البنك اللاربوي في الإسلام

البنك اللاربوي في الإسلام0%

البنك اللاربوي في الإسلام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 273

البنك اللاربوي في الإسلام

مؤلف: السيد محمد باقر الصدر
تصنيف:

الصفحات: 273
المشاهدات: 35148
تحميل: 6545

توضيحات:

البنك اللاربوي في الإسلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 273 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35148 / تحميل: 6545
الحجم الحجم الحجم
البنك اللاربوي في الإسلام

البنك اللاربوي في الإسلام

مؤلف:
العربية

الأوّل: أن يقال: إنّ هذا التعهّد الذي اعتبرناه معنىً ثالثاً للضمان هو تعهّد بأداء الدين أو بأداء الشرط، بحيث يصبح أداء الدين أو أداء الشرط في عهدة البنك في المثال المفروض على حدِّ كون العين المغصوبة في عهدة الغاصب، غاية الأمر أنّ وقوع العين المغصوبة في عهدة الغاصب قهري، وأمّا وقوع أداء الدين أو أداء الشرط في عهدة البنك فهو بسبب إنشائه لمثل هذا التعهّد المفروض كونه نافذاً بحسب الارتكاز العقلائي الممضي شرعاً.

وكما أنّ وقوع العين المغصوبة في عهدة الغاصب يعني كونه مسؤولاً عن نفس العين (أي تسليم العين إلى المالك) ما دامت موجودةً، وإذا تلفت العين تتحوّل العهدة إلى اشتغال الذمّة بقيمتها - على تفصيلٍ وتحقيقٍ لا يسعه المقام - كذلك العهدة الجعلية في محلّ الكلام (أي تعهّد البنك الضامن بأداء الدين وأداء الشرط) فإنّها تعني كون البنك مسؤولاً عن تسليم ما وقع في العهدة الجعلية، وهو أداء الدين أو الشرط بوصفه فعلاً له ماليةٌ لا نفس الدين.

وكما إذا تلفت العين المغصوبة تتحوّل العهدة القهرية إلى اشتغال الذمّة بقيمة العين، كذلك إذا تلف أداء الدين أو أداء الشرط على الدائن والمشترط بسبب امتناع المدين والمشروط عليه عن الأداء الذي يعتبر نحو تلفٍ للفعل على مستحقّه عرفاً تحوّلت العهدة الجعلية إلى اشتغال الذمّة بقيمة ذلك الفعل، أي بقيمة أداء الدين أو أداء الشرط ؛ لأنّ اشتغال الذمّة بقيمة المال عند تلفه من اللوازم العقلائية لمعنى دخول ذلك المال في العهدة، فإيّ مالٍ دخل في العهدة سواء كان عيناً أو فعلاً له مالية، وسواء كانت العهدة قهريةً كعهدة الغاصب أو جعليةً بسبب اشتغال ذمّة صاحب العهدة بقيمته عند تلفه، فبعد فرض إمضاء العهدة الجعلية عقلائياً وشرعاً يترتّب عليه لازمها من اشتغال الذمّة بالقيمة على تقدير التلف.

وعلى هذا الأساس يصحّ خطاب الضمان من البنك في المقام بوصفه تعهّداً

٢٦١

بالشرط، وهو دفع مبلغ كذا مقداراً بحيث يستتبع اشتغال الذمّة بقيمته بوصفه فعلاً ذا ماليةٍ إذا تلف على المشترط.

ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الشرط المفروض على المقاول من النحو الثاني أو من النحو الثالث، أي أن يكون الشرط هو تمليك المقاول خاصّة أو جامع التمليك بالنحو الذي شرحناه في تحقيق أنحاء الشرط ؛ إذ على كلا التقديرين يمكن أن يدخل الشرط في عهدة البنك، ويستتبع ذلك اشتغال ذمّته بقيمة الشرط عند تلفه على المشترط.

ودعوى: أنّ الشرط إذا كان هو تمليك المقاول خاصّةً فلا يمكن أن يدخل في عهدة البنك ح لأنّ دخوله في عهدته يقتضي كونه مطالباً بتسليمه، مع أنّ تمليك المقاول بما هو فعل للمقاول ليس قابلاً للتسليم من قبل البنك ليدخل في عهدته، نعم، إذا كان الشرط هو الجامع بين تمليك المقاول وغيره أمكن دخول هذا الجامع في عهدة البنك ؛ لأنّه قابل للتسليم.

هذه الدعوى مدفوعة بأنّ فعل الشخص يمكن أن يدخل في عهدة شخصٍ آخر بنحوٍ يستتبع وجوب تسليمه فيما إذا كان قابلاً للوقوع تحت اختيار ذلك الشخص الآخر، من قبيل التعهّد في موارد الكفالة، فإنّ الكفيل يتعهّد بحضور المكفول، وحضوره فعل للمكفول، ولكن حيث إنّه في معرض قدرة الكفيل عليه ولو بالتسبيب أمكن أن يدخل في عهدته، فكذلك في المقام يكون تعهّد البنك مستتبعاً لمطالبته بِحثّ المضمون على أداء الشرط، وحيث لا يتمكّن البنك من إغراء المضمون بأداء الشرط تتحوّل العهدة إلى شغل الذمّة بقيمة الشرط.

الثاني: أن يقال: إنّ العهدة الجعلية التي جعلناها معنىً ثالثاً للضمان هي عبارة عن تحمّل تدراك الشيء بقيمته إذا تلف، فهذا التحمّل بنفسه هو معنى التعهّد

٢٦٢

بذلك الشيء الممضي في الارتكاز العقلائي، فيكون اشتغال الذمّة بالقيمة عند التلف هو مدلول هذا التعهّد ابتداءً. ففي المقام تعود خطابات الضمان إلى تعهّداتٍ من قبل البنك بالشروط المأخوذة على المقاولين، وتعهّد البنك بالشرط بوصفه فعلاً له مالية، يعني اشتغال ذمّته بقيمة هذا الفعل إذا تلف بامتناع المقاول عن أداء الشرط.

والفرق بين تفسير المعنى العقلائي للعهدة الجعلية بهذا الوجه وتفسيره بالوجه المتقدّم أنّ صاحب الشرط ليس له - بناءً على هذا الوجه - مطالبة البنك بإقناع المقاول بالأداء، وإنّما له على تقدير امتناع المقاول أن يُغرِّم البنك قيمة ما تعهّد به، وأمّا على الوجه السابق فله ذلك.

وبما حقّقناه من المعنى الثالث للضمان وتخريج خطابات الضمان على أساسه باعتبارها تعهّداتٍ من البنك بوفاء المقاول بشرطه، يظهر الحال في ما أفاده بعض الأعلام(١) من محاولة تطبيق الكفالة بمعناها المصطلح لدى الفقهاء - أي كفالة النفس - على خطابات الضمان للبنك، وكفالاته للمقاولين، ثمّ استشكاله في اقتضاء هذه الكفالة لدفع المال المستحقّ بدعوى أنّ أثر الكفالة ينحصر في إحضار نفس المكفول.

إنّنا في غنىً عن ذلك كلّه بعد إمكان تطبيق الضمان المالي على كفالات البنك، غاية الأمر أنّه ضمان لا بمعنى نقل الدين من ذمّةٍ إلى ذمّة، ولا بمعنى ضمّ ذمّةٍ إلى ذمّة، بل بمعنى التعهّد بأداء دينٍ أو شرطٍ للدائن أو المشترط. والضمان بهذا المعنى مطابق للارتكاز العقلائي، كما عرفت سابقاً. ومنه بحسب

____________________

(١) اُنظر: بحوث فقهية: ١١٢.

٢٦٣

الدّقة ما ذهب إلى صحّته كثير من الفقهاء(١) من ضمان الأعيان المغصوبة، فإنّ ضمانها ليس بمعنى النقل من ذمّةٍ إلى ذمّة ؛ إذ لا يوجد شغل الذمّة ما دامت العين موجودة، بل التحقيق في معنى ضمان الأعيان المغصوبة أنّه عبارة عن التعهّد بأدائها، ويترتّب على هذا التعهّد اشتغال الذمّة بقيمتها عند تلفها.

وهكذا نعرف أنّه بعد فرض مساعدة الارتكاز العقلائي والفقهي على تصوير الضمان بمعنى التعهّد بأداء أو أداء الشرط أو أداء العين المغصوبة بنحوٍ يعني اشتغال الذمّة بقيمة الأداء عند تلفه، فلا موجب لربط ضمانات البنك بالكفالة بمعناه المقابل للضمان المالي لدى الفقهاء لكي تكون قاصرةً عن إنتاج شغل الذمّة بالقيمة ؛ لأنّ الكفالة المقابلة للضمان المالي مختصّة بكفالة النفس، ولا تقتضي عند المشهور أكثر من إحضار المكفول.

فإن قيل: إنّه في موارد شرط الفعل لا يكون المشترط مالكاً لشيءٍ في ذمّة المشترط عليه، ففي مثال المقاول الذي تشترط عليه الجهة التي تتّفق معه بنحو شرط الفعل أن يدفع عشرين ديناراً إذا تخلّف عن الاتّفاق لا تكون الجهة مالكةً لعشرين ديناراً في ذمّته، فكيف يفرض أنّ تعهّد البنك بالشرط في ذمّة المعتهّد عنه ؟

قلنا: قد يقال في شرط الفعل: إنّ المشروط له يملك نفس الفعل على المشروط عليه، ففي المثال المذكور وإن لم تملك الجهة المخصوصة عشرين ديناراً في ذمّة المقاول، ولكنّها تملك عليه فعلاً له قيمة مالية، وهو تمليك عشرين ديناراً، والمفروض أنّ البنك يتعهّد بهذا الفعل للجهة المالكة له، ويستتبع ذلك عند

____________________

(١) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ٣: ٦٠، والمحقّق في شرائع الإسلام ٢: ٩٠، ونقله كذلك عن غيرهما السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٥: ٣٧٢ (الطبعة الحجريّة).

٢٦٤

تلف الفعل أن تملك الجهة قيمة الفعل في ذمّته بمقتضى ضمانه للفعل وتعهّده به.

وإذا لم نقل بأنّ المشروط له يملك الفعل ففي المثال لا تكون الجهة التي اتّفق معها المقاول مالكةً لا لعشرين ديناراً في ذمّته، ولا للتمليك بما هو فعل له مالية، لكنّ هذا لا يعني عدم تعقّل ضمان الشرط، بل يمكن أن يقال: إنّ المشروط عليه إذا يأتِ بالشرط الذي هو تمليك عشرين ديناراً أو خياطة الثوب أو أيّ فعلٍ آخر له مالية يكون ضامناً لقيمة الشرط بالتفويت على المشروط له، وتشتغل ذمّته بقيمة الفعل له ؛ إذ لا موجب لتخصيص الضمان بالتفويت والإتلاف بخصوص ما يكون المفوَّت والمتلَف مملوكاً، بل يكفي أن يكون مضافاً إلى غير المفوِّت والمتلِف ولو بنحوٍ من الحقّية التي لها مالية عرفاً ليكون مشمولاً للضمان في نظر العقلاء. وبناءً على ذلك لا مانع من تعهّد البنك بالشرط حينئذٍ بنحوٍ يستتبع اشتغال ذمّته بقيمته على تقدير التلف.

٢٦٥

الملحق (١١)

[ التخريج الفقهي لفوائد البنك عن بضائع المستوردين ]

يعتبر هذا الملحق تكميلاً للبحث الذي تقدّم في الملحق الأوّل عن التخريجات الفقهية لتحويل الفائدة إلى كسبٍ محلّل ؛ لأنّه يواصل نفس البحث، لكن في نطاق الديون التي تحصل للبنك على التجّار المستورِدِين نتيجةً لتسديده لأثمان البضائع التي استوردها، ويتوسّع في المناقشة الفقهية في هذا المجال.

إنّ الديون التي تحصل على التّجار المستورِدِين الذين فتح البنك الاعتماد لطلبهم نتيجةً لتسديد البنك ما عليهم من ديونٍ تجاه المصدِّرين في الخارج، يمكن تخريج فوائدها الربوية بجملةٍ من الوجوه التي تقدّمت في الملحق الأوّل لتخريج فوائد القرض، وتقدّمت المناقشة فيها.

فمثلاً يمكن أن يقال تطبيقاً للوجه الثاني من تلك الوجوه: إنّ البنك حينما يدفع ثمن البضاعة إلى المصدِّر ويسدّد بذلك دين المستورِد لا يقوم بعملية إقراضٍ للمستورد، ولا يُدخل ثمن البضاعة أولاً في ملكيّة المستورد بعقد القرض ثمّ يدخل في ملكية المصدِّر بعنوان الوفاء، بل إنّ البنك يقوم بتسديد دين

٢٦٦

المستورِد من ماله الخاصّ (أي من مال البنك الخاص)، ولكنّ هذا التسديد لمّا كان بأمرٍ من المستورِد فيكون مضموناً عليه بقيمته ؛ لأنّه هو المتلِف للمبلغ المسدَّد على البنك، فتشتغل ذمّة المستورد بقيمة هذا التسديد دون أن يدخل في ملكيته شيء، أي أنّه ضمان غرامةٍ بقانون الإتلاف، لا بقانون عقد القرض. وعليه فلا يكون فرض الزيادة من البنك على المستورد مؤدّياً إلى قرضٍ ربوي.

وتوهّم كون فرض الزيادة هنا يؤدّي إلى قرضٍ ربويّ، يندفع بالتمييز بين هذين النحوين من الضمان، (أي بين ضمان الغرامة بقانون الإتلاف وضمان الغرامة بعقد القرض). ومعرفة أنّ ضمان الغرامة بلحاظ الأمر بالإتلاف لا يقتضي وقوع قرضٍ ضمنيّ ودخول شيءٍ من المال في ملكية الآمر بالإتلاف - أي المستورد - فلا تكون الزيادة في مقابل المال المقترض.

ولكنّ هذا التخريج مع ذلك غير تامّ، كما تقدّم في الملحق الأوّل.

ويمكن تخريج الفائدة على أساس تحويل القرض إلى بيع، وحيث إنّ البنك يسدِّد دين التاجر المستورِد للمصدِّر بالعملة الأجنبية فيمكن افتراض أنّ البنك يبيع كذا مقداراً من العملة الأجنبية في ذمّته بكذا مقداراً من العملة الداخلية، وحينئذٍ يضيف إلى ما يساوي العملة الأجنبية من العملة الداخلية مقدار الفائدة. ولمّا كان الثمن والمثمن مختلفَين في النوعية والجنس فمظهر البيع أقرب إلى القبول ممّا إذا كانا من جنسٍ واحد. وقد تقدّم تحقيق ذلك في الملحق الأوّل أيضاً.

ويجب عند دراسة المقادير التي تتقاضاها البنوك من التّجار المستورِدين أن نميِّز بين الفائدة والعمولة ولا نخلط بينهما، ولا نساوي بينهما في الحكم.

فما في بعض الإفادات(١) من أنّ دفع البنك لدين التاجر المستورِد إذا كان

____________________

(١) راجع: بحوث فقهية: ١٣٣.

٢٦٧

بملاك القرض فلا يجوز أخذ الفائدة ولا العمولة، غير تامّ إذا كان المقصود بذلك حرمة أخذ كلّ منهما في نفسه ؛ لأنّ معنى الالتزام بحرمة كلّ من الفائدة والعمولة في نفسها على فرض قرضية المعاملة: أنّه كما أنّ أخذ الفائدة يوجب ربوية القرض كذلك أخذ العمولة، مع أنّ الأمر ليس كذلك، بل يجوز للبنك أن يأخذ العمولة، ومجرّد أخذها لا يوجب ربوية القرض ؛ لوضوح أنّ البنك إذا كان يقرض التاجر المستورِد قيمة البضاعة ثمّ يسدِّد دينه على هذا الأساس فمن حقّه أن يأخذ عمولةً على استخدام مبلغ القرض الذي أقرضه للتاجر المستورِد في وفاء دينه المستحقّ عليه للمصدِّر ؛ لأنّ البنك إذ يقرض التاجر مبلغاً من المال لا يجب عليه أن يمتثل أوامر مدينه في كيفية التصرّف في ذلك المبلغ، ولا أن يحقّق رغبته في طريقة إنفاقه، فإذا كلّفه التاجر المستورِد المدين بأن يسدِّد من هذا المبلغ بشكلٍ من الأشكال دينه المستحقّ عليه للمصدِّر في الخارج كان للبنك المقترض أن يأخذ أجرة على ذلك. والمدين لا يرى من مصلحته الامتناع عن تقديم هذا الأجر ؛ لأنّه لو أخذ مبلغ القرض نقداً من هذا البنك وذهب إلى بنكٍ آخر وطالب منه التحويل فإنّ البنك الآخر سوف يطالبه بالأجر أيضاً. وهكذا نجد أنّ أخذ العمولة لا يصيِّر القرض ربوياً.

وأمّا إذا فرض أنّ القرض كان ربوياً بلحاظٍ آخر كما إذا كان مبنيّاً على الفائدة، فهل يجوز للبنك أخذ العمولة من التاجر لقاء تسديد دينه المستحقّ عليه للمصدِّر بالنحو الذي شرحناه، أولا ؟

والجواب على ذلك أنّنا إذا بنينا في باب القرض الربوي على أنّ الباطل هو شرط الزيادة فقط مع صحة أصل القرض فلا بأس بأخذ العمولة في المقام، وينطبق عليها نفس التخريج الفقهي السابق ؛ إذ هي لقاء تنفيذ المقرض رغبة

٢٦٨

المقترِض في طريقة التصرّف في المبلغ المقترَض. وأمّا إذا قلنا: إنّ أصل القرض في موارد شرط الزيادة باطل، فمعنى هذا أنّ البنك لم يحصل منه تسديد للدين المستحقّ على المستورد للمصِّر في الخارج ؛ لأنّه سدَّده مثلاً من المبلغ المقترَض بتخيّل أنّه مال مملوك للمستورِد، والمفروض أنّ القرض باطل فلا يكون مملوكاً للمستورد، وبالتالي لا يحصل التسديد، فلا يجوز أخذ العمولة إذا كانت في مقابل التسديد حقيقةً.

٢٦٩

الملحق (١٢)

[ التخريج الفقهي للعمولة على خطاب الاعتماد ]

هذا الملحق امتداد لِمَا مرّ في الأُطروحة من بحثٍ فقهيّ عن تخريج العمولة التي يتقاضاها البنك ممّن يزوِّده بخطاب الاعتماد.

وبما ذكرناه من التخريجات الفقهية للعمولة يظهر أنّ أخذ البنك للعمولة لا يتوقّف جوازه على أن يصبح البنك مديناً، كما ذكر ذلك بعض الأعلام، إذ أفاد: أنّ المراجِع للبنك إذا كان يدفع إليه المبلغ نقداً ثمّ يتسلّم منه خطاب الاعتماد فهو يصبح دائناً للبنك بقيمة المبلغ الذي دفعه إليه، ويكون البنك مديناً له، فيجوز للبنك والحالة هذه أن يأخذ العمولة ؛ لأنّها نفع يحصل عليه المدين لا الدائن. والحرام هو أن يحصل الدائن على نفعٍ من ناحية القرض(١) .

والتحقيق: أنّ أخذ العمولة جائز - كما عرفت في الأطروحة - ولو فرض أنّ البنك كان هو الدائن ؛ لأنّ المحرَّم أخذه على الدائن هو الشيء في مقابل المال المقترَض، ولا يحرم على الدائن أن يأخذ شيئاً في مقابل عملٍ من أعماله، أو في

____________________

(١) اُنظر: بحوث فقهية: ١٣٥.

٢٧٠

مقابل تنازلٍ عن حقّ خاصّ غير حقّ المطالبة.

وفي المقام إذا فرضنا أنّ البنك أصدر خطاب الاعتماد لعميله وفوَّضه بتسلّم مبلغ كذا من وكيله في الخارج دون أن يتسلّم منه شيئاً فهذا معناه الإذن له بالاقتراض من وكيله في الخارج ضمن حدود القيمة المسجَّلة في خطاب الاعتماد، ومن حقّ البنك في حالة اقتراض عميله المزوَّد بالخطاب من وكيله في الخارج أن يُلزمه بالوفاء في نفس مكان القرض، أي في الخارج. ونظراً إلى أنّ العميل لا يلائمه الوفاء إلاّ في بلده لا في الخارج فيدفع مبلغاً من المال للبنك الدائن الذي زوَّده بالخطاب، لا في مقابل المبلغ المقترض ليكون فائدة ربوية، بل في مقابل عدم مطالبته البنك الدائن بالوفاء في خصوص المكان الذي وقع فيه القرض.

٢٧١

الفهرس

تمهيد ١٥

موقفنا من الأطروحة١٧

سياسة الأطروحة المقترحة٢١

المعالم الأساسية٢٥

للسياسة المصرفية الجديدة٢٥

نظام البنك اللاربوي ٢٩

الفصل الأوّل:٣١

الأطروحة الجديدة لتنظيم علاقة البنك بالمودعين والمستثمرين ٣١

تقسيم الودائع إلى ثابتةً ومتحرّكة٣٦

تنظيم علاقات البنك ٣٩

في مجال الودائع الثابتة٣٩

الودائع المتحرّكة٧٣

ملاحظات عامّة حول البنك اللاربوي ٨١

الفصل الثاني:٨٧

دراسة الوظائف الأساسيّة للبنوك في ضوء الأطروحة السابقة٨٧

القسم الأوّل من وظائف البنك:٩١

الخدمات المصرفية٩١

القسم الثاني من وظائف البنك:١٥٣

تقديم القروض والتسهيلات ١٥٣

القسم الثالث من وظائف البنك:١٦١

الاستثمار١٦١

الملاحق الفقهية١٦٥

٢٧٢

الملحق (١)١٦٧

[ مناقشة التخريجات التي تحوّل الفائدة إلى كسب محلّل ]١٦٧

الملحق (٢)١٨٥

[ حكم شرط الضمان على عامل المضاربة ]١٨٥

الملحق (٣)٢٢٦

[ التخريج الفقهي لأرباح البنك من المضاربة ]٢٢٦

الملحق (٤)٢٣٠

[ التخريج الفقهي لبقاء رأس المال وحدّ أدنى من الربح لدى المستثمر ]٢٣٠

الملحق (٥)٢٣٢

[ فوائد الودائع الثابتة ]٢٣٢

المحلق (٦)٢٣٦

[ التخريج الفقهي لتحصيل قيمة الشيك ]٢٣٦

الملحق (٧)٢٤٢

[ العمولة على التحويل ]٢٤٢

الملحق (٨)٢٤٤

[ العمولة على تحصيل الكمبيالة ]٢٤٤

الملحق (٩)٢٥٢

[ التخريج الفقهي لقبول البنك للكمبيالة ]٢٥٢

الملحق (١٠)٢٥٨

[ التخريج الفقهي لخطابات الضمان النهائية ]٢٥٨

الملحق (١١)٢٦٦

[ التخريج الفقهي لفوائد البنك عن بضائع المستوردين ]٢٦٦

الملحق (١٢)٢٧٠

[ التخريج الفقهي للعمولة على خطاب الاعتماد ]٢٧٠

الفهرس ٢٧٢

٢٧٣