تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ١

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني0%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 391

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

مؤلف: العلامة الشيخ سليمان ظاهر
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف:

الصفحات: 391
المشاهدات: 124038
تحميل: 10981


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124038 / تحميل: 10981
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

أطراف البلد فنهبوا وأحرقوا، واعتزم أهل البلد على الاستئمان إلى بلتكين وشافهوه بذلك فأذن لهم وسمع قسّام فاضطرب وألقى ما بيده، واستأمن الناس إلى بلتكين لأنفسهم ولقسّام فأمن الجميع. وولى على البلد أميراً اسمه خطلج، فدخل البلد وذلك في المحرم سنة اثنتين وسبعين (وثلاثمائة). ثم اختفى قسّام بعد يومين، فنهبت دوره ودور أصحابه، وجاء ملقياً بنفسه على بلتكين فقبله، وحمله إلى مصر فأمنه العزيز. وكان بكجور في غَوِيَّة من غلمان سيف الدولة وعامله على حمص. وكان يمدّ دمشق أيام هذه الفتنة والغلاء، ويحمل الأقوات من حمص إليها، ويكاتب العزيز بهذه الخدم.

ثم استوحش سنة ثلاث وسبعين (وثلاثمائة) من مولاه أبي المعالي فاستنجز من العزيز وعده إياه بولاية دمشق، وصادف ذلك أن المغاربة بمصر أجمعوا على التوثّب بالوزير ابن كلس، ودعت الضرورة إلى استقدام بلتكين من دمشق، فأمره العزيز بالقدوم وولاية بكجور على دمشق ففعل، ودخلها بكجور في رجب من سنة ثلاث وسبعين (وثلاثمائة)، وعاث في أصحاب ابن كلس وحاشيته بدمشق؛ لما كان يبلغه عنه من صدّ العزيز عن ولايته، ثم أساء السيرة في أهل دمشق فسعى ابن كلس في عزله عند العزيز.

وجهّز العساكر سنة ثمان وسبعين (وثلاثمائة) مع منير الخادم، وكتب إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته. وجمع بكجور العرب وخرج للقائه، فانهزم. ثم خاف من وصول نزال فاستأمن لهم وتوجَّه إلى الرقّة فاستولى عليها، ودخل منير دمشق واستقرّ في ولايتها.

وارتفعت منزلته عند العزيز وجهّز لحصار سعد الدولة بحَلب. وكان بكجور بعد انصرافه من دمشق إلى الرقة سأل من سعد الدولة العود إلى ولاية حمص فمنعه فأجلب عليه، واستنجد العزيز لحربه وبعث إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته فسار إليه بالعساكر، وخرج سعد الدولة من حَلب للقائهم، وقد أضمر نزال الغدر ببكجور، تقدّم إليه بذلك عيسى بن نسطورس وزير العزيز بعد ابن كلس. وجاء سعد الدولة للقائهم، وقد استمدّ عامل أنطاكية للروم فأمدّه بجيش كثير وداخل العرب الذين مع بكجور في الانهزام عنه، ووعدوه ذلك من أنفسهم، فلمّا تراءى الجمعان وشعر بكجور بخديعة العرب استمات، وحمل على الصفّ بقصد سعد

١٦١

الدولة فقتل لؤلؤ الكبير مولاه بطعنه إيّاه، ثم حمل عليه سعد الدولة فهزمه، فسار إلى بعض العرب، وحمل إلى سعد الدولة فقتله، وسار إلى الرقّة فملكها وقبض جميع أمواله، وكانت شيئاً لا يعبَّر عنه. وكتب أولاده إلى العزيز يستشفعون به فشفع إلى سعد الدولة فيهم أن يبعثهم إلى مصر، ويتهدّده على ذلك، فأساء سعد الدولة الردّ، وجهّز لحصار حَلب الجيوش مع منجوتكين فنزل عليها وحاصرها، وبها أبو الفضائل ابن سعد الدولة ومولاه لؤلؤاً الصغير، وأرسلا إلى سبيل ملك الروم يستنجدانه، وهو في قتال بلغار، فبعث إلى عامل أنطاكية أن يمدّهما، فسار في خمسين ألفاً حتى نزل حبس العاصي، وبلغ خبره إلى منجوتكين فارتحل عن حَلب، ولقي الروم فهزمهم وأثخن فيهم قتلاً وأسراً. وسار إلى انطاكية وعاث في نواحيها، وخرج أبو الفضائل في مغيب منجوتكين إلى ضواحي حَلب، فنقل ما فيها من الغلال وأحق بقيتها لتفقد عساكر منجوتكين الأقوات.

فلما عاد منجوتكين إلى الحصار جهز عسكره، وأرسل لؤلؤ إلى أبي الحسن المغربي في الصلح، فعقد له ذلك، ورحل منجوتكين إلى دمشق.

وبلغ الخبر إلى العزيز فغضب. وكتب إلى منجوتكين بالعود إلى حصار حَلب وإبعاد الوزير المغربي، وأنفذ الأقوات للعسكر في البحر إلى طرابلس. وأقام منجوتكين في حصار حَلب، وأعادوا مراسلة ملك الروم فاستنجدوه وأغروه، وكان قد توسط بلاد البلغار، فعاد مُجدّاً في السير. وبعث لؤلؤ إلى منجوتكين بالخبر حذراً على المسلمين، وجاءته جواسيسه بذلك فأجفل بعد أن خرّب ما كان اتخذه في الحصار من الأسواق والقصور والحمامات.

ووصل ملك الروم إلى حَلب ولقي أبا الفضائل ولؤلؤاً، ثم سار في الشام وافتتح حمص وشيزر ونهبهما، وحاصر طرابلس أربعين يوماً، فامتنعت عليه، وعاد إلى بلاده، وبلغ الخبر إلى العزيز فعظم عليه، واستنفر الناس للجهاد، وبرز من القاهرة وذلك سنة إحدى وثمانين. ثم انتقض منير في دمشق فزحف إليه منجوتكين إلى دمشق)(١) .

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١٠٨ إلى ص١١٤.

١٦٢

أخبار الوزراء

(كان وزير المُعزّ لدين الله، يعقوب بن يوسف بن كلس أصله من اليهود وأسلم، وكان يدبّر الأحوال الاخشيديّة بمصر، وعزله أبو الفضائل بن الفرات سنة سبع وخمسين، وصادره فاستتر بمصر، ثم فرّ إلى المغرب، ولقي المُعزّ لدين الله، وجاء في ركابه إلى مصر، فاستوزره وعظم مقامه عنده، واستوزره بعده ابنه العزيز إلى أن تُوفِّي سنة ثمانين، وصلّى عليه العزيز وحضر دفنه، وقضى عنه دَينه. وقسّم عمله فردّ النظر في الظلامات إلى الحسن بن عمّار كبير كتامة، وردّ النظر في الأموال إلى عيسى بن نسطورس، ولم تزل الوزارة سائر دولتهم في أرباب الأقلام، وكانوا بمكان، وكان منهم البارزي. وكان مع الوزارة قاضي القضاة وداعي الدعاة. وسأل أن يرسم اسمه على السكة فغرب ومنع، ومات قتيلاً بتنيس، وكان منهم أيضاً أبو سعيد النسري، وكان يهودياً وأسلم قبل وزارته والجرجاني، وقد قطع في أمر منع من الكتب فيه، فكتب وحلف الحاكم بيمين لا تُكفَّر لَيُقَطِّعَنَّه. ثم ردّه بعد ثلاث وخلع عليه وابن أبي كُدَيْنة ثلاثة عشر شهراً. ثم صرف وقتل. وأبو الطاهر بن ياشاد، وكان من أهل الدين واستعفى فأُعفي، وأقام معتكفاً في جامع مصر، وسقط ليلة من السطح فمات. وكان آخرهم الوزير أبو القاسم بن المغربي، وكان بعده بدر الجيالي أيّام المستنصر وزير سيف الدولة، واستبدّ له على الدولة، ومن بعده منهم كما يأتي في أخبارهم)(١) .

أخبار القضاة

(كان النُعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حَيُّون في خطة القضاء للمُعِزّ بالقَيْرَوان، ولّما جاء إلى مصر أقام بها في خطَّة القضاء إلى أن تُوفِّي، وولي ابنه عليّ، ثم تُوفِّي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، فولّى العزيز أخاه أبا عبد الله محمداً، خلع عليه وقلّده سيفاً. وكان المُعزّ قد وعد أباه بقضاء ابنه محمد هذا بمصر، وتمَّ في سنة تسع وثمانين أيام الحاكم. وكان كبير الصيت، كثير الحسَّان، شديد الاحتياط في العدالة،

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١١٥، ١١٦.

١٦٣

فكانت أيامه شريفة. وولي بعده ابن عمه أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن النعمان أيام الحاكم، ثم عُزِل سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وقُتِل وأُحرِق بالنار، وولي مكانه ملكة بن سعيد الغارقي إلى أن قتله الحاكم سنة خمس وأربعمائة بنواحي القصور، وكان عالي المنزلة عند الحاكم ومداخلاً له في أمور الدولة، وخالصة له في خلواته.

وولّى بعده أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي العوّام، واتصل في آخرين إلى آخر دولتهم، كان كثيراً ما يجمعون للقاضي المظالم والدعوة فيكون داعي الدعاة، وربما يُفْردون كلاًّ منهما. وكان القاضي عندهم يصعد مع الخليفة المنبر مع من يصعده من أهل دولته عندما يخطب الخلفاء في الجُمَع والأعياد)(١) .

وفاة المُعزّ وولاية ابنه الحاكم:

(قد تقدّم أنّ العزيز استنفر الناس للجهاد سنة إحدى وثمانين (وثلاثمائة)، وبرز في العساكر لغزو الروم، ونزل بلبيس فاعتورته الأمراض، واتصلت به إلى أن هلك آخر رمضان سنة ست وثمانين لإحدى عشرة سنة ونصف السنة من خلافته، ولُقِّب الحاكم بأمر الله، واستولى برجوان الخادم على دولته كما كان لأبيه العزيز بوصيته بذلك، وكان مدبّر دولته، وكان رديفه في ذلك أبو محمد الحسن بن عمَّار ويُلَقَّب بأمين الدولة، وتغلَّب على ابن عمار؛ وانبسطت أيدي كتامة في أموال الناس وحرمهم.

ونكر منجوتكين تقديم ابن عمار في الدولة، وكاتب برجوان بالموافقة على ذلك، فأظهر الانتقاض، وجهّز العساكر لقتاله مع سليمان بن جعفر بن فلاح، فلقيهم بعسقلان، وانهزم منجوتكين وأصحابه، وقتل منهم ألفين، وسيق أسيراً إلى مصر، فأبقى عليه ابن عمار، واستماله للمشارقة. وعقد على الشام لسليمان بن فلاح، ويُكنّى أبا تميم، فبعث من طبرية أخاه عليّاً إلى دمشق فامتنع أهلها فكاتبهم أبو تميم، وتهدّدهم وأذعنوا، ودخل على البلد ففتك فيهم.

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١١٦.

١٦٤

ثم قدّم أبو تميم فأمّن وأحسن، وبعث أخاه عليّاً إلى طرابلس، وعزل عنها جيش بن الصمصامة، فسار إلى مصر، وداخل برجوان في الفتك بالحسن بن عمار وأعيان كتامة، وكان معهما في ذلك شكر خادم عضد الدولة، نزع إلى مصر بعد مهلك عضد الدولة ونَكْبَةِ أخيه شرف الدولة إيّاه، فخلص إلى العزيز فقرّبه، وحظي عنده فكان مع برجوان وجيش بن الصمصامة. وثارت الفتنة، واقتتل المشارقة والمغاربة، فانهزمت المغاربة، واختفى ابن عمار، وأظهر برجان الحاكم وجدّد له البيعة، وكتب إلى دمشق بالقبض على أبي تميم بن فلاح فنهب، ونهبت خزائنه، واستمرّ القتل في كتامة واضطربت الفتنة بدمشق، واستولى الأحداث. ثم أذن برجوان لابن عمّار في الخروج من أستاره، وأجرى له أرزاقه على أن يقيم بداره.

واضطرب الشام، فانتقض أهل صور، وقام بها رجل ملاّح اسمه العلاقة، وانتقض مفرج بن دغفل بن الجرّاح، ونزل على الرملة وعاث في البلاد.

وزحف (الدوقس) ملك الروم إلى حصن أفامِيَة محاصراً لها. وجهّز برجوان العساكر مع جيش بن الصمصامة، فسار إلى عبد الله الحسين بن ناصر الدولة بن حمدون، وجهّز أسطولاً في البحر، واستنجد العلاقة ملك الروم فأنجده بالمقاتلة في المراكب، فظفر بهم أُسطول المسلمين، واضطرب أهل صور وملكها ابن حمدان وأسر العلاقة، وبعث به إلى مصر فسلخ وصلب، وسار جيش بن الصمصامة إلى الفرج بن دغفل فهرب أمامه، ووصل إلى دمشق وتلقاه أهلها مذعنين، وأحسن إليهم وسكنهم، ورفع أيدي العدوان عنهم. ثم سار إلى أفامية وصافّ الروم عندها، فانهزم أوّلاً هو وأصحابه، وثبت بشارة الأخشيدي بن قرارة في خمسمائة فارس، ووقف الدوقس ملك الروم على رابية في ولده، وعدّة من غلمانه ينظر فعل الروم في المسلمين فقصد كردي من مصاف الأخشيدي، وبيده عصا من حديد يُسمّى الخشت، وظنّه الملك مستأمناً، فلمّا دنا منه ضربه بالخشت فقتله، وانهزم الروم واتبعهم جيش بن الصمصامة إلى أنطاكية يغنم ويسبي ويُحرِق، ثم عاد مظفراً إلى دمشق فنزل بظاهرها ولم يدخل واستخلص رؤساء الأحداث استحجبهم، وأُقيم له الطعام في كل يوم، وأقام على ذلك برهة. ثم أمر أصحابه إذا دخلوا للطعام أن يغلق باب الحجرة عليهم،

١٦٥

ويوضع السيف في سائرهم، فقتل منهم ثلاثة آلاف، ودخل دمشق وطاف بها، وأحضر الأشراف فقتل رؤساء الأحداث بين أيديهم، وبعث بهم إلى مصر، وأمن الناس. ثم إنه تُوفِّي وولي محمود بن جيش، وبعث برجوان إلى بسيل ملك الروم فصالحه لعشر سنين، وبعث جيشاً إلى بَرْقَة وطرابلس الغرب ففتحها وولّى عليها يانساً الصقلّي، ثم ثقل مكان برجوان على الحاكم فقتله سنة تسع وثمانين، وكان خصيّاً أبيض، وكان له وزير نصراني استوزره الحاكم من بعده.

ثم قتل الحسين بن عمّار، ثم الحسين بن جوهر القائد، ثم جهّز العساكر مع يارختكين إلى حَلب، وقصد حسَّان بن فرج الطائي، لما بلغ من عيثه وفساده، فلما رحل من غزوه إلى عسقلان لقيه حسَّان وأبوه مفرج فانهزم وقتل، ونهبت النواحي، وكثرت جموع بني الجرّاح وملكوا الرملة، واستقدموا الشريف أبا الفتوح الحسن بن جعفر أمير مكة، فبايعوه بالخلافة. ثم استمالهما الحاكم ورغّبهما فرداه إلى مكة، وراجعا طاعة الحاكم، وراجع هو كذلك، وخطب له بمكة. ثم جهّز الحاكم العساكر إلى الشام مع علي بن جعفر بن فلاح، وقصد الرملة، فانهزم حسَّان بن مفرج وقومه، وغلبهم على تلك البلاد واستولى على أموالهم وذخائرهم، وأخذ ما كان لهم من الحصون بجبل السراة، ووصل إلى دمشق في شوّال سنة تسعين (وثلاثمائة)، فملكها واستولى عليها، وأقام مفرج وابنه حسَّان شريدين بالقفر نحواً من سنتين، ثم هلك مفرج وبعث حسَّان ابنه إلى الحاكم فأمنه وأقطعه، ثم وفد عليه بمصر فأكرمه ووصله)(١) .

خروج أبي ركوة ببرقة والظفر به:

(كان أبو رَكْوَةَ هذا يزعم أنّه الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمان الداخل، وأنه هرب من المنصور بن أبي عامر حين تتبَّعهُم بالقتل وهو ابن عشرين سنة، وقصد القيروان فأقام بها يعلِّم الصبيان، ثم قصد مصر وكتب الحديث، ثم سار إلى مكة واليمن والشام؛ وكان يدعو للقائم من ولد أبيه هشام، واسمه الوليد، وإنما لقبه أبا ركوة لأنه كان يحملها

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١١٧ إلى ١٢٠.

١٦٦

لوضوئه على عادة الصوفية. ثم عاد إلى نواحي مصر ونزل على بني قُرَّة من بادية هلال بن عامر، وأقام يعلِّم الصِبيان ويؤمهم في صلاتهم. ثم أظهر ما في نفسه ودعا للقائم.

وكان الحاكم قد أسرف في القتل في أصناف الناس وطبقاتهم، والناس معه على خطر، وكان قتل جماعة من بني قرّة وأحرقهم بالنار لفسادهم، فبادر بنو قرّة، وكانوا في أعمال بَرْقَة فأجابوه وانقادوا له وبايعوا. وكان بينهم وبين لواتة ومزاتة وزناتة جيرانهم في الأصل حروب ودماء فوضعوها، واتفقوا على بيعته)(١) .

وملخص بدء أمره في الخروج ونهايته أنه مكن له بمن انضم إليه من بني قرة وسواهم من القبائل أن خرج على الحاكم إلى أن اضطر لسوق العسكر إليه، ووقعت بينه وبينهم معارك انتهت بالانتصار عليه وقبضه وحمله إلى القاهرة وموته قبل الوصول إليها وذلك سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

بقية أخبار الحاكم:

(كان الحسن بن عمّار زعيم كتامة مدبِّر دولته، وكان بَرْجُوانُ خادمه وكافله، وكان بين الموالي والكِتامِيِّين في الدولة منافسة. وكان كثيراً ما يفضي إلى القتال. واقتتلوا سنة سبع وثمانين (وثلاثمائة). وأركب المغاربة ابن عمّار، والموالي برجوان، وكانت بينهم حروب شديدة. ثم تحاجزوا واعتزل ابن عمّار الأمور، وتخلّى بداره عن رسومه وجراياته، وتقدّم برجوان بتدبير الدولة. وكان كاتب بن فِهْر بن إبراهيم يربِّع(٢) وينظر في الظلامات، ويطالعه، وولّى على برقة يَأْنَس صاحب الشرطة مكان صندل. ثم قتل برجوان سنة تسع وثمانين (وثلاثمائة)، ورجع التدبير إلى القائد أبي عبد الله الحسين بن جوهر، وبقي ابن فهر على حاله.

وفي سنة تسعين وثلاثمائة انقطعت طرابلس عن منصور بن بَلْكين بن زيري صاحب أفريقية، وولّى عليها يأْنس العزيزي من موالي العزيز، فوصل

____________________

(١) نفسه: م٤ ص١٢١، ١٢٢.

(٢) ربع الحبل: فتله من أربع طاقات، ولا محلّ لها هنا. ولعلها كلمة عاميّة بمعنى (تربّع) جلس على ركبتيه.

١٦٧

إليها، وأمكنه عامل المنصور منها، وهو عَصولة بن بَكّار. وجاء إلى الحاكم بأهله ووُلْده وماله وأَطلق يد يأْنس على مخلَّفه بطرابلس، يقال: له من الولد نيف وستون بين ذكر وأُنثى، ومن السراري خمس وثلاثون. فتُلُقي بالمَبَرَّة وهُيِّئَ له القصور، ورتب له الجِراية وقلَّده دمشق وأعمالها، فهلك بها لسنة من ولايته.

وفي سنة اثنتين وتسعين (وثلاثمائة) وصل الصريخ من جهة فلفلول بن خَزْرون المُغراوِيّ في ارتجاع طرابلس إلى منصور بن بلكين، فجهَّزت العساكر مع يحيى بن علي الأندلسي الذي كان جعفر أخوه عامل الزاب للعُبَيْديّين، ونزع إلى بني أمية وراء البحر. ولم يزل هو وأخوه في تصريفهم إلى أن قتل المنصور بن أبي عامر جعفراً منهما، ونزع أخوه يحيى إلى العزيز بمصر فنزل عليه، وتصرف في خدمته، وبعثه (إِلآن) الحاكم في العساكر لما قدَّمناه، فاعترضه بنو مُرّة ببرقة ففضُّوا جموعه، ورجع إلى مصر، وسار يأْنس من برقة إلى طرابلس فكان من شأنه مع عصولة ما ذكرناه.

وبعد وفاة عصولة ولي على دمشق مُفْلِج الخادم، وبعده عليّ بن فلاح سنة ثمان وتسعين (وثلاثمائة).

وبعد مسير يأْنس ولّى على برقة صَنْدَل الأسود. وفي سنة ثمان وتسعين (وثلاثمائة) عزل الحسين بن جوهر القائد، وقام بتدبير الدولة صالح بن علي بن صالح الروباذِيّ، ثم نكب حسين القائد بعد ذلك وقتل، ثم قتل صالح بعد ذلك، وقام بتدبير الدولة الكافي بن نصر بن عبدون، وبعده زَرْعَة بن عيسى بن نسطورس، ثم أبو عبد الله الحسن بن طاهر الوزان، وكثر عيث الحاكم في أهل دولته، وقتله إيّاهم، مثل الجرجراي(١) وقطعه أيديهم، حتى إن كثيراً منهم كانوا يهربون من سطوته، وآخرون يطلبون الأمان فيكتب لهم به السجلاّت. وكان حاله مضطرباً إلى الجور والعدل، والإخافة والأمن، والنسك والبدعة.

وأمّا ما يرمى به من الكفر، وصدور السجلات بإسقاط الصلوات فغير

____________________

(١) الجرجراي: أحد الوزراء.

١٦٨

صحيح، ولا يقوله ذو عقل، ولو صدر من الحاكم بعض ذلك لقُتل لوقته.

وأما مذهبه في الرافضة فمعروف، ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك، فكان يأَذْن في صلاة التراويح ثم ينهى عنها، وكان يرى بعلم النجوم ويؤثره، ويُنقل عنه أنه منع النساء من التصرف في الأسواق، ومنع من أكل الملوخيا؛ ورفع إليه أن جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السُنّة في التراويح بالرجم، وفي الجنائز فكتب في ذلك سجلاً قرئ على المنبر بمصر كان فيه:

(أما بعد: فإن أمير المؤمنين يتلو عليكم آية من كتاب الله المبين، لا إكراه في الدِّين، الآية. مضى أمس بما فيه، وأتى اليوم بما يقتضيه. معاشر المسلمين، نحن الأئمة، وأنتم الأُمة، لا يحلّ قتل من شهد الشهادتين، ولا يحلّ عروة بين اثنين، تجمعها هذه الأخوّة، عصم الله بها من عصم، وحرم لها ما حرم، من كل محرّم، من دم ومال ومنكح، الصلاح والأصلح بين الناس أصلح، والفساد والإفساد بين العباد يستقبح، يطوى ما كان فيما مضى فلا ينشر، ويعرض عما انقضى فلا يُذْكر. ولا يُقَبل على ما مرّ وأدبر، من إِجراء الأمور على ما كانت عليه في الأيام الخالية أيّام آبائنا الأئمة المهتدين، سلام الله عليهم أجمعين، مهديهم بالله، وقائمهم بأمر الله، ومنصورهم بالله، ومُعزّهم لدين الله).

وهو إذ ذاك بالمهدية والمنصورية، وأحوال القيروان تجري فيها ظاهرة غير خفية، ليست بمستورة عنهم ولا مطوية. يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون. صلاة الخمس للدين بها جاءهم فيها يصلون، وصلاة الضحى وصلاة التروايح لا مانع لهم منها ولا هم عنها يدفعون، يخمِّس في التكبير على الجنائز المخمِّسون، ولا يمنع من التكبير عليها المربعون. يؤذّن بحيّ على خير العمل المؤذّنون، ولا يُؤْذى من بها لا يُؤذّنون. لا يُسب أحد من السلف، ولا يحتسب على الواصف فيهم بما يوصف، والخالف فيهم بما خلف، لكل مسلم مجتهد في دينه واجتهاده، وإلى الله ربه ميعاده، عنده كتابه، وعليه حسابه. ليكن عباد الله على مثل هذا عملكم منذ اليوم، لا يَسْتَعْلي مسلم بما اعتقده، ولا يعترض معترض على صاحبه فيما اعتمده من جميع ما نصّه أمير المؤمنين في سجله هذا.

١٦٩

وبعد قوله تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرّكُم مَن ضَلّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كُتِبَ في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة)(١) .

وفاة الحاكم وولاية الظاهر

(ثم تُوفِّي الحاكم بأمر الله منصور بن العزيز نِزار قتيلاً ببركة الحبش بمصر، وكان يركب الحمار ويطوف بالليل، ويخلو بدار في جبل المقطم للعبادة، ويقال: لاستنزال روحانية الكواكب. فصعد ليلة من الليالي لثلاث بقين من شوّال سنة إحدى عشرة (وأربعمائة)، ركب على عادته ومشى معه راكبان فردّهما واحداً بعد آخر في تصاريف أموره. ثم افتُقِد ولم يرجع، وأقاموا أيّاماً في انتظاره. ثم خرج مظفّر الصقلِّي والقاضي وبعض الخواص إلى الجبل فوجدوا حماره مقطوع اليدين، واتبعوا أثره إلى بركة الحبش فوجدوا ثيابه مزررة، وفيها عدّة ضربات بالسكاكين، فأيقنوا بقتله. ويقال: بلغه عن أخته أنّ الرجال يتناوبون بها فتوعَّدها، فأرسلت إلى ابن دُواس من قواد كتامة، وكان يخاف الحاكم فأغرته بقتله، وهوّنته عليه، لما يرميه به الناس من سوء العقيدة، فقد يهلك الناس ونهلك معه. ووعدته بالمنزلة والإقطاع، فبعث إليه رجلين فقتلاه في خلوته.

ولمّا أيقنوا بقتله اجتمعوا إلى أخته ستّ الملك فأحضرت عليّ بن دُواس، وأجلس عليّ بن الحاكم صبيّاً لم يناهز الحُلُم، وبايع له الناس ولُقّب الظّاهر لإِعزاز دين الله، ونفذت الكتب إلى البلاد بأخذ البيعة له، ثم حضر ابن دُواس من الغد، وحضر معه القوّاد فأمرت ستّ الملك خادمها فعلاه بالسيف أمامهم حتى قتله، وهو ينادي بأثر الحاكم، فلم يختلف فيه اثنان، وقامت بتدبير الدولة أربع سنين، ثم ماتت.

وقام بتدبير الدولة مِعْضاد وتافر بن الوزان، وولي وزارته أبو القاسم علي بن أحمد الجرجراي وكان متغلِّباً على دولته، وانتقض الشام خلال

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١٢٣ إلى ص١٢٧.

١٧٠

ذلك، وتغلّب صالح بن مرداس من بني كِلاب على حَلب، وعاث بنو الجراح في نواحيه، فبعث الظاهر سنة عشرين وأربعمائة قائده الزريريّ إلى فلسطين في العساكر وأوقع بصالح بن الجراح، وقُتل صالح وابنه وملك دمشق. وملك حَلب من يد شبل الدولة نصر بن صالح وقتله، وكان بينه وبين بني الجرّاح قبل ذلك وهو بفلسطين حروب؛ حتى هرب من الرملة إلى قيسارية فاعتصم بها، وأخرب ابن الجراح الرملة وأحرقها، وبعث السرايا فانتهت إلى العريش، وخشي أهل بَلْبيس وأهل القُرافَة على أنفُسِهم فانتقلوا إلى مصر، وزحف صالح بن مرداس في جموع العرب لحصار دمشق وعليها يومئذ ذو القرنين ناصر الدولة بن الحسين، وبعث حسَّان بن الجراح إليهم بالمدد، ثم صالحوا صالح بن مرداس، وانتقل إلى حصار حَلب، وملكها من يد شعبان الكتامي وجردت العساكر من الشام مع الوزيري، وملك دمشق وأقام بها)(١) .

وفاة الظاهر وولاية ابنه المستنصر

(ثم تُوفِّي الظاهر لإعزاز دين الله أبو الحسن علي بن الحاكم منتصف شعبان سنة سبع وعشرين (وأربعمائة) لست عشرة سنة من خلافته، فولي ابنه أبو تميم معدّ، ولُقِّب المستنصر بأمر الله، وقام بأمره وزير أبيه أبو القاسم علي بن أحمد الجرجراي، وكان بدمشق الوزيري واسمه أقوش تكين(٢) ، وكانت البلاد صلحت على يديه لعدله ورفقه وضبطه، وكان الوزير الجرجراي يحسده ويبغضه، وكتب إليه بإيعاد كاتبه أبي سعيد فأنفذ إليه أنه يحمل الوزيري على الانتقاض، فلم يجب الوزيري إلى ذلك، واستوحش، وجاء جماعة من الجند إلى مصر في بعض حاجاتهم فداخلهم الجرجراي في التوثّب به، ودسّ معهم بذلك إلى بقية الجند بدمشق فتعلّلوا عليه. فخرج إلى بَعْلَبَكَّ سنة ثلاث وثلاثين (وأربعمائة)، فمنعه عاملها من الدخول فسار إلى حماة فمنع أيضاً فقوتل، وهو خلال ذلك ينهب، فاستدعى بعض أوليائه من كفر طاب، فوصل إليه في ألفي رجل، وسار إلى حَلب فدخلها

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١٢٧ إلى ص١٢٩.

(٢) كذا، وفي الكامل ج٨ ص٣٢: أنوشتكين الدزبري نائب المستنصر بالله صاحب مصر بالشام.

١٧١

وتُوفِّي بها في جمادى الآخرة من السنة.

وفسد بعده أمر الشام وطمع العرب في نواحيه وولّى الجرجراي على دمشق الحسين بن حمدان فكان قصارى أمره منع الشام.

وملك حسَّان بن مُفَرِّج فلسطين، وزحف مُعزّ الدولة بن صالح الكِلابي إلى حَلب فملك المدينة وامتنع عليه أصحاب القلعة، وبعثوا إلى مصر للنجدة فلم ينجدهم فسلموا القلعة لمعزّ الدولة بن صالح فملكها)(١) .

مَسيرُ العرب إلى أفريقية

(كان المعزّ بن باديس قد انتقض دعوة العُبَيْديّين بأفريقية، وخطب للقائم العباسي، وقطع الخطبة للمستنصر العلوي سنة أربعين وأربعمائة، فكتب إليه المستنصر يتهدّده. ثم إنه استوزر الحسين بن عليّ التازوري بعد الجرجراي، ولم يكن في رتبته، فخاطبه المعزّ دون ما كان يخاطب من قبله كان يقول في كتابه إليهم: عبده، ويقول في كتاب التازوري: صنيعته، فحقد ذلك، وأغرى به المستنصر وأصلح بين زغبة ورياح من بطون هلال، وبعثهم إلى أفريقية وملكهم كل ما يفتحونه، وبعث إلى المعزّ: (أمّا بعد فقد أرسلنا إليك خيولاً، وحملنا عليها رجالاً فحولاً، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً).

فساروا إلى برقة فوجدوها خالية؛ لأن المعزّ كان أباد أهلها من زِناتَةَ، فاستوطن العرب برقة واحتقر المُعزّ شأنهم، واشترى العبيد واستكثر منهم، حتى اجتمع له منهم ثلاثون ألفاً.

وزحف بنو زُغْبَة إلى طرابلس فملكوها سنة ست وأربعين (وأربعمائة)، وجازت رياح الأَتبح، وبنو عدي إلى أفريقية فأضرموها ناراً، ثم سار أمراؤهم إلى المعزّ وكبيرهم مؤنس بن يحيى من بني مرداس من زياد، فأكرمهم المعزّ، وأجزل لهم عطاياه فلم يُغن شيئاًَ. وخرجوا إلى ما كانوا عليه من الفساد، ونزل بأفريقية بلاء لم ينزل بها مثله. فخرج إليهم المعزّ في جموعه من صنهاجة والسودان نحواً من ثلاثين ألفاً، والعرب في

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١٢٩، ١٣٠.

١٧٢

ثلاثة آلاف فهزموه وأثخنوا في صنهاجة بالقتل واستباحوهم. ودخل المعزّ القيروان مهزوماً. ثم بيَّتهم يوم النحر، وهم في الصلاة فهزموه أعظم من الأولى. ثم سار إليهم بعد أن احتشد زناتة معه فانهزم ثالثة، وقتل من عسكره نحو من ثلاثة آلاف. ونزل العرب بمصَلّى القيروان، ووالوا عليهم الهزائم، وقتلت منهم أمم. ثم أباح لهم المعزّ دخول القيروان للميرة فاستطالت عليهم العام فقتلوا منهم خلقاً، وأدار المُعزّ السور على القيروان سنة ست وأربعين (وثلاثمائة)، ثم ملك مؤنس بن يحيى مدينة باجة سنة ست وأربعين (وثلاثمائة). وأمر المعز أهل القيروان بالانتقال إلى المهديَّة للتحصين بها، وولّى عليها ابنه تيما سنة خمس وأربعين (وثلاثمائة)، ثم انتقل إليها سنة تسع وأربعين (وثلاثمائة).

وانطلقت أيدي العرب على القيروان بالنهب والتخريب، وعلى سائر الحصون والقرى.

ثم كانت الخطبة للمستنصر ببغداد على يد البساسيري من مماليك بني بُوَيْه عند انقراض دولتهم، واستيلاء السلجوقية)(١) .

مقتل ناصر الدولة بن حمدان بمصر

(كانت أمّ المستنصر متغلّبة على دولته، وكانت تصطنع الوزراء وتولّيهم، وكانوا يتخذون الموالي من التُّرك للتغلّب على الدولة، فمن استوحشت منه أغرت به المستنصر فقتله، فاستوزرت أوّلاً أبا الفتح الفلاحي، ثم استوحشت منه فقبض عليه المستنصر وقتله، ووزر بعده أبا البركات حسن بن محمد وعزله. ثم ولّى الوزارة أبا محمد التازوري من قرية بالرملة تُسمّى تازور، فقام بالدولة إلى أن قُتل. ووزر بعده أبو عبد الله الحسين بن البابلي، وكان في الدولة من موالي السودان ناصر الدولة بن حمدان، واستمالوا معهم كتامة والمَصامِدَة. وخرج العبيد إلى الضياع واجتمعوا في خمسين ألف مقاتل، وكان التُّرك ستة آلاف، وشكوا إلى المستنصر فلم يشكهم، فخرجوا إلى غرمائهم والتقوا بكوم الريش، وأكمن

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١٣٠ إلى ص١٣٢.

١٧٣

التُّرك للعبيد ولقوهم فانهزموا، وخرج كمينهم على العبيد، وضربوا البوقات والكاسات فارتاب العبيد وظنوه المستنصر فانهزموا وقتل منهم وغرق نحو أربعين ألفاً. وفدى التُّرك وتغلّبوا، وعظم الافتراء فيهم فخلت الخزائن، واضطربت الأمور، وتجمّع باقي العسكر مع الشام وغيره إلى الصعيد، واجتمعوا مع العبيد، وكانوا خمسة عشر ألفاً، وساروا إلى الجيزة فلقيهم التُّرك، وعليهم ناصر الدولة بن حمدان فهزموهم إلى الصعيد، وعاد ناصر الدولة والتُّرك ظافرين.

واجتمع العبيد في الصعيد، وحضر التُّرك بدار المستنصر فأمرت أمه العبيد بالدار أن يفتكوا بمقدّمي التُّرك ففعلوا وهربوا إلى ظاهر البلد، ومعهم ناصر الدولة، وقاتل أولياء المستنصر فهزمهم، وملك الإسكندرية ودمياط وقطع الخطبة منهما ومن سائر الريف للمستنصر. وراسل الخليفة العباسي ببغداد، وافترق الناس من القاهرة. ثم صالح المستنصر ودخل القاهرة واستبدّ عليه، وصادر أُمه على خمسين ألف دينار، وافترق عنه أولاده وكثير من أهله في البلاد. ودسّ المستنصر لقوّاد التُّرك بأنه يحوّل الدعوة فامتعضوا لذلك، وقصدوه في بيته، وهو آمن منهم، فلما خرج إليهم تناولوه بسيوفهم حتى قتلوه وجاءوا برأسه، ومرّوا على أخيه في بيته فقطعوا رأسه، وأتوا بهما جميعاً إلى المستنصر، وذلك سنة خمس وستين (وثلاثمائة)، وولّى عليهم الذّكر منهم وقام بأمر الدولة)(١) .

استيلاء بدر الجمالي على الدولة:

(أصل بدر هذا من الأرمن من صنائع الدولة بمصر ومواليها، وكان حاجباً لصاحب دمشق، واستكفاه فيما وراء بابه. ثم مات صاحبُ دمشق، فقام بالأمور إلى أن وصل الأمير على دمشق، وهو ابن منير، فسار هو إلى مصر وترقّى في الولايات إلى أن وليَ عكا، وظهر منه كفاية واضطلاع، ولمّا وقع بالمستنصر ما وقع من استيلاء التُّرك عليه، والفساد والتضييق، واستقدم بدراً الجمالي لولاية الأمور بالحضرة، فاستأذن في الاستكثار من الجند لقهر من تغلَّب من جند مصر فأذن له في ذلك. وركب البحر من عكا

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١٣٢، ١٣٣، ١٣٤.

١٧٤

في عشرة مراكب، ومعه جند كثيف من الأرمن وغيرهم، فوصل إلى مصر، وحضر عند الخليفة، فولاّه ما وراء بابه، وخلع عليه بالعقد المنظوم بالجوهر مكان الطوق، ولقبّه بالسيّد الأجل أمير الجيوش، مثل والي دمشق، وأضيف إلى ذلك كافل قضاة المسلمين، وداعي دعاة المؤمنين، ورتب الوزارة وزاده سيفه ورد الأمور كلها إليه، ومنه إلى الخليفة، وعاهده الخليفة على ذلك، وجعل إليه ولاية الدعاة والقضاة، وكان مبالغاً في مذهب الإمامية، فقام بالأمور واستردّ ما كان تغلّب عليه أهل النواحي مثل ابن عمّار بطرابلس، وابن معروف بعسقلان وبني عقيل بصور.

ثم استردّ من القواد والأمراء بمصر جميع ما أخذوه أيام الفتنة من المستنصر من الأموال والأمتعة. وسار إلى دمياط، وقد تغلّب عليها جماعة من المفسدين من العرب وغيرهم فأثخن في لَواتَة بالقتل والنهب في الرجال والنساء، وسبى نساءهم، وغنم خيولهم، ثم سار إلى جهينة ومعهم قوم من بني جعفر فلقيهم على طرخ العليا سنة تسع وستين (وثلاثمائة)، فهزمهم، وأثخن فيهم، وغنم أموالهم، ثم سار إلى أسوان وقد تغلّب عليها كنز الدولة محمد فقتله وملكها، وأحسن إلى الرعايا ونظم حالهم وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين، وعادت الدولة إلى أحسن ما كانت عليه)(١) .

استيلاء الغز على الشام وحصارهم مصر:

(كان السلجوقية وعساكرهم من الغز قد استولوا في هذا العصر على خُراسان والعراقين وبغداد، وملكهم ظُغْرُلْبَك، وانتشرت عساكرهم في سائر الأقطار، وزحف (أتسز بن أنز) من أمراء السلطان ملك شاه وسماه الشاميون أَفْسَفْس، والصحيح هذا، وهو اسم تركي، هكذا قال ابن الأثير.

فزحف سنة ثلاث وثلاثين، بل وستين، ففتح الرملة ثم بيت المقدس، وحاصر دمشق وعاث في نواحيها، وبها المُعَلّى بن حيدرة، ولم يزل يوالي عليها البعوث إلى سنة ثمان وستين.

وكثر عسف المُعلّى بأهلها مع ما هم فيه من شدّة الحصار فثاروا به،

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١٣٤، ١٣٥.

١٧٥

وهرب إلى بلسيس، ثم لحق بمصر فُحبس إلى أن مات، ولما هرب من دمشق اجتمعت المصامدة وولوا عليهم انتصار بن يحيى منهم ولقّبوه وزير الدولة. ثم اضطربوا مما هم فيه من الغلاء، وجاء أمير من القدس فحاصرهم حتى نزلوا على أمانه، وأنزل وزير الدولة بقلعة بانياس، ودخل دمشق في ذي القعدة، وخطب فيها للمقتدي العباسي، ثم سار إلى مصر سنة تسع وستين فحاصرها وجمع بدر الجمالي العساكر من العرب وغيرهم، وقاتله فهزمه، وقتل أكثر أصحابه، ورجع أتسز منهزماً إلى الشام، فأتى دمشق، وقد صانوا مخلّفه فشكرهم ورفع عنهم خراج سنة تسع وستين وجاء إلى بيت المقدس فوجدهم قد عاثوا في مخلّفه، وحصروا أهله وأصحابه في مسجد داود (عليه السلام)، فحاصرهم ودخل البلد عَنوَةً، وقتل أكثر أهله حتى قتل كثيراً في المسجد الأقصى.

ثم جهّز أمير الجيوش بدر الجمالي العساكر من مصر مع قائده نصير الدولة فحاصر دمشق، وضيّق عليها، وكان ملك السُلجوقيّة السلطان ملك شاه قد أقطع أخاه (تُتُش) سنة سبعين وأربعمائة بلاد الشام وما يفتحه منها، فزحف إلى حَلب وحاصرها وضيّق عليها، ومعه جموع كثيرة من التُّركمان، فبعث إليه أتسز من دمشق يستصرخه فسار إليه، وأجفلت عساكر مصر عن دمشق، وخرج أتسز من دمشق للقائه فقتله وملك البلد، وذلك سنة إحدى وسبعين (وأربعمائة).

وملك (ملك شاه) بعد ذلك حَلب، واستولى السُلجوقية على الشام أجمع، وزحف أمير الجيوش بدر الجمالي من مصر في العساكر إلى دمشق، وبها تاج الدولة تُتُش، فحاصره وضيّق عليه، وامتنع عليه، ورجع، وزحفت عساكر مصر سنة اثنتين وثمانين (وأربعمائة) إلى الشام فاسترجعوا مدينة صور من يد أولاد القاضي عين الدولة بن أبي عقيل، كان أبوهم قد انتزى عليها، ثم فتحوا مدينة صيدا ثم مدينة جبيل. وضبط أمير الجيوش البلاد وولّى عليها العُمّال. وفي سنة أربع وثمانين (وأربعمائة) استولى الفرنج على جزيرة صقلّية، وكان أمير الجيوش قد ولّى على مدينة صور منير الدولة الجيوش من طائفته فانتقض سنة ست وثمانين (وأربعمائة)، وبعث إليه أمير الجيوش العساكر فثار به أهل المدينة، واقتحمت عليهم العساكر، وبعث منير الدولة إلى مصر في جماعة من أصحابه فقُتلوا كلهم.

١٧٦

ثم تُوفِّي أمير الجيوش بدر الجمالي سنة سبع وثمانين (وأربعمائة) في ربيع الأول لثمانين سنة من عمره. وكان له موليان أمين الدولة لاويز ونصير الدولة أفتكين، فلمّا قضى بدر نحبه استدعى المستنصر لاويز ليقلِّده، فأنكر ذلك أفتكين، وركب في الجند وشغبوا على المستنصر، واقتحموا القصر، وأسمعوه خشن الكلام، فرجع إلى ولاية ولد بدر، وقدّم للوزارة ابنه محمداً الملك أبا القاسم شاه، ولقّبه بالأفضل مثل لقب أبيه. وكان أبو القاسم بن المقري رديفاً لبدر في وزارته بما كان اختصه لذلك، فولّى بعد موته الوزارة القاسم بالدولة، وجرى على سنن أبيه في الاستبداد.

وكانت وفاة المستنصر قريباً من ولايته)(١) .

وفاة المستنصر وولاية ابنه المستعلي:

(ثم تُوفِّي المستنصر معدّ بن الظاهر يوم التروِيَة سنة سبع وثمانين (وأربعمائة) لستين سنة من خلافته، ويقال: لخمس وستين بعد أن لقي أهوالاً وشدائد، وانفتقت عليه فتوق استهلك فيها أمواله وذخائره حتى لم يكن له إلا بساطه الذي يجلس عليه، وصار إلى حد العزل والخلع، حتى تدارك أمره باستقدام بدر الجمالي من عكا، فتقوّم أمره ومكنه في خلافته.

ولما مات خلّف من الولد أحمد ونزاراً وأبا القاسم. وكان المستنصر فيما يقال: قد عهد لنزار، وكانت بينه وبين أبي القاسم الأفضل عداوة فخشي بادرته، وداخل عمته في ولاية أبي القاسم، على أن تكون لها كفالة الدولة، فشهدت بأن المستنصر عهد له بمحضر القاضي والداعي، فبويع ابن ستّ، ولُقِّب المستعلي بالله، وأُكره أخوه الأكبر على بيعته، ففرّ إلى الإسكندرية بعد ثلاث، وبها نصير الدولة أَفْكين مولى بدر الجمالي الذي سعى للأَفضَل، فانتقض وبايع لنزار بعهده، ولُقِّب المصطفى لدين الله. وسار الأفضل بالعساكر وحاصرهم بالإسكندرية، واستنزلهم على الأمان وأعطاهم اليمين على ذلك، وأركب نزاراً السفن إلى القاهرة وقتل بالقصر.

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص١٣٦ إلى ص١٣٨.

١٧٧

وجاء الأفضل ومعه أَفْتكين أسيراً، فأحضره يوماً ووبّخه، فهمّ بالردّ عليه فقتل بالضرب بالعصي، وقال: لا يتناول اليمين هذه للقتلة، ويقال: إِنّ الحسين بن الصبَّاح رئيس الإسماعيلية بالعراق قصد المستنصر في زيّ تاجر، وسأله إقامة الدعوة له ببلاد العجم فأذن له بذلك. وقال له الحسن: مَن إِمامي من بعدك؟ فقال: ابني نزار. فسار ابن الصبَّاح ودعا الناس ببلاد العجم إليه سراً، ثم أظهر أمره، وملك القلاع هنالك مثل قلعة الموت وغيرها. وهم من أجل هذا الخبر يقولون بإمامة نزار؛ ولما ولي المستعلي خرج ثغر عن طاعته ووليَ عليه واليه كشيلَة، وبعث المستعلي العساكر فحاصره، ثم اقتحموا عليه، وحملوه إلى مصر فقُتل بها سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

وكان (تُتُش) صاحب الشام قد مات، واختلف بعده ابناه رضوان ودقاق، وكان دقاق بدمشق ورضوان بحَلب، فخطب رضوان في أعماله للمستعلي بالله أياماً قلائل، ثم عاود الخطبة للعباسيين)(١) .

استيلاء الفرنج على بيت المقدس:

(كان بيت المقدس قد أقطعه تاج الدولة تُتُش للأمير سُليمان بن أرتق التُّركمانيّ، وقارن ذلك استفحال الفرنج واستطالتهم على الشام، وخروجهم سنة تسعين وأربعمائة، ومرّوا بالقِسْطَنْطِينيّة وعبروا خليجها، وخلى صاحب القِسْطَنْطِينيّة سبيلهم ليحولوا بينه وبين صاحب الشام من السُلجُوقيّة والغُزّ، فنازلوا أوّلاً انطاكية فأخذوها من يد (باغيسيان) من قواد السلجوقية، وخرج منها هارباً فقتله بعض الأرمن في طريقه وجاء برأسه إلى الفرنج بأنطاكية.

وعظم الخطب على عساكر الشام، وسار (كربوقا) صاحب الموصل فنزل مرج دابق، واجتمع إليه دقاق بن تُتُش وسليمان بن أرتق، وطَغْتَكين أتابك صاحب حمص وصاحب سنجار، وجمعوا من كان هنالك من التُّرك والعرب وبادروا إلى أنطاكية لثلاثة عشر يوماً من حلول الفرنج بها. وقد اجتمع ملوك الفرنج ومقدمهم (بنميد)، وخرج الفرنج وتصادموا مع

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ من ص ١٣٨ إلى ص١٤٠.

١٧٨

المسلمين، فانهزم المسلمون، وقتل الفرنج منهم ألوفاً، واستولوا على معسكرهم، وساروا إلى مَعرّة النُعمان وحاصروها أياماً، وهربت حاميتها، وقتلوا منها نحواً من مائة ألف، وصالحهم ابن مُنْقِذ على بلده شيزر، وحاصروا حِمْص فصالحهم عليها جناح الدولة.

ثم حاصروا عكَّة فامتنعت عليهم، وأدرك عساكر الغزّ من الوهن ما لا يعبر عنه، فطمع أهل مصر فيهم، وسار الأفضل بن بدر بالعساكر لاسترجاع بيت المقدس، فحاصرها، وبها سُقْمان وأبو الغازي، ابنا أرتق، وابن أخيهما (ياقوتي) وابن عمهما (سوتج)، ونصبوا عليها نيفاً وأربعين منجنيقاً، وأقاموا عليها نيّفاً وأربعين يوماً، ثم ملكوها بالأمان في سنة تسعين (وأربعمائة).

وأحسن الأفضل إلى سُقْمان وأبي الغازي ومن معهما، وخلّى سبيلهم، فسار سقمان إلى بلد الرَها وأبو الغازي إلى بلد العراق، وولّى الأفضل على بيت المقدس، ورجع إلى مصر.

ثم سارت الفرنج إلى بيت المقدس وحاصروه نيفاً وأربعين يوماً، ونصبوا عليه برجين، ثم اقتحموه من الجانب الشمالي لسبع بقين من شعبان، واستباحوه أُسبوعاً ولجأ المسلمون إلى مِحْراب داود (عليه السلام) واعتصموا به إلى أن استنزلهم الفَرَنْج بالأمان، وخرجوا إلى عسقلان، وقتل بالمسجد عند الشجرة سبعون ألفاً، وأخذوا من المسجد نيفاً وأربعين قنديلاً من الفضة، يزن كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة، وتنوراً من الفضة يزن أربعين رطلاً بالشامي، ومائة وخمسين قنديلاً من الصُفر وغير ذلك مما لا يحصى.

وأجفل أهل بيت المقدس وغيرهم من أهل الشام إلى بغداد، باكين على ما أصاب الإسلام ببيت المقدس من القتل والسَبي والنهب.

وبعث الخليفة أعيان العلماء إلى السلطان (بَرْكَيارُق) وأخوته محمد (وسنجر) بالمسير إلى الجهاد فلم يتمكّنوا من ذلك، للخلاف الذي كان بينهم. ورجع الوفد مؤيسين(١) من نصرهم.

____________________

(١) كذا بالأصل والأصح: آيسين.

١٧٩

وجمع الأفضل أمير الجيوش بمصر العساكر، وسار إلى الفرنج، فساروا إليهم وكبسوهم على غير أُهبة فهزموهم، وافترق عسكر مصر، وقد لاذوا بِخُمّ الشعْراء هناك فأضرموها عليهم ناراً فاحترقوا وقُتِل من ظَهر، ورجع الفرنج إلى عسقلان فحاصروها حتى أنزلوا لهم عشرين ألف دينار فارتحلوا)(١) .

وفاة المستعلي وولاية ابنه الآمر:

(ثم تُوفِّي المستعلي أبو القاسم أحمد بن المستنصر منتصف صفر سنة خمس وتسعين (وأربعمائة) لسبع سنين من خلافته، فبويع ابنه أبو علي ابن خمس سنين، ولُقِّب الآمر بأحكام الله، ولم يلِ الخلافة فيهم أصغر منه، ومن المستنصر فكان هذا لا يقدر على ركوب الفرس وحده)(٢) .

هزيمة الفرنج لعساكر مصر:

(ثم بعث الأفضل أمير الجيوش بمصر العساكر لقتال الفرنج مع سعد الدولة الفراسي أميراً، مملوك أبيه، فلقي الفرنج بين الرملة ويافا، ومقدّمهم بغدوين فقاتلهم، وانهزم وقتل، واستولى الفرنج على معسكره، فبعث الأفضل ابنه شرف المعالي في العساكر، فبارزهم قرب الرملة وهزمهم، واختفى بغدوين في الشجر، ونجا إلى الرملة مع جماعة من زعماء الفرنج، فحاصرهم شرف المعالي خمسة عشر يوماً حتى أخذهم، فقتل منهم أربعمائة صبراً. وبعث ثلاثمائة إلى مصر، ونجا بغدوين إلى يافا. ووصل في البحر جموع من الفرنج للزيارة فندبهم بغدوين للغزو، وسار بهم إلى عَسْقَلان، فهرب شرف المعالي وعاد إلى أبيه. وملك الفرنج عَسْقَلان، وبعث العساكر في البَرّ مع تاج العجم مولى أبيه إلى عسقلان، وبعث الأسطول في البحر إلى يافا مع القاضي ابن قادوس، فبلغ إلى يافا، واستدعى تاج العجم وحبسه، وبعث جمال الملك من مواليه إلى عسقلان مقدّم العساكر الشاميّة. ثم بعث الأفضل سنة ثمان وتسعين (وأربعمائة) ابنه

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١٤٠، ١٤١، ١٤٢.

(٢) تاريخ ابن خلدون: م٤ ص١٤٢، ١٤٣.

١٨٠