تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٣

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني0%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 442

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

مؤلف: العلامة الشيخ سليمان ظاهر
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف:

الصفحات: 442
المشاهدات: 107991
تحميل: 8800


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 107991 / تحميل: 8800
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء 3

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

واستخدم الحاج سعد بن علي، ثُمّ طرد الحماديّة إلى أطراف الزاوية لتعدّيهم، فقتلوا عبد الله بن قمر العاقوري في أرض عردات.

وسنة ١٦٥٩م هدم قبلان باشا دورهم وفرّوا إلى كسروان.

وسنة ١٦٧٣م ولاّهم حسن باشا مُقاطعاتهم ورفع عنهم أكلاف المال، فطمعوا وتصرّفوا بالمال نفسه، وقتلوا أُناساً ونهبوا القطائع.

وسنة ١٦٧٥م أرسل حسن باشا عسكراً لطرد بني حمادة لتصرّفهم بالمال الأميري، فطردوهم إلى عين النقير الّتي فوق أفقا حتّى فصل بينهم الظلام، ثُمّ أحضر الشيخ أحمد بن محمّد قانصوه وابن حسن ذئب، وأمر أولاد عمّهما أنْ يقتلوهما فقتلوهما، فلمّا عرف قومهما بذلك وثبوا على بلاد جبيل، فنهبوا وقتلوا وأحرقوا حصرايل، ونهبوا قُرى البترون وحواشي حصرون.

وسنة ١٦٧٦م أحرق لهم حسن باشا قُرى وادي علمات وقرى جبة المنيطرة لتطاولهم، فأحرقوا قصوبا وتولا وعبدلى وبسبينا وشفار وشبطين.

ولمّا عُزل محمّد باشا مِن طرابلس هجموا على القلعة وأخرجوا رهائنهم، ودهموا عشقوت ليلاً وقتلوا أحد عشر رجلاً مِن أهلها، فحنق عليهم والي طرابلس، وجعل الأمير أحمد المعني على قطعاتهم، فدهمهم بخمسة آلاف مُقاتل ففرّوا إلى بعلبك، فأحرق بعض قُراهم وقطع أشجارها، ثُمّ صفحَ عنهم وعاد إلى الشوف دون قبول خِلعَة مِن والي طرابلس على قطعاتهم.

وسنة ١٦٨٦م لجأ إليهم الأمير شديد الحرفوش، فأحرق علي باشا العاقورة وأربعين قريةً مِن قطيعتهم وقطعَ أشجارها، ثُمّ دهم الحماديّة العساكر عند عين الباطية وقتلوا منهم خمسةً وأربعين رجلاً وغنموا أسلابهم، فحمل على جبيل ونكبها، ولمّا عاد إلى طرابلس انحدر حزب الحماديّة وأحرق قلعة جبيل، ونهب ما في المدينة.

وسنة ١٦٩١م ولّى محمّد باشا الحماديّة، فسلّم الشيخ حسين سرحال بلاد جبيل والبترون، وابنه الشيخ إسماعيل الكورة، والحاج موسى حمد الجبة، وأولاد حسن ذئب الظنية، وقويت شوكتهم بوفاة الشيخ أبي قانصوه فيّاض الخازن، فقتلوا يوحنّا الأسود في الكورة، ونهبوا العاقورة ومستغلات الكسروانيّين مِن مينا جبيل.

وسنة ١٦٩٢م أمر علي باشا اللقيس بالنهوض إليهم، فانهزموا إلى بلاد بعلبك، فطاردهم الرِجال وهلك مِن قومهم بالثلج نحو مئة وخمسين نفساً، ولمّا بلغوا قرية كفردان التمست الخوازنة مِن الباشا أنْ

١٠١

يكفّ فكفّ، ثُمّ أحرق قرية نيحا ونهب ١٣ ألفاً مِن ماعزهم، ثُمّ أمر بهم فقُتل الشيخ حسين سرحال وثمانيةٌ مِن رفاقه.

وسنة ١٦٩٨م أرسل ارسلان باشا عسكراً لقتال الحماديّة لامتناعهم عن أداء المال الأميري، فقبض العسكر على بعضهم بغتةً وسُجنوا في طرابلس، وفرّ مَن بقيَ منهم إلى دير القمر يستغيثون بالأمير بشير حسين الشهابي فأغاثهم، والتمس إطلاق المأسورين منهم، وكفل المتأخر والّذي ترتّب عليهم عقاباً، فردّهم الباشا وفوّض توليتهم إلى الأمير بشير، فولاّهم وقبضَ المال منهم.

وسنة ١٧٥٩م طردَ أهل جبة بشرة أولاد الشيخ أحمد، فخلفهم فيها المشايخ يوحنّا الظاهر وعيسى الخوري، وفي إهدن جرجس بولس الدويهي، وفي حصرون أبو سليمان عوّاد، وغيرهم في غيرها، فأتى أولاد الشيخ أحمد إلى بلاد جبيل، فضبط الأمير يوسف الشهابي جميع أرزاقهم.

وسنة ١٧٦١م سارتْ الحماديّة بألفَي مُقاتل إلى الجبة، فالتقاهم أهلها إلى بشرة وقاتلوهم ثماني ساعات، فكسروهم وقتلوا منهم اثني عشر رجلاً.

وسنة ١٧٦٢م دهمت المتاولة بقرقاشا ونهبوها ثُمّ هربوا.

وسنة ١٧٧٠م قَبض الأمير يوسف الشهابي الوالي على بعض الحماديّة، فالتجأ أقاربهم إلى وزير طرابلس فأمدّهم بعسكر فأتوا إلى بزيزا، فسار إليهم الأمير برجاله وانتشب القتال بينه وبينهم في أمون، فانكسروا وحضر فرقةٌ منهم في برجٍ أسفل القرية، وقتل منهم جماعةً ثُمّ سلّموا، وكان الباشاوات والأُمراء يُطاردونهم ويؤدّبونهم على أعمالهم؛ فتلاشت قوّتهم.

ما كتُبَ عن المشايخ الحماديّة في كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان للشيخ طنوس الشدياق المطبوع سنة ١٨٥٩:

حمادة العجمي وَلدَ ثلاثة أولاد، وهم: سرحال وأحمد المُكنّى أبا زعزوعة وذيب. فسرحال ولد حُسيناً، وحسين ولد أربعة أولاد: سرحال وإسماعيل وإبراهيم وعيسى. فإسماعيل ولد ثلاثة أولاد: عبد السلام وعبد الملك وأبا النصر.

هؤلاء المشايخ يُنتسبون إلى رجل يُسمّى حمادة مِن نجار العجم، فهذا لمّا أراد الخروج على شاه العجم وجّه له الشاه جيشاً فقَتل مَن تعصّب له، ففرّ بأخيه أحمد وأهله وعشيرته إلى جبل لبنان ونزل الحصَين، ثُمّ ذهب إلى قهمز، ومِن هناك تفرّقت عشيرته في جبة المنيطرة ووادي علمات، وسار أولاد أخيه إلى بلاد بعلبك، ونزلوا قرية الهرمل.

١٠٢

فحمادة وُلد له وَلدان: سرحال، وأحمد المُكنّى أبا زعزوعة الّذي تولّى أولاده جبة بشرة، ووُلد لحمادة أيضاً وَلدٌ آخر يُقال له ذيب، وهو الّذي تولّت أولاده مُقاطعة الظنية، وزوّج ابنتيه لمُقدّمي جاج المسلمين اللذَين توليا بلاد جبيل، وكانا عاصيين على الأمير عساف والي غزير، فاستدعى الأمير عساف أحمد وذيباً وخاطبهما سرّاً أنْ يقتلا مُقدّمي جاج فيولّيهما عوضهما، فأبيا، ولمّا رجعا سألهما أخوهما الصغير فكاشفاه بذلك، فتوجّه سرّاً إلى غزير، وتعهّد للأمير بقتل المُقدّمين المذكورين، وأخذ منه صكّاً بولاية بلاد جبيل، وعاد إلى أخَويه فأخبرهما فارتضيا، وتوجّهوا جميعاً إلى جاج فقتلوا مُقدّميها وأتوا برأسيهما إلى غزير، فولّى الأمير الشيخ سرحال بلاد جبيل، ومكث أخواه في جاج، فوُلد للشيخ سرحال ولدٌ سمّاه حسيب، ثُمّ ارتحلوا إلى فرحة في وادي علمات، ولمّا ثقلوا على بني الشاعر في تولا ارتحلوا إلى بلاد المرقب، وصاروا فيها ولاةً.

وتولّت الحماديّة بلاد البترون، وحسين ولد سرحالَ ثُمّ ولد إسماعيلَ وإبراهيم وعيسى، فأخذ إبراهيم وعيسى بلاد البترون، وأخذ إسماعيل بلاد جبيل ووادي علمات والفتوح وجبة المنيطرة، وانتقل إلى لاسا فبنى فيها داراً، وأخذت الحماديّة مزارع في الكورة والزاوية سمّوها بكاليك، فأخذ أولاده قرية شمسطار في بلاد بعلبك فصارت بكليكاً لهم، ولمّا توفّي إسماعيل اقتسموا البلاد وأخذوا يظلمون الرعايا، فنهضوا ضدّهم سنة ١٤٨٨م.

نهض أولاد الشيخ زعزوعة ولاة بشناتا برجال الظنية وقصدوا إهدن، فلمّا بلغَ أهلها قدومهم أقاموا لهم كميناً في مكان يُسمّى حمينا، فلمّا جانبوهم وثبوا عليهم فأهلكوهم في مرجة تولا.

وسنة ١٤٧٤م اتّفق حمادة مع ستّ الملوك على أخذ ثار زوجها كمال الدين عجرمة مُقدّم ايطو مِن قاتله عبد المُنعم مُقدّم بشرة، فكَمن حمادة لعبد المنعم خارج برجه في بشرة، فلمّا سحرا وثب عليه وقتله، ثُمّ دخل البرج فقتل أولاده، فلمّا رأى أصحاب عبد المنعم ذلك هجموا على حمادة وضربوه بالسيوف فجرحوه، فحمله أصحابه وفرّوا به هاربين، فبادر إليهم أهل بشرة فأدركوهم في أرض الحرايص فقتلوا حمادة ومَن أدركوه مِن أصحابه.

١٠٣

وسنة ١٥٨٤م أحضرَ الأمير محمّد الشيخ أبا قانصوه محمّداً بن همام ووهبه داراً في غزير.

وسنة ١٦٠٠م أرسل يوسفُ باشا سيفا يوسفَ وقانصوه ابني أحمد يقتلان مُقدّمي جاج؛ لأنّهم أحلاف الأمير فَخر الدين، فوجدا المُقدّمين الأربعة عند البيادر فقتلاهم، وسلبا أموالهم، وأخذا مشيخة بلاد جبيل عوضهم.

وسنة ١٦٣٦م ولّى مصطفى باشا كانا جاج الشيخ عليّاً وأخاه الشيخ أحمد قانصوه بلاد جبيل والبترون، وفيها قَتَل الأُمراء آل سيفا الشيخ أحمد، وفيها كانت الواقعة بين الحماديّة والأمير إسماعيل، ومحمّد بن يوسف آغا في أرض أهمج لأجل ولاية بلاد جبيل، ولم يفوزوا بها.

وسنة ١٦٣٨م ظهرَ الشيخ سرحال قانصوه.

وسنة ١٦٤٠م توفّي الشيخ علي قانصوه فقام عوضه الشيخ أبو محمّد سرحال.

وسنة ١٦٤١م غضبَ وزير طرابلس على الحماديّة ففرّوا مِن وادي علمات وبلاد جبيل.

وسنة ١٦٥١م طرد الشيخ سرحال حسن آغا مِن عكار.

وسنة ١٦٥٤م ولّى محمّدُ باشا الكبرلي الشيخ أحمدَ محمّد جبة بشرة، واستخدم عنده الحاج سعد بن علي، ثُمّ طرد الحماديّة إلى أطراف الزاوية لتعدّيهم، فقتلوا عبد الله بن قمر العاقوري في أرض عروات، وسلبوا عمائم القواسة واسلحتهم.

وسنة ١٦٥٩م تولّى قبلان باشا على طرابلس، فلمّا بلغَ الحماديّة أنّه مأمور بقصاصهم فرّوا إلى كسروان بعيالهم، فهدم الباشا دورهم وقُرى وادي علمات.

وسنة ١٦٧٣م ولّى حسن باشا الحماديّة مقاطعاتهم ورفع عنهم أكلاف المال، فطمعوا وتصرّفوا بالمال نفسه، وقتلوا أُناساً عند نهر رشعين، ونهبوا تلك المُقاطعات.

وسنة ١٦٧٤م ولّى حسن باشا الشيخ سرحال بلاد جبيل والبترون، ولمّا حضر الشيخ أحمد قانصوه ليولّيه جبة بشرة قبض عليه؛ لأنّه أخربَ

١٠٤

البلاد، وقبضَ على الشيخ محمّد بن حسن ذيب؛ لأنّه تصرّف بمال الظنية.

وسنة ١٦٧٥م جهّز حسن باشا عسكراً لطرد بني حمادة لتصرّفهم بالمال الأميري، فأرسل مُدبّره فطردهم إلى عين النقير الّتي فوق أفقا حتّى فصل بينهم الظلام، ثُمّ أحضر الشيخَ أحمد بن محمّد قانصوه وابن حسن ذيب وأمر أولاد عمّهما أنْ يقتلوهما فقتلوهما، ولمّا ذاعَ الخبر وثب جماعتهما على بلاد جبيل فنهبوا وقتلوا واحرقوا حصرايل، ونهبوا قُرى البترون ومواشي حصرون.

وسنة ١٦٧٦م لمّا رجع حسن باشا مِن حَرب تركمان البكدلة، وبلغه مطاولة الحماديّة أحرق لهم قُرى وادي علمات وقرى جبة المنيطرة، ولمّا رجعَ إلى طرابلس أحرقوا قصوبا وتولا وعبدلّى وبسبينا وشفار وشبطين.

وسنة ١٦٧٧م ولّى مصطفى باشا الشيخَ سرحال بلاد جبيل، وولده الشيخ حسيناً بلاد البترون، والشيخ حسين أحمد جبة بشرة، وأمرهم أنْ يُعطوا الأمان ويردّوا النُزّاح.

وسنة ١٦٨٤م قَتل الحماديّة أبا نادر شيخ مزرعة عكار وابن أُخت محمّد باشا في حلبا، ولمّا عُزل محمّد باشا مِن طرابلس هجمتْ الحماديّة على القلعة وأخرجوا رهائنهم، ودهموا عشقوت ليلاً وقتلوا مِن أهلها أحد عشر رجلاً، فتقدّمت الشكوى عليهم لوالي طرابلس، فحنق منهم وولّى الأمير أحمد المعني على مُقاطعاتهم جميعها، فتوجّه الأمير أحمد إلى غزير بخمسة آلاف مُقاتل ودهمهم، ففرّوا إلى بلاد بعلبك، فأحرق ايلج ولاسا وافقا والمغرة وقطع أشجارهم، فالتمس خواصّ الأمير الصَفح عنهم، وقفل راجعاً إلى الشوف مِن دون قبول خِلعةٍ مِن والي طرابلس على مُقاطعاتهم.

وسنة ١٦٨٦م لمّا توجّه علي باشا النكدلي لمُحاربة عَرب البكدلة هاجت الحماديّة، وقتلوا أبا داغر شيخ حردين وابن رعد شيخ الضنية وغيرهما، فقبض المُدبّر على اثني عشر رجلاً مِن أتباعهم ورفعهم على الخازوق، وفيها هربَ الأمير شديد الحرفوش مِن وجه علي باشا مستغيثاً بالحماديّة، فمرّ ذلك الباشا على العاقورة فأحرقها، واحرق أربعين قرية مِن مُقاطعاتهم وقطع أشجارها، وهدم حارة الشيخ حسين في ايليج وقبر الأمير

١٠٥

عُمر في طورزيا، ولمّا كان العسكر نازلاً عند عين الباطية دهمته الحماديّة ليلاً وقتلوا منه خمسةً وأربعين رجلاً، وغنموا أسلابهم، فانحدر الباشا إلى جبيل ونكبها، ثُمّ قفل راجعاً إلى طرابلس، ولمّا انتشر خبرُ رجوعه انحدر حزب الحماديّة، فاحرقوا قلعة جبيل، ونهبوا ما وجدوه في المدينة.

وسنة ١٦٩١م ولّى محمّد باشا الحماديّة، فسلّم الشيخ حسين سرحال بلاد جبيل والبترون، وابنه الشيخ إسماعيل الكورة، والحاج موسى حمد الجبة، وأولاد حسن ذيب الضنية. وفيها لمّا توفّي الشيخ أبو قانصوه فيّاض الخازن قَويَت شوكة الحمايّة فقتلوا يوحنّا الأسود في الكورة، ونهبوا العاقورة وغلال الكسروانيّين مِن مينا جبيل.

وسنة ١٦٩٢م ولّى علي باشا اللقيس الحماديّة، فكَتب إليه محمّد باشا سالفه أنْ ينهض على الحماديّة ويُرسل له منهم ثلاثة عشر رأساً، وصرفه في بلاد بعلبك، فكَتب علي باشا إلى الأمير أحمد المعني يستنجده على قتال الحماديّة، وقَدَمت إليه الخوازنة بألف راجل إلى جبيل، فلمّا شعر الحماديّة انهزموا إلى بلاد بعلبك، فجدّت الرجال في طلبهم، فهلك مِن الحماديّة بالثلج نحو مئةٍ وخمسين نفساً، ولمّا وصلوا إلى قرية كفر دان التمست الخوازنة مِن الباشا أنْ يكفّ العساكر عنهم فكفّها، ثُمّ استأذنوا منه الرجوع فرجعوا، فأحرق الباشا قرية نيحا ونهب ثلاثة عشر ألفاً مِن ماعزهم، وسلّم بلاد جبيل لحسن آغا النوري، ثُمّ أرسل الباشا أُناساً لإهلاك الحماديّة، فقبضوا على الشيخ حسين سرحال وحسن ذيب وسبعةً مِن رفاقهم فقتلوهم.

وسنة ١٦٩٣م ولّى علي باشا الصدر الأعظم الأميرَ حسين بن صعب الكردي على بلاد جبيل، والمُقدّم قيدبيه الشاعر على بلاد البترون، ففرّ أولاد الشيخ حسن إلى بتاتر، وسار علي باشا إلى إسلامبول، ولمّا تولّى أرسلان باشا عوضه أرسل مُدبّره يَطرد الحماديّة على طريق الجرد، وأمر الأكراد ومُقدّمي بني الشاعر أنْ يتوجّهوا على ساحل جبيل، فلمّا وصلوا إلى عين قبعل في الفتوح نزلوا هناك للمبيت، فبلغَ أولاد الشيخ حسين المُختبئين في بتاتر ذلك، فجمعوا نحو مئتي رجلٍ مِن تلك المقاطعة ودهموا العسكر ليلاً فقتلوا منه نحو أربعين رجلاً، منهم الأمير موسى

١٠٦

الكردي وأولاد عمّه الأمير يونس مُحافظ قلعة جبيل والأمير أحمد قلاوون والأمير عبد الخالق وابن الأمير موسى عَلم الدين، ومِن بني الشاعر المُقدّم منصور وابن أخيه مصطفى بن قيدبيه، وما زالوا يطردونهم حتّى وصلوا إلى نهر إبراهيم، فقدّم الشكوى أرسلان باشا للسلطان أحمد أنّ الأمير أحمد المعني وجّه جيشاً فأهلك عسكره.

وسنة ١٦٩٨م أرسل ارسلان باشا عسكراً لقتال الحماديّة لتردّدهم عن أداء المال الأميري، فقبضَ العسكر على بعضهم بغتةً وأحضرهم إلى طرابلس وسجنهم، وفرّ مَن بقي منهم إلى دير القمر يستغيثون بالأمير حسين الشهابي الوالي، فأغاثهم وأرسل إلى الباشا يلتمس منه إطلاق المأسورين منهم، وكفل له المال الباقي عليهم والمال الّذي ترتّب عليهم لأجل ذنبهم، فبلغ مئتين وخمسين ألف قرش، فأطلقهم الباشا وأبقاهم حسب عوائدهم، وفوّض توليتهم للأمير بشير فولاّهم، وأرسل مستورد المال منهم فأدّوه، فدفعه الأمير للباشا.

وسنة ١٧٥٩م طرد أهل جبة بشرة أولاد الشيخ أحمد، فتولّى عوضهم عليها المشايخ يوحنّا الظاهر وعيسى الخوري في بشرة، وجرجس بولس الدويهي في إهدن، وأبو سليمان عوّاد في حصرون، وأبو يوسف الياس في كفر صغاب، وأبو خطار الشدياق في عين طورين، وأولادهم مِن بعدهم حتّى الآن، فأتى أولاد الشيخ أحمد إلى بلاد جبيل، فضبط الأمير يوسف الشهابي الوالي جميع أرزاقهم.

وسنة ١٧٦١م توجّهت الحماديّة بألفي مُقاتل إلى الجبة، فالتقاهم أهلها إلى بشرة وقاتلوهم ثُمّاني ساعات، فكسروهم وقتلوا منهم اثني عشر رجلاً، وقُتل مِن بشرة ثلاثة أنفار.

وسنة ١٧٦٢م دهمت المتاولة بقرقاشا ونهبوها ثُمّ هربوا.

وسنة ١٧٦٤م اختلفت الحماديّة ومشايخ الري، فأرسلهم الوزير إلى الأمير منصور الشهابي فتعاطى أمر الصلح بينهم فأبوا.

وسنة ١٧٧٠م قبض الأمير يوسف الشهابي الوالي على بعض الحماديّة، فالتجأ أقاربهم إلى وزير طرابلس، فأمدّهم بعسكر فأتوا إلى بزيزا، فسار إليهم الأمير برجاله وانتشب القتال بينه وبينهم في أميون فانكسروا، وحضر فرقة منهم في برج أسفل القرية، وقُتل منهم جماعة ثُمّ سلّموا.

١٠٧

إلى هُنا انتهى ما كَتب عنهم الشدياق.

وانتهى نقلَهُ ضُحى يوم الأربعاء في اليوم الثاني أو الثالث مِن جُمادى الآخرة سنة ١٣٦١هـ، ١٧ حزيران سنة ١٩٤٢م.

أوّلُ عَهدِ الحماديّةِ بالحُكم الإقطاعي:

يظهر أنّ قدوم الحماديّين إلى البلاد اللبنانيّة كان في عهد الملوك الجراكسة، وأنّهم أقدم عهداً في الحُكم الاقطاعي مِن الأُمراء العسافيّين التُركمان(١) الّذي أوّل عهدهم في الحُكم على كسروان وجبيل كان في أوّل استيلاء السلطان سليم العثُمّاني على بلاد الشام سنة ١٥١٦م سنة ٩٢٢هـ، فإنّ أوّل مَن ولاّه منهم الحُكم على هاتين المُقاطعتين هو الأمير عساف، وهو الّذي استدعى إليه مِن الحماديّة الّذين كانت لهم الولاية على الهرمل والضنية - وهُم أولاد حمادة وأحمد وذيب - ليقتلا مُقدّمَي جاج لعصيانهما عليه، وكانا حاكمَي جبيل ووعدهما بولايتها فأبيا، ولكنّ أخاهما سرحال الّذي قبِل بإجابة طلب الأمير عساف، وحَمل أخَوَيه على مُشاركته في إنفاذ هذه المؤامرة كما مرّ بيان ذلك فيما سبق.

ما كَتبَ عن الحماديّة الأُستاذ عيسى اسكندر المعلوف في كتابه دواني القطوف:

(ص ١٥٨): أمّا المتاولة، فطُرِدوا مِن الساحل وخصوصاً مِن طرابلس الّتي كثروا فيها، وانتشروا في الجبل وكان معظمهم في الكورة، وذلك في القرن الخامس عشر، وامتدّوا إلى المنيطرة، واقطع التركمان جهاتهم ولا سيّما كسروان ليُحافظوا عليها، ومعنى اسمهم شبيه الأتراك، أصلهم مِن التتر، نزلوا في جهات عكار والكورة منذ عهد الصليبيّين، واشتهر منهم بنو العساف الّذين أمرهم المَلك الناصر أنْ يتركوا الكورة وينزلوا ساحل كسروان ليُحافظوا عليه مِن رجوع الإفرنج.

____________________

(١) الّذي تحقّق لنا بعد ذلك أنّ الأُمراء بني عساف التركمان كانوا أقدم عهداً مِن الحماديّة؛ لأنّ العسافيّين سكنوا غزير منذ سنة ١٣٠٦م بعد جلاء الصليبيّين، فكانت ولايتهم مئتين وأربعٍ وثُمّانين سنة، حيث انقرضوا سنة ١٥٩٠ م٧ ص٣٤.

١٠٨

أمّا الموارنة، فامتدّوا في تلك البقعة الّتي تشمل قضائي جبيل والبترون، وكانوا بين المتاولة في المنيطرة والتركمان في كسروان، ولم تتعدَّ ابنيتهم نهر إبراهيم.

(الصفحة ١٨٠): إنّ البلاد عمرت بالفتح العثُمّاني، قدِم إليها الناس مِن كلّ جانب، وجاء المتاولة مِن جهة بعلبك وسكنوا في فاريا (المثُمّر) وحراجل وبقعاتة، وقدِم السنية مِن البقاع واستوطنوا فتقا وساحل علما (ساحل العالم) وفيترون وافقع - أي المشقوق وهي القليعات - والجديدة، وجاء الدروز مِن المتن والجرد وسكنوا في برمانا (بيت الإله رمان) ومزارع كسروان، وكذلك رجع النصارى النازحون مِن بلاد طرابلس، فإنّ أهالي المجدل (القلعة) توجّهوا إلى عرامون (التليلة)، وأهالي يانوح قرب المغيرة ذهبوا إلى كفور الفتوح، وذهب حبيش جدّ الحبيشيّين منها إلى غزير (بمعنى المقطوع).

ولا يخفى أنّ كسروان قد خُرِّبت نحو سنة ١٢٩٠م بأمر حسام الدين لاجين نائب دمشق، دهمها عسكره بقيادة سنكر المنصوري - لأنّ سكّانها كانوا أنصار الإفرنج - فقَتل مُعظمهم، ومَن أفلتْ منهم تشتّت فخربتْ، ثُمّ سكنَ الإسلام سواحلها في الأزواق وغدير وساحل علما وغزير وغيرها، وامتدّ المتاولة إلى جرد البلاد مثل حراجل وميروبة وفارية، وبقيت أوساط البلاد خراباً مدّةً مستطيلة.

(ص١٨٥) ولمّا هاجم الحماديّون عشقوت سنة ١٦٨٤م وقتلوا مِن سكّانها أحد عشر رجلاً كان بعض الكريديّين مِن القتلى فتشتّت شملهم.

ولمّا تولّى الأمير أحمد المعني مُقاطعات الحماديّين - في تلك السنة قصاصاً له - توجّه إلى غزير بشأن حادثة عشقوت ومعه خمسة آلاف مُقاتل، وأرسل رجالاً مِن الخازنيّين والحبشيّين فيهم عدد مِن بني الكريدي وبني المعلوف أبناء عمّهم وغيرهم، فدهموهم في جبة المنيطرة ففرّوا إلى بلاد بعلبك، فأحرق ايليجَ ولاسة وأفقة والمغيرة وميفوق وقطع أشجارهم، ولو لا شفاعة بعض خواصّه لَما عفا عنهم، وبقيت القطائع بين الكسروانيّين والحماديّين تتوالّى حتّى كانت سنة ١٦٩١م فقتلوا منهم أبا موسى بن زعرور في وطا الجوز، وذلك في ٢٨ أيلول، وكان هذا يعتدي برجاله على المارّة، فردّ غاراته بني المشايخ أولاد أبي نوفل الخازن ببرجا في مرزعة كفردبيان

١٠٩

بطبقتين: السفلى لصيانة المواشي، والعُليا لهم ولأعوانهم، واتّخذوا فيها مرامي للرصاص، فلمّا كثرَ عيثُ ابن زعرور المذكور أرسل إليه الشيخ أبو قانصوه فيّاض الخازن أحدَ أولاده يصحبه شرذمةٌ مِن الشجعان، وكان فيهم بعض بني الكريدي بقيادة شهوان مِن بني شهوان، فقتل شهوان المذكور ابن زعرور الآنف الذِكر عند عين العبيد قُرب وطا الجوز وشتّت شمل أعوانه، فبثّ المتاولة الأرصاد عليه فسار إلى وادي التيم، وعلى أثر قتلِ ابن زعرور توفّي الشيخ قانصوه فيّاض الخازن، فقويتْ شوكة الحماديّين، وقتلوا يوحنّا الأسود في الكورة، ونهبوا العاقورة وغلال أهل كسروان مِن ميناء جبيل.

وهكذا كثرتْ الفِتن، فإنّ عليّاً باشا اللقيس والي طرابلس - الّذي خلفَ محمّد باشا سَنة ١٦٩٢م - كَتب إليه سلفه هذا لحنقه مِن الحماديّة الّذين عبثوا بالراحة مُدّة مُلكه أنْ يوقِع بهم، فعزلهم بعد أنْ كان قد أقرّهم على إقطاعهم، وولّى هزيم آغا دندش على عكار والهرمل، وحسين آغا الحسامي على جبيل، والمُقدّم قائد بيه ابن الشاعر على البترون، والشيخ مخايل بن نحلوس الأهدني ابن أُخت أبي كرم على الزاوية وجبة بشراي، والشيخ أبا فاضل رعد على الضنية، واتّفق مع الأمير أحمد المعني على قتال الحماديّة، وكان الخوازنة ورجال كسروان نحو ألفٍ، بعضهم مِن بني الكريدي، فانهزم الحماديّة على طريق العاقورة إلى بلاد بعلبك، فأهلك منهم الثلج نحو مئة وخمسين رجلاً، ولمّا وصلوا كفردان - وقيل الفرزل - حيث تنتهي إيالة طرابلس الشام لم يشاؤوا أنْ يتخطّوها إلى ولاية بعلبك، فأحرق علي باشا نيحة (المستريحة) ونهبَ معزى الحماديّة، وسلّم بلاد بعلبك إلى أحمد آغا الكردي، وجبيل إلى حسين آغا النوري، ورجع عن بعلبك إلى إيالته، ففتك أحمد آغا الكردي بياغي حمية المتوالي وأقربائه؛ لأنّهم مالَؤوا الحماديّين، وقتل منهم سبعة عشر رجلاً، وأرسل ياغي وولده حيدر إلى علي باشا فقتلهما عند مخاضة رشعين (راس العين)، وفتك ببني حمادة وقتل منهم تسعةً بين قهمز ولاسة.

وسنة ١٧٦٧م (ص٢٠٧): أخذ الأمير يوسف الشهابي بلاد جبيل مِن الحماديّين المتاولة وطردهم منها، وصار يدفع المُرتّب عليها إلى حاكم طرابلس، فالتجأ الحمايّون إلى الأمير حيدر الحرفوش، فأرسل معهم أُناساً إلى جبة المنيطرة وبلاد جبيل، فأخذوا يُعيثون فيها، فقام إليهم الأمير

١١٠

يوسف بعسكره والتقوا في أميون (المصونة) فكسرهم إلى الهرمل، ورفع يد الأمير حيدر الحرفوش عن بعلبك؛ لأنّه كان قد استولى على دير السيدة في رأس بعلبك، فهرب رُهبانه وعاون الحماديّة، وولّى أخاه الأمير محمّد، فأرجع هذا الدير وأمّن رُهبانه فعادوا إليه بواسطة مخايل ابن الحاج فرح البعلبكي، وحدث بأثناء ذلك الشَغب أنّ متاولة المنيطرة قتلوا في قرية أفقة جبور شديد المعلوف - مِن كفر عقاب - وأخذوا أمتعته وماله، فلمّا نمي خبر قتله إلى أنسبائه في كفر عقاب أنفذوا اثنين منهم، وهُما: مخايل بدر مِن فرع أبي عسوس ونجم عبده مِن فرع أبي مدلج للتحرّي، فلمّا وصلا إلى شواية قرية لاسة التقيا ببعض المتاولة في الحقل، فسألاهم عن نسيبهم المقتول فأنكروا أمره، فقرّراهم فأقرّ ولدٌ صغير منهم أنّه قتلوه طَمعاً بدراهمه، فكرّا على أولئك الأشخاص واثخناهم جراحاً، ثُمّ قتل مخايل بدر رجُلاً منهم، والتفت إلى رفيقه نجم فرآه قد وقع بيد أحدهم وهو يحاول قتله، فعاجله بضربة جندلته فوقع المتوالي قتيلاً بلا حراك، ولكنّ نجماً كان قد أُصيب بضربةٍ على رأسه فأُغمي عليه، فاضطرّ رفيقه مخايل أنْ يحمله ويُبعده عنهم ثُمّ يعود إلى مُناصبتهم، ولم يطلْ الوقت حتّى كثرَ المتاولة وأحدقوا بهما ففرّق مخايل شملهم وخلّص رفيقه بحمله على ظهره إلى أنْ بعدا عنهم، وكان قد لحقهما بعض أنسبائهما مِن كفر عقاب، فعاد المتاولة عنهم بصفقةِ المغبون، وقد خسروا قتيلين وجُرح كثيرٌ منهم.

وسنة ١٧٧١م (ص٢٠٩): اجتمع المشايخ الحماديّون على الأمير بشير ابن الأمير حيدر الشهابي المُلقّب بالسمين، عمّ الأمير يوسف - الوالي الّذي أقامه حاكماً على بلاد جبيل، وكان إذ ذاك في العاقورة - واستعرت بينهم نار القتال مِن مطلع الشمس إلى مغيبها، وكان مع الأمير رجال جبة بشري، فدحروا المتاولة الّذين قُتل منهم ثُمّانية، ومِن رجال الأمير ثلاثة. وفي اليوم الثاني جاءتهم نجدةٌ مِن الجبة فكثُر المقاتلون، وخشي المتاولة بأسهم، فقاموا ليلاً بعيالهم مِن جبة المنيطرة ووادي علمات (وادي الصبية) حتّى دار بعشتار (الجبل الوعر) في الكورة، فلاقاهم رجال الجبة إلى دير مار جرجس حما طورة، وكان الخبر قد نميَ إلى الأمير يوسف الشهابي الوالي وهو في بيروت، فنهض برجاله إلى جبيل، فبلغه أنّ الحماديّين نزحوا مِن بلادهم، فأرسل مُدبّره الشيخ سعد الخوري ومعه عسكر المغاربة الّذين

١١١

كانوا مع مُدبّر وزير دمشق، فواقعهم في دار بعشتار مِن الظُهر إلى غروب الشمس، فقُتِل مِن عسكر المغاربة خمسةَ عشر قتيلاً، ومِن المتاولة قتيلان، ورجع تلك الليلة إلى بزيزة (بيت عزيز) فبات فيها، وأرسل يستقدم أهل الجبة فلبّاه مَن كان منهم مُخيّماً في حماطورة والعاقورة، فوصلوا إلى بزيزة نصف الليل، ولمّا رأى المتاولة كثرة جيش الأمير هربوا مِن وجوههم إلى الساحل - وكانوا نحو ألف نفس - فلحقهم الشيخ سعد بعسكره في اليوم الثاني، وبدأ القتال مِن هناك إلى قرب أنفة، واشتدّ العراك إلى قُرب القلمون، فقُتِل مِن المتاولة نحو مئة، ومِن عسكر الشيخ سعد نفران، ثُمّ خرج أهل القلمون وشفعوا لهم عنده فرجع عنهم وانكفّ عن قتالهم، وذهب المتاولة إلى طرابلس، وعاد الشيخ سعد إلى صرود (جرود) جبيل واستولى على غنائم كثيرة، وسُمّيت هذه الموقعة باسم (هوشة العاقورة)، والهوشة في اللغة العاميّة بمعنى المُناوشة.

وسنة ١٧٧٩م (ص٢١٣): وقعتْ نزغةٌ بين محمّد باشا والي طرابلس والأمير يوسف الشهابي، بسبب قتيلٍ قتله ابن عمّ الأمير في دارية (الدور) الّتي كانت مِن إقطاع الشيخ إسماعيل حمادة في بلاد البترون، فقصد الباشا أنْ يُغرّم أهل القرية بديّته فلم يقبل الأمير بذلك، فاستقدم الباشا الحماديّين ليُسلّمهم ولاية جبيل، وجمعَ الأمير عسكراً مِن جميع مُقاطعاته فيهم عددٌ مِن المعلوفيّين، وذهب الشيخ سليمان أحمد إلى جبيل يُثير أهلها ضدّ الأمير يوسف، فالتقاه رجاله في كفر عقة (قرية الحلي) مِن الكورة وقبضوا عليه وعلى مَن معه، وأرسلوه إلى عين الحمام في اللقلوق بجرود كسروان حيث كان الأمير مُخيّماً بعسكره البالغ عشرة آلاف، فلمّا مَثَلوا أمامه شنقهم وهجم برجاله إلى مُقاطعة طرابلس، فالتقى بالتفكجيّة في أميون - وكانوا مِن رجال الباشا، يبلغُ عددهم نحو ثلاثمئة، أرسلهم بقيادة الحاج عبيد إلى هناك للمحافظة - فانتشب بينهم القتال مِن قَبل انبثاق الفجر إلى الساعة الثانية ليلاً، وحاصرهم عسكر الأمير في البرج الّذي في وسط القرية فقَتل منهم كثيراً، وضويقوا فطلبوا الأمان، فأمّنهم ورجع عنهم، فسار إلى طرابلس مَن بقيَ منهم حيّاً وهم قليلون.

وفي اليوم الثاني سار الأمير بعسكره إلى أرض الزاوية فوق نهر جوعيت (الصحية) فغصّت تلك البلاد بعسكره حتّى قرب نهر البارد في عكار، فبعث الباشا يسترضيه فعاد إلى دير

١١٢

القمر منصوراً، ونُسبتْ هذه الحادثة إلى التفكجيّة - حملة البنادق - الّذين حاربوا فيها.

وسَنة ١٨٤٠م (ص٢٤١): سار الشيخ أبو علي بشير حمادة مِن بوديه (بعلبك) هو وخمسةٌ مِن أتباعه يصطادون على عَجَلٍ، في دار الواسعة بين اليمونة وشليفة في محلّة الشعراء قُرب مراحات (مراح) الجعافرة، وكان سعد بن جرجس شبلي المعلوف - مِن فرع أبي عسوس في شليفة - يصطاد هُناك، فرأى الحجّل مِن بعيد يُزقزق فرماه وقتله؛ ظانّاً أنّه مِن الحجال الآبدة - البريّة - فتكدّر الشيخ بشير، وبعد أيّام عاد ليصطاد فرأى أحد رُعاة الخيل مِن شليفة في تلك الجهة، فأوسعه ضرباً وشتماً هو ورجاله بحجّة أنّ خيله داست الأشراك الّتي نصبها للحجال، فنميَ الخبر إلى المعلوفيّين في شليفة فسار بعضهم وفي مُقدّمتهم قبلان بن صليبي شبلي وابن عمّه طنوس بن جرجس شبلي المعلوف، فلمّا رآهم الشيخ مُقبلين عليه أطلق عليهم النار فأصاب ركبة طنوس، وانهزم في وادي فلاوي - المعروف الآن بوادي ناصيف - فقابله قبلان بالمثل فأصاب كتف الشيخ بشير وهو فارٌّ فوقع صريعاً، وفرّ رفاقه فقَبض المعلوفيّون على الشيخ المَذكور، وجاؤوا به إلى شليفة مُهاناً على قصد أنّه إذا مات طنوس على أثر جرحه يقتلونه، وإلاّ يُطلقون سراحه، فتكدّر ابن عمّهم شبلي بن طنوس المعلوف مِن عملهم هذا ولاقاهم وأخذ الشيخ أبا علي مِن أيديهم وأنزله في بيته، واستدعى له ابن عطيّة الطبيب فعالجه.

ولكنّ المشايخ الحماديّة جمعوا مِن قومهم نحو ألفي رَجلٍ ونزلوا في بوديه، وفعل بنو المعلوف مثلهم فاجتمع عندهم مِن أنسبائهم في شليفة أكثرَ مِن ذلك، وكان عيسى شبلي في كفر عقاب فحضر مع أبناء عمّه وحَمّل ثلاثة بغالٍ باروداً ورصاصاً وصواناً - لأنّ الكبسول لم يكن قد عُرف فكان الزناد (الديك) مِن فولاذ وصوان - وجاء الأمير حمد الحرفوش حاكم بعلبك وبعض أنسبائه والأميران حسن وفارس أخوا الأمير حيدر إسماعيل اللمعي الّذي كان بنو شبلي مِن عهدته؛ وذلك لمُصالحتهم، فشُفي الجريحان وانتهت المسألة بالحُسنى، ولكنّ الحرافشة كانوا يقصدون خُداع المعلوفيّين، فاكتشف مكرهم عيسى شبلي المعلوف.

ثُمّ بلغَ الشيخ رشيد غالب الدحداح - الّذي أنفذه الأمير بشير إلى زحلة ليُحذّر أهلها مِن مُشاركة اللبنانيّين - أنّ بعضاً مِن مشايخ الحماديّة قد

١١٣

اجتمعوا عند جريحٍ لهم في إحدى قُرى بعلبك، فظنّ أنّ اجتماعهم للتحزّب فسار إليهم بحُجّة عيادة الجريح.

وفي سنة ١٦٤٠م لمّا ثار اللبنانيّون ضدّ إبراهيم باشا - وهم الّذين كانوا مِن حزبِ العثُمّانيّين - كان الحماديّون مع الثائرين.

وفي حُكمِ الشهابيّين الّذي انتهى سنة ١٨٤٢م كانت مُقاطعة جبيل بتولية الحماديّين، وفي حُكم الأمراء الشهابيّين، فكانت في التزامهم مع المُقاطعات الأُخرى مِن صفد إلى الجبة على حدود طرابلس وما بينهما، كما كانوا تابعين فيما وُلّوا مِن المقاطعات: مَرّةً للأمراء بني عساف التركمان حُكّام كسروان، وحيناً لبني سيفا حُكّام طرابلس، وطوراً للأمراء المعنيّين. وقد مرّ بيان المقاطعات التي كانت في ولايتهم.

وفي (الصفحة ٢٤٩) بعد ذكره الاصطلاحات الكتابيّة بين الأُمراء والمُقدّمين والمشايخ: وأمّا الشايخ، فمنهم مَن يُكتَب إليه كالأُمراء، وهُم الحماديّون فإنّهم بمنزلة اللمعيّين، ثُمّ تأتي طبقاتهم على هذا الترتيب، وهم: الجنبلاطيّون، والعماديّون، والنكديّون، والتلحقيّون، والمُلكيّون، وبنو العيد.

أمّا الورق، فيُكتب على نصف طَبق (طلحية) منه إلى الأُمراء الشهابيّين واللمعيّين والمشايخ الحماديّين، والباقون يُكتب إليهم في رُبع طَبق فقط.

إلى غير ذلك مِن الاصطلاحات الّتي لا كبير فائدة لنا في نقلها في هذا المكان.

ما كَتبه عنهم الشدياق في كتاب الأعيان أيضاً:

في سنة ١٦٠٥م (ص٨٣): قلّد الأمير يونس المعني الشيخ أبا نادر (الخازن) ولاية كسروان ومعه مملوك الأمير ذي الغفار، وأمَره بالإقامة في كسروان، وفوّض إليه أمر الشوف وبلاده، وولّى الأمير سليمان سيفا بلاد البترون ووضع عنده أُناساً مِن المشايخ، فأشار الحماديّة والشاعريّة على الأمير سليمان أنْ يطرد الخوازنة مِن عنده فطردهم، ولمّا بلغَ يوسف باشا ذلك زحفَ عليه برجاله وحاصره في برج تولا، فكَتب الأمير سليمان إلى الأمير علي المعني يستغيث به، فجمعَ الأمير علي رجاله حالاً وزحف بهم إلى نهر إبراهيم لمُساعدته. فأمّا يوسف باشا فشدّد الحصار على الأمير سليمان، وتسلّمه عنوةً وسار به إلى عكار، وإذ بلغَ الأمير عليّاً ذلك أمر

١١٤

بنهب قُرى الحماديّة والشاعريّة وإحراقها؛ لأنّهم خدعوا الأمير سليمان بطردِ الخوازنة مِن عنده.

وفي سنة ١٦٩٢م (ص٨٨): كَتب علي باشا اللقيس والي طرابلس إلى الأمير أحمد المعني يستنجده لطرد الحماديّة ضابطي الصيد عليه، فقدِمتْ إليه الخوازنة بنحو ألف رجُل إلى ما فوق جبيل، فلمّا علمتْ الحماديّة بهم فرّوا هاربين إلى بلاد بعلبك، فمدتْ الرجال في أثرهم، فهلك منهم في الثلج نحو مئةٍ وخمسين رجُلاً، ولمّا وصلوا إلى قرية كفردان التمس الخوازنة مِن الوزير أنْ يكفّ العساكر عنهم فكفّها، فرجع المشايخ إلى كسروان.

وفي سنة ١٧٢٥م (ص٩٠): بينما كان الشيخ عبد الله بن فاضل بن خطّار ابن أبي خطّار راجعاً مِن دير قزحيا إلى وطنه التقاه نحو ثلاثين رجُلاً مِن المشايخ الحماديّة وأتباعهم يُريدون إهانته؛ لأنّه تولّى ناحية بلاد عكار وهم يَدّعون أنّ لهُم حقّ الولاية عليها، فخرج الرُهبان إليهم وصدّوهم عنه، فشكتْ الخوازنة إلى والي طرابلس، فأرسل عسكراً فطرد الحمايّة مِن البلاد، ونهبَ عسكره بلاد جبيل والبترون.

وفي سنة ١٧٧١م (ص١٠٤): لمّا دهمتْ الحماديّة الأمير بشير حيدر الشهابي في العاقورة وهو يَجبي المال الأميري أرسل الأمير يوسف الشهابي مُدبّرَه الشيخ سعد بعساكر مِن المغاربة ومِن رجال بلاده، فأدرك المتاولة في دير بعشتار، فغار عليهم بمَن اجتمع إليه مِن تلك البلاد، وحاربهم مِن الظُهر إلى المساء فظفرَ بهم وفرّ الباقون بالذلّ، فسار خَلفهم يطرهم إلى القلمون، فأهلك فيهم نحو مئة رجلٍ، وقبضَ على الشيخ أبي النصر حمادة وعاد راجعاً، فقُتل مِن عسكره نَفَران.

وفي سنة ١٧٠٢م (ص١٠٩): ارتحل يوسف الدحداح إلى بعلبك وخدم عند الأمير حسين الحرفوشي الوالي مُكرّماً، وبلغَ عماد الهاشم ذلك فخشيَ مِن رجوعه - وهو له خصمٌ - إلى العاقورة وتأييده، فاستغاث بالشيخ إسماعيل حمادة طالباً منه مشيخة القرية وإهلاك يوسف، فأبى الشيخ قائلاً: لا أعمل شيئاً ضدّ خاطر الأمير؛ لأنّه قد انعمَ عليَّ بقرية العاقورة وجعلها مِن إقطاعي، لكنْ سأنظر له تهلُكة. وبعد أيّام توجّه الشيخ إسماعيل

١١٥

إلى بعلبك، وعندما قابل يوسف وشاهد آدابه وحضر حُسن تصرّفه ونجابته عَدل عمّا كان أضمر له مِن السوء، والتمس مِن الأمير أنْ يسمح له بإقامة يوسف عنده ليُرتّب له الأحكام ثُمّ يرجع فأجابه الأمير، ورجع يوسف مع الشيخ فأحبّه الشيخ جداً لحُسن تصرّفه وخطّه وإنشائه وأمانته، وجعله شيخاً على العاقورة.

وسنة ١٧٠٣م انعمَ الشيخ إسماعيل على يوسف بعقارات في الفتوح، وهي: عين ساع وعين الدلبا وعين جويا وعين الحصري وعين الغارا، وكتب له صكّاً.

وسنة ١٧٠٤م ارتحل يوسف بأولاده مِن العاقورة إلى؛ لحفد لاشتداد العداوة بين القيسيّة، فكَتب له الشيخ إسماعيل صكّاً ثانياً يتضمّن رفعَ جميع الأموال عن عقاراته في بلاد جبيل، ورفعِ الجزية عن خَدَمه وشُركائه، ورفعِ المُرتّبات عن مواشيه ومواشي شُركائه، وفوّض إليه جمعَ مالِ الفتوح وسياسة أهله خاصّة.

وفي سنة ١٧٦١م لمّا مرضَ الشيخ إسماعيل أقام الشيخ يوسف وصيّاً على أولاده وأميناً على دخلهم وخَرجهم.

وفي سنة ١٧٦٢م تُوفّي يوسف هذا وبقي ولداه سليمان ومنصور مُدبّرين عند أولاد الشيخ إسماعيل، وكان لسليمان ومنصور هذين دَين على أولاد الشيخ إسماعيل، فاشتروا به مِن المشايخ قَريتي فتقا والكفور في الفتوح واقتسموهما.

وأمّا بعض المشايخ أولاد الشيخ إسماعيل، فتقاعدوا عن دفعِ الأموال الأميريّة لوالي طرابلس، وتمادوا في ظُلم الرعايا وسفكِ الدماء، ولم يُذعنوا لرأي الشيخ منصور مُدبّرهم، فلمّا يئس مِن إصلاحهم أوعز إلى إخوتهم المشايخ قاسم وحسين ويوسف أولاد السريّة الّذين كانوا مُحبّي السلامة أنْ يتعهّدوا لوالي طرابلس بدفع المال الأميري وراحة الرعايا، فيولّيهم بلاد جبيل ومقاطعاتها، فكتبوا إلى ذلك الوالي يلتمسون منه الولاية، وأرسلوا إليه الشيخ منصور يوسف، فأجابه الوالي طالباً خمسة وعشرين ألف قرش إلى أجل مُعيّن بكفالته، فارتضى وكفل هو وأخَوه سليمان فتولّت المشايخ المذكورون، فغدرَ بهم إخوتهم وقتلوهم، وتسلّموا الولاية جَبراً عن الوالي، واستدعوا منصور يوسف لخدمتهم مُدبّراً كما كان فوعدهم، ثُمّ فرّ إلى

١١٦

بيروت بابن الشيخ حسين أحد المقتولين، ولمّا تُوفّي الولد توجّه إلى قبرس فأقام بها نحو نصف سَنة، وفي غضون ذلك طلب والي طرابلس مِن المشايخ أولاد الشيخ إسماعيل دفع ذلك المال الّذي تكفّل به منصور وأخوه سليمان فاعتذروا، فأرسل الوالي يطلب ذلك المال مِن الشيخين الكافلين وثقّل عليهما، فباعا أملاكهما وبعض أملاك أخيهما موسى ودفعا للوالي.

وفي سنة ١٧٧١م (ص١١٣): كَتب الأمير يوسف صكّاً لبني الدحداح بمُقاطعة الفتوح عهدة لهم، وسلّمهم محاصيل أرزاق المشايخ الحماديّة في تلك المقاطعة، ورفع ولاية المشايخ الخوازنة عن خدمهم وشُركائهم في كسروان.

وفي سنة ١٨٤٢م (ص١٢٣): لمّا أطلقت الدولة الحريّة للنصارى بأنْ يختاروا لهم والياً، مُسلماً كان أو نصرانيّاً منهم، اختار أكثرهم والياً نصرانيّاً شهابيّاً يُرضي الدولة، فلمّا حانَ الموسم قدِم رسولٌ مِن وزير بيروت ومعه بعض المشايخ الحماديّة يُخاطبون الرعايا أنْ يرضوا بولاية مُسلمٍ عليهم، فأبى الشيخ رشيد ذلك - غالب الدحداح، وكان ذلك في عهد ولاية عمر باشا لبنان بعد المذابح النصرانيّة والدروز - ظنّاً منه بأنّ الدولة لم تأمر بذلك، وإنّما رخّصت للرعايا أنْ تختار مَن شاءت مُسلماً كان أو نصرانيّاً، فتهدّده بعض أولئك، فاضطرّ إلى الفرار مع عشرةٍ مِن أولئك الفُرسان الّذين عيّنَ له عُمر باشا منهم عشرين فارساً مِن نصارى الشوف ومثلهم مِن رجال مُقاطعته، وترك أمتعته والمال الّذي كان يحقّ له حتّى لا يرتكب خيانةً في صالح أبناء جِنسه، فأغار حينئذٍ المشايخ المذكورون على البكاليك واستغلّوها.

وفي سنة ١٦٤١م (ص١١٥): لمّا فرّت المشايخ الحماديّة مِن وادي علمات وبلاد جبيل تولّى الأمير علي (عَلَم الدين) عوضهم.

وسنة ١٦٤٢م دهمَ الأميرُ علي الشيخَ سرحال وأقاربه في غبالة مِن الفتوح، فقَتل خمسةً مِن أولاد الشيخ سرحال وأقاربه، ونهب القرية وطرد الحماديّة مِن إيالة طرابلس.

وسنة ١٦٩٣م (ص١١٧): لمّا سار علي باشا الصدر الأعظم مِن

١١٧

طرابلس إلى إسلامبول سار معه الأمير موسى (علم الدين)، ولمّا تولى ارسلان باشا عوضه أرسل مُدبّره لطرد الحماديّة وأمر ابن الأمير موسى أنْ يسير معه، ولمّا وصلوا إلى عين قبعل في الفتوح دهمتهم الحماديّة ليلاً بمئتي رجلٍ مِن بتاتر وقتلوا ابن الأمير موسى وتسعةً وثلاثين رجلاً.

وفي سنة ١٦٩٣م (ص١٦٥) لمّا تولّى ارسلان باشا أمَرَ الأُمراء الأكراد - أُمراء راس نحاش - أنْ يسيروا مع مُدبّره لطرد الحماديّة، ولمّا وصلوا إلى عين قبعل في الفتوح دهمتهم الحماديّة ليلاً بمئتي مُقاتل اصحبوها معهم مِن بتاتر، فقتلوا مِن الأُمراء الأمير موسى، وبني عمّه الأمير يوسف حافظ قلعة جبيل والأمير أحمد قلاون والأمير عبد الخالق، وستّة وثلاثين رجلاً غيره.

وسنة ١٧٧١م أمَر الأمير يوسف الشهابي الوالي بحرق عفصديق قرية الأمير أحمد؛ لكونه كان مِن حزب الحماديّة.

وسنة ١٦٠٠م (ص١٧٨) لمّا ولّى يوسف باشا سيفا وزير طرابلس الشيخَ يوسف وأخاه الشيخ قانصوه ابنَي الشيخ أحمد حمادة على بلاد جبيل جزاءً لقتلهما مُقدّمي جاج الأربعة فرَّ يونان (صعب) بابنَي أخيه جرجس وفرح مِن تولا إلى المُتَين واستوطنها.

وسنة ١٧٧١م (ص١٧٩): لمّا هاجت المشايخ الحماديّة على الأمير بشير الشهابي وحاربوه في العاقورة نهض أبو صعب برجاله مع مشايخ جبة بشرة لمعونته، فانهزمت المتاولة، ولمّا كان الأمير يوسف في حدث الجبة استحسن الشيخ كليب النكدي والشيخ سعد الخوري إرجاع الحماديّة إلى الولاية، فأنكر أبو صعب يشدد مشايخ جبة بشرة على عزمهم بعدم القبول برجوع الحماديّة إلى الولاية، واقنع الأمير يوسف بعدم الالتفات إلى رأي الشيخ كليب، فأجابه الأمير مُعتمداً على رأيه؛ لأنّه كان مِن خواصّه، وكان سفيره إلى عكاء في أُموره المهمّة عند الجزار الوالي.

وسنة ١٧٥٦م (ص١٨٨): اشترى منصور (الشدياق) مِن الشيخ جهجاه حمادة المتوالي نصف جبل موسى في مُقاطعة الفتوح بأربعمئة قرش.

وفي سنة ١٦١٦م (ص٢٧٥): لمّا سلّم الأمير سليمان سيفا لعمّه

١١٨

يوسف باشا عُنوةً وأخذه إلى عكار أمر بنهب قُرى الحماديّة والشاعريّة وحريقها؛ وذلك لأنّهم كانوا قد غشّوا الأمير سليمان بطرد الخوازنة مِن عنده، واعلموا يوسف باشا بذلك.

وفي سنة ١٦٢٠م (ص٢٩٠): بينا كان بعض فرسان الأمير فخر الدين يغسلون ثيابهم عند النهر خرج إليهم فُرسان مِن الأبراج - أبراج قلعة طرابلس - وخطفوا خيلهم، واتّصل ذلك إلى القتال، فقُتل مِن كلّ فِرقة أربعة أنفار، فلمّا تحقّق الأمير ذلك العصيان أمر مُدبّره وطويل حسين أن يهجما على المدينة بثلاثمئة مِن السكمان، فهجموا ولمّا وصلوا إلى القرب مِن باب المدينة أطلقت عليهم سكمان الأبراج الرصاص، فقُتل منهم أربعة فُرسان، فتسلّق أحد الفرسان الأبطال السور ثُمّ نزل إلى المدينة، وتبعه تسعةٌ مِن الفرسان مثله، فانهزم أولاد حمادة حافظو باب المدينة، وتحصّنوا في القلعة، ثُمّ انحدر عسكر الأمير وكسروا الأقفال وفتحوا الباب، فدخل باقي السكمان وهجموا على دار حسين باشا سيفا بقُرب القلعة، فأطلق مَن فيها عليهم الرصاص فقَتل منهم قائداً وثلاثة أنفار، ثُمّ دخل الأمير إلى المدينة، واستدعى إليه الأمير سليمان سيفا والسكمان الّذين كان قد أبقاهم عنده في عكار، وشرع يُحاصر حسين باشا وإخوته في القلعة، واستدعى مركبين فرنساوييّن مِن صيدا، فحضرا فوضع فيهما خمسين رجُلاً مِن السكمان ليمنعوا عن المدينة الوارد مِن الميرة، وفي بعض الأيّام خرج سكمان يوسف باشا مِن الأبراج يرومون القتال، وتحصّنوا في الأتراس فهجم عليهم سكمان الأمير بدون عِلمه، واضطرمت نارُ الحرب عند طرابلس العتيقة، فتقلقلت سكمان الأمير وكادوا يولّون الأدبار، وقُتل منهم عشرة أنفار، ولمّا بلغَ الأمير ذلك نهض حالاً بخمسين فارساً وشنّ الغارة، فلمّا أقبل على القوم جرّد سيفه وهجم بالفُرسان هجمةً هائلة، وتبعه باقي السكمان لا يلوون على عنان، فلمّا أبصرتهم فرسان الأتراس ولّوا الأدبار نحو الأبراج، فسُدّت عليهم أبواب الهرب، وأُعمل في أقفيتهم السلاح فقُتل منهم نحو خمسين رجلاً، وتشتّت الباقون.

وفي سنة ١٦٦٠م فرّ الأميران أحمد وقرقماس ابنا الأمير مِلحم المعني مِن أحمد باشا الكبرلي والي دمشق وحزبَهُم مِن الأُمراء الشهابيّين إلى كسروان، واجتمعوا عند المشايخ الحماديّة، وصمّموا على تفريق رجالهم

١١٩

والفرار مِن وجه الكبرلي، وعزموا على الاختفاء في تلك الديار، وفي الحال أمروا أصحابهم أنْ ينفضّوا عنهم إلى أوطانهم، واختبؤوا في بلاد جبيل، ولمّا طمس خبرهم كَتب مشايخ البلاد ووجوهها إلى الكبرلي يخبرونه أنّ الأُمراء المعنيّين والشهابيّين قد فرّوا مِن البلاد، وطلبا منه العفو عن البلاد فأجابهم إلى ذلك، بشرط أنْ يدفعوا له نَفَقة العساكر، فدفعوا له ما طلب.

وأمّا العساكر، فطفقوا يجولون في بلاد جبيل وكسروان، ويدهمون المواضع الّتي يُظنّ أنّ الأُمراء مختبئون فيها، واحرقوا دور اللمعيّين والخوازنة والحماديّة والمعنيّة ومُدبّريهم، وقطعوا أشجارهم، وعاثوا في تلك الديار وأخربوها، وانتهى أمر الأميرين بقتل قرقماس وجرح أخيه الأمير أحمد جرحاً غير مُميت، ورجع إلى مخبئه واختفى سنتين.

وسنة ١٦٧٥م صدر الأمر السلطاني بقصاص الحماديّة لعدم دفعهم المال الأميري، فكَتب الوزراء إلى الأمير أحمد المعني أن يُسلّمهم العُصاة، وكتب إليه إسماعيل باشا والي صيدا كتاب الأمان، فاجتمع وجوه البلاد في دير القمر، وكتبوا إلى إسماعيل باشا أنّ الأمير أحمد يكفل العشرة آلاف قرش الباقية عند الحماديّة، بشرط أنْ يطلق لهم حسن باشا والي طرابلس رهائنهم، فارتضى وانفضّت العساكر.

وسنة ١٦٨٤م جَعل والي طرابلس الأميرَ أحمد والياً على جميع مقاطعات الحماديّة لقبائحهم وبغيهم، فتوجّه الأمير أحمد إلى غزير بخمسة آلاف مُقاتل ودهم الحماديّة، ففرّوا إلى بلاد بعلبك، فأحرق لهم ايليج أي ميفوق ولاسا وافقا والمغيرة، وقطع أشجارهم، فالتمس خواصّه العفو عنهم، فتركهم وقفل راجعاً إلى الشوف غير راضٍ مِن والى طرابلس بقبول خِلعة ولايته على تلك المُقاطعات.

وسنة ١٦٩٢م (ص٣٤٣): عُزل محمّد باشا عن ولاية إيالة طرابلس وتولّى عوضه علي باشا اللقيس، فقرف الحماديّة في مُقاطعاتهم، فكَتب إليه محمّد باشا أنْ ينهض على الحماديّة ويُرسل له ثلاثة عشر رأساً منهم عيّنها له، فكَتب علي باشا إلى الأمير أنْ يُنجده بالرجال لقتال الحماديّة، فكَتب الأمير إلى الخوازنة أنْ يُنجدوه بألف رجُل، فأنجدوه وساروا إلى جبيل، فلمّا شعرتْ بهم الحماديّة انهزموا في طريق العاقورة، فهلك منهم بالثلج مئةٌ وخمسون نفساً، ثُمّ التمستْ الخوازنة مِن علي باشا أنْ يكفّ عن الحماديّة

١٢٠