الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 85356
تحميل: 5562

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85356 / تحميل: 5562
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( بذلت لك مهري على أنْ تخلعني ) وقال الزّوج بعد ذلك بلغةٍ عربيّةٍ صحيحة وبحضور شاهدَين عدلَين ( زوجتي -‏ ويذكر اسمها -‏ خالعتها على ما بذلت )، أو يقول: ‏( فلانة طالقٌ على كذا )، فإذا قال ذلك فقد طلّقها طلاقاً خلعيّاً.

* وهل يجب ذكر اسم الزوجة هنا ؟

‏-‏ إذا كانت معيّنة لا يجب ذكر اسمها.

* وهل يجوز أنْ يكون المال المبذول للزوج غير المهر حتّى يخلع زوجته ؟

‏-‏ نعم يجوز ذلك.

*وهل يحقّ للزوجة والزوج أنْ يوكّلا مَن يقوم مقامهما في بذل المهر ( أو غيره ) في الطلاق الخُلعي.

‏-‏ نعم يحقّ لهما ذلك.

* أحياناً يغيب الزّوج ولا يظهر له أثر، ولم يُعلَم موته ولا حياته ؟

‏-‏ يحقّ للزوجة في حالةٍ كهذه أنْ ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي فيأمر بالفحص عنه أربع سَنَوات، فإذا لم يظهَر له أثر ولم يكن للزّوج المفقود مال ينفق منه على زوجته، ولم ينفق عليها وليّه مِن مالِ نفسه، أمره الحاكم الشرعي بطلاقها فإنْ امتنع ولم يمكن إجباره أو لم يكن له وليّ طلّقها الحاكم باستدعائها.

* إذا حكَم على الزوج بالسجن مؤبّداً وهو لا يقدر على الإنفاق على زوجته، ويمتنع عن الطلاق ؟

٣٢١

‏-‏ يجوز للزوجة في مثل هذه الحالة أنْ ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي، فيتّصل بالزّوج يأمره بطلاقها، فإذا امتنع عنه وتعذّر إجباره عليه، طلّقها الحاكم الشرعي بطلبها ذلك منه.

* * * * *

٣٢٢

حواريّة

النّذر والعهد واليمين

٣٢٣

٣٢٤

* في طريق عودتي الى البيت سمِعت الحوار التالي بين والدة وولدِها :

الوالدة: ‏لقد نذرت لله عزّ وجلّ أنْ أذبح خروفاً إنْ شُفِيَ أخوك الصغير مِن مرضه، وهاهو ذا شفي والحمد لله، فوجب عليّ أن أفي بالنّذر.

الولد: ‏ألم أقل لك دائماً يا أُمي: ‏إنّك تفضّلين أخي الصغير عليَّ.

الوالدة: ‏ولِمَ ذاك.. ألم يكن مرض أخيك خطيراً.. ألم يفقد وعيه، فلم يعد يسمع ويرى.. ألم يقل الطبيب عنه لولا عناية الله به لما شُفي.. ألم ألم.. أنسيت حالته، أليس مِن الواجب أنْ اشكر الله على شفائه، فأذبح خروفاً لله عزّ وجلّ حمداً له على نعمته ؟!

أوَ يعني أنّي حين أنذر لله عزّ وجلّ راجيةً وطالبةً شفاء أخيك مِن مرضٍ خطيرٍ ألمَّ به، أنّي أُفضّله عليك.. ألَم نعقَّ عنك عقيقة.. خروفاً سميناً في اليوم السابع بعد ولادتك.. ألَم نُضحّ عنك أضحية ؟

عقيقة.. أُضحية ؟!

* ما العقيقة ؟.. وما الأُضحية ؟

‏‏

٣٢٥

‏-‏ العقيقة يا بني -‏ قال أبي -‏ أن يُذبَح عن المولود ذكراً كان أو أُنثى في اليوم السابع مِن ولادته خروف أو بقرة مثلاً.. رُوي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :‏( يسمّى الصبيّ في اليوم السابع، ويُعَقَّ عنه، ويُحلق رأسه، ويتصدّق بزنة الشعر فضّة، وترسل الرجل والفخذ للقابلة التي عاونت الأُم في وضع الحمل، ويطعم الناس بالباقي منها، ويتصدّق به ) ويُكره للأب أو أحد عياله ولاسيّما الأُم أنْ يأكل من عقيقة صبيّه.

والعقيقة سنّة مؤكّدة لمن يقدر عليها، رُويَ عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: ‏( إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أذَّن في أُذن الحسنين ( صلوات الله عليهما ) يوم ولادتهما وعقّ عنهما، في اليوم السابع ).

ومَن لم يعقّ عنه أبوه جاز له أنْ يعقَّ هو عن نفسه بعد ذلك عندما يكبُر، فقد سأل عمر بن يزيد الإمام الصادقعليه‌السلام قائلاً:‏( أنّي والله ما أدري كان أبي عقَّ عنّي أم لا فأمره عليه‌السلام بالعقيقة، فعقَّ عن نفسه وهو شيخ ) .

هذه العقيقة ولكن ما هي الأُضحية ؟

‏-‏ الأُضحية -‏ قال أبي -‏ أنْ يذبح الإنسان -‏ إنْ تمكّن -‏ خروفاً مثلاً، ويا حبَّذا لو كان سميناً يوم العيد -‏ عيد الأضحى -‏ وهي سُنَّةٌ مؤكّدة كذلك، ويجوز التبرّع بالأُضحية عن الحيّ والميّت على السّواء، بما في ذلك عن الصبيّ الصغير فقد ضحّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن نسائه، وضحّى عمّن لم يُضحّ من أهل بيته، وضحّى عمّن لم

٣٢٦

يُضحّ من أُمّته، كما كان يضحّى أمير المؤمنينعليه‌السلام كلّ سنة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

* وهل وفاء تلك الأُم بنذرها واجب عليها أو هو كالعقيقة والأُضحية غير واجب، بل مستحبّ مؤكّد ؟

‏-‏ دعني أقل لك أوّلاً ما هو النّذر.

النّذر : ‏أنْ تلتزم بفعل شيءٍ معيّن، أو ترك شيءٍ معيّن لله تعالى.. أيّ شيء كان.

ولكن ليس دائماً يجب الوفاء بالنّذر، وإنّما بشروطٍ لو تحقّقت وجَب الوفاء به.

* وما هي الشروط التّي لو تحقّقت يجب الوفاء بالنّذر ؟

‏-‏ الشروط هي :

١ -‏ أنْ ينشأ النّذر بصيغة تشتمل على قوله ( لله ) أو ما يُشابهها مِن أسمائه المختصّة به جلّ وعلا، فلو قال الناذر الصيغة المعيّنة التالية: ‏( لله عليَّ.. كذا ) انعقد نذره، كأن يقول مثلاً: ‏( لله عليَّ أنْ أذبح خروفاً وأتصدَّق بلحمه على الفقراء إنْ شُفي ولدي ).

أو يقول: ‏( لله عليَّ أنْ أدع وأترك التعرَّض لجاري بسوء )، أو غير ذلك، سَواء أدّاها باللغة العربيّة أم بغيرها مِن اللغات.

* ولو لم يقل الناذر ( لله عليَّ ) ولا قال ( للرّحمن عليَّ ) ولا أشباهها، كما تنذر اليوم غالبيّة الناس ؟

‏-‏ لا يجب عليه الوفاء بالنّذر حينئذٍ.

‏‏

٣٢٧

٢ -‏ أنْ يكون الشيء المنذور حسناً راجحاً شرعاً حين العمل.

* وإذا كان الشيء المنذور غير راجح وغير حسن، بل كان مكروهاً أو مُضرّاً أو مباحاً.

‏-‏ لا يصحّ النّذر في الأوّلَين، أمّا المباح فإنْ قصد به معنىً راجِحاً كما لو نذر شرب الماء قاصداً به أنْ يتقوّى به على العبادة انعقد نذره، وإلاّ لم ينعقد.

٣ -‏ يشترط في الشخص الناذر البلوغ، والعقل، والاِختيار، والقصد، وعدم الحجر عمّا تعلّق به نذره.

٤ -‏ أنْ يكون الشيء المنذور مقدوراً أو مستطاعاً للنّاذر.

* ولو نذَر إنسانٌ شيئاً لا يقدِر عليه ولا يستطيع ؟

‏-‏ لا يصحّ النّذر.

* وإذا نذر الإنسان وفق الشروط مارّة الذكر ؟

‏-‏ وجب عليه الوفاء بنذره والاِلتزام بما نذر، سَواء أكان فعل شيء لله عزّ وجلّ، أم تركه، في زمنٍ محدّد، أم طيلة حياته، صلاة كان ذلك الشيء، أم صوماً، أم صدقة، أم زيارة، أم حجّاً، أم تبرّعاً بشيء، أم ترك شيء، أم غير ذلك.

* وإذا خالف الإنسان نذره عامداً.

‏-‏ وجبت عليه الكفّارة وهي: ‏عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم.

* وإذا عجَز عن ذلك لفقره مثلاً ؟

‏‏

٣٢٨

يجب عليه صيام ثلاثة أيّام متواليات.

لو نذر الإنسان مالاً لمشهدٍ من المشاهد المقدّسة ؟

‏-‏ ينفق ذلك المال على عمارته، أو إنارته، أو فرشه، أو تدفئته، أو تبريده، أو ما شاكل ذلك من شؤون المشهد، إذا لم يقصد الناذر مصرفاً معيّناً من المذكورات أو غيرها.

* ولو نذر لشخصٍ صاحب المشهد كالنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمامعليه‌السلام أو لبعض أولادهما ؟

‏-‏ ينفق على زوّاره الفقراء مثلاً، أو على حَرَمِه الشريف، ونحو ذلك.

* إذا ظنّ الإنسان ظنّاً قويّاً أنّه قد نذر نذراً معيّناً، فهل يجب عليه الوفاء به ؟

‏-‏ إذا اطمأن بأنّه نذر وجَب عليه الوفاء بالنّذر وإِلاّ فلا يجب عليه الوفاء به.

قال ذلك أبي وأضاف :

وقد يُعاهد الإنسان الله سبحانه وتعالى فيقول: ‏( عاهدت الله أنْ أفعل..) أو يقول: ‏( عليَّ عهد الله أنّه متى كان... فعليَّ...) فإذا قال ذلك وجَب عليه الاِلتزام بما عاهد عليه.

* معنى هذا أنّ العهد كالنذر، لا يصحّ بدون صيغة محدّدة ؟

‏-‏ نعم، كما أنّه لا يصحّ إلاّ إذا كان ما عاهد الله عليه راجحاً ولو رجحاناً دنيويّاً شخصيّاً، شريطة أنْ لا يكون مرجوحاً شرعاً ويُشترط

٣٢٩

في العهد ما يُشترط في النذر، وقد شرحت لك ذلك.

* وإذا خالف الإنسان ما عاهد الله عليه ؟

‏-‏ وجبَت عليه كفّارة وهي عتق رقبة أو إطعام ستّين مسكيناً أو صوم شهرَين متتابِعَين.

قال ذلك أبي وأردَف مضيفاً :

ويجب الوفاء باليمين كذلك، ولو خالَفها عامداً وجبَت عليه كفّارة وهي: ‏عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كِسوتِهم ومع العجز عن ذلك يصوم ثلاثة أيّام متواليات.

ويشترط في اليمين أو القسَم اللفظ وأنْ يكون القسَم بالله تعالى، وأنْ يكون ما أقسم عليه مقدوراً ومستطاعاً حين الوفاء به، وراجحاً شرعاً ويكفي لو كان مُباحاً إذا حلَف أو أقسم على فعله لمصلحة دنيويّة ولو كانت شخصيّة ويُشترط في الحالِف التكليف والقصد والاختيار والعقل.

* مثّل لي لليمين أو القسَم التي يجب الوفاء بها ؟

‏-‏ إذا قال الإنسان مثلاً: ‏( والله لأفعلنَّ )، أو قال: ‏( بالله لأفعلنَّ )، أو قال: ‏( أُقسم بالله )، أو قال: ‏( أُقسم بربِّ المصحف )، أو غير ذلك.

* وإذا قال الإنسان مخاطباً شخصاً آخر قائلاً له: ‏( والله لتفعلنَّ ) ؟

‏-‏ لا يتعلّق اليمين أو القسم بفعل الإنسان الآخر، ولا بالزمن الماضي، ولذلك فلا يترتّب أيّ أثر على يمينٍ كهذا.

‏‏

٣٣٠

كما لا ينعقد يمين أو قسم الولد إذا منعه أبوه، ويمين الزّوجة إذا منعها زوجها.

وإذا أقسم الولد من دون إذن أبيه والزّوجة من دون إذن زوجها كان للأب والزوج حلّ اليمين أو القسم.

* قد يحلِف أو يقسم الإنسان على صِدق كلامه وهو صادق بالفعل، أو يحلِف على شيءٍ معيّن وهو صادق في حلفه ؟

‏-‏ الأيمان الصادقة ليست محرّمة ولكنّها مكروهة.

أمّا الأيمان الكاذبة فهي محرّمة، بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة إلاّ عند الضرورة.

* وكيف ذلك ؟

‏-‏ إذا قصد الإنسان أنْ يدفع بقسمه أو حِلفه الظالم عن نفسه أو عن المؤمنين فهذا القسَم جائز، بل ربّما يكون القسَم الكاذب واجباً كما إذا هدَّد الظالم نفس المؤمن أو عرضه أو نفس مؤمنٍ آخر أو عرضه، ولكن إذا اِلتفت الى إمكان التورية، وكان عارفاً بها وهي متيسّرة له [فعليه أنْ يورّي في كلامه].

* ما تقصد ب-‏ ( يورّي في كلامه ).

التورية، أن يُقصَد بالكلام معنىً غير معناه الظاهر، مِن دون نصب قرينة موضّحة لقصده، فلو سألك ظالِم عن مكان أحد المؤمنين وكنت تخشاه عليه تُجيبه ( ما رأيته ) وقد رأيته قبل ساعة وتقصد بذلك أنّك لم تره مُنذ دقائق.

وبها أنهى حواريّة اليوم والحمد لله ربِّ العالمين

* * * * *

٣٣١

٣٣٢

( حواريّة الوصيّة )

٣٣٣

‏‏

٣٣٤

استهلَّ أبي جلسة حواريّة الوصيّة بالحديث الشريف التالي :

قال الإمام أبو جعفرعليه‌السلام : ‏( الوصيّة حقٌّ وقد أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فينبغي للمسلم أنْ يوصي ).

* ولكن بعض النّاس يا أبي لا يُوصون متصوّرين أنّ الوصيّة تعني قرب حلُول الموت فيتشاءمون منها.

‏-‏ الوصيّة مستحبّة، ويُقال أنّها على العكس مِن ذلك تطيل العمر، ثُمَّ إنّ ترك الوصيّة مكروهٌ وغير حسن.

وبعد ذلك كلّه ( الموت حقٌّ ) أليس كذلك ؟

* نعم، الموت حقّ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ‏( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ.... ) آيةٌ أسمعها كثيراً تتردّد على شِفاه الناس وأقرؤها على المقابر في الطريق.

نعم الموت حقٌّ قلتها برهبةٍ وخشوع وخوف.

‏-‏ إذا كان كذلك فلماذا التهرّب مِن حقيقة واقعة لا محال ؟

أليس من الأجدر بنا أنْ نكون واقعيّين، أو قُل عمليّين فنستعدّ لما هو آتٍ لا مناص منه، ولا مهرب عنه، أطال بنا العمر أو قصُر، فيكون مصدر العِظة والاعتبار ؟

‏‏

٣٣٥

* ولكنّي لا أعرف كيف يوصي الإنسان ؟

‏-‏ يستحبُّ لك أنْ تبدأ بالوصيّة التي علَّمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام علىعليه‌السلام وللمسلمين.

* وما هي ؟

‏-‏ نهض أبي لمكتبته وعاد ومعه كتابٌ عزيز عليه يُسمّيه ( الوسائل ) فقرأ عليَّ منه نصَّ الوصيّة التي علّمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليّعليه‌السلام والمسلمين.

وهاأنذا أنقل إليكم ما قرأه وكتبته بالحرف الواحد :

( اللّهمَّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرّحيم، اللّهمَّ إنّي أعهد إليك في دار الدّنيا أنّي أشهد ألاّ اِله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّداً عبدُك ورسولُك وأنّ الجنّة حقٌّ والنار حقٌّ، وأنّ البعث حقّ والحساب حقّ والقدر والميزان حقّ، وأنّ الدين كما وصَفْت، والإسلام كما شرَعت وأنّ القول كما حدّثت وأنّ القراَن كما وصَفْت، وأنّك أنت الله الحقُّ المبين، جزى الله محمّداً خيرَ الجزاء وحيّا محمّداً وآل محمّداً بالسلام.

اللّهم يا عدّتي عند كربتي وصاحبي عند شدّتي ويا وليّ نعمتي إِلهي وإله آبائي لا تَكِلْني الى نفسي طَرفة عينٍ أبداً فانّك إنْ تَكِلْني إلى نفسي أقرب مِن الشر وأبعد من الخير، فآنِس في القبر وحشتي واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً ).

ثُمّ يوصي الإنسان بحاجته، أيّ حاجةٍ يشاء.

٣٣٦

* وبماذا يوصي ؟

‏-‏ يوصي بالمحافظة على أولاده الصغار وعائلته مثلاً، يُوصي بصلة الرحم يوصي بتسديد ديونه وأداء أماناته، يوصي بقضاء ما فاته من صلاةٍ وصيام وحجّ، يوصي بدفع خُمس أموال لم يُخمّسها سابقاً أو زكاةٍ استحقّت عليه ولم يُخرجها، يوصي بإطعام الفقراء بثوابه، يُوصي بالقيام بأعمال خاصّة له بعده، يوصي بالتصدّق عنه، يوصي... يوصي، يوصي بما يشاء.

قال أبي ذلك وأردف :

ويُشترط فيمن يُوصي البلوغ، والعقل، والاختيار، والرشد فلا تصحّ وصيّه السفيه في أمواله ولا الإنسان المُكره، ولا الصبيّ إلاّ إذا بلَغ عشراً وكانت وصيّته في وجوه الخير والمعروف ولأرحامه وأقربائه.

وأنْ لا يكون الموصي مُقدماً على موته عامداً بتناول سمٍّ، أو إحداثِ جُرحٍ عميق، أو ما شابه ذلك، ممّا يجعله عُرضةً للموت.

ففي هذه الحالة لا تصحّ وصيّته في ماله، وتصحّ في غيره مِن تجهيزه وما يتعلّق بشؤون القاصرين مِن أولاده مثلاً ونحو ذلك.

وأضاف أبي :

يُسمّى الشخص الذي يختاره صاحب الوصيّة لتنفيذ وصيّته ب-‏-‏ ( الوصيّ ) وليس للوصيّ أنْ يفوِّض أمر الوصيّة الى غيره أعني أنْ يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له.

وله أنْ يوكِّل مَن يثق به للقيام بشأن ما مِن شؤون الوصيّة، إذا

٣٣٧

لم يكن غرَض صاحب الوصيّة مباشرة الوصيّ ذلك الأمر بنفسه.

* وهل يُشترط في الوصيّة أنْ تكون مكتوبة ؟

‏-‏ كلاّ، يُمكن للإنسان أنْ يوصي باللفظ أو حتّى بالإشارة المُفهمة لما يُريد.

كما يكفي وجود كتابةٍ بخطِّه أو إمضائه، يظهر منها إرادة العمل بها بعد موته ( أي بعنوان أنّها وصيّته ).

* وهل يَكتب الإنسان وصيّته حال المرض فقط ؟

‏-‏ كلاّ، في الحالين معاً: ‏حال المرض وحال تمتّعه بالصحّة والعافية والسلامة.

* ويوصي بما يُريد ؟

‏-‏ نعم، شرط أنْ لا يكون في معصية، كمعونة الظالم وغيرها.

* وبالمبالغ أو المخلّفات التي يُريد ؟

يحقّ للإنسان أنْ يُوصي بما لا يزيد على ثلث ما تركه فقط مِن أموال أو غيرها.

* وإذا أوصى بما زاد على ثلثه ؟

‏-‏ بطلت وصيّته فيما زاد على الثلث إلاّ إذا أجاز ذلك الورثة.

* وإذا أُريد تنفيذ الوصيّة ؟

‏-‏ تستثنى أوّلاً مِن مجموع ما خلَّفه الموصي الحقوق الماليّة التي بذمَّته كالمال الذي استدانة، وثمن الحاجات التي اشتراها ولم يسدّد ثمنها وغيرها بما في ذلك الخُمس، أو الزكاة، والمظالم التي

٣٣٨

بذمّته، والحجّ الواجب بالأصل، سَواء أوصى بذلك أم لم يوصي.

هذا إذا لم يوصي بإخراجها من الثلث، وإلاّ أُخرجَت منه.

ثُمّ يقسّم ما خلَّفه -‏ الباقي طبعاً -‏ ثلاثة أقسام: ‏ثلثٌ منها لما أوصى به، وثُلثان للورثة.

* أحياناً يوصي الميّت بدفعِ مبلغٍ معيّن الى شخصٍ معيّن، أو بتمليك دار، أو عقار، أو قطعة أرض، الى شخصٍ معيّن أو قد يأمر بدفنه في مكان معيّن أو بتجهيزه وفق ضوابطٍ خاصّة، أو غير ذلك ؟

‏-‏ يحقّ له كلّ ذلك ما لم يتَجاوز الثلث بالنسبة إلى الأموال.

* قد يتلف شيء من مال الموصي بيد الوصيّ.

‏-‏ الوصيّ غير مسؤول عن تلَف ما في يده إلاّ مع التّعدي أو التفريط.

قال أبي ذلك وأضاف: ‏

إذا لم تظهر علامات الموت للإنسان فالوصيّة مستحبّة، أمّا إذا ظهَرَت علامات الموت فتجب عليه حينئذٍ أشياء منها :

١ -‏ وفاء ديونه التي حان وقت وفائها مع قدرته على الوفاء.

أمّا الديون التي لم يحن وقت وفائها، أو حلّ ولم يُطالبه الديّان بها، أو لَم يكن قادراً على وفائها، فتجب عليه الوصيّة بها والاِستشهاد عليها إذا لم تكن معلومةً عند الناس.

٢ -‏ إرجاع الأمانات الى أهلها، أو إعلام أصحابها بأمانتهم عنده، أو الإيصاء بإرجاعها.

‏‏

٣٣٩

٣ -‏ أداء الخُمس والزكاة والمظالم فوراً، إنْ كان في رقبته شيء منها، وكان قادراً على الأداء.

٤ -‏ الوصيّة باتّخاذ أجيرٍ من مالهِ ليصلّي ويصوم نيابةً عنه ، إنْ كان في ذمّته شيء منها بل لو لم يكن له مال واحتمل أنْ يقضيها عنه شخصٌ متبرِّعاً وجبَت الوصيّة حينذاك، وفي بعض الحالات قد يكفي الإخبار عمّا فاته عن الوصيّة كما لو كان له مَن يطمئن بقضائه لما فات عنه كالولد الأكبر.

٥ -‏ إخبار الوَرَثَة بما له من مال عند غيره، أو مال في مكان خاص لا يعلمه غيره، لئلاّ يضيع حقّهم بعد وفاته.

* قلت لي في بداية الحواريّة: ‏إنّ الوصيّة مُستحبّة فلو لم يوصّ الإنسان ؟

‏-‏ سقَط حقّه في التصرّف بثلثِ ما تركه كما يحبّ ويشاء، حيثُ تقسّم تركَتَه وفق ضوابط خاصّة على ورثته.

* وكيف تقسّم ؟

‏-‏ هذا ما سأتناوله في حواريّة الإرث القادمة إنشاء الله.

* * * * *

٣٤٠