الشيعة وفنون الاسلام

الشيعة وفنون الاسلام0%

الشيعة وفنون الاسلام مؤلف:
الناشر: دار المعلم للطباعة
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 184

الشيعة وفنون الاسلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد حسن الصدر
الناشر: دار المعلم للطباعة
تصنيف: الصفحات: 184
المشاهدات: 65432
تحميل: 6562

توضيحات:

الشيعة وفنون الاسلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 184 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65432 / تحميل: 6562
الحجم الحجم الحجم
الشيعة وفنون الاسلام

الشيعة وفنون الاسلام

مؤلف:
الناشر: دار المعلم للطباعة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

كتاب سقاة العرب، كتاب غرائب المجالس، كتاب الترجمان، كتاب سعد المديح، كتاب حد البخل، كتاب الهجاء، كتاب المطايا، كتاب الشجر والنباتات، كتاب الإعراب، كتاب اللغة، كتاب أشعار الحراب، كتاب عرائس المجالس، كتاب غريب شعر زيد الخيل، كتاب شرح قصيدة نفطويه في غريب اللغة، وكتاب أشعار الحواري وشعر زيد الخيل الطائي، مات سنة عشرين وثلاثمئة.

ومنهم: الإسكافي محمد بن أبي بكر همام بن سهل المشهور بالكاتب الإسكافي، من شيوخ الشيعة، مقدّم في كل فنون العلم صنف في الكل، له ترجمة طويلة في الكتب الموضوعة في أحوال الرجال لأصحابنا، كان تولّده في يوم الاثنين سابع ذي القعدة من شهور سنة ثمان وخمسين ومئتين، وتوفّي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثلاثمئة.

ومنهم: الخازن أبو محمد عبد الله بن محمد الكاتب الأصفهاني الشاعر المشهور، كان خازناً للصاحب بن عباد وكاتباً له، وفي نسمة السحر في ذكر من تشيّع وشعر له ترجمة حسنة.

ومنهم: أبو بكر الصولي الكاتب المشهور بلعب الشطرنج، نصّ على تشيّعه في رياض العلماء في ترجمته، وله ترجمة حسنة في تاريخ ابن خلكان.

قال: وتوفّي الصولي المذكور سنة خمس، وقيل ست وثلاثين وثلاثمئة بالبصرة مستتراً؛ لأنّه روى خبراً في حق علي بن أبي طالب عليه السلام فطلبه الخاصة والعامة لتقتله فلم تقدر عليه.

١٢١

قلت: وما هذا يشهد بصحة ما قاله رشيد الدين بن شهرآشوب المازندراني في كتابه معالم العلماء الشيعة أنّ الصولي المذكور كان من المتقين في شعره لأهل البيت.

منهم إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول تكين الصولي، وهو عم والد أبي بكر الصولي محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس المذكور قبله، كان أنعت الناس للزمان وأهله غير مدافع، وأشعر نظرائه الكتاب، ذكره رشيد الدين بن شهرآشوب في معالم العلماء الشيعة في الشعراء المتكلفين في مدح أهل البيت.

وحكى ابن خلكان عن كتاب الورقة أنّه اتصل بذي الرياستين الفضل بن سهل، ثم تنقل في أعمال السلطان ودواوينه إلى أن توفّي وهو يتقلّد ديوان الضياع والنفقات بسر مَن رأى للنصف من شعبان سنة ثلاث وأربعين ومئتين.

قال دعبل بن علي الخزاعي: لو تكسّب إبراهيم بن العباس بالشعر لتركنا في غير شيء، انتهى ما عن كتاب الورقة.

ومنهم: أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي الكاتب كان يتوكل للقاسم بن عبيد الله ولولده، وصحب أبا عبد الله محمد بن الجراح ويروي عنه، وله مجالسات وأخبار.

وذكره الخطيب في تاريخ بغداد ونصّ على تشيّعه وأنّه المعروف بحمار عزير، حكاه ياقوت في ترجمة أبي العباس المذكور، وأطال في حكايته وأخباره ومجالساته، وذكره ابن النديم في الفهرست، وقال توفّي سنة ٣١٩، وقال ياقوت توفّي سنة ٣١٤.

١٢٢

وله من الكتب كتاب المبيضة في أخبار مقاتل آل أبي طالب، وكتاب الأنواء، وكتاب مثالب أبي خراش، وكتاب أخبار سليمان بن أبي شيخ، وكتاب الزيادات في أخبار الوزراء، وكتاب أخبار بن عدي، وكتاب رسالته في بني أمية، وكتاب أخبار أبي نواس، وكتاب أخبار ابن الرومي، والاختيارات من شعره، وكتاب رسالته في تفضيل بني هاشم وأوليائهم وذم بني أمية وأتباعهم، وكتاب رسالته في أمر ابن المحرز المحدث، وكتاب أخبار أبي العتاهية، وكتاب المناقضات، وكتاب أخبار عبد الله بن معاوية بن جعفر.

ومنهم: أبو القاسم جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب أحد مشايخ الكتاب وعلمائهم، وكان وافر الأدب حسن المعرفة، مات سنة ٣١٩ تسع عشرة وثلاثمئة.

وسيأتي ذكر ولده قدامة بن جعفر الكاتب في صحيفة علم البديع.

ومنهم: الشيخ أبو بكر الخوازرمي محمد بن العباس شيخ الأدب وعلاّمة عصره في علوم العرب، قال الثعالبي في ( اليتيمة ) عند ذكره: نابغة الدهر، وبحر الأدب، علم النظم والنثر، وعالم الظرف والفضل، كان يجمع بين الفصاحة والبلاغة، ويحاضر بأخبار العرب وأيامها ودواوينها، ويدرّس كتاب اللغة والنحو والشعر، ويتكلّم بكل نادرة ويأتي بكل فقرة ودرة، ويبلغ في محاسن الأدب كل مبلغ، إلى آخر كلامه الحسن.

توفّي أبو بكر في شهر رمضان سنة ٣٨٣ هـ.

ومن شعره المحكي في معجم البلدان في لفظة آمل:

١٢٣

بآمل مولدي وبنو جرير

فأخوالي ويحكي المرء خاله

فها أنا رافضيّ عن تراث

وغيري رافضي عن كلاله

ومنهم: أبو الفضل بديع الزمان أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الهمذاني، أحد أركان الدهر، وشهرته تغني عن نقل ما ذكره العلماء في ترجمته نصّ الشيخ أبو علي في منتهى المقال على أنّه من الشيعة الإمامية وأنّه أوّل مَن أسّس وضع المقامات مات سنة ٣٧٨.

ومنهم: القناني أبو الحسن الكاتب، من أئمّة اللغة والنحو والأدب، صنّف كتاب نوادر الأخبار وكتاب طرق خبر الولاية ثلاثة عشر وأربعمئة، وله ترجمة حسنة في كتاب فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي، وفهرست النجاشي، ذكرتها في الأصل.

ومنهم: فخر الكتّاب أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الأصفهاني الكاتب المعروف بالطغرائي؛ لأنّه كان يكتب الطغراء في ديباجة الأحكام السلطانية لما كان وزير السلطان مسعود بن محمد السلجوقي بالموصل وقتل مظلوماً، قتله أخو السلطان مسعود المذكور سنة ٥١٥ خمس عشرة وخمسمئة.

وله في كتب أصحابنا ترجمة طويلة كرياض العلماء وطبقات الشيعة للمرعشي وكتاب أمل الآمل للشيخ الحر العاملي، وهو صاحب لامية العجم نظمها ببغداد سنة خمس وخمسمئة، وعمره حينئذ سبع وخمسون سنة، وقد أخرجها ابن خلكان في ترجمته وذكرت شروحها في الأصل.

١٢٤

ومنهم: سعد بن أحمد بن مكي النيلي المؤدّب الكاتب المعروف والشاعر الموصوف، عالم بالأدب والنحو واللغة، ذكره العماد الكاتب قال:

وكان عالياً في التشيّع، حالياً بالتورّع، عالماً بالأدب، معلماً في المكتب، مقدماً في التعصّب، ثم أسنّ حتى جاوز حد الهرم وذهب بصره، وعاد وجوده شبيه العدم وأناف على التسعين، وآخر عهدي به في درب صالح ببغداد سنة ٥٩٢ ثم نقل قطعة من شعره.

ومنهم: ابن زيادة أبو طالب يحيى بن أبي الفرج سعيد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن قزعلي بن زيادة الشيباني الكاتب البغدادي.

قال ابن خلكان: من الأماثل والصدور والأفاضل، انتهت إليه المعرفة بالكتابة والإنشاء والحساب، مع مشاركة في الفقه وعلم الأصول، وغير ذلك، وذكره في نسمة السحر فيمَن تشيّع وشعر، وأثنى عليه غاية الثناء مات سنة أربع وسبعين وخمسمئة، ودُفن عند الإمام أبي الحسن موسى الكاظم كما في كتاب ابن خلكان وكان مولده في صفر سنة ٥٢٢.

ومنهم: علي بن عيسى الإربلي بن أبي الفتح الصاحب بهاء الدين الأمير فخر الدين الإربلي المنشئ الكاتب البارع ذكره ابن شاكر في فوات الوفيات كما ذكرنا، ثم قال له شعر وترسّل، وكان رئيساً، كتب لمتولي إربل ابن صلابا، ثم قدم بغداد وتولّى ديوان الإنشاء أيام علاء الدين صاحب الديوان مات سنة ٦٩٢.

قلت: وهو صاحب كتاب كشف الغمّة في إمامة الأئمّة المطبوع بإيران، وله قبر يزار في الجانب الغربي.

١٢٥

ومنهم: علاء الدين الكندي علي بن المظفر صاحب ( التذكرة ) في خمسين مجلداً، ذكره في نسمة السحر فيمَن تشيّع وشعر، وقال ابن شاكر في فوات الوفيات: الأدب البارع المقري المحدّث الكاتب المنشئ علاء الدين الكندي كاتب ابن وداعة المعروف بالوداعي ولد في سنة ٦٤٠ هجرية.

وتوفّي سنة ست عشرة وسبعمئة ونصّ أيضاً على تشيّعه هو والصفدي في تاريخه.

١٢٦

الفصل الحادي عشر

في تقدّم الشيعة في علم المعاني والبيان والفصاحة والبلاغة

وفيه صحائف

الصحيفة الأُولى

في أوّل مَن وضعه وأسّسه وصنّف فيه

وهو الإمام المرزباني أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبد الله المرزباني الخراساني البغدادي، صنّف فيه كتابه المسمّى بالمفصّل في علم البيان والفصاحة.

قال ابن النديم في الفهرست: وهو نحو ثلاثمئة ورقة.

وقال الحافظ السيوطي: أوّل مَن صنّف فيه عبد القاهر الجرجاني، وأنت خبير أنّ أبا عبد الله المرزباني توفّي سنة ٣٧٨ ثمان وسبعين وثلاثمئة، ووفاة الشيخ عبد القاهر الجرجاني سنة ٤٤٤ أربع وأربعين وأربعمئة، وقد ذكر اليافعي في تاريخه عند ترجمته للمرزباني المذكور أنّه أخذ عن ابن دريد وابن الأنباري العلوم الأدبية، قال وهو صاحب التصانيف المشهورة والمجاميع الغريبة ورواية الأدب، وصاحب التأليفات الكثيرة، ثقة في الحديث قائل بمذهب التشيّع، وشعره قليل لكنّه من الجيّد، ثم نقل قطعة

١٢٧

من شعره، وذكره ابن خلكان بعين ما ذكره اليافعي حتى النص على تشيّعه، ووصفه في كشف الظنون بالعلاّمة عند ذكره لكتابة أخبار المتكلّمين، وترجمته في الأصل مفصّلة، وأخرجت تمام فهرس مصنّفاته، وذكرت أنّ تولّده كان في جمادى الآخرة سنة ٢٩٧ سبع وتسعين ومئتين ووفاته كانت يوم الجمعة ثاني شوال سنة ٧٨ ثماني وسبعين، وقيل أربع وثمانين وثلاثمئة ببغداد في الجانب الشرقي، وصلّى عليه الشيخ أبو بكر الخوارزمي رضي الله عنهما.

وأيضاً تقدّم على الشيخ عبد القاهر في ذلك من الشيعة محمد بن أحمد الوزير ابن محمد الوزير أبو سعيد العميدي المتوفّى سنة ٤٢٣ ثلاث وعشرين وأربعمئة، صنّف كتابه ( تنقيح البلاغة ) كما في كشف الظنون أيضاً، وذكره منتجب الدين بن بابويه في فهرست أسماء المصنّفين من الشيعة الإمامية.

وذكره ياقوت وقال: نحوي لغوي أديب مصنّف سكن مصر وتولى ديوان الإنشاء وعزل عنه ثم ولي ديوان الإنشاء وصنّف تنقيح البلاغة وكتاب العروض والقوافي وغير ذلك، مات يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمئة، انتهى.

والأصحّ في وفاته ما ذكرنا وقد تقدّم ذكره في الكتاب.

الصحيفة الثانية

في بعض الكتب التي صنّفتها الشيعة

في علم المعاني والبيان بعد المؤسّس

مثل كتاب ( تجريد البلاغة ) للمحقّق البحراني ميثم بن علي بن ميثم

١٢٨

المعاصر للسكاكي صاحب ( المفتاح ) وقد تقدّم ذكره في متكلّمي الإمامية.

وشرح تجريد البلاغة للفاضل السيوري المقداد بن عبد الله من أعلام علماء الشيعة سمّاه ( تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة ).

ومثل ( شرح المفتاح ) للشيخ حسام الدين المؤذني فرغ من الشرح المذكور سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بجرجانية خوارزم، وقد ذكره في ( كشف الظنون ) لكن لم يعرف عصر مصنّفه لأنّه لم يترجم إلاّ في كتب أصحابنا.

ومثل ( شرح المفتاح ) للشيخ عماد الدين يحيى بن أحمد الكاشي، قال في ( رياض العلماء ) كان من مشايخ أصحابنا، جامعاً لفنون العلم.

قال: وذكره بعض تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة في ذكر أسامي مشايخ الشيعة، ولم أعرف تواريخه انتهى بحروفه.

قلت: وذكره صاحب ( تذكرة المجتهدين من الإمامية ) وذكر له الشرح المذكور ولم يذكر تاريخه، وكذلك صاحب ( كشف الظنون ) ذكره ولم يعرف تاريخه.

وشرح المفتاح للشيخ الإمام العلاّمة ملك العلماء المحقّقين، قطب الملّة والدين، محمد بن محمد الرازي أبي جعفر البويهي، من أولاد ابن بابويه القمّي، كما في ( رياض العلماء ) ونصّ على شرحه للمفتاح في ( أمل الآمل ) وله في الأصل ترجمة مفصّلة، مات سنة ٧٦٦ هـ.

١٢٩

الصحيفة الثالثة

في علم البديع

اعلم أنّ أوّل مَن فتق البديع ابن هرم إبراهيم بن علي بن سلمة بن هرمة شاعر أهل البيت، له ترجمة في الأصل، وأوّل مَن صنّف فيه اثنان متعاصران لا يعلم السابق منهما، وهما قدامة بن جعفر الكاتب وعبد الله بن المعتز.

قال صفي الدين الحلّي في صدر شرحه بديعيته ما لفظه وكان جملة ما جمع ابن المعتز منها سبعة عشر نوعاً، ومعاصره قدامه بن جعفر الكاتب فجمع منها عشرين نوعاً، توارد معه على سبعة منها وسلم له ثلاثة عشر فتكامل لهما ثلاثون نوعاً ثم اقتدى بهما الناس في التأليف، انتهى بحروفه.

لقدامة بن جعفر الشيعي نقد الشعر المعروف بنقد قدامة فلم تتحقّق لابن المعتز إلاّ السبق بالتسمية بالبديع وقد تبيّنا في خبره في صدر كتابه بأنّه ما جمع قبلي فنون الأدب أحد، ولا سبقني إلى تأليفه مؤلّف حسبما أمر الله سبحانه بالتبيين في خبر مثله فلم نجد له صحّة.

١٣٠

الفصل الثاني عشر

في تقدّم الشيعة في علم العروض

وفيه صحائف

الصحيفة الأُولى

في أوّل مَن وضع علم العروض

هو الخليل بن أحمد المتقدّم ذكره في فصل علم اللغة، ولا خلاف في أنّه هو أول مَن استخرج العروض، وحصن به أشعار العرب حتى صار يعرف بالعروضي، ولو أردنا ذكر مَن نصّ على ذلك من أهل العلم لطال المقام، وقد أخرجنا شيئاً من ذلك في الأصل.

ودعوى ابن فارس في الصاحبي أنّ علم العروض كان قديماً، ثم أتت عليه الأيام، وقلّ في أيدي الناس ثم جدّده الخليل مستدلاً بقول الوليد بن المغيرة في القرآن، لقد عرضت ما يقرأه محمد على أقراء الشعر هزجه ورجزه وكذا وكذا، فلم أره يشبه شيئاً من ذلك لا يساعد عليها أثر ولا تاريخ ولا استنباط صحيح.

وإنّما هو حدس منه وتخمين تفرّد به لا اعتبار به عند أهل العلم بالأخبار وإنّما كان الوليد يعرف قوافي الشعر بطبعه وغريزته، كما كان يعرف العربية كذلك، وهذا غير العلم الذي حصر أقسامه الخليل في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً.

١٣١

هذا حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتاب التنبيه يقول: وبعد، فإنّ دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل، وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه، ولا عن مثال تقدّمه احتذاه، إلى آخر كلامه المنقول في الأصل.

وقال أبو الفرج محمد بن إسحاق ابن أبي يعقوب النديم عند ذكره للخليل: وهو أوّل مَن استخرج العروض وحصن به أشعار العرب.

وقال ابن قتيبة عند ذكره: هو صاحب العروض.

قال أبو بكر الزبيدي في أول كتاب استدراك الغلط: والخليل بن أحمد أوحد العصر، وقريع الدهر، وجهبذ الأُمّة، وأستاذ أهل الفطنة، الذي لم ير نظيره، ولا أعرف في الدنيا عديله، إلى أن قال: ثم ألّف على مذهب الاختراع وسبيل الإبداع كتاب الفرش والمثال في العروض، فحصر بذلك جميع أوزان الشعر وضم كل شيء منه إلى حيّزه، وألحقه بشكله، وأقام ذلك عن دوائر أعجزت الأذهان وبهرت الفطن وغمرت الألباب.

وقال عبد الواحد في مراتب النحويين: وأبدع الخليل بدائع لم يسبق إليها، إلى أن قال: واختراعه العروض وأحدث أنواعاً من الشعر ليست من أوزان العرب.

وقال ابن خلكان في ترجمته: وهو الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود إلى آخر كلامه.

وقال العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف ابن المطهر الحلّي في الخلاصة

١٣٢

الخليل بن أحمد كان أفضل الناس في الأدب، وقوله حجّة فيه، اخترع العروض، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان إمامي المذهب، انتهى بحروفه.

ولو أردنا نقل كلمات علماء الأدب في النص على ذلك لطال المقام وفيما ذكرنا كفاية للمرام.

الصحيفة الثانية

في أوّل مَن صنّف في علم العروض بعد الخليل

فاعلم أنّ ذلك هو أبو عثمان المازني بكر بن حبيب النحوي (رضي الله عنه) المتوفّى سنة ٢٤٨ هـ، كان من غلمان إسماعيل بن ميثم إمام المتكلّمين في الشيعة، كما نصّ عليه أبو العباس المبرّد.

وقال أبو العباس النجاشي في كتاب أسماء المصنّفين من الشيعة: كان سيد أهل العلم بالنحو والعربية واللغة بالبصرة، وتقدّمه مشهور بذلك.

وذكره جمال الدين ابن المطهّر في الخلاصة بنحو ما ذكره النجاشي وأنّه من العلماء الإمامية.

وقال السيوطي في الطبقات: كان إماماً في العربية، متسعاً في الرواية، يقول بالإرجاء، وكان لا يناظره أحد إلاّ قطعه لقدرته على الكلام، وقد ناظر الأخفش في أشياء فقطعه.

وقال المبرد لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان، وله من التصانيف كتاب في القرآن، وكتاب علل النحو، كتاب تفاسير، كتاب سيبويه، كتاب ما يلحن فيه العامة، كتاب الألف واللام، كتاب التصريف،

١٣٣

كتاب العروض، كتاب القوافي، كتاب الديباج، نصّ على هذه الكتب ابن النديم والسيوطي والحموي وغيرهم وكتاب عروض أبي عثمان المازني، ذكره في كشف الظنون أيضاً.

الصحيفة الثالثة

في الكتب المؤلّفة فيه للشيعة غير ما تقدّم

كتاب الإقناع في العروض لكافي الكفاة الصاحب بن عباد المتقدّم ذكره، كتاب صنعة الشعر في العروض والقوافي للخالع المشهور الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين الرافعي المعروف بالخالع، المتوفّى في أثناء المئة الرابعة، له ترجمة مفصّلة في الأصل من الإمامية، وكتاب عيار الشعر، وكتاب تهذيب الطبع، وكتاب العروض، جميعاً للشريف أبي الحسن محمد بن أحمد الطباطبائي الأصفهاني، كما في نسمة السحر في ذكر مَن تشيّع وشعر.

كان تولّده سنة ٣٢٢ هـ، وذكره في معاهد التنصيص وأثنى عليه، وذكر كتاب العروض له وقال: لم يسبق إلى مثله.

وهو صاحب الأبيات المشهورة في حسن التعليل:

يا مَن حكى الماء فرط رقته

وقلبه في قساوة الحجرِ

يا ليت حظّي كحظ ثوبك من

جسمك يا واحداً من البشرِ

لا تعجبوا من بلى غلالته

قد زرّ أزراره على القمرِ

وكتاب العروض والقوافي لمحمد بن أحمد الوزير المتقدّم ذكره في

١٣٤

الكتاب، وكتاب الكافي في علم العروض والقوافي، وكتاب نظم العروض للسيد أبي الرضا فضل الله الراوندي (رضي الله عنه) كان حيّاً سنة ٥٤٨ هـ، له ترجمة حسنة في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة.

ورسالة العروض والقوافي للحكيم الأنوري الشاعر المتوفّى سنة انقراض الدولة العباسية.

وكتاب العروض لملك النحاة، وهو صاحب العمدة في النحو المذكورة في كشف الظنون، نصّ على تشيّعه عند ذكرها، وسيأتي ذكره في أئمّة علم النحو إن شاء الله.

والإكليل التاجي في العروض، وقرّة عين الخليل في شرح النظم الجليل لابن الحاجب، وشرح قصيدة صدر الدين الساوي في العروض، جميعاً للشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي صاحب كتاب الرجال المعروف بابن داود تلميذ السيد ابن طاووس المتقدّم ذكرهما في صحيفة علماء الجرح والتعديل.

١٣٥

الفصل الثالث عشر

في تقدّم الشيعة في فنون الشعر في الإسلام

فإنّهم سبقوا إلى أشياء فاستحسنها الشعراء واتبعوهم فيها، فأوّل مَن نبغ في صدور الإسلاميين منهم الفرزدق، قال جرير: الفرزدق نبعة الشعر في يده. يعني أشعر الإسلاميين.

وإن تقدّمه من شعراء الشيعة النابغة الجعدي الذي يقول بصفّين:

قد علم المصران والعراق

أنّ عليّاً فحلها العتاق

أبيض جحجاح له رواق

وأُمّه غال بها الصداق

أكرم مَن شدّ به نطاق

أن الأولى جاروك لا أفاقوا

لهم سباق ولكم سباق

قد علمت ذلكم الرفاق

سقتم إلى نهج الهدى وساقوا

إلى التي ليس لها عراق

وكعب بن زهيرة صاحب بانت سعاد الذي يقول:

صهر النبي وخير الناس كلّهم

فكل مَن رامه بالفخر مفخور

صلّى الصلاة مع الأُمّي أولهم

قبل العباد وربّ الناس مكفور

ولبيد بن ربيعة العامري المذكور في رياض العلماء في شعراء الشيعة، وأبو الطفيل عامر بن وائلة الصحابي الشاعر المشهور، قال أبو الفرج

١٣٦

الأصفهاني: كان من وجوه الشيعة وأبو الأسود الدؤلي، قال ابن بطريق في العمدة: هو من بعض الفضلاء الفصحاء من الطبقة الأُولى من شعراء الإسلام وشيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وليس في المولدين أشهر أسماً من الحسن أبي نواس ثم أبي تمام حبيب والبحتري فقد أخملا في زمانهما خمس مئة شاعر كلّهم مجيد كما في عمدة ابن رشيق حتى قال الشاعر:

إن تكن فارساً فكن كعليٍّ

أو تكن شاعراً فكن كابن هاني

وأوّل مَن قيل لشعره سلسلة الذهب هو البحتري، وأوّل مَن قيل فيه صيقل المعاني أبو تمام، وهو أوّل مَن بوّب مختاراته من شعر العرب على ثمانية أبواب أوّلها الحماسة ويتبعهما في الاشتهار ابن الرومي والكل من الشيعة تراجمهم في الأصل وفي طبقة أبي نواس من فحول شعراء أصحابنا أبو الشيص والحسين بن الضحاك الخليع ودعبل ونظراء هؤلاء.

وفي طبقة حبيب والبحتري من فحول شعراء أصحابنا ديك الجن وهو شاعر الشام، قصد داره دعبل الخزاعي فكتم نفسه عنه خوفاً من قوارصه ومشارته، فقال دعبل: ماله يستتر وهو أشعر الجن والإنس، أليس هو الذي يقول:

بها غير معلول فداو خمارها

وصل بعشيات الغبوق ابتكارها

ونل من عظيم الردف كل عظيمة

إذا ذكرت خاف الحفيظان نارها

فظهر إليه واعتذر له وأحسن نزوله.

وهما ممّن لم ينتجعا بشعرهما خليفة ولا أميراً ولا غيرهما وتقدّما بهذا الشرف على طبقتهما.

١٣٧

وهم أول الإسلاميين اختراعاً وتوليداً للمعاني.

قال ابن رشيق وأكثر المولدين اختراعاً وتوليداً فيما يقول الحذاق أبو تمام وابن الرومي، قلت: أبو تمام صيقل المعاني ولابن الرومي معان لم يسبق إليها يغوص على المعاني النادرة ويستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقى فيه بقيّة، اشتهر بالتوليد في الشعر ولد ببغداد سنة ٢٢١ وتوفى سنة ٢٨٣ والكميت بن زيد المضري الأسدي قال ابن عكرمة الضبي لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ولا للبيان لسان وقال أبو مسلم الهرا لما سئل عن الكميت: ذاك أشعر الأوّلين والآخرين، قلت: وفي العيان ما يغني عن الخبر هذه الهاشميات قد طبعت جديداً بمصر.

وأوّل مَن أطال المدح كثير، قال ابن رشيق: وكان ابن أبي أسحق وهو عالم ناقد ومتقدّم مشهور يقول أشعر الجاهلية مرقش وأشعر الإسلاميين كثير، قال ابن رشيق: وهذا غلو مفرط غير أنّهم مجمعون على أنّه أوّل مَن أطال المديح قلت فالتقدّم في ذلك للشيعة.

وأوّل مَن أكثر في معنى واحد هو السيد الحميري، قال ابن المعتز في التذكرة: وكان للسيد الحميري أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمئة قصيدة لأبيها نظم كلما سمعه في فضل علي ومناقبه ما مثله في نظم الحديث وكل قصائده طوال قال: وكان شيعيّاً مجاهراً مع أنّ أبويه لم يكونا على ذلك من حمير الشام قال صبّت عليّ الرحمة صبّاً فكنت كمؤمن آل فرعون، مات سنة ١٧٣ وقيل ١٩٣ وقيل تسع وتسعين ومئة.

واعلم أنّ الذين أنفذوا شعرهم في معنى واحد وهو مديح أهل البيت

١٣٨

ونظم مناقبهم في الشيعة جماعة من قدماء الشعراء والمحدثين ذكرتهم في الأصل.

ومنهم: مَن كان فرد زمانه فيما ابتكر من المجون كابن الحجاج الحسين بن أحمد الكاتب البغدادي فإنّه لم يسبق إلى تلك الطريقة مع عذوبة الألفاظ وسلامة شعره من التكلّف ديوانه عشر مجلدات انتخب منه السيد الشريف الرضي ما سمّاه الحسن من شعر الحسين ورتّبه بديع الأسطرلابي الشاعر هبة الله بن الحسن على أحد وأربعين ومئة باب وجعل كل باب في فن من فنون الشعر وسمّاه درة التاج في شعر ابن الحجاج، مات ابن الحجاج سنة ٣٩١ ودفن بمشهد موسى بن جعفر (ع) ومات الأسطرلابي سنة ٤٣٤.

وأوّل مَن أخترع الموشّح المضمّن صفي الدين الحلّي الشاعر الوحيد المتوفّى سنة ٧٥٠ هـ، لم يسبق إليه جمع ديوانه هو في ثلاث مجلّدات كله من الجيّد وعداده في الكاملين.

وأول مكثر مجيد السيد الشريف الرضي أخو المرتضى وهو أوّل مَن قيل فيه أشعر قريش وأشعر الطالبين لا يذكر معه شاعر لا من المتقدّمين ولا من المتأخّرين.

ومن حسناته (رض) مولاه مهيار الديلمي كان أحد أفراد الدهر ديوانه أربع مجلدات كله من الجيد الذي لا يبارى، وله ابن مثله في الفضل ذكره في دمية القصر وهو صاحب الحائية التي يقول فيها:

يا نسيم الريح من كاظمة

شدّ ما هجت الجوى والبرحا

واسمه أبو عبد الله الحسين بن مهيار بن مرزويه الكسروي وكانت وفاة مهيار سنة ٤٢٨ هـ.

١٣٩

ومنهم: مَن يشهد له المتنبي بالتقدّم والتبرّز ويتحامى جانبه فلا يبرز لمبارزته ولا يجترئ على مجاراته وهو أبو فراس الحرث بن حمدان لم يذكر معه شاعر إلاّ أبا الطيب وحده، وقد سمعت شهادته له حكاها الثعالبي في اليتيمة، وحكى عن الصاحب ابن عباد أنّه قال بدئ الشعر بملك وختم بملك يعني امرؤ القيس وأبا فراس المتوفّى سنة ٣٢٠ هـ.

ومنهم: أشعر أهل المغرب على الإطلاق بالاتفاق وهو أبو القاسم محمد بن هاني الأندلسي المغربي الإمامي المقتول سنة ٣٦٢، قال ابن خلكان: وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدّميهم ولا من متأخّريهم بل هو أشعرهم على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة وكانا متعاصرين.

ومنهم: الملقّب بكشاجم مأخوذة من أربع كلمات الكاتب الشاعر المتكلم المنجم الكامل في الكل كما أنّه مجيد للأوصاف كلها ولا عديل له في عصره وهو أبو الفتح أو أبو الفتوح محمود أو محمد بن الحسن أو الحسين بن السندي بن شاهك بالكاف وقيل بالقاف صاحب كتاب المصائد والمطارد من الشيعة، وعدّه رشيد الدين في معالم العلماء في شعراء أهل البيت عليهم السلام وهو من مصاديق قوله تعالى: يخرج الحي من الميت؛ لأنّ السندي باشر سمّ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وكان في حبسه، مات كشاجم سنة خمسين وثلاثمئة.

وأوّل مَن لقّب بالناشئ منهم علي بن عبد الله بن وضيف الشاعر، قال السمعاني ناشئ بفتح النون وآخره شين معجمة يقال لمَن كان نشأ في فن من فنون الشعر واشتهر به قال: المشهور بهذه النسبة علي بن عبد الله الشاعر المشهور كان في زمن المقتدر والقادر والراضي وغيرهم، وهو بغدادي الأصل

١٤٠