الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 85367
تحميل: 5562

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85367 / تحميل: 5562
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بل أكثر مِن ذلك فهناك من الأحاديث ما يدعو الى تعجيل زواج البنت وعدم تأخيرها، فقد ورَد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: ‏( مِن بركة المرأة سرعة تزويجها ).

* التبكير بالزواج حسن إذن هذا جيد، ولكن تكاليف الزواج باهضة يا أبي، فمِن أين يأتي الشاب بكلّ هذه الأموال ليتَزوّج والزواج يُريد ويُريد.

‏-‏ الإسلام يدعو الى تخفيف مؤنة التزويج وتقليل تكاليفه.

* تقليل تكاليف الزواج ؟

‏-‏ نعم يدعو الإسلام الى تقليل تكاليف الزواج.

* والمهور الغالية تلك التي يشكو منها الكثيرون ؟

‏-‏ يستحبّ تقليل المهر ويُكره تكثيره.

* ماذا تقول ؟! أيُكره تكثير المهر ؟!

‏-‏ نعم يُكره تكثير المهر ويستحبُّ تقليله، فقد رُوي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( أفضل نساء أُمّتي أصبحهُنَّ وجهاً وأقلّهُنّ مهراً ).

ورُوي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: ‏( تذاكروا الشؤم عند أبي فقال: ‏فأمّا شؤم المرأة فكثرة مهرِها وعُقم رحمها ).

وقد ورد في الأحاديث الشريفة كذلك: ‏( مِن برَكة المرأة قلّة مهرها، ومن شؤمها كثرة مهرها ).

قال ذلك أبي ثمّ أطرق قليلاً كمن تذكّر شيئاً ذا بال وأضاف

٣٠١

معزّزاً حديثه قائلاً :

زوَّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته الصّدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وهي سيّدة نساء العالمين، زوَّجها من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام على مهرٍ قليل.. على ( درع حطيميّة ).

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : ‏( زوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاًعليه‌السلام على درع حطيميّة ).

ووصَف الإمام أبو جعفرعليه‌السلام فيما رُويَ عنه فراش الصّدّيقة فاطمة الزهراءعليها‌السلام فقال: ‏(كان فراش فاطمة إهاب كبش يلقيانه ويفرشانه وينامان عليه ).

قلت لأبي :

ومشكلة عدم وجود موردٍ مادّي مضمون عند الشاب ليُقوِّم أُسرةً بعد زواجه أو فلنَقُل خوف الحاجة بعد الزّواج ؟ خوف الفقر ؟ خوف أنْ لا يجد ما يقوِّم مصرف أُسرةٍ ؟

قال أبي: ‏يقول الله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد:‏( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) .

ويعقب الإمام الصادقعليه‌السلام على هذه الآية فيما روي عنه فيقول: ‏( مَن ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله، يقول سُبحانه( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ).

قلتُ: ‏هناك مشكلة يطرحها بعض الوجَهَاء والأثرياء وذوي

٣٠٢

المكانة المرموقة في المجتمع.

ملخصّها: ‏أنّه لا يزوّج ابنته إلاّ لرجلٍ يراه هو بحساباته الخاصّة لائقاً بها، وحين لا يقدّم مَن يعتبره هو مناسباً لها -‏ رغم كثرة مَن يتقدّم لخطبتها -‏ تبقى البنت بلا زواج.

‏-‏ قال أبي: ‏دعني انقل لك نظرة الإسلام للزوج اللائق المناسب مِن خلال رسالة وردت للإمام الباقرعليه‌السلام وجواب الإمام عليها فقد رُوي أنّه كتب عليّ بن أسباط الى الإمام الباقرعليه‌السلام في أمر بناته، وأنّه لا يجد أحداً مثله فكتَب إليه الإمامعليه‌السلام مجيباً :

( فهمتُ ما ذكرت في أمر بناتك، وأنّك لا تجد أحداً مثلك فلا تنظر في ذلك رحِمَك الله، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ‏إذا جاءكم مَن تَرضون خُلُقه ودينه فزوّجوه، ألاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير ).

تركني أبي عند هذه النقطة غارقاً في تأمّلاتي، ومُستعرضاً بنقدٍ جارح عادات وتقاليد اجتماعيّة ضارّة، نشأت خلال تراكمات زمنيّة سيّئة، فترسّخت ضاربةً أطنابها في مجتمعاتنا.

فالإسلام يدعو الى تخفيف تكاليف الزواج، والتقاليد تخالفه.

والإسلام يدعو الى تقليل المهور، والتقاليد تخالفه.

والإسلام يقول: ‏تزوّجوا ولا تخشوا الفقر، ونحن نُخالفه.

والإسلام يضع في اعتباره الخُلُق والدين مقياساً للزوج اللائق المناسب، والمجتمع يضَع مقاييس أُخرى، ربّما في مقدّمتها الثروة

٣٠٣

والوجاهة والطبقة الاجتماعيّة.

* وما أنْ قاربت الساعة الخامسة حتّى توجّهنا أنا وأبي الى حيث بيت جارنا أبي عليّ وحفلة العقد.

وسأصف لكم حفلة عقد قران علي كما شاهدتها.

صالة الاستقبال مكتظّة بالمدعوّين المهنّئين، الملابس الأنيقة المترفة تملأَ عينيك أنّى تلفَّتَّ فرَحٌ مكتوم يكحل أعين الجالسين، الأضواء تُرفرف في سماء الصالة المشعّة بالبياض، المزدانة بالنور، بينما راحت باقات من وردٍ أبيض، وأُخرى مِن وردٍ بنفسجي تتفتّح توّاً أو تكاد، تتمايل مثقلةً بحملها أو متثاقلة فتضفي على جو الصّالة نكهةً براءة ذات سحرٍ سرّيٍّ غامض.

العريس عليّ يجلس في صدر الصالة، قرب بابٍ داخلي مُغلق، ويجلس الى جواره سيّد مهيب الطلعة، تبدو عليه سيماء الصلاح والوقار والطيبة، ويطغى على تقاطيع وجهه بهاءٌ رزين.

الصالة الفخمة ضاجّة بالصمت، بينما راح السيّد المهيب الوقور يَقرع جدار الصمت بصوته القويّ الرصين، وهو يُخاطب العروس مِن وراء الباب المغلق، بعد أنْ قرأ بعض الآيات القرآنيّة الكريمة والأحاديث الشريفة قائلاً: ‏أترضين يا فاطمة، بأنْ أكون وكيلك، على أنْ أزوّجك مِن الشاب عليّ بن محمّد بمهرٍ قدره ( ٥٠٠ ) درهم نقداً، فإنْ رضيت بذلك فقولي أنتَ وكيلي.

فأجابت العروس بصوتٍ خفيض، حيي لا يكاد يُسمع، قائلةً :

٣٠٤

أنتَ وكيلي.

وما أنْ قالت جملة ( أنت وكيلي ) وقَبِل السيّد وكالتها حتّى علت ( الهلاهيل ) -‏ الزغاريد -‏ وسَط الدار، كأجراس متّصلة، تتقاطع أحياناً، وتنفرد أحياناً أُخرى.

وعلت الابتسامة الوجوه، وتوجّه ذلك السيّد الرزين الوقور صوب الشاب عليّ قائلاً له: ‏زوّجتك موكّلتي فاطمة بنت أحمد على مهر قدره ( خمسمِئة ) درهم نقداً، فأجاب العريس عليّ مباشرةً من دون فصل: ‏قَبِلتُ التزويج.

* ولماذا هذا المهر القليل يا أبتي ؟

‏-‏ إنّه مهر السُنّة وقد سنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مهور المؤمنات من أُمّته خمسمِئة درهم مِن الفضّة في ذلك الوقت وهو زهيدٌ كما ترى.

* قلت لأبي: ‏وهل يحقّ للعروس فاطمة أنْ تُزوِّج نفسها مِن دون توسّط هذا ( السيّد العاقد ).

قال: ‏نعم يحقُّ للزوجين إجراء العقد بنفسيهما دون توسّط أحد، ويحقُّ لأحدهما أو كليهما توكيل مَن ينوب عنهما في إجراء العقد ويُرجّح أنْ يتطابق الإيجاب والقبول.

* كيف ؟

‏-‏ إذا قالت الزوجة مثلاً: ‏( زوَّجتك نفسي )، يقول الزوج مباشرةً مِن دون فصل ( قبلت التزويج ) ولا يقول ( قبلت النكاح ).

هذا إذا كان الزواج زواجاً دائميّاً.

‏‏

٣٠٥

* وهل هناك زواج غير دائم ؟

‏-‏ نعم هناك زواج مؤقّت تتعيّن فيه المدّة والمهر، وتتحدّد المدّة بيومٍ مثلاً أو شهرٍ أو سنة أو ما شاكل ذلك ممّا لا يزيد على عُمر احدهما عادةً ويحقّ للزوجين فيه تماماً -‏ كما في الزواج الدائم -‏ مباشرةً العقد بنفسيهما أو توكيل مَن ينوب عنهما فيه، فلو باشر الزوجان العقد غير الدائم بنفسيهما فقالت المرأة للرجل مثلاً: ‏( زوّجتك نفسي مدّة سنة بمِئة دينار )، قال الرجل مباشرةً من دون فصل ( قبلت التزويج ) صحّ العقد.

* وإذا تمّ ذلك ؟

‏-‏ إذا تمّ ذلك، فستصبح المرأة زوجة، تحلّ لزوجها مدّة العقد، مِن دون توارث بينهما، ولا يجب على الزوج الإنفاق عليها، ولا المبيت عندها.

فإذا انتهت المدّة المتّفق عليها، حرمت عليه، بينما تحلّ المرأة في العقد الدائم لزوجها مدى الحياة ما لم يطلِّقها.

هذا ولعقد الزواج شروط :

* وما هي ؟

‏-‏ إنّها -‏ قال أبي -‏ :

١-‏ الإيجاب والقبول اللفظيّان : ‏فلا يكفي تراضي الزوجين واتّفاقهما على الزواج، سَواء في ذلك في الزواج الدائم وغير الدائم، كما لا تكفي الكتابة من دون لفظ وقد مرّت عليك صيغة العقد فيما

٣٠٦

مضى.

٢-‏ قصد الإنشاء في إجراء الصيغة : ‏بمعنى أنْ يقصد الزوجان أو وكيلاهما تحقّق الزواج، فتقصد الزوجة بقولها: ‏( زوّجتك نفسي ) صيرورتها زوجة له، كما أنّ الزوج يقصد بقوله: ‏( قبلت التزويج )، قبول زوجيّتها له وهكذا الوكيلان عن الزّوجين.

٣-‏ رضا الزّوجين واقعاً فالمهم هو الموافقة القلبيّة مِن الزوج ومِن الزوجة على الزواج.

* أحياناً ترضى الزوجة وتتظاهر بعدم الرضا حياءً وخجَلاً ؟

‏-‏ إذا حصل رضاها واقعاً فهو كافٍ، ولا يضرّ التظاهر بعدم الرّضا حينئذٍ والعكس بالعكس تماماً.

٤-‏ تعيين الزوج والزوجة بحيث يمتاز كلٌّ منهما عن الآخرين، بالاسم أو بالوصف أو بالإشارة فلا يصحّ العقد إذا قال رجل لآخر مثلاً: ‏زوّجتك إحدى بناتي ولم يحدّدها.

٥ -‏ [إجراء العقد باللغة العربيّة مع التمكّن منها].

* وإنْ لم يتمكّن منها ؟

‏-‏ يكفي غيرها من اللغات المُفهمة للتزويج، أو يوكِّل مَن يتمكّن منها فيجري الوكيل العقد باللغة العربيّة.

٦ -‏ [البلوغ] والعقل فيمن يجري العقد.

أضاف أبي :

إذا تمّت هذه الشروط صحّ العقد وحلّت الزّوجة على الزوج

٣٠٧

بعد العقد مباشرةً.

* مباشرةً، حتّى قبل أنْ يتمَّ الزفاف ؟

‏-‏ نعم، فبالعقد تحلّ الزوجة لزوجها.

ولكنْ قبل ذلك يجب أنْ تعلم أنّ صحّة زواج المرأة البالغة الرشيدة البِكر تتوقّف على إذن أبيها أو جدِّها لأبيها [وإنْ كانت مستقلّة في شؤون حياتها].

* وغير البكر ؟

‏-‏ يحقّ لها أنْ تستقلّ في اتخاذ قرار زواجها بنفسها.

* وإذا تزوّج رجلٌ امرأة على أنّها باكر، ثمّ ظهر له بعد الزواج أنّها ليست كذلك.

‏-‏ يحقّ له فسخ العقد.

* وإنْ لم يفسخ ؟

‏-‏ عندئذٍ سينقص مِن قيمة مهرها بقدر نسبة التفاوت الحاصل بين مهر امرأةٍ باكر وأُخرى غيرها.

* أيحقّ للرجل أنْ يتزوَّج أي امرأة يشاء ؟

‏-‏ نعم يحقّ له ذلك فيما عدا نِساء يحرُم عليه الزواج بهنّ.

* ومَن هذه النساء :

١ -‏ أُمّه وجدّته لأُمّه وأبيه.

٢ -‏ ابنته وبنات ابنه.

٣ -‏ أُخته وبناتها وبناتهنّ.

‏‏

٣٠٨

٤ -‏ بنات أخيه وبناتهن.

٥ -‏ عمّاته وخالاته.

٦ -‏ أُمّ زوجته وجدّاتها لاُمّها وأبيها، وإنْ لم يدخل بها.

٧ -‏ بنت زوجته المدخول بها.

٨ -‏ زوجة أبيه وجدّه.

٩ -‏ زوجة ابنه وحفيده.

١٠ -‏ أُخت زوجته مادام متزوِّجاً أُختها، حيثُ لا يجوز الجمع بين الأُختين.

* ولو توفّيت زوجته مثلاً، فهل يحقّ له أنْ يتزوّج أُختها ؟

‏-‏ نعم يحقّ له ذلك.

١١ -‏ أُمّه مِن الرضاعة وبنات مرضعته ولادةً وغيرهنّ ممّا يحرمنّ عليه بالنسب، حيثُ يحرم بالرضاع ما يحرم بالنّسب.

هذا ولا يجوز لأبي الرضيع أنْ يتزوّج مِن بنات المرضعة النسبيّة [ ولا مِن بنات الرجل الذي شرب طفله من لبنه، السببيّات منهنّ والرضاعيّات ]، علماً بأنّه ليس كلّ إرضاعٍ يؤدّي الى تحريم، بل لابدّ من توفّر شروط عدّة حتّى يؤثّر الرضاع أثره.

مِن هذه الشروط :

أ -‏ أنْ يكون الارتضاع مِن الثدي مباشرةً، لا بالواسطة، فلا أثر لحليب امرأة إذا شربه الطفل بالرضّاعات الصناعيّة مثلاً.

ب -‏ عدم تجاوز عمر الرضيع سنتين، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد ذلك فلا أثر له.

‏‏

٣٠٩

ج -‏ بلوغ الرضاع حدّاً ( ينبت لحم الرّضيع ويشدّ عظمه )، ومع الشكّ في حصول هذا الأثر يُكتفى ( برضاعٍ يوم وليلة ) أو ( بخمس عشرة رضعة )، وأمّا مع القطع بعدم حصول الأثر ( إنبات اللحم وشدّ العظم ) عند هذين التقديرين الزماني والكمّي فيراعى الاحتياط حينئذٍ.

ويلاحظ في التقدير الزماني -‏ أي اليوم والليلة -‏ أنْ يكون ما يرتضعه الطفل مِن المُرضعة، هو غذاؤه الوحيد طيلة تلك الفترة بحيث يرتضع منها متى احتاج فلو مُنع في بعض المدّة أو تناول طعاماً آخر أو لبناً من مرضعة أُخرى لم يؤثّر [ ويُعتبر أنْ يكون المرتضع في أوّل المدّة جائعاً ليرتضع كاملاً ويكون في آخرها مرتوياً].

ويُعتبر في التقدير الكمّي -‏ خمس عشرة رضعة -‏ توالي الرضعات، بأنْ لا يفصل بينها رضاع مِن امرأةٍ أُخرى وأنْ تكون كلّ واحدٍ منها رضعة كاملة بأنْ يكون الرضيع جائعاً فيرتضع حتّى يرتوي.

وهناك أحكام خاصّة بالرضاع فصّلتها كتب الفقه، فراجعها إِنْ شِئت.

* لو تزوّج رجلٌ وفق الضوابط المقرّرة في الشريعة الغرّاء ؟

‏-‏ حلّت له زوجته كما قُلت لك، ووجَب عليها تبعاً لذلك، أنْ تُمكّن زوجها مِن نفسها متى شاء فلا يحقّ لها منعه من الاتّصال الجنسي بها إِلاّ لعُذرٍ شرعي، كما يحرُم على الزّوجة الدائمة أنْ تخرج مِن بيتها إلاّ بإذن زوجها.

٣١٠

ومن الناحية الأُخرى يجب على الزّوج أنْ ينفق على زوجته الدائمة مِن الغذاء والمسكَن والملبَس ما يُؤمِّن لها المعيشة المناسبة لها بالقياس إليه.

كما لا يحقُّ له ترك الاِتّصال الجنسي بها أكثر مِن أربعة أشهر إِْنْ كانت شابّة إلاّ برضاها، أو وجودِ عذرٍ مسوّغٍ له كالضرر والحرَج.

* وإذا لم يبذل الزوج لزوجته نفَقَتَها المستحقّة لها ؟

ثبتت النفقة ديناً في ذمّته، فإذا امتنع عن بذلها مع مطالبتها جاز لها أخذها مِن ماله دون إذنه.

هذا وسأضيف فأُعدّد لك بعض الأحكام الهامّة على شكل نقاطٍ محدّدة.

١ -‏ يحرُم النظر واللمس بتلذّذ جنسي مِن الرجل للمرأة، بل حتّى للطفلة الصغيرة، ومِن المرأة للرجل، بل حتّى الطفل الصغير، باِستثناء الزوجة والزوج طبعاً، ومن الرجل للرجل حتّى للصبي الصغير، ومِن المرأة للمرأة حتّى للصبيّة الصغيرة.

٢ -‏ يحرُم النظر الى عورة شخصٍ آخر ذكراً كان أم أُنثى [وإنْ كان صبيّاً مميّزاً] عدا الزوج والزوجة طبعاً.

٣ -‏ يحرُم على الرجل النظر الى بدَن المرأة الأجنبية وشعرها ما عدا الوجه والكفّين مِن بدنها فإنّه يجوز له النظر إليهما من غير تلذّذٍ جنسي، كما يحرُم على المرأة النظر الى بدَن الرجل الأجنبي في غير ما جرت السيرة على عدم الاِلتزام بستره كالرأس واليدين

٣١١

والقدمين فإنّه يجوز نظرها الى هذه المواضع مِن بدنه بلا تلذّذٍ جنسي.

٤ -‏ يجوز للرجل النظر الى بدَن مماثله مِن الرجال من دون تلذّذ جنسي، ويجوز للمرأة النظر الى بدَن مماثلتها مِن النساء من دون تلذّذٍ جنسي، كما يجوز للرجل النظر الى بدَن محارمه مِن النساء من دون تلذّذٍ جنسي، ويجوز للمرأة النظر الى بدَن محارمها من الرجال من دون تلذّذٍ جنسي باِستثناء العورة من جميع ما ذكر طبعاً.

وعلى ذلك يجوز للرجل أنْ ينظر مِن دون تلذّذ جنسي الى بدَن أُمه وأُخته وعمّته وخالته وبنت أخيه وبنت أُخته وجدّته.

* وزوجة أخيه وبنت عمّه وبنت عمّته وبنت خاله وبنت خالته ؟

‏-‏ كلا.. كلا لا يجوز له النظر إليهن فإنّهن أجنبيّاتٍ عنه.

قال ذلك أبي وأضاف :

٥ -‏ يجب على المرأة أنْ تستر وتغطّي شعرها وجسدَها عن كلّ مَن لا يجوز له النظر إليها من الرجال الأجانب، [بل حتّى عن الصبيّ المميّز إذا أمكن أنْ يثير ذلك شهوته الجنسيّة] ويُستثنى مِن ذلك الوجه والكفّان فإنّه يجوز للمرأة إبدائها أمام الرجال الأجانب إذا كانت لا تخاف الوقوع في الحرام، ولم يكن الإبداء بداعي إيقاع الرجل في النظر المحرّم، وإلاّ حرُم الإبداء في الصورتين.

‏‏

٣١٢

٦ -‏ يحقّ للرجل النظر مِن دون تلذّذٍ جنسي الى نِساء الكفّار والى النساء المتبرّجات المبتذلات، اللاتي لا ينتهين عن كَشف أجسادهنّ وشعورهنّ إذا نُهين عن ذلك، حيثُ لا ينفع معهنّ الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر.

٧ -‏ إذا أراد الرجل الزّواج مِن امرأة معيّنة واختيارها شريكةً لحياته، جازَ له النظر الى محاسِنها كوجهِها وشعرِها ورقبتِها وكفّيها ومعاصمها وساقيها، من دونِ تلذّذٍ جنسيّ طبعاً.

* قبل إجراء العقد ! يجوز له أنْ ينظر إليها حتّى قبل إجراء العقد ؟!

‏-‏ نعم يحقّ له النظر إليها والتحدُّث معها قبل إجراء العقد، بل قبل أنْ يتقدّم بطلب يدها حتّى يرى بنفسه جمالها ثُمّ يُقرِّر بعد ذلك التقدّم لخطبتها.

٨ -‏ يحقّ للطبيب النظر الى جسد المرأة، ولمسِه إذا توقّفت معالجتها على اللّمس والنظر هذا إذا اضطرّت المرأة الى العلاج مِن مرضها وكان الطبيب الرجل أرفق بعلاجها مِن الطبيبة، وإلاّ فلتراجع الطبيبة ولا يحقّ لها مراجعة الطبيب.

٩ -‏ يحقّ للرجل المسلم أنْ يتزوّج المرأة الكتابيّة أقصد المسيحيّة واليهوديّة زواجاً مؤقّتاً.

* ولكنّها ليست مسلمة ولا مؤمنة، فهي لا تعتقد بجواز وحليّة الزواج المؤقّت ؟

‏-‏ مع ذلك يجوز الزواج بها زواجاً مؤقّتاً، حتّى لو كان دافعها

٣١٣

إلى الزواج المؤقّت المال وحده.

١٠ -‏ لا يجوز للرجل أنْ يتزوّج بأكثر مِن أربَع نِساء زواجاً دائميّاً وله الحقّ في تطليق نِسائه متى شاء.

* بالمناسبة لم تحدِّثني عن الطلاق.

‏-‏ سأحدّثك عنه في حواريّتنا القادمة إنْ شاء الله فقد ضاق بنا الوقت الآن.

حسناً فإلى الحواريّة القادمة إنْ شاء الله، الى حواريّة الطلاق.

* * * * *

٣١٤

( حواريّة الطلاق )

٣١٥

٣١٦

كنت أظنُّ أوّل الأمر أنّي وحدي أكره الطلاق.

غير أنّي ما إنْ سمِعت مِن أبي حديثه، حتّى عرفت أنّي لست وحدي أكره الطلاق.

فهذا أبي مثلي يكرهه، وهؤلاء الناس مثلنا يكرهونه، أكثر مِن ذلك فقد قال لي أبي: ‏إنّ الله عزّ وجل يبغض الطلاق وزاد، فنقل لي نصوصاً من الحديث الشريف تذكر ذلك.

فقد روى لي أبي عن الإمام أبي عبدا للهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ما مِن شيء أبغض الى الله عزّ وجل من الطلاق ).

وروى لي عنهعليه‌السلام : ‏( ما مِن شيء أبغض الى الله عزّ وجلّ مِن بيت يخرّب في الإسلام بالفرقة،يعني الطلاق ).

وروى لي عن الحسن بن الفضل عنهعليه‌السلام الحديث الشريف التالي: ‏( تزوّجوا ولا تطلقوا، فإنّ الطلاق يهتزّ منه العرش ).

وقد تعدّى بُغض الطلاق في حديثٍ شريف الى بُغض الرجل الذي يُكثر منه أي الرجل المِطلاق، فقد قال الإمام أبو عبد اللهعليه‌السلام : ‏( سمِعت أبي يقول: ‏إنّ الله عزّ وجلّ يبغض كلّ مطلاق ).

‏‏

٣١٧

قلت: ‏أنا لأبي أكره الطلاق ولكن رغم ذلك يحسن بي أنْ أُحيط ببعض أحكامه.

قال: ‏نعم هو كذلك، وأضاف مبتدئاً أحكام حواريّة الطلاق قائلاً :

يشترط في المطلِّق : ‏البلوغ، والعقل، والاختيار، فلا يصحّ طلاق الصبيّ ولا طلاق المجنون ولا طلاق المُجبَر على الطلاق، نعم يُحتمل صحّة طلاق الصبيّ البالغ عشر سنين، فلابدّ مِن رعاية الاحتياط فيه.

وأنْ يَقصد المطلِّق الفراق حقيقةً بصيغة الطلاق فلا يصحّ طلاق الهازل، والساهي، ومَن لا يفهم معنى الطلاق.

* وما هي صيغة الطلاق ؟

‏-‏ لا يقَع الطلاق إِلاّ إذا أُنشئ بصيغةٍ خاصّة، وبِلُغة عربيّة لمن يقدر عليها، وبمحضَر رجُلَين عادلَين يسمعان إِنشاء الطلاق.

يقول الزوج مثلاً: ‏( زوجتي -‏ ويذكر اسمها -‏ طالق ) أو يُخاطب زوجته مثلاً قائلاً لها: ‏( أنتِ طالق ) أو يقول وكيل الزوج: ‏( زوجة موكّلي -‏ ويذكر اسمها -‏ طالق ) عندئذٍ يقع الطلاق بين الزّوجين.

* وهل يجب ذكر اسم الزّوجة في صيغة الطلاق ؟

‏-‏ كلا، لا يجب ذكر اسمها إذا كانت معيّنة مشخّصة معروفة، كما إذا لم يكن له غيرها.

قال أبي :

ولا يجوز الطلاق ما لم تكن المرأة المطلّقة طاهرة من الحيض والنفاس إلاّ أنْ تكون الزوجة غير مدخولٍ بها أو تكون

٣١٨

مستبينة الحمل، وفي بعض حالات غياب الزوج، كما لا يجوز للزوج طلاق زوجته في طُهرٍ جامَعها فيه، بل على الرجل الاِنتظار حتّى تحيض زوجته ثُمّ تطهُر مِن حيضها ثُمّ يطلّق بعد طُهرها مِن الحيض.

هذا ولا تطلّق الزوجة في ( الزواج المؤقّت )، بل يتحقّق الفراق بانقضاء المدّة المتّفق عليها معها، أو يبذل المدّة المتبقّية لها، كأن يقول الرجل لزوجته مثلاً: ‏( وهبتك المدّة الباقية ) فتنتهي بذلك العلاقة بينهما.

ولا يعتبر في صحّة بذل المدّة في الزواج المؤقّت وجود شهود، ولا يُشترط فيه طهارة المرأة من حيضٍ ولا نفاس.

أضاف أبي قائلاً :

إذا طلّق الرجل امرأته التي دخل بها بعد إكمالها التِّسع، وقبل بلوغها سنّ اليأس وجَب عليها أنْ تعتدّ ابتداءً مِن تاريخ وقوع الطلاق لا تاريخ عِلمها به.

وعدّة الطلاق لغير الحامل ثلاثة أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهراً واحداً مهما كان قليلاً.

* معنى هذا، إنّ عدّتها تنتهي بعد رؤيتها الدّم الثالث ؟

‏-‏ نعم، بعد رؤيتها دم الحيض الثالث.

* وعدّة المطلّقة الحامل ؟

‏-‏ عدّة المطلّقة الحامل مدّة حملها، وهي تنقضي بوضع

٣١٩

الحمل، تامّاً كان ذلك الحمل أو سِقطاً.

* ولو وضعَت بعد الطلاق بيوم، فهل تنتهي بالولادة عدّتها ؟

‏-‏ نعم، حتّى لو كانت ولادتها بعد الطلاق بساعةٍ لا بيوم، شريطة أنْ يكون الولد مُلحقاً بذي العدّة فلا يكون ولد زناً مثلاً.

* وهل على المتزوّجة زواجاً مؤقّتاً عدّةٌ بعد افتراقها عن زوجها ؟

‏-‏ إذا كانت بالغة، مدخولاً بها، غير يائس، ولا حامل، فعدّتها [حيضتان] كاملتان لمَن كانت تحيض، وخمسة وأربعون يوماً لِمَن لا تحيض لمرضٍ ونحوه.

قال ذلك أبي وأضاف :

أمر الطلاق بيد الزّوج وهو قِسمان بائن ورجعي.

الطلاق البائن : ‏ما ليس للزّوج بعده الرّجوع الى الزّوجة إلاّ بعقدٍ جديد، كطلاق الزّوجة قبل الدخول بها.

الطلاق الرّجعي : ‏ما كان للزوج الحقّ في إرجاع زوجته المطلّقة إليه مادامت في العدّة، مِن دون عقدٍ جديد، ولا مهرٍ جديد.

ومن أقسام الطلاق البائن ما يُسمّي ب-‏ ( الطلاق الخلعي ): ‏ويُقصد به الطلاق بفِديةٍ مِن الزّوجة الكارهة لزوجها الى حدٍّ يحملها على تهديد زوجها بعدم رعاية حقوق الزّوجيّة، وعدم إقامة حدود الله فيه، ولكن مِن دون أنْ يكرهها هو فإذا قالت الزّوجة لزوجها :

٣٢٠