الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 85430
تحميل: 5569

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85430 / تحميل: 5569
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الآن -‏ قال أبي -‏ وقد أحطتَّ بالكثير مّما تحتاجه مِن أحكامك الشرعيّة وتعلَّمت الكثير.

الآن وقد عرفت مِن أحكام الله ما عرَفت، واستوضحت من واجباتها ما استوضحت، وحفظت من محرّماتها ما حفِظت.

الآن، وقد بصرت بما لم تبصر به من قبل..

الآن، وليس بعد الآن.. يجب أنْ تتذكّر الماضي بكلّ قساوته، يوم رفَعت رأسك الى السماء وقلبك يقطر أسىً وألماً وحيرةً ولوعة، وأنت تقول :

إلهي أعلم أنّك كلَّفتني ولكنّي لا أَعْلم بماذا كلَّفتني.

إلهي أنّى لي أنْ أعرف حلالك فافعله، أو حرامك فاجتنبه.

الآن، وليس بعد الآن.. آن لك أنْ تدرك أنَّ أعداداً كثيرة ممَّن هُم في مثل سنِّك ومرحلتك الدراسيّة، أو أكبر منك، يعيشون مأساتك السالفة، ويعانون معاناتك، ويكابدون مكابدتك، تكتوي أجفانهم كما اكتوَت أجفانك بنثيث دمعك المشتعل وأنت تقول :

اللّهم أعن كتب الفقه الإسلامي على الإفصاح عمّا تريد قوله لأفهم ما تُريد قوله.

‏‏

٣٦١

الآن، وقد تعلّمت ما تعلّمت، وألمَمت مِن أحكام الفقه بما ألمَمت.. آن لك أنْ تعمل بقوله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد: ‏( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، فتدعو الى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.

* آمر بماذا يا أبتي ؟ وأنهي عن ماذا ؟

-‏ أُؤمر بما علِمت من معروف، وانه عمّا علِمت مِن منكر.

* ولكن ما لي وللناس يا أبتي، وما علاقتي بمَن يفعل المنكر مثلاً حتّى آمره بتركه، ثُمّ لماذا أتدخل في شؤون الآخرين فآمرهم وأنهاهم ما دُمتُ أنا أفعل المعروف وأجتنب المنكر، وهذا يكفيني ؟

-‏ حاذر أنْ تقول ذلك يا بُنَي، وحاذِر أنْ تكرّره ثانيةً، فالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبهما واجبان كفائيّان.. فإذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر أحد.. لا أنا، ولا أنت، ولا أحدٌ آخر غيرنا، أثِمنا جميعاً، وتعرّضنا لغضَب الله عزّ وجلّ وعِقابه وسخَطه.. أمّا إذا قام بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أحدنا، فقد سقَط عن الجميع.

ألم تتدّبر قوله تعالى: ‏( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) تلك الآية الكريمة التي قرأتها لك قبل قليل ؟!

ألم تسمع قول النبيّ الكريم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( لا تزال أُمّتي بخير

٣٦٢

ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نُزِعت منهم البرَكَات، وسُلِّط بعضُهم على بعض، ولم يكن لهم ناصرٌ في الأرض ولا في السماء ) ؟!

ألم تقرأ قول الإمام عليّعليه‌السلام : ‏( لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فيولّي عليكم شراركم ثُمّ تدعون فلا يُستجاب لكم ) ؟!

ألم تقرأ قول الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام : ‏( إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيلُ الأنبياء، ومنهاج الصُلَحَاء، فريضةٌ عظيمة بها تُقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب وتُرَدُّ المظالم، وتعمَّر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر ) ؟!

وقولهعليه‌السلام : ‏( الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر -‏ خلْقان مِن خَلقِ الله، فمَن نصَرَهما أعزّه الله، ومَن خذَلَهما خذلُه الله ) ؟

ثُمَّ ألم تقرأ قول النّبي الكريم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيّته ) ؟

* نعم قرأته ؟

-‏ فأنت إذن راع، ومسؤول كذلك عن رعيّتك، وللرّاعي واجبات، وعليه حقوقٌ وتَبِعات، والمسؤوليّة ثقيلة.

أوَ بعد كلّ هذا تقول: ‏لماذا أكون فضوليّاً، فأتدخّل في شأنٍ لا يعنيني، ليس أمرُك بالمعروف ونهيك عن المنكر فضولاً وليسا هما

٣٦٣

تدخّلاً منك يا بني في شأنٍ لا يعنيك.. هذان شأنُك.. نعم شأنُك.. فالذي أوجَب عليك الصلاة والصوم والحجّ والخُمس هو الذي أوجَب عليك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.

* ولكنّي لست رجلَ دين حتّى آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ؟

-‏ ومَن قال لك أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مسؤوليّة رجُل الدّين وحده.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان عليك وعليَّ وعلى رجل الدّين والطالب والمدرِّس والتّاجر والعامل والموظّف والصناعي والعسكري والرئيس والمرؤوس والعادل والفاسق والغني والفقير والمرأة والرجل.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان على الجميع.

* سمعتك تقول: ‏إنْ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبها واجبان كفائيّان، فهل هُما ببعض مراتبها الأُخرى واجبان عينيّان كوجوب الصلاة اليوميّة ؟

-‏ أجل يا بُنَي.. إنّهما واجبان عينيّان ببعض مراتبهما، وهي مرتبة إظهار الكراهة فِعلاً أو قَولاً مِن ترك المعروف وفعل المنكر ألم يبلغك أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ‏( أمَرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ نلقى أهل المعاصي بوجوهٍ مكفهرّة ) هذا يعني أنّ واجبنا أنْ نُظهِر لمرتكب المعصية كُرهاً لِما يرتكبه وانزعاجنا منه.

* ولكن هل أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان

٣٦٤

في مطلق الأحوال.

-‏ لا، إنّما يجبان مع توفّر الشروط التالية: ‏-‏

١ -‏ أنْ يكون الشخص الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عارفاً بالمعروف والمنكر، حتّى ولو كانت معرفته غير شاملة ولا مفصّلة، يكفي أنْ يعرف أنّ هذا العمل معروف ليأمر به أو أنّ هذا منكر محرّم لينهى عنه.

٢ -‏ أنْ يحتمل ائتمار المأمور بالمعروف بأمره، وانتهاء المنهي عنه المنكر بنهيه، بأنْ لا يعلَم منه أنّه لا يُبالي ولا يهتمّ ولا يكترث بأمره ونهيه.

* وإذا علم بانّ الفاعل سوف يفعل المنكر، أو يترك المعروف، ولا يهتمّ بأمره ولا نهيه ؟

-‏ حينئذٍ يسقط عنه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراحلهما [ويجب ببعض مراحلهما الأُخرى وهي مرحلة إظهار الكراهة فعلاً أو قولاً، مِن تركه للمعروف وارتكابه للمنكر].

٣ -‏ أنْ يكون تارك المعروف، أو فاعل المنكر، مصرّاً على ترك المعروف أو فعل المنكر، بمعنى أنّه بصدد الاستمرار على فعل المنكر، أمّا إذا احتمل أنّه منصرف عن الاِستمرار على المنكر لم يجب أمره ونهيه.

* أحبُّ أنْ أتأكّد فأسأل: ‏وإذا لم يكن مُصرّاً على فعله للمنكر أو تركه للمعروف ؟

٣٦٥

-‏ لا يجب أمره بالمعروف، ولا نهيه عن المنكر.

* وكيف أعرف أنّ هذا الشخص مصرٌّ على فعله للمنكر أو غير مصرٍّ عليه ؟

-‏ إذا ظهرَت لك علامة أو إمارة على إقلاعه عنه فهو غير مصرٍّ

إذا انصرف عن الفعل فهو غير مُصرّ.. إذا ندم عليه فهو غير مُصِرّ وبالتالي فلا يجِب عليك أمره أو نهيه.

* أحياناً أعرف أنّ شخصاً ما ينوي أو يُريد ارتكاب منكر وترك معروف فهل يجِب عليّ أمره أو نهيه قَبل أنْ يفعل فعلته ؟

-‏ نعم يجب عليك أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر حتّى ولو قصَد المخالفة، مرّةً واحدة فقط.

٤ -‏ أنْ لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف، لاعتقاده مثلاً أنّ ما فعله ليس حراماً أو أنّ ما تركه ليس واجباً وكان معذوراً في ذلك الاشتباه وإلاّ لم يجب عليك شيء.

٥ -‏ أنْ لا يخاف الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر من ترتّبِ ضررٍ عليه في نفسه، أو عرضه، أو ماله بالمقدار المعتدِّ به أو بأحدٍ من المسلمين كذلك مِن جرّاء أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر.

* وإذا خاف الضّرر على نفسه أو على غيره من المسلمين من جرّاء الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر ؟

٣٦٦

-‏ لم يجب عليه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في هذه الحالة، إلاّ إذا كان المعروف أو المنكر مِن المهمّات في نظر المشرِّع الإسلامي، فيجب حينئذٍ الموازنة بين الطرفين بلحاظ قوّة الاِحتمال وأهميّة المحتمل، فقد لا يجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وقد يجبان.

وإذا أردت أنْ آمر بالمعروف أو أنهى عن المنكر ؟

-‏ للأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر مراتب :

المرتبة الأولى : ‏أنْ تأتي بعمل تظهر به انزجارك القلبي وكراهتك لفعل المنكر وترك المعروف.

* وكيف أُظهر ذلك ؟

-‏ بطرقٍ عديدة.. بالإعراض والصدِّ عن الفاعل.. أو بإظهار وإبراز الاِنزعاج والتأثّر منه.. أو بتركِ الكلام معه.. أو بغير ذلك.

المرتبة الثانية : ‏أنْ تأمر وتنهى بقولك ولسانك.

* وكيف آمر وأنهى بالقول واللسان ؟

-‏ بطرقٍ عِدّة.. بنصح الفاعل ووعظه.. بتذكيره بما أعدّ الله سُبحانه وتعالى للعاصين من العقاب الأليم.. بإرشاده، بتذكيره بما أعدَّه الله سُبحانه وتعالى للمطيعين مِن الثواب العظيم، بتهديده بالإنكار عليه.. بغير ذلك مِن الطُرُق المناسبة.

المرتبة الثالثة : ‏أنْ تتّخذ إجراءات عمليّة للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.

٣٦٧

* وكيف ؟

-‏ أنْ تفرك إذن الفاعل، أو تضربه، أو تحبسه ليكون رادعاً له عن فعل المعصية.

قال ذلك أبي وأضاف: ‏إنّ لكلّ مرتبة مِن هذه المراتب درجاتٍ متفاوتة شدّةً وضعفاً حسب مقتضيات الحال والظروف.

* وهل ابدأ أوّلاً بالمرتبة الأولى، فإنْ لم تكف انتقل الى المرتبة الثانية فالثالثة ؟

-‏ اِبدأ أوّلاً بالأُولى أو الثانية، أيّهما تحتمل تأثيرها أكثر أو امزج بينهما إذا تطلّب الأمر ذلك مع مراعاة ما هو أخفُّ إيذاءً وهتكاً والتدرّج إلى ما هو أشدُّ منه.

* وإذا لم ينفعا ؟

-‏ اِنتقل عند ذاك بعد أنْ تحصل على إذِن الحاكم الشرعي الى المرتبة الثالثة إلى... اتّخاذ الإجراءات العمليّة متدرّجاً من الإجراء الأخفّ إيذاءً إلى الإجراء الأشدِّ والأقوى، مِن دون أنْ يصل الى الجرح أو الكسر أو الشَّلل أو غيرها فضلاً عن القتل.

قال ذلك أبي وأردف مؤكّدا :

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان، ولكنّهما يتأكّدان أكثر في حقّك إذا كان تارك المعروف أو فاعل المنكر واحداً من أهلك، فقد تجد بين أهلك مَن يتسامح في بعض الواجبات أو يتَهاوَن.

قد تجد فيهم مَن لا يتوضّأ بالشكل الصحيح، أو لا يتيمّم

٣٦٨

بالشكل الصحيح أو لا يغتسل غسل الجنابة بالشكل الصحيح، أو لا يطهِّر جسده وملابسه بالشكل الصحيح، أو لا يقرأ السورتَين والأذكار الواجبة بالشكل الصحيح، أو لا يُخَمّس ماله ولا يزكّيه وماله متعلّق للخُمس أو للزكاة.

قد تجد في أهلك مثلاً مَن يرتكب بعض المحرّمات، يُمارس العادة السريّة مثلاً، أو يلعب القمار، أو يستمع الى الغناء، أو يشرب الخمر، أو يأكل الميتة.. أو يأكل أموال الناس بالباطل، أو يغشّ أو يسرق.

قد تجد في النساء مِن أهلك مَنْ لا تتحجّب، ولا تغطّي شعرها، وقد تجد فيهنّ مَن لا تزيل أثر طلاء الأظافر عن أظافرها عندما تتوضّأ أو تغتسل..

قد تجد فيهّنَّ مَن تتعطّر لغير زوجها مِن الرجال، أو لا تستر شعرها وجسَدَها عن أنظار ابن عمّها أو ابن عمّتها، أو ابن خالها، أو ابن خالتها، أو أخي زوجها أو صديقه بحجّة أنّه يعيش معها في بيتٍ واحد فهو كأخيها أو غير ذلك من الأعذار الواهية الأخرى.

قد تجد في أهل بيتك من يكذب، ويغتاب، ويعتدي على الآخرين، ويبذِّر أمواله، ويعين الظالمين على ظلمهم.. قد تجد.. وتجد وتجد..

* وإذا وجدتُ ؟

-‏ إذا وجدتَ شيئاً من ذلك فأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر،

٣٦٩

مبتدئاً بالمرتبتين الأولى والثانية.. إظهار الكراهة والإنكار باللسان ومنتقلاً -‏ إذا لم ينفع ذلك -‏ الى المرتبة الثالثة بعد استحصال الإذن من الحاكم الشرعي الى اتخاذ الإجراءات العمليّة، متدرّجاً فيها من الأخفّ إلى الأشدّ.

* أحيانا يكون المعروف مستحبّاً ؟

-‏ ويُستحبّ الأمر به حينئذٍ، ولا يجب، فإذا أمرت به كنت مستحقّاً للثّواب، وإذا لم تأمر به لم تكن مستحقّاً للعقاب ذلك أنّ الدّال على الخير كفاعله.

* قلت لي أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان، وقد عرفت من خلال أمثلتك بعض ما يجِب عليَّ أنْ آمر به، وبعض ما يجب عليَّ أنْ أنهى عنه، غير أنّي أُحبّ أنْ تضع النقاط على الحروف فتذكر لي بالتحديد أُموراً يجب عليَّ أنْ آمر بها أو يستحبّ، وأمورا يجب عليَّ أنْ أنهى عنها، غير تلك التي ذكرتها قَبل قليل وغير تلك التي مرّت في حواريّاتنا السابقة..

-‏ سأُحدّد لك على شكل نقاط أموراً هي من المعروف أوّلاً، وأموراً هي من المنكر ثانياً، غير أنّي أشترط عليك شرطاً واحداً قبل أنْ أُجيبك.

* وما هو ؟

-‏ أنْ تعمل بها مستحبّةً كانت أو واجبة.. وتدعو إليها وتأمر بها إنْ كانت معروفاً.. وتبتعد عنها وتنهى إنْ كانت منكراً.

٣٧٠

* أعدك بذلك.

-‏ سأبدأ أوّلاً بذكر أُمور هي مِن المعروف على شكل نقاط محدّدة.

قال ذلك، وبدأ أبي يُعدّد مستعيناً بذاكرته تارّةً، وبمصادر وضعها أمامه تارةً أُخرى فعدَّ مِن المعروف ما يأتي :

١ -‏ التوكّل على الله تعالى : ‏قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد: ‏( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ، ورُوي أنّه قد سأل سائلٌ الإمامعليه‌السلام عن هذه الآية فقالعليه‌السلام : ‏( التوكّل على الله دَرَجَات، منها أنْ تَتَوكّل على الله في أُمورِك كلّها فما فعل بك كنت عنه راضياً، تعلم أنّه لا يألوك خيراً وفضلاً وتعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على الله بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها وفي غيرها ).

٢ -‏ الاِعتصام بالله تعالى : ‏قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد: ‏( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .

وعن الإمام أبي عبدا لله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( أوحى الله عزّ وجلّ الى داود: ‏ما اعتصم بي عبدٌ مِن عبادي دون أحدٍ من خلقي، عرفت ذلك من نيّته، ثمَّ تكيده السموات والأرض ومَن فيهنَّ، إلاّ جعلت له المخرج مِن بينهنّ وما اِعتصم عبدٌ مِن عبادي بأحدٍ مِن خلقي، عرفت ذلك من نيّته، إلاّ قطعت أسباب السموات مِن يديه وأسخت الأرض مِن تحته ولم أُبال بأيِّ وادٍ يهلك ).

٣ -‏ شكر الله تعالى على نِعَمِه المتواترة : ‏قال الله سبحانه

٣٧١

وتعالى في كتابه المجيد: ‏( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) ، وقال عزّ وجلّ: ‏( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ) .

وعن الإمام أبي عبدا لله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ما أنعَم الله على عبدٍ بنعمة بالغةٍ ما بلَغَت، فحمِد الله عليها، إلاّ كان حمدُه لله أفضل مِن تلك النعمة وأعظم وأوزن ).

٤ -‏ حُسن الظنّ بالله تعالى : ‏فعن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنّه قال: ‏( وجدنا في كتاب عليّعليه‌السلام أنْ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال على منبره: ‏والذي لا إِله إلاّ هو، ما أُعطِيَ مؤمنٌ قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحُسن ظنّه بالله ورجائه وحُسن خلقه ).

٥ -‏ اليقين بالله تعالى في الرّزق والعمر والنّفع والضرّ : ‏فعن الإمام عليّعليه‌السلام أنّه قال: ‏( لا يجد عبدٌ طعمَ الإيمان حتّى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنّ الضارَّ النّافع هو الله عزّ وجلّ ).

٦ -‏ الخوف مِن الله عزّ وجلّ مَع رجائه تعالى : ‏قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه الكريم يصف المؤمنين: ‏( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( مَنْ خلا بذنبٍ فراقَب الله تعالى فيه واستحيا مِن الحفَظَة، غفَر الله عزّ وجلّ له جميع ذنوبه وإِن

٣٧٢

كانت مثل ذنوب الثقلين ).

وقالعليه‌السلام : ‏( أُرج الله رجاءً لا يجرّئك على معصيته، وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته ).

٧ -‏ الصبر وكظم الغيظ : ‏قال الله تعالى في كتابه المجيد: ‏( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) وقال تعالى: ‏( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) .

وقال تعالى: ‏( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( ما جرَع عبد جرعةً أعظم أجراً من جرعة غيظ كظمها اِبتغاء وجه الله ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( مَن أحبِّ السبُل الى الله جرعتان، جرعة غيظٍ يردّها بحِلم، وجرعة مصيبة يردّها بصبر ).

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال لبعض ولده: ‏( يا بُنيّ ما من شيءٍ أقرُّ لعين أبيك مِن جرعة غيظٍ عاقِبتُها صبر ).

٨ -‏ الصبر عن محارم الله تعالى : ‏فعن الإمام عليّعليه‌السلام أنّه قال: ‏( الصبر صبران: ‏صبرٌ عند المصيبة حسنٌ جميل، وأحسَن مِن ذلك الصبر عند ما حرَّم الله تعالى عليك ).

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( إتّقوا معاصي الله في الخلَوَات فإنَّ الشاهد هو الحاكم ).

٩ -‏ العدل : ‏قال الله تعالى في كتابه الكريم: ‏( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ

٣٧٣

وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) وعن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ثلاث هُم أقرب الخلق الى الله عزّ وجلّ يوم القيامة، حتّى يفرغ مِن الحساب: ‏رجلٌ لم تدعه قدرته في حال غضبِه إلى أنْ يحيف على مَن تحت يديه، ورجلٌ مشى بين اثنين فلَم يمِل مع أحدهما على الآخر ولو بشعيرة، ورجلٌ قال الحقَّ فيما عليه ).

١٠ -‏ تغليب العقل على الشهوة : ‏قال الله تعالى في كتابه المجيد: ‏( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ، وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( طوبى لِمَن ترَك شهوةً حاضرةً لموعِد لم يره )، وعن الإمام عليّعليه‌السلام أنّه قال: ‏( كم مِن شهوةٍ ساعة أورثت حزناً طويلاً ).

١١ -‏ التواضع: ‏فعن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( إنّ أحبَّكم إِليَّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خُلُقاً وأشدَّكم تواضعاً )، وعن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّه دعا ربّه قائلاً: ‏( الّلهم صلِّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ ولا ترفعني في النّاس درجةً إلاّ حطَطتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزّاً ظاهراً إلاّ أحدثت لي ذلّةً باطنة عند نفسي بقدرها ).

١٢ -‏ الاقتصاد في المأكل والمشرب ونحوهما : ‏قال الله تعالى

٣٧٤

في كتابه الكريم: ‏( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) وعن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( أفطر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشيّة خميس في مسجد قبا فقال: ‏( هل من شراب ؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصاري بعسِّ مخيض بعسل، فلمّا وضعه على فيه نحّاه ثُمّ قال: ‏( شرابان يُكتفي بأحدِهما عن صاحبه، لا أشربه ولا احرّمه، ولكن أتواضع لله، فإنّه مَنْ تواضع لله رفعه الله، ومَن تكبَّر خفظه الله، ومَن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومَن بذَّر حرمه الله، ومَن أكثر ذِكْر الموت أحبَّه الله ).

١٣ -‏ إنصاف النّاس ولو من النّفس : ‏فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏ ( مَن واسى الفقير مِن ماله وأنصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقّاً ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( سيّد الأعمال إِنصاف النّاس مِن نفسك، ومواساة الأخ في الله تعالى، وذِكر الله تعالى على كلِّ حاله ).

وعن الإمام علىّعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ألا أنّه مَن ينصف النّاس مِن نفسه لم يَزِده الله إلاّ عزّاً ).

١٤ -‏ العفّة : ‏فعن الإمام أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: ‏( أفضل العبادة عفّة البطن والفرج ).

١٥ -‏ اِشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب النّاس : ‏فعن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( طُوبى لِمَن شغله خوفُ الله عزّ وجلّ عن خوف النّاس، طُوبى لِمَن شغله عيبُه عن عيوب المؤمنين ).

٣٧٥

١٦ -‏ التخلّق بمكارم الأخلاق : ‏قال الله تعالى يصف نبيّه الكريم: ‏( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ، وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( حُسن الخلُق خلُق الله الأعظم ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( ألا أخبركم بأشبهكم لي ؟) قالوا: ‏بلى يا رسول الله قال: ‏( أحسنُكم خُلُقاً، وأليَنُكم كنَفاً، وأبرَّكم بقرابته، وأشدَّكم حُبّاً لإخوانه في دينه، وأصبَرُكم على الحقّ، وأكظَمَكم للغيظ، وأحسنُكم عفواً، وأشدّكم مِن نفسه إنصافاً في الرّضا والغضب ).

وروي أنّه قيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏أيُّ المؤمنين أفضلهم إيماناً ؟ قال: ‏( أحسنهم خلقاً ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( أكثر ما يلج الجنة: ‏تقوى الله وحسن الخلق ).

١٧ -‏ الحلم : ‏فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( ما أعزّ الله بجهلٍ قط ولا أذلَّ بحلم قط ).

وعن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال: ‏( لا يكون الرجلُ عابداً حتّى يكون حليماً ).

١٨ -‏ حفظ القرآن الكريم والعمل به وقراءته : ‏قال الله تعالى في كتابه الكريم:‏( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ) ، وعن النبيّ الكريم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( إنّ أهل القرآن في أعلى درجةٍ مِن الآدميّين ما خلا النبيّين والمرسلين )، وعن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( الحافظ للقرآن والعامل به مع السَّفرة الكرام البَررَة )

٣٧٦

وعنه (عليه‌السلام أيضاً ): ‏( مَن قرأ القرآن وهو شابٌّ مؤمنٌ اختلط القرآن بدمه ولحمه، وجعَلَه الله مع السَّفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيجاً عنه يوم القيامة ).

وهناك فضلٌ خاص لقراءة سوَرٍ معيّنة مِن القرآن الكريم مذكور في كتب الحديث إنْ شئت راجعتها.

١٩-‏ زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ،وأمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين والأئمّة عليهم‌السلام : ‏فعن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنّه قال: ‏( قال الحسين بن عليّعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏يا أبَتِ، ما جزاء مَن زارك ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏مَن زارني، أو زار أباك، أو زارك، أو زار أخاك، كان حقّاً عليَّ أنْ أزوره يوم القيامة حتّى أُخلّصه مِن ذنوبه )، وعن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ‏( مَن زار قبر الحسين بن عليّعليهما‌السلام عارفاً بحقّه كًُتِب في عليِّين )، وعنهعليه‌السلام : ‏( مَن زار واحداً منّا كان كمَن زار الحسينعليه‌السلام ).

٢٠ -‏ الزهد في الدّنيا: ‏فعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ‏( ازهد في الدّنيا يحبّك الله )، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( استحيوا مِن الله حقّ الحياء )، قالوا: ‏إنّا لنستحي منه تعالى، قال: ‏( فليس كذلك، تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون )، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( إذا أراد الله بعبدٍ خيراً زهّده في الدّنيا، ورغَّبه في الآخرة، وبصَّرهُ بعيوب نفسه )، وعن الإمام علىعليه‌السلام أنّه قال: ‏( إنّ مِن أعوَن الأخلاق على الدّين الزهد في الدّنيا ) وعنهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( إنّ علامة الرّاغب في ثواب الآخرة زُهدهُ

٣٧٧

في عاجل زهرة الدّنيا ).

وعن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ما مِن عمل بعد معرفة الله عزّ وجلّ ومعرفة رسوله أفضلُ من بغض الدّنيا ).

وروي أنّه قال رجل لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : ‏إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين، فأوصِني بشيءٍ حتّى آخذ به قال: ‏( أُوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، وإيّاك أنْ تطمع إلى مَن فوقك، وكفى بما قال الله عزّ وجلّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ، وقال: ‏( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) ، فإنْ خِفت ذلك فاذكر عيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّما كان قوته مِن الشّعير، وحلواه مِن التّمر، ووقوده من السعف وإذا أُصبت بمصيبةٍ في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإِنَّ الخلائق لم يُصابوا بمثله قط ) وروي أنّه وقف الإمام الكاظمعليه‌السلام على قبرٍ فقال: ‏( إنّ شيئاً هذا آخره لحقيقٌ أنْ يُزهد في أوّله، وإنَّ شيئاً هذا أوّله لحقيقٌ أنْ يُخاف من آخره ).

٢١ -‏ إعانة المؤمن وتنفيس كربته وإدخال السرور عليه وإطعامه وقضاء حاجته : ‏فعن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ما من مؤمنٍ يعين مؤمناً مظلوماً إلاّ كان أفضل مِن صيام شهر رمضان واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ ونصره الله في الدّنيا والآخرة، وما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ خذله الله في الدنيا والآخرة ).

وعنهعليه‌السلام أنه قال: ‏( أيّما مؤمن نفّس عن مؤمنٍ كربة نفَّسَ الله عنه

٣٧٨

سبعين كربةً من كرب الدّنيا وكرب يوم القيامة ).

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( مَن يسَّر على مؤمنٍ وهو مُعسِر يسَّر الله له حوائجه في الدّنيا والآخرة).

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: ‏( وإنَّ الله عزّ وجل في عونِ المؤمن ما كان المؤمنُ في عون أخيه المؤمن ).

وعنهعليه‌السلام : ‏( مَن سرَّ امرأً مؤمناً سرَّه الله يوم القيامة، وقيل له تمنَّ على الله ما أحبَبت فقد كنت تحبّ أنْ تسرَّ أولياؤه في دار الدّنيا ).

وعنهعليه‌السلام : ‏( مَنْ أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله، ومَنْ أدخله على رسول الله فقد وصَل ذلك الى الله، وكذلك مَنْ أدخل عليه كرباً ).

وعنهعليه‌السلام : ‏( مَن أطعم مؤمناً مِن جوع أطعمه الله مِن ثمار الجنّة، ومَن سقَى مؤمناً مِن ظمأ سقَاه الله مِن الرّحيق المختوم، ومَن كسا مؤمناً كساه الله مِن الثياب الخضر ).

وعنهعليه‌السلام : ‏( ما قضى مسلمٌ لمسلمٍ حاجةً إلاّ ناداه الله: ‏عليَّ ثوابُك ولا أرضى لك بدون الجنّة ).

٢٢ -‏ محاسبة النفس كل يوم : ‏فقد رُوي أنّه أوصى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا ذررضي‌الله‌عنه فقال: ‏( يا أبا ذر، حاسب نفسك قبل أنْ تُحاسب، فإنّه أهَوَن لحسابك غداً، وَزِنْ نفسك قبل أنْ تُوزن، وتجهّز للعرض الأكبر يوم تُعرض لا تخفى على الله خافية ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( يا أبا ذر، لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يُحاسب نفسه أشدُّ مِن محاسبة الشريك شريكه، فيعلم مِن أين

٣٧٩

مطعمه ومِن أين مشربه، ومن أين ملبسه أمِن حلالٍ أو مِن حرام ٍ، يا أبا ذر، مَن لم يُبالِ مِن أين اكتسب المال لم يُبال الله مِن أين أدخله النّار ).

وعن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّه قال: ‏( ابن آدم إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظٌ من نفسك، وما كانت المحاسبة مِن همِّك، ابن آدم اِنّك ميِّتٌ ومبعوثٌ وموقوف بين يدَيّ الله فأعِدَّ جواباً ).

٢٣ -‏ الاهتمام بأُمور المسلمين : ‏فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( مَنْ أصبح لا يهتمّ باُمور المسلمين فليس بمسلم ) وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( مَن أصبح لا يهتّم بأمور المسلمين فليس منهم، ومَن سمِع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يُجبهُ فليس بمسلم ).

وعن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام : ‏( إنَّ المؤمن لترِد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده يهتمُّ بها قلبُهُ فيدخله الله تبارك وتعالى بهمِّه الجنّة ).

٢٤ -‏ السخاء والكرم والإيثار : ‏قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ‏( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( ما جعل الله أولياءه إلاّ على السّخاء وحسن الخلق ) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( إنّ مِن موجبات المغفرة بذل الطعام وإِفشاء السلام وحُسن الكلام )، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ‏( تجافوا عن ذنب السخيّ فإنّ الله آخذٌ بيده كلّما عثر ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( الجنّة دار الأسخياء ) وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( إنّ أفضل الناس إيماناً أبسطهم كفّاً ).

٣٨٠