تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٣

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني13%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 113614 / تحميل: 9450
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

تاريخ الشيعة

السياسي الثقافي الديني

(٣)

١

٢

تَاريخُ الشِّيعَةِ

السِّياسي الثقافي الدِّيني

تأليف

العَلاّمَة الشيخ سُليمان ظَاهِر

عضو المَجمع العلمي العربي بدمشق

حقّقه وضبطه

عبد الله سليمان ظاهر

المُجَلّد الثَالث

منشورات

مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات

بَيروت - لبنان

ص. ب ٧١٢٠

٣

٤

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحرافشة

جاء في دائرة المعارف للبستاني م٧ ص٩:

(آل حرفوش: عائلة أُمراء مِن الشيعة موطنهم بلاد بعلبك، كانوا مِن البأس والسطوة على جانب عظيم، وكانوا هُم السائدين في تلك البلاد، والمُتسلّطين على أهلها وأموالهم، ولمّا تكاثروا هُناك زادهم ذلك عُتوّاً وبغياً، فأكثروا مِن التعدي والسلب والنهب، وتمادوا في ذلك مع اجتهادات الحُكومة المركزيّة على ردعهم، فلم ينجع فيها ذلك، فأدّى الأمر إلى أن وقعوا تحت غضب الدولة، فأصدرت أوامرها بنفيهم مِن تلك البلاد، وخلعهم مِن كُلّ المناصب، ومنع استخدامهم، فانحطّوا كُلّ الانحطاط، وكادوا ينقرضون، واتّخذ بعضهم التسوّل مهنة؛ لتشريف أنفسهم عن الأشغال، وسهولة الكسب مِن الخارج.

ومن أشهر المتأخّرين مِن هذه العائلة: الأمير سلمان والأمير خنجر).

هذا ما عرّفت به الدائرة عن هذا القبيل، وكلّ ما نفحت به التاريخ مِن أخبارهم التي تكاد تشغل مجلّداً ضخماً، وأمّا ما أفاضت عليهم مِن النعوت والأوصاف حتّى كأنّهم مِن غير جِبلّة مجاوريهم، فإنّا نَكِل المطالع على ما كُتب مِن تاريخ تلك الأيّام، وما كانوا يزيدون على غيرهم مِن الحُكّام والأُمراء الإقطاعيّين مِن حيث ذلك الوصف، فكلهم في ذلك شرع، والعصر كان عصر تغلّب وتطاحن، ولرجال الدولة اليد الكُبرى في كُلّ ما كانوا يجنونه على أُمّتهم وبلادهم بما كانوا يخلقونه مِن وسائل المُنافسة: المضاربة والمزايدة على تحصل الوظائف، وهمُ الّذين مهّدوا لكلّ مَن تُحدّثه نفسه بالطموح إلى النزول في ميدان المُنافسة، والتغالي بدفع أثمان الحُكم المسلوب مِن الرعيّة، والدولة هي المُمهّدة لذلك كلّه، والمخدوعون في زخارف الحُكم كلّهم سواء.

٥

إنّنا نُدّون ما وقفنا عليه مِن الكُتب التاريخيّة الّتي هي تحت متناولنا مِن تاريخ الأُمراء الحرافشة:

الحرافشة مِن أُمراء الشيعة الّذين تولّوا إمارة بعلبك وأعمالها، وساهموا مع أُمراء زمانهم في الحُكم الإقطاعي، وطووا حُقبة مِن الزمن في الإمرة الّتي لم تُخالف نوع الإمارات ذلك العهد، الّذي كان ميداناً واسعاً للتنافس عليها مِن كُلّ طامح إليها، طامع فيها، وكانت له عصبيّة تؤيّده، وقديم يعضده، وفطنة تُسدّده، وجرأة ترفده.

وكان الحرافشة وهُم يرجعون إلى قبيل ذي مجدٍ أثيل، وفخرٍ أصيل، وفروسيّة نادرة، ومكارم باهرة، فمَكّنت لهم هذه الخلال أن يُنشئوا إمارتهم بين إمارات محيطة بهم مِن هنا وهناك، وفي عهد دولة ودول لم تكن فيه الولايات والإيالات إلاّ سلعة مِن السلع، تُعرض في المزاد وتنتقل مِن يد إلى يد، ومن قبيل إلى قبيل، ومن فرد إلى فرد، وكان الولاة العثمانيّون، وقد انتقل حُكم البلاد الشاميّة إليهم مِن الأُمراء الجراكسة، وملوك المماليك حُكّام مصر، هُم الّذين يذكرون نار المُنافسة بين الطامحين إلى الحكم.

كان للأُمراء الحرافشة في مثل هذا الموقف المضطرب، والّذي لا يعرف الطمأنينة والاستقرار مثل ما كان لغيرهم مِن حُكم وصولة ودولة، وكلّها متشابهة متماثلة في مظاهرها.

رافقت إمارة الحرافشة إمارة المعنيّين والشهابيّين، وانتهت وإمارة الشهابيّين في عهد واحد تقريباً سَنة ١٨٦٦م.

بدء إمرة الحرافشة:

إن جَدَّ الحرافشة الأعلى الأمير حرفوش هو مَن عُقدت له راية بقيادة فرقة في حَملة أبي عبيدة بن الجرّاح على بعلبك، وإنّ الحرفوش هذا هو عمود النَسب لهذا الفرع مِن قبيلة خُزاعة العربيّة المعروفة القديمة، والّتي سبق لأوائلها أن ولوا حراسة مكّة.

أمّا الحرفوش، فلم نجد له ذِكراً في الفتوحات الشاميّة، ولا ذِكرُ تأميره على قيادة فرقة في حملة أبي عبيدة عند فتح بعلبك، ولكنّ ذلك لا ينفي صحّة هذا الخبر، فإن التاريخ - ومنه تاريخ تلك الفُتوحات - لم يُحط إلاّ بالمُهم بل الأهمّ مِن الأخبار، ولو عرض لكلّ شيء، ولمثل هذه الأُمور الّتي لا

٦

يبخس ترك ذكرها قيمة المُهمّة التاريخيّة؛ لَنَفد القرطاس، وضاقت الطوامير عن استيعاب الحوادث كُلّيها وجُزئيها.

وإذا عرفت عظيم عناية العَرب بأنسابهم، وحرصهم على ضبط أنسابهم، وربط سلسلة حديثها بقديمها، لم يكن مِن المُستبعد أن يحفظوا مِن أسماء رجالاتهم ما لم يحفظه التاريخ الّذي لم يعنِ إلاّ بالمُهم أو الأهم مِن تلك الحوادث، ولم يُدوّن ما دوّنه مِن ذكر أمساء رجال إلاّ لعظيم ما لهم مِن البلاء، وجليل ما أتوا به مِن الأعمال.

وهكذا تجد في تاريخ أكثر الأُسر العريقة أسماء رجال لم يُدوّنها التاريخ، على أنّنا لم نجد في الكُتب التاريخيّة، ولا في كُتب اللُغة ذِكراً لاسم حرفوش قبل العُصور الأخيرة الّتي عُرف فيها اسم قبيل آل الحرفوش، ونُرجّح أن هذا الاسم محروف عن حرنفش كغضنفر، وهو الجافي الغليظ أو العظيم كما جاء في القاموس.

وكيف كان، فإنّه لم يُعرف في عهد الفُتوحات الإسلاميّة في الديار الشاميّة مَن تسمّى بهذا الاسم.

وإذا أقررنا ما يذكره الحرافشة مِن انتسابهم إلى ذلك الجدّ الأعلى، الّذي عاصر الفتح الإسلامي الشامي، وهو ما لا يُنازَع فيه، فلم نجد ذِكراً لآل حرفوش، مِن عهد القَرن الأوّل الهجري، ولا مَن وُلّي منهم إمارة مِن الإمارات، إلاّ في أواخر القرن الثامن الهجري، وهو علاء الدين الّذي ولاّه السلطان برقوق مُقاتَلة كسروان، كما عرفت.

وسكت المُؤرّخون عن ذكرهم حُقبة مِن الزمن، فلم يعرضوا لهم في مدى القرن التاسع إلى أوائل العقد الثالث مِن القرن العاشر، فقد جاء في حوادث سَنة ٩٢٤ هـ / ١٥١٧م:

(لمّا مهَّد السلطان سليم العثماني فاتح مصر وسورية الأقطار الشاميّة والمصريّة، ورجع إلى الشام، عصى عليه الأمير ناصر الدين محمّد بن الحنش صاحب صيدا والقاعين وشيخ الأعراب، ثُمّ هرب واتّهم الأمير زين الدين والأمير قرقماز والأمير عَلم الدين سليمان أنّهم مِن حزبه، فقبض عليهم الغزالي، وبعث برأس ابن الحنش ورأس ابن الحرفوش إلى السلطان سليم في حلب، وأطلق سراح هؤلاء المُعتقلين.

وفي حوادث سَنة ٩٤٠ هـ ١٥٣٣م في هذه السَنة وقعت فتنة أهليّة في جهات العاقورة وجبّة المنيطرة في لبنان، نشأت مِن خِصام بين مالك اليمني وهاشم العجمي مِن مشايخ العاقورة، وكثُرت الدسائس بين بني الحرفوش أُمراء بعلبك وآل سيفا حُكّام طرابلس.

٧

ولمّا وقعت المُخاصمة بين مالك اليمني وهاشم العجمي العاقوري، وباغت مالك جبة المنيطرة وأحرقها، واتّفق أهل الجبّة وقيسية العاقورة على قتل مالك، وتمّ لهم قتله، شكا أخواه الأمر لنائب الشام، وكَتب هذا للأمير منصور بن سيفا طالباً منه تسليم قَتلة مالك؛ فبعث مَن يَقتل هاشماً، فانهزم هاشم إلى كرك نوح مُحتمياً ببيت حرفوش.

ثُمّ إن الأمير منصوراً وأتباعه نهبوا لاسا وأحرقوها؛ فخافت قيسية العاقورة، وهربوا إلى طرابلس، فنَهب الأمير منصور دورهم وأحرقها.

ثُمّ إنّ عبد المُنعم كاتبَ الأُمراء الحرافشة على قتل ابن عمّه، وتعهّد لهُم بقتل الأمير منصور، وأن يُسلّمهم تلك المُقاطعات الّتي بيده، فقبل الحرافشة ذلك، وغدروا بهاشم وقتلوه فوق الكرك، ورموه في بئر كنيت بئر هاشم إلى الآن.

وفي خطط الشام: (وقد بقي أرباب المُقاطعات في الدولة العثمانيّة - كما كانوا في عهد دولة المماليك - يضمنون الخراج مُقابل أموال يَتعهّدون بها، مثل: أمير عرب الشام مدلج بن ظاهر مِن آل جبّار، والأمير فخر الدين المعني، والأمير جمال الدين الإرسلاني، وبني شهاب في وادي التيم، وبَني الحرفوش في بعلبك(١) .

فترى مِن ذلك أن الحرافشة كانوا مِن أرباب المُقاطعات الّذين أقرّهم السُلطان سليم على حُكم إقطاعاتهم، وهو ما نستظهره ونُرّجحه، وإن لم يَذكر المُؤرّخون أشخاص مَن كان يلي منهم هذا الحُكم الإقطاعي، إلاّ في زمن متأخّر عن زمن الفتح العُثماني للبلاد الشاميّة والمصريّة، حتى أوائل العقد الأخير مِن القرن العاشر الهجري، وما يليه مِن القرون.

إنّ حُكّام تلك المُقاطعات لم يكن ليصفو لهم الحُكم، وكانوا أبداً عُرضة للقَلب والإبدال ما دام الحُكم في تلك العُصور سلعة مِن السِلع، تُعرض في أسواق المُساومات والمُنافسات، والظافر فيه مَن يتفوّق على مُنافسه بالمُغالاة في دفع المال، وإرضاء الولاة العثمانيّين الّذين كانوا يلون البلاد بمثل ذلك، فكان مَن يلي الحُكم اليوم يُعزل منه غداً دواليك، فكان الأُمراء الحرافشة كغيرهم في هذا المُعترك السياسي الّذي لا يعرف الاستقرار).

____________________

(١) ج٢ ص ٢٣٤.

٨

وبعد، فإنّا نرى مِن المُفيد في تاريخ الحرافشة، الّذين لم نقف لهم على تاريخ مُستقل، بل جال ما دُوّن مِن أخبارهم نتف مُبدّدة هُنا وهناك، أن نُنظّمها في عَقد واحد مؤلّف مِن ذر رجالاتهم الّذين عُرض لهم تاريخ تلك الأزمنة، ممّن وُلّي منهم الحُكم، أو نازع فيه القريب والبعيد، ليكون أقرب إلى التناول، وأعلق بضبط تاريخ هذا القبيل الّذي استطاع أن يُكوّن أمره مِن نوع تلك الإمارات، وحُكماً إقطاعيّاً مِن سِنخ ذلك الحُكم الإقطاعي الّذي كانت تضطرب به الديار الشاميّة، وهو ميدان واسع للتنافس بين الطامحين في الحُكم، وبين الطامعين في التوسُّع، وتكاد الإقطاعات لا تنضبط في عدد، ولا تنحصر في قبيل، فأوّل مَن ذُكر مِن الحرافشة باسمه:

١- الأمير علاء الدين: مرّ ذكره.

٢- الأمير علي:

جاء في حوادث سَنة ٩٩٤ هـ ١٥٨٦م:

في هذه السَنة، أراد جماعة مِن أقارب الأمير علي الحرفوش صاحب بعلبك أن ينزعوا حكومتها مِن يد أبي علي، الشهير بالأقرع بن قنبر؛ لأنّه ليس مِن أولاد الأُمراء، وحكومة بعلبك موروثة لبني الحرفوش، فعرف ابن الأقرع ما دُبّر له، فجاءه ألف رجل جمعهم بنو الحرفوش مِن كسروان، والشوف، وعين دارة، وأرادوه على أن يخرج بعياله وبمَن يلوذ به حيث شاء، فأبى إلاّ قتالهم، واستنجد بالأمير قرقماز بن الفريخ أمير بلاد البقاع، وبغيره مِن التُركمان والعرب، فأجابه مَن طلبه؛ فخرج إليهم، فلمّا التقى بهم انتصر عليهم، وولّى الدروز هاربين، فتبعهم أهل بعلبك يقتلونهم، وقتلوا منهم ألفاً وثمانين قتيلاً في لحظة واحدة، ولم يُقتل مِن جماعته سوى شخص واحد.

البوريني قال: وكان أصلح له ولجماعته طعاماً قبل المعركة، فقاتل أعداءه ورجع والطعام لم يبرُد، وأُرسلت الرؤوس لدمشق لتُعرض فيها، ثُمّ قَتل الأمير علي بن الحرفوش ابن الأقرع، وندم على قتله، وأخذت الدولة بعد ذلك عليّاً إلى دمشق بالأمان، وغدرت به وقتلته، وقتلت معه عسّافاً الكذّاب الّذي ادّعى أنّه ابن الأمير طرباي، أمير بلاد اللجون (الخطط ج٢ ص٢٤٠)(١) .

____________________

(١) الأمير علي هذا، هو أبو الأمير موسى، وقد جاء في خلاصة الأثر م٤ ص٤٣٢ أنّ مُراد باشا قبض عليه، كما قبض على ابن الفريخ، وخنقه في قلعة دمشق في سَنة إحدى أواثنتين بعد الألف.

٩

وفي سَنة ١٠٠٠ هـ - ١٥٩١م أمر قاضي الشام مصطفى بن سنان بقيام النوّاب كُلّهم مِن المحاكم، وإغلاق أبوابها كلّها، فأُغلقت، ثُمّ أُغلقت أسواق البلد كلّها؛ وسبب ذلك أنّ الدفتردار محموداً ارتشى مِن ابن الأقرع بخمسة عشر ألف ديناراً، وولاّه على بعلبك بدل ابن الحرفش؛ فأدّى ذلك إلى خراب بعلبك ظاهرها وباطنها، ورحل أكثر أهلها حتّى تعطّلت الأحكام الشرعيّة بها، وعتا بها ابن الأقرع وأتباعه، وصادر الناس مُصادرة عظيمة؛ ليوفي بها المال الّذي التزم به لجهة السلطنة.

٣- الأمير يونس الحرفوش:

هو على ما يظهر غير الأمير يونس الآتية ترجمته، والّذي له صفحة كبيرة في تاريخ الأُمراء الحرافشة، وورد ذكره في تاريخ بعلبك لميخائيل موسى الوف البعلبكي، حيث قال:

(وللشيعة جامع رثّ البناء، عمَّره الأمير يونس الحرفوش سَنة ٩٦٢)، ولم يَرد له ذِكر بغير هذا الموضع.

٤- الأمير موسى بن عليّ بن موسى الحرفوش:

قال المحبي في كتابه خلاصة الأثر:

(الأمير ابن الأمير، أمير بعلبك، وَلي إمارتها بعد قتل أبيه، وذلك بعد أن قُبض على أبيه، وأُرسل هو والأمير منصور بن الفريخ والأمير قانصوه إلى الروم، ثُمّ خلص هو وابن الفريخ، ثُمّ قَبض عليه مُراد باشا كما قبض على ابن الفريخ، وخنقه في قلعة دمشق سَنة إحدى أو اثنتين بعد الألف، وهؤلاء القوم مِن الغُلاة في الرفض، إلاّ أنّ صاحب الترجمة كان أقرب أهله إلى التَسنُّن، كما قال النجم في ترجمته).

وكان بطلاً شُجاعاً جواداً، وكان زحف إلى الأمير علي بن سيفا صاحب طرابلس بأمر مِن الوزير محمّد باشا، السيّد الشريف المُنفصل عن نيابة مصر، حين كان نائباً بالشام في سَنة سبع أو ثمان بعد الألف، وقَتل ابن سيفا في ناحية غزير. وقد ذكرنا عن (المحبي) خبر هذه الوقعة في ترجمة الأمير حسن بن الأعوج(١) ، وذكرنا بيتين تَمثّل بهما في صدر رسالة إلى الأمير موسى صاحب الترجمة، يحثّه فيهما على قتال ابن سيفا.

والبيتان هُما:

____________________

(١) ج٢ ص٤٥.

١٠

غزيرُ طورٌ ونار الحرب موقدة وأنت موسى وهذا اليوم ميقات

إلى آخرهما(١) فارجع إليهما ثَمّة.

وبقي الأمير موسى في إمارة بعلبك حتّى دخل الأمير عليّ بن جانبولاذ بعلبك، قاصداً دمشق، فنهض الأمير موسى إلى نواحي حمص لاستقباله، مُداراة ومُحاماة عن أرضه، فتحادثا، وتقاولا، وتشاورا فيما صدر، وتجاولا، فقال الأمير موسى:

هل تُعطيَني عهداً على الصلح وأنا أذهب إلى الشام، وآخذ لك العهد الوثيق مِن الأنام.

فقال: اذهب سليماً، وكُن يا موسى كليماً.

فحضر إلى الشام، ورُمي مِن عسكرها بغاية الملام، وأوجعوه بغليظ الكلام، ظنّاً مِن جُهلائهم أنّه عليهم، وما كان ناوياً إلاّ سَوق الخير إليهم، فلمّا حضر إلى أمير الأُمراء بدمشق، قال له: قد جئت على قدر يا موسى، فجرّدْ سيف عزمك لعلّه يذهب البوسى، فقال له:

إنّ ابن جانبولاذ يطلب أن تُعطى حوران لعمرو البدوي مِن عرب المفارجة، والشام والبقاع العزيزي لمنصور بن الفريخ، وأن يُؤذَن لكيوان بالدُخول إلى الشام والعود كما كان، ويُكتَب عرض بأنّ ابن جانبولاذ لم يدخل إلى أرض الشام، وأنّ فخر الدين بن معن يُؤدّي ما عليه مِن مال السلطان، وبلاده موصوفة بالأمان.

فعقد أمير الأُمراء ديواناً لهذه المطالب، فاتّفقوا على أنّ حوران لعمرو، ولكن في السَنة القابلة، وأمّا كيوان، فإنّ إعطاءه لمنصور غير معقول؛ لكونه عند الرعايا غير مقبول، وأمّا كيوان، فإنّه يرجع وعليه الأمان، وأنّه يُكتب عرض بما أراد مِن عدم دخوله، وبتعديل ابن معن.

ثُمّ وقع في ثاني يوم إباء مِن الشيخ محمّد بن سعد الدين لِما صمّم عليه أوّلاً، فرجع الأمير موسى إلى ابن جانبولاذ بغير المرام، فعزم ابن جانبولاذ على قصد دمشق، وهرب الأمير موسى إليها، وأخبر أنّه ترك ابن جانبولاذ على قصد دمشق، ثُمّ إنّ ابن جانبولاذ جاء إلى البقاع وخيّم بها، وانحاز إليه الأمير يونس بن حسين بن الحرفوش - ابن عم الأمير موسى - ومَن معه مِن أولاد عمّه، وقصدوا بعلبك فنهبوها، وفرّقوا أهلها، ووقع مِن ابن جانبولاذ بعد ذلك ما وقع مِن قصّته، وحوصرت الشام، وصولح ابن جانبولاذ على المال، وصولح ابن معن على أن تكون بعلبك

____________________

(١) أمّا البيت الثاني مِن البيتين فهو:

ألقِ العصا تتلقّف كُلّ ما صنعوا = ولا تَخفْ ما حبال القومِ حيّات

١١

والبقاع للأمير يونس.

فلمّا رجع ابن جانبولاذ وعشيره، خرج الأمير موسى إلى القيروانيّة(١) ، وجمع عشيراً كبيراً لقتال ابن عمّه، وإخراجه مِن بعلبك.

ثُمّ صرف العشير، ورجع إلى دمشق مريضاً، فمات يوم الجمعة سابع وعشرين صَفر سَنة ست عشرة بعد الألف، ودُفن في مقبرة الفراديس بالقبّة المعروفة ببني الحرفوش.

وقال صاحب أمل الآمل في ترجمته:

(كان فاضلاً شاعراً أدبياً جليلاً، ومِن شعره:

كأنّ رأس جيوش الضدّ ليس له عِلم بأنّ بلادي موطن الأُسدِ

ومِن مهابة سيفي في القلوب غدت أُمّ العدو لغير الموت لم تلدِ

فليرقبوا صدمة منّي معوّدة أن لا تقرّ لها الأعداء في البلدِ

ألستُ نجلَ عليّ وهو مَن عرفوا منه المخافة في الأحشاء والكَبدِ

وإنّني أنا موسى منه قد ورثتْ كفّي سيوفاً تُذيب الأرض في الجَلدِ).

بعض وقائعه:

جاء في تاريخ الأمير حيدر الشهابي في حوادث سَنة ١٠١١ هـ - ١٦٠٢م:

(في هذه السَنة باغتَ الأمير يونس بن الحرفوش جبة بشرى، فلمّا بلغَ ذلك يوسف باشا ابن سيفا، جمع سكماته وأهل البلاد، وهاجم بعلبك، فاجتمع ببيت الحروفش في القلعة، ونَهبت بنو سيفا بلاد بعلبك، وحاصروا قلعة الحدث خمسين يوماً، وملكوها، وقُتل ابن فاطمة وابن رعد الّذي كان مع الأمير فخر الدين المعني في وقعة نهر الكلب، ثُمّ نادوا بالأمان، وقد ذَكر هذه الموقعة كُلٌّ مِن: صاحب تاريخ بعلبك ودواني القطوف، مُتردّدين بعزوها إلى الأمير يونس أو الأمير موسى، ونُرجّح أنّها كانت مع الأمير موسى؛ لأنّ إمارة بعلبك كانت له في هذا التاريخ).

وفي تاريخ بعلبك لميخائيل الوف ما يلي:

(وفي سَنة ١٦٠٢م، دهم الأمير موسى الحرفوش - وقيل الأمير يونس - جبة بشرة، ونهب بيوتها

____________________

(١) موقع القيروانيّة فوق الهضبة الجنوبيّة مِن الهرمل، يفصل بينهما وادٍ عميق، وليس فيها اليوم بيت عامر، وهي في سهل منبسط، وأمامه سهل واسع.

١٢

ومواشيها، فجمع يوسف باشا سيفا خمسة آلاف مقاتل، وزحف بهم على بلاد بعلبك، فأحرق قرية الحدث، ثُمّ نزل على بعلبك فنهبها، وقتل وشتّت أهلها، فتحصّن الحرافشة مع جماعة مِن أهل البلد في القلعة، وكانوا نحو ألف رَجل ما عدا النساء والأولاد، فشدّد يوسف باشا الحصار على القلعة مُدّة خمسين يوماً، ثُمّ ملكها وقتل جماعة مِن أعدائه، وأطلق الأمان للباقين وعاد ظافراً(١) .

ويروي عن الأمير موسى المذكور - وليس للرواية مِن سَند تاريخي -: أنّه نبذ طاعة الدولة العليّة، فأرسلت عليه الجيوش، ووقفت له بالمرصاد، ولمّا رأى أنْ لا مناص مِن التسليم، توجّه خُفية إلى الآستانة العليّة، وكانت بلدة غزير قصبة كسروان عاصية، وقد استفحل أمرها، فاستأمن الأمير موسى للدولة، وتعهّد لها بفتح غزير والتنكيل بأهلها، على أن ينال عفو الدولة، ويتولّى أحكام بعلبك فأُجيب طلبه، وعاد إلى بعلبك، وجمع نحو خمسة عشر ألف مُقاتل، وزحف بهم على غزير، وقد أنشده أحد الشُعراء قبل ذهابه هذين البيتين:

غزيرُ طورٌ ونار الحرب موقدةٌ وأنت موسى وهذا اليوم ميقات

ألقِ عصاك ولا تخشَ لما أفكوا بأمرها وحبال اليوم حيّات)(٢)

مُنازعة ابن عمّه الأمير يونس له على الإمارة:

إن مِن أعظم الأسباب الّتي أدخلت الوهن على أُمراء بني الحرفوش، ونحتت مِن أثلة قوّتهم، وأظفرت أعداءهم الكثيرين بهم في كثير مِن الوقائع،

____________________

(١) وجاء في تاريخ المطران الدبس ما يؤيّد رأينا، فقد ورد فيه ج٧ ص٣٧:

في هذه السَنة (١٦٠٢) كبس الأمير موسى بن الحرفوش مع جماعته جبة بشري، فنهبوا البيوت واستاقوا الماشية، ولمّا بلغ ذلك يوسف باشا، جمع جنوده وأهل الناحية نحو خمسة آلاف رجل، وسار فيهم، فكبس مدينة بعلبك، فهرب أهل المدينة، فنهبوا وقتلوا مَن أدركوا، واحتمى شهلوب بن سيفا مع بعض الحرافشة، وكثير مِن أهل المدينة في قلعة بعلبك فحَرق يوسف باشا قلعة الحدث في بلاد بعلبك، وحاصر القلعة خمسين يوماً، ثُمّ ملكها وقتل ابن فاطمة ورعد بن نبعا؛ لأنّه كان مع الأمير فخر الدين في وقعة نهر الكلب، وقتل ابن أخيه الأمير عليّاً، ثُمّ نادى بالأمان.

(٢) مرّت سابقاً رواية المحبّي للبيت الثاني على غير هذه الصورة، ورواية المحبّي أرجح كما هو مبيّن.

١٣

تنازعهم الذميم على الإمارة، كما كان ذلك شأن سواهم مِن الأُمراء المُجاورين، وحُكّام الإقطاعات المتاخمة لهم، وهو السلاح ذو الحدّين، المطبوع بيد الولاة العثمانيّين وغيرهم، الّذين كانوا يشهرونه عليهم بأيديهم، يحلّون به عُقد عصبيّتهم، ويُفرّقون به وحدة جماعتهم، وكان ذلك على أشدّه في هؤلاء الأُمراء كما ستراه مبسوطاً في أخبارهم، وقد مُنّيَ صاحب الترجمة بمُنازعة ابن عمّه الأمير يونس له على الإمارة.

ففي سَنة ١٠١٤هـ - ١٦٠٥م:

التجأ الأمير يونس إلى الأمير فخر الدين المعني والي جبل لبنان، خوفاً مِن ابن عمّه الأمير موسى فأجاره، وتولّى بلاد بعلبك بمدده، وعقد للأمير ابن الأمير يونس على ابنته، ومِن هذا الحين استأثر يونس بإمارة بعلبك دونه إلى أن لحق بربّه.

عطف الأمير موسى على أهل العلم:

إنّ الأمير موسى - كما عرفت أنّه كان مِن رجال العِلم والفضل - كان يعطف على رجالها، فقد جاء في خُلاصة الأثر للمحبي في ترجمة شمس الدين محمّد بن علاء الدين بن بهاء الدين البعلي، الشهير بابن الفصّي الفقيه الشافعي، مُفتي ديار بعلبك، وآباؤه كلّهم رؤساء العِلم بتلك الناحية، ودرس بالمدرسة النوريّة في بعلبك - إلى أن قال - ثُمّ لمّا مات الأمير موسى بن عليّ بن الحرفوش أمير بعلبك، واستولى عليها الأمير يونس ابن عمّه بعد فِتنة ابن جانبولاذ، رحل إلى دمشق مع مَن رحل مِن بعلبك، وسكن دمشق مدّة، ثُمّ ألجأته الضرورة إلى الرُجوع إليها، فلم يرَ مِن الأمير يونس ما كان يعهده مِن الإقبال، فصار كاتباً بمحكمة بعلبك، وأقام بها.

تُوفّي فيها سَنة ١٠٢٤ هـ - ١٦١٥م).

٥- الأمير يونس ابن الأمير حسين:

لم يُقم في الأُمراء الحرافشة مَن ولي الإمارة البعلبكيّة المدّة الطويلة الّتي قطعها هذا الأمير، ولا انبسطت يدُ أمير فيهم انبساط يده، حتّى استتبّ له أن يليَ مع إمارة بعلبك: إمارة البقاء، وسنجقية حمص، وحكم صفد، ولا مَن ساور منهم ما ساور مِن الحوادث مُدّة إمارته المُستطيلة، ولئن كانت ترتفع يده في فترات مِن الزمان عن الإمارة، فسُرعان ما كان يعود إليها.

١٤

وأوّل عهده بالإمارة كان نهاية إمارة ابن عمّه الأمير موسى، وكان ذلك في سَنة ١٠١٤ هـ كان مرَّ آنفاً، وهذه السَنة هي مبدأ حياته السياسية، ومبدأ ذكره، ولم يرد له ذِكر قبلها، وهي السَنة الّتي استعان فيها بالأمير فَخر الدين المعني على ابن عمّه الأمير موسى.

وأمّا ما ورد مِن مُباغتة الأمير المُترجَم له لجبة بشرة في تاريخ الأمير حيدر الشهابي، وتردُّد صاحب الدواني في الخبر بين المُترجَم له والأمير موسى، ونسبة الحادثة إليه إلى القيل في تاريخ بعلبك، فقد سبق ترجيحنا نسبتها للأمير موسى، وهو ما رجّحه المطران الدبس.

وجاء في تاريخ بعلبك:

(وفي سنة ١٦٠٦م - ١٠١٥ هـ جمع أحمد باشا الحافظ والي دمشق الجنود، وحمل على الأمير يونس لضغينة بينهما، فاستنجد يونس بالأمير فَخر الدين؛ فأنجده برجاله، فكفّ حينئذ أحمد باشا عنه، وكان ذلك سبب نفوره مِن فَخر الدين).

وأمّا المطران الدبس، فقد ذَكر هذه الحادثة في سَنة ١٦١١م (١٠٢٠هـ)، فقال:

(وفي هذه السَنة قَدِم نصوح باشا إلى حلب، وأرسل يطلب مِن الأمير فَخر الدين خدمة للسلطان، فأرسل له خمسة وعشرين ألف قرش أُخرى، بعد أن كان أرسل له مع كتخداه قبلها خمسة وعشرين ألفاً وخيلاً وأنسجة، مع ذلك لم يصفُ خاطره عليه، وكان مؤاخذاً له؛ لأنّه أنجد الأمير يونس الحرفوش والأمير أحمد شهاب ضدّ أحمد باشا حافظ دمشق، ولأن ما قدّمه كان أقلّ ممّا أرسله إلى مُراد باشا سلفه مع ابنه الأمير علي).

وإليك رواية الأمير حيدر:

فقد ذَكر في حوادث سَنة ٢٠٢١ هـ - ١٦١٢م لمّا كان الحافظ أحمد باشا بالشام، وأراد الزحف إلى ابن الحرفوش، أعان الأمير فَخر الدين بن الحرفوش، وكذلك أعان الأمير أحمد بن شهاب، لمّا أراد الحافظ توجيه عسكر ضدّه، ومنع الأمير فَخر الدين الحافظ عن أذيّتهما.

ورواية الأمير حيدر والمطران الدبس هي الأقرب للواقع، فإنّ أحمد باشا الحافظ لم يكن والياً على الشام في سَنة ١٦٠٦م - ١٠١٥هـ، وهي السَنة التي أرّخ فيها الحادث صاحب تاريخ بعلبك، وإنّما وُلّي كفالة دمشق، ودخلها يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الثاني سَنة ١٠١٨هـ، الموافق سَنة ١٦٠٩م، كما جاء بترجمة الحافظ في خلاصة الأثر للمحبي، وإن كان في

١٥

كلام المؤرّخين اختلاف في تحديد السَنة، والأمر في ذلك سهل.

وفي سَنة ١٠٢١ هـ - ١٦١٢م لمّا كان الحافظ أحمد باشا بالشام، وأراد الزحف إلى ابن الحرفوش، أعان الأمير فَخر الدين بن الحرفوش، وأيضاً لمّا أراد الحافظ توجيه عسكر ضدّ أحمد بن شهاب إلى وادي التيم، أرسل الأمير فَخر الدين عسكراً لإعانة الأمير أحمد، ومنع الحافظ أحمد باشا مِن أذيّتهما؛ فكان ذلك سبباً لحَنَق الحافظ على الأمير، وأضمر له السوء، فتوجّه إلى حلب لمُقابلة الوزير نصوح باشا، وبصحبته كنعان بكباشى - مِن أعيان انكشاريّة الشام، وكان للأمير مُبغضاً - وفخر بِك، فأعطاهُما سنجقية عجلون ونابلس والكرك، وعزل ابن قانصوره، وزّين الحافظ للوزير بشتّى الأساليب مُقاومة الأمير ومُحاربته، فعزم على تجريد العساكر إنفاذاً لغرض الحافظ، ورجع هذا إلى الشام والحافظ إلى الباب العالي، ثُمّ خرج أحمد باشا ابن الوزير بالعساكر مِن الشام إلى وادي التيم، ونزل في خان حاصبيا، فهرب بنو شهاب منها، فهدم دورهم، وأتلف أملاكهم، ونهب حاصبيا، وبعد خمسة أيّام عزم على المسير إلى الشوف، فخاف منه بنو مَعن، وتعهّدوا له بدفع مئة ألف قرش، وسلّموه رهناً على ذلك المُقدّم شرف الدين بن مِزهر والأمير عليّاً بن إرسلان مِن الشوفيات، ثُمّ رجع إلى الشام، فهرب الأمير خُفية، ثُمّ بعث له بنو معن ما تعهّدوا به مِن بعد هرب الأمير علي إرسلان، ثُمّ جرت أُمور.

وفي سنَة ١٠٢٢ هـ - ١٦١٣م اضطرّت الأمير فَخر الدين للركوب بمَن معه مِن الرجال إلى القنيطرة أُمورٌ لا مَحلّ لبسطها هُنا، ولمّا أخبره عسكره بخروج العسكر مِن الشام، أرسل لهم نجدة عسكراً نحو عشرة آلاف مِن السكمان، ورجال الأمير أحمد بن شهاب، ورجال الأمير يونس (في تاريخ الأمير يوسف)، ومِن رجال يوسف بن سيفا، ولمّا شكا الحافظ ذلك إلى الوزير، ألقى القبض على مصطفى كتخدا، الأمير الّذي كان أرسله إلى إسلامبول لإظهار إخلاص سيّده للدولة، وعيّن في الحال أربعة عشر بيكلربيكاً وخمسين سنجقاً، وجعل الحافظ أحمد باشا سرداراً عليهم.

ولمّا وصلت العساكر إلى الشام، وعزم الحافظ على الركوب لمُحاربة الأمير، توجّه الأمير يونس الحرفوشي والأمير أحمد الشهابي لمواجهة الحافظ، وأخذ الأمير بتحصين القلاع، وجعل في قلعة بانياس حسين اليازجي مع ألف

١٦

شخص مِن السكمان، وفي قلعة الشقيف حسين الطويل، ومعه أربعمئة شخص، ووضع حريمه في القلعتين، ولم يأخذ معه إلاّ واحدة، ثُمّ وجّه أُناساً إلى الحافظ في كُتب يسترضيه بها، ولمّا لم ينتهِ أمر بهذه الوساطة إلى ما يشتهي الأمير عزم على المُقاومة، وكان أشدّها في قلعة الشقيف، وقد زحف الحافظ للحرب بجيش كثيف، وقد أرسل مَن في القلعة رسولاً لاستنجاد الأمير يونس أخي الأمير فَخر الدين، وهو جلب حسين، فأبلغ بعض جواسيس الحافظ ذلك إليه، فأرسل الحافظ حسين باشا بن سيفا والأمير يونس بن الحرفوش، فترصّدا طريق جلب حسين، وجرى بينه وبين رجاله وبين ابن سيفا وابن الحرفوش تصادم في البقعة فوق جسر الخردلة ليلاً، فقبضا على رجلين مِن رجال جلب حسين، ونجا بالباقون.

ووقعت بينهم موقعة، وانتهى الأمر بارتحال الحافظ في العسكر عن قلعة، وأخذ معه السيدة الوالدة بكلّ إكرام.

وحين وصل الحافظ إلى نهر حاصبيا أمر خمسين مِن الانكشاريّة بالإقامة هُناك بالخان، وطلب مِن الأمير يونس الحرفوش أن يُسلّمه حِصنَي قب الياس واللبوة، وبعد دخول الحافظ إلى الشام بخمسة أيّام خرج في العسكر إلى بعلبك ليتسلّم القلعة وحصن اللبوة، فأرضاه ابن الحرفوش بخمسين ألف قرش.

وفي سَنة ١٠٢٣ هـ - ١٦١٤م خرج الحافظ مِن الشام إلى المزّة، ثُمّ انتقل إلى الديماس، ثُمّ إلى جسر ديرزنون، ومنها إلى قب الياس، وأقام بها نحو عشرين يوماً، فاجتمع إليه حُكّام صفد وصيدا وبيروت، ومحمّد باشا والي غزّة، وفروخ بك، والأمير أحمد بن طربيه، وحسين بك ابن الأعرج حاكم حماه وعشائرهم، وحضر أُمراء الغرب، وهم: الأمير يونس بن الحرفوش، وغيرهم.

ثُمّ إنّ الحافظ أرسل الشيخ مُظفّر بجمع رجال الجرد والغرب والمتن إلى الشوف، فالتقاه أهل الباروك وعين زحلتا وبعض قُرى أُخرى ممّا يُجاورها نحو ٤٠٠ شخص مِن رأس الشوف، ووقع بينهم القتال مِن أوّل النهار بقُرب الباروك، فلمّا وصل الخبر إلى الحافظ، عيّن ثلاثة باشاوات والأمير أحمد الشهابي وبيت الحرفوش، وأرسلهم مِن قب الياس بعسكر إلى معونة الشيخ مُظفّر، ووقعت وقائع انتصر بها الشيخ مظفّر أوّلاً، ثُمّ انكسر، ثُمّ جرت وقائع أُخرى لا يَتعلّق لنا بها غرض.

وفي سنة ١٠٢٤ هـ - ١٦١٥م عُزل الحافظ مِن الشام، وعُيّن مكانه

١٧

محمّد جركس باشا، الّذي بوصوله إلى الشام أطلق والدة الأمير فَخر الدين، وكَتب إلى الأمير فَخر الدين برجوعه إلى بلاده مِن توسكانا، وفيها أعطى محمّد جركس باشا مُقاطعة البقاع إلى الأمير شلهوم الحرفوش، وأخذ على ذلك اثني عشر ألف قرش خدمة له، ووجّه معه عسكراً نحو خمسمئة خيّال، وكان الأمير أحمد بن شهاب مِن حزب الأمير شلهوم، فحاصر الأمير حسين الأمير يونس في قب الياس، ولم يُسلّمها، وحضر إلى معونة الأمير شلهوم: الشيخ مُظفّر شيخ اليمنيّة، ومُقدّمي كفرسلوان، وحسن آغا مملوك حسين باشا ابن سيفا؛ لأنّ الأمير شلهوم له قرابة ببيت سيفا، واجتمع العسكر في قريبة مكسة، وحضر الأمير يونس الحرفوش إلى الكرك، وجرت مُكاتبات فيما بينهما، وطلع الأمير حسين مِن قب الياس وتوجّه إلى والده، وتسلّم الأمير شلهوم قلعة قب الياس.

ثُمّ إنّ جركس محمّد باشا أرسل صوباشي وكيلاً إلى مدينة بعلبك، فتوجّهَ الأمير يونس إلى حلب، وأصحب معه أربعين ألف ذهب خدمة للوزير وأرباب الدولة، فقرّر عليه البقاع وبلاد بعلبك ورجع، وصحبته الأوامر إلى جركس محمّد باشا برفع الأمير شلهوم مِن البقاع، فتوجّه الأمير شلهوم إلى الشام، ثُمّ إلى الهرمل - بلاد ابن سيفا - وتسلّم الأمير يونس البقاع، وأقام في قلعة قب الياس، وفي بعلبك ولده الأمير حسين.

ولمّا كان الأمير يونس في حلب تكلّم معه الوزير بخصوص تسليم قلاع ابن معن، وأنّه يتوسّط بذلك، وبعد رجوعه أرسل إلى حسين اليازجي مكاتيب يُفهمه عن ذلك، وأشار عليه أن يَعمل صالحه في زمن الوزير المومى إليه؛ لأنّه كان له ميل شديد إلى بيت معن.

وفي سَنة ١٠٢٥ هـ - ١٦١٦م في شهر المحرّم الحرام حضر عند الأمير فَخر الدين المعني الأمير يونس الحرفوش والأمير ابن الشهاب، وكان الأمير علي الشهابي مُؤمّلاً أن يخرج ولده الأمير محمّد مع الأمير علي مِن القلعة، وفي ذلك الوقت صار اتّفاق، وكتبوا كتاب الأمير عليّ بن معن على كريمة الأمير عليّ بن الشهاب، وأرسلوا يطلبون الأمير محمّداً مِن القلعة، فلم تُمكّنه طائفة السكمانيّة مِن ذلك، فامتنع الأمير علي الشهابي مِن تزويج ابنته ما لم يحضر ولده، فالتزم الأمير علي المعني بدفع خمسة آلاف قرش إلى السكمان ترضية، وأن يوفيه إيّاها الأمير علي الشهابي، وكفل ذلك الأمير يونس الحرفوش.

١٨

وفي هذه السَنة، لمّا توجّه حسين اليازجي ومصطفى كتخدا إلى حلب، مرّا على بعلبك، فصحبهما الأمير يونس الحرفوش، ولمّا دخلوا على الوزير خلع على حسين اليازجي ومصطفى كتخدا، واشترط عليهما أن يهدما القلعتين (بانياس والشقيف)، وأن يكون حُكم صيدا وصفد للأمير عليّ بن معن، ووعد ابن الحرفوش بسنجقية حمص.

ولمّا رجع حسين اليازجي والأمير يونس مِن حلب وجّه معهما وزيرها قبجي باشا - يُسمّى باكيراغا - فألبسوا الأمير يونس الخِلَع الّتي جاؤوا بها، إلاّ أنّه لم يُسر الأمير علي، ولا الأمير يونس بهدم القلاع، ولكن كان نُفذّ الأمر، وكان الأمير علي يعتمد كثيراً على رأي حسين اليازجي، ووالده الأمير فَخر الدين كان أوصاه فيه، ثم توجّه حسين اليازجي ومصطفى كتخدا وباكير بك والأمير يونس الحرفوش إلى القلاع، فأخرجوا جميع الحريم منها، ولم يتركوا في القلعة أحداً، وجيء بهم إلى صيدا، ثُمّ استحضروا بنّائين وهدموا القلاع، واستمرّوا في هذا العمل نحو ٤٠ يوماً، وبعد ذلك توجّهوا ليُعلموا الوزير بهدم القلاع، وكان مُتوجّهاً إلى بلاد العَجَم، فلحقوه في منزلة أزرنكان وأخبروه بذلك، فخلع عليهم، وأعطى الأمير يونس الحرفوش سنجقية حمص.

وفي سَنة ١٠٢٧ هـ - ١٦١٧م كفل الأمير يونس بن الحرفوش الأمير عليّ بن معن لمحمّد باشا - المُكنّى بالجوقدار - بمبلغ أربعين ألف قرش على إعادة سنجقة صفد إليه، وكانت بِيَد حسين اليازجي التزمها محمّد جركس باشا، وقد خرج على بني معن وانتهى الأمر بقتله، وعند استحقاق المال وجّه الأمير علي به إلى ابن الحرفوش، وأرسل إليه يشكره.

وفي هذه السَنة عقد الأمير علي المعني عقد ابنته (فاخرة) على الأمير أحمد بن الأمير يونس الحرفوش، فجاء وسكن في قرية مشغرة، وأسّس بها أساس بناء عظيم ليسكن هُناك، وابتدأ يُكاتب بني متوال، فحضر إليه أولاد أغر، وأولاد علي الصغير، وبيت شكر، فلمّا بلغ الأمير علي المعني ذلك أرسل إلى والده الأمير يونس أن يمنع ولده عن السُكنى في قرية مشغرة، فأرسل له جواباً:

إنّ ولدي مُراده القُرب مِنكم، وأن يكون هو وزوجته بقُربكم، وتحت أنظاركم. فلمْ يقبل الأمير علي بذلك، وألزمه بالرجوع إلى بعلبك.

وفي هذه السَنة الّتي عاد فيها الأمير فَخر الدين المعني إلى البلاد، واستقبله كلٌّ مَن هو مِن حزب بيت معن في عكّا، وقد بلغه مقابلة بني

١٩

متوال لابن الحرفوش، فلمّا حضر الحاج ناصر الدين بن منكر قَبض عليه، فأرسل الأمير يونس الحرفوش كتخدا حسين يَتشفّع به إليه في إطلاقه، فقَبِل شفاعته على أن يَدفع الحاج ناصر الدين اثني عشر ألف قرشاً كفّلها الأمير يونس.

وفي سَنة ١٠٢٨ هـ - ١٦١٨م ألحّ محمّد آغا قبجي باشى في الطلب على الأمير فَخر الدين بالأموال الأميريّة الباقية عن ثلاث سنوات، فتوجّه الأمير إلى عكّا لجمع أموال بلاد صفد وبلاد بشارة، فرحل المشايخ بيت منكر وبيت علي الصغير إلى الأمير يونس الحرفوش، كما رحل غيرهم مِن صفد، ولمّا بلغه ذلك أحرق بعضاً مِن أماكنهم وضبط أملاكهم.

وفي هذه السَنة لمّا نشبت الحرب بين الأمير فَخر الدين ويوسف باشا ابن سيفا، وكان النصر للأمير، ففي ذلك الحين توجّه الأمير يونس، وكان مِن أنصاره، وحاصر برج القيرانيّة - على هضبة الهرمل الجنوبية - الّذي كان فيه جماعة ابن سيفا مِن السكمانيّة، وتسلّمه في ثلاثة أيّام، وضبط ناحية القيرانيّة والهرمل مع كلّ غنائهما، وغنم أيضاً جميع المَعزى والمواشي الّتي انهزمت مِن بلاد عكار والحصن، ضبط ذلك كلّه واستصفاه لنفسه.

وفي زمن مُحاصرة الأمير فَخر الدين لحصن راويد في بلاد عكّا، أتى تقرير مِن محمّد باشا الوزير على يد باكير آغا لابن سيفا، فأرسل ابن الحرفوش أربعة بلوكباشية مِن سكمانيّته إلى الأمير فَخر الدين إلى الحصن لأجل المُحاصرة.

وفي سنة ١٠٢٩ هـ - ١٦١٩م بعد رجوع الأمير فَخر الدين مِن حرب ابن سيفا، وقد انتهى الأمر بفوزه عليه، ثُمّ إلى الصلح عن طريق الحدث إلى بلاد بعلبك، ونزل على المجر، فبلغ الأمير يونس الحرفوش ذلك وهو بحصن اللبوة؛ فداخله الخوف، فبلغ الأمير فَخر الدين ذلك فركب في عشرة فُرسان وتَوجّه إليه، وكان الأمير يونس في طريق اللبوة فتصادفا، ونزل الأمير يونس وسلّم على الأمير، وعاد إلى الخيام وبصحبته الأمير يونس، وثاني يوم دعا الأمير فَخر الدين إلى اللبوة، وبات تلك الليلة هُناك، وانتقل إلى الهرمل، ثُمّ إلى قرية صدارة قُرب بلاد عكار، وبعد هدمه الدُور الّتي جدّدها بيت سيفا في عكار عاد عن طريق بعلبك إلى بيروت.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442