نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام13%

نظام حقوق المرأة في الإسلام مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: المرأة
الصفحات: 446

  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57636 / تحميل: 9218
الحجم الحجم الحجم
نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

نظام حقوق المرأة في الإسلام

١

٢

نظام حقوق المرأة في الإسلام

الشهيد آية الله مرتضى المطهّري

٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

٤

مقدّمة المؤلِّف

تقتضي متطلّبات هذا العصر أن يعاد تقويم كثير من المسائل، وإلاّ يكتفى بالتقويمات القديمة، و(نظام الحقوق والواجبات الأُسرية) من جملة هذه المسائل.

في هذا العصر، ولأسباب سأشير إليها لاحقاً، أفترض أن تكون المسألة الأساسية في هذا الباب هي (حرية المرأة) و(حق المساواة) بين المرأة والرجل، وأنّ جميع المسائل الأُخرى متفرّعة عن هاتين المسألتين.

أمّا في نظرنا، فإنّ المسألة الأساسية في باب (نظام حقوق الأُسرة) - أو على الأقل في مرتبة المسائل الأساسية - هي أنّ نظام الأُسرة هل هو نظام مستقل عن باقي النظم الاجتماعية؟ وهل هو معيار خاص به يختلف عن المعايير المتبعة في سائر النظم الاجتماعية؟ أم ليس هناك أي فرق بين هذه الوحدة الاجتماعية وبين سائر الوحدات الأُخرى، وهو محكوم بنفس المنطق ونفس الفلسفة ونفس المعايير التي تحكم بقيّة الوحدات الاجتماعية؟

أساس هذا التردّد هو كون ركني هذه الوحدة جنسين من جهة، وتوالي أجيال الوالدين والأبناء من جهةٍ أُخرى. وقد منح الخالق تعالى أعضاء هذه الوحدة أوضاعاً متفاوتة وغير متساوية فيما بينها وكيفيات

٥

متباينة. ومجتمع الأُسرة مجتمع (طبيعي - وضعي) أي مجتمع وسط بين المجتمع الغريزي كمجتمع النحل والنمل الذي وضعت الطبيعة له حدوده وحقوقه ومقرّراته فلا يزيغ عنها، والمجتمع الوضعي مثل مجتمع الحضارة الإنسانية الذي يتميّز بدرجة قليلة من الطبيعية والغريزية.

وكما نعلم فإنّ قدماء الفلاسفة كانوا يعدّون فلسفة الحياة الأُسرية فرعاً مستقلاًّ من (الحكمة العملية)، ويعتقدون بمنطق ومعيار خاصّين لهذا الجانب من الحياة الإنسانية... وأنّ أفلاطون في رسالة (الجمهورية)، وأرسطو في كتاب (السياسة)، وابن سينا في كتاب (الشفاء)، قد نظروا إلى هذا الموضوع من هذه الزاوية.

وفيما يخصّ حقوق المرأة في المجتمع، هناك أيضاً تساؤل واستفهام فيما إذا كانت الحقوق الطبيعية والإنسانية للمرأة والرجل متشابهة أم غير متشابهة. أي أنّ الخلق والطبيعة التي منحت الإنسان مجموعة من الحقوق، هل جعلت هذه الحقوق جنسين أم جنساً واحداً؟ وهل وجدت (الذكورة) و(الأُنوثة) طريقها إلى الحقوق والواجبات الاجتماعية، أم أنّ الحقوق في نظر الطبيعة وفي منطق التكوين والخلق جنس واحد؟

* * *

في الغرب، منذ القرن السابع عشر وما بعده، اقترنت النهضة العلمية والفلسفية بنهضة اجتماعية وباسم (حقوق الإنسان). وقد نشط كتّاب

٦

ومفكّروا القرنين السابع عشر والثامن عشر بنشر أفكارهم بين الناس حول الحقوق الطبيعية والفطرية - غير القابلة للسلب - للبشر، ومن بين هؤلاء الكتّاب والمفكّرين: جان جاك روسو، وفولتير، ومنتسكيو. وقد كان لهذه المجموعة من المفكّرين فضل عظيم على المجتمع البشري، وقد يمكن القول: إنّ فضل هؤلاء على المجتمع الإنساني لا يقل عن فضل المكتشفين والمخترعين الكبار.

وقد كان المبدأ الأساس الذي اعتمده هؤلاء المفكّرون هو أنّ الإنسان يستحق مجموعة من الحقوق والحرّيّات بالفطرة، وبأمر الخلق والطبيعة. هذه الحقوق والحرّيّات لا يمكن لأيّ فردٍ أو جماعة - تحت أي اسم أو عنوان - سلبها عن فرد أو جماعة آخرين، وحتى صاحب الحق نفسه ليس له - طبقاً لهواه وإرادته - أن يحرم نفسه من هذه الحقوق ويهبها لغيره. كما أنّ جميع الناس: الحاكم والمحكوم... الأبيض والأسود... الغني والفقير، يتساوون في هذه الحقوق والحرّيّات.

وقد ظهرت ثمار هذه النهضة الفكرية والاجتماعية لأوّل مرة في انكلترا، ثم في أمريكا، ثم في فرنسا (على شكل ثورات وتغيير في الأنظمة ونشر بيانات)، وانتشرت بالتدريج إلى البلدان الأخرى.

في القرن التاسع عشر، ظهرت أفكار جديدة ترتبط بحقوق الإنسان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحدثت تحوّلات أخرى انتهت بظهور الاشتراكية ووجوب منح الأرباح إلى

٧

الطبقات الكادحة، وانتقال الحاكم من الطبقة الرأسمالية إلى المدافعين عن الطبقة العاملة.

وحتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان كل ما قيل حول حقوق الإنسان، أو ما نفذ عملياً في المجتمع هو ما يتعلّق بحقوق الشعوب مقابل حكوماتها، أو حقوق الطبقة العاملة والكادحين مقابل أصحاب العمل.

وفي القرن العشرين طُرحت مسألة (حقوق المرأة) في مقابل (حقوق الرجل) وأعلن بصراحة ولأوّل مرة - في لائحة حقوق الإنسان التي نشرتها منظمة الأُمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٨م - عن تساوي حقوق المرأة والرجل.

في جميع النهضات الاجتماعية في الغرب من القرن السابع عشر وحتى القرن الحالي، كان المحور الأساس لهذه النهضات: (التحرّر) و(المساواة) ونظراً لأنّ نهضة حقوق المرأة في الغرب جاءت في أعقاب سائر النهضات: كما أنّ تاريخ المرأة في أوروبا من ناحية الحريات والمساواة كان مشحوناً بالمرارة، ففي هذا المجال أيضاً لم تجن المرأة غير شعار (الحرية) و(المساواة).

وقد اعتبر روّاد هذه النهضة تحرّر المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق متمّماً لنهضة حقوق الإنسان التي بدأت في القرن السابع عشر، وادعوا أنّه بدون تأمين حرية المرأة ومساواتها في الحقوق مع الرجل

٨

يصبح الكلام عن حرية وحقوق الإنسان بلا معنى، إضافةً إلى أنّ جميع مشاكل الأُسرة ناشئة عن عدم تحرّر المرأة وعدم مساواتها بالرجل، وبتأمين هذا الجانب تحل مشكلات الأُسرة كلها مرة واحدة.

في هذه النهضة، نسي ما كان قد اعتبرناه (المسألة الأساسية في نظام حقوق الأُسرة) وهو هل أنّ هذا النظام - بطبعه - نظام مستقل، وله منطق ومعيار مستقلاّن عن منطق ومعيار باقي المؤسّسات الاجتماعية أم لا، وإنّما الذي انصرفت إليه الأذهان هو تعميم مبدأ الحرية والمساواة على النساء في مقابل الرجال. وبتعبيرٍ آخر: في مجال حقوق المرأة كان موضوع البحث فقط (الحقوق الطبيعية والفطرية للإنسان غير القابلة للسلب) لا غير. فكانت جميع الأحاديث وهي إنسان كامل ولذا يجب أن تتمتّع - كالرجل، وفي المقابل - بالحقوق الفطرية للإنسان غير القابلة للسلب.

وقد بحثنا في بعض فصول الكتاب مسألة: (مصادر الحقوق الطبيعية) بحثاً كافياً. وأثبتنا فيها أنّ أساس الحقوق الطبيعية والفطرية هو الطبيعة نفسها. أي أنّ الإنسان كان يتمتّع بحقوق خاصة يفتقدها الحصان والخروف والدجاجة والسمكة فإنّما أساس ذلك الطبيعة والخلقة، وإذا كان الناس جميعاً متساوين في الحقوق الطبيعية ويجب أن يحيوا جميعاً (أحراراً)، فإنّما أساس ذلك أمر متوفّر في أصل الخلقة، وليس لذلك أي سبب آخر؛ والعلماء المناصرون للحرية والمساواة إنّما يطرحونها على

٩

أنّها حقوق فطرية للناس وليس لديهم أي دليل غير ذلك، بالطبع، فإنّ المسألة لنظام الأُسرة ليس لها مرجع غير الطبيعة.

والآن يجب أن ننظر لماذا لم تحز تلك المسألة - التي سمّيناها المسألة الأساسية لنظام حقوق الأُسرة - اهتماماً كافياً؟ فهل تبيّن على ضوء العلوم العصرية أنّ تفاوت واختلاف المرأة عن الرجل هو اختلاف عضوي بسيط لا تأثير له في أساس بناء جسميهما وروحيهما، ولا في الحقوق التي يجب أن يتمتّعا بها أو المسؤوليات التي يجب أن يتعهّدا بها؟ وعلى هذا الأساس لم تفتح الفلسفة الاجتماعية الحديثة حسابين منفصلين لهما؟

ومن غرائب الصدف أنّ القضية على عكس ما ذكر، فإنّ الاختلاف بين الجنسين قد أصبح أوضح على ضوء الاكتشافات العلمية والحياتية والنفسية، وقد بحثنا ذلك في بعض فصول هذا الكتاب مستندين إلى تحقيقات علماء الأحياء والفسيولوجيين وعلماء النفس، ومع ذلك كلّه فقد أمست المسألة الأساسية مغمورة وطي النسيان، وهذا ما يثير العجب.

وقد يكون سبب هذا الانصراف عن المسألة الأساسية هو أنّ هذه النهضة تمّت بسرعة كبيرة؛ ولذلك فإنّها في الوقت الذي أنقذت المرأة من جملة تعاسات، أضافت تعاسات جديدة لها وللمجتمع البشري. وسنرى في فصول هذا الكتاب أنّ المرأة الغربية كانت حتى أوائل القرن

١٠

العشرين محرومة من أبسط الحقوق، ولم تفكّر شعوب الغرب بتلافي ذلك إلاّ في بداية هذا القرن، ولما كانت النهضة النسوية تبعاً لباقي النهضات التي قامت على أساس (الحرية) و(المساواة)، فقد طلبوا بهاتين الكلمتين جميع المعجزات، غافلين عن كون الحرية والمساواة إنّما ترتبطان بروابط البشر ببعضهم من ناحية كونهم بشراً وبتعبير أنصار (الحرية والمساواة حق للإنسان بما هو إنسان) إنّ المرأة من ناحية كونها إنساناً، قد خُلقت - ككل إنسان آخر - حرة وتتمتّع بحقوق مساوية لباقي حقوق الناس، لكن المرأة إنسان بكيفيّة خاصّة والرجل إنسان بكيفيّة أُخرى، والمرأة والرجل (متساويان) في الإنسانية لكنّهما نوعان من الإنسان، بنوعين من الخواص ونوعين من الصفات النفسية. وهذا الاختلاف ليس ناتجاً عن عوامل جغرافية أو تاريخية أو اجتماعية، إنّما مخطّط ذلك قد نُقش في أصل الخلقة. إنّ للطبيعة من وراء صنع نوعين من الإنسان هدفاً معيّناً، وكل عمل ضد الطبيعة والفطرة لابد أن يؤدّي إلى عوارض غير مرغوبة. ونحن كما استلهمنا من الطبيعة فكرة حرية الإنسان والمساواة بين الناس - بما في ذلك المرأة والرجل - كذلك يجب أن نستلهم منها درس (النوع الواحد) أو (النوعين) في حقوق المرأة والرجل، وهل أنّ مجتمع الأُسرة هو مجتمع نصف طبيعي - على الأقل - أم لا؟ وعلى الأقل فإنّ مسألة كون الحيوانات - ومنها الإنسان - جنسين هل هو من قبيل الصدفة أم ضمن مخطّط الخلقة، مسألة تستحق البحث. وهل اختلاف هذين الجنسين اختلاف سطحي وعضوي أم كما

١١

يقول الكسيس كارل إنّ كل خلية من خلايا الإنسان تحمل علامة جنسية؟ وهل في منطق ولغة الفطرة أن يحمل كل من المرأة والرجل رسالة خاصة به أم لا؟ والحقوق هل هي نوع واحد أم نوعان؟ وهل الأخلاق والتربية جنسان أم جنس واحد؟ وماذا عن العقوبات وكذلك المسؤوليات والرسالات؟

في هذه النهضة لم يلتفت إلى أنّ هناك مسائل أخرى مؤثّرة، غير الحرية والمساواة، الحرية والمساواة شرطان لازمان لا كافيان، فتساوي الحقوق شيء وتشابهها شيء آخر، وتساوي حقوق المرأة والرجل من حيث القيمة المادية والمعنوية شيء والتشابه والتماثل شيء آخر.

في هذه النهضة: حل (التساوي) محل (التشابه) و(المساواة) محل (التماثل).

واختفت (الكيفية) في ظل (الكمية).

كون المرأة (إنساناً) أدّى إلى نسيان كونها (امرأة).

والحقيقة أنّ هذا الإهمال لا يعزى إلى غفلة فلسفية ناشئة عن العجلة، بل هناك عوامل أخرى أيضاً مؤثّرة تتعلّق بالرغبة في استثمار عنوان (الحرية) و(المساواة) للمرأة.

من هذه العوامل: مطامع الرأسماليين، فأصحاب المعامل من أجل اجتذاب المرأة من البيت إلى المعمل واستثمار طاقاتها اقتصادياً، رفعوا شعارات: حقوق المرأة، الاستقلال الاقتصادي للمرأة، حرية المرأة،

١٢

مساواة المرأة بالرجل في الحقوق. وكان هؤلاء الرأسمالييون هم الذين جعلوا لهذه الشعارات: الصفة الرسمية القانونية.

ويل ديورانت - في الفصل التاسع من كتاب لذات الفلسفة - بعد أن يذكر بعض الآراء التي تحتقر المرأة عن أرسطو ونيتشه وشوبنهاور وبعض الكتب اليهودية المقدّسة، والإشارة إلى أنّ الثورة الفرنسية بالرغم من حديثها عن تحرّر المرأة، إلاّ أنّ تغيّراً عملياً لم يحدث، يقول: (حتى حدود عام ١٩٠٠م لم يكن القانون ليجبر الرجل على احترام المرأة) وعندها يتطرّق إلى أسباب تغيّر وضع المرأة في القرن العشرين، فيقول: (تحرّر المرأة من آثار الثورة الصناعية) ويكمل حديثه قائلاً:

(.... كانت العاملات أقل أجراً من العمّال، وكان أصحاب المعامل يفضّلونهن على الرجال لثكرة تمرّدهم. قبل قرن من الزمان كان الحصول على عمل في انكلترا أمراً عسيراً على الرجال لكن الإعلانات كانت تدعوا الرجال إلى إرسال نسائهم وأطفالهم إلى المعامل... وكانت أوّل خطوة على طريق تحرير جداتنا تتمثّل في قانون عام ١٨٨٢م إذ بموجب هذا القانون أصبحت نساء بريطانيا العظمى يتمتّعن بميزة لم يسبق لها مثيل هي أنّ من حقّهن الاحتفاظ لأنفسهن بالمال الذي يكتسبنه(١) .

هذا القانون المسيحي الأخلاقي وضعه أصحاب المعامل

____________________

(١) في شرح القانون المدني الإيراني، ص: ٣٦٦ يقول الدكتور على شايغان: (إنّ الاستقلال الذي تتمتّع به المرأة في أموالها والذي اعترف به فقه الشيعة من البداية، =

١٣

في مجلس العموم من أجل أن يجتذبوا نساء انكلترا إلى المعامل. ومنذ ذلك العام وحتى العام الحالي أدّى البحث عن الربح الذي لا يقاوم إلى أن تتحرّر النساء من العذاب والاستعباد في البيت، لتصبح رهن العذاب في المتجر والمعمل....)(١) .

إنّ تكامل الآلة، والزيادة اليومية للإنتاج فوق ما يحتاجه واقع الإنسان والرغبة في استنزاف المستهلك بألف حجّة وحيلة، واستعمال الوسائل السمعية والبصرية والفكرية والشعورية والذوقية والفنيّة والشهوانية من أجل صنع إنسان مستهلك بلا إرادة، أدّت مرةً أخرى إلى أن تحتاج الرأسمالية إلى جهود المرأة، ولكن هذه المرّة لم تكن الحاجة إلى قدرتها البدنية وطاقتها الإنتاجية وجمالها وتخلّيها عن شرفها وكرامتها، وإلى قدرتها السحرية على تسخير الفكر والإرادة واستثمارهما في فرض السلع على المستهلك، وبديهي أنّ عنوان ذلك

____________________

= لم يكن موجوداً في اليونان، ولا روما ولا ألمانيا، ولا حتى وقت قريب في أغلب بلدان العالم، أي أنّها كانت محجوراً عليها مثل الصغير والمجنون ولا يحق لها التصرّف في أموالها، وفي بريطانيا حيث كانت شخصية المرأة سابقاً محجوبة بشخصية زوجها وقد رفع الحجر عنها بقانون عام ١٨٧٠م وقانون ١٨٨٢م باسم قانون الملكية.

(١) لذات الفلسفة: ص ١٥٥ - ١٥٩.

١٤

كلّه الحرية والمساواة مع الرجل.

والسياسة بدورها لم تكن غافلة عن استعمال هذا العمل، فأنت تقرأ أخبار الجرائد والمجلاّت، وفي جميع ذلك يستفاد من وجود المرأة؛ حتى غدت المرأة أداة لتنفيذ مآرب الرجل تحت ستار الحرية والمساواة.

وبديهي أنّ شباب القرن العشرين لم يغفل عن اغتنام هذه الفرصة الثمينة، من أجل أن يتخلّص من الالتزامات التقليدية تجاه المرأة عند الزواج، ويصطادها حيثما شاء رخيصة أو بالمجّان، ففاق الجميع في ذرف دموع التماسيح حزناً وأسفاً على تعاسة بصورة أفضل في هذا الجهاد المقدّس! أخر سن زواجه إلى الأربعين وأحياناً بقي أعزب طول حياته!!!

لا شك في أنّ القرن الأخير هذا قد خلّص المرأة من مجموعة تعاسات، ولكنّ الحديث في أنّه قد جاءها بمجموعة من التعاسات، لماذا؟ وهل أنّ المرأة محكومة بإحدى التعاستين ولابد لها قسراً أن تختار إحداهما؟ أم ليس هناك مانع من أن تقوم المرأة بطرد مصائبها القديمة والجديدة معاً؟

هذه هي الحقيقة، وهي ألاّ جبر في الموضوع، فالمصائب القديمة كانت غالباً نتيجة نسيان إنسانية المرأة، أما الجديدة فناتجة عن أنّهم

١٥

أغفلوا عمداً أو سهواً كونها امرأة، كما أغفلوا موقفها الطبيعي والفطري ورسالتها ومدارها وحاجاتها الغريزية واستعداداتها الخاصة.

العجيب أنّه حين يجري الحديث عن الاختلافات الفطرية بين المرأة والرجل يتلقّاه البعض على أنّه نقص المرأة وكمال الرجل ويؤدّي بالتالي إلى سلسلة من الحقوق بالنسبة للرجل وسلسلة من الحقوق المهدورة بالنسبة للمرأة، غافلين عن أنّ المسألة ليست مسألة نقص وكمال، فإنّ الخالق لم يرد بهذه الاختلافات أن يجعل أحدهما ناقصاً والثاني كاملاً، وبالتالي يكون أحدهما ذا حقوق وامتيازات والثاني محروماً.

هذا البعض - بعد ردّ فعله المنطقي والحكيم! - يقول: حسناً، إذا كانت طبيعة المرأة قد ظلمتها وجعلتها ضعيفة وناقصة، أيحسن أن نأتي نحن أيضاً لنزيد في مظلوميّتها؟ فإذا نسينا أو تناسينا وضع المرأة الطبيعي ألاّ نكون قد أدّينا عملاً إنسانياً لها؟

لكن الحق أنّ العكس هو الصحيح، فإنّ إهمال الوضع الطبيعي والفطري يؤدّي إلى إهدار حقوقها أكثر فأكثر، فلو أنّ الرجل أقام جبهة ضدّ المرأة فقال لها: أنتِ فرد وأنا فرد، فيجب إذاً أن تتشابه الأعمال والمسؤوليات والأرباح والأُجور والجزاء، ويجب أن تشاركيني الأعمال صعبها وثقيلها على السواء، فتأخذي أجركِ بمستوى عملكِ لا تنتظري منّي احتراماً ولا دفاعاً عنكِ، وعليكِ أن تتكلّفي جميع

١٦

مصروفاتك وتشاركيني في نفقة أطفالنا، وتدفعي عن نفسك الأخطار، وتنفقي عليّ بمقدار ما أنفق عليكِ من مال؛ في هذه الحالة تكون المرأة في وضع لا تُحسد عليه.

ذلك أنّ طاقة المرأة وإنتاجها بالطبع أقل من الرجل، واستهلاكها للثروة أكثر منه، علاوة على مرضها الشهري، وصعوبات أيام الحمل والولادة وحضانة الرضيع، ممّا يجعل المرأة محتاجة إلى حماية الرجل وأن تكون مسؤوليّاتها أقلّ وحقوقها أكثر. وهذا لا يخص الإنسان وحده، فكل الحيوانات التي تحيا حياةً زوجيّة هكذا، ففي جميع أنواع الأحياء، يبادر الذكر إلى رعاية الأُنثى بحكم الغريزة.

فإذا أخذنا بنظر الاعتبار الوضع الطبيعي والفطري لكل من المرأة والرجل مع التأكيد على تساويهما في الإنسانية والحقوق المشتركة للإنسان، لوجدنا أنّ الفطرة قد وضعت المرأة في موقع مناسب لها جداً لا يدكّ شخصها ولا شخصيّتها.

ومن أجل أن نطّلع قليلاً على النتائج العملية التي قاد إليها نسيان الموقع الطبيعي والفطري لكل من المرأة والرجل والاعتماد فقط على الحرية والمساواة، فمن الأفضل أن ننظر إلى الذين ساروا قبلنا على هذا الطريق ووصلوا إلى نهايته ماذا يقولون وماذا يكتبون؟

في مجلة (مختارات للقراء) العدد ٧٩، السنة ٣٤، الصادر في

١٧

٤ / تير سنة ١٣٥٣ هـ ش(١) نشرت مقالة من المجلة الشهرية للشرطة تحت عنوان (قصص عن النساء العاملات في المجتمع الأمريكي). وهي مقالة مترجمة من مجلة كورونت، هذه المقالة مفصّلة وتستحق القراءة، في البداية تعرض المقالة شكوى إحدى السيّدات العاملات التي تتحدث كيف أنّه باسم المساواة بين المرأة والرجل، حُرمت المرأة العاملة من العناية التي كانوا يحيطونها بها سابقاً. فمثلاً (لا ترفع المرأة حملاً يزيد وزنه على (٢٥ ) رطلاً، بينما لا توجد مثل هذه الميزات بالنسبة للرجل)، فتقول: (تغيّرت في الوقت الحاضر ظروف العمل في معمل جنرال موتورز في ولاية أوهايو أو بتعبير آخر المكان الذي تتعذّب فيه ما يقارب الـ (٢٥٠٠ ) امرأة... وترى هذه السيدة نفسها أمام ماكنة جبّارة أو منهمكة بتنظيف فرن معدني زنته (٢٥ ) رطلاً كان قد وضعه في مكانه قبل لحظات رجل مفتول العضلات وتقول في نفسها: أجد جسمي محطّماً مليئاً بالكدمات والجروح) وأضافت: (يجب عليّ في كل دقيقة أن أعلق بالرافعة حزمة ذات (٢٥ -٥٠ ) إنجاً يزيد وزنها على (٣٥ ) رطلاً، وأجد يدي على الدوام متورّمتين وتؤلماني كثيراً).

ثم تنتقل المجلة إلى عرض شكاوى وقلق سيدة أُخرى يعمل زوجها بحّاراً لدى القوّة البحرية، وكانت قيادة القوّة البحرية قد صمّمت

____________________

(١) المصادف ٧ حزيران (يونيو) عام ١٩٧٤م. والتاريخ المذكور أعلاه هو التاريخ الهجري الشمسي.

١٨

أخيراً على استخدام عدد من النساء في السفن التي يعمل عليها الرجال. فتقول: (إنّ القوّة البحرية أرسلت في هذه الأثناء سفينة في مهمّة، شاركت فيها أربعون امرأة وأربعمئة وثمانون بحّاراً. لكن عندما عادت هذه السفينة من أوّل سفرة (مختلطة) لها، تأكّدت مخاوف وتوجّسات زوجات البحّارة؛ إذ تبيّن أنّه لم تجر قصص عشق كثيرة على السفينة فحسب، بل إنّ أغلب النساء قد مارسن الجنس ليس مع بحّار واحد فقط، بل مع عدّة منهم).

وتقول أيضاً: (في ولاية فلوريد!)، وبعد التحرّي - امتد النزاع حتى شمل (الأرامل) فقد أعلن أحد قضاة هذه الولاية واسمه (توماس تستا) عدم شرعية المادة القانونية التي تعفي الأرامل اللاتي يملكن (٥٠٠) دولار فما دون من ضريبة الدخل، قائلاً إنّ هذا القانون تحيّز للنساء ضد الرجال).

ثم تضيف المجلة: (إنّ السيدة ماك دانيل تعاني من حرقة الكفين، والسيدة استون (زوجة أحد البحارة) أصبحت فريسة الاضطراب والقلق، وأرامل فلوريدا يدفعن الغرامات النقدية، والباقون أيضاً سيذوق كل واحد منهم طعم الحرية حسب إمكانه.

ويخطر سؤال على بال الكثيرين هو: ألم تخسر السيدات أكثر ممّا كنّ يتمتعن به من الحقوق؟

لكن لا فائدة الآن من هذا التساؤل والبحث؛ فإنّ اللعبة قد بدأت فعلاً واتخذ المتفرّجون أماكنهم أمام الملعب، وقد تمّت المصادقة هذا العام على سبع وعشرين مادة معدّلة في الدستور الأمريكي، وقد اعتبرت بموجب ذلك جميع الامتيازات المتعلّقة بجنس الفرد غير قانونية...

١٩

وعلى هذا فقد تحقّقت نبوءة (رسكوباوند) أُستاذ كلية الحقوق في هارفارد إذ قال: (إنّ تحرير النساء بداية لنتائج مؤسفة للمكانة القانونية للمرأة في أمريكا).

... وقد اقترح السناتور (جي اروين) من ولاية كارولينا الشمالية بعد دراسة المجتمع الأمريكي (تساوي الحقوق بين النساء والرجال.... فجميع قوانين الأُسرة يجب أن تتغيّر، ولا يكون الرجال بعد ذلك مسؤولين عن تأمين ميزانية الأُسرة).

وتكتب المجلّة: (تقول السيدة ماك دانيل: (إنّ إحدى النساء أُصيبت بنزف داخلي من جرّاء حمل بعض الأثقال. إنّنا نريد العودة إلى الوضع السابق، نرغب في أن يعاملنا الرجال على أنّنا نساء لا عمّال. أمّا بالنسبة لأنصار تحرّر المرأة فهذا الموضوع سهل جداً، إذ يجلسون في غرفة فخمة ليقولوا: (يجب أن يتساوى النساء بالرجال)؛ ذلك أنّهم لم يعرفوا العمل في المعمل بعد. إنّهم يجهلون أن جميع العاملات بأجر في هذه البلاد يعملن مثلي ويشقين في المعامل. إنّني لا أريد هذه المساواة، إذ أنّني لا أستطيع إنجاز أعمال الرجال. إنّ الرجال أقوى منّا أجساماً وإذا كان المطلوب أن ننافسهم في العمل والإنتاج ويقاس عملنا بأعمالهم فإنّني - من جانبي - أُفضّل الاعتزال. إنّ الميزات التي خسرتها عاملات ولاية أوهايو أكثر بكثير من المزايا التي كسبتها عن طريق قانون حماية العمّال. لقد خسرنا شخصيتنا النسائية. إنّني لا أفهم ماذا

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٢٠٥ ـ رواية الحسن بن كثير :

وقد روى الحسن بن كثير وعبد خير ، قالا : لما وصل عليعليه‌السلام إلى كربلا وقف وبكى ، وقال : بأبي أغيلمة يقتلون ههنا. هذا مناخ ركابهم ، هذا موضع رحالهم ، هذا مصرع الرجل.

ـ رواية أخرى :(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ١٧١)

عن الحسن بن كثير ، عن أبيه ، أن علياعليه‌السلام أتى كربلاء ، فوقف بها ، فقيل له :

يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء. فقال : ذات كرب وبلاء. ثم أومأ بيده إلى المكان ، فقال : ههنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم.

ثم أومأ بيده إلى مكان آخر ، فقال : ههنا مهراق دمائهم. ثم مضى إلى ساباط.

٢٠٦ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر (رض):

(أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)

في منتخب كنز العمال عن الطبراني في الكبير ما لفظه عن شيبان بن محرم ، قال :إني لمع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم إلا شهداء بدر.

ـ شهداء كربلاء لا يسبقهم سابق :(المنتخب للطريحي ، ص ٨٧)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء ، فبكى حتى اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم.

٢٠٧ ـ إخبار عليعليه‌السلام أن الحسينعليه‌السلام يقتل وموضع ذلك ، وما في ذلك من معجزات :(مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، ص ١٢٠)

روى الشيخ الصدوق بسنده عن ابن عباس ، قال : كنت مع عليعليه‌السلام في خروجه من صفين. فلما نزلنا نينوى ـ وهي بشط الفرات ـ قال بأعلى صوته : يابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت : لا أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال عليعليه‌السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي لبكائي. قال فبكىعليه‌السلام طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معه ، وهو يقول : أوه أوه ، مالي

٢٢١

ولآل أبي سفيان مالي ولآل حزب الشيطان وأولياء الكفر. صبرا صبرا يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة ، فصلى ما شاء الله أن يصلي.

وذكر نحو كلامه ، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم انتبه فقال :يابن عباس. قلت : ها أنذا. فقال : ألا أحدثك عما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت : نامت عينك ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين. قالعليه‌السلام : رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء ، معهم أعلام بيض ، قد تقلدوا سيوفهم ، وهي بيض تلمع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطة. ثم رأيت كأن النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض ، تضرب بدم عبيط (أي طري) ، وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي ، قد غرق فيه ، يستغيث فلا يغاث. وكأن الرجال البيض (الذين) نزلوا من السماء ، ينادونه ويقولون : صبرا آل الرسول ، فإنكم تقتلون على يدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبد الله مشتاقة إليك. ثم يعزّونني ويقولون : يا أبا الحسن أبشروا فقد أقرّ الله عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين. ثم انتبهت هكذا.

والذي نفس علي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني سأمر بها في خروجي إلى أهل البغي علينا. وهي أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها الحسينعليه‌السلام وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمةعليها‌السلام . وإنها لفي السموات معروفة تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس. ثم قال : يا بن عباس ، اطلب حولها بعر الظباء ، فو الله ما كذبت ولا كذبت ، وهي مصفرة ، لونها لون الزعفران. فطلبتها فوجدتها مجتمعة. فناديته : يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال عليعليه‌السلام : صدق الله ورسوله.

ـ قصة مرور عيسىعليه‌السلام بكربلاء :

ثم قام عليعليه‌السلام يهرول حتى جاء إليها فحملها وشمها ، وقال : هي هي ، أتعلم يابن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم ، وذلك أنه مرّ بها ومعه الحواريون ، فرأى ههنا ظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسىعليه‌السلام وجلس الحواريون. فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى. فقالوا : يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه ، هذه أرض من يقتل فيها

٢٢٢

فرخ رسول الله أحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفرخ الحرة الطاهرة البتول ، شبيهة أمي ، ويلحد فيها أطيب من المسك ، لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء. فهذه الظباء تكلمني وتقول : انها ترعى هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض.

ثم ضرب بيده البعيرات فشمها ، وقال : هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها. اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه ، فتكون له عزاء وسلوة. فبقيت إلى يومنا هذا وقد اصفرت لطول زمنها ، وهذه أرض كرب وبلاء.

ثم قال بأعلى صوته : يا رب عيسى بن مريم ، لا تبارك في قتلته والمعين لهم والخاذل له. ثم بكى طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا. ثم أفاق فأخذ البعر فصّره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك.

ثم قال : يابن عباس ، إذا رأيتها تتفجر دماء عبيطا ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبد اللهعليه‌السلام قد قتل بها ودفن.

قال ابن عباس : فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لما افترض اللهعزوجل علي ، وأنا لا أحلها من طرف كمي. فبينا أنا نائم في البيت فإذا هي تسيل دما عبيطا ، وان كمي قد امتلأ دما عبيطا. فجلست وأنا باك ، وقلت : قتل والله الحسين ، والله ما كذبني قط في حديث ، ولا أخبر بشيء أن يكون إلا كان كذلك ، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره. ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين. ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط. فجلست وأنا باك ، وقلت قتل والله الحسينعليه‌السلام .

وسمعت صوتا من ناحية البيت ، وهو يقول : اصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول ، نزل الروح الأمين ببكاء وعويل. ثم بكى بأعلى صوته وبكيت. فأثبتّ عندي تلك الساعة ، وكان شهر محرم يوم عاشور لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره ، وتاريخه كذلك. فحدثت بهذا الحديث الذين كانوا معه فقالوا :والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو. قلت : أترى أنه الخضرعليه‌السلام .

٢٢٣

٢٠٨ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام حين مر بكربلاء وهو سائر إلى صفين :

(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ١٤٠ ط ٢)

قال نصر بن مزاحم : حدثني مصعب بن سلام عن هرثمة بن سليم ، قال :غزونا مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام غزوة صفين. فسار حتى انتهى إلى كربلاء ، فنزل إلى شجرة فصلى إليها ، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ، ثم قال : واها لك أيتها التربة ، ليحشرن منك (وفي رواية : ليقتلن بك) قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته ـ وهي جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعليعليه‌السلام ـ فقال لها زوجها هرثمة : ألا أعجّبك من صديقك أبي الحسن؟ لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمها ، وقال : «واها لك يا تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب». وما علمه بالغيب؟! فقالت : دعنا منك أيها الرجل ، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.

فلما بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن عليعليه‌السلام وأصحابه ، قال هرثمة : كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم ، فلما انتهيت إلى القوم وحسين وأصحابه ، نظرت إلى الشجرة ، فذكرت الحديث وعرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع عليعليه‌السلام ، والبقعة التي رفع إليه من ترابها ، والقول الذي قاله ، فكرهت مسيري. فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسينعليه‌السلام ، فسلمت عليه وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل.

فقال الحسينعليه‌السلام : فأنت معنا أم علينا؟ فقلت : يابن رسول الله لا معك ولا عليك. تركت أهلي وولدي وعيالي ، أخاف عليهم من ابن زياد.

فقال الحسينعليه‌السلام : فولّ في الأرض هربا حتى لا ترى لنا مقتلا ، فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار. قال هرثمة :فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفي علي مقتله.

ملاحظة : هذه الفقرة هي جمع عدة روايات مع بعض ، إحداها وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٣ ص ١٦٩ ط مصر ـ تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.

٢٠٩ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بما سيحدث في كربلاء :

(المصدر السابق ، ص ١٤١)

حدّث نصر بن مزاحم عن مصعب بن سلام عن سعيد بن وهب ، قال : بعثني

٢٢٤

مخنف بن سليم إلى عليعليه‌السلام عند توجهه إلى صفين. فأتيته بكربلاء ، فوجدته يشير بيده ويقول : ههنا! فقال له رجل : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال : ثقل آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينزل ههنا ، فويل لهم منكم ، وويل لكم منهم!.

فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال (ويل لهم منكم) تقتلونهم ، (وويل لكم منهم) يدخلكم الله بقتلهم إلى النار.

٢١٠ ـ حديث الإمام الحسنعليه‌السلام عن مصرع أخيه الحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

روى الإمام الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : دخل الحسين على أخيه الحسنعليهما‌السلام يوما ، فلما نظر إليه بكى. فقال له الحسنعليه‌السلام : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال :أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسنعليه‌السلام : إن الذي يؤتى إليّ سم يدس إلي فأقتل به(١) ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله. يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنهم من أمة جدك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينتحلون بك الإسلام ، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببني أمية اللعنة ، وتمطر السماء دما ورمادا ، ويبكي عليك كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار.

٢١١ ـ إخبار الحسينعليه‌السلام بمقتله :

عن معاوية بن قرة قال : قال الحسينعليه‌السلام : والله ليعتدن عليّ كما اعتدت بنو اسرائيل في السبت.

قال : وأنبأنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، (قال) قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٤.

٢٢٥

أخبار أخرى

٢١٢ ـ ورود سلمان (رض) كربلاء :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ٧١)

في الخبر عن المسيب بن نجبة الفزاري ، قال : خرجت أستقبل سلمان الفارسي حين أقبل من المدينة إلى المدائن. فلما وصل إلى كربلاء تغير حاله وبكى ، وقال :هذه مصارع إخواني. هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق دمائهم. يقتل بها خير الأولين وابن خير الآخرين.

٢١٣ ـ إخبار أبي ذر الغفاري بمقتل الحسينعليه‌السلام ونتائج ذلك :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٦)

في (كامل الزيارة) عن عروة بن الزبير ، قال : سمعت أبا ذر ، وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة ، فقال له الناس : يا أبا ذر أبشر ، فهذا قليل في الله. فقال ما أيسر هذا ، ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليعليه‌السلام قتلا (أو قال : ذبح ذبحا)؟. والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الخليفة (يعني علي بن أبي طالب) أعظم قتيلا منه. وإن الله سيسل سيفه على هذه الأمة لا يغمده أبدا. ويبعث ناقما من ذريته فينتقم من الناس. وإنكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار ، وسكان الجبال في الغياض والآكام ، وأهل السماء من قتله ، لبكيتم والله حتى تزهق أنفسكم. وما من سماء يمر بها روح الحسينعليه‌السلام إلا فزع له سبعون ألف ملك ، يقومون قياما ترعد مفاصلهم إلى يوم القيامة. وما من سحابة تمر وترعد وتبرق إلا لعنت قاتله. وما من يوم إلا وتعرض روحه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيلتقيان.

٢١٤ ـ ملازمة رجل من بني أسد أرض كربلاء :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدى فينزل قريبا من الموضع الذي كانت فيه معركة الحسينعليه‌السلام . فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!. قال : بلغني أن حسيناعليه‌السلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل معه.

قال ابن الهيثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام قال أبي : انطلقوا بنا ننظر ، هل الأسدي فيمن قتل مع الحسينعليه‌السلام . فأتينا المعركة وطوّقنا ، فإذا الأسدي مقتول.

٢٢٦

(أقول) لعل هذا الشهيد هو أنس بن الحرثرحمه‌الله . وهذا درس يعلمنا أن المؤمن النبيه يسعى نحو الحق حتى يدركه ، فينال أعلى درجات السعادة والكرامة ، كما فعل أنس بن الحرث الأسدي.

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

٢١٥ ـ الحسينعليه‌السلام يخبر بأن عمر بن سعد سيقتله :

(كشف الغمة ٢ / ٩ وإرشاد المفيد ص ٢٨٢ والبحار ٤٤ / ٢٦٣)

روى سالم بن أبي حفصة ، (قال) قال عمر بن سعد للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، إن قبلنا أناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك. فقال له الحسينعليه‌السلام : إنهم ليسوا سفهاء ، ولكنهم حلماء. أما إنه يقر عيني أن لا تأكل من برّ العراق بعدي إلا قليلا.

٢١٦ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بأن عمر بن سعد يقتل ابنه الحسينعليه‌السلام :

عن الأصبغ بن نباتة ، قال : بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام يخطب الناس ، وهو يقول :سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلا أنبأتكم به. فقام إليه سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة. فقال : أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنك ستسألني عنها. وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس ، وإن في بيتك لسخلا يقتل ابني الحسينعليه‌السلام . وكان عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه.

(أقول) : فلما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، تولى عمر بن سعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وكان الأمر كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وفي رواية (الإرشاد) للمفيد ص ٢٠ قال له عليعليه‌السلام :

وآية ذلك مصداق ما خبّرتك به. ولو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به ، ولكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك وسخلك الملعون.

قال ابن سيرين : وقد ظهرت كرامات علي بن أبي طالبعليه‌السلام في هذا ، فإنه لقي قاتل الحسينعليه‌السلام وهو شاب ، فقال : ويحك ، كيف بك إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار ، فتختار النار؟

وسيرد هذا الخبر عند الحديث عن عمر بن سعد ، الذي تولى قيادة الجيش لقتال

٢٢٧

الحسينعليه‌السلام ، وقد نصحه الحسينعليه‌السلام كثيرا ، ولكن حب الدنيا أعمى قلبه.

تنبيه حول السائل :ذكر فخر الدين الطريحي في (المنتخب) ص ١٦٦ : أن الذي سأل الإمامعليه‌السلام : كم شعرة في رأسي ، هو يزيد والد خولي بن يزيد الأصبحي.ولعل بعض الروايات تشير إلى أنه سنان بن أنس ، والله أعلم.

يقول العلامة المجلسي في البحار ، ج ٤٤ ص ٢٥٧ : لا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبي وقاص ، حيث أن سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة وامتنع عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاشترى أرضا واشتغل بها ، فلم يكن ليجيء إلى الكوفة ويجلس إلى خطبة الإمام عليعليه‌السلام .ومن جهة أخرى إن عمر بن سعد قد ولد في السنة التي مات فيها عمر بن الخطاب وهي سنة ٢٣ ه‍ فكان عمره حين خطب الإمامعليه‌السلام هذه الخطبة بالكوفة غلاما بالغا أشرف على العشرين ، لا أنه سخل في بيته.

ولما كان أصل القصة مسلمة مشهورة ، عدل الشيخ المفيد في (الإرشاد) عن تسمية الرجل ، وتبعه الطبرسي في (إعلام الورى) ص ١٨٦. ولعل الصحيح ما ذكره ابن أبي الحديد ، حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ، ج ١ ص ٢٥٣ عن كتاب (الغارات) لابن هلال الثقفي عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد الباقرعليه‌السلام وقال في آخره : والرجل هو سنان بن أنس النخعي.

٢١٧ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيد هو قاتل الحسينعليه‌السلام :

أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. نعي إليّ الحسينعليه‌السلام وأتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا (أي جماعات متفرقين).

وأخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بلفظ : يزيد ، لا بارك الله في يزيد ، الطّعان اللعّان ، أما إنه نعي إلي حبيبي وسخلي حسين ، أتيت بتربته ورأيت قاتله. أما إنه لا يقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه ، إلا عمّهم الله بعقاب.

وأخرج أبو يعلى عن أبي عبيدة (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ، يقال له : يزيد.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والروياني والحافظ أبوبكر محمد بن اسحق ابن

٢٢٨

خزيمة السلمي النيسابوري والبيهقي وابن عساكر والضياء ، عن أبي ذر ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية. وزاد الروياني : يقال له يزيد.

٢١٨ ـ رواية أخرى :

(معجم الطبراني ص ١٣٠ ومقتل الخوارزمي ص ١٦٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٣ وأمالي الشجري ص ١٦٩)

في معجم الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال :خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متغير اللون ، فقال : أنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوتيت فواتح الكلام وخواتمه ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللهعزوجل ، أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، (فإذا) أتتكم الموتة أتتكم بالروح والراحة.كتاب الله من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكا. رحم الله من أخذها بحقها ، وخرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ واحص!. قال : فلما بلغت خمسة ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. ثم ذرفت عيناه. ثم قال : نعي إلي حسين ، وأوتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : واها لفراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خلفي وخلف الخلف.

أمسك يا معاذ. فلما بلغت عشرة ، قال : الوليد(١) اسم فرعون ، هادم شرائع الاسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل بيته ، يسل الله سيفه فلا غماد له ، ويختلف الناس فكانوا هكذا ، وشبك بين أصابعه.

ثم قال : وبعد العشرين والمائة موت سريع وقتل ذريع ، فيه هلاكهم ، ويلي عليهم رجل من ولد العباس.

__________________

(١) لعل المقصود به الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وهو الذي مزّق القرآن وقال :

تهددني بجبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر

فقل : يا ربّ مزّقني الوليد

٢٢٩
٢٣٠

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

١ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه

ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن يوم عاشوراء

ـ اتخاذ بني أمية يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

ـ أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء وأنه عيد

ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٣١
٢٣٢

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

* مقدمة الفصل :

لا يخفى أن مصيبة الحسينعليه‌السلام الكبيرة قد أقضّت مضجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستحوذت عليه كل اهتمامه. فلا عجب إذا رأيناه يقيم المأتم على الحسينعليه‌السلام منذ مولده ، وفي عدة مناسبات من حياته. وعلى ذلك سار الأئمة الأطهار ودعوا كل من شايع الحسينعليه‌السلام إلى إقامة الحزن والعزاء عليه في كل مكان وزمان ، ولا سيما يوم العاشر من المحرم ، حتّى صار شعارهم :

«كل أرض كربلا ، وكل يوم عاشورا»

في حين كان بعض المسلمين عمدا أو جهلا يقيمون الفرح في ذلك اليوم ، جريا على السنّة التي اختطها لهم بنو أمية من غابر الزمان.

وسوف نتكلم في هذا الفصل حول إقامة المآتم الحسينية ، ثم فضل الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، ثم إقامة مراسم العزاء والحزن والحداد يوم العاشر من المحرم كل عام. ونتعرض إلى بعض خصوصيات يوم عاشوراء ، والمحاولات المغرضة لتغيير مفهومه وصرفه عن حقيقته. ثم ننهي الفصل بفلسفة المآتم الحسينية ، وتتضمن أهداف ذكرى الحسينعليه‌السلام والفوائد التي تحققها المجالس الحسينية ، وأن هدفها ليس فقط الحزن والبكاء ، وإنما العظة واليقظة والاعتبار ، وتبديل السلوك وتعديل المسار ، والخروج من مستنقع الخطايا والأوزار ، إلى رياض الأخيار وجنان الأبرار.

١ ـ مآتم الحسينعليه‌السلام

مرت في الفصل السابق روايات مستفيضة حول إخبار جبرئيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنبأ استشهاد الحسينعليه‌السلام ، ثم إخبار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهله وأصحابه بذلك. وكان في

٢٣٣

تلك الأحوال يضع الحسين الطفل في حضنه ، ويبكي بكاء شديدا ، ويقبّله من فمه ونحره ، ويشمّه ويضمه إلى صدره ، فكانت تلك المشاهد أول المآتم المقامة على الحسينعليه‌السلام في حياته وقبل مماته. وعلى هذا الهدي المحمدي سار شيعة الحسينعليه‌السلام من بعده ، يقيمون المآتم والعزاء عليه ، بعد موته واستشهاده ، اقتداء بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاركة له في محنته ومصيبته.

٢١٩ ـ مأتم الحسينعليه‌السلام في دار فاطمةعليها‌السلام :

(قادتنا : كيف نعرفهم؟ ، ج ٦ ص ١٢٠)

روى الخوارزمي عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعملنا له حريرة ، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن وزبدا وصفحة من تمر. فأكل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكلنا معه. ثم وضّأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقام فاستقبل القبلة ، فدعا الله ما شاء. ثم أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر. فهبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نسأله!.

فوثب الحسينعليه‌السلام فقال : يا أبتي رأيتك تصنع ما لم أرك تصنع مثله!.فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله. وإن حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فدعوت الله لكم ، وأحزنني ذلك.

فقال الحسينعليه‌السلام : يا رسول الله ، فمن يزورنا على تشتّتنا ، ويتعاهد قبورنا؟.قال : طائفة من أمتي ، يريدون برّي وصلتي. فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف ، وأخذت بأعضادها ، فأنجيتها والله من أهواله وشدائده.

٢٢٠ ـ في دار أم سلمة :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ١٧٦)

وروى ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه (قال) قالت أم سلمة : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نائما في بيتي ، فجاء الحسينعليه‌السلام . قالت : فقصد الباب ، فسبقته على الباب مخافة أن يدخل فيوقظه. قالت : ثم غفلت في شيء ، فدبّ فدخل ، فقعد على بطنه.

قالت : فسمعت نحيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجئت فقلت : يا رسول الله ، والله ما علمت به. فقال : إنما جاءني جبرئيلعليه‌السلام وهو على بطني قاعد ، فقال لي :

٢٣٤

أتحبّه؟. فقلت : نعم. قال : إن أمتك ستقتله. ألا أريك التربة التي يقتل بها؟.(قال) فقلت : بلى. قال : فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة. قالت : فإذا في يده تربة حمراء ، وهو يبكي ويقول : يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟!.

وفي رواية أخرى للخوارزمي : (قادتنا ـ ج ٦ ص ١٢٦)

قال : ثم أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك القبضة التي أتاه بها الملك ، فجعل يشمّها ويبكي ، ويقول في بكائه : الله م لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم.

ثم دفع تلك القبضة إلى أم سلمة ، وأخبرها بقتل الحسينعليه‌السلام بشاطئ الفرات ، وقال : يا أم سلمة خذي هذه التربة إليك ، فإنها إذا تغيرت وتحولت دما عبيطا ، فعند ذلك يقتل ولدي الحسينعليه‌السلام .

إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢٢١ ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٣)

يقول الفاضل الدربندي : اعلم أن من تأمل في الأخبار المروية من طرق العامة في فضل الحسن والحسينعليه‌السلام ومناقبهما ، علم أن البكاء على الحسينعليه‌السلام وإقامة تعزيته في كل سنة ، بل في كل شهر ، بل في كل أسبوع ، بل في كل ليلة ، من أفضل العبادات وأشرف الطاعات والقربات. فلعنة الله على كل متعصب من المخالفين ، الذين يأخذون يوم عاشوراء عيدا ، ويسمّون الاجتماع للعزاء والبكاء على سيد الشهداء بدعة ، وذلك كابن حجر العسقلاني ومن مثله.

٢٢٢ ـ ثواب إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٨ ط ٢)

روي أنه لما أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسينعليه‌السلام وما يجري عليه من المحن ، بكت فاطمةعليه‌السلام بكاء شديدا ، وقالت : يا أبتي متى يكون ذلك؟. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في زمان خال مني ومنك ومن عليعليه‌السلام . فاشتد بكاؤها ، وقالت : يا أبة فمن يبكي عليه؟. ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال

٢٣٥

أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة. فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال. وكل من بكى على مصاب الحسينعليه‌السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.

يا فاطمة ، كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٢٢٣ ـ البكاء على أمناء الرحمن :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

يقول فخر الدين الطريحي : فيا إخواني ، كيف لا نبكي على أمناء الرحمن ، وسادات أهل الزمان؟. وكيف لا نجدد النوح والأحزان ، في كل آن ومكان؟. على الشهيد العطشان ، النائي عن الأهل والأوطان ، المدفون بلا غسل ولا أكفان؟.فعلى الأطائب من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم تذرف الدموع من العيون.

٢٢٤ ـ فضيلة البكاء من خشية الله :

(أخبار الدول للقرماني ص ١١١)

قال الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله ، إلا وحرّم اللهعزوجل وجه صاحبها على النار. فإن سالت على الخدين دموعه ، لم يرهق وجهه قتر ولا ذلّة. وما من شيء إلا له جزاء إلا الدمعة ، فإن الله تعالى يكفّر بها بحور الخطايا. ولو أن باكيا بكى في أمة ، لحرّم الله تلك الأمّة على النار.

(أقول) : ومن هذا القبيل بكاء المؤمن على الإمام الحسينعليه‌السلام .

٢٢٥ ـ البكاء من خوف الله وخشيته :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٨)

يقول الفاضل الدربندي : ومنها أن البيت المبني من الطين إذا انهدم أمكن إصلاحه بقرب من الماء ، فكذلك الإنسان المخلوق أصله من الطين ، إذا فسد أمره بارتكاب المعصية ، أمكنه تداركه بإرسال العبرات على الحسرات. كما قال أمير

٢٣٦

المؤمنين ، وسيد الموحدين ، وتاج رؤوس البكّائينعليه‌السلام : أمحوا المثبّتات من العثرات بالمرسلات من العبرات.

٢٢٦ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام هو من خشية الله :

(المصدر السابق ، ص ٤٩)

ويقول الفاضل الدربندي : واعلم أن البكاء على مصاب أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا سيما على مصاب سيد الشهداء روحي له الفداء ، ليس أمرا مغايرا للبكاء من خوف الله تعالى. حتّى يتمشّى سؤال : أهل البكاء من خوف الله تعالى أفضل ، أم البكاء على سيد الشهداءعليه‌السلام ؟. بل إن البكاء عليه هو البكاء في محبة الله ، والبكاء المنبعث عن التقرب إلى الله.

٢٢٧ ـ البكاء من خوف الله قسمان :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : فإن شئت أن توضّح المطلب في غاية الإيضاح فقل :إن البكاء من خوف الله تعالى ينحلّ إلى نوعين وينقسم إلى قسمين :

الأول : أن يكون منشأ البكاء معاصي الإنسان ، وتذكّره لحالة الاحتضار وأهوال البرزخ والمحشر والعقوبات التي يستحقها. فهذا البكاء وإن كان يطلق عليه أيضا أنه بكاء من خوف الله وقسم منه ، إلا أنه في الحقيقة يرجع إلى بكائه على نفسه وعلى ذنبه.

الثاني : أن يكون ذلك البكاء في مقام محبة الله تعالى ، وملاحظة عظمة صفاته وكبريائه وجبروته ، وفي مقام التفكر في التقصير في عبادته. وهذا في مقام ذوق حلاوة مناجاته ومحبته التي انبعثت عنها المحبة والموالاة لأوليائه وحججه ، فلا يلاحظ في هذا القسم أصلا رجاء الثواب ولا الخوف من العقاب. فلا شك أن هذا القسم من البكاء هو أفضل من القسم الأول. ومما لا شك فيه أن البكاء على مصاب آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا القسم ، إذ قد عرفت أن المحبة والموالاة لهم مما يرجع إلى محبة الله وموالاته. ويتضح هذا المطلب عند الفطن المتدبر ، إذا لا حظ عوم الأئمة الطاهرين ، وسباحة حجج الله المعصومين ، في بحار البلايا وقواميس المصائب ، لأجل محبة الله تعالى.

شرح : القواميس : جمع قاموس ، وهو البحر العظيم.

٢٣٧

٢٢٨ ـ ثواب البكاء عامة على الحسين ومصيبة سائر الأئمةعليه‌السلام :

(الخصال الأربعمائة ٢ / ٦٣٥ والبحار ٤٤ / ٢٨٧)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، أولئك منا وإلينا.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل عين باكية إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة».

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام للريان بن شبيب : إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا. فلو أن رجلا تولّى حجرا حشره الله معه يوم القيامة.

وقال الإمام عليعليه‌السلام : كل عين يوم القيامة باكية ، وكل عين يوم القيامة ساهرة ، إلا عين من اختصه الله بكرامته ، وبكى على ما ينتهك من الحسين وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . (راجع مقتل العوالم ص ٥٢٥).

٢٢٩ ـ من قطرت عينه قطرة على الحسينعليه‌السلام :

(مجالس المفيد ، ص ٣٤٠ وأمالي الطوسي ١ / ١١٦ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن الإمام الحسينعليه‌السلام قال : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة ، إلا بوّأه الله تعالى بها في الجنة (غرفا يسكنها) حقبا. (وفي رواية) : أحقابا أحقابا.

شرح : الحقبة من الدهر : مدة لا وقت لها ، جمعها : حقب. وهي كناية عن الدوام.

٢٣٠ ـ فضيلة البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥٢٦)

في (تفسير علي بن إبراهيم) عن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام قال : كان علي ابن الحسينعليه‌السلام يقول : أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليه‌السلام دمعة ، حتّى تسيل على خده ، بوّأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا. وأيما مؤمن دمعت عيناه (دمعا) حتّى يسيل دمعه على خده ، لأذى مسّنا من عدونا في الدنيا ، بوّأه الله مبوّأ صدق في الجنة. وأيما مؤمن مسّه أذى فينا ، فدمعت عيناه حتّى يسيل

٢٣٨

دمعه على خديه ، من مضاضة ما أوذي فينا ، صرف الله عن وجهه الأذى ، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

٢٣١ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام يحطّ الذنوب :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٢٨٢)

عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال لفضيل : تجلسون وتتحدثون؟. قال : نعم جعلت فداك. قال : إن تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا.

يا فضيل ، من ذكرنا أو ذكرنا عنده ، فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت أكثر من زبد البحر.

٢٣٢ ـ حديث : نفس المهموم لظلمنا تسبيح :

(مجالس المفيد ، ص ٣٣٨ وأمالي الطوسي ١ / ١١٥ والبحار ٤٤ / ٢٧٨)

عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمهّ لنا عبادة ، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله.

ثم قالعليه‌السلام : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.

٢٣٣ ـ حديث : من دمعت عينه فينا دمعة :

(مجالس المفيد ، ص ١٧٤ وأمالي الطوسي ١ / ٩٧ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي ، قال : سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول :من دمعت عينه فينا دمعة ، لدم سفك لنا ، أو حقّ لنا أنقصناه ، أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا ، بوّأه الله تعالى بها في الجنة حقبا.

٢٣٤ ـ حديث : من ذكرنا عنده :

(كامل الزيارات ، ص ١٠٤ والبحار ٤٤ / ٢٨٥)

عن فضيل بن فضالة ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ، حرّم الله وجهه على النار.

وروي عن الصادقعليه‌السلام قال : لكل سرّ ثواب ، إلا الدمعة فينا.

٢٣٩

٢٣٥ ـ حديث الإمام الصادقعليه‌السلام لمسمع كردين :

(كامل الزيارات ، ص ١٠١ والبحار ٤٤ / ٢٨٩)

سأل الإمام الصادقعليه‌السلام مسمع كردين ، وهو من أهل العراق : هل يبكي على الحسينعليه‌السلام ؟ فقال : بلى

قال : ثم استعبر واستعبرت معه. فقالعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على خلقه بالرحمة ، وخصّنا أهل البيت بالرحمة.

يا مسمع ، إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا. وما بكى لنا من الملائكة أكثر. وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا. وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا ، إلارحمه‌الله قبل أن تخرج الدمعة من عينيه. فإذا سالت دموعه على خده غفر الله ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر. فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم ، لأطفأت حرّها حتّى لا يوجد لها حرّ. وإن الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند موته ، فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض. وإن الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه ، حتّى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

٢٣٦ ـ حديث : من تذكر مصابنا وبكى :

(أمالي الصدوق ، ص ٦٨ وبحار الأنوار ٤٤ / ٢٧٨)

قال الإمام الرضاعليه‌السلام : من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منا ، كان معنا في درجاتنا يوم القيامة. ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى ، لم تبك عينه يوم تبكي العيون. ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

٢٣٧ ـ الحسينعليه‌السلام قتيل العبرة :

(أمالي الطوسي ، ص ١٢١)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام (قال) قال الحسين بن عليعليه‌السلام : أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروبا ، وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب قط ، إلا ردّه الله وأقلبه إلى أهله مسرورا.

وعن الحسينعليه‌السلام قال : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446