السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي0%

السيد محمد كاظم اليزدي مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 813

السيد محمد كاظم اليزدي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: كامل سلمان الجبوري
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 813
المشاهدات: 284306
تحميل: 12368

توضيحات:

السيد محمد كاظم اليزدي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 813 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 284306 / تحميل: 12368
الحجم الحجم الحجم
السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وهذا - أيضاً - لا يتنافى مع إمكانية أن يرتّب بعض الأصحاب أثراً على ما فهموه من بعض المبادئ النظرية، بحيث يستخلصون بعض الأحكام، فتنتشر فتاواهم، وحينئذٍ يمكن الذهاب إلى أنّ الشهرة بجميع أقسامها تظل مندرجة ضمن ( ما اشتهر ) أو ( المُجْمَع عليه )..

المهم: إذا عدنا إلى ممارسات السيّد اليزدي في هذا الميدان، نجد أنّ مصطلح ( الشهرة ) و( المشهور ) يطغيان عليها عبر ترجيحه، لهذا الخبر أو الطائفة من الأخبار، قبالة الخبر أو الأخبار المتضاربة... وبالمقابل، يتضاءل لديه التوكّؤ على المرجّح ( السندي ) أي: الأوثقية، كما يتضاءل لديه الاشتهار في الرواية من حيث كثرة رواتها مقابل الاشتهار في الفتوى... لذلك، يمكن الذهاب إلى أنّ السيّد اليزدي يعتمد في الدرجة الأُولى ( شهرة الفتوى ) دون أن يجهل ( شهرة الرواية ) بقدر ما يرجّح الأُولى ( الفتوى ) على الثانية ( كثرة الرواة ) عندما يتضاربان في سياقات خاصّة، كما سنرى.

ويمكننا أن نستشهد ببعض النماذج التي يلحظ فيها: ترجيح المؤلّف للخبرين المتضاربين بالشهرة بنمطيها: الفتوائي والروائي...

من ذلك مثلاً: ممارسته الآتية المتّصلة بعدّة المتمتّع بها في وفاة الزوج، يعقّب على خبرين: ( الأقوى هو الأوّل لرجحانه بالشهرة، وإن كانت أخباره أزيد )...

من الواضح أنّ هذه الفقرة من تعقيب السيّد اليزدي توضح لنا موضوعين، أولهما: أنّه يرجّح بالشهرة ( ليس في نطاق المرجّحات الأُخرى فحسب، بل بالنسبة إلى مصطلح الشهرة بذاته، حيث استهدف بها - كما هو واضح - الشهرة في الفتوى، بدليل أنّه رجّحها على الشهرة في الرواية، حيث إنّ عبارته القائلة بأنّ الخبر الآخر ( وإن كان رواته ) أزيد فإنّه لا يقاوم الشهرة في الفتوى... وهذا يكشف - كما قلنا - عن قناعة اليزدي بأنّ مصطلح ( ما اشتهر ) الوارد في الخبر العلاجي يشمل الفتوى والرواية، ولكن إذا تعارضت الشهرتان، فالأرجحية لشهرة الفتوى، بحسب ما لاحظناه في النص المتقدّم.

هنا، ينبغي أن نضع في الاعتبار: أنّ الشهرة التي يتبناها اليزدي ليس مطلق الشهرة لدى الأجيال الفقهية المختلفة، بل يحصرها في الجيل القديم فحسب؛ لذلك نجده في ممارساته يشير إلى الظاهرة المذكورة مثل: ( ضعيفة السند، لا جابر له ) ومثل: ( والشهرة

١٢١

القدمائية الصالحة لجبر السند مفقودة )، ومثل: ( فهذه الأخبار على تعارض بعضها بنص واعتضادها بالشهرة القديمة.. إلى آخره )، قالها تعقيباً على الموضوع المتّصل بمنجّزات المريض - رادّاً على القول الآخر.

وفي ممارسةٍ أُخرى: ( أنّ الشهرة الجابرة وهي ما كانت عند القدماء من الأصحاب.. غير متحقّقة ) قالها تعقيباً على رواية: تحف العقول، ولكنّه مع ذلك رتّب أثراً عليها حيث قال: ( لكن مضامينها مطابقة للقواعد )...

المهم: أنّ ما نستهدف الإشارة إليه هو: أنّ السيّد اليزدي يرجّح الخبر من خلال ( شهرته الفتوائية القديمة ) فحسب، ويرفض الشهرة المتأخِّرة.. كما أنّه قد يرجّح بالشهرة الروائية أيضاً، ولكنّه يجعله في درجة ثانية، وإلاّ إذا تعارض مع الفتوائية فيقدّمها على الروائية: كما لاحظنا.

خارجاً عن ذلك فإنّ الشهرة الروائية يرجّحها في سياقات متنوّعة معتضدة غالباً بمرجّحات أُخرى، مثل ترجيحه للأخبار المجوّزة للرجوع بالهبة مقابل عدم ذلك، حيث عقّب على الأخير: ( إلاّ أنّه لا تقاوم ما تقدّم من الأخبار لأصحّيتها وأكثريتها... ).

فالإشارة إلى الأكثر هنا هو: تعبير واضح عن الشهرة الروائية.

* * *

والآن:

بالنسبة إلى الترجيح بالسند، ينبغي الإشارة إلى أنّه يظل آخر المرجّحات مرتبةً عند السيّد اليزدي، لجملة أُمور منها: أنّ إيمانه أساساً بالأخبار الضعيفة حالة انجبارها بالعمل، والإرساليّات التي وثّقها الرجاليّون، وتصحيح ما صحّ... إلى آخره، هذه المبادئ التي يقتنع بها - كما سنشير إلى ذلك في فقرة لاحقة - تفسّر لنا دلالة تعامله مع السند الضعيف في حالة كونه قد اقترن بالانجبار، وبغيره عن المبادئ التي أشرنا إليها...

المهم: أنّ ملاحظة ممارساته التطبيقية تدلّنا بوضوح على هذا المعنى على نحو ما سنلاحظه عند حديثنا عن تعامله مع السند، ومنه: تعامله مع السند قبالة المرجّحات الأُخرى، حيث يجيء التوكّؤ عليه ثانوياً، وهو ما لاحظنا مثلاً في الممارسة السابقة

١٢٢

التي رجّح بها أخبار الرجوع بالهبة نظراً ( لأصحيّته )... ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في ممارسة أُخرى طالما استشهدنا بموضوعاتها المتنوعة، وهي: الممارسة المتّصلة بمنجّزات المريض، وصله ذلك بالأصل أو الثلث حيث رجّح بجملة مرجّحات: جهتين ومضمونين... إلى آخره، بالإضافة إلى المرجّحات الصدروية ( السندية ) حيث قال: ( ومن حيث المرجّحات الداخلية، فللأقوائيّتها سنداً من حيث اشتمالها على الحسن كالصحيح والموثّق... إلى آخره.

ليس هذا فحسب، بل إنّه حشد سائر ما يعتقده من الاعتبارات السندية مثل قوله: ( والمشتمل على من أجمع على صحّة روايته، ومن حيث كون الضعيف منها مجبوراً بالشهرة بخلاف... ) كل ذلك عزّزه بالمرجّح السندي كما لاحظناه.

* * *

هنا قبل أن نختم حديثنا عن تعامل المؤلّف مع المرجّحات بشكل عام، نعتزم الإشارة إلى مجالين:

الأوّل: أن نشير إلى أنّ السيّد اليزدي لم يكتف بالمرجّحات المنصوصة في الأخبار العلاجية، بل يتجاوزها إلى ما يراه مرجّحاً، ومن ذلك مثلاً: ما لاحظناه في الممارسة التي ذهب فيها إلى جواز المرجوع في الهبة، حيث رجّح الأخبار المجوّزة على المانعة لجملة مرجّحات هي ( لأصحيتها، وأكثريّتها، وأظهريّتها ).. فالإشارة إلى الأظهرية تظل متّصلة بالتذوّق الفقهي من حيث استشفاف هذه الدلالة أو تلك.

المهم: نختم حديثنا عن تعامل المؤلّف مع المرجّحات، بالممارسات المطوّلة التي استشهدنا بها قبل أكثر من مرّة، وهي الممارسة المتّصلة بمنجّزات المريض، حيث جاء رفضه للأخبار المصرّحة بالثلث بهذه المرجّحات المتنوّعة التي حشد فيها إلى ما يمكن من الأدلة الترجيحية: (.. وهي أرجح بوجوه بجميع التراجيح: أمّا من حيث الدلالة: فلأظهريّتها... وأمّا من حيث المرجّحات الداخلية: فلأقوئيّتها من هذه سنداً، من حيث اشتمالها على الحسن كالصحيح، والموثّق، والمشتمل على مَن أجمع على صحّة رواته، ومن حيث الضعيف لها مجبور بالشهرة بخلاف هذه. وأمّا من حيث المضمون: فلتأييدها القاعدة القطعية المستفادة من الكتاب والسنّة، بل العقل والإجماع. وأمّا من حيث المرجّحات الخارجية: فلموافتها الشهرة القديمة،

١٢٣

والإجماعات المنقولة، ومخالفتها لما عليه جميع العامّة... ).

من الواضح أنّ حشد هذه المرجّحات دون أن يترك أحدها بهذا النحو: يعدّ ممارسة موسومة بالبراعة والدقّة والشمولية للظاهرة بكل متطلّباتها.

* * *

التعامل مع السند يتّخذ عند اليزدي منهجاً خاصّاً، من حيث اعتماده على الرواية، إلى درجة يطمئنّ خلالها إلى أنّ غالبية المأثور من الروايات تتسم بالاعتبار، بغض النظر عن درجة ذلك، حتى أنّه، انطلاقاً ممّا ألمحنا إليه أكثر من مرّة، بأنّ السيّد اليزدي يتعامل مع النص من خلال المقولة، أو المبدأ القائل بأنّ الجمع الدلالي هو أولى من الطرح، غير أنّ هذا المبدأ - كما هو ملاحَظ - قد يغالي فيه البعض إلى درجة أن يؤوّل الخبر مثلاً على خلاف الظاهر منه، حتى أنّ بعض الأخبار ( نصّ ) واضح في دلالته وليس ( ظاهراً ) فحسب، ومع ذلك يرتكب بشأنه من التأويلات ما ليس بمقبول... هذا بالنسبة إلى فقهاء متنوّعين، ولكن بالنسبة إلى اليزدي، فإنّ الاهتمام الزائد بمبدأ عدم طرح الرواية، يقتاده إلى أن يتجاوز مجرّد الدلالة إلى ( السند ) بحيث يصرّح مثلاً في إحدى ممارساته قائلاً: ( الجمع الدلالي مقدّم على الترجيح السندي )، بمعنى: أنّ الخبرين إذا تضاربا وكان أحدهما ضعيفاً ولكن يمكن حمله من خلال حمله مثلاً على الندب أو الكراهة، مقدّم على ترجيح الأوّل المعتمد شهرةً قبالة الثاني المخدوش سنداً، قال ذلك تعقيباً على الأقوال المختلفة في باب الربا، لبيع الرطب من الأشياء باليابس منها، حيث حمل المانعة على الكراهة بقرائن متنوّعة، وعقّب بكلامه المذكور..

بيد أنّ هذا لا يعني أنّ مطلق الضعيف مقبول عند اليزدي بقدر ما تفرضه سياقات متنوعة، منها: السياق المذكور ومنها ( وهذا هو الأهم ): السياقات التي يقترن فيها الخبر بأحد مبادئ التوثيق، مثل: العمل به عند الأصحاب، ومثل: تصحيح ما يصح منه، ومثل: مراسيل البعض... إلى آخره، ومنها: إذا كان متوافقاً مع جوهر الشريعة،... ولسوف نستشهد بأمثلة هذه النماذج بعد سطور... لكن ينبغي ألاّ نلقي بلومنا كثيراً على أمثلة هؤلاء المتساهلين في السند، قبالة المتشدّدين منهم قديماً وحديثاً، بخاصّة إذا أخذنا بنظر الاعتبار: أنّ المتشدّدين أنفسهم في نهاية المطاف لا يلوون عن الخبر الضعيف إلاّ نادراً، وإلاّ فإنهم يدخلون إلى مداخل متنوّعة للعمل به بشكل أو

١٢٤

بآخر، ولعلّ في نهاية المطاف يجعلونه ( مؤيّد ) أو ( معزّز ) لرواية معتبرة أو لأصل يعتمدونه... إلى آخره، أو حينما يسقطونه أساساً ويتّجهون إلى ( العموم الفوقي ) نجد أنّ هذا ( العموم ) نفسه يتساوق مع مضمون الخبر الضعيف، وتكون النتيجة هي: العمل بالخبر الضعيف حتى بالنسبة إلى المتشدّد من الفقهاء... وأمّا في حالة مَن عرف باحتياطاته في الفتوى، وتشدّده في السند من خلال رفضه للضعيف، يعمل بدوره في نهاية المطاف بهذا العمل: متوكّئاً على ( الأحوط ) في العمل به... وهكذا.

والحق: بما أنّ الوجدان يحكم بأنّ الثقة وغير الثقة، يشتركان في إمكانية الصدور عن الخبر المعتبر؛ لأنّ الكاذب مثلاً لا يعني أنّه كذّاب في جميع كلامه بقدر ما يتسلّل الكذب إلى قسم منه: عدا ما أشار إليه المعصومون ( عليهم السلام ) إلى أسمائهم، وأمرونا بعدم الأخذ عنهم.. بالإضافة إلى التجربة الفقهية ذاتها تدلنا على الحقيقة المتقدّمة، حيث إنّ عشرات الأخبار الضعيفة متوافقة تماماً مع الأخبار المعتبرة في مضامينها، ولا نعدم فقيهاً، يريد الاستشهاد بالنصوص على دعم وجهة نظره، الفقهية إلاّ يسوق جميع أو غالبية الأخبار المتّصلة بموضوع بحثه وفيها: المعتبر وغير المعتبر، وإلاّ لما حق له أن يستشهد بغير المعتبر، وما هذا إلاّ ويعني: أنّ إمكانية أن يكون الضعيف - بحسب المعايير الرجالية - معتبراً بما قدّمناه، أمراً لا ضرورة للتشكيك به..

على أيّة حال؛ بالنسبة إلى (السيّد اليزدي ) فإنّ عمله بالضعيف من الخبر يظل - كما أشرنا - متوكئاً على العمل به لدى الفقهاء، وخاصّة إذا كان مشهوراً، أي: أنّه يعمل بالضعيف سواء أكان العامل به قليلين أو كثيرين بحيث يصبح العمل به أو الفتوى المتوكئة عليه: مشهورة.

وإليك نماذج من ممارسات اليزدي في هذا الحقل:

- ( الأقوى هو القول الأوّل للأخبار المتجسّدة بعمل المشهور ) باب الخمس.

- ( إلاّ أنّه منجبر بالعمل ) الخمس.

- ( المنجبر بالشهرة، ورواية محمد بن محبوب الذي هو من أصحاب الإجماع ) منجّزات المريض.

- ( الصحيح إلى صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع عند بعض أصحابنا ) منجّزات المريض.

١٢٥

- ففي حسن سليمان... الطويل... وفي مرسل محمد بن الصباح... وقد عمل بهما الأصحاب ) منجّزات المريض.

هذه النماذج الخمسة، عدا السادس، تفصح بوضوح عن نمط تعامل اليزدي مع الأخبار غير المعتبرة، فحيناً يتوكّأ على مصطلح ( المنجبر بعمل المشهور، وحيناً المنجبر بالعمل، وحيناً المنجبر بالشهرة، وحيناً على أحد أصحاب الإجماع في ( مرسل ) صفوان، وحيناً - وهذا ما يلفت النظر - يضيف إلى ( الرواية المرسلة ) الرواية الحسنة: كما لوحظ في الممارسة السادسة.

طبيعياً، إنّ الحسن والموثّق لا يمكن بحالٍ أن يكتسبا قوّة بعمل المشهور بهما؛ لأنّهما مستقلاّن في الاعتبار كما هو واضح، بل كما ملاحظ في كثير من ممارسات (السيّد اليزدي ) ذاته عندما يستشهد بـ ( الحسن ) بصفته معتبراً... ولعلّ ذلك، أي عدّه ( الحسن ) منجبراً بالعمل، مجرّد تأكيد لإثبات وجهة نظره الفقهية.

وأيّاً كان فإنّ الضعيف برواية، والضعيف بإرساله، يجد له جابر ) من خلال عمل المشهور، وأصحاب الإجماع... إلى آخره.

لكن هل يعني هنا أنّ ( اليزدي ) يعمل بالرواية غير المعتبرة حتى لو لم ينجبر بالعمل؟ طبعاً لا، إلاّ في حالات نادرة كما لحظناه بالنسبة إلى إيثاره العمل بالخبرين المتضاربين، إذا كان الإمكان إلى جمعهما متاحاً، حينئذٍ إذا كان أحدهما ضعيفاً، فالعمل به متعيّن قبالة عدم ترجيح الآخر الأصح سنداً.

خارجاً عن ذلك يمكننا أن نستشهد بنماذج من ممارساته التي يرفض بها الرواية غير المعتبرة، إمّا من خلال التصريح بالرفض، أو في حالة السكوت عن التعليق عليها، مع ملاحظة أنّ الرفض يتخذ بطبيعة الحال مسارات متنوّعة، منها:

- عدم جبرانه بالعمل، هذا من نحو على خبر يقرّر بأنّ المرأة تبيّن بالوضع الأوّل عن زوجها وليس بالثاني، قائلاً: ( وفيه: أنّه ضعيف، ولا جابر له )... ومن ذلك:

- عدم اعتباره حتى لو كان معتبراً، إلاّ أنّه معرض عنه، وهو المبدأ الحديثي الذي يقرّر بأنّ الخبر إذا كان ضعيفاً وعمل به يجبر، وإن كان قويّاً ولم يعمل به يهجر، وهذا ما تمكن ملاحظته في الممارسة الآتية: ( وما في صحيح سليمان بن خالد من أنّها شهران

١٢٦

فشاذّ لا عامل به ) عقّب به على مدّة الأمَة المحدّدة بخمسة وأربعين... ومنها:

- المظان الروائية المشكوك نسبتها إلى أصحابها، مثل:

( الفقه الرضوي ) الذي يتفاوت فقهاؤنا في تقبّله أو عدم ذلك، حيث يبدو أنّ السيّد اليزدي هو من النمط الآخر، وهذا ما نلحظه في جملة ممارسات منها: تعقيبه على الوصية بأكثر من الثلث، حيث قال عنه: ( لا وجه للتمسّك... لعدم ثبوت خبرية الرضوي، فضلاً عن حُجّيته ). وفي مكان آخر من الموضوع ذاته يقول: ( مضافاً إلى أنّ الرضوي غير ثابت الحجّة، بل لم يثبت كونه خبر ).

واضح من هذين التعقيبين أنّ السيّد اليزدي معرض تماماً عن المصدر المذكور، حيث ذهب إلى عدم كونه خبراً، فكيف بحُجّية ذلك.. هذا ويقتضينا الإنصاف أن نحتمل بأنّ الفقه الرضوي - هو من إملاء الإمام (عليه السلام)، وتكلّف بصياغة مضموناته أحد المعنيّين بهذا الشأن.

وبغضّ النظر عن ذلك، نتابع ممارسات اليزدي عبر رفضه العمل بالخبر الضعيف، ومنها:

- تشخيصه لنمط الضعيف من حيث الرواة: كالإمامي والعامي، ومثل مذاهبهم:

مثل واقفيّة الراوي، أو فطحيّته، أو... إلى آخره.

وفي هذا السياق يقف مثلاً عند أحد موضوعات الربا، ورواية غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام)، ويقف عند خبر ( نبوي ) من طرق العامّة، فيعقّب: ( النبوي عامّي ضعيف، ولم يثبت كون غياث موثّقاً، وهو بتري ).. هنا ينبغي الانتباه على تعقيب اليزدي، بالنسبة إلى خبر غياث من حيث عدم ثبوت كونه موثّقاً، يتنافى مع قوله من الراوي المذكور عبر استشهاده بالنصوص، قائلاً: ( واستدلّ على أصل الحكم... بالنبوي العامّي... وبموثّق غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام)... إلى آخره )... والمفروض هنا أن يقول ( وبخبر إبراهيم... ) حتى يتناسب تشكيكه بوثاقة الراوي مع المصطلح الذي يستخدمه، وإلاّ كيف يصفه بـ ( الموثّق ) ويضعّفه بتبرئه صاحبه؟ إلاّ في حالة كونه يعتقد بأنّ ( الصحيح ) هو المعتبر، بخلاف ( الحسن ) و( الموثّق ) حيث يعتبرهما مع ( الضعيف )، وهو ما لاحظناه في ممارسةٍ سابقة.

إنّ ما تقدّم يجسّد ممارسات للسيّد (اليزدي ) في سياقات تتّصل بالخبر من حيث

١٢٧

تضاربه الظاهري والباطني، ومن حيث سنده، والآن نتّجه إلى تعامله مع الدلالة، فماذا نجد؟

* * *

يتعامل المؤلّف مع ( دلالة ) الخبر وفقاً للسياق الذي ترد الممارسة خلالها، فقد يتطلّب الأمر مجرّد الاستشهاد بالخبر دون أن يقترن الكلام بتفسيره أو تأويله أو استخلاص كوامنه، وقد يتطلّب ذلك جميعاً... ولا حاجة بنا إلى الاستشهاد بالممارسات الواضحة في هذا الميدان، بقدر ما يجدر بنا أن نستشهد بأحد ممارسات ( اليزدي ) المطوّلة، حيث ترشح النصوص الخبرية بإمكاناتٍ متنوّعة من التأويل، بحيث يخلع عليها الفقيه بحسب خلفيّته الثقافية: التفسير الذي يتناسب وخبرته التذوّقية.

المهم: يحسن بنا أن نستشهد بإحدى ممارسات اليزدي المتّصلة بالوصيّة التبرّعية، حيث يستهلّ الممارسة بهذا النحو: ( أمّا الوصيّة التبرّعية فلا إشكال في أنّها من الثلث ). وبعد أن يذكر عدم الخلاف إلاّ ممّا نسب إلى أحدهم ويناقش ذلك ( وسنستشهد بهذا بعد قليل ) يقول: ( ويدلّنا على المطلب، مضافاً إلى ما ذكر من النصوص المستفيضة أو المتواترة التي يمنعنا عن ذكرها وضوح المسألة إلى الغاية، نعم بإزائها نصوص أُخر )... فهنا لم يستشهد اليزدي حتى بخبر واحد كما لاحظنا، وإن كنّا في سياقات أُخرى نجده يستند ربّما بأكثر من عشرة نصوص لا ضرورة لهذا العدد منها، والمهم: نستهدف الإشارة الآن إلى تعامل اليزدي مع النصوص من خلال عملية التذوّق لدلالتها، بخاصّة حينما يريد الردّ على النصوص المخالفة لوجهة نظره الفقهية، ومنها ما نحن الآن فيه، حيث يستشهد بنصوص متنوّعة، منها: الخبر رقم (1 ) حيث يقول: ( الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز )، ويقول عن الخبر رقم (2 ): ( أوصى رجل بتركته متاع وغير ذلك ( كذا ) لأبي محمد (عليه السلام)، فكتب إليه (عليه السلام) رجل أوصى إليّ بجميع ما خلّف لك، وخلّف ابنتي أُخت له، فرأيك في ذلك. فكتب إليّ: بع ما خلّف وابعث به إليّ )... واستشهد بخبر ثالث: ( فإن أوصى بماله كله فهو أعلم بما فعله، ويلزم الوصيّ إنقاذ وصيّته... ). هذه النصوص الثلاثة هي المادة التي يتعامل اليزدي من خلالها، بما تقدّم توضيحه، والمهمّ: كيفيّة استخلاصه لدلالتها، أمّا أحدها ( وهو خبر الرضوي ) فيدعه لعدم حجيته، وأمّا الخبر الأوّل فيقول

١٢٨

فيه، قضيّة في واقعة غير معلوم الوجه، فيحتمل أن يكون من جهة إجازة الوارث، ويحتمل أن يكون من باب كون الوارث مخالفاً يمكن منعه من الإرث، ويحتمل أنّ الإمام (عليه السلام) طلب المال لأخذ الثلث وردّ الباقي، ويحتمل أن يكون ذلك أخذه من باب الولاية بصفة الوارث، ويحتمل اختصاصه (عليه السلام) بهذا الحكم إلى غير ذلك )، لنلاحظ بدقّة: ظاهر الخبر المتقدّم الذي ترشح بدلالة هي: الوصيّة بجميع المال لا الثلث... ( لكن السيّد اليزدي، وهو يحرص كلّ الحرص على عدم طرح الخبر، كما قلنا في بداية حديثنا عن ممارساته: بأنّه من الفقهاء المعنيين بالعمل بالخبر مهما أمكن، ولا يطرح إلاّ بعد أن يستنفد الفقيه كل إمكانات تأويله أو ائتلافه مع الأخبار الأُخرى، حتى أنّنا لاحظناه - كما أشرنا - قائلاً: بأنّ الجمع بين الخبرين مقدّم على الترجيح السندي... المهم: أنّ حرصه على أن يبرهن بأنّ الخبر المذكور لا يتعارض مع أخبار الثلث، نجده يتقدّم باحتمالات متنوّعة، منها: إجازة الوارث، ومنها: كونه مخالفاً لا إرث له، ومنها: أخذ الإمام (عليه السلام) للمال: ثلثه وردّ الباقي، ومنها: أخذه (عليه السلام) من باب الولاية على الصغير، ومنها: اختصاص الإمام (عليه السلام) دون سواه بهذا الحكم، إلى غير ذلك...

إنّ أمثلة هذه الاحتمالات تصبح ملفتة للأنظار، وهي تحمل قابليّة الصحّة، كما تحمل قابليّة استبعاد ذلك، لكن الاستخلاص لهذه المحامل أيّاً كان نمطها يظلّ موضع تسجيل للسيّد اليزدي.

* * *

يبدو أنّ ( السيّد اليزدي ) عبر حرصه على التعامل مع النصوص، من خلال عدم طرحها ما وجد إلى ذلك سبيلاً، قد سحبه أيضاًَ على تعامله على ( الأقوال ) الفقهية، مع ملاحظة أنّ النص الفقهي للفقيه، يختلف عن النص للمعصوم (عليه السلام)، لكن مع ذلك، فإنّ السيّد اليزدي يحاول في سياقات خاصّة بطبيعة الحال وليس مطلقاً... وإلاّ في الحالات العامّة فإنّ اليزدي يتعامل مع الأقوال بنحو عادي، كأن يرفضها أو يقبلها مستدلاًّ عليها بما هو واضح من الأدلة، في حالة ما إذا كانت الحاجة تستلزم ذلك... ولا نجد ثمّة ضرورة للاستشهاد بنمط تعامل اليزدي مع الأقوال الفقهية، بقدر ما نعتزم تقديم نموذج من الممارسات التي تتّسم بالحرص على حمل ( الأقوال ) حملاً يتوافق مع

١٢٩

وجهة نظره التي انتهى إليها فقهياً، ويحسن بنا أن نستشهد بنفس الموضوع الخاص بالوصيّة التبرّعية التي استشهدنا بنصوصها المخالفة، ولاحظنا الاحتمالات المتنوّعة التي صدر عنها المؤلّف في توجيه الخبر واستخلاص دلالته...

وبالنسبة إلى توجيه ( القول ) نجده يبذل طاقة ليست عادية في هذا المجال... أنّه - كما لا حظنا في استهلاله للوصيّة التبرّعية يقول: ( أمّا الوصيّة التبرعية فلا إشكال في أنّها من الثلث، بل لا خلاف فيه إلاّ ما يحكى عن علي بن بابويه )، ثم يقول: ( إنّ مخالفته غير محقّقه ).. هنا لكي يدلّل على كون مخالفة غير محقّقة، حيث إنّ السيّد اليزدي استشهد بالإجماع المنقول وبالمحصّل على أنّ المسألة غير خلافية، وحينئذٍ انطلاقاً من حرصه على عدم الخلاف فعلاً؛ نجده يقطع مراحل من التوجيه لجعل العبارة التي نقلت عنه غير صائبة... إذن: لنقرأ: ( عبارته المحكيّة عنه غير صريحة، قال: فإن أوصى بالثلث فهو الغاية من الوصية، وإن أوصى بماله كلّه فهو أعلم بما فعله... ) هنا يتقدّم اليزدي بعملية التوجيه فيقول: ( يمكن أن يكون المراد من قوله ( وإن أوصى بماله كلّه فهو أعلم ) إنّه يردّ وصيّته إليه ولا يقبل منه سيّما بعد قوله: ( فهو الغاية في الوصيّة )، مشيراً به إلى الثلث، وحينئذٍ يكون قوله بإلزام الوصي تنفيذ الوصيّة مستأنفاً، ويمكن حمله على الوصيّة بالواجب المالي حيث إنّه يخرج من الأصل ). والأولى في توجيه كلامه أن يقال: إنّ مراده صورة الجهل بكون الوصيّة تبرعية، أو لكون ذمته مشغولة، وحينئذٍ يحمل على الصحيح وينفّذ في تمام المال لإطلاقات أدلّة وجوب العمل بالوصيّة، وأنّه مَن بدّله بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدّلونه، فلا يكون مراده أنّ الوصيّة المعلوم كونها تبرّعية أيضاً تنفّذ في تمام المال، ويؤيّد هذا قوله: ( فهو أعلم بما فعل ).. وممّا يؤيّد عدم إرادته من العبارة المذكورة ما نسب إليه: عدم نقل ولده عن ذلك، وتصريحه بجواز الوصيّة بالزائد عن الثلث من غير إشارة إلى خلاف والده )، بل عنه في المقنعة أنّه رُوي عن الصادق (عليه السلام) أنّه سُئل عن رجل أوصى بماله في سبيل الله عزّ وجلّ، فقال: ( اجعله إلى مَن أوصى له به، وإن كان يهوديّاً أو نصرانيّاً؛ فإنّ الله عزّ وجلّ... إلى آخره ).

استشهدنا بهذا النص الطويل، للتدليل على حرص ( اليزدي ) على جعل كلامه من باب أنّ المسألة إجماعيّة لا خلاف فيها: يستتبع أمثلة ما لاحظناه من المحامل والتوجيهات، حتى وصل خلاف الوالد، يظلّ أمراً يدعم به وجهة نظره.

١٣٠

وأنّه لم ينقل خلاف الولد... إلى آخره، فضلاً عمّا لاحظناه من التوجيهات المتنوّعة لصياغة الكلام المنقول عن ابن بابويه..

وفي تصوّرنا أنّ أمثلة هذا الحرص على توجيه ( القول ) له أهميّة في سياقات خاصّة، وحيناً لا ضرورة له بخاصة أنّ السيّد اليزدي ذكر في صدر ممارسته بأنّ الإجماع لا خدشة فيه، مع معرفة المخالف وحصره في الشخصية المذكورة وحدها...

* * *

بالنسبة إلى تعامل المؤلّف مع ظاهرة ( الاحتياط ) تظل الظاهرة ظاهرة في ممارساته، بحيث تحفل بعبارة ( الأحوط )، وأحياناً يتجاوز الأحوط إلى الأحوط منه ثانية، ممّا يفصح بوضوح عن مدى تحفّظه حيال الحكم إذا كان مصحوباً بعدم اليقين أو الظن...

ويمكننا ملاحظة تعدّد ( الأحوط ) لديه في ممارسات متنوّعة، منها:

- في ممارسته لشرط القبول في الوقف، يشير إلى أقوال ثلاثة، أحدها الشرط، والآخر عدمه، والثالث التفصيل بين الأوقاف الخاصّة والعامّة، معقّباً على ذلك: ( الأحوط: التفصيل، وأحوط منه: القبول مطلق )... ومنها: مع ملاحظة مهمّة هي: أنّه في صدر الممارسة يقول: ( الأقوى: عدم الاشتراط ) ولكنّه بالرغم من ذلك يحتاط تفصيلاً أو الأحوط مطلقاً..

ومنها:

- أيضاً نجده في باب الربا يصدّر فتواه بعبارة: ( الأقوى عدم إلحاق الشرط بالجزاء من إيجاب الربا ).. ثم يتّجه إلى الأحوط أوّلاً (... لكن الأحوط: المنع... وأحوط من ذلك إلحاقه به مطلقاً )..

ومن باب الربا أيضاً بالنسبة إلى الجاهل والعالم بحرمة الربا: ( الأقوى جواز العمل به، وإن كان الأحوط، الرد مع كونه موجوداً إذا عرف مالكه... وأحوط من ذلك ما ذكره المتأخّرون... ) إنّنا إذ نستشهد بهذه الأمثلة مع أنّ أحدها كافٍ لتوضيح الظاهرة، إلاّ أنّنا استهدفنا لفت النظر إلى حجم احتياطاته، حيث يعدّدها ولا يكتفي باحتياط واحد...

خارجاً عن ذلك، ينبغي لفت النظر أيضاً إلى أنّه في حالات أو سياقات خاصّة، قد يمارس سلوكاً مضادّاً للاحتياط عندما يناقش أقوال الآخرين، وعندما يجد بعضها يتوكّأ

١٣١

على الاحتياط في غير محلّه، وهذا ما يمكننا أن نلاحظه في ردّه على صاحب الجواهر عبر ذهابه إلى أنّ حِداد المرأة شرط في صحّة العدّة، وأنّ القاعدة الذاهبة إلى وجوب الشيء في الشيء: تتكيّف كذلك، حيث أجاب السيّد اليزدي على ذلك بقوله: ( وفيه: إنّ الاحتياط غير واجب، والتعليل لا يدل على الشرط... إلى آخره ).

إذن: بقدر ما يتّجه إلى الاحتياط المتعدّد، من الممكن ألاّ يقتنع به إذا كان في غير ما هو مسوّغ ومقبول.

خارجاً عن هذين النمطين من الاحتياط من جانب، ورفضه من الجانب الآخر... نجد مستوىً ثالثاً من التعامل مع الاحتياط هو: اللجوء إليه حتى بعد قناعته بما هو أقوى، كما لاحظنا ذلك في أحد النماذج، وكما نلحظه في النموذج الآتي:

- ذكر في باب القضاء في إمكانية وصيّ اليتيم أن يصبح قاضياً بمصالحه، ذكر تولّيه أحدها لا يجوّز ذلك، وعقّب: ( وما ذكره هو الأحوط، ولكنّه الأقوى الأوّل من نفوذ حكمه... ).

ومنها:

- هناك نمط رابع من تعامله مع ( الأحوط ) قبالة قناعته بمبادئ حديثية تتّصل ( بالمشهور ) الذي لاحظنا مدى ركونه إليه، وأمثلة ذلك من أدلّة ثانوية: كالاستصحاب وسواه، حيث نجده ينتخب ما هو ( أحوط ) بالرغم من قناعته بأقوائيّة أو أظهريّة مبدئه الاستدلالي، وهذا ما نحو ما ذكره مثلاً في مسألة عدّة الأمة: ( المشهور أقوى ) وإن كان الأحوط ما ذكره الجماعة... ).

فالملاحظ هنا: أنّ إيمان السيّد اليزدي بالشهرة أمراً بالغ الوضوح، ولكنّه - مع ذلك - يخالف المشهور، أو قد يخالفه في سياقات أُخرى لاحظناها في فقرات متقدّمة من البحث )، ومن ثمّ: يتّجه إلى ( الأحوط )...

وهناك نمط آخر من الممارسة المتّصلة بالاحتياط، وهي: اندماج ( الأحوط ) مع المبدأ الأصوليّ كالاستصحاب مثلاً، وهذا ما يمكن ملاحظته في مسألة عدّة الأمَة أيضاً، حيث يعقّب على الظاهرة المبحوثة قبوله ( لكن مقتضى الاحتياط ) بل والاستصحاب: العدّة.

* * *

١٣٢

المرونة أو الاعتدال أو العناية بالجوهر، مضافاً إلى ارتياد السهولة، ونفي الحرج والعسر، تظل من الأُمور التي يمكن ملاحظتها لدى اليزدي بالرغم من مشاهدتنا في مواقف خاصّة أو عامّة: تشدّداً أو قناعة تامّة إلى الالتزام بالمشهور، أو تشدّد في العمل بالخبر بدلاً من طرحه، أو الإيغال اللغوي الذي لاحظناه في سطور سابقة... لكنّه في الآن ذاته نجد أنّ هذا الفقيه يتوكّأ على يسر الشريعة وسهولتها، أيّ يتوكأ - على نطاق الممارسات الفقهية - على ما هو يجسّد ( مرونة ) وجوهراً وبساطة... إلى آخره.

هذا الموقف يمكننا ملاحظته في مواقع متنوّعة من ممارسات، منها مثلاً فيما يتّصل بقوله: الجمع أولى من طرح الخبر حتى أنّه فضّل الجمع الدلالي على الترجيح السندي؛ إيماناً بالمقولة المذكورة... لكن لنقف عند هذه العبارة الملفتة للنظر - بالقياس إلى طبيعة ممارساته - حيث يعقّب على موضوع في باب الربا، على مجموعة ما طرحه الفقهاء من محامل متنوّعة للموضوع، ممّا دفعه إلى أن يصرّح بوجوههم قائلاً: ( إنّ طرح الخبر أولى من حمله على هذه المحامل )... واضح أنّ هذه الصرخة قد يتعجّب منها الملاحظ لممارسات اليزدي، بحمل الخبر على محامل متنوّعة، ولكن - كما قلنا - عندما يصل الأمر إلى حدوده غير المعقولة، ينتفض على مقولة: الجمع أولى من الطرح بنحوٍ مطلق.

ويمكننا ملاحظة أمثلة هذه الصرخة متحقّقة في عدّة ممارسات، منها: ما طرحه الفقهاء بالنسبة إلى صيغة الكلام في المعاملات من حيث الفصحى وعدمها، ومن حيث إمكانيّة النطق وعدمه، ومن حيث الاستخدام المجازي للكلام أو الحقيقي... إلى آخره، حيث يعرض هنا هذه الأقوال، ويعقّب قائلاً: ( إنّ ما ذكره الفقهاء في المقام من التكلّم في خصوصيّات الألفاظ، تطويل لا طائل تحته، فاستقم )... قال اليزدي هذا الكلام تعقيباً على ما ذكرناه، والطريف في الأمر أنّ اليزدي - كما لاحظناه في حقل اللغويات معنيّاً كلّ العناية بالألفاظ ومدلولاتها الدقيقة، ولكنّه هنا - والحق معه دون أدنى شك - يجد أنّ الأمر قد تجاوز حدّه لدرجة أن يبحث الفقهاء خلالها هل تؤثِّر العبارة المجازية على أنّ الحقيقية أو لا... إلى آخره، مع أنّ النصوص الشرعية ساكتة عن هذه المستويات من الأخذ والردّ... إلى آخره، والطريف أيضاً أنّه استعان بالآية القرآنية الكريمة ( فاستقم )؛ ليعبّر عن ذلك بضرورة ألاّ يتجاوز الإنسان حدوده

١٣٣

المرسومة له، وأن يكتفي بما أُمر به من التوصيات الشرعية في مقام الاستدلال.

* * *

أخيراً يحسن بنا أن ننقل إلى القارئ نموذجاً ثالثاً، ونموذجاً رابعاً، لهما أهميّتهما في تحدّيه شخصيات الفقهاء أو أمزجتهم في صياغة الأحكام الشرعية.. ولنستمع إليه - وهو يلوم الفقهاء في ما يفهم لتضييق الأحكام في هذا الوقف، يقول: ( إنّ العلماء بالغوا في تضييق أمر الوقف، على أنّه ليس بهذا الضيق، إذ لا يستفاد من الأخبار الدالّة على عدم جواز بيعه إلاّ عدم جواز ذلك بمثل سائر الأملاك، والقدر المتيقّن من الإجماع أيضاً هو ذلك.. ) لقد اختصر السيّد اليزدي المسافة، وقرّر بكل بساطة أنّ مسألة الوقف وبيعه مثل سائر الظواهر الفقهية، وأنّ النصوص المحدّدة للحكم لا تتجاوز الإشارة إلى عدم الجواز فحسب..

وإذا تركنا هذه المستويات من اللوم على الفقهاء المتشدّدين، أو المبالغين في صياغة الأدلة والأحكام، نواجه صرخة جديدة هي أشد الصرخات حدّة، حيث يعقّب على الأبحاث المعروفة في ميدان الإجازة الكاشفة أو الناقلة بالنسبة إلى الفضولي، قائلاً: ( لعمري إنّ التشبّث بهذه الوجوه في الأحكام الشرعية، مخرّب للفقه، فينبغي عدم الاعتبار بها... ) إنّ هذا التصريح يجسّد قمّة التصريحات الناعية على الفقهاء - في بعض نماذجهم - أساليبهم غير المتّسمة بالصواب أو البناء، بل متّسمة بالتخريب، كما هو رأي السيّد اليزدي.

* * *

وبعد، كان بودّنا أن نتحدث عن تعامل السيّد اليزدي مع سائر أدوات التعامل في ممارساته الفقهية: سواء أكان ذلك في ميدان التعامل مع الأدلة الرئيسة: من الكتاب، والسنّة، والإجماع، والعقل. أو الأدلة الثانوية وفي مقدّمتها: الأُصول العملية، إلاّ أنّ المجال لم يسمح لنا بذلك، مكتفين بما لاحظناه من تعامله مع الأخبار دلالةً وسنداً، ونسأله تعالى أن يوفّقنا لخدمة الإسلام.

١٣٤

جانب من أخلاقه وطباعه

كان على جانبٍ كبيرٍ من التقوى والورع عن محارم الله، بل كان محاكياً المعصوم في فعله، ملتفتاً حتى للنكات الدقيقة والصغيرة في مقام العمل، مراعياً لها، سالكاً جادّة الاحتياط، مصداق قوله تعالى:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) (1) ، وفرداً جليّاً لقوله تعالى:( يَرْفَع اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) (2) ، وقد حصّل تلك الدرجات الموعودة له ولأمثاله من العلماء(3) .

كان محبّاً للخير وليشمل عامة الناس، وأهل العلم خاصة، فكان يبذل أقصى جهده لقضاء حوائج الناس ومرتادي مجلسه، ويهتم جدّاً بمساعدة الفقراء والمحتاجين وإسعافهم مادياً، قاضياً لحوائجهم، متفانياً في ردّ مظالمهم.

كان على جانبٍ عالٍ من التواضع، بحيث إنّه كان يعدّ نفسه كأحد الجالسين معه، ولا يستشعر في نفسه كبراً أو أنفة عن البحث والتباحث في أي مسألة، ولو كان المسائل له أقل الطلبة(4) .

أمّا تصرّفه مع القادة الإنكليز عند زيارتهم له، ومنهم السير برسي كوكس فكان زائره يجلس على الحصير المتقطّع المتلاشي، ويبقى بالانتظار مدّة إلى أن يخرج السيد ثم يجلس معه قليلاً ويقوم قبل زائره، ولا يكلّمه إلاّ بضع كلمات(5) .

لم يحضر السيد اليزدي تشييع جثمان أُستاذه المجدِّد الشيرازي، إذ كان في مسجد السهلة مشغولاً بكتابة تعاليقه العلمية على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري، ولشدّة اهتمامه بهذا البحث لم تسمح له الفرصة بالاشتراك في التشييع، كما لم يصنع مجلس فاتحة، وقد عزا بعضهم هذا التصرّف إلى أنّه لم يتصدّ للمرجعية؛ إذ تعارف رجال العلم

____________________

(1) سورة العنكبوت، الآية 69.

(2) سورة المجادلة، الآية 11.

(3) مقدّمة كتاب التعارض ص 8.

(4) مقدّمة كتاب التعارض ص 8.

(5) مذكّرات الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، الملحق رقم ( 1 ).

١٣٥

بأنّ مَن يصلّي على المرجع المتوفّى يخلفه في المرجعية، ورغم ذلك فقد قلّده كثير من العوام(1) .

وقد كان كثيراً ما يتذكّر جذوره العائلية وانحداره الفلاّحي، ومعاناته في إعالة ما ترك والده من أعباء ثقيلة، وانصهاره في ميدان العمل، ثم مواصلته لطلب العلم ووصوله إلى هذا المنصب الروحي، ويذكر بعضها لخواصّه من الطلبة، وأن يتحمّلوا المصاعب ويجتازوا المحن والعوز والحاجة من أجل الهدف الأسمى، سيّما وأنّ ظروفهم أفضل من الظروف التي عاشها، ويختم حديثه دائماً بقوله: ( كوشي مدي أغا زاده ) أي: اعتبروا يا أبناء السادة، اسمع يا بن السيّد.

كان قويّ الشخصية، صلب الإرادة، صعب المراس، شديد الشكيمة، في غاية الحذر، وسوء الظن، لا يُغرّ ولا يُخدع...(2) ، صبوراً أمام عاديات الزمن، وشدائد الأيام فيبدو أمامها صلباً لا تهزّه الهزاهز، ولا تلويه الأعاصير، لذا فعندما يسمع بموت أحد أولاده الأربعة، يستلقي ساعة ويلقي على وجهه غطاءاً، ثم يقوم ويشتغل بمهمّاته اليومية كأن لم يكن شيئاً مذكوراً(3) .

كان بعيد النظر، لا ينظر الأُمور بمنظار العاطفة، والانزلاق بمخاطر قد لا يُحمد عقباها، ويصعب تلافيها؛ ولذلك يدقّق في دراسة الموضوع من جميع جوانبه، ليكون رأيه فاصلاً، وعدم التسرّع في إبداء الرأي، وإذا اقتنع فأصدر رأياً - سلباً أو إيجاباً - لم يتنازل عنه، ولا يتأثّر بالظروف والمؤثِّرات، فلم تأخذه في الله لومة لائم.

____________________

(1) انظر: بحث ( مرجعيّته ).

(2) انظر: مذكّرات الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، انظر: الملحق رقم ( 1 ) في آخر الكتاب.

(3) مقدّمة كتاب التعارض ص 9.

١٣٦

أحد مجالس السيد محمد كاظم اليزدي

١٣٧

تصانيفه ومؤلَّفاته

للسيد اليزدي عدّة مؤلَّفات في الفقه وأُصوله، حازت شهرةً طائلةً في الأوساط العلمية، وقد طُبعت وتُرجمت وشُرحت وعُلِّق عليها مرّاتٍ عديدة(1) .

1 - العروة الوثقى فيما يعمّ به البلوى(2) :

رسالة في العبادات للمقلِّدين، فيها فروع كثيرة، جيّدة الترتيب، أفرز فيها كل فرع على حدة بعنوان مسألة، تشمل على 3260 مسألة في: الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج والنكاح، وجعل لأعداد مسائلها أرقاماً، فسهّل التناول والإفادة منها، وأقبل الناس عليها، ونسخت رسالته العملية ( نجاة العباد ).

قال عنها السيد حسن الصدر في ( تكملة أمل الآمل ):

ما نصّه: ( وأحسن مؤلّفاته: العروة الوثقى في الفروع، عملها لعمل مقلِّديه، وهي من أحسن كتب الفروع والمتون الفقهية ).

وقال التقي الآملي في آخر كتابه ( مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى ) ج 1 ما نصّه: (... وله مؤلّفات شائقة أشهرها هذا المؤلّف الشريف ( العروة الوثقى ) الذي لم يسبقه سابق بمثله ولم يلحقه لاحق حتى الآن، ولا يُعلم ما الله سبحانه صانع بعده ).

وقال الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في آخر كتابه ( حواشي وتعليقات على العروة الوثقى ) ص 214 - 215، ما نصّه:

( بيان، كان ولا يزال من المعلوم أنّ هذا المؤلّف الجليل العروة الوثقى الذي هو من مفاخر الفقه الجعفري وآياته الزاهية في العصور المتأخّرة.

قد كان السيد الأُستاذ - رضوان الله عليه - شرع فيه في السنة الثانية والعشرين بعد الألف والثلاثمئة، وكان كل يومين أو ثلاث ينتهز من وقته، المستغرق بأشغال المرجعية العظمى، فرصةً يحرّر فيها من هذا الكتاب الورقتين والثلاث بخطه الدقيق يدفعها إليّ

____________________

(1) انظر: بحث الأستاذ رضا أستادي ( به ياد آن عزيز ) في ( المحقق الطباطبائي ص 1299 - 1318 ).

(2) انظر: الذريعة 15 / 252، أعيان الشيعة ط 5 / 14 / 348.

١٣٨

ولأخي آية الله أحمد - تغمّده الله برضوانه - لأجل إصلاح عباراته من حيث العربية، ورفع الركاكة أو التعقيد، والنظر في أدلّة الفروع، ومطابقة الفتوى للدليل، حذراً من أنّ مشغوليّته العظمى أدخلت سهواً عليه في ذلك أو غفلة، ولا يعتمد على غيرنا في هذا الشأن كسائر مهمّاته الأُخرى، وشؤونه من إرجاع المرافعات إلينا وغيرنا، واستمرّ اعتماده مدّة حياته وبعد وفاته حيث جعلنا أوصيائه، ولا تزال وصيّته بخطّه الشريف وخاتمه محفوظة في خزانة أوراقي. وكنّا نستفرغ الوسع ونسهر الليالي في إصلاح العبارات وجعلها بغاية الوضوح والسلامة، بحيث يفهمها حتى العامي والأُمّي، كما ننظر أيضاً في المدارك والأدلّة، ونتذاكر في كل فرعٍ فرع، مع أفاضل ذلك العصر في دارنا الكبرى التي كانت مجتمع الأعلام والأعاظم يومي الخميس والجمعة، ومنهم الآيتان الحجّتان المرحوم ميرزا محمد حسين النائيني قبل أن يصير من المراجع، والشيخ المحقّق وحيد عصره الأُستاذ الشيخ حسن الكربلائي - رضوان الله عليهما - وبعد استفراغ الوسع وسدّ الفراغ نعود إليه - رضوان الله عليه - بما أصلحنا ونتذاكر معه في مجلس خاص، فربّما رجع إلى رأينا في الفتوى وربما أصرّ واستمرّ على رأيه.

وفي السنة الثامنة والعشرين توجّهت إلى بغداد لطبع كتابي ( الدعوة الإسلامية ) الذي حُجز وجرى فيه ما جرى، طلب منّي - تغمّده الله برحمته - أن أشرف على طبعها، وكنّا نطبع الكتابين في مطبعة ( دار السلام ) فطبع الأوّل وسلّم الثاني، وهي الطبعة الأُولى من هذا الكتاب (العروة ) ثم طبع بعدنا ثانياً في نفس تلك المطبعة سنة الثلاثين، وكم من الفرق الواضح بين الطبعتين في الصحّة وغيرها ).

كانت الطبعة الأُولى بالعربية، وطبع معها بعض أبواب المعاملات، كُتبت على الغلاف والصفحة الأُولى هاتين المقطوعتين الشعريتين:

فقيه بيتِ الوحي ما خاب في

عروته الوثقى مَن استمسكا

فإنّ أهل البيت أدرى بما

في البيت من أحكامه مدركا

* * *

كاظم أهل البيت بالعروة الـ

ـوثقى أتى فاستوجب الشكرا

والناس في الأشياء قد تستوي

وما استوت علماً ولا خبرا

والشرع بيتٌ للهدى قائمٌ

والبيت أهلوه به أدرى

١٣٩

وزيد في الطبعة الثانية كتاب الحج، ولم يتم.

وتُرجمت إلى الفارسية باسم (الغاية القصوى ).

وعلّق عليها بعد وفاته كل مَن نصب نفسه للتقليد، وجملة منها طُبعت مع التعليق، وبذلك تكون قد طُبعت ما يزيد على عشر مرّات، وتوالت الطبعات تزداد حتى يومنا هذا.

وكان ممّن علّق عليها الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وطُبعت تعليقاته بعنوان: ( حواشي وتعليقات على العروة الوثقى )(1) ، قال في آخرها ص 215، ما نصّه:

( أمّا تعاليقنا هذه عليه فقد كان الأخ المرحوم [ الشيخ أحمد ] قدّس الله سرّه، علّق بخطّه على هامش نسخته حواشي كثيرة من أوّل الكتاب إلى أوائل الزكاة، ويظهر أنّها كانت بصورة مستعجلة لم يعد النظر فيها، مع عظيم ما فيها من التحقيقات المبتكرة التي لم يسبقه إليها سابق، وقد أدرجنا في حواشينا هذه منها ما يوافق رأينا مع بعض الإيضاح والإصلاح، وما عدا تلك الحواشي فهو منّا، أمّا من الزكاة إلى آخر الوصيّة فليس فيها لغيرنا شيء، وكنّا نقلنا إلى البياض من أوّل هذه السنة 1366 هـ، مباحث التقليد ونحن في النجف إلى صلاة القضاء، ثم انحرفت صحّتنا واشتدّت حرارة القيظ علينا فألزمنا الأطبّاء بالاصطياف خارج العراق، واخترنا المكث في بليدة ( كرند ) القريبة من الحدود، فأتممنا هذه التعاليق والحواشي من حين ورودنا إليها وهو آخر شعبان من هذا العام، ومنّ الله علينا بحسن الختام في هذا اليوم وهو السادس من شوّال أوائل شهر آب الرومي، في قصر الأمير صاحب المكارم الأمير احتشام (حفظه الله) وزاد في توفيقه، ولم يكن معنا للمراجعة من الكتب إلاّ عدّة يسيرة، ولكن جاء بعناية الحق مشحوناً بالحقائق العميقة والمباحث العالية، وليس هو قاصراً على الفتوى فقط، بل وعلى الإشارة إلى القواعد والأدلّة التي قد لا توجد في شيء من الكتب المبسوطة، فضلاً عن التعاليق والحواشي، ومَن أراد الوقوف على حقيقة ذلك فليقابل هذه الحواشي بما علّقه أعلام هذا العصر من المراجع فيه وفيما قبله، وحواشيهم المطبوعة على الكتاب أو مستقلّة؛ حتى يتضح له الحال ويظهر الفرق لأهل التميز، والمنّة والفضل لله عَزّ شأنه، ونسأله تعالى ألاّ يضيّع

____________________

(1) ط: المرتضوية - النجف 1366 هـ.

١٤٠