فلسفة الصلاة

فلسفة الصلاة0%

فلسفة الصلاة مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 257

فلسفة الصلاة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: علي الكوراني
تصنيف: الصفحات: 257
المشاهدات: 61844
تحميل: 8288

توضيحات:

فلسفة الصلاة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 257 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61844 / تحميل: 8288
الحجم الحجم الحجم
فلسفة الصلاة

فلسفة الصلاة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

للتخلّص من الهَلع، وكسب الاطمئنان والوحدة في الشخصيّة.

* * *

إنّ الإيمان بالمفهوم الواقعي للخير والشرّ، إنّما يمثّل الجانب النظري من تماسك الشخصيّة؛ ولذا قلنا إنّه مفتاح الانتصار على الهلع في نظر الإسلام، أمّا الجانب التطبيقي، فهو تحويل هذا المفهوم إلى قرارةٍ في النفس، ورؤية يوميّة فيها... وأيّ شيءٍ ينهض بذلك غير الصلاة؟

في أيّامنا الطويلة التي نقطعها بين مؤثّرات الحياة، وضغوطها على أنفسنا، وعصفها برؤيتنا ومشاعرنا، لا نجد في الحياة دوحةً تعيد إلينا اطمئناننا وبصيرتنا، كدوحة المثول بين يدي الله، والاغتراف من معينه، والاعتصام به.

الدوحة الظَلِيْلة التي تدخلها متعباً من الأثقال، مشوّشاَ من لبس الهوى واعوجاج الناس، وما أن تستظلّ بركعتين منها حتى تنزاح عنك الأتعاب، وينكشف عن قلبك الهوى، وتستقيم لك البصيرة، فتعود جديداً لحياتك مليئاً بالحياة.

أنظر إلى سرّائك وضرّائك، إلى كلّ ما يملئ نفسك ويعترض أيّامك من ثمرات الحياة، من تعب وارتياح، وفقدان ووجدان، ودموع وبسمات، وآلام كالجبال... كيف إذا مزجتها بالصلاة وهبتك الصلاة فيها البصيرة، وأنارت لك الجادّة، وأساغت لك مرارة الحنظل، وعطّرت لك هناءَة النعيم...

١٠١

١٠٢

صلاة الكُسالى وتضييع الصّلاة

صلاة الكُسالى هي : الصلاة التي تفقد حرارتها، العاطفيّة والفكريّة، وتتحوّل إلى عمل جامدٍ، بعد أن كانت حقلاً خصباً جميلاً.

والكسل الذي يسبب فقدان الصلاة هو: حالة مرضيّة تعرض للنفس، وتنشأ تارة من الجسد، وتارة من إرهاق النفس، وثالثة من انحرافها.

فأمّا كسل الجسد: فهو خللٌ في وظائفه الفسيولوجيّة الواسعة، لا يلبث أن ينعكس على النفس، بقانون الترابط الصميم بينها وبين الجسد، فيحدث أن تصاب النفس بالخمول، وتتضاءل قدراتها على العمل والاستيعاب والتفاعل... ثمّ تزول إصابة النفس بهذه الحالة بزوال إصابة الجسد.

وليس هذا الكسل الناتج عن الجسد مذموماّ في الشريعة الإسلامية، ما دام لم يَحدث بسبب الإنسان.

قال الله عزّ وجلّ: ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) 286 - البقرة.

وقال عزّ وجلّ : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا ) 7 - الطلاق.

وفي الحديث الشريف: (كلّ ما غلب الله عليه، فهو أولى بالعُذر فيه).

ونصوص أخرى تؤكّد هذا المعنى، ومن ورائها حكم العقل بذلك.

وأمّا كسل الإرهاق النفسي ؛ فينتج عن الإكثار من بذل الجهد، دون إعطاء النفس قسطها من الراحة، فيحدث أن تصاب بإعياء وكللٍ عن الاستيعاب والتفاعل.

وهذا الكسل ليس مذموماً في الشرعية الإسلامية أيضاً، ما دام الجهد الذي سبّبه مشروعاً، فقد ورد في الحديث الشريف أن هذه الأُنفس تملّ كما تملّ الأبدان، وأنّ لها إقبالاً وإدباراً، وأنّ القلب تمرّ عليه الساعة من الليل والنهار ما

١٠٣

فيه إيمان ولا كفر، شبه المُضغة وشبه الثوب الخَلِق (الكافي ج2 ص420 - 421)

ونصوص أخرى تدلّ على أنّ حالة الإعياء والفتور هذه، عارض طبيعي في حياة النفس البشريّة، لا تلبث أن تزول فتعود النفس إلى نشاطها.

وأمّا كسل الانحراف فهو: خمول يتّخذ صفة النُفْرة، وعدم الانسجام مع نشاطات نافعة، وقد يكون جزئيّاً، فينحصر بالضجر من أعمال معيّنة كالصلاة، وتلاوة القرآن مثلاً، وقد يكون كليّاً، فيشمل كافّة النشاطات النافعة، حيث تصاب النفس بالضجر من جميعها، وتتركّز رغباتها على نشاطات ضارّة أو تافهة، وغالباً ما يكون كسل الانحراف هذا مستمرّاً دائماً، عكس كسل الإرهاق الذي يكون موقوتاً وموجزاً في الأكثر.

والانحراف الذي يثمر هذا الكسل، يكمن في عمق شخصيّة الإنسان، في نوعيّة مواجهته للحياة وأشيائها... فإنّ مواجهة الناس للحياة تكون تارة بروح جادّة ومسؤولة، وتارة بروح انتهازيّة غير مسؤولة، وثالثة بقدرٍ ناقص من الجدّ والمسؤولية.

أمّا الذي يواجه الحياة بروح جادّة مسؤولة أمام الخالق عزّ وجلّ، فلا يمكن إلاّ أن يكون حيويّاً، متفاعلاً مع الحياة في كلّ جانب من جوانب سلوكه، فيما يفعل وفيما يرفض.

وأمّا الذي يواجه الحياة بروح غير مسؤولة، كالروح الانتهازيّة والشهويّة - روح النفاق - فإنّ هذه الروح بطبيعتها الوصوليّة ستفرض عليه المُمالئة، والقيام بأعمال لا يقتنع بها، ولا يؤدّيها إلاّ أداء شكليّاً؛ لغرض الوصول إلى مآربه...

ولهذا يعجز المنافق مهما أعْمل قدرته في التمثيل والتضليل، أن يعطي أعماله الخيّرة روح الخير - كالذي يؤمن بها ويتفاعل معها - فيحدث أن تنعكس روحه المنافقة على القيم التي يتحدّث عنها، والصلاة التي يصلّيها، والمال الذي ينفقه، وأحياناً يتّضح خموله الروحي ونفاقه، فتراه يشعر بعمل الخير ضريبة مكروهة يدفع إليها نفسه دفعاً، بينما تراه يمارس أعماله النفعيّة بكلّ إقبال.

١٠٤

يقول الله عزّ وجلّ عن المنافقين: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) 4 - 7 الماعون.

ويقول عزّ وجلّ: ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ * فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ * وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) 53 - 56 - التوبة.

ويقول عزّ وجلّ: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) 142 - 143 النساء.

وأمّا الذي يواجه الحياة لا بروح النفاق، ولكن بقدر ناقصٍ من الجدّ والمسؤولية، فهو المؤمن الذي لم تكتمل فيه روح الإيمان، ولم يستوفِ دفعة الحيويّة والتفاعل مع السلوك الذي يؤمن به، وهذه الروح الناقصة تسبب فيه كسلاً نفسيّاً، يختلف في قدره ونوعه عن كسل النفاق، ولكنّه يشترك معه في أنّه كسل ناتج عن انحراف نفسيّ في مواجهة الحياة.

ودرجات هذا الكسل تتفاوت... فربّما كان كسلاً مُطبقاً على جميع النشاط الخيّر، حتى يكون خمولاً وجموداً في القلب، وربّما كان كسلاً عن اتخاذ المواقف الحاسمة في الحياة، أو كسلاً عن محبّة الناس، أو عن تلاوة القرآن والصلاة... في حالات معيّنة أو دائمة.

ويتّسع هذا الكسل في الناس، حتى ليكون لكلّ مؤمن منه نصيب قلّ أم كثر، ولا يسلم منه كليّاً إلاّ من بذل مع نفسه جهداً تربويّاً كبيراً فعصمه الله عزّ وجلّ.

* * *

١٠٥

وعلى المسلم الذي يعرض له الكسل في صلاته أن يبحث عن سببه:

فإن كان ناتجاً عن عارض صحّي، فدواؤه المعالجة الصحيّة، وكلّ ما غلب عليه الله عزّ وجلّ فهو أولى بالعذر فيه، على حدّ تعبير الإمام الصادق (عليه السلام).

وإن كان ناتجاً عن تقصير في الجدّ والتفاعل مع السلوك، فلا بدّ للمسلم أن يخرج بصلاته من صلاة الكسالى، إلى صلاة الوعي والنشاط فيقوم

أوّلاً: بتفهّم الصلاة ومدى ضرورتها الذاتيّة والموضوعيّة لوجوده، ويحسّ بها مسؤوليّة محبّبة من أجل مصلحته، لا من أجل الله الغني تبارك وتعالى.

ويقوم ثانياً: بتغيير طريقة أدائه للصلاة، فلا يكون همّه حينما يبدأ بها أن ينتهى منها، ولا يعتبرها عملاً مقفلاً يقوم به دون تفهّم، بل حقلاً جميلاً يعيش فيه بروحه وفكره وجسده، ويجني من عطائه... ليحسّ أحدنا على الأقل أنّ الله عزّ وجلّ ينظر إليه في صلاته، وأنّ الملائكة يؤمّنون على دعائه ويستغفرون له.

وحينما يبدأ المسلم في التغلّب على هذا الكسل، فسيجد الله سبحانه في عونه، وسيجد صلاته.

أمّا كسل النفاق فلا شفاء منه إلاّ بالشفاء من مرض النفاق، باستئصال الروح المريضة واقتلاعها من أعماق الشخصيّة، ومواجهة الحياة بروح مؤمنة مسؤولة.

* * *

وتضييع الصلاة مسألة متّصلة بالكسل... فما صلاة الكسالى إلاّ لوناً من ألوان إضاعة الصلاة.

ومن ملاحظة نصوص القرآن الكريم والسنّة الشريفة في إضاعة الصلاة، نجد أنّها تقصد بالإضاعة معنيين:

الاستخفاف بالصلاة، وترك الصلاة كليّاً.

أمّا الاستخفاف بها فهو يشمل: عدم تفهّم الصلاة في أحكامها وشروطها الشرعيّة، وتأخيرها عن وقتها، وتركها جزئيّاً، وعدم التأنّي في أدائها، وعدم التوجّه بالقلب والتأثّر بها حال أدائها... وإليك بعض النصوص التي تخصّ

١٠٦

هذه الألوان من التضييع:

عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: (ليس منّي من استخفّ بصلاته، لا يَرِد الحوض عليّ، لا والله..).

وعنه (صلّى الله عليه وآله) قال: (لكلّ شيءٍ وجه، ووجه دينكم الصلاة، فلا يَشِيننّ أحدكم وجه دينه...).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال لجماعة: (والله إنّه ليأتي على الرجل خمسون سنةً وما قَبل الله منه صلاة واحدة، فأيّ شيءٍ أشدّ من هذا؟! والله إنّكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم مَن لو كان يصلّي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها... إنّ الله لا يقبل إلاّ الحسن، فكيف يقبل ما يُستَخفّ به) الوسائل ج3 ص15 - 16.

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (بينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جالس في المسجد، إذ دخل رجل، فقام يصلّي فلم يُتمّ ركوعه ولا سجوده، فقال (صلّى الله عليه وآله): نقرٌ كنقرِ الغراب، لئن مات هذا الرجل وهكذا وصلاته ليموتنّ على غير ديني).

وعن النبي (صلّى لله عليه وآله) قال: (الصلاة ميزان، من وفّى استوفى).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّها لوقتها صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبداً، ثمّ اصْرف بصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم مَن على يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك، واعلم أنّك بين يدي من يراك ولا تراه) .

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إنّ أسرق النّاس من سرق من صلاته). الوسائل ج3 ص21 - 24.

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (إنّ العبد لَيُرفع له من صلاته نصفها، أو ثُلثها، أو ربعها، أو خُمُسها... فما يُرفع له إلاّ ما أقْبلَ عليه منها بقلبه...) الوسائل ج3 ص52.

* * *

١٠٧

وأمّا ترك الصلاة كليّاً فقد حذّرت من خطورته نصوص كثيرة، وأهمّ حقيقتين في هذه النصوص؛ أنّ ترك الصلاة يعتبر قطع آخر رابطةٍ تربط الإنسان بالله عزّ وجلّ، وأنّ تركها يقترن بفقدان الإنسان للمقياس السلوكي، الأمر الذي يجعله فريسةً للشهوات الرخيصة.

ففي سورة مريم يتحدّث القرآن الكريم عن الذين أنعم الله عليهم من ذريّة آدم وخيار أبنائه، ثمّ يشير إلى الانحرافات التي كانت تحدث بعدهم فيقول:

( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) 59 - 60 - مريم.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لا يزال الشيطان ذَعِراً من المؤمن، ما حافظ على مواقيت الصلوات الخَمس، فإذا ضيعهنّ؛ اجترأ عليه فأدخله في العَظائم) الوسائل ج3 ص18.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لا تدع الصلاة متعمّداً، فإنّ من تركها متعمّداً، فقد برئت منه ملّة الإسلام) الوسائل ج3 ص29.

وقد يبدو الحكم على تارك الصلاة بأنّه مقطوع الرابطة بالإسلام، وبأنّه تابع لشهواته، حكماً قاسياً، ولكنّ الملاحظة توضّح منطقيّة هذا الحكم:

إنّ الإسلام طريقة معيّنة في التفكير والسلوك، لها تكاليفها وشروطها.... فمن الطبيعي أن لا يعدّ الإنسان منتمياً إلى هذه الطريقة ما لم يتحمّل التكاليف والشروط.

وبديهي أنّ أوّل شروط الانتماء إلى طريقة العيش الإسلاميّة، استعداد الإنسان أن يتملّى روح هذه الطريقة، وأن يركّزها في نفسه كلّ يوم؛ من أجل أن يفيَ بتكاليفها ويتعامل مع الحياة من خلالها... أمّا إذا رفض ذلك أو تقاعس عنه، فإنّ هذا يعني عدم استعداده للنهوض بتكاليفها، وبالتالي رفضه للعيش بالطريقة الإسلامية.

١٠٨

ماذا يبقى من إسلام (المسلم) إذا ترك مؤثّرات الحياة المختلفة تتكاثف على نفسه، على فكره ومشاعره وإحساسه بالحياة، دون أن يجلوها بوقفة بين يدي نفسه ويدي الله، تعيد إليه روح الإسلام واستقامته...؟

إنّ مَثله مَثَل الذي يؤمن بالنظافة ويريدها، ولكنّه يترك الغبار والأدران تتكاثف على جسده، فهو بالحقيقة لا يريد النظافة ولا يؤمن بها إيماناً فعّالاً.

فليس من الغريب إذاً أن يكون ترك الصلاة بمثابة قطع آخر رابطةٍ تَصِل الإنسان بملّة الإسلام، ما دامت هذه الفريضة من أوّل الشروط العمليّة لاستكناه هذه الملّة والعيش على هداها.

كذلك ليس من الغريب أن يَقترن ترك الصلاة بإتباع الشهوات؛ لأنّه لا معنى للتخلّي عن التفاعل مع طريقة العيش الإسلامية إلاّ الانحراف إلى طريقة عيش ثانية، تتّصف بالهوى، والاستسلام للنوازع القريبة، والابتعاد عن مواجهة الحياة بروح مؤمنة جادّة.

ولنا من حياة المضيّعين لصلاتهم خير دليل على التلازم بين إضاعة الصلاة وإطاعة النوازع الشهويّة الزائلة... ولنا من تقرير الله عزّ وجلّ لهذه الحقيقة، خير دليل على ثبوتها في نفس الإنسان وحياته... أعاذ الله المسلمين وهداهم.

* * *

١٠٩

١١٠

الفصل الثالث

الصّلاة في السُنّة

* النداء للصّلاة - الأذان والإقامة

* التجمّع للصّلاة - صلاة الجماعة

* أوضاع الصّلاة

* تلاوات الصّلاة

* الجهر والإخفات

* قبول الصّلاة

* النوافل

١١١

١١٢

تقسيم نصوص الصّلاة في السُنّة

بين أيدينا من السنّة الشريفة مئات النصوص في موضوع الصلاة، ففي كتاب الكافي وحده، أخرج ثقة الإسلام الكليني رحمة الله عليه، تسع مئة وسبعة وعشرين حديثاً، أما الحرّ العاملي رحمه الله، فقد أخرج في موسوعته الحديثية - الوسائل - أضعاف هذا العدد، إذ بلغت صفحات الأجزاء الثالث، والرابع، والخامس المخصّصة لأحاديث الصلاة أكثر من ألف وثمان مئة صفحة، وكذلك ما ورد في مصادر السنّة الشريفة في الصحاح الستّة وغيرها... وتتناول هذه النصوص تفاصيل أحكام الصلاة وشرائطها ومستحباتها وكلّ ما يتعلّق بهذه الفريضة المقدّسة من قُرب أو بعد.

وتنقسم الأحاديث الشريفة التي تدخل في عرض هذه الدراسة - عدا ما تقدّم - إلى الأقسام التالية:

* النداء للصّلاة - الأذان والإقامة

* التجمّع للصّلاة - صلاة الجماعة

* أوضاع الصّلاة

* تلاوات الصّلاة

* الجهر والإخفات

* قبول الصّلاة

* النوافل

١١٣

١١٤

النداء للصّلاة

الأذان ، هذا النداء المرتفع من أرجاء العالم الإسلامي مرّات في كلّ يوم، هو لدى التحليل إعلان بالإسلام، ودعوة إلى الصلاة... وهو لذلك يشكل مادّة إعلاميّة تهدف إلى طبع المجتمع بطابع إسلامي.

والإعلام في الإسلام جانب محفوف بالعناية والإتقان، شأن صنعة الله الذي أتقن هذا الدين وأتقن كلّ شيءٍ.

وإذا التفتنا إلى أنّ الإعلام هو: عمليّة تكوين الأفكار والمشاعر في الآخرين، نعرف كم أنّ تشريعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتجمّع السنوي لأداء الحجّ، وتلاوة القرآن، وإقامة المباني العامّة - المساجد - والأذان للصلاة، والتجمّع للصلاة... كم هي عمليّات إعلاميّة بليغة ومتقنة.

لقد خطى الإعلام في عصرنا الحديث خطوات واسعة، ولكنّه لم يبلغ مستوى الإعلام الإسلامي في القدرة على التأثير.

فلكي نكون منصفين في المقارنة؛ لا بدّ أن نساوي في الظروف بين المادّة الإعلاميّة الإسلاميّة، وبين المادّة الإعلاميّة للمبادئ والاتجاهات الأخرى.

إنّ الإعلام يتكوّن من: مادّة إعلاميّة، ووسيلة إعلام، ولمّا كانت المادّة الإعلاميّة الإسلامية محرومة فعلاً من وسائل الإعلام الحديثة - نتيجة إقصاء الإسلام عن مسرح الحياة - فإنّه لكي تكون الموازنة سليمة بينها وبين المادّة الإعلاميّة في الاتجاهات الحاضرة، لا بدّ أن نفترض كلتا المادّتين مجرّدتين عن الوسائل، ونوازن بينهما كمادّتين فكريّتين وشعوريّتين فقط، أو أن نفرض تكافؤها في امتلاك الوسائل...

١١٥

أمّا أن ننظر إلى المادّة الإعلاميّة غير الإسلامية ضمن ما تملكه من وسائل متنوّعة، ونقارنها بالمادّة الإعلاميّة الإسلامية ضمن حرمانها من الوسائل الحديثة... فذلك هو التحيّز والظلم.

وبهذه النظرة نجد أنّ للمادّة الإعلاميّة في الإسلام ميزتين جوهريّتين وتركيباً متفرّداً...

فمن ميزاتها: أنّها دائماً مادّة ذات مناسبة منطقيّة، ومن هنا لم يكن في الإسلام مادّة إعلاميّة لمجرّد الإعلام، كما في أغلب المواد الإعلاميّة التي نشاهدها، بل كانت المواد الإعلاميّة الإسلامية بنفسها ضرورات فرديّة واجتماعية، وكان عطاؤها الإعلامي عطاءً تلقائيّاً...

والمختصّون بالإعلام يعرفون كم يمتاز الإعلام التلقائي، عن الإعلام المقصود في تكوين الأفكار والمشاعر لدى الناس، وكم يبذلون من الجهود لأجل التوصّل إلى المادّة الإعلاميّة التلقائيّة.

أنظر إلى فريضة الحجّ كيف يجتمع لها عشرات الألوف، من عناصر مختلفة وبيئات متباينة، وكيف أنّ كلاً منهم إنّما يقصد أداء مناسكه في أرض النبوّات المقدّسة، ثمّ أنظر كيف تنصهر أفكارهم ومشاعرهم تلقائيّاً في وحدة الإخاء الإنساني، وذكريات الأبوين الطاهرين آدم وحواء، بما تعجز عنه مؤسسات وجهود إلغاء التمييز العنصري، إذا كانت صادقة.

وانظر إذا شئت إلى التجمّع اليومي للصلاة، كيف يلتقي فيه أهل الحيّ الواحد - على الأقلّ - ويتعارفون ويتبادلون الأحاديث في الأمور المختلفة، ويكوّنون وحدة اجتماعيّة وفكريّة... كلّ ذلك بشكل تلقائي بليغ، لا تنهض به تجمّعات الروابط والجمعيّات في المجتمع غير الإسلامي.

ثمّ انظر إلى الأذان موضوع الحديث، في محتواه الفكري وفي مناسبته المنطقيّة، ثمّ في تركيبه وأسلوبه! فالمحتوى الفكري في الأذان يتلّخص في التكبير، والشهادتين، والدعوة إلى الصلاة.

والمناسبة المنطقيّة للأذان هي: الحاجة الحقيقيّة للتذكير بحين الصلاة، فإنّ

١١٦

الناس بحاجة إلى إعلان يعرّفهم بالفجر، ثمّ يذكّرهم بالزوال، ثمّ يعلن لهم المغيب، كما إنّهم بحاجة حقيقيّة إلى إعلان يحدّد لهم وقت الاستيقاظ، ونهاية شوط العمل الصباحي والمسائي..

وأمّا صيغة الأذان وأسلوبه، ففيهما يكمن الإبداع والإعجاز...

تأمّل في عبائره ، وفي إيقاعه النفسي، وفي تسلسله خطوة خطوة... ولا بدّ لك أن تزيل راسب الإلفة المكثّف حتى تجد الأذان الذي أقصد.

لقد تعوّدت أذهاننا مثلاً كلمة (القرآن) اسماً لكتاب الله عزّ وجلّ، ولذلك نحسبه اسماً عاديّاً، أمّا لو تأمّلناه بنظرةٍ فاحصة لأخذتنا الدهشة لهذا الاسم، ولعلمنا أنّ الذهنيّة البشريّة لو جهدت مجتمعة لمَا توصّلت إلى هذه اللفظة اسماً لكتاب.

القرآن : أيْ ما يقرأ، أي الكلام الذي يستحقّ أن يُقرأ على البشريّة، والذي يستحقّ أن تقرأه البشريّة...

القرآن : انطلق بعقلك مع هذا الاسم، وابحث كلّ عمرك عن اسمٍ عملي بليغ، حيوي موجز، جزلِ اللفظ متين البناء، رائع الإيقاع معبّر عن كتاب الله للناس... فلن تجد غير... القرآن.

كذلك نحن تعوّدنا صيغة (الله أكبر)، وصرنا نحسبها عبارة عاديّة، ولكنّها عبارة تجسّد لنا حقيقة أنّنا لن نحيط بالله علماً، ولن نحيط به وصفاً، وأنّه عزّ وجلّ أكبر من مخاوفنا وهمومنا وقدراتنا ومشاكل حياتنا...

كلمتان : هما شعار الأمّة، وهتافه في معركة، وطاقة أمام عقبة، وتعبير عن إعجاب بجمال أو جلال، ونداء ينطلق في بدء الدعوة إلى الصلاة...

كلمتان : كلمّا تأمّلناهما أدركنا إعجاز مضمونهما وصيغتهما، وفهمنا قول بعض الأحاديث الشريفة: أنّ التكبير عطاء من الله لهذه الأمّة.

الله أكبر: بهذا التركيب الموجز، والجرس الحاسم، وبصيغة التفضيل المطلق، والصلاحيّة للعديد من حالاتنا... رائعةٌ من خلق الله، ولا بديل لخلق الله.

١١٧

بهذه الصيغة الخالدة يفتتح الأذان، أربع مرّات، فينهل العقل والشعور من عطائها، وينطلق في أبعادها ولا يملّ...

ثمّ تأتي الشهادة لله ولرسوله...

والشهادة في الأساس: إقرار يؤخذ من الشاهد أمام قاضٍ في محكمة، ولكنّها بلاغة الإسلام نقلتها من جلسة في محكمة إلى وقفة مفتوحة أمام الناس والأشياء، وجعلت الوجود كلّه محكمة يدلي المؤذّن بشهادته على أسماعه، ويدعونه إلى تسجيلها وتصديقها.

ومن بلاغة صيغة الشهادة أنّها تنصّب على إفراد الله عزّ وجلّ في الإلوهيّة، ونفيها عن سواه، فكأنّ المسألة ليست إلوهيّة الله عزّ وجلّ بمقدار ما هي توحيد الله.

وكأنّ (أشهد أن لا إله إلاّ الله) علمٌ يرفعه المؤذّن خفّاقاً باسم الخالق الواحد، والمالك الواحد، والحاكم الواحد تبارك وتعالى، ثمّ يعقِبه بالشهادة لمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم)، بأنّه رسول الإله الواحد، ومبعوثه للبشر... وكفى بكلمة رسول تعبيراً ميسّراً بليغاً عن مهمّة النبي (صلّى الله عليه وآله).

وكما تؤدّى الشهادة في المحكمة من قِبل شاهدين، تتكرّر من المؤذّن مرّتين.

ثمّ تأتي الدعوة إلى الصلاة بأسلوب جديد قلمّا يستعمل في الدعوة إلى مهمّة، إذ تنتقى لها كلمة (حيّ) المعبّرة النشيطة النديّة، وكأنّها تثير الشهامة الإنسانية إلى مهمّة شريفة.

وتتكرّر الدعوة ثلاث مرّات: إلى الصلاة باسمها المجرّد الخاشع المتفتّح.

ثمّ إلى الصلاة بصفتها الفلاح والفوز برضا الرب تبارك وتعالى.

ثمّ إلى الصلاة خير العمل، وباعثة الروح في ضمير الإنسان وأعماله.

وحيث إنّ الدعوة إلى الصلاة قد تلاقي صعوبة في النفس، فإذا بالتكبير يأتي بعدها مرّة أخرى لينشط النفس من عقالٍ ويدعوها إلى إجابة الأكبر تعالى، ثمّ يختم الأذان بوحدانية الله عزّ وجلّ، ليس بصيغة الشهادة بل بصيغة التقرير لحقيقة ثابتة في ذاتها، ولحقيقة أُدّيت بها الشهادة فدوّنت... وإذا بالأذان يُختم بكلمة (الله) كما فُتح بكلمة (الله).

١١٨

إنّ هذه الأسطر التي قدّمتها لك لا تفي بالكشف عن روعة الأذان، وإنّما تفتح لك الباب إلى الملاحظة والاستيعاب... فالحقّ أنّ الأذان سواء في صياغته التعبيريّة، أم في إيقاعه وإيحائه النفسي، أم في تسلسله مع العقل وانسيابه في الروح؛ لوحة فنيّة لا تشبهها إلاّ سورة من القرآن.

والحقّ أنّ فكرة الأذان، فكرةَ أن يُنادى بهذه المفاهيم وهذا التعبير على أسماع الناس والطبيعة، فكرة معجزة كإعجاز الأذان وككلّ تشريعات الإسلام...

إنّ الأذان تشريع من تشريع الله، وشعيرة من شعائره، أراد عزّ وجلّ أن ينطبع بها المجتمع الإسلامي، أراد أن يعلوَ هذا النداء الخالد مرّات كلّ يوم، فيلفّ بصداه العذب معالم المدينة والقرية والسهل والجبل... أن تنطلق هذه الدعوة في كلّ فترة لتهيب بالناس أن يكونوا على مستوى الإسلام لله، وأن لا يعوقهم عن الوقفة الغنيّة بين يديه عائق من عمل أو تقاعس...

أنت في المجتمع، المؤذّن صديق حميم لنداء (الله أكبر) ينساب في ضميرك مع تنفّس الصباح، ليبعثك من رقدتك على دفئه ونداه وحنانه... ثمّ يعاودك في الظهيرة لتنهي عملك على بركته، ثمّ يعاودك باطمئنان مع سكون المساء...

ومن مؤذنين متنوّعين وفي بلاد مختلفة يوافيك... فإذا هو النداء الخالد، والصديق الحميم، يَهبُ النبرات واللهجات عذوبة الإيمان، ويجسّد في الأمكنة والأزمنة وحدة قضيّة، الإيمان وتعالي رايتها.

صوتٌ حميم أنّى ذهبت في بلاد الله، يعطي ليومك روعة اليقظة وجمال الاستراحة والعودة، يعطي للطبيعة من حولك نفحة الإيمان فتتجاوب مع أمواجه...

ما ضرّ هذه البشريّة الضالّة لو تجاوبت مع نعمة الأذان الثريّة، مع هذا العطاء الإلهي، ففتحت عليها قلوبها مع تفتّح الطبيعة، وأنهت عليها أعمالها واستقبلت بها المغيب...

إذ ذلك خير أم موادّ الإعلام التي تحاول أن تعطيه سِمات معينّة، فلا تعطيه إلاّ سِمة العبادة للصغائر، والغباء عن الخالق الأكبر، وعن كلّ ما هو أكبر في ضمير الإنسان وضمير الحياة...؟

١١٩

إنّ الأذان - هذه السِمة البليغة التي أرادها الله أن تتجاوب في أرجاء الحياة - لم يزل بنفس القوّة وبنفس الثراء الذي جنت منه الأمّة فجرها، حينما عاشته في ضميرها، وهتفت به في معاركها، ورفعته من مآذنها... ولا بدّ مجدّداً أن تنفتّح له الأسماع ويأخذ طريقه إلى القلوب والحياة، فبذلك وعدَ الله عزّ وجلّ صاحب الوجود وصاحب مشروع الإسلام في المجتمع البشري.

* * *

يقول (إدوارد وليام لين) صاحب كتاب (أحوال المحدّثين وعاداتهم): (إنّ أصوات الأذان أخّاذةٌ جداً، ولا سيّما في هدأة الليل).

ويقول (جيراردي نرفال) في كتابه (سياحة بالمشرق):

إنّني لأوّل مرّة سمعت فهيا صوت المؤذّن الرخيم الناصع، خامرني شعور من الشجو لا يوصف، وسألت الترجمان: ماذا يقول هذا الهاتف؟ فقال: إنّه ينادي أن لا إله إلاّ الله، قلت: فماذا يقول بعد هذا؟ فقال: إنّه يدعوا النيام قائلاً: يا من ينام توكل على الحيّ الذي لا ينام...

ويقول الكاتب المتصوف (لافكاد يوهيرون):

(إنّ السائح الذي يهجع لأوّل مرّة بين جدران مدينة شرقيّة، وعلى مقربة من إحدى المنائر، قلمّا تفوته خشعة الفوائد لذلك الجمال الوقور، الذي ينبعث به دعاء المسلمين إلى الصلاة، وهو لا شكّ يستوعب في قلبه - إذا كان قد هيأ نفسه للرحلة بالقراءة - كلّ كلمة من كلمات تلك الدعوة المقدّسة، ويتبيّن مقاطعها وأجزاءها في نفحات المؤذّن الرنّانة، حيثما أرسل الفجر ضياءه المورّد في سماء مصر أو سورية، وفاض بها على النجوم، وإنّه ليسمع هذا الصوت أربع مرّات أخرى قبل أن يعود إلى المشرق ضياء الصباح... يسمعه تحت وهج الظهيرة اللامعة، ويسمعه قبيل غياب الشمس والمغرب يتألّق بألوان القرمز والنضّار، ويسمعه عقيب ذلك حين تنسرب هذه الألوان الزاهية في صبغة مزدوجة من البرتقال والزمرّد، ثمّ يسمعه آخر الأمر حين تومض من

١٢٠