شخصيات ومواقف

شخصيات ومواقف0%

شخصيات ومواقف مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 244

  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40362 / تحميل: 7046
الحجم الحجم الحجم
شخصيات ومواقف

شخصيات ومواقف

مؤلف:
العربية

ولمَّا سيطر معاوية على زمام الأُمور ومقاليد الحكم قيل له: لو سكنتَ المدينة، فهي دار الهجرة وبها قبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: قد ضللتُ إذاً وما أنا مِن المُهتدين(١) .

ثمَّ جاء يزيدُ ابنُه مِن بعدُ فهتكها في واقعة الحَرّة - كما سيأتي -.

معاوية في الحديث النبوي:

وأخيراً.. مع بعض النصوص الصريحة في معاوية، نختار غيضاً مِن فيض؛ لتستريح النفوس وتهدأ الضمائر:

* عن عبد الله بن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مِن فَجٍّ، فنظر إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاويةُ وأخوه أحدهما قائد، والآخر سائق، فلمَّا نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(اللَّهمَّ، العنِ القائدَ والسائق والركب) . قيل لابن عمر: أنت سمعتَ رسولَ الله؟! قال: نعم، وإلاَّ فصُمَّتا أُذُناي كما عميتا عيناي(٢) .

* أخرج محمّد بن جرير الطبريّ(٣) : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(يطلع مِن هذا الفَجِّ رجلٌ مِن أُمَّتي، يُحشَر على غير مِلَّتي) . فطلع معاوية.

____________________

١ - المناقب والمثالب، للقاضي نعمان المصري: ٧٠.

٢ - كتاب وقعة صِفِّين: ٢٤٧، وتاريخ الطبري ١١: ٣٥٧. وتذكرة خواصِّ الأمَّة:١١٥. وجمهرة خطب العرب ١: ٤٢٨. وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢:١٠٢.

٣ - في تاريخه ١١: ٣٥٧.

١٠١

* وأخرج البلاذري(١) ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: كنتُ جالساً عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال:(يطلع عليكم مِن هذا الفَجِّ رجل يموت - يوم يموت - على غير مِلَّتي) . قال: وتركتُ أبي يلبس ثيابه، فخشيتُ أنْ يطلع، فطلع معاوية.

* وكتب ابن أبي الحديد المُعتزلي: روى ابن ديزيل عن عبد الله بن عمر، عن زيد بن الحُباب، عن علاء بن جرير العنبري، عن الحكم بن عمير الثُّمالي - وكانت أُمُّه بنت أبي سفيان بن حرب - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ذات يوم...

ثمّ قال:(يا معاوية، كيف بك إذا وُلِّيت؟!) ، قال: الله ورسوله أعلم. فقال:(أنت رأس الحُطْم، ومفتاحُ الظُّلْم، حَصَباً وحَقباً، تتَّخذ الحسَنَ قبيحاً، والسَّيِّئةَ حَسنة، يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، أجَلُك يسير، وظلمك عظيم!) (٢) .

* وقال البراء بن عازب: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(اللَّهمَّ، العنْ التابعَ والمتبوع.. اللَّهمَّ، عليك بالأُقيعس) . فقال ابن البراء لأبيه: مَن الأُقيعس؟ قال: معاوية(٣) .

والأُقيعس: الرجل الذي أخرج صدره، ولعلّه كناية عن التكبّر.

____________________

١ - أنساب الأشراف - الجزء الأوَّل.

٢ - شرح نهج البلاغة ٣: ٩٧.. والحُطم: الأكول الذي لا يشبع.

٣ - كتاب وقعة صِفِّين: ٢٤٤.

١٠٢

* ودعا النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على معاوية وعمرو بن العاص فقال - وقد رفع يديه -:(اللَّهمَّ أركِسْهما رَكْساً، ودُعَّهُما إلى النار دَعَّاً) (١) .

* وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(إنَّ معاوية في تابوت مِن نار في أسفل دركٍ منها..) (٢) .

وعند الصحابة:

وأمَّا الصحابة.. فقد سمَّاه أبو أيُّوب الأنصاري كهف المنافقين(٣) ، وقال له قيس بن سعد بن عبادة: فإنَّما أنت وثنٌ ابنُ وَثن، دخلتَ في الإسلام كرهاً، وخرجت منه طوعاً.

وذمَّه محمَّد بن أبي بكر في كُتبٍ له عديدة(٤) .

وقال له معن بن يزيد بن الأخنس السلميّ - الصحابيّ الذي شهد بدراً -: ما ولدت قرشيَّة مِن قرشيِّ شَرَّاً منك(٥) .

هذا فضلاً عمَّا جاء في مصادر المسلمين، مِن كتب وكلمات للإمام عليّ (عليه السلام) وولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) في ذَمِّ معاوية وبيان مثالبه وجرائمه النكراء في هذا الدين وهذه الأُمَّة(٦) .

____________________

١ - مسندُ أحمد بن حنبل ٤: ٤٢١، وقعة صِفِّين: ٢٤٦.

٢ - تاريخ الطبريّ ١١: ٣٥٧.

٣ - شرح نهج البلاغة ٢: ٢٨٠.

٤ - مروج الذهب ٢: ٥٩، جمهرة رسائل العرب ١: ٥٤٢.

٥ - الإصابة ٣: ٤٥٠.

٦ - على سبيل المثال: شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ٤: ٦، ١٦، والإمامة والسياسة، لابن قتيبة الدينوريّ ١: ١٣١، ونهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا بأس بمُراجعة الغدير ١٠: ١٤٩ - ١٧٧.

١٠٣

واختصاراً للمسافة وتجنّباً للعناء ننصح بمراجعة كتاب (السبعة من السلف) للسيّد مرتضى الفيروزآباديّ من ص١٨٣ إلى ص٢٢٣، فهناك نجد ما يدهش من كتب أهل السنّة فيما جاء من شؤون معاوية.

وأمّا ما كتبه الكاتب المصريّ المعروف (محمود أبو ريّة)، فيحمل حقائقَ تنسجم مع الإنصاف كثيراً، حيث جاء في كتابه ((شيخ المُضيرة أبو هريرة الدوسيّ)) قولُه تحت عنوان: معاوية بن أبي سفيان:

ومعاويةُ مطعون في دينه، وقد كان في الجاهليّة زنديقاً، وأصبح في الإسلام طليقاً(١). ((وقد وَرِث عن أبيه قوّتَه وقسوته، وكيدَه ودهاءه، ومرونته كذلك! ولم تكنْ أمّ معاوية بأقلَّ من أبيه تنكّراً للإسلام وبغضاً لأهله وحفيظةً عليه(٢)، وهم قد وتروها يوم بدر، فثأر لها المشركون يومَ أُحُد، ولكنّ ضغنها لم يهدأ وحفيظتها لم تسكن حتّى فُتِحت مكّة، فأسلمَتْ كارهةً كما أسلم زوجها

____________________

والسياسة، لابن قتيبة الدينوريّ ١: ١٣١ و ١٥٣، ونهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في مواضع عديدة، ولا بأس بمراجعة الغدير ١٠: ١٤٩ - ١٧٧.

(١) أي ممّن أطلقهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعد فتحه مكّة، وهم لاحقّ لهم في الحكم والزعامة؛ لأنّهم طلقاء!

(٢) الحفيظة هي: الغضب، والحميّة.

١٠٤

كارهاً!))(١)، وكما أسلم ابنها معاوية. وهند هذه.. هي التي أغرتْ وحشيّاً بحمزة عمِّ النبيّ حتّى قتله، ثمّ أعتقته، ولمّا قُتِل حمزة بقرت بطنه ولاكتْ كبِدَه، وفعلت فعلاتها بجثّته!

وإذا كان معاوية قد ورث بغضَ عليٍّ عن آبائه، فإنّ هناك أسباباً أخرى تسعر من نار هذا البغض، منها أنّ عليّاً قتل أخاه حنظلة يوم بدر، وخاله الوليد بن عُتبة، وغيرهما كثيرين من أعيان وأماثل عبد شمس. ومن أجل ذلك كان معاوية أشدَّ الناس عداوةً لعليّ، يتربّص به الدوائر دائماً، ولا يفتأ يسعى في الكيد له سرّاً وعلانية، قولاً وعملاً.

معاوية وحروب الجمل:

وقد انتهز معاوية فرصة حروب الجمل، فأخذ يحرّض طلحةَ والزبير وعائشة ويُظاهرُهم، حتّى إذا انتهت هذه الحرب بهزيمة مَن أثاروها، أشعل الحربَ بينه وبين عليٍّ في صٍِفّين وغيرها، ثمّ انتهى الأمر بقتل عليٍّ بمؤامرة. ولا ننسى أنّه لم يبايع عليّاً عندما بُويع له - كما بايع كلُّ الولاة - وخرج عليه.

انصراف معاوية إلى أولاد عليّ بعد قتل أبيهم:

ولم يُشبع نهم الحقد الأُمويّ قتلُ هذا الإمام العظيم، بل صرف معاويةُ كيدَه وبغيه أوّل الأمر إلى الحسن (رضي الله عنه)، الذي كان (معاويةُ)

____________________

(١) عليّ وبنوه لطه حسين: ٦١.

١٠٥

يُزاحمه بحقِّه في الخلافة، وما زال يراوغه بكيده، حتَّى تخلَّص منه بالسمِّ(١) .

ومات معاوية قبل أن يُلحِق الحسينَ بأخيه الحسن، وهما ريحانتا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وترك ذلك لابنه يزيد!)(٢) .

والآن.. إلى وريثه، ولده يزيد.

يزيد بن معاوية:

أمَّا أبوه.. فاشتهر أنَّه معاوية، وأمَّا الأُمُّ.. فميسون، ومَن هي ميسون يا تُرى؟!

هي امرأة مِن بني كلب، وأبوها شيخ كلب كان يُسمَّى (بجدل)، وكان له عبدٌ له اسمه (سفَّاح)، وقد زنى سفَّاح بميسون وهي بنت فحَملت منه، ثمَّ حُملت إلى معاوية فوجدها (ثَيِّباُ). فكان بينهما ما كان، حتَّى نظمت ميسون أبياتاً مِن الشعر، تُعرِب فيها عن رغبتها في العودة إلى أهلها وديارها.

فطلَّقها معاوية وأرسلها إلى (حُوَّارين) فوضعت حملها، وقيل: وضعت ولداً فأسماه معاويةُ (يزيد) على اسم أخيه يزيد بن أبي سفيان.

____________________

(١) سمَّته امرأته جعدة بنت الأشعث بتدسيس معاوية، وكان وعدها بأنْ يزوِّجها مِن يزيد (الاستيعاب لابن عبد البر ١: ١٤٣) (منه).

(٢) شيخ المضيرة أبو هريرة الدوسي، بقلم محمود أبو ريَّة: ١٥٧ - ١٥٨.

١٠٦

هكذا جاء في (تجارب السَّلَف) للعالم السُّنِّي (هندوشاه بن سنجر بن عبد الله صاحبي) - وهو مِن أعلام القرن الثامن الهجري - فقد أورد هذه الأخبار على الصفحة ٦٦، ثمَّ قال بعد ثلاث صفحات: وإلى هذا أشار النسَّابةُ الكلبيّ بقوله:

فإنْ يكنِ الزمانُ أتى علينا بقتل التُّرك والموتِ الوَحِيِّ

فقد قتل الدعيُّ وعبدُ كلبٍ بأرض الطفِّ أولادَ النبيِّ

ومُراده بـ (عبد كلب) يزيدُ بن معاوية؛ لأنّه مِن عبد بجدل الكلبيّ.

نشأة يزيد :

فـ (يزيد) وُلِد في حُوَّارين لأبوين.. ولكنْ كيف نشأ في ديار حوّارين؟ تنقل لنا كتبُ التاريخ أنَّ حُوَّارين مسيحيَّة الأجواء، فنشأ فيها يزيد مع النصارى بعيداً عن نفحات الإسلام، ولم يبقَ في دمشق إلاَّ أيَّاماً قليلة(١) ، وإنَّما ذهب إليها بعد هلاك أبيه معاوية(٢) بعشرة أيَّام(٣) ، فوجده مدفوناً فصلَّى على قبره(٤) .

____________________

١ - معاوية بن أبي سفيان وعصره، لعمر أبو النصر: ٢٨٢.

٢ - الفتوحات المَكِّيَّة، لابن عربي ٤: ٢٦٥.

٣ - دائرة معارف القرن العشرين، لمحمد فريد وجدي ٤: ٧٧١.

٤ - الكامل في التاريخ ٣: ٤٩.

١٠٧

وهنا نترك القلم للبعض يُنصفون يزيدَ بن معاوية في الحديث حول نشأته:

كتب (عبد الله العلايليّ): إذا كان يقيناً أو يُشبه اليقين.. أنَّ تربية يزيد لم تكن إسلاميَّةً خالصة، أو بعبارة أُخرى: كانت مسيحيَّة خالصة، فلم يبقَ ما يُستغرَب معه أنْ يكون مُتجاوزاً مُستهتراً مُستخفَّاً بما عليه الجماعة الإسلاميَّة، لا يحسب لتقاليدها واعتقادها أيَّ حساب، ولا يُقيم لها وزناً. بلْ الذي نستغربه أنْ يكون على غير ذلك(١) .

وكتب عمر أبو النصر: أمَّا أُستاذ يزيد - أو أساتذته إذا كانوا غير واحد - فإنَّهم مجهولون، وقد أسف (لامنس) المُستشرق اليسوعيّ لهذا النقص التاريخيّ(٢) ؛ لأنَّه يعتقد أنَّ أُستاذ يزيد لا يبعُد أنْ يكون مسيحيَّاً مِن مشارقة النصارى(٣) .. خصوصاً يزيد نفسه قد كلَّف كاهناً مسيحيَّاً بتثقيف ولده (خالد)، وهذه ظاهرة تُروِّج إلى أنَّه قد يكون تلقَّى العلم عند واحدٍ منهم(٤) .

____________________

١ - الإمام الحسين (عليه السلام) أو سموُّ المعنى في سموُّ الذات: ٥٩.

٢ - معاوية بن أبي سفيان: ٣٥٩.

٣ - يزيد بن معاوية فرع الشجرة الملعونة في القرآن، للأُستاذ أحمد المَكِّيّ: ٧٤.

٤ - تاريخ الآداب العربيَّة، بقلم المُستشرق (هوار): ٦١. وتاريخ الفلسفة في الإسلام، بقلم المُستشرق ت. ج دي بور (جامعة امستردام)، ترجمة: الدكتور أبو ريده: ٧. ومعاوية بن أبي سفيان: ١٩٠.

١٠٨

أمَّا أصحاب يزيد.. فلا بُدَّ أنَّهم مِن ديار حُوَّارين، مِن النصارى ونُدماء مجالس الخمر واللهو والمجون. دعونا نقرأ ما دوَّنه أبو الفرج الإصبهانيّ، حيث كتب:

إنَّ يزيد كان يُنادم (الأخطل) الشاعر المسيحيَّ الخليع، فكانا يسمعان معاً الغناء، وكانا يشربان معاً الخمر. وإذا أراد يزيد السفر صحِبَه معه.

(والأخطل عليه جُبَّة خَزّ، وفي عنقه سلسلة مِن ذهب، والخمر يقطرُ مِن لحيته)(١) .

ونترك - هنا - تعليلَ السبب في دفاع النصارى - أمسِ واليوم - عن يزيد.. نتركه للأُستاذ عمر أبو النصر، حيث كتب يقول:

لقد حاول مُستشرقو (الفرنجة) في كثيرٍ مِن البراعة والبيان - وما يزالون يُحاولون - الانتصاف ليزيد بن معاوية، والتلويحَ إلى حِلمه وأدبه وعلمه وسياسته ولياقته.. وغيرِ ذلك مِن الفضائل، التي أنكرها عليه مُؤرِّخو العرب.

وقد كان أكثرَهم حرارةً في ذلك الأبُ (لامنس) اليسوعيّ.

ثمَّ قال أبو النصر: ولكنَّ إغراق المُستشرقين لا يُنكر، ونَصفتهم ليزيد بعيدة كلَّ البعد عن الحقيقة الواقعة..(٢) .

____________________

١ - الأغاني ٧: ١٧.

٢ - معاوية بن أبي سفيان: ١٩٧ - ١٩٨.

١٠٩

ولعلَّ أحد أدلَّة ما ذهب إليه أبو النصر.. ما دوَّنه ابن كثير في تاريخه، حيث كتب بصريح العبارة: كان يزيد صاحبَ شراب، فأحبَّ معاوية أنْ يَعِظَه في رفق، فقال له: يا بُنَيَّ، ما أقدرَك على أنْ تصلَ حاجتك مِن غير تهتُّك يذهب بمرؤمتك وقَدْرك، ويشمت بك عدوَّك، ويُسيء بك صديقَك. ثمَّ قال: يا بُنيّ، إنِّي مُنشِدُك أبيتاً فتأدَّبْ بها واحفظْها. فأنشدَه:

انصبْ نهارَك في طِلاب العُلى وأصبرْ على هجر الحبيبِ القريبْ

حتَّى إذا الليل أتى بالدُّجى واكتحلتْ بالغُمضِ عينُ الرقيبْ

فباشِرِ الليلَ بما تشتهي فإنَّما الليلُ نهارُ الأريب

كمْ فاسقٍ تحسَبُه ناسكاً قد باشرَ الليلَ بأمرٍ عجيب

غطَّى عليه الليلُ أستارَهُ فبات في أمنٍ وعيشٍ خصيب

ولذَّة الأحمقِ مكشوفةٌ يسعى بها كلُّ عدوٍّ مُريب(١)

____________________

١ - تاريخ ابن كثير ٨: ٢٢٨.

١١٠

ثمَّ كتب ابن كثير بعد صفحتين فقط: وكان فيه أيضاً - أيْ: في يزيد - إقبالٌ على الشهوات، وترك بعض الصلوات.

سيرته:

ونتركها لأقلام التاريخ تروي أخبارها، متجنبِّين التعليق عليها:

* أخرج الطبريّ عن المنذر بن الزبير أنَّ يزيد بن معاوية بعث إليه بمئة ألفٍ ليشتري منه دْينَه، ويُبايعه لأجلها. فأخذ المنذرُ المالَ وخطب في أهل المدينة وقال - فيما قال -: إنَّه أجازني بمئة ألف، ولا يمنعني ما صنع بي أنْ أُخبركم خبره.. واللهِ، إنّه لَيشرب الخمر. واللهِ، إنَّه ليسكر حتَّى يدعَ الصلاة(١) .

* وذكر المؤرِّخون أنَّ يزيد بن معاوية كان كَلِفاً بالصيد لاهياً به، وكان يُلبِس كلابَ الصيد الأساورَ مِن الذهب والخِلالَ المنسوجة منه، ويهَب لكلِّ كلبٍ عبداً يخدمه(٢) .

* كتب المسعوديّ: وكان يزيد صاحبَ طربٍ وجوارح وكلاب، وقرود وفهود، ومُنادمةٍ على الشراب. وحَبَس ذات يوم على شرابه - وعن يمينه ابن زياد - وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقِية فقال:

____________________

١ - تاريخ الطبريّ ٤: ٣٦٨. ويُراجع أيضاً: الكامل في التاريخ ٤: ٤٥، وتاريخ ابن كثير ٨: ٢١٦.

٢ - الفخري: ٤٥.

١١١

اسقِني شَرْبَةً تُرِّوي مُشاشي ثمَّ مِلْ فاسْقِ مِثلَها ابنَ زيادِ

صاحبَ السرِّ والأمانةِ عندي ولتسديد مَغنمي وجهادي

وغلب على أصحاب يزيد وعمَّاله ما كان يفعله مِن الفسوق. وفي أيَّامه ظَهَر الغناء بمَكَّة والمدينة، واستُعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب، وكان له قردٌ يُكنَّى بأبي قيس، يُحضِره مجلسَ مُنادمته ويُطرَح له مُتَّكأً...

وليزيد وغيره أخبار عجيبة، ومثالب كثيرة، مِن: شرب الخمر، وقتل ابن بنت الرسول، ولَعْن الوصيِّ، وهدم البيت وإحراقه، وسفك الدماء، والفسق والفجور.. وغير ذلكِ ممَّا قد ورد فيه الوعيد باليأس مِن غفرانه، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسُلَه(١) .

وقال البلاذريّ: كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه، ويُكنِّيه (أبا قيس) ويقول: هذا شيخ مِن بني إسرائيل أصاب خطيئةً فمُسخ. وكان يسقيه النبيذَ ويضحك ممَّا يصنع. وكان يحمله على أتانٍ وحشيَّةٍ ويُرسلها مع الخيل فيسبقها، فحمله يوماً وجعل يقول:

تمسَّكْ أبا قيس بفضل عنانها فليس عليها إنْ سقطتَ ضمانُ

____________________

١ - مروج الذهب ٣: ٧٧ - ٨١، مِن فصل: ذكرْ لُمع مِن أخبار يزيد وسيره، ونوادر مِن (بعض) أفعاله.

١١٢

ألا مَن رأى القردَ الذي سبقَتْ به جياد أمير المؤمنين أتانُ(١)

ويروي الزبير بن بكّار ذلك على نحو مِن التفصيل، فيقول:

كان يزيد بن معاوية في مجونه نادم قرداً، فأخذه يوماً فحمله على أتانٍ وحشيَّة، وشَدَّ عليها رباطاً، ثمّ أرسل الخيل في إثْرها حتَّى كسرتها فماتت الأتان، فقال في ذلك يزيد:

تمسَّكْ أبا قيس بفضل عنانها فليس عليها إنْ هلكتَ ضمانُ

فما فعلَ الشيخُ الذي سبقَتْ به جيادَ أمير المؤمنين أتانُ

وبذلك سبَّه أبو حمزة في خُطبته حين يقول: خالفَ القرآن، واتَّبع الكُهَّان، ونادم القرد، وفعل ما يُشبهه، حتَّى مضى لسبيله لعنه الله!(٢)

وقد ذاع بين الناس هيام يزيد وشغفه بالقرود، حتَّى لقَّبوه بها، ويقول رجل مِن تنوخ هاجياً له:

يزيد صديق القرد مَلَّ جوارنا فحنَّ إلى أرض القرودِ يزيدُ

فتبَّاً لِمَن أمسى علينا خليفةً صحابته الأدنَونَ منه قرودُ(٣)

____________________

١ - أنساب الأشراف ٤: ١. ويُراجع أيضاً: مروج الذهب ٣: ٦٧ - ٦٨.

٢ - الأخبار الموفقيَّات ٣٤٦.

٣ - أنساب الأشراف ٤: ٢.

١١٣

* وأكثر شعر يزيد في الخمر والغناء، مثل قوله:

معشرَ الندمان قوموا واسمعوا صوتَ الأغاني

واشربوا كأس مُدامٍ واتركوا ذكْر المثاني(١)

شغلتْني نغمةُ العي دانِ عن صوتٍ الأذانِ

وتعوَّضتُ مِن الحو ر عجوزاً في الدنانِ

وقوله:

عليَّة هاتي واعْلِني وترنَّمي بذلك إنِّي لا أُحبُّ التناجيا

ألا هاتِ سقّيني على ذات قهوةٍ تخيّرها العنسيّ كرماً شآميا

إذا ما نظرنا في أُمورٍ قديمةٍ وجدنا حلالاً شربها متوالي(٢)

* وروى الطبريّ مِن شعر ابن عرادة أنَّ يزيد كان شرَّيباً للخمر طوال حياته، وقد مات بين كأس الخمر وزقِّ الخمر، وبين المُغنِّية وآلة الطرب.. وقد قال:

أ بَني أُميَّةَ إنَّ آخر مُلككم جسدٌ بحُوَّارينَ ثَمَّ مُقيمُ

طرقتْ منيَّته وعند وسادِه كوب وزقُّ راعفٌ مرثومُ

ومرِئّة تبكي على نشوانه بالصنج.. تقعدُ تارةً وتقومً

والزقُّ: قِربة الخمر، وراعف مرثوم أيْ مفتوح لم يُغلق. أمَّا المرئَّة فهي المُغنِّية التي أمست تبكي على سُكر يزيد بضرب الصنج. وقد

____________________

١ - أيْ اتركوا الصلاة، والمثاني هي سورة الحمد التي تُقرأ في الصلاة.

٢ - تذكرة خواصّ الأُمَّة: ١٦٤.

١١٤

ذكر المسعوديّ أنَّ يزيد حينما سمع بمقتل الحسين (عليه السلام) جلس للشراب وعن يمينه عبيدُ الله بن زياد، فقال:

اسقِني شَرْبَةً تُرِّوي مُشاشي ثمّ مِلْ فاسْقِ مِثلَها ابنَ زيادِ

صاحبَ السرِّ والأمانةِ عندي ولتسديد مَغنمي وجهادي

ثمَّ أمر المُغنِّين فغنُّوا(١) .

* وعرَّف الفخريُّ يزيدَ بن معاوية فقال:

يزيد.. هو أوَّل مَن خلقَ الغناء، واستمع إلى المُغنِّيات والمُغنِّين، وجلس مجالس اللهو والعبث، دون غيره وسواه مِن رجالات عصره وكبار زمانه(٢) . أوَّل مَن فعل ذلك، يعني مِن الحكام، مُتجاهراً بهذه المفاسد.

* أخرج ابن قتيبة عن عتبة بن مسعود أنَّه قال في حديثٍ له:

يزيد.. وهو يشرب الخمر، ويلهو بالقيان، ويستهتر بالفواحش(٣) .

وروى البلاذريّ عن المدائنيّ، أنَّ يزيد دعا بأُمِّ خالد (زوجته) لينال منها، فأبطأت عليه، وعرضت له جارية سوداء مِن جواريه فوقع عليها، فلمَّا جاءت أُمُّ خالد أنشأ يقول:

أسْلَمي أُمَّ خالدِ ربَّ ساعٍ لقاعدِ

____________________

١ - مروج الذهب ٣: ٦٧.

٢ - عنه كتاب: معاوية بن أبي سفيان: ٢٨١.

٣ - الإمامة والسياسة ١: ١٦٧.

١١٥

إنَّ تلك التي تَرَيـ ـن سَبتْني بواردِ

(إلى آخر أبياته القذرة الفاحشة، التي هي أولى بها أنْ تُقبَر مِن أن تُذكَر!)(١) .

* وروى أبو الفرج الإصبهاني قائلاً: كان يزيد بن معاوية أوَّل مَن سَنَّ الملاهي في الإسلام مِن الخلفاء، وآوى المُغنِّين، وأظهر الفتك وشرِب الخمر، وكان يُنادم عليها سرجونَ النصرانيّ مولاه، والأخطل - الشاعرَ النصرانيّ - وكان يأتيه مِن المُغنِّين (سائب خاثر) فيُقيم عنده فيخلع عليه..(٢) .

* وقال البلاذري: وكان يزيد بن معاوية أوَّلَ مَن أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد، واتِّخاذَ القِيانِ والغلمان، والتفكُّة بما يَضحك منه المُترفون مِن القرود، والمُعافرةَ بالكلاب والديكة(٣) .

* وقبل أن يهلك معاوية أرسل ولدَه يزيد إلى الحجِّ، وقيل: أخذه معه، فجلس يزيد على شراب...(٤) .

ولمَّا أراد معاوية أنْ يأخذ البيعةَ ليزيد على الناس، طلب مِن زياد ابن أبيه أنْ يأخذ بيعة المسلمين في البصرة، فكان جواب زيادٍ له: ما

____________________

١ - أنساب الأشراف ٤: ٢.

٢ - الأغاني ١٦: ٦٨، وأنساب الأشراف ٤: ٣.

٣ - أنساب الأشراف ٤: ١.

٤ - الأغاني ١٤: ٦١، وتاريخ ابن الأثير ٤: ٥٠.

١١٦

يقول الناس: إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد.. وهو يلعب بالكلاب والقرود، ويلبس المُصبَّغات، ويُدمن الشراب، ويمشي على الدفوف، وبحضرتهمُ الحسينُ بن عليّ، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله ابن الزبير، وعبد الله بن عمر؟! ولكنْ تأمره يتخلَّق بأخلاق هؤلاءِ حَولاً أو حولين، فعسانا أنْ نُموِّه على الناس(١) .

ولمَّا حجَّ معاوية وحاول أنْ يأخذ البيعة مِن أهل مَكَّة والمدينة، فأبى عبد الله بن عمر وقال: نُبايع مَن يلعب بالقرود والكلاب، ويشرب الخمر ويُظهر الفسوق؟!(٢) .

وقال الإمام الحسين (عليه السلام) لمعاوية: كأنَّك تصف محجوباً أو تنعت

____________________

١ - تاريخ اليعقوبي ٢: ٢٢٠.

٢ - تاريخ اليعقوبي: ٢٢٨، وإنْ كان عبد الله بن عمر فيما بعد بايع على يد الحجّاج، بعد أن صلب الحجّاجُ عبد الله بن الزبير، فأقبل عبد الله بن عمر على الحجّاج يقول له: مُدََّ يدك لأُبايعك لعبد الملك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة. فأخرج الحجّاج رِجْلَه وقال: خُذْ رِجْلي؛ فإنّ يدي مشغولة! فقال ابن عمر: أتستهزئ منّي؟! قال الحجّاج: يا أحمق بني عديّ، ما بايعت مع عليّ وتقول اليوم: مَن مات ولم يعرفْ إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة؟! أَوَما كان عليٌّ إمام زمانك؟! والله ما جئت إليَّ لقول النبيّ، بل جئت مخافة تلك الشجرة التي صُلِب عليها ابن الزبير! المسترشد لابن جرير الطبريّ ١٧٧. نثر الدرّ في المحاضرات للآبيّ ٢: ٦٦ - الباب الرابع من كلام الصحابة - عبد الله بن عمر. الفصول المختارة للشيخ المفيد ١٩٧. مروج الذهب للمسعودي ٢: ٣٦١. البصائر والذخائر لأبي حيّان التوحيديّ ج٨ وفيه: قال الحجاج له: أتتخلّف عن بيعة عليّ بن أبي طالب وتبايع عبد الملك؟! بايعْ رجلي؛ فإنّ يدي عنك مشغولة! ومدّ إليه رجْلَه.

١١٧

غائباً، أو تُخبر عمَّا كان احتويته لعلمٍ خاصٍّ، وقد دلَّ يزيد مِن نفسه على موقع رأيه؟! فخُذْ ليزيد في ما أخذ مِن استقرائه الكلاب المُهارَشة عند التحارش، والحَمام السَّبق لأترابهنَّ، والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي.. تجِدْه ناصراً، ودَعْ عنك ما تُحاول(١) .

* نعم , فشُهرة يزيد أطغى مِن أنْ يُمَوَّه عليها. قال ابن كثير: اشتهر يزيد بالمعازف وشرب الخمور والغناء والصيد، واتِّخاذ القيان والكلاب، والنطاح بين الأكباش والدِّباب والقرود. وما مِن يوم إلاَّ ويُصبح فيه مخموراً. وكان يشدُّ القردَ على فرس مُسرَّجةٍ بحبال، ويسوق به، ويُلبس القرد قلانسَ الذهب، وكذلك الغلمان، وكان يُسابق بين الخيل، وكان إذا مات القرد حزن عليه..(٢) .

ومِن هنا رفض الإمام الحسين (عليه السلام) أنْ يُساوم أو يُهادن، فقال مُخاطباً والي المدينة:(إنَّا أهل بيت النبوَّة، ومعدن الرسالة، ومُختلفُ الملائكة ومَهبِطُ الرحمة.. بنا فتح الله وبنا يختم. ويزيدُ رجلٌ شارب الخمر، وقاتل النفس المُحترمة، مُعْلِنٌ بالفِسق، ومثلي لا يُبايع مثْلَه..) (٣) .

وقال (عليه السلام) جواباً لمروان بن الحَكَم:

____________________

١ - الإمامة والسياسة ١: ١٧٠.

٢ - تاريخ ابن كثير ٨: ٤٣٦.

٣ - تاريخ الطبريّ ٧: ٢١٦، والكامل في التاريخ ٣: ٢٦٢.

١١٨

(إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذا بُليتِ الأُمَّةُ براعٍ مثْلِ يزيد! ولقد سمعتُ جَدَّي رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الخلافة مُحرَّمةٌ على آل أبي سفيان، فإذا رأيتُم معاويةَ على منبري فابقروا بطنَه، وقد رآه أهلُ المدينة فلم يبقروا، فابتلاهم الله بـ (يزيد) الفاسق) (١) .

* قال الأُستاذ (محمّد عبد الباقي سرور): لو بايع الحسينُ (يزيدَ) الفاسق المُستهترَ، الذي أباح الخمر والزنا، وحطَّ بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات، وعقد حلقاتِ الشراب في مجلس الحكم، والذي ألبس الكلاب والقرودَ خلاخلَ مِن ذهب، ومئاتُ الألوف مِن المسلمين صرعى الجوع والحرمان.. لو بايعَ الحسينُ يزيدَ على هذا الوضع، لكانت فُتيا مِن الحسين بإباحة هذا للمسلمين..(٢) .

لقد ثار أبو عبد الله الحسين (عليه السلام)، فشرَّع حكم الجهاد في ذلك الوقت على حكم بني أُميَّة قاطبة، وعلى يزيد بالذات. فاندلعت

____________________

١ - مقتل الحسين (عليه السلام)، للخوازميّ ١: ١٨٥. والملهوف على قتلى الطفوف، لابن طاووس: ٢٠، وفي (معاني الأخبار ص ٣٤٦): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال - مُشيراً إلى معاوية -:(مَن أدرك هذا يوماً أميراً، فليبقرْ خاصرته بالسيف!) ، فرأى رجلٌ معاوية يَخطب بالشام، فاخترط سيفه ومشى إليه، فحال الناس بينه وبينه، قالوا: يا عبد الله، مالك؟! قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:(مَن أدرك هذا يوماً أميراً، فليبقر خاصرته بالسيف) ! قالوا: أتدري مَن استعمله؟! - أيْ: مَن جعله عامله على الشام -، قال: لا، قالوا: أمير المؤمنين عمر!

٢ - الثائر الأوَّل في الإسلام: ٩٧.

١١٩

الثورات بعد واقعة كربلاء، وسرَت روح الثورة والجهاد والمُقاومة في نفوس الأحرار، ولم يهدأ للأُموييِّن بال حتَّى اندثرت دولتُهم.

وكان ممَّن نهض في وجه الطاغية يزيد.. عبدُ الله بن غسيل الملائكة حنظلة، فخطب في أهل المدينة خُطبةً قال فيها:

فوالله، ما خرجنا على يزيد حتَّى خِفْنا أنْ نُرمى بالحجارة مِن السماء! إنَّ رجلاً ينكح الأُمَّهاتِ والبناتِ والأخَوات، ويشرب الخمر، ويدَع الصلاة.. واللهِ، لو لم يكن معي أحدٌ مِن الناس لأبليت للهِ فيه بلاءً حسَناً!!

وقد ذكر هذه الخُطبةَ ابنُ الأثير في الكامل ٣: ١١٧، وابن حجر في الصواعق المُحرقة: ١٣٢، وأخرج الخبرَ عن الواقدي مِن طُرق عديدة وقال: وخرج على يزيد غيرُ واحد، ولم يُبارك اللهُ في عُمُره.

وذكر الخبرَ - أيضاً - ابنُ سعد في الطبقات ٥: ٤٧ فروى عن غير واحد أنَّهم قالوا: لمَّا وثب أهلُ المدينة ليالي الحَرَّة، فأخرجوا بني أُميَّة عن المدينة، وأظهروا عيب يزيد بن معاوية وخلافتِه، أجمعوا على عبد الله بن حنظلة، فأسندوا أمرَهم إليه فبايعهم على الموت، وقال: يا قوم، اتَّقُوا الله وحدَه لا شريك له! فواللهِ، ما خرجنا على يزيد حتَّى خِفْنا أنْ نُرمى بالحجارةِ مِن السماء!.. إنَّ رجلاً ينكح الأُمَّهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة. والله، لو لم يكن معي واحد مِن الناس لأبليتُ لله فيه بلاءً حسناً!! فتواثب الناس يومئذٍ

١٢٠