الكنى والألقاب الجزء ١

الكنى والألقاب0%

الكنى والألقاب مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 479

الكنى والألقاب

مؤلف: عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (المحدث القمي)
تصنيف:

الصفحات: 479
المشاهدات: 469311
تحميل: 14140


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 479 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 469311 / تحميل: 14140
الحجم الحجم الحجم
الكنى والألقاب

الكنى والألقاب الجزء 1

مؤلف:
العربية

عشت حريصا يقوده طمع

ومت ذا قاتل بلا قود

يا من لذيذ الفراخ اوقعه

ويلك هلا قنعت بالغدد

ألم تخف وثبة لزمان كما

وثبت في البرج وثبة الاسد

عاقبة الظلم لا تنام وإن

تأخرت مدة من المدد

أردت ان تأكل الفراخ ولا

يأكلك الدهر اكل مضطهد

هذا بعيد من القياس وما

اعزه في الدنو والبعد

لا بارك الله في الطعام إذا

كان هلاك النفوس في المعد

كم دخلت لقمة حشاشره

فاخرجت روحه من الجسد

ونقتصر من القصيدة على هذا القدر وهو زبدتها.

توفي ابن العلاف سنة ٣١٨ (شيح) وعمره مائة سنة.

والنهرواني بفتح النون وسكون الهاء نسبة إلى النهروان بليدة قديمة بالقرب من بغداد.

(ابن علان)

محمد بن علي بن محمد الصديقي البكري المكي المولد والمنشأ من اكابر علماء العامة.

حكي انه روى صحيح البخاري من اوله إلى آخره في الكعبة المعظمة، له مؤلفات كثيرة منها رسالة الصبيح في ختم الصحيح وتحفة ذوي الادراك في المنع من التنباك وغير ذلك، يقال انه كان سيوطي زمانه ومن شعره قوله في الزهد:

الموت بحر موجه طافح

يغرق فيه الماهر السابح

ويحك يا نفس واسمعي

مقالة قد قالها ناصح

ما ينفع الانسان في قبره

إلا التقى والعمل الصالح

(قلت) ويناسب هنا نقل هذه الاشعار في الزهد لبعض الشعراء:

يا عبد كم لك من ذنب ومعصية

إن كنت ناسيها فالله احصاها

لا بد يا عبد من يوم تقوم له

ووقفة لك يدمي القلب ذكراها

٣٦١

إذا تعرضت على قلبي تذكرها

وساء ظني قلت استغفر الله

توفي بمكة المعظمة سنة ١٠٥٧ (غنز).

وقد يطلق على شهاب الدين احمد بن ابراهيم الصديقي المكي الشافعي، له شرح على بعض القصائد، توفي سنة ١٠٣٣ (غلج).

(ابن العلقمى)

هو الوزير ابوطالب مؤيد الدين محمد بن محمد (احمد خ ل) بن علي العلقمي البغدادي الشيعي، كان وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس وكان كاتبا خبيرا بتدبير الملك ناصحا لاصحابه، وكان امامي المذهب صحيح الاعتقاد رفيع الهمة محبا للعلماء والزهاد كثير المبار ولاجله صنف ابن ابى الحديد شرح النهج في عشرين مجلدا والسبع العلويات، توفي في ٢ جمادي الآخرة سنة ٦٥٦ (خون).

وقد يطلق على ابنه شرف الدين ابي القسم علي بن محمد.

(ابن عمار الاندلسى)

ذو الوزارتين ابوبكر محمد بن عمار الشاعر المشهور كان هو وابن زيدون فرسي رهان ورضيعي لبان في التصرف في فنون البيان اتصل بالمعتمد على الله ابن عباد صاحب غرب الاندلس فانهضه جليسا وسميرا وقدمه وزيرا ومشيرا بعد ان لم يكن شيئا مذكورا، وكان عاقبة امره ان قتله المعتمد في سنة ٤٧٧ باشبيلية.

وله اشعار كثيرة في مدح المعتمد.

قال ابن خلكان: ومن جملة ذنوبه عند المعتمد بن عباد ما بلغه عنه من هجائه وهجاء ابيه المعتضد في بيتين وكانا من اكبر اسباب قتله وهما:

مما يقبح عندي ذكر اندلس

اسماء معتضد فيها ومعتمد

اسماء مملكة في غير موضعها

كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد

والاندلسي تقدم في ابن عبدالبر.

٣٦٢

(ابن عمر)

عبدالله بن عمر بن الخطاب صحابي معروف قال ابن عبدالبر في الاستيعاب كان من اهل الورع والعلم وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله شديد التحري والاحتياط والتوقى في فتواه وكل ما يأخذ به نفسه وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم كان بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة إلى ان مات، ويقولون انه كان من اعلم الصحابة بمناسك الحج، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لزوجته حفصة بنت عمر: ان اخاك عبدالله رجل صالح. لو كان يقوم من الليل فما ترك ابن عمر بعدها قيام الليل، وكان لورعه قد اشكلت عليه حروب عليعليه‌السلام وقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة انتهى.

(اقول) هو احد من لم يبايع امير المؤمنين علياعليه‌السلام قال المسعودي في مروج الذهب في ذكر خلافة امير المؤمنين عليعليه‌السلام : وقعد عن بيعته جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الامر منهم سعد بن ابى وقاص وعبدالله بن عمر وبايع يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان انتهى.

وفى كلزار قدس للمحقق الكاشاني قال: لما دخل الحجاج مكة وصلب ابن الزبير راح عبدالله بن عمر اليه وقال مد يدك لابايعك لعبد الملك قال رسول الله صلى الله عليه وآله من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية فاخرج الحجاج رجله وقال خذ رجلي فان يدي مشغولة فقال ابن عمر أتستهزئ مني؟ قال الحجاج يا احمق بني عدي ما بايعت مع علي وتقول اليوم من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية أو ما كان علي امام زمانك؟ والله ما جئت إلي لقول النبي صلى الله عليه وآله بل جئت مخافة تلك الشجرة التي صلب عليها ابن الزبير انتهى.

وفى الاستيعاب واسد الغابة: توفي عبدالله بن عمر سنة ٧٣ بعد قتل ابن الزبير بثلاثة اشهر وكان سبب قتله ان الحجاج امر رجلا فسم زج رمحه وزحمه في الطريق ووضع الزج في ظهر قدمه، وقالا: وكان ابن عمر يتقدم الحجاج في الموقف بعرفة وغيرها وكان يشق على الحجاج فقتله انتهى.

٣٦٣

وقبره بمكة بموضع يقال له فخ.

وقد ذكر ابن عبدالبر عدة روايات في انه قال حين حضرته الوفاة ما اجد في نفسي من امر الدنيا شيئا إلا اني لم اقاتل الفئة الباغية مع علي بن ابي طالبعليه‌السلام . ويأتي في الجوهري ما يتعلق به.

ومولاه نافع من المشهورين بالحديث عند العامة ومن الثقات الذين يأخذون عنهم ومعظم حديث ابن عمر عليه دائر فانه نشر عنه علما جما، واهل الحديث منهم يقولون قراء‌ة الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب توفي سنة ١١٧ أو سنة ١٢٠ وقد يقال ابن عمر لعبد العزيز بن عمر رجل من اهل برقعيد من عمل الموصل بنى مدينة قرب الموصل تسمى جزيرة ابن عمر ينسب اليها ابن الاثير الجزري وغيره.

(ابن العميد)

ابوالفضل محمد بن ابي عبدالله الحسين العميد القمي الكاتب الشاعر الاديب الفاضل الالمعي الامامي المعروف.

قال ابن خلكان: والعميد لقب والده ولقبوه بذلك على عادة اهل خراسان في اجرائه مجرى التعظيم، وكان فيه فضل وادب وله ترسل، واما ولده ابو الفضل فانه كان وزير ركن الدولة والد عضد الدولة الديلمي تولى وزارته عقيب موت وزيره ابي علي القمي وذلك في سنة ٣٢٨ وكان متوسعا في علوم الفلسفة والنجوم واما الادب والترسل فلم يقاربه فيه احد في زمانه وكان يسمى الجاحظ الثاني وكان كامل الرياسة جليل القدر وكان له في الرسائل اليد البيضاء، قال الثعالبي في كتاب اليتيمة: ان يقال بدأت الكتابة بعبد الحميد(١)

____________________

(١) هو عبدالحميد بن يحيى بن سعيد الكاتب البليغ المشهور الذي يضرب به المثل، كان في الكتابة وفي كل فن من العلم والادب معروفا وهو من اهل الشام، وكان اولا معلم صبية انتقل في البلدان وعنه اخذ المترسلون ولآثاره اقتفوا، وكان كانب مروان بن محمد آخر ملوك بني مروان قتل مع مروان، وكان قتل مروان ١٣ ذي الحجة سنة ١٣٢ بقرية بوصير من اعمال الفيوم بالديار المصرية.

٣٦٤

وختمت بابن العميد، وكان الصاحب بن عباد قد سافر إلى بغداد فلما رجع اليه قال له كيف وجدتها فقال بغداد في البلاد كالاستاذ في العباد، وكان يقال له الاستاذ، وكان سائسا مدبرا للملك قائما بحقوقه وقصده جماعة من مشاهير الشعراء من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح فمنهم ابوالطيب المتنبي ورد عليه وهو بأرجان ومدحه بقصائد احداها التي اولها:

باد هواك صبرت أم لم تصبرا

وبكاك إن لم يجرد معك أوجرى

ومنها:

ارجان ايتها الجياد فانه

عزمي الذي يذر الوشيج مكسرا

من مبلغ الاعراب إنى بعدها

شاهدت رسطا ليس والاسكندرا

وسمعت بطليموس دارس كتبه

متملكا متبديا متحضرا

ولقيت كل الفاضلين كأنما

رد الاله نفوسهم والاعصرا

نسقوا لنا نسق الحساب مقدما

واتى فذلك إذ اتيت مؤخرا

وهي من القصائد المختارة اعطاه ثلاثة آلاف دينار.

(اقول) لما كان ابن خلكان محبا للادب اطال الكلام في احوال ابن العميد وذكر جملة من الابيات الواردة في مدحه وقال: ان ابا حيان التوحيدي قد وضع كتابا سماه مثالب الوزيرين اي ابن العميد والصاحب بن عباد وضمغه معائنهما وما انصفهما وهذا الكتاب من الكتب المحذورة (اي شوم) ما ملكه احد إلا وانعكست احواله ولقد جربته وجربه غيري على ما اخبرني من اثق به انتهى ملخصا.

وبالجملة كان ابن العميد رحمه الله اوحد العصر في الكتابة وجميع ادوات الرياسة وآلات الوزارة، يضرب به المثل في البلاغة وينتهي اليه الاشارة بالفصاحة، إن عدت

٣٦٥

شجعان اليراعة فهو ملاعب اسنة الاقلام، أو ذكرت فرسان البراعة فهو ثاني اعنة الكلام، ملك زمام القريض فاشاده حيث شاء، وتلا لسان قلمه ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، ومن اتباعه الصاحب بن عباد ولصحبته مع ابن العميد اشتهر بالصاحب.

وله اشعار كثيرة في مدح ابن العميد منها قصيدة اولها:

من لقلب يهيم في كل واد

وقتيل للحب من غير واد

وقوله فيها:

لو دري الدهر انه من بنيه

لازدرى قدر سائر الاولاد

لو رأى الناس كيف يهتز للجو

د لما عددوه في الاطواد

ايها الآملون حطوا سريعا

برفيع العماد واري الزناد

فهو إن جاد ضن حاتم طي

وهو إن قال قل قس اياد

إن خير المداح من مدحته

شعراء البلاد في كل واد

توفي سنة ٣٦٠ ببغداد، قيل كان يعتاده القولنج تارة والنقرس اخرى فيسلمه هذا إلى هذا، وسأله سائل ايهما اصعب عليك واشق؟ فقال إذا عارضني النقرس فكأني بين فكي سبع يمضغني، وإذا اعترانى القولنج وددت لو استبدلت النقرس عنه. وحكي انه رأى اكارا في بستان يأكل خبزا ببصل ولبن وقد امعن منه فقال وددت لو كنت كهذا الاكار آكل ما اشتهي.

وتقدم ذكر ابنه ابوالفتح بن العميد.

وذكر (جش) في احوال احمد بن اسماعيل بن عبدالله القمي: انه بجلي عربى من اهل قم يلقب سمكة، كان من اهل الفضل والادب والعلم يقال ان عليه قرأ ابوالفضل محمد بن الحسين بن العميد، وله عدة كتب لم يصنف مثلها وكان اسماعيل بن عبدالله من غلمان احمد بن ابى عبدالله البرقى وممن تأدب عليه ومن كتبه كتاب العباسي وهو كتاب عظيم نحو من عشرة آلاف ورقة في اخبار الخلفاء والدولة العباسية رأيت منه اخبار الامين وهو كتاب حسن، وله كتاب الامثال كتاب حسن مستوفى ورسالة إلى ابى الفضل بن العميد انتهى.

٣٦٦

(ابن عنبة)

جمال الدين ابوالعباس احمد بن علي بن الحسين بن علي بن مهنا بن عنبة الاصغر الحسني الداودي صاحب كتاب عمدة الطالب(١) سيد جليل علامة نسابة كان صهر السيد تاج الدين بن معية النسابة شيخ الشهيد الاول وتلميذه، كان من علماء الامامية بل هو من عظمائها تلمذ على السيد ابن معية اثنتي عشرة سنة فقها وحديثا ونسبا وحسابا وادبا وغير ذلك، له عمدة الطالب الكبرى وعمدة الطالب الصغرى وكتاب في الانساب فارسي وبحر الانساب في نسب بني هاشم وهو مركب على مقدمة وخمسة فصول، حكي ان منه نسخة في المكتبة الخديوية في ٢٧٦ صفحة في آخرها كتابة بخط السيد المرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس توفي بكرمان سنة ٨٢٨ (ضكح).

(ابن عنين)

بالنونين مصغرا، ابو المحاسن محمد بن نصر الدين بن نصر بن الحسين بن عنين الانصاري الكوفي الدمشقي الشاعر المشهور، كان خاتمة الشعراء مطلعا على معظم اشعار العرب، وكان السلطان صلاح الدين نفاه عن دمشق بسبب بعض اشعاره فقال لما خرج منها:

فعلام ابعدتم اخا ثقة

لم يقترف ذنبا ولا سرقا

إنفوا المؤذن من بلادكم

إن كان ينفي كل من صدقا

وطاف البلاد من الشام والعراق والجزيرة وآذربيجان وخراسان وغزنة وما وراء النهر وخوارزم وحضر درس الفخر الرازي بها ثم دخل الهند واليمن ثم رجع على طريق الحجاز إلى الديار المصرية وعاد إلى دمشق بعد ان مات صلاح الدين واستأذن اخاه الملك العادل في الدخول اليها في قصيدته الرائية منها قوله:

____________________

(١) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف.

٣٦٧

ومن العجائب ان يقيل بظلكم

كل الورى ونبذت وحدي بالعراء

وله ايضا قصيدة في مدح الملك العادل ابى بكر محمد بن ايوب ملك دمشق المتوفى سنة ٦١٥ أولها:

ماذا على طيف الاحبة لو سرى

وعليهم لو سامحوني بالكرى

ومنها:

العادل الملك الذي اسماؤه

في كل ناحية تشرف منبرا

بين الملوك الغابرين وبينه

في الفضل ما بين الثريا والثرى

نسخت خلائقه الحميدة ما اتى

في الكتب عن كسرى الملوك وقيصرا

يعفو عن الذنب العظيم تكرما

ويصد عن قول الخنا متكبرا

لا تسمعن حديث ملك غيره

يروى فكل الصيد في جوف الفرا

اولاده في كل ارض منهم

ملك يجر إلى الاعادي عسكرا

من كل وضاح الجبين تخاله

بدرا فان شهد الوغى فغضنفرا

وكان له في عمل الالغاز وحلها اليد الطولى توفى بدمشق سنة ٦٣٠ (خل) ودفن بمسجده بأرض المزة قرية على باب دمشق.

(ابن العودى)

بهاء الملة والدين محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني تلميذ الشهيد الثاني الذي حاز على حظ وافر من خدمته وتشرف مدة مديدة بملازمته، وكان وروده إلى خدمته في ١٠ ع ١ سنة ٩٤٥ (ظمه) وانفصاله عنه بالسفر إلى خراسان في ١٠ (قع) سنة ٩٦٢ وكتب رسالة في احوال شيخه الشهيد من حين ولادته إلى انقضاء عمره تأدية لبعض شكره سماها بغية المريد من الكشف عن احوال الشيخ زين الدين الشهيد قال بعد ذكر طرف بالغ من الثناء البليغ عليه لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة ووزع اوقاته على ما يعود نفعه اليه في

٣٦٨

اليوم والليلة، اما النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة، واما الليل فله فيه استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل هذا مع غاية اجتهاده في التوجه إلى مولاه وقيامه بأوراد العبادة حتى تكل قدماه وهو مع ذلك قائم بالنظر في احوال معيشته على احسن نظام وقضاء حوائج المحتاجين بأتم قيام يلقى الاضياف بوجه مسفر عن كرم كانسجام الامطار وبشاشة تكشف عن شمم كالنسيم المعطار ثم سرد فضائله وعلومه إلى ان قال: ولقد كان من علو رتبته وسمو منزلته على غاية من التواضع ولين الجانب ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطالب إذا اجتمع بالاصحاب عد نفسه كواحد منهم ولم تمل نفسه إلى التميز بشئ عنهم ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته انه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله ويصلي الصبح في المسجد ويشتغل بالتدريس بقية نهاره فلما اشعرت منه بذلك كنت اذهب معه بغير اختياره وكنت استفيد من فضائله وارى من حسن شمائله ما يحملني على حب ملازمته وعدم مفارقته وكان يصليالعشاء جماعة ويذهب لحفظ الكرام ويصلي الصبح في المسجد ويجلس للتدريس والبحث كالبحر الزاخر ويأتي بمباحث غفل عنها الاوائل والاواخر، إلى آخر ما قال ويأتي في الشهيد الثاني ما لخصناه من كلامه رحمه الله.

(ابن عياش)

احمد بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن عياش الجوهري المعاصر للشيخ الصدوق، كان من اهل العلم والادب طيب حسن الخط وصنف كتبا عديدة منها: كتاب مقتضب الاثر في النص على الائمة الاثنى عشر عليهم السلام وكتاب الاغسال وكتاب اخبار ابى هاشم الجعفرى وغير ذلك.

قال الشيخ: انه سمع الحديث واكثر واختل في آخر عمره وكان جده وابوه وجيهين ببغداد.

وقال (جش): رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم ارو عنه وتجنبته، مات سنة ٤٠١ (تا) انتهى.

٣٦٩

(اقول) هو غير ابن عياش الذي يروي عنه الهيثم بن عدي وهو عبدالله ابن عياش ويعرف بالمنتوف لانه كان ينتف لحيته، وكان خاصا بأبي جعفر المنصور كذا في المعارف لابن قتيبة.

(ابن عيينة)

بضم عينه، ابومحمد سفيان بن عيينة بن ابى عمران الكوفي المكي تابعي التابعين، كان جده ابوعمران من عمال خالد بن عبدالله القسري فلما عزل خالد عن العراق وولي يوسف بن عمر طلب عمال خالد فهرب منه إلى مكة فنزلها وولد سفيان سنة ١٠٧ ذكره الخطيب في تأريخه واثنى عليه وقال: كان له في العلم قدر كبير ومحل خطير وادرك فيفا وثمانين نفسا من التابعين وسمع ابن شهاب الزهري وعمرو بن دينار وابا اسحاق السبيعي، ثم ذكر جماعة كثيرة من نظرائهم انتهى.

وهو عندنا كسفيان الثوري الذي يأتى ذكره في الثوري ليسا من اصحابنا ولا من عدادنا، وكانا يدلسان، وروي ان ابن عيينة قال لابي عبدالله انه روي ان علي بن ابى طالبعليه‌السلام كان يلبس الخشن من الثياب وانت تلبس القوهى المروى قال ويحك ان علياعليه‌السلام كان في زمان ضيق فاذا اتسع الزمان فابرار الزمان اولى به وروي عن الرضاعليه‌السلام ان سفيان بن عيينة لقي ابا عبداللهعليه‌السلام فقال يا ابا عبدالله إلى متى هذه التقية وقد بلغت هذا السن؟ فقال والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق لو ان رجلا صلى ما بين الركن والمقام عمره ثم لقي الله بغير ولايتنا اهل البيت لقى الله بميتة جاهلية.

(اقول) قد ظهر ان ابن عيينة كان مدلسا ومنحرفا عن امامنا الصادقعليه‌السلام ولكن ينقل منه بعض الكلمات الحكمية التي ينبغي اخذها وإن كان منشأه التدليس لان امير المؤمنينعليه‌السلام قال: الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من اهل الشرك.

٣٧٠

حكي انه كتب إلى اخ له: اما آن لك يا اخي ان تستوحش من الناس ولقد ادركنا الناس وهم اذا بلغ احدهم اربعين سنة جن (اي ستر) عن معارفه وصار كأنه مختلط العقل من شدة تأهبه للموت. وكان اذا اعطاه الناس شيئا قال اعطوا لفلان فانه احوج مني وقال خصلتان يعسر علاجهما: الطمع فيما بأيدى الناس، واخلاص العمل لله، ويقول إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فماذا اصنع بالعلم الذي كتبت؟ ويقول من يزيد في عقله نقص من رزقه.

توفي في غرة رجب سنة ١٩٨ (قصح) بمكة ودفن بالحجون. والحجون بتقديم الحاء المهملة على الجيم موضع بمعلاة مكة، ومعلاة مقبرة بها دفنت خديجة رضي الله تعالى عنها.

وعن تفسير ابوالفتوح الرازي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله عزوجل يأمر يوم القيامة ان يأخذوا بأطراف الحجون والبقيع (وهما مقبرتان بمكة والمدينة) فيطرحان في الجنة.

(ابن غانم المقدسى)

نور الدين علي بن محمد بن علي بن خليل المنتهي نسبه إلى سعد بن عبادة المقدسي الاصل القاهري المولد والمسكن قيل في حقه العالم الكبير الحجة القدوة رأس الحنفية في عصره، اتفق الجميع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من الفنون، توفي سنة ١٠٠٤ (غد).

ويأتى في الرملي ما يتعلق به.

(ابن الغضائرى)

ابوالحسين احمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري من المشايخ الاجلة والثقات الذين لا يحتاجون إلى التنصيص بالوثاقة ويذكر المشايخ قوله في الرجال ويعدونه من جملة الاقوال ويأتون به في مقابلة اقوال اعاظم الرجال ويعبرون عنه بالشيخ ويذكرونه مترحما وهو المراد بابن الغضائرى على اطلاق كذا عن المحقق البهبهاني رحمه الله تعالى وكان هذا الشيخ معاصرا للشيخ الطوسي والنجاشي.

٣٧١

ويأتى ذكر ابيه الحسين في الغضائري والغضائر بفتح الغين والضاد المعجمتين جمع الغضارة وهي الآنية المعمولة من الخزف وما قد يصنع لدفع العين، وفي القاموس الغضارة الطين اللازب الاخضر الحر كالغضار إلى ان قال وكسحاب خزف يحمل لدفع العين انتهى. والحر خيار كل شئ ومن الطين والرمل الطيب.

(ابن فارس)

ابوالحسين احمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي النحوي اللغوي كان اماما في علوم شتى وخصوصا اللغة فانه اتقنها، اخذ عن ابيه وكان والده فقيها لغويا، وعن ياقوت انه اخذ عن علي بن عبدالعزيز المكي وابي عبيد وابى القسم سليمان بن احمد الطبراني. وقال وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتلمذ له انتهى.

وعن يتيمة الدهر انه قال في حقه: كان من اعيان العلم وافراد الدهر يجمع اتقان العلماء وظرف الكتاب والشعراء وهو بالجبل كابن لنكك بالعراق وابن خالويه بالشام وابن العلاف بفارس وابى بكر الخوارزمي بخراسان انتهى.

له مصنفات كثيرة منها كتاب المجمل في اللغة وحلية الفقهاء ومسائل في اللغة ومنها كتاب الحجر الذي ارسله من همذان إلى الصاحب بن عباد فلما كان الصاحب منحرفا عنه قال ردوا الحجر من حيث جاء‌ك ثم لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه وامر له بصلة، وله الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها عنونه بهذا الاسم لانه الفه للصاحب بن عباد والاتباع والمزاوجة جمع فيه ما ورد في كلام العرب مزدوجا واوجز السير لخير البشر إلى غير ذلك، وله اشعار جيدة منها قوله:

قد قال فيما مضى حكيم

ما المرأ إلا بأصغريه

فقلت قول امرئ لبيب

ما المرأ إلا بدرهميه

من لم يكن معه درهماه

لم يلتفت عرسه اليه

وكان من ذله حقيرا

يبول سنوره عليه

٣٧٢

وله ايضا:

إذا كنت في حاجة مرسلا

وانت بها كلف مغرم

فارسل حكيما ولا توصه

وذاك الحكيم هو الدرهم

(اقول) ذلك مثل قول ابى الفضل الهروي:

وما ارسل الاقوام في نيل حاجة

كأبيض وضاح صحيح مدور

ويأتي بقيته في الهروي، ولابن فارس ايضا:

إذا كان يوذيك حر المصيف

وكرب الخريف وبرد الشتا

ويلهيك حسن زمان الربيع

فاخذك للعلم قل لي متى

وله في الحكم:

إسمع مقالة ناصح

جمع النصيحة والمقه

إياك واحذر ان تبيت

من الثقات على ثقه

وقال في رسالة لمحمد بن سعيد الكاتب في الانكار على من قال ما ترك الاول للآخر شيئا، كان بقزوين رجل معروف بأبي محمد الضرير حضر طعاما والى جنبه رجل اكول فقال:

وصاحب لي بطنه كالهاوية

كأن في امعائه معاوية

قال فانظر إلى وجازة هذا اللفظ وجوده وقوع الامعاء إلى جنب معاوية وهل ضر ذلك ان لم يقله حماد عجرد وابوالشمقمق(١) وبقزوين رجل يعرف بابن الرياشي

____________________

(١) ابوالشمقمق مروان بن محمد الشاعر البصري قال الخطيب قدم بغداد في ايام هارون الرشيد وكان ربما لحن ويهزل كثيرا ويجد فيكثر صوابه. حكي عنه قال اتيت بشارا وقد اخذ صلة جزيلة بشعر عمله فسألته مواساتى بشئ فقال لي عافاك الله تسألني وما لي صنعة ولا مكسب سوى الشعر وانت شاعر مثلي تتكسب بالشعر فقلت صدقت ولكني مررت الساعة بصبيان يقولون:

سبع جوزات وتينة

فتحوا باب المدينة

إن بشار بن برد

تيس اعمى في سفينة

فسكت ساعة ثم قال يا جارية هاتى مائة درهم لشمقمق ثم قال خذها يا ابا محمد ولا تكن رواية للصبيان، قال فاخذتها وخرجت فالقيتها على الصبيان.

٣٧٣

نظر إلى حاكمها مقبلا عليه عمامة سوداء وطيلسان ازرق وقميص شديد البياض وخفه احمر وهو قصير على برذون ابلق هزيل فقال

وحاكم جاء على ابلق

كعقعق جاء على لقلق

فلو شاهدت هذا الحاكم على فرسه لشهدت للشاعر بصحة التشبيه وانه لم يقصر عن قول بشار:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا

واسيافنا ليل تهاوى كواكبه

إلى غير ذلك، وكان مقيما بهمذان واخذ منه بديع الزمان الهمدانى، ويروي عنه الخطيب التبريزي والصاحب بن عباد والشيخ الصدوق وكان كريما جوادا فربما سئل فيهب ثيابه وفرش بيته وحمل من همذان إلى الري ليقرأ عليه ابوطالب بن فخر الدولة بن بويه الديلمي.

توفي بالري سنة ٣٩٥ (شصه) أو ٣٩٠، وصرح جمع من العلماء بتشيعه ويؤيد ذلك ذكر ابن شهر اشوب اياه في المعالم وابن داود في القسم الاول من رجاله والشيخ الطوسي في مصنفي الامامية واختيار آل بويه اياه معلما لهم إلى غير ذلك، قيل ولعل لاجل تشيعه لم ينقل الحلبي اسامي كتبه في كشف الظنون ومما يخبر عن تشيعه ما حكاه من سبب تشيع بني راشد والحكاية رواها الشيخ الصدوق رحمه الله تعالى في اكمال الدين ونقلها العلامة المجلسي في البحار المجلد الثالث عشر ص ١١٥، وحكي انه قال قبل وفاته بيومين:

يا رب إن ذنوبى قد احطت بها

علما وبى وباعلانى واسراري

انا الموحد لكني المقر بها

فهب ذنوبى بتوحيدي واقراري

 (ابن الفارض)

شرف الدين ابوالقسم عمر بن ابى الحسن علي بن المرشد بن على الحموي

٣٧٤

المصري العارف المشكور والشاعر المشهور، له ديوان شعر لطيف واسلوب فيه رائق طريف ينحو منحى طريقة الفقراء، جمع في شعره بين صنعة عشاق الجناس والطباق وبين معاني القوم الرقاق ورموزهم الدقاق ومن العجب اجتماع الحالين وشتان ما بين الطريقين.

صرح جمع بتشيعه ونسبوا اليه هذه الاشعار التي اظنها للناشئ الاصغر:

بآل محمد عرف الصواب

وفي ابياتهم نزل الكتاب

وهم حجج الاء له على البرايا

بهم وبجدهم لا يستراب

ولا سيما ابوحسن علي

له في الحرب مرتبة تهاب

طعام سيوفه مهج الاعادى

وفيض دم الرقاب لها شراب

وضربته كبيعته بخم

معاقدها من القوم الرقاب

اذا نادت صوارمه نفوسا

فليس لها سوى نعم الجواب

وبين سنانه والدرع صلح

وبين البيض والبيض اصطحاب

علي الدر والذهب المصفى

وباقى الناس كلهم تراب

هو البكاء في المحراب ليلا

هو الضحاك ما اشتد الضراب

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب

قيل: كان اذا مشى في المدينة ازدحم الناس عليه يلتمسون منه البركة والدعاء، وكان وقورا إذا حضر مجلسا استولى السكون عليه اهله جاور بمكة زمنا وكان يسبح في اودية مكة وجبالها واستأنس بالوحوش ليلا ونهارا، واشار إلى هذا في قصيدته التائية المعروفة:

فلي بعد اوطانى سكون إلى الفلا

وبالوحش انسي إذ من الانس وحشتي

وابعدنى عن اربعي بعد اربع

شبابى وعقلي وارتياحي وصحتي

وزهدنى وصل الغوانى إذ بدا

تبلج صبح الشيب في جنح لمتي

توفي بالقاهرة سنة ٦٣٢ (خلب) ودفن بالقرافة بسفح جبل المقطم ذيل

٣٧٥

المسجد المعروف بالعارض وقد اشار إلى ذلك سبطه بقوله:

جز القرافة تحت ذيل العارض

وقل السلام عليك يا بن الفارض

سلكت في نظم السلوك عجائبا

وكشفت عن سر مصمون فامض

وشربت من نهر المحبة والولا

فرويت من بحر محيط فائض

وعن كشف الظنون قال: اختلف العلماء فيه وافترقوا فرقا فمنم من افرط في مدحه واشتغل بتوجيه كلامه، ومنهم من فرط وافتى بكفره، ومنهم من كف وسكت ولعله هو الطريق الاسلم في امثاله انتهى.

(ابن الفحام)

ابومحمد الحسن بن محمد بن يحيى من اهل سر من رأى، اخذ عن جماعة كثيرة وقرأ القرآن على ابى بكر النقاش، قال الخطيب في حقه: وكان ثقة على مذهب الشافعي وكان يرمى بالتشيع، ومات بسر من رأى سنة ٤٠٨ (تح).

(ابن الفرات)

ابوالحسن علي بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات وزير المقتدر بالله، وزر وقبض عليه ثم وزر فقبض عليه إلى ثلاث دفعات.

ويحكى له فضائل واخلاق حسنة منها: انه كان إذا رفعت اليه قصة فيها سعاية خرج من عنده غلام فنادى اين فلان بن فلان الساعي؟ فلما عرف الناس ذلك من عادته امتنعوا عن السعاية بأحد. واغتاظ يوما من رجل فقال اضربوه مائة سوط ثم ارسل رسولا فقال اضربوه خمسين ثم ارسل رسولا آخر فقال لا تضربوه واعطوه عشرين دينارا فكفاه ما مر به المسكين من الخوف وكان يجري الرزق على خمسة آلاف من اهل العلم والدين والبيوت والفقراء اكثرهم مائة دينار في الشهر واقلهم خمسة دراهم وما بين ذلك قتل نازوك صاحب الشرطة ابا الحسن بن الفرات المذكور وابنه المحسن ١٣ ع ٢ سنة ٣١٢ (شيب).

٣٧٦

وتقدم في ابن العلات مرثيته التي كنى عن المحسن بالهر لانه لم يجسر ان يذكره ويرثيه على قول وكان ابو العباس احمد بن محمد بن الفرات اخو ابى الحسن المذكور اكتب اهل زمانه واضبطهم للعلوم والآداب، واما اخوه ابوالخطاب جعفر بن محمد بن الفرات فانه عرضت عليه الوزارة فاباها وتولاها ابنه الفتح الفضل بن جعفر، وكان كاتبا مجودا وهو والد ابى الفضل جعفر بن الفضل الذي تقدم في ابن خنزابة، وفي اعيان الشيعة وبنو الفرات كلهم شيعة.

(ابن الفرضى الحافظ)

ابواليد عبدالله بن محمد بن يوسف بن نصر الاندلسي الفرضي، كان فقيها عالما في فنون علم الحديث والرجال والادب وغير ذلك، وله من التصانيف تأريخ علماء الاندلس الذي ذيله ابن يشكوال بكتاب الصلة، وكتاب في اخبار شعراء الاندلس وغير ذلك، رحل من الاندلس إلى الشرق سنة ٣٨٢ (بفش) واخذ عن العلماء وسمع منهم وكتب من اماليهم ومن شعره قوله:

أسير الخطايا عند بابك واقف

على وجل مما به انت عارف

يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيها

ويرجوك فيها فهو راج وخائف

ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي

ومالك في فصل القضاء مخالف

فيا سيدي لا تخزنى في صحيفتي

إذ انشرت يوم الحساب الصحائف

وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما

يصد ذو والقربى ويجفو المؤالف

لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي

ارجي لاسرافي فانى لتالف

مولده سنة ٣٥١ (شنا) وقتله البربر يوم فتح قرطبة ٦ شوال سنة ٤٠٣ (تج) وبقي في داره ثلاثة ايام ودفن متغيرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة.

وروي عنه انه قال: تعلقت باستار الكعبة وسألت الله تعالى الشهادة ثم انحرفت وفكرت في هول القتل فندمت وهممت ان ارجع فاستقبل الله سبحانه ذلك فاستحييت كذا قاله ابن خلكان.

٣٧٧

(ابن فضال)

قد يطلق على علي بن الحسن بن علي بن فضال.

(جش) كان فقيه اصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه سمع منه شيئا كثيرا ولم يعثر على زلة فيه ولا ما يشينه، وقل ما روى عن ضعيف، وكان فطحيا ولم يرو عن ابيه شيئا، وقال: كنت اقابله وسني ثماني عشرة سنه بكتبه ولا افهم إذ ذاك الروايات ولا استحل ان ارويها عنه، وروى عن اخويه عن ابيهما انتهى.

وقد يطلق على الحسن بن علي بن فضال يكنى ابا محمد روى عن الرضاعليه‌السلام وكان خصيصا به وكان جليل القدر عظيم المنزلة زاهدا ورعا ثقة في رواياته له كتب قال ابوعمرو الكشي، كان الحسن بن علي بن فضال فطحيا يقول بامامة عبدالله ابن جعفر فرجع.

(جش) قال الفضل بن شاذان كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع اقرأ على مقر يقال له اسماعيل بن عباد فرأيت قوما يتناجون فقال احدهم بالجبل رجل يقال له ابن فضال اعبد من رأينا وسمعنا، قال: فانه ليخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة فيجئ الطير فيقع عليه وما يظن إلا انه ثوب أو خرقة وان الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد انست به وان عسكر الصعاليك ليجيئون يريدون الغارة وقتال قوم فاذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا، قال ابومحمد فظننت ان هذا رجل كان في الزمن الاول فبينا انا من بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع ابي رحمه الله إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخصر فسلم على ابي فقام اليه ابى فرحب به وبجله فلما ان مضى يريد ابن ابى عمير قلت من هذا الشيخ؟ قال هذا الحسن ابن علي بن فضال قلت هذا ذاك العابد الفاضل؟ قال هو ذاك قلت ليس هو ذاك ذاك بالجبل قال هو ذاك كان يكون بالجبل قال ما اقل عقلك من غلام ! فاخبرته بما سمعته من القوم فيه قال هو ذلك وكان بعد ذلك يختلف إلى ابي ثم خرجت اليه بعد إلى الكوفة فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الاحاديث وكان يحمل كتابه ويجئ إلى الحجرة فيقرأه علي.

٣٧٨

(ابن الفضل)

ابوالقسم هبة الله بن الفضل بن القطان المعروف بابن القطان الشاعر البغدادي كان قد سمع الحديث من جماعة من المشايخ وكان كثير المزاح والمداعبات وله نوادر وحكايات طريفة، وله مع حيص بيص ما جريات حكي انهما كانا ليلة على السماط عند الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينى فاخذ ابن الفضل قطاة مشوية وقدمها إلى حيص بيص، فقال حيص بيص للوزير يا مولانا هذا الرجل يؤذينى فقال الوزير كيف ذلك؟ قال لانه يشير إلى قول الشاعر:

تميم بطرق اللؤم اهدى من القطا

ولو سلكت سبل المكارم ضلت

وكان حيص بيص تميميا.

وهذا البيت للطرماح بن حكيم الشاعر وبعد هذا البيت

أرى الليل يجلوه النهار ولا ارى

خلال المخازي عن تميم تجلت

ولو ان برغوثا على ظهر قملة

يكر على صفي تميم لولت

وحكي انه لما ولي الزينى المذكور الوزارة دخل عليه ابن الفضل والمجلس محتفل بأعيان الرؤساء وقد اجتمعوا للهناء فوقف بين يديه ودعا له واظهر السرور والفرح ورقص فقال الوزير لبعض من يفضي اليه بسره قبح الله هذا فانه يشير برقصه إلى ما تقوله العامة في امثالها: ارقص للقرد في زمانه.

وقد نظم هذا المعنى في ابيات منها قول من قال:

إذا رأيت امرء‌ا وضيعا

قد رفع الدهر من مكانه

فكن له سامعا مطيعا

معظما من عظيم شانه

فقد سمعنا بأن كسرى

قد قال يوما لترجمانه

إذا زمان السباع ولى

ارقص إلى القرد في زمانه

٣٧٩

وقعد يوما مع زوجته يأكل طعاما فقال لها اكشفي رأسك ففعلت وقرأ (قل هو الله احد) فقالت له ما الخبر؟ فقال ان المرأة إذا كشفت رأسها لم تحضر الملائكة، وإذا قرأ (قل هو الله احد) هربت الشياطين، وانا اكره الزحمة على المائدة، واخباره كثيرة، توفي ببغداد سنة ٥٥٨ (ثنح) ودفن بمقبرة معروف الكرخي.

(ابن فورك)

بضم الفاء وفتح الراء، الاستاذ ابوبكر محمد بن الحسن (الحسين خ ل) ابن فورك الاصبهاني المتكلم العارف الاديب الفاضل الواعظ اقام بالعراق مدة يدرس العلم ثم توجه إلى الري، والتمس منه اهل نيسابور التوجه اليهم ففعل فبني له بها مدرسة ودار، فأفاد فيها وصنف من الكتب ما يقرب من مائة.

ومن كلماته: شغل العيال نتيجة متابعة الشهوة بالحلال فما ظنك بقضية شهوة الحرام؟.

توفي سنة ٤٤٦ أو ٤٠٦ ودفن بنيسابور بالحيرة. والحيرة بكسر الحاء المهملة وسكون الياء وفتح الراء محلة كبيرة بنيسابور، وهي تلتبس بالحيرة التي بظاهر الكوفة.

(ابن فهد)

جمال السالكين ابوالعباس احمد بن محمد بن فهد الحلي الاسدي، الشيخ الاجل الثقة الفقيه الزاهد العالم العابد الصالح الورع التقي صاحب المقامات العالية والمصنفات الفائقة كالمهذب البارع شرح المختصر النافع والموجز والتحرير وعدة الداعي والتحصين واللمعة الجلية وغير ذلك.

حكي انه رأى في الطيف امير المؤمنين عليه السلام آخذا بيد السيد المرتضى رضي الله عنه يتماشيان في الروضة المطهرة الغروية وثيابهما من الحرير الاخضر فتقدم الشيخ احمد بن فهد وسلم عليهما فاجاباه فقال السيد له اهلا بناصرنا اهل البيت ثم سأله السيد عن اسماء تصانيفه فلما ذكرها له قال السيد صنف كتابا مشتملا على تحرير المسائل وتسهيل الطرق والدلائل واجعل مفتتح ذلك: (بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله المقدس بكماله عن مشابهة المخلوقات

٣٨٠