الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 85350
تحميل: 5562

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85350 / تحميل: 5562
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يُباشره، كأن يوكّل إنسانٌ إنساناً آخَر بأنْ يبيع داره أو محلّه أو ما شاكل، فهل لهذه شروط خاصّة؟

‏-‏ نعم يُعتبر في الوكيل والموكّل أنْ يكونا عاقلَين قاصدَين إجراء الوكالة مختارين غير مجبرَين عليها، كما يُعتبر في الموكّل البلوغ إلاّ فيما تصحّ مباشرته من الصبيّ المميّز.

‏* ‏‏وهل هناك لفظة معيّنة للوكالة أو صيغة محدّدة ؟

‏-‏ كلا، فليس للوكالة لفظٌ محدّد ولا صيغة معيّنة، ويكفي فيها كلّ ما يدلّ عليها مِن قولٍ أو فعلٍ أو كتابة، وتبطل الوكالة بموتِ الوكيل أو الموكل.

‏* ‏‏أحياناً يؤجِّر الإنسان داره أو دكّانه أو نحوهما أو يؤجّر نفسه لعملٍ كالخياطة أو البناء أو السياقة مثلاً، فماذا يعتبر في الإجارة وما هي أحكامها ؟

‏-‏ تصحّ الإجارة من المالك أو الوكيل أو الولي، وتصحّ من الآخرين إذا أجازها بعد ذلك المالك أو الوكيل أو الولي، ويعتبر في المؤجّر والمستأجر البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم الحجْر لسفهٍ أو فلَس، نعم تصحّ إجارة المُفلِس نفسه.

ويعتبر فيما يؤجّر كالمحل أنْ يكون معيّناً محدّداً، وأنْ يُشاهده المستأجر أو يعلم مِن خلال الوصف خصوصيّاته وأنْ يتمكّن المؤجّر مِن تسليمه للمستأجر نعم يكفي تمكّن المستأجر من الاستيلاء عليه وأنْ يكون قابلاً للانتفاع به لِما قصده

٢٦١

المستأجر مع بقاء عينه، وأنْ يكون ذلك الانتفاع محلّلاً فلا تصحّ إجارة المحل مثلاً لبيع الخمر، وهكذا غيره من المحرّمات.

‏* ‏‏وهل للإجازة لفظ محدّد ؟

‏-‏ ليس للإجارة لفظٌ محدّد، بل يكفي في صحّتها كلّ فعلٍ يدلّ عليها، فيكفي للأخرس مثلاً أنْ يشير إشارةً مُفهِمةً للإيجار أو الاستئجار، فتصحّ إجارته.

* وإذا استأجر إنسانٌ بيتاً أو محلاًّ واشترط عليه المؤجّر أنْ يسكنه هو دون غيره أو يعمل فيه هو دون غيره، فهل يحقّ للمستأجر أنْ يؤجّره غيره ؟

‏-‏ كلا لا يحقُّ له ذلك.

‏* ‏‏إذا لم يشترط عليه المؤجّر شرطاً كهذا ؟

‏-‏ للمستأجر حينئذٍ الحقّ في إيجاره لغيره، شرط أنْ لا يؤجّره بالأكثر قيمة ممّا أستأجره به، إِلاّ أنْ يرمّمه أو يصبغه أو يعمّره أو ما شاكل، هذا في الدار والسفينة والحانوت [وكذلك في غيرهما مِن الأعيان المستأجرة، بما في ذلك الأراضي الزراعيّة].

‏قال ذلك أبي ثُمّ أضاف.

‏ولا تصحّ الإجارة إلاّ إذا حُدِّدَت مدّتها، فمَن أجّر داراً يجب أنْ يُحدّد مدّة إجارته، ومَن أجّر محلاًّ يجب أنْ يُحدّد مدّة إجارته وهكذا.

‏* ‏‏اِضرب لي مثلاً على إجارةٍ غير محدّدة وبالتالي فهي غير

٢٦٢

صحيحة ؟

‏-‏ لو قال المالك للمستأجر: ‏( آجرتك داري كلّ شهر بمِئة دينار مهما أقمت فيها ) فالإجارة غير صحيحة.

‏ولو قال المالك للمستأجر: ‏( آجرتك محلّي لهذا الشهر فقط بخمسين ديناراً، وكلّما أقمت بعد ذلك فبحسابه ) فالإجارة صحيحة بالنسبة للشهر الأوّل فقط وباطلة في غيرها.

‏هذا إذا كانت المعاملة السابقة بعنوان الإجارة، ويُمكن أنْ تُعالج وِفْق عناوين أُخرى لا مجال هنا لذكرها.

‏* ‏‏وإذا سلمَّ المؤجّر داره أو محلّه للمستأجر ؟

‏-‏ وجب على المستأجر تسليم الأُجرة.

‏* ‏‏وإذا انهدمت الدار أثناء مدّة الإجارة وهي بيد المستأجر ؟

‏-‏ إذا لم يُقصّر المستأجر في حفظها ولم يتعدّ فيتسبّب في هدمها فهو غير مسؤول عن ذلك.

‏‏‏ولو آجر مؤجّر سيّارته لمستأجرٍ مثلاً ؟

‏-‏ وجب تحديد كيفيّة استخدامها فهل هي للركوب، أو لحمل البضاعة، أو لكليهما معاً، وهكذا في بقيّة الأشياء الأُخرى يجب تعيين نوع المنفعة.

‏* ‏‏وإذا أجرها لنقل كمّية مِن اللحوم المذبوحة بطريقةٍ غير شرعيّة ليبيعها على مَن يستحلّها ؟

‏‏

٢٦٣

‏-‏ ألم أقل لك سابقاً: ‏لا تصحّ إجارة محلٍّ لبيع الخمر ؟ [هذه مثلها لا تصحّ كذلك].

‏* ‏‏لو وكلِّ مالكٌ شخصاً ليستأجر له عمّالاً بأجرٍ معيّن فاستأجرهم الوكيل بأقلّ ممّا حدّد المالك ؟

-‏ يحرم على الوكيل أخذ الزيادة ويجب إعادتها الى المالك.

‏* ‏‏ولو استأجر مالكٌ دارَ صبّاغاً لصبغِ داره بصبغ حُدِّد للصبّاغ نوعه ولونه ومواصفاته، فصبغه الصبّاغ بغيره.

‏‏-‏ لم يستحقّ الصبّاغ أُجرةً أصلاً.

‏* ‏‏بقي أنْ أَسأَلُك عن ( السرقفليّة ) أو ( الخلوّ ) ؟

‏-‏ السرقفليّة تقع على أنحاءٍ مختلفة.. منها أنْ يتّفق المالك والمستأجر في ضِمن عقد الإيجار على أنْ يأخذ المالك مبلغاً معيّناً من المال، ويبقى للمستأجر حقّ استغلال المحلّ بعد انتهاء مدّة الإيجار إِزاء مبلغ معيّن سنويّاً، أو إزاء ما يُعادل الأُجرة السنويّة المتعارفة للمحلّ في كلِّ سنة.

‏فإذا اتّفقا على هذا النحو جاز للمستأجر أنْ يبقى في المحلّ بعد انتهاء مدّة الإجارة، ويدفع الى المالك المبلغ المتّفق عليه كما يحقّ له التنازل عن حقّه هذا لشخصٍ ثالث ويُخلّي له المحلّ إزاء مبلغٍ يتّفقان بشأنه، ولا يُشترط في الحالتين إذن المالك ورضاه بعد ما وافق منذ البداية على المستأجر حقّ استغلال المحلّ والاستفادة منه بعد انتهاء مدّة الإجارة.

‏‏

٢٦٤

‏* ‏‏لو أهدى إنسانٌ إنساناً شيئاً ما، دون مقابل ووَهَبه إيّاه فهل لذلك شروطٌ معيّنة مِن وجهة نظر المشرّع الإسلامي ؟

‏-‏ نعم يُعتبر في الواهب المُهدي أنْ يكون بالغاً عاقلاً قاصداً الإهداء، مختاراً غير مُجبَرٍ ولا محجورٍ عليه فيما وهبه، فإنّه حينئذٍ تصحّ هديّته أو هِبته بما في ذلك هديّة أو هِبة المريض وهو في مرَض الموت، فهي تنفذ بمقدار الثلث فما دونه، أمّا فيما هو أكثر من ذلك فيصحّ بإجازة الوَرَثَة.

‏‏-‏ والهِبة عقدٌ يحتاج الى إيجاب وقَبول ويكفي فيهما كلّ ما يدلّ عليهما مِن قولٍ أو فعلٍ كما يحتاج الى القبض أي أنّ يقبض الموهوب له العين الموهوبة إذا لم تكن هي بالأصل عنده.

‏* ‏‏وإذا لم تكن عند الموهوب له، ولم يقبضها من الواهب ؟

‏-‏ تبقى على ملك مالكها الأوّل حتّى يتسلّمها الموهوب له في حياة الواهب فتنتقل الى ملكه.

‏* ‏‏وكيف يُمكن قبض مثل الدار لو أُعطيَت هديّة ؟

‏-‏ إذا رفع الواهب يده عن الدار أو العقار وأخلاه وجعله تحت سيطرة الموهوب له فقد تمّ التسليم والقبض وصحّت الهديّة أو الهبة.

‏* ‏‏ولو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض أو التسليم ؟

بطلت الهديّة أو الهِبة وانتقل الشيء الموهوب الى وارث الشخص الواهب.

‏‏

٢٦٥

‏‏أحيانا يجد الإنسان حاجةً أو مالاً ضائعاً لا يعرف صاحبه فيلتقطه ؟

‏-‏ هنا عدّة حالات:‏

‏١ -‏ أنْ لا يوجد في المال الملتقط علامة ( أي ميزة يُمكن أنْ يصفه بها صاحبه فيتوصّل بها إليه)، وفي هذه الحالة يجوز للملتقط أنْ يأخذه لنفسه.

٢ -‏ أنْ يكون في المال الملتقط علامة وكانت قيمته دون الدرهم الشرعي أي ‏٦١٢ حمّصة من الفضّة المسكوكة، وفي هذه الحالة لا يجب على الملتقط الفحص عن مالكه ولكن [ ليس له أيضا أنْ يأخذه لنفسه، بل يَتصدّق به على فقير].

٣ -‏ أنْ يكون في المال الملتقط علامة وتكون قيمته درهماً أو يزيد، وفي هذه الحالة يجب على الملتقط المبادرة الى التعريف به، والتحرّي عن مالكه مِن تاريخ الالتقاط واِلى تمام السنة، ويجب أنْ يكون التعريف به في أماكن تجمّع الناس كالأسواق والمحلاّت العامّة والمجالِس وغيرها حيث يتوقّع وجود صاحبه هناك.

‏‏* إذا لم يعثُر على المالك ؟

‏-‏ إذا لم يعثر الملتقط على المالك وكانت اللقطة في حرم مكّة المكرّمة [تصدّق بها عن مالكها]، وإذا كانت في أيّ مكان آخر تخيّر

‏‏

٢٦٦

الملتقط بين أمرين: ‏إمّا أنْ يحفظها لمالكها وله حينئذٍ حقّ الانتفاع بها مع التحّفظ على عينها، وإمّا أنْ يتصدّق بها عن مالِكها [وليس له أنْ يتملكها في مطلق الأحوال].

‏* ‏‏لو كان الشيء الملتقط مجموعةً من العملات النقديّة ؟

‏-‏ إذا أمكن معرفة مالكها بسبب بعض خصوصيّاتها، مثل عددها أو زمانها الخاصّ أو مكانها الخاصّ وجب التعريف بها.

*‏ ‏‏ولو ادّعى مدّعٍ أنّه مالكها ؟

‏-‏ إذا عُلم صِدقهُ وجَب دفعها إليه، وإذا وصَفَها وكان وصفَه مطابقاً للحقيقة فحصّل الاطمئنان بصدِقه وجَب كذلك دفعها إليه.

‏* ‏‏تقول الاطمئنان، وإذا لم يحصل الاطمئنان بصدقه، بل حصل الظن ؟

‏-‏ لا يكفي حصول الظن.

‏* ‏‏كان هذا هو حكم مالٍ ملتقط لم يُعرف صاحبه، أمّا إذا استولى إنسانٌ ما على أموالٍ أو حاجات أو عقار من إنسانٍ آخر ظلماً وعدواناً وغصباً ؟

‏-‏ الغصب من كبائر المحرّمات، ويُعذَّب الغاصب يوم القيامة بأشدِّ أنواع العذاب، فقد رُوي عن النبيّ الأكرم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( مَن غصَب شِبراً مِن الأرض طوّقه الله مِن سَبع أرَضين يوم القيامة).

‏ويجب على الغاصب رَدِّ المغصوب الى مالِكه داراً كان الشيء المغصوب أو نقوداً أو حاجات أو غير ذلك.

‏‏

٢٦٧

‏* ‏‏وإذا أعاد الدار المغصوبة الى صاحبها فهل تبرأ ذمّته ؟

* لا، بل يغرم له مقدار أجرة مثل تلك الدار أيضاً.

* ‏‏حتّى لو لم يسكنها غاصبها ؟

‏-‏ نعم يغرم أجرتها حتّى لو لم يسكنها في تلك المدّة ؛ لأنّه فوّت عليه استيفاء منفعة مُلكه، فكأنّه قد أتلفها عليه فيضمنها له.

‏* ‏‏لو غصَب إنسانٌ أرضاً فغرسها وزرعها ؟

‏-‏ على الغاصب إزالة غرسِه وزرعه فوراً، مع أُجرة مثل هذا المقدار من استغلاله للأرض، بل لو استلزم قلع الغرس والزرع نقصاناً في قيمة الأرض بسبب القلع وجب على الغاصب التعويض بدفع بدل النقصان، هذا إذا لم يرضَ المالك ببقائه في الأرض مجّاناً أو بأُجرة، وإلاّ لم تجب على الغاصب إزالته، بل يجوز له إبقاؤه فيها بالنحو الذي يرضى به المالك.

‏* ‏‏وإذا تلف المغصوب عند الغصب دون تعمّدٍ منه ؟

‏-‏ يجب عليه ردّ عوضه الى مالكه وعوض منافعه المستوفاة والمفوّتة.

‏* ‏‏وكيف يُردّ عليه عوضه ؟

‏-‏ المغصوب، على نوعين:‏

١ -‏ القيمي : ‏وهو الذي لا يكثر وجود ما يُماثله تماما في الخصوصيّات والمشخَّصات، التي تختلف باختلافها الرغَبَات كالبقر والغنم.. وهذا النوع يُردّ الغاصب قيمته يوم التلف.

‏‏

٢٦٨

٢ -‏ المثلي : ‏وهو الذي يكثُر ما يُماثله تماماً في الخصوصيّات والمشخّصات كالحنطة والشعير فيلزم الغاصب ردّ مثله، شريطة أنْ يتّحد المثل المدفوع مع التالف في جميع الخصوصيّات النوعيّة والصنفيّة فلا يجزي الرديء من الحنطة -‏ مثلاً -‏ عن النوعيّة الجيدة منها

‏* ‏‏وإذا أُخذَت غصباً سلعةٌ من غاصبها الأوّل، ثُمّ تلفت السلعة ؟

‏-‏ يحقّ لصاحبها مطالبة أيٌّ مِن الغاصبين شاء ببدلها من المثل أو القيمة سَواء غاصبها الأوّل أو غاصبها الثاني، لكن لو رجَع المالك على الغاصب الأوّل كان له أنْ يُطالب الثاني بما غرمه للمالك دون العكس.

‏* ‏‏إذا علِم المالك بوجود ماله المغصوب عند الغاصب ؟

‏-‏ يحقّ له انتزاعه من يدِ غاصبه ولو بالقوّة قال ذلك أبي وأضاف: ‏وإذا وقَع في يده مالٌ للغاصب جاز له أخذه بدل المال المغصوب لو كان مساوياً له في القيمة.

‏* ‏‏وإذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من المال المغصوب ؟

‏-‏ يجوز لصاحب المال المغصوب أخذ حصّةً منه مساويةًّ لقيمة ماله المغصوب يَستوفي بها حقّه.

‏‏‏قبل أنْ تختم حواريّة اليوم أحبُّ أن أسالك سؤالاً

٢٦٩

شخصيّا ً.

‏‏-‏ تفضّل.

‏‏‏كثيراً ما أُشاهدك تدفع الصدقة.

‏‏-‏ نعم، ولكن كيف لاحظتني فأنا حين أتصدّق أُحاول أنْ لا يراني أحد ؛ ذلك أنّ الصدقة المستحبّة إذا دُفعت سِرّاً كانت أفضل ممّا لو دُفعت جهراً أمام أعيُن الناس، فقد كان إمامك عليّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: ‏( صدقةُ السرّ تُطفئ غضَب الربّ ).

‏* ‏‏وهل يُعتبر في الصدقة شيء ؟

‏-‏ يعتبر في الصدقة قَصدُ القُربى لله تعالى.

‏* ‏‏وهل لها وقتٌ محدّد ؟

‏-‏ كلا.. ولكن يُستحبُّ التبكير بها، فإنّ التبكير بها يدفع شرَّ ذلك اليوم، ويُستحبُّ دفعها في أوّل الليل كذلك فإنّ دفْعها في أوّل الليل يدفَع شرَّ الليل.

‏يقول معلّى بن خنيس: ‏( خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام في ليلةٍ قد رشّت السماء، وهو يُريد ظلّة بني ساعدة فاتّبعته فإذا هو قد سقَط منه شيء، فقال: ‏( بسم الله اللّهم ردّ علينا ) قال: ‏فأتيته فسلّمت عليه، فقال: ‏( أنت معلى ؟ ) قلت: ‏نعم، جُعلْتُ فِداك، وقال لي:‏ ( التمس بيدك فما وجدت مِن شيء فادفعه إليّ ) قال: ‏فإذا بخبزٍ منتثر فجعلت أدفع إليه ما وجدته فإذا أنا بجراب مِن خبز، فقلت: ‏جُعلت فِداك أحمله عنك، فقال:‏ ( لا، أنا أولى به منك ولكن امض معي ).

قال: ‏فأتينا ظلّة بني

٢٧٠

ساعدة فإذا نحن بقومٍ نيام، فجعَل يدسّ الرغيف والرغيفين تحت ثوب كلّ واحدٍ منهم حتّى أتى على آخره ثُمّ انصرفنا فقلت: ‏جُعلت فِداك يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال: ‏( لو عرفوا لواسيناهم بالدقة -‏ والدقة هي المِلح -‏ إنّ الله لم يخلق شيئاً إِلاّ وله خازن يخزنه، الاّ الصدقة، فإِنّ الربَّ تبارك وتعالى يليها بنفسه وكان أبي إِذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ثمّ أرتده منه وقبله وشمّه ثُم ردّه في يد السائل، وذلك أنّها تقع في يد الله قبل أنْ تقع في يد السائل ).

‏* ‏‏أفهم من هذه القصّة أنّ للصدقة فضلاً عظيماً ؟

‏-‏ نعم فقد تواترت الروايات في الحثّ عليها والترغيب فيها فورد أنّها دواء المريض، وبها يُدفع البلاء وقد أُبرم إبراماً، وبها يُستَنزَل الرزق، وبها يُقضى الدين، وإنّها تَزيد في المال، وتَدفع ميتة السوء والداء، و..، و... إلى أنْ عدَّ سبعين باباً من أبواب السوء تسدّ.

‏ولكن رغم كلّ هذا الفضل للصدقة فإنّ التوسعة على العيال أفضل مِن الصدقة على غيرهم كما أنّ الصدقة على القريب المُحتاج أفضل من الصدقَة على غيره، وأفضل منها الصدقة على الرحم المُعادي.

‏* ‏‏على الرحم المعادي ؟

‏-‏ نعم الرحم المعادي.

‏‏-‏ وأفضل من الصدقة القرض نعم أفضل من الصدقة الإقراض كما سبق نقل الرواية فيها.

٢٧١

٢٧٢

( حواريّة الذباحة والصيد )

٢٧٣

‏‏

٢٧٤

لا أكتمكم أنّي ساعة دخلت القاعة لحواريّة اسمها ( الذباحة والصيد )، ما كان يخطر ببالي أنْ أسمع ما سمِعت، ولا أنْ أخرج منها بما خرَجت به.

فقد كنت أظن أنّي سأسمع اليوم عن ( الذباحة ) قساوةً في التعامل مع المذبوح تساوق قساوة الذبح ولكنّي فوجئت !!‏

تُرى، أبكلّ هذه الرِّقّة يوصي المشرِّع الإسلامي ذابح الحيوان أنْ يتعامل مع حيوانه !‏

تُرى، أبكلّ هذا الاهتمام حتّى بمشاعر الحيوان وأحاسيسه مِن أنْ تتوتَّر أو تتشنّج أو تثور، يحثًّ المشرِّع الإسلامي ذابح الحيوان أنْ يتصرَّف ؟! تُرى، أبكلّ، هذا الحرص على عدم تعذيب الحيوان أو إيذائه يدعو المشرّع الإسلامي ذابح الحيوان أنْ يكون..؟!‏

استعرضت هذه الأفكار في ذهني على عجَل، واستعرضت معها بالمقابل ببطء قاسٍ صوراً مفزّعة لحالات تعذيب مريعة للحيوان، وأنا استمع الى أبي وهو يحدّثني عن مستحبّات الذباحة.

قال أبي: ‏يُستحبُّ لذابح الحيوان أنْ يسوق حيوانه الى مذبحه برفق.

‏‏

٢٧٥

ويُستحبّ لذابح الحيوان أنْ يعرض الماء على حيوانه قبل ذبحه.

ويُستحبّ لذابح الحيوان أنْ لا يُرِي حيوانه شفرة الذباحة.

ويُستحبّ لذابح الحيوان أنْ يمرَّ السكّين على مذبح حيوانه بقوّة حتّى يُريحه ساعة الذبح.

ويُستحبّ لذابح الحيوان أنْ يجدَّ في الإسراع بذبح حيوانه ليضمن سهولة الذبح.

ويُستحب لذابح الحيوان أنْ لا يُحرّك حيوانه بعد ذبحه مِن مكان الى آخر حتّى يموت.

ويُكره أنْ تكون الذباحة بمنظرٍ مِن حيوانٍ آخر مِن جنسه.

ويُكره أنْ يَذبح الإنسان بيده ما ربّاه مِن النِّعم.

ويُكره سَلخ جِلد الذبيحة قَبل خروج روحها.

قال ذلك أبي وأضاف معزِّزاً قوله بحديثٍ مرويِّ عن نبيّنا الكريم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء فيه: ‏( إنّ الله تعالى شأنه كتَب عليكم الإحسان في كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبَحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدُكم شفرته، وليُرح ذبيحته ).

‏‏* ولكنّي لا أعرف كيف أذبح حيواناً يا أبي ؟

‏-‏ إذا أردت أنْ تذبح فاقطع الأوداج الأربعة تماماً.

‏‏* وما هي الأوداج الأربعة ؟

‏-‏ إنّها( المَرِيء ) مَجري الطعام، و( الحِلقوم ) مجرى التنفّس،

٢٧٦

و( الودَجَان ) وهُما عِرقان يحيطان بالحلقوم والمريء.

‏‏* زدني إيضاحا يا أبي.

‏-‏ يقول الخُبراء المتمَرّسون في الذّباحة بأنّك إذا قطعت الأوداج الأربعة فستجد ( الجوزة ) في جهة الرأس أمّا لو وجدت بعضها في الجسَد فمعنى ذلك أنّ قطعك للأوداج الأربعة لم يكن تامّاً ؛ لأنّ الجوزة هي مجمع الحلقوم والمريء وفوقها لا حِلقوم ولا مريء.

‏‏* معنى هذا أنّي حين أذبح أقطع مِن تحت الجوزة لا مِن فوقها ؟

‏-‏ بالضبط.. اِقطع مِن تحت الجوزة حتّى لا تكون الجوزة في الجسد.

‏‏* ولو أخطأتُ فقطعت من فوق الجوزة لا مِن تحتها ثُمّ انتبهت فوراً لخطئي، فهل لي أنْ أعود فاقطع مِن تحت الجوزة قبل أنْ تموت الذبيحة ؟

‏-‏ نعم لك ذلك.

أضاف أبي قائلاً:‏

تختصّ الإبل ( الجمال ) من بين البهائم بأنّها تُنحر ولا ( تُذبح ).

‏‏* وكيف أنحرها ؟

‏-‏ إذا أردت أنْ تُنحر الإبل فأدخل السكين أو الرمح أو غيرهما من الآلات الحديديّة الحادّة في ( لبّتها ).

‏‏

٢٧٧

‏‏* وما اللبّة ؟

‏-‏اللبّة : ‏هي الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متّصلاً بالعنق.

‏‏* عرفت الآن كيف أذبح الغنم أو البقر أو الدجاج أو الحمام أو غيرها،‏ وعرفت كيف أنحر الإبل ( الجمال ).

‏-‏ إذا عرفت ذلك ومِن أجل أنْ يحلّ لك أكل لحوم حيوانات: ‏كالغنم، والبقر، والدجاج،والحمام وغيرها، فلابدّ من توافر شروط عدّة في ذباحتها.

وهذه الشروط هي:‏

‏١ -‏ أنْ يكون الذابح مسلماً، رجلاً كان أو امرأة أو صبيّاً مميّزاً، فلا تحلّ ذبيحة الكافر [حتّى الكتابي وإنْ سمّى].

‏٢ -‏ أنْ يكون الذبح بآلةٍ حديديّة قدَر الإمكان، أمّا إذا لم توجد الآلة الحديديّة جاز الذبح بالنحاس أو الصفر أو الرصاص أو الزجاج أو الحجارة الحادّة أو غيرها ممّا يقطع الأوداج.

‏‏* والسكاكين المصنوعة من الاستيل ؟

‏-‏ فيها نسبة غير مستهلكة مِن الكروم، وهي مادّة أُخرى غير الحديد فيُشكل الذبح بها.

‏٣ -‏ أنْ تُوجّه الذبيحة للقِبلة حال الذبح، وذلك بأنْ تُوجّه مقاديم جسدها من الوجه واليدين والبطن والرجلين للقِبلة إذا كانت قائمة أو قاعدة للقبلة تماماً، كما يتوجّه الإنسان القائم أو القاعد للقبلة

٢٧٨

حال الصلاة أمّا إذا كانت الذّبيحة مُلقاة على الأرض فيتحقّق استقبالها للقبلة باستقبال منحرها وبطنها للقبلة.

‏‏* ولو لم توجّه الذبيحة للقبلة حال الذبح ؟

‏-‏ حرُمت مع العمد.

*‏‏ ومع عدم العمد ؟

‏-‏ إذا كان السبب عدم توجيهها للقبلة هو النسيان أو الخطأ، أو عدم العِلْم بجهة القبلة أو عدم التمكّن من توجيه الذبيحة لها، أو عدم العِلم بأنّ توجيهها للقبلة شرطٌ مِن الشروط التي يحلّ بموجبها أكل الذبيحة إذا كان السبب أحد ما تقدّم فلا تحرم الذبيحة بعدم توجيهها للقبلة.

‏٤ -‏ أن يذكْر الذابح اسم الله وحده عليها لأجل الذبح سَواء سمّى حين الشروع في الذبح أم قبله متّصلاً به عرفاً.

‏‏* ماذا يقول في التسمية ؟

‏-‏ يكفي أنْ يقول: ‏( بسم الله ) أو ( الله اكبر ) أو ( الحمد لله ).

‏‏* ولو نسي الذابح التسمية عليها ؟

‏-‏ لم تحرم الذّبيحة.

*‏‏ أُشاهد بعض القصّابين يقطع رأس الذبيحة عندما يذبحها.

‏-‏ قُل له [لا تقطع رأس الذبيحة متعمّداً، ولا تُصبّ نخاعها قبل أنْ تموت، والنخاع: ‏هو الخيط الأبيض داخل فقرات الرّقبة].

‏٥ -‏ أنْ يخرج الدم بالشكل المتعارف المعتاد، فلا تحلّ

٢٧٩

الذبيحة إذا لم يخرج منها الدم، أو خرَج قليلاً بالنسبة الى نوعها بسبب انجماد الدم في عروقها، وأمّا إذا كانت قلّته لأجل سبقِ نزيفِ الذبيحة لجُرحٍ مثلاً لم يضرّ ذلك بحلّيتها.

هذه هي الشروط الواجبة في الذباحة.

قال أبي:‏

بقيَ أنْ أُشير الى حالة خاصّة: ‏وهي أنّه إذا شكّكنا في حياة حيوان حال ذبحِه فيُشترط -‏ إضافةً لما تقدّم -‏ أنْ يتحرّك بعد ذبحه ولو حركةً يسيرة، كأنْ يحرِّك ذنَبه أو رِجلَه أو تَطرف عيناه أو غيرها ليحلّ لنا أكل لحمه.

‏‏* وإذا كنّا نعلم بحياته حال الذبح ؟

‏-‏ لا حاجة لهذه الحركة حينئذٍ.

‏‏* قلت لي أنّ الإبل يجِب أنْ تُنحر، فهل هناك مِن شروط لحليّة أكل لحمها إضافةً للنحر ؟

‏-‏ يُشترط في الناحر ما يشترط في الذابح ( راجع فقرة -‏ ١ -‏ ).

‏-‏ ويُشترط في آلة النحر ما يُشترط في آلة الذبح ( راجع فقره -‏ ٢ -‏ ).

‏-‏ ويَجب في النحر استقبال القبلة بالمنحور والتسمية والحياة حال النحر، وخروج الدّم المعتاد بعد النّحر.

‏‏* والجنين الذي في بطن الحيوان ؟

‏-‏ إذا أُخرج حيّاً مِن بطن أُمه فحكمُه حكم أُمّه، يُذبح أو يُنحر

٢٨٠