهِ ، خالِقُ ما في السّماواتِ والأرضِ وكُلٌّ إليهِ مَعادُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَحيمُ كُلّ صَارخٍ وَمَكروبٍ وغِياثُهُ ومَعَاذُهُ ، يا رَبي فَلا تصِفُ الألسُنُ كُلّ جَلالِ مُلكِكَ وعِزِّك.

__________________

(١) لم ترد العبارة في نسخة « ن » ، وفي نسخة المجلسي ومهج الدعوات : ٣٠٥ : الكافي الموسع لما خلق من عطايا فضله. وفي العدد القوية : ٣٦٨ : الموسع في عطايا خلقه من فضله.

(٢) في نسخة « ك » : وسعت رحمته ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٤

لا إلهَ إلاّ اللهُ البَديعُ البَرايا لَم يَبغِ في إنشائِها عَوناً من خَلقِهِ ، وعَلاّمُ الغيوبِ فَلا يَفُوتُ شَيئاً حِفظُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ المَعيدُ ما بَدأ إذا بَرَزَ الخَلائِقُ لِدَعوتِهِ من مَخافَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المَنيعُ الغالِبُ في أمرهِ فَلا شَيء يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَميدُ الفَعّالُ ذُو المَنّ عَلى جَميعِ خَلقِهِ.لا إلهَ إلاّ اللهُ ذُو البَطشِ الشَّديدِ ، الَّذي لا يُطاقُ انتِقامُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العالي في ارِتفاعِ مَكانِهِ فَوقَ كُلّ شَيءٍ قَوَّتُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجبَّارُ المُذِلُّ كُلّ شَيءٍ بِقَهرِ عِزّهِ وسُلطانِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ نورُ كُلّ شَيءٍ وهَدَاهُ لا إلهَ إلاّ اللهُ القُدُّوسُ الظاهِرُ عَلى كُلّ شَيء فَلا يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المُجيبُ المُتدانّي دُون كُلّ شَيء قربُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَليُّ الشامخُ في السّماءِ فَوقَ كُلّ شيءٍ إرتِفاعُ عُلّوه. لا إلهَ إلاّ اللهُ المبدئ البَرايا وَمُعيدها بَعدَ فَنائها بِقُدرَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجَليلُ المُتَكَبِّرُ على كُلّ شَيءٍ فَالعَدلُ أمره والصِدقُ وعدُهُ.

لا إلهَ إلاّ اللهٌ المَحموُدُ الَّذي لا تَبلُغُ الأوهامُ كُلّ ثَنائِهِ ومَجدِهِ. ولا إلهَ إلاّ اللهُ الكَريمُ العَفُوُّ الَّذي وَسِعَ كُلّ شَيءٍ عَفُوهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ الكَريمُ فلا يَذِلُ عِزُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَجيبُ فلا تنطِقُ الألسُنُ بكُلّ آلائِهِ وثنائِهِ ، وهُوَ كما أثنى على نَفسهِ ووَصفها بِه : اللهُ الرَّحمانُ الرِّحيمُ ، الحَقُّ المُبينُ ، البرهانُ العظيمُ ، اللهُ العَليمُ الحَكيمُ ، اللهُ الرَبُّ الرَّحيمُ ، اللهُ السُّلام المُؤمِنُ المُهيمنُ ، العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ ، اللهُ المُصوِّرُ الوِترُ النُّورُ

٢٥٥

وَمنه النور ، اللهُ الحَميدُ الكَبير لا إلهَ إلاّ اللهُ عَلَيهِ تَوكَلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العظيمِ(١) .

اليوم الثلاثون :

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ واشرَح صَدري للإسلامِ ، وزَيّني بالإيمان ، والبِسني التَقوى ، وقِني عَذابَ النَّارِ. تَقُولُ ذلكَ سَبعَ مراتٍ ثُمَّ تَسألُ رَبّكَ حاجَتَكَ.

اللّهُمَّ أنتَ هُوَ يا رَبِّ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، أسألُكَ بِاسمِكَ الأعظَمِ الَّذي لا إلهَ إلاّ هَو الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تَأخُذُكَ سِنةٌ ولا نَومٌ ، لكَ ما في السّماواتِ وما في الأرضِ ، ولا يَؤُدُكَ حِفظُهُما وأنتَ العَليُّ العَظيمُ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلِهِ في الأوَّلينَ ، وأن تُصلِّي عَلى مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرينَ ، وأن تُصَلِّي على مُحمّدٍ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلِّي عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ بَعدَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في اللَيل إذا يَغشى ، وأن تصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في النَّهارِ إذا تَجلّى ، وأن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرة والأُولى ، وأن تُعطَيني سُوءلي في جَميعِ ما أدعُوكَ به لِلآخِرِة والدُّنيا.

يا حيُّ حينَ لا حَيُّ ، قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وقَبلَ كُلِّ أحَدٍ ، ويا حَيُّ بَعدَ كُلّ حي ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، يا قَيوُّمُ بِرحمتِكَ أستغيثُ ، صَلِّ علَى مُحمّدٍ وآلِهِ ،

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٦٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨.

٢٥٦

وأصلِح لي شَاني وأسبابي ، ولا تَكلني إلى نَفسي طَرفَةَ عَين أبَداً.

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ الرَّحمانِ الرَّحيم لا شريكَ لَهُ ـ تقولُ ذلِكَ أربَعَ مرّاتٍ ـ يا رَبِّ أنتَ لي ( رَحِيمٌ )(١) يا رَبِّ فَكُنَ لي رُكناً معي ، أسألُكَ يا رَبِّ بما يَحمِلُ العَرش من عزِّ جَلالِكَ أن تَفعَلَ بي ما أنتَ أهَلُهُ ، فَإنَّكَ أهَلُ التَقوى وأهلُ المَغفِرَةَ.

اللّهُمَّ إنّي أحمدُكَ حمَيداً ، وأتَوكلُّ عَليكَ وحَيداً ، وأستَغفِرُكَ فَريداً ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ شَهادة اُفني بِها عُمري ، والقى بها رَبي ، وأدخِلُ بها قَبري ، وأخلو بها ( في وحَدتي )(٢) .

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ ، وتَرك المُنكراتِ ، وحُبَّ المَساكينَ ، وأن تَغفِرَ لي وتَرحَمَني ، وإذا أردَتَ بِقومٍ فِنتَة أن تَتَوفّاني إليكَ وأنا غَيرُ مَفتونٍ ، وأسألُكَ حُبَّكَ وحُبَّ من يُحبُّكَ ، وحُبّاً يُقرِّبُ من حُبِّكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ ، واجعَل لي من الذُّنوب مَخرَجاً ، ومن اُموري فَرَجاً ، واجَعل لي إلى كُلّ خَيرٍ سَبيلاً. اللّهُمَّ إنّي خَلقٌ من خَلقِكَ ، ولِخَلقٍ من خَلقِكَ قبلي حُقوقٌ ، ولي فِيما بَيني وبَيَنكَ ذُنُوبٌ ، اللّهُمَّ فَارض عَنّي خلقِكَ من حُقوقِهِم ، وهَب لي الذُّنوبَ التي بَيني وبَينَكَ ، اللّهُمَّ واجعَل فيَّ خَيراً تجَده فآنّكَ إلا تَجعَلهُ لا تَجِدهُ عنِدي. اللّهُمَّ خَلقتَني كَما أردتَ فاجعَلني كَما تُحبُّ ، اللّهُمَّ اغفِر لَنا وعافِنا ، وارحَمنا واعفُ عَنَّا ،

__________________

(١) اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : وحدي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٧

وارضِ عَنّا وَتَقبَّلِ مِنّا ، وادخِلنَا الجَنَّةَ ونَجّنا من النّارِ ، واصلِح لَنا شَأنَنا.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد النِّبيّ الاُميّ ، الطَّيبِ المُبارَكِ ، نَبّي الرِّحمةِ ، كَما أمرتَنا أن نُصلّي عَليهِ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى النّبي الاُميّ عَدَدَ مَن صَلّى عَليهِ ، وَعَددَ مَن لَم يُصَلِّ عليهِ. اللّهُمَّ رَبِّ البَيتِ الحرامِ ، ورَبِّ الركن والمَقامِ ، وَرَبِّ المَشعرِ الحَرامِ ، ابلِغ رُوحَ مُحمّد مِنّا السُّلام ، وعَليهَ السُّلامُ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، وعلى أهِل بَيتِهِ الطَّيبينَ الطاهِرينَ المُصطَفينَ الأخَيارِ ، ولا حولَ ولاقُوةَ إلاّ باللهِ العَليّ العَظيمِ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٧٧ بزيادة فيه. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٢٤ باختلاف فيه.

٢٥٨

الفصل الثاني والعشرون

في رواية أخرى بتعيين أيّام الشّهور

وما فيها من وقتِ السُّرور والمحذور.

حدّثنا أبو نصر مُحمّد بن أحمد بن حمدون الواسطي ، قال : حدَّثنا أبو الفرج مُحمّد بن علي القنّاني ، قال : حدثنا أحمد بن مُحمّد بن موسى ، قال : حدَّثنا مُحمّد بن علي بن معمرٍ الكوفي ، قال : حدَّثنا علي بن مُحمّد الزّاهد ، قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، قال : قال جعفر بن مُحمّد صلوات الله عليه وقد سُئل عن اختيارات الأيام فقال :

اليوم الاول من الشهر

خَلَقَ الله فيه آدَمَ صلى الله عليه ، وهو يومٌ صالحٌ مَسعودٌ ، خاطِب فيه السُّلطان ، وتَزوّج ، واسرع في حَوائجِك ، واعمَل فيه كُلّ ما تُريده من طلب الحَوائج وغيرها(١) .

اليوم الثاني من الشهر

تزوّج فيه ، وائتِ أهلِكَ من السَّفَرِ ، واشتر ، فيه وبع ، واطلُب فيه حَوائجك ، واتَّقِ فيه أعمال السُّلطان ، وابتَغِ واطلُب فيه الحوائج ، فإنَّه يومٌ موافقٌ لذلكَ(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٦ / ٩ باختلاف.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٧ / ١٤ صدره.

٢٥٩

اليوم الثالث من الشهر

يوم نَحس ، لا تأتِ فيه السُّلطان ، ولا تشترِ فيه ولا تَبع ، ولا تَطلُب فيه ، واتّقِ فيه أعمال السّلطان ، ففيه سُلبَ آدم وحوّاءعليهما‌السلام لَباسهما(١) .

اليوم الرابع من الشهر

ولد فيه هابيل بن آدمعليهما‌السلام ، وهو يوم صالحٌ للتزويج ، وطلب الصيّد ، ومَن يولد فيه يكون ما عاش صالحاً ، ولا تُسافر فيه فإنّ من سافر فيه يُسلبُ(٢) .

اليوم الخامس من الشهر

ولد فيه قابيل بن آدم وكان ملعوناً ، وهو اليوم الَّذي قتل فيه أخاهُ ودعا بالويل والثّبور على أهله وأدخل عليهم البكاء ، وهو يوم سوء ملعونٌ(٣) .

اليوم السادس من الشهر

جَيّد ، ليس فيه بؤس ، يَصلحُ للتّزويج وللصّيد ولطلب المعاش ، وكُلّ حاجة تريدها(٤) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٨ / ١٩ باختلاف فيه.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٩ / ٢٤ باختلاف فيه.

(٣) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٢٩ باختلاف فيه.

(٤) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٣٤ باختلاف فيه.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276